يرتكز محور ممارسة السلطان على عبارتين ذكرهما الرسول بولس في صلاته ن أجل أفسس. الأولى في أفسس 20:1 “وأجلسه عن يمينه في السماويات” والثانية في أفسس 6:2 “وأقامنا معه في السماويات في المسيح يسوع“.
تأمل ملياً في هاتين الصلاتين وتعلّم أن ترددهما لنفسك. تغذى بالحق المتضمن فيهما حتى يصبح ذلك الحق جزءاً لا يتجزأ من وجدانك. عندها سيسود هذا الحق على حياتك. لا تحاول قبوله بعقلك بل عليك أن تنال إعلاناً عنه بروحك.
لاحظ أن المسيح ليس فقط جالس عن يمين الآب فوق مملكة الشيطان، بل نحن أيضاً أجلسنا معه لأن الله “أقامها معه وأجلسنا معه”. ولاحظ أين أجلسنا “فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى…” أفسس 21:1.
فنحن، وفقاً لفكر الله، أقمنا عندما أقيم المسيح وأجلسنا أيضاً عندما جلس المسيح. هذا هو مركزنا ومكاننا الآن: أجلسنا عن يمين الآب مع المسيح. (إن عملية جلوس المسيح تشير إل أن بعض نواحي عمله، على الأقل في الوقت الراهن، قد توقف).
كل السلطان الذي أعطى للمسيح هو لنا من خلاله ويمكننا ممارسته. ونحن نساعد المسيح بتنفيذ عمله على هذه الأرض. وأحد أوجه عمله الذي تهيب بنا كلمة الله أن ننجزه هو أن نهزم إبليس! والحقيقة بأن المسيح لا يمكنه إنجاز عمله على الأرض بدوننا!
قد يجادل أحدهم قائلاً: “يستطيع المسيح الإستغناء عني، ولكني أحتاج.
كلا لا يستطيع المسيح الإستغناء عنك بقدر ما لا تستطيع أنت الإستغناء عنه. إن الحق الذي يظهره الرسول بولس هنا في رسالته إلى أفسس هو أن المسيح هو الرأس ونحن الجسد.
فماذا لو قال جسدك “أنا أستطيع الإستغناء عن الرأس ولا حاجة بي إلى رأسي”.
كلا. فجسد لا يستطيع الإستغناء عن رأسك. وماذا لو قال رأسك: “أنا أستطيع الإستغناء عن جسدي، ولا حاجة بي إليه. فأنا قادر على المضي قدماً بدون يدين ولا رجلين”. كلا فهذا غير ممكن.
وبنفس الطريقة لا يستطيع المسيح الإستغناء عنا، لأن عمل المسيح والله يُنجز من خلال جسد المسيح. وعمله لا يمكن أن يتم بدوننا، ونحن لا يمكننا أن نواصل حياتنا بدونه.
تقول أفسس 12:6 “فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين…”. فلو أنط انتزعت هذه الآية من مضمونها ورحت تتحدث عن تلك الحرب الضروس التي تخوضها ضد إبليس، وأسرفت في وصفك لقوة الشيطان، لفاتك أن تفهم النقطة المهمة التي يركز عليها الرسول بولس. لأن هذا لم يكن قصده لأهل أفسس.
عليك أن تذكر بأن الرسول بولس عندما كتب هذه الرسالة إلى الكنيسة التي في أفسس لم يُقسمّها إلى إصحاحات وأعداد. بل العلماء والمفسرين هم الذين فعلوا ذلك ليسهّلوا علينا وجود المرجع. ويمكنك أحياناً أن تسبب ضرراً فادحاً بأخذك آية من أي إصحاح وانتزاعنا من مضمونها لتجعلها تعطي معنى غير المعنى المقصود.
صرح الروح القدس مسبقاً في الإصحاح الثاني على لسان الرسول بولس، بأننا قد أجلسنا فوق تلك القوات الشريرة التي علينا منازلتها. فلم يجلس المسيح بمفرده عن يمين الآب فوق كل هذه القوات بل نحن أيضاً أجلسنا هناك معه، لأن الله أجلسنا مع المسيح في السماوات.
لذلك، ففي حربنا ضد العدو وقواته، علينا أن نضع نصب أعيننا بأننا نعلو فوقهم وأن لنا السلطان عليهم. وتخبرنا كلمة الله بأننا سنهزمهم أيضاً لأن المسيح سبق فهزمهم. ونُصرة يسوع هي لنا أيضاً، ولكن علينا أن نضعها موضع التنفوذ.
الروح الشرير الذي رفض المسيح التعامل معه
ظهر لي الرب يسوع في رؤيا عام 1952 وحدّث إليّ لمدة ساعة ونصف تقريباً حول الشيطان والأرواح الشريرة وعن الذين بهم أرواح شريرة.
وفي نهاية تلك الرؤيا ركض روح شرير شريه بالقرد الصغير بيني وبين المسيح ونشر في الهواء شيئاً شبيهاً بستارة من الدخان أو بسحابة داكنة.
ومن ثم أخذ ذلك الروح الشرير يقفز صعوداً وهبوطاً وهو يصرخ ويصيح صيحات حادقة ثاقبة. فلم أستطع أن أرى المسيح ولا أن أفهم ما كان يقول.
(كان المسيح يعلمني شيئاً من خلال ذلك الاختبار كله. وإذا انتبهت وركزت تفكيرك فستجد هنا الإجابة للعديد من الأمور التي طالما ضايقتك).
لم أستطع أن أدرك لماذا سمح المسيح يسوع للروح الشرير أن يثير كل هذا الهرج والمرج. وتساءلت لماذا لم ينتهره المسيح حتى أتمكن من الإصغاء لما كان يقول لي. انتظرت بعض الوقت، ولكن لم يتخذ المسيح أي مبادرة ضد هذا الشيطان.
كان المسيح لا يزال يتحدث إليّ ولكني لم أستطع أن أفهم ولا كلمة واحدة مما كان يقول – كنت بحاجة ماسة لسماع ما يقوله المسيح لأنه كان يقدم لي تعليمات بخصوص الشيطان والأرواح الشريرة وكيفية ممارسة السلطان.
فكرت في نفسي “ألا يعرف المسيح أنني لا أسمع ما يريد إيصاله لي؟ فإني بحاج ماسة لسماع ما يقوله، لأني لم أعد أسمع شيئاً على الإطلاق!”
كاد الرعب ينتابني فصرخت في يأسي “إني آمرك أيها الروح الشرير، باسم يسوع المسيح، أن تتوقف!”
في تلك اللحظة التي قلت فيها كلامي هذا هوى الروح الشرير إلى الأرض وكأنه كيس ملح ثقيل، وتلاشت السحابة الداكنة. ظل الروح الشرير منبطحا وهو يرتجف ويتشنج ويعوي كجرو كلب صغير حين يضربه صاحبه. ولم يرد التطلع إليّ، فأمرته قائلاً: “لا تسكت فحسب بل باسم يسوع المسيح أخرج من هنا” فولّى مسرعاً.
علم المسيح تماماً ما كان يدور في خلدي. كنت أفكر: “لماذا لم يفعل المسيح شيئاً بهذا الخصوص؟ لماذا سمح بذلك”؟ نطر إليّ يسوع وقال: “لو لم تفعل أنت شيئاً بهذا الخصوص لما استطعت أنا أن أفعل أي شئ”.
كان ذلك بمثابة صدمة كبيرة لي أثارت فيّ الذهول. فأجبت قائلاً: “لا بد يا سيد إنني لم أسمعك بوضوح! فهل قلت إنك ما كنت تفعل شيئاً”؟
فأجابني: “كلا، لو لم تفعل أنت شيئاً بخصوص هذا الروح الشرير لما استطعت أنت أفعل”.
فقلت: “ربي وإلهي العزيز، أنا لا أستطيع قبول ذلك. فأنا لم أسمع في حياتي ولا كرزت بشيء كذلك”.
أخبرت الرب بأنني لا أبالي يعدد المرات التي رأيته فينا في الرؤى – وطلبت منه أن يثبت لي ما قاله بثلاث آيات كتابية على الأقل، من العهد الجديد (لأننا لم نعد نعيش تخت العهد القديم بل نعيش الآن تحت عهد جديد). فابتسم المسيح ابتسامة رقيقة وقال بأنه سيعطيني أربع آيات من الكتاب المقدس.
قلت له: “قرأت العهد الجديد 150 مرة وأجزاء منه قرأتها أكثر من ذلك، فإذا كان ذلك هنا فأنا لا أعرفه”.
التعامل مع إبليس
أجابني يسوع قائلاً: “يا بني، هناك الكثير في الكتاب المقدس لا تعرف أنت عنه شيئاً”.
وأردف قائلاً: “لم يُطلب إلى الكنيسة ولا مرة واحدة في العهد الجديد بأن تصلي كي يفعل الله الآب أو المسيح أي شئ ضد إبليس، وفي الحقيقة إن صلاة كهذه مضيعة للوقت، لقد قيل للمؤمن أن يفعل هو شيئاً بخصوص إبليس. والسبب هو أن المؤمن له كل سلطان لفعل ذلك. ليس للكنيسة أن تصلي لله الآب بخصوص الشيطان بل عليها أن تمارس سلطانها عليه.
“ويخبر لعهد الجديد المؤمنين بأن يفعلوا هم شيئاً بأنفسهم بخصوص إبليس. فأصغر عضو في جسد المسيح (الكنيسة) يمتلك قوة على الشيطان بقدر ما يمتلك أي شخص آخر، وما لم يفعل المؤمنون شيئاً حيال إبليس، فلن يُنجز عمل ما في العديد من المجلات”.
قد نعتقد أن أشخاصاً معينين فقط هم الذين يمتلكون قوة. كلا، إذ قال لي يسوع: “إن أصغر عضو في جسد المسيح (الكنيسة) يمتلك قوة على الشيطان بقدر ما يمتلك أي شخص آخر”. ولن نقدر أن ننجز مهمتنا إلا إذا بدأنا نؤمن بهذا.
ثم واصل المسيح حديثه: “لقد فعلت كل ما سأفعل بخصوص الشيطان إلى أن ينزل الملاك من السماء، ويأخذ السلسلة ويقيده ويطرحه في الهاوية” (رؤيا 1:10-3).
جاء ذلك كصدمة حقيقة لي.
وقال: “الآن سأعطيك المراجع الأربعة التي تثبت ذلك. أولاً: عندما قمت من الأموات قلت: “دفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض” (متى 18:28). ولكني على الفور فوضت سلطاني الذي على الأرض للكنيسة، ولا يمكنني العمل إلا من خلال الكنيسة، لأني أنا رأس الكنيسة”. (لا يمكن لرأسك أن يمارس أي سلطان في أي مكان إلا من خلال جسدك).
أما المرجع الثاني الذي أعطاني إياه المسيح فهو من إنجيل مرقس: “وقال لهم إذهب إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص. ومن لم يؤمن يدن. وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشيطان باسمي ويتكلمون بألسنة ججيجة. يحملون حيّات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرّهم ويضعون أيدهم على المرضى فبيرأون” (مرقس 15:16-18).
قال يسوع: “الآية الأولى المذكورة التي تتبع أي مؤمن – ليس أي قسيس أو راهب أو كارز – هي أنهم يخرجون الشياطين. هذا يعني أنهم باسم يمارسون سلطاناً على الشيطان، لأني فوضت سلطاني على الشيطان للكنيسة”.
اذكر أن الآية في كولوسي 13:1 تقول: “الذي أنقذنا من سلطان الظلمة وتقلنا إلى ملكوت ابن محبته…”. لقد أتم الله الآب إنقاذنا من سلطان الظلمة ولهذا أصبح لنا الآن الحق في مخاطبة – أي الشيطان ومملكته – وأمرهم بما نريدهم أن يفعلوه!
ممارسة السلطان على الآخرين
للمؤمنين سلطان على إبليس، ويستطيعون تحطيم قوته متى واجههم في أي مكان أو فترة في حياتهم الخاصة أو حياة أقاربهم أو أحبائهم. فهم يمتلكون السلطان. وسيكونون أحراراً من العدو لأن لهم الحق في ممارسة سلطانهم عليه.
لكن هذه لا يعني أنهم يسيرون في الشوارع ويخرجون الشياطين من كل من يقابلونه. بل المقصود هنا هو أن يمارسوا سلطانهم على الشيطان في حياتهم الخاصة.
عليك أن تدرك أن لك سلطاناً على أفراد أسرتك وليس على أفراد أسرتي. فالسلطان الروحي يشبه السلطان الطبيعي إلى حد يعيد. فأنت مثلاً لا تمتلك سلطاناً على نقودي، ولا يمكنك أن تُملي عليّ الطريقة التي أنفق بها أموالي ما لم أسمح أنا لك بذلك. ولا لك سلطان على أولادي.
يمكنك أن توقف الشيطان عند حده وتجعله يكف عن بعض مناوراته وخدعه في حياة شخص آخر، ولكنك لا تستطيع دائماً أن تخرجه، لأنك لا تمتلك السلطان على أهل ذلك البيت. لقد نسينا وأهملنا هذه النقطة المهمة. يمكنك ممارسة السلطان الروحي في عائلة شخص آخر فقط من خلال الشفاعة.
المرجع الآخر الذي أعطاني إياه يسوع كان يعقوب 7:4: “قاوموا إبليس فيهرب منكم“. (الموضوع الرئيس في هذه العبارة هو “منكم”).
لا بد أن يكون للمؤمن سلطان على الشيطان، وإلا لما أوصاه الإنجيل بأن يقاوم إبليس. فالآية لا تقول إن الشيطان سيهرب من يسوع بل بالحري تقول إنه سيهرب منكم.
وبالنطق ذاته، فلا تصلي أنت حتى يضع المسيح يده على المرضى، بل ضع أنت يدك عليهم. والجدير بالملاحظة أيضاً هنا أن اليدين لا يوجدان في الرأس بل في الجسد: “ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون” فعندما تضع يدك على المريض فأنت بذلك تمارس سلطانك على الشيطان.
ذلك السلطان هو لك سواء شعرت بأنك امتلكته أو لم تشعر. فلا علاقة للسلطان بالمشاعر. فقط عليك أن تستعمله وتمارسه.
بعد هذه الرؤيا، وبعد أن أعطاني المسيح تلك الآية من رسالة يعقوب، حدتني روحي بأن كلمة “يهرب” لها أهمية خاصة. ففتحت القاموس لأتعرف على معناها الأوسع، فوجدت أنها تعطي أيضاً المعنى التالي: “أن يركض منه مسرعاً وكأنه مفزوع”. حقاً، سيهرب الشيطان منك ي فزع! عندئذ أدركت لماذا أخذ الروح الشرير الذي رأيته في الرؤيا يتشنج ويرتعد ويصرخ – فقط كان فزعاً.
منذ ذلك الحين رأيت أرواحاً شريرة أخرى ترتجف وترتعد في خوف عندما كنت أستعمل سلطاني – المعنى لي من الله – عليهم. أما خوفهم فلم يكن مني بل من يسوع المسيح الذي أمثله.
أعطاني المسيح في الرؤيا مرجعاً آخر يشجعنا أن نفعل شيئاً بأنفسنا بخصوص إبليس. وكان هذا المرجع الثالث مأخوذ من بطرس الأولى 8:5: “أصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو”. الخصم يعني المقاوم – أي من يقاومكم.
قرأ العديد من الناس هذه الآية ويتوقفون عند هذا الحد ليقولون: “إبليس يلاحقنا!” ويطلبون الصلاة لأجلهم حتى لا يطالهم الشيطان – ولكنهم ماداموا يتحدثون هكذا فككلامهم يدّل على أن إبليس قد افتنصهم بالفعل وفات آوان الصلاة.
ماذا نفعل بخصوص الشيطان؟ هل نرتمي نتحرج على الأرض ونتظاهر بالموت؟ أم نخفي رؤوسنا في الرمال آملين أن يختفي؟ كلا، والشكر لله، لاحظ ما تقوله كلمة الله وأنت تواصل قراءة الآية السابقة “فقاوموه راسخين في الإيمان عالمين أن نفس هذه الآلام (إمتحانات تجارب) تُجري على إخوتكم الذين في العالم “ وتضع الترجمة الإنجليزية للإنجيل “في إيمانكم” عوضا عن “في الإيمان”. فتصبح الآية “فقاوموه راسخين في إيمانكم…”.
قال لي يسوع في هذه الرؤيا: “لم يكتب الرسول بطرس هذه الرسالة ليقول للمسيحيين: وصلن خبر الآن بأن الله يستخدم أخونا الجيب بولس ليخرج الشياطين وهو يرسل مناديل أو مازر فتهرب الأمراض من الناس وتخرج منهم الأرواح الشرير، لهذا أقترح أن تكتبوا لبولس حتى يرسل لكم منديلاً”.
كلا، بل عوض ذلك، قال لهم أن يقاوموا بأنفسهم إبليس. لماذا؟ لأنهم يمتلكون سلطاناً عليه. فلا يقول لنا روح الله من خلال الرسول بطرس بأن نفعل شيئاً لا نستطيع فعله. إن سبب مقدرتنا على إبليس هو أن كل مؤمن له نفس السلطان الذي لبولس الرسول في المسيح يسوع. لم يخبرنا بطرس أن الرسول بولس وحده استطاع أن يخرج الشيطان أو أن بولس سيقاوم إبليس عنا. (فلماذا الإستعانة ببولس حين نقدر أن ننجز ذلك العمل بأنفسنا ولأنفسنا).
الوقوف نيابة عن الأطفال في المسيحية
يسألني الناس دائماً، لماذا لا ينالون الشفاء؟ ويعتقد بعضهم أن الخطأ هو في الواعظ الذي صلّى لأجلهم.
فاصرح لهم بأنهم لما اختروا الخلاص أولاً، كانوا بعد أطفالاً في المسيحية فسمح الله لآخرين أن يصلّوا من أحلهم ويحملونهم على جناح إيمانهم. ولكن بعد فترة يتوقع الله أن الطفل ينمو ويمشي ويتعمد على ذاته. فيتركه ليتعلم المشي بنفسه. ولكننا نجد كثيرين غير فادرين على المشي لأنهم لم ينموا. بل والأكثر من ذلك أنهم يرغبون في البقاء في دور الطفولة هذا فتراهم دائماً يطلبون من شخص آخر أن يصلي من أجلهم.
إننا نرغب أن نساعد من لا يستطيعون مساعدة أنفسهم، ولكننا نحتاج أن نعلم الناس لينموا ويستخدموا سلطانهم الخاص بهم. لأنه سيأتي الوقت الذي يضطرون فيه إلى إستخدام سلطانهم الخاص إذا كانوا يريدون أن تستجاب صلواتهم.
بقيت أنا وزوجتي مرة في منزل زوجين آخرين أثناء حضورنا مؤتمراً دينياً. وكانت السيدة عضوة في كنيستنا قبل زواجها. وطلب منا الزوجين أن نصلي من أجل ابنهما الذي لم يكن قد تجاوز بعد بضعة شهور وكان يعاني من فتاق. أراد الأطباء إجراء عملية جراحية له.
نطقنا باللعنة على الفتاق وأمرناه أن يذوي ويموت. وفي غضون أيام قليلة إختفى الفتاق ولم يعد الطفل حاجة لأجراء العملية على الإطلاق.
قالت والدة الطفل: “يا أخ هيجين، أنا لا أقصد أن أنتقد، ولكن يبدو أن كنيستنا ليس بها من يتمتع بأي إيمان للشفاء سوانا نحن الأصغر سناً. فلم أكن أعلم ممن أطلب كي يصلي من أجل طفلي قبل وصولكما، لأن أحداً لا يُشفى على الإطلاق هنا”.
ينبغي أن ينمو إيماننا ويتقوى كلما تقدمت بنا السنين، ولكن هذا ما لا يحدث في الغالب. فمعظم الناس في هذه الكنيسة والكنائس الأخرى، قبلوا خلاصهم عندما كانوا أصغر سناً، وقد سمح الله لآخرين أن يصلوا من أجلهم وقتئذ ولكن بسبب إفتقارهم للتعليم الصحيح، ظلوا في مرحلة الطفولة في نموهم المسيحي ويقولون: “إعتدنا على نيل الشفاء عندما كنا في مستهل مسيرتنا المسيحية، ولكننا لا نحصل عليه الآن”.
عندما لا تمارس إيمانك ولا تؤدي صلاتك بنفسك، بل تعتمد دائماً على صلاة الآخرين من أجلك، فأنت بذلك أشبه بمن لا يمتلك أي ملابس خاصة به، بل يتعمد دائماً على إرتداء ملابس شخص آخر.
ماذا يحدث لمن لا يحاولون أبداً ممارسة إيمانهم بل يعتمدون دائماً على إيمان الآخرين؟ تقول الآية التي قرأناها أن “إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه…” ولكن يستطيع المؤمن أن يفعل شيئاً حيال هذا الأسد الزائر.
يوصينا كل من المسيح ويعقوب وبطرس أن نفعل شيئاً بخصوص إبليس. ويقول بولس الرسول أيضاً في أفسس 27:4 “ولا إبليس مكاناً“. وكان هذا المرجع هو الرابع الذي أعطاني إياه المسيح. ثم أضاف مفسراً “هذا يعني أنك يجب ألا تعطي الشيطان أي مكان في نفسك. فهو لا يستطيع إحتلال أي جزء منك إلا إذا أعطيته أنت الإذن بذلك. ولا بد أن يكون لك سلطان عليه وإلا لما صح قولي…”.
سلطان على الأرض
أضاف المسيح قائلاً: “هؤلاء هم الشهود الأربعة: فأنا الشاهد الأول، يعقوب هو الثاني، بطرس هو الثالث، وبولس هو الشاهد الرابع. وهذا يؤكد حقيقة أن للمؤمن سلطان على الأرض، لأنني فوضت سلطاني على الشيطان لكم أنتم الذين على هذه الأرض. فإذا لم تفعلوا شيئاً فلن يُنجز شيء من العمل على الإطلاق. هذا هو سبب التقصير في أكثر الأحيان”.
تستطيع الآن أن تفهم لماذا حدثت أمور كثيرة غير مرغوب فيها. نحن الذين سمحنا لها بذلك! فإذ كنا نجهل سلطاننا ومقدرتنا، لم شيئاً حيال إبليس، فسمحنا له ووهبناه مطلق الحرية ليفعل هو ما يريد.
علينا أن ندرك هذه النقطة المهمة. فلنستيقظ إذاً. إن هذا التغيير لن يضرّنا بل ينفعنا. لنا سلطان، لأننا جالسون فوق كل رياسة وسلطان. وطالما نحن جالسون في الأعالي فوق إبليس وقواته فنحن إذاً لنا سلطان عليهم.
تواصل الآيات في أفسس 22:1-23 لتقول: “وأخضع كل شئ تحت قدميه وإياه جعل وأساً فوق كل شيء للكنيسة (القدمان هما عضوان في الجسد وليس في الرأس)، التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل”…وكما أشار يوحنا مكميلان بأنه من المدهش والمفرح أن ندرك بأن أصغر الأعضاء في جسد المسيح – حتى وإن تكن في أخمص القدم، كأصبع القدم أن حتى ظفر الإصبع – هي أقوى وأعلى من كافة القوات الجبارة التي تكلمنا عنها.
أذكر أن المسيح قال في لوقا 19:10 للسبعين تلميذاً الآخرين الذين أرسلهم: “ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيّات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شئ” ما مدى السلطان الذي تتمتع به الكنيسة ضد إبليس؟ هل يقل عن ذلك؟ كلا، والشكر لله، كلا.
ومع ذلك فإذا استمعت إلى أي مسيحي اعتيادي وهو يتحدث أو أصغيت إلى بعض الكارزين وهم يعظون لخرجت بالإنطباع أن الشيطان أكبر من الجميع وأعظم، وأنه يدير كل شيء. نعم، إبليس هو إله هذا العالم ولهذا هو يدير نظام العالم بأسره، ولكننا وإن كنا في العالم فنحن لسنا من العالم. هذا ما يصرح به الكتاب المقدس. إذاً إبليس لا يسيطر علينا. لقد سمحنا له أن يدوسنا طويلاً. ليست هذه الأمور مثال سخرية، ومن الحمق أن نستهزئ بها. قال لي مرة أحد الكارزين في مؤتمر ديني: “لقد ججعلت الشيطان يركض يا أخ هيجين، ولكن مشكلتي هي أنني أركض وهو يركض ورائي!”
فمثل هذه العابرة إنما تظهر جهلاً. فدوركم في المقام الأول ليس أن تركضوا هاربين من إبليس، بل يقول الإنجيل هو سيهرب منكم. فعليكم أن تجعلوه يركض هارباً مذعوراً منكم. ولكن من المحزن أن تكون هذه هي صورة الكارزين في الكنائس في أوقات كثيرة، بل في معظم الأوقات. فنحن نرى ذلك الخوف في كل مكان.
نملك كملوك
لننظر نظرة ثانية إلى رومية 17:5 “لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيراً الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” وتقول الترجمة الإنجليزي للإنجيل “إننا سنملك كملوك في الحياة بالواحد يسوع المسيح، المسيا، الممسوح”.
إن خطة الله لنا هي أن نملك ونحكم كملوك في الحياة: أن نسود على الظروف والفقر والمرض وكل شئ آخر من شأنه أن يعيقنا. نحن نملك لأن لنا سلطان، إننا نملك بالمسيح يسوع. هل تملك في الحياة الأخرى؟ كلا، بل في هذه الحياة.
فإذا كنا سنرنم ترنيمة أو نقول قولاً فلنتأكد أن قولنا وترانيمنا تأتي وفقاً للإنجيل. لأن البعض يرنم “هل أنا أجول كشحاذ وسط الحر والبرد” أو “لا تنساني يا يسوع الغالي” – وغيرها من ترانيم عدم الإيمان التي لا تتمشى مع ما تقوله الإيجيل.
فنحن لا نجول كشحاذين لأننا لسنا بشحاذين، بل نحن أولاد الله، ورثة الله، ووارثون مع المسيح يسوع (رومية 17:8). نحن جسد المسيح وجالسون معه عن يمين العظمة في الأعالي فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة. المجد لله.
فلا تصورنا هذه الآية كمن يستعطي. ولا تصورنا كمن يردد كلمات الترانيم القائلة: “لا تنساني يا يسوع الغالي” أو “آه، لو فقط استطعت الدخول”، أو “إذا وقفت في مكان ما خلف الظلام فستجد يسوع” أو “ا رب شيد لي كوخاً صغيراً في أرض المجد”.
أفضل سماع نهيق الحمار على سماع ترانيم هدّامة كهذه. لقد رددنا هذه الترانيم طويلاً حتى أصبحنا نصدق معناها. ويذرف الناس بعض الدموع حول “تجوالهم كشحاذين” معتقدين أنهم بهذا ينالون بركة.
كثيراً ما نتصرف نحن المسيحيون كما تتصرف صغار الطيور. إذ نغمّض عيوننا ونفغر أفواهنا واسعاً فيسهل عندئذ على أي شخص أن يطعمنا ما يريد. ونكون على استعداد لقبول أي شئ. أما عن نفسي فلن أبقي فمي فاغراً وعيناي مغمضتين، بل سأفتح عينيّ وأغلق فمي.
التواضع إزاء الفقر
يسوي العديد من المسيحيين مثلاً بين التواضع والفقر. أخبرني أحد الكارزين مرة عن مدى تواضع زميل له لأنه يقود سيارة قديمة جداً. فأجبت قائلاً: “هذا ليس تواضعاً بل جهلاً“. كان ذلك الكارز يظن أن قيادة سيارة قديمة هي دليل على التواضع.
قال شخص آخر: “أتدري أن المسيح لم يقد أبداً سيارة فاخرة كالكاديلاك مثلاً!” لم يكن هناك سيارات كاديلاك في وقت المسيح. لكن المسيح ركب حماراً. كان الحمار بمثابة الكاديلاك في ذلك العصر – لأنه كان أفضل وسياة للنقل عندئذ.
لقد سمح المؤمنون لإبليس أن يسلبهم كل بركة كان يمكنهم اتمتع بها. لم يقصد الله أن يعاني أولاده من الفقر المدقع، إذ قال إننا ينبغي أن نملك كملوك في الحياة. ومن يتصور وجود ملك معدم وفقير. لا تتناسب فكرة الفقر مع الملوك.
ممارسة السلطان في عائلتك
لم يقصد الله أن يسود الشيطان على عائلاتنا. عندما كان أولادي صغيراً وكان الشيطان يحاول أن يصيبهم بالمرض كنت أستشيط غضباً عليه وأمره أن يرفع يده عن أولادي. وأقول له: “إنني أحكم على مُلكي ولا سلطان لك على رعايا هذا البيت، فالسلطان هو سلطاني أنا من خلال المسيح يسوع”. وهكذا كنت أجبره على الهروب. وتستطيع أنت أيضاً أن تجعله يهرب.
منذ سنوات خلت، كنت أكرز في الشمال، وأيقظت في منتصف الليل. وبطريقة ما، علمت في روحي أن شخصاً ما كان في خطر، فبدأت أصلي بألسنة (وهنا يأتي دور الشفاعة).
سألت الرب عن الأمر، فأظهر لي أن الأمر يتعلق بأخي الأكبر. وعلمت أن حياته كانت في خطر جسدي. فواصلت الصلاة بألسنة ولكن في هدوء لمدة ساعة ونسف الساعة تقريباً. ولم تزعج صلاتي هذه زوجتي التي كانت ترقد إلى جواري في الفراش. أخيراً سمعت نغمة الإنتصار، فأخذت أرنم بألسنة أخرى بهدوء تام. عدت إلى النوم.
بعد ذلك بيومين اتصلت بي شقيقتي من ولاية تكساس. وكانت تنتحب وهي في حالة تشبه الهستريا. قالت من بين دموعها وهي تبكي: “أصيب دوب (شقيقي) في حادث وانكسر عموده، وهو في حالة رديئة جداً، في مدينة كانساس، ولا يعلم الأطباء فيما إذا كان سيعيش أم لا”.
قلت لها: “أرجوك أن تهدئي فالحالته ليست بهذه الخطورة التي يعتقدها الأطباء. وحتى لو كانت حالته سيئة بالفعل فقد لمسه الله لأني صليت بخصوص هذا الحادث منذ ليلتين، وقد حصلت على الإجابة”.
“أهذا صحيح؟”
“نعم، صليت، لا تقلقي البتة. فأخي بخير”.
عادت شقيقتي واتصلت بي ثانية بعد يومين. كانت ذهبت لتراجم حالة شقيقنا دوب ووجدت أنه خرج من المستشفى سيراً على الأقدام بعد أن وُضعت جبيرة لظهره. فهو لم يمت كما توقع له الأطباء، ولم يصب بالشلل.
وصل أخي إلى منزلنا في مدينة جارلاند، ولاية تكساس، وكان يشعر باليأس والقنوط والكآبة لأن زوجته كانت قد هجرته وهو غائب وأخذت والأطفال معها. كان على أن أعظ في كنيستنا في صباح ذلك الأحد، وحاولت إقناعه بالذهاب معنا، ولكنه رفض. لقد كان يُعد طفلاً في المسيحية، وقد قبل خلاصه للتو.
وبينما كنت في منتصف عظتي أخذت فجأة في رؤيا. كنت مفتوح العينين، ولكن أمامي مباشرة، رأيت شقيقي يسير في ساحة المدينة. وسمعته وهو يقول لنفسه “حسن، علمت ما أنا فاعل، سأقتلها ومن ثم أقتل نفسي“.
توقف جامداً وقلت: “انتظر قليلاً، فهناك أمر صغير ينبغي أن أهتم به أولاً، ومن ثم أعود إلى مواصلة عظتي”.
كلمت الشيطان الذي كان يُعذبه: “توقف أيها الشيطان عن ذلك على الفور. إني آمرك باسم يسوع المسيح أن تترك ذلك الرجل” (لم يعرف جماعة المصلين عمن كنت أتحدث، لكن الشيطان علم). هذا ما قلته ثم عدت بعدها لمواصلة عظتي.
لدى عودتنا إلى البيت، كان شقيقي هناك. كان من الواضح أنه سعيد وعلى خير ما يرام. قال بأنه قد سار حتى ساحة المدينة وقد عقد العزم على تولي حل الأمور بنفسه. قلت له: “حسناً، أنا علمت بذلك”. ثم أخبرته بما رأيت.
فقال: “لقد أحسست بشيء يضغط علي فجأة وشعرت بعدها كأن شيئاً ما قد أزيح عن كاهلي. كأن سحابة تبددت عني ورُفِعت. وعدت إلى البيت وأنا مبتهج وأرنم”.
لم يعرف دوب أن يلتمس الرب لنفسه لأنه كان بعد طفلاً في المسيحية. ويتحتم علينا أحياناً نحن الأكبر عمراً في الرب أن نساعد الأطفال روحياً. ونشكر الله، إننا نستطيع ذلك. ومع هذا فسيأتي الوقت في حياتهم حين يدركون أنه يتحتم عليهم أن يتعلموا فعل بعض الأشياء لأنفسهم. لأننا لن نستطيع أن نتصرف عنهم عندئذ.
تعلم أن تكون سامياً
علينا نحن المسيحيين أن ندرك بأننا جالسون مع المسيح. وأن نتعلم كيف نرتقي إلى مركز السمو الذي يريدنا الله فيه.
كثيراً ما تفشل الكنيسة في خدمة السلطان هذه. وعوض ذلك تراها منحنية بالهزيمة ومقهورة بالخوف.
تقول الآية في أفسس 22:1: “وأخضع كل شئ تحت قدميه (المسيح) وإياه جعل رأساً فوق كل شئ للكنيسة…” المسيح هو الرأس، فوق الأمراض والأسقام وكل شر آخر. كما أثبت هو ذلك عندما كان هنا على الأرض.
وإذا عكسنا فقرتي هذه الآية السابقة سنصل إلى المعنى الأعمق وستتوضح لنا أكثر: “وإيها جعل رأساً فوق كل شئ للكنيسة وأخضع كل شئ تحت قدميه”. إذا المسيح هو الرأس فوق كل شئ لأجل الكنيسة.
نحتاج أن نتأمل ملياً في هذه الحقائق الإلهية كي تتفهمها أرواحنا تماماً، ومتى وصلنا إلى ملء المعرفة لهذه الحقائق فسنجني مجازاة عظيمة وثمينة. وعندما نتحلى بتصرف وقرر كهذا سيرفعنا روح الحق، الروح القدس، إلى المكانة التي منها نستطيع أن نرى المعنى الحقيقي لإعلان الله. لقد صلى الرسول بولس لأجلنا، حتى من خلاله نستطيع أن نمارس هذا السلطان فوق كل شئ.
عندما نفهم ما يخصنا، سنتمتع بالنصرة التي أعدها لنا المسيح. وسيحارب الشيطان جاهداً كي يمنعنا من الوصول. ولكن من خلال الإيمان الصلب العنيد في المسيح يمكن للنصرة أن تكون من نصيبنا.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.