القائمة إغلاق

How To Overcome Till The End – Part 5 كيف تغلب إلى النهاية – الجزء

لسماع العظة على الساوند كلاوند أضغط هنا

لمشاهدة العظة على الفيس بوك اضغط هنا 

لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

(العظة مكتوبة)

كيف تغلب إلى النهايةالجزء 5

  • مَن العَدُوّ الحقيقي؟
  • تَدرّب أن تُقاوِم الجاذبية لتُحلِّق.
  • لا تدعه يسرق أمتعتك.
  • الحل للنفس.
  • “حاشا” وماذا تُعني؟
  • قاومه فيهرب منك.
  • ما الذي يُمكِن للألسنة أن تصنعه؟!
  • اعبدْ الرب بروحك.

 

  • من العَدُوّ الحقيقي؟!

 في طريق خالٍ يتحرَّك سائِقٌ ماهِرٌ بسرعة فائقة، وعلى جانب الطريق لافتةٌ ضحمة مكتوب فيها: “احذر منطقة حُفر!” نظرَ السائِق إلى اللافتة، ثم أكملَ طريقه بنفس السرعة، وفي نفس الطريق!

 تجمع الناس عقب صوتِ اصطدام هائل بعد ذلك، ليروا وَسْط كل هذا الدُّخان والرؤية الضبابية، عربة ساقِطة في إحدى الحُفر! ليُعرَف فيما بعد، أن هذا السائق لم يَكُن يعرف القراءة! في رأيك مَن أسقطَ هذا السائق في الحفرة؟ مَن العَدُوّ الحقيقي يا تُرَى؟!

 هل كانت رجليه، هل الحفرة، أو هل تعتقد أنّ العَربة كانت عدّوَهُ الحقيقي؟ بلى عدوه الحقيقي كان عدم المعرفة، إن عَلِمَ هذا السائق ما كُتِبَ على اللافتة، ربما لم يَكُن ليسقط في الحفرة.

 كيف تغلب وإلى النهاية، ومَن الذي ستغلبه، وفيما تَكمُن المشكلة؟ أسئلة تجول في ذهن أيّ شخص يسعى ليعيش حياته الروحية للمنتهى غالِبًا. بداية غلبتك هي معرفة عدُوَّك الحقيقي، هل هو إبليس؟ هل هي حُفر الحياة؟ أو أشخاص من حولك؟ أم عدم المعرفة؟! اعْلَمْ هذا جيدًا؛ عدُوّك الحقيقي هو عدم المعرفة. عندما تَمُّر بموقف تشعر فيه بالإحباط المشكلة ليست فيك، لكن فيما تعرفه أو ما لا تعرفه.

 يعتقد الكثير أنّ مشكلتهم تكمن في إبليس وينظرون إليه على أنه كائنٌ لا يُمكن السيطرة عليه، ولا يمكن إيقافه أو منعه، وهذا الاعتقاد انتشر بسبب عدم معرفة ما فَعَله يسوع. ليست المشكلة في إبليس بعد الذي فَعَله يسوع! لكن إبليس يستخدم عدم معرفتك ليُؤذيك ويُضلِّلك.

 إن لم يجد السارق مكانًا يدخل منه ليسرق، لن يقدر أن يسرق. إذًا المشكلة ليست في وجود لصوص أو ما تَملُكه من أمتعة، نعم يوجد لصوص، لكن هل أبوابك مفتوحة أم مُغلَقة؟ هل تعرف كيف تُدير شئون بيتك أم لا؟ فإن عَلِمْتَ كيف تُدير بيتك وتغلق أبوابك جيدًا، ستكون في حالة من الاطمئنان ولن تخاف البتة من أيّة لصوص. بالمِثْل أيضًا ليست المشكلة في إبليس بل في معرفة كيف تُدير وتُأمِّن بوَّابات حياتك.

 إنْ اشتريت جهازًا جديدًا، ففي البداية قد لا تعرف كيف تستخدمه بدقة، ولكن مع قراءة الكتالوج أو بمساعدة شخصٍ آخر، ستعرف الطريقة، وبالتكرار يصبح الأمر شديد السهولة. كذلك الأمر في الحياة الروحية؛ في البداية تحتاج أن تتعلَّم كيف تُدير حياتك، وقد يأخذ الأمر وقتًا كي تُتقِن الأمر مثل تَعلُّم أي شيء آخر، لكن بعد ذلك ستجد الأمر سَلِسًا، وتتحوَّل من شخص يخشى ظروف الحياة إلى آخر جرئ في مواجهة أي موقف.

 هذه أحد أعراض النضوج الروحي، فبعدما كُنتَ تهرب من المواقف، أصبحْتَ تعشق التحديات! مَن نضجَ سيفهم معنى هذا الكلام، ومن لم يَنضُج بعد، عليه توقُّع حدوث هذا معه عند أكل الكلمة. فعادةً عندما يأتي شخصٌ حديثٌ في الإيمان ولا يعرف ما له في المسيح، ليَدرِس الكلمة، وبالفِعْل يكون لديه طريقته في التفكير، يُصدَم بحالة المجد والروعة التي أصبحت متاحة له شخصيًا وهو لم يَكُن يعلم!

 فربما كان مُعتقِدًا أن الطبيعي أن يُعاني ويَخرُج من أزمة ليَدخُل في أخرى سواء في الصحة أو العمل أو أي شيء، كان مُستسلِمًا لهذا الوضع لاعتقاده أنه هذا هو الطبيعي وأنه يجب أن يُعاني في الأرض. ثم يكتشف أن هذا غير طبيعي! وإنه يوجد قوةٌ داخله لحلّ أي أمر وهذه القوة متاحة هنا على الأرض وليس في السماء فقط! فيبدأ أن يثور على هذه الحالة ويُغيِّرها.

 أرأيت عدوَّهُ الحقيقي؟ لم يَكُن المشكلة في حدّ ذاتها، فبمعرفته للحقّ عَلَّمه كيف يحل الأمر، لكن المشكلة الحقيقية كانت في عدم المعرفة من الأساس، سواء معرفة أن هذا ليس الطبيعي أو معرفة كيفية حلَّ الأمر عمليًا. هناك قوة داخلك لحلّ أي أمرٍ، لكن حتى تَخرُج هذه القوة يوجد معلومات يجب أن تُخزَّن وتُرَتَّب في ذهنك أولاً.

 حينئذ تتغيَّر وتنضُج لتتحوَّل من الصلاة فقط لحلّ المشاكل، إلى أن تأمُر باسم يسوع في الأمر مباشرةً فيَحدُث، وتبدأ تصلي لأجل معرفة المزيد من الكلمة، ثم تتحول صلاتك لتَطلُب للآخرين أيضًا أن يعرفوا الكلمة! هنا نجاح الروح القدس أن يأخذك إلى نقطة فيها لا تتمحور حول ذاتك.

 لكن احذر هذا؛ أنْ تُفكِر في الآخرين، لا يُعنِي مُطلَقًا أن تُهمِل ذاتك وظروفك؛ لن يبني الله الآخرين على حطامك أنت! سيبنيك أنت أولاً، ثم يبني الآخرين من خلالك. كالطفل الصغير الذي ينبغي أن يتعلَّم أولاً ثم يخرُج للعمل بعدها.

 تخيّلْ معي طفلاً صغيرًا خرجَ للعمل قبل فترة نموه! بالطبع سيُعاني هذا الطفل في حياته، فإن حملَ هذا الطفل ثِقلاً قد تتقوَّس رجليه أو يمرض، لهذا السبب يوجد بعض القوانين التي تُجرِّم عمل الأطفال في سن نموّهم، هذا لأنه وقت تَعلُّمهم.

 تحدَّثت من قَبْل في سلسلة “الحياة المسيحية وكيف تحياها” وقُلت إنه يوجد كثيرون مِمَّن خرجوا للخدمة قبل أن يكبروا روحيًا والنتيجة إنه بعد فترة أصبحوا مُعاقين روحيًا! من الهام أن تكبر أنت أولاً، وتتعَّلم كيف تتعامل مع مواقف وظروف الحياة.

 كيف تغلب وإلى النهاية؟ لقد مشى بطرس فوق الماء لكنه لم يمشِ إلى النهاية، انتصرَ بالفِعل على الرياح والأمواج لكن عند نقطة مُعيَّنة لم يُكمِل للنهاية، كانت مشكلة بطرس في الإيمان، فسأله يسوع لماذا شككت؟! لكنه استعاد إيمانه وَقَدِرَ أن يعود مرةً ثانيةً ماشيًا على الماء. بعد أن سمعَ بطرس تعليمات يسوع واكتشف أن المشكلة في إيمانه، قَدِرَ أن يمشي مرةً ثانيةً. كان من الممكن أن يخبره أعطني يدك يا بطرس، بلى أخبره ما المشكلة فعاد بطرس معه ماشيًا على الماء.

 لاحظ! تعليمات يسوع هي من أعادت الإيمان لبطرس، أيضًا ستُساعدك تعليمات الروح القدس أن تفهم أين مشكلتك، ويُعطيك مشورةً وفَهْمًا لتُكمِل الشيء للآخِر ليس فقط أن تبدأه بنصر لكن أيضًا أن تنهيه بنصرٍ وغلبةٍ.

 لا يريد الرب أن يُنقذِك من الغرق فقط بل أن تمشي فوق الماء أي ظروفك، هذا الأمر من النقاط الأساسية التي لا غِنى عنها. لهذا أول شيء هو إنك تحتاج أن تعرف كيف تُسيطِر على نفسك، تَعلَّمنا الكثير في الكتاب المقدس لكن هذه النقطة تحتاج لمزيد من الإيضاح وأن نُزهي عليها.

  • تَدرَّبْ أن تُقاوِم الجاذبية لتُحلِّق:

 كان هناك طائرٌ صغيرٌ يجلس في عُشه المُريح، وكل يوم تأتي أمه لتُطعِمهُ وتعتني به، لم تَكُن لديه مشاكل. وفي يوم من الأيام، حان وقت أن يَخرُج العصفور من عُشِّه مع أمه كي يتعلَّم الطيران، وحدثَ ما لم يَكُن في حسبان الطائر الصغير…

 كلما حاول العصفور الطيران، وجدَ ما يسحبه لأسفل! احتاج العصفور أن يُقاوِم بشدة كي يرتفع بأجنحته الصغيرة غير المُدرَّبة. بدأ العصفور يشكي حاله قائلاً: “كنت في عُشّي المُريح، كنت أكل وقتما أريد وألعب حينما أشاء، كانت أمي تهتم بي ولا أحمل أيَّة مسؤولية، الآن عليَّ أن أتدرَّب وأواجه الجاذبية بنفسي وعليّ أن أجد طعامي بنفسي!”

 في البداية شعرَ العصفور بالضيق، ثم حاول أن يُحَلِّق ولكنه سرعان ما كان يقع، فتلتقطه أمه سريعًا وتُشجِّعه ليُحاول ثانيةً، ثم يُحاول فيقع مرة أخرى، فتلتقطه أمه ثانية مُشجِّعةً إياه. بمرور الوقت بدأت عضلاته تتقوَّى، لم يَعُدْ التحليق بمثابة حرب بالنسبة له، بل بدأ يُصبِح ماهرًا في الطيران والهبوط. انتبه! لم تختفِ الجاذبية لكنه تدرَّبَ وأصبحَ مُحترِفًا في الطيران.

 على مدار سنين من جلسات الرعاية أرى أنّ مشكلة هذا العصفور تَحدُث مع كثير من المُؤمِنين بشكل دائِم ومُتكرِّر، فيأتي الشخص إليَّ ويبدأ يحكي: “كنتُ أكبر روحيًا بشكل رائع، كنتُ مُقبِلاً على الصلاة والكلمة، ثم فجأةً لا أعرف ماذا جرى، لم يَعُد لديَّ أيّة رغبة أو شغف، مع إنه لا توجد لديَّ أي مشكلة، لكني أصبحت كالجثة لا أعرف ماذا حدث لي، لم أعُدْ كالسابق، لِما ضعفت هكذا؟!”

 كما يزيد الأمر سوءًا عَبْر أن يبدأ إبليس في تذكير هذا الشخص بخطاياه السالفة، فيبدأ الشخص في أن يَشُّك ويُحبَط في نفسه أكثر، فيؤول هذا إلى سقوطه في خطايا أخرى، ويظل في دائرة “ما الذي حدث لي؟!” إن كان هذا السؤال يجول بذهنك أنت أيضًا، أدعوك أن تجد إجابة له اليوم. تذكَّرْ ما شرحناه في سلسلة “الأسئلة التي يجب أن تسألها“، إن لم تجد إجابة كتابية لأسئلتك -خاصة أسئلة لماذا- سيبدأ إبليس بأن يُجيبك هو على هذه الأسئلة!

 لا تدعْ سؤالاً دون إجابة في ذهنك، فاستقرارك الروحي يبدأ عندما تُجاب أسئلتك وتُبنَى داخلك بمبادئ كتابية صحيحة. كما ذكرتُ للتو وقُلت إن المشكلة ليست في إبليس، ولا في عملٍ كنت تقوم به ثم بدأت تتعب روحيًا، كما لا يتعلق الأمر بسِنّ المراهقة أو الارتباط الخاطئ، وبالطبع المشكلة ليست في انتقالك لبيتٍ آخر تسكُن بداخله أرواحٌ شريرةٌ، أو هذا الشخص الذي دخل بيتكم وهو مصدر المشاكل كلها،…إلخ.

 أليست هذه هي الأسباب التي يضعها الناس؟ ليست المشكلة في كل هؤلاء. الحقيقة هي إنك لم تكُن مُدرَّبًا سابقًا على إدارة نفسك بشكل صحيح. لم تكُن روحك مُنشَّطة للسيطرة على مشاعرك وأفكارك، فعندما أتى الاحتياج بدأ يتضخَّم في نظرك ولم تعرف كيف تحل الأمر.

 في الحياة الروحية، تحتاج إلى التدريب لتُسيطِر على مشاعرك وأفكارك. تحتاج أن تقاوم المشاعر والأفكار غير الكتابية. في البداية قد ترى الأمر صعبًا لكن مع التمرين يصبح سهلاً مثل العصفور الذي تعلَّم أن يُواجه الجاذبية، لم تتركه أمه لكن حان وقت نضوجه، بالمِثل لم يتركك الروح القدس في هذه الحالة لكنه كان وقتًا لتنضُج وتُفطَم.

 للأسف لم نتعلَّم عن أنّ بإمكاننا السيطرة على مشاعرنا وأفكارنا، بل على العكس اعتدنا أن نتأقلّم عليهما، ومن هنا خرجت الكذبة المشهورة: “تُقاس حالتك الروحية بما تشعُر” وهذا خطيرٌ لأن ما تشعُر به ليس أنت ولن يُحدِّد هويتّك على الإطلاق.

 مثلاً يقول البعض: “قد عُرِضَ عليَّ فكرة حزن إذًا أنا حزين بالفعل” ويبدأ الشخص في الدخول إلى الحيرة والتخمينات وتسمعه يقول أنا حزينٌ ربما لأني فعلت خطية، ويقفز إلى قرارات واستنتاجات أخرى ليست من الكلمة.

 ثم يُردِّد الشخص آياتٍ مثل: “رُدَّ لي بهجة خلاصي” ونراه يقتبس آيات في غير موضعها لتناسب مشاعره أو حالته، وربما يُزيد الأمر سوءًا ويستمع إلى ترانيم غير كتابية لتأييد مشاعره. للأسف يوجد ترانيم غير ممسوحة على الإطلاق، وهناك أشخاص تُؤلِّف ترانيم تلعب على المشاعر والأحاسيس لكنها ليست مَبنية على الحقّ الكتابي، بل على فِكْر جسداني في الكلمات والموسيقى مثلها مثل الأغاني، ويستمر الشخص وهو يُزيد في تغذية المشاعر والنَفْس.

 ربما تدرَّبت لوقت طويل على الخضوع لمشاعرك وعدم مقاومتها، لدرجة إنك إن قابلت شخصًا يبكي تظل طوال اليوم حزينًا ومُضطرِبًا، لكن أدركْ هذا؛ إنه لأمرٍ خطيرٌ أن تقع تحت سيطرة المشاعر وأن تسلك بما تشعر به! يجب أن تتدرَّب لتُقاوِم هذه المشاعر.

 يبدأ استقرارك في اللحظة التي تعرف فيها كيف تدير النفس والجسد. تمَّ تصميم الجسد والنفس (الفِكْر، العاطفة والإرادة) ليخضعا للروح. مِن أين عَلمنا هذا المبدأ؟ لنرجع إلى التكوين سِفْر البدايات.

 كان آدم قبل السقوط في حالة من السيطرة على جسده، لم يكن يفكر في الأمور بصورة بشرية محدودة، للدرجة التي جعلته يَعي عالم الروح أكثر من عالم العيان، فلم يَكُن مُدرِكًا إنه عريان، فقط عندما سقط أدرك عُريّه، وبدأت تقل نظرته لعالم الروح تدريجيًا إلى أن اضمحلَّت، وصار الإنسان يسلك بالعيان وبما تُمليه عليه حواسه الخمس.

 كان هناك طائرة رائعة للغاية. جميلة من الخارج متينة من الداخل، مُزوَّدة بكل الإمكانيات والمُؤهلات لتُحلِّق عاليًا جدًا وتصل بأمان وتطير بسلاسة، حقًا مُدهِشة في كل شيء! لكن للأسف حُرِقَ سلكٌ رفيع للغاية داخلها فأدى إلى دمار شامل!

 بالرغم من إنها مشكلة تافهة، فقط سلك! إلا إنه أدى لمشكلة ضخمة! هكذا الأمر في الحياة الروحية يوجد سلكٌ صغيرٌ في حياة المُؤمِن المُدهِشة هذه لكن إن لم يعرف كيف يضعه في مكانه الصحيح سيُؤدي لمشكلة كبيرة

 هذا السلك هو السلوك بالجسد أي السلوك بما تشعُر به، كما ذكرت وقُلت: تعلَّمْ أن تُقاوِم المشاعر والأفكار، احذرْ السلوك بالعيان. حذَّرَ بولس كثيرًا جدًا من السلوك بالجسد والناموس لنرى ماذا قال.

 “٦ فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ، ٧ مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُوَطَّدِينَ فِي الإِيمَانِ، كَمَا عُلِّمْتُمْ، مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالشُّكْرِ. ٨ اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ. ٩ فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. ١٠ وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ. ١٦ فَلاَ يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ هِلاَل أَوْ سَبْتٍ، ١٧ الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ. ١٨ لاَ يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ الْجِعَالَةَ، رَاغِبًا فِي التَّوَاضُعِ وَعِبَادَةِ الْمَلاَئِكَةِ، مُتَدَاخِلاً فِي مَا لَمْ يَنْظُرْهُ، مُنْتَفِخًا بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الْجَسَدِيِّ، ١٩ وَغَيْرَ مُتَمَسِّكٍ بِالرَّأْسِ الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ بِمَفَاصِلَ وَرُبُطٍ، مُتَوَازِرًا وَمُقْتَرِنًا يَنْمُو نُمُوًّا مِنَ اللهِ. ٢٠ إِذًا إِنْ كُنْتُمْ قَدْ مُتُّمْ مَعَ الْمَسِيحِ عَنْ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، فَلِمَاذَا كَأَنَّكُمْ عَائِشُونَ فِي الْعَالَمِ؟ تُفْرَضُ عَلَيْكُمْ فَرَائِضُ: ٢١ «لاَ تَمَسَّ! وَلاَ تَذُقْ! وَلاَ تَجُسَّ!» ٢٢ الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ، ٢٣ الَّتِي لَهَا حِكَايَةُ حِكْمَةٍ، بِعِبَادَةٍ نَافِلَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَقَهْرِ الْجَسَدِ، لَيْسَ بِقِيمَةٍ مَا مِنْ جِهَةِ إِشْبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ.” (كولوسي ٢: ٦-١٠، ١٦-٢٣).

 سأشرح بعض الكلمات في هذا النص التي تبدو غير واضحة:

 “١٧ الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ” أي أنّ أمور العهد القديم كانت عبارة عن ظلال لما يَحدُث في العهد الجديد، فيُخبرنا هنا أن تجسيد هذه الأمور فعلها المسيح، هذا هو التفسير الصحيح المقصود، وليس كما يُفسرِّها البعض أنّ جسدنا للمسيح، بالطبع جسدنا للمسيح لكن هنا لا يتحدَّث عن هذا.

 في العهد القديم وقت أيام موسى، كان الناس يتحرَّكون بالفِكْر الحِسي من الخارج للداخل لأن روحهم لم تَكُن مولودة من الله وليست مُنتِجة للصواب ولم تكُن تعرف كيف تتواصل مع الله، على عكس المولودة منه، فبالكاد يُحاولون تطويع أنفسهم، فاضطر الرب أن يضع لهم نظامًا أو ناموسًا يمشون عليه.

 أدركَ بولس خطورة السلوك بالناموس (التَحرُّك من الخارج للداخل) في العهد الجديد، فإن سلكَ المُؤمِن المولود من الله بالناموس سيتوهَّم بأنه كما هو لم يتغيَّر فأراد بولس أن يفتح أعينهم على الروح الإنسانية الجديدة.

 “١٨ لاَ يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ الْجِعَالَةَ”؛ إذًا يوجد من سيخسر حياته الروحية، ويوجد من سيخسر مكافآت بسبب اتّباعه لأشخاص أو تعليم خاطئ.

 “رَاغِبًا فِي التَّوَاضُعِ وَعِبَادَةِ الْمَلاَئِكَةِ”: أي أن هذا الشخص الذي يُعلِّمكم هذا يرغب أن يظهر باتّضاع غير حقيقي، فيُحاول أن يُظهِر نفسه مُنكسِرًا ويتكلَّم عن أمورٍ جميلة ليُرَى بهذا الشكل.

 “مُتَدَاخِلاً فِي مَا لَمْ يَنْظُرْهُ، مُنْتَفِخًا بَاطِلاً مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الْجَسَدِيِّ”: أي يَدَّعي إنه يرى أمورًا وهو لم يراها بالفِعْل، إما إنه يكذب أو كل ما يراه هو في دائرة الخيال.

 للأسف يوجد أناسٌ تقول إعلانات ونبوءات، وفي الحقيقة يكون الشخص ذهنه حِسّيٌ بشريٌّ ولا تكون هذه الإعلانات من الروح القدس، نعم يوجد إعلانات ورُؤى لكن ليس كل من يقول إنه رأى هو حقًا رأى من الروح القدس، تعلَّمْ أن تمتحن هذه الأشياء جيدًا.

 لا تكُن شخصًا حسّيًا خاصة مع ظروف الحياة، تذكَّرْ ذلك السلك الصغير الذي دمَّرَ الطائرة! أن تكون حسّيًا أي إنك تُفكِّر طبقًا للحواس الخمس ولِما تشعر به، بل فكِّر طبقًا لأرواح الله السبعة.

 يقول الكتاب: “٢ وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. ٣ وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ” (إشعياء ١١: ٢، ٣). لاحظ إنه لا يَحكُم بحسب نظر عينيه ولا بما يسمعه، بمعنى آخر لا يحكم بحواسه، أشجعك بمراجعة تعليم “أرواح الله السبعة” لمزيد من الفهم.

 ينظر بعض الأشخاص للموقف بحواسهم الخمس ويقولون: “الأمر يزداد سوءًا، لن يتغيَّر شيءٌ على الإطلاق” مِن أي مُنطلَق حكمت؟ هل من الكلمة أم من العيان؟!

 تعلَّمْ أن تُخضِع نفسك تحت الكلمة وترى الأمور بمنظورها، عندما تفعل هذا أنت تموِّن معجزتك وتمدّها بالقوة، فتبدأ معجزتك في النمو، إن استمريت ستُثمِر وتُنتِج ثمرًا سليمًا وتظهر معجزتك في العَلَن، لكن إن استمريت تنظُر بحواسك الخمس غير مُقتنِع بالمبادئ الكتابية أنت بذلك تُجهِض معجزتك.

 يوجد من يعرج بين الفرقتين، أي يسلك بالإيمان مرة وبالعيان مرة أخرى، فتجده يسمع الكلمة ويُصدِق ويُؤمِن ثم يعود ويقول أرى الموقف يزداد سوءًا لنبحث عن طريقة أخرى، وهو لا يعلَّم أن بذرته تكبر، ومعجزته على وشك الظهور!

 كيف تغلب؟ أولاً أن تعرف كيف تُسيطِر على دائرة النفس، أن تعرف كيف تفرح عن عمد، كيف تُسيطِر على ردود أفعالك، ولا يكون لسان حالك: “العالَم سيءٌ، والحياة سوداء، الأمور ليست بخير!” لا، توَقَّف عن هذا! واجه ظروف الحياة بخشونة. تعلَّمْ كيف تواجه. الصرامة في عالم الروح أمرٌ هامٌ.

 “«كَانَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ إِلَى يُوحَنَّا. وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَغْتَصِبُ نَفْسَهُ إِلَيْهِ” (لوقا ١٦: ١٦).

 “وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ” (متى ١١: ١٢).

“الْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ” أي يجب أن تجذب نفسك له، أولى الأشياء التي يحاول إبليس ضربها في حياتك هي حماسك! تحدَّثت في سلسة سابقة عن أمور يحاول إبليس أن يُدمِّرها في حياة الشخص نظرًا لأهميتها الشديدة، والتي عرفنا عنها من خلال الكلمة، وإبليس أيضًا عرفَ عنها من الكلمة، بالطبع هو لا يعرف كل شيء! أول هذه الأمور هي حماسك، يعلَّم إبليس أن حماسك هو الحلّ، عُدْ إلى حماسك الأول!

 تجد الشخص يقول: “قد كبرت روحيًا، لا ينبغي أن أرفع يديَّ في الصلاة والعبادة، هذه أمور يفعلها الأطفال روحيًا، هذه أمور يفعلها من أتوا للرب حديثًا!” ثم يبدأ التقليل من قيمة الكلمة! وتسمعه يقول: “هذه الآيات أنا أعرف تفسيرها” ويقلِّل من فرحته بها!

 هناك أشخاص هكذا، فتجد الشخص عندما كان صغيرًا، كان يجري على أبيه وأمه بلهفة، ثم يبدأ في البلوغ، ويبدأ صوته يغلَّظ، ويكون لسان حاله: “أنا كبرت، لم أَعُد صغيرًا” وهكذا، ويبدأ يتجلَّد ويتجمَّد، ويفقد حماس الطفل.

 ينبغي أن تُرَّبي أطفالك على ألّا تبهُت مشاعرهم تجاهك، فإن لم تفعل هذا للأسف عندما يكبروا لن تجدهم، ولن يتواصلوا معك وقد يكرهونك! هذا لأنهم يسلكوا حسب المشاعر. ازرعْ من البداية في أطفالك أن يحافظوا على حماسهم واشتعالهم. يا له من أمر هام، ليس تُجاهك فقط، بل ناحية كل شيء.

 “فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ”؛ كما قبلت المسيح، بنفس الطريقة بنفس الحماس، اسلك للآخِر! بنفس حماس الشخص عندما قَبِلَ يسوع، عندما انهمرت دموعك من الفرح، وبدأ أصدقائك يدعونك للخروج معهم، وأنت كنت تُخبرهم لا أنا ذاهبٌ إلى الكنيسة بكل حماس، لتُكمِّل بنفس الطريقة، لا تُضرَب في هذا الأمر.

 أيضًا تعوَّدْ ألّا تشتعل فقط عندما تأخذ استنارة ما لكن ضعْ كل مشاعرك للرب، تحدَّثت من قَبْل في سلسلة “كيف تكون حارًا في الروح” وشرحت عن داود وكيف كان يقول: “فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: «إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ»” (المزامير ١٢٢: ١). كان داود يفرح ويتهلَّل عندما يُخبرونه بالذهاب إلى بيت الرب، كان يَصُّب كل مشاعره عن عمد في حُبه للرب وكل ما يَخصه.

 تعلَّمْ أنْ تُظهِر تفاعُلك مع الكلمة، ولكي تعرف أن تعمل هذا، ينبغي أن تضع روابط وتكون حازِمًا مع الحواس الخمس، إن لم تفعل هذا ستتحوَّل تلك المشكلة التافهة إلى عائِقٌ، تحتاج أن تتعلَّم متى تقول لمشاعرك لا! ولديك القدرة لفعل هذا.

 ربما تقول: “لا أقدر أن أفعل هذا، لا أعرف كيف” أتعرف لِماذا؟ لأنك تربيت على أن تُعطِي مشاعرك مساحةً ضخمةً! يقول الكتاب “مَنْ فَنقَ عَبْدَهُ مِنْ حَدَاثَتِهِ، فَفِي آخِرَتِهِ يَصِيرُ مَنُونًا.” (الأمثال ٢٩: ٢١). أيّ من دلّلَ عبدًا وأدخله في شئون حياته، ولم يتعامل معه بحدود، فعندما يكبر هذا العبد سيتطاول على سيده، ويُطالِبه بحقوق الابن فيما بعد ويطلب ميراث كابن!

 هكذا مَن يُدلِّل جسده ومشاعره، سيعود هذا الجسد ويُطالبه بمساحة ليست له، لكن يوجد علاج وهو أن تبدأ في قول لا للجسد!

 يُكمِل بولس عن الشخص الذي يسلك بالجسد -وهذه النقطة شرحتها باستفاضة في سلسة “العلاقات“- “وَغَيْرَ مُتَمَسِّكٍ بِالرَّأْسِ الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ بِمَفَاصِلَ وَرُبُطٍ، مُتَوَازِرًا وَمُقْتَرِنًا يَنْمُو نُمُوًّا مِنَ اللهِ”. للأسف يبدأ نموّ هذا الشخص يتوقَّف بسبب أنه يسلك بالجسد والعيان، يقف عن النمو بسبب إنه يسلك بما يراه فلا يُخرِج الطبيعة التي داخله.

 “مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُوَطَّدِينَ فِي الإِيمَانِ، كَمَا عُلِّمْتُمْ، مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالشُّكْرِ”

 “مُتَأَصِّلِينَ”: أي واضعين جذوركم في الأعماق، راسخين في الإيمان.

 “عُلِّمْتُمْ”: إذًا كانوا يحتاجون إلى تعليم.

 “مُتَفَاضِلِينَ فِيهِ بِالشُّكْرِ”: لاحظ هذا السر؛ يجعل الشكر الشخص يزداد في العُمق!

 “اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ”؛ انظروا ألّا يضللكم أحدٌ بتعليمكم من مبادئ وأركان العالم وليس حسب المسيح. يوجد أمور اعتادَ بعض المُؤمِنين عليها وهي ليست حسب المسيح، ولا يعلمون أن هذه الأمور هي التي تعيقهم روحيًا.

 مثلاً ربما تكون اعتدت أن تأخذ عشر دقائق في النحيب والبكاء والتوبة سواء لسبب حقيقي أو فقط من باب الاحتياط! فصار هذا مُعيقًا لك دون أن تدري! هذا لا يمنع توبتك (تغيير اتّجاهك) عن الخطأ إن أخطأت، فيجب أن تقول “لا” عليه وتُعدِّل مسارك فورًا.

 هناك تعليمٌ مُنتشِرٌ يُخبرك بأنك إن قُلت لا لمشاعرك فأنت أجلاً أو عاجلاً ستنفجر. أين ذُكِرَ هذا في الكتاب المقدس؟! يمكنك أن تقول لا لمشاعرك بسهولة، وهذا عن طريق “توجيه تفكيرك”، حتى إن انتقل شخصٌ عزيزٌ عليك يُمكِنك توجيه مشاعرك بشكل صحيح.

 يوجد من يضع حدًّا لمدى تحكُّمه في مشاعره، بمعنى إنه عند حدّ مُعين هو يعلَّم جيدًا إن حدث هذا الشيء سيفتح الباب على مصراعيه لمشاعره، وتسمعه يقول سأنفجر في البكاء إن حدث هذا الشيء، أيضًا هناك مَن لا يدري أنه سيفعل هذا أو لا يقوله بصورة واضحة. لكن في قرارة قلبه هو يعلم هذا وهذا بسبب أنه وضَّع آخِرًا للكلمة في حياته.

 بمعنى آخر؛ الكلمة ليست عملية في كل المواقف لديه، يرى أن الله مكانه فقط في الكنيسة، ووقت الاجتماع والفرحة فيه فقط، أما الحياة العمليَّة الملموسة هو غير موجود! هذا غير حقيقي تمامًا.

 “يَسْبِيكُمْ”: هذا نتيجة ذلك التعليم، إنه ليس هيّنًا، فهذه التعاليم غير الكتابية تسبِيك أي تُقيّدك! فمثلاً قد يكون انتقل للسماء شخصٌ عزيزٌ عليك، بالتأكيد يستثمن الروح القدس دموعك الغالية، فهو لا يريدك حزينًا. لذا لا تقع في فخ إبليس، حيث يأتي لك بذكريات ومشاعر مُحاوِلاً سجنك داخل هذا الحَدث ويسبيك إلى الاكتئاب!

 يا عزيزي الثمين، بكائك لن يُرجِعه، وعدم بُكائك لا يُعنِي أنك لم تَكُن تُحبه! هناك خدعة يرميها إبليس على الشخص وهي أن كثرة البكاء دليلاً على كم كان هذا الشخص محبوبًا وعزيزًا لقلبك، وأن هذا علامةٌ على حبك للشخص. فيبدأ في التفكير في كل المواقف بينهما وبالتالي ينفطر قلبه ولا يعلَّم إنه بذلك يتمشَّى مع أرواح شريرة، يا له من أمر خطير!!

 نعم هذا لا يمنع وجود مشاعر لفراق الشخص أحيانًا، لكن تيقَّنْ من أنك ستراه في السماء، نحن لنا رجاء مثل هذا. وإن لم يَكُن مُؤمِنًا فمِن الأفضل أن تتوقَّف عن التفكير عن عمد في الأمر، وتشفَّعْ إن كان هناك آخرون أعزاء لديك لم يقبلوا الرب بعد. لا تترك إبليس يسحبك للوراء دون أن تدري بسبب تقاليد ومبادئ بشرية.

 “فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. ١٠ وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ.”

 “مَمْلُوؤُونَ فِيهِ”؛ يحلّ في يسوع كل ملء اللاَّهوت، ونحن مُمتلئون فيه! بمعنى أنت تحتوي على شيء كان يحتوي عليه يسوع! ربما تكون صدمة لديك لكنه حقٌّ كتابيٌّ، راجِعْ ورائي في الأصل اليوناني والترجمات، وسترى هذا بكل وضوح، وهذه الألوهية التي داخلك ستُفسدها إن سلكت بمبادئ العالَم والتي قد تحتوي على حكاية حكمة.

 “الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ”؛ لاحظ حسب تعاليم الناس وليس تعاليم الله. عن ماذا يتحدَّث بولس؟ يحكي بولس هنا عن حكمتهم، والتي هي محاولة قهر الجسد، وإظهار اتّضاع زائف وتعاليم أناس من جهة إشباع البشرية، والتي ليس لها قيمة لدى الله لكنها تعاليم تُشبِع بشرية الشخص.

 انتبه لن يلومك أحدٌ على السلوك بالجسد، لكن إن سلكت بالروح لن يتَّفق معك الكثير، أول شيء سيُقال لك ألست إنسانًا؟ ثاني شيء هو؛ “لِما أنت مُتكبِرٌ؟” وهكذا. لِما لن تلقى الكثير من التشجيع؟ لأنك دون أن تقصد ستكشف عجز الآخرين، فيُريدك الشخص أن تكون في مستواه، لكنك في مستوى آخر، فنتيجة لهذا سيكرهون وينفرون من هذه المبادئ التي تسلك بها.

 يقول الكتاب “وَلكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيًّا” (١ كورنثوس ٢: ١٤).

 طبيعي أن يَحدُث نفورٌ من الكلمة لدى الإنسان الطبيعي! ذلك لأن كلمة الله تُفهَم بالعقل وتُحَب بالروح. فالكلمة ليست ضدّ العقل، حيث يقول الكتاب: “صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول” (١ تيموثاوس ٤: ٩). إن لم يتَّضع الشخص تحت مبادئ الكلمة ويقول لا للمبادئ البشرية، سيبدأ في النفور من الكلمة، ولن يطيق سماعها! ذلك لأنه أغلقَ على أذُنه الروحية.

 للأسف لن تجد حالة وسطيَّة (والتي هي مرفوضة) مع شخصٍ سلكَ بالكلمة فترةً ثم ابتدأ في السلوك بحواسه الخمس، ستجده رافِضًا الكلمة بشدة ولا يطيق أن يسمع عنها! السبب إما أنه كان يُنّشِط روحه وتوقَّف عن تنشيطها، أو إنه لازال طفلاً روحيًا، ولا يعلَّم أيّ شيء على الإطلاق.

 للأسف ظلّ محمولاً على جناح أبويه إلى أن جاء وقت نضوجه، الذي من المُفترَض أن يكون عُلِّمَ بالفعل فيه لمواجهة هذا الأمر، لكنه لم يفعل فلم يكن مُجهَّزًا للسيطرة على جسده! لهذا السبب أول دائرة ينبغي أن تُسيطِر عليها هي كيف تُدير النَفْس البشرية.

  • لا تدعه يسرق أمتعتك!

 ” ٢٨ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ! ٢٩ أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟” (متى ١٢: ٢٨، ٢٩).

 كان الرب يسوع يُخرِج الكثير من الشياطين، وهناك بعض الحالات التي أخرجَ فيها الرب الروح الشرير وبذلك شُفِيَ المريض، لكني أُريد التركيز على الأمتعة، ما هي الأمتعة؟ منذ سنين تحدَّثْتُ عن الأمتعة، الأمتعة هنا ليست شيئًا سلبيًا، لكنه إيجابيًّا، الأمتعة هي المشاعر والأفكار والإرادة. يحاول إبليس نهب أمتعتك، المشاعر والأفكار هذه منطقة عمله، هذا ما يعطش إليه.

 عندما يَخرُج الروح الشرير من الشخص، ولا يجد مكانًا ليذهب إليه، وقتها سيُحاول الرجوع، فهو يريد أن يعود لينهب المشاعر والأفكار، هذا أقصى ما يقدر عليه، بالطبع إن لم يَكُن الشخص مولودًا من الله ففي هذه الحالة يُمكن للروح الشرير أن يدخُل على روحه، أما بالنسبة للمُؤمِن فسيختلف الأمر؛ “الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ”يوحنا ٥: ١٨).

 ليس لإبليس أن يقترب من الروح الإنسانية المولودة من الله، لأنه يحتوي على طبيعة الله وقوته! فلا يقدر إبليس أن يقترب من هذه المنطقة إلّا في حالة واحدة وهي الارتداد للهلاك وهذه لا تَحدُث بسهولة وفجأةً، بل نتيجة لتدريبات كثيرة يخوضها الشخص في الاتّجاه غير السليم.

 من الممكن أن تُسرَق مشاعرك وأحاسيسك وتُسترجَع، لكنها لا تُدمَّر، كذلك الجسد أيضًا. فالضُغطة التي تعتقد أنها بسبب مجموعة من الظروف والأحداث ما هي إلا تَعامُلك مع الأمر بالجسد فقط، لذلك تسقط في خدعة إبليس.

 أعلَمُ أنه يوجد مَن هو مُتفاجِئٌ، ويقول هذه أول مرة أسمع بها عن هذه الأمور، وربما يتساءل؛ “أهذا معناه أن المُؤمِن يُمكن أن يصل لمرحلة لا يتضايق على الإطلاق؟! دعني احسم الإجابة لك كيلا تُخمِّن أو تُحاول الاستنتاج، نعم! يوجد هذا المستوى. يقول الكتاب: اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ” (يعقوب ١: ٢).

 إن كنت تتساءل: هل هو يقصد أن من الممكن أن أصل لمستوى ألّا أيأس أو أتضايق فيه؟! نعم أنا أُعني هذا! يوجد مستوى تكون فيه الكلمة هي فقط ما يهمك، هناك مستوى فيه تبكي فقط على ما بكى عليه يسوع وهو النفوس وليس نفسك وما يخصّك، هذا ما يصبح هامًا بالنسبة لك.

 عندما كان يسوع في مرحلة الصلب قال لهم: “فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ” (لوقا ٢٣: ٢٨).

 لم يَكُن يسوع مُنحصِرًا في ذاته ويُفكِّر في نفسه، رغم أنه كان يُضرَب ويُسحَل ويُجلَد! ما رأيته في الأفلام عن الصلب، لا يقترب شيئًا مما حدث حقًا ليسوع! ورغم ذلك لم ينحصر يسوع في ذاته، ولم يحتَج لبكاء الآخرين عليه، كان يعلَّم مَن هو، لكنه بكى لأجل الآخرين لأنهم رفضوه.

 متاح لك أنت أيضًا الوصول لهذا المستوى، ليس من تحت الصفر إلى الصفر في مستوى مشاعرك وضبط ذهنك بل إلى أعلى الدرجات. درجات ليس فيها بل تكون في حالة فرح مُرتبِط بالكلمة وليس بالأحداث، ومن هنا يُمكنك تغيير الأحداث.

 عندما تقبل الرب يسوع أو إن كنت قد قبلته بالفِعل وبدأت أرواح شريرة تعمل في دائرة ذهنك، لن تقدر أن تدخل إلى روحك، فما يعمله الروح القدس هنا هو أن يسترجع هذه الأمتعة.

  • الحلّ للنَفْس:

 صلِّ كي تفهم الآتي، فهو الحل لمعظم المشاكل التي تَمُرّ بها! قُدْ أنت جسدك ونفسك، إن شعرت بانعدام الشهية، لا تستسلم! ألْزِم جسدك عن طريق أن تعمل عكس ما تشعُر به إن كان خاطِئًا، فالحلّ لانعدام الشهية هو أن تقوم وتفعل الشيء فورًا بلا تفكير.

 قد تقول: “لا أقدر أن أعمل هذا” كلا أنت تقدر! أنت فقط أعطيت مقدارًا ضخمًا لمشاعرك وأحاسيسك، وليس لأنك لا تملك القدرة، أنت تملكها داخلك، لكن التشخيص السليم أنك لا تستخدمها، وعندما تُسيطِر على نفسك سيَسهُل عليك بعد ذلك أن تُسيطِر على جسدك.

 لا تُصدِّق كل ما يُعرَض عليك من مشاعر وأفكار، لأن هذا الشارع يتمشَّى فيه إبليس بسهولة، فقط اسلك بإيمان، إيمان بماذا؟ إيمان بالحياة الأبدية (الإلهية) التي فيك! هذا المبدأ نجده في الشاهد التالي:

“١١ وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. ١٢ جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ. ١٣ أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ، وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاعْتِرَافِ الْحَسَنِ: ١٤ أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (١ تيموثاوس ٦: ١١-١٤).

 “١٢ جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا”؛ أي حاربْ حرب الإيمان الحسنة عن طريق تَمسُّكك بالحياة الإلهية التي بداخلك هذا ما يُنقذك؛ أن تتمسَّك بطبيعة الله داخلك، لم يَقُل له بولس تمسّك بالله، بل أخبره أن يتمسَّك بالحياة الإلهية داخله.

 الحياة الأبدية، أي حياة الله في الإنسان، هذه حرب إيمان، أي تُؤمِن أن المشاعر المعروضة عليك ليست حقيقية، تُؤمِن أن الأفكار التي تَمُرّ عليك هي مجرد أفكار ليست حقيقتك، أنت بداخلك حياة الله، آمنْ بذلك وستنتصر في هذه الحرب الحسنة.

 “١٤ أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ”؛ الوصية هنا هي ما أودعه بولس. الوصية وديعته وليس كما يعتقد البعض أو رنمها أن الوديعة هي عُمر أو حياة بولس.

 في بطرس الثانية الإصحاح الثاني؛ يرتبط هذا الإصحاح بخدام تركوا الرب بعدما وصلوا إلى مرحلة عالية جدًا وهؤلاء هُمْ الخدام الذين قال عنهم الكتاب؛ “كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟” (متى ٧: ٢٢).

 هذا لا يُعنِي أن الخدام الذين يخرجون شياطين الآن ويشفون مرضى، هم قد ارتدوا، لا، فهُنا يحكي عن حالة مُعيَّنة شرحها في باقي الإصحاح، شرحتها من قبل وهذه ليست النقطة التي أريد أن أتحدَّث فيها، تستطيع دراسة هذا الإصحاح في البيت لكن لتفهم الخلفية، دعني أوضح لك شيئًا.

 في البداية ماذا يقول: “وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا.” (٢ بطرس ٢: ١).

 هؤلاء الخدام كانوا مُنقِذين من قبل لكنهم جلبوا الهلاك على أنفسهم من جديد. يا له من أمرٍ مُحزِن!!

 ثم يُكمِل الإصحاح فيقول: “١٥ قَدْ تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ. ١٦ وَلكِنَّهُ حَصَلَ عَلَى تَوْبِيخِ تَعَدِّيهِ، إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقًا بِصَوْتِ إِنْسَانٍ. ١٧ هؤُلاَءِ هُمْ آبَارٌ بِلاَ مَاءٍ، غُيُومٌ يَسُوقُهَا النَّوْءُ. الَّذِينَ قَدْ حُفِظَ لَهُمْ قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ. ١٨ لأَنَّهُمْ إِذْ يَنْطِقُونَ بِعَظَائِمِ الْبُطْلِ، يَخْدَعُونَ بِشَهَوَاتِ الْجَسَدِ فِي الدَّعَارَةِ، مَنْ هَرَبَ قَلِيلاً مِنَ الَّذِينَ يَسِيرُونَ فِي الضَّلاَلِ، ١٩ وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ. لأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ، فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا! ٢٠ لأَنَّهُ إِذَا كَانُوا، بَعْدَمَا هَرَبُوا مِنْ نَجَاسَاتِ الْعَالَمِ، بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمُ الأَوَاخِرُ أَشَرَّ مِنَ الأَوَائِلِ. ٢١ لأَنَّهُ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الْبِرِّ، مِنْ أَنَّهُمْ بَعْدَمَا عَرَفُوا، يَرْتَدُّونَ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُسَلَّمَةِ لَهُمْ” (٢ بطرس ٢: ١٥-٢١).

 “١٥ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ”؛ إذًا كان بلعام نبيًا ثم ارتدَّ.

 “١٧ هؤُلاَءِ هُمْ آبَارٌ بِلاَ مَاءٍ، غُيُومٌ يَسُوقُهَا النَّوْءُ. الَّذِينَ قَدْ حُفِظَ لَهُمْ قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ”؛ هؤلاء المُرتدون هم مثل الغيمة التي لا يوجد داخلها ماء، يبدون بشكل جميل في الخارج، لكنهم فارِغون من الداخل.

 “٢٠ لأَنَّهُ إِذَا كَانُوا، بَعْدَمَا هَرَبُوا مِنْ نَجَاسَاتِ الْعَالَمِ، بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ”؛ انظرْ هؤلاء بعدما وصلوا لمرحلة إدراك، فَهُم بعدما هربوا من نجاسات العالم فأصبحوا مُنتصِرين في الحياة، لكن للأسف لم يُكمِّلوا.

 ما أريد إيضاحه هنا هو وجود هذا المستوى؛ حيث تهرب من نجاسات العالم وتنتصر في كل شيء! نعم هؤلاء الخدام تركوا الرب بعد هذا المستوى لكن هذا لم يَحدُث في يوم وليلة، ويوجد آخرون كُثُر عاشوا هذا المستوى ولم يرتدُّوا.

 هؤلاء الذين ارتدُّوا، قد تدرَّبَ قلبهم بالفِعل في الطمع، هذا سبب المشكلة، فلم يَحدُث الأمر فجأةً بل هُم درَّبوا أنفسهم على ترك الكلمة، والخِفة في التعامل مع الرب، في البداية يأتي الأمر كفكرة ثم لا يقاومونها فيعتادوا على هذا، بعد ذلك يصبحوا مُتدرِّبين في الشر!

 نحن في حالة من الإنقاذ، حالة من عدم الارتباك والنصر عكس لفظ “يَنْغَلِبُونَ” المذكور في العدد العشرين. معنى هذا أن الأشخاص التي تسلُك بالكلمة لم تَعُدْ الحواس الخمس تُربِكهم، لم تَعُدْ الحواس الخمس تثيرهم، لذا لا ينغلبون منها.

 معنى هذا أن الأمر احتاج إلى تدريب، وهناك تدريب روحي سليم وتدريب روحي شرير، ومن هنا يَحدُث الخداع.

  • “حاشا” وماذا تُعني؟

 “١٣ لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. ١٤ وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ” (غلاطية ٦: ١٣، ١٤).

 “الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي” هنا بولس يقول صُلِبَ العالم لي، هو يحيا في العالم لكنه لا يحيا بمبادئه، لأن هذا هو العلو الذي أوصلنا إليه يسوع.

 أنت تحيا بمبادئ الكلمة وليس العالم رغم أنك في العالم فتُسيطِر عليه، لذلك رفضَ بولس رفضًا تامًا أن يستمروا بناموس موسى. لأن ناموس موسى كان يعمل بمستوى بشريّ وليس إلهيًّا، وإن سلكَ فيه الناس بعد الذي فعله يسوع فَهُم بذلك يتدنُّوا.

 قال يسوع «قَدْ أُكْمِلَ» (يوحنا ١٩: ٣٠). ما أكمل هنا هو الناموس، فقد أُكمِل الخلاص بقيامة وصعود يسوع لكن ما أُكمل بالصليب هو الناموس، ثم انشقَّ الحجاب، أي فُتِحَ الحجز استعدادًا لقيامة يسوع.

 كان الناموس محاولة تطويع نفسك من الخارج للداخل وليس من الداخل للخارج، يجعلك تحاول أن تصطنع الشيء فهو ليس فيك، فيجعلك غير مُؤمِن بالطبيعة الإلهية التي داخلك، وللأسف يوجد تعليم يتّبع هذا النمط نفسه ويستمع إليه الناس بمُنطلَق “كل التعليم جيد” هذا مبدأ خطير! لأنه يوجد تعليم غير كتابي، بالطبع ليس جيدًا.

 يقول بولس صُلِبَ العالم لي، لم أَعُد ْأسلك بالحواس الخمس؛ “فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ” (رومية ٨: ١٢). لست مديونًا للجسد، هنا انتصارك أن تسلك بما تريد وليس بما يُمليه عليك جسدك.

 كثيرًا ما نسمع بولس يُردِّد كلمة “حاشا!”، دعني أشرح لك هذه الكلمة، تُعنِي كلمة “حاشا” نفيًا قاطعًا ناهيًا، فهي أقوى أنواع النفي في اليوناني والعبري سآتي بأمثلة ذُكِرَتْ فيها هذه الكلمة، فقد فتحنا هذا الشاهد لأجلها.

 “فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ: «لاَ تَشْتَهِ»” (رومية ٧: ٧). هنا يقول بالطبع، مما لا شك فيه أن الناموس ليس خطية، حاشا!

 “فَمَاذَا إِذًا؟ أَنُخْطِئُ لأَنَّنَا لَسْنَا تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ؟ حَاشَا!” (رومية ٦: ١٥). هنا يحمل لفظ “حاشا” نفس المعنى، أنخطئ لأننا تحت النعمة حاشا! اي استحالة، لا يوجد احتمالية ولو بسيطة لهذا.

 ” ١٥ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا!” (١ كورنثوس ٦: ١٥).

 “حاشا” هنا كلمة حادة وثقيلة، نتيجة لإدراكي أن أعضائي صارت أعضاء المسيح، فمِن المستحيل أن يتمكَّن مني إبليس. وتختلف كلمة “حاشا” عن التي جاءت عندما انتهرَ بطرس الرب يسوع في مسمع من التلاميذ؛ “فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلاً: «حَاشَاكَ يَارَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!»” (متى ١٦: ٢٢).

 لفظ “حاشا” هنا أقل في حِدته من اللفظ الذي ذَكَره بولس في كورنثوس. فهنا تُعنِي هوِّنْ على نفسك، أو لا تَقُل هذا عن نفسك. كان بطرس بهذا اللفظ يريد أن يُثير شفقة الرب على ذاته ورثائه لحاله وأنْ يجعله يُفكِّر في ذاته وليس في الآخر، لهذا السبب وقفَ له الرب يسوع بصرامة. وبالطبع لم يُؤخَذ الرب في هذه الشبكة!

  • قاومه فيهرب منك:

 هناك من يخاف من الأرواح الشريرة رغم عِلمه بسُلطانه عليهم، بحُجة أنه فتحَ ثغرةً لإبليس، ماذا عن عمل الروح القدس؟! كيف أغلبُ وإلى النهاية، كيف أسلكُ في انتصار على هذا الكائن؟

 تحدَّثَ الرب يسوع عن ما تعمله الأرواح الشريرة، فَمِن صفاتها أنها تُدمِّر الشخص، تُدمِّر جسده وأفكاره وكل شيء، ما تعتقد إنه عصبية حدثت في المنزل أو حتى النزاع الشديد بين الأطفال هذه تكون أرواحًا شريرة هجمت على المكان، أو قد تكون هذه فترة مثلما يقول الكتاب تركوه إلى حين ثم عادوا، فذهبوا يقومون ببعض الشغب ثم عادوا.

 إن دخلتْ الأرواح الشريرة البيت ووجدته فارِغًا وغير مُحصَّن، وقتها ستبدأ في العمل، فمثلاً تأتي بفكرة شريرة تجعل الكل يعبث من الكل وحالة هياج بين الأسرة، إبليس هو المُدمِّر. للتعامُل مع هذا الكائن، أول شيء تحتاج أن تعرف مَن أنت في المسيح، تحتاج أيضًا أن تعرف ما الذي فعله يسوع تجاهك وتجاه هذا الكائن. لتعرف أكثر عن هذا الأمر ارجعْ إلى تعليم “قوة اسم يسوع والسُلطان“.

 إبليس هو عدوٌ مهزومٌ يسعى إلى أن يُسحِر لك؛ السحر ليس أن يعمل أحد حجابًا أو ما شابه فقط، بل هو إغواء وسَحْب الشخص. ما العلاج إذًا؟ أن تسلُك بروحك وليس أن تهرب منه.

 عندما تهرب منه سيزداد هذا الكذب، وعندما تحاول أن تعرف معلومات عنه بصورة غير كتابية، لن تتوصَّل للحق مثلما يفعل بعض الأشخاص في حالات إخراج الأرواح الشريرة حيث يسأل الشخص الروح الشرير: “كيف دخلت؟ ماذا حدث؟… وهكذا” دون قيادة الروح القدس.

 لا تأخذْ معلوماتك من كائِن كاذِب، فبالطبع لن تحصُل على معلومات سليمة، نعم يوجد حالة وحيدة تكلَّمَ فيها الرب يسوع إلى الروح الشرير وهي حالة مجنون كورة الجدريين، حيث سأله: “ما اسمك”، وأخذَ منه جوابًا بغرض، لكن في الطبيعي كان يُخرِسهم ويُخرِجهم بكلمة.

 تعلَّمْ أن تضع حدودًا لإبليس في حياتك؛ “وَالَّذِي تُسَامِحُونَهُ بِشَيْءٍ فَأَنَا أَيْضًا. لأَنِّي أَنَا مَا سَامَحْتُ بِهِ ­ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَامَحْتُ بِشَيْءٍ ­ فَمِنْ أَجْلِكُمْ بِحَضْرَةِ الْمَسِيحِ، ١١ لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ. ١٢ وَلكِنْ لَمَّا جِئْتُ إِلَى تَرُوَاسَ، لأَجْلِ إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَانْفَتَحَ لِي بَابٌ فِي الرَّبِّ، ١٣ لَمْ تَكُنْ لِي رَاحَةٌ فِي رُوحِي، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ تِيطُسَ أَخِي. لكِنْ وَدَّعْتُهُمْ فَخَرَجْتُ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ. ١٤ وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ” (٢ كورنثوس ٢: ١٠-١٤).

 “١١ يَطْمَعَ” أي يستغل الفرصة ويتفوَّق علينا، أو يصل إلينا. كان بولس يطلب من أهل كورنثوس قبل هذا الشاهد أن يُمكِّنوا المحبة للشخص الذي هو على الأغلب زاني كورنثوس؛ “مَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ” (٢ كورنثوس ٢: ٨).

 زاني كورنثوس هذا، هو شخصٌ كان يزني مع زوجة أبيه، فسلَّمه بولس إلى الشيطان، فبعدما عانى في الحياة بالأمراض والشقاء عادَ إلى الكنيسة تائِبًا، فأمرهم بولس بقبوله ومحبته، وإلَّا سيطمع فيهم الشيطان أي يجد مكانًا يدخُل منه إليهم.

 كيف يطمع فينا الشيطان؟! في حالتهم كان عدم غفرانهم وقبولهم، وبالنسبة لنا هو عدم السلوك بالكلمة بشكل عام، سواء غفران أو أي شيء آخر. فلفظ يطمع لفظ انتهازي، فإبليس يريد أن ينتهز الفرصة ويقتحم، إن وجدَ بابًا مفتوحًا فسيدخل بدون ذوق أو أذن.

 “١١ لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ”؛ هذا الكلام لن تسمعه في العهد القديم بل الجديد فقط، هذا بسبب ما صنعه يسوع، مبارك اسمه! كيف تسلك بانتصار؟ سلوكك بالكلمة يغلق الباب في وجه إبليس! ويجعلك منقادًا بالروح القدس بمنتهى السهولة.

 ما يصنعه إبليس في حياة الشخص، مُعتمِدًا على ما أعطاه الشخص من مساحة له، فإبليس لن يقدر أن يتحرَّك خارج الدائرة التي سُمِحَ له بها، وعلى الأغلب لا يفعل الشخص هذا بشكل عمدي أو بدرايَّة.

 “٢٦ اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، ٢٧ وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا.” (أفسس ٤: ٢٦، ٢٧).

 لا يتحدَّث هنا الشاهد عن الشخص الغاضِب أو المُغتاظ بالمعنى المُتداوَل، لكن “الغيظ” المذكور هنا يُعني حماسًا وغيرةً للرب، فهو يريد قول: “ثُوروا على حياتكم الروحية، ولا تُخطِئوا بإن تَغرُب الشمس على هذا الغيظ، كيلا تعطوا إبليس مكانًا”.

 غروب الشمس عند اليهود هو بداية ليوم جديد، لأن اليوم عندهم يبدأ من الليل، بحسب ما قاله الرب وهو يُعيد خَلْق الأرض: “وكان مساءٌ وكان صباحٌ” فالمساء جاء أولاً.

 أيضًا بما أن الكتاب يقول: “لا تُعطوا إبليس مكانًا”، إذًا يوجد مستوى فيه لا يوجد مكانٌ في حياتك لإبليس قط. فالطبيعي عندما تسلك بالكلمة أن تتعامل بصورة فيها سيادة، لكن في بعض الأحيان يتطلَّب منك الأمر أن تنتهر الروح الشرير، وأوقات أخرى أنت تَعْلم أن الملائكة التي تعمل لأجلك، هي تتعامل معه.

 “فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.” (يعقوب ٤: ٧لاحظ يقول الكتاب قاوموا إبليس، الفاعِل هنا هو أنت وليس الله، فلا تُصلِّ للرب قائلاً: “أزلْ الشيطان من أمامي” هذه الصلاة غير كتابية ولن تُستجاب، لأن هذا دورك أنت وليس الله.

 ما كبرنا عليه من لغة غير كتابية وهي أنّ “الشيطان شاطر، آه من الشيطان…وهكذا”، تلك لابد أن تُستبدَل فهي تُعظِّم من إبليس وترفع شأنه. في حين أن الكتاب يقول إن قاومت إبليس، حتمًا سيهرب، ليس لديه خيارٌ آخر، فهو يظل يعمل طالما لم تقف له أو تميزُّه.

 “١٦ وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلاَةِ، أَنَّ جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا. وَكَانَتْ تُكْسِبُ مَوَالِيَهَا مَكْسَبًا كَثِيرًا بِعِرَافَتِهَا. ١٧ هذِهِ اتَّبَعَتْ بُولُسَ وَإِيَّانَا وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «هؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ الْخَلاَصِ». ١٨ وَكَانَتْ تَفْعَلُ هذَا أَيَّامًا كَثِيرَةً. فَضَجِرَ بُولُسُ وَالْتَفَتَ إِلَى الرُّوحِ وَقَالَ: «أَنَا آمُرُكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا!». فَخَرَجَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.” (أعمال الرسل ١٦: ١٦-١٨).

 هذه العرَّافة ظلَّت تتبع بولس وتنادي: هؤلاء ينادون لكم بطريق الخلاص، لكن عندما التفت بولس إليها وأدركَ الروح الشرير بداخلها انتهره فورًا.

 إن لم تَقُل لإبليس لا بصورة حادة وبسُلطان -ليس بتشكُّك وبتردُّد- سيستمر فيما يفعله. تحتاج أن تدرس عن “السلطان“. لا يمكن لإبليس ألّا يُصغي إليك، لأنه في هذه الحالة يُعرِّض نفسه لملائكتك في الحال ليقفوا ضده، لذا حتمًا، بما لا يوجد مجال للشك، أنه سيُنفِّذ ما أمرته به. لكن إن شككت فأنت بذلك تُعطيه مجالاً في حياتك مرة أخرى.

 ستقول لكن هذا الشيء لم يَحدُث له تغييرٌ، مَن أخبرك إنه لم يَحدُث تغييرٌ؟! هل العيان، أهذا لأنك تسلُك بالعيان وتأخذه كمقياس، اسلكْ بإيمان. تحتاج أن تصلي بألسنة بكثافة للأمر، ليس ضدّ إبليس، لكن لكي تكون روحك في شَحْن واشتعال دائِم. أيضًا سيكشف الروح القدس لروحك أمورًا في الصلاة بألسنة.

 تحدَّثنا عن دائرة النفس والجسد وربما يبدو الأمر في البداية حربًا كي تُسيطِر عليهما، لكن بمرور الوقت يصبح الأمر سهلاً للغاية. ثم تحدَّثنا عن إبليس هذا الكائن المهزوم، فقط لا تُعطيه مكانًا، قاومه فيهرب فزعًا منك.

 سأُكمل المرة القادمة عن الظروف وكيف تُغيِّرها وتُطوِّعها، وكيف تُخرِج القوة من داخلك وتستخدمها، ثم سنتحدَّث عن الآخرين، كيف تتعامل معهم وكيف تخطف نفوسًا من الجحيم، لكن الآن سأشرح قليلاً عن الصلاة بألسنة لأهميتها الشديدة في كل الزوايا.

  • ما الذي يُمكِن للألسنة أن تصنعه؟!

كيف تنتصر؟ هناك سلاحٌ هامٌّ جدًا عليك به وهو الصلاة بألسنة. تقوم الصلاة بألسنة ببناء روحك الإنسانية، وتجعلك تُدرِك حضور الله، شرط أن تكون بإيمان وحماس.

 تمسَّك بهذه الأسرار، وإن كنت في البداية لا تشعُر بحماس، ضَع أنت مشاعرك عن عمد، أخْضِعْ أفكارك، افعلها بإيمان وثقة، لتُحبه بكل قلبك وفِكْرك وقوتك، مثل السيارة في بداية طلوعها لمطلع، تحتاج أن تدوس بنزين بأقصى قوة، هكذا أخْرِجْ ألسنتك، دُس على المشاعر وأطلقْ ألسنتك بكل قوة.

 لا تسمح أن يُطعَن عليك داخليًا من إبليس، فيَقول لك: “أنت لا تُصلي بقلبك، أنت غير حقيقي، أنت تُمثِّل، أنت تدَّعي ما لست عليه، أنت لست كذلك”. لا تقبل هذه الأفكار، تعاملْ معها بإيمان شَرِس، تذكَّرْ أن تتمسَّك بالحياة الأبدية داخلك، تمسك بهذه الحقيقة أنّ داخلك حياة الله، لا تسمح بالطعن عليك.

 هناك من يعتقد أن كونه يُصارِع ويُجاهد في الصلاة إذًا هو يتصنَّعها وليست حقيقية، هذا كذب! بل على النقيض هذا أكبر دليل أن صلاتك منبعها روحك مئة بالمئة، أن تكون مشاعرك غير مُتحرِّكة وغير مُداعَبة، هذا يدُل على أن ما تفعله فأنت تصنعه بشكل عمدي إرادي، هذا صحيح، لا تُصدِّق تشخيص إبليس.

 هنا بولس كان يريد تنظيم كنيسة كورنثوس، فكانت الكنيسة تجتمع ويُصلون بألسنة دون ترجمة ثم يمشون! فلم يَكُن هناك تعليم، بالتالي حدثَ تشويش وفوضى، فابتدأ بولس يُعطِي تعليمًا عن الألسنة والتنبؤ.

 “تَتَنَبَّأُوا”؛ التنبؤ هو التَكلُّم عبر المسحة تحت تأثير الروح القدس، فالتنبؤ يُعنِي أن تُخاطب الآخر بلغة مفهومة له، إما لغة الشعب أو ألسنة وترجمة معًا.

 لذا أخبرهم بولس أن وقت التعليم هو للتعليم، هذا ليس وقتًا للصلاة بألسنة، وإن كان هناك ألسنة ينبغي أن يكون هناك ترجمة كي تنال الكنيسة بنيانًا، هذا ما قاله بولس في كورنثوس “إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، وَلكِنْ بِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا. لأَنَّ مَنْ يَتَنَبَّأُ أَعْظَمُ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ، إِلاَّ إِذَا تَرْجَمَ، حَتَّى تَنَالَ الْكَنِيسَةُ بُنْيَانًا” (١ كورنثوس ١٤: ٥).

 يوجد نوعان من الألسنة؛ هناك ألسنة شخصية للفرد ويوجد موهبة الألسنة والتي تُستخدَم في الكنيسة وينبغي أن يكون معها ترجمة بغرض التعليم. بمعنى آخر الألسنة التي يصحبها ترجمة تساوي تنبؤًا، وبشكل عام من المُمكن أن يتمّ أخذ وقت للصلاة بألسنة شخصية في الكنيسة دون ترجمة ولكن هذا بعيد عن وقت التعليم ويكون بينك وبين الله طالما لم يَكُن هناك مُترجِم.

  ٢٠ وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، ٢١ وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّة”. (يهوذا ١: ٢٠، ٢١)

 هنا يقول ابنوا إيمانكم الأقدس أي أقصى مراحل الإيمان، عن طريق الصلاة بالروح، هذه أحد مزايا الصلاة بالروح، حيث تقوم ببناء إيمانك، وتحفظك أي تحميك من أمور أنت حتى لا تعرف عنها شيئًا. ربما تتساءل لكن الآية لا تُوضِّح هذا؟ لأن هذه قاعدة في اللغة اليونانية وهذا هو مُختصَرُ الشرح، ارجعْ إلى النص في اللغات الأصلية وستفهمها.

 هناك سؤال يتكرَّر كثيرًا وهو؛ لِما نؤكد على أهمية الرجوع لليوناني والعبري؟ الإجابة مشروحة باستفاضة في حلقة الراديو “أسئلة مُتكرِّرة ١” يمكنك الاطلاع عليها. لكن مَن قال لك من الأساس أنّ الكتاب المقدس نفسه لا يُؤكِّد على أهمية اللغة؟

 يقول الكتاب: “وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكًا عَلَيْهَا، اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «أَبَدُّونَ»، وَلَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ اسْمُ «أَبُولِّيُّونَ». (رؤيا ٩: ١١) إذًا يوضِّح الكتاب نفسه فارِق اللغة بين اليوناني والعبري، وإن كان الكتاب يوضح هذا إذًا علينا نحن أيضًا أن نُميِّز بين اللغات ونفهم أصول اللغة.

 الصلاة بألسنة مُخصَّصة ومُصمَّمة كي تَخرُج خارج محدودية ذهنك البشري، وتبدأ تغوص في المعرفة الإلهية غير المحدودة، ولا يوجد ما يُسمَى بشَّن حرب روحية على إبليس بالألسنة، هذا غير كتابي، الصلاة بألسنة ليست مُوجَّهة لإبليس.

 “لأَنَّ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ لاَ يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلِ اللهَ، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَسْمَعُ، وَلكِنَّهُ بِالرُّوحِ يَتَكَلَّمُ بِأَسْرَارٍ” (١ كورنثوس ١٤: ٢).

 “يَسْمَعُ”: أي يفهم في الروح. “إِنِّي أُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ”؛ لم يَنقُد بولس التكلُّم بألسنة بل على العكس، قال إني أريد أن جميعكم (جميعكم وليس بعضكم) تتكلَّمون بألسنة.

 عندما تصلي بألسنة، تُشحَن روحك وتنال معرفةً وإدراكًا واستنارةً وفَهْمًا، لكن الآخر لن يستفيد إلا إذا تُرجِم، وحتى أنت لن تفهم شيئًا بذهنك لأن هذا هو غرضها أن تتخطَّى حدود عقلك وتجعل روحك تنطلق وتُبنَى.

 لن يُفارِقك الروح القدس بل يُفهِمك ما تُعنيه الألسنة حتى إن لم يَكُن هناك ترجمة فورية. لكن عندما نتحدث عن الكنيسة، سيأتي الناس في معاد مُحدَّد وينصرفون في معاد مُحدَّد، لذا ينبغي أن يفهموا في الحال حتى ينالوا بنيانًا.

 “٧ اَلأَشْيَاءُ الْعَادِمَةُ النُّفُوسِ الَّتِي تُعْطِي صَوْتًا: مِزْمَارٌ أَوْ قِيثَارَةٌ، مَعَ ذلِكَ إِنْ لَمْ تُعْطِ فَرْقًا لِلنَّغَمَاتِ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا زُمِّرَ أَوْ مَا عُزِفَ بِهِ؟ ٨ فَإِنَّهُ إِنْ أَعْطَى الْبُوقُ أَيْضًا صَوْتًا غَيْرَ وَاضِحٍ، فَمَنْ يَتَهَيَّأُ لِلْقِتَالِ؟ ٩ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تُعْطُوا بِاللِّسَانِ كَلاَمًا يُفْهَمُ، فَكَيْفَ يُعْرَفُ مَا تُكُلِّمَ بِهِ؟ فَإِنَّكُمْ تَكُونُونَ تَتَكَلَّمُونَ فِي الْهَوَاءِ!” (١ كورنثوس ١٤: ٧-٩).

 “٧ اَلأَشْيَاءُ الْعَادِمَةُ النُّفُوسِ الَّتِي تُعْطِي صَوْتًا”؛ عادمة النفوس أي ليست حية.

 لدى اليهود الأبواق لها معاني فقد ذُكِرَ كثيرًا عنها في سِفْر العدد، فضَرْب بوق واحد يختلف عن بوقين، وكل طريقة في التبويق تُعنِي شيئًا. فمثلاً إن كان هناك حربٌ لن يتحرَّك الأشخاص ليُخبروا الشعب كل واحد على حِدى، لكن سيضربون بوقًا بطريقة مُعيَّنة فيعرف الجميع أنه وقت الحرب.

 أيضًا عندما أخبرَ بطرس الرب يسوع أنه يضع حياته عنه، فأخبره يسوع قبل أن يصيح الديك ستُنكرني. هنا على الأغلب لا يتكلَّم الرب يسوع عن الدِّيك الحرفي، لكن صياح الديك هذا أحد الأبواق لدى اليهود، أي قبل الساعة الرابعة أو الخامسة فجرًا؛ “أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَتَضَعُ نَفْسَكَ عَنِّي؟ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ حَتَّى تُنْكِرَنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.” (يوحنا ١٣: ٣٨).

 مِثل البوق الذي يُحفِّز الشخص ليقوم بفِعْل شيءٍ ما، هكذا الألسنة تُحفزِّك داخليًا وتجعل داخلك حالة تهيؤ واستعداد، حالة من القيام لأن من يتكلَّم بلسان يبني نفسه؛ “مَنْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ يَبْنِي نَفْسَهُ” (١ كورنثوس ١٤: ٤).

 “يَبْنِي”: أي يشحن ويُحفِّز ويُجرِّأ ذاته، هذا ما تفعله الصلاة بألسنة، لاحظ! لم يَقُل الكتاب من يصلي بلسان ويترجم؛ لأن روحك لا تحتاج إلى ترجمة، فهي تفهم ما أنت تُصليه.

 تجعلك الصلاة بألسنة تتعامل في المواقف بمعرفة وإدراك ونبوّة وعِلْم وفَهْم، هذه أحد الأسرار التي جعلت بولس يصل لهذا المستوى من الإدراك، إنه كان يُصلي بألسنة بغزارة؛ “أَشْكُرُ إِلهِي أَنِّي أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِكُمْ” (١ كورنثوس ١٤: ١٨).

 أيضًا هذا الإدراك الذي يَحدُث في روحك سيَخرُج فيما بعد على ذهنك في هيئة فِكْرة أو كلمة، ستظهر هذه المعرفة التي خزَّنتها بالألسنة في روحك وتُفاجَأ عندما تظهر في المواقف سواء في صورة حكمة للتَصرُّف، أو في تذكُّرك لآيةٍ ما في وقت احتياجها، أو إدراك لشاهد كتابي مُعين يصنع تأثيرًا في حياتك، هذا الإدراك نتيجة صلاتك بألسنة.

 لهذا يجب أن تتهيأ داخليًا بالألسنة لتكون مشحونًا بالفعل عند مواجهة المواقف، ولا تتفاجأ بل تكون جاهِزًا لأي وضع.

 الصلاة بألسنة هي أكثر الطُرق الفعَّالة لتغلب وتتقدم! إن مررت بوقت تجد نفسك لا تفهم ماذا يَحدُث في هذا الوقت، صلِّ بألسنة، فالكتاب يقول: “لأَنْ مَنْ مِنَ النَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ الإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ الإِنْسَانِ الَّذِي فِيهِ؟ هكَذَا أَيْضًا أُمُورُ اللهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ اللهِ.” (١ كورنثوس ٢: ١١).

 سيكشف لك الروح ماذا يجري، فلا تقلق بل توقَّعْ إنارته لك. فقد يكون موقف ما مَرَّ على ذهنك، فيبدأ الروح القدس بأن يُخبِرك احذر، تيقظ من هذا الأمر أو افعلْ هذا وهكذا. تعلَّمْ أن تستمع لتوجيهاته.

 “وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ.” (١ كورنثوس ١٣: ١٠).

 أَعلَمُ أنّ هذا النص يُسبِّب تحيُّرًا لدى البعض، لاعتقادهم أن هذا النص يُعنِي انتهاء الألسنة، لكن عندما يَذكُر الكتاب لفظ “الْكَامِلُ” هنا فهو لا يتحدَّث عن اكتمال الوحي كما يُفسِّرها البعض، لكنه يتكلَّم عن اكتمال أو نضوج الكنيسة واختطافها، بالتالي لم تُبطَل الألسنة بعد لكنها قائمة حتى الآن.

 

  • اعبدْ الرب بروحك:

 بينما نعبد الرب، انطلِقْ في الصلاة بألسنة، لا تنتظر ترنيمة مُعيَّنة أو موسيقى ما توافق مشاعرك وتداعبها. أَعلَمُ أن هذا ما أعتادَ عليه البعض حيث ينتظرون موسيقى مُعيَّنة وإن لم تَحدُث لا يتحفَّزوا أو يشتعلوا، لا هذا ليست عبادة بالروح. الآن الاشتعال والتحفيز يأتي من روحك نتيجة كلمات ممسوحة تُعنيها، هذه هي العبادة بالروح وليس انتظار موسيقى ما.

 ربما تعتقد أنّ الترنيمة التي تستلذ لها مشاعرك وتستمتع بها هذه هي الترانيم الروحية والآخر لا، لكن هذا غير صحيح، لكن إن نظرت إلى معاني الكلمات وتمعَّنت بها بإدراك روحي ستجد نفسك تشتعل حتى دون موسيقى.

 منذ سنوات عديدة كنت أخدم في التسبيح، وقد تعلَّمتُ الموسيقى على يد أخي الأكبر، كما عُلِّمت كيف تخرج الموسيقى بلا نشاذ أو أخطاء بدقة، فكنت وقتها أشمئز من أي موسيقى غير دقيقة. ففي وقت من الأوقات كنت أخدم في إحدى القرى البسيطة جدًا، فعندما دخلت وجدت اللحن ضائعًا تمامًا ولم تكُن قواعد الموسيقى مُطبَّقة مُطلقًا ورغم هذا وجدتُ الجميع مُشتعِلاً ويعبدون الرب بكل قلوبهم.

 في هذا الوقت علَّمني الروح القدس هذا قائلاً: ضَعْ الموسيقى جانبًا واعبدْ بروحك، لا يهم مدى جودة وجمال الموسيقى لا يهم هل اللحن دقيقٌ أم لا، لا تضع قلبك هنا لكن تأمَّلْ الكلمات واعبدْ بقلبك، وحتى إن كانت هناك كلمات غير دقيقة، لتفلترها لكن لا تنظر نظرةً ناقدةً، بل انظرْ بحُب للرب ولهؤلاء النفوس. تدرَّبْ أن تعبد من روحك.

 اعلمْ أن اشتعالك غير مُرتبِط بوجود أناس أو عدم وجودهم، هذا ما قاله بولس، سواء في غيابي أو في حضوري كونوا ثابِتين؛ “فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ.” (فيلبي ١: ٢٧).

 حافظْ على اشتعالك، كُنْ مُرتبِطًا بالأشخاص الصحيحة لكن لا تربط اشتعالك بهم. نعم بسبب تألُّم عضو فباقي الأعضاء تتألَّم لكن هذا ليس معناه أن تضيع روحيًا، أو تقع وتقوم لتَذبذُب الآخرين.

 يريدك الرب أن تحيا في انتصار وإلى النهاية، انتصار غير عاديّ بل هائل، يظهر هذا الانتصار عندما تُسيطِر على مشاعرك وحواسّك، ولا تضحِ باشتعالك تحت أي مُسمَى! فتركك لاشتعالك هذا ما يُعطي إبليس مكانًا!

 لا تغرب الشمس على غضبك أي ثُرْ على حياتك الروحية، وبهذا لن تُعطي لإبليس مكانًا. يُمكنك التعامُل مع إبليس هذا الكائن المهزوم بكل بسهولة، الأمر ليس بذراعك البشري لكنه يأتي بالإدراك. تذكَّرْ المُتحمِّس المُشتعِل لا يعطي لإبليس مكانًا، فقط البسْ الجديد.

 

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$
Hide picture