توهو بوهو
حلقة 2
برنامج من البداية للنهاية

لسماع الحلقة على الساوند كلاود أضغط هنا
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة)
الحلقة الثانية: توهو بوهو
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
- مفهوم “توهو وبوهو”: الخراب والدمار لا المادة الأولية.
- الفجوة الزمنية بين الخلق الأول وإعادة التجديد.
- دهور سابقة قبل وجود الإنسان.
- نشاط الله ومحبته قبل خلق الإنسان.
- لماذا خلق الله الإنسان؟
- شركاء الطبيعة الإلهية: القصد النهائي.
- استعدادات الله لمجيء الإنسان.
- لماذا لم يوقف الله السقوط؟
“توهو وبوهو” هما كلمتان عبريتان ذُكرتا في (تكوين 1: 2. وتصفان حالة الأرض بأنها كانت “خربة وخالية”.
مفهوم “توهو وبوهو”: الخراب والدمار لا المادة الأولية:
- الله لا يخلق خرابًا أو فراغًا:
في المرة السابقة، تكلمنا عن أن الرب صنع كل شيء حسن وجميل. ففي سفر التكوين الإصحاح الأول، يُذكر سبع مرات أن الرب “رأى أن ذلك حسن”، وهو ما يساوي “صالح”، لأن طبيعة الله هي الصلاح، وكل ما يصدر عنه هو صلاح. ولكننا نتفاجأ بالتعبير الغريب “وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَة.” تكوين 1: 2.. لماذا ذُكر هذا التعبير؟ وهل يمكن للرب أن يصنع شيئًا خربًا وخاليًا؟
- توضيح المعنى الكتابي للكلمتين “توهو وبوهو“
بعضهم قال إن “خربة وخالية” تعني المادة الأولية التي صنع منها الرب الأرض، كأنها كانت مجرد مادة خام. لكن انتبه جيدًا، الأمر ليس كذلك عندما نتتبع استخدام هذه الكلمات في الكتاب المقدس.
- “توهو” تعني الخراب لا البطلان:
عندما ذُكرت كلمتا “توهو وبوهو” في مواضع أخرى من الكتاب المقدس، فقد حملتا معاني الخراب والدمار، لا المادة الأولية. فمثلًا يقول الرب: “لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ، هُوَ اللهُ مُصَوِّرُ الأَرْضِ وَصَانِعُهَا، هُوَ قَدْ ثَبَّتَهَا. لَمْ يَخْلُقْهَا بَاطِلاً. لِلسَّكَنِ صَوَّرَهَا. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ” إشعياء 45: 18.
كلمة “باطلاً” هنا هي نفسها توهو (tohu). العبرية، أي “لم يخلقها توهو”، “لم يخلقها خربة”. إذًا، الرب لم يخلق الأرض في الأساس لتكون خربانة.
- “بوهو” تعني الخلاء والدمار:
وإذا ذهبنا إلى إشعياء 34: 11، سنقرأ اللفظ الثاني الذي يقابل “بوهو” أو “خالية”. هناك، كان الرب يتكلم بنبوة عن أدوم، ويقول: “وَيَمُدُّ عَلَيْهَا خَيْطَ الْخَرَابِ وَمَطْمَارَ الْخَلاَءِ“.”الخلاء” هنا هو أيضًا بوهو (bohu). العبرية، والتي تساوي “خالية” في (تكوين 1: 2. كان هذا الحديث بقضاء على أدوم.
- “خربة وخالية”: تعبير عن الدمار الكامل
إذًا، تعبير “خربة وخالية” يحمل معنى الخراب، والتدمير، وبقايا شيء تدمر لدرجة أن أشلاءه هي فقط التي بقيت. بل في (إرميا 4: 23. نجد اللفظين مذكورين معًا: “نَظَرْتُ إِلَى الأَرْضِ وَإِذَا هِيَ خَرِبَةٌ وَخَالِيَةٌ، وَإِلَى السَّمَاوَاتِ فَلاَ نُورَ لَهَا.”
هذا يثبت أن (تكوين 1: 2 يتحدث عن حالة خراب ودمار حقيقي.
الفجوة الزمنية بين الخلق الأول وإعادة التجديد:
- مسافة زمنية بين تكوين 1: 1 و تكوين 1: 2.
- هذه الشواهد تثبت أن هناك مسافة زمنية بين تكوين 1: 1 و تكوين 1: 2. عندما نقرأ الإصحاح، قد نشعر وكأنه يسرد قصة متتالية، كأن الرب بدأ بخلق الأرض وهي خربة، ثم خلق النور وهكذا. لكن افهم هذا جيدًا؛ كانت هناك فجوة زمنية، وحقبة زمنية كبيرة!
- الأرض لم تخلق “باطلاً” (توهو):
“فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ“ تكوين 1: 1.
“وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ” تكوين 1: 2.
نحن نشعر وكأنه يكمل في نفس السياق، ولكن الحقيقة ليست كذلك. الدليل هو أن الرب لم يخلق الأرض خربة وخالية، حسب (إشعياء 45: 18 الذي يقول: “لَمْ يَخْلُقْهَا بَاطِلاً لِلسَّكَنِ صَوَّرَهَا” إذًا، لابد أن شيئًا حدث طارئًا على الأرض أوصلها إلى مرحلة الخراب والدمار هذه.
- حرف الواو في “وكانت” يدل على حدث مستقل:
أيضًا، حرف الواو الذي يربط بين تكوين 1: 1 و تكوين 1: 2. في “وَكَانَتِ الأَرْضُ” ذُكر حوالي 153 مرة في الكتاب المقدس، وفي كل مرة كان يفصل بين حوالي 102 حدث مستقل. فإذاً، حرف الواو هنا يفصل حدثًا مستقلًا، ويشير إلى حدث جديد لم يكن موجودًا.
- فعل “كانت” يعني “أصبحت” أو “صارت“
والأهم، أن فعل “كانت” في العبرية ليس من فعل “يكون”، بل هو من فعل “يصبح” أو “يصير”. فالترجمة الأصح هي “وَصَارَتِ الأَرْضُ“ أو “وَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ.” هذا يؤكد وجود فجوة زمنية في هذا الجزء.
- وجود المياه قبل بدء الخلق الجديد:
نتفاجأ أيضًا بشيء غريب: إذا كان الله سيبدأ الخلق من جديد، فكيف نكتشف في) تكوين 1: 2-3( أنه كانت هناك مياه؟ من أين جاءت هذه المياه؟ يقول النص“وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ“ الغمر هو الأعماق، أعماق المياه. فمن أين جاءت هذه المياه إذا كان الرب سيبدأ عملية الخلق للتو؟
- “توهو وبوهو” ألفاظ قضائية وإعادة خلق:
تتبعنا لألفاظ توهو وبوهو في الأماكن التي ذُكرت فيها يكشف لنا أنها ألفاظ قضائية. فالحقيقة أن الرب خلق الأرض رائعة وجميلة، ولكن حدثت حادثة لم تُذكر في سفر التكوين. ثم تغاضى الكتاب عن هذه الفترة الزمنية، وانتقل مباشرة إلى (تكوين 1: 2.
- تكوين 1: 2 يتحدث عن إعادة الخلق لا الخليقة الأولى:
إذًا، (تكوين 1: 2. لا يتحدث عن الخليقة الأصلية، بل عن إعادة الخلق، أو إعادة تجديد الخليقة. لم يكن الرب يبدأ شيئًا جديدًا تمامًا، بل كان يعيد تجديد الخليقة التي دُمرت.
- “املأوا الأرض” إعادة ملء:
هناك دليل آخر: عندما قال الرب لآدم في أول كلماته للإنسان في (تكوين 1: 28 “أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَاخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدُبُّ عَلَى الأَرْضِ.” كلمة “املأوا” في الأصل الإنجليزي هي “replenish”، والتي تعني “أعد ملء” أو “أعد تجديد”. يا آدم، أعد ملء الأرض!
وهذا هو نفس اللفظ الذي قيل لنوح بعد أن خربت الأرض بالطوفان (قضاء الله).. الرب كرر نفس اللفظ لنوح وأولاده في (تكوين 9: 1 “وَبَارَكَ اللهُ نُوحًا وَبَنِيهِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ.” هناك فرق كبير بين أن أقول لشخص “املأ” كأنه سيبدأ الملء، وبين أن أقول له “أعد الملء”، فهذا يعني أن شيئًا كان ممتلئًا، ثم فرغ أو خرب، وهو الآن سيكمل ويعيد ملء هذا الشيء.
- وجود إبليس دليل على خليقة سابقة:
إذًا، تتبعنا للألفاظ يكشف أن الرب لم يخلق الأرض خربة. لقد خُلقت جميلة “للسكن”، ولكن حادثة ما وقعت. وعندما نكتشف في (تكوين 3. أن إبليس كان موجودًا، ندرك أنه كانت هناك خليقة موجودة أصلًا قبلنا، قبل البشر!
دهور سابقة قبل وجود الإنسان:
- حقب زمنية سابقة قبل البشر:
نعم، هذا حقيقي! كانت هناك خليقة قبلنا. ولكن لا تظن أنهم كانوا بشرًا مثلنا. بل نحن “القطفة الأولى” أو الأوائل في الخليقة البشرية. عندما نتتبع كتابات الرسول بولس، نجده يتكلم عن حقب زمنية. تكلم عن “الدهر الحاضر” الذي نعيش فيه، قائلًا: “أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غِنًى غَيْرِ مُتَيَقَّنٍ، بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ” (تيموثاوس الأولى 6: 17).
ثم تكلم في مكان آخر“فَهذِهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا حَدَثَتْ لَهُمْ عِبْرَةً وَكُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا نَحْنُ الَّذِينَ انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ” كورنثوس الأولى 10: 11. هذا يعني أننا نعيش في الأواخر، مما يدل على وجود دهور سابقة قبلنا، تكلم أيضًا عن “وَذَاقُوا كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ الدَّهْرِ الآتِي“ عبرانيين 6: 5، مما يعني أن هناك دهرًا آخر قادمًا بعدنا.
- الدهر: سياسة الله في التعامل مع الأرض:
هذا يعني أنه قبل وجود الإنسان، كانت هناك حقبة زمنية كانت فيها خليقة لم يكن فيها الإنسان كإنسان، بل خليقة أخرى. ما هو الدهر؟ الدهر هو حقبة زمنية تمثل سياسة الله في التعامل مع الأرض. هذه الفترة بين تكوين 1: 1تكوين 1: 2 لم يخبرنا الكتاب المقدس عن مدتها بالضبط، لكنها كانت موجودة.
- فجوة زمنية تفسر الحفريات القديمة:
هذا يفسر لنا لماذا وُجدت حفريات ترجع لملايين السنين، بينما عمر الإنسان على الأرض لا يتجاوز 6000 سنة تقريبًا. الحقيقة هي أن خليقة كانت موجودة في هذه الفترة، وبفعل فاعل، دخلنا فجأة في (تكوين 1: 2. ووجدنا أن الخليقة الجميلة التي كانت “حسنة” قد دمرت. والرب قال لآدم: “يا آدم، أعد بناء الأرض، أعد ملء الأرض” لتعود إلى حالتها الأولى التي خلقتها عليها.
نشاط الله ومحبته قبل خلق الإنسان:
- الله لم يكن في حالة ملل أو فراغ:
ربما تتساءل: إذا كان هناك دهور قبل الإنسان، فماذا كان الرب يفعل في تلك الفترة؟ هل كان مسترخيًا وفجأة قرر أن يخلق شيئًا؟ افهم جيدًا هذا السؤال العميق الذي يشغل أذهان الكثيرين. بسبب محدودية أذهاننا، فنحن مقيدون بالمكان والزمان والمادة (الزمكان والمادة).، يصعب علينا تخيل ذلك. كأنني أصف طعم الدجاج لشخص لم يتذوقه قط، أو أصف الألوان لواحد أعمى؛ إنه مستحيل.
- الله فوق الزمان والمكان والمادة:
عندما نتكلم فيما هو روحي، فيما يتخطى الزمن والمكان والمادة المحسوسة، تصعب أذهاننا عن استيعاب ذلك. فنحن نتكلم عن الله الذي هو فوق الزمن والمكان، هو الذي صنع الزمن والمكان في البدء، وهو الذي خلق المادة “السماوات والأرض”. فمن الصعب على الأذهان أن تحصر فكرة “ماذا كان الله يفعل؟”. لم يكن الله في حالة ملل أو زهق، هو لا يعرف الملل أو الزهق.
- محبة الأقانيم الإلهية ومخططات أزلية:
الحقيقة هي أن الله كان يعمل، ومن ضمن ما كان يعمله هو المحبة القائمة بين أقانيم الله: الآب والابن والروح القدس. الاشتراك والارتباط بين هذه الأقانيم. الله كان محبًا ومعطاءً. يسوع قال “وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ، بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ” يوحنا 17: 5.
إذا سألت: ماذا كان الله يفعل في الأبدية؟ أقول لك: كان الله في علاقة حب بين أقانيمه، ولم يكن في حالة ملل أو زهق. هو لا يعرف الملل أو الزهق. مثلما نقول في الرياضيات “مالا نهاية”، ونحن لا نستطيع استيعاب كل الأرقام التي بداخلها، هكذا عندما نحكي عن الله. داود وصف حضور الله في “تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ“ (مزمور 16: 11).
تخيل هذا الإله! في علاقته بنفسه، أمره مليء بالشبع والفرح، لا ينقصه شيء، ولا يوجد ملل، فالمحبة لا تمل. هذا ما كان الله يفعله ويخطط له.
قبل أن يتكون العالم، كان كل أقنوم يمجد الآخر. “أَيُّهَا الآبُ، أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ” يوحنا 17: 24.
فقبل إنشاء العالم، كانت هناك محبة، ترابط، وعلاقة أزلية بين الآب والابن والروح القدس. وكانت هناك مخططات أزلية رسمها الله. كأن الآب والابن والروح القدس اجتمعوا وخططوا للمشروع العظيم الذي سنكتشفه الآن: ماذا كان المقصود بأن يأتي الإنسان إلى الأرض؟
لماذا خلق الله الإنسان؟ قصد الله الأسمى للإنسان:
- ليس للمعاناة، بل لإعطاء الحياة الإلهية:
الآن، وبعد أن فهمنا أن الله كان يعمل ولديه خطط أزلية، لماذا خلق الإنسان؟ لماذا هذه المرة فكر في خلق الإنسان بعد أن لم يكن موجودًا من قبل؟
بعض الناس لديهم فكر خاطئ بأن الله خلق الإنسان ليعاني في الأرض، يمر بمصاعب، ثم يُحاسبه. وأن هذه الفترة هي فترة اختبار ليرى هل ينجح أم يسقط. ولكن انتبه! هذا ليس غرض الله إطلاقًا. فكما أن الأب والأم البشريين عندما يقررون الإنجاب، لا يفكرون في أن ابنهم سيعاني وسيعاقبونه على كل شيء، فكيف يكون قصد الله هكذا؟
الله كان لديه قصد أسمى، ذكرناه سريعًا من قبل: لأنه محب، أراد أن يُظهر الروعة وكل الصلاح الذي في داخله لكائن على صورته. ليس هذا فقط، بل قصد أن هذا الكائن، في يوم من الأيام، سيعطيه نفس حياته: نفس حياة الله!
- الإنسان كان مشروع الله العظيم:
منذ الأزل، كان هذا أحد الأمور التي كان الله يعملها ويخطط لها: سأخلق الزمان، سأخلق المكان، وسأجلب كائنًا – الإنسان – وهذا هو مشروعه العظيم. وهذا يرد على من يتخيل: “لو أخطأ الإنسان، لماذا الله لم يتخلص منه ويأت بغيره؟ ما الذي سيخسره الله؟” وكأن الإنسان مجرد لعبة!
ولكننا عندما نكتشف ما فعله الله لاسترداد الإنسان، نفهم قيمة الإنسان لدى الله؛ إنه شيء عظيم جدًا. كيف تقول إن الإنسان مجرد لعبة يمكن التخلص منها واستبدالها؟ أنت لا تعلم قيمة الإنسان لدى الله.
- التجسد كان سيحدث حتى لو لم تكن هناك خطية:
الله كان يخطط من الأزل أنه سيعطي حياته لكائن سيخلقه، وهو الإنسان. سيعطيه نفس نوعية حياته، لدرجة أنه – وهذا قد يكون صادمًا للكثيرين – كان التجسد سيحدث حتى لو لم تكن هناك خطية!
نعم، هذا حقيقي! نحن نظن أن الله يتفاجأ بالأحداث، وفجأة حدثت الخطية، فقال: “ماذا نفعل؟” وبدأ يبحث في دفاتره: “ماذا أفعل الآن؟” أو يسأل الملائكة: “ساعدوني! مشكلة حدثت تحت، كيف نتصرف؟”
الحقيقة هي أن الله لا يتحرك أبدًا كرد فعل؛ هو فاعل طول الوقت. فكرة أن يتجسد ويأتي للإنسان كانت جزءًا من ذات الله منذ الأزل.
- مسكن الله مع الناس: الغرض النهائي:
اكتشفنا هذا من (رؤيا 21: 3.، الذي يصف الصورة النهائية لحال الكون، حال السماء والأرض: “وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا.”
الغرض النهائي هو: “هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ.” كيف سيسكن الله معنا؟ لابد أن يصبح بشريًا مثلنا.
- هدف يسوع: لتكون لهم حياة:
الرب يسوع نفسه أوضح غرض إرساليته “السَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ” يوحنا 10: 10.
إذاً، إذا سألت: ما هو غرض وجود يسوع على الأرض طبقًا لهذه الآية؟ “لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ.”
في الحقيقة، ونحن نكمل حديثنا، سنكتشف أن الخلاص والفداء، هذا الأمر العظيم الذي نركز عليه كثيرًا، ليس هو الغرض النهائي.
- الخلاص وسيلة لا غاية:
نعم، إنه مجرد الوسيلة لنصل إلى الوجهة التي يريدنا الله أن نصل إليها من البداية: أن نأخذ الحياة الخاصة به. فإذا سألت: لماذا خلصت؟ لماذا فداني يسوع؟ لماذا حدث الصليب؟
لقد عرفنا ونحن صغار أن يسوع جاء ليخلصنا من خطايانا ولنذهب معه إلى السماء. ولكن هناك ما هو أعمق من ذلك. إذا تخيلنا هذا الإله الرائع والعظيم جدًا، فمن المستحيل أن تكون مخططاته بهذا القدر الضيق: أن الإنسان يخلص بشق الأنفس، ويعيش يعاني مع الخطية، ويصارع في خطاياه، ويعاني مع ظروف الحياة، ومع نفسه في صراعات داخلية، وينتهي به الحال “بصعوبة بالغة” إلى السماء. وكأن الله ليس ندًا ظروف الحياة والعالم، فالحل النهائي سيكون هناك في السماء وليس هنا على الأرض!
- قصد الله الأبدي: مشاركة حياته وطبيعته:
لا! هناك مخطط أكبر لدى الله، ومنذ الأزل كان يخطط له: أن هذا الإنسان نفسه يأخذ نفس نوعية الحياة الخاصة به.
فمثلًا، يقول بولس: “كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ.” أفسس 1: 4.
إذًا، ماذا كان الله يفعل قبل تأسيس العالم؟ كان يفكر فينا! يفكر أننا سنوجد في يسوع، وسنأخذ هذه الحياة.
- وعود الله الأزلية بالحياة الأبدية:
سأقرأ لك بعض الآيات التي توضح ذلك، لو سأل أحدهم: “ما الدليل أن الله خطط من الأزل لإعطاء الإنسان حياته؟”
“بُولُسُ، عَبْدُ اللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي اللهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى، عَلَى رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، الَّتِي وَعَدَ بِهَا اللهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ الْكَذِبِ، قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ، بِالْكِرَازَةِ الَّتِي اؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ اللهِ مُخَلِّصِنَا.” تيطس 1: 1-3.
أريدك أن تركز على مقطعين في هذه الآية: “رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ“ والمقطع الثاني: “قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ“.
إذاً، ماذا كان الله يفعل قبل أن يبدأ الزمن؟ ماذا كان يفعل منذ الأزل؟ كان يفكر في أن يعطينا الحياة الأبدية.
- “رجاء الحياة الأبدية”: طموح البشرية:
ما معنى “رجاء الحياة الأبدية“؟ إنها الحياة التي كانت الناس كلها ترجوها وتطمح إليها. حتى الآن، إذا بحثت على الإنترنت، ستجد أن العلماء يبحثون عن كيفية صنع عقار أو مادة معينة تمنحهم الخلود.
مرة، سُئل يسوع من قبل يهودي كان لديه فهم لهذا الأمر: “يَا مُعَلِّمُ صَالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟“ متى 19: 16.
إذاً، كان لديهم نور! الكل يبحث عن هذه الحياة، عن هذه النوعية من الحياة. الكل اتهزم من الظروف، من المشاكل، من الموت، من الخطية. يبحث الناس عن شيء أعلى يجعلهم يعيشون بمستوى أعلى في الحياة. هذا هو ما قصده الله. وهذا ما يقوله بولس: الحياة الأبدية التي كانت يومًا “رجاء” لدى الناس، والتي وعد بها الله منذ “قبل الأزمنة الأزلية”.
- “نعمة الحياة” المعطاة في المسيح يسوع:
“بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، لأَجْلِ وَعْدِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى تِيمُوثَاوُسَ الابْنِ الْحَبِيبِ. نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. … فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ“ (تيموثاوس الثانية 1: 1-10).
نفس التعبير الذي في رسالة تيطس، هو نفس الرسالة التي أرسلها لتيموثاوس. “الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ”. إذاً، من الأزل والله يخطط أن يعطي هذه الحياة، هذا الوعد، للإنسان.
- يسوع أبطل الموت وأنار الحياة والخلود:
ثم يقول“وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِالإِنْجِيلِ.”
هللويا! مبارك اسمه! لم يكن معنى “أنار الحياة” أن الحياة كانت مطفأة فأنارها، بل “أخرجها للنور”، أي أظهر الحياة. هذا ما قاله يوحنا “فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.” يوحنا الأولى 1: 2.
الشيء الذي كانت الناس تطمح إليه وتبحث عنه، وما زالت حتى الآن، قد كُشف الآن. عندما يلجأ الناس إلى أشياء خارقة للطبيعة مثل السحر أو الممارسات الروحية، فهم يبحثون عن هذه الحياة، لأن أرواحنا مصنوعة على صورة الله، فنحن نطمح لما هو أبعد من مجرد الحواس وأبعد من مجرد شكلنا المادي.
- شركاء الطبيعة الإلهية: القصد النهائي:
بطرس الرسول أكد نفس الكلام “كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ” (بطرس الثانية 1: 3-4).
“المواعيد العظمى والثمينة“ هي ما قاله بولس: “أنا موجود لأجل وعد الحياة”. الوعد الذي وُعد به منذ الأزل!
لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ! هذا هو قصد الله أن يعطي الإنسان نفس نوعية حياته، نفس نسخته، ولن يعطيه نسخة أقل.
- ما هي “الحياة الأبدية” التي يتكلم عنها الكتاب؟
الآن، دعنا نتعمق أكثر بالمجهر في هذه الحياة. ما هي هذه “الحياة” التي يتحدث عنها الرسول بولس، وبطرس، والرب يسوع نفسه عندما قال: “أنا أريد أن أرث الحياة الأبدية”؟ دعني أوضح لك أكثر عن هذه الحياة. دائمًا ما كنا نفهم أن “الحياة الأبدية” تعني أن نعيش مع الله إلى الأبد، وهذا طموح الجميع. ولكننا الآن نكتشف أن “الحياة الأبدية” هي في الحقيقة نوع خاص من الحياة.
فهم “حياة الله” (Zoe) في الكتاب المقدس
- الأمم متجنبون عن حياة الله”
هذه الحقيقة ذُكرت بوضوح في (أفسس 4: 18.، عندما تحدث بولس عن الأمم بأنهم: “مُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ، بِسَبَبِ قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ.” هم بعيدون كل البعد عن “حياة الله”.
- ثلاثة ألفاظ للحياة في اليونانية:
في اليونانية، عندما يُذكر لفظ “حياة”، فإنه يأتي بثلاثة ألفاظ مختلفة:
* بايوس (Βίος/Bios): تُطلق على حياة النبات أو الحياة الطبيعية، وهي الكلمة التي اشتق منها مصطلح “بيولوجيا” (Biology).، وتشير إلى شيء حيوي فيه حركة ونشاط.
* بسيخيه (Ψυχή/Psyche): تُطلق على حياة الإنسان التي يعيشها على الأرض (نفس الإنسان).
* زوي (Ζωή/Zoe): وهذا هو اللفظ الذي نركز عليه. إنه اللفظ الذي يُقال عن الله، ويصف “الحياة الأبدية”.
“زوي” تعني نفس نوعية ونفس طبيعة حياة الله ذاته. كأنني أقول لك: الحيوانات لها حياة معينة. وحياة الإنسان أعلى من حياة الحيوان. تخيل لو أن إنسانًا تحول إلى حيوان ويريد أن يعيش مثلهم؛ لقد تدنى في مستوى حياته. تخيل ما هو أعلى من حياة الإنسان: الله نفسه، مصدر الحياة!
إذًا، “زوي” هي نفس حياة الله. تخيّل كيف يحيي الله! كيف يفكر؟ ماذا يحب؟ هل تواجهه مشكلة؟ هل يتعب؟ هل يواجه صعوبات فيكتئب ويحزن؟ لا! هذه هي نفس نوعية الحياة التي قرر الرب أن يمنحها للإنسان عندما يقبل يسوع المسيح. هذا هو معنى كلمة “الحياة الأبدية”.
- الأبدية: وصف للدوام لا للنوعية فقط:
“الأبدية” هي وصف لهذه الحياة، وليست هي ذات الحياة. البعض يظن أنها تعني فقط أنها “بلا نهاية”. نعم، هي كذلك؛ لا نهاية لها. هي لن تنتهي، لن تزول، لن تضمحل، وليست مثل النبات الذي يموت، أو الجسد الذي يتحلل. هذه الحياة لن تتوقف، بل هي تعمل وموجودة دائمًا.
- الحياة الأبدية تبدأ الآن:
وهي ليست حياة سنحصل عليها “عندما نذهب إلى السماء” فقط. لا تظن ذلك! هي تبدأ معنا الآن!
في الوقت الذي يقبل فيه شخص يسوع المسيح، يستلم هذه الحياة بداخله، في روحه، حتى وإن لم يظهر شيء خارجي على جسده على الفور.
يوحنا الرسول قال “وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.” يوحنا الأولى 5: 11-12.
لاحظ جيدًا: “الله أعطانا”؛ لم يقل “سيعطينا” أو “عندما نذهب إلى السماء بإذن الله، هناك سنحصل على هذه الحياة”. بل قال: “الله أعطانا حياة أبدية في ابنه. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ.” هللويا!
عندما يقبل الشخص يسوع، في تلك اللحظة يأخذ نفس نوعية حياة الله. تخيّل كيف يحيا الله، وكيف يتصرف. لقد أُعطي لنا أن نعيش بنفس نوعية حياته، التي هي “حياة الله”. إنها ليست وصفًا لحياة سنأخذها هناك؛ بل هي تُستلم هنا وتكتمل وتستمر عندما نكون معه في الأبدية.
- الخلاص وسيلة، لا غاية:
إذًا، الغرض الأساسي من مجيء الرب وتجسده، ومن الفكر الإلهي قبل تأسيس العالم، هو أن يعطينا “الطباع الإلهية”، وأن يمنحنا هذه الحياة “الزوي”. هذا حقيقي!
تخيل أنك ذاهب إلى وجهة معينة، مثل السفر من القاهرة إلى الإسكندرية. الوجهة هي الإسكندرية. أنت تركب حافلة (أوتوبيس)، فالحافلة ليست هي الموضوع، بل هي مجرد وسيلة توصلك إلى وجهتك.
تذكر جيدًا: الخلاص ليس هو الغرض النهائي. هذا لا يقلل أبدًا من قيمة الخلاص، بل الخلاص هو الوسيلة التي تأخذنا لنستمتع بهذه الحياة، لنتذوق هذه الحياة التي كانت موجودة في يسوع.
- يسوع مثال حي للحياة الإلهية:
يسوع أرانا مثالًا حيًا لهذه الحياة عندما كان على الأرض.“لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ“ يوحنا 5: 26.
إذا أردت أن ترى هذه الحياة مجسدة، تلمسها، ترى كيف تتصرف، فانظر إلى يسوع. لقد عاش بطلاً على الأرض، لم يُهزم قط. لقد كان “سوبرمان” حقًا! هذه هي الحياة التي قرر الرب أن يعطيها للإنسان، ولا يريده أن يعيش أقل من هذه الحياة.
استعدادات الله لمجيء الإنسان: من الأزل إلى التجسد:
- المخططات الإلهية قبل تأسيس العالم:
أنا أشجع كل من يستمع أن يبحث عن مقال “غرض الله للإنسان: شراكة”؛ ستجدون شرحًا مستفيضًا هناك. لقد كنا نحكي عن الأزل، وماذا كان يحدث فيه. ما هي المخططات الإلهية في قلب الله تجاه الإنسان. هذا أساسي، لأنه عندما نكتشف ذلك، ندرك أن ما حدث على الأرض (من سقوط وشر) كان نتيجة وليس مشيئة الله.
- الله يجهز البيت للعروس:
إذا كان هذا الإله يقصد أن يعطي حياته للإنسان، فهو كأي شخص ينوي الزواج، قبل أن يحضر عروسه، يحتاج أن يجهز البيت، الشقة، ويقوم بالاستعدادات. الله كان ينوي أن يفعل ذلك، وفعلاً بدأ.
فالله بدأ بعمل استعدادات لمجيء الكائن الذي يساوي لديه كل شيء: الإنسان.
- السماوات الثلاث:
بدأ الله بتجهيز “الشقة”. أول استعداد عمله الله هو أنه خلق السماوات. في العبرية، عندما يُذكر في (تكوين 1: 1) “فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ” كلمة “السماوات” (שָׁמַיִם shamayim/) هي بصيغة المثنى.
في العهد الجديد، أخبرنا الرسول بولس بوجود ثلاث سماوات:
* السماء الأولى: تشمل الغلاف الجوي للأرض، حيث تطير الطيور والطائرات.
* السماء الثانية: خارج الغلاف الجوي، حيث توجد الشمس والنجوم.
* السماء الثالثة: حيث يوجد عرش الله، ويسميها الكتاب المقدس “سماء السماوات” كورنثوس الثانية 12: 2.
- العرش الإلهي: مكتب الله:
هذا هو ما بدأ الله يعمله في البداية. فمثلًا، يقول نحميا للرب: “أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَسَمَاءَ السَّمَاوَاتِ وَكُلَّ جُنْدِهَا، وَالأَرْضَ وَكُلَّ مَا عَلَيْهَا، وَالْبِحَارَ وَكُلَّ مَا فِيهَا. وَأَنْتَ تُحْيِيهَا كُلَّهَا. وَجُنْدُ السَّمَاءِ لَكَ يَسْجُدُ” نحميا 9: 6.
نحميا ميز بين “السماوات” و”سماء السماوات”. كان على الرب أن يكون له “مكتب”، له عرش، يمكن من خلاله – كأي شركة تفتتح فرعًا لها – أن يتم التعامل. فالرب أعد عرشه ووضعه في سماء السماوات. سفر المزامير يصفها بأنها “السماوات القديمة” لأنها أول ما تم إنشاؤه. الرب جهز مكتبه الذي من خلاله سيتعامل مع الإنسان.
- خلق الملائكة لخدمة الإنسان:
ثم جاءت حقبة أخرى. بعد تجهيز البيت، نحتاج إلى الوسائل المساعدة التي ستخدم “العروس” لاحقًا عندما تأتي. هذا لا يعني أن الإنسان هو العروس، بل هو مجرد تشبيه. من سيخدم الإنسان؟ كان لابد من خلق كائنات موجودة لتخدم الإنسان. من هم؟ الملائكة!
هذا قد يكون صادمًا للبعض، فالناس يعتبرون الملائكة في مرتبة أعلى من الإنسان. ولكن الحقيقة هي أن الملائكة موجودون ليخدموا الإنسان.
- الملائكة أرواح خادمة:
فهمنا هذا من (عبرانيين 1: 14. الذي يقول عن الملائكة: “أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ؟“
“أليس جميعهم”؟ نعم، كلهم! وظيفتهم هي “الخدمة”. في البداية، كانوا لخدمة الإنسان، على أساس أن السيناريو الإلهي لم يكن يتضمن السقوط. الله لم يرسم أن هذا سيحدث. الله أراد أن يعطي حياته للإنسان منذ البداية، حتى لو لم تكن هناك خطية، كان يسوع سيتجسد ويهب هذه الحياة، والناس ستقبلها باختيارها.
إذًا، المخطط الثاني بعد أن صمم الرب سماء السماوات (مكان عرشه ومكتبه الإلهي) هو: سنأتي بمن يعين الإنسان ويساعده في خدمته، وهم الملائكة.
- فرح الملائكة بخلق الأرض:
نقرأ هذا في (أيوب 38: 7 ، الذي يحكي عن الخليقة عندما بدأ الرب يخلق الأرض والسماء، فيقول: “عِنْدَمَا تَرَنَّمَتْ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ مَعًا، وَهَتَفَ جَمِيعُ بَنِي اللهِ.”
تذكّر“بنو الله” هنا هم الملائكة كما في أيوب 1: 6.، و”كواكب الصبح” تعبير عن الملائكة أيضًا. هذا يعني أن الملائكة كانت موجودة قبل خلق الأرض، في الدهور السابقة.
وفي هذا المشهد، عندما خُلقت الأرض، ماذا كان رد فعل الملائكة؟ كانوا “يهيصون”! كانوا يرون الله وهم منبهرون بما يفعله. لقد خُلقت سماء السماوات، ثم خلق الرب الملائكة، وكانوا يتدربون، فهم موجودون ليخدموا الإنسان لاحقًا.
عندما بدأ الرب يخلق الأرض، كانوا منبهرين بما يفعله الرب، وفي استعداد لاستقبال الأرض للإنسان الذي خُلقوا هم أصلًا لخدمته، كأرواح خادمة.
- هتاف وصيحات فرح الملائكة:
يقول النص: “عِنْدَمَا تَرَنَّمَتْ كَوَاكِبُ الصُّبْحِ مَعًا، وَهَتَفَ جَمِيعُ بَنِي اللهِ.” كان هناك هتاف وصيحات! الملائكة ليسوا صامتين كما يتخيل البعض، هذه فكرة ثقافية من الأفلام!
البعض يفسر (إشعياء 6: 3 بأنهم يقولون “قدوس، قدوس، قدوس” كأنها نغمة محفوظة. ولكن لا! الملائكة لهم إرادة حرة، وكلما ينبهرون بهذا الإله لأنهم يرون مجده وروعته، فإنهم يهللون: “بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ، أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفَلُ مَلاَئِكَةٍ.” عبرانيين 12: 22.
“ربوات” تعني عشرات الآلاف، “محفل ملائكة” تعني “حفل” إنهم يرون حقيقة الله، محبة الله للإنسان، ويرون الأرض وهي تُخلق.
- الإنسان أعلى من الملائكة
أعلم أن البعض قد يتساءل: “كيف تقول إن الإنسان أعلى من الملائكة، بينما يقول: “وَتَنْقُصَهُ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ“ (مزمور 8: 5).
الحقيقة هي أن النص الأصلي العبري لهذه الآية يقول“وَنَقَصْتَهُ قَلِيلًا عَنْ إِلُوهِيمَ (אֱלֹהִים) “ وليس عن “الملائكة”. ملاحظة مهمة: إذا راجعت المراجع الكتابية (الشواهد).، ستجد أن الكلمة هي “إلوهيم” وليس “الملائكة”.
الإنسان كان هو الثاني بعد الله، أُعطيت له السيادة ليكون ملكًا على الأرض ويسود عليها. الملائكة هم أنفسهم من ينظرون إلى هذا المشهد ويتساءلون: “من هو الإنسان الذي فعلت معه هذا؟”
لماذا لم يوقف الله السقوط؟ قيمة الإنسان لدى الله:
- الله يُحب كل ما يخرج منه:
ربما يدور في ذهنك سؤال: إذا كان الله لا يتفاجأ ويعرف كل شيء مسبقًا، فلماذا لم يعالج موضوع السقوط؟ لماذا لم يبدِ الإنسان والملائكة وينتهي الأمر؟ لماذا استمر الله في هذا المشوار؟
الله استمر لأنه يُحب كل شيء يخرج منه. الله لا يفشل مع أي شيء يحدث، حتى لو علم أن الإنسان سيختار بحرية إرادته.
- حرية الاختيار: هبة إلهية:
كم كان أسهل على الله أن يسلب هذه الحرية من الإنسان ويجعله “روبوتًا” يفعل ما يريده. الناس ما زالت تتخيل الملائكة كذلك؛ كأنهم روبوتات. ولكن لا! الله لأنه يعطي من ذاته، ولأنه هو حر في إرادته، فعندما خلق الإنسان، خلقه حرًا.
صحيح أنه لم يتفاجأ لأنه يعلم كل شيء، ولكن هذا لم يكن اختياره للإنسان. هو لم يرد للإنسان أن يسلك هذا الطريق. لقد رسم للإنسان – كما قلنا “قبل الأزمنة الأزلية” – أن يعطيه “وعد الحياة”، “المواعيد العظمى والثمينة”. ولكن الإنسان أدخل نفسه في طريق خاطئ عندما تبع سيدًا آخر.
- الله لم يبيع القضية: استرداد الإنسان بالحب:
كان الله يمكن أن “يبيع القضية” ويقول: “لا يهم”. ولكن الله لم يفعل ذلك! الله استرد الإنسان لأنه يحبه، وقيمة الإنسان غالية جدًا لديه.
كما قلت قبل قليل، من يقول: “ماذا لو أزلنا الإنسان وأرحنا أنفسنا؟” أقول لك: “أنت لا تعلم قيمة الإنسان لدى الله! أنت لم تكتشفها بعد.” لو اكتشفت قيمتك لدى الله، لما سألت هذا السؤال أبدًا: “ماذا لو أزلناه من المشهد وجئنا بأناس جدد جميلين؟”
الإنسان ليس “لعبة” لدى الله.
- الإنسان يساوي الله نفسه:
سنرى لاحقًا، ونحن نكمل في فداء يسوع، أن الإنسان يساوي الله نفسه! تخيل عندما يقول الكتاب أننا اشترينا “بثمن” إنه ليس بفضة أو ذهب (بطرس الأولى 1: 18-19).، بل اشترينا بنفس ثمن يسوع، الذي هو الله المتجسد. الله يساوينا بنفسه!
فلو قلت “يزيل الإنسان”، فكأنني أقول بنفس اللفظ “يزيل الإله”!
- قيمة الإنسان لا تُقدر بثمن:
أنت تتخيل كم أن قيمة الإنسان لدى الرب عالية جدًا، ليس مجرد أنه أخطأ فنمحوه بالممحاة ونكمل عادي ونبحث عن آخر مكانه!
أي شيء يخرج من الله يحمل طبيعة وصفة الله، والله لا يتخلى عنه. يسوع نفسه عندما أجرى معجزة إشباع الجموع، جمع الكسر المتبقية يوحنا 6: 12. لماذا لم يتركها؟ “ما تسيبوا الكسر، ماذا ستفرق؟ لقد أكلنا ٥٠٠٠ رجل غير النساء والأولاد!”
في يوحنا قال لنا شيئًا غريبًا: “لأَنَّ كُلَّ مَا وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا” يوحنا الأولى 5: 4.
الترجمة ليست دقيقة تمامًا هنا، فهي لا تحكي عن أشخاص فقط، بل عن أي شيء يخرج من الله (كل “ما” ولد من الله).. كل ما يخرج من الله له صفة الله: أنه غالب. فالإنسان، لأنه خرج من الله، لن يُمحى وكأنه “أنت ضايقتني وأحزنتني فسأزيلك”! بالتأكيد لا!
- يسوع نزل إلى أعمق نقطة لهزيمة إبليس:
لقد رأينا الله يصل إلى أقصى نقطة، أعمق مما وصل إليه الإنسان، عندما نزل يسوع إلى ما تحت إبليس. يسوع سار كل هذا المشوار، ودخل في الزمن – هو خارج الزمن والمكان، لكنه اختار أن يحد نفسه بزمن ومكان في جسد – وصل إلى “عقر دار” إبليس.
قال يسوع مرة “حِينَمَا يَحْرُسُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَغَلَبَهُ، يَأْخُذُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ“ لوقا 11: 21-22.
يسوع دخل إلى أعمق نقطة، إلى أقذر مكان، ليهزم إبليس لأجل الإنسان! هذا هو الفداء، هذا هو الخلاص: ليرجع الإنسان مرة أخرى إلى الطريق الذي رسمه الله له. “أنا أتيت لكي تكون لهم حياة.”
الإنسان ليس رخيصًا لكي نقول: “بعه، بيع قضيته، لا يهم!” لا، الإنسان يساوي لدى الله، الإنسان يساوي الله نفسه.
البدء في الخليقة: من سماء السماوات إلى الأرض:
لقد تكلمنا في السابق عن سماء السماوات والسماء، وشرحنا لك كل هذه السماوات. ربما تتساءل الآن: ماذا بعد خلق سماء السماوات وخلق الملائكة؟ إننا نسير في تسلسل الأحداث، وما زلنا نتحدث عما قبل تكوين 1: 1.
كيف خلق الله الخليقة؟
لقد بدأ الرب في صنع خليقته الرائعة، التي تشمل الأرض، والسماء التي تضم الغلاف الجوي وما تحته، والسماء التي فوق الغلاف الجوي. كيف خلق الرب كل هذا؟ لقد خلقه عن طريق الكلام. لهذا، عندما نسمع في بعض النظريات عن صوت عظيم أو انفجار مع بداية الخليقة، فإن هذا يجد أساسه في أن الرب خلقها عن طريق كلامه.
يقول الكتاب المقدس: “بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ” عبرانيين 11: 3.
- كلمة الله هنا هي “ريما” (ῥῆμα): أي كلمة منطوقة. لقد نطق الله وتكلم. هو قال، فكان الأمر؛ أمر، فصار.
لقد خلق الرب كل السماء والأرض وما فيها – تلك الخليقة الأولى التي ذكرناها سريعًا – قبل أن تتعرض الأرض لتدمير. نحن الآن في تكوين 1: 1..
قوة كلمة الله الحافظة:
لقد خلق الرب كل شيء بكلمات فمه، فظهرت خليقة عظيمة من خلال قوة كلمات الرب. وما يحفظ كل ما في العالم حتى الآن “هُوَ (أي الابن) حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ“ عبرانيين 1: 3.
هو الذي يحفظها، هو الذي يبقيها في وضعها، لم تُدمر، ولم يحدث فيها شيء “حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ.”
لقد بدأ الله الخلق، وبدأ الوجود عن طريق كلامه، فنتج عن ذلك السماوات الرائعة والأرض الرائعة. هذا هو تكوين 1: 1.، وليس تكوين 1: 2.
من البداية، تكلم الرب. لقد جّهز الأرض والسماء، وجّهز في البداية سماء السماوات، ثم الملائكة المُعدَّة لخدمة الإنسان، ثم السماء والأرض، وكانوا مستعدين لدخول الإنسان في حقبة كانت فيها السماء والأرض رائعة والملائكة تتدرب فيها.
الخراب والدمار: ماذا حدث للأرض؟
بعد ذلك، حدث شيء لم يُذكر في سفر التكوين، وتفاجأنا في العدد الثاني من تكوين 1 أنها صارت “خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ” تكوين 1: 2. صار هناك ظلمة، وصار هناك أمر غير صحيح قد حدث في الأرض. هذا الأمر أوصلها إلى مرحلة “خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ“، ثم بدأ الرب يعيد تجديد الأرض من جديد.
شهادات على الخليقة الأولى:
هناك متحف يمكن للمرء أن يرى فيه الحفريات التي تؤكد أن الرب خلق الكون. تتأمل الحفريات وتجدها موجودة منذ ملايين السنين. هذا يؤكد نفس الكلام الذي نقوله، حتى عن الديناصورات. الديناصورات ليست موجودة الآن، لكنها كانت موجودة بالفعل في الخليقة الأولى. هذا يؤكد لنا أنه على الرغم من أن عمر الإنسان على الأرض يناهز الـ 6000 سنة، فكيف نجد حفريات يعود عمرها لملايين السنين؟ من أين أتت؟
ثم كانت هناك فترة زمنية طويلة امتلأت فيها باطن الأرض بالمعادن والبترول والوقود وغيرها. هذا يفسر لنا الآن لماذا نجد أشياء عمرها طويل جدًا وسنين مديدة، على الرغم من أن فترة وجود الإنسان على الأرض لم تتعدَّ 6000 سنة؟ لأنه كانت هناك خليقة فعلًا موجودة، لم تُذكر في تكوين 1:1.
روح الله يرف على وجه المياه: الإعداد للتجديد:
كان “رُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.” تكوين 1: 2. أي أنه كان يتأمل الصورة ويرى ويخطط. لا، سأغير، تمامًا كالمهندس الذي يذهب ويتفحص مكانًا ثم يقول: “حتى لو هُدم هذا المبنى، سأعيد بناءه مرة أخرى، وهنا سأضع البرج الفلاني وهنا المنطقة الفلانية.” كان الروح القدس يقوم بذلك: يرسم المخططات ويجهز ليُتمم الكلمات التي سينطق بها الله.
- إذن، هل حدث قضاء؟ نعم، حدث قضاء، لكن هذا القضاء أو الحقبة الزمنية الماضية كانت لسبب معين.
صدق كلمة الله: شاهد على الماضي والحاضر والمستقبل:
افهم هذا جيدًا: حياتك مبنية على ماذا؟ كلمة الله تتكلم عن الماضي والحاضر والمستقبل بصدق غير عادي.
عندما نرى نبوات عن شعوب قد تحققت، ونبوات عن المسيح قد تحققت حرفيًا وباللفظ، فهذا يدعوك لتصدق الكلمة حتى عندما تتكلم عن الماضي. هذا يجعلك تفكر أنه بالتأكيد هذا الإله الذي كتب كلمته بهذه الطريقة هو إله خارج عن الزمن، لدرجة أنه يتكلم عن الماضي بطريقة صحيحة، ويتكلم عن الحاضر بطريقة صحيحة، ويتكلم عن المستقبل أيضًا بطريقة صحيحة.
ربما أنا وأنت نعرف أن نحكي عن الماضي والحاضر، لكن من يعرف أن يحكي عن المستقبل ويحدث حرفيًا إلا إذا كان هذا الإله خارجًا عن الزمن بالأساس؟ إنه يرى المخطط الزمني أمامه، يرى الماضي والحاضر والمستقبل في نفس الوقت.
الرب قال لهم: “لِيُقَدِّمُوا وَيُخْبِرُونَا بِمَا سَيَجْرِي. اَلأَوَّلِيَّاتُ مَا هِيَ؟ أَخْبِرُوا فَنُجْعَلَ قُلُوبَنَا وَنَعْرِفَ آخِرَتَهَا، أَوِ الْآتِيَاتُ أَعْلِمُونَا بِهَا. أَخْبِرُوا بِالآتِيَاتِ بَعْدُ فَنَعْرِفَ أَنَّكُمْ آلِهَةٌ. اِفْعَلُوا خَيْرًا أَوْ شَرًّا لِنَتَحَيَّرَ وَنَنْظُرَ مَعًا” (إشعياء 41: 22-23)..
لقد كان الرب يتحدث عن الآلهة الزائفة فقال لهم: “هاتوا آلهتكم ونتكلم، أعلموني إن كنتم آلهة فقولوا لي الآتي، قولوا لي ما سيحدث في المستقبل.”
لماذا تأخر مجيء الابن بعد السقوط؟
لدينا سؤال مهم: “لماذا لم يرسل الآب السماوي الابن بعد السقوط مباشرة؟ ولماذا ترك كل هذه الفترة الزمنية دون يسوع في الأرض؟ لماذا كل هذا الفارق الزمني؟”
هذا سؤال مهم جدًا. كانت هناك فترة زمنية ضرورية لتجهيز الأرض لمجيء يسوع. لو أن يسوع جاء فجأة إلى الأرض، لكانت صدمة للناس.
لهذا، تحدث الرسول بولس عن العهد القديم قائلًا “فَأَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا، لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْكُلِّ. بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مِنْ أَبِيهِ. هَكَذَا نَحْنُ أَيْضًا، لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ، مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ”. غلاطية 4: 1-4.
كان هذا الشعب قاصرًا، غير فاهم. لو أن يسوع دخل فجأة في المشهد، لكان الناس سيُصدمون إن لم يحدث إعداد، كما لو أنه لم تحدث فترة خطوبة وتزوجوا فجأة. كان لا بد أن يحدث إعداد.
من ضمن فترة الإعداد هذه، أن الرب أوصل لهم فكرة الفداء ببساطة من بداية سفر التكوين: “يا آدم، أنت تستحق الموت يوم تأكل منها موتاً.” تستحق أن تنفصل عني وتذوق الموت الروحي، ومن ثم الموت الجسدي، ثم الموت الأبدي نهائيًا. ولكن يا آدم، هناك حيوان بريء لم يرتكب خطأك، ولكنه سيحمل خطأك. ثم يُذبح هذا الحيوان، ويُراق الدم.
بدأ هذا المشهد يتكرر كثيرًا في العهد القديم. كل مرة يخطئ شخص، يأتي بذبيحته. كان الرب يوصل لهم هذا المشهد، لا ليفكرهم في الخطية، بل ليفكرهم بكم هي الخطية مكلفة، وكم هو محب لدرجة أن هناك شخص سيرفع الخطية التي عليهم. فيأتي الشخص ويضع يده على الذبيحة ويعترف أمام الكاهن، وكأنه يقول: “أنا أستحق الذبح، أستحق أن أموت. أنا كسرت وصايا الله، ومن أخطأ في واحدة فقد صار مذنبًا في الكل.”
فكانت الخطايا تنتقل روحيًا إلى هذه الذبيحة، والله يقبلها. لكن هل حقًا الحيوان يكفي عن الإنسان؟ نحن نتحدث عن أن حياة الإنسان أسمى من حياة الحيوان. هذا كان مجرد رمز يُعد الناس حتى جاء يوحنا في يوم من الأيام وقال لهم: “هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!” يوحنا 1: 29.
أنتم كنتم تظنونها خروفًا عاديًا، حملًا عاديًا، لا، هذا هو الشخص الحقيقي الذي جاء. فكان لا بد من فترة إعداد يتجهز فيها الناس لاستقبال يسوع، ثم استقبال الحياة التي جاء بها يسوع بعد عملية الفداء. لو أن يسوع دخل فجأة في الخط، لكان نوعًا من الصدمة.
إن الثياب التي جلبها لهم الرب، من أين جلبها؟ بالتأكيد كان هناك فداء. لقد قال: “ذبح حيوان، وأخذ الفرو منه، وصنع لهم الألبسة من الجلد.” فكان هذا أول فداء لفكرة ما سيحدث لاحقًا.
خلق الله الأرض لتجهيز آدم، ثم سقط الملاك وأفسدها؟
سؤال آخر: “أالله خلق الأرض بكل تفاصيلها وتجهيزًا لآدم، وبعد ذلك لما سقط الملاك خربها. فهل هذا الكلام صحيح؟”
في البداية، الرب خلق سماء السماوات. ثم الملائكة، وكان منهم ملاك رائع مُمسَح، وكان مسؤولًا عن الأرض وما يختص بالسماويات. ثم في المرحلة التي تليها، الرب خلق الأرض. لقد جهز الله مكتبه، وجهز خدامه، وجهز البيت، أي الأرض والسماء التي نعيش فيهما الآن.
ثم حدث شيء فاصل. كانت الأرض مستعدة لقبول الإنسان، تستقبل الإنسان. فجأة، حدث شيء فاصل. سنعرف عنه باستفاضة أكبر في المرات القادمة، وبعد ذلك، جاء الإنسان.
هل الله يرسل الأوبئة للشعوب؟
سؤال آخر يقول: “كيف أستطيع أن أقنع شخصًا يؤمن أن الله هو الذي كان يرسل أوبئة للشعب أو الأفراد في العهد القديم؟ هو يستند على آيات قيل فيها حرفيًا أن الله كان يرسل أوبئة، على الرغم من أن هذا التصرف عكس طبيعة الله. هل هناك تفسير محدد لهذا الأمر؟”
هذه الأمور سنتناولها باستفاضة في مرات قادمة. ولكن، كتلميح سريع، نحتاج إلى العودة إلى أصل الآيات التي كُتب فيها: “وضرب الرب كذا” أو “الرب يصيبك بالوبأ” أو “الرب يصيبك بالعمى” أو “هل تحدث بلية في المدينة والرب لم يصنعها؟”.
- الرجوع إلى أصل الكلمات: مهم، خاصة عندما نعرف أن هناك صيغتين في العبرية يصعب ترجمتهما بشكل دقيق في بعض الأحيان.
- صيغة السماحية (Permissive): أي أن الله سمح بحدوث الشيء. الله ترك الإنسان يفعل إرادته.
- صيغة المسبّب (Causative): أي أن الله فعل هذا الأمر مباشرة. الله فعل هذا الأمر بنفسه.
مثلما قال الرب يسوع مرة: “لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا” متى 10: 34.
ثم شرح الرب يسوع ما هو السيف الذي جاء ليلقيه، فقال: “أنا جئت ليحدث انقسام.” وبعد ذلك شرح الرب يسوع وقال: “هذا الانقسام سيحدث بحيث يكون في بيت واحد ناس ستؤمن بي، فيتقلب الأب على الابن، وتتقلب الحماة على كنَّتها.”
لم يكن يسوع يأتي ليحدث انقسامًا مباشرًا، بل هذا ما كان سيحدث تلقائيًا عندما يؤمن شخص به. فدعه لوقته، سنتكلم عنها باستفاضة.
ولكن مؤقتًا، من المهم الرجوع إلى أصل الآيات التي يستند عليها الشخص، وإن كانت آيات معينة بأن الرب فعل كذا، فمن المهم أن نرجع إلى هذه الآيات ونرى كيف جاءت في العبرية، خاصة مع فهمنا وأخذنا في الاعتبار صيغة السماحية والسببية.
يعني، الإنسان قرر أن يفعل كذا، فالرب لن يمنعه، تمامًا كالابن الضال الذي قرر أن يخرج خارج البيت. أبوه يعرف أنه سيتعب خارج البيت، وبالتأكيد حذره كثيرًا. ولكن لأنه يحبه وترك له حرية الاختيار، سمح له بأن يخرج. ففي بعض الآيات، تأتي بصيغة السماحية.
صلاة من أجلك:
أيها الصديق، إذا كنت قد استمتعت بهذا الشرح، ولم تقابل بعد رب يسوع المسيح كشخصي لحياتك، وتتمنى أن تستمتع بالحياة الأبدية التي هي طبيعة وحياة الله نفسه، فأدعوك أن تصلي هذه الصلاة معي الآن:
“ربي وإلهي، أيها الآب السماوي، آتي إليك باسم يسوع المسيح. أنا أُسلمك حياتي، وأُعلنك ملكًا وسيدًا على حياتي. أنت قلت: “مَنْ يَأْتِ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا.” أنا آتي إليك، وأسلمك حياتي، وأُعلنك ملكًا وسيدًا على حياتي. أنا أشكرك لأنني صرت فردًا من هذه العائلة. أنا أقبل الطبيعة الإلهية هذه في حياتي. “أشكرك!”
إذا قبلت وصليت هذه الصلاة، فأنت قد قابلت يسوع المخلص شخصيًا لحياتك.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
ملخص: وجود الإنسان من البداية للنهاية:
- “توهو وبوهو” (خربة وخالية):
- الكلمتان في تكوين ١: ٢ لا تعنيان المادة الأولية، بل حالة خراب ودمار.
- الله لم يخلق الأرض خربة “توهو”، بل “للسكن صورها” إشعياء ٤٥: ١٨.
- استخدام الكلمتين في أماكن أخرى بالكتاب المقدس (مثل إرميا ٤: ٢٣ يدل على قضاء ودمار.
- الفجوة الزمنية وإعادة الخلق:
- توجد فجوة زمنية بين الخلق الأول في تكوين ١: ١ والأرض الخربة في تكوين ١: ٢.
- الفعل “كانت” في العبرية يعني “صارت” أو “أصبحت”، مما يدل على حدوث تغيير طارئ.
- ما ورد في تكوين ١: ٢ وما بعده هو “إعادة خلق” أو “تجديد” للأرض بعد دمارها.
- الأمر لآدم “املأوا الأرض” (replenish) يعني “أعيدوا ملء الأرض”، مما يدل على أنها كانت مأهولة سابقًا.
- وجود إبليس في تكوين ٣ هو دليل على وجود خليقة سابقة للبشر.
- الدهور السابقة للإنسان:
- كانت هناك حقب زمنية “دهور” قبل خلق الإنسان، وهو ما يفسر وجود حفريات تعود لملايين السنين.
- قبل خلق الإنسان، كان الله في علاقة حب أزلية بين أقانيمه (الآب والابن والروح القدس) وكان يضع مخططات أزلية.
- قصد الله من خلق الإنسان:
- الغرض من خلق الإنسان لم يكن ليعاني أو ليمر بفترة اختبار، بل ليمنحه الله حياته وطبيعته الإلهية.
- التجسد كان سيحدث حتى لو لم يخطئ الإنسان، لأن الغاية النهائية هي “مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ” رؤيا ٢١: ٣.
- وَعَدَ الله بالحياة الأبدية “قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ” تيطس ١: ٢.
- الخلاص ليس هو الغاية النهائية، بل هو “الوسيلة” التي بها نصل إلى قصد الله الأسمى.
- الغاية هي أن نصير “شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ” (بطرس الثانية ١: ٤).
- طبيعة الحياة الأبدية (Zoe):
- “الحياة الأبدية” ليست مجرد حياة بلا نهاية، بل هي نوعية حياة الله ذاته، المُسماة في اليونانية “زوي” (Zoe)
- هذه الحياة تُعطَى للمؤمن “الآن” عند قبوله ليسوع، وليست شيئًا ينتظره في السماء فقط يوحنا الأولى ٥: ١١-١٢.
- استعدادات الله وقيمة الإنسان:
- ترتيب استعدادات الله لمجيء الإنسان كان: خلق سماء السماوات (عرشه)، ثم الملائكة، ثم الأرض.
- خُلقت الملائكة لتكون “أَرْوَاحًا خَادِمَةً” لخدمة البشر عبرانيين ١: ١٤.
- خُلق الإنسان “قَلِيلًا عَنْ إِلُوهِيمَ (الله)” وليس عن الملائكة (بحسب النص العبري لمزمور ٨: ٥).
- استمر الله في خطته بعد السقوط لأنه يحب الإنسان، الذي قيمته تساوي الله نفسه، حيث اشتُري بدم يسوع.
- أسئلة توضيحية:
- لماذا تأخر مجيء يسوع؟ كان ذلك ضروريًا لإعداد البشرية (التي كانت “قاصرة”) لفهم معنى الفداء من خلال رموز العهد القديم غلاطية ٤: ١-٤.
- هل الله يرسل الأوبئة؟ يجب التمييز في اللغة العبرية بين الصيغة “السماحية” (الله يسمح بحدوث الشيء كـنتيجة لاختيار الإنسان) والصيغة “المسبّبة” (الله هو الفاعل المباشر).
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
