كنيسة منتصرة في عالم مضطرب – الجزء 7
▪︎ ما السِرّ وراء عدم تشكُّك الكنيسة مِن الأحداث الحالية؟!
▪︎ نحن لا نجهل أفكاره.
▪︎ هناك تأثير مِن الروح القدس، لا تتجاهله.
▪︎ الحكمة البشرية وبرهان الروح القدس ووجه التضاد بينهما.
▪︎ اكتشف سمات الأزمنة الأخيرة وما يتسِم به أشخاصها.
▪︎ هناك طُرق ومبادئ تحكُم عالَم الروح، تعرَّف عليها.
▪︎ كيف تكون مُحصَّنًا رغم أنّ العالم وُضِعَ في الشرير؟
▪︎ حقيقة عدم وجود سكون أو هدوء في عالم الروح.
▪︎ إنْ لم تُحارِب بأدوات روحية ستُهزَم، ما هي تلك الأدوات؟
تَحدَّثنا سابقًا عن الإصحاح الثاني مِن سِفْر دانيال، وماذا كان يعني التمثال الذي رآه الملك، وهو ما إلّا محاولة سيطرة إبليس على الأرض عَبْر ممالكٍ، ولكن تمَّ تحطيمه بحجرٍ غير مقطوعٍ بيدٍ وهو الكنيسة ومِن ثَمّ تَحوَّل إلى جبلٍ عظيمٍ وملأ الأرض كلها، وهذا يشير إلى قوة الكنيسة وعدم انتهاءها واستمراريتها، فعندما نتكلَّم عن الكنيسة نُعني الأشخاص ولا فاصل بينهم، وهم مَن يريدهم الرب مُنتصِرين.
لا يجب أنْ تتشكّك الكنيسة بواقع الأرض، فهي تَعلَم ما سيحدث قَبْلما يكون، وشرحْتُ منذ عدة سنوات عن معاهدات السلام التي على وشك أنْ تكون وهي تحدث الآن بالفعل، حيث لم تتركنا كلمة الله لتخمين ما سيحدث، فَما أروعها!
يجب أنْ يستحي كل مَن يطعن في صحة الوحي والكتاب المقدس، حيث إنّ ما كُتِبَ فيه مِن نبواتٍ منذ أكثر مِن ألفي عامًا عمّا سيحدث في الأرض، يحدُّث الآن بالحرف، وهذا دليلٌ على أنّ مَن كتبه ليس إنسانًا بشريًا، بل روح الله القدوس الذي يحيا على مرّ العصور والأزمنة، خارج نطاق الزمن، وبالرغم مِن كثرة الكُتّاب الذين كتبوا، إلا أنهم جميعهم كانوا مُنساقين بروحٍ واحدٍ، وناهيك عن الدقة في سَرْد الأحداث المُستقبلية، التي تساعدنا على التقدُّم للأمام واثقين إلى أين نحن ذاهِبون.
▪︎ طُرُق وخُطط إبليس:
“لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ (مُخطّطاته)“. (٢ كورنثوس٢: ١١).
هذه الآية لِمَن يجهلون مخططات إبليس، التي سبق وشرح عنها الرسول بولس لهم في الإصحاحات السابقة، وعندما نتكلَّم عنها ليس تمجيدًا لإبليس بل لنفهم ما يحدُّث، حيث تأتي الهزيمة مِن عدوٍ مهزومٍ لأشخاصٍ رُسِمَ لهم الانتصار والسبب إنه غير مرئيٍ، ويصعب فهمه إلّا مِن خلال مصدر معلومات واحد، وهو الكلمة، فيُنيرنا الرسول بولس في إننا لسنا غافِلين عن أفكاره أو مُخطَّطاته واستراتيجيته.
كلمة “يطمع“ تعني: ينتهز الفرصة، مما يُوضِّح شخصية هذا الكائن إنه انتهازيٌّ، ويوجد كثير مِن المُؤمِنين مُتورِّطين معه دون عِلمٍ، لكن لنا حماية في المسيح، هللويا.
احذَّر! يوجد الآن تعليمٌ غيرُ كتابيٍ يعتبر أنْ إبليس مجرد فكرة أو وهم وليس حقيقة، إبليس كائنٌ حقيقيٌ! وكونه غير مرئي على مَرّ كل هذه السنوات لا يجعله غير حقيقيٍ، وسيُطرَح في البحيرة المُتقِدة بالنار والكبريت هو ومَن يتبعه؛ لأنهم وضعوا أنفسهم في الجيش المُضاد لله، البحيرة هي جحيمٌ حرفيٌ ونارٌ حقيقية.
سيُلقَى الناس في الجحيم ليس لسبب أعمالهم بل لأجل فساد طبيعتهم إذ لم يقبلوا عطية الله للبشرية؛ يسوع، حتى وإنْ كان عددهم كثيرًا، لابد أنّ هذا يُحرِّكك لتكرز لآخرين، وليس لتقول: “أَكُلّ هذه الأعداد ستذهب للجحيم؟! أيُعقَل هذا؟! لا، لابد إنها غير حقيقة!” هذا المكان حقيقيٌ وناره لا تُطفَأ، وظلمته لا تنهي، والأجساد وقتها ستكون لها قدرة على تَحَمُّل هذا، وبسبب معرفتك بهذه الأفكار ستعرف كيف تتعامل معه بانتصارٍ.
▪︎ هناك تأثيرٌ مِن الروح القدس، لا تتجاهله:
“وَأَنَا كُنْتُ عِنْدَكُمْ فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ كَثِيرَةٍ. وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ.” (١ كورنثوس ٢: ٣-٥).
لا يتحدَّث الرسول عن مخاوفه في هذا المقطع، بل عن هيبته للموقف الذي كان أهل كورنثوس فيه، وعن هيبته للحقائق الكتابية التي سيقولها لهم، وليس خوفًا منهم أو مِن أحداثٍ، بل رهبة داخلية، كما يوضح أنّ كلامه لم يكن مُعتمِدًا على الحكمة البشرية المُقنِعة، بل على إثبات وبرهان الروح القدس وقوته.
“بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ”؛ نفهم مِن ذلك أنّ للروح القدس تأثيرًا على الناس ليقتنعوا، وعندما نتحدَّث عن مخططات الشيطان يجب علينا أنْ نُدرك تأثير الروح القدس الأقوى على الناس في حدود ما يسمحون له به، لئلا يتولَّد لديك إيمانٌ بأنّ تأثيره أقوى مِن الرب. هذا الحق يُنير عينك على دور الروح القُدس في حياتك فهو مَن يُبرهِن الكلمة ويُثبِتها لك، وهذا مِن شأنه يُظهِر قوة الله في حياتك، إنْ تسلّحْتَ بالكلمة لا يمكن أنْ يقوى عليك إبليس.
إنْ كان هناك شخصٌ في بيتك لازال تحت إبليس يمكنك أنْ تجذبه وتُخرِجه بالتشفُّع والصلاة بالروح بكثافة له، تمتلك الكنيسة سُلطانًا ويجب ممارسته، ويوجد الآن تعاليم مُنتشِرة لا تعلِّمك رفْض المشاكل ووضْع إيمانك تجاهها لذا يبقى الحال كما هو، فقط فَكّرْ في الرب، لو كانت الأمور لتسير هكذا، فأين إذًا حرب الإيمان العنيد، ما لم تَقُل لإبليس: “قف!” لن يقف، عندما تأتي لك الأفكار ما لم تقُل لها “لا” ستستمر.
مِن الهام أنْ تعرف إنه حينما تُصلي أنت تُرسل الروح القدس على الشخص أو المكان الذي تصلي لأجله، يمكنك أنْ تكتشف هذا مِن كلام الرب مع حزقيال النبي عندما قال له: تكلم للروح أنْ يذهب إلى العظام اليابسة التي كُسِيَّت باللحم، فتكلَّم النبي إلى الروح القدس ودخل هذه الأجساد.
معنى هذا إنه عندما تتكلَّم الكلمة وتصلي بألسنة فأنت تُطلِق الروح القُدس على الشخص أو الشيء الذي تصلي لأجله، وليس كوننا تحدَّثنا عن إبليس فكأننا نعظّمه، أيضًا لا يعني هذا اعترافنا بأنّه ذكيٌّ، ولكن كما عَلّمَنا الرسول بولس أننا لا نجهل التِكنيك الشيطاني.
▪︎ الحكمة البشرية يُقابلها برهان الروح القدس:
يُؤثِّر الروح القدس بقوة على الناس مُستَخدِمًا كرازة هؤلاء الأشخاص المُعتمِدون عليه وعلى قوته وليس على حكمتهم البشرية وقدرتهم على الإقناع، فهو يُثبِت ويُبرهِن ويُحضِر التأكيد إلى روحك، فعندما تجدّ بداخلك تجاوُب وإقناع مِن الكلمة فهذا هو تأثيره في داخلك، عليك أنْ تتجاوب معه.
عندما لا تتجاوب مع الروح وتحاول أنْ تفهم كل الأمور بالمنطق البشري فأنت تُضاد عمله في حياتك، إنْ كنت حقيقيًا مع نفسك ستكتشف أنّ السبب وراء عدم اقتناعك هو معرفة خطأ سابقة مُتعقِدًا أنها صحيحة، ولم تُتيح فرصة لمعاملاته معك، نعم سيتحرَّك تجاهك مُحاوِلاً إقناعك ولكن لن يُلحّ عليك، وذلك في حالة إنْ أثبت لك الأمر ببراهين وأنت تُصِّر على ما أنت مُقتنِعٌ به.
يجب علينا أنْ نتمرّس في الإيمان، يعتمد كثير مِن المؤمنين على خبرات أشخاصٍ أخرى، مُعتقِدين أنّ هذه طريقة الرب في معاملاته معنا، لكِنّ الروح القدس يتحرّك ببرهان والذي تظهر قوته عندما تقتنع به، بمعنى آخر أنه عندما تقتنع بالحكمة البشرية الفاشلة؛ ستظهر قوتها في حياتك كما هو الحال في اقتناعك ببرهان الروح، بمعنى أنّ القوة لا تظهر إلّا عندما تقتنع بالأيدولوجية الإلهية أي طريقة التفكير.
كذلك حينما يرى أحدهم طيرًا يجد أكله بسهولة يعتقد أنْ هذا أمر طبيعي، في حين يقول الكتاب المقدس إنّ الذي يُطعِم هذه الطيور هو الله شخصيًا (متى ٦: ٢٦) وهذا يجعلك تفهم أنّ كل أمر في الحياة هو روحي، عندما تُفكر بهذه الطريقة عن الطيور؛ فأنت تسلك بحكمة الله، إنّ لم تقبلها فأنت رفضت كلام يسوع شخصيًا في هذه الزاوية، ومِن ثَمّ تجد اقتناعك بالحكمة البشرية يزداد لأنه إذ لم يتبقَ سواها، ومِن ثم تقِّل المعجزات وتُعقلِّن الأمور، فيجد إبليس مكان في حياتك.
هذا لا يعني بالضرورة أنّ إبليس هو صانع كل شيء، فسقوط هاتفك على الأرض سببه عدم حِرصك أنت وليس شُغْل إبليس، ولكن اِعلَم يقيننًا ليس مِن الطبيعي أنْ تجد مكانًا يحدُّث به حوادث مُتكرِّرة، فهذا عمل شيطاني، إذ يتربّصون في ذلك المكان وكل مَن هو عاري روحيًا، غير مُحصَّن بالكلمة يُصاب بأسهم مِنهم، إذ ليس طبيعيًّا أنْ تقود سيارتك جيدًا ويحدُّث لك أمرٌ كهذا!
▪︎ مواصفات الناس في الأزمنة الأخيرة:
“١وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، ٢ لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، ٣ بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، ٤ خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، ٥ لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ. ٦ فَإِنَّهُ مِنْ هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ، وَيَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا، مُنْسَاقَاتٍ بِشَهَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. ٧ يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَبَدًا.” (٢ تيموثاوس ٣: ١-٧).
“وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ، اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدًّا، حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ.“ (متى٨: ٢٨).
لفظ “هائجان” هو نفسه “أزمنة صعبة” في اليوناني، ويتميّز بشراسة هيجانه، ثائِرًا جدًا، وغضوبًا بشدة. يوجد هياج أو حالة مِن الثورة، ستجدها في أشخاص. إذًا فهي تتميّز بوجود هياج سواءً في أمزجة الناس أو في الأحداث.
“يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ” أي يوافق على أي شيء ينبعث مِن الداخل (النَفْس البشرية) دون مقاومة، وهذا يشمل كل أنواع المشاعر التي تأتي له، مِثل: خوف، فرح، غضب، وهكذا. ما أخطر هذه الأعراض، هذا سبب الهياج، التَمحوُّر حول الذات.
“مُحِبِّينَ لِلْمَالِ” طماعون فتجده يبحث عن أي شيء بشري ومادي وليس فقط المال.
“مُتَعَظِّمِينَ” مُعتمِدون على الأمور الفارغة في كبريائهم.
“مستكبرين” تأتي بمعني منتفخين على حساب الآخر، وأيضًا معتادًا أنْ يدوس على الآخرين.
“مجدفين“ يتكلَّمون ويجرحون الآخرين، يتكلَّمون بافتراءات.
“غير طائعين لوالديهم” تأتي بمعنى أن يكون الشخص غير لَيّن، لا يمكن إقناعه بالرغم مِن وضوح الحقائق، احذرْ مِن أنْ يتوفّر فيك هذه الصفات، وإنْ كان الروح القدس وصفها لنا ليس لنتمعّن في السلبي ولكن لكي نأخذ حذّرنا منها، ونفهم لماذا يَحدُث الهياج.
كل هذه الصفات عباره عن سلوك بالنَفس البشرية التي هي غير مُطَوَّعة تحت الكلمة، يُمكنك أنْ تتجنّبها إن سلكت بروحك، وأعني بالنفس البشرية أي بالفطرة وبالطبيعي جسدك يتكلَّم، وأنت تحتاج أنْ توجِّهه وتسوقه بروحك، وليس أنّ بداخلك عتيقٌ.
“غير شاكرين” ليست قاصرة على عدم قول كلمة “شكرًا” للآخرين، بل تشمل أنهم لا يعترفون بالأمور الإيجابية التي تحدُّث.
“دنسين” أي مملوئين بالخطية.
“بلا حنو” لا يتحرّكون بصورة إنسانية، غير لطفاء، خَشنون في المُعاملة، قساة القلب، لا يتعاملون بصورة إنسانية، بمعنى أنهم غير مُقدِّرين لِمَن يتعامل معهم.
“بلا رضى” هذه الكلمة خطيرة جدًا وللأسف لم تُجرَّم بمعنى لم يُوعَظ ضدها فصارت صديقة للبشر، وتأتي بمعنى: لا يرضون بشيء، دائمًا كاسِرون السلام، يبحثون عن النكد، في حالة عدم ارتياح مُستمِر، غير قادِرين أنْ يُوقِفوا أذهانهم عن التفكير، لا يتفقوا بسهولة على شيء، مُعتادون على كسر أي شيء جميل في حياتهم.
“ثالبين” أي مُتّهِمِين، يتّهموا دائمًا -الله والناس- اتهامات خطيرة شيطانية ليست حقيقية، صانعي مشاكل.
“عديمي النزاهة” غير مُتحكِّمين في أنفسهم، لا يقولون “لا” للأفكار أو الحواس الخَمس.
“غير مُحبين للصلاح” ليسوا مُتَّضِعين، وتأتي أيضًا في اليوناني بمعنى شخص له شوك مُحيط به، إن اقتربت منه ستُؤذَى، ليس أليفًا في التعامُل مع الإنسان.
“خائنين” مُتسرِّعون طوال الوقت، على استعداد أنْ يُضَحوا بالآخرين، أو يضعوهم في المقدمة كي لا يُعرِّضوا أنفسهم للخَطر.
“مقتحمين” يسعون للتدخُّل في ما لا يعنيهم، يحاولون أنْ يأخذوا الصدارة والقيادة باستمرار.
“متصلفين” يفتخِرون بأمور ليس لها أساس، بمعنى إنها ليست روحية الأصل، مُحِبين لحواسهم الخمس، المُتصلِّف هذا لا يحب مطلقًا أنْ يتألّم بأنْ يُوقِف عادةً ما يحتاج إلى إيقافها، مِثل: الفيس بوك أو متابعة الأفلام مثلاً، فالإقلاع عن مِثل هذه الأمور مُؤلِّم له.
“٥ لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ”، مِثل هؤلاء يُنكِرون قوتها داخليًا، انتبه فهؤلاء أشخاص مولودون ثانيةً، ولن تجدهم يرفضون دخول الكنيسة أو الصلاة، لكن داخليًا رافضون وقاطعون الاتّصال.
مِن أعراضها أيضًا أنْ لا يكون الشخص مُستمتِعًا بالأمور الروحية، ففي الظاهر تجدهم يقولون هذه يدي الرب ولكن في داخلهم شيء آخر، يعتبرون أنّ ما حدث هو أمرٌ طبيعيٌ، فإنْ كانت المشكلة ضخمة يعتبرونها معجزة أما إن كانت بسيطة فيعتبرونها شيئًا عاديًا، مِن أكبر إلى أصغر مرض لا تستطيع كإنسان أنْ تواجِهه حتى وإنْ كان الطب قادِرًا عليه، فتجد نفس المرض المُصَنَّف بأنه بسيط أصبح ضخمًا عند آخرين، إذًا هذه أيدي الروح القدس.
احذر، إنْ كنت لا تعشَّق الجلوس أمام الكلمة، فهذه الأعراض تنطبق عليك، هذه مواصفات الأزمنة الصعبة في أقصى مراحل السلوك بالحواس الخمس، وتجد نهاية هؤلاء الأشخاص أنهم غير قادِرين على الصلاة، كثيرًا ما يُتشتَّتون ذهنيًا، لأنهم لا يستطيعون إيقاف أو السيطرة على الجسد الذي أطلقوا له العنان طوال الوقت، إذ لم يتمرَّسوا على ذلك. لا تنبعث هذه الأمور مِن داخلك، حيث لا يوجد بداخلك أي طبيعة سيئة، بل كل ما في الأمر هو عدم توجيه واخضاع للمشاعر حسب الكلمة.
“هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ”، لفظ يدخلون ليس دقيقًا، فهو يعني الشخص الذي يَتَسحَّب داخل المكان مِثل الدودة، مُستَغِلاً فرصة انخراط أشخاص في خطايا ومِن ثم يسحبهم، وهم يحبّون دائمًا طَرْح أسئلة روحية ولكن في الواقع لا يريدون التعلُّم، إنْ كنت مِن هؤلاء، فقط قُمْ بتغيير اتّجاه قلبك الآن، ارفض أنْ تكون هكذا، وانتبه إذ تكثُّر في هذه الأيام مَوجات شديدة لسَحْب الناس بهذه الأمور.
▪︎ كيف يعمل عالَم الروح؟
١) العالَم وُضِعَ في الشرير أما نحن فخرجنا مِن الله:
“٢٤ وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ، ٢٥ مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، ٢٦ فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.” (٢ تيموثاوس ٢: ٢٤-٢٦).
“مُؤَدِّبًا“ أي مُوجِّهًا ومُعلِّمًا ومُدرِّبًا ومُصحِّحًا. ويأتي لفظ “المُقاوِمين” بمعنى المُقاوِمين لأنفسهم، يوجد أشخاص تُقاوِم حياتها الروحية بنفسها. يوحي لفظ “عسى” للوهلة الأولى وكأن الأمر عسيرًا ولكن للدقة هو يعني: لكي.
“فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ“؛ كلمة إرادته في المقطع ليست عائدة على إبليس بل على إرادة الله، فأصلها هكذا: “يستفيقوا مِن فخ إبليس ويعودوا إلى إرادة الله”، ولكي تستفيق فأنت تحتاج إلى شخص يُعلِّمك وهذا يوضِّح أهمية وجودك في جسد تحت رعاية روحية.
كيف يجدّ النشاط الشيطاني مجراه في حياة الناس؟! تذكَّرْ جيدًا أنّ الروح القدس يجد مجراه في حياتك عَبْر اقتناعك بأفكاره، ولا يُحَبَّذ الكلام عن إبليس كثيرًا، لأنه بالفعل تمّ الوعظ مراتٍ عدة عنه، لكن واقِعًا نتكلَّم عن عدو مهزوم، وهو فقط يستغل عدم المعرفة لذلك يجب أن نقولها.
تحتاج أنْ تفهم أنّ عالم الروح غير مرئيٍ لكنه فعَّالٌ ويعمل، فهو مُتداخِلٌ في أبسط الأمور، منها عثور الطيور على طعامها ليس صدفةً بل هذا عمل الروح القدس في الأرض، فليس هناك شيءٌ يحدُّث حولك مِن باب الصدفة بل كل شيء وراه عالم الروح، حتى الاختراعات حدثت بسبب انقياد الشخص بالروح أنْ يفعلها.
“١٩ نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ. ٢٠ وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (حياة الله التي تتّصف بأنها أبدية).” (١ يوحنا ٥: ١٩، ٢٠).
نعلَّم أننا خارِجون ومُنبثِقون مِن الله؛ أي وُلِدنا مِنه، أما العالم كله فوُضِعَ في الشرير أي تمّ السيطرة عليه مِن إبليس، أو يقع تحت وطأته، أو دُفِنَ وصار مُنغمِسًا تحت تأثيره، ومِن هنا نَفْهم أنّ أي شيء يحدُّث في الأرض إنْ كان إيجابيًا بحسب مقاييس كلمة الله وليس طبقًا لمقاييسك عنه إنه إيجابي، فهو تدخُّل إلهي بإنقاذ لهذا الشخص أو المكان أو الشيء من أنْ تتدهوَّر بقوة الروح القدس، إذ أنّ العالم كله وُضِعَ في الشرير.
أي شيء يحدُّث في الأرض لا يوجد سوى مَصدرين في عالم الروح إما الروح القدس أو الأرواح الشريرة، لا توجد قوة أو مصدر ثالث. يوجد نباتات تنمو في الأرض تلقائيًا، هذه ما إلّا إصبع الروح، وإن نظرت لأماكن تصحّرت فذلك نتيجة أيدي شيطانية على هذه الأماكن، فالكتاب تَحدَّث عن الأرض التي تعطي قوتها إنها مِن الروح القدس (تك ١٢:٤)، وأيضًا وصول شخص صالِح في منصب ما وراءه صلاة مِن شخص بار، ربما صلى بألسنة لهذا الأمر دون أنْ يعرف وهيأ الطريق له.
♡ ما هو دورك إذًا كي تُحمَى مِن العالم الذي وضِع في الشرير؟!
- السلوك بالبصيرة الإلهية:
“وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ.” لدينا بصيرة لنعرف الحق. مجدًا للرب!
كَتَبَ الكاتب نَفْسه في الإصحاح السابع عشر مِنْ إنجيله؛ “قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلَامُكَ هُوَ حَقٌّ.“ (يوحنا ١٧: ١٧) أي اعْزلهم عن العالم مِن خلال معرفة كلمتك، إذًا طريقة العَزْل عن العالَم حتى بالرغم مِن وجودك فيه هو عن طريق “الكلمة”، وهو ذاته الذي كَتَب هذه الرسالة وقال إنّ ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحقيقة، فلا يجب أنٍ نعاني مِن العالم الذي وُضِع في الشرير لأننا خارِجون مِن الله.
“وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ” أي في الكلمة، وهذه هي الحياة الأبدية.
عندما يَذْكُر الكتاب لفظ “الحياة الأبدية” كما في شاهدنا السابق، لا يُعني به فترة زمنية سنقضيها في السماء تُسمَى الأبدية، لا، بل يُعنِي “حياة وطبيعة الله ذاته” ووصفها بأنها أبديه لأنها غير قابِلة للفناء أو الانتهاء أو التحطيم!
- تعامل بحكمة وحرص مع الظروف وعلاقاتك:
يريد إبليس إعاقة الناس وهو يسعى بالفعل لهذا، فلكي تتحرّك وتأتي اجتماع أو كنيسة هذا بسبب تأمين الملائكة عليك، وإنْ تمكَّنَ إبليس مِن تعطيلك لفِعْل هذا دون تأخير، فعندما تتحرَّك وتذهب إلى مكان عملك سواء كان قريبٌ أو بعيدٌ دون أنْ تُصاب أو تتأذَّى فهذا ليس بأمرٍ عادي لكِنّه عمل الروح القدس!
كذلك إنْ عَبرت في مشكلة ولم تُصاب بأي أمراض نتيجةً للضغوط والظروف هذه يدّ الروح القدس في حياتك، حيث يوجد مَن عَبَرَ بالأمور نفسها وأُصيب بالفعل بأمراض، أما أنت فتجد أنك عبرت منها صحيحًا دون أنْ تتأذَّى في شيء.
- افتدِ الوقت:
“مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ” (أفسس ٥: ١٦).
يوضِّح الكتاب بصفة عامة أنّ الأيام شريرة، هذا لأن العالم وُضِعَ في الشرير، ولكنه لم يخصها على المُؤمِنين ويقول إنّ أيامهم شريرة، بلا شك سنواجه صعوبات فيها، ولكنها لن تكون شريرة علينا، وهناك ضحايا لهذا النظام العالمي الشرير، إذ تَكثُّر فيه موجات السَحب، فمَن لا يكترث لحاله ويُغلق قلبه وينتقي ويُميّز ما يسمعه أهو حديث عالمي أم لا! سيُسحَب في هذه الموجه، كذلك إنْ اجتزت في موقف وفَكَّرتَ فيه بطريقة بشرية سَتؤخَذ في موجة هذا الموقف.
لا يوجد أمرٌ يَحدُّث صدفة في حياتك، فعندما أُعيق بولس عن الذهاب لمكان ما لم يعتبر هذا صدفة، بل نَسَبَه للشيطان، وطلب مِن المُؤمِنين أنْ يُصلّوا لكي يأتي لهم. (فليمون ١: ٢٢).
طلب اتّحاد مِن الجميع لأن الأمر شأن كنسي وليس مسألة شخصية، لذا لابد مِن الاتّحاد معًا. كان بولس الرسول مُؤثِّرًا للغاية، ولذلك كل مَن يُعاديه، كان يُعاديه بشدة؛ لأنه مصدر رُعب لمملكة الظلمة. كذلك انقلاب يهوذا الإسخريوطي مِن تابع ليسوع إلى عدوٍ ليس بأمرٍ طبيعي، حيث تَحمَّل الاضطهادات سابقًا كباقي التلاميذ لأجل يسوع، ويُوضِّح الكتاب لنا أنّ إبليس زَرَعَ هذا في قلبه مُستغِلاً حُبه لذاته والمال.
سيظهر الاختلاف بين الكنيسة الحية وغير الحية، وستكثُر الحرب ومحاولات الإعاقة مِن الكنيسة غير الحيّة على الحية، لذلك يجب أنْ نسلك بحرص الوقت القادم، ليس بالمعرفة السطحية فقط بل بفَهم عميق ووعي بالكلمة، بالبصيرة التي أعطاها لنا المسيح لكي نفهم وندرك الحق.
٢) لا يوجد سكون ولا ركود في عالم الروح:
لا يوجد هدوءٌ، إما صاعِدٌ أو مُنحدِرٌ، إما تكون فاعِلًا أو مفعولًا به، ولكن لخيرك أشجعك “كُنْ أنت الفاعِل”، نعم تحتاج الكنيسة أنْ تُحفَّز حيال ذلك.
“٨ اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. ٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ. ١٠ وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. ١١ لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.“ (١ بطرس ٥: ٨-١١).
يُشير لفظ “فَقَاوِمُوهُ” في الأصل اليوناني أنْ تقاومه مِن بداية هجومه، ِمن أول لحظة في حَرْبه، لا يجب أنْ تتفاهم مع هذا الكائن -إبليس-لأنه يَعدك بالهدوء في البداية ثم يخونك في النهاية، لا داعي لرثاء الذات، فكل إخوتك يعبرون بما أنت عابرٌ فيه، ولكنّ صورة التحدي فقط هي التي تختلف مِن شخص لآخر.
“يثبتكم” تعني أنْ يحفظكم مِن هذه الموجة التي يهيج بها إبليس، فتصل مع الروح القدس لمرحلة الثبات بدلاً مِن التزعزُع، ذلك عندما تقول “لا” لإبليس.
٣) يجب أنْ تُحارِب بأدوات روحية في هذه الحرب:
“ ١ ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ. ٢ وَلكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ. ٣ لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. ٤ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. ٥ هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ، ٦ وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ.“ (٢ كورنثوس ١٠: ١-٦).
“لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ“: يُوحي لنا لفظ “حرب” أنها معركةً وهناك فريق ضد آخر، فشعر الناس بوجود كَرّ وفَرّ بيننا، نعم هناك محاولات مِن إبليس ليضعك في حالة مِن الهزيمة، لكن انتبه فهو كائنٌ مهزومٌ، ويحاول أنْ يتعامل معك بالمِثل وكأنه في نَفْس مقامك، لكن عليك أنْ تستمر في سيادتك عليه.
نحن في حرب سيادة، بمعنى أنكما لستما في نفس المكانة معًا، إذ إنه مهزومٌ سابقًا مِن قِبَل يسوع، وأنت مُنتصرٌ، فلفظ “مصارعتنا” يعني “سيدتنا وسيطرتنا”، ومِن ضمن معانيها أيضًا “أنْ يضع شخص ما كتف الآخر بالأرض”.
يستنكِّر بولس الرسول مِن أهل كنيسة كورنثوس؛ هل أنا في حضرتي وسطكم أبدو كخائفٍ وضعيفٍ، أما في غيابي فأتجاسر وأكون جريئًا وأرسل لكم رسائل شديدة اللهجة؟! فيطلب مِنهم أنْ لا يجترئ ويكون شديدًا عليهم عندما يذهب لهم. ثم يقول في وسط كلامه مبدأً هامًا؛ “إنْ كنا نحيا في الجسد لكننا لسنا طبقًا للجسد نحارب، وأسلحة حربنا ليست جسدية بل روحية”، مما يُعرِّفنا أنّ نوع هذه السيادة ليس بشريًّا بل روحيًّا، فماذا لو إنك جاهلٌ بهذه الأسلحة الروحية؟!
تخيَّل لو أنّ هناك مُؤمِنًا لم يُجِيد التعامل بأي قطعة مِن قِطْع هذا السلاح؟! هذا حادثٌ مع مُؤمنين كثيرين يطلبون دائمًا صلاة لأجلهم، أما هم فلا يضعون أيدهم في الموضوع، لكِنّ الرسول بولس يوضِّح أنّ الأمر يحتاج مقاومتك أنت، وليس أنْ تجعل الراعي يصلي لأجلك، لا تستثني نفسك مِن هذا الكلام، فكل شخص رُسِمَ له أنْ يكون عملاقًا روحيًا.
هناك أيضًا أشخاصٌ يحاربون بأسلحة جسدية! فالبعض منهم يخرج مِن البيت أو يبحث عن صداقات أو يشاهِد الأفلام عندما يشعر بالملل، وبذلك يتعامل مع أمور روحية بصورة جسدية، لأنّ مِن ضمن أعمال الجسد هو الملل.
عندما تكون في هذا الفخ؛ إنْ لم تستمع لكلمة الله كيف ستَخرُج منه؟! لذا، احذر أنْ يكون لديك اختيار أنْ ترفض كلمة الله حتى في وقت الأزمات أو الظروف الصعبة، فبسبب هذا اعتاد البعض على الغضب وعدم وضع خطوط حمراء في الأوقات الصعبة ورفضوا داخليًا سماع الكلمة.
تحتاج أنْ تدرس عن التقوى، فهي تَوجُّهٌ قويٌ تجاه الله، ألّا يُثنَى عزمك أو يجعلك تتراجع بسبب ما يحدث معك، تحتاج أنْ تهاب هذا الإله وحتى وإنْ لم يوجد معك أحد المؤمنين.
٤) طريقة إبليس في التعامُل إما مباشرة أو غير مباشرة:
يوجد صورة مباشرة للهجوم الشيطاني على فِكْرك، تحتاج أنْ ترفضها، وهناك أيضًا طريقة غير مباشرة.
“٢٢ فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلًا: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!» ٢٣فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا للهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ»“ (متى ١٦: ٢٢؛ ٢٣).
يُمكِن أنْ يتكلَّم الرب وإبليس على فَمْ ذات الشخص، وهذا واضِحٌ جدًا في موقف بطرس هذا، إذ كان للتو قد نال إعلانًا بقوة الروح القدس؛ “أنّ المسيح هو الله” ثم لم يَمضِ كثيرًا حتى تكلَّم إبليس على فمه، لأنه كان مُهتَمًا جدًا برأي الناس عنه.
أيضًا كان يخشى زوال كل ما يتمتَّع به مِن مزايا تبعيّة الرب في هذا الوقت. تلك الدوافع الخفية التي كشفها الرب لبطرس مَكَّنت إبليس أنْ ينطق على فمه، وحاول أنْ يُعيق الرب، لذا واجهه الرب بصرامة، لا تعتقد أنّ الرب كان شديدًا أكثر مِن اللازم معه، فأحيانًا يحتاج الشخص لتوجِيه مِثل هذا مِمَن يرعاه روحيًا.
ليس شرطًا أنّ مَن قال بعض النبوات صحيحة، أن كل كلامه صحيحًا فَمِن الوارد أنْ يُخطِئ في أشياء أخرى، ويجب أنْ تُعَلِّم أطفالك أنّ إبليس قد يتكلَّم على لسان أشخاص، لكن أحرصْ على الجهة الأخرى ألّا يكرهوهم، فقط أنْ يأخذوا حذرهم منهم، ونبههم أنّ مَن يطلب منه “لا تُخبِر والدك بهذا” هم أشخاص سيئون يريدون أذيتهم، وأنْ يجعلوهم مُنحصِرين داخل أنفسهم.
ويجب أنْ تقضي وقتًا كافيًا مع ابنك كي تَضُخ الكلمة بداخله، إنْ كان قلبك لينًّا ومُتضِعًا أمام الكلمة، وباستمرار تسعى بشغف لمعرفة الحقيقة، وتعتذر فورًا إنْ كنت مُخطِئًا، ستجد كل هذا مُنعكِسًا بقوة في أولادك. عندما يعطي المرء قيمةً لشيء ما، يصبح مَدخَلاً لإبليس، فنجد بطرس أعطى قيمة لأمر غير صحيح دَخَلَ له إبليس مِن هنا، فهو يدخُّل لك عَبْر ما تحبه.
٥) ربما يصمت إبليس لوقت، فيبدو لك أنه لا يُحارِبك ولا يُثير مشاكل في حياتك، ولكن لا تتجاهل حقيقة وجود خداع شيطاني:
“١٤ وَكَانَ يُخْرِجُ شَيْطَانًا، وَكَانَ ذلِكَ أَخْرَسَ. فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ. ١٥ وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». ١٦ وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. ١٧ فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. ١٨ فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. ١٩ فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! ٢٠ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. ٢١ حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. ٢٢ وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. ٢٣ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. ٢٤ مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. ٢٥ فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ٢٦ ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!” (لوقا ١١: ١٤-٢٦).
وَضَّحَ لهم الرب إنْ كانوا يقولون عنه إنه ببعلزبول يُخرِج الشياطينَ فأبناءهم الذين تبعوه وأخرجوا شياطينَ يا ترى بقوة مَن فعلوا هذا؟! لذلك مَن آمنوا بالرب وآباءهم لم يأمنوا به سيقف هؤلاء الأولاد لمحاكمة والديهم في النهاية، إذًا ملكوت الله هو السيادة على الأرواح الشريرة.
شُبِّهَ إبليس في المقطع الكتابي بشخص مُتسلِّح واضِع حماية على ممتلكاته، وما هي تلك المُمتلكات؟ إنها الأفكار، فهي العُملة التي يتحرَّك بها إبليس تجاه الشخص وهي أيضًا ساحة المعركة، وسيستمر إبليس يعمل في حياة الشخص مادام يُعطيه مساحةً في أفكاره، أما متى جاء مَن هو أقوى منه الذي هو الرب يسوع، ينزع سلاحه الكامل الذي يتسلَّح به؛ أي خداعه الذي يخدع به الناس.
وسيُوزِّع غنائمه، الشيء نفسه الذي كان إبليس مُسيطِرًا عليه سيُعطَى للجِهة الأخرى، فالأفكار الشَرِسة والرغبات التي كان يقودها إبليس ستُعطَى للرب ويضع فيها الكلمة، لكن يوجد أشخاصٌ للأسف ستترك بيتها فارِغًا ومُعَدًّا، فيأتيه أرواحًا أكثر شراسةً، لأجل هذا عالَم الروح ليس به سكون.
“٢٣ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ…”؛ أي مَن لم يُؤمِن بما أقوله فهو تابع للجانب الآخر وهو إبليس، بمعنى آخر: إنْ لم تَكُن مُؤمِنًا بكلمة الله فدون أنْ تدري تقف ضد الله، إنْ كنت غير مُنحاز للفِكْر الإلهي في الموقف فأنت مع الفِكْر المُضاد، تحتاج الكنيسة أن تفهم هذا، تحتاج تَعلُّم الانحياز لفِكْر الله لئلا تقف ضد الله دون قصد.
ما هو الماء المقصود في الشاهِد المذكور في العدد الرابع والعشرين؟ هو ما يرتوي به هذا الكائن، هو يريد بيتًا؛ لأنه يرتاح عَبْر النَهْب مِن الإنسان. لم تُخلَّق الأرواح الشريرة لتسكن داخل البشر ولكن لأنه اقتحامي ويسلك بصورة غير قانونية فهو يسلك هكذا، وهي لا تتكاثر لأنها جميعها مخلوقة مباشرةً مِن الله، على عكس الإنسان.
على مرّ حياتك حافِظ على شغفك للكلمة دائمًا، لأنه يوجد محاولات لسَلبك، عندما تسمح بأفكار شريرة أنْ تأتي على ذهنك، تعطي ماءً لإبليس. تذكَّر أنّ الذي عنده اهتمام سُيعطَى ويزداد، لأجل ذلك لتعطِ اهتمامًا للكلمة وستجد المَخاوف الشيطانية تُؤخَذ منك، وإنْ أعطيت اهتمامًا لإبليس ستُؤخَذ منك كلمة الله. مالم تنحاز للرب في هذا الزمن، دون أنْ تدري ستكون في الجانب المُضاد له.
كان الرب يسوع يتحرَّك بروحه، فيذكُّر الكتاب عنه في (مرقس ٨: ١٢) أنه تنهَّد بروحه، أي عندما يتعرَّض لسؤال جدلي أو معجزة، كان ينظُر للروح القدس بداخله، وتعامل مِن روحه على الموقف، فما هو ردّ فِعلك عندما تواجه شيئًا؟ إنْ تسلَّحت بالكلمة لن يستطيع إبليس أنْ يقوى عليك. فعمل الروح القدس عليك يُخرِجك دون تأثُّر من الظروف، تدخُل وتخرُج في أمان. لا تكن ضمن الذين تظهر عليهم علامات أواخر الأيام بشراسة.
________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written، collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.