القائمة إغلاق

إيمان الإنسان الداخلي Faith of the Inner Man

تخبرنا رسالة 17:1 أن “الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله”. فالكلمة هي الوسيلة التي يستخدمها الله ليُظهر الإيمان وينميه فالكلمة أبدية وهي روح حياة، وتعد كلمة الله قوة غير عادية، وكلمته هي الإنجيل.

تقول رسالة رومية 16:1 أن الإنجيل هو “قوة الله للخلاص لكل من يؤمن”. وكلمة خلاص أو مخلص باليونانية هي الفعل “سوزو” وكما رأينا فإن هذا الفعل يعني أكثر من مجرد الولادة من فوق، فهو يعني أن “يُنجى ويحرر ويحفظ وشفي ويمتلك عقلا صحيحا. إذن فهذا هو معنى الخلاص وبالتالي ما يشتمل عليه من خلاص ونجاة وتحرير وحفظ وشفاء وامتلاك عقلا سليما، وكل هذا يأتي من الإنجيل، أي من الكلمة ففي كلمة الله قوة غير عادية لتُثمر ثمرها في حياتنا متى يحدث هذا؟” عندما نبذر بذور الكلمة في قلوبنا ونحصد الحصاد الناتج عنها.

إيمان القلب

تقول رسالة رومية 1:10 “لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص”. وكلمة “سوزو” مستخدمة هنا أيضا بمعنى آخر يأتي الخلاص والنجاه والتحرير والحفظ والشفاء والعقل والسليم نتيجة لإيمان القلب واعتراف الفم. لنلق نظرة فاحصة على المعنى الحقيقي “إيمان القلب”.

خلق الله الإنسان على صورته، فهو يقول في تك 26:1، “تعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا”. يشير الله إلى نفسه بإستخدام الضمير المتصل “نا”. هل لهذا أية معنى؟ وفقا للإنجيل، الله كائن ثلاثي، فهو أب وابن وروح قدس. وعلى مر العصور حاول الناس أن يفهموا هذا الأمر لكن لا يمكن لعقولنا أن تفهم الثالوث. على أية حال يُخبرنا الكتاب المقدس بوضوح أن الله ثلاثة وواحد في نفس الوقت. وأن كل من الأب والابن والروح القدس هو الله ومع ذلك فالله مازال واحد.

إذن كيف خلق الله إنسان؟ “كشبهنا”. لقد خلق الله الإنسان على صورته بالطبع. فقد خلقه مكونا من ثلاثة أشياء لأن الله مكون من الثالوث الأقدس. الله واحد وقد خلق الإنسان كوحدة، فالإنسان كائن ثلاثي: فهو روح ونفس وجسد.

نخبرنا الرسالة الأولى إلى تسالونيكي 23:5 “وإلى السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجئ ربنا يسوع المسيح”. لقد خلقنا الله من ثلاثة عناصر وهو يريد لأرواحنا ونفوسنا وأجسادنا أن تُحفظ، فهو لا يهتم بتجديد الروح فقط، ولكن بحفظ النفس والجسد أيضا، يقدم الإنجيل أو الكلمة القوة واللازمة لكل عنصر من هذه العناصر الثلاث، فالكلمة تمنحنا الولادة التي من فوق (يع 18:1) وتجدد أذهاننا (21:1) وتشفي أجسادنا (مز 20:107) فالإنسان كائن واحد له ثلاثة وظائف مختلقة.

يتصل الإنسان بالعالم الخارجي عن طريق الجسد، ويجمع من ذلك العالم الذي حوله، ويفسرها عن طريق النفس التي تتكون من الإرادة والعقل والمشاعر، ويتصل الإنسان بالله ويستقبل منه معلومات عن طبيعته الإلهية عن طريق روحه. يستخدم الكتاب المقدس تعبيرات مختلفة عن روح الإنسان.

تقول رسالة أفسس 16:3 “لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروه في الإنسان الباطن”. تقول رسالة أفسس 24:4 “وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق. وتدعوه الرسالة الأولى لبطرس 4:3 “إنسان الخفي”.

وتطلق عليه الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس 17:5 إسم خليقة جديدة. وتقول رسالة أفسس 18:1 “مستنيرة عيون أذهانكم”.

فالروح والقلب والإنسان الداخلي أسماء مختلفة لشئ واحد. “الله روح” (يو 24:4) ونحن روح أيضا (يو 6:3) لأننا مولودين من الروح. ففي اللحظة التي وُلدت فيها من فوق أتى روح الله ليجعلك خليقة جديدة وسكن في روحك، واصبحت روحك خليقة جديدة في المسيح يسوع، وروح الله يشهد لروحك أنك ابن الله (رو 16:8).

لقد خُلق إنسان جديد في داخلك، وقد خُلق روحك بحسب الله (أف 24:4)، فأنت شريك للطبيعة الإلهية عن طريق الروح القدس، وهذه هي حقيقة شخصيتك. فإذا حدث وأنك مت جسديا الآن سيظل إنسانك الداخلي حيا.

وعندما نقول أن روحك هي حقيقة شخصيتك، فليس معنى هذا أننا نقول أن جسدك ونفسك ليسا حقيقة شخصيتك، فجسدك ملموس وحقيقي. لقد خلقك الله بالكامل وهو مهتم لك، لذها فإنه وفر لك الشفاء الجسدي. لكنك ليست جسدا فقط، فأنت تملك كنز ثمين في داخلك ألا وهو شخصيتك الحقيقية أعني إنسانك الداخلي أو روحك أو قلبك.

هناك قول خاطئ يشيعه بعض الناس بأن الروح والنفس هما شئ واحد فتذكر الرسالة الأولى إلى تسالونيكي 23:5 كل من الروح والنفس والجسد منفصلة وعب 2:4 تقول أن كلمة الله أمضى من كل سيف ذي حديد خارقة حتى إلى المفصل الذي يفصل الروح عن النفس. فإذا كان الفصل بين الروح والنفس هو أحد وظائف كلمة الله إذا لابد أن يكون هناك فرق بين الروح والنفس حتى تتمكن الكلمة من فصلهما.

إذن فالإنسان روح ونفس وجسد

وبالرجوع إلى إنجيل يوحنا 6:3، والذي يشير إلى أننا كائنات روحية، وأن المكان الطبيعي للكائن الروحي هو أن يكون “في الروح”، ستدرك أنك لست مجرد جسد، ولست جسدا أو نفسا فقط، لكنك كائن روحي وتملك إنسانا داخليا يحفظ على صلتك بالله نفسه، بمجده وقوته وحكمته بروح الله الحال فيك.

وبما أننا نتحدث عن الإيمان فيجب عليك أن تتذكر هذا الأمر جيدا. الإيمان لا يأتي من الجسد، فلا يمكنك أن تؤمن بجسدك. كذلك لا يأتي الإيمان من النفس، فلا يمكنك أن تؤمن بعقلك أو بإرادتك أو بعواطفك. فالإسمان يأتي من القلب مباشرة، ويمكنك أن تؤمن بروحك فقط.

لهذا السبب تحدث يسوع عن أن تؤمن فقط ولا تشك في قلبك (مر 23:11) ولهذا تخبرنا رسالة رومية 17:10 “القلب يؤمن به للبر” وتخبرنا رسالة أفسس 18:1 “مستنيرة عيون أذهانكم”. فالإيمان هو نتاج روحك التي تجددت والتي يسكن فيها روح الله. وتذكر الرسالة الثانية إلى كورنثوس 13:4 أنك قبلت “روح الإيمان”، فالروح تغذى الإيمان وتؤازره وتعينه على النمو في روحك أو في قلبك. كيف؟ بالكلمة التي هي روح وحياة.

الله يريد أن يكون إنسانك الداخلي قويا

كلمة الله زرع مملوء روح وحياة، وعندما تزرع كلمة الله في قلبك يساعدها الروح القدس على أن تثمر إيمانا وثمارا رائعة. تقول رسالة بطرس الرسول الأولى 2:2 أن كلمة لبن عديم الغش تغذى إنسانك الداخلي حتى ينمو من مرحلة الطفولة إلى أن يصبح قويا، ويصلي بولس أن يحدث هذا في رسالة أفسس 16:3 عندما يقول “لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن”. إرادة الله أن يكون إنسانك الداخلي قويا.

خلق الله آدم ليتسلط على الخليقة وليخضعها تحت سلطانه وليعتني بها (تك 26:1،28). والآن لقد جدد الله إنسانك الداخلي ليتشبه به (أف 24:4)، فهو يريد لإنسانك الداخلي أن يتسلط ويخضع وينتصر ويمتلك ما يريد، لهذا يشجعكم الله دائما على أن “تتقووا في الرب وفي شدة قوته” (أف 10:6).

يسوع مثال للكمال، فقد سار مع الله وعاش بالكلمة وتحمل يسوع هجمات الشيطان، وانتصر على كل تجربة مر بها باستخدامه للكلمة المزروعة في روحه (مت 4:4)، والتي خرجت من فمه، ثم عاد إلى الجليل ممتلئ “بقوة الروح” (لو 14:4) فقد انسابت قوة الله من خلاله وكان قويا بالروح.

ماذا فعل يسوع بعد ذلك؟ يخبرنا إنجيل متى 23:4 “وكان يسوع يطوف كل الجليل يُعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت وشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب”. تمكن يسوع من نقل القوة إلى كل الذين كانوا في احتياج إليها لأنه كان متقويا بقوة الرب، هذا هو الإنجيل، إنه قوة الله للخلاص للذين يؤمنون.

النفس نقطه بين مصدرين للمعلومات

يريد الله لإنسانك الداخلي أن ينمو في القوة وأن يمتلئ بكلمة الله وبالإيمان وكما ذكرنا سابقا فالإيمان يأتي من القلب ولا يأتي من العقل أو الإرادة أو المشاعر.

تعرّف رسالة العبرانيين 1:11 الإيمان بأنه “الإيقان بأمور لا تُرى”. ما المعنى؟ المعنى أن الإيمان هو التأكد من الأمور التي لا يراها الجسد ولا يشعر بها ولا يتذوقها ولا يسمعها ولا يشمها، فهو الإيقان بالأمور التي لا يدركها المرء بذهنه، والتي تتعمق في روحه حتى لو لم يكن هناك دليل عقلي أو مادي يدعمها.

على الرغم من أنك لا ترى استجابة لصلاتك بعينيك الجسديتين، فإنك ترى الاستجابة بروحك، فعينا قلبك تريان من قاله الله في كلمته حيث يرسم روح الله صورة في داخلك، وبعينيّ الإيمان ستتمكن من رؤية وعود الله وبعدها تتيقن من أن مظهر الأمور لا يهم، وأن ما قاله الله في كلمته سوف يتحقق بغض النظر عن الظروف.

يتشابه الإقتناع العقلي إلى حد كبير مع الإيمان الحقيقي، ولكن كما قلنا من قبل فإن الإيمان ليس نتاج النفس أو العقل (هذا لا يعني أن الله يحارب الذكاء لكنه يتضمن حقيقة أن الله أحكم منك).

لقد خلقك الله روحا ونفسا وجسدا، ويمكنك استقبال المعلومات الضرورية للحياة في هذا العالم من خلال الوظائف المختلفة التي يؤديها جسدك، وهذا أمر هام جدا لأننا سنحيا في هذا العالم إلى أن نموت، ومن ثم يريد الله أن يستخدمنا في تأسيس مملكته. عندما تعبر الشارع أنت لا تعبره “بالإيمان” لكنك تنظر إلى الإشارة لتعرف ما إذا كانت حمراء أم خضراء. فإذا وجدتها حمراء تأخذ كل الإحتياطات الضرورية حتى تتجنب الإندفاع أو الحوادث! وإذا استنشقت رائحة دخان في منزلك فأنت تتحرى الأمر لترى ما إذا كان هناك شئ يحترق. وإذا وجدت أن هناك شئ يحترق، فتسرع بالخروج من المنزل حتى تنقذ نفسك من الحريق وفي الأيام القارصة البرودة لا تستطيع مغادرة منزلك “بالإيمان” بدون أن تأخذ الإحتياطات لللازمة لتجنب البرودة مثل ارتداء الملابس الثقيلة لتدفئ بها نفسك حتى لا تصاب بنزلة برد أو تتجمد إلى حد الموت!

تمدك حواسك الجسدية بالمعلومات عن العالم من حولك وبالمعلومات اللازمة لحياتك في هذا العالم. وتمدك روحك أيضا بالمعلومات، وهذا النوع من المعلومات يختص بالمجال الروحي، ويمكنك من العيش فيه ومن أن تبقى على علاقتك الثمينة بالآب الذي يساعدك على تنفيذ إرادته. هكذا تستقبل معلوماتك من مصدرين مختلفين، ونقطة الإلتقاء بين المعلومات التي حصلت عليها من هذين مصدرين هي النفس. تتكون النفس من عقلك وإرادتك ومشاعرك ويتم شرح المعلومات وتفسيرها في النفس حتى تستطيع اتخاذ القرارات السليمة والصائبة.

تقول رسالة رومية 2:12 “ولا تشاكلوا هذا الدهر. بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة”.

الخوف – ضد الإيمان

وقع كل منا إلى حد ما وبطريقة ما تحت تأثير روح هذا العالم، فيوميا يحكم رئيس هذا العالم الناس ويستعبدهم ويسيطر عليهم، وعندما تسنح له الفرصة يفعل نفس الأمر مع المؤمنين، فسيحاول أن يملأ أذهانهم بأفكاره بقدر استطاعته ويحملهم على تنفيذ إرادته. فهو دائما مشغول ومهتم بمحاولة التأثير على عقولنا. لماذا؟ لأنه يريد أن يحكمنا ويستعبدنا.

يستخدم إبليس أسلحة الخوف والكذب بضرواة، ويحاول أن يعطي كل واحد منها صورة مشوهة وكاذبة عن شخصياتنا، وعن العالم، وعن الله حتى يصبح أمرا سهلا عليه أن يسرق، ويقتل ويدمر حياتنا، فهو يريد أن ينتزع أحلامنا وأن يسرق مبادراتنا الشخصية وثقتنا بأنفسنا، ويضع مكانهم عدم القدرة على الإقدام، والسلبية والشعور بالإدانة والإحساس بغر النفس، فيريد إما أن نستمر في حياتنا مملوئين باليأس وبإحتقارنا لأنفسنا أو أن نسير في الإتجاه العكسي مملوئين بالكبرياء والإزدراء بالآخرين.

ويمجرد أن ينجح إبليس في وضع هذه الصورة المشوهة والكاذبة داخل شخص ما يجعله يصدقها يتمكن من السيطرة على هذا الشخص ليقوم بأداء أفعاله وبالتالي يصبح معينا لإبليس على امتداد ملكوته.

يُعدّ الخوف أكثر أسلحة الشيطان تأثيرا، فالشخص الذي يسيطر عليه الخوف مستعد لتصديق الشائعات بدون فحص وتقصى الحقيقة ويمكن السيطرة عليه بسهولة، ولا يجروء مثل هذا الشخص على معارضة رأي الأغلبية فهو خائف من أن يظل وحيدا ومهجورا ومثل هذا الشخص مستعد أن يدفع أي شئ مقابل أن يربت أحد على كتفه، فيعيش ذلك الإنسان الذي يسيطر عليه الخوف في عذاب دائم.

الخوف ضد الإيمان. فكما يطلق الإيمان قوة الله في حياتنا، يُطلق الخوف قوة الشيطان في حياة الناس، ويسمح الخوف للشيطان أن يتسبب في إحداث دمار وخراب في حياة الناس. فالخوف “جوهر روح هذا العالم”، وهو السلاح الذي يستخدمه الشيطان في إستعباد الناس (عب 14:2-15). لهذا كان هناك خوفا في كل من العالم الديني والعالم الدنيوي، فيخفى الناس أنفسهم وراء تفكير الأغلبية فيخضعون لما يقوله قادتهم أكثر من خضوعهم لما تقوله كلمة الله، فلا يسألون “ماذا يقول الله؟” لكنهم يسألون “ما الذي يقوله جيراني أو قادتي أو ما الذي تقوله الصحف”؟

فهؤلاء الذين لم تتجدد عقولهم بالكلمة وتتسلح بها يسيطر عليهم الخوف والتهديد والكذب، ولا يجرأون أبدا على تغيير ما يسمعوه، أو حتى بحثه، فتحكمهم مخافة البشر أكثر من مخافة الله، فيسمح كثيرون لإبليس أن يسرق منهم بركات الله بسبب الخوف الذي يسيطر عليهم. لهذا يتعامل روح الله مع الخوف اليوم أكثر من تعامله مع أي شئ آخر، فلا يريد الروح أن يسيطر الخوف على أولاد الله ولكنه يريد للإيمان أن يسيطر علينا وأن تتجدد أذهاننا لأننا عندما نحصل على المعلومات السليمة منتخذ القرارات الصائبة.

أخبرني روح الله ذات مرة بما يلي “90% من المؤمنين ليس فيهم شئ خاطئ، فهم يحبونني ويريدون أن يتبعوني، لكن معلوماتهم خاطئة”. بدون أن نشعر أو ندرك أصبحنا مبرمدين على أسلوب تفكير هذا العالم أكثر من اعتمادنا على كلمة الله، لهذا نمتلئ عادة بعدم الإيمان والشك والنقد والخوف بدلا من أن نترك أنفسنا لقيادة الروح القدس ولإرشاد الكلمة.

يؤكد روح الله على الإيمان الآن أكثر من أي وقت سابق، فنفس تلك الكلمة التي منحت روحك الولادة التي من فوق، قادرة أن تشفي جسدك وتجدد ذهنك. يريدك الله أن تعيد برمجة عقلك وفقا لكلمته، لكن بدون شك سيصرخ البعض قائلين: “عملية غسيل مخ”، عندما يسمعون هذا بدون الإنصات لما يقال ولكن الإيمان تعتمد على تجديد ذهنك، وأن تسمح لفكر المسيح أن يرشدك الآن أكثر من أي وقت مضي.

لقد قام إبليس بعملية غسيل مخ للمسيحيين، وبذل جهدا كبيرا في بث تعاليمه فيهم، حتى إنه جعلهم ينظرون إلى المعجزات التي يجب أن تكون أمرا مألوفا للمؤمنين على أنهم شئ غريب وغير مألوف. وملأ العقل الذي لم يتجدد بعد الخوف. لقد نجح تالشيطان في جعل كثير من المؤمنين يشعرون بإرتياح كبير عند ممارسة هواياتهم وأنشطتهم وقراءة الصحف ومشاهدة التليفزيون، أكثر من الإرتياح الذي يشعرون به عند قضاء وقت الصلاة وقراءة الكلمة ورؤية روح الله وهو يعلن عن نفسه.

من الغريب أن يكون رد فعل بعض الناس جسديا عندما تكشف كلمة الله أعماقهم ويكتشفون مدى إبتعاد حياتهم عن المعيار الذي حدده الكتاب المقدس! فيثور الذهن غير المجدد قائلا: “لا يمكن أن يكون الموضوع بهذه البساطة! ألا يجب عليّ أن أفعل شيئا؟ لا يمكن أن يكون الأمر مجرد إيمان، إني لا أفهم هذا، ولهذا لن أؤمن به”.

إستمع إلى المعلومات الصحيحة

إذا كانت معلوماتك خاظئة فستتخذ قرارات خاطئة حتى لو كنت مسيحيا مكرسا نفسه للرب. لو كنت في طريقك إلى باريس وسألت عن الإتجاهات السليمة التي تقودك إلى باريس، لكنك وجدت نفسك في لندن بسبب المعلومات الخاطئة التي حصلت عليها. إذن فقد أخطأت في مكان ما. وقد يكون الشخص الذي أشار عليك باتخاذ هذه الإتجاهات شخصا رقيقا، وكان يحاول مساعدتك بكل قلبه، لكنك في النهاية وصلت إلى مكان آخر بسبب المعلومات الخاطئة التي حصلت عليها.

تلقّى العديد منا معلومات خاطئة من أناس كانوا ذوي نوايا حسنة لكنهم لم يكونوا متعمقين في كلمة الله، ولم تتجدد أذهانهم بعد. فليس المهم مدى عدم صلاحك لكن الأهم هو ما إذا كانت المعلومات التي حصلت عليها تتمشى مع الكلمة أو لا.

قد يبدو أن الأفكار والتعاليم المسيحية التقليدية سليمة، إلا أنها تسقط في ضوء الكلمة، فالله يريد أن تدخل كلمته في داخل أعماقك حتى تبدأ في التفكير بنفس الطريقة التي يفكر بها الله، وحينئذ ستكون قادرا على إتخاذ القرارات الصائبة ورؤية إنطلاق قوة الله في حياتك.

فعلى سبيل المثال افترض أن الله يكلم روحك عن شئ يريدك أن تفعله، لكن ما يحدثك به الله لا يتفق مع الظروف التي تحيط بك. فهذا ما حدث بالفعل مع إبراهيم. أخبره الله أنه سيكون له ابن، ومن الناحية الطبيعية لا يوجد ما يؤيد وعد الله! ماذا يقول جسد إبراهيم؟ “أنت عجوز جدا” حتى زوجته سارة كانت في مرحلة من العمر لا تسمح لها بإنجاب طفل، هذا بالإضافة إلى أنهما لم ينجبا من قبل. ما الذي يقوله عقل إبراهيم؟ “هذا مستحيل، إبراهيم لا تصنع حماقة بنفسك. إنس هذا السخف وهذه الحماقة، فعيك أن تواجه الواقع. لا يمكنك التغاضي عما ترى! فهذا لن يفيد”.

كم عدد المرات التي سمعت فيها ذهنك والمنطق وعقلك ونفسك يتحدثوا بنفس هذا الأسلوب؟ كم عدد المرات التي استسلمت فيها لظروفك وقبلت ما يقوله عقلك وما تقوله حواسك؟ وكم عدد المرات التي سمحت فيها لعقلك وحواسك بإتخاذ القرارات

ماذا حدث؟ فقدت المعجزة، فقد أقنعك عقلك وأقنعتك عواطفك وظروفك بعدم جدوى الأمر وفقدت المعجزة.

لقد اختبر كل واحد منا هذا الأمر مرة ومرات. لماذا؟ لأننا سمحنا لعقلنا أن يوجهنا ويسود علينا. فيؤيد كلا من عقلك وظروفك سواء كنت هذه الظروف مادية أن اجتماعية. بينما يتضاءل الأمر الذي وضعه الله في روحك.

وعلى أية حال ماذا يجب أن تتوقع عندما يبدأ عقلك في التخلص من الخوف ويتجدد بكلمة الله؟ أولا ستجده أمرا سهلا أن تفرق بين الروح والنفس وفقا لرسالة العبرانيين 12:4 وستمتلك القدرة على التمييز بين الإتجاهات المختلفة التي تتبادر إلى ذهنك.

ثانيا: ستعتاد روحك على الإستماع إلى الله وستكون قادرة على إدراك صوت إنسانك الداخلي، لذلك عندما تجد نفسك في موقف يتطلب اتخاذ قرار، فلن تستمع فقط لما يقول عقلك أو ظروفك أو عواطفك لكنك ستنظر إلى ما تقوله الكلمة. وستجد نفسك تقول نعم لما في داخل روحك. سيحصل إنسانك الداخلي على الأغلبية وستكون له حرية السيادة، وستتقدم الحياة والقوة والإعلان وستظهر المعجزات في العالم الذي يحيط بك.

هذا ما حدث مع إبراهيم. تخبرنا رسالة رومية 20:4-21 “ولا بعدم إيمان ارتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان معطيا مجدا لله وتيقن أن ما وعد له هو قادر أن يفعله أيضا”.

الموافقة العقلية كأمر مضاد للإيمان

كما رأينا فإن الإيمان يأتي من القلب ولا يأتي من العقل. عندما تؤمن بالله يتمسك ذهنك بحقائق معينة ويصدقها، فعلى سبيل المثال، تؤمن أن الله كلي القدرة، وأن يسوع قام من الأموات في اليوم الثالث، وأن الرسل صنعوا معجزات باسم الرب يسوع، وهكذا.

وعلى الرغم من أنه من المهم أن تعرف هذه الأمور إلا أن معرفتها ليست كافية على الإطلاق، فالإيمان لا يعني مجرد الموافقة على ما ورد في الكتاب المقدس أو الموافقة على الحقائق النظرية، فالإيمان أكثر بكثير من هذا. الإيمان هو الثقة في الله وتوقع كل أمر صالح منه. الإيمان هو أن تكون في شركة معه وأن تطيع كل ما يقوله بلا تذمر.

تخبرنا رسالة يعقوب 22:1 “ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين أنفسكم”. بمعنى آخر يمكنك سماع كلمة الله، إلا أنك قد تُخدع عندما تلغى إمكانية حدوث أية نتائج معجزية. متى يحدث هذا؟ عندما تسمع الكلمة وتتجاوب معها عقليا ولا تخبئها في قلبك وتعمل بها فعندما تأتي إليك الكلمة تستقر في نفسك وتبدو سليمة تؤمن برأسك معلنا موافقتك، وقد تصيح “هللويا”. وعلى الرغم من ذلك تنسى كل شئ عندما تعود إلى المنزل لأنك تتبع قواعد العالم الذي تعيش فيه.

فعلى الرغم من أنك سمعت الكلمة إلا أنك لم تقبلها مع أنها مُرسلة لك شخصيا. فالله يتحدث إليك شخصيا، ويتحدث إليك مباشرة. وما يقول يجب تطبيقه الآن هذا الموقف. الله عنده خطة لحياتك ويريد أن يباركك ويستخدمك. وعندما تفهم هذا سيتمسك إنسانك الداخلي به وحتما سترى حصاد إعجازي في حياتك.

اجعل يسوع ربا على حياتك

تحتاج أن تتأكد من أن يسوع هو رب حياتك. اخبره الآن أنه سيدك. سلّم ليسوع كل أمور حياتك واعلنه ربا على كل أمر منها، فسيخبرك بأمور محددة عن حياتك، لأنه سيدا عليك أنت في وضع يسمح لك أن تسمع منه وتفعل ما يخبرك به لأنك جعلته ربا على حياتك.

ستكون مستعدا لطاعة صوته بمجرد أن يتحدث سواء من خلال الكلمة أو من خلال إنسانك الداخلي، فإنك تدرك من الذي يتحدث، وعلى أتم استعداد لتصديقه، فقد وجد عقلك مكانه المناسب، وبدلا من التعدي على سلطة إنسانك الداخلي فإنه يخضع لروحك ويتحكم الروح في حياتك.

يرى الإيمان الذي بداخل قلبك ما وراء حدود عقلك وظروفك. فلن ينكر الإيمان حقيقتك الجسدية أو العقلية لأن هذا حماقة. وعلى أية حال الإيمان لا يسمح للظروف أن تتخذ القرار. ينظر الإيمان إلى ما وراء الظروف. ينظر إلى ما لا يُرى فهذه هي الحقيقة.

هذه الحقيقة هي المسيح (كل 17:2) فإذا كان عليك أن تختار بين ما يقوله يسوع وما يقوله عقلك أو تقوله ظروفك. قل أنك تختار كلمته، هكذا ستعطي القدرة الإعجازية لكلمته الفرصة حتى تغير ظروفك. وعندما يحدث هذا، يتيقن الإيمان الذي في داخل قلبك من الأمور التي لا تُرى. فقد تجدد ذهنك وتراجع الخوف واعطاك الإيمان “سلام الله الذي يفوق كل عقل” (في 7:4).

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$