القائمة إغلاق

اصحوا واسهروا – الجزء 2 Be Sober, Be Vigilant – Part

 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا 

لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

العظة مكتوبة

▪︎ مقدمة سريعة:

  • دورك في الصحيان:

 اخضع، اصحَ واسهر، لا تقلق، تعلم أن تقول لا، امتلئ بالمعرفة، البس الثوب المناسب للعرس، لا تتلوث.

  • دور الله:

 يكملك، يثبتك، يقويك، يمكنك.

  • ممن ينبغي عليك السهر والصحيان:

 إبليس، نفسك، الله، الآخرون.

  • كيف تختبر إرادة الله:

 تجديد الذهن، التأمل والخيال، وضع هدف والاستمرار والثبات فيه بالتزام وفرح.

▪︎ معنى الصَحَيان والسهر:

 في المرة السابقة تحدّثنا عن التعريف الخاص بمعنى اصحَ واسهر، دعني ألخصها في كلمات بسيطة؛ اصحى تعني كن واعيًا لِما يدخل قلبك، كن حذرًا وفي حالة من الاحتراس، امتنع وأغْلق قلبك عن بعض الأمور. بينما أسهر تعني أن توجه ذهنك عمديًا إلى، وتبادر أنت بفعل أمور بشكل مُتعمَّد.

 إذًا الصَحَيان هي حماية وفلترة لِما يدخل قلبك من العالم، بينما السهر هي أنت تذهب بنفسك ذهنيًا وعن قصد إلى.

 لنرى كيف تصحى وتسهر…

▪︎ اخْضَعُوا:

 “٥ كَذلِكَ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». ٦ فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ، ٧ مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ. ٨ اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. ٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ. ١٠ وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ.” (١ بطرس ٥: ٥-١٠)

 “فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ.” (١ بطرس ٥: ٦) لاحِظ الترتيب، أولاً اتضع، ثُم يتم رفعك.

 لِمَن تتضع في الشاهد السابق؟ الإجابة “اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ” وكيف سيتم الرفع؟ الإجابة أن إله كل نعمة بدوره “يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ”.

 لكن ما معنى هذه الكلمات؟ للأسف بسبب تداول هذه الكلمات، فقدتْ حيويتها ومعانيها الدقيقة، فلم تعد بنفس تأثيرها، وأصبحت فضفاضة بعض الشيء. فهل تعلم عندما قيلت هذه الكلمات ماذا كانت تعني؟ مثلاً عندما تقول الرب يرفعني هل أنت مُدرِك ما تقوله؟

 البعض يعتقد معنى (الرب يرفعني) أي عندما أَمُرُّ بموقف ما، يرسل لي بعض المشاعر المؤقتة، كي يحسّن من مزاجي كنوع من المُسكِنات وهكذا يرى البعض الرفعة.

 لا هذه ليست طريقة الله! الله يعطي حلاً للمشكلة وليس تخديرًا أثناءها ليس كما يقول البعض إنه فقط يعطي قوة احتمال أو صبر ويظل الوضع كما هو عليه!

 فهو “إِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ” معنى نعمة، أي قوة لإحداث تغيير في الموقف، وليس التأقلم على الموقف. فهو لن يبعث لك بعض المشاعر اللطيفة ويتركك دون حل عملي. لكن الله لن يفعل هذا من السماء، ينبغي أن تكون في الوضعية السليمة لاستقبال هذه النعمة؛ وهي الاتّضاع.

 أن تتضع أي تخضع تحت يد الله، ما هي يد الله؟

 هي الصوت الذي يخبرك الكلمة، سواء كان الكتاب المقدس بشكل مباشر، أو صوت روحك الداخلي، أو القيادة الروحية فوقك. لا يهم لِمَن هو الفم؛ فهناك أوقات تحدَّثتْ فيها الحيوانات مثل الحمار. لا يهم مِمَّن خرج الكلام، طالما قيلت لك وهي مُطابِقة لِفكر الله؛ اخضع.

 عندما تتضع ترى إله النعمة يرفعك. لم يدعنا الكتاب نخمّن كيف سنُرفَع بل أعطانا معلومات كافية، لهذا لنرى معنى هذه الكلمات كما جاءت في الأصل اليوناني لها.

▪︎ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ:

 “يُكَمِّلُكُمْ”: يكمّلك ليس معناها أنك ناقصٌ وتحتاج إلى تكميل. نحن لا ينقصنا قوة، لدينا الروح القدس شخصيًا، لكن يكمّلك أي يجعلك مُجهَّزًا بكل الإمكانيات اللازمة التي تحتاجها، ويمنحك ما يستدعى للتعامل مع الموقف، فتصير لائقًا ومُؤهَّلاً لكل شيء.

 مثلا: يستخدم الروح القدس ذخيرة الكلمة السابقة لديك، ليعطيك إرشادات معينة في الموقف، ومفاهيم لتتعامل في الأمر، وبهذا يعطيك الطريقة للسيادة والارتفاع فيما تعبر فيه، فتعرف كيف تطلق القوة من داخلك، أيضًا يخبرك الروح القدس ما نوع الصلاة المناسبة لهذا الوضع.

 لاحِظ! ينبغي أن يكون لديك خلفية من الكلمة في الموضوع ليستخدمها الروح القدس.

 “يُثَبِّتُكُمْ”: يثبتك أي يجعلك ثابتًا وغير مُهتَز أمام العيان المُضاد، مُدَّعَمًا راسخًا في مكانك غير مُتزعزِع.

 “يُقَوِّيكُمْ”: أي يعطيك دعمًا وحيلاً للتعامل في المواقف كما قال الكتاب “يقويكم بالقدرة” في (أفسس ١٦:٣) فتكون في حالة من الراحة والقوة داخل الموقف، وليس في حالة من البكاء والإحباط لكن مُنتعِشًا، وفي سكينة.

 الراحة هنا لا أقصد بها الدموع. الدموع ليست عدوًا في حد ذاتها. الدموع هي فقط تحصيل حاصل. وشرحت من قبل في سلسلة “الفرح والحزن بحسب مشيئة الله“، أن الدموع السليمة في الكتاب المقدس هي الخاصة بالتشفع؛ بكى يسوع على النفوس الخائفة من الموت في أورشليم على قبر لعازر -وليس على لعازر نفسه- غير هذا النوع من الدموع فهو هزيمة وحالة من الضعف، وليست القوة التي نتكلم عنها هنا.

 هناك من لا يبكي لكنه يبدأ في رثاء ذاته، فتجده يقول: قد فُهِمْت بشكل خاطئ، لم يكن هذا قصدي، كيف يفكر هذا الشخص عني هكذا…وهكذا. هذا الاتجاه الفكري والتهبيط والإحباط، ليس هو ما نتحدث عنه، فهو يقويك ويعطيك قوة لكي تُرفَع فوق الموقف وبفرح.

 “يُمَكِّنُكُمْ”: يُمكِّن أي يؤسس بشكل وطيد ومتين؛ فإن كنت جيدًا في نواحي كثيرة، ولكن يوجد زاوية غير مؤسسة جيدًا، يبدأ في ترميمها كي لا يكون لديك ثغرات تعرقلك.

 أحيانًا يشير لك الروح القدس أنك سريع الانفعال، فيبدأ يرمم هذه الثغرة عن طريق إخبارك: لاحظ أنت تقع دائمًا في هذا الخطأ، أو مع هذا النوع من الشخصيات، تعاملك مع الشخصيات الخبيثة المُلتَفة يجعلك تخرج خارج مسارك السليم. أترى هو يشاور لك على المشكلة ويعطيك حلها فيعالج الأمر من جذوره.

 دعني أشارك معك مثالاً سيوضح أهمية التأسيس: إن كانت هناك سيارة مُصنَّعة ومُصمَّمة بشكل سليم منذ بداية تكوينها، بالتأكيد ستسير بشكل رائع جدًا، لكن ماذا لو تم بالفعل تصميم السيارة بشكل خاطئ. إن أردت إعادة تصميمها بشكل مختلف، بالطبع سيحتاج الأمر جهدًا فإن كانت صُمِمَت من البداية بالشكل السليم لكان الأمر أسهل.

 أيضًا الأسوأ إن كانت السيارة تمشي بالفعل وأنت تريد إصلاحها على الطريق! بالطبع سيكون الأمر أصعب. حدث في مرة أنها كانت تمطر وكان شخص راكب سيارة ولكن مساحاتها لم تكن تعمل، فاضطر أن يحركها بيده؛ لم يكن ممكنًا التوقف آنذاك، وإن لم يحركها ربما يعمل حادثًا. فكان الأمر شاقًا وخَطِرًا. لو كان شيئًا جوهريًا مثل الموتور، يجب أن يوقف العربة ويبدأ في إصلاحها.

 ما المقصود من هذا المَثَل، في بعض الأحيان يكون تم تصميم شخصية الفرد بطريقة ليست كتابية. فيبدأ يواجه الحياة ويصطدم بها؛ فهو بنى أفكارًا خاطئة وبنى عليها أفكارًا أخرى وأخرى مُتداخلة معها، فيحتاج لإعادة تشكيل من الكلمة.

 هنا يأتي دور الروح القدس أن يستهدف هذه الأفكار المُؤسَّسة خطأً ويهدمها، ويؤسس أفكارًا أخرى من الكلمة. أيضًا دورك أنت في أكل الكلمة في غاية الأهمية؛ فيستخدمها الروح القدس ليهدم مباني فكرية، ويبني أخرى سليمة.

 لو لم تدرس الكلمة من المُتوقَع أن تعاني في هذه الحياة وتنهار في مهب الريح، لا تنتظر الرياح كي تأتى. ذَخّر الكلمة مبكرًا.

 ربما يأخذ الأمر وقتًا كي تُؤسَّس من جديد خاصةً إن كنت تحمل مسئولية أسرة أو مطارد بظروف كثيرة، على عكس الشباب في مرحلة الإعدادية أو الثانوية فالمعظم تكمن مشاكله مع أصحابه أو مع أفراد عائلته أو مذاكرته.

 هناك أشخاص عندما بدأت تعرف الحق الكتابي بدأت تتحدث مع الخدام، وتريد حلولاً سريعة لمشاكل عاجلة، ونقدر أنهم مُتعجِلين، ولكن بعض الأمور تحتاج تأسيسًا مبكرًا، أو بعض الوقت كي تكون قادرًا على حلها. بالطبع سيتدخل الروح القدس ليساعدك لا تشك في هذا، فقط ارتمي عليه، هو في صفك ولن يتركك أبدًا.

 إذًا الله يكملك أي يجهزك فتكون مُعَدًا جيدًا لمواجهة أي شيء. أيضًا يثبتك فلا تكن فقط مُجهَّزًا ولكن صامدًا وثابتًا أمام أي موقف، ويقويك أي يعطيك حيلاً وراحة وقوة أثناء الموقف. يمكّنك أي يؤسسك فإن هناك ثغرة يرممها لتكون بلا عثرة.

 لاحِظ، كل فعل من ذلك المذكور سابقًا. يعمل الروح القدس على الجذور وعلى الأصل، فيغيّر شخصيتك أنت للتعامل مع الموقف، وليس أن يتعامل هو معه وأنت مُتفرِج. بل هو يضع مبادئه فيك لتتعامل أنت. كما ذكرنا هذا مُتوقِّف على اتّضاعك للكلمة؛ “وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً”

 لا يقتصر اتّضاعك لِمَن يرعاك فقط، فعندما يأتي أخوك ويطلب منك شيئًا، فترفض وتقول لا أنا أخضع فقط لِمَن يرعاني، لا هذا غير صحيح، طالما الأمر كتابي اخضع، لم يقل اخضعوا فقط للشيوخ بل أيضًا بعضكم لبعض: “اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ “. التواضع يعني النزول تحت والاتّفاق.

 عندما يكون هناك خلاف بين اثنين ونريد حل الأمر بينهما، نبدأ في البحث عن أفضل وضع لتحقيقه، وليس أن نحقق مَن أخطأ ومَن لم يخطئ، لكن الهدف أن نرى الشيء الصحيح ونطبّقه في الموقف. ومتوقع عندما نكتشف الوضع السليم، نرى شخصًا انحرف عنه فأخطأ، لكن ليس الهدف أن نُظهِر المُخطِئ ونشهر به بل أن نصحّح الخطأ وننحاز للحق.

 هنا يأتي الاتّضاع عندما تنحاز للحق وتوافق عليه، حتى إن كنت أنت المُخطِئ، وليس أن تصمم على خطأك وتثق في رأيك الشخصي. إن لم تتضع وتنحاز للحق ستُبتَلع من إبليس.

▪︎ القِ همّك على الرب. لا تشرب من العالم (قلْ لا داخلك):

 يُكمل ويقول: “مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.” (١ بطرس ٥: ٧).

 يجب أن تُلقي همك عليه حتى إن كان همًا مُبرَّرًا: نجد أشخاصًا تقول أنا رب منزل، أنا مسئول عن عمل….، لا يهم ما كبر المسؤولية، القي همك عليه، لا تبرّر القلق؛ لماذا؟ “لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.”

 لكن هذا كله يبهت، وتُبتلَع من إبليس، إن لم تكن صاحيًا وساهرًا. كفاك شربًا من العالم ومبادئه، أنت تسكر! انتقي وفلتر ما يدخل ذهنك، كن واعيًا ويقظًا. عندما تتعامل مع الآخرين كن حذرًا لِمَا يدخل قلبك. كن مُحصَّنًا من الداخل.

 منذ وقت قريب قمنا بعمل يوم للأطفال، خصّصنا وقتًا للعب ووقتًا للتعليم. حينها أخبرت الأطفال مبدأ هامًا، ضعه شعارًا في حياتك؛ تَعلَّم أن تقول لا، أنت في مُفترَق طرق حتى لو لم ترَ هذا بشكل مباشر.

 مثلاً: إن رأيت شخصًا أمامك يضايق شخصًا آخر، قل لا داخليًا حتى إن لم يعرّض عليك لتشارك في الأمر! فبينما تنظر، إن لم ترفض الأمر داخلك وتقول لا، أنت تشربت الأمر داخلك بمجرد قبولك للفكرة وعدم رفضك لها، بلعت الطُعم؛ رغم إنك لم تشارك في الفِعل بشكل صريح، لكنك تقبلت الأمر كشيء عادٍ لم تنفره فأصبح جزءًا منك!

 انْتقي ما تسمعه وما لا تسمعه، ما تقبله وما لا تقبله. إذًا دورك: اتّضع، القي همك، اصحَّ واسهر، قاوم إبليس.

 في حين دور الرب: أن يعطيك نعمةً وتدعيمًا للارتفاع فوق الموقف، تَذكَّر ليس أن ترتفع نفسيًا فقط، لكن أن تعبر الموقف مُنتصِرًا.

▪︎ امتلئ بالمعرفة والمحبة لتكون بلا عثرة (غير مُلوَّث):

 لنرى صلوات بولس بخصوص الأمر؛ “٩ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ ١٠ لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ، ١١ مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ، ١٢ شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ.” (كولوسي ١: ٩-١٢).

“لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ.” (كولوسي ١: ٩).

 لاحِظ بولس يصلي أن لا يكونوا سطحيين في الكلمة لكن ممتلئين بمعرفة مشيئته، إذًا معرفة مشيئته شيء هام للغاية، وهذا منطقي فهو يُكمّل ويخبرنا، أن نتيجة لهذه المعرفة، سيسلكوا كما يحق للرب ويثمروا وينموا ويتقوّا.

 من قبل تحدثت في سلسلة “الرب قريب“، وأوضحت أن داود كان لديه مجموعة من الأشخاص المُحترِفة في موضوع أواخر الأيام؛ هم بنو يساكر، وكانوا يعلموا جيدًا ماذا سيحدث، ثم يخبروا داود بما هو مُقبِل عليه، كانت هذه إحدى أعمدة قوته.

 موضوع المشيئة مُرتبِط بكل زمن على حدة؛ فمشيئة الرب منذ عشرين عام تختلف عن مشيئته لهذا الزمن. يوجد تحديثات يريد الروح القدس أن يكشفها لك. نعم ستظل المبادئ واحدة ولكن هناك أمور تناسب كل جيل.

 “فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ”؛ أي يتم تفهيمك مشيئته من خلال كلمته بحكمة الروح القدس، فتعرف كيف تسلك كما يحق للرب، فإن لم تعرف مشيئته لن تعرف كيف تتحرك ولن تثمر أو تنمو في كل عمل صالح.

 يُكمل ويقول؛ “مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ” (كولوسي ١: ١١). عندما تمتلئ من مشيئته أيضًا يتولد لديك طول أناة بفرح وليس باكتئاب.

 هناك بعض الأشخاص عندما تمرّ بتحديات، فتجدهم يبدءون في النحيب، هذا ليس صبرًا؛ الصبر الحقيقي هو الوقوف بثبات وفرح في مواجهة الظروف.

 ” ٩ وَهذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضًا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، ١٠ حَتَّى تُمَيِّزُوا الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا مُخْلِصِينَ وَبِلاَ عَثْرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْمَسِيحِ، ١١ مَمْلُوئِينَ مِنْ ثَمَرِ الْبِرِّ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِمَجْدِ اللهِ وَحَمْدِهِ.” (فيلبي ١: ٩-١١).

 “وَهذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضًا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ.” (فيلبي ١: ٩). للدقة كلما ازدادت معرفتك، كلما ازداد حبك ليسوع. تَعلّم هذا عندما تكتشف حقًا كتابيًا، لا تأخذه كنوع من المعلومات، بل دعه يصب في حبك للرب، اعبده بفرح فلن تكون كما كنت بعدما حصلت على حق كتابي! لتُهلل بكلمته، أخبره لا يوجد ألذ من كلمتك، جمالك وروعتك يؤثروا على كل حياتي، أنت رائع جدًا. أبي ليس مثلك.

 ” ١٠ حَتَّى تُمَيِّزُوا الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا مُخْلِصِينَ وَبِلاَ عَثْرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْمَسِيحِ، ١١ مَمْلُوئِينَ مِنْ ثَمَرِ الْبِرِّ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِمَجْدِ اللهِ وَحَمْدِهِ.” (فيلبي ١: ١٠، ١١).

 نتيجة للمعرفة تكون مُميَّزًا وبلا عثرة، أي غير مُلوَّث بالعالم. هذا ما نريد إيضاحه في هذه السلسلة: أن تحافظ على قلبك صاحيًا وغير مُلوَّث.

 إذًا أنت تكون صاحيًا وغير مُلوَّث عن طريق: معرفة مشيئته بالروح القدس، وصبّ هذه المعرفة في محبته فتعرف كيف تسلك.

 كن في حالة من التأهب والحصانة الداخلية، امتنع عن أي شيء يلوّثك. تعلَّم أن تقول لا داخلية لمبادئ العالم قبل أن تُسأَل عن رأيك على الملأ، لا تنتظر شخصًا يسألك هل أنت موافق على هذا الأمر أو لا. حدّد مبكرًا ما تقبله وما لا تقبله. تعلَّم أن تزرع أرضك بالحق وتحرسها، فإن تركت أرضك بلا رقابة فأي شخص سيمرّ ويرمي فيها ما يشاء.

 يوجد الكثير من الناس بدأت تشاهد أمورًا غير كتابية دون قول لا عليها والنتيجة ألفتها واعتادت عليها، ودون أن تدري أصبحَت ضمن نظامها الفكري.

 هذا مبدأ هام في الكلمة؛ ما تصاحبه أو تقبله، سواء أفكار، مشاهد، أصدقاء…إلخ، أي شيء لا ترفضه بشكل مباشر، ستألفه. نري هذا في أمثال؛ “ ٢٤ لاَ تَسْتَصْحِبْ غَضُوبًا، وَمَعَ رَجُل سَاخِطٍ لاَ تَجِيءْ، ٢٥ لِئَلاَّ تَأْلَفَ طُرُقَهُ، وَتَأْخُذَ شَرَكًا إِلَى نَفْسِكَ.” (الأمثال ٢٢: ٢٤، ٢٥). لذا كن حَذِرًا من هذه العدوى.

 نعم خرجنا من رحم الأم، لكن دخلنا رحم أكبر هو العالم، لذا لا تكن مُعجَبًا بالأمور التي تحدث من حولك، فَمِن هنا تبدأ حالة الضعف والتي تؤدي بالشخص للسقوط بشكل مُتكرِّر في الخطية؛ بسبب عدم اليقظة في هذه الأمور التي تبدو بسيطة.

 إليك مثالٌ لتفهمني أكثر؛ عندما تجد شخصًا يسخر من آخر، فتضحك داخلك، أو عندما ترى شخصًا يكذب بشكل مُحترِف فتُعجَب بهذا داخلك أو ترى هذا ذكاءً، أو حتى لم ترفض هذه الأمور بشكل قاطع داخلك، وبرغم أنك لم تقل شيئًا أو تتفق ظاهريًا، لكنك ابتلعت الطُعم.

 أنت بذلك أصبحت في اتّفاق مع هذه الأمور داخلك، ودَخَلَتْ إلى نظامك الفكري، أي أصبحت جزءًا لا يتجزّأ من نظرتك للأمور، فتجد نفسك تدريجيًا ألفت الأمر ومن ثم تبدأ تسلك بنفس السلوك.

 فيما بعد يعود الشخص بثغرات لأمراض، وثغرات لفشل، وهو لا يدري أن هذه الأمور مُرتبِطة بعضها البعض.

 مثال الاستهتار بالوقت، أو الاستهانة بمبدأ كتابي مثل هذا وعدم التجاوب معه، أنت تستمر في الشرب من العالم والناس وتعود تسأل لِما حياتي غير مُستقِرة، لِما الوضع سيء. السبب إنك من البداية لم تقل لا داخليًا للكثير من الأمور.

 تَذَكَّر هذا المبدأ؛ “مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.” (متى ١٢: ٣٠). إن لم تقل لا أنت تقل نعم!

 تطبيق عملي: قل لا لما يُلقيه عليك إبليس، فإبليس يلقي عليك أفكارًا ومشاعر وإرادة بعكس ما تقوله الكلمة. مثلاً حالة الملل أو اليأس أو الإحباط والكسل، كل هذه الأشياء يلقيها إبليس وليست نابعة من روحك. قل لا لهذه الأشياء وأعلن الكلمة. فقط كلمة الله هي التي تخبرك من أنت حقًا وما لا ينتمي لك.

 احذر أن تُخدَع! احذر التخفيف والقبول لِما ليس كتابي، احذر التسيّب والكسل ورفْض النصيحة، أو حالة الرغبة في أخذ وقت راحة من الكلمة، تحت مسمى أنك أُرهِقت، هذا ليس صحيحًا هذا إبليس! هذه ليست أفكارك، هذا العدو. أنت مولود من الله، خامتك لا تُنتِج هذه الأشياء!

 إن كنت تستلذ ببعض المشاهد أو الموسيقى والأغاني وتقول هذا أمر بسيط، لا هذا خطير!

 لا تخفف من الأمر وتقع فريسة في فخ إبليس. الخداع يدخل العالم بقوة. إن لم نحرص على حِفْظ قلوبنا سنُلوَث. لهذا يصلي بولس أن يعرفوا الكلمة فيحبوا الرب والنتيجة أن يكونوا بلا عثرة أن لا يتلوثوا ولا يُلوِّثوا أحدًا.

 سيكون هناك خداع على مستوى العالم كله. ستزداد الهرطقات مثلاً: ستجد من يقولون إن كنت تحب الله هذا يكفي، لا تحتاج أن تقبل أو تعترف بيسوع ربًا! كل شخص يؤمن بوجهة نظره الشخصية لا يهم ما الحق.

 الاعتقاد وهمًا أن طالما انفعلت بترنيمة أو إنك تكلم الرب دون الميلاد الثاني، أنك خلصت. حالة من التحرر الفكري الزائف واللبرالية. في نهاية المطاف يسود الاعتقاد أنه طالما أن نواياك حسنة أو لا تفعل شيئًا بشعًا ستخلص دون الحاجة إلى عمل يسوع أو الاعتراف به.

 كم من الأشخاص حاليًا عندما تسأله هل قبلت يسوع مخلصًا شخصيًا؟ يجيبك أنا لا أُغضِب الله، أنا أحبه! لا لن يخلص أحدٌ بسبب إيمانه بوجهة نظره أو أعماله أو نواياه! من أسَّس هذا الفكر؟! فقط يخلص الشخص بسبب قبوله واعترافه بيسوع ربًا على حياته.

 للأسف هناك مؤمنون وخدام وقعوا في هذه الفخاخ، لماذا؟ لأنهم لم يقولوا لا لهذه الظاهرة مبكرًا! كن صاحيًا، يوجد درجات تجعلك تقول لا تحت أي مسمى، إن لم تصل لهذا المستوى أنت لست بالثوب السليم. إن لم تعمل ما يقوله الرب أنت تعمل عكسه.

▪︎ اِلْبس الثوب المناسب (الشخصية):

 “١ وَجَعَلَ يَسُوعُ يُكَلِّمُهُمْ أَيْضًا بِأَمْثَال قَائِلاً: ٢ «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ عُرْسًا لابْنِهِ، ٣ وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا. ٤ فَأَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ قَائِلاً: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هُوَذَا غَدَائِي أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي وَمُسَمَّنَاتِي قَدْ ذُبِحَتْ، وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ! ٥ وَلكِنَّهُمْ تَهَاوَنُوا وَمَضَوْا، وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ، ٦ وَالْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَشَتَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ. ٧ فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ غَضِبَ، وَأَرْسَلَ جُنُودَهُ وَأَهْلَكَ أُولئِكَ الْقَاتِلِينَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ. ٨ ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا الْعُرْسُ فَمُسْتَعَدٌّ، وَأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ. ٩ فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ. ١٠ فَخَرَجَ أُولئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ. فَامْتَلأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ. ١١ فَلَمَّا دَخَلَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ، رَأَى هُنَاكَ إِنْسَانًا لَمْ يَكُنْ لاَبِسًا لِبَاسَ الْعُرْسِ. ١٢ فَقَالَ لَهُ: يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟ فَسَكَتَ. ١٣ حِينَئِذٍ قَالَ الْمَلِكُ لِلْخُدَّامِ: ارْبُطُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَخُذُوهُ وَاطْرَحُوهُ فِي الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.” (متى ٢٢: ١-١٣).

 قبل الشرح لنرى خلفية هذا الشاهد؛ في هذا الوقت كان هناك نوعية من الحفلات، طريقة الدعوة لها أن يرسلوا ثوبًا مُخصَّصًا للعرس للضيوف إكرامًا لهم. وهذا النوع ليس كباقي الحفلات بل هو مستوى فخم جدًا وله تقديره.

 فيدخل الشخص مُرتدِيًا ملابسه وفوقها ثوب العرس، هذه كانت العادات لديهم. وفي المَثَل السابق كانوا في العرس ووجدوا شخصًا غير مُرتدي الثوب؟! ما معنى هذا الكلام؟

 لدى العادات والتقاليد اليهودية الملابس تمثل الشخصية، مثال “وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ.” (أفسس ٤: ٢٤). شرحتها من سنين في موضوع البر، أن اليهود كانوا يتطهروا بالرش، ثم أتى يوحنا ليعمد بالتغطيس. كان شيئًا جديدًا عليهم، لكن كانوا يدركوا أن الشخص عندما ينغمس في الشيء يلبس ثوبه. فما يرتديه يمثل شخصيته.

 كما كان هناك رداء خاص بالفريسي، ورداء خاص بجامع الضرائب، وإلى يومنا هذا الملابس تمثل شيئًا هامًا.

 ماذا قصد يسوع من هذا المَثَل، ذُكِرَ أن هذا الشخص لم يكن يلبس الثوب الخاص بالعُرس، والثوب يمثل الشخصية، والعرس هو الكنيسة. أي لم يكن الشخص بالشخصية التي يريد الله للإنسان أن يكون عليها، لم يتغيّر شكله فدخل الحفلة أي الكنيسة، واحتفظ بشخصيته القديمة. لكن يوجد إله صاحٍ يدري من لم يتغيّر بعد.

 هذا الشخص نتيجةً لعدم التزامه بثوب العرس هلك! إن قبلت يسوع من سنين ودخلت الكنيسة ولم تتغير شخصيتك بعد أدعوك للقلق ومراجعة حساباتك! لتُنقِذ نفسك لتلبس الثوب الصحيح حتى تكون بلا عثرة.

 اصحَ واِسْهر. تَغيّر عن شكلك. يوجد أناس بالفعل في درجة من الصحيان والسهر لأفعالها، لكن يوجد مستوى أعلى من عدم السحب في العالم. هو الصحيان لأفكارك طوال الوقت للرب، حالة من العشق والاشتعال الدائم به.

 أريد أن أقف عند نقطة اصحوا واسهروا: البعض ربط الصحيان بإبليس بسبب (١بطرس ٥) لكن الكتاب يتكلم عن نقاط أخرى للسهر غير المُختَصّة بإبليس.

 بالطبع يوجد صحيان تجاه إبليس، لكن يوجد سهر لحب الرب، أن تلتفت بأفكارك ودوافعك للرب، أن تقول نعم للكلمة بكل قلبك وأن تقول لا صريحة للعالم.

▪︎ النقاط التي ينبغي الصحيان تجاهها:

١) كن صاحيًا تجاه نفسك: ضع تحت كلمة صاحٍ؛ يَقِظًا، مُنضبِطًا، واضعًا حدود.

كيف تكون صاحيًا تجاه نفسك؟

  • الْتمِس العذر لنفسك (ارفض الشعور بالذنب واللوم).
  • استفِقْ وضع هدفًا (أنت لا تضارب الهواء).
  • ضعْ خطوات عملية والْتزِم بها (جاهد).
  • اُنْظرْ إلى نهاية الأمر (هناك إكليل لا يفنى).

 إن أخبرتك؛ احذر لأن في هذا المصنع يوجد خطر، هل تتوقع أن يكون الخطر كلمة خطر بشكل حرفي، أو شيء اسمه خطر؟ لا بل ستحذر بسبب روح الكلام، قد تكون ماكينة في المصنع أو مواد كيميائية معينة داخلها، الخطر يشمل جوانب كثيرة.

 عندما يخبرنا الكتاب بأن نصحى ونسهر إذًا هناك خطر ينبغي الحذر منه، سأشرح كيف تكون صاحيًا تجاه نفسك.

 “٢٥ وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى. ٢٦ إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. ٢٧ بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا.” (١ كورنثوس ٩: ٢٥-٢٧).

 “يُجَاهِدُ” أي يضع تدريبات ويضبط نفسه في كل شيء، يكون في حالة منافسة. هنا يتحدث بلغة الرياضيين هذه حالة أعلى من الانضباط المعروف. قال يسوع: “فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.” (متى ٥: ٢٠).

 كان الكتبة والفريسيون مُنضبِطين جدًا جدًا، ومع ذلك قال يسوع ينبغي أن يكونوا مُنضبِطين أكثر منهم؛ ليكونوا مُؤهَلين ليدخلوا المملكة التي كان على وشك افتتاحها على الأرض! ثوب هذه المملكة (شخصيتك) لا ينبغي أن يكون فقط جيدًا، لكن فوق الممتاز. هذا مستوى مختلف. كيف ستصل لهذا المستوى؟ كما ذكرنا أن تكون صاحيًا وساهرًا خاضعًا، وهو يرفعك ويدعمك لتتمم هذا فهو إله كل نعمة.

 لا تشعر بالذنب إن كنت لم تصل لهذا المستوى بعد، الْتَمس العذر لنفسك، أنت تأتي نتيجة لما تأسست عليه ونتيجة لتعليم دخل إلى ذهنك، فيعمل الروح القدس فيك، ويعيد تأسيسك من جديد كما ذكرنا هو يُمكّنك.

 لكن هل ستلتمس العذر لنفسك وتظل بنفس الحالة؟ بالطبع لا. ضع هدفًا لنفسك؛ أنا سأعيش للرب بكل قلبي ولن أتراجع عن هذا. وضع هدف أمر هام جًدا فإن لم تضع هدفًا ستسير بصورة عشوائية، ولن تجد نتائج. كما يقول الرسول بولس: “إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ.” (١ كورنثوس ٩: ٢٦).

 يتحدث بلغة رياضية فيُعني هل أنا أسير بلا هدف؟! هل أصارع الهواء؟! لا بل لدي هدف. يُكمل ويقول لأن لدي هدفًا، النتيجة إني؛ “أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ”. إذًا هو يأخذ خطوات عملية ويلتزم بها. هل تطلب نتائج وأنت لم تزرع؟! لا تحيا بشكل عشوائي. أحيا بهدف. عِشْ للرب أقْمِع جسدك، اخضع للكلمة. كن لائقًا روحيًا. أعد دراسة “الرياضة الروحية“.

 كن لائقًا بأن تقمع جسدك لتصلي بدلاً من التأفأف من الظروف والأحداث، تعامل معها بنَفَس روحي طويل، تعامل بمحبة غير مشروطة بدلاً من المشروطة، لا تتضايق من الناس. إن لم تكن لائقًا ستُبتلَع من إبليس وتجد نفسك تسقط في الحياة دون أن تدري.

 تَذَكَّر الخطية ليست فقط أعمال شريرة ظاهرة، لكن هناك خطايا خبيثة مثل قبول أفكار سلبية، التأقلم على اتجاهات فكرية خاطئة، انتبه!

 ٢) احرسْ قلبك فيما يخص الله:

 دائمًا يوجد طعن على صلاح الله، لذا احرس قلبك ألا تتخبط في صلاح الله فهذا الأساس الذي يُبنَى عليه إيمانك.

 أتى تلاميذ يوحنا المعمدان وسألوه هل أنت المسيّا أم ننتظر غيرك؟ شرحت من سنين أن يوحنا لم يكن يشكّ أن يسوع هو المسيّا ولكنه كان مُتعثِرًا فيه، بمعنى إنه كان يتساءل داخليًا قائلاً: لماذا تركتني في هذا الوضع بعدما أعددت لك الطريق! كان سؤاله استنكاريًا وليس تشكيكيًا، بمعنى آخر أنت المسيح إذًا أخرجني من هنا. لذا أخبرهم يسوع: “طُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ.” (لوقا ٧: ٢٣).

 تَعثَّر يوحنا في الرب، كان مثل إيليا، فبعدما رأى إيليا الكثير من المعجزات انكسر؛ لأنه لم يكن مُعَدًا جيدًا، كان حماسيًا فقط، بالطبع الحماس شيء جيد ولكن ينبغي أن يتم الإعداد جيدًا.

 لا تتعثر في الرب. أشجعك أن تدرس سلسلة “العثرة“. يوجد أناس اعتادت أن ترمي باللوم على الآخرين وتقول أنا تعثّرت من هذا فهو لم يصافحني أو يرحب بي عندما دخلت الكنيسة، أو تعثرت من ذاك لأنه لم يعزيني في حالة الوفاة تلك. أو لم يساندني هؤلاء عندما ظُلِمْتُ.

 ثم يبدأ الشخص بإعطاء مبررات لنفسه لتعثره من الرب، وهو لا يدري أنه يضع نفسه في وضعية افتراس من إبليس. نعم تبدو أمور بريئة في الظاهر لكنها تجعله يواجه مشاكل عديدة فيما بعد، وهو لا يعلم أن سببها كانت تلك العثرة.

 ربما تجد سيارة بها مشكلة، تسرّب الوقود مثلاً. قد يبدو الأمر سهلاً، لكنها حالة من التسريب، هو ليس خلل بصورة واضحة مثل الحادث! لكن هذا التسريب سيسبب مشاكل جسيمة فيما بعد.

 “لأَنَّ شَعْبِي عَمِلَ شَرَّيْنِ: تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ، لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ أَبْآرًا، أَبْآرًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً.” (إرميا ٢: ١٣).

 حالة التسريب هذه خطر. تجد أشخاصًا أسهل شيء لديهم أن يتعثّروا في الرب! هذه كارثة حرفيًا. أنت وقعت مع الله شخصيًا!

 مثلاً عندما يصلي شخص ما ولا يجد استجابة، يترك الرب! يذهب إليه خدام ويخرجوا له آيات ويشرحوا له، فيرد أنا غير مُقتنِع فيجاوبوا على أسئلته فلا يستجيب. في الحقيقة ليست المشكلة في إقناعه، ولكنه اختار حالة الاستسلام إلى أفكار ومشاعر إبليس، ولا يعلم أن كله خداع، ويستمر في سحب أعمق إلى أن يُقتنَص من إبليس.

٣) اصحي تجاه من حولك:

 “١ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ! ٢ خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ. ٣ اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ. ٤ وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلاً: أَنَا تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ».” (لوقا ١٧: ١-٤).

 تحتاج أن تصحي في تعاملك مع الآخرين لأنه يوجد أناس يستخدمهم إبليس ويتكلم خلالهم ليعثّروا آخرين والكتاب يوضح ويل لهؤلاء! إن لم تصحَ تجاههم ستتعطل روحيًا، ومن ناحية أخرى اعْلَم أن العثرة ستأتي حتمًا. تعلم أنت ألا تتعثر من الآخرين، كيف؟ أخبرنا يسوع وقال:

 “اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ.” (لوقا ١٧: ٣). احترز أي اصحَ، ثم وَبَّخه، اعتدنا على سماع؛ “إن أخطأ إليك أخوك اذهب وعاتبه”، لكن هنا اختلف الأمر، إن أخطأ أي إن حاول تخفيف حياتك الروحية، ضعْ له وقفة!

 عندما يأتي أحدهم ويخبرك: لا يهم أن تذهب للاجتماع اليوم، ليس واجبًا أن تصلي، لنخرج نقضي بعض الوقت ونتحدث، أو يستهتر بك في بيتك، أو يأتي إليك شخصٌ في العمل وقت الراحة ويريد أن يضيّع وقتك وأنت تريد أن تدرس الكلمة. ضع له وقفة أي قل له أنا مُنشغِلٌ، هذا الوقت غير متاح. ربما يبدأ أحدٌ في السخرية منك بعدما درست الكلمة وإن أخطأت يبدأ في لومك ومعايرتك؛ أين الصلاة التي كنت تصليها!

 يحذّر الكتاب من هذا! قفْ ضدّ هذه الأمور! وخاصة في بداية محاولتك إصلاح أمور في حياتك، ستجد مقاومات وعثرات كثيرة. لا تسأل لِما أتت هذه العثرات، يخبرنا الكتاب إنها ستأتي، لكن السؤال ماذا ستفعل حيالها، لتوقف هؤلاء الأشخاص وإن غَيَّرَ الشخص مساره وبدأ يسلك بشكل صحيح لتغفر له.

 كم من المرات تغفر له؟ لا نهاية، ليس عددًا حرفيًا لكن سبعة رمزٌ للكمال، كل المرات، فلا تغلق قلبك تجاه الشخص، إن تاب اسلك بمحبة، هناك أشخاص تكون في مجموعات بيوت وإن أخطأ أحد تجاههم يتركون المكان فورًا! لا ليس هذا ما نتحدث عنه.

 احذر من أن تصطدم مع نفسك أو في صلاح الله أو في الناس، بالطبع احذر أيضًا من إبليس، إن لم تصحَ وتنتبه لحياتك أنت تصنع لنفسك فخاخًا، ربما لا تظهر في الحال أو ربما لا تعرف كيف تربط الأمور ببعض.

▪︎ الأمور مرتبطة ببعضها:

 الأمور مرتبطة ببعضها؛ عندما أتى الرب يسوع على الأرض ورُفِضَ من الناس قال لهم: “بيتكم يترك لكم خرابًا”. من هذه اللحظة فارق الروح القدس الهيكل، وبعد هذه اللحظة بأربعين عامًا هُدِمَ الهيكل! بالطبع هناك أناس ماتت خلال الأربعين عام ولم يروا تحقيق كلمات الرب يسوع، ومن وجهة نظرهم أن يسوع نبيٌّ كذّابٌ تم قتله وانتشرت أكذوبة تقول إنه قام، وانتهى الأمر.

 إن كنت من بعيد لن تربط أن هدم الهيكل له علاقة بطرد يسوع منه، فبين الحدثين أربعون عامًا، هكذا هناك أمور يحذّر الكتاب المقدس منها أنها خطر، فلا تستهِن بالأمر، فربما لن ترى نتائج في الحال ولكن سيترتب على هذه الأمور مشاكل فيما بعد، وفي هذا الوقت لن تربط الحدثين ببعض وتسأل لِما حدث هذا أو ذاك!

 يحدث هذا كثيرًا في هذه الأيام، فتقول لشخص: سبب هذه المشكلة الحقيقي سلوكك بعدم محبة، فيرد ما دخل هذا بذاك؟ أو تخبره سبب الفشل في دراستك هو صداقتك بهذا الشخص، أو سبب انهيار عملك هذه الشراكة، تجده يجادل ويقول لا السبب هو اقتصاد البلد.

 إن كان الاقتصاد هو السبب إذًا لِما هناك أشخاص لم تتأثر بهذا الاقتصاد بشكل سلبي؟ مثلاً يعتقد أن سبب المرض شيئًا معينًا وهو غير ذلك السبب، وهو لا يعرف كيف يربط الأحداث ببعض. اصحَ حتى للأفكار، لا تقبل الخوف والشك والإحباط، هذا من إبليس.

 ترك أيوب نفسه لأفكار الخوف وكان لهذا عواقبه الوخيمة؛ “٢٥ لأَنِّي ارْتِعَابًا ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي، وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ. ٢٦ لَمْ أَطْمَئِنَّ وَلَمْ أَسْكُنْ وَلَمْ أَسْتَرِحْ، وَقَدْ جَاءَ الزُّجْرُ».” (أيوب ٣: ٢٥، ٢٦).

 بسبب تركه لأفكار الخوف صنع لنفسه فخًا، وحاصره إبليس. كان إبليس يرمي عليه أفكارًا أنه سيفقد أولاده وصحته وكل ما له، كان أيوب يتأمل هذه الأمور والنتيجة ما ارتعب منه أتاه! كن صاحيًا لأفكارك.

 هناك أشخاص تقبل أفكار الخوف وتعتقد أنها من الروح القدس وأنه ينذرهم، لا إن كنت تسير مع الكلمة بطريقة صحيحة، وتعرف كيف تسمع الروح القدس، ستميز الأمور دون الحاجة إلى الخوف.

 إن أنذرك الروح القدس لشيء معين، سيخبرك ليس لأنها مشيئته أن يحدث الأمر لكن لتصلي من أجله وتغيّره لأنه يحبك. فلن تكون خائفًا بل ستكون مُنسجِمًا مع حبه. لا تقبل الأفكار المُلقاة عليك. اصنع مجالك الفكري من الكلمة.

▪︎ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ:

 ” ١٩ أَمَّا الَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ الضِّيقِ الَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ اسْتِفَانُوسَ فَاجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِالْكَلِمَةِ إِلاَّ الْيَهُودَ فَقَطْ. ٢٠ وَلكِنْ كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَهُمْ رِجَالٌ قُبْرُسِيُّونَ وَقَيْرَوَانِيُّونَ، الَّذِينَ لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ كَانُوا يُخَاطِبُونَ الْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ. ٢١ وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ. ٢٢ فَسُمِعَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا لِكَيْ يَجْتَازَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. ٢٣ الَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ، وَوَعَظَ الْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ.” (أعمال الرسل ١١: ١٩-٢٣).

 “يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ”: علّمت عن عزم القلب منذ سنين، دعني أخبرك ما معنى عزم القلب، فهو تعبير قوي جدًا في اليوناني، عزم القلب أي الثبات بالتزام وبغير تزعزع أو اهتزاز. أن تكون ثابتًا حقيقيًا، ومُرتميًا بكل قلبك وشغفك على الشيء أو الشخص.

 فيما ستثبت؟ فالثبات مُرتبِطٌ بوضع هدف تتمركز وتؤسَّس عليه، حيث يكون الأساس الذي ستثبت فيه وتتقدم وتضع كل قلبك بكل ما تملك فيه.

 الهدف هو: أن ذهني بالكامل للرب، مشاعري للرب، لا أسمح بالحزن أو اليأس أو أفكار الهزيمة، ولا تخيّلات الهزيمة، ولا حتى أفكر وأشغل ذهني في الواقع، أو أتناقش أو أتفاوض معه. أنا لا أعطي مجالاً في ذهني للتفكير بناءً على الحواس الخمس وكأنها حقيقة، بل أفكر في الكلمة فهي الحقيقة. أثبت عيني على الهدف للأمام فقط.

 ضع هدفك أن ما كُتِبَ عنك في الكلمة هو يكون واقعك. كيف؟ أولاً ابدأ بالتخطيط، ضع هدفًا ثم رؤية أو مُجسَّم صغير للهدف في خيالك، ثم خطط لهذا الهدف، ابدأ بالخطوات العملية والتزم واستمر فيها.

 إن كان هناك شخص يريد أن ينقص وزنه، إذًا الهدف هو إنقاص الوزن. الصورة هي تخيُّل الشكل النهائي بعدما نقص وزنه، كيف يتحرك بسهولة ويرتدي ما يريد، وما الطعام الذي سيأكله، ثم يضع خطوات عملية، مثلاً نظام غذائي معيّن أو رياضة ما، ثم يفعل هذه الخطوات، أي يلتزم بالنظام الغذائي الموضوع ويستمر فيه.

 نقطة الاستمرار نقطة هامة؛ فربما يبدأ لكنه لن يصل لتحقيق هدفه ما لم يستمر فيه -هذه هي نقطتنا عزم القلب، الاستمرار والثبات في الهدف- ثم يسلك بإيمان؛ أي يدرك إنه بالفعل بدأ وزنه ينقص، حتى إن لم يرَ الدهون وهي تسيح أمام عينيه، هو يصدق أنه طالما اتّبع النظام الموضوع هو ينقص، فلا ينظر للعيان.

 مثال آخر المذاكرة: بنفس الخطوات هدف ثم رؤية ثم خطوات والالتزام والاستمرار والسلوك بإيمان وفرح لأن هدفه بدأ في التحقُّق، انتبه لهذا المبدأ جيدًا (عند غياب الالتزام توقّعْ الفشل)

 خلفية الشاهد السابق كالتالي؛ كان هناك أناس قبلوا الرب حديثًا، فكانت الوعظة لهم أن يثبتوا في الرب بعزم القلب.

 خطوتان: ضع هدف والتزم به، كن صاحبَ رؤية. إن لم ترَ الأمر داخلك لن يحدث خارجك. في أي مرة ترى شيئًا يحدث في حياتك ليس من الكلمة، لتضعْ أنت مجالك الفكري، لتعكس الصورة، اِخْلقْ أنت الصورة. من الآن تخيّل نفسك وأنت تصلي بحماس وستصلي بحماس.

 إن كان هناك بيتٌ خَرِبٌ، أو يوجد عدم تفاهم، أو أبناء غير مُطيعين، أو أناس لم يقبلوا الرب في عائلتك، إن كان هناك تعب وعناء وفشل في شغلك أو دراستك، ضع أي ظرف غير كتابي وابدأ في وضْع الصورة السليمة، وقتها لن يدخل إبليس في هذه الزوايا مرة أخرى.

 لا تشاكل هذا العالم. لا تمشي في مواكبة مع طرقه وهزيمته، مع يأسه وإحباطه وكل ما يرتبط به. كيف لا تتأثر بالأحداث التي تحدث في العالم؟ عبر تجديد ذهنك.

▪︎ وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ:

 سيمتلئ العالم خلال الفترة القادمة بالأحداث المتتالية والسريعة. كيف تخرج منها بلا خدش بل وبغنيمة؟ الإجابة في الشاهد التالي:

 “١ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. ٢ وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رومية ١٢: ١، ٢).

 لا تأخذ شكل هذا العالم، لا تشاكله، تذكَّر أن الشكل أو الحالة الخارجية يمثل الشخصية. هنا لا يتحدث عن الملابس، لكن شخصيتك، ظروفك الخارجية، أحداثك، تغيّر عن شكلك، كيف؟ بتجديد ذهنك.

 حالة الحراسة والسهر لأفكارك وتخيلاتك عن نفسك. لِما تكون مُتحمِّسًا في الاجتماع ووقت الصلاة، وعندما تنتهي تخرج بنفس الشخصية؟ لأنك لم تضع لنفسك الصورة التي ستكون عليها بعدما تخرج.

 السهر هو وضع أفكار وصور عمدية رؤوية، هذا هو السر وراء نجاح يشوع في أريحا (كانت أريحا الباكورة، لهذا لا يجب أن يُؤخَذ منها شيءٌ فعندما أخذ منها الشعب هُزِمَ)

 كانت أريحا أول تحدي ليشوع ليدخلوا أرض الموعد، فعندما صلى يشوع، أخبره الروح القدس أن يتأمل، أي ينظر بخياله أن البلد كلها وضعها الرب في يده، هذه كانت الطريقة لكي يغلب. يجب أن يمرّر هذه الصورة على ذهنه، وبهذا يمضي للرب الموافقة كي يستطيع التدخُّل في الموقف. لو لم يتأمل كما أمره الرب لم يكن ليغلب.

 لذا بدأ يشوع يرى أن أسوار البلد سهلة وسَلِسَة وأن البلد في يديه، هذه هي طريقة الله عندما تنظر بطريقته تري العالم صغيرًا جدًا مقارنة بك وأنت مُتّحِدٌ بالروح القدس!

 عندما كنا في وقت تعليم الأطفال، أخبرتهم مبدأً هامًا: ابدأ بالأمر الذي تراه صعبًا، تعلّم أن تهجم على الشيء الصعب، لا أن تهرب منه وتتركه للنهاية. تعلّم أن تواجه. يوجد داخلك قوة ضخمة لن تخرج إن لم تضعها وضع التنفيذ!

 ماذا سيحدث عندما تتغير عن شكلك بالكلمة؟ ستختبر إرادة الله. معنى تختبر، أي ترى يد الروح القدس بشكل عملي في مواقف حياتك، ترى الكلمة حقيقة واقعية أمامك. جدّد ذهنك. ضع أفكارًا جديدة غير الموجودة في الموقف.

 أتريد أن تختبر (تذوق) أمورًا رائعة في حياتك؟ هل تحتاج معجزة في هذا الوقت؟ أتتوق أن تتمّم دعوة الله على حياتك، إذًا تغيّر عن شكلك بتجديد ذهنك، التزم، اسهر.

السهر هو عدم التأمل في الأمور العالمية والتأمل في الأمور الروحية بصورة عمديّة.

▪︎ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ:

 لاحِظ التدرّج: صالحة، ثم مرضية، ثم كاملة. في البداية صالحة؛ فتجد حلولاً بسيطة في الموقف، ربما لم تجد معجزة خارقة وواضحة، لكنك وجدت حلاً! فيخبرك شخصٌ: رائع أنك وجدت حلاً بدلاً من بقاء المشكلة كما هي، فترد وتقول لكن كنت أريد معجزة واضحة وتبدأ في الإحباط.

 في هذه اللحظة يدخل إبليس ليسرق الثمر الذي بدأت تجنيه بالفعل، لماذا؟ لأنك لم تفرح بمعجزتك التي تبدو صغيرة في نظرك، وبدأت تفكر بطريقة إبليس، ولم تُقدِّر ولم تُهلِّل بالنتائج التي بدأتْ تظهر في حياتك.

 إن كان شيئًا يستغرق منك عشر ساعات، وانهيته في ثمانية، لتعيّد بهذا الإنجاز! المرة القادمة ستفعلها أسرع. إن ظهرت بعض الأعراض المرضية، والتي يمكنها أن تظل لأيام وأخذت معك يومًا، احتفل بهذا الإنجاز، لا تقل هذه ليست معجزة لكنها مناعة قوية، لا! لِما تظل الأعراض نفسها لوقت أكبر مع آخرين، أو تؤدي بهم إلى البقاء في المشفى؟! هذه يد الروح القدس.

 هذه قوة الله لا تحتقر وتُقلِّل من معجزتك، بل اصحَ واسهر، هذه الأمور التي تبدو بسيطة، تجهض معجزتك وهي عاملة في حياتك.

 إذًا أول مرحلة هي صالحة، حسنة. يوجد حالة أروع إن استمريت في وضع أفكار وصور سليمة من الكلمة وثَبَتْ فيها بعزم القلب، إن ارتميت بكل قلبك ستدخل إلى ثاني مرحلة؛ المَرْضَيّة.

 ذُكِرَ لفظ عزم القلب أيضًا بمعنى اعكف: “إِلَى أَنْ أَجِيءَ اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ.” (١ تيموثاوس ٤: ١٣). حالة من الانطراح والتركيز. ضع كامل نفسك فيه.

 ثم تدخل إلى المستوى العالي: الإرادة الكاملة. مرة أخرى الطريقة تكمن في تجديد ذهنك بالكلمة. لا تتوقع أن أخبرك طريقة أخرى، هذه هي الطريقة. ربما تبدو بسيطة لكنها عميقة جدًا، هي الأساس الذي يُبنَى عليه كل شيء آخر. قد تتساءل؛ هل كلماتي وتفكيري مُرتبِطة بظروفي؟ بالطبع نعم! لهذا التزم أن تضع قلبك بالكامل وتثبت الصور التي تضعها لحياتك من الكلمة.

▪︎ ابدأ التطبيق:

 عندما تتحدث مع أحد ويخبرك سيطردوا بعض الموظفين من العمل، ماذا تفعل في مثل هذا الموقف؟ اعكس الصورة، أعْلِن: هذا لن يحدث معي، يسقط عن جانبي ألفٌ، ربوات عن يميني، إليّ لا يَقرُب!

 يقولون إن الأسعار تزداد لا نعرف كيف سنعيش، وكيف سنأكل قوت يومنا، ما ردّ فعلك تجاه هذا؟ أيضًا اعكس الصورة، أنا مصدر اقتصادي سماوي، أنا وضعي مختلف، أنا لست مثل العالم.

 عندما تفكر بالكلمة وتتحدث بها في الموقف، تجد الروح القدس يتحرك بقوة شديدة فيه، وتجد أن الأمور السلبية التي تحدث في العالم ومع غيرك، لا تحدث معك.

 ربما تكون في عملك، وتجد كل الموظفين أُصِيبوا بالعدوى، كل واحد أصاب الآخر، وأنت تعمل معهم طوال اليوم، لكن العدوى لم تصبِك. أنت في منطقة من الحصانة الداخلية، تأتى عندك البكتريا والفيروسات تقع وتموت؛ نتيجة القوة الخارقة الخارجة منك، هذا عمل الروح القدس!

 عندما تستمع لمكالمة في الشغل يخبروك اختفى شيءٌ هام يتوقف عليه العمل، ولا ندري ماذا نعمل، انظر لصورة مختلفة، انظر أنك تجد هذا الشيء؛ لأن الكتاب يقودنا للربح وليس للخسارة، يمكنك الرجوع لتعليم الازدهار على الموقع، فتقدر تعرف كيف تصل للشيء بمعجزة، هذا دور الروح القدس.

 بدلاً من أن تسمع الأخبار، وتهبط داخلك وتحبط، استقبل الخبر بروحك وليس ببشريتك، لا تستقبله بطريقة عالمية. ضعْ روحك المُتّحدة بالروح القدس في الواجهة، ابدأ لترى الموقف بدلاً من إنه لهزيمتك لكنه لترقيتك، وفرصة كي تظهر أيدي الروح القدس في الموقف.

 لا تتحدث مثل العالم عند سماع الأخبار. لهذا عَلّم أطفالك: حبيبي عندما تدخل المدرسة ستجد أناسًا دائمًا تهبّط عزيمة الشخص كي لا يذاكر. أخبره أيضًا، احذر هذه ليست أفكارًا مصدرها إلهي. أترى أنت تحذّره مسبقًا، وتزرع فيه الكلمة بشكل مسبق.

 ينبغي أن تعرف فيما يفكر طفلك طوال الوقت، فيجب أن يشغل ذهنه دائمًا بالكلمة. ابدأ ضع الكلمة في ذهنه. ضعها مادة فكرية عنده إلى أن تصبح طريقة تفكيره، ممنوع أن يفكر بطريقة خاطئة، بهذه الطريقة لن يدخل جسده أمراضًا، وفي ظل أن الجميع يعاني فشلاً يكون هو قادرًا على السيطرة على جسده.

 لن تجد طفلك يسرح فيما بعد، المشكلة التي يعاني منها الكثير من الأطفال -يوجد أبناء ذهنهم في عالم آخر- تنادي على ابنك وهو لا يسمع أو الأسوأ أن يسمعك ولا يجيب. هذه الحالة من السرحان والعصيان لن تجدها في أولادك؛ لأنك أطعمتهم الكلمة.

▪︎ خلاصة:

 هذا وقت لتختبر فيه إرادة الله، عن طريق أن تصحى لذهنك وأفكارك ابدأ في وضع أساسات لنفسك: لن أقع مع الله، أو مع الآخرين، أو مع نفسي، أو إبليس.

 مرة أخرى احذر الخطأ الشهير، أن تقع أمام نفسك. ارتمي على الروح القدس، احذر لأنك إن انقلبت على نفسك ستُبتلَع!

 لهذا ضع في ذهنك هذا المبدأ الهام: إما أنا مع الروح القدس أو أنا الآن أُبتلَع! إن لم أرتفع إذًا أنا أهبط، إن لم أكن أفكر في الرب، إذًا أنا أفكر في إبليس، كن جادًا وصارمًا، لتكن أكثر التزامًا فيما بعد.

 ابدأ تخيّل نفسك وأنت تصلي بحماس وبسلاسة. تخيّل نفسك وأنت تعبد الرب وتلهج في الكلمة أكثر. مسألة وقت، وترى نفسك بدأت في وضع التنفيذ، وتصلي بحماس وسلاسة، حتى إن لم يتجاوب جسدك في البداية، ابدأ أولاً بوضع أفكار. هذه هي الطريقة التي تحدّد ماذا ستختبر.

 انتبه، الأفكار أما أن تبنيك أو تهدمك! الأفكار هامة جدًا، آن الأوان أن تستيقظ الكنيسة، الرب على الأبواب! الوضع في العالم سيزداد سوءًا، أنت حاجزٌ للإثم ومانع للشر في الأرض.

 يخبرنا الكتاب أن نصلي لأجل منطقتنا والعالم حولنا، ولكن لا أن نفكر بطريقته. إن فكرتْ بطريقة العالم ستُجرَح. إن فكرتْ باكتئاب وحزن وأسى، ستعاني. أعلن أنا أفكر بالكلمة، أنا أختبر فقط الأمور الصحيحة، أنا في نجاح فقط، قوة الروح تعمل في حياتي، آمين.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$