القائمة إغلاق

الإيمان العامل – الجزء 14 Working Faith – Part

 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا

لسماع العظة الساوند كلاود أضغط هنا 

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

(العظة مكتوبة)

الإيمان العامل الجزء 14

 

▪︎ للقلب والفم وظائف مُختلِفة.

▪︎ احذرْ! لئلا يُعيق هذا إيمانك.

▪︎ السلام الداخلي وماذا يُعني؟

▪︎ تطبيق الإيمان في حالة السلام الداخلي.

▪︎ مبدأ التَدرُّج.

 

▪︎ للقلب والفم وظائف مُختلِفة:

٨ لكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» أَيْ كَلِمَةُ الإِيمَانِ الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا: ٩ لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ. ١٠ لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ.” (رومية ١٠: ٨-١٠).

 “يُؤْمَنُ” & “يُعْتَرَفُ” لاحظ جيدًا التشكيل لتقرأها بشكل صحيح، فالأفعال هنا مَبنيَّة للمجهول. القلب هو روح الإنسان وهو مُخصَّصٌ للإيمان، أمَّا تَخصُّص الفمّ فهو أن يُعترَف به أي يستدعي الشيء، كما تُعني كلمة “اعتراف” أن تقول شيئًا كما هو.

 إذًا بناء على هذا الحَقّ، نحن بداخلنا إمكانيات في أرواحنا أن نُؤمِن، وإمكانية للسان أن يستدعي الشيء للوجود، ومِن هنا يُمكِن تلخيص الإيمان بأنه إيمان قلبي يُصاحبه اعتراف فَمّ، كما كُتِبَت في بعض الترجمات كالآتي: “يأتي الفم بالخلاص أو يستدعيه، ولابد أن يسبقه حالة إيمان قلبي”.

 شَرَحْتُ مرارًا كثيرة مفهوم التأمُّل خلال هذه السلسلة، لأنه يوجد من يتسرَّع ويُعلِن الكلمة مباشرةً لكن يجب أن يسبقها حالة الإيمان القلبي، أي التشبُّع بالشيء وأن تراه في روحك وتبدأ بمطابقة ذهنك مع ما تقوله الكلمة فتصل لمرحلة اقتناع تام بالكلمة، فيكون منسوب الاقتناع الداخلي لديك أعلى من أي أمر آخر (العيان أو ما تشعر به وتراه).

 مثلاً إن كنت تشعُر بعدم شهية تجاه الكلمة وحُبك للرب، الحلّ هو فهمك أن هذه ليست الحقيقة بل لديك حُبٌّ للرب بالفِعْل، قد يكون هذا الحب بدأ يبهُت أو يَضعُف لكن مازال في قلبك إمكانية الحُب للرب، ولكي تَخرُج من هذه الحالة عليك بفحص ما تقوله الكلمة عنك وألَّا تُصدِق ما تشعر به وتعلن بلسانك ما قالته الكلمة عنك وهذا ما سيُخرِجك من انتظار تغيير المشاعر.

▪︎ احذرْ! لئلا يُعيق هذا إيمانك:

 تذكَّرْ جيدًا إنه مِن ضمن أعراض أواخر الأيام هي التقدير المُبالَغ فيه للمشاعر، وبالتأكيد ستسمعها تُقال على المنابر أن ما تشعر به هو ما ستكون عليه، وإليك الشاهد الكتابي الذي يُثبت هذا الكلام:

١ وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، ٢ لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، ٣ بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، ٤ خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، ٥ لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ. ٦ فَإِنَّهُ مِنْ هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ، وَيَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا، مُنْسَاقَاتٍ بِشَهَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. ٧ يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ أَبَدًا.” (٢ تيموثاوس ٣: ١-٧).

 “سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ”؛ هذه نبوة عن الأيام الأخيرة، عُمر الأرض هو ٦٠٠٠ سنة واليوم السابع هو يوم الراحة أي المُلك الألفي ويتمّ تقسيمهم هكذا ٤٠٠٠ سنة عهد قديم و ٢٠٠٠ سنة عهد جديد ويُطلق عليهم آخِر الأيام؛ بولس هنا يتحدث عن آخِر أواخر الأيام أي الحقبة الحالية التي نعيشها نحن.

 لفظ “سَتَأْتِي” يُعطِي إيحاءً بأنها ستَحدُث في المستقبل لكن بالرجوع للأصل اليوناني تجدها بمعنى أن الناس ستُحاط (أي ستُحاط بمجموعة من الناس يَعبُرون بأزمنة صعبة). “صَعْبَةٌ” أي حالة من الهياج.

 “٢ لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ“: أي كُل شيءٍ مُلِذٌ للذات ويستخدم هنا صيغة الجمع لأنه يقصد كل الناس في وقتنا الحاضر.

 لفظ “٣ عَدِيمِي النَّزَاهَةِ” يأتي في اليوناني akratēsوهي مُشتَق منها كلمة “كاراتيه” أي عديمي القوة (لا يملكون القوة لفِعْل شيءٍ مُعيَّنٍ)، وهذه من أعراض أواخر الأيام أنّ الأشخاص يعرفون ما يقوله الكتاب ولكن ليس لديهم القدرة على تنفيذه.

 “٥ لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا”؛ هذا أشبه بالمانيكان الموجود بمحلات الملابس، فقد تُخدَع فيها مُعتقِدًا أنها بشرٌ حقيقيٌّ، ولكنها في الحقيقة ليس كذلك. يتحدَّث هنا عن التماثيل القريبة جدًا للواقع.

 “فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ”؛ لا يوجد حلٌّ سوى أن تبتعد عن كل شيءٍ يُضعِفك روحيًا، لاحظ أن هذا الحديث يدور عن أشخاص داخل الكنيسة بالفعل، هل أنت مُدرِكٌ إلى أي مدى وصلَ هذا الخداع؟!

 ثم يتكلَّم عن الإنترنت وحالات الطلاق بكثرة، “حاِنثينَ” أي كاسري الوعود ورافضي الالتزام بالعهود، والسِرّ في هذا الأمر تجده في العدد السادس في لفظ “يَدْخُلُونَ” أي يتسحَّبون ويدخلون بصورة خفية للبيوت.

 على مَرّ الزمن سبَّبت هذه الكلمات حيرة للعلماء، فأخذوا يتساءلون؛ “كيف يدخلون خفيةً؟!” هذا الكلام حرفي! وتجده اليوم عن طريق الإنترنت، فهو يَدخُل البيوت ويتسحَّب داخلها لدرجة أن تجد الأشخاص مَسحوبين من فيديو لآخر وهم داخل بيوتهم كما تجد تعاليمًا تُروِّج لحُبّ الذات وأنّ ما تشعُر به هو أنت!

 أيضًا أصبح مَن يتكلَّم عكس هذا، يُشخَّص على إنه روحي (مدروِش بالعامية) أي يُروحِن كل شيء، لدرجة أنه أصبح من العار أن يُقال على شيء إنه روحيٌّ حتى داخل الكنيسة نتيجة لِما تمَّ ترويجه عن حُبْ الذات والنفْس البشرية.

 نفس هذه الكلمة في اليونانية مُترجَمة إلى انبعاثات النَفْس والشخص يتبعها، لذا لديهم القدرة لسَحب الأشخاص الذين لديهم خطايا؛ “وَيَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا” أي مُثقَّلين نتيجة أنهم باستمرار يشعرون باللوم وأخطاءهم أمامهم دائمًا، هؤلاء هُم أشخاص مُنفتِحة على الأخطاء وليس بالضرورة الوقوع في الخطأ فعلًا، وهذا ما أوصلهم لحالة مُعاناة إضافية.

 لم يَكُن بولس قَلِقًا على تيموثاوس لئلا يكون مُتسكِّعًا في الشوارع، فيوجه له النصيحة بأن يحترز من العلاقات السيئة، لا الأمر ليس كذلك!

 في الحقيقة هو يتكلَّم مع راعي كنيسة أفسس التي تحوي في داخلها بعض الأعضاء بهذه الحالة من التَشكُّك والتَردُّد والتي تجعل الشخص يقع في إيمانه. حتى تتحرَّك في الإيمان بالصورة السليمة تحتاج أن تُواجه المشاعر التي تَشعُر بها وتضع كلمة الله وتُطبِّقها تجاه هذا الموقف.

▪︎ السلام الداخلي وماذا يُعني؟

 من ضمن معاني الخلاص هو أن تستمتع وتنعم بالسلام، وكلمة “السلام” لا تُعنِي فقط أن تَنْعم بالسكينة والهدوء الداخلي، لكن أن تكون كل أفكارك مُرتَّبة ومُريحة مثل وصلات الأسلاك بدون شرز. توجد حالة من الفَهْم لنفسك ومعرفة سبب مُضايقتك وكيف تتعامل معها، بل وتفهم جيدًا أن هذه المشاعر لا يُمكِنها أن تسحبك، فأنت وصلت لمرحلة من القناعة والإدراك ولديك إجابات أكثر مما لديك من استفهامات.

 إذًا السلام هو حالة من الاستقرار وعدم وجود احتكاك داخلي بين الأفكار والتَذبذُب بين فِكْرة وأخرى، وهذا كله يُؤدي إلى السلام مع الآخرين، دعني أُخبرك أن أي قلق حدثَ مع الآخرين أنت لديك يدّ فيه بسبب قلقك الداخلي.

 “لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.” (١ تيموثاوس ٦: ١٠)؛ هنا يَذكُر الكتاب لنا أنّ مَن التفت وتَمحوَّر حول شيء خاطئ، يضلّ عن المحور السليم ويُطعِن نفسه بأوجاع كثيرة. هل لاحظت هذا! إنه يُطعِن نفسه وليس المُحيطين به وهذا يُؤدِي به إلى استدعاء مشاكل على حياته لأن أفكاره غير سليمة.

 أدركْ جيدًا أنّ الله لا يغضب عليك وأنك لست بحاجة إلى إرضائه، بل وافهمْ السبب وراء الأحداث السلبية التي واجهتك ولا تُلقِي باللوم على الله أو أشخاص حتى وإن تَورَّطوا وكانت لهم يدٌّ فيما حدثَ. لديك القدرة أن تُغيِّر حياتك مهما كانت الأحداث حولك.

 هو حالة من الأفكار السليمة تؤدي بك إلى تشخيص سليم ومِن ثَمَّ قرارات صحيحة، أما قراءة المواقف وتشخيصها بطريقة خاطِئة تنتهي بك إلى اتّهام الله والآخرين.

 هي حالة تشمل كيف تضع إيمانك لتعيش هذا السلام، يؤدي غياب السلام في مراحل مُتطوِّرة لدى البعض لعدم قدرتهم على النوم أو حدوث رعشة بالجسد وبعض الأمراض بسبب حالة الضُغطة وتشويش الأفكار.

 “حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ.” (أفسس ٦: ١٦)؛

 يُحدِّثنا الكتاب عن إبليس وسهامه المُلتهِبة، بالتأكيد لدينا القدرة على إطفاء هذه السهام بالإيمان، لكن دعونا نُفكِّر فيما يُحدِثه هذا السهم؛ فهو يُصاحبه شرارة في مقدمته (شُعلة). كان السهم هو من أدوات الحرب سابقًا والغرض منه أن يبدأ الأمر بشرارة صغيرة لإحداث حريق هائل في المكان المُوجَّه إليه، وهذا ما يَحدُث في الذهن البشري، فقد تُؤدَي كلمة واحدة إلى مُشاجرة مع الآخرين أو داخلك.

 إن كُنت مُتمحوِرًا حول ذاتك لن تستطيع الخروج من هذا الوضع لأنك مُستمِعٌ لصوت إبليس، وقد سبق وقال لنا الكتاب: “اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.” (١ بطرس ٥: ٨).

 أيضًا إن التفتت لهذا الزئير لن تستمع للروح القدس، فتجد نفسك غير قادِر على الاستغراق في النوم أو أخذ القرارات الصحيحة وقد تصل لحالة من الهياج والذُعر مُحاوِلًا التَخلُّص من الحياة، والسبب في هذا كله أنك مُعطِي قيمةً عاليةً للأمور التي تُضايقك.

 انتبه فالسبب وراء حالات الاضطراب وما يُسميه الناس “مرضًا نفسيًّا” هي أرواح شريرة، والتي تُسبِّب لك حالة من الضيق دون فَهْم السبب، فتُراوِدك أفكار مُنغِّصة، وحالة من الإلحاح الفِكْري.

 أيضًا قد يصل بك الأمر إلى مرحلة عُصاب الوسواس القهري أي إنك تُقهَر من أفكار كثيرة جدًا تُراودك، يمكن تشبيهها بحالة من الإلحاح والإصرار (الزَنّ)؛ “إنك لم تُصلِ، أنت لا تعيش الكلمة، كما إنك لا تُحِب بعض الأشخاص…إلخ”، فهي حالات من استخدام الكلمة ضدك، وهذه طريقة إبليس التي يعمل بها.

 تحتاج أن تفهم مبدأ هام: “أي فكرة مُصاحِبٌ لها ألمٌ أو تنغيص هي ليست من الروح القدس”

“أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.” (فيلبي ٤: ٨).

 كلمةحَقٌّمن ضمن معانيها في اليونانية كل فِكْرة مُباشرة وليس فيها التواء أو عدم نقاء أو تنغيص، تَذكَّرْ معي ما قالوه للرب يسوع؛ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ.” (متى ٢٢: ١٦)، فَهُم يريدون قول؛ “نعلم أنك تتكلَّم الحق ولا تُرائي”، وهذا معناه إنه كان يقول كل شيء بشكل مُباشر ويُعني ما يقوله.

 أي أمور أُخرى مُضافة على الفِكْرة هي أرواح شريرة، بالرغم من أن الفِكْرة مُستوحاة من الكلمة لكن إبليس هو مَن استدعاها على ذهنك. واجه الرب يسوع حربًا مع إبليس، وكل ما ذُكِرَ لنا استخدمَ إبليس فيه آيات من الكتاب المُقدَّس، لذا انتبه يُمكِن استخدام الكتاب المقدس ضدك بهذه الصورة؛ “أنت لم تُصلِّ جيدًا، أنت مُخطِئٌ…إلخ”، فهي حالة من التبخيس والتقليل منك.

 أُشجِّعك بدراسة (رومية ١٤) ولا تتعامل مع هذا الإصحاح على إنه يسرد لك قصة شخص يلوم على غيره لأنه أكل ما ذُبِحَ لوثن فحسب، بل تَعلَّم منها مبادئ. لا تفحص الآخر حتى وإن كان يمتنع عن أكل ما ذُبِحَ لوثن من أجل الرب، وبالفعل لا يوجد وثن لكن عليك أن تُقدِّر أنّ هذا الشخص يمتنع هيبةً للرب فخاف أن يأكل! لتُقدِّر هذا القلب حتى إن فعلها بطريقة خاطئة!

 اطلب منك تطبيق هذا الشاهد على نفسك! فإن حدثَ وأخطأت وأدركت أنك انجرفت لحالة الوسواس التي كانت تُهاجِمك، فأعلنْ أنك تفعلها للرب وأنك لن تقع مرة أخرى في هذه الفخاخ، بالرغم من حالة الإلحاح (الزَنّ) التي يتبعها إبليس، لا تُصاحب حالة الضغطة هذه.

 اضبط ذهنك لتستطيع سماع الروح القدس، فعندما يتكلَّم لا يُصاحِب صوته ألمٌ أو إدانةٌ وثِقْلٌ، أيضًا انتبه لمُخطَّط إبليس فهو يُحاول إدخال حالة عدم السلام للأشخاص بعدة طُرق وتتوقَّف على نوع الشخص، فإن كنت مُحِبًا للرب من كل قلبك يدخل إليك عن طريق أن يُشعِرك باستمرار بالتقصير.

 بينما إن كنت مُتفاوِتًا ولست في منطقة الحرص الإلهي، يُدخِلك إلى حالة عدم السلام عن طريق رصد عدم استقامة الآخرين وعدم دقتهم في حياتهم ويصل بك لمرحلة الاضطراب الداخلي فتُصاحِب أرواح شريرة!

 كلمة “إبليس” تأتي في اليوناني “diabolos” وهي تُعنِي حالة ضرب مُستمِر وإصرار للدخول، ويقع في هذه الفخاخ من لا يعرف كلمة الله أو يعرفها لكنه غير مُطبِّق لها، والعلاج هو أن تدوس على كل هذه التنغيصات وتحيا في سلام داخلي وتُعلِن: “أنا أحيا الكلمة من كل قلبي” وحتى إن كان هناك تقصير سأتداركه حُبًا للرب وليس تفاديًا لحالة الإصرار والإلحاح بسبب التقصير.

 إذًا ليس لأن إبليس يتكلَّم إليك (يُجرِّبك) بكلمة الله، فهذا يُعطيك الرخصة للترحيب به والتجاوب معه، لا، الأمر ليس كذلك! تَذكَّرْ الروح الشرير الذي كان في العرَّافة التي تكلَّمت وراء بولس وكيف وَجَّهه الروح القدس ليتحرَّك تجاه تلك العرافة (أعمال ١٦). كان الرب يسوع شخصيًا يُخرِس أي روح شرير يعترف به أنه الله المُخلِّص.

 ليس لإبليس أن يتكلَّم كلمة الله! تعلم ألا تُصاحب الأرواح الشريرة حتى لو دخلوا بخباثة إلى ذهنك.

 يشمل السلام الداخلي حالة الهدوء المَبني على الكلمة وليس أحكامك الشخصية، ربما نشأت على حالة من اللوم المُستمِر فتسمع صوت الروح القدس ولكن مُضاف عليه صوت الأرواح الشريرة المُصاحِبة، انتبه لهذا التعليم السطحي الذي يُقال في الكنيسة وينُص على الآتي: “عندما يتكلَّم الرب أو ما دُمت في حضوره، لن يستطيع إبليس أن يتكلَّم!”

 إذًا ماذا عن كلام إبليس مع الرب يسوع شخصيًا أثناء تجربته له؟! وماذا عن يهوذا الإسخريوطي الذي دَخَله الشيطان في حضور يسوع ذاته؟! لا ترعَ اعتقادات ليست كتابية، لأنها حتمًا ستُؤذيك. هذه السطحية أدَّتْ لأذى الكثيرين، فَهُم يعتقدون بأن أي صوت يسمعونه خلال الصلاة هو الرب وفي الحقيقة هي أرواح شريرة.

 ومِن هنا تحتاج أن تفهم أنّ السلام الداخلي مَبني على أفكار واضِحة في الكلمة وليس تشخيصك لنفسك بأنك على ما يُرام، أو حتى مشورة آخرين رائعين لكنها غير مَبنيَّة على الكلمة، ربما تكون دوافعهم صحيحة لكن الطريقة هي الخاطِئة، كُنْ فاهِمًا لكلمة الله وابحثْ عن التعليم الكتابي المُرتبِط بالأمر الذي تُواجهه، واذهب للرعاية الروحية لمساعدتك.

 تقوم حياتك اعتمادًا على السلام الداخلي، تخيَّلْ معي أنّ وصلات الكهرباء بمنزلك غير مُثبَّتة جيدًا، فهذا سيُؤدي إلى عمل الأجهزة الكهربائية بكفاءة أحيانًا ومرات أخرى تجدها لا تعمل وهذا أخيرًا يؤدي إلى تلف الأجهزة.

 يرتبط السلام الداخلي بأن تفهم زوايا ناحية قيمك وتقديرك للأشخاص والموقف، فيوجد مَن يعتبر الإهانة ولا يفرق معه أن يُسرَق مثلًا، أو لا يعتبر أن يُسرَق لكنه لا يقبل الإهانة أو أن يسخر منه أحد، إذًا شخصيته مهدومة في تلك الزاوية ويحتاج أن يبنيها من الكلمة.

 انتبه! أحد مُضادات الإيمان هو عدم معرفتك كيفية وَضْع حدود لِمَن حولك بينما همّ يهزؤون بك. إن سلكت بالكلمة وسُلطانها ستعرف كيف تتعامل مع أي موقف من خلال الكلمة، تكون هيبة الروح القدس عليك فترى الأمور بشكل مُختلِف وتُدرِك بأنهم غير مُتحكِّمين في مصيرك بل يُوجد سُلطان ولا يصح لأحد أن يستهزئ بك.

 أيضًا مِن المُمكِن أن يُوجِّهك الروح القدس مثلاً بعدم الضحك عندما يبدءون في السُخرية منك، وعندما تطيع تجدهم بدأوا يخافونك ويهابوك! أحيانًا أخرى تجد الروح القدس يُوجِّهك بأن تذهب للشخص الذي يُضايقك لتُسلِّم عليه، قد يبدو هذا ظاهريًا على إنه ضعفٌ، لكن الروح القدس يُعني بهذا أنك ستُؤثِر عليه بطاعتك للتعليمات.

 لا تنسَ القاعدة الذهبية وهي أنّ السلام الداخلي مُرتبِط بطريقة تفكيرك وليس الظروف الخارجية.

 “كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ”؛ إذًا كل ما يُضايقك ليس من الروح القدس، فقط كل شيء جيد. فأنت لا تُفكِر في عيوب الآخرين أو مشاكلهم.

 “وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ”؛ أي إنك تَصلّ لِما في قلب الآب من استقرار، فمهما يَحدُث من مواقف لا تلتفت إليها ولا تجعلها تسلب سلامك. كتبَ بولس هذه الآيات وهو في أسوأ سِجن في العالَم، حيث إنه كان مليئًا بالقوارض التي تُهاجِمه وهو مُقيَّدٌ كما كان يتمّ صرف مُخلَّفات القصر في هذا السجن. لك أن تتخيَّل هذا؛ حالة كاملة من الظُلمة القاتِمة وممنوع مِن أن يرى النور لفترة من الزمن.

 أرسلَ بولس هذه الرسالة وهو في هذا الوضع الأليم ولم يعتبر ما يَعبُر به من مشاكل. إذًا اكسرْ شماعة الأعذار وأنّ الظروف والأحداث هي ما أثقلتك، الحقيقة أنت مَن أعطيتها قيمةً، لتضع إيمانك في هذا الأمر فهو ميراثك وحقك في المسيح.

 لك أن تعيش في استقرار دون استعمال مُهدِّئات مهما ازداد العيان سوءًا، ما دُمت مُستمِرًا في التَأثُّر بالظروف الخارجية فأنت لا تعرف كيف تُشغِّل روحك بالصورة الصحيحة، القوة في داخلك وتحتاج أن تعرف كيف تُفعِّلها بصورة صحيحة.

▪︎ تطبيق الإيمان في حالة السلام:

 أولًا: هذا حقك في المسيح وتمارسه بأن تُوجِّه تفكيرك بحسب الكلمة في الموقف. تخيَّلْ لو حياتك كلها مليئة بأفكار خاطئة تجاه نفسك والأشخاص والله، ففي كل مواجهة ستجد الافكار المُخزَّنة في ذهنك هي التي تتصدَّر الموقف.

 ثانيًا: الصلاة بألسنة، فَمِن خلالها يُساعِدك الروح القدس أن تبني نفسك، (١ كورنثوس ١٤) لا يقصد فقط أنك تُعلِّي المبني رأسيًا لأعلى لكن تشمل أيضًا أن تكسر الحائط لتوسيع المبنى، الصلاة بألسنة تساعدك أن تأخذ إجراءات هدمية لِما هو خطأ في حياتك وتكتشف رثائك لذاتك، فالشفقة البشرية وليست الإيمانية تهدمك.

ثالثًا: تعلَّمْ الفِكْر الكتابي الصحيح، ولتعيش السلام الداخلي الذي هو حقك في المسيح عليك بضبط ذهنك والابتعاد عن السطحية التي دخلت الكنيسة والتي تُوجِّه بأن السلام الداخلي يكون بلمسة إلهية، كفى تخمينات! لنَكُن كتابيين.

رابعًا: عن طريق فَهمك للأمور بالصورة الصحيحة، ولتضع إيمانك في هذا الأمر وَجِّه تفكيرك حسب الكلمة. وإن استمرت حالة التَثقُّل والاضطراب وعدم السلام، لا تقلق، فبالطبع سُتهاجِمك هذه الأعراض.

 لكن لتتعامل معها عليك بوضع إيمانك أن الروح القدس يكشف لك ما هو خطأ في حياتك مِن تفكير، وإنه يساعدك تفهم كيف تتعامل مع نفسك، أما بالنسبة للسلام مع الناس لابد أن تكون في حالة صُلح داخلي، تحتاج أن تفهم ما الذي يجعل أفكارك مثل السهام قابِلة للاشتعال.

 لا يَحدُث السلام الداخلي بمعجزة فجأة، لكن افهمْ كل حقّ من حقوقك في المسيح. عندما تضع إيمانك وقتها تجد الروح القدس يساعدك لتهدم صفات أو أفكار ومبادئ خاطئة بشخصيتك.

 إن اتَّبعت هذه الطريقة ستجد الروح القدس يعمل على حياتك ويُغيِّرها، فيُوجِّهك للصمت في مواقف مُحدَّدة أو ألَّا تتضايق ويُوضِّح لك الأسباب فهو يساعدك أن تفهم نفسك وكيف تتعامل معها وبالتالي تعرف كيف تتعامل مع الآخرين، اجعل لديك توقعات بأنّ الروح القدس يعمل على شخصيتك لبنائها.

“وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.” (أعمال الرسل ٢٠: ٣٢)

 “تَبْنِيَكُمْ” تشمل حالة هدم للأفكار الخاطِئة وبنيان لغيرها صحيحة فتجد الروح القدس يعمل في مفاصل تفكيرك ليُثبِت الصحيح وينزع الخطأ (كثرة الكلام والمُزاح، والتباهي). يُدرِّبك الروح القدس لتفهم هل تُحِب أن تُظهِر للمُحيطين بأنك تعرف كل شيء، وهذا ما فَعَله بولس مع تيموثاوس عندما قال له: أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ.” (٢ تيموثاوس ٢: ٢٢)

 هنا لا يتكلَّم عن الشهوات الجنسية كما فَسَّرها البعض، لكن المقصود ما يطمح إليه الشاب بأن يكون فاهِمًا وعارِفًا كل شيء، وهذا ما يتَّضح من سياق وقرينة النص، حيث يقول ابتعد عن المُجادلة والأفكار التي تُراودك بأنك لا يصح لأحد أن يخدعك ويستغلك، وأنه لابد من الردّ على كل تساؤل تَحسُّبًا لاعتقاد صاحب السؤال بأنك تعجز عن مجاوبته!

 هذه شهوة وسعي وطموح مُلِحٌّ لدى الناس؛ ألَّا يُهزَموا في أي نقاش، وهذا بدوره يمنع ذهنك من السلام. يعمل الروح القدس ليبني حياة الإنسان وشخصيته. إن كُنت تتضايق إن تمَّ خداعك أو إن تَحدَّثَ أحدهم عنك في غيابك، ارجعْ ادرس السبب وراء مُضايقتك.

 ستجد أن لديك استطلاع وتَرقُب لِما يُقال عنك، وهي أيضًا حالة من الخوف وعبادة للذات، مُحبين للذات كما وَصَفهم الكتاب، وهذا لا ينفي أن تكون واعيًا كيف تتعامل، فالموقف يحتاج أن تكون في حالة من الهدوء والسلام مهما كان الضجيج والاضطراب حولك.

 هدوءك نابِعٌ من أنك تعلَّم جيدًا أنّ الروح القدس في صفك ويُحامِي عنك، أما إن كنت تلجأ لأخذ حقك بنفسك وتبرئة ذاتك طوال الوقت وربما تستند على بعض الآيات الكتابية لإثبات صحة موقفك، كتابيًا ليس من الخطأ أن ترد على الادعاءات أو حتى أن تلجأ للقضاء.

 إن مارست إيمانك طوال حياتك كلها لتَنعم بالسلام دون أن تدرس كلمة الله بعُمق سيظل يرافقك عدم السلام بالرغم من كونه حقّك في المسيح. سترى السلام يَحدُث في حياتك -الذي هو حقك في المسيح- عن طريق ضبط معايير وقيمّ ذهنك.

 انتبه! بالطبع يُعطي إبليس سماحيات ومُبررات للأشخاص ليتحرَّكوا بحسب ما زَرَعه فيهم أو في نموذج أمام أعينهم، مثل غضب الأب وكذب الأم فتجد القيمّ غير مرسومة بشكل صحيح، وقد تكون موجودة لكنها ناقِصة، أي إنّ ذهنك به مُلفات غير مُكتمِلة.

 إذًا لن يَحدُث السلام الداخلي وأنت غير فاهِم كلمة الله لكل هذه الأمور، طريقة الروح القدس لإعطائك السلام الداخلي هو أن تَضبُط طريقة تفكيرك ثم تفرض أنت السلام على ذهنك، حيث أصبحت لديك القدرة لإطفاء سهام الشرير؛ “١٠ أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” (أفسس ٦: ١٠، ١١)

 “أَخِيرًا” أي ما سأقوله له ثِقْلٌ وأهمية عما سبق، “تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ” & “الْبَسُوا” أي لا يُمكِنك أن تلبس سلاح الله الكامل وأنت لست قويًا، فهذا السلاح ثقيلٌ جدًا (وزنه 50 كجم فما أكثر)، فإن كنت غير مُستعِد له ستسقط.

“رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟” (الأمثال ١٨: ١٤).

 روح الإنسان هي مَن تحمله في وقت المشكلة أو المرض، لكن إن كُسِرَتْ، كيف سيُواجه الموقف إذًا، روحك هي المَسؤولة أن تُقيمك وليس الله من السماء، فهي من تُعطيك الدفعة والطاقة الداخلية. فإن غاب الفَهْم الروحي السليم تكون مثل البيت غير المُؤسَّس وأي زعزعة تهدمه.

 هكذا تأثير الأفكار على السلام الداخلي، هل يَكمُن سلامك في أن تكون كل الأشياء غاية في الانضباط في بيتك وعملك ومع الآخرين؟! قد تكون فاتِحًا شيئًا من السماحية بالخطأ في العمل مثلاً لأنهم أشخاص غير مُؤمِنين.

 لكنك في الحقيقة لك منظورٌ آخر بشأن أهل بيتك أو أخوتك في الكنيسة، فأنت تَحكُم عليهم بأنهم مُؤمِنون فلا عُذر لهم بالتقصير في الكلمة، إذًا حالة عدم السلام منبعها أنك تُعطِي سماحيةً وتبريء آخرين بينما تحكُم على فئة أخرى وتتوقَّع منها تصرُّفات بعينها.

 عندما ترى الجميع بقيمة واحدة وهي مُرتبِطة بالقيمة التي دفعها الرب يسوع وليس طبقًا لأفعالهم، سترتاح داخليًا من حالة الحرب والصراع. فتُعيد نفسك إلى القيمة والصورة الحقيقية السليمة للأشخاص، وأيضًا ستُقيِّم نفسك بهذه الصورة، فحتى إن أخطأت لن تقبل الإهانات والفشل على نفسك (الإلامة الداخلية).

 أمَّا إن كنت تعتقد أنّ الآخرين يرونك بهذه الصورة، تذكَّرْ قول الكتاب المقدس: وَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ، بَنِي عَنَاقٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ. فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ، وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ.” (العدد ١٣: ٣٣). هل لاحظت هذا؟! إذًا نظرتهم الداخلية هذه لأنفسهم ظهرت على سلوكهم وعلى سلامهم حتى في صوتهم.

 أيضًا تَحدَّثَ سِفْر الأمثال عن هذه النقطة وكيف إنه مُعجَبٌ بمِشيَة القائد أو الملك الذي يمشي مع جيشه وأيضًا تحدَّثَ عن غمزة العين. إذًا مشمول في هذا تعبيرات السُخرية التي يُردِّدها البعض الآن؛ “آه، ايه، هههه…” ونحن نفهم أسبابها من الشاهد.

 لماذا لا تتغيَّر هذه الأمور في حياة المُؤمِنين؟! فتجد أحدهم يستهزئ بالآخرين أو حتى يقبل نفس الاستهزاء هذا على نفسه، وتجد مَن يقول مثلاً: “أنا أسمعُ صوت الشيطان يضحك ويخبرني بأني فشلت” هذا كلامٌ ليس للمزاح، انتبه أنت بذلك في خطر!

 كيف يجرؤ إبليس من الأساس أن يتكلَّم معك! ارجعْ لأساسيات الإيمان والتي ذَكرْتُ فيها أن إبليس ليس له سلطانٌ عليك حتى وأنت في قمة الارتباك، فليس له أن يتكلَّم، هو مكتوم الصوت وصوته ليس له قيمة في عالَم الروح.

 لماذا تُعطيه أنت قيمةً؟ السبب أنك ما زلت تعتبر آراء الأشخاص حولك وأيضًا تضع نصب عينيك تقيّمك لذاتك طوال الوقت بحسب سلوك ما مِثل أنك صليت جيدًا أو واصلت خمسة أيام مثلاً بدون السقوط في الخطية، فبناءً على ذلك تَحكُم على ذاتك بأنك سليمٌ.

 انتبه جيدًا وافهمْ ما سأقوله: “إن فهمت البر بشكل سليم فسواء أخطأت أم لا فقيمتك هي نفسها أمام الله لم تتغيَّر” وهذه ليست دعوة للتسيُّب وإلا سيقودك للارتداد للهلاك، فهذا تمرينٌ تدريجيٌّ. أيضًا عندما تفهم السلام الداخلي لن يفرق معك أعمال سواء أخطأت أم لا فميزانك واحدٌ أمام الرب، وقيمتك قيمة يسوع، حتى نوع الخطية سواء بشع أو أقل فهذا تشخيص بشري، فأصغر خطية بإمكانها أن تُؤدِي إلى الجحيم.

▪︎ مبدأ التَدرُّج:

 “غِنَى الْبُطْلِ يَقِلُّ، وَالْجَامِعُ بِيَدِهِ يَزْدَادُ.” (الأمثال ١٣: ١١). الترجمة العربية هنا غير واضِحة، فدعني أسردها لك من ترجمة أخرى: “أي غِنى يَحدُث بصورة سريعة أو مشكوك في طريقته أو دون تعب (شخصٌ عاطِلٌ واغتنى)، حتمًا سيذهب سريعًا”.

 يُوضِّح الكتاب أنّ الغِنى الذي حدثَ بصورة فيها تَسرُّع أو غير عادلة أو نتيجة شيء ليس له قيمة (مثل أوراق اليانصيب مثلاً) هذه الثروة ستذهب سريعًا، بينما الشخص الذي يترقّى تدريجيًا، حتمًا سيزداد ازدهاره وثروته.

 يمكن تطبيق هذا المبدأ في جوانب كثيرة ولكني أتحدَّث اليوم عن المعجزات، بنفس هذا السياق إن تحرَّكت في أي موقف مُستنِدًا على حماسة مُعيَّنة وليس مبادئ الكلمة، فأي شيء حدثَ بسطحية وسرعة سيذهب سريعًا، بالتأكيد يوجد استثناءات والرب يسوع نفسه أنجزَ أمورًا بصورة فورية، لكن يوجد الكثير تمَّ إنجازه بصورة مُتدرِّجة.

“فَاسْتَخْبَرَهُمْ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي فِيهَا أَخَذَ يَتَعَافَى، فَقَالُوا لَهُ: «أَمْسِ فِي السَّاعَةِ السَّابِعَةِ تَرَكَتْهُ الْحُمَّى».” (يوحنا ٤: ٥٢).

 “أَخَذَ يَتَعَافَى” أي بدأ يتحسَّن أي إن الشفاء تمّ بصورة مُتدرِجة، فلا يعمل الروح القدس بصورة سريعة بدون أساسات. أي شيءٍ غير مُؤسَّس على مبادئ الكلمة يذهب سريعًا، من الممكن أن يَحدُث تَدخُّل إلهي سريع مثل تحريك ماء البركة فهذا كان تأثير الروح القدس وبالفِعْل حدثت شفاءات.

 لكن ماذا تكون النتيجة إن كان الشخص نفسه لديه مبادئ أُخرى تفتح أبواب لإبليس ولهذا السبب قال الرب يسوع: “بَعْدَ ذلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ فِي الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ».” (يوحنا ٥: ١٤)، أي إنّ شفائك ليس له ضمانٌ مُطلَقٌ بل هو مُرتبِطٌ بحياتك وأفعالك.

 تلك الأمور التي تَحدُث بصورة سريعة ليست بالضرورة في كل مرة أن يكون ورائها الروح القدس، إن كُنت سطحيًا مع الكلمة وحدثت لك معجزة سريعة سواء ازدهار مادي أو تَحسُّن في صحتك بدون أساس كتابي، من الممكن ألّا يكون من الروح القدس بل خداعًا من إبليس لتتواكل مرة أخرى وتترك الرب الذي كنت تنوي ان تتبعه!

 ثم يُهاجِمك بأعراض أكثر شراسة مِثْل مَن يُثمَّن للذبح، يعتمد إبليس هذه الطريقة مع من يُحبون الأمور السريعة والمُبرِّر لديهم أنّ هذا ما كان يفعله يسوع، ولكن الحقيقة هي أن الرب كان يُعدّ الشعب جيدًا بالتعليم عن الإيمان واستقبال الشفاء.

 كان الرب له المجد أحيانًا يشفي بصورة فوريَّة ولكن في حالات أخرى كان الشفاء يحدُث تدريجيًّا. لذا إن كنت تريد معجزة، يجب أن تدرس ما جاء في الكلمة بخصوص ما تواجهه، وتتعلَّم منها الصبر والذي أُعني به الوقوف على أرضك بثبات.

“لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ.” (١ كورنثوس ١٤: ٣٣)

 يأتي لفظ “تَشْوِيشٍ” في بعض الترجمات فرقعةً أو شيئًا مُفاجِئًا، وهذه الكلمة لها علاقة بالترتيب والتنظيم في اللغة اليونانية، فهذه هي طريقة تَحرُّك الروح القدس. إذًا توجد مُعجزات فورية بالفِعل، لكني أَشُك في الحالات التي تَحدُث مع أشخاص سطحيين في الكلمة وغير واضِعين قلوبهم مع الرب.

 حيث إنّ بعد عِدة أشهر يجدون الأزمة نفسها عادت من جديد، لكن مَن يسلك بالأساسيات الكتابية وهو واضِعٌ ذهنه وقلبه في الكلمة تجد معجزته تكتمل، مثل مَن يتحرَّك تدريجيًا فتَحدُث زيادة في ثروته وتنبُت صحته سريعًا.

 إن كان الكتاب المقدس يتحدَّث عن التَدرُّج، فالله يتعامل من خلال النظام الذي خلقه لجسم الإنسان، فهذا هو الجسد الذي سَيُقام، حيث يهتم الرب بكل شيء والدليل بعد إشباع الجموع طلبَ من التلاميذ أن يجمعوا الكِسَر ليس لأنه بخيلٌ أو عاش محرومًا بل كان هناك مَغزى مِمَّا حدثَ.

 مِن جهة الشريعة في العهد القديم فهي كانت تَحُث مَن يحصد محصوله أن يترك ما سقطَ منه ليجده الفقير. أما لدي الرب، فهذا خبز المعجزة وهو مِثل أكل الكهنة الذي لا يُمكِن لأحد أن يأكله لذلك طلب الرب يسوع من التلاميذ أن يجمعوا الكسر، فهذه البقايا هي تجسُّد لمعجزة.

 يمكنك الرجوع لسلسلة “تَمسَّكْ بكلمة الحياة” حيث ذكرت فيها عبارة “رأوا الصوت” أي إنه شيءٌ تجسَّدَ، التَدرُّج أمرٌ هامٌ جدًا والروح القدس يتحرَّك بهذه الصورة.

“وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ.” (مرقس ١٦: ٩).

  لفظ “أَخْرَجَ” في اللغة اليونانية بحسب المراجع المُستنيرة تَدُل على أنّ هذا الأمر حدثَ بصورة مُتدرِّجة، بمعنى أنّ الروح الشرير خرجَ بالفِعْل لكنه استمرَ لفترة من الزمن يُراوغ ذهنها، فتعود للرب يسوع لتسأله عن الأفكار التي تُهاجمها لينصحها بطريقة التعامل معها.

 هذه الكلمة تُفيد التَردُّد على الطبيب كثيرًا ليتعافى، في بعض الحالات تجد الأرواح الشريرة مُتشبِّثة بذهن الإنسان نتيجة قناعات، وعلاجها ليس صلاة انتهار مُتكرِّرة بل أن تنتهي القناعات، لاحظ أنّ استجابة الصلاة لتتحرَّر هو أن تستنير وليس أن يَخرُج الروح الشرير.

 شاركتني أحد الحالات في مُؤتمر الشباب الأخير إنه أثناء الصلاة بوضع الأيدي بعد استماعه للتعليم بالكامل وفَهْمه للكلمة، تمّ شفاءه من مرض نفسي عانى منه لمدة عامين وكثيرًا ما تردَّد على الأطباء كما كانت توجد إظهارات للأرواح الشريرة على جسده، لم يحدث الشفاء في المؤتمر لكن بعد أربعة أيام من انتهائه، وكأن تشابك في ذهنه تمَّ فكه. كان قد هاجمته الأرواح الشريرة من خلال ألعاب الإنترنت.

 على ما يبدو إنه لم يَحدُث شيءٌ ظاهريًا خلال أيام المؤتمر، لكن دعني أشرح لك ما يَحدُث في عالم الروح، فالأرواح الشريرة لا يُمكِنها أن تقف مع الملائكة، والتي بدورها حاليًا مُكلَّفة أن تتعامل مع الأرواح المُسيطِرة على الذهن، كما يبدأ الروح القدس في التَعامُل مع قناعاته ليُغيِّر أفكاره، فلا يستطيع الروح الشرير إكمال طريقه لأن رُخصته من خلال الأفكار وبالتالي يذوب كل مُعطِّل أمام المسحة.

 ذات مرة صَلَّى رجل الله كينيث هيجن لطفلة مشلولة القدمين ووضعَ يده عليها، وبعد عودتها لمنزلها وكانت والدتها تُساعدها في الاستحمام وهي تُعلِن ثقتها في مسحة الشفاء من خلال رجل الله فالروح القدس يعمل في جسدها، كما أعلنت إنها لا تُصدِّق الواقع فوجدت أرجل الطفلة تتحرَّك.

 ثَبِّتْ ذهنك على قوة الروح القدس وكم هي كافية لتعمل في حياتك، فهو يعمل بقوة دون حاجة مِنك لتدفعه، كما لا تنسَ أنّ الأمر مُرتبِطٌ بضبط ذهنك وليس حينما يشاء الله، لو وَجَّهت ذهنك للتَعامُل مع التحدي وكأنه لم يَحدُث سينتهي، عندما تصل من الكلمة لحالة إدراك وفَهْم أنّ المعجزة بالتأكيد ستَحدُث سواء في الحال أو تدريجيًّا حتمًا ستنالها، وهذه القناعة تجعل الكلمة تعمل فيما يواجهك.

 عندما تتعامل مع الأفكار والدوافع والقِيَّم تصل لمرحلة استقرار لا يُمكِن زعزعتها مهما حَدَثَ، لأن الأمر مَبنيٌّ على كلمة الله، لتدرِسْ دائمًا الكلمة وخَزِّنها في ذهنك، وقتها لن تُهزَم. تأكَّدْ دائمًا أنّ الإيمان يأتي دائمًا بنتائج، إن عَبْرتَ بخبرات فشل، أعْلِن أنّ الأمر لن يتكرَّر وأنك ستنجح المرات القادِمة.

“٣٥ فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ. ٣٦ لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ (طول أناة)، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ. ٣٧ لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا «سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ. ٣٨ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي». ٣٩ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ.” (العبرانيين ١٠: ٣٥-٣٩).

  يُمكنك أن تقتني نفسك التي ربما سُحِبَتْ في عدم سلام بسبب قناعات وأصبحت تَشُكّ في كل مَن حولك، وضُرِبْتَ لفترة بقناعة أن الأشخاص دائمًا يخونوك ولديك شعور بعدم الوفاء وأنك غير مُقدَّر، أعْلِن أنّ الروح القدس مَسئولٌ عنك حتى وإن حدثت خيانة بالفِعْل، فتضع القيمة بصورة سليمة وهذا ما يُثَبِّت ذهنك وحياتك في حالة من السلام.

 إن كنت تُخَوِّن الأشخاص احتياطيًا خوفًا من الصدمات، فأنت تنزع ربوبية يسوع من على حياتك في هذه الزاوية.

  “وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي“؛ عدم السلوك بالإيمان هو ما يُزعِج قلب الآب، لا مَفر مِن أنّ تتحرَّك بالإيمان، لا تطرحْ ثقتك فحتمًا ستَحدُث نتائج، من الممكن أن تُحارَب من إبليس لقُرْب انتهاء الأمر ليَخدعك بأنه لا أمل، بينما أنت مُثبِّتٌ نظرك على صورة واحدة فقط في كل وقت وهي ما تقوله الكلمة في حالة من صلابة الرأس، تبدو أنها مخاطرة، لكن الأمر مُنتهي لأنك تراه من الكلمة وليست مجرد حماسة وقتيَّة.

“وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ.” (العبرانيين ١١: ٦).

  لتتحرَّك في الاختطاف تحتاج أن تضع إيمانك في هذا الأمر، اقتربنا جدًا منه، نحن ككنيسة نحجز الإثم، لكن هناك مناطق مُحدَّدة عليها أحكام وأقضية، أما نحن فنُصلي لكي نسلك بصورة صحيحة في العالم ونَخرُج دون أن نُجرَح منه.

ــــــــــــــــــــــــــــ

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$