إن الميلاد المعجزي للطفل يسوع كان جزءًا من وعد العهد الذي قطعه الله مع إبراهيم. ولكن كيف يُولد طفلًا وهو لا يحمل لعنة آدم؟!
كيف يُولد طفلًا بلا خطية، فيمكنه أن يقف في حضرة الله بلا ذنب أو إحساس بالدونية؟
هذه هي معجزة التجسد.
قد أثبت علماء الفسيولوجي بما لا شك فيه؛ أن الأم لا تعطي دمها للجنين المتكون في بطنها. دعوني أقتبس لكم هذا الجزء من كتاب “كيمياء الدم” M.R. DeHann دكتوراه في الطب صفحة (٣١ & ٣٢)**:
“الآن، صار معروفاً بالتأكيد أن الدم الذي يتدفق في شرايين وأوردة الجنين ليس مصدره دم الأم، لكنه تكون في جسد الجنين نفسه بعد دخول الحيوان المنوي للبويضة، فإن البويضة غير المُخصبَة لا يمكنها أبداً أن تُكوّن الدم، لأنها لا تحتوي العناصر الضرورية لإنتاج الدم. ولكن فقط يتكون الدم بعد دخول الحيوان المنوي للبويضة… فإن الحيوان المنوي يعطي الحياة للبويضة… إلى ذلك الحين لا تحتوي البويضة على حياة حتى دخول الحيوان المنوي واتحاده بها، والحياة التي في الدم تتدفق حيث أن مصدر الدم هو الحيوان المنوي.”
لو وضعت بيضة دجاجة مُخصبَة في حضانة لعدة أيام، ستظهر أوردة دم دقيقة بداخلها. وهذا لن يحدث مع بويضة ليست مُخصبَة.
هذا يُثبت أن الدم يأتي من الحيوان المنوي للذكر، لهذا نعلم أنه إن كان يسوع قد وُلد بطريقة طبيعية من يوسف، لكان يحتوي دم إنسان ساقط. ولكنه حبُل به من الروح القدس، والحياة التي أُعطيت له كانت من الله.
كان الدم -الذي هو حياة الجسد – أتى من العلي القدير الذي ظلل مريم. لم يكن دم هذا الطفل دمِ إنساناً عادياً، لم يتلوث بالخطية.
لقد عرفنا الآن أن الخطية مرتبطة بالدم، وبطريقة ما فإن دم الشخص مرتبط بروحه.
كان يسوع يحتوي على الدم الإلهي، الله الآب، مثل كل طفل يحمل الدم من أبيه.
الحياة في الدم
لأَنَّ نَفْسَ (حياة) الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ.. (اللاويين ١٧: ١١)
لاحظ ما يقوله هنا في الآية: نفس الجسد هي في الدم وتأتي في ترجمات أخرى حياة الجسد هي في الدم. أنه أمر لافت للنظر.
حياة الجسد هي في الدم، وعندما يُسحَب الدم خارج الجسد، فالموت يأتي.
ولأن حياة الله أُعطيت ليسوع (في دمه)، لذا لم يُولد بطبيعة آدم الخاطئة التي ورثها لأبنائه. كان يسوع بلا خطية.
من هنا نرى بوضوح أن الحياة التي تُوهب للإنسان في الميلاد الجديد تدخل مجرى دمه. مؤخراً اكتشف واحد من العلماء أنه يمكن معرفة ما إذا كان الشخص يحتوي حياة أبدية من خلال فحص دمه.
حينما صرنا شركاء الطبيعة الإلهية، تم إعادة خلق أرواحنا، وبطريقة ما هناك ارتباط بين أرواحنا ودمنا، كيف لا نعلم هذا؛ أن دماؤنا قد طُهرت من الخطية التي توارثها كل الجنس البشري عبر الدم.
حبُل بيسوع بدون خطية، لذا لم يكن جسده قابلاً للموت، الوقت الوحيد الذي صار جسده قابلاً للموت هو حينما وضع الآب طبيعة الخطية على يسوع في الوقت الذي كان فيه مُعلقاً على الصليب. وفي ذات الوقت الذي صار فيه خطية، أصبح جسده قابلاً للموت، وعندها استطاع أن يموت.
ولكن متى حدث هذا، متى صارت طبيعة إبليس والموت الروحي مسيطرة على روحه؟
لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ. (٢ كورنثوس ٥: ٢١)
إن محطة التجسد هامة جداً لنا، فمنها يمكننا أن نفهم لماذا كان ليسوع سلطان على قوانين الطبيعة وعلى سمك البحر وعلى الحياة والموت، فقد شفى المرضى، وأقام الموتى، وساد على أرواح الظلمة.
كما ترون فإن يسوع كان هو إله العهد متجسداً، لذا كان ضرورياً أن يُختتن ليدخل ذلك العهد.
كان قد أعطى الله ناموس العهد وكل ما يتضمنه، لموسى من خلال ملائكة. والآن قد جاء الله في الجسد ليُكمل عهده مع إبراهيم.
كان الله موجوداً بين مجلس الشيوخ ورؤساء الكهنة ولكنهم لم يعرفوه. لطالما تساءلت دائماً: لماذا كرهوا يسوع؟!، الآن يمكنني فِهم حقدهم ومرارتهم، لقد كانت طبيعة الشيطان فيهم. فالشيطان كره يسوع لأنه الله، ونتيجةً لذلك حاول أن يُهلكه من وقت ولادته. لو تتبعنا تاريخ حياة يسوع لوجدنا أن الشيطان حاول كثيراً قتله. ومن هذا تقدر أن تفهم الكراهية الطبيعية التي يكنها اليهود ليسوع لهذا اليوم.
فقد كان هو إله عهد الدم، موجود معهم. لكن في جنونهم الوحشي وطبيعتهم الشيطانية المسيطرة خططوا لقتله، كانوا قد ربوا بداخلهم كراهية له استمرت لأجيال، لقد كرهوا حتى اسم يسوع، ولم يقدروا أن يساعدوا أنفسهم مع أن يسوع إله العهد ظهر لهم في جسد.
الجانب الشرعي والقانوني للفداء
من المستحيل أن تتم البدلية شرعياً بدون التجسد.
فالله لابد أن يأخذ على عاتقه مسؤولية البشرية الساقطة، وبعلم الله السابق عرف أن الإنسان سيسقط.
عالم البشر تطلب أن يُمسك الله قضية الإنسانية الساقطة. فلابد من وجود بديل يأخذ مكان الإنسان ويمر بما تمر به الإنسانية، ويوفي كل متطلبات العدل نيابةً عن الإنسان.
فقط الله هو المعصوم من الخطأ، لا يمكن لملاك ولا لإنسان أن يوفي متطلبات العدل، الله وحده يمكن أن يفعل ذلك، لذا كان التجسد ضروري.
نجد قصة التجسد في إنجيل لوقا:
يخبرنا أن العلي ظلل العذراء مريم، واحتضنت في رحمها القدوس. من هنا نرى أن يسوع لم يتشارك في طبيعة الأم، هي فقط أعطته الجسد كرداء له بلا خطية، ولو كان حُبل به من يوسف لكان جسده قابلاً للموت. ولكن لأنه حُبل به من الروح القدس كان لديه جسد كالذي كان لآدم قبل السقوط.
أيضاً التجسد يثبت الوجود المسبق للإنسان يسوع
الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ.. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.. (فيلبي ٢: ٦-٨)
في الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ.. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.. (يوحنا ١: ١-٣)
فلا يمكن أن يحدث التجسد دون أن يكون ليسوع سابق وجود في الألوهية.
في الإنجليزية يأتي اللفظ “الكلمة” أما في اليوناني فيأتي “لوجوس”
[في البدء كان “اللوجوس”، و “اللوجوس” كان عند الله، وكان “اللوجوس” الله].
كان من المستحيل أن يحدث التجسد ما لم تتحد الألوهية بالإنسانية؛ وكان هذا في الإنسان يسوع. يبدو هذا معجزي في نظر المعرفة الحسية، أما في نظر الله فهو عادي.
غير أن الإنسان البشري لا يتقبل أمور روح الله إذ يعتبرها جهالة، ولا يستطيع أن يعرفها لأن تمييزها إنما يحتاج إلى حس روحي (١كو٢: ١٤ كتاب الحياة)
تجسد الله كانت هذه هي رغبة الناس، فالناس البدائيين صدقوا في إمكانية التجسد، أما بالنسبة لي فإن التجسد هو دخول الله إلى عالم الحواس، مُظهراً نفسه في جسد. فهو من صنع العهد مع إبراهيم، وها هو يتممه. فالله دفع بنفسه وسط أمة اليهود وبين الكهنوت الأعلى، ولكنهم لم يدركوا أن هذا الإله -الذي كانوا يقدمون له الذبائح- قد صار أخيراً بينهم. جاء في وسطهم متخفياً، فقط أعلن عن نفسه من خلال معجزاته وحبه الشديد للبشر، ومع ذلك لم يتعرفوا عليه. قد أعمى الشيطان عيون إسرائيل، فقد كان يهوه في وسطهم ولم يعرفوه.
________
المرجع: كتاب كيمياء الدم The Chemistry of the Blood للمؤلف Dr. M.R DeHaan.
________
نشرت بإذن من مؤسسة كينيون لنشر الإنجيل Kenyon’s Gospel Publishing Society وموقعها www.kenyons.org.
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية بإذن من خدمة كينيون.
Taken by permission from Kenyon Gospel Publishing Society, site: www.kenyons.org. All rights reserved to Life Changing Truth.