إن كان ينبغي على المؤمنين ألا يهدموا حصونًا باستخدام طرق غير كتابية مثل القتال بألسنة في السماويات، فكيف إذًا يمكننا أن نصلي بطريقة كتابية حتى ما تؤثر صلواتنا على مدننا ودولنا؟
أولاً وقبل كل شيء، ينبغي أن يدرك جسد المسيح أن كلمة الله وحدها هي التي تنمو وتتعظم في حياة الناس. فكلمة الله سوف تنمو وتتعظم فوق أي ظرف وأي شيطان وأي قوى شريرة في حياة أي إنسان وأية دولة.. هذا إن غُرست في أرض قد أُعدت وجُهزت بالصلاة وسُقيت بالكلمة والروح القدس.
بالصلاة وكلمة الله ينتج الحصاد
قال واحد من صناع النهضة العظام: “إن حصول المؤمنين على نهضة ليس أمرًا خارقًا للطبيعة أكثر من كون مزارع يجمع محصولاً”. كان يقصد أن ذات المبادئ التي تنطبق على الزرع والحصاد تنطبق في كلا العالمين الروحي والمادي. فالمحصول لا ينتج دون سبب، ولا ينمو بين ليلة وأخرى. إذ على الزارع أن يعد الأرض ثم يزرع بذارًا في الأرض، ثم يأتي المطر ويجعل الزرع ينمو. وفى النهاية يصبح المحصول جاهزًا للحصاد.
يدعو الكتاب المقدس أولئك الذين يقبلون الإنجيل بالحصاد الروحي (متى 9: 38) كما يعطينا الكتاب المقدس توجيهات عن الطريقة التي نخرج بها الناس من مملكة الظلمة ونأتي بحصاد النفوس لمملكة النور. في العالم الطبيعي، ينتج المحصول في الأساس بذار، لكن لابد أن تُعد الأرض قبل أن تُزرع البذار. ولكي ينتج الحصاد بعد زراعة البذار، تحتاج الأرض أن تُروى. كذلك الأمر بالعالم الروحي.
روحيًا، نحن نعد قلوب الناس (التي تمثل الأرض) من خلال الصلاة الكتابية وزراعة بذار كلمة الله التي لا يعتريها الفساد (1 بطرس 1: 23). فكلمة الله لابد أن تزرع في قلوب الناس من خلال الكرازة بالكلمة. لأن كلمة الله هي التي تأتي بالنور والإعلان لقلوب البشر لتحررهم من سيادة إبليس (مزمور 119: 130).
إن مهمة زراعة كلمة الله، التي لا يشوبها الفساد، والكرازة للآخرين عن نصرة يسوع فوق الشيطان هي مسئولية كل مؤمن.. وليس المبشرين وحسب. لأن يسوع قال: “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ..” (متى 28: 19) لقد نزع يسوع سلاح إبليس وهزمه وجرده من سيادته على المؤمنين – لكن الآن أصبح دور المؤمنين أن يخبروا الآخرين بتلك الأخبار السارة. بجانب ذلك، قد أمر يسوع المؤمنين في الإرسالية العظمى أن يكرزوا ويعظوا بكلمته في كل الأمم. فهو لم يقل، اذهبوا وصلوا واهدموا حصونًا شيطانية في كل الأمم.
إن صلى المؤمنون لأجل الحصاد وحسب –دون أن يزرع أحد كلمة الله– فلن يكن هناك حصاد للنفوس أبدًا. لن يخرج أحد من تحت سيادة إبليس. بإمكان الشخص أن يصلي لأجل الحصاد طوال العام، لكن إن لم يَخرج ويزرع بعض البذار في حديقته فسوف يرجع فارغ اليدين في وقت الحصاد. لا يهم درجة جودة البذار أو طريقة إعداد الأرض الجيدة.. فإن لم يكن هناك ماء أو مطر، لن يكن هناك حصاد أو نمو. يشير الماء في الكتاب المقدس إلى كلمة الله والروح القدس.
تقول رسالة يعقوب 5: 7 أن الفلاح يصبر على محصول الأرض الثمين حتى يحصل على المطر المبكر والمتأخر. فالمطر يشير في ذلك العدد إلى الروح القدس. كما يخبرنا الكتاب المقدس في سفر زكريا10: 1 أن نسأل الرب أن يرسل المطر.. مطر الروح القدس: “اُطْلُبُوا مِنَ الرَّبِّ الْمَطَرَ فِي أَوَانِ الْمَطَرِ الْمُتَأَخِّرِ”.
كي نعد الأرض لزرع بذار كلمة الله علينا أن نصلي لأجل انسكاب الروح القدس على الأمم. فالطريقة الكتابية لتغيير الأمم هي أن نذهب ونكرز بالإنجيل لكي نحرر الناس – فكلمة الله هي التي تطلق الناس أحرارًا (يوحنا 8: 32) لا يمكنك أن تتعامل مع إبليس المتسلط على الأمم بأية طريقة سوى بالصلاة وفقا لكلمة الله وزراعة بذار كلمة الله التي لا يشوبها الفساد.
لذلك، إنه أمر كتابي أن نسأل لأجل انسكاب المطر –الروح القدس– على كل أمة حتى تنمو بذار الكلمة التي غُرست في قلوب الناس. والطريقة الأخرى لنصلي كتابيًا كي نُخرِج الناس من تحت مملكة الظلمة هو أن نسأل الرب لأجل الحصاد لكي يرسل فعلة للحصاد (متى 9: 38).
مهما كان الحصاد جيدًا.. إن لم يكن هناك فعله ليجمعوا الحصاد، فلن تجمع ثمار الأرض الثمينة. لذلك استمر في طلب الرب حتى يرسل مطر الروح القدس، وداوم على الكرازة بالكلمة والصلاة لإرسال فعلة للحصاد. عندئذ ستجد حصادًا من النفوس التي تدخل ملكوت الله. تلك هي الطريقة الكتابية لتغير بها مدن وأمم. ولأنها طريقة مبنية على الكلمة المقدسة، فالله سوف يجعلها تنمو (1كورنثوس 3: 6).
إعداد الأرض من خلال الصلاة
ينبغي أن يكون هدف المؤمنين الأول وهم يصلون لأجل العالم هو أن تتعظم كلمة الله في حياة الناس. فإن توقف المؤمنين عن الصلاة بأساليب غير كتابية وبدأوا يصلون بفاعلية وفقًا لكلمة الله، فسوف تُحبط مخططات إبليس فوق المدن والأمم. فتكتمل وتتحقق أهداف وخطط الله بدرجة كبيرة هنا على الأرض.
إن الصلاة لأجل نهضة هو أمر يؤثر على مدننا وأممنا بإدخال النور وطرد الظلمة…. تقدم لنا خدمة تشارلز فيني (واحد من أعظم صناع النهضة)بصيرة روحية للطريقة التي نعد بها نهضة من خلال الصلاة المؤسسة على كلمة الله. كان (فيني )يقيم نهضات في مدينة تلو الأخرى. وفى بعض الأحيان كانت المدن بأكملها تخلص بينما يعظ هناك. فكان ذلك اجتياحًا لمملكة الظلمة. جميع معلمي تاريخ الكنيسة يتفقون أن (فيني )نجح نجاحًا عظيمًا في ربح النفوس عن أي شخص آخر منذ زمن الرسول بولس. إنها حقيقة تاريخية أن ثمانين بالمائة من أولئك الذين تجددوا على يد فيني ظلوا أمناء لله في حياة إيمانهم. في حين أن أغلب النهضات العظيمة الأخرى في التاريخ، لم يظل أكثر من خمسين بالمائة من أولئك الذين تجددوا يعيشون للرب.
عندما سُئل (فيني )عن سبب نجاحه في الخدمة، أجاب بساطة: “السر يكمن في الصلاة. كنت أستيقظ عادة في الرابعة صباحًا كل يوم، وأصلي حتى الثامنة صباحًا. كنت قد نلت بعض الاختبارات في الصلاة التي نبهتني بالفعل. فوجدت نفسي أقول للرب: ’يا رب، هل تعتقد أننا لن نحظى بنهضة هنا؟‘ ثم وجدت نفسي أستشهد للرب بآية تلو الآية مذكرًا إياه بمواعيده”.
عندما قرأت كيف صلى فيني لأجل النهضة، أدركت أن فيني كان يسلك بموجب توجيهات الله التي وضعها لنا في سفر إشعياء
هَيَّا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ، وَاعْرِضْ عَلَيَّ دَعْوَاكَ، لِتَتَبَرَّر
كان (فيني) يسكب تضرعه أمام الله بناءً على مواعيده في كلمته لأجل نهضة في المدينة التي سوف يكرز فيها. كان يذكِّر الله بما قاله في كلمته. وكان يصلي وفقا للكلمة لأجل نهضة، لكي تأتي نفوس لملكوت الله. لم تذكر حادثة واحدة أن فيني هدم حصونًا شيطانية أو أنه صلى ضد شياطين أو تعامل مع الرئاسات السائدة فوق المدن. لكن مع ذلك فقد ربح للرب مدن كاملة عن طريق كرازته.
لقد تحدث (فيني )أيضًا عن رجل اسمه (الآب ناشا،) كان يساند (فيني )في صلاته. كان (الآب ناشا ) يذهب ويسبق فيني في بعض الأحيان إلى المدينة التالية التي سيكرز فيها ليعد الطريق بالصلاة لأجل نهضة. عندما جاء فيني ذات مرة إلى إحدى المدن وابتدأ اجتماعه، جاءت سيدة وقالت: “منذ أسبوع مضى، استأجر (الآب ناشا )غرفة عندي. بعد مرور ثلاثة أيام، بدأت أتسائل لماذا لم يخرج من حجرته. وعندما اقتربت من الباب، سمعت (الآب ناشا )يتمخض ويتأوه. أعتقدت أنه يعانى من شيء ما، ففتحت الباب ودخلت، فوجدته هناك مستلقيا على الأرض يتمخض ويصلي”. أجابها فيني: “لا تقلقي بشأن (الآب ناشا ) يا أختي. اتركيه وحده، فهو مثقل ليتضرع لأجل النفوس الضالة”.
كما ترى، لم يكن (الآب ناشا )يهدم حصونًا أو يحارب شياطين سائدة فوق المدن التي سيكرز فيها فيني. إنما كان يصلي وفقًا لرومية 8: 26 حسبما أعانه الروح القدس ليصلي للنفوس الضالة بأنات لا يُنطق بها.
مع ذلك، نحتاج أن ندرك أن الروح القدس ربما يقود الشخص ليصلي على انفراد بطريقة ربما تبدو خاطئة إن حدثت في اجتماع عام. فمثلاً إن كان هناك حضور كثيرون، وبالأخص إن كان هناك غير مؤمنين، فلن يدركوا معنى أن يسقط أحد على الأرض في الكنيسة فجأة ويبدأ يتأوه ويصرخ في الصلاة. لكن الصلاة وفقًا لكلمة الله تعد قلوب الناس حتى تستطيع الكلمة أن تزرع وتأتي بثمر في حياة الناس. هذه هي الطريقة الكتابية لتغيير مدن وأمم – وليس بقضاء كل الوقت نحارب ضد قوى روحية قد هزمها يسوع بالفعل.
لقد خلصت ألوف من النفوس وأقبلوا إلى ملكوت الله بسبب خدمة (فيني.) فقد تمم ذلك بالصلاة لأجل النفوس (ثمار الأرض الثمينة) وبالكرازة بكلمة الله.
والآن دعني أشارك بمثال آخر عن سيدة أعرفها كانت تعد الطريق من خلال الصلاة حتى يتحرر الكثيرون من سلطان الظلمة. إنها تُدعى (الأم هاورد)، وهي كانت امرأة قوية. عندما انتقلت (الأم هاورد) لأول مرة منذ سنوات إلى شمال وسط ولاية تكساس لم يكن هناك أي كنائس “للإنجيل الكامل” في أي مدينة أو قرية في المنطقة بأكملها. لكن الرب وضع على قلبها أن تصلي حتى تؤسس كنيسة إنجيل كامل في كل قرية ومدينة في تلك المنطقة.
فابتدأت (الأم هاورد ) تصلي لأجل كل مدينة على حدة. وتستمر في الصلاة لأجل المدينة الواحدة إلى أن تُبنى كنيسة في تلك المدينة التي تصلى لأجلها. كانت تصلي من العاشرة صباحًا حتى منتصف الظهر. ثم تكمل بعد الغذاء وتستمر في الصلاة حتى منتصف الليل أو بعد ذلك وفقًا لقيادة الروح القدس لها.
لم تكن (الأم هاورد ) تحاول أن تهدم حصونًا في صلواتها أو تسعى لتحارب إبليس. لم تكن تركز صلاتها على إبليس أو على أفعاله. وكما فعل (الآب ناشا)، كانت تصلي لكي تخلص النفوس، كيفما ساعدها الروح القدس في الصلاة. لم تكن تصرخ في وجه إبليس، لكنها حتما سببت ضررًا بالغًا لمملكة الظلمة. إنما كانت تتحدث إلى الله وتسأله لكي تأتى النفوس إلى ملكوت الله. كانت (الأم هاورد ) مسئولة بدرجة كبيرة عن الصلاة لإقامة كنيسة في كل مدينة وقرية تابعة لولاية تكساس. إن تلك السيدة هي مثال رائع للطريقة التي يصلي بها المؤمنون صلاة كتابية وتشفعًا حارًا ليربحوا مدنًا لله.
’سوف أعطيكم تلك المدينة‘
إن التشفع والصلاة الكتابية المؤيدة بقوة ومسحة الروح القدس تحدثان تغييرًا في مدن وأمم لأجل ملكوت الله. دعني أوضح لك ذلك بمثال. كنت أعظ في إحدى الكنائس ذات مرة، وحدث في وسط العظة أن الروح القدس تحرك على جميع الحاضرين بتشفع لأجل الخطاة – وسقط الجميع على الأرض يصلون. كان الأقنوم الإلهي الغير مرئي –الروح القدس– يقود الخدمة. فصلينا جميعًا لبعض الوقت.
تكلم إليَّ الرب في نهاية وقت الصلاة قائلاً: “أخبر الحاضرين أنهم إن دخلوا في تشفع وتمخضوا لأجل الضالين في مدينتهم، فسوف أعطيهم تلك المدينة. سوف أعطيها لهم، لكن عليهم أن يمتلكوها. والطريقة التي يمتلكونها بها هي عن طريق صلاة التشفع والتمخض لأجل النفوس الضالة”.
كما ترى، نستطيع أن نصلي لأجل الآخرين بإدراكنا –كما فعل (فيني )عندما سكب دعواه أمام الله مستندا إلى وعود في الكلمة. لكننا لا نعلم دائمًا كيف نصلى لأجل النفوس كما ينبغي. لهذا السبب نحتاج أن نكون حساسين للصلاة وفقاُ لما يقودنا الروح القدس له وكيفما يعيننا على ذلك (1كورنثوس 14: 14؛ رومية 8: 26). فالصلاة لأجل الخطاة والضالين بهذا الأسلوب هي جزء من الطريقة الكتابية لكي نربح بها مدن لله. فلكي تربح مدينة، لابد أن تربح نفوس تلك المدينة. إن ربحت مدينة لله، فهذا لا يعنى بالضرورة أن كل شخص في تلك المدينة سوف يخلُص؛ لأن البشر لا يزال لديهم حرية إرادة. لكن بالصلاة والتشفع تيسَّر على الناس أن يخضعوا لله ويرغبوا في الخلاص. ونتيجة صلوات المؤمنين لأجل الخطاة، رجع كثيرون للرب. في الحقيقة، عندما رجعت لتلك المدينة بعد مرور سنتين، كانت تلك الكنيسة أكبر كنيسة في المدينة ونفوس كثيرة جدًا قد انتقلت من مملكة الظلمة إلى ملكوت الله. فالمؤمنون في تلك الكنيسة لم يحاولوا قط أن يهدموا حتى حصن واحد، إنما سلموا أنفسهم لصلاة مبنية على كلمة الله وقيادة الروح القدس.
وكانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة
كيف يمكن للكرازة بكلمة الله وزراعة الكلمة الحية الغير قابلة للفساد أن تخرج الناس من الظلمة وتأتي بزيادة لملكوت الله؟
نرى ذلك في سفر الأعمال الإصحاح التاسع عشر، عندما كرز بولس بكلمة الله في مدينة أفسس وجرت معجزات عظيمة لمجد الله. كان خطاة يخلصون، ومؤمنون يمتلئون بالروح القدس ويتكلمون بألسنة، ومرضى يُشفون، ومقيدون بأرواح شريرة يتحررون. حدث ذلك نتيجة لكرازة بولس بكلمة الله، “كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ تَنْمُو وَتَقْوَى بِشِدَّةٍ” (أعمال 19: 20) إن كلمة الله التي نمت وتعظمت في قلوب وحياة أهل أفسس هي التي أخرجتهم من عبودية مملكة الظلمة.
إن أردت أن ترى معجزات تحدث وأشخاص يتحررون من تأثير وضغوط شيطانية، فلتكرز بالكلمة. ضع كلمة الله أولاً؛ لأن كلمة الله لا يمكن أن تفشل. لكن عندما تركز على أمور أخرى غير الكلمة، ستسقط في مأزق عقائدي ولن يتحرر الناس من قيود الشيطان. عندما نعظم من أمور أخرى غير كلمة الله، نفتح الباب للشيطان لأننا بذلك ننحرف عن قصد ومشيئة الله للكنيسة.
عظ بالكلمة.. ابنِ الآخرين على كلمة الله…. حينئذ سيكونون قادرين على الصمود في أي امتحان أو تجربة يحاول إبليس أن يضعها في طريقهم؛ إذ سيكون لديهم أساس راسخ يبنون عليه إيمانهم، ألا وهو كلمة الله الحية. يقول سفر الأعمال 19: 20 أن كلمة الله كانت تقوى في حياة الناس. كلمة “تقوى” تعني الاستعلاء عن طريق القوة والتفوق.. أن تكون أو تصبح مؤثرة وفعالة وسائدة. عندما تستعلى كلمة الله وتسمو في قلوب الناس، فهي بداخلها القوة لتغير حياتهم وتحررهم من أية عبودية لإبليس. وعندما تقوى كلمة الله في حياة الناس، تصبح المفتاح لتكوين كنيسة منتصرة تسود فوق كل قوى الظلمة على هذه الأرض. وهذه هي الطريقة الكتابية لنغير بها المدن والأمم لأجل الله.
قرأت في مجلة ذات مرة عن مرسل خدم في الفلبين لسنوات كثيرة. كان تقريره عن الخدمة في الفلبين مثالاً لما يمكن أن تفعله الكرازة بكلمة الله من تغيير في الأمم. ذهب فريق خدمة لجزيرة لم يصلها الإنجيل من قبل أبدًا. وكان شعب تلك الجزيرة في عبودية شديدة لإبليس. كرز هؤلاء المرسلين لشعب تلك المدينة بكلمة الله وتحرر الكثيرون من عبودية مملكة الظلمة. كان بإمكانهم أن يصلوا لشعب تلك الجزيرة لسنوات عديدة من بعيد، لكن لما كان أحد ليخلص لو لم يذهبوا لتلك الجزيرة ويكرزوا بالكلمة.
كان بإمكان هؤلاء المؤمنين أن يأمروا إبليس أن يتوقف عن سيادته فوق تلك الجزيرة، لكنه كان سيستمر في ملكه. لأنه دون معرفة كلمة الله، سيظل الناس خاضعين لإبليس سواء بوعيهم أو دون وعيهم.
بدون الكرازة وتعليم الكلمة لن يعرف الناس أن لديهم سلطانًا على إبليس بأنفسهم ولا داعي لهم أن يظلوا منهزمين من إبليس.
لذلك كان لابد أن تُرفع في البداية صلاة حارة كتابية لأجل شعب تلك الجزيرة الذين كانوا في عبودية لإبليس. لكن بعد ذلك كان لابد لأحدهم أن يذهب ويزرع بذارًا صالحة، وذلك عن طريق الكرازة بكلمة الله. فيصبح بإمكان الكثيرين جدًا أن يُولدوا ثانية ويتحرروا من مملكة الظلمة.
كلما عظَّم المؤمنون من كلمة الله، كلما رأينا مدنًا وأممًا تتغير لمجد الله. هذه هي الطريقة التي نقف بها كمؤمنين منتصرين للرب يسوع المسيح على هذه الأرض، مقدمين رسالة الإنجيل لكل الأمم في تلك الأيام الأخيرة.
لماذا الصلاة؟
مع أن الكتاب المقدس لا يعلِّم المؤمنين أن يركزوا هدف صلواتهم على محاربة شياطين وهدم حصون فوق مدن وأمم، إلا أنه يوجهنا أن نصلي لامتداد واتساع ملكوت الله على الأرض.
ربما يقول أحدهم: “دعونا نكف عن الصلاة لأجل مدننا ودولنا تمامًا حتى نتجنب كل الأخطاء والمبالغات بشأن هدم الحصون ومصارعة إبليس في الصلاة. لنترك الله يفعل ما يريد.. فلا فائدة من الصلاة”. لكننا لا نستطيع أن نتوقف عن الصلاة لأجل الخطاة، فالعالم يحتاج بشدة للصلاة والكنيسة أيضًا تحتاج للصلاة. ربما يتساءل البعض: “لماذا نحتاج أن نصلي ونتشفع لأجل الآخرين؟ الله كلي القدرة، لماذا لا يخلِّص جميع الناس اليوم وفقًا لمشيئته بأن يخلص الجميع؟” (1تيموثاوس 2: 4) قرأت ذات مرة عبارة( لجون ويسلي ) تجيب على ذ لك التساؤل. قال (ويسلي) “يبدو أن الله محدود بحياة صلاتنا. فلا يستطيع أن يفعل شيئًا للبشرية ما لم يسأله أحد”.
تخبرنا كلمة الله عن السبب..
… لَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ.
يوحنا 16: 23، 24
وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لاَ تَسْأَلُونَنِي شَيْئًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ.
إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.
ينتظر الله من أولاده أن يطلبوا منه أن يتحرك من أجل الضالين. فالطلب المبني على كلمة الله هو أحد الطرق التي يقف بها المؤمنون في موضع سلطانهم في المسيح ليعززوا هزيمة إبليس على الأرض.
الوقوف في الثغر
يستطيع الله أن يتحرك على هذه الأرض حينما يسأله شعبه. فالله يشتاق اليوم لشخص يبني جدارًا ويقف في الثغر أمامه، ويتشفع لأجل النفوس في كل دولة. هذه هي طريقة كتابية لربح أمم ودول لله.
30 وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ!
قال الله في تلك الأعداد أنه اضطر أن يدمر الأرض، حيث أنه إله عادل. لذا كان عليه أن يعلن عن دينونة الخطية. ودينونة الله للخطية لم تكن ظلمًا، لأن الناس قد جلبوا دينونة على أنفسهم بخطيتهم، “… جَلَبْتُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ…” (ع 31).
يوضح هذا الشاهد أنه لو استطاع الله أن يجد شخصًا يقف في الثغر ويبني جدارًا ليتشفع لأجل الأرض، لما اضطر أن يجلب دينونة على الشعب.
يرجعنا ذلك لما قاله (جون ويسلي: )”يبدو أن الله لا يستطيع فعل أي شيء للبشرية ما لم يجد شخصًا يسأله”
فكر في هذه العبارة: “إن وُجد شخصًا يسأ له”. لم يقل الله أنه علينا أن نخرج لنحارب إبليس، ذلك العدو المهزوم. إنما تُخبرنا تلك الأعداد أنه لو ابتدأ أولاد الله يسأ لونه لكي يتحرك على الأرض، فسوف يسمع ويجيب صلواتهم. فإبليس ليس ندًا لله.
إن إبليس يسود ويملك على خطاة هذا العالم، وليس الله. لذلك فإن مصيرهم أن تُجلب “طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ”، ما لم يسمعوا ويقبلوا حق الإنجيل ويتوبوا. الله يبحث عن أولئك الذين يسألونه بجراءة حتى يرجع عن دينونته ويعطي الخطاة المزيد من الوقت ليتوبوا ويقبلوا لمعرفة الحق.
إذًا فمسئوليتنا هي أن نكرز بالإنجيل حتى يخلُص الناس، ويكتشفوا موضع سلطانهم في المسيح على إبليس. هذه هي مبادئ كلمة الله التي تُبنى عليها أسس الصلاة وامتلاك المدن والدول لله –فالرب ساهر على كلمته ليجريها– وليس العقائد المبنية على اختبارات شخصية أو شواهد كتابية مأخوذة بمفردها بعيدا عن النص التى قيلت فيه ومبالغ فيها (إشعياء 55: 11؛ مرقس 16: 20).
الصلاة لأجل الذين في موضع السلطان
الطريقة الكتابية الأخرى التي نصلى بها لكي نربح مدن ودول لأجل الله نجدها في رسالة تيموثاوس. فكلمة الله توصينا أن نصلي لأجل المسئولين. والسبب في ذلك هو أنه لو تحول المسؤولون في دولة ما إلى مجد الله، فحينئذ يصير لدى الله حرية أكبر ليتحرك في تلك الأمة، فتفشل خطط إبليس ويخلُص الخطاة.
1 تيموثاوس 2: 1 و2 و4
1 فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ،
2 لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ.
4 (الله) الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.
نلاحظ أن بولس يقول في رسالة تيموثاوس الأولى 2: 1، “أَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ…”. هذا يعنى أننا ينبغي أن نصلي لأجل جميع الناس ولأجل جميع الذين في موضع السلطة قبل أن نصلي لأجل أنفسنا وعائلاتنا.
عندما نصلي وفقا لكلمة الله ونضع الأمور الأولى في ترتيبها الصحيح، فسوف نحصل على نتائج دائمًا. لكن الصلاة وفقا “للبدع” الروحية الحديثة الغير مؤسسة على كلمة الله لن تأتى بنتائج أبدًا.
وبينما نصلي لأجل أولئك الذين في موضع السلطة، يخبرنا الكتاب أننا سوف نُحدث تغييرًا في أمم هذا العالم. “… لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً…” (1 تيموثاوس 2: 2).
حقًا، توجد أ رواح تسود على مدن ودول، وتؤثر على أولئك الذين في موضع السلطة. فعلى الرغم من أننا لا نستطيع “هدم” تلك الحصون الشيطانية مرة وللأبد، إلا أننا عندما نصلي لقيادة الدول، فإننا نستطيع أن نهدد خطط ومكايد إبليس هنا على الأرض ونصيبها بالشلل –حتى تتعظم أغراض الله وأهدافه. بمعنى آخر، لا ينبغي أن ننشغل بشخصيات بعينها عندما نصلي لأجل حكومتنا. إلا أننا نحتاج أن نصلي حتى يتم اختيار الأشخاص الصالحين في موضع السلطان. ربما يكون لدينا جميعا رأي واحد عمَن يصلح لموضع السلطان، إلا أن الله وحده هو الذي يعلم بالتحديد. لذلك علينا أن نصلي حتى يفعل الله ما يريده. يريدنا الله أن نصلي لأجل أولئك الذين في موضع السلطان حتى يكون هناك سلام في دولتنا. فنستطيع أن نكرز بالإنجيل دون تشويش. لكن طالما يهيج الشيطان الدول ويثيرها، فلن نستطيع أن نحيا حياة هادئة في سلام أو نكرز بالإنجيل دون إعاقته إلى أقصاء الأرض.
2 تسالونيكي 3: 1، 2
1 أَيُّهَا الإِخْوَةُ، صَلُّوا لأَجْلِنَا، لِتَنْتَشِرَ كَلِمَةُ الرَّبِّ بِسُرْعَةٍ وَتَتَمَجَّدَ كَمَا هِيَ الْحَالُ عِنْدَكُمْ،
2 وَلِيُنْقِذَنَا اللهُ مِنَ النَّاسِ الأَرْدِيَاءِ الأَشْرَارِ، لأَنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ مِنْ نَصِيبِ الْجَمِيعِ.
عندما نصلي، سوف ينقذنا الله من “النَّاسِ الأَرْدِيَاءِ الأَشْرَارِ” في كل قطاع ومجال في دولتنا حتى تجد كلمة الله طريقها بحرية. لذلك فإن السبب الأساسي في أن الله يريدنا أن نصلي لأجل قادة دولنا هو لكي يُكرز بالإنجيل فيتحرر الناس من مملكة الظلمة. فخطة الله وقصده للكنيسة هو أن يُكرز بالإنجيل لكل أمة، “وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى” (متى 24: 14). هذه هي الطريقة الكتابية التي نبطل بها عمل إبليس على هذه الأرض. فبعدما يُكرز بالإنجيل إلى كل الأمم، يخبرنا الكتاب أن النهاية سوف تأتي. لا يريد الشيطان أن تأتي النهاية. لأنه يعلم أنه عندما يحدث ذلك، فسوف ينتهي أمره. لذلك سيلقي إبليس بكل عقبة ليمنع وصول الكرازة بالإنجيل لكل العالم (مرقس 16: 15) ففي أوقات الحروب والنزاعات يصبح من الصعب انتشار الإنجيل. لهذا السبب يستخدم الشيطان الخطاة، الذين أُعميت أذهانهم (2كورنثوس 4: 4)، ليثير المشاكل فهو يريد أن يوقف عمل الله عن الامتداد.
مع ذلك فالأمر يرجع للمؤمنين أن ينجح الشيطان أو يفشل في مكائده ضدهم. لكن عندما نطيع توجيهات الكتاب المقدس بشأن الصلاة لأجل أولئك الذين في موضع السلطان ولأجل دول العالم، يصير بإمكاننا أن نحبط خطط إبليس ونتمم مشيئة وغاية الله على هذه الأرض. لدى المؤمنين السلطان ليصلوا في اسم يسوع ويغيروا أمورًا في دولهم، بغض النظر عن طبيعة الدولة التي يعيشون فيها. فعندما نصلي، نعطي الله تصريحًا ليتحرك ويسود في الموقف بدلاً من إبليس –إله هذا العالم– بغض النظر عن طبيعة الموقف. فعندما يقف المؤمنون في موضع سلطانهم المُفوض لهم أثناء الصلاة ويسألون في اسم يسوع، سيأتي الله بكثيرين إلى ملكوته. نحن لا نحارب إبليس لنحصل على ذلك السلطان، فهو قد أُعطي لنا بالفعل في اسم يسوع (متى 28: 18-20). وعندما نقف في موضعنا في الصلاة، فنحن نمارس ببساطة السلطان الذي أحرزه يسوع لنا.
نرى مثالاً لتعظم كلمة الله فوق حصون الشيطان بانهيار الشيوعية في دول الكتلة الشرقية. ففي عام 1983 بدأ الرب يحثني لكي أصلي وفقا لرسالة يعقوب 5: 7 “..هُوَذَا الْفَلاَّحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ الأَرْضِ الثَّمِينَ مُتَأَنِّيًا عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ وَالْمُتَأَخِّرَ”. كنا نقيم اجتماع صلاة أسبوعي هنا في Rhema في ذلك الوقت عندما أعلنتُ: “أعتقد أننا أخفقنا في الطريقة التي نصلي بها لأجل دول الكتلة الشرقية. أعتقد أن كثيرين منا قد اعتبروا دون وعي أن دول الشيوعية لا يمكن للإنجيل أن يصل إليها. لقد ظللنا نصلي لأجل المؤمنين هنا، لكن كم واحد منا صلى لأجل قادة الشيوعية؟
“لا يقول الكتاب أن الرب ينتظر ثمر الولايات المتحدة أو الدول المتحررة الثمين. لكنه ينتظر ثمر الأرض –مما يشتمل دول الشيوعية. هذا يعني أنه قبل مجيء يسوع لابد أن يكون هناك نهضة خلف الستار الحديدي. إذ يقول الكتاب أن الحصاد سيُجمع من كل الأرض”.
فصرنا نصلي أسبوعًا بعد الآخر أثناء اجتماعات الصلاة لأجل دول الاتحاد الشيوعي، بالإضافة إلى باقي دول العالم. وطلبنا من الرب أن يرسل مطرًا –انسكاب من الروح القدس– على تلك الدول وفقًا لسفر زكريا 10: 1، “اُطْلُبُوا مِنَ الرَّبِّ الْمَطَرَ فِي أَوَانِ الْمَطَرِ الْمُتَأَخِّرِ”. كما صلينا إلى قادة الاتحاد الشيوعي وفقًا لرسالة تيموثاوس الأولى 2: 1، 2. كما سألنا الرب أن يرسل فعلة الحصاد وفقا لإنجيل متى 9: 38.
عندما وجهنا صلواتنا لرب الحصاد، احتللنا بذلك موضعنا على الأرض كمؤمنين منتصرين أعضاء كنيسة الرب يسوع المسيح المنتصرة، وبدأت سيادة إبليس على حياة الخطاة تزول. بهذه الطريقة نحرر البشر من عبودية العدو. فعندما نصلي لأولئك الذين في موضع السلطان في مدن ودول العالم، فنحن نضعف من فاعلية مملكة إبليس في تلك المدن والدول. وعندما نصلي يتمكن الله من إيجاد طريقة إلى تلك الدول بدلاً من إبليس. إنني مقتنع تمامًا أن التغير الذي شهدناه في دول الكتلة الشرقية حدث بسبب أن مؤمنين كثيرين حول العالم صلوا بطريقة كتابية لأجل تلك الدول وفقًا لقيادة الروح القدس. كمؤمنين، نحن لدينا السلطان في اسم يسوع لنقيد قوى الشيطان فوق الساحة السياسية للدول. لدينا الحق لنأمر الشيطان بأن يرفع يده عن شئون السياسية والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية التي للدول. نستطيع أن نقيد كل روح شرير يؤثر على تلك المحاولات ونأمرهم أن يتوقفوا عن مناوراتهم ويكفوا عن أفعالهم ضدنا (متى 18: 18؛ يوحنا14: 13، 14). نستطيع أن نوقف مكائد إبليس في كل مواجهة معه على هذه الأرض، ونتمم غاية الله ومشيئته عندما نقف كمؤمنين في موضع سلطاننا في المسيح لأجل دول هذا العالم، بينما نصلي لأجل أولئك الذين في موضع السلطان.
لذلك دعونا نرتب أولوياتنا حتى يتمكن الله، وليس إبليس، من أن يأخذ السيادة على مدننا ودولنا. فقبل أن تصلي لعائلتك، صل لأجل أولئك الذين في السلطة “… لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ” (1 تيموثاوس 2: 2). هذه هي إحدى الطرق التي نمنع بها إبليس من أن يتفوق علينا “… لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ” (2 كورنثوس 2: 11). يكمن السبب في أننا لم نكن مؤثرين بصورة كبيرة على قوى الظلمة هو لأننا لم نأخذ موضعنا الشرعي في المسيح ولم نبني صلواتنا بإحكام على كلمة الله. ولم نرتب الأولويات كما ينبغي.
رؤى “الضفادع”
نلتُ اختبارين روحيين متشابهين جدًا وغير عاديين. كان إحداهما في عام 1970 والآخر في عام 1979، وقد أظهرا لي حقيقة مسئوليتنا تجاه الصلاة لأجل دولنا ولأجل العالم. في كلتا الرؤيتين رأيت ثلاثة مخلوقات سوداء تشبه الضفادع صاعدة من المحيط الأطلنطي. كانوا يشبهون الضفادع الكبيرة، إلا أنهم كانوا في ضخامة الحيتان.
في أول الرؤيا الأولى عام 1970، رأيت تلك المخلوقات السوداء صاعدة من المحيط الأطلنطي وبدا أنها سوف تجتاح الأرض في الرؤيا الثانية عام 1979. رأيت هذه المخلوقات التي تشبه الضفادع مرة أخرى صاعدة من المياه وبدا أنها على وشك أن ترسو على شواطئنا. نحتاج أن نعرف كيف نترجم الرؤى الروحية. كون تلك المخلوقات صعدت من المحيط لا يعني أنها صعدت من المحيط حرفيًا. فمن سفر التكوين إلى سفر الرؤيا، ترمز البحار أو المياه إلى حشود غفيرة.
أدركت في الرؤيا الأولى أن تلك المخلوقات التي تشبه الضفادع وتقفز عبر دولتنا، تشير إلى ثلاث مكائد للشيطان ستخرج من حشود غفيرة ضد دولتنا. فالمخطط الأول للشيطان كان شغبًا وتشويشًا، والمخطط الثاني كان ثورة سياسية (تحولت إلى فضيحة ووترجيت السياسية) والمخطط الثالث كان مشاكل في القطاع الاقتصادي لبلدنا.
لم تنشأ تلك المخططات الشريرة للعدو من المجتمعات المسيحية، إنما جاءت من حشود أولئك الذين يسلكون في الظلمة، لأن أولئك تحت عبودية وسيادة الشيطان في مملكة الظلمة.
قال لي يسوع في الرؤيا الثانية عام 1979: “إن فعل مؤمنو تلك الدولة ما أخبرتهم به في كلمتي وصلوا لأجل قادة تلك الدولة، لاستطاعوا أن يمنعوا تلك الأرواح الشريرة التي رأيتها في رؤيا عام 1970 من العمل في بلدنا. كان ينبغي لتلك الثورات والمشاكل ألا تحدث في دولتك. كان ينبغي ألا تواجه أمتك ذلك الشغب والاضطراب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولما كان رئيس دولتك ليرتكب تلك الأخطاء التي ارتكبها. في الحقيقة إني أحمِّل الكنيسة مسئولية أخطاء رئيس الدولة. عندما سمعت يسوع يقول ذلك، صرخت: “يا إلهي”، وبدأت أبكي. ثم أكمل يسوع قائلاً: “حقًا أن الكنيسة مسؤولة أمام الله القدير. أعلم أنك عندما تخبر بعض المؤمنين بهذا الكلام، سيستهزئون ويضحكون. لكن انتظر حتى يقفوا أمام كرسي دينونتي وانظر إن كانوا سيضحكون عندما يكونون مَن تقع عليهم دينونتي”. كان يسوع يقول أنه كان بإمكان المؤمنين أن يوقفوا مخططات الشيطان إن أخذوا موضعهم في الصلاة مستندين على كلمة الله. إن المؤمنين لديهم سلطان على هذه الأرض في اسم يسوع. وإن كان المؤمنون قد صلوا لأجل أولئك الذين في موضع السلطان، لما كانت أمريكا قد مرت بتلك الثورات والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي اجتازت فيها دولتنا عام 1970.
رأيت في رؤيا عام 1979 ضفادع أخرى على وشك أن ترسو على شواطئنا مجددًا. ثم قال لي يسوع: “تستطيع أن ترى تلك المخططات الشيطانية الثلاثة الشريرة وهي على وشك الحدوث مرة ثانية في دولتك. (أولا) لو لم يصلي المؤمنون، فتلك الاضطرابات والثورات والمشاكل ستملأ كل أرجاء الدولة وهي نتاج أسباب مختلفة عن تلك الاضطرابات التي حدثت في أوائل 1970.
(ثانيًا،) سيحدث أمر لرئيس دولتك ينبغي ألا يحدث، ولن يحدث إن صلى المؤمنون ومارسوا سلطانًا على مكائد إبليس وقيدوا أعماله في اسمي. (ثالثًا،) لو لم يصلي المؤمنون سيحدث شيئًا آخر سيسبب مشاكل إضافية في الساحة الاقتصادية والوضع المالي لهذه الدولة”.
ثم ختم يسوع: “أكرر.. بإمكان المؤمنين أن يوقفوا كل تلك المخططات الشيطانية الثلاثة ضد هذه الدولة. ويستطيعون أن يوقفوا تلك الثورة من خلال الاضطرابات في البناء الاجتماعي ونشاط إبليس في الساحة السياسية والتشويش الشيطاني في البناء المالي لهذه الدولة”.
لقد صلى الكثير من المؤمنين نتيجة ذلك، وتم إحباط خطة العدو، ولأن المؤمنين وقفوا في موضع سلطانهم في المسيح على الشيطان، تدخل الله لصالحنا.
كيف نغيِّر الأمم بطريقة كتابية؟
سوف نلقى نظرة على رجلين في العهد القديم غيَّر كلا منهما أمته التي عاش فيها عن طريق الصلاة. إن أردت أن ترى كيف غيَّر رجال الكتاب المقدس الشعوب ودرست حياة صلاتهم واكتشفت كيف صلوا، لوجدت أنهم صلوا وفقا لكلمة الله.
إن تشفع إبراهيم لأجل سدوم وعمورة هو مثال يوضح كيف لشعب عهد الله أن يتشفعوا ويؤثروا على الأحداث في هذا العالم حتى تتم مشيئة الله، بغض النظر عن حصون الشيطان فوق تلك المدن والأمم (تكوين 18: 16- 33). كيف صنع إبراهيم تغييرًا في أمته؟ هل تعامل مع شياطين وأرواح شريرة؟ هل حاول أن يهدم حصونًا شيطانية؟ كلا، لقد قدم إبراهيم دعواه أمام الله (تكوين 18: 16-33؛ إشعياء 43: 26). لقد تحدث مع الله بشأن سدوم وعمورة.
حتمًا كان هناك أرواح شريرة في سدوم وعمورة، حتى أن دينونة الله كانت ستأتي على تلك المدن بسبب الشر والفجور (تكوين 19: 13). لكن إبراهيم لم يحارب ضد الأرواح السائدة فوق تلك المدن في محاولة منه ليعفو الله عن تلك المدن. لقد تشفع إبراهيم مع الله بشأن سدوم وعمورة، وتجاوب الرب مع إبراهيم وعفا عن البار. نتعلم من تشفع إبراهيم أن الأمر لا يستدعى عددًا كبيرًا من المؤمنين لتحدث تغييرًا على الأرض من خلال الصلاة. يقول الكتاب المقدس: “إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى 18: 19). كذلك يقول سفر حزقيال 23: 20، “وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلاً”. يستطيع شخص واحد إن يحدث كل هذا التأثير بالإضافة إلى ذلك، فنحن تحت عهد أفضل من عهد إبراهيم. إبراهيم لم يكن لديه سلطان على الشيطان كما لنا الآن في اسم يسوع تحت العهد الجديد. فإن تحرك الله وفقًا لتشفع إبراهيم تحت العهد القديم، فكم بالأحرى جدًا سوف يتحرك الله في مدننا ودولنا بمجرد أن يسأله المؤمنون، بغض النظر عن خطط ومكائد إبليس. يستطيع المؤمنون أن ينجزوا الكثير جدًا لملكوت الله إن مارسوا السلطان الذي لهم في اسم يسوع مؤكدين هزيمة إبليس هنا على الأرض. لكن للأسف إن اغلب المؤمنين لا يستغلوا السلطان الذي لهم في الصلاة. فإن فعلوا ذلك، لسببوا دمارًا مهولاً لمملكة الظلمة وربحوا نفوس كثيرة لملكوت الله. يستطيع المؤمنون أن يغيروا الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المدن والدول من خلال الصلاة الكتابية. كما يمكن للمؤمنين أن يؤجلوا من دينونة الخطاة بأن يعطوهم وقتًا أطول ليسمعوا الإنجيل ويتوبوا. عندما يأخذ شعب الله موضعهم في الصلاة كما فعل إبراهيم لأجل أمم العالم، يصير بإمكانهم أن يغيروا أمورًا على الأرض لمجد الله، مبطلين خطط العدو في كل مواجهة.
حياة صلاة دانيال
هل أقام دانيال حربًا مع الشيطان؟
في حياة صلاة دانيال نكتشف مثالاً كتابيًا آخر لرجل عهد غيَّر مصير أمة إسرائيل بصلواته –بغض النظر عن الحصون الشيطانية. لذلك نحتاج أن نرى كيف صلى بالتحديد. سوف نجد في كل حادثة مسجلة في الكتاب أن دانيال كان يصلي لله. لا توجد مرة واحدة يقول الكتاب أن دانيال حارب الشيطان أو أنه تعامل مباشرة مع قوات ورياسات.
دانيال 10: 2، 3، 5، 6، 12-14
2 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَا دَانِيآلَ كُنْتُ نَائِحًا ثَلاَثَةَ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ
3 لَمْ آكُلْ طَعَامًا شَهِيًّا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ، وَلَمْ أَدَّهِنْ حَتَّى تَمَّتْ ثَلاَثَةُ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ… 5 رَفَعْتُ وَنَظَرْتُ فَإِذَا بِرَجُل لاَبِسٍ كَتَّانًا، وَحَقْوَاهُ مُتَنَطِّقَانِ بِذَهَبِ أُوفَازَ،
6 وَجِسْمُهُ كَالزَّبَرْجَدِ، وَوَجْهُهُ كَمَنْظَرِ الْبَرْقِ، وَعَيْنَاهُ كَمِصْبَاحَيْ نَارٍ، وَذِرَاعَاهُ وَرِجْلاَهُ كَعَيْنِ النُّحَاسِ الْمَصْقُولِ، وَصَوْتُ كَلاَمِهِ كَصَوْتِ جُمْهُورٍ…
12 فَقَالَ لِي: لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ، لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلهِكَ، سُمِعَ كَلاَمُكَ، وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ.
13 وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لإِعَانَتِي، وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ.
14 وَجِئْتُ لأُفْهِمَكَ مَا يُصِيبُ شَعْبَكَ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ، لأَنَّ الرُّؤْيَا إِلَى أَيَّامٍ بَعْدُ.
لقد تنبأ كلا من إرميا وحزقيال بأن الله سوف يخلِّص إسرائيل من بابل. وكان دانيال واحد من العبرانيين الكثيرين المسبيين في بابل في ذلك الوقت. وذات يوم قرأ دانيال تلك النبوات عن تحرير إسرائيل من العبودية وبدأ يطلب الله لأجل ما وعد به.
لقد كانت كلمة الله هي التي أثارت دانيال ليصلي ويطلب الله لأجل شعبه. فطلب دانيال الرب، والله لم يُظهر له ما سوف يحدث في المستقبل القريب وحسب، بل أراه أيضا ممالك معينة سوف تضمحل وممالك أخرى سوف تقوم في المستقبل.
صلى دانيال لله – وليس ضد الشيطان
عندما تنظر إلى ما تقوله كلمة الله سترى أن دانيال لم يتعامل بصورة شخصية في الصلاة مع الملك الذي كان يسود في السماويات. إنما صلى دانيال لله. وعلى الجانب الآخر نرى مشهدًا تعامل خلاله دانيال مع أرواح شريرة بطريقة غير مباشرة في الصلاة. إذ عندما صلى دانيال، سمع الله واستجاب له، فساهم في تقدم ملكوت الله وهزيمة مملكة الشيطان. نتيجة لصلاة دانيال لله، حدثت حرب في السماويات، لكن دانيال لم يشارك فيها.
هكذا يتضح أنه عندما يصلي جسد المسيح، فإن أمورًا كثيرة تحدث في السماويات –في السماء الأولى والثانية حيث تعمل الأرواح الشريرة– أكثر مما ندركه نحن. كما يتضح أيضًا أنه سواء نجحت الملائكة في السماويات أم لا، فالأمر يرجع لنا هنا على الأرض من خلال صلواتنا وكلماتنا التي نتكلمها عن الموقف. تذكر إن الملاك قال لدانيال: “… سُمِعَ كَلاَمُكَ وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ” (دانيال 10: 12)
عندما كان دانيال يصلي، لم يكن يحاول أن يهزم الشيطان، لكنه كان يذكِّر الله بكلمته (إشعياء 43: 26). لكن لا شك أن صلوات دانيال كان لها تأثير على القوات والرئاسات، وسببت حربًا في السماويات حينما حاولت قوى الظلمة أن تمنع وصول استجابة دانيال.
لابد أن دانيال أدرك أن استجابة صلاته لم تجد طريقها إليه بعد، فاستمر في الصوم وطلب الرب. لكن ماذا كان ليحدث لو توقف دانيال عن الصلاة؟ ربما كان الملاك ليفشل في السماويات. لكن دانيال لم يفشل في الصلاة، ونتيجة لاستجابة صلاته تغيرت الظروف في تلك الأمة لمجد الله.
بسبب صلاة دانيال لله، وحتى على الرغم من وجود شر عظيم وحصون كثيرة للشيطان سائدة فوق تلك الأمة، إلا أن إسرائيل تحررت من أسر بابل. لكنها كانت كلمة الله التي تكلم بها دانيال في الصلاة هي التي حركت وغيرت الأحداث. لم تكن مصارعة إبليس المباشرة مع قوات الشر الروحية في السماويات هي التي غيرت الأمور في تلك الأمة، لأننا لا نجد في أي موضع أن دانيال صلى ضد أرواح شريرة في السماويات.
’أتيت لأجل كلامك‘
يعطينا المقطع الكتابي المذكور في (سفر دانيال 10) بصيرة عن القوة التي لكلماتنا وصلواتنا في التأثير على العالم الروحي بينما يتحرك الله ليجيب صلواتنا في العالم المادي. نستطيع أن نرى ذلك من خلال الكلام الذي قاله الملاك لدانيال: “لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ… سُمِعَ كَلاَمُكَ وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ” (دانيال 10: 12)
إنها عبارة مشوقة جدًا، “… أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ”. لم تكن كلمات قد أطلقت في السماء هي التي أرسلت الملاك لدانيال أو حركت ملاك الله. إنما كانت كلمات قيلت على الأرض، نطق بها شخص يصلي وفقًا لكلمة الله، هي التي دفعت الملاك ليعمل ضد قوات الظلمة.
هذا يوضح لنا أن تحقيق النصرة هنا على الأرض يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأولاد الله عندما يقفون في موضع سلطانهم الشرعي في المسيح مصلين وفقًا لكلمة الله.
كذلك أيضًا، فإن تحت العهد القديم لم يكن لدانيال سلطان في اسم يسوع ليتصدى لإبليس أو ليقيد عمل وخطط الرئاسات وقوات الشر؛ لأن يسوع لم يكن قد أتى بعد وهزم الشيطان. لم يكن السلطان على الأرواح الشريرة قد أُعطي يعد؛ لأن يسوع لم يكن قد مات بعد وفوض سلطانه للكنيسة.
لذلك لم يستطع دانيال أن يمارس سلطانًا على مكائد الشيطان، كما فعل المؤمنون تحت العهد الجديد. فاليوم، ونحن تحت العهد الجديد، لدينا عهد أفضل مبني على وعود أفضل من التي كانت لدانيال. إذ بإمكاننا أن نمارس سلطانًا على مكائد الشياطين مبطلين عملهم على الأرض. نحن لا نحارب لنحصل على ذلك السلطان، إنما نقف ببساطة في موضع سلطاننا الذي أُعطي لنا بالفعل في المسيح.
دور الصلاة في التعامل مع مملكة الظلمة
عندما تصلي كمؤمن وفقًا لمشيئة الكلمة، فالله سوف يتحرك لأجلنا. فعندما نصلي وفقًا لكلمته، تدفع صلواتنا بتأثيرات مملكة الظلمة بعيدًا معطيًا الفرصة لكلمة الله حتى تتعظم فنستطيع أن نكرز بالإنجيل.
دعني أشارك بمثال يُظهر قوة الصلاة الكتابية وهي تدفع بمملكة الظلمة بعيدًا مسببة تغيرفى مجرى أحداث أمة. منذ سنوات عديدة مضت زار أحد سفراء دولة أفريقية( ريما )برسالة شكر خاصة من المسئول الأول في دولته.
قبل ذلك بشهور قليلة، زار فريق خدمة من (ريما )تلك الدولة الأفريقية في وقت كانت فيه الدولة على وشك اندلاع ثورة. تقابل فريق (ريما )مع قادة الدولة وتكلموا معهم عن يسوع المسيح، فدُعي فريق (ريما )لاجتماع البرلمان ليصلوا لأجل حل سلمي لأزمة تلك الدولة. أجاب الله صلواتهم وتم حل الأزمة بدون سفك دماء. فأرسل المسئول الأول برسالة إلينا قائلين: “إن الحق الذي قدمه شعبكم إلى دولتنا عن يسوع المسيح أنقذ أرضنا من سفك الدماء”. أراد إبليس أن يثير ثورة دموية، لكن عندما وقف المؤمنون في موضع سلطانهم في اسم يسوع وقيدوا أعمال العدو وكرزوا بالإنجيل لشعب المدينة، بطلت خطط إبليس.
لقد قال لنا سفير تلك الدولة: “نستطيع حتمًا أن نميز الفرق عندما يصلي المؤمنون لدولتنا وقادتنا. عندما يقف المؤمنون في موضعهم في الصلاة، يبدو أن مقاومة العدو تنهار. لكن حين يتوقف المؤمنون عن الصلاة، تعود قوى الظلمة زاحفة”.
لابد أن تكون الصلاة لأجل دول العالم وأولئك الذين في موضع السلطة عادة مستمرة للمؤمنين. فهذه هي إحدى الطرق التي نتعاون بها مع مشيئة الله حتى تتعظم في ظروفنا المختلفة. فالصلاة لأجل أولئك الذين في موضع السلطان هي إحدى الطرق التي نهدم بها معوقات الشيطان التي وضعها ليمنع بها كلمة الله من أن تتعظم في حياة الناس.
لا يمكننا أن نطرد الشيطان وجنوده من على الأرض أو نلقي بهم في الجحيم قبل وقت دينونتهم الأبدي (رؤيا 20: 3). لكن يمكننا من خلال الصلاة الكتابية أن نمنع قوى الظلمة إلى حد ما حتى يجد الإنجيل طريقه بحرية وتصبح قلوب البشر مستعدة لكلمة الله.
إن النور يطرد الظلام ويبدده حتى يتقبل الناس الإنجيل. على سبيل المثال، عندما تدخل إلى غرفة مظلمة وتضيء المفتاح الكهربائي، فإن النور يطرد الظلام. فالظلام لا يتواجد حيث النور.
يخبرنا الكتاب أن الشيطان يحاول أن يعمي أذهان الغير مؤمنين “الَّذِينَ أَعْمَى إِلَهُ هَذَا الْعَالَمِ أَذْهَانَهُمْ حَتَّى لاَ يُضِيءَ لَهُمْ نُورُ الإِنْجِيلِ الْمُخْتَصِّ بِمَجْدِ الْمَسِيحِ الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ” (2 كورنثوس 4: 4). لكن من خلال الكرازة بالكلمة والصلاة لكي تأتى النفوس لملكوت الله، نرد الظلام ونطرده حتى يقبل الناس الإنجيل ويخلصوا.
تقييد عمل الأنواع الثلاثة الأولى من الأرواح الشريرة
كما قلت سابقًا، عندما ظهر لي يسوع في رؤيا عام 1952 قال لي: “عليك أن تمارس سلطانًا على الثلاثة أقسام الأولى للشياطين، وأنا سأتولى مسئولية جنود الشر الروحية في السماويات”.
إن الرؤساء والسلاطين وحكام ظلمة هذا العالم هم الثلاثة أقسام من الشياطين الذين يؤثرون بصورة مباشرة على حياتنا الشخصية، هذا لأنهم يسودون في دائرة ملكنا. وعلينا أن نقيد تلك الأرواح ونمارس سلطاننا في المسيح. والرب يسوع سيتولى مسئولية أجناد الشر الروحية التي في السماويات.
عندما قال يسوع في إنجيل متى18: 18 “إِنَّ كُلَّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ قَدْ رُبِطَ فِي السَّمَاءِ، وَمَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ قَدْ حُلَّ فِي السَّمَاءِ”. لم يكن يتكلم عن تقييد أو ربط سلاطين أو رؤساء في سماء الله؛ لأنه لا يوجد شيء في سماء الله يحتاج أن يُربط. لكن يسوع كان يتكلم عن السماء الأولى والثانية لأنهما موضع عمل قوات الشر.
إن الرؤساء والسلاطين لا يزالون يملكون في هذا العالم هنا على الأرض، لأنهم يستطيعون أن يعملوا من خلال الخطاة أو المؤمنين الذين يسلكون في عصيان وجهل. لكن المؤمنين بإمكانهم أن يوقفوا الرؤساء والسلاطين وحكام ظلمة هذا العالم عندما يمارسون سلطانهم الذي لهم في اسم يسوع.
إن تقييد وربط أعمال الشيطان ضدنا هي طريقة كتابية لنتعامل مع الأرواح الشريرة التي تملك في السماويات. دعني أقدم توضيحًا حدث في حياتي حول طريقة التعامل الكتابية مع الأرواح الشريرة. كنت أعظ في واحدة من أكبر مدننا، وتحرك روح الله عليَّ ووجهني للطريقة التي أصلي بها لأجل هذا الموقف بعينه.
تكلمت تحت مسحة وعمل الروح القدس قائلاً: “أيها الروح الشرير الذي في السماء، يا من تهاجم أمتنا وحكومتنا، توقف عن عملك ضدنا. إني آمركم أيتها الأرواح الثلاثة الشريرة الذين تسكنون هذه المدينة.. آمركم أن تتوقفوا وتكفوا عن عملكم في اسم يسوع. ارفعوا أيديكم عن ذلك الرجل الذي في المنصب السياسي. اتركوا مجموعة الرجال الذين في السلطة. توقفوا الآن في اسم يسوع. لابد أن ترحل أيها العدو المهزوم في اسم يسوع”.
صليت بهذه الطريقة وفقا لقيادة ومسحة الروح القدس. ولم يكن لدي أية فكرة عما كان يجري في تلك المدينة آنذاك، لكن الروح القدس قادني لذلك. بعد ذلك بوقت قصير اُقيل مسئول سياسي كبير في تلك المدينة من منصبه بسبب فساد.
لأني مارست سلطان على أعمال الشيطان في تلك المدينة بقوة الروح القدس، وقعت دينونة بعد ذلك على بعض من القادة السياسيين الفاسدين. فأقيل كثيرون في مواضع قيادية رئيسية من مناصب حكومية في ذلك الوقت. لقد تعاملت بطريقة كتابية تحت مسحة الروح القدس مع الأرواح الشريرة الذين سادوا في العالم الغير مرئي. ثم حدث في العالم المادي لتلك المدينة أن قادة سياسيين فاسدين قد فُضحوا وأُقيلوا من مناصبهم السياسية.
حدود سلطاننا
يستطيع المؤمن أن يمارس سلطانه في العالم الطبيعي والعالم الروحي. فعلى سبيل المثال، إن المؤمن لديه سلطان على قوى الظلمة في حدود بيته ولأجل أهله (أعمال 16: 15، 31؛ متى 8: 1- 13). لكن كي يتعدى المؤمن حدود سلطانه ويصلي لأجل الآخرين، فسوف يحتاج أن يحصل على موافقتهم كي يمارس أي سلطان روحي من أجلهم.
لهذا السبب أخبرنا يسوع أن نصلي في إتحاد (متى 18: 19). ونقود كلا الطرفين ليتفقا على كلمة الله. فإن كنا نتخطى نطاق سلطاننا ونحن نصلي لأجل شخص آخر، فذلك الشخص يحتاج أن يتفق معنا حتى تكون صلواتنا مؤثرة.
نحتاج أن ندرك حدود سلطاننا على مملكة إبليس إن كنا نريد إن نتعامل بفاعلية مع إبليس. على سبيل التوضيح لدينا سلطان أن نحطم قوة إبليس على حياة البشر في اسم يسوع (متى 18: 18، 19؛ فيلبي 2: 9، 10) فيسهل عليهم قبول المسيح. لكن لا يزال لديهم حرية إرادة، وبإمكانهم أن يختاروا قبول المسيح أو رفضه. فبعد كسر قوة إبليس من على حياة الإنسان، يتحرر الشخص من تأثير الشيطان ويصبح حرًا في اختياره للمسيح.
لكن مع ذلك، ليس لدينا شاهد كتابي نستند عليه لكسر قوة الشيطان فوق مدينة بكاملها مرة واحدة وللأبد – لأن المدينة تتكون من بشر لديهم حرية إرادة ويستطيعون أن يختاروا من يعبدوه؛ الله أم الشيطان. وفى كل مدينة يختار الكثيرون أن يخدموا الشيطان ويخضعوا باستمرار له. لكننا نستطيع أن نعيق تأثير الظلام بصلاتنا حتى تجد كلمة الله الفرصة لتتعظم في قلوب الناس وحياتهم من خلال الكرازة بالإنجيل.
وفقا لذات المبدأ، توجد حدود للكيفية التي يمارس بها المؤمن سلطانه فوق النشاط الشيطاني. بمعنى آخر، أستطيع أن أتعامل مع الشيطان في حياتي الشخصية. لكني لا أستطيع بالضرورة أن أتعامل مع الشيطان في حياة شخص آخر، ما لم يسمح لي ذلك الشخص بفعل ذلك. فربما يريد وجود إبليس في حياته ويحب أعمال الظلمة ولا يريد أن يقبل إلى النور. كل شخص لديه الحق أن يختار مَن يخدمه، ولا يمكنك أن تتخطى إرادته.
نخطئ عندما نحاول أن نأخذ سلطاننا الشرعي الذي لنا في حياتنا الشخصية في اسم يسوع، ونحاول أن نمارسه في حياة شخص آخر؛ فنحن لا نملك مثل هذا السلطان. إن الأمور الروحية حقيقية تمامًا كالأمور الطبيعية. وعندما نأتي للأمور الروحية، لا يجب أن نعتقد أننا نستطيع أن نتدخل في حياة الآخرين دون موافقتهم وسماحهم. في بعض الأحيان يبدو البعض وكأنهم يقدمون موافقتهم بالفعل، لكن قلوبهم ليست في اتفاق حقيقي معنا. وما لم يقدم الناس موافقتهم وسماحهم، لن تقدر أن تحررهم ما لم يتحرك روح الله عليك بطريقة خارقة للطبيعة، كما حدث مع بولس في سفر الأعمال إصحاح 16.
طالما أن قدرة الفرد العقلية وإرادته يعملان ويستطيع أن يتحكم في نفسه، فهو مسئول بدرجة كبيرة عن تحريره. لهذا السبب نحتاج أن نعلِّم الناس عن مسئولياتهم في تعاملهم مع إبليس؛ وهي أن يحافظوا على ملء مستمر من الكلمة ومن الروح القدس، ويتعلموا كيف يتصدوا لإبليس بأنفسهم. إن أتى الناس إليك لأجل المساعدة بأنفسهم، تحتاج أن تعلِّمهم كيف يقيدوا الشيطان ويتصدوا له بأنفسهم.
على سبيل المثال، عندما يأتي البعض إليَّ لأجل المساعدة، فإني استطيع دائمًا أن أساعدهم؛ لأنهم بمجيئهم إليَّ يعطونني سماحًا وسلطانًا كي أساعدهم. وطالما أنهم بكامل وعيهم العقلي ليعطونني ذلك السلطان، فإني استطيع أن أساعدهم. خلاف ذلك، أحتاج لعمل مواهب الروح الخارقة للطبيعة كي تحررهم.
يخبر سميث ويجلزورث عن قصة تساعد في توضيح نطاق سلطان المؤمن. كان سميث عائدًا في سفينة من الولايات المتحدة إلى إنجلترا، وكان شخص غريب يشغل ذات المقصورة معه. كان شابًا مريضًا وجده سميث طريح الفراش عندما دخل الغرفة.
كان ذلك الرجل جلدًا وعظمًا فقط. قال لسميث: “أنا ذاهب لانجلترا لأن والدي قد توفى، وقد ورثت ملكه. لكني سأبيعه لأشتري خمرًا، وسأفقد كل شيء في السكر والقمار. لقد سكرت كثيرًا جدًا حتى صرت لا أستطيع أن آكل أي شيء وأصبت بقروح في المعدة”.
لم يكن سميث قد قابل هذا الرجل من قبل أبدًا، فقال: “أخبرني فقط أنك تريد أن تتحرر، وسوف أجعلك تتحرر”. أجاب الرجل: “نعم، أريد أن أتحرر”. فوضع سميث يديه عليه، وأخرج روحًا شريرًا منه، فشفي ذلك الرفيق في الحال. بعد ذلك تحرر ذلك الشاب بالكامل، واستطاع أن يأكل كل الوجبات بينما كان على متن هذه السفينة.
يوجد مبدأ كتابي هنا. لقد طلب سميث من الرجل قائلاً: “أخبرني فقط أنك تريد أن تتحرر”. فعلى الرغم من أن سميث كان لديه المقدرة في اسم يسوع أن يحرر ذلك الرجل، إلا أنه لم يكن لديه السلطان ليفعل أي شيء إلى أن يعطيه هذا الرجل تصريحًا أو سلطانًا ليتعامل مع ذلك الشيطان في حياته. إلى أن أعطى هذا الرجل السماح لسميث، لم يكن باستطاعته أن يساعده.
لا تستطيع أن تجبر الناس على قبول المسيح، أو تحرر أي شخص، أو تختار له ما أعده الله له؛ لأن البشر لديهم حرية إرادة. نعم، تستطيع أن تصلي لأجلهم، وتقيد قوى إبليس على حياتهم، وتعطهم الفرصة أن يختاروا بحرية دون تأثير إبليس. لكن سيظل لديهم حرية إرادة واختيار.
على سبيل المثال، أحضر رجل زوجته إلى واحدة من اجتماعاتي للتحرير. فأتى بها إلى صفوف الشفاء وعندما صليت لأجلها، أدركت بروح الله أن روحًا شريرًا قد دخل إلى ذهنها. كما علمت أيضًا أنه لو أرادتْ أن تتحرر، فبإمكانها ذلك.
ثم كشف لي الله بالتحديد الشيء الأساسي الذي جعلها تفقد عقلها. رأيت عرضًا في لمحة من الزمن كما في شاشة تليفزيونية، وعرفت كل شيء عن وضعها. علمت ذلك عن طريق موهبة روحية تُدعى كلمة العلم (1 كورنثوس 12: 8). رأيت هذه السيدة في خيمة اجتماع كبير في واحدة من أكبر مدن أوريجون. كانت جالسة في الاجتماع وسط آلاف من الحاضرين وهي تسمع الكارز يحكي كيف تكلم الله إليه بصوت مسموع ودعاه للخدمة.
لست أشك فيما حدث له. لكن ما لم تدركه هذه السيدة هو أن هذا الكارز لم يسأل الله أن يتكلم إليه بهذه الطريقة، إنما فعل الرب ذلك من نفسه. فنحن ليس لدينا الحق في أن نطلب من الله أن يتكلم إلينا بصوت مسموع. إن وعدنا في كلمته أنه سيفعل ذلك، فسوف يكون لدينا الحق في أن نطالب بهذا. وذلك الكارز لم يتوقع أن يتكلم الله إليه بهذه الطريقة بالتحديد. لكن الله أراد أن يفعل ذلك -وهو يستطيع- ورأى أنه من المناسب أن يفعل ذلك في مثل هذه الحالة.
في الوقت الذي سمعت هذه السيدة فيه الكارز وهو يحكى ذلك، كانت سليمة تمامًا عقليًا. لكنها بدأت بعد ذلك تطلب من الله أن يتكلم إليها بصوت مسموع.. فتسلَّط عليها إبليس. فبدأت تسمع أصواتًا إلى أن سببت لها هذه الأرواح الشريرة الجنون. والآن كانوا يستعدون أن يأخذوها إلى مصحة عقلية للمرة الثانية.
رأيت أيضًا في الروح أن زوجها أخذها إلى ذات الكارز لأجل التحرير، لكنها لم تنال شيئًا. فألقى الزوج باللوم على الكارز. ثم أضطر زوجها أن يأخذها إلى كارز آخر معروف، لكنها لم تستطع أن تتحرر. فغضب زوجها على هذا الكارز أيضًا. وعلمتُ أنها لن تتحرر إن وضعتُ يديَّ عليها وسيغضب زوجها عليَّ أيضًا.. فرفعت يدي من عليها. قلتُ لزوجها: “اصطحب زوجتك إلي مكتب الراعي وانتظرا هناك. عندما أنتهي من هذا الصف سأتحدث إليكما”.
بعدما انتهينا من الصلاة لمَن احتاجوا إلى الشفاء ذهبت مع الراعي إلى المكتب. قلتُ لهذين الزوجين: “أريد أن أخبركما قبل كل شيء أني لم أذهب إلى ولاية أوريجون من قبل، ولم أر أي منكما أبدًا من قبل. ولا أعلم حتى إن كان الراعي يعرفكما أم لا”.
أجاب الراعي: “إنه واحد من خدامنا“.
قلت: “حسن، سيخبركما الراعي أنه لم يخبرني بأي شيء يتعلق بكما”. ثم بدأت أقص ما رأيته.
قال هذا الخادم: “هذا صحيح تمامًا”.
قلت: “حسن، سأخبرك الآن لماذا لم أصل لزوجتك؛ فهي تريد أن تسمع هذه الأصوات”. ثم أكملت: “إن عقلها ليس ممحوًا بالدرجة التي لا تعلم بها عما أتكلم”. فأجابت قائلة: “إنني أعلم بالضبط عما تتكلم”.
قلت: “لن تتحرري يا أختي حتى ترغبي في ذلك أولاً. فطالما تريدين أن يبقى الوضع كما هو وترغبين في أن تستمعي لهذه الأصوات، فسوف تظلي تستمعين لهم”.
أجابت: “إني أريد أن أسمعهم”.
لو كان عقلها لا يعمل بصورة صحيحة وأعطاني شخص ما في موضع سلطان عليها مثل زوجها تصريحًا، لأستطعت أن اخرج ذلك الروح الشرير. أو إن تحرك الروح القدس بموهبة خارقة للطبيعة من مواهب الروح، لأستطعت أن أتعامل مع ذلك الروح بطريقة خارقة للطبيعة. لكن عقلها كان صحيحًا بدرجة كافية لتختار اختيارًا متزنًا، كما أنها أرادت أن تسمع تلك الأصوات. لذلك لم يعد هناك شيء أستطيع فعله. إذ لا يمكنني أن أتخطى حرية إرادتها، والله ذاته لم يكن ليتخطى حرية إرادتها. لكن لو أرادت في أي وقت أن تتحرر، لاستطاعتْ ذلك من خلال قوة اسم يسوع.
يحتاج المؤمنون أن يدركوا هذا المبدأ بشان محدودية سلطاننا على إبليس في حياة الآخرين. فذهن الإنسان هو المدخل إلى قلبه. إن كانت عقلية الشخص صحيحة بدرجة كافية كي تتحدث معه، وهو أعطاك تصريحًا بذلك، فبإمكانك أن تتعامل مع الأرواح الشريرة في حياته. لكن إن لم يعطيك الشخص سماحًا أو أراد أن يحتفظ بتلك الأرواح الشريرة، فلن يمكنك أن تتعامل مع الشيطان في حياته.
لكن إن كان ذهن الشخص لا يعمل بصورة صحيحة، فهو لن يقدر أن يعطيك تصريحًا أو سماحًا، عندئذ ستكون الطريقة الوحيدة التي تستطيع أن تحرره بها هي إن أعطاك الرب موهبة خارقة للطبيعة من مواهب الروح لتتعامل مع الروح الشرير الذي يزعجه. أو إن استطاع الشخص أن يجلس تحت تعليم كلمة الله لفترة من الوقت حتى ينال التحرير.
لكن النقطة التي أركز عليها هو أنه توجد حدود لسلطاننا في العالم الروحي عندما نتعامل مع الشيطان في حياة الآخرين.. تمامًا مثلما توجد حدود لسلطاننا عندما نتعامل مع الآخرين في العالم الطبيعي.
يخطئ بعض المؤمنين في تفسيرهم لمرقس16: 15 “يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي”، فيحاولون أن يخرجوا شياطين من كل مَن يقابلوه.
لكنك لا تستطيع أن تجول وتمارس سلطانًا على كل مَن تقابله. فيسوع لم يفعل ذلك عندما كان يسير على الأرض، ولا الرسل أيضًا. لذلك لا يمكننا أن نفعل ذلك. في الحقيقة لا يوجد نموذج في العهد الجديد لإخراج الشياطين بدون تمييز من كل مَن نقابلهم.
كثيرًا ما يرى بعض المؤمنين السلطان الذي لديهم في اسم يسوع وينجرفون في حماسة ويبدؤون في الاعتقاد أن بإمكانهم أن يخرجوا أي شيطان من أي إنسان. إذ يفكرون: “إني مؤمن ذو اعتبار ولدي قوة.. أستطيع صنع معجزات، وبإمكاني أن أتدخل في نطاق الأمور الخارقة للطبيعة”. كلا، لا يمكنك أن تجري قوة الله الخارقة للطبيعة بقدرتك الذاتية. لا يستطيع أحد ذلك؛ فالروح القدس هو صانع العجائب، وليس الإنسان. لذلك نحتاج أن نتكل عليه ليقودنا في حكمة وفقًا لكلمة الله فيما يتعلق بتعاملنا مع الشيطان.
هكذا يتضح لك، أنه توجد حدود لسلطاننا في تعاملنا مع الشيطان في حياة الآخرين. لكن ماذا بشأن حياتنا الشخصية؟ على سبيل المثال، سألني بعض المؤمنين عن مقدار السلطان الذي لديهم ليبعدوا إبليس والأرواح الشريرة عن ممتلكاتهم. إن المؤمنين لديهم سلطان على الأرواح الشريرة التي تحاول أن تمس ممتلكاتهم. في الحقيقة، بغض النظر عن حدود سلطاننا، فإني مقتنع أن كنيسة الرب يسوع المسيح لديها سلطان أكبر بكثير مما يعتقده معظم المؤمنين.
دعني أشارك باختبار حدث لمرسل إلى الفلبين يدعى (ا رني ريب )عن أرواح شريرة حاولت أن تمس ممتلكاته. كان الأخ إرني قد توجه إلى جزيرة يعتقد أنها معقل حصين للشيطان. ثم بدأ الأخ إرني يقيم بيتًا على تلك الجزيرة، وأثناء البناء بدأ واحد من النجارين في الصياح. ذهب الأخ( إرني ) ليرى ما حدث، فوجد هذا الشخص يلوح بيديه ورجليه وكأنه يصارع مع شيء ما وهو يصرخ: “أبعدوه عني.. أبعدوه عني”.
قال الأخ إرني: “رأيت شيئًا يمزق سرواله، وظهرت علامات لعضة أسنان، وكانت الجروح تنزف. كل ذلك الوقت كان يصرخ: ’أبعدوه عني‘، فأدركت أنه حتمًا شيطان. فقلت: ’آمرك في اسم يسوع أن تتركه. هذه ممتلكاتي، وليس لديك أي حق على ممتلكاتي‘”.
عندما أمر الأخ إرني الشيطان بالرحيل، غادر على الفور. أخبرني الأخ إرني أنه لم يرى الشيطان وهو يغادر، لكن ذلك الرجل رآه. حدث بعد ذلك أن باقي النجارين خافوا من العمل هناك. ثم جاء طبيب عرَّاف وقال أنه يريد أن يقدم دجاجة وخنزير لاسترضاء الشيطان.
أجاب الأخ إرني الطبيب قائلاً: “لا، لن تقترب من ممتلكاتي. ولن تذبح أي شيء على ممتلكاتي. لا توجد أرواح شريرة هنا. لقد أمرتهم ألا يرجعوا، وهم لن يعودوا أو يطأوا قدم على ممتلكاتي. اخبر ذلك النجار أن يعاود العمل، فهذا الأمر لن يتكرر ثانية”.
لقد تعرفت تلك الأرواح الشريرة على الأخ إرني وأدركت أنه يعلم بسلطانه الذي له في المسيح. إن كنت مؤمنًا، فالشياطين تعرفك. وسوف يهربون منك إن مارست السلطان الذي لك في المسيح. لكن إن لم تمارس سلطانك، فسيستغلون موقفك ويتفوقون عليك؛ لأنهم خرجوا ليسرقوا ويذبحوا ويُهلِكوا (يوحنا 10: 10). قال الطبيب العرَّاف للأخ إرني: “إن عاود هذا الرجل العمل وهجمت عليه الشياطين وقتلته، فستكون مسئولاً عن ذلك. إنه متزوج ولديه أولاد كثيرين. إن قُتل، ستتولى رعايتهم”.
أجاب الأخ إرني: “اخبره أن يعاود العمل، وهذه الأرواح الشريرة لن تهاجمه مرة ثانية. لقد منعتهم من العودة مرة أخرى لممتلكاتي، تمامًا مثلما أمنعك اليوم من الدخول لممتلكاتي”. عاد النجار للعمل بعدما شُفيت رجليه، ولم يهاجمه شيء مرة أخرى.
يرينا اختبار (الأخ إرني )أنه لدينا سلطان حتمًا على الشيطان عندما يحاول أن يتخطى ممتلكاتنا. فعندما نقيد بجرأة أعمال إبليس، يتوجب عليه أن يتوقف عن عمله ضدنا.
ليس لإبليس الحق أن يطأ على ممتلكات الله. لكن ما هو مقدار السلطان الذي لنا على الشيطان عندما نكون في دائرة ملكه؟ إن خرجت لنطاق سيادة الشيطان عن طريق العصيان أو الجهل أو حتى بحب الاستطلاع، ستجده مستعدًا ليهجم عليك. إن خرجت لدائرة سيادته، فلن تقدر أن تمنعه من مهاجمته لك.
إن المؤمنين لديهم سلطان على الشيطان في كل ممتلكاتهم، ولديهم سلطان عندما يكرزون بالإنجيل في دائرة ملك الشيطان تحت قيادة وإرشاد الروح القدس.
على سبيل المثال، دائمًا ما يغزو المبشرون مملكة الشيطان بأخبار الإنجيل السارة، وهم لديهم السلطان عليه في اسم يسوع. لكن إن خرج المؤمنون إلى مملكة إبليس بسبب سلوكهم في عصيان لنور كلمة الله، فهم بذلك يعطون إبليس حقًا شرعيًا ليهاجمهم.
حقًا علينا أن نتعامل مع الشيطان. فهو لا يزال يملك في الظلمة، ونحن لا نستطيع أن نوقفه عن ملكه كإله هذا العالم. لكننا نستطيع أن نقيد عمله ضدنا.
كذلك نستطيع أن نعظ بحق كلمة الله للناس حتى يعرفوا أنه لا داعي أن يسود الشيطان عليهم. فبالصلاة الكتابية وكرازة الكلمة، نستطيع أن نخرج من مملكة الظلمة إلى ملكوت الله. هذه هي الطريقة الكتابية التي نغيِّر بها مدنًا أو دولاً رأسًا على عقب لله.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.