القائمة إغلاق

الصوت الداخلي The Inner Voice

الأصوات في القيادة بالروح

ثانيا : الصوت الداخلي

“أقول الصدق في المسيح. لا أكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس” (رومية 1:9).

إن الشهادة الداخلية هي الطريقة الأولى التي يقودنا بها الروح، أما الطريقة الثانية فهي الصوت الداخلي.

إن الإنسان الداخلي، الذي هو الإنسان الروحي، له صوت كما أن الإنسان الخارجي له صوت أيضاً. ونحن نسمي صوت الإنسان الداخلي بالضمير. أو نسميه بالصوت الصغير الخافت.

إن لروحك صوت. وذلك لأن روحك سيتكلم لك.

في سبتمبر 1977 إنتقلنا إلى”تالسا” “أوكلاهوما” فيها حوالي سبعة عشر عاماً. وهكذا كان الإنتقال: كنت أنا وزوجتي في “تالسا” نقوم ببعض الأعمال. كانت الخدمة تنمو وتزداد، وكنت أفكر بذهني ماذا سأفعل بمكتبي ومنزلي في “تكساس: لمواكبة نمو الخدمة. لكن قال لي الصديق الذي كنا نقيم معه في “تالسا”: “يا أخ هيجين، يجب أن نقيم في “تالسا”. فإن الأخ “ت.ل. أوسبورن” يريد أن يبيع مكتبه القديم. وقد كلفني مدير أعماله أن أبيعه لهم”. ثم ذكر لي ثمنه. فكان مبلغاً زهيداً جداً. إلا أنني لم أكن شغوفاً بذلك. فقال لي: “دعونا نلقي نظرة عليه”. فذهبت هناك لإرضائه فقط.

وفي اللحظة التي وقفت فيها داخل المبنى، سعرت بصوت رقيق يخرج من داخلي يشبه صوت الجرس الكهربائي. (أحياناً تكون الشهادة الداخلية حقيقية حتى أنها تكون كصوت جرس كهربائي داخلي). عندئذ عرفت تماماً، كما أعرف اسمي، أن هذا المكان هو لنا! ولكنني لم أرد أن أستمع إلى هذا الصوت، لأنني كنت أريد أن أقيم في “جارلاند”.

(إن السبب في عدم سماعنا لكلمة الله في الكثير من الأحيان، هو أننا لا نريد أن نسمع. نحن نقول أننا نريد أن نستمع إلى صوت الله، ولكنني في الحقيقة لا نريد).

وعندما رجعت إلى منزل صديقي، سألتني زوجتي عن المبنى. فقلت لها: “آه، كلا. إنني طردت هذه الفكرة بالفعل من ذهني. سنعيش كما نحن. سنحوّل كل البيت إلى مكتب وسنواصل الحياة في جارلاند”.

ذهبنا إلى الفراش في تلك الليلة، ولكنني لم أستطع النوم.

إنني عادة، لا أواجه مشاكلاً في النوم. فالكتاب المقدس يقول: “… يعطي حبيبه نوماً” (مزمزور 2:127). فأنا حبيبه، هل أنت كذلك؟ “… التي أنعم بها علينا في المحبوب” (أفسس 6:1). ولذلك فأنا أعلن دائماً وعد الله وأقول “إنني محبوبك، وأنا أثق في كلامك. أشكرك من أجل النوم”. ثم أذهب دائماً لأنام.

ولكنني لم أستطع النوم على الإطلاق في هذه الليلة. كان ضميري مجروحاً. إذ أن ضميري هو صوت روحي. وعرفت روحي يقيناً أنني لم أستمع إليها.

وبينما أنا مستلقياً على الفراش بهدوء في هذه الليلة قلت: “يا رب، إذا كنت تريدني أن أنتقل إلى “تالسا” فسأطيعك. إنني بطبيعتي لا أريد الإنتقال إلى هناك، ولكنني لا أريد أن أقف عائقاً في طريقك”.

ثم سمعت ذلك الصوت الصغير الخافت في داخلي.

إنني لا أتحدث الآن عن كلمات روح الله، لأن روح الله عندما يتكلم فصوته يكون أكثر قوة. أما الصوت الخافت فهو صوت أرواحنا. وأرواحنا تلتقط هذه الإشارات من الروح القدس الذي هو بداخلنا.

وذلك الصوت الصغير الخافت، أي الصوت الداخلي، لم يكن صوتاً قوياً، بل كان بمثابة صوتاً هادئاً يقول في داخلي: “سأعطيك هذا المبنى”.

ضحكت. كان هناك الكثير من عدم الإيمان حول هذا الأمر. ولكنني قلت: “حسناً، عندما تفعل ذلك فسأصدق ما تقول”.

وجاء هذا الصوت الداخلي بعد أن التقط صوت الروح القدس وقال: “أنظر إلى ما سأفعله”.

وبدون سرد للتفاصيل كلها، إلا أنك ستندهش عندما تعرف الطريقة التي بها أعطانا الله المبنى.

الضمير: صوت روح الإنسان

“فستفرّس بولس في المجموع وقال أيها الرجال الأخوة إلي بكل ضمير صالح قد عشت لله إلى هذا اليوم” (أعمال 1:23).

إنه شيق ورائع أن تعود إلى ما كتبه بولس الرسول إلى الكنيسة وترى ما قاله عن الضمير. وسرعان ما تلاحظ أنه كان دائماً يتبع ضميره.

هل ضميرك مرشد أمين لك؟

نعم، فإذا أصبحت روحك خليقة جديدة في المسيح، فإن هذا بسبب أن ضميرك هو صوت روحك.

“إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هو ذا الكل قد صار جديداً” (2 كورانثوس 17:5).

إن هذه الأمور تأخذ مكانها في روح الإنسان، أي في الإنسان الداخلي. فهو أولاً خليقة جديدة – شخص جديد في المسيح. ثانياً، الأشياء العتيقة قد مضت – أي أن كبيعة إبليس في روحه قد إنتهت. ثالثاً، الكل قد صار جديداً في روحه – وليس في جسده أو في ذهنه – والآن ها هو يمتلك طبيعة الله في روحه.

وهكذا فإذا كانت روحك إنساناً بها حياة وطبيعة الله، فإنها تعدّ إذاً مرشداً باعث على الشعور بالأمان.

إن الشخص الذي لم يتجدد ولا يحصل بعد على الولادة الثانية، لا يستطيع أن يتبع صوت روحه. لأن روحه لم تُجدد بعد، وبالتالي فإن ضميره يسمح له بأن يفعل أي شيء.

عندما تكون لديك حياة وطبيعة الله في داخلك، فإن ضميرك لن يسمح لك أن تفعل أي شيء. وإذا كنت قد وُلدت ثانية فأنت تتمتع بحياة الله.

“لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 16:3).

 “لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هية الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا” (رومية 23:6).

“وقد يقول البعض: “إن هذا يعني فقط أننا سنعيش إلى الأبد في السماء”.

كلا، فإن هذه الآية لا تعني هذا فقط. بل علينا أن نضع في الإعتبار هذا الجزء الكتابي أيضاً: “كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية” (1 يوحنا 13:5).

إن كلمة “لكم” هي فعل مضارع. فنحن لنا حياة أبدية الآن. فإذا كنت شخصاً مؤمناً، حصلت على الولادة الثانية. فأنت تتمتع بحياة الله وطبيعته في روحك الآن.

آه! لو تعلّم الناس كيف يتبعون أرواحهم! ولو تعلّموا كيف يتمتعون بامتيازات الحياة التي فيهم!

لقد التحقت بالكنيسة واعتمدت وأنا صغيراً، ولكن هذا لم يُصيّرني مؤمناً. فروحي لم تكن بعد قد تجددت وقتما كنت في الخامسة من عمري ملازماً للفراش وأنا أعاني من مرض في القلب. لقد وُلدت ثانية بالفعل خلال الستة عشر شهراً لما كنت طريح الفراش. وفي أغسطس 1934، عندما كنت أقرأ في إنجيل جدتي التي كانت من الطائفة المشيخية، حصلت على الشفاء.

رجعت مرة أخرى إلى المدرسة الثانية، كنت أنجح بصعوبة في دراسياً. فإذا كنت أحصل على درجة “D” فهذا كان يعني رسوباً، وإذا رسبت في مادة واحدة فكان التقدير يبقى كما هو وأعيد المادة بأكملها مرة أخرى. قال لي أستاذين في مادتين مختلفتين (لقد أعطيناك درجتين أكثر مما تستحق وإلا كنت قد حصلت على تقدير “D“).

ولكن بعد حصولي على الولادة الثانية، كانت كل تقديراتي “A” التي تعني التفوق. حتى أنني لم أعد آخذ حتى كتاب واحد إلى المنزل لأستذكره.

لم أكن أعرف في ذلك الوقت سيئاً عن معمودية الروح القدس. ولكن هل تعلم ما كنت أعرفه آنذاك؟ كنت أعرف أن حياة الله فيّ!

وبينما كنت أسير كل صباح وأنا في طريقي إلى المدرسة، كنت أتحدث مع الرب. حديثاً فردياً، ودون أن أشعر، كنت أنقاد بروح الله؛ فقد كنت أنصت إلى ما يقوله لي القلب بدلاً من الذهب.

قلت: “والآن، يا رب، قد قرأت في العهد القديم عن دانيال والفتية الثلثة الذين وجدوا نعمة في عيني رئيس المدرسة (دانيال 9:1). لذلك أعطني يا الله نعمة في عيني كل أستاذ. أشكرك من أجل هذا؛ ومن أجل أنني قد حصلت على ذلك الآن. قرأت أيضاً أنه عند نهاية ثلا سنوات الإختبار أن الفتية الثلثة كانوا أحسن حالاً من كل الفتيان الآخرين بعشرة أضعاف (دانيال 18:1-20). يا رب، إنني أتمتع بحياتك فيّ. مكتوب في يوحنا 4:1 “فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس”. إن النور يشير إلى النمو. لذلك ضع فيّ معرفة، ومقدرة لكل تعلّم، وحكمة حتى أكون متفوقاً عشرة أضعاف عن هذا…”.

وأنا في طريقي إلى المدرسة كنت أعترف كل يوم وأقول: “فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس. وهذه الحياة هي فيّ. فالحياة هي النور – وهي النمو الذي يحدث داخلي. فهي تُنمي روحي، وذهني. إن الله في داخلي. وحكمته وحياته فيّ. إن حياة الله التي في روحي هي التي تتحكم فيّ. لذلك فأنا أضع في قلبي أن أسير في ضوء هذه الحياة”.

ولكن هذا لا يعني أنني لا ألتزم بالدراسة. فكنت أستذكر دروسي في وقت الإستذكار بالمدرسة. وكنت أستمع بانتباه لكل كلمة تقال بالفصل. ولكن بفضل قبول الحياة الأبدية في روحي وتجديد ذهني بالكلمة، فإن قدراتي الذهنية قد ارتفعت من 30 إلى 60%.

وهذا أغرب معجزة رأيتها عن الحياة الأبدية التي أثرت في عقلية شخص ما، كانت قد حدثت في حياة فتاة سوف أطلق عليها هنا إسم “ماري”، فإن قراتها الذهنية قد إرتفعت بنسبة 90% على الأقل.

بدأت ماري حياتها الدراسية في السابعة من عمرها وقضت سبعة أعوام كاملة في ذات الصف الأول دون أن تختبر النجاح مطلقاً. وعلى مدار السبعة أعوام لم تتعلم أي شيء حتى كتابة اسمها. وأخيراً نصح المدرسين أولياء أمرها بأن يخرجوها من المدرسة.

رأيت ماري في الكنيسة التي كنت  أخدم بها. كانت عندئذ في الثامنة عشرة من عمرها ولكنها كانت تتصرف كطفلة عمرها سنتان. كانت تقع على الأرض وتتدحرج مثل الأطفال. وإذا تصادق أنها لم تجلس بجانب أمها، لكنت تراها وهي تتسلل بين مقاعد الكنيسة أو ترفع تنورتها وتبحث عن أمها. كانت ملابسها تلفت الأنظار. كذلك بدت وكأن شعرها لم يُمشط من قبل.

وفي إحدى الأمسيات، خلال إحدى إجتماعات النهضة التبشيرية، تقدمت ماري للأمام إلى المنبر. وهناك حصلت على حياة أبدية – على طبيعة الله. ثم حدثت لها تغيرات عميقة ومفاجئة. ففي الليلة التالية، جلست طوال الخدمة غاية في الاحترام كأي فتاة أخرى في الثامنة عشر من عمرها. لقد رتبت ومشطت شعرها وأرتدت ملابس لائقة. كما بدت قدراتها الذهنية وكأنها قد ازدادت بين يوم وليلة.

وبعد عدة سنوات عدت إلى المدينة للمشاركة في إحدى الجنازات. فسألت سكرتيرة الكنيسة: “ماذا حدث لماري؟”. فأخذتني إلى إحدى الأبواب الأمامية وقالت لي:

“هل ترى تلك المنازل الجديدة المقامة هناك”؟

فقلت: “نعم”.

قالت: “إنها منازل تُبنى حديثاً. وماري هي التي تبنيها. إنها الآن أرملة وهي المسئولة عن كل أمورها المادية. لديها ثلث أطفال أحباء. يجلسون بالصف الأول بالكنيسة كل أحد. إنهم يرتدون أحسن الملابس، ويمتازون بأخلاقهم السامية في الكنيسة. وبصفتي سكرتيرة الكنيسة أقول لك أن ماري تقدم عشورها هنا كل أحد”.

لقد أنت حياة الله إليها!

إنني مقتنع بأننا لم نتعلّم بالكامل بعد كل أخذناه أو استلمناه من الله. فالكثيرين منّا يعتقدون أن الرب فقط يغفر خطايانا فحسب، وقولنا هذا يعني أننا لا نزال بالطبيعة القديمة كما كنا من ذي قبل. وسنحاول فقط أن نكون أمناء حتى النهاية, وقد نحقق ذلك إذا ما صلى لنا عدد كافِ من الناس.

كلا، بل شكراً لله. فإن حياة الله قد وُضعت في أرواحنا! وطبيعة الله هي في أرواحنا. والروح القدس يحيا ويسكن في أرواحنا.

إختبارين

“فانحدر فيلبس إلى مدينة من السامرة وكان يكرز لهم بالمسيح… ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح إعتمدوا رجالاً ونساءاً… ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا. اللين لما نزلا صلّيا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس. لأنه لم يكن قد حلّ بعدُ على أحد منهم. غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع. حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس” (أعمال الرسل 5:8،12،14-17).

يتمتع كل ابن لله العهد الجديد بروح الله. كنت قد وُلدت ثانية، فإن روح الله يكون ساكناً في روحك.

نحتاج لأن نفرق بين الولادة بالروح والإمتلاء بالروح. إن المؤمن المولود ثانية يمكن أن يمتلأ بذات الروح الذي يسكن فيه بالفعل. وعندما يمتلئ بهذا الروح سيكون هناك فيضاً وغمراً وسيتكلم بألسنة أخرى كما سيعطيه الروح أن ينطق (أعمال 4:2).

يعرف دراسة الكتاب المقدس أن المياه تستخدم كتعبير عن روح الله. حتى أن يسوع نفسه استخدم المياه للتعبير عن الروح. وقد استخدمها للتعبير عن الولادة الثانية عندما كان يتحدث مع المرأة السامرية بجانب البئر.

“أجاب يسوع وقال لها لو كنتِ تعلمين عطية الله ومَن هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءاً حياً. قالت له المرأة يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة. فمن أين لك الماء الحي. أجاب يسوع وقال لها. كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً. ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية.” (يوحنا 10:4-14)

وقد استخدم يسوع الماء أيضا كأحد الطرق للتعبير عن الإمتلاء بالروح القدس: “وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا إن عطش أحد فيقبل إليّ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد. لأن يسوع لم يكن قد مُجد بعدُ.” (يوحنا 37:7-39)

هناك إختبارين يختلفان بعضهما عن بعض. فالولادة الجديدة هي ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية فيك، أما الإمتلاء بالروح فهو أنهار – ليس فقط نهر واحد. إن الماء في الينبوع له غرض واحد. يعمل من أجل فائدتك، وبركتك الخاصة. أما المياه في الأنهار فلها غرض آخر. إذ أن هذه الأنهار تنساب منك لتبارك الآخرين.

قد يقول البعض “إذا كنت قد وَلدت من الروح، فإن الروح يسكن فيك. وهذا هو كل الأمر”. ولكنني أقول أن الأمر ليس كذلك. فمعنى أنك تمتلك رشفة من الماء ليس دليلاً قاطعاً على إمتلائك بالماء. فهناك إختبار يعقب الولادة الجديدة ألا وهو الإمتلاء بالروح – وتكون النتيجة أن تجري من البطن (الإنسان الداخلي – الروح) أنهار ماء حي.

وآخرون يقولون بأن الناس الذين لم يمتلئوا بالروح ولا تكلموا بألسنة أخرى لا يمتلكون الروح القدس على الإطلاق. إن هذا ليس صحيحاً. فإذا شربت نصف كوب من الماء، فأنا لا أكون بذلك قد إمتلأت بالكامل، ولكني على الأقل فأنا عندي بعض الماء في داخلي. فإذا وُلد أحد من روح الله، فإن روح الله يسكن بداخله.

الله بالداخل

“… فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً” (2 كورنثوس 16:6).

إذا كنت قد وُلدت ثانية، فاعلم أن الروح القدس يحيا ويسكن في روحك.

أين يحيا ويسكن؟ هل في رأسك؟ كلا. أفي جسدك؟ قد تكون الإجابة نعم، ولكن ليس بالضبط بالطريقة التي قد تفكّر بها. إن السبب الوحيد الذي يجعل جسدك هيكلاً للروح القدس هو أنه هيكلاً لروحك أنت. فالروح القدس يسكن في روحك.

إنه لا يتعامل معك مباشرة من خلال دهنك – فإنه لا يسكن في دهنك. إنه يحيا في روحك – ويتفاعل ويتعامل معك من خلال روحك.

حتى لما كنت طفلاً جديداً في المسيح، وأنا لا أزال طريح الفراش، كنت أفعل أموراً عن كريق الشهادة الداخلية. لم أكن أعرف شيئاً عن الإمتلاء بالروح القدس والتكلم بألسنة أخرى – ولكنني كنت مولوداً من الروح. وشهادة الروح داخلي كانت تعلن لي إنني ابن الله.

كنت طريح الفراش لمدة أربعة أشهر تقريباً عندما جاعت إليّ أمي ذات يوم وقالت: “يا بُني، إنني لا أريد مضايقتك، إلا أن الأمور ليست على ما يرام مع (داب)”.

داب هو أخي الأكبر. الذي كان يبلغ  من العمر 17 عاماً. وقد إختفى من المنزل. ولم نكن نعلن أين هو بالتحديد.

شعرت أمي بشيء ما في روحها. وفكّرت بأن داب قد يكون وقع في مشكلة وأخذ إلى السجن. قالت: “إنني أصلي له منذ ثلثة أيام ولكنني في إحتياج إلى بعض المساعدة”.

قلت: “يا أمي، كنت أظن أن لديك ما يكفي من مشاكل بسببي وأنا طريح الفراش. كنت أعرف هذه الأمور عن داب منذ عدة أيام. ولكنه ليس في الشجن، فهو لا يعاني من هذه المشكلة، بل إن جسده في خطر. لقد صلّيت له بالفعل وسوف تتحسن صحته وتُنقذ حياته. لقد حصلت على استجابة الصلاة بالفعل”.

لم أكن أعرف كيف أحصل على استجابة الصلاة بخصوص الأمور المتعلقة بالشفاء في ذلك الوقت – وخاصة أنني حصلت على شفائي بعد عام كامل من تلك الواقعة. ولكن شكراً لله، إنني كنت أعرف بعض الأمور وهي أن الله سيتعامل مع كل واحد على قدر إيمانه.

وبعد ثلثة أيام، رجع داب إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل. كان ذلك عام 1933 حيث لم تكن هناك فرص للعمل بالمدينة آنذاك. فالرجال كانوا يقفون في الشوارع بلا عمل في تلك الأزمنة الصعبة. لذلك فقد ذهب داب إلى وادي “ريوجراند” للبحث عن عمل ولكنه لم يجد. لذلك قرر أن يقفز في قطار لنقل البضائع – فكثير من الناس كانوا يقلون القطارات في ذلك الوقت – من ذلك الوادي إلى بلدة “ماكني”.

وعلى بُعد خمسين ميلاً من جنوب “دالاس”، ضربه أحد المخبرين على رأسه وقذف به خارج القطار وهو يسير بسرعة 50 أو 60 ميلاً في الساعة. سقط داب وهو يتدحرج على خط السكة الحديد. كان من عادة الناس في تلك الأيام أن يشعلوا فحماً ويضعون جمرات الفحم بين خطوط السكة الحديد. سقط داب على تلك الجمرات وهو يتدحرج على طهره. ومن العجيب أن ظهره لم ينكسر. كان من الممكن أن يحدث هذا، لو لم نكن قد عرفنا عن ذلك بواسطة الشهادة الداخلية وصلّينا من أجله.

خرج من الحفرة. كان قميصه ومقعد بنطلونه قد تمزقا، لذلك كان يسافر ليلاً فقط. أما في الصباح فطان يختبئ وسط أشجار الفواكه التي بالحقول – إذ كان ذلك هو وقت إثمار الفواكه – كان يسير ليلاً بمحازاة السكك الحديدية ليصل إلى ماكني. وصل إلى المنزل ليلاً. فوضعته أمي على الفراش وتحسنت حالته في أيام قليلة.

لم أكن أنا وأمي مؤمنين ممتلئين بالروح عندئذ – ولكننا كنا فقط مؤمنين. لدينا شهادة في أرواحنا بأن هناك شيئاً ما خطأ – وهذا ما يُعرف بالإدراك الداخلي. وهذا مالابد أن يمتلكه كل مؤمن. إنه شيء يجب على كل مؤمن أن يُنَميه أو يظهره في داخله. فعلينا إذاً أن نُنمي ذلك الإدراك أو تلك الشهادة الداخلية داخل أرواحنا.

حدث لصديق لي كان يخدم مع كنيسة خمسينية ثلثة حوادث بالسيارة في أقل من عشرة سنوات. حيث مات عدة أشخاص على إثر تلك الحوادث. حتى كانت زوجته أيضاً على وشك الموت. كما أصيب هو نفسه بإصابات بالغة. وتدمرت سيارات. ولكنه شُفي هو وزوجته بعناية الله ورحمته.

قال لي هذا الصديق بعد أن سمعني أُعلم عن ذلك (الصوت وتلك الشهادة الداخلية)، “يا أخ هيجين، كان يمكنني أن أنتفادى كل هذه الحوادث لو كنت قد استمعت إلى ذلك الصوت الداخلي”.

وفي ظروف مشابهة لتلك فإن الناس سيتساءلون: “إنني لا أعلم لماذا حدث هذا مع ذلك المؤمن التقي؟ إنه واعظ”. (يجب أن يتعلم الوعاظ الإصغاء إلى أرواحهم بالضبط كما عليك أنت أيضاً أن تستمع إلى روحك). ومن ثم يلقون بتلك المسئولية على الله ويقولون إن الله قد فعل هذا.

وقال لي هذا الواعظ: “إذا كنت قد إستمعت إلى ذلك الصوت الداخلي – لأنني شعرت بأن شيئاً ما سوف يحدث – لكنت انتظرت بعض الوقت وصليت. ولكنني بدلاً من ذلك فكرت وقلت في نفسي، إنني مشغول، وليس لديّ وقت الأصلي”.

في كثير من الأحيان، لو أننا أنتظرنا، لكان الله قد أرانا وأعلن لنا عن أمور، ولكُنا تفادينا الكثير من الأمور. ولكن ليس هذا هو وقت الأسف والأسى عن المواقف السابقة. دعونا نتمتع بالإمتيازات التي لنا فلا تتكرر تلك الأحداث مرة أخرى. وعلى أية حال ليس في وسمعنا أن نفعل أي شيء بخصوص الماضي. بل دعونا نبدأ في العمل على نمو أرواحنا ونتعلّم كيف نستمع إليها.

إن الروح القدس يسكن في روحك. وروحك هي التي تلتقط تلك الأمور من الروح القدس ثم تمررها على ذهنك عن طريق الإدراك الداخلي، أو الشهادة الداخلية.

قال يسوع: “إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي واليه نأتي وعنده نصنع منزلاً” (يوحنا 23:14). يتحدث يسوع في هذه الآيات الكتابية عن مجيء الروح القدس. إذ يأتي هو الآب في شخص الروح القدس ليسكنا فينا. والمنزل هو المكان الذي يعيش فيه الشخص. وهناك ترجمة أخرى تقول: “وإليه نأتي ومعه نصنع بيتاً”.

قال الرسول بولس بالروح القدس: “أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم” (1 كورنثوس 16:3). وتقول ترجمة أخرى “أن روح الله يسكن فيكم في بيت”. وهذا هو المكان الذي يسكن فيه – فيكم أنتم!

يقول الكتاب المقدس: “… فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً” (2 كورنثوس 16:6).

ضع هذه الآيات الكتابية الثلاث معاً: يوحنا 23:14، 1 كورنثوس 16:3، 2 كورنثوس 16:6).

وأجاب يسوع وقال له إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً… أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم… فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً”.

لم نتوصل بعد إلى عمق ما قاله الله: “إني سأسكن فيهم.. وأحيا فيهم.. وأسير بينهم”. فإذا كان الله يسكن فينا – وهذا هو الواقع – فإنه سيكلم أيضاً إلينا.

اعتمد على روحك

“لأني الحق أقول لكم إن مَن قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقول يكون فمهما قال يكون له. لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم” (مرقس 23:11-24).

إن روحك تعرف أموراً لا يعرفها ذهنك وذلك لأن الروح القدس يسكن داخل روحك.

عندما أمرت العلوم الطبية بأنني سوف أموت وأنا في سن المراهقة، وعندما أعلن الأطباء أن ليس في يديهم ما يساعدونني به، أدركت عندئذ أنه إذا كانت هناك مساعدة ما باقية لي في أي مكان فلسوف أجدها في الكتاب المقدس.

بدأت بالعهد الجديد لأنني علمت أنني علمت أنني لم أعد أملك وقتاً كثيراً. وقد توصلت أخيراً إلى مرقس 23:11-24).

وعندما قرأت مرقس 24:11، كان شيئاً ما من خارجي يقول لذهني: “إن هذا الحكم وأحسست كأنني سأموت. كان ذلك قبل شهرين من رجوعي ثانية إلى الكتاب المقدس لأقرأ مرقس 23:11-24.

قلت للرب: “لقد حاولت التوصل إلى أي شخص ليساعدني ولكنني لم أستطع. لذلك سوف أقول لك ما سأفعله. سوف أصدق كلمتك كما هي. فهذه هي الكلمات التي قلتها عندما كنت على الأرض. سأصدقها. فإذا كنت صادقاً فيما تقول، فلسوف أترك هذا الفراش، لأنني أستطيع أن أؤمن بما تقوله لي كلمتك وأصدقها”.

لقد توصلت إلى هذه الفكرة (وقد أخذ مني هذا الأمر وقتاً طويلاً لأنني لم أكن أستطيع تحريك يديّ إلا بطريقة محدودة جداً. فكانوا يحضرون الكتاب المقدس أمامي، وكنت أحاول جاهداً أن أقلب صفحاته بنفسي). قررت أن أبحث عن الآيات التي تتحدث عن الإيمان والشفاء. حتى وصلت إلى يعقوب 14:5-15.

“أمريض أحد بينكم فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب. وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفرله” (يعقوب 14:5-15).

ظننت أن كل الآيات الكتابية المتعلقة بالشفاء والوعود تعتمد على هذا الأمر – فظننت أنه يجب عليّ استدعاء شيوخ الكنيسة. (إن هذا الأمر ليس لزاماً عليك – يمكنك فقط أن تفعله إن أردت). بدأت أصرخ وأقول: “يا إلهي العالي، إذا كان شفائي، فإنني لن أستدعي شيوخ الكنيسة ليدهنونني بالزيت من أجل شفائي، فإنني لن أحصل على الشفاء مطلقاً. فكل شيوخ الكنيسة الذين أعرفهم لا يؤمنون بالشفاء”.

لقد حصلت على الخلاص منذ ستة أشهر. ولم أسمع أي صوت داخلي. إنني لا أتحدث عن صوت روح الله – الذي يتميز بأكثر قوة وسلطاناً – ولكنني أتحدث عن ذلك الصوت الخافت الذي هو صوت روحي.

قالت لي روحي: “هل لاحظت الآية التي تقول أن صلاة الإيمان تشفي المريض؟”

بدأت أنظر إلى الآيات مرة أخرى. بعدما كنت أحصر ذهني في شيوخ الكنيسة فقط. ثم قلت بصوت مرتفع: “نعم، هذا ما يقوله الكتاب!” وسرعان ما أثرت فيّ هذه الآية حتى أصبحت بمثابة صدمة حقيقية لي.

ثم شعرت بصوت داخلي يقول لي: “تستطيع أن تصلي هذه الصلاة كما يصليها أي شخص آخر”. هللويا!

ولكنني كنت أتلقى التعاليم الروحية ببطء – بالضبط كما قد يحدث معك. فلازمت الفراش لمدة تسعة أشهر أخرى قبل أن أتوصل نهائياً إلى أنني يجب أن أؤمن بأنني قد حصلت على الشفاء حتى قبل حدوث ذلك بالعيان.

حدث ذلك بينما كنت أصلي وأقول: “إنني أؤمن بأنني قد حصلت على الشفاء”. في تلك اللحظة شعرت بأنني يجب أن أؤمن بهذا فقلت: “إنني أؤمن بأنني قد حصلت على الشفاء من هامة رأسي إلى أخمص قدمي”. ثم بدأت أسبح الله إذ أنني قد حصلت على الشفاء بالفعل.

ومرة أخرى، سمعت في داخلي هذه الكلمات – لم يكن هذا صوتاً قوياً ذو سلطان، ولكنه كان صوتاً هادئاً وخافتاً، حتى أنني كدت لا أسمعه إذ كان كل من ذهني وجسدي غاية في النشاط والفعالية – قال لي هذا الصوت: “والآن أنت تؤمن بأنك في صحة جيدة”.

قال لي هذا الصوت الداخلي: “إنهض إذن، فالناس الأصحاء يستيقظون في العاشرة والنصف صباحاً”.

لقد كنت مشلولاً، لذلك كانت هذه لحظة صراع. ولكنني كنت أحاول تحريك جسدي. وأخيراً قمت جسدي على قائم السرير. وارتخت ركبتيّ بالقرب من الأرض. كنت فاقد الشعور بجسمي ابتداءاً من منطقة الوسط إلى الجزء الأسفل. وبينما كنت أحاول جاهداً في النهوض خارج الفراش، كنت أقول لنفسي: “أريد أن أعلن في حضور الله القدير، الرب يسوع المسيح، الروح القدس، وفي حضور الملائكة في هذه الحجرة. أريد أن أعلن أمام إبليس وأمام كل الأرواح الشريرة التي قد تكون حاضرة في هذه الحجرة بأنني قد حصلت على الشفاء كما هو مكتوب في مرقس 24:11”.

وعندما أعلنت هذا، بالجسد، شعرت بحدوث شعرت وكأن شخصاً ما من أعلى رأسي، إلى رقبتي وكتفيّ ثم إلى ذراعيّ وأطراف أصابعي وإلى سائر جسدي حتى أخمص قدميّ. وفجأة، وقفت بإستقامة! ولم أعد عاجزاً منذ ذلك الوقت.

ولكنني أريدكم أن تلاحظوا هذا. لقد إستمعت إلى روحي. والإيمان يأتي بالروح. أن إيمانك لن يعمل بكمال إلا إذا تعلمت بعضاً من هذه الأمور. تعلّم أن تعتمد على الروح. ذلك الذي بداخلك. تعلّم أن تُنمي روحك وتثق في إيمانك.

رقيق القلب

“لأنه إن لامتنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء. أيها الأحباء إن لم تلُمنا قلوبنا ثقة من نحو الله” (1 يوحنا 20:3-21).

هل يلومك الروح القدس عندما تخطيء بإعتبارك مؤمناً؟

كلا، بل إن روحك هي التي تلومك.

تحتاج لأن تتعلم هذا الدرس رغم صعوبته، وذلك بسبب التعاليم الخاطئة التي تلقيناها منذ نعومة أظافرنا.

إن الروح القدس لا يلومك. لماذا؟ لأن الله لا يريد أن يفعل هذا. إدرس ما أملاه الروح القدس للرسول بولس عندما كنت رسالته إلى أهل رومية. قال: “من هو الذي يدين؟ هل الله يدين؟ كلا، الله هو الذي يبرر”.

قال يسوع أن الروح القدس سوف يبكّت العالم على خطية وحيدة، هي خطية رفض يسوع (يسوع 7:16-9).

إن ضميرك – أو صوت روحك الداخلي – هو الذي يعرف متى تفعل الخطية.

لقد اكتشفت أنه حتى في الوقت الذي أفعل فيه الخطأ، فإن روحي هي التي تبكتني، أما الروح القدس فهو الذي يعزيني، ويساعدني ، ويردني إلى الطريق الصحيح. أينما قرأت في الكتاب المقدس، فلن تجد الروح القدس يبكّت أو يلوم أبداً. قال يسوع عن الروح القدس أنه المعزي. ويوضح كتاب “Amplified” سبعة معاني لكلمة الروح القدس مقتبسة من اللغة اليونانية.

“وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر (مرشداً، مساعداً، شفيعاً، محامياً، مقوياً، مشجعاً) ليمكث معكم إلى الأبد” (يوحنا 16:14 “Amplified“).

إن الروح القدس حمل كل هذه المعاني! فهو سيقف إلى جانبك في الوقت الذي فيه يتخلى عنك الجميع. سوف يساعدك. فهو معين!

إن روحك هي التي تعرف تلك اللحظة التي أرتكبت فيها الخطأ. إنني سعيد إذ قد تعلمت هذا الأمر مبكراً. لأنه أثرى حياتي كثيراً.

لقد حصلت على الخلاص والشفاء وعدت مرة أخرى إلى مدرستي عندما وقعت تلك الحادثة الآتية: لا أعرف بالضبط لماذا حدثت، فلم يكن في عائلتي أي شخص مجدفاً. ولكن كان لدينا جار، ليباركه الله، أنه كان – كما تقول نحن بلغتنا في “تكساس” – “يلعن العاصفة”. كنت تستطيع أن تسمعه حتى في نهاية حدود بلدتنا. أعتقد أنني تعلّمت ذلك منه حتى أنني قلت ببساطة لأحد الأولاد “لا يوجد هناك جحيم (بطريقة أو بأخرى)”.

وفي اللحظة التي قلت فيها هذا أدركت في داخلي أن هذا خطأ. فما هو الذي كان يدينني؟ الروح القدس؟ كلا. بل روحي. فإن روحي، تلك الخليقة الجديدة، وهذا الإنسان الجديد، لا يتكلم بهذه الطريقة. وحياة وطبيعة الله لا يتكلمان هكذا. قد يرغب الجسد، أي الإنسان الخارجي، أن يفعل تلك الأشياء التي كان يفعلها من قبل، ويتحدث بذات الطريقة التي كان يتحدث بها من قبل. ولكن عليك أن تصلب الجسد. إن الطريقة الصحيحة التي تصلب بها – أي الإنسان الخارجي – هي أن تأتي بأخطائك وتفضحها في النور.

وهذا ما فعلته في ذلك الوقت. لم أنتظر لحظة في التحرك. قلت في قلبي: “يا إلهي الغالي، سامحني على ما قلته”. الولد الذي قلت له هذا قد تركني. فذهبت إليه وطلبت منه أن يسامحني. لم يلحظ ما قلته لأنه اعتاد أن يسمع مثل هذه الجمل من الناس. ولكنني أردت أن أصحح ما قلته.

كان ذلك هو صوت روحي. كان هذا هو ضميري. كان ضميري حساساً، ولم أرد أن أجعله قاسياً. فإذا لم يكن لك ضميراً حساساً فلسوف تظل الأمور الروحية غامضة بالنسبة لك. وهذا بسبب أن ضميرك هو صوت روحك – سيقول لذهنك ما يقوله روح الله لك داخل قلبك.

يتحدث الكتاب المقدس عن المؤمنين الذين ضمائرهم موسومة: “في رياء أقوال كاذبة موسومة ضمائرهم” (1 تيموثاوس 2:4).

إن أول كنيسة قمت برعايتها كانت كنيسة طائفية خارج البلدة. إعتدت الذهاب إلى هناك مساء كل سبت لأقضي هناك ليلتي السبت والأحد وأعود إلى البلدة صباح يوم الأثنين. كنت أقضي تلك الأيام في منزل أحد الرجال المشيخيين. كان هذا الرجال الذي يبلغ التاسعة والثمانين من العمر رجلاً روحياً عظيماً. لم أكن أنا وهو نستيقظ مبكراً كما كان يفعل الآخرين في حقله. فبينما كان الجميع يعملون في الحقل، كنت أنا وذلك الرجل نتناول الإفطار حوالي الساعة الثامنة صباحاً.

لم أكن أشرب القهوة، ولكن كان ذلك الرجل يشرب حصته من القهوة. قد لا تصدقني إلا رأيت ذلك الإناء الكبير الذي كان يضع فيه القهوة، فهو من الطراز القديم على سخان من الخشب ليغلي. ثم يصبه على فمه ويشرب الكوب بأكمله مرة واحدة.

عندما رأيته في المرة الأولى وهو يفعل ذلك صرخت. شعرت وكأن فمي وصدري يحترقان.

كيف يستطيع أن يفعل هذا؟ أنا لا أستطيع. فإن أنسجة فمي، وصدري والمريء حساسة للغاية. لدرجة أنني تصورت أن ملعقة شاي صغيرة منه تكفي لأن تحرق هذا المجرى بأكمله. ولكن هذا الرجل قد إحتسى كوباً كبيراً من القهوة دفعة واحدة دون أن رفعه من على فمه.

لم يكن الأمر هكذا عندما ابتدأ في إحتساء القهوة، ولكن خلال سنوات من إحتسائه للقهوة الساخنة جداً أصبحت شفتيه وفمه وصدره والمريء موسومين، بدليل إحتسائن لتلك القهوة وهي ساخنة جداً دون أن يُلذع.

وعلى الصعيد الروحي، فإن نفس هذا الشيء قد يحدث.

تعلّم أن تجعل ضميرك حساساً. تعلّم أن في اللحظة التي تخطيء فيها ويلومك ضميرك على الخطأ، أن تُصحح ذلك على الفور. لا تنتظر حتى تذهب إلى الكنيسة. قل على الفور “يا رب، لقد أخطأت فسامحني”. وقد يحتاج الموقف، إذا سمعك أحد أو رآك وأنت تخطيء، أن تذهب إليه وتقول: “قد أخطأت. من فضلك سامحني. كان من المفروض أن لا أقول ذلك”.

فإذا كنت ستنقاد بالروح القدس، فعليك أن تجعل روحك حساسة.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$