(1 كورنثوس 13: 8)
8 اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ (تفشل) أَبَداً.
هل تشتاق أن تتبع خطة الله لحياتك بنجاح وتتمم مشيئته لك هنا على الأرض؟
إن أردت أن تسلك طريقًا مضمونًا يقودك إلى نصرة أكيدة ونجاح في الحياة, فلتتبع المحبة: محبة الله. يتكلم الرسول بولس عن المحبة قائلاً: “.. وَهَا أَنَا أُرِيكُمْ طَرِيقاً أَفْضَلَ” (1كورنثوس12: 31). إن السلوك بالمحبة هو الطريق الأفضل- طريق التفوق, لأن الله محبة والمحبة لا تخطيء الهدف أبدًا.
المحبة هي من القلب. إنها ثمار روح الإنسان المخلوقة من جديد. ولأنها ثمر, فهي قابلة للنمو. لكن كيف يمكن للفرد أن ينمي ويطوَّر محبة الله؟ يقول الكتاب المقدس: “لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رومية 5: 5). لقد سُكبت محبة الله بالفعل في قلوبنا, إن كنا قد وُلدنا من جديد. لكننا ننمو في المحبة من خلال الاعتراف بكلمات محبة والسلوك بموجبها.
ذهبت ذات ليلة مع زوجتي, بعد الخدمة في إحدى الكنائس, لنأكل مع الراعي وزوجته. قالت زوجة الراعي: “أخ هيجن، لقد أوقعتني في حيرة. منذ أن سمعتك تعظ وأنا لا أعلم حتى إن كنت قد خلُصت أم لا!”.
تصادف أني كنت أعلم أنها نشأت في أحد منزل الرعوية التابعة لجماعة “الإنجيل الكامل”، وقد تخرجت من مدرسة “الإنجيل الكامل”، وقد رُسمت هي وزوجها خادمين.
فسألتها: “كيف حيرتك؟”.
أوضحتْ لي, أني ذات ليلة كنت قد اقتبست من (1 يوحنا 3: 15) حيث يقول: “مَنْ يُبغِضُ أَخَاهُ هُوَ قَاتِلٌ! وَأَنتُمْ تَعلَمُونَ أَنَّ مَنْ يَقتُلُ، لَيسَتْ لَهُ حَيَاةٌ أَبَديَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيه”.
أحيانًا كثيرة يقودك الروح القدس, أثناء الخدمة لتقول أشياءًا لم تكن تقصدها أو تعنيها. وهذه العبارات تأتي مباشرة من روحك بإلهام من الروح القدس. ففي القصة السابقة, عندما اقتبست الشاهد السابق من رسالة يوحنا الأولى, قلت للجمع, “يقول الكتاب المقدس أن مَن يبغض أخاه – وهذا يشمل حماتك أيضًا- فهو قاتل نفس”.
ثم أجابتْ: “قد أربكتني تمامًا. فأنا أبغض حماتي!”
أجبتُ: “أنا لم أربككِ. لقد كنتِ مرتبكة قبل أن آتي. إنما نور كلمة الله أظهر لكِ ذلكِ”.
ثم كررتْ: “لكني أبغض حماتي”.
قلتُ: “حسنًا، إن كان هذا هو الوضع، فأنتِ بالتأكيد لم تخلُصي وليس لديكِ حياة أبدية فيكِ”. (كنت سأنقذها في غضون لحظة، لكني أردت أن تستفيق لنفسها, لذا جعلتها تفكر في الأمر لبرهة قليلة). كنت قد عرفت المشكلة.. إنها مشكلة الكثير من المؤمنين. فهم لا يعلمون بالفعل ما لديهم أو مَن هم في المسيح. إذ يدعون ذهنهم (الغير مجدد بكلمة الله) أو جسدهم (الغير مُنقى) يربكهم، وهذا يمكن أن يوقعهم في حيرة شديدة.
|
قررتُ أن أنقذ تلك الأخت. فقلتُ لها: “أنظري في عيني وقولي: ‘أنا أبغض حماتي’ وفي ذات الوقت انظري بداخلك في روحك (ليس في عقلك) ماذا حدث هناك؟”.
نظرتْ عبر المائدة وقالتْ: “إني أبغض حماتي”.
قلتُ: “الآن، ماذا حدث بداخلك؟”
قالتْ: “هناك شيء ما بالداخل ‘يخدشني’”.
قلتُ: ” أعلم.. إنها محبة الله التي انسكبت بفيض في قلبك، محاولةً أن تلفت انتباهك”.
قالتْ: “ماذا ينبغي أن أفعل؟”
قلتُ: “دعي تلك المحبة التي بداخلك تسود عليك. لا يهمني ماذا يقول ذهنك.. فذهنك قد يقول أحيانًا أشياءً بغيضة. لا تدعي جسدك يسودك.. أصلبي جسدك. إنه أمر مؤلم، لكن أصلبيه. اسلكي من قلبك. اسلكي كما قد تفعلين لو كنت تحبيها بالفعل، لأنك تحبيها بالفعل”.
جاءتني بعد أيام قليلة وقالتْ: “إنك على حق تمامًا! أنا لا أكره حماتي، ولا أكره عائلة زوجي. فهم أشخاص صالحون مؤمنون ويحبون الرب”.
من السهل جدًا أن تقع في فخاخ الجسد إن لم تكن حذرًا. لقد استطعت أن أفهم السبب في هذه الحالة. فزوجها كان هو الابن الوحيد لأرملة.
لقد وجدت أننا ننسى كثيرًا كوننا مخلوقات روحية في الأصل, نعيش في أجساد مادية. فنحن لسنا جسد ولسنا نفس, لكننا روح, نملك نفس ونعيش في جسد.
لقد وضع الرب على قلبي أن أنهض جسد المسيح, ليصبح أكثر حساسية وإدراكًا للأمور الروحية. لأنه عندئذٍ ستصبح أمور الرب أكثر واقعية بالنسبة لهم, هذا لأننا في الأصل كائنات روحية (1 تسالونيكي 5: 23). في الحقيقة, سيفرق الأمر معك كثيرًا إن ابتدأت تردد هذه العبارة بصوت مرتفع: “إنني روح, أملك نفس, وأعيش في جسد”.
|
لا يهم كيف أن الناس قد خلصوا وامتلأوا بالروح القدس.. إذ إن لم يذوبوا في الكلمة ويدعوا محبة الله تسودهم، فسوف يسلكوا بالطبيعة. لكن شكرًا للرب، لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بفيضٍ بالروح بالقدس.
يقول الكتاب: “لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رومية 5: 5). لقد انسكبت محبة الله في قلوبنا, التي هي أرواحنا, وليست أنفسنا أو أجسادنا.
السلوك بالمحبة يرتبط باستقبال الشفاء
طلبت مني هذه السيدة أن اصطحب زوجتي إلى منزلها في آخر يوم من الاجتماعات التي كنت أعقدها في مدينتهم. وفي تلك الليلة, قامت هذه السيدة بدعوة حماتها لتتناول العشاء معنا. ونحن لا نزال في البيت, أخذتنا هذه السيدة إلى جانب المنزل وقالت: “أنتما على حق..
إنني لا أبغض حماتـي ولا حتـى حماي. إنهمـا شخصـان رائعـان ومؤمنـان يحبـان اللـه. والآن أدرك أن محبة الله في داخلي طوال الوقت, لكني لم أدعها تسود علي في الماضي”.
كان هذان الزوجان لديهما ثلاثة أولاد, كان الابن الأصغر لديه حوالي أربع سنوات.
طوال السنتين الأولتين من حياته, كان هذا الطفل صحيح تمامًا جسديًا. لكنه بعد ذلك ابتدأ يعاني من نوبات صرع. اصطحبه والديه إلى أشهر الأطباء المتخصصين حول العالم. وأجرى أحد أكبر الأطباء بعض الاختبارات على هذا الطفل الصغير, وقال لوالديه إن حالته تعد الأسوأ من نوعها, التي قابلها طوال ثماني وثلاثين عامًا في مهنته. كان على هذه الطفل أن يتناول أدوية كثيرة. لكنه على الرغم من ذلك, لم تستطع هذه الأدوية أن توقف التشنجات, لكنها بدأت تقلل من حدتها. كان هذان الزوجان يطلبان الشفاء لطفلهما الصغير.
وبينما كنا نستعد لاجتماعاتنا في الكنيسة ذات ليلة, اتصلت بنا هذه السيدة وطلبت منا أن نأتي ونصلي لابنهما الصغير. كان يعاني من نوبة صرع شديدة. في المعتاد, نحن لا نزور أي شخص يطلب منا الذهاب, لأنه إن فعلنا ذلك لواحد, فينبغي أن نفعل ذلك مع كل شخص آخر. وبالتالي, لن يتبق لدينا وقت لنقوم بأي شيء سوى الصلاة لأجل الناس. لكن إن طلب الرب منا أن نذهب لشخص معين, فسوف نطيع ونذهب. في تلك الليلة, أخبرنا الرب أن نذهب ونزور هذه العائلة.
وبينما نستقل سيارتنا إلى هناك, تكلم الرب إليَّ بصوت واضح كما لو أن شخص جالس على المقعد الخلفي للسيارة. كان صوتًا مسموعًا بالنسبة لي, لكن زوجتي لم تسمع شيئًا. قال الرب: “لا تصلي لأجل الولد ولا تمسحه بزيت ولا تضع يدك عليه. عندما تصل إلى هناك, اخبر الأم: ‘في العهد القديم, قد أخبرت شعبي أنهم إن سلكوا في وصاياي وحفظوا عهدي فسوف آخذ المرض من وسطهم وأكمل عدد أيامهم’”.
قد صاغ يسوع هذه الكلمات في العهد الجديد بلغة أخرى قائلاً: “وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً، كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا، تُحِبُّونَ بَعْضُكُمْ” (يوحنا13: 34). ثم أكمل الرب وقال: “أخبرها أنه عندما تسير في وصية المحبة, فسوف يرتفع المرض من وسطها وتكتمل عدد أيامها. قل لها: “تكلمي للشيطان وقولي له: ‘إبليس, إنني أسلك بالمحبة. ارفع يدك عن ابنتي’”. عندما وصلنا إلى هناك, فعلتُ بالضبط ما أخبرني به الرب. وبمجرد أن تفوهت بآخر كلمة من فمي حتى تحولت الأم في الحال وقالت: “إبليس, إنني أسلك بالمحبة. ارفع يدك عن ابنتي”. إنني شاهد على ما حدث: في طرفة عين, توقفت التشنجات في ذات اللحظة التي تكلمت فيها الأم بهذه الكلمات.
|
بعد مرور خمس سنوات من هذه الحادثة, كانت هذه الفتاة في الثامنة من عمرها وكانت لا تزال تتمتع بالشفاء. صارت فتاة جميلة وسعيدة, دائمًا ممتلئة بالحيوية والنضارة, ولم تتعرض لأي نوبة أخرى. أخبرتي أمها إنه طوال تلك السنوات الخمس قد ظهرت أعراض بسيطة مرتين.
فسألتها: “ماذا فعلت؟”
قالت: “أبدًا, لن اسمح لك يا إبليس ثانية. إنني أسلك بالمحبة”.
ربما يقول أحدهم: “قد نجح الأمر معها. لكن بالنسبة لي, فأنا لا أسلك بالمحبة..”. لم تكن هذه السيدة تسلك بالمحبة أيضًا, لكن تابت واختارت أن تسير بالمحبة.
إن حدث وخرجت عن السلوك بالمحبة, ارجع على الفور. كل خطوة تسلكها خارج المحبة هي خطية. وكل خطوة يتم اتخاذها بدون محبة, هي خطوة في الاتجاه الخاطيء. والفشل في السلوك بالمحبة سوف يعوّقك عن اتباع خطة الله لحياتك.
لقد نلت الشفاء منذ أكثر من خمسة وخمسون عامًا, بينما كنت أقرأ كتاب جدتي المقدس. نهضت من على فراش الموت وشُفيت من مرضين عضويين خطيرين. كان جسدي شبه مشلولاً بالكامل, بسبب تشوه خلقي في القلب وسرطان في الدم.
قال لي الطبيب روبرت – الطبيب الخامس الذي كان مشرفًا على حالتي- “سأكون أمينًا معك يا بني, إن لم تكن مشلولاً ولديك تشوه في القلب, فسرطان الدم كافٍ بأن يميتك..”.
طوال تلك السنوات, منذ أن استقبلت شفائي, وأنا قد حرصت على دراسة كلمة الله على الدوام, في كل ما يتعلق بالإيمان والشفاء. وبالطبع, لا يمكنك دراسة الإيمان والشفاء دون الدراسة عن المحبة, لأن الكتاب المقدس يقول أن الإيمان يعمل بالمحبة. وقد حرصت طوال تلك السنوات بألاّ احتفظ بضغينة أو مشاعر سلبية أو عداوة تجاه أي شخص.
كانت تمضـي علي بضعـة سنـوات دون أن أواجه أيـة مشـاكل صحية, وكأن ليس لي جسد.
|
لكن المرات الوحيدة التي تعرضت فيها للإصابة بالمرض كانت عندما سلكت بجهل ولم اعتن بجسدي, أو عندما كنت أخرج عن المحبة.
تذكر أن جسدك لا يزال معرضًا للموت, لذا تحتاج أن تعتني به. وإن لم تفعل, فأنت تفتح بابًا للإصابة بالأمراض. على سبيل المثال, اضطرت زوجتي أن تخبرني في بعض الأحيان: “حبيبي, تحتاج أن ترتدي معطفًا. فأنت عادة ما تكون حارًا بعدما تنتهي من الوعظ, وليس حسنًا أن تخرج للهواء البارد وأنت تتصبب عرقًا”.
أحيانًا لم أكن استمع, فكنت أخرج بعد انتهاء عظة نارية وأنا أتصبب عرقًا إلى هواء بارد, فكنت أصاب بالتهاب الحلق. كان لابد أن أتوب لأجل حماقتي أولاً قبل أن استقبل الشفاء. لكني لم أتعرض لأيّة مشاكل صحية طوال تلك الخمسة وخمسين عامًا, ما لم أخفق في علاقتي مع الرب أو عندما خرجت عن السلوك بالمحبة.
السلوك بالمحبة تجاه الله
هكذا يتضح, إنه بإمكانك أن تنحرف عن السلوك بالمحبة بطرق كثيرة. فنحن لسنا مُعرضين للخروج عن المحبة تجاه بعضنا البعض وحسب, لكن تجاه محبتنا نحو الله أيضًا. لذا يجب أن نضع الرب أولاً في حياتنا.
عندما تسلك بعصيان, فأنت لا تسلك بمحبة تجاه الله. يقول الكتاب المقدس بشأن هذا الصدد: “أَحِبّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ” (متى 22: 37). لقد انحرفت أحيانًا عن السلوك بالمحبة من نحو الله عندما لم أطع خطة الله لحياتي. إن لم تتبع خطة الله لحياتك, فأنت تسير حتمًا في عصيان! لذلك كنت في حاجة للتوبة. كذلك ينطبق الحال عليك أنت أيضًا؛ تحتاج أن تتوب لأجل عدم طاعتك لكلمة الله, وخروجك عن المحبة. إن كنت تسير في عصيان, فستعرف ذلك يقينًا في داخلك. وإن كان هذا هو حالك, فلا تنتظر طويلاً قبل التوبة. كن سريع التوبة وعد للسلوك بالمحبة. فطريق المحبة هو الطريق الأفضل, لأن طريق المحبة هو الطريق الإلهي.
باستطاعتك أن تسير في صحة إلهية. لقد تمتعت بصحة إلهية لأكثر من خمسة وخمسين عامًا. فالصحة الإلهية هي مشيئة الله لجميع أولاده!
ربما يتساءل أحدهم: “كيف يمكن ذلك؟”
إنني أسير بالمحبة. إني لا أفتخر بنفسي, لكن أفتخر بيسوع وبكلمته. وهدفي أن تصل إلى هذه المرحلة, إن لم تختبر بعد طريقة التمتع بصحة إلهية طوال الوقت. الله يعتبر أشخاصًا: إنه لا يميزني ولا يفضلني عنك. إنما هو يميز دائمًا كل مَن يكرس نفسه للسلوك وفقًا للكلمة.
قال الرب يسوع: “إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاعْمَلُوا بِوَصَايَايَ” (يوحنا 14: 15). إن حرصت على السلوك بالكلمة والإيمان بها, فستسير بمحبة من جهة الله وتجاه الآخرين أيضًا. وبهذا أنت تتمم الناموس!
(رومية 13: 8)
8 لاَ تَكُونُوا فِي دَيْنٍ لأَحَدٍ، إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً. فَإِنَّ مَنْ يُحِبُّ غَيْرَهُ، يَكُونُ قَدْ تَمَّمَ الشَّرِيعَةَ
كثيرون يقتلعون هذا الشاهد الكتابي من سياقه, ويدّعون أننا نقول إنه لا يجب أن نستخدم كروت الائتمان في شراء البضائع. لكن هذا العدد لا يقول هذا أبدًا. إن كنت تبتاع شيئًا بطريقة الائتمان, فأنت لست مدينًا حتى تأتيك فاتورة الدفع المستحقة. وإن قمت بتسديدها, فأنت لم تعد مدينًا بشيء. لكن عندما تتعثر عن السداد, فعندئذٍ تصبح مدينًا.
إن تأملت في هذا الشاهد جيدًا, ستجد أنك مديون للآخرين بأن تحبهم. وهذا الدين لن توفي استحقاقه مرة وللمنتهى. بل ستظل تداوم على اظهار محبتك نحو الآخرين.
المحبة تكمل الناموس
لاحظ المقطع الأخير من العدد السابق: “مَنْ يُحِبُّ غَيْرَهُ، يَكُونُ قَدْ تَمَّمَ الشَّرِيعَةَ”. بمعنى آخر, إن كنت تسير بالمحبة, سيسهل عليك اتباع خطة الله ومقاصده لحياتك.
فكر في هذا: كان شعب الله تحت العهد القديم, عندما كان يتمم الناموس, كان المرض يرتفع من وسطهم وتكتمل عدد أيامهم. لكننا في ظل العهد الجديد, مَن يسلك بالمحبة يكمل الناموس. في ظل العهد الجديد, إن سلكت في نور كلمة الله, فسوف أحصل على ذات النتائج التي حصل عليها الشعب في ظل العهد القديم؛ من شفاء وصحة إلهية. وإن لم يتحقق ذلك, فالرب لن يكن عادلاً.
(رومية 13: 9, 10)
9 لأَنَّ الْوَصَايَا «لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ زُوراً، لاَ تَشْتَهِ….» وَبَاقِي الْوَصَايَا، تَتَلَخَّصُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ: «أَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ!»
10 فَالْمَحَبَّةُ لاَ تَعْمَلُ سُوءاً لِلْقَرِيبِ. وَهَكَذَا تَكُونُ الْمَحَبَّةُ إِتْمَاماً لِلشَّرِيعَةِ كُلِّهَا.
كان العهد القديم يتضمن عشرة وصايا. لكن العهد الجديد يتضمن وصية واحدة. سألني أحدهم قائلاً: “هل تعني بذلك أننا لسنا في حاجة لنحفظ الوصايا العشر؟”. حتمًا لا. إن كنت تسير بالمحبة فلن تكسر أيّة من الوصايا, فهذا ما يقوله بولس في الشاهد السابق.
إن سلكت بالمحبة تجاه قريبك, فلن تقتله. وإن كنت تحبه, فلن تكذب عليه. في الحقيقة, يخبرنا الكتاب المقدس: “الْمَحَبَّةُ تَسْتُرُ جَمِيعَ الذُّنُوبِ” (أمثال 10: 12). إن حدث وأن رأيت أحد يخطيء, فلا تذهب لتخبر الآخرين عنه وتفضح أعماله. كلا, بل ينبغي أن تصلي لأجله وتبحث عن طريقة لتساعده, لأن المحبة تغطي كثرة من الخطايا.
إن سلكت بالمحبة, فلن تكسر أيّة من الوصايا التي أُعطيت لتكبح فعل الخطية. لذلك فإن المحبة هي الوصية الوحيدة التي يتطلب عليك اتمامها. المحبة هي تتميم الناموس.
السبب الذي لأجله قلت أنه إن حدث وخرجت عن المحبة, فإني أعود في أسرع فرصة للسلوك مرة أخرى بالمحبة, لأني عندما أسلك بالمحبة, فأنا أكمل الناموس. والله قد تكلم عن أولئك الذين يكملون الناموس قائلاً: “وَأُزِيلُ الأَمْرَاضَ مِنْ بَيْنِكُم وَأُمَتِّعُكَ بِكَامِلِ عُمْرِكَ”.
|
لأجل هذا أعطي السلوك بالمحبة اهتمام أكبر, متأكدًا أني أسير بالمحبة. وكما قلت سابقًا, لم أسمح لأقل قدر من المرارة أو مشاعر رديئة أو أفكار خاطئة في قلبي تجاه أي شخص. لن أدع مشاعر سلبية تجاه أحد تأسرني لدقيقة واحدة. إنني أحرص على أتباع خطة الله الكاملة لحياتي حتى أختبر أفضل ما أعده لي. ولن يتحقق ذلك ما لم أسلك بالمحبة.
عقد أحد المبشرين نهضة في كنيستي ذات مرة. ودون أدنى شك, أساء إليّ بصورة واضحة. لن أخبر بما فعل, لأنه لم يكن ذا فائدة.
تكلم إبليس إلى ذهني “إن كنت مكانك, لما أعطيته تقدمة..”.
كنا نعقد اجتماعات كل ليلة, وكانت عادتنا أن نجمع تقدمة في ليالي الثلاثاء والجمعة والأحد, لأجل الخادم أو المتكلم الضيف الذي نستضيفه. وكانت التقدمات الاضافية في باقي الليالي لتغطية المصاريف الزائدة لهذه الاجتماعات.
عندما تكلم إبليس إلى ذهني (وكنت أعلم إنه إبليس, لأن كلامه لم يكن فيه شيئًا من المحبة, لذلك لا يمكن أن يكون الله), قلت: “توقف قليلاً سيد إبليس. سوف أعطه تقدمة كل ليلة”. يخبرنا الكتاب المقدس: “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَبَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَأَحْسِنُوا مُعَامَلَةَ الَّذِينَ يُبْغِضُونَكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَضْطَهِدُونَكُمْ” (متى 5: 44). ويخبرنا شاهد آخر أن نرد الشر بالخير (1 تسالونيكى الأولى 5: 15).
لذلك, أخذت تقدمة كل ليلة وأعطيتها لهذا المبشر, حتى على الرغم من أنه أساء إليّ. قلت لإبليس: “إن تفوهت بكلمة أخرى عنه, فسوف أجمع تقدمتين له كل ليلة..”. ومن وقتها لم يتكلم إبليس بأي شيء, لأنه لا يريد أن يحصل أي خادم على تقدمتين في اليوم الواحد. إنه يستاء جدًا عندما يحصلون على تقدمة كل ليلة.
كانت كنيستي وقتها أصغر حجمًا من كنيسة هذا المبشر كثيرًا. فسألته عن مقدار التقدمة التي يتوقعها نظير اجتماعات كهذه. ثم أعطيته ثلاثة أضعاف ما طلب, وكان الضعف الثالث من عندي؛ من مدخراتي الخاصة. هذا نموذج للسلوك بالمحبة, وهذا ما يخبرنا الكتاب لنفعله.
هل تود أن تعيش صحيحًا معافًا تتبع خطة الله لحياتك بنجاح؟ فلتسلك وفقًا لكلمة الله وتسير بالمحبة.
(غلاطية 5: 14)
14 إِنَّ الشَّرِيعَةَ كُلَّهَا تَتِمُّ فِي وَصِيَّةٍ وَاحِدَةٍ: «أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ»
إن لم تكن حريصًا من جهة تفسير أي موضوع كتابي, فمن المحتمل أن تنحرف وتقع على أحد جانبي الطريق, بدلاً من السير في منتصف الطريق. على سبيل المثال, يسقط البعض في مآزق مشابه عندما يقولون: “حسنًا, سوف نسير بالمحبة..”, دون أن يتخذوا أيّة خطوات عمـليـة. وفـي مثـل هـذه المواقـف, تحتـاج أن تخبـرهـم بالحـق في محبـة. بإمكانـك أن تعلَّمهـم
وتساعدهم في الخروج من مثل هذه الحفر, وخصوصًا إن كنت خادمًا للإنجيل.
الله محبة. لكن كما قلت سابقًا, فهناك الوجه الآخر لله, وهو الدينونة. هل هذا يعني أنه ليس إله مُحبّ؟ كلا, إنه دومًا محبة.
(1 كورنثوس 5: 1-5)
1 قَدْ شَاعَ فِعْلاً أَنَّ بَيْنَكُمْ زِنًى. وَمِثْلُ هَذَا الزِّنَى لاَ يُوجَدُ حَتَّى بَيْنَ الأُمَمِ. ذَلِكَ بِأَنَّ رَجُلاً مِنْكُمْ يُعَاشِرُ زَوْجَةَ أَبِيهِ.
2 وَمَعَ ذَلِكَ، فَأَنْتُمْ مُنْتَفِخُونَ تَكَبُّراً، بَدَلاً مِنْ أَنْ تَنُوحُوا حَتَّى يُسْتَأْصَلَ مِنْ بَيْنِكُمْ مُرْتَكِبُ هَذَا الْفِعْلِ!
3 فَإِنِّي، وَأَنَا غَائِبٌ عَنْكُمْ بِالْجَسَدِ وَلكِنْ حَاضِرٌ بَيْنَكُمْ بِالرُّوحِ، قَدْ حَكَمْتُ عَلَى الْفَاعِلِ كَأَنِّي حَاضِرٌ:
4 بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِذْ تَجْتَمِعُونَ مَعاً، وَرُوحِي مَعَكُمْ، فَبِسُلْطَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،
5 تُقَرِّرُونَ تَسْلِيمَ مُرْتَكِبِ هَذَا الْفِعْلِ إِلَى الشَّيْطَانِ، لِيَهْلِكَ جَسَدُهُ؛ أَمَّا رُوحُهُ فَتَخْلُصُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.
لم تكن مشيئة الله الكاملة لهذا الخادم أن يُسلَّم للشيطان لهلاك جسده. لكنه في ذات الوقت أيضًا, لم تكن مسرة الله أن يحيا في الخطية. فإن لم يحكم على نفسه ويتوقف عن الخطية, عندئذٍ لو لم تتدخل المحبة في الأمر, لانتهى الأمر بهذا الشخص في الجحيم.
لذلك, كانت من رحمة الله على هذا الشخص أن يُسلَّم للشيطان لهلاك جسده, حتى يدين الخطية في حياته ويتوب. فكل مَن تعرّف على الرب واختبره في حياته, سوف يتحول له رجوعًا عندما يتعرض جسده للألم. ليست هذه مشيئة الله الكاملة بأي حال من الأحوال, لكنه يستحق تمامًا الذهاب للجحيم. لكن بولس, من خلال رحمة ومحبة الروح القدس, سلّم هذا الشخص للشيطان حتى لا يذهب للجحيم. هذه محبة وليست كراهية!
الطاعة.. طريق المحبة
افترض أنك رأيت ابنك وهو في الرابعـة من عمـره يلعـب بأعـواد الكبـريت. فابتـدأت توبخـه
وتقول: “يا بني, لا تفعل هذا. يمكن أن تحرق البيت وتقتل نفسك ومن حولك أيضًا”.
وماذا يحدث إن لم يلتفت ابنك ولم يصغ لما تقوله, وابتدأ بعد يومين يكرر ذات الشيء؟ هذه المرة, سوف تصفعه على وجهه وتقل: “ألم أخبرك ألا تفعل هذا؟ لا تكرر هذا الأمر مجددًا”. لكن بعد عدة أيام, أمسكته وهو قد أشعل النيران في المنزل بالفعل. هذه المرة, سوف يشبع ضربًا. وعندها فقط, يكون قد تعلّم درسًا جيدًا, ولن يلعب أبدًا بأعواد الكبريت.
هل تفعل هذا لأنك تبغضه؟ حتمًا لا. إنما فعلت ذلك لأنك تحبه وتحرص على مصلحته. فلقد قمت بتصحيحه. أحيانًا يضطر الراعي أن يفعل ذات الشيء مع أفراد رعيته. فمن محبة الراعي لشعبه أن يصححهم إن تطلب الأمر ذلك, حتى يسيروا في مشيئة الله لحياتهم.
لقد توليت رعوية كنيسة ما ذات مرة. لم يكن هناك أي نظام في هذه الكنيسة. كان شباب هذه الكنيسة لا يزالوا غير مؤمنين, وهذا لم يكن بالشيء الغريب, لأن الآباء كانوا يتركون أبنائهم يفعلون ما يحلوا لهم. فكانوا يجلسون أثناء الاجتماع يتحدثون بصوت مرتفع بينما أعظ. تكلمت إليهم كثيرًا بلطف لأكثر من أربعة أشهر, لأني كنت قادمًا حديثًا إلى الكنيسة ولم أرد أن أخلق مشكلة كبيرة.
ظللت أعظ عن الطريقة التي يجب أن تسلك بها في بيت الله. بعد مرور حوالي خمسة أشهر, حدث أن بعض الشباب تكلموا بصوت مرتفع جدًا, حتى إني سمعت كل ما يقولونه بينما كنت أعظ. فتوقفت في منتصف العظة وقلت: “هل هناك مَن يتكلم؟” فأومأ بعض الحضور برءوسهم. فأغلقت كتابي المقدس وقلت: “استمعوا إليّ جيدًا. لم أرد أن أتصرف بطريقة تضايقكم, لكن هؤلاء الشباب كانوا ينبغي أن يتصرفوا بطريقة أكثر لياقة, بدلاً من التحدث أثناء العظة”. ثم أكملت وقلت: “والآن أريد أن أخبركم بشيء: لقد ظللت أتحدث إليكم بطريقة لطيفة طوال الأربعة أشهر السابقة. والآن أيها الآباء: أنظروا إلى ساعتكم الآن, لأنه منذ تلك اللحظة فصاعدًا, أي ابن من أولادكم سيتكلم بصوت مرتفع في الكنيسة ويحدث اضطرابًا وازعاجًا, سأطلب لهم الشرطة ليقبضوا عليم بتهمة ازعاج دور العبادة, وسوف يلقوا بهم في السجن”.
هل هذه محبة؟ بالطبع هي محبة. إن تركت الأولاد يُخطئون التصرف, فأنت تقودهم إلى الجحيم. أكملت وقلت: “سوف أجعل الشرطة تقبض عليهم, وأنتم أيها الآباء سوف تتحملون مصاريف كفالتهم”. كان وقتها أيام الكساد الاقتصادي, وكانت هناك مزارع حكومية. كان الذين يعجزون عن دفع الكفالة يُجبرون على العمل في تلك المزارع. ثم قلت: “لو لم تدفعوا مصاريف كفالتهم, سوف يُجبرون على العمل في تلك المزارع..”.
في تلك الأوقات, كان الشباب يحتاجون إلى مَن يرهبهم لأجل تصرفاتهم الغير مسئولة, لكن مع ذلك, ظل الوضع كما هو عليه, لأن بعض الشيوخ قالوا: “دعونا نسلك بالمحبة..”. وظل هؤلاء الفتيان بحالهم الرديء كما هم.
أنهيت العظة وبدأت أتحدث لكل أب لهؤلاء الفتية على حدى. توجهت إلى أحد الآباء وبرفقتي قسيسان كشاهدين, وقلت له: “أخ ‘…’ أريد أن أتحدث إليك شخصيًا. لقد سمعت ما قلته من فوق المنبر, لكني أريد أن أتحدث إليك شخصيًا. سوف أطلب الشرطة لتقبض على بناتك ويلقون بهم في السجن, إن ظللن يحدثن اضطرابًا للعبادة”. نكس هذا الرجل رأسه في خجل, ثم نظر إليّ والدموع تسيل من عينيه: “القس هيجن, أنت على حق تمامًا. هذا بيت الله. لكني تحدثت معهن وحاولت أن أجعلهن يتصرفن بطريقة لائقة, لكني فشلت”.
كنت أعرف مشكلة هذا الرجل, لقد حاول أن يؤدب بناته بشدة, لكن الزوجة كانت تخبيء البنات خلف المنزل وتجعلهن يبيتون الليل كله في الخارج حتى يهدأ غضب الأب. طالما كان هناك شقاق وعدم توافق في البيت, فستنشأ مشاكل دومًا.
أجابني هذا الرجل: “إنني معك أخ هيجن, اطلب لهم الشرطة حتى يقبضوا عليهن. أنا لا استطيع دفع كفالتهن. فليعملن في مزرعة الدولة..”. توجهت لأب آخر, وكانت سيدة عزيزة. كان زوجها غير مؤمن ولم يحضر كنيسة أبدًا. قلت لها: “سوف أطلب الشرطة لـ ‘….’, لأن ابنتك من أكثر الفتيات شغبًا وتتحدث كثيرًا في الاجتماع”.
قالت: “سوف أحاول أن أراقب ابنتي. لكني في كل مرة ألتفت إليها في الاجتماع أجدها جالسة في صمت”. قلت لها: “حسناً, لكني أقف على المنبر وأرى كل ما يحدث. إن ابنتك تراقبك, وبمجرد أن تديري رأسك وتلتفتي لها تستقيم وتسلك بلياقة”.
لكنها بدأت تجادل: “لكني في كل مرة ألتفت..”. قلت: “هل تظني أني أكذب عليكِ؟ اسألي مَن يجلسون جوارك. كان ينبغي أن تجلسي ابنتك في الصف الأمامي. في الحقيقة, ينبغي أن تحضري جميع أولادك وتجلسيهم معك في الكنيسة. فجميع أولادك مشاغبين, لكن ابنتك هي الأسوأ. سوف أطلب الشرطة لتقبـض علـى بنتـك ويلقـون بهـا في السجـن, إن فعـلت هذا مجـددًا.
وأنا أعلم أنك لا تستطيعين دفع كفالتها, لذلك ستضطر أن تعمل في مزرعة الدولة”.
ربما تقول: “هل هذه محبة؟” بالطبع, لأنه من المحبة أن تعلَّم وتدرب أولادك. وإن لم يتعلم الأولاد الطاعة, فكيف سيتعلمون أن يطيعوا الله ويخضعون لكلمته؟ وكيف يستطيعون أن يتبعوا خطته لحياتهم بنجاح, إن لم يقدروا على طاعة الوالدين أو راعي الكنيسة؟”
أجابت هذه الأخت العزيزة: “معك حق قس هيجن. لكن إن أحضرت الأولاد معي للاجتماع وأجلستهم أمامي, فلن استمتع بالعظة”. فسألتها: “لماذا؟”
أجابت: “لأنهم دائمًا يجلسون يتكلمون ويثرثرون..”.
من ثوان قليلة كانت تخبرني أن ابنتها لا تتحدث في الاجتماع.
كانت هذه السيدة ترقص بالروح في الكنيسة, وكانت سبب بركة لباقي الكنيسة. فأخبرتها قائلاً: “سوف تكونين بركة أعظم إن توقفتي عن الرقص واهتمت بأولادك أكثر”.
بعدما انتهى الاجتماع في تلك الليلة وعدنا للمنزل, وتوجهنا للنوم, استيقظت زوجتي “أوريثا” على صوت بكاء. فنهضت من على الفراش لتنظر من النافذة وترى تلك الأخت العزيزة جالسة أمام باب الكنيسة الأمامي, تبكي الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
فقالت زوجتي: “سوف أنزل لأعتني بها”.
فقلت: “لا, سوف تفسدين كل ما فعلته. إنها تحاول أن تستدر عطفنا. فهي تظن أننا سنعتذر عما قلناه. إنها تشعر بالرثاء لأجل نفسها لأني أخبرتها أنها ستكون بركة أعظم إن توقفت عن الرقص واهتمت بأولادها أكثر”.
تحدث إلى عائلة أخرى. كان الزوج لم يسبق له أن حضر كنيسة أبدًا. كان يمكث خارج الاجتماع دومًا. كانت الزوجة مؤمنة, ممتلئة بالروح القدس, وكانت تحضر ابنتيها إلى الاجتماع. خرجت لأتحدث إلى الزوج, واصطحبت قسيسين معي. وقلت: “سيد ‘…’, أريد أن أتحدث إليك: سوف أطلب الشرطة لتقبض على أولادك ويلقون بهم في السجن, إن لم يستقيموا”.
وقف السيد “….” وقال: “أريد أن أخبركم بشيء: إن فعلتم ذلك فلن تمكثوا مرة أخرى في هذه الكنيسة”. كان يحاول تهديدي. فاقتربت منه حتى تلامست أنفي بأنفه وقلت: “أريد أن أخبرك بشيء: إنني لا أخش أي تهديد”.
عندما فعلت ذلك, أحنى رأسه وابتدأ يتحدث بلغة ألطف. قال: “أنت على حق. أنت على صواب. لكن أولادي ليسوا هم الوحيدين”. فقلت: “حقًا, ليسوا هم الوحيدين, لكنهم الأسوأ على الإطلاق. لكني أريد أن أخبرك بشيء: سوف يستقيمون جميعًا”.
هل تعلم ماذا حدث؟ في غضون ستة أسابيع نال كل واحد من هؤلاء الفتيان والفتيات الخلاص وامتلأوا بالروح القدس.
ماذا جرى؟ لقد اجتذبتهم المحبة. كان باستطاعتنا ان نتركهم في سلوكهم الخاطيء, وربما لما خلص منهم أحدًا. لكننا استطعنا أن نجتذب جميعهم إلى الله, لأنهم ابتدأوا يصمتون ويصغون لقراءة الإنجيل. لذلك, فإن المحبة لا تعني أنك لا ينبغ أن تأخذ موقفًا عندما تقتضي الضرورة, لأنه في بعض الأحيان يتطلب وضع حد للأمر.
سمعت أباءًا يقولون: “نريد أن نربح أولادنا, لذلك سوف نسلك معهم بالمحبة ونتركهم يفعلون ما يحلو لهم”. لا سيدي. هذه ليست محبة أبدًا, وهذا يتساوى تمامًا كما لو أنك تركت ابنك يلعب بأعواد الكبريت. فربما ينتهي به الأمر أن يحرق نفسه ويموت. لكن المحبة سوف توقفه وتضعه على الطريق الصحيح.
(أفسس 6: 1-3)
1 أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي (رِضَى) الرَّبِّ. فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ:
2 «أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ» وَهَذِهِ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِوَعْدٍ
3 «لِكَيْ تُلاَقِيَ الْخَيْرَ وَيَطُولَ عُمْرُكَ عَلَى الأَرْضِ!»
لم أعتد أبدًا على صفع أولادي كثيرًا. مطلقًا. لكن عندما كنت أفعل ذلك, كنت أفتح لهم الكتاب المقدس أولاً, وأقرأ لهم (أفسس 6: 1-3). كنت أدربهم ليشبوا مطيعين, فيقدروا أن يتبعوا خطة الله بنجاح لحياتهم ويكملوا دعوة الله لهم. كنت أخبرهم: “هل تريدون أن تسير الأمور جيدًا معكم؟ عندما تكونون مرضى, فهذا ليس خيرًا. هل تريدون أن تحيوا طويلاً على الأرض؟” فكانوا يجيبون: “نعم, نريد ذلك”.
كنت أقول: “حسنًا. لهذا السبب قد صفعتكم. لم أفعل ذلك, لأني أردت ذلك وحسب.لكني فعلت ذلك لأني أهتم بمصلحتكم من قلبي”.
أتذكر “كين” عندما كان في السادسة من عمره. قلت له ذات صباح: “كين, بعدما تنتهي من الإفطار, أريدك أن تفرغ سلة القمامة”.
ذلك اليوم, وفي المساء بعدما قرأنا الكتاب المقدس معًا وصلينا, كنت في غرفة المكتب أدرس, عندما جاءني “كين” يقول: “أبي, أريد أن أتحدث أليك” ثم ابتدأ يبكي ويقول: “أبي, أين الشاهد الكتابي الذي يتكلم عن الحياة طويلاً على الأرض دون أن يكون الشخص مريضًا. ذلك الشاهد الذي يتكلم عن طاعة الأبناء للآباء. ليتك تقرأه لي مرة أخرى”.
فتحت له الكتاب وقرأته له. ابتدأ يبكي أكثر ويقول: “لم أفرغ سلة القمامة هذا الصباح, مثلما طلبت مني. اني آسف”. اعتقد أنه أفرغ السلة, لكن والدته هي التي قامت بتفريغها. فقد رأيتها فارغة, فأعتقدت أنه هو الذي فعلها.
قال لي: “لقد طلبت مني أن أفرغها, لكني لم أفعل. والآن أغفر لي..”. في الحقيقة قال: “اصفعني”.
فقلت: “لا يا بني, لن أصفعك. لم أخبرك أني سأصفعك إن لم تفرغها. إنما طلبت منك أن تفعل ذلك وحسب. والآن لن أصفعك. لقد سامحتك. لكن دعنا نركع هنا على الأرض ونطلب من الرب أن يغفر لك”. فعلنا ذلك, والرب سامحه.
الرب يريدك أن تتمتع بأفضل ما أعده لك
هكذا يتضح, إن الرب يهتم بمصلحتنا من عمق قلبه أيضًا. ربما يرفع يده عنك أحيانًا, عندما تصّر على الاستمرار في فعل الخطأ, وترفض الحكم على نفسك. فهو يعلم أنك لم تعد قادرًا على اتباع خطته لحياتك وأنت تعيش في الخطية والأفعال الخاطئة. لكن الكتاب المقدس يخبرنا: “لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى نُفُوسِنَا، لَمَا كَانَ حُكِمَ عَلَيْنَا” (1 كونثوس 11: 31).
في صيف عام 1953, كان هذا في أيام نهضة “صوت الشفاء”, كنا نعقد اجتماعات في خيمة بولاية مجاورة. كان هناك خادم, ممن أعرفهم وأقدرهم كثيرًًا, كان يبني مركزًا للنهضات والمؤتمرات بجوار خيمتنا. رأيته ذات يوم هناك, فذهبت معه لأتفقد هذه المباني. بعدما انتهينا رجعنا إلى سياراتنا لنغادر المكان. وبينما استعد للمغادرة, تكلم إليّّ الرب لأرجع وأخبر هذا الخادم إن لم يحكم على نفسه في ثلاث أمور, فلن يعش كثيرًا.
أخبرني الرب أن هذا الخادم يجب أن يحكم على نفسه في ثلاث نقاط : أولاً المحبة تجاة اخوته, ثانيًا المال, ثالثًا الطعام.
مضت ثلاث سنوات ورجعت مرة أخرى لهذا المكان ووجدت أنهم مجتمعين ليصلوا لأجل هذا الخادم, فقد كان يحتضر. طُلب من كل الخدام المتواجدين في القاعة أن يأتوا ليصلوا لأجله. وبينما أعبر الممرات في طريقي إلى المنبر, تكلم إليّ الرب وقال, “لا تذهب لتصلي لأجله, لأنه سيموت”.
فقلت, “لماذا يا رب ؟ أن مات هذا الخادم, ستضار كثيرًا خدمة الشفاء. فهو مبشر!”
فقال الرب لي, “سيموت هذا الشخص لأنه لم يحكم على نفسه. لم يسلك بالمحبة تجاه رفقائه في الخدمة. لذا أنا سلمته للشيطان ليهلك جسده “.
فتحولت ورجعت إلى مقعدي وأخبرت زوجتي وبعض الخدام بما قاله لي الرب.
وهل ذلك يعني أن الشفاء الإلهي لم يعد متاحًا لنا؟ بالطبع لا. إن الشفاء الإلهي سيظل متاح لنا كما كان من قبل. لكن إن كان شعب إسرائيل قد ماتوا في عمر مبكر بسبب الخطية, فهل هذا ينقض العهد الذي أقامه الله معهم بالشفاء الإلهي؟ طبعًا لا.
ونحن في العهد الجديد, ليس لأن أحدهم مات في عمر مبكر فهذا يعني أن الشفاء لم يعد متاحًا لنا اليوم. الشفاء لكل مؤمن كما أن محبة الله هي نحو كل ابن له. فالله يريد لشعبه أن يعيشوا طويلاً وبصحة جيدة هنا على الأرض. وفي ذات الوقت, يريد منا جميعًا أن نسير بالمحبة, حتى نقدر أن نتبع خطته الكاملة لحياتنا ونعيش بركات العهد الجديد.
ولأن هذا الخادم الشاب لم يحكم على نفسه, أسلمه الله للشيطان, ليدمر جسده حتى تخلص روحه في يوم الرب يسوع المسيح. لم تكن هذه هي مشيئة الله الصالحة الكاملة لهذا الشخص.
يحتاج المؤمنون أن يتعلموا أن المحبة هي الطريق الأفضل, وأن محبة الله وطاعة كلمته وخطته لحياتنا, دائمًا ما يعودا بالنفع.
ماذا يعني أن تحكم على نفسك؟ على سبيل المثال, إن أخطأت ذات مرة, قل للرب: “لم أسلك بالمحبة في هذا الموقف. أغفر لي”. وإن تطلب الأمر, أن تذهب للشخص الذي أخطأت في حقه وتطلب منه أن يغفر لك, وتعود للسير بالمحبة. لكن إن استمريت في الفعل الخاطيء ولم تحكم على نفسك, فأجلاً أو عاجلاً, سيحكم عليك الله.
عندما تسير بالمحبة, ستسير في خطة الله الكاملة لحياتك. وإن لم تكن تسير بالمحبة بعد, لا تنتظر حتى تتوب لتعود للسلوك بالمحبة. سر بالمحبة منذ هذه اللحظة وطع الله اليوم. وستكون المكافئات عظيمة, لأن طريق المحبة هو الطريق الأعظم.
|
|
إن إتباع خطة الله لحياتك ليست بالأمر الصعب. الرب يريد لك النجاح أكثر مما تريد أنت.
لذلك, لتكرس قلبك بالكامل لتطيع كلمته وتتبع قيادته لحياتك. وإن اجتهد من قلبك في السلوك بالمحبة وطاعة الرب والخضوع لكلمته, يصبح بإمكانك أن تختبر أفضل ما أعده الله لك وتتمتع ببركاته في هذه الحياة.
يريد الله لكل ابن له أن يركض في سباقه الروحي ويكمل سعيه في الحياة بفرح. تستطيع أن تتبع وتتمم خطة الله وقصده لك بنجاح.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org . جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org. All rights reserved to Life Changing Truth.