القائمة إغلاق

امتلىء بالنعمة – الجزء 6 Be Filled With The Grace – Part

 

لمشاهدة على الفيس بوك أضغط هنا

لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا 

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب

 

(العظة مكتوبة) 

امتلىء بالنعمةالجزء 6

 

  • النعمة وماذا تُعنِي؟
  • مفاهيم عمل النعمة.
  • أحد المشاكل في التعامُل مع النعمة.
  • شوكة بولس وعمل النعمة.

 

▪︎ النعمة وماذا تُعنِي؟

١- هي أحد الوسائل التي يعمل بها الروح القدس وكأنها العملة الإلهية التي يعمل بها لحياة الإنسان، إن كنت تتعامل بهذه العملة ستجد نتائج ووقتها لن يوجد احتمالية للفشل!

٢- هي قوة الله في العمل، أي القدرة الإنتاجية في حياة الإنسان.

٣- تحت تأثيرها تستطيع أن تتحرَّك في زوايا الحياة التي تُواجِه فيها صعوبةً، لكن لديك قوة ودعم غير عاديين تواجه بهما مهما كان نوع التحدي.

٤- هي ليست حالة التَسيُّب أو التَواكُل وأن الله هو مَن يُنجِز العمل.

٥- المعنى الكتابي لها هي حالة التحام مع هذا الإله واتّحاد وإخراج الطاقة الإلهية تجاه مواقف الحياة.

٦- تجعلك تصل لمرحلة فيها قيمة.

 الْهَدِيَّةُ حَجَرٌ كَرِيمٌ فِي عَيْنَيْ قَابِلِهَا، حَيْثُمَا تَتَوَجَّهُ تُفْلِحْ.” (الأمثال ١٧: ٨).

 لفظ “كَرِيمٌ” هو نفس لفظ النعمة في العهد القديم، إذًا الهدية عبارة عن شيء به نعمة، بعض الترجمات وَصَفتها مثل التعويذة (ترجمة الحياة) وكأن لها مفعولاً سحريًّا خارِقًا، حيثما تتوجَّه تفلح.

 “الْهَدِيَّةُ”؛ ذُكِرَ هذا اللفظ في بعض الترجمات “رشوة”، لكن بعد التَعمُّق في العبري تجدها شيئًا ثمينًا قَيِّمًا مُغريًّا، عليه لمسة من النعمة في أعين مَن يستقبلها فتكون مُؤثِّرة وتفلح حيثما تذهب، بالتأكيد الله ضد الرشوة. لذلك النعمة على حياتك تجعلك تفلح وتتحرَّك بصورة مُختلِفة.

 إن كنت تشكو أنك لا تجد هذه النعمة المُغيِّرة على حياتك، إذًا يوجد مبادئ تحتاج ن تفهمها تجعلك تعمل بالنعمة وتُكمِل بها، تذكَّرْ بطرس كيف بدأَ بالنعمة ومشى على الماء ثم غرقَ، فالأمر يحتاج أن تُحلِّق وتُكمِّل بالإيمان.

▪︎ مفاهيم عمل النعمة:

١- العمل الإلهي في حياة الإنسان ليُصحِّح شخصيته.

٢- الإمداد الإلهي المادي.

٣- تقدير هبات الله في جسد المسيح.

٤- الخليقة الجديدة.

٥- القدرة الإلهية التي وُضِعَتْ في الإنسان.

٦- النعمة هي بنيان؛ فالشخص المُثبَّت بالنعمة هو مُثبَّتٌ على حقٍّ كتابيٍّ بعد فَحْصه.

 “لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ.” (أفسس ٤: ٢٩)؛ تكلَّموا كلامًا صحيحًا ليُعطِي بنيانًا فيُعطي نعمةً للسامِعين وهي أن الشخص يُبنَى.

 بعد أنْ كان العهد القديم يَذكُر دائمًا عن النعمة على إنها في أعين الرب أو الملك، نجد في العهد الجديد أن بشرًا هُمْ مَن يعطون نعمةً. تذكَّرْ أنّ في أيام بولس كان وَقْع كلمة “نعمة” على السامِعين هي اللمسة الإلهية التي تجعل شخصًا يفعل ما لم يقدر على فِعْله أو يتوقَّف عن ما لم يقدر أن يتوقَّف عنه.

 يقصد بولس استخدام تلك الكلمة ليُوضِّح إنها مثل تعويذة (ليس المقصود السحر) لكنه شيءٌ غريبٌ يجعل الأمور الإلهية تعمل بالقوة ضدّ العيان والمستحيل.

 في الرسائل في العهد الجديد تجد مستوى أعلى حيث إنها مُوجَّهةٌ لأشخاصٍ مولودين الميلاد الثاني، فبولس يُوجِّه بأنها تُعطِي بنيانًا ويكون حسب الاحتياج، إذًا أنت تتكلَّم في الموضوع الصحيح في الوقت السليم فتُعطِي نعمةً للسامِعين وهي أن يُبنَى الشخص.

 لنقارن هذا بالرسالة التوأم كولوسي، فالرسالتان مثل الأناجيل الأربعة كل منها يسرد الأحداث نفسها ولكن مِن زوايا مُختلفة، كما إنهما مُتقارِبتان في الموقع، أيضًا كُتِبَتْ هاتان الرسالتان في التوقيت نفسه.

“٥ اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ. ٦ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.” (كولوسي ٤: ٥، ٦).

 أي لتعرفْ أن تُجاوِب كلَ شخصٍ، إذًا النعمة هي قدرة على تفسير الأمور ومساعدة الآخر، هي قدرة لبنيان الأشخاص فتتمّ عدوتهم بالنعمة التي لك، عمليًا تجد النعمة واضِحة مثلاً في تغيير طريقة شرحك، تجد لمسة غريبة بدأت في الحدوث لتُطال كل شيءٍ تلمسه، فأنت لديك لمسة إلهية في الأرض!

 إذًا النعمة كمفهوم هي أعلى مِن إعطاء شيء لشخص لا يستحق بل لها تأثير يُفلِح حيثما تذهب.

 “مِنْ خَارِجٍ” أي خارج الكنيسة، “كُلَّ حِينٍ“؛ بمعنى أن تتكلَّم بالنعمة في كل وقت وليس بعد خلوتك الروحية فقط، أنت مُعدِي سواء بالنعمة أو بحالة الخيبة والحزن ورثاء الذات والفشل؛ فإما أن تبني الآخر وترفعه وتجاوب تساؤلاته وتساعده أن يأخذ قرارًا صائبًا وتُعطِي تمييزًا في الأمور أو العكس!

 هكذا تأتي هذه الآية في ترجمة أخري: “فتكون هذه عادتك أن تُعطِي الآخرين إجاباتٍ وتمييزًا، أي أن الأمور لم تَعُد طلاسم لديك وتعرف كيف تُعطِي نعمةً للسامعين.

 مِمَّا سبق تُعرَّف النعمة على إنها: “فكّ ألغازٍ أي بنيان وإعطاء قدرة وفَهْم خارق للطبيعي في الموقف”.

 “١ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا. ٤ فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ. ٥ وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرَّبَّ وَاحِدٌ. ٦ وَأَنْوَاعُ أَعْمَال مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ، الَّذِي يَعْمَلُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ. ٧ وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. ٨ فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ.” (١ كورنثوس ١٢: ١، ٤-٨).

 إن كلمة “مَوَاهِبَ” المذكورة في العدد الأول من هذا الإصحاح تأتي في الأصل اليوناني pneumatikos أي نِعَم أو قِطَع الروح القدس التي تُعطِي منفعةً وإحسانًا وميزةً للآخر.

٨ فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ”؛ حتى تكون أكثر دقة، كان مِن المفترض أن تُكتَب: يُعطَى عِلْمًا وليس كلامَ علمٍ. دعونا ندرس الفرق بين كلام العِلْم وكلام الحكمة مِن حيث التعريف.

 كَلاَمُ حِكْمَةٍ” أي أشياء مُستقبلية، أما كَلاَمُ عِلْمٍ” فهو الأمور الحادثة، ولكن هذه التعريفات ليست كاملة، فكلام العِلْم هو أن تعرف كيف تَفْصل في الأمور والمواقف ولها علاقة بالعلوم والمفاهيم الأرضية، ليس فقط داخل الكنيسة بل أيضًا في حياتك الشخصية، فمثلاً تعرف كيف تُدير مالك وتُصلِح أجهزتك، يريدك الروح القدس أن تدخُل إلى منطقة فيها عِلْم ودراية أبعد من البشر العاديين فتحيا في الأرض بهذه النعمة.

 أما كلام الحكمة فهو الإدراك في داخل المعرفة (أي لديك معرفة وتفهمها) فتجد نفسك وصلت لمرحلة الإدراك والوعي في عملك وتصل لاستنارة في كل الجوانب تشمل أيضًا الأمور المستقبلية ولا يوجد تفسير من جهة الحواس الخمس يقول لك كيف وصلت لهذا الفَهْم، لكنها حالة إدراك داخلي، هذه هي النعمة ومعنى أن تعمل في حياتك.

 بعض الأشخاص ذائقين في حياتهم هذه النعمة ولكنهم لا يعرفون هذا، فمثلاً يوجد الكثير من الشهادات لأشخاص بأنهم استيقظوا في منتصف الليل ليفحصوا الغاز بالمطبخ أو ليتأكَّدوا من غلق الباب جيدًا؛ هذه أيدي إلهية تعمل في حياتهم، ويُعلِّمنا الكتاب أنه باستطاعتنا أن نعيش هذا المستوى طوال الوقت ولا تكون هذه حالة نادرة، وهذا يحتاج مِنك فَهْمًا جيدًا لكيفية السلوك بالروح باستمرار.

 

٧- مفهوم آخر للنعمة:

“١ مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ ٢ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. ٣ تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. ٤ أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ.” (يعقوب ٤: ١-٤).

 

 كان يعقوب يُقاوِم حالة دخول الفِكْر الوثني على الكنيسة، حيث كان يُصلِي الشخص ليأخذ زوجة آخر في الكنيسة!

 “فَمَنْ أَرَادَ“؛ أي أخذَ قرارًا مَبنيًا على مناقشة داخلية فاستراح كاذِبًا وواهِمًا وهو مُحِبٌ للعالَم فقد صار عدوًا لله، يوجد من تأثَّرَ بلدغة معلوماتية شيطانية (وهذا عكس عمل النعمة) ويظل مُتأثِّرًا بها وهو لا يتذكَّر مصدرها، اختيار الرسول يعقوب لهذه الكلمة دقيقًا جدًا بإرشاد الروح القدس، ففي بداية الإصحاح تكلَّمَ عن الحكمة الأرضية الشيطانية النفسانية على أنها غير مُذعِنة أي غير قابِلة للنقاش، وهذا عكس الحكمة الإلهية فهي مليئة بالسلام والفهم.

 أيضًا يُوضِح لهم أنهم أرادوا إرادة غير صحيحة حتى استقرَ الشخص ليس نتيجةً لوصوله للقرار السليم ولكن نتيجةً لراحة مَبنية على مناقشة ربما صحت أو أخطأت، ومن الممكن أن تُوصلك إلى قرارات مُعانِدة لمَن حولك سواء في البيت أو العمل خوفًا مِن أنْ يُؤخَذ حقك، ليس كل راحة داخلية لقرار أخذته دليلاً على أنه من الرب، لأن هذه الراحة في ضوء كلمة الله غير حقيقية ولهذا السبب تكلَّمَ عن الحكمة في البداية.

 “٥ أَمْ تَظُنُّونَ (تعتقدون واهِمين) أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً (بدون داعي): الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ (رغبة قوية أو يَغار لأجل شريكه)؟ ٦ وَلكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». ٧ فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.” (يعقوب ٤: ٥-٧).

 “الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ”؛ لا يوجد هنا اقتباس من آيات أخرى بالكتاب المقدس، فلم يُذكَر في العهد القديم أنّ الروح القدس يحلّ فينا، إذًا المقصود أن روح الكتاب (ما سُرِدَ لدينا مِن هذا الإله) أعطانا الخُلاصة وهي أنّ الروح القدس لديه رغبة شديدة جدًا حيث إن الله يتعامل مع الأمر بصورة شخصية جدًا حينما تُشرِك حياتك بالعالَم فهو يريدك بالكامل.

 هو يغار عليك (الْحَسَدِ) لذا يُحاوِل أنْ يخطفك من العالَم بأن يُعطيك نعمةً أعظم من حالة الدنو التي وصلت إليها بالشراكة مع العالم. أيضًا نجده قد استخدمَ لفظ “٦ لكِنَّهُ” والذي من الممكن أن يُستخدَم في حالتين؛ إما أن تُكمِل الجملة التي تلي هذا اللفظ ويكون لها نفس السياق والمعنى أو تقود إلى جملة عكسية، هنا تبدو الجملة وكأنها عكسية لكن المقصود توضيح أنه يوجد أشرس وأعمق من المغزى الذي فهمته.

 يُعني لفظ “أَعْظَمَ” المقارنة بين شيئين وهما تأثير العالم (أي المناقشة الداخلية) والنعمة التي لها القدرة أن تسحبك لكن عليك أن تنزل تحتها.

 «يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً»؛ هذا اقتباس من العهد القديم، والدور الواجب عليك هو أن تخضع لله وتقاوم إبليس فيهرب منك.

 انتبه! إبليس هو مَن وراء روح محبة العالَم، لذلك ذَكَرَ في (١ كورنثوس ٢) أن روح العالم يجعلنا نعرف أشياء العالم فتُصبح مُخضرَمًا في التكنولوجيا والسيارات ومعرفة الأسعار ليس لحاجتك للشراء بل قلقك وسببه روح العالم أما الروح القدس فلديه القدرة أن يسحبك أكثر من مفعول سَحْب العالَم.

 قوة السحب موجودة في العالم منذ أيام يعقوب عند كتابته هذه الرسالة ومِن قبل ذلك أيضًا، والآن فهي موجودة بصورة أعظم وأقوى مُتمثَّلة في الآتي: إضاعة الوقت، حُب الموبايل والاستعباد له، انسداد الشهية من الكلمة، لكن عليك أن تقول “لا” لإبليس لتسحبك النعمة الأعظم.

“كَذلِكَ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً».” (١ بطرس ٥: ٥). انتبه! فالاتّضاع مُرتبِطٌ بالنعمة.

▪︎ أحد المشاكل في التَعامُل مع النعمة:

 توقُّعْ حلّ المشكلة بطريقة مُحدَّدة مثل صدور قرار مِن شخصٍ مُعينٍ، احذر! حيث يقول الروح القدس إن العيان لا يُؤثِر عليك حتى وأنت تراه بعينيك، تذكَّرْ اختبار الطفل دانيال الذي تمَّ عرضه في احتفال رأس السنة، لم يجد الأطباء تفسيرًا علميًّا للتجلطات الدموية الموجودة بالمخ، لا تصدق الأشعة التشخيصية طالما غير مُطابِقة للكلمة!

 لقد قال رجل الله الراعي كريس أوياكيلومي إن شخصًا ما أُصيب بمرض الإيدز وكل مرة يقوم بإجراء التحاليل الطبية تكون النتيجة إيجابي، هذا الشخص فَهِمَ جيدًا أنه لا علاقة له برأي الطب في حالته وتعلَّمَ كيف يأخذ شفاءه وعاش وانطلقَ واستردَ صحته بالرغم من إيجابية التحاليل في كل مرة!

 ذات مرة أخرى بينما يُخرج رجل الله روحًا شريرًا مُتخصِصًا في اللعب في الفحوصات الطبية، لأن هذا الشخص واضعٌ ثقته في نتائج الفحوصات، واستمر إبليس في اللعب على هذا الوتر، فهو مقتنع تمامًا أن الشفاء لابد أن يُثبَت بالعيان أولاً حتى يُؤمن.

 لا تضعْ تركيزك على ما يقوله الطب والأشعة والتحاليل، فهذا ليس المقياس، يوجد أرواح شريرة تختص بالتلاعُب بنتائج الإشاعات والتحاليل، فقناعتك بأن الأمر لابد أنْ يُثبَت بالعيان يُعيق تقدُّمك، لكن إن رأيت الأمر صحيحًا باستمرار وأعلنت بلسانك وسلكت بالصورة الصحيحة، حينئذ سَتحدُث المعجزة.

 عندما ظهرَ الرب يسوع للتلاميذ مثقوبَ الأيدي والأرجل، قال لهم: “لحمًا وعظمًا”؛ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي.” (لوقا ٢٤: ٣٩). هل لاحظت هذا؟! ذَكَرَ الرب هنا “لحمًا وعظامًا” ولم يَذكُر “دمًا”، فهو كان قد فَقَدَ دمه في مرحلة موته، وعاش بعد القيامة -بعدما أخذَ الجسد المُمَجَّد- بدون دمٍ وحياته لم تكُن مُرتبِطةً بدمه وقتها. ومن هنا ننطلق لشوكة بولس فهي لم تَكُن مرضًا.

 

▪︎ شوكة بولس وعمل النعمة:

“١ إِنَّهُ لاَ يُوافِقُنِي أَنْ أَفْتَخِرَ. فَإِنِّي آتِي إِلَى مَنَاظِرِ الرَّبِّ وَإِعْلاَنَاتِهِ. ٢ أَعْرِفُ إِنْسَانًا فِي الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ، أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هذَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ. ٣ وَأَعْرِفُ هذَا الإِنْسَانَ: أَفِي الْجَسَدِ أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. ٤ أَنَّهُ اخْتُطِفَ إِلَى الْفِرْدَوْسِ (السماء الثالثة)، وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا. ٥ مِنْ جِهَةِ هذَا أَفْتَخِرُ. وَلكِنْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِي لاَ أَفْتَخِرُ إِلاَّ بِضَعَفَاتِي. ٦ فَإِنِّي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَفْتَخِرَ لاَ أَكُونُ غَبِيًّا، لأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ. وَلكِنِّي أَتَحَاشَى لِئَلاَّ يَظُنَّ أَحَدٌ مِنْ جِهَتِي فَوْقَ مَا يَرَانِي أَوْ يَسْمَعُ مِنِّي. ٧ وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ (روح شرير) لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ. ٨ مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. ٩ فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. ١٠ لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ.” (٢ كورنثوس ١٢: ١-١٠).

 أولاً أشجعك أنْ تدرس شوكة بولس على الموقع. إن نظرنا للعدد الأول سنجد بولس يريد قول: “إني لا أُحب أن أفتخر لكني مُضطَرٌ أن أبلغكم بأنني مُختلِفٌ عن باقي الرُسل، فما رأيته كثير جدًا.

 أما في العدد الثاني فيتكلَّم بولس عن نفسه ويقول: “مِن جهة الكلمات التي سمعتها ولا يُستساغ لأحد أن يقولها يُمكنني أن أفتخر”. ثم بعدها بدأ يقول لكن لئلا تعتقدون إنني أُبالِغ لأنكم لم تكونوا معي في الرؤى، إذًا سأُخبِركم بالأمور التي كنتم مُعاصِرين لها، فكم من مرة ضُرِبْتُ وقُمْتُ بدون أي أَثَرٍ أو حتى حاجة للراحة بالفراش لأسابيع.

 أما بالنسبة لكلمة “بِضَعَفَاتِي” المذكورة في العدد الخامس فهي ما أعطت انطباعات عن إنها أمراض، لكن بدراسة ما جاء في الإصحاح التالي من ذات الرسالة؛ “لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صُلِبَ مِنْ ضَعْفٍ، لكِنَّهُ حَيٌّ بِقُوَّةِ اللهِ. فَنَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاءُ فِيهِ، لكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ.” (٢ كورنثوس ١٣: ٤). تجد أن ضعف الرب يسوع الذي صُلب به كان عبارة عن حالة الخنوع والسكوت لِمَن ضربوه وليس مرضًا.

 تُعنِي عبارة “شَوْكَةً فِي الْجَسَد” في اللغة اليونانية؛ الرمح والذي يُثبَّتْ عليه رأس الشخص بعد قطعها، المقصود بهذا الكلام هو إنه يريد رأسه مقطوعة! أما بالنسبة للعهد القديم فهي لها علاقة بأن الأمم كانوا شوكًا في ظهر شعب الله وبالتالي الأمر لا علاقة له بالمرض بل بالمُنغِّصات والاضطهادات التي واجهها بولس وتمَّ شرحها بالفِعل في الإصحاح الحادي عشر ولم يُذكَر بها أي مرضٍ على الإطلاق.

 إليك ترجمة أخرى لأحد علماء اليوناني لتوضيح روح الآية السابعة؛ “بسبب الإعلانات العجيبة التي أستقبلها والأمور التي ائتمنني الرب عليها، أراد الشيطان أن يُعيق تقدُمي حيث أرسلَ لي روح شرير ليُضايقني باستمرار لكي أُشتَّت، لا شك إنه إبليس يريد رأسي مقطوعًا على الشوكًة، إنه دائمًا يريد أن يُعيقني ويُشتَّتني مُحاوِلاً أن يُزحزحني عن المستوى الذي أوضحه لي الروح القدس ويجعلني أنحرف عن الطريق حتى لا أعظ بالإعلانات المُعطاة لي”.

 صلَّى الرسول بولس في العدد الثامن ليُفارقه الروح الشرير، وردَّ الروح القدس عليه بأنه لا يحتاج هذا التضرُّع لأن الاضطهادات هي شيءٌ طبيعيٌّ للمُؤمِن مُصاحب له، فبالرجوع للخلفية التاريخية عندما كان المُؤمِنون يُضرَبوا ويتم رميهم للأسود حتى يرضى الإمبراطور عن مشهد التعذيب، وكانت هذه هي الآلام من أجل المسيح.

 لكن بعدما صلَّتْ الكنيسة وبالفِعْل توقَّفَ الاضطهاد، استبدله بعض الأشخاص بالمرض مُعتقِدين خطأً إنها آلام من أجل المسيح، ومن هنا بدأ دخول بعض الهرطقات وتخفيف للتعليم في سنة ٣٠٠ حتى ٣٥٠ ميلادية.

 انتبه في هذه الآية لعدد المرات التي صلَّاها بولس، فَهُم ثلاث مرات وليس ثلاثون سنة واستطاع أن يستمع سريعًا لصوت الروح القدس. من الهام جدًا أن تنتبه لِما يقوله لك الروح القدس في صلاتك، وأوضحَ الروح القدس لبولس أيضًا أنّ الألم شيءٌ طبيعيٌّ ولا يُعنِي أن يتحكَّم في عمره، فهذا طعامه لأنه ينقذ أشخاصًا من الجحيم.

 ثم نجده في العدد التاسع يسرد لنا قول الرب له وهو: “لديك النعمة الكافية، لأن قوتي تظهر بينما أنت في حالة الضعف تحت الاضطهاد. أيضًا تأتي في ترجمة أخرى كالآتي؛ “إنني أُخيِّم عليك بالخيمة أي أنصب خيمتي عليك فأنت مَخْفيٌّ تمامًا، أُخيِّم عليك بقوتي الكاملة في حالة الاضطهاد”.

 لاحظ أنّ الرب لم يَقُل لبولس: “لا” عندما صلَّى للشوكة بل وَجَّهَ ذهنه إلى أنه لديه القوة الكافية ليجتاز هذا الموقف، أي الاضطهادات وليس الأمراض، فلا يُمكِن للرب أن يرفعها.

 لديك النعمة الكافية التي تجعلك تَعبُر هذه الأمور التي لا يُمكِن للرب أن يرفعها ليس لأنه لا يَقْدر على الشيطان بل لأنها محاولة من إبليس أن يُعرقله لأنه مُستمِرٌ في إنقاذ النفوس، لكن لا تخفْ لن تموت قبل ميعادك الذي تختاره! واكتشفَ بولس أنه عَبْر هذه الألامات وَصَلَ لأشخاصٍ في السجن وما كان بإمكان أي شخص أن يصل لهم برسالة الإنجيل إلا إنْ كان مسجونًا! حقًا كلمة الله لا تُقيَّد!!

 تُخيِّم قوة الروح القدس عليك في وقت الضعف (الاضطهاد)، وقد وَصَلَ بولس لهذه الخلاصة؛ “فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ“، في أحد المرات تمَّ القبض على بولس وضُرِبَ حتى ماتَ وأخرجوه خارج المدينة لكي لا يُدْفَن تحقيرًا له، وبعد صلاة التلاميذ قام من الموت وسافرَ ووعظَ كأنه لم يَحدُث شيءٌ، لكن طِبيًّا هذا الأمر مستحيلٌ.

 في أحد المرات أخبرتكم بقصة شخصٍ مُرسَل في بلد ممنوع بها الكلام عن الرب يسوع نهائيًا، وقد أُصِيب بثلاث طلقات نارية، وإن ذهبَ للمستشفى لإخراجها كان سيُقبَض عليه، فظلَّ هارِبًا في الغابة، وكانت الطلقات بجسده تَضُخ سُمًّا بالدم وكانت كفيلة لتُشلّ عضلة القلب خلال دقائق، لكنه أعلنَ أنّ في داخله حياة الله، إذًا كان غير مُمكِن أن يخرج الرصاص لكن قوة الروح القدس خيَّمَتْ عليه وجعلته يَعبُر هذا الموقف، وبالفِعْل عاش ومازال الرصاص في جسده، إنها النعمة يا عزيزي!

 حينما أبدو أمام الناس لا حيلة لي مثل الرب يسوع الذي صُلِبَ مِن ضعف، حينئذ ستظهر القوة ويُفتَح سِجل جديد لمعجزات إضافية، أراد إبليس بي الموت لكنني حوَّلته بقوة الروح القدس إلى حياة.

 هذه هي الطريقة إن فهمت النعمة جيدًا بأنها القوة التي تظهر وتُخيِّم وتصنع معجزات في حياتك. يريدك الله في هذا المستوى.

ــــــــــــــــــــــــــــ

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$