القائمة إغلاق

حقل الله God’s Garden

1 كورنثوس3: 6-9

أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى؛ وَلَكِنَّ اللهَ أَنْمَى.. فَإِنَّنَا نَحْنُ جَمِيعاً عَامِلُونَ مَعاً عِنْدَ اللهِ، وَأَنْتُمْ حَقْلُ اللهِ وَبِنَاءُ اللهِ.

ينبغي أن يدرك كل مؤمن أن يسوع المسيح قد اشتراه بثمن ليكون “حَقْلُ اللهِ” حيث تُزرع فيه بذار “كَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ”. وهذا الحقل ليس ملك لذاتنا بل ملك لله بحق أنه خالقنا وهو مصدر حياتنا وبحق أن يسوع مات بدلاً عنا وافتدانا. لقد اشترانا بدم ابنه الكريم الذي لا يُقدر بثمن لنكون “حقله”.

غرس البذار

قال بولس “أَنَا غَرَسْتُ”، وفى مثل الزارع قال يسوع: “الْبِذَارُ هُوَ كَلِمَةُ اللهِ”. إن الطريقة التي تنمو بها كلمة الله وتثمر في حياتنا تشبه الثمر الذي يجتنيه الفلاح من البذار الطبيعية التي يزرعها في حقله.

كيف نقوم بزراعة بذار كلمة الله؟ “خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ بِذَارَهُ”. يمكننا أن نغرس كلمة الله عن طريق سماع الكرازة بالأخبار السارة: “الإِيمَانُ نَتِيجَةُ السَّمَاعِ، وَالسَّمَاعُ هُوَ مِنَ التَّبْشِيرِ بِكَلِمَةِ الْمَسِيحِ!” عندما نسمع حق كلمة الله ونؤمن به نغرس هذه البذار في حياتنا كما يغرس المزارع البذار في حقله. لهذا السبب قال بولس “أَنَا غَرَسْتُ” لأنه كان يعلم أن البذار تظل بلا فائدة إلى أن تُزرع وتُغرس في التربة. قد وضع الله جميع بركاته العظمى في بذار كلمته. لذلك سيظل إستعلان عجائب الله متوقفاً حتى تُغرس البذار في الأرض الجيدة. فالله يشتاق أن نقضي حياتنا هنا على الأرض نزرع ونحصد بذار كلمته “الغير قابلة للفساد”.

لا يمكن لشيء أن يأخذ مكان البذرة. حتى الصلاة ذاتها، فإنها لا تقدر أن تقوم بدور بذرة كلمة الله. فالصلاة ليست بذاراً، لكن الكلمة بذار. لذلك لا يمكن للصلاة أن تحل محل كلمة الله ولا يمكنها أن تتمم مواعيد الكلمة- لأن كلمة الله وحدها هي التي بإمكانها أن تزيل كل شك وتمدنا بالثقة الكافية لتجعل إيماننا ثابت. 

لذلك فإنه يتوجب على جميع المؤمنين أن يُثبتوا للعالم أجمع اليوم أن مواعيد كلمة الله لا تزال تعمل وتتحقق كما كانت منذ ألفي عام. وكبذار غير قابلة للفساد، فإن كلمة الله تظل صالحة للزراعة لآلاف السنوات وتأتي بثمار.

قال يسوع لبعض اليهود ” كَلِمَتِي لاَ تَجِدُ لَهَا مَكَاناً فِي قُلُوبِكُمْ “. أي مكان ينبغي أن تحتله كلمة الله في حياتنا؟ إن أهم موضع هو قلوبنا – أرواحنا. ومن هناك تمتد لتؤثر على أفكارنا ومشاعرنا وإدراكنا.

إمكانيات البذرة

إن البذرة الواحدة يكمن في داخلها إمكانيات غير محدودة. وكما أن البذرة الصغيرة تحتوي في داخلها على القدرة لتنبت شجرة تفوق حجمها بملايين المرات، هكذا أيضاً بذار كلمة الله. فشاهد كتابي واحد من كلمة الله يحتوي بداخله على القدرة لينبت في قلب الإنسان حصاد يفوق قدره بآلاف المرات وأمجاد أبدية تتبعه. لكن تظل كل تلك الإمكانيات والقدرات كامنة بداخل البذرة- وربما لسنوات- حتى تُوضع في الوسط الملائم للنمو.  

ولا يوجد وسط أفضل لنـمـو بـذار كلمـة اللـه مـن الإيمـان والاعتـراف بالكـلمـة. كثـيـرون

يقولون إنهم “واقفون على مواعيد الكلمة”. لكن مثل هذا التعبير لن يفيد شيئاً ما لم يزرعوا البذار في التربة. فعليهم أن يتأكدوا –مثل بولس- أنهم قد “غرسوا” الكلمة في قلوبهم بالتأمل فيها والإيمان بها ثم الاعتراف.

سقي البذار

قال بولس “أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى”. تحتاج جميع البذار والنباتات في حقل الله إلى السقي. بعدما تتأكد أنك قد غرست البذار في الأرض عليك أن تسقيها باستمرار إن كنت تريدها أن تنمو. فلكي تنمو البذرة فلابد أن تكون الأرض مُبلله.

قد أدى عدم الاهتمام بالسقي المستمر إلى أن زراعات كثيرة في حقل الله قد جفت ويبست. لذا لا عجب أن بولس كتب لأهل أفسس قائلاً: “امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ”. يأتي الأصل اليوناني للفعل “امتلئوا” بصيغة المضارع المستمر. وكأنه يخبرهم أن يحافظوا على ملء مستمر من الروح القدس. فالامتلاء المستمر من الروح القدس يجعل الأرض مرواه. وحيث أن الماء يشير في مواضع كثيرة في كلمة الله إلى الروح القدس، لذلك فإن الحفاظ على ملء مستمر من الروح مطلب أساسي لضمان نمو بذار كلمة الله.

الاعتناء بالزرع

بعدما تغرس البذار وتسقى الأرض تحتاج أن تعتني بالمحصول جيداً وذلك عن طريق إضافة الأسمدة والمخصبات الزراعية. لكن كيف نعتني بمحصول كلمة الله؟

يكشف لنا مزمور 119 كيف تعامل داود مع محصول كلمة الله وكيف اعتنى به:

خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي.. بِشَفَتَيَّ أَعْلَنْتُ جَمِيعَ الأَحْكَامِ الَّتِي نَطَقْتَ بِهَا.. أَتَأَمَّلُ وَصَايَاكَ.. بِفَرائِضِكَ أَتَلَذَّذُ، وَلاَ أَنْسَى كَلِمَتَكَ.. وَصَايَاكَ الشَّاهِدَةُ أَيْضاً هِيَ مَسَرَّتِي.. أَتَلَذَّذُ بِوَصَايَاكَ الَّتِي أَحْبَبْتُ.. عَنْ شَرِيعَتِكَ لَمْ أَمِلْ.. يَا رَبُّ كَلِمَتُكَ تَدُومُ ثَابِتَةً فِي السَّمَاوَاتِ إِلَى الأَبَدِ.. كَمْ أَحْبَبْتُ شَرِيعَتَكَ، إِنَّهَا مَوْضُوعُ تَأَمُّلِي طُولَ النَّهَارِ.. صِرْتُ أَكْثَرَ فَهْماً مِنْ مُعَلِّمِيَّ، لأَنَّ شَهَادَاتِكَ هِيَ مَوْضُوعُ تَأَمُّلِي.. مَا أَحْلَى أَقْوَالَكَ لِمَذَاقِي إِنَّهَا أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فِي فَمِ.. مُنْذُ الْقَدِيمِ عَرَفْتُ مِنْ شَهَادَاتِكَ أَنَّكَ وَضَعْتَهَا لِتَثْبُتَ إِلَى الأَبَدِ.. أَبْتَهِجُ بِكَلاَمِكَ كَبَهْجَةِ مَنْ عَثَرَ عَلَى غَنِيمَةٍ جَزِيلَة.. تَفِيضُ شَفَتَايَ تَسْبِيحاً إذْ تُعَلِّمُنِي فَرَائِضَك.. يَشْدُو لِسَانِي بِأَقْوَالِكَ..

كيف كان موقف داود من كلمة الله له تأثيره على حياته؟ لقد جعله رجلاً حسب قلب الله. جعله أحكم من كل معلميه. لقد وجد داود أن التأمل في كلمة الله يساعد على هضم الطعام الروحي حتى يأتي بثماره. إنه يستخلص العصارة المفيدة لكلمة الله ليغزى بها حياتنا وأرواحنا. فالتأمل في كلمة الله يحوّل الحق الكتابي إلى طعام روحي. 

فقد رأينا من الأعداد السابقة كيف اعتنى داود بمحصول كلمة الله. إن كان سقي البذار أمر ضروري فالاعتناء بالمحصول له ذات القدر من الأهمية. فبدون أي من هذين الشرطين لن يقدر الله أن ينمي البذار.

الله هو الذي ينمي البذار

يقول بولس، “أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى لَكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي“. الله دائماً يجعل البذار تنمو عندما تُزرع في الأرض الجيدة وتُسقى ويُعتني بها. فالنمو يأتي دائماً بعد السقي. لقد وعد يسوع قائلاً، “.. فَذَاكَ يُنْتِجُ ثَمَراً كَثِيراً”. لن يكن الله عادلاً إن حجب عنا الثمر. فأمانته تقتضي أن يجعل البذار التي زرعناها تأتي بثمر. فهو مسئول عن الثمر، لذا لا تقلق بشأن الحصاد طالما أنك فعلت ما ينبغي عليك فعله. وعندما يأتي وقت الحصاد، لن تحصل على قدر ما زرعت وحسب، بل أكثر مما زرعت بمائة ضعف.

إن البذرة تبدأ في النمو في ذات اليوم الذي تُزرع فيه. لذلك فإن وعد الله لك اليوم هو: “الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ، فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ..” (عبرانيين 4: 7). “اليوم” هو توقيت الله ليجرى فيه مواعيده. لا تفكر في نفسك قائلاً، “يوم ما سوف يعمل الله ويتمم كلمته في حياتي..”. كلا، إن الله يعمل منذ اليوم الذي تغرس فيه وعده في قلبك. في ذات اليوم الذي تؤمن وتعترف بوعوده، هو ذات الوقت الذي يبدأ فيه العمل.

“إِنَّ مَا تَطْلُبُونَهُ وَتُصَلُّونَ لأَجْلِهِ، فَآمِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ، فَيَتِمَّ لَكُمْ” (مرقس11: 24). متى سوف تنال ما طلبت؟ “الآن”.. عندما تصلى فإن الإيمان يستقبل الاستجابة في الحال. ربما لا تُستعلن في الحال لكنها قد ابتدأت في العمل. ربما تستغرق وقتاً لتنمو وتنضج، لكن هذا لا يعني أنك لم تحصل عليها. بل عليك أن تظل تؤمن أن صلاتك قد سُمعت. أخبر الآب: “منذ الآن وأنت قد استجبت لصلاتي. منذ اليوم وأنت قد ابتدأت العمل. إنني أثق في أمانتك”. ومن اللحظة التي تعهدت فيها بالأمر لله، فهو قد خرج من يديك وصار بين يدي الله. هذه هي الطريقة التي تحصل بها على جميع ما وعد به الله في كلمته. إن جميع بركاته هي هبات مُقدمة مجاناً، لا علينا سوى أن نقبلها. ومسؤولية الحصول عليها يقع علينا؛ وهذا يخلى الله من أي مسئولية إن فشلنا في الحصول عليها.

تذكر

– لقد اشترانا الله بدم ابنه الكريم لنكون حقل نستطيع أن نغرس بذار كلمته الغير قابلة للفساد.

–  لا يمكن للصلاة أن تقوم بدور بذرة كلمة الله أو تحل محلها. فكلمة الله وحدها هي التي بإمكانها أن تزيل كل شك وتمدنا بالثقة الكافية لتجعل إيماننا ثابت. 

– إن بذار كلمة الله تحتوي في داخلها على القدرة لتنبت في قلب الإنسان حصاد يفوق قدرها بآلاف المرات وأمجاد أبدية تتبعها.

– لكي تحصل على نتائج من كلمة الله تحتاج أن:

* تغرس كلمة الله في قلبك.. عن طريق سماع الكلمة.

* تسقي البذار.. بالحفاظ على حياة ممتلئة بالروح.

* تعتني بالبذرة.. عن طريق التأمل والاعتراف بها.

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

 

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$