القائمة إغلاق

حلقة: مدينتان – الجزء 4 Episode: Two Cities – Part

حلقة: مدينتان

برنامج: من البداية للنهاية

لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك أضغط هنا

لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب

https://www.youtube.com/watch?v=ZkwMACL4sio&list=PLi5pccn6aDLRqvZRIAtcTcl5DvbcEcRYa&index=77

لسماع الحلقة على الساوند كلاود

 

https://soundcloud.com/lct-egypt/4-839831736

 

برنامج من البداية للنهاية

(راديو الحق المغير للحياة).

الحلقة الخامسة عشر: مدينتان (الجزء الرابع).

 

تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.

 

مدينتان: رحلة في عالم الروح

أهلاً بكم في حلقة جديدة من حلقات “راديو الحق المُغيِّر للحياة”، وبرنامجنا “من البداية للنهاية”. كما تعودنا في كل مرة، نقف معًا في محطة جديدة. ونود أن نُذكِّركم بأننا ما زلنا نقف في محطة أسميناها “مدينتان”.

يبدو أننا سنقضي وقتاً طويلاً في هذه المحطة، فهذه هي المرة الرابعة لنا فيها، لكنها من المحطات المهمة جدًا؛ لذلك قررنا أن نأخذ فيها وقتنا الكافي وندرسها باستفاضة

كانت محطتنا بعنوان “مدينتان”: مدينة بابل، أو مدينة إبليس، ومدينة الله. وكما علمنا القس رامز، فإن العالم الروحي هو عالم حقيقي جدًا، بل هو أقوى من العالم المادي الذي نراه بأعيننا المجردة. إن إبليس يحاول دائمًا أن يقلِّد ويفسد؛ فالحرب هي حرب هوية. كل ما يحاول إبليس أن يفعله هو أن يطمس هذه الهوية ويفسد فكرة الله عن الإنسان وهويته.

تكلمنا أيضًا عن فكرة “السحب”، وكيف أن إبليس يسحب الإنسان من خلال المشغوليات، سواء كانت في العمل أو الارتباط، وكأنه يوهمه بأن الحياة ستكون رائعة بمجرد أن يرتبط، أو بمجرد أن يعمل، وهكذا. وكأن هذه هي “السحبة” التي يحاول إبليس أن يفعلها طوال الوقت.

في المرة الماضية والتي قبلها، بدأنا نتحدث عن مدينة الله، وكيف أنها مدينة رائعة، مملكة روحية أساسها روحي، وكيف نتعايش ونتعامل في الحياة بها، وكيف نفهم مبادئها لكي نعرف كيف نسلك بها.

حقيقة العالم الروحي

كوننا لا نرى عالم الروح لا يعني أنه غير موجود. فهناك أشياء كثيرة لا نراها، أو حتى لا نسمعها، لكننا نعرف أنها موجودة بسبب تأثيرها. على سبيل المثال، هناك جراثيم معينة لا نراها، لكننا نعرف أنها موجودة. وهناك أصوات معينة يقال إنها أصوات فوق سمعية أو تحت سمعية بترددات معينة لا تستطيع آذاننا سماعها. هكذا هو عالم الروح، فهو يحيط بنا بنفس الطريقة وفي كل وقت. فالملائكة تعمل وموجودة، وكذلك الأرواح الشريرة موجودة.

وعندما نتحدث عن “المدينة”، أؤكد على حقيقة أنها مدينة روحية لها وجود فعلي.

كيف أتَوَاجَدُ داخلها؟

أتواجد بداخلها عبر تفكيري. فالشخص الذي لم يولد من الله بعد، هو لا يزال ضمن مملكة الظلمة، كما قال الكتاب عن المولودين من الله: الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ” كولوسي ١: ١٣. لقد انتقلنا فعلاً! لم يكن بولس يتكلم بتشبيهات أو يستخدم تعبيرات مجازية، بل قال إننا وصلنا إلى مكان ما، لقد جئنا إليه. هو نفسه الرسول عندما كتب في عبرانيين ١٢ وقال: بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى… مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ” عبرانيين ١٢: ٢٢. لو كنت أتوقع أن بولس يروي مبالغات، لكانوا سألوه: “كيف جئنا؟ نحن لا نرى المدينة! نحن لا نرى شيئًا! نحن نعيش في العالم كما نحن، وداخل أجسادنا كما نحن!”. لكنها حقيقة روحية.

وكلما فهمتُ عن عالم الروح أكثر، كما يشرح القس رامز، سيصير حقيقة بالنسبة لي. سيصير تمامًا كما ذكرت منذ قليل، أننا نؤمن بوجود أشياء لا نراها ولا نسمعها، وحواسنا الجسدية المحدودة لا تلتقطها. فعالم الروح كبير جدًا وضخم جدًا. الرب يسوع عندما كان يتكلم ويقول: لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل” متى ٥: ١٤، كان يلقي كلامًا يشير إلى هذه المدينة قبل أن تتأسس، وأنها في يوم من الأيام ستُؤسَّس، وهي التي وصلنا إليها فعلاً.

فإبليس طوال الوقت يحاول أن يشتتنا أو يشتت انتباهنا عن طريق تفكيرنا، وكأن المفتاح للمدينتين هو تفكيرنا.

التفكير: مفتاح المدينتين

نعم، هو التفكير. لو أن شخصًا لم يولد من الله بعد، فهو باقٍ في هذه المدينة التي أسس إبليس نظامها، ولن يعرف كيف يذهب إلى المدينة الثانية؛ فهو يحتاج إلى عمل معجزي، أن يولد من الله لكي ينتقل إلى المدينة الثانية.

ولكن، ماذا عن الذين انتقلوا إلى المدينة الثانية وصاروا فيها؟ إنهم يخرجون ويدخلون من هذه المدينة – مدينة الله – عبر تفكيرهم. فمن الممكن أن يكون شخص متواجدًا في هذه المدينة، لكنه من خلال توجيه تفكيره وتركيزه وانتباهه إلى طريقة تفكير مدينة إبليس أو مدينة بابل، فإنه يعيش بداخلها. يعيش بداخلها رغم أنه في مدينة الله، ولكن تركيزه مأخوذ في مدينة إبليس وطريقتها. وكأن المفتاح لكي أعيش في هذه المدينة وأتمتع بما فيها هو أن أحافظ على تركيزي. هذا ما كنا نركز عليه في المرة الماضية: كيف تحافظ على تركيزك؟ كيف تزيل المشتتات وتجعل انتباهك كله منصبًا على مملكة الله؟

الدخول إلى مكان أنت فيه بالفعل

في رومية ٥، شرح القس “رامز” هذا الأمر، وقال شيئًا غريبًا ربما يمر علينا مرور الكرام. عندما قال الرسول بولس: ١ فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ثم قال: ٢ الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ” رومية ٥: ١-٢. يقول بولس شيئًا غريبًا: كيف أدخل إلى مكان أنا جالس فيه بالفعل؟ لا يصح أن أقول: “سأدخل هذه الغرفة التي أنا موجود فيها”، وأنا موجود بداخلها! دخولي هو عبر الإيمان. إنه حقيقي، الشخص موجود فيها، لكن دخولي هو إدراكي، انتباهي، إيماني بأنني موجود فيها. هذا يساوي ببساطة تفعيل وجودي في هذا المكان.

فكأنه يريد أن يلخصها ويقول لك: “أدرِكوا ما أنتم موجودون فيه!”. كأنه يريد أن يقول: “صدِّق! أدرِك! أنت لم تدخل بعد، بل أنت داخلها بالفعل! أنت جالس فيها!”. لكن من الممكن أن يكون شخص جالسًا فيها، لكنه في مكان آخر.

لقد تكلمنا عن شعب إسرائيل، فالكتاب قال عنهم إنهم رَجَعُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مِصْرَ” (أعمال الرسل ٧: ٣٩)، مع أنهم كانوا في رحلة قد تركوا فيها مصر بمئات الأميال، لكن قلوبهم – كما قال الكتاب – رجعت، ولم تفكر فقط في الرجوع. وهذا ما جعلهم في وقت من الأوقات يأخذون قرارًا، فأقاموا رئيسًا وقالوا: “خلاص”، لقد أقاموا شخصًا آخر غير موسى وقالوا إنهم سيعودون. لكن الموضوع بدأ بالقلب، بتركيزهم في البداية على أرض مصر. تكلمنا في المرة الماضية عن عبرانيين ١٢ عندما يقول الكتاب: قَدْ أَتَيْتُمْ.

هل ما زلت تعيش في عقلية “البرية”؟

لقد وصلنا خلاص! لسنا بحاجة لأن نصل. لقد وصلنا لحضور الله، وصلنا للانتعاش، وصلنا للنهضة. لسنا بحاجة لأن نبحث عن هذا الحضور ونجلس نبحث عنه. كما أننا وصلنا، نحن لسنا في البرية. الكلمات التي نقولها دائمًا، وتعودنا أن نقولها: “أنا في البرية”، “أنا متعب”، “أنا…”، وكأن لسان حالي هو لسان البرية والتعب والشقاء والمشقة، وأنني لم أصل بعد. السماء بالنسبة لي هي منطقة الراحة، منطقة لا مرض فيها ولا دموع ولا مشاكل. وكأننا نطبق مثال شعب إسرائيل علينا: لقد خرجوا من أرض مصر، ونحن خرجنا من الخطية. عبروا البحر الأحمر، الذي هو الموت والقيامة مع المسيح، ونحن الآن نسير في البرية التي هي أرض شقاء، برية موحشة، برية متعبة. هناك أناس لديهم هذا الفكر، “لاهوت البرية”، أننا نعيش في البرية، فلا تتوقع في الأرض شيئًا حسنًا، لا تتوقع شيئًا جيدًا، لا تتوقع أن تعيش جيدًا، لا تتوقع أن تنتصر على الخطية، لا تتوقع الشفاء بقوة، لأننا لا نزال في فكرة أننا “لسه هنروح”. عندما نذهب إلى السماء مثلاً، سنجد كل شيء.

هم يعتبرون أن السماء هي أرض كنعان، لكن لا، الأرض هي التي فيها الشفاء، وفيها الاستمتاع، وفيها الخير. لا حاجة لأن تكون السماء فيها كل هذا، فلا حاجة للشفاء في السماء، ولن نستخدم المال في السماء، ولن يحتاج الشخص أن يكون منتصرًا وهو في تلك الوضعية أصلاً في السماء. وهذا ما فعله يسوع، هذا هو الطريق الذي أوصلنا لكي نكون مستمتعين بهذا هنا. ما فعله يسوع هو أنه جعلنا نصل بالفعل.

قد يخرج شخص بتفكيره ويعيش في البرية لو أنه لم يدرك بعد عبارة: قَدْ أَتَيْتُمْ.

إلى أين وصل الشعب؟ وصلوا إلى أرض كنعان. أرض كنعان بالنسبة لنا ليست هي السماء، لأن الكتاب يتكلم عن أن أرض كنعان كان فيها حروب لكي يمتلكوها، كانوا يحاربون، والسماء ليس فيها حروب. لقد وصلنا، ليست هي كما يتوقع الناس أن راحتنا ستكون في السماء أو أن مجدنا سيكون في السماء. لقد وصلنا خلاص! وصلنا إلى مدينة الله. كلما أدركتُ هذا من خلال الكلمة، تنتهي من حياتي زاوية المعاناة والمعافرة في الحياة، وأنني أعيش لكي أحصل على الأمور، وأن الأمور لا تأتي بسهولة، لأني أصدق عن نفسي أنني أعيش في البرية، أنني أعيش في التعب. فالذي أصدقه، أعيش فيه، فأعيش ذلك الجو.

الذي أصدقه، والذي أقوله، والذي أتحرك فيه طوال الوقت، هو هذا الذي أذهب إليه. إن صدقتُ أنني وصلتُ المدينة، فقد وصلتُ خلاص، لقد جئتُ خلاص، إذن أنا صرت في الراحة أساسًا. هذا مستوى يمكن أن أصل إليه ويمكن أن أدركه لأنني موجود فيه. إن دوري هو أن أنتبه إليه. نعم، دوري هو أن أنتبه إليه.

مثلما لا يحاول شخص أن يكون نفسه، فلا يصح أن أقول لشخص: “حاول أن تكون أنت”. لا، هو هو بالفعل. دوره فقط أن يدرك: “أنا هنا”. كما قلت، لا يصح أن أدخل مكانًا أنا موجود فيه. كل ما عليّ هو أن أدرك ما وُجدتُ فيه وأؤمن به.

وإلا، إن آمنت بشيء آخر، بأنني لا أزال في البرية وفي المعافرة والمعاناة، سأعيش حالة البرية. وبالتالي، سأسلك بها. نعم، وسأسلك وأجد نفسي أصارع مع إبليس، أصارع مع الوحش، أصارع مع المشاكل من وقت لآخر، لأن هذه هي حياتي. البرية فيها جفاف، فيها جدوبة، لا أتوقع أن فرحي سيستمر. لكن يسوع أتى بنا إلى مكان آخر أساسًا. فكر البرية لم يكن فكر الله. الرب أساسًا كان قد رسم لهم ألا يستغرقوا شهرًا للوصول إلى أرض كنعان، لكنهم هم من أبقوا أنفسهم في البرية بسبب عدم الإيمان. عبرانيين ٤ تكلم عن هذا، بسبب عدم إيمانهم، أبقوا أنفسهم في البرية. وفي عبرانيين ٤ أيضًا، تكلم عن أننا نحن المؤمنين ندخل الراحة، نحن فيها.

لقد صرنا فيها، إذن أنا في وضعية راحة، لست في وضعية معاناة، لست في وضعية أنني مسافر وسأصل. لقد وصلت خلاص! إن أدركت أنني وصلت، إذن لأسترح، لأهدأ. مثل شخص يسير في مشوار طويل أو يسافر سفرًا طويلاً، عندما يعود إلى البيت يقول: “أخيرًا! أخيرًا وصلت! لأسترح الآن، لأستمتع الآن!”. الاستمتاع ليس في السماء، الاستمتاع هنا. طبيعي أن في السماء استمتاع، لكن الاستمتاع هنا. الرب يسوع عندما قال: أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ” يوحنا ١٠: ١٠، ففي الأصل اليوناني، الكلمة تأتي بمعنى أن يستمتعوا بفيض الحياة. فالله ليس إلهًا يحرم الإنسان من المتعة، وفي السماء ستستمتع. لا، نحن وصلنا إليها. إذن أنا في جو الاستمتاع، أنا في جو هذه المملكة. كلما عرفت عنها وأدركت ووجهت انتباهي إليها، أنا أستمتع بكل ما في مدينة الله.

في تكوين ١١ – كنا قد تكلمنا عن تكوين ١٠ وهكذا تكوين ١١ – في مدينة بابل، في آخر جزء يحكي عن مدينة بابل وبرج بابل، دعا الرب إبراهيم ليخرج. فهذه المدينة ليست شيئًا حديثًا، لا، بل منذ زمن بعيد تكلم عنها الكتاب. مثلاً في عبرانيين إصحاح ١١ وعدد ٨، يقول الكتاب هكذا إن الآباء كان لديهم استنارة في هذه الجزئية. نعم، فعلاً، كانوا متجهين إلى مدينة أرضية، وفي نفس الوقت كانوا يرون أنها مدينة روحية حقيقية، لدرجة أنهم كانوا يتمنون العيش فيها. ومن كثرة رغبتهم في العيش فيها، يقول الكتاب إنهم تعاملوا مع الأرض كغرباء. أي أنهم كانوا يقولون: “لن نؤسس شيئًا على الأرض، نحن لن نبقى كثيرًا على الأرض، نحن نتوق إلى هذه المدينة”. ففي عبرانيين ١١، كيف أنه في المرة الأولى التي قال له الرب، جرى وترك كل شيء، وكأنه كان متلهفًا لهذا.

نعم، سيقولها الرسول بولس في عبرانيين ١١ بنفس هذه الألفاظ. يقول الكتاب: ٨ بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. ٩ بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ.” عبرانيين ١١: ٨-٩. ما السبب؟ سيضع السبب: لماذا يا إبراهيم، وقد أخذت الأرض كميراث، لم تتعامل معها بهذه الطريقة؟ نعم، كان مستمتعًا بالأرض، لكن قلبه كان في مكان آخر. وكان يرى أشياء، فيقول هكذا: ١٠ لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ…” عبرانيين ١١: ١٠. وكلمة “ينتظر” (ekdechomai) في الأصل تأتي بمعنى “متلهف جدًا”.

بماذا كنت متلهفًا يا إبراهيم؟ “…الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ…” عبرانيين ١١: ١٠. هذه هي المدينة التي لا تهتز أبدًا، هذه هي المدينة المثبتة جيدًا. تكلم عنها في المزامير عندما شبه الشخص الثابت فقال إنه غير متزعزع، كصهيون التي هي غير متزعزعة. هذا ما نقصده عندما نقول إنها مدينة روحية، وليست السماء، ولذلك ربما الناس لا يستطيعون رؤية هذا في العالم، لكنهم يبحثون عنه، فيقولون: “خلاص، عندما تكون هذه مدينة سماوية، عندما أصل إليها سأراها”. وهذا يؤكد أنها فعلاً مدينة روحية يمكن أن نعيشها ونحن موجودون هنا، لدرجة أن إبراهيم وهو على الأرض كان ينظر إليها، ينظر ويقول هكذا: يَنْتَظِرُ. ينتظر بلهفة وشغف الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ.” عبرانيين ١١: ١٠.

أي أن هذه المدينة، المصمم لها وصانعها وبارئها – المصمم والمنفذ لها – هو الله. نعم، يعني لو أحضرنا أفضل مهندس على الأرض وقلنا إنه سيصمم لشخص بيتًا رائعًا، فما أروع هذا أن يحضر لي أفضل مهندس ليصمم لي بيتًا وهو الذي سينفذه لي أيضًا! في هذه المدينة، على عكس المدينة الثانية، مدينة بابل، التي كانت من تصميم شيطاني في الأساس بقيادة الإنسان، ولكن وراءها إبليس. فيقول عنها إنها مدينة صانعها وبارئها الله.

ولهذا السبب، دعا الرب إبراهيم في تكوين ١١ وقال له: “تعالَ، سأريك الأرض التي ستأخذها”. كانت بالنسبة لإبراهيم أرضًا مادية، لكنه كان يفهم أيضًا أنها مكان روحي سيحيا فيه. ولذلك كان جالسًا ينتظر، ينتظر: “متى ستأتي هذه المدينة؟ متى ستأتي هذه المدينة؟”. في تكوين ١٢، بداية الإصحاح، يقول هكذا: ١ وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ.” “أنا سآخذك إلى مكان آخر”. ونفهم من عبرانيين ١١ أنه كان يفهم أنها ليست مجرد أرض، بل هي شيء روحي أيضًا. ٢ فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً.” تكوين ١٢: ١-٢.

قال له الرب: “اخرج يا إبراهيم من بابل”. كان إبراهيم يعيش في بابل، وعندما وُلد إبراهيم، كان نمرود موجودًا، وكان هو الذي يحكم مدينة بابل، كان لا يزال موجودًا. فقال له الرب: “اخرج من أرضك”. ولم يكن الرب يقصد هنا مجرد خروج وتغيير مكان.

لم يكن يقول له: “اترك مكانك، انتقل من مصر إلى أمريكا، انتقل من مصر إلى فرنسا، سافر”. لم يكن مجرد سفر. لقد دقق الرب معه. كان من الممكن أن يكون كافيًا لو قال له: “اخرج من أرضك”، وانتهى الأمر. “أنا سأريك مكانًا”. لا، بل قال له: مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ. لماذا يركز ويؤكد على كل هذه التفاصيل الصغيرة؟ “أريدك أن تخرج من عقليتهم”.

هناك شخص يعتقد أنه لو غير مكانه، سيرتاح. “أنا لو انتقلت من هذه الشقة، سأرتاح”، “لو انتقلت من هذه البلد، سأرتاح”، “لو انتقلت من هذه الوظيفة، سأرتاح”. هذه نقطة خطيرة جدًا جدًا، لأن الناس أحيانًا يرون أن هذا هو الحل، ويعيشون كل حياتهم في انتظار تلك اللحظة التي يغادرون فيها ذلك المكان، دون أن يفهموا أنهم يغادرون بنفس الروح وبنفس طريقة التفكير، فأينما سيذهبون، سيكملون بنفس الطريقة.

لأن وراءها في الحقيقة تكون أرواح شريرة. نعم، أرواح شريرة هي التي تكون وراء أن الشخص مهما تحرك، تذهب وراءه، هي ملتصقة به. فالرب لم يكن يريده أن يخرج مجرد خروج من البلد والمدينة، “أنا أريدك أن تخرج من تفكيرهم، من الطريقة التي يتعاملون بها”. ولذلك، ونحن في مدينة الله، لقد خرجنا من مدينة إبليس، خرجنا من مملكة الظلمة. يريدنا الله أن نتعامل… هناك أناس دخلوا مدينة الله، لكن لا يزال لديهم تفكير مملكة الظلمة. سنتكلم عنه بعد قليل.

يا ليتنا نعود يومًا لأيام البرية مثلاً. هناك أناس لديهم واقع أن الحياة مع الله صعبة، الحياة ليست سهلة. هذه ليست طريقة تفكير مملكة الله، وسنرى ما تقوله الكلمة عما يوجد داخل هذه المملكة. أتذكر قصة مضحكة بعض الشيء عن رجل وزوجته كانا في شقة، فوجدوا أن الخلافات كثيرة جدًا بينهما.

فقالوا: “يبدو أن هذه الشقة ‘نحس’ علينا، لقد سببت لنا مشكلة”. “نعم، المشكلة في الشقة. لو انتقلنا، ربما تهدأ أمورنا وتهدأ حياتنا”. فقرروا أن ينتقلوا. فاجتمعت الأرواح الشريرة التي كانت وراء خلافاتهم، وجلسوا يقفزون على الأريكة ويقولون: “هييه! نحن ننتقل! نحن ننتقل!”. بمعنى أنه لو انتقل الشخص من مكان، ليس مهمًا تغيير المكان الجغرافي للشخص، المهم هو المكان الروحي الذي هو فيه. لذلك، ليس مهمًا مكانك. قد تكون في بلد فقيرة. يوسف لم يكن في مكانه، لم يكن في مكان يؤهله ليكون عظيمًا. نعم، لكنه كان عظيمًا في بيت فوطيفار مع أنه كان عبدًا.

فالنجاح ليس مرتبطًا… الناس يظنون أن الناجحين هم الذين توفر لهم المال عند ولادتهم، أو توفرت لهم وظيفة جيدة، أو توفر لهم أهل جيدون، أو توفر لهم مجتمع جيد أو دولة غنية. “أنا وُلدت في دولة من دول العالم النامية، من دول العالم الثالث، فأنا لن أنجح. فقط لو يرسلوني للسفر إلى الخارج، سأكون على ما يرام”. نعم، يوسف أثبت لنا أن النجاح ليس مرتبطًا بالمكان الجغرافي الذي أنا فيه، النجاح مرتبط بهذا الإله. لذلك، أحب الرب أن يخرج إبراهيم ليغير ليس فقط مكانه الجغرافي، بل ليغير أيضًا المكان الروحي لإبراهيم عن طريق إخراجه من طريقة تفكيرهم.

تكلم الرسول بولس عن هذا في كولوسي ٣: ١ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ…” كولوسي ٣: ١. كلمة “اطلبوا” هنا، التي تأتي بمعنى “اسعوا، فكروا”، تأتي في الأصل هكذا: “فكروا في الأمور، احصروا اهتمامكم، اجعلوا طريقة تفكيركم مثل طريقة تفكير فوق، مثل طريقة تفكير الله”. هو قد أخذنا إلى فكرة أنه هو مؤسس هذه المدينة، هو صانع هذه المدينة، إذن الصواب هو أن أسير بفكره هو. مثلما يصمم شخص آلة ويضع لها كتالوجًا ويقول: “هي تعمل بهذه الطريقة”، فإن شغلتها بطريقة عكسية، ستفسد مني، ولن أستفيد منها. هناك أناس لا يستفيدون من هذه المملكة لأنهم لا يفكرون بطريقة الصانع، لا يفكرون بطريقة مؤسس هذه المملكة.

تكلم الرب يسوع عنا وقال إننا لسنا من العالم. لكن كيف أعيش هذا؟ إلى أي مدى… أنا أشجع كل مشاهد أن يسأل نفسه: كم بالمئة أنت مقتنع بكلمات الرب يسوع عندما قال: لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ” يوحنا ١٧: ١٦؟ هل تتعامل مع نفسك ومع العالم بأي طريقة؟ بأي نظام؟ بأي رؤية؟ ما هي الرؤية التي عندك؟ كيف ترى الأمور؟ كيف تترجمها؟

كأنه يستثني نفسه من هذا المكان. “أنا من العالم، وأنتم أيضًا”. لكن هذه نوعية من الناس، ليست أنا. كأنه يقول: “لا، أنا أمر في أمور لم يمر بها أحد”. وكأنه يستثني نفسه، كأنه يحتاج أن يراجع طريقة تفكيره. كيف تفكر عن نفسك؟ كيف تفكر في الدنيا؟

تذكرت ما يقوله الكتاب في أمثال ٣٠: ٢١، يتكلم أنه: ٢١ تَحْتَ ثَلاَثَةٍ تَضْطَرِبُ الأَرْضُ، وَأَرْبَعَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ احْتِمَالَهَا: ٢٢ تَحْتَ عَبْدٍ إِذَا مَلَكَ، وَأَحْمَقَ إِذَا شَبعَ خُبْزًا” أمثال ٣٠: ٢١-٢٢. فكرة خطورة أن يملك العبد، وهي أنه يعيش بنفس هذه العقلية، فإنه يوم أن يملك، يوم أن يتحرك، هو يتحرك بنفس طريقة العبودية، نفس طريقة الهزيمة، إنه لا يأخذ مكانته الصحيحة، فيفسد المكان الذي هو فيه. وربما هذه هي المفاتيح التي… أعتقد أن هذا قرار يومي يا دكتور، ليس مجرد أنني وُلدت من الله وخلاص، سلمت حياتي والأمور تسير، لكن كل يوم في الصباح، أنا أحتاج أن أستيقظ وأُذكِّر نفسي: أين أنا؟ من أنا؟

وأين أعيش، وكيف أسلك بما أعرفه وأدركه؟ ولو كررت هذه العادة، ستصير، كما كنتِ تقولين، عقلية. إما عقلية عبد يتعامل… ولذلك قال سليمان: ستُخرَب الأرض. تَحْتَ ثَلاَثَةٍ تَضْطَرِبُ الأَرْضُ، وَأَرْبَعَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ احْتِمَالَهَا: تَحْتَ عَبْدٍ إِذَا مَلَكَ. لأنه يعيش… هو تغيرت وظيفته من عبد إلى ملك، لكن المشكلة أن عقليته لا تزال هي نفسها، فيملك بها ويتحرك بها. يملك بعقلية العبد، لا يعرف كيف يقود شعبه، بل يصب عليهم الغل الذي بداخله، لأنه عبد مغتاظ من الناس، ربما يرى أنهم كانوا يستعبدونه، فيبدأ يخرج كل الشعور بالنقص الذي عنده، كل الأمور الصعبة التي عنده. كان محرومًا من أشياء،

فيبدأ يستغل سلطته ليشبع نفسه بكل شيء، ويبدأ يستحوذ ويكدس كل الأموال وكل الممتلكات، لأنه يعيش بهذه العقلية، لا يعيش بعقلية: “أنا غني، أنا أملك، أنا موجود لأساعد الآخرين”. لا، هو يعيش بعقلية: “أنا أريد أن آخذ، أنا أريد أن أجمع، أنا أريد شيئًا يكفيني للغد وبعد الغد وللمستقبل أيضًا”. ففعلاً، هذا قرار يومي إلى أن تصير عقلية وطريقة تفكير.

تفاصيل حياتنا… أشعر أنه لو فكرت فقط في الصباح: “ما هذا التفصيل؟ هل أنا أصرف الأموال التي معي لأنني خائف؟ إن صدقت أن معي أموالاً، فأنا أريد أن أصرفها كلها”. كأمثلة صغيرة في كل تفصيلة صغيرة، أنا أحتاج أن أُذكِّر نفسي: من أنا، وكيف أفعلها؟

نعم، عقلية من عقليات العبيد، مثلاً، المثل الشائع: “أبو بلاش كثِّر منه”. نعم، مثلاً، هذا مثل شائع جدًا، أن هذا الشيء أُتيح بالمجان، فهذه عقلية تفكير عبد. “الحق خذ ما تستطيع منه، حتى لو… لن تجدها مرة أخرى”. هذه عقلية تفكير شخص لا يعرف كيف يقول “كفى”، لا يعرف كيف يتوقف. وهكذا من ناحية الأكل، من ناحية الشرب، شخص لا يعرف كيف يوقف شهواته، لا يستطيع أن يمنع نفسه من الأكل مثلاً وهو قد اتخذ قرارًا بأن يصوم كمثال. هذه عقلية من عقليات التفكير. الرب يسوع يريدنا أن نتضبط على طريقة تفكير هذه المملكة. حتى ونحن جالسون على فيسبوك أو أيًا كانت وسائل التواصل الاجتماعي بكل تفاصيلها، كيف لا أنسحب وراء هذا؟ لا أمشي بطريقة العبد، بل أفكر الآن بطريقة يسوع: لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ. أنا لست من العالم، أنا لا أنتمي إليه. نعم، أنا أعيش فيه.

أنا عندي الإمكانية أن أعرف كيف أفعل هذا. عندي الإمكانية لأن يسوع قال هويتنا هي: لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ” يوحنا ١٧: ١٦. هذه هي حقيقتي. أنا لست من هنا، وقريبًا سأترك هذا المكان. إذن، لا أختلط بالطريقة… أختلط بالطريقة التي تجعلني أجذب الناس وأنقذهم، لكن لا أختلط بالطريقة التي يسير بها الناس ويفكرون بها.

شعب إسرائيل وهم خارجون من أرض مصر، مرتين عبروا على أدوم وعلى باشان، وقالوا هكذا لملوكهم: أَمُرُّ بِرِجْلَيَّ فَقَطْ” (العدد ٢٠: ١٩. نعم، “دعني فقط أعبر بقدمي”. قال له هكذا: “لن أدخل زرعك، حتى لو شربت ماءً، سأدفع ثمنه”.

فهم يتعاملون بعقلية أنهم أناس يدفعون فعلاً، لا يبحثون عن الشيء المجاني ويأخذونه أو يأخذونه دون أن يعرف الشخص. فهم يسيرون بهذه العقلية. أنا أمر في العالم، أنا أمر بقدمي فقط. أنا أعرف إلى أين أذهب، أنا أعرف لماذا أنا موجود على الأرض: لكي أجعل الناس يعرفون الله، لأعرِّفهم بالحياة الجديدة التي ضمنها يسوع. ولذلك، لا أنسحب في أي شيء يأخذني بعيدًا عن هذا العمل.

فلو كنت مسحوبًا، لو كنت مأخوذًا في هذه المنطقة، أنا أحتاج أن أعود وأنتبه لطريقة التفكير. وكأننا اليوم وفي الطريق الذي نسير فيه، كل ما نفعله هو أن نقول: انتبه! انتبه! انتبه! اعرف، أنت داخل هذه المملكة، هذا حقيقي، أنت داخل هذه المملكة. أنت تعيش من أجل المملكة، المملكة هي الأولوية. الرب يسوع قال لهم: اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ” متى ٦: ٣٣. إذن الأولوية… نحن صرنا فيها خلاص، يعني لا نحتاج أن نطلبها لكي نذهب إليها، نحن نطلبها الآن بمعنى أنها صارت أولوية لدينا. إن كنت تعمل،

فأنا أعمل من أجل يسوع. إن كنت أتزوج، أتزوج من أجل يسوع. أنا لا أعمل من أجل المال. الرب قال إن الاحتياجات ستُسدَّد ولو بطريقة معجزية. هذا لا يعني أن الشخص لا يعمل، لا، رائع هو الاجتهاد. لكن أنا لا أعمل من أجل المال، أنا أعمل من أجل يسوع.

أي أنني أفعل كل شيء من خلال معرفتي، من خلال معرفتي بهويتي، من أنا. فليس هذا ما أركض وراءه وألهث كأنني لا أجد أو لا أعرف، وهو هذا الذي يأخذني طوال الوقت. لكن معرفتي وإدراكي للمكان الذي أنا فيه، من خلاله أعمل الآن، أعرف كيف أعيش مع أولادي وأربي أولادي وأعمل وأكون مستمتعًا به وأخدم الرب وأنا أعرف كيف أفعل هذا. في أوقات كثيرة، نقول إنه لا يوجد وقت أصلاً لتخدم، أنت بالكاد… نحن بالكاد نجد وقتًا لأنفسنا.

هذه هي العقلية التي وضعها إبليس، أن الأرض شقاء وتعب وعناء. “وأنتِ طالما ارتبطتِ، أو أنتِ طالما ارتبطتِ بأولاد وشغل، فستعيشين الحياة ولن تعرفي كيف تتنفسين. فأحسن لكِ ألا تنجبي الآن”. نعم، “انتظري قليلاً، استمتعي بحياتك”. وهذا كله فكر مملكة بابل، هذا هو فكرها. الحياة الحقيقية تُعاش من خلال يسوع وفي يسوع. كما قال يسوع: إنه أتى لتكون لهم حياة، ليستمتعوا بالحياة. ففي كل شيء أفعله، ولو كان صغيرًا، أنا مستمتع به. لا أعلّق شماعات، كما كان يعلمنا القس، أنه “إياك… اقتل! ارمِ كل الشماعات التي عندك”. “أصلي عندي أولاد”، “أصلكم لا تعرفون كيف أن أبنائي أشقياء”، “أصلي مطحون في العمل”، “أصل زوجتي…”، “أصل، أصل، أصل…”. كأن هذه هي العقلية التي…

لو فكرنا بطريقة صحيحة، لا، لا يوجد أحد يستطيع أن يساعدني في التعامل مع أولادي، مع زوجتي، مع عملي، مع علاقاتي، مع المال… لا أحد يستطيع أن يساعدني غير الله أساسًا. فطريقة تفكير العالم الذي يضع ثقته في الاقتصاد أو في العلوم وفي الطب وفي هذه الأشياء، كلها تفشل، تأتي في وقت وتقول: “ليس لها حل، لقد أُغلقت هكذا”. إن وضعت ثقتي في الله من خلال كلمته، أنا أتعلم كيف أفعلها. فأجد نفسي أعيش وهذه الأشياء تنجح الآن، تنجح بطريقة… ليس معناه أنني سأجلس وأكون… لا أفعل شيئًا، أو أنني سأتمسك فقط بالأمور الروحية وخلاص. لكن أنا أحتاج أن أرتب أولوياتي.

نعم، قال الكتاب: وَالَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هذَا الْعَالَمَ…” ١ كورنثوس ٧: ٣١. فنحن سنستعمله، لكن أنا أستعمله بالطريقة الإلهية التي هو مصمم لها أساسًا. نعم، أي أن العالم في حد ذاته ليس غرضًا، هو وسيلة أنا أستعملها. إن تحول إلى غرض في حد ذاته، مثل المواصلات، هي وسيلة. أنا أركب المواصلات، أركب الحافلة لكي أصل إلى مكان معين. ماذا لو أعجبتني الحافلة وأعجبني التكييف الذي فيها وقلت: “لا، أنا سأجلس هنا، ليس من الضروري أن أذهب إلى ذلك المشوار. أنا سأجلس وأتفرج على الكراسي وأتفرج على…”. وأنا أسير في الحافلة، والحافلة تسير في البلد، فأجلس أتفرج على الأماكن. أنا فقدت… حولت الوسيلة إلى غرض.

هناك أناس يعيشون هكذا. أنا أستعمل العالم من خلال النظرة الإلهية: كيف يرى الله هذا الأمر؟ كيف يريدني الله أن أتعامل معه؟ هنا الاتزان. أنا لم أنسحب بنفسي تمامًا وقلت: “لا، أنا سأعيش للرب وسأعزل نفسي وليس لي علاقة بأي أحد ولا أحد يكلمني، وأريد أن أبتعد عن الخطية فسأهرب من العالم”. ولا أنا انغمست في العالم بشدة لدرجة أنني… مثل القارب بالضبط. القارب موجود في وسط الماء، لكنه ليس مصنوعًا من الماء. والماء ليس بداخله أساسًا. ما بداخل القارب غير ما بخارجه. إن أخذنا القارب وأخرجناه على البر وقلنا: “لنبعده عن الماء لئلا يغرق”، فإنه لم يؤدِّ دوره، لم يؤدِّ وظيفته، سواء كان قارب صيد أو قاربًا سيوصل بضائع أو وسيلة مواصلات. وإن وضعناه داخل الماء وفتحنا فيه فتحة وثقبًا، فسيغرق داخل الماء.

الاتزان هو أن أحافظ على عقلية… عقليتي هي عقلية تفكير الكلمة طوال الوقت. لأنني أعيش بما يقال لي. حسنًا، كلنا نعيش طبقًا لما قيل لنا، طبقًا لما تعلمنا كيف نتكلم، تعلمنا كيف نتصرف، تعلمنا كيف نرى أنفسنا.

كانت هناك قصة لطيفة جدًا تُحكى دائمًا عن فيل صغير وُلد حديثًا، وعندما خرج وجد نفسه مربوطًا في نخلة بحبل له مساحة معينة، يمشي حولها ويلف ويعود. بدأ هذا الفيل يكبر ويكبر ويكبر، وهو يلف في نفس المساحة. فهو فهم أن هذه هي أقصى أبعاده. عندما جربوا أن يفكوا هذا الحبل، وجدوه يسير في نفس المساحة، لا يعرف كيف يتحرك. هو خلاص، نظامه، كأن دماغه فهمت أن “هذا هو آخري”. رغم أنه مفكوك، اكتشف أنه… مثل المربوط، لكن الفكرة في طريقة التفكير. هو استقبل ورأى في زمن من حياته أن “هذا هو آخري، لا أستطيع أن أبتعد”، رغم أنه لو فكر فقط أن يمشي خطوة صغيرة، لكان هذا الحبل قد انقطع منذ زمن بعيد. هو حتى إمكانياته لم يعرف كيف يستخدمها، رغم أنه كانت لديه إمكانيات كبيرة، بنفس الفكرة.

نعم، بنفس طريقة التفكير التي تربى عليها الشخص. عندما ندخل مملكة الله، هناك طريقة تفكير. صموئيل في يوم من الأيام جمع الشعب وقال لهم: “تعالوا أقول لكم أحكام المملكة. أنتم طلبتم ملكًا، هذه مملكة لها أحكام، تعالوا أعرِّفكم بما يجب أن تفعلوه عندما يأتي الملك ويكون موجودًا”. هكذا، أنا خرجت من طريقة تفكير العالم لكي أتعلم مبادئ مملكة الله. لديه مبادئ أنا أحتاج أن أتعلم أن أمشي عليها. ليست نواميس، ليست شروط، لكنها الطريقة الإلهية في التعامل مع كل شيء.

البعض مثلاً، اعتقاد شائع مثلاً، أنه في سن معين يصاب الشخص فيه بأمراض الشيخوخة.

أو يصاب بسن تسمى “سن اليأس”. الناس أطلقت هذه الأسماء. في مدينتنا، طالما لا يوجد هذا الكلام، لا يوجد شيء اسمه “سن اليأس”، لا يوجد شيء اسمه “في سن معين، أنت خرجت على المعاش فستصاب باكتئاب وحزين وزعلان”. لماذا؟ لأنه قبل ذلك كان يخرج ويذهب ويجيء، والآن جلس خلاص، لا يوجد شيء. قبل ذلك كانوا يقولون له: “يا بيه ويا باشا”، الآن لا أحد يهتم به. أو كان في منصب وأُزيل من منصبه.

كأنه يعيش بما يقال له. هو مجرد أن هذا توقف، حياته تدمرت وتوقفت. لم يكتشف قيمته داخل مملكته، لم يكتشف عمله. فعملي لم يكن هو الذي يعطيني قيمة، عملي لم يكن هو الذي يمنع عني الاكتئاب.

أملي لم يكن هو حتى سني الصغير، ليس هو الذي كان يعطيني الفرح. “أنا صغيرة وجميلة، فأنا مسرورة”. كبرت، فبدأت التجاعيد تظهر، فشعرت بقلة الانبساط. وبدأ يظهر لي شعر أبيض، فانتهى الأمر، شعرت أنني كبرت في السن. الرب بدأ مع موسى من سن ٨٠ سنة، وهو السن الذي حتى موسى، وهو يتكلم عن الشعب وهم تحت لعنة، قال: أَيَّامُ سِنِينَا هِيَ سَبْعُونَ سَنَةً، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْقُوَّةِ فَثَمَانُونَ” (مزمور ٩٠: ١٠). كان يتكلم في ذلك الوقت عن شعب تحت جو هذه اللعنة. هو نفسه بدأ خدمته عند نهاية ما قال عنه، الذي هو ٧٠ أو ٨٠ مع القوة. هو نفسه بدأ من هنا. نعم، ففي مملكة الله، الأمر مختلف. لا يوجد شيء اسمه شخص كبر في السن. نحن كائنات روحية في الأساس، لا تشيخ.

متى يشيخ الشخص روحيًا؟ لو بدأ يهمل الكلمة. مثل الشخص الذي لا يأكل. يقول الكتاب عن أفرايم: وَقَدْ رُشَّ عَلَيْهِ الشَّيْبُ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ” هوشع ٧: ٩. الشخص الذي لا يأكل الكلمة، فعلاً روحه ستصير ضعيفة، كأنه شخص لا يتغذى جيدًا فروحه صارت ضعيفة. هكذا في مملكة الله، لا يوجد ما يسمى بشيخوخة، لا يوجد ما يسمى بأن شخصًا يصاب باكتئاب نتيجة أنه فقد عمله أو في سن معين. “النساء تصاب بكذا والرجال يصابون بكذا”. هذه المملكة مليئة بالحياة، كل شيء فيها حياة. إن بدأت آخذ هذه العقلية، لو ذهبت إلى العالم الخارجي، سأجد العالم يفكر بهذه العقلية، فيترجمون أنه دائمًا حزين ومكتئب. “أخرجوه ليتنزه قليلاً”. لماذا؟ “أصله توقف، خرج على المعاش”.

فمتضايق. هذه هي عقلية العالم. رغم أن هذا ليس فيه مشكلة، لكن أن يعتمد عليه وأن يضع كل آماله وهدفه في الأمور المادية. لكن إدراكنا أننا نحيا من روحنا، إدراكنا أننا… لأن العالم عالم روحي، فكيف أن روحي هي التي تقود ذهني وتقود أفكاري وتقود جسدي، لكي حتى يبقى مليئًا بالنضارة أو بالقوة أو بالفرح.

نفسي أن يلحق المشاهدون يهضمون ما نقوله، لأن هذا كلام مهم جدًا ومفتاح لكي تنتقل حياتك، لكي لا تعيش بالعقلية التي فيها إبليس يحاول أن يطمس هويتك ويطمس من أنت، وكيف أن الله يريدك أن تعيش في المملكة بكل إمكانياتها وتستمتع بها.

لستم من هذا العالم: كيف تعيش هويتك الجديدة؟

١ وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، ٢ الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً…” أفسس ٢: ١-٢.

كثير من الناس، بعد أن يقبلوا يسوع، يعودون ويقولون: “لقد عدتُ إلى العالم مرة أخرى، يبدو أنني أريد أن أجدد العهد، أو أريد أن أتوب، أو أريد تغييرًا من الداخل”. يوضح الكتاب: إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ” ٢ كورنثوس ٥: ١٧. هذه الخليقة لا تحتاج إلى أي عمل إضافي في روحك، لكنك تحتاج إلى عمل في النفس والجسد. هذا هو السبب؛ خلاص الروح الإنسانية تم في الحال، لكن خلاص النفس البشرية – أي الأفكار – فهذا هو عملك أنت تجاهها. (أدعوك أن تعود وتدرس سلسلة “خلاص نفوسكم).

“…الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ…” أفسس ٢: ٢.

لاحظ الفرق بين صيغة الماضي وصيغة المضارع. حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، أي حسب “السيستم” أو نظام هذا العالم. كلمة “دهر” هنا هي الكلمة اليونانية “aion” وليست “ion“. “aion” التي تعني النظام العالمي، وليست “أيونات” الكيمياء. حسناً، فبعض الناس يقرأها ويظنها شيئاً علمياً، لكنها “aion“، كلمة يونانية خاصة بالنظام العالمي. فيقول إنكم كنتم تسيرون تبعاً لهذا النظام العالمي، طبقاً لِرَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ” أفسس ٢: ٢.

إذن، يوجد روح، توجد أرواح شريرة تعمل الآن. (وبين قوسين، أنا أرد على بعض التعاليم التي تقول إن إبليس مجرد فكرة وليس حقيقة). وإلا، فمن هي تلك الأرواح التي كانت تخرج في سفر أعمال الرسل؟ إبليس كائن حقيقي يمكنه أن يتجسد، ولديه أعوانه، وهم يعملون. هم الذين يضايقون البيوت، وهم الذين ينكدون على الناس، وهم الذين يجلبون الأمراض، وهم وراء كل هذا. ستهدأ الأرض فقط عندما يُقيَّد إبليس في المُلك الألفي، وحينها سيبدأ يظهر اللون والطبيعة الحقيقية الموجودة داخل الحيوانات. إن وراءها زرعاً شيطانياً قد وُضع داخل هذه الكائنات التي كانت في يوم من الأيام تأكل عشباً، فصارت تأكل لحماً، صارت “carnivores“، أي آكلة لحوم.

وبالتالي، نحن نفهم معاً أن هذا “السيستم” وهذا النظام موجود الآن، ولكن – وهذا هو النجاح الإلهي – يوجد أناس على الأرض لا يعمل فيهم هذا الروح الشرير أو الأرواح الشريرة. هو يسميه هنا بصيغة المفرد كمندوب عنهم. فهو “يعمل الآن”، لكن أنتم كُنْتُمْ. لاحظ الفرق بين “أنتم” و “الباقين”. كُنْتُمْ سابقاً، قبل ذلك، كنتم تسيرون حسب النظام العالمي.

ما الذي أخرجنا من هذا النظام؟

ما الذي جعلنا نخرج من هذا النظام ونحن في الخليقة الجديدة؟ هو أنك وُلدت من الله. وهو يكمل ويوضح: الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، ٣ الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا…” أفسس ٢: ٢-٣.

إنه يستخدم، كما قلت، الأشياء التي يحب أن يستعملها: النفس والجسد. هو لا يستطيع أن يقترب من الروح. دوري أنا هو أن أجعل روحي تسود على نفسي وجسدي. “…عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ…” أفسس ٢: ٣. إذن، هو يستغل أن الإنسان لديه جسد، فيحاول أن يجعل الجسد هو الذي يقوده، ويستغل الأفكار العالمية. إذن، الرب يصلح الأفكار لكي يتصلح الموضوع. ولكن ماذا بعد؟ “…وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا” أفسس ٢: ٣.

لا تقرأها “كنا طبيعيين”، فبعض الناس يقرأها هكذا. لا، هنا معناها: “كانت طبيعتنا”. إنه يتكلم عن الروح الإنسانية، كانت الطبيعة التي بداخلنا من نفس خامة “أبناء الغضب” الذين يعمل فيهم الآن “أبناء المعصية”. هو يعمل فيهم، هذا هو الروح الشرير الذي يعمل الآن فيهم، وهم يتصفون بالمعصية. وما هي المعصية؟ ليست مجرد أنه عاصٍ على أبيه وأمه، فهذا أحد استعلاناتها، بل هو عاصٍ للفكر الإلهي طوال الوقت. لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ” ١ كورنثوس ٢: ١٤. تقترب الكلمة منه، فيبتعد عنها. لذلك كُنَّا، كانت طبيعتنا أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ.

لم نعد كالباقين! لم نعد كالباقين أيضًا! هل ترى كيف يتكلم الكتاب عن هذا؟ نعم، طبعاً. الفريسي وقف وصلى في قلبه: لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ” لوقا ١٨: ١١. هذه الآية تسبب إزعاجاً عند بعض الناس، فيصعب عليهم أن يقولوا إننا مختلفون عن البشر. يقولون: “نحن مثلنا مثل باقي الناس”، ونحن نرنمها مثل العشار وليس مثل الفريسي. حسناً، فطوال الوقت يخرجون بفكرة: “إياك أن تقول إنك مختلف عن الناس الباقين، وإلا ستكون قد وقعت في نفس خطية الفريسي”. حسناً، هل أخطأ بولس وقالها؟ “…أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا. نحن لسنا كالباقين أيضًا.

بولس كان فريسياً حقيقياً، حسناً؟ فهو عاش كفريسي، بلا شك طبعاً. أنا أعني أن بولس، تحت قيادة الروح القدس، شرح لنا أن المولود من الله لم يعد بشرياً عادياً، لقد صار مختلفاً. لم يعد بشرياً عادياً! يمكنك أن تسيطر على ذهنك، يمكنك أن تسيطر على جسدك. توجد قوة بداخلك، وإن لم تكن قد غذيتها بعد وأعطيتها الطعام، فهي ستخرج وتظهر. إنها موجودة. أليس كذلك؟ أنت لا تستطيع أن تراها في حياتك لأنك لم تغذها. كيف تغذيها سريعاً؟ عن طريق أن تملأ قلبك بالكلمة، تجلس أمام الكلمة، وتصلي بلسانك.

كيف نعيش ما تعلمناه؟

كيف نواجه هذا الأمر بما تعلمناه؟ وكيف نفهم أن مجرد إدراكنا لهويتنا، مجرد إدراكنا لطبيعة المملكة التي صرنا موجودين فيها – نحن مقيمون فيها، نحن فقط نتعرف عليها – كيف أن إدراكنا لهذا يجعلنا نعيش مختلفين؟ وكيف نكون فعلاً فوق هذه الأمور؟ وكيف أن هذا أمر فعلي ويمكن تطبيقه، وليس شيئاً خيالياً أو كلاماً روحياً نقوله لكي نهدئ الناس أو لكي نقول: “يا جماعة، معلش، معلش”؟

لدينا مثال واضح جداً في كلمة الله. في العهد القديم، رأينا شعباً مختلفاً يعيش وسط شعوب أخرى، حياته مختلفة، بركاته مختلفة: شعب إسرائيل. لدرجة أنه عندما تكلم بلعام عنهم وقال: هُوَذَا شَعْبٌ يَسْكُنُ وَحْدَهُ، وَبَيْنَ الشُّعُوبِ لاَ يُحْسَبُ” (العدد ٢٣: ٩. هذا شعب مختلف، لا يُحسب مع الناس الآخرين، إنه يعيش حالة خاصة.

عندما نقرأ تثنية ٢٨ عن بركات هذا الشعب، نجد أموراً رهيبة، لدرجة أن الرب قال له: يَجْعَلَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مُسْتَعْلِيًا عَلَى جَمِيعِ قَبَائِلِ الأَرْضِ” تثنية ٢٨: ١. أنت لن تقترض من أحد، بل ستقرض أنت، والشعوب هي التي ستأتي لتقترض منك. ستكون في الارتفاع فقط، ولن تكون في الانحطاط.

لقد رأينا مثالاً لهذا: شعب كان يسير مع الله، يسير بالكلمة، مع أنهم كانوا لا يزالون أطفالاً روحياً، حسب غلاطية ٤. وعاشوا هذا الجو وسط دنيا لم تكن أفضل شيء وقتها. كانت هناك شعوب، وكانت هناك عبادة أوثان، وكانت هناك حروب تقوم ضدهم طوال الوقت. لكن طالما كانوا يسيرون بالكلمة، كان هناك انتصار غير عادي.

وهكذا، انطبق هذا على ما حدث في العهد الجديد، مع استثناء بعض الأمور: أن قوة إبليس قد هُزمت، يسوع هزم إبليس، يسوع قام، الطبيعة الجديدة أخذناها. فنحن أخذنا امتيازات أعلى جداً من التي كانوا فيها. فما المانع أن يعيش الشخص ويطبق هذا الآن، بل ويعيش أفضل من ذلك بكثير؟ أحياناً، ينظر الناس ويقولون: “أصل العهد القديم كانت بركاته مادية، أما العهد الجديد فبركاته روحية”. بركات مادية يعني أن الشخص كان مباركاً في أمواله، ومباركاً في عمله، ومباركاً في زراعته وفي ثمره. لكن البركات الروحية هي أنك أصبحت ابناً لله، وأصبحت مغفور الخطايا.

من قال هذا؟ على أي أساس بُني هذا الكلام؟ في أفسس ١ يقول: ٣ مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ” أفسس ١: ٣. ألا تعلم أن البركات الروحية – كما علمنا القس “رامز” – هي الأكبر والأقوى، وبداخلها توجد البركات المادية؟ نحن نتكلم عن أننا في عالم الروح. هذا العالم المادي أساساً منبعه هو عالم الروح. فإن كنت أنا أقول: “أنا أعطيك الكبير”، فهناك فرق بين أن أقول سأعطي شخصاً غرفة، وبين أن أقول سأعطيه البيت كله. فإن كانوا هم قد أخذوا غرفة في العهد القديم، فتخيل المؤمن المولود من الله في العهد الجديد!

فطبيعي أن هذه الغرفة هي داخل الشقة التي سأعطيها لك، أو داخل العمارة التي أعطاني الرب كل إمكانياتها بالفعل. فالأمور المادية هذه ما هي إلا شيء، لدرجة أن الرب يسوع قال عنها: هذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ” متى ٦: ٣٣. أي أنها “فوق البيعة”، لا تحتاج أن تسأل عنها، لا تحتاج أن تفكر فيها.

فإن بدأت أضع قلبي في هذا المكان، وأبدأ أهدم الأفكار الخاطئة التي تأتي للشخص: “لكن قد حدث لفلان كذا!”. فيأتي إبليس ويهمس: “ما المانع أن يحدث لك؟”. لقد حدث في العهد القديم أن جاء شخص وهدد حزقيا وقال له: “ألم ترَ ما فعلت بالشعوب التي حولك؟ لم يحمهم أحد، وآلهتهم التي يعبدونها لم تستطع أن تحميهم. ما المانع أن يحدث هذا معك؟”. قال له هكذا.

هناك شخص تأتيه الأفكار: “فلان مر بكذا، هل أنت محصن يعني؟”.

“هل ستكون أفضل منه؟ نعم، هل ستكون أفضل من فلانة وأفضل من فلان؟”. إن بدأت أدرك مركزي ومكانتي في مدينة الله، وما هو موجود بداخلها، فلن يحدث لي هذا. وأيضًا، ما هو مقياسي؟ هل أقيس حياتي على الناس، أم أقيس حياتي على كلمة الله؟ كلمة الله تقول ماذا؟ هذا هو ما أضع عليه معياري في كل شيء: في الشفاء، في الراحة، في سد الاحتياجات. ليس أن فلانًا أو فلانة أراه في مكانة روحية معينة، فأضع أن هذا هو معياري. فلو أن هذا الشخص، لأي سبب ما، لم يدرك ما له فلم يأخذه، فخلاص، حياتي توقفت عند هذا الحد، هذا أقصى مستوى لي. أو حتى عندما أنظر إلى الناس في العالم فأجدهم يتأذون،

فأقول: “وأنا؟ هل أنا أفضل منهم؟ يعني، من الممكن أن أُصاب، قد يحدث لي شيء. هل أنا أفضل من الناس؟”. مزمور ٩١ يتكلم عن شيء مختلف، أنه لاَ يُصِيبُكَ” (مزمور ٩١: ١٠)، أنك تنجو من هذه الأشياء، أنك مختلف، لدرجة يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ، وَرِبْوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ.” (مزمور ٩١: ٧). كأنه يتكلم عن شخص مختلف، متفرد، متميز، معزول، يسير في العالم وهو معزول.

أشعر أنه توجد شعرة فاصلة بين هذا وبين أن أتهاون ولا أفعل ما عليّ وأقول: “الرب سيحمي”. بالعكس، إدراكك لهويتك وإدراكك لمكانتك والمكان الذي أنت فيه، يجعلك تجد نفسك تفعل الشيء الصحيح تماماً. وهذه ربما هي طبيعة برنا، عندما ندركها نكتشف أنني أفعل الشيء الصحيح جداً في الوقت الصحيح مع الشخص الصحيح في كل شيء.

نعم، حتى في أقل الأمور، في الأكل والشرب وهذه الأشياء. حتى في أقل الأمور التي قد يبدو أن الناس يتهاونون فيها: “خلاص، ما دام الرب أعطاني صحة، فآكل براحتي وأشرب براحتي”. هذا ليس براً في الأمر، أنت لا تحترم قوانين جسدك.

لكن عندما تأتي هذه الأفكار على ذهن الشخص، غالباً الجملة التي نقولها عندما يتصل رقم غريب على الهاتف، بعد أن نقول “ألو”، غالباً الجملة الثانية هي: “من معي؟”. “من معي؟ من أنت؟”. نعم، “من معي؟ من على الخط؟ من على الطرف الآخر؟ من يتكلم إليّ؟”.

هكذا، اسأل نفسك كل مرة تأتيك فكرة: “ما هو وارد أن يحدث لك كذا”، “ما هو وارد أن تمر بكذا”، “ما هي ضمانتك؟”. أحتاج أن أسأل نفسي: “من يتكلم؟ من معي؟”. كأنني رفعت سماعة الهاتف لأسمع الفكرة. لأن هناك أرواحاً شريرة، إبليس يحاول أن يسحب الناس. نعم، لقد خرجوا من مملكته ودخلوا مملكة الله، ولكن عبر الأفكار، من الممكن أن يعيش الشخص حالة أخرى. هو لم يذهب إلى مملكة إبليس مرة أخرى، لم يترك الرب، ولكنه يعيش جو مملكة إبليس.

في رومية ٨، تكلم الرسول بولس عن هذا، قال إنه الآن يعمل نَامُوسُ رُوحِ الْحَيَاةِ” رومية ٨: ٢. لقد أُعتقنا من ناموس الخطية والموت، خرجنا من الدوائر التي فيها موت وخطية وضعف وفشل. خرجنا، وناموس روح الحياة يعمل. نحن نعمل بمبدأ، بقانون اسمه قانون الحياة، حياة “الزوي” (zoe).

ولكنه أكمل بعدها في رومية ٨ وقال إن الشخص الذي يفكر بطريقة الحواس الخمس، الشخص الذي يضع ذهنه يفكر بالحواس الخمس، هذا يُنتج موتاً في حياته. كيف يُنتج موتاً وهو داخل مملكة الله؟ بسبب طريقة تفكيره. فمن الممكن أن أعيش، رغم أنني داخل مملكة الله، ولكن أعيش جواً آخر ليس لي أساساً، لو أنني أعطيت انتباهي وتفكيري، وفتحت سماعة الهاتف ولم أقل “من معي؟”. أنا أسمع وأستقبل وأكمل مع الأفكار. قد يعيش شخص جواً، يعيش سيناريو، ويجلس يرى نفسه وهو يموت مثلاً، أو تحدث له حادثة، أو يلقي له إبليس حلماً في وقت من الأوقات أنه سيموت بهذه الطريقة البشعة،

وكأنه يمهد للفكرة لكي تُقبل وتصبح جزءاً منه. نعم، تصبح جزءاً منه إلى أن يحدث هذا. وهو لم يقرر، بعد أن استيقظ من النوم، أن يرفض الأمر، بل تعامل معه بعادية وقال: “ما يمكن فعلاً”. هناك أناس يظنون أن الرب يكلمهم بهذه الطريقة. فمن المهم أن أسأل: “من معي؟ من يتكلم إليّ؟”.

عِش بجنسية واحدة

في هذه المملكة، من المهم أن أعيش بجنسية واحدة، لا بجنسيتين. مثل شخص داخل بلد ما، أعيش بجنسية واحدة. أقصد بالجنسية قوانين البلد. لا يصح وأنا في مصر أن أعيش بقوانين أمريكا مثلاً. لا، أنا داخل هذا البلد، فسأحترم وسأعيش بقوانين هذا البلد. وهكذا، داخل مملكة الله، أنا أحتاج أن أعيش بالمبادئ التي قالها الله.

والتي صارت أساساً بداخلي، أي أنني لن أبذل مجهوداً لكي أفعلها، لقد صارت جزءاً مني. لأنني سفير، ليس فقط أنني أعيش في مملكة… أنا لست قاعداً في مملكة على الأرض، بل أنا على الأرض سفير، لكن مملكتي الحقيقية هي مملكة الله. ولذلك، قريباً جداً سينتهي السفر الذي نحن فيه، وسنعبر الأرض بانتصار. قريباً جداً، يسوع آتٍ. قريباً جداً، سنصعد معه وسنترك الأرض. لذلك، نحن لسنا متشبثين بالأرض، لسنا متشبثين بأي شيء فيها.

هناك أناس بعقلية الهروب من الأرض ومن الوجع والمشاكل والظروف، و”خلصنا بقى”. وهناك أناس بعقلية: “لقد انتصرنا، لقد صنعنا لك يا رب في الأرض أموراً عظيمة، جلبنا أناساً، عرَّفنا أناساً على هذه المملكة، أدخلنا أناساً إلى هذه المملكة”.

هناك شخص بعقلية المنتظر بشغف لكي يرى يسوع لأنه أنجز. وهناك شخص بعقلية المتكاسل الذي يعيش مهزوماً، فينتظر السماء لكي تحل له مشاكله. وهو لا يدري، سيتفاجأ الناس أمام يسوع أنه كان لهم هنا على الأرض شفاء، وكان لهم هنا على الأرض بركات، لكنهم لم يستمتعوا بها. ونفس المستوى الذي نحن فيه هنا، سنكون نكمل فيه في السماء. لن نصعد فجأة فأصبح مختلفاً وأفهم كل شيء. لكن الناس تحتاج أن تفهم، ما بدأته هنا، سأكمل به في الأبدية. الناس تعتقد أيضاً أنه: “عندما نذهب إلى السماء، كل شيء سيُحل”.

كل شيء سيُفهم مرة واحدة. وهذا تفكير نبعه أيضاً نابع من الكسل، لأن الشخص يعتقد أنه: “خلاص، عندما يتم هذا، سينهي لي كل شيء”. شخص لا يريد أن يبذل مجهوداً هنا وأن يعرف الرب. ليس مجهوداً أنك ستفعل شيئاً يتعبك، هذه هي حياتك أساساً، هذا هو محور حياتك.

نفسي أن ندخل أكثر وندرس، نبحث هكذا ونفتش عن المبادئ التي داخل المملكة التي من المفترض أن نعيش بها. ما هو شكل الخطوات أو المبادئ فعلاً التي أتحرك بها وأقيس عليها حياتي وأضعها، هل أنا فعلاً أسير بمبادئ المملكة أم لا؟ فلو أنني لا أعرفها، في وقت ما، لن أكون أعرف حتى كيف أسلك بها.

ففي مزمور ٨٧، هذه من ضمن الأمور الرائعة، كانت نبوات عن المملكة التي نحن فيها. الكتاب سماها أورشليم السماوية، سماها صهيون في العهد الجديد. كان يُشار إليها بنبوات في العهد القديم. (وأشجع المشاهدين على متابعة سلسلة “الملكوت الحالي” للقس “رامز”، سيجدون كل هذه الأمور بالتفصيل).

فيقول في مزمور ٨٧ هكذا: ١ أَسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ.” (مزمور ٨٧: ١). أساس الله، أي أن الله وضع مكانه، إذن الله يسكن في هذا المكان، وضع أساساته هناك في الجبال المقدسة، وهو كان يتكلم هنا عن جبل صهيون. ٢ الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ.” (مزمور ٨٧: ٢). أي أن أكثر مكان، وهو يتكلم هنا بلغة نبوية،

أكثر مكان أحبه الرب هو هذه المدينة. وقال “أبواب صهيون”، أي مكان الاجتماع. كانت الأبواب مكاناً يجلس فيه القضاة، مكاناً يجتمع فيه الناس. فالرب يعشق هذا المكان أساساً. لذلك، الاجتماعات، أن تحضر اجتماعك وتكون داخل كنيسة، هذا شيء عشقه الرب. فلا تجلس في البيت وتقول: “سأجلس في البيت وروحي معهم”. طالما الأمر متاح لك وقريب منك، اذهب واحضر، هذا مهم. أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ. ٣ قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ.” (مزمور ٨٧: ٢-٣). هذه هي مدينة الله التي قال عنها عبرانيين ١٢: أَتَيْتُمْ إِلَى مَدِينَةِ اللهِ. فيتكلم عن أمور مجيدة. إذن، لغة الضعف ليست موجودة في هذه المدينة، لغة الخزي والعار ليست موجودة. يقول: قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ. أمور مجيدة. ولا تحيا على أمجاد الماضي، فغداً فيه مجد، وبعده فيه مجد، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ” ٢ كورنثوس ٣: ١٨ كما تتكلم الكلمة.

كأن أول مستوى هو مجد، ليس أول مستوى هو التعب والإنهاك و”تعبت ومش قادر”. كأن هذه هي اللغة. لكن الكتاب يعلمنا أن أول مستوى في المملكة هو مجد، ويومياً هناك ازدياد في المجد. سِلاَهْ.” (مزمور ٨٧: ٣). بدأ يجلس ويتأمل في ما قاله عن المجد الذي في المدينة والمجد الذي قيل عنها. إذن، قيل عن كل واحد فينا أمور مجيدة. فلست محتاجاً أن تخمن: ماذا سيحدث غداً؟ ماذا لو لم يحدث الأمر؟ لا، الكتاب قال إن هناك مجداً.

٤ أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ. هُوَذَا فِلِسْطِينُ وَصُورُ مَعَ كُوشَ. هذَا وُلِدَ هُنَاكَ.” (مزمور ٨٧: ٤). يتكلم عن بلاد حول صهيون، وأن كل بلد عندما يولد فيها شخص، يتم تسجيله.

فيقال: فلان هذا وُلد في هذا المكان. ٥ وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: «هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا»” (مزمور ٨٧: ٥). بالنسبة لصهيون، الرب يتعامل بهذه الطريقة. فيقول: “هذا الإنسان وُلد فيها”. فكأن الرب نفسه، إن كانت البلاد الأخرى تسجل سجل مواليد، فصهيون هذه الرب نفسه مسؤول عنها، لدرجة أنه يقول: “هذا وُلد…”. الرب يشير إلى الناس الذين وُلدوا، على كل واحد مولود من الله، ويقول: “أنا أسجل اسمه، هذا وُلد هنا”. هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا. ٦ الرَّبُّ يَعُدُّ فِي كِتَابَةِ الشُّعُوبِ أَنَّ هذَا وُلِدَ هُنَاكَ.” (مزمور ٨٧: ٥-٦). بالنسبة لصهيون، كأن الرب يجلس ككاتب مخصوص، وكل واحد معروف باسمه: فلان هذا وُلد في صهيون.

فنحن نكتشف أننا لم نأتِ إليها فقط، بل نحن أيضاً وُلدنا فيها. يوم أن وُلدنا من الله، نحن وُلدنا داخل هذه المملكة. الرب نفسه يعرف كل شخص فيها، لا أحد مختفٍ عن الله. “فلان هذا وُلد هناك”، “فلان هذا اسمه مسجل”. ففي سجلات البلد، سنجد اسمه موجوداً، وقيل عنه أمور عظيمة. قبلها قال: قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ. فكل واحد بجانب اسمه مكتوب هكذا:

“سيصنع أموراً عظيمة، هي واحد، اثنان…”. كلما سار شخص في خطة الله، يكتشف الأمور التي رسمها الرب له. ٧ وَمُغَنُّونَ كَعَازِفِينَ. كُلُّ السُّكَّانِ فِيكِ.” (مزمور ٨٧: ٧). يتكلم هنا عن المغنين مع العازفين، كلهم يهتفون. ربما ليست واضحة في الترجمة العربية، لكن في ترجمة “الحياة” أوضح أن كل ينابيع الفرح والسرور هي في هذا المكان. هذا المكان مليء بالفرح، مليء بالسرور.

اقتصاد مملكة السماء

ماذا عن اقتصاد هذه المملكة؟ كيف يسير اقتصادها؟ السفير يحيا باقتصاد بلده. بما أنكِ ذكرتِ سيرة السفير، فهو لا يحيا باقتصاد البلد الذي يذهب إليه، هو يحيا باقتصاد البلد الذي يمثله.

حسناً، فقد تكون البلد التي يذهب ليكون سفيراً فيها تعاني من أمور، هو لا يحتاج أن يعاني، لأن إمداده، مرتبه، الراتب الذي يأخذه، لا يأخذه من البلد التي هو فيها، بل من البلد التي يمثلها، التي جاء منها، التي هي جنسيته، إن جاز التعبير. حتى المكان الذي هو فيه مكتوب باسم البلد الذي جاء باسمها. وحتى المكان الذي أنت جالس فيه، أنت جالس فيه بقانون البلد التي أتيت منها، وليس التي أنت جالس فيها. واو!

بنفس الطريقة، في هذه المملكة، من ناحية… عندما يتكلم الكتاب عنا كسفراء عن هذه المملكة، كلما أدركت هذا… ربما يسمعني شخص ويقول: “لكن هذا لم يحدث في حياتي. أنا لم أذق أنني مبارك مادياً، أو لم أذق أن عملي هو أفضل شيء، أو أنني طُردت من عملي ولا أجد عملاً، أو كلما ذهبت إلى وظيفة أخرج منها”.

فوارد أن يكون هناك شخص يسمعنا يعاني من هذا الأمر. عندما تبدأ تصدق هذه المبادئ وتؤمن بها وتتأمل فيها – أن حياتي مربوطة بالسماء، بالبلد التي أتيت منها، بهذه المدينة، وليست مربوطة بالأرض – فهناك فرق بين المصدر والوسيلة.

هل يكفي مجرد أن أفكر فيها أو أنني عرفت هذا وخلاص؟ لقد كنت تقول نقطة مهمة، أنني “أتأمل فيها”. معلش، اشرح لنا أكثر، يعني كيف أفعلها؟ أو ماذا أفعل؟ يعني، أنا اليوم فكرت: “آه يا رب، أنا أعرف أنك أمين، يا رب، أنت ستجلب لي شيئاً جيداً”، وخلاص كده؟

الأمر ليس كافياً في جزئية: “يا رب، أنا أعرف”، أو “أتمنى أن يرزقني الرب بشيء، أن يجلب لي الرب شيئاً”.

بقدر ما أنا اكتشفت فكر الله من ناحية عملي، لو أنني أريد أن أعمل مثلاً. أن الله يريدني مباركاً في عملي، يريدني ناجحاً في عملي. رأيت فكر الله، ماذا يقول. فأبدأ أصدق ما قرأته من كلمة الله، وأتخيله، وأرسم لنفسي صورة ذهنية لنفسي وأنا في عملي، وأنا أتحرك في العمل. وأن أصل إلى أن أستيقظ مبكراً، قد أكون مثلاً لا أعمل، ولكن أستيقظ مبكراً، محضرًا نفسي كأنني ذاهب إلى العمل، مع أنه لا يوجد عمل على أرض الواقع.

قد يقول شخص: “لكن ألا أكون هكذا أبالغ؟ هل أحلم أكثر من اللازم؟ يعني، ممكن كل هذا يذهب هباءً أو… ليس من الضروري أن أفعل كل هذا”.

الكلمة قالت هكذا: إن الله سيفعل فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا” أفسس ٣: ٢٠. فآخر طموحك وتخيلك، سيفعل أكثر منه. آخر ما يجلبه ذهنك وعقلك. فالموضوع ليس أنني أمني نفسي، لا أضع أحلاماً وأخاف أن تتحول إلى أوهام. لا، هذا إيمان. أنت تبني ما تتخيله أساساً على كلمة الله. هذه الكلمة صادقة، لا يمكن، استحالة، لا يمكن أن تسقط. عفواً، لو سقطت الكلمة، إذن الله قد سقط. هذا الإله يحترم كلمته بطريقة غير عادية. عندما يقول الكتاب إنه: لأَنَّكَ قَدْ عَظَّمْتَ كَلِمَتَكَ عَلَى كُلِّ اسْمِكَ.” (مزمور ١٣٨: ٢). ماذا يعني أن الرب عظم كلمته على اسمه؟ ببساطة، أبسط معنى لها هو أنه وضع نفسه، وضع شخصه، اسمه الذي هو شخصيته، وضع نفسه ملتزماً بكلمته. “لن أكسر كلمتي أبداً”.

كأنه وضع نفسه تحت الكلمة. “عظمت كلماتك”، أنت تكلمت يا رب، فوضعت كلمتك في مقام عالٍ، وأنت نفسك اخترت أن تنزل تحتها، “على كل اسمك”، على كل شخصيتك. فالله مثلاً، مبدأ من ضمن المبادئ، قال إن الإنسان هو الذي سيتحرك في الأرض ويكون له سلطان في الأرض، “لن أتدخل في الأرض بدون أن يسمح لي الإنسان”.

في جنة عدن، عندما خُدعت حواء من الحية، هل كان الله حاضراً في ذلك الموقف؟ هل كان الله يرى ما يحدث أم أنه لم يكن يرى؟ هل تم الموقف من وراء علمه، أو رغماً عنه؟

أنا لا أقول ماذا فعل آدم، قصدي هو: هل كان الموقف بعيداً عن عيني الله؟ وبينما كانت حواء تأخذ من الثمرة، وهي تسمع لكلام الحية، وهي تعطي آدم، هل لم يكن الله يرى؟ بالطبع كان يرى.

فلماذا لم يتحرك؟ لماذا لم يمنع آدم، مع أن ذلك كان سيكلف الله تكلفة كبيرة جداً؟ لأن الله، بسبب محبته، سيكمل مسيرته تجاه الإنسان ليحميه ويفديه، وإن وصل الأمر إلى أنه يموت هو نفسه من أجل الإنسان ويذوق شيئاً لم يذقه من قبل. فلماذا لم يتدخل الله؟ لأنه يحترم كلمته.

يا له من إله أمين! لدرجة أنه لم يتدخل لأنه يحترم كلمته. نعم، كان آدم ناضجاً، لم يكن طفلاً صغيراً. فهناك أناس يشبهون الموقف قائلين: “طب لو أنني وجدت طفلي متجهاً نحو الكهرباء، فسأجري عليه”. لكن آدم كان ناضجاً، لم يكن طفلاً صغيراً. وكان ناضجاً ليس فقط جسدياً، بل كان ناضجاً ويفهم فكر الله وما يجب أن يفعله في الأرض.

لهذا السبب أعطاه الرب التوكيل وقال له: تَسَلَّطُوا… وَأَثْمِرُوا” تكوين ١: ٢٨. لا يمكنك أن تعطي توكيلاً لشخص ليملك وهو لا يملك الإمكانيات والمعرفة، وإلا فأنت تضع رئيساً لا يفهم شيئاً، فيفسد العمل ويفسد مشروعي. لقد كان آدم يفهم تماماً إلى أين وصل. ولذلك، كان الله واقفاً مكتوف الأيدي. هذه هي الصورة الحقيقية، بسبب أنه ملتزم بقانونه ومدى احترامه لكلمته.

وهذا ما يجعلنا إلى يومنا هذا نتكئ على الكلمة ونثق فيها هذه الثقة الشديدة. لماذا نحن بكل قلوبنا مُلقون عليها؟ لأن الله لا يمكن أن يخون كلمته أبداً. وكأنه يخون نفسه لو أنه خان كلمته وفعل شيئاً آخر. وكأنه (وهنا يجب ألا يُساء فهمي) كان سقوط الإنسان نتيجةً لأمانة الله.

قد ينظر شخص إلى الأمر من هذه الزاوية. نعم، ليس هذا هو السبب الحقيقي، لكن قد ينظر شخص من هذه الزاوية ويسأل: “لماذا لم يساعدهم الرب؟”. لأن الله أمين، وهو يحترم كلمته. فكأن الإنسان وقع لأن الله أمين، لقد كان الله أميناً للآخر، للنهاية. قد يبدو من الخارج أن سقوط الإنسان كان بسبب أمانة الله، لكنه كان بسبب انجذاب الإنسان وخداعه. ولكن لماذا لم يتحرك الله؟ بسبب أمانته.

فإن كنت أقول: “لئلا أكون أمني نفسي وأرفع سقف توقعاتي، وفي النهاية تنكسر رقبتي ولا آخذ شيئاً”، فالإيمان هو خطوة جريئة، لكنها مبنية على كلمة الله. فأنا لا أعيش في خيال ليس له أساس، لكنني أبني تأملي وأبني الصور التي أضعها بناءً على كلمة، على أساس موجود. فإياك أن تبني خيالك لمجرد أنها أمنيات.

نعم، أو أنها أحلام يقظة، أو أنني أتمنى هذا وأنا ليس لدي أساس أبني عليه. مثل الشخص الذي… ما أسهل أن يُحارَب في ذلك الوقت، وما أسهل أن يشك كثيراً لأنه ليس لديه أساس، وشيء غير واقف على أساس. وغالباً، هو لا يكون في مرحلة الإيمان، بل يكون في مرحلة الرجاء: “يا رب، يا رب، لتحدث! يا رب، لتأتِ! يا رب…”. هو لم يدخل مرحلة الإيمان التي هي الثقة اليقينية، أنه يسير بها ويعرف أنها منتهية حتى لو لم تكن موجودة على أرض الواقع. تماماً كما أننا نتعامل بمبادئ الإيمان وأحياناً لا نشعر بذلك. مثل الشخص الذي يذهب ليشتري قطعة أرض.

نعم، ويمضي عقداً، وقد يكون استلامها بعد شهر. فيذهب ويدفع المال ويمضي عقداً. لو جئت لتقول له: “أين قطعة الأرض؟”، سيقول لك: “لا أزال سأستلمها”. “وما الذي يضمن لك أنك أخذتها؟”. فيقول: “معي ورقة، معي عقد”. فأنا قد لا أفهم وأقول: “يعني هذه ‘القطعة من الورق’ هي التي تضمنها؟”. نعم، هذه “القطعة من الورق”، التي هي كلمة الله، والتي هي لدى البعض مجرد ورقة أو مجرد حبر على ورق، هي الضمان.

لذلك، ضمان المعجزة هو الكلمة، ليس ضمان المعجزة هو ظهور شيء في العيان. فالذي ينتظر شيئاً ليظهر في العيان، سيصعد ويهبط مع الأعراض؛ تخف الأعراض قليلاً فيبتهج الشخص، وتظهر مرة أخرى فيقلق.

فلو كنت تصعد وتهبط، لو كنت لا تجد نتائج، لو كنت في وقت ما تشك، فأنت تقلع كل البذار التي تزرعها وأنت في الطريق. وستأتي في وقت الحصاد ولن تجد أي شيء تحصده. لذلك، كلما بنيت إيماني على الكلمة، أن أرى ما قالته كلمة الله بخصوص عملي وأبدأ أتخيله مبنياً على الكلمة، وخاصة وأنا أصلي بالروح وأنا أصلي بألسنة وأرسم هذه الصور، فأنا أرى النتيجة ممتلكة بالفعل، لست ذاهباً إليها كأمنية غير موجودة.

وكأنني أشجع الذي يقف في هذا المكان أن يدرس أكثر عن الإيمان ويفهم قلب الله في هذه الجزئية. وهي ليست صعبة.

أنا ربما لست متدرباً عليها. كما قلت، رفع الأثقال ليس صعباً، أنا الذي لست متدرباً عليه. لو ذهبت بضعة أيام إلى صالة الألعاب الرياضية (الجيم)، سأبدأ أتدرب وعضلاتي ستتأقلم. هناك أناس عاشوا حياتهم ولم يدربوا إيمانهم. لم يفكر أن يرد على الأفكار الخاطئة التي ضده، حتى لو لم تكن ضد الله، بل ضده هو. لم يفكر أن يرد على الاتهامات والطعن الموجه إليه كل فترة. لم يفكر أن يرد على شعور صغر النفس الذي يشعر به طوال الوقت.

وبخصوص صالة الألعاب الرياضية، حتى الذي يتعب من المرة الأولى، يقولون له: “تعالَ مرة أخرى، أكمل، أكمل”. وربما بأضعاف ما يفعله، لمجرد أن تتمرن عضلاته، وبعد ذلك يكتشف أن الحياة سلسة جداً. “أنا أعرف كيف أفعلها”، رغم أنني في أول يوم جربت أن أفعل هذا وفقدت كل العزيمة وتعبت.

اقتصاد مملكة الله

اقتصاد هذه المملكة مرتبط أساساً بهذا الإله، مرتبط بالسماء؛ فهذا هو مصدرك. قد تكون وسائل دخل الشخص في صورة معاش، في صورة عمل يأخذ عليه راتباً، في أي صورة كانت، هذه هي الوسيلة. من الممكن أن تنقطع هذه الوسائل نتيجة أي شيء يحدث في البلد. فشخص مثلاً ترك عمله، فوقف راتبه. لكن سيظل المصدر يعمل، وستوجد وسيلة أخرى لأن اقتصاده وذهنه وقلبه مرتبطان بالله، وأنه هو مصدره، وليس لأنه مرتبط بالأرضيات. هذا حقيقي. فليس لأن الوسيلة توقفت… الناس تعتقد: “أنا حياتي واقفة على عملي، حياتي واقفة على هذا الشيء”.

لا، حياتك في الحقيقة واقفة على هذا الإله. لو أنت… حياتك ستقف على عملك لو أنك ربطت نفسك بعملك. فلو أن شخصاً، كما يقول الناس: “قطعوا عيشه”، فينقطع عيشه بالفعل، لا يوجد خبز في البيت، لا يوجد أكل في البيت. لا، أنت لو بدأت تضبط نفسك: “أنا مرتبط بمصدري، والمصدر يعمل طوال الوقت، لن يتوقف”. بطرق معجزية، رأينا إيليا بطرق معجزية في وقت المجاعة يجد ما يأكله ويشربه في وقت كان الأمر فيه صعباً. داود تكلم عن هذا، قال وهو يروي اختباره: أَيْضًا كُنْتُ فَتًى وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا.” (مزمور ٣٧: ٢٥). فقال: “لقد رأيت صلاح هذا الإله وأمانته”.

لكن غالباً، عندما نتكلم عن اقتصاد المملكة، الشخص الذي يسمع يقول: “آه، إذن أنتم من جماعة إنجيل الازدهار! إنجيل الرخاء!”. يذهب ذهن الشخص إلى مكان آخر.

مفهوم “الازدهار” في مملكة الله

ما معنى الازدهار حسب كلمة الله؟ (أشجع المشاهد أن يقرأ المقالات الخاصة بالازدهار ومفهومه الحقيقي). هذه الكلمة هي كلمة كتابية. نعم، ربما ليست مترجمة هكذا في العربية عندنا، لكنها كلمة كتابية. وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلاً نَاجِحًا.” تكوين ٣٩: ٢. كلمة “ناجحاً” في العربية هي في أصلها “مزدهراً”. لاَ تُعَوِّقْنِي وَالرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي.” تكوين ٢٤: ٥٦. هي “الرب قد جعل طريقي مزدهراً”، وليست “ناجحاً” كما نراها في العربية، لكنها تشمل النجاح بداخلها فعلاً. فالازدهار بداخله نجاح، أن يكون الشخص مباركاً في كل طريقه.

لا تدع… أنا أتكلم مع شخص الآن، لا تجعل خوفك من أن تسمع عن البركات التي لك يجعلك تذهب إلى الاتجاه العكسي، فتؤمن بـ “إنجيل الفقر”. أن “الله يريدني فقيراً”، وأن “الفقراء هم أحباب الله”. والكتاب نفسه كان يتكلم أنه فِي حَرْثِ الْفُقَرَاءِ طَعَامٌ كَثِيرٌ” أمثال ١٣: ٢٣. أي حتى الفقير، أرضه مليئة بالغنى بالفعل، ولكن بسبب طريقة تفكيره – وهذه نفس النقطة التي نتحدث عنها – عقليته، يعيش بنفس فكرة العبد، يعيش بنفس فكرة الفقر والتعب والهزيمة، فهو يضع نفسه في هذا المكان.

فحتى لمجرد أنني أتكلم بكلمات إيجابية أو أقول كلمات، لكنني أحتاج أن أربط كل شيء أقوله أو أفكر فيه أو أضع قلبي فيه بكلمة الله: أين هي موجودة في الكلمة؟

ليكون معي دائماً الأساس، معي دائماً، كما كنا نحكي، العقد. العقد الذي أبني عليه امتلاكي لهذا. فأنا لا أتحرك من منطلقات نفسية، أو لأنني أرغب في هذا، أو “يا رب، أمنيات”، لكنني أتحرك بإثبات. نعم، معي إثبات ملكية لكل هذه الأمور. تماماً! واو! مجداً للرب!

فازدهار الشخص… لا يتضايق أحد من كلمة “ازدهار”، لأنها كلمة كتابية. الذي يسعى وراء المال، قال الكتاب إن مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ” (١ تيموثاوس ٦: ١٠. هنا الخطأ. الرب هو محور الحياة، وطبيعي لأن الرب يحبك، سيباركك في حياتك. هذا هو الطبيعي. لا يوجد أب… الأب والأم، منذ قبل أن يكون لديهم أطفال، يخططون.

“نريد أن ندخر له شيئاً. في يوم من الأيام، سيكبر ابننا وسيريد أن يبدأ حياته”. فما بالك بهذا الإله؟ هو الذي وضع في الأب والأم كيف يدخرون لابنهم، وكيف أنه إن كان الأب قد عانى في وقت ما ودخل في فترة عمل كثير لكي يبني نفسه، فهو لا يريد ابنه أن يمر بنفس التعب، بنفس الصراع. “أنا أريد أن أريحه”. فما بالك بهذا الإله تجاه الإنسان؟

عندما يربي شخص قطة أو كلباً، أكيد… هناك شخص يربي قطة أو كلباً ويعيشه أفضل حياة. هذا حقيقي. يحضر له طعامه، وهناك أناس يحضرون له ألعاباً، وهناك أناس يستخرجون جواز سفر لكلابهم. وهو لم يخلق هذا الكلب، لم يخلق هذه القطة.

ولكن، بمجرد أنني أحضرت حيواناً وقررت أن أربيه، أنا رسمت له حياته. فأصبح له مكان ينام فيه، أصبح له وقت للاستحمام، أصبح له وقت للخروج. فتخيل، مع أنني لم أخلق هذا الحيوان، فتخيلوا هذا الإله تجاه الإنسان الذي خلقه! أكيد قد رسم له حياة رائعة، ليست حياة فيها تعب وذل.

فأريد أن أقول، لو أن كلمة “ازدهار” تضايقك، لا تهرب بسببها إلى “إنجيل الفقر”. تماماً مثل الذي يتضايق من الشفاء، فيهرب إلى “إنجيل المرض”. أن “الله يريدنا… يجلب المرض ويسمح بالمرض ويؤدبنا بالمرض، والمرضى هم أكثر الناس قرباً من الله”. ومثلما كنا نتحدث عن البرية منذ قليل، الذي يهرب من “إنجيل المجد والقوة”، يذهب إلى “إنجيل البرية والألم والمعاناة” وأشياء من هذا القبيل. لا، في إنجيل يسوع المسيح، لو فهمت أبعاده، ستكتشف أن الله يريدك مباركاً.

هو لا يريدك غنياً مترفاً وأنانياً تفكر في نفسك. الله ضد هذه الأشياء. لذلك وصف الغني بأنه “غبي”، لأنه كان شخصاً يفكر في نفسه وأنانياً وقال عنه الكتاب: لَيْسَ غَنِيًّا للهِ” لوقا ١٢: ٢١. لكن الله يريد أن يباركك مادياً لكي تبارك أنت آخرين، ولكي يمتد الإنجيل من خلالك.

البعض يستند على ما جاء في أمثال ٣٠. منبعه خوف. ففي أمثال ٣٠ وعدد ٧، يقول شخص اسمه أجور هكذا: ٧ اثْنَتَيْنِ سَأَلْتُ مِنْكَ، فَلاَ تَمْنَعْهُمَا عَنِّي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ: ٨ أَبْعِدْ عَنِّي الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ. لاَ تُعْطِنِي فَقْرًا وَلاَ غِنًى.” فأحياناً، تكون صلوات بعض الناس هكذا: “يا رب، لا تعطني لا فقراً ولا غنى”. أي أنني أعيش بالكاد. “…أَطْعِمْنِي خُبْزَ فَرِيضَتِي” أمثال ٣٠: ٨. أعيش بالكاد، فقط عندي خبزي.

ولماذا لا فقر ولا غنى؟ ٩ لِئَلاَّ أَشْبَعَ وَأَكْفُرَ وَأَقُولَ: «مَنْ هُوَ الرَّبُّ؟»” أمثال ٣٠: ٩. لئلا أتكبر. ولماذا ليس فقراً؟ “…أَوْ لِئَلاَّ أَفْتَقِرَ وَأَسْرِقَ وَأَتَّخِذَ اسْمَ إِلهِي بَاطِلاً.” أمثال ٣٠: ٩. فالناس يستندون على هذه الآيات ويقولون: “آه، إذن لا تطلب لا فقراً ولا غنى”. وهذا صحيح، أنت لا تطلبهما، لأنه في هذه المملكة، كل شيء قد زِيد لك، لا تحتاج أن تطلبه.

لكن يجب ألا ننسى أن أجور، وهو يتكلم، قال أيضاً إنه: لَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ… وَلَمْ أَتَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ” أمثال ٣٠: ٢-٣. فليس معنى أنها ذُكرت في الكلمة أنك تأخذ هذه الصلوات وتبدأ تقولها وتصليها. نحن لدينا صلوات في سفر المزامير لا يصح أن نصليها. هناك صلوات

كانت فيها انتقام، على قدر الاستنارة التي كانت لديهم. أنا لا أصليها اليوم. لا أصلي أن ينتقم الرب من الأعداء. هناك أمور انتهت. في صلوات داود، كان يقول: رُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي” (مزمور ٥١: ١١). نحن عرفنا في العهد الجديد أن الروح القدس يمكث معنا إلى الأبد. فخلاص، لا أحتاج أن أصلي صلاة كهذه. فهناك أمور ذُكرت على قدر الاستنارة لكي نرى مدى استنارتهم وما الذي حدث في العهد الجديد. فليس معنى أنه يطلب هكذا…

أن يصبح الشخص خائفاً من الفقر والغنى. هو في الحقيقة خوفه من نفسه. “أنا خائف من الإنسان العتيق الذي بداخلي”. لو أن شخصاً لا يزال يؤمن بالإنسان العتيق. “لئلا يباركني الرب، فأترك الرب وأبتعد”.

هذا لأنه لم يتعلم عن طبيعة البر، لم يتعلم عن الطبيعة الواحدة التي نراها في كل شيء. كل شيء له طبيعة واحدة، الله له طبيعة واحدة، وهكذا الإنسان صار له طبيعة واحدة، ليست طبيعتين. الشخص يكون خائفاً من نفسه: “لئلا أغتني فأترك الله وأرفس النعمة وأستغني عن الله”، أو “لئلا أفتقر فأبدأ أسرق أو أمشي في طرق خاطئة”. فكرة أنه دائماً “لئلا… لئلا…”، كأنه يسير بلا هوية، بلا دستور، لأنه ليس واثقاً في الكلمة، ليس واثقاً في نفسه. لو كان واثقاً في نفسه وعرف الكلمة… صحيح، الرب هو الذي يعطيني القوة، كما قال لهم، لصنع الثروة. الرب هو الذي يفعل هذا، هو الذي يعطيك القوة لتصنع الثروة. يعطيك القوة، ليس فقط يعطيك مالاً، بل يعطيك أفكاراً، يعطيك خططاً. في سفر إشعياء يقول هكذا: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مُعَلِّمُكَ لِتَنْتَفِعَ” إشعياء ٤٨: ١٧. كلمة “تنتفع” في العربية، هي تأتي في الأصل “لكي تربح”، لكي تعرف كيف تربح، لكي تعرف كيف تضع خططاً صحيحة وتعرف كيف تسير صحيحاً في حياتك.

تعرف كيف تنجح في كل الأمور التي تدخل فيها. فلا تأخذ كلمة “ازدهار” على أنها شيء سلبي. لا، هي شيء رائع. كلمة “ازدهار” معناها، حسب الكلمة وحسب العبرية، “تقدم”، “نجاح مع اندفاع للأمام”. لذلك، عندما قال الرب ليشوع: لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ… تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلاً” يشوع ١: ٨، “تكلم به يا يشوع، اجعله في فمك دائماً، تكلم به”. قال له في النهاية لكي يحدث ماذا؟ لِكَيْ تُفْلِحَ” يشوع ١: ٨، لكي ينجح طريقك. الكلمة تأتي كأنها مثل ماء كثير محبوس خلف سد، وفتحنا السد، فاندفع الماء بقوة رهيبة (gushing). فيقول له إن نجاحك سيكون بطريقة رهيبة. بولس قالها لتيموثاوس، قال له لدرجة أن نجاحك وتقدمك سيكون ملحوظاً من الناس.

الناس ستلاحظ نجاحك وتقدمك. فواحدة من معانيها أنها شيء مندفع بقوة إلى الأمام. معناها “نهايات حسنة”. الشخص يبدأ شيئاً وينهيه حسناً. هذه واحدة من البركات التي لنا، أن تكون مزدهراً في حياتك، أي أنك تبدأ شيئاً وعندما تنهيه، تنهيه بطريقة حسنة.

فهذا اللفظ هو لفظ كتابي، فلا يتضايق أحد لو سمع لفظ “ازدهار” ويربطه بأنه: “أصل هؤلاء إنجيل ازدهار”. لا، الشخص الذي يطلب لنفسه بأنانية، هذا هو الخطأ. هذا هو ما يتكلم عنه الكتاب عندما يقول إن محبة المال هي الأصل. وقال بولس لتيموثاوس: أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ… أَنْ لاَ يَتَّكِلُوا عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى” (١ تيموثاوس ٦: ١٧.

أمواله أصبحت اعتماده، أصبحت عصاه وذراعه وعكازه. هنا الخطأ. نعم، لكن الرب هو الأساس، وطبيعي أن الرب يباركك لكي تبارك أنت آخرين. لدرجة أن بولس قطع هذه العقلية، قال في أفسس: لو أن شخصاً يسرق، ماذا يفعل؟ لاَ يَسْرِقْ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ” أفسس ٤: ٢٨. لماذا؟ ليس فقط ليكفي نفسه، بل قال: لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ.” أفسس ٤: ٢٨. ليصل إلى مرحلة فيض، أنه هو يعطي! هذا الذي كان في يوم من الأيام يسرق! هو لم يصل إلى مرحلة أننا اكتفينا من السلبي وأصبح يسير جيداً، بل وصل إلى مرحلة

فيض، أنه هو يعطي آخرين. الرسول بولس كانت هذه طريقة تفكيره. الرب يسوع عاش على الأرض هنا… (وأشجع الناس أن تعود لمقالة “هل كان يسوع فقيراً؟). بسبب فهم بعض الآيات خطأً أيضاً، مثل لَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ” متى ٨: ٢٠، يعتقد الناس أن الرب يسوع كان فقيراً، أو أنه لم يكن قادراً على دفع دراهم الجزية وهكذا. لا، الرب يسوع لم يعش حياة فقر. طبيعي، الغنى ليس هو الذي يسيطر على عقلك، ليس هو الذي يسيطر على حياتك. أنت تستخدمه. الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هذَا الْعَالَمَ” ١ كورنثوس ٧: ٣١. أنت تستعمل المال، وليس هو يستعملك. إن تحول هو إلى سيد ويستعملك، هنا الخطورة وهنا المشكلة. أنت تبحث عن شيء، لا تبحث عن الله. طبيعي، ابحث عن هذا الإله، اكتشفه أكثر، فيُزاد لك بطريقة تلقائية.

فيسوع هو الغرض وهو الأساس. الرب يسوع لم يعش حياته فقيراً. الرب يسوع كان قد فرّغ أناساً للخدمة، تاركين أسرهم،

تاركين أشغالهم. الذي كان يعمل في جمع الضرائب، ترك وظيفته. كيف سيعيش متى؟ الذي كان صياداً، ترك مهنته، وكان صياداً، ونعرف أنه كانت له حماة وكانت له زوجة، بطرس. يوحنا، وهكذا. فيسوع كان مسؤولاً عنهم وكان يعولهم. خدمة يسوع كانت تتلقى تقدمات. الناس الذين استفادوا من يسوع، يتكلم الكتاب عن نساء كن يعطين تقدمات من أموالهن ليسوع. فيسوع كان مباركاً، وكان ينفق على التلاميذ. كان هناك صندوق، وفي وقت ما كان يُسرَق، لكن

رغم أنه كان يحدث هذا فعلاً، كأنه صندوق مثقوب، وكان يسوع يعرف أن يهوذا يسرق من الصندوق، لكن كان فيه ما يكفي، وكان فيه أيضاً ما يكفي لإعطاء الفقراء. لأننا نفهم عندما قال الرب يسوع ليهوذا: “ما أنت تعمله، فاعمله بأكثر سرعة” في ليلة تسليم الرب يسوع، فخمن التلاميذ وقالوا: “أكيد يقول له اذهب وافعل شيئاً لتساعد به الفقراء”. فكان حتى هذا الصندوق يؤخذ منه للفقراء. الرب يسوع كان يعول بيته، كان يعول أمه، لذلك سلمها في النهاية ليوحنا. فالعقلية بتاعة الفقر لم تكن عند يسوع.

وهكذا كان الرسول بولس بنفس الطريقة. الرسول بولس يعتقد الناس أيضاً أنه كان

شخصاً فقيراً ولا يجد شيئاً. لا، هو كتب لفليمون وقال له: “لو أن أنسيمس أخذ منك شيئاً، أنا بولس، أنا أوفي”. أي “أنا سأدفعها”. وكان عند قدر كلامه، هو لا يقول له كلاماً لكي يهدئه أو كلام مجاملة فيقول له فليمون: “لا، لا تدفع”. لا، بولس يتكلم تحت المسحة كلاماً صادقاً وحقيقياً.

سر الاكتفاء الذاتي

إحدى الآيات الرائعة التي قالها الرسول بولس، وكيف عاش حياته… في فيليبي إصحاح ٤. هذه الآيات غالباً بسبب الترجمة تُفهم خطأً، فيشعر الشخص أن الله يريده أن يمر في فقر وفي أمور صعبة. عدد ١٠ يقول هكذا: ١٠ ثُمَّ إِنِّي فَرِحْتُ بِالرَّبِّ جِدًّا لأَنَّكُمُ الآنَ قَدْ أَزْهَرَ أَيْضًا مَرَّةً اعْتِنَاؤُكُمْ بِي الَّذِي كُنْتُمْ تَعْتَنُونَهُ، وَلكِنْ لَمْ تَكُنْ لَكُمْ فُرْصَةٌ.” (فيليبي ٤: ١٠). كانت كنيسة فيليبي قد أرسلت للرسول بولس لتدعمه، لكن لم تكن لديهم فرصة. ١١ لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ.” (فيليبي ٤: ١١). كان يتكلم معهم عن التقدمات التي قدموها، ويقول لهم: “ليس معنى أنني أقول لكم هذا أنني محتاج يا جماعة”. إذن، بولس لم يكن في وضع احتياج. من هنا أقدر أن أفهم الجزء الذي بعده.

لأن الجزء الذي بعده يُفهم كأن بولس كان يمر في احتياج. لا، هو قال لهم: “أنا لا أقول هذا، ليس معنى كلامي أنني محتاج”. فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ.” (فيليبي ٤: ١١). “مكتفياً” هي كلمة مفتاحية في هذا الشاهد. ١٢ أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضًا أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ. ١٣ أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي. ١٤ غَيْرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ حَسَنًا إِذِ اشْتَرَكْتُمْ فِي ضِيقَتِي. ١٥ وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْفِيلِبِّيُّونَ أَنَّهُ فِي بَدَاءَةِ الإِنْجِيلِ، لَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَكِدُونِيَّةَ، لَمْ تُشَارِكْنِي كَنِيسَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حِسَابِ الْعَطَاءِ وَالأَخْذِ إِلاَّ أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ.” (فيليبي ٤: ١٢-١٥).

إذن، عندما يعطي الشخص للرب، طبيعي… سماها “حساب العطاء والأخذ”. طبيعي أن يُبارَك، هذه حاجة تلقائية، قانون يعمل في المملكة، لا أحد يستطيع أن يوقفه. سأقرأها من ترجمة أخرى لأن هذه الجزئية ليست واضحة، أن بولس يقول: “أنا تعلمت أن أجوع وأن أستفضل، وأنتم شاركتم في ضيقتي”. اللفظ المستخدم هو مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ. في اليونانية، الكلمة هي (autarkēs). هذا اللفظ يعني، عندما تكون بلد مكتفية ذاتياً، لديها ما يكفيها فلا تحتاج لشيء. بولس كان يتكلم بهذه الوضعية. “أنا، بسبب ما اكتشفته، صرت في وضعية اكتفاء ذاتي، لدرجة أنك لو وضعتني في أي موقف، موقف كان فيه جوع، موقف كان فيه شبع، موقف كان فيه ضيق، أنا أعرف، بسبب الاكتفاء الذاتي الذي عندي، أن أكون في وضعية عدم احتياج”. هناك ترجمة تصورها بهذه الصورة الرائعة:

يقول لهم هكذا:

“مهلاً، لئلا تفهموني خطأ” (وهي “لست أقول من جهة احتياج”) ، يقول لهم: “أنا لا أقصد التلميح من أجل الدعم المادي. لقد اكتشفت هويتي، ووجدت أنه مهما كانت الظروف، فأنا مكتفٍ ذاتياً بالكامل”.

يعني بولس يريد أن يقول: “ضعني في أي وضع”. ليس معنى الآية سلبياً أنه كان يمر بأمور صعبة. هو يريد أن يقول: “مهما كان الشيء الذي وُضعت فيه، أنا أعرف كيف أتصرف بسبب الاكتفاء الذي وُضع فيّ. مهما كانت الظروف، أنا مكتفٍ ذاتياً. حياتي لا تتحدد ولا تتعين حسب الظروف، سواء كانت ضيقاً أو وفرة، فيضاً أو مجاعة”.

فبولس كان يتكلم هنا: “أنا اكتشفت سر الحياة المكتفية، فضعني في أي وضع، سأعرف كيف أتصرف”. لذلك قال بعدها: أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ. هو لا يتكلم من وضعية أنه “أنا في ضيقة وفي احتياج”، بل العكس تماماً. لم تكن لدى بولس هذه العقلية. كانت عقليته: “أنا أستطيع. أنا اكتشفت المفتاح، اكتشفت السر. اتضح أن الحياة التي وُضعت فيّ هي حياة كافية جداً لي”.

وهكذا، كلما اكتشفت هذه الأسرار في مملكة الله، تعرف أنك مربوط بالسماء من ناحية البركات المادية. بركتك مرتبطة، وحياتك مرتبطة بما تعطيه،

ليس بما في جيبك أو بما في حسابك في البنك. نعم، البعض يطمئن أنه “أنا سأعيش بالمال الذي عندي في البنك”، “أنا سأعيش بالعقارات التي عندي”، “لأنني أملك كذا”، أو “أنا أعيش بالمحفظة التي في جيبي، فيها كم بطاقة ائتمان أو فيها كم من المال”. في الحقيقة، أنت تعيش بقدر ما تعطيه للرب. لذلك، هناك أناس لا تُبارَك حياتهم لأنهم لا يعطون. هو ينتظر الرب أن يعطيه. هذه هي المبادئ التي هنا، التي نحكي فيها، أننا نزرع مبادئ ونكتشفها ونسلك عليها.

واو لهذا الإدراك! يا ليتنا فعلاً ندرك هذا ونستمتع به، وأن هذا هو ما لنا، ليس مجرد أمانٍ أو شيء نتمناه، لكن هذا هو ما على قلب الله، أن نكون مدركين. وكأنه… نحتاج أن نُذكِّر أنفسنا دائماً: “أنا أعيش في أي مملكة؟ ما هو المكان الذي أنا جالس فيه وأفكر فيه وأتحرك فيه؟”.

يا دكتور، نفسي أن تقودنا في نهاية حلقتنا، أن كل شخص لا يزال في مملكة الظلمة، في مملكة إبليس، ما هو القرار الذي يأخذه اليوم لكي يعرف كيف يدخل هذه المملكة؟ والذي هو موجود بالفعل في مملكة الله ولكنه يعيش بفكر إبليس، بفكر مملكة العبد، والفكر الذي يُلقى عليه ولا يعرف كيف يقف أمامه… نفسي أن نصلي من أجل هذا أيضاً.

صلاة للخروج من مملكة الظلمة

لو أنك تسمعنا، عندما فتح آدم الباب للخطية، كل المنحدرين من آدم، كل الجنس البشري، تلوث بهذه الخطية. دخل الضعف، ودخل المرض، ودخلت الأمور الصعبة. كان لا بد أن يُدخل الله شخصاً جديداً، أن يدخل شخص جديد إلى العالم غير آدم. الله نفسه تجسد ووصل إلى أرضنا لكي يصبح، كما سماه الكتاب، “آدم الأخير”. لقد أسس الله شيئاً آخر مختلفاً. لم يكن من الممكن أن يُصلَح العالم. لقد سيطرت الخطية على الإنسان، ووقع تحت قبضة إبليس، لم يكن من الممكن أن يُصلَح.

مهما فعل الله تجاه أولاد آدم الموجودين، تجاه كل بني آدم، كلهم وارثون وشاربون من خطيته. كان لا بد أن يتم إدخال شخص جديد يفتح شيئاً جديداً. كما فتح آدم فتحة على البشرية، فتح يسوع فتحة على البشرية بطريقة أخرى. إن قبلت يسوع، فأنت تختار أن تخرج من عباءة ورداء آدم، وتدخل لتصبح تابعاً ليسوع.

كما وُلدنا من آدم فجرت علينا كل الأمور التي فيها خطية وضعف والتي أخذناها من آدم، فإن قبلت يسوع، ستسري عليك قوة يسوع، سيسري عليك بر يسوع، ستدخل هذه المملكة الجديدة التي أسسها الله. والله يدعوك لكي تدخلها. لست محتاجاً أن تعيش تعاني في العالم، لست محتاجاً أن تعيش تصارع في العالم. الطريقة سهلة، اربط حياتك به. ابدأ صلِّ معي الآن بصوت مسموع وأنت تصدق أن الله يسمعك وأنت تدعوه: “أنا أريد أن أخرج من مملكة إبليس. كفى حياة فيها دمار، كفى حياة فيها سلب، كفى أن أكون تابعاً لسلالة آدم، أنا أريد أن أكون تابعاً لآدم الأخير”.

قال الكتاب إن آدم الأول كان نفساً حية، وآدم الأخير صار روحاً محيياً، روحاً واهباً للحياة. يمكنك أن تستقبل هذه الحياة، يمكنك أن تدخل هذه المملكة وتذوق ما نتحدث عنه. حتى لو كان هذا بالنسبة لك أحلاماً، فهناك أناس يعيشون هكذا. نعم، هناك أناس يعيشون هكذا. الناس الذين قبلوا ودخلوا هذه المملكة وعرفوا ما لهم في هذه المملكة. أشجعك أن تصلي معي:

يا رب، أنا آتي إليك في اسم يسوع. شكراً لأنني سمعت هذا الكلام اليوم. شكراً لأنك تحبني. أنا لن أبقى بعد الآن في مملكة إبليس، لن أبقى بعد الآن في الظلمة، لن أبقى بعد الآن في عدم المعرفة، لن أبقى بعد الآن في القيود. أنا أقبل الرب يسوع ليكون سيدي وإلهي. أنا أعترف به كمخلص شخصي لحياتي. أنا أصدق أنه مات وقام من أجلي ليعطيني البر، ليستردني ثانية وأصير تابعاً لنسل آدم الجديد، آدم الأخير، وأصير تابعاً للنسل الإلهي الموجود على الأرض. شكراً لأنني مقبول عندك. شكراً لأنك أعطيتني حياتك. أشكرك لأنني استقبلت حياة أبدية. أنا الآن حر. هللويا!”

وأصلي من أجلك أيضاً أنك تدخل إلى عمق أكثر بالروح القدس. ليس فقط أن تأخذ حياة إلهية بداخلك، ليس فقط أن تأخذ طبيعة جديدة وتصبح كائناً جديداً، لكن الروح القدس، روح الله – إذ لا يوجد مكان يسع روح الله – يسكن فيك، يسكن في داخلك، يصير جسدك مسكنه. الآن، باسم يسوع، امتلئ بالروح القدس، تكلم بألسنة أخرى، تكلم بلغة ثانية. الروح القدس أعطاك هذه الإمكانية الآن. قد تجد على شفتيك كلمات غريبة، أخرجها، انطق بها، هذا عمل الروح القدس. هذا هو التكلم بالألسنة. أنت تؤمن أن الروح القدس صار فيك، وتقدر أن تتكلم بلغة أعلى من لغة ذهنك.

أصلي أيضاً من أجل كل شخص يمر بظروف… ربما أرهقتك الظروف، ربما تشعر أن الحياة قد قست عليك، ربما ظُلمت، ربما تُركت من أحبائك. لا تُحبط، لا تجمع حقائبك وتقرر أن تغادر الحياة وتقول: “خلاص، لم يعد لي مكان في الحياة”. الله يحبك. إن كنت مولوداً من الله، فهناك أمل كبير جداً لك، هناك خطة رائعة، والله لم يتخلَّ عن هذه الخطة. حتى لو كان بداخلك سؤال: “لماذا تركني كل هذا الوقت؟”. الله لم يتركك ولا لحظة. أنت تحتاج أن تكتشف طريقته، كيف يتحرك، كيف يجعل حياتك مجيدة، كيف يجعل حياتك رائعة. الآن، لا تسمع لأفكار إبليس، لا تسمع لما يحاول إبليس أن يهمسه في أذنيك. هو يريد أن ينهي حياتك، يسرقها. يسوع وهبك الحياة، لا تضيع هذه الحياة. هللويا!

عِش بكل قلبك له، وستكتشف أن ما رسمه لك هو رائع جداً ومجيد جداً. ستعيش حياة أعلى من الطبيعي لأنك تخص هذا الإله. الأمور الصعبة التي تمر بها، ستنتهي وتخضع باسم يسوع. آمين! آمين! آمين!

 

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

 

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

PNFPB Install PWA using share icon

Install our app using add to home screen in browser. In phone/ipad browser, click on share icon in browser and select add to home screen in ios devices or add to dock in macos