“لأن كل من وُلد من الله يغلب العالم. هذه هي الغلبة التي تغلب العالم. من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله” (1يو4:5-5). إن الإيمان كلمة بسيطة وقليلة الحروف وكن مضمونها مختلف تماما، فقد يمضي الإنسان عمره كله ليفهم المعنى الحقيقي لكلمة الإيمان وليحياها. الكتاب المقدس مملوء بالإيمان من سفر التكوين حتى سفر الرؤيا. فالإيمان يرضى الله ولكن الشيطان يكره الإيمان ويقاومه.
يدعو الله شعبه ليحيا بالإيمان، فعندما يكتشف هذا الشعب طبيعة الإيمان وجوهره ويظهر الإيمان في حياتهم أن يظلوا على حالهم. سينفتح أمامهم عالم جديد، تتعانق السماء والأرض وسيرى الناس الله، قال يسوع “ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله” (يو 4:11).
وقبل أن نكتشف ماهية الإيمان، نحتاج أن نفهم أننا نتحدث عن الإيمان بالله، فنحن لا نتحدث عن الإيمان بأنفسنا أو قدرتنا ولا عن الإيمان بعقولنا أو أرادتنا أو عواطفنا، إننا نتحدث عن الإيمان بالله وبقدرته، ذلك الإيمان الذي يُعد الله نفسه محوره. وعلى الرغم من أن العالم قد يتحدث عن الإيمان إلا أن تعريف العالم للإيمان يختلف تماما عن التعريف الكتابي للإيمان، فبالنسبة للعالم الإيمان ليس إلا إطلاق العنان للإفتراضات مثل “أعتقد أن الجو سيكون رائعا غدا، ولكني لست متأكدا أو أنا متفائل بالمستقبل”، فما يريدون أن يقولوه هو “أرجو أن يسير كل شئ على ما يرام، ولهذا السبب يمكنني أن أكون متفائلا إلى حد ما”. ربما يكون هذا هو مفهوم العالم عن الإيمان، ولكن هذا المفهوم ليس له أي علاقة بالإيمان الكتابي الحقيقي، فالإيمان ليس مجرد التفكير بإيجابية أو محاولة إقناع نفسك بأن الأمور ستتحسن إن أجلا أو عاجلا.
ليكون لك إيمان الله
ما هو الإيمان؟ لنعرف ما هو الإيمان علينا أن نعرف مصدر الإيمان نفسه. الله! فقد قال يسوع لتلاميذه في مر 22:11 “ليكن لكم إيمان بالله”. والتي يمكن أن تترجم أيضا “ليكن لكم إيمان الله”. أو “ليكن لكم الإيمان الذي يمتلكه الله”. فالله هو مصدر الإيمان، وكل إيمان يأتي منه مباشرة، وهو يملك الإيمان ومنه نأخذ إيماننا، وعندما يعمل هذا الإيمان في حياتنا تظهر نتائجه التي لا يمكن تصديقها. إذن ما هو الإيمان، تقول رسالة العبرانيين 1:11 “وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى”. الإيمان ليس إطلاق العنان لإفتراضات أو لأمور غير واثقين فيها.
الإيمان هو الثقة والإيقان
الإيمان ليس مجرد اتجاه متفائل بصفة عامه في شر نتمنى له النجاح. الإيمان هو الإقتناع. الإيمان هو أمرا أنت مقتنع به تماما ولا يمكنك أن تتعداه مهما كانت الأمور من حولك، فقد تكون ظروفك مناقضة تماما لهذا الأمر ولكن الإيمان هو الإيقان بأمور لا تُرى.
فهذا هو الإيمان الذي تحدث عن يسوع في مر 22:11-23. “لأني الحق أقول لكم أن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن أن ما يقوله يكون فمهما قال يكون له. لذلك أقول لكم، كل ما تطلبونه حينما تُصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم”.
ينتج هذا النوع من الإيمان نتائج رائعة، فهو الإيمان الذي لا يتراجع أمام الصعاب التي لا تُقهر ولكن الإيمان يرى ما يمكن أن يفعله الله فهو الإقتتناع والإيقان بالأمور التي لا تُرى وهو الذي يجعل الجبال الضخمة تتحرك، ويدعوه يسوع باسم “إيمان القبل” أي الإيمان الذي يحصل على وعود الله.
تقول رسالة رو 10:10 “لأن القلب يرمن به للبر والفم يعترف به للخلاص”. فهذا الإيمان الذي يملأ قلبك يمنحك حياة أبدية ويغير ظروفك وينقل الجبال لك استجابات الصلاة. فقد تحقق ما قاله يسوع في مت 22:21 “وكل ما تطلبونه في الصلوة مؤمنين تنالونه”. يقول يسوع أن الإيمان الذي يملأ قلوبنا هو الإيمان والثقة وليس مجرد افتراضات واهية، وأن هذا النوع من الإيمان ينال كل ما يطلبه.
والآن إذا كانت هذه هي نتائج الإيمان وإذا كان الشيطان هو عدونا في هذا العالم فمن الطبيعي أن يقاوم الشيطان الإيمان وتعاليمه بضرواة فهو العدو الأول للإيمان وهو يقاوم أي تدخل إلهي في هذا العالم فعندما تحصل على استجابة لصلاتك. يتمجد الله يظهر حضوره في حياتك للآخرين ولهذا يقاوم الشيطان إيمانك لأنه لا يريد أن يظهر حضور الله.
الإيمان يجعل إبليس يهرب
تقول رسالة يع 7:4 “قاوموا إبليس فيهرب منكم”. كيف تقاوم إبليس؟ تقول 1بط 9:5 “قاوموه راسخين في الإيمان”. بمعنى آخر بالإيمان نجعل إبليس يهرب من أمامنا.
تقول رسالة أف 16:6 “حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة”. إذا كان ترس إيمانك يطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة فلا عجب من أن الشرير يريد أن يأخذ منك هذا الترس، فبدون هذا الترس لا تنطفئ سهامه. ولا عجب من أن الشيطان يقاوم ويخيف الناس ويكذب عليهم وهو يحاول أن يمنعهم عن الثبات في الإيمان. فالعدو يعلم جيدا أنه بمجرد أن يصبح الإيمان اقتناعا ثابتا في قلبك فأنه سيهرب من أمامك، ولذا يحاول أن يبعدك عن معرفة هذا الأمر.
إذن الإيمان هو إيمان بالله يملأ القلب، وهو يأتي من الله نفسه. فبدون أن تعرف الله مستحيل أن تؤمن به لأن الإيمان يثق في الله ويعتمد عليه ويتوقع منه كل أمر صالح ولكن إذا لم تعرف كيف يفكر الله وكيف يتصرف لن تعرف ما الذي تتوقع أن تحصل عليه من الله.
تقول رسالة العبرانيين 6:11 “ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه”. الإيمان يُرضى الله، فعندما تأتي إليه يجب أن تؤمن أولا بأنه موجود. قد يبدو هذا أمرا واضحا ولكن الكلمات تتضمن معنى أعمق، فاسم الله هو “اهيه” (خر 14:3) أي “أنا هو” وهو لا يريد أن يعلن لك أنه هو فقط ولكنه أيضا يريد أن يعلن لك من هو.
عندما تعلم من هو الله وشخصيته وصفاته وما يرضيه وما يفعله وما يريده ستكون قادرا على الإقتراب منه بإيمان وبثقة. بأية ثقة؟ بأنه يجازي الذي يطلبونه. فالله يريدنا أن نعلم أننا عندما نأتي إليه سيجازينا وسيستجيب لنا، وهو يريدنا أن نؤمن بأنه سيعيننا وسيقودنا، فالله لا يُسر عندما نأتي إليه بدون أن نتوقع منه أن شئ، وهو لا يُسر عندما نأتي إليه غير واثقين في شخصه ولا في كيفية استجابته لنا. فهو يريدنا أن نأتي بثقة كاملة عالمين من هو وما سيفعله وهذا يحدث نتيجة لشركتنا معه ومعرفتنا له عن قرب.
بالنسبة لكثيرين الله ليس إلا مفهوم مجرد، وهو مهوب جدا لدرجة أنهم لا يجرؤون على الإقتراب منه ولا يحلمون بإزعاجه بمشاكلهم التافهة. ولآخرين يكون الله عظيم جدا، وهو يعطي أوامر، ومنعزل ومرتفع عن الحياة اليومية حتى أن فكرة أن يأتوا إليه بهمومهم اليومية تُعد فكرة غريبة جدا.
وعادة ما كان الله يوصف بأنه شخص لا يمكن فهمه حتى يبدو أن فهم أفكاره وإرادته أمرا مستحيلا. وقد وصفت المعتقدات الدينية الله بطريقة تحجب طبيعته وإرادته بالكامل. وعلى أية حال فهذه ليست صورة الله الحقيقية فهو أبونا ويمكننا الإقتراب منه وقد أظهرت لنا إرادته.
الله أب صالح
تقول رسالة عب 16:4 “فلنتقدم إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه”. يريدك الله أن تأتي إليه بثقة لتحصل على كل ما تحتاجه من معونة.
حاول الشيطان أن يعطي الناس صورة خاطئة عن الله، فجعل الله شبيها بأحد الأشباح يضرب كل شر أمامه بجنون، أو شبيها برجل الشرطة الذي عادة ما يكون في حالة مزاجية سيئة. يقمع كل الذين يتجرأون على رفع رؤوسهم في وجهه ويُخضعهم للقوانين التي يفرضها عليها.
تشوهت علاقتنا بالله لتصبح أقرب للوقوف في المحكمة عن قضاء وقت مع شخص قريب لنا، فنحن لا نقف أمامه إلا عندما تؤنبنا ضمائرنا وعندما نشعر بصغر النفس والبؤس، ونحن نقف أمامه فنعترف بخطايانا ونقبل منه الغفران ثم نتنفس الصعداء ونهرب بسرعة من محضره حتى نتخلص من شعورنا بعدم الراحة.
لكن الله هو أبونا السماوي وهو يريدنا أن ندخل في شركة معه، فهو يريد أن يُظهر لنا حبه ويُعلمنه ويقودنا ويرشدنا ويستخدمنا بطرق مختلفة ولكنه لا يستطيع أن يفعل هذا إذا كانت تلك هي الصورة التي أخذناها عنه والتي يخيفنا منه.
يعلم الشيطان هذه الحقيقة جيدا ولهذا السبب يحاول أن يجعلنا نلقي باللوم على الله من أجل كل أمر سيء يحدث في حياتنا، ويحاول أن يملأنا بالمرارة تجاهة وبالطبع يحاول جاهدا أن يجعلنا نتوقف عن شركتنا معه بالكامل.
إذا القيت باللوم على أليك من أجل كل ما يحدث ك في حين أن أباك هذا ليس بمسئول فستجد أن هناك مشاكل في علاقتك معه، ولن تستطيع أن تأتي إليه بإيمان وتتوقع منه أن يسمعك. وهذا هو هدف إبليس، فهو يريد أن يدمر شركتك مع الله ويمنع قوة الله من أن تسري فيك ومنك للآخرين. ولهذا السبب عليك أن تعرف أباك جيدا.
تقول رسالة يع 13:1-17 “يا يقل أحد إذا جُرب إني أجُرب من قبل الله. لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحدا. ولكن كل واحد يُجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتا. لا تضلوا يا إخوتي الأحباء، كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند ألي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران”.
ما الذي يقوله لنا الروح القدس؟ يقول الروح القدس ألا نخطئ أو ننخدع، فعلينا أن نعلم ما يأتي من الله وما لا يأتي منه. فكل عطية صالحة وكل موهبة تامة تأتي من الله. فإذا كانت غير صالحة وغير تامة، إذن فهي لم تأت من الله. فالله لا يتغير. “فالله نور وليس فيه ظلمة البتة” (1يو 5:1). هو صالح وكل ما هو صالح يأتي منه.
قال يسوع في يو 10:10 “السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك. وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”. هذه هي طبيعة الله. فهو يطينا الأفضل فخططه وإرادته لنا هي أفضل شئ.
فإذا أردت تعرف ماذا يشبه الله وأن تفهم إرادته، انظر ليسوع، ولا تنظر إلى جزء منعزل من الكتاب المقدس في العهد القديم ولكن انظر ليسوع. يعلن يسوع إرادة الله لنا. يخبرنا عب 3:1 أن يسوع “بهاء مجد الله رسم جوهره”. وتقول عب 7:10 “هأنذا أجئ في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله”.
الكلمة والروح يعلنا إرادة الله
كان يسوع رسم جوهر الله وأتى ليفعل إرادة الله. فما يقول يسوع هو ما يقول الأب. وما يفعله هو ما يفعله الله. لم يكن يسوع خارج إرادة الله أبدا. فما كان يقوله وما كان يفعله هو ما أراد الله أن يقوله ويفعله. في يو 19:5 يقول يسوع “لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الأب يعمل. لأن مهما عمل ذال فهذا يعمله الابن كذلك”. تبع البن الأب وفعل ما كان يفعل الله الأب.
يسوع هو الكلمة والله يعلن عن نفسه في الكلمة. فالكلمة ليست هي الله ولكن الله أوحي بها، وهي إعلان إلهي عن إرادته. فالكتاب المقدس هو ميثاق الله أو بمعنى أخر هو إرادته التامة وكاملة لنا. فقد ملأ الله الكتاب المقدس بالوجود ليعلمنا طبيعته وإرادته. فهو لم يحجب إرادته عنا ولكنه أعلنها لنا.
تخبرنا الرسالة الأولى إلى كورنثوس 9:2-10،12 أن الله أعد أشياء خاصة لهؤلاء الذين يحبونه وأنه أعلن لنا هذه الأشياء بروحه ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله.
الله غير مختبئ وهو لا يريدنا أن نرتبك كلما حدث شئ ونظل نتساءل ما إذا كان هذا الأمر إرادته أم لا. فقد أعلن الله عن نفسه وعن إرادته لنا حتى نشعر بالأمان والراحة فيه ونحن نرى خططه تتحقق في حياتنا.
كيف أظهر لنا الله نفسه؟ بروحه ومن خلال كلمته. فكلمة الله هي إعلان إرادته. فالله أعظم من الكتاب المقدس، ولكنه متسق اتساقا كاملا مع الكتاب المقدس. فهو لا يقول شيئا في الكتاب المقدس ثم يفعل نقيضه. فقد الزم الله نفسه بكلمة ميثاقه ووعد بأن يفعل ما قاله. ولهذا السبب علينا إلا نلق باللوم على الله في كل شئ. ولكن علينا أن نكتشف ما قاله وما وعد به فعلا. فعلينا أن نميز ما يأتي من الله وما لا يأتي منه حتى نستطيع أن نقبل ما يأتي منه، وبالإيمان نقاوم راسخين في الإيمان ما لا يأتي منه.
لهذا قال يعقوب في رسالته “لا تضلون يا إخواتي الأحباء. كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران” (يع 16:1-17). الله إله صالح وقد أعلن عن إرادته الصالحة لك لأنه يحبك. فكلمته هي إرادته، وهو يريدك أن تؤمن به وأن تتوقع منه كل عطية صالحة متيقنا أن كل ما قاله هو حق وكل ما وعد به سيحدث.
الله نفسه مملوء بالإيمان، وهو لا يطلب منا مجرد امتلاك الإيمان ولكنه هو أيضا يمتلك الإيمان. فمنذ زمن بعيد وضع خطة الكون وأمن بأنه سيأتي إلى الوجود، فقد خطط له ولهج به حتى امتلأ قلبه بالإيمان. وبعدما امتلأ قلبه تكلم لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان. عندما تحدث الله انطلق قوة خالقة، فهذا هو ما رآه في قلبه. فقد آمن بهذه الأمور قبل أن يراها وقبل أن تظهر من خلال القوة الموجودة في كلمته. وبسبب إيمانه ظهر العالم، كلا من العالم المرئي وغير المرئي. ومنح الله نفس هذا الإيمان القادر على إتمام الأمور العظيمة لكل مؤمن.
الله أعطاك إيمانه كيف وكما؟
تقول رسالة رو 3:12 أن الله “قسّم لكل واحد مقدارا من الإيمان”. الإيمان يأتي من الله. فهو ينبع من أصل إنساني ولكنه خارق للطبيعة. فهو جزء من طبيعة الله يطلق عليه الإيمان الذي يملأ القبل. وهذا الإيمان يأتي من الله نفسه وقد أعطاه الله لكل مؤمن. عندما نولد الولادة الثانية يأتي روح الله ليخلقك من جديد وليسكن فيك ويموت الإيمان العتيق ويخلق إنسانا جديدا وتصبح خليقة جديدة في المسيح (2كو 17:5).
يقول الكتاب المقدس أنك مثل الله، فأنت تتكون من ثلاثة أجزاء. فقد خلقك الله على صورته، فأنت روح ونفس وجسد (1تس 23:5). وفي بعض الأحيان يشير الكتاب المقدس إلى روحك بكلمة قلبك، ولهذا فعندما تولد مرة أخرى يقبل قلبا جديدا. ويُخلق في داخلك إنسانا جديدا وتصبح روحك جديدة.
يضع الله في روحك أو في قلبك مقدار من الإيمان، وهو لا يضع هذا المقدار في عقلك ولكنه يضعه في قلبك. وقد قبلت هذا الإيمان مع الروح القدس في الميلاد الثاني. وفي 2كو 13:4 يُطلق على الروح القدس اسم روح الإيمان. ما هو مقدار الإيمان الذي أعطاه الله لك؟ يمكننا أن نلقي نظرة على الإيمان من ناحية الكل ومن ناحية الكيف.
تقول الرسالة الأول إلى كورنثوس 13:10 “لم تصيبكم تجربة إلا بشرية. ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة أيضا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا”. يقول بولس الرسول أنك لن تجرب أو تحارب فوق قدرتك على المقاومة. وما هي قدرتك؟ لا نستطيع أن نفعل شيئا بأنفسنا ولكن “كل شئ مستطاع للمؤمن” (مر 23:9). فالإيمان الذي أعطاك إياه الله هو قدرتك. وقد قبلت مقدارا من الإيمان الذي له القدرة على فعل كل شئ. ولهذا السبب تقول 1 يوحنا 4:5 “لأن كل من وُلد من الله يغلب العالم”.
وهذه هي طبيعة الإيمان، إذ أنه ليس اختراعا بشريا ولكنه ذا طبيعة إلهية وإعجازية فهذا الإيمان يمكنه فعل أي شئ عندما تطلق له العنان. وعلى الرغم من أن هذا الإيمان قد يكون صغيرا مثل حبة الخردل التي هي أصغر كل البذور إلا أن له القدرة على فعل المستحيل. لماذا؟ لأنه يأتي من الله “لأنه ليس شئ غير ممكن لدي الله” (لو 37:1).
في متى 20:17 يقول يسوع “لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شئ غير ممكن لديكم”. هذا ما قاله يسوع لتلاميذه فيما يتعلق بالإيمان قبل أن يولدوا من فوق وقبل أن يأتي الروح القدس. ولكن الآن قد وُلدنا مرة أخرى وقبلنا الروح القدس، فأنت لم تُعط روح القه فقط الذي هو روح الإيمان ولكن الله أعطاك أيضا مقدارا من إيمانه. إيمان القلب الذي يثمر بثمار روحية رائعة.
نعم حتى لو كان الإيمان صغيرا مثل حبة الخردل إلا أنه قادرا على نقل الجبال ولهذا لا تحتاج إلى قياس إيمانك أو إيمان الآخرين. فكل ما تحتاج إلى معرفته هو أنك كمؤمن لك إيمان، ومقدار الإيمان الذي قبلته هو مقدارا كافيا لفعل أي شئ ولهذا فكل ما تحتاجه الآن هو أن تجعل هذا المقدار يعمل.
يريد الشيطان أن شوه ما تسمعه عن الإيمان ويأتي بالإدانة إلى حياتك. فهو يود أن يخبرك بأنك لا تمتلك أي إيمان ولهذا لا يستطيع الله أي يسمعك أو يجيب صلوتك. هذه كذبة. فإذا كنت مؤمنا ووُلدت من فوق فأنت تمتلك إيمانا. فكل مؤمن قبل مقدارا من الإيمان. ربما لا يكون دائما إيمانا تشيطا وفعالا ولكنه موجود. فبصفتك مؤمنا أنت تملك إيمانا.
يتسم الإيمان بالإيجابية عندما تعرف إرادة الله
عندما كتب بولس إلى الكنائس المختلفة، لم يُصل أبدا لكي يحصلوا على إيمان، ولكنه شكر الله لأنهم كانوا مؤمنين ويمتلكوا قدرا من الإيمان. فقد صلى لكي يقبلوا مقدارا من المعرفة كما في أف 15:1-19. لماذا؟ لأنه علم أن الإيمان لن يكون فعالا إلا بمعرفة إرادة الله. فيعمل الإيمان فقط حينما تُعلن إرادة الله. وفي فليمون 6 يصلي بولس هذه الصلاة “لكي تكون شركة إيمانك فعالة في معرفة كل الصلاح الذي فيكم لأجل المسيح يسوع.
لم يصل بولس لفليمون لكي يحصل على إيمان. إنما يخبره بأنه يمتلك إيمانا بالفعل. لماذا؟ لأن الله أعطى لكل شخص مقدارا من الإيمان. وعلى أي حال يمكن لهذا الإيمان أن يكون إيجابيا أو سلبيا، ويمكن أن يكون فعالا أو غير فعال. ولهذا يصلي بولس لكن يكون فعالا. وكيف يصبح الإيمان فعالا؟ بالمعرفة بالكلمة.
ولهذا السبب يصلي بولس في أف 17:1-19 للمؤمنين لكي يقبلوا “روح الحكمة والإعلان في معرفة”. معرفة من؟ الله! أبو المجد، وبمعرفة ماذا؟ “كل الصلاح الذي فيكم لأجل المسيح يسوع”. فليمون 6 سيكون إيمانك فعالا عندما تدرك مقدار الأمور الصالحة التي لك في المسيح. ما الذي يأتي بهذا الإدراك؟ معرفة كلمة الله.
في رومية 3:12 يتحدث بولس عن مقدار الإيمان ويمكن أن يقارن مقدار الإيمان بحبة الخردل. عندما تجعل إيمانك إيجابيا فأنت تأخذ من الإيمان الذي أعطاك إياه الله وتبذره في أي من المجالات المختلفة التي تتوافق مع احتياجات حياتك وظروفك المختلفة. وحتما ستحصد ما زرعته، والحصاد سيكون أعظم مما بدرته. وبهذه الطريقة سيزداد إيمانك. فما يبدو صغيرا جدا وبلا ثمر في البداية سيصبح تدريجيا أكثر فعالية. ولكن تذكر أنه على الرغم من أن الله قد أعطاك البذار فأنت تتحمل مسئولية بذرها واستخدامها.
سيصبح إيمانك إيجابيا وفعالا عندما تستخدمه. على الرغم من أن هذا الإيمان قد يبدو صغيرا أمام الظروف، مقارنة بالجبال والصعوبات الموجودة في حياتك فقد وعدك يسوع أن هذا الإيمان سينتج عنه نتائج رائعة. ومهما بدأ الإيمان صغيرا، فإنه يعتمد دائما على الله. والله أعظم من أي ظرف وكل ظرف يمكن أن تواجهه.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.