لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
(العظة مكتوبة)
ذهن المسيح – الجزء 7
- ما هي الفطنة؟
- كيف ينتقل الشخص من مرحلة الفكر إلى الفطنة؟
- التأمل نتيجة الضغط.
- التأمل بهدوء.
- خطوات الانتقال من مرحلة الفطنة إلى التكلم (الأفعال) وصناعة القرار.
- الحق الكتابي أعلى من العلم.
- كيف تخرج من مرحلة الطفولة؟
- افحص الأفكار قبل أن تعتنقها.
- ما تفكر فيه سيتبعك.
- ما هي الفطنة:
“«لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟» وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ” (١ كورنثوس ٢: ١٦)
ذهن المسيح الذي هو فكر الله الموضوع في أرواحنا وأفكارنا وكياننا الداخلي.
“لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ.” (١ كورنثوس ١٣: ١١)
“أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ” أي أبطلت التسلسل الخطأ، فالترتيب الصحيح هو: أن يفكر ثم يفطن ثم يتكلم.
كلمة يفطن لا تعني أنه لديه فطنة أو ذكاء، بل تولد لديه رأي وفكر وبدأ يتكون له شخصية مرتبطة بمبادئ نتجت عن أفكار.
يوجد فرق بين البيانات والمعلومات، فأنت تجمع بيانات لتحصل على معلومة في النهاية لتتحرك وتأخذ قرارًا على أساسها، يوجد أشخاص أخذت الكلمة وجعلتها بيانات فقط ولم تتحول في داخلهم لمعلومات، فالمعلومات هي المرحلة التي يبدأ فيها الشخص بتطبيق عملي في حياته بناءً على هذه البيانات، هنا تتحول البيانات إلى معلومات وأمور حياتية ملموسة.
كلمة الذهن في اللغة اليونانية “nooce”، هي كلمة مجردة من المشاعر، هي حالة تفكيرية ليس لها علاقة بالإحساس مثل ١+١=٢ هذه بيانات لا تتغيير سواء كنت تشعر بها أم لا.
لذلك إن قالت الكلمة شيئًا فهو يكون هكذا وصحة الكلمة ليس لها علاقة إن كنت اختبرتها أم لا، حتى وإن لم يختبرها أحد في كل الأرض، مثل الاختطاف لم يراه أحد فيعتقد بعض الناس أنه لا يوجد اختطاف بالرغم أن الكتاب المقدس تكلم عنه، ولكن يمكن أن نرى المعجزة التي فعلها موسى عندما شق البحر ولم يكن أحد قد فعلها قبله، لذلك إن كان شيئًا لم يختبره أحد هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يُختبَر.
هناك من لا يؤمن بوجود فرح حقيقي؛ ومَن يعتقدوا أنه لا يوجد أشخاص أمناء بسبب إنخداعهم في أشخاص آخرين فيشككوا في مَن يعيش بالكلمة، لذلك لا تقس على مشاعرك لكن قِس بحسب ما تقوله الكلمة.
“أَفْطَنُ” في اللغة اليونانية ” phroneō” وتعني تكوين الرأي، وأن أفكار الذهن بدأت تتضِح وبدأ الذهن يكوِن رأي وخبرة من الكلمة ليست مبنية على المشاعر، لكن يبدأ ينحاز مع الفكرة ويأخذ قراره، إذًا الفطنة هي حالة ضبط الذهن وأخذ قرار.
عند سماع كلمات معينة يأتي في ذهنك خبرة عن هذا الشيء، مثال: إن قال أحد كلمة “بحر” ما الذي يأتي على ذهنك، قد يكون لديك خبرة إيجابية أو سلبية فتطفو على سطح عقلك عند سماع هذه الكلمة، هذا هو تكوين الرأي تجاه شيء معين وإن كنت تريد تعديل هذا الرأي يجب أن يأتي شخص آخر يعطيك أفكار أخرى فيتولد لديك فطنة أخرى؛ أي رأي آخر مختلف. هكذا تتحول البيانات إلى معلومات وعلى أساسها تأخذ قرارات.
يوجد أشخاص لديهم أفكار خاطئة حول الصلاة بسبب أنهم صلوا من قبل ولم يجدوا نتائج، والحل أن يعرفوا ما هي الصلاة من خلال كلمة الله وتصل إليهم الأفكار الصحيحة إلى أن يتشجعوا للصلاة مرة أخرى بعد أن عرفوا القوانين.
- كيف ينتقل الشخص من مرحلة الفكر إلى الفطنة؟
التأمل هو أكثر شيء يساعدك أن تحول البيانات إلى معلومات، عندما تأخذ الحق الكتابي وتفكر وتتأمل به يتحول إلى معلومات ويتم ظبط ذهنك عليه.
“١ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ خَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الْبَيْتِ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبَحْرِ، ٢ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَلَ السَّفِينَةَ وَجَلَسَ. وَالْجَمْعُ كُلُّهُ وَقَفَ عَلَى الشَّاطِئِ. ٣ فَكَلَّمَهُمْ كَثِيرًا بِأَمْثَال قَائِلاً: «هُوَذَا الزَّارِعُ قَدْ خَرَجَ لِيَزْرَعَ، ٤ وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ الطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ. ٥ وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. ٦ وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ. ٧ وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. ٨ وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ. ٩ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ» ١٠ فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال؟» ١١ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ” (متى ١٣: ١-١١)
“١٠ وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ، ١١ فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، ١٢ لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ». ١٣ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَمَا تَعْلَمُونَ هذَا الْمَثَلَ؟ فَكَيْفَ تَعْرِفُونَ جَمِيعَ الأَمْثَالِ؟ ١٤ اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ الْكَلِمَةَ. ١٥ وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ: حَيْثُ تُزْرَعُ الْكَلِمَةُ، وَحِينَمَا يَسْمَعُونَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِلْوَقْتِ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ الْمَزْرُوعَةَ فِي قُلُوبِهِمْ. ١٦ وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، ١٧ وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ. ١٨ وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، ١٩ وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ. ٢٠ وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ: الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا، وَيُثْمِرُونَ: وَاحِدٌ ثَلاَثِينَ وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ مِئَةً». ٢١ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى الْمَنَارَةِ؟ ٢٢ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ. ٢٣ إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ» ٢٤ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا (انتبهوا) مَا تَسْمَعُونَ! بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ. ٢٥ لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ».” (مرقس ٤: ١٠-٢٥)
“١٠ وَلَمَّا كَانَ وَحْدَهُ سَأَلَهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ عَنِ الْمَثَلِ” قال الرب يسوع هذا المثل وانتهى من الكلام ولكن يوجد مجموعة من الأشخاص جاءت لتسأل وتفهم مع التلاميذ.
“١١ فَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ“ عند قرأة هذه الآية قد تعتقد أن الرب يعطي هبة لأشخاص معينيين، لكن في ترجمات أخرى توضح أن الرب كان يقول لهؤلاء الأشخاص اللذين جاءوا ليسألوا هم مَن يُعطى لهم الأسرار، فالروح القدس يتحرك بحسب شغف الشخص واشتياقه. تعبُر الكلمة على أي شخص كبيانات وإن لم يأخذها ويتأمل بها ستبقى بيانات.
“١٧ وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ” بعد قبولك الكلمة يضطهدك إبليس أي يطاردك لينزعها منك، فهو لا يريدك أن تصدق ما لك في المسيح.
“ ٢٤ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا (انتبهوا) مَا تَسْمَعُونَ!”، كلمة “انْظُرُوا” تعني ركزوا وانتبهوا والتفتوا، تعني أن الشخص يميز ويقدر ويركز في الشيء، يمتلك ويستقبله ببصره ولا يلتفت لشيء آخر.
“٢٥ لأَنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ” أي مَن ليس له انتباه وتركيز ستؤخذ منه الكلمة، يريد أن يشرح لهم يسوع هذا المبدأ: “انتباهك هو تأملك هو ما ستنسحب فيه ويؤصِل الكلمة بداخلك، وعندما تأتي ظروف الحياة لا تنتزَع الكلمة منك بل تستطيع أن تثمر”. أعطى الرب يسوع سرًا لكي تكون أرض جيدة وهو أن تتأمل وتمتلىء بالكلمة ولا تملىء أرضك بأفكار العالم، ولا تتأمل في الأمور السلبية التي في العالم.
الأرض المحجرة: يكون شخص سطحي جدًا لا يريد شيء من الكلمة، لا يسمح بدخول الكلمة إلى قلبه، ويسمح بل لأي فكرة أخرى تدخل إلى قلبه.
التأمل هو الاهتمام بالبيانات لتحويلها لمعلومات، يبدأ الشخص بالسماح للكلمة في ذهنه ويعطيها من قوة تفكيره وانتباهه فيصل لمرحلة أن تصير هذه الأفكار طريقة تفكيره ويقتنع بها.
- التأمل نتيجة الضغط:
يوجد نوع من التأمل وهو أن يعبُر الشخص بضغط فيضطر إلى التأمل في الكلمة، هذا ليس خطأ لكن يوجد نوع أفضل.
“وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ (متأمل) فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (متى ١: ٢٠)
كلمة “مُتَفَكِّرٌ” هنا تعني أنه متأمل بصورة بها ارتباك وضيق، هذا الموقف بالنسبة إلى يوسف لم يكن سهلًا اجتماعيًا، فبحسب الأعراف اليهودية كان مدة الخطوبة سنة ثم الزواج وبعد الزواج لا يدخلوا في علاقة زوجية لمدة سنة لإثبات أن هذا لم يكن هدف الزواج، فلم يكن أمر مريم سهلًا عليه.
“ وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا، قَالَ لَهُ الرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَال يَطْلُبُونَكَ” (أعمال الرسل ١٠: ١٩)
متفكر هنا تعني شخص يتأمل ويعتبر شيء ويركز به، يضع مشاعره في الأمر ويوحد أفكاره ويجمع كل قواه الفكرية، يفعل هذا بصورة بها غيظ ومضايقة.
من مشتقات كلمة متفكر هي كلمة غضب التي ذُكِرت في هذا الشاهد: “ وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ، وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ، فَسَخَطٌ وَغَضَبٌ،” (رومية ٢: ٨)، وأيضًا كلمة غضب هنا تساوي كلمة ذبح التي ذُكِرت في هذا الشاهد: “ وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ».” (أعمال الرسل ١٠: ١٣)، إذًا من مشتقات كلمة متفكر هي حالة الغضب والذبح، فيوجد أشخاص تلجأ للتأمل في الكلمة نتيجة غضب، قد يكون غضب وثورة على حالتهم وهذا يأتي بنتائج جيدة لكنها ليست بنفس قوة التأمل في الكلمة بهدوء.
- التأمل بهدوء:
“اهْتَمَّ (تأمل) بِهذَا. كُنْ فِيهِ، لِكَيْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا فِي كُلِّ شَيْءٍ” (١ تيموثاوس ٤: ١٥)
“اهْتَمَّ” أي ضع نفسك به لكي يظهر التطور في حياتك في كل شيء، فبالتأمل تتحول الأمور الروحية إلى أمور مادية والعكس صحيح.
اهتم هنا في اليونانية “ meletao” هي حالة من التركيز العمدي التي بها يفصل الشخص تفكيره ويبدأ يتعامل مع الأمر بصورة هادئة دون اضطراب أو ضغط، يوجد أشخاص تتأمل تحت ضغط الظروف فيكون ما يتأملون به غير ثابت.
في موقف بطرس، بعدما كرز لكرنيليوس كان من المفترض أن يكرز للأمم ويفهم أن هذه معلومة ليكرز للأمم ويتوسع بهذا، لكن تأمله كان قاصرًا على الكرازة لكرنيليوس فقط وجاء نتيجة ضغط. أما بولس الرسول فكان يتأمل بهدوء في الكلمة فانفتح على فكرة أنه من حق الأمم قبول يسوع، هذه هي ميزة التأمل الهادئ دون أسباب قهرية.
التأمل الصحيح هو أن تستلم الأمر وتفكر به في هدوء، بولس الرسول كان يفكر أنه إن كان يسوع مات من أجل الجميع إذًا فهو لم يمت من أجل اليهود فقط بل لأجل الأمم أيضًا، هذا التأمل الذي يقود الشخص لخلاصة قوية.
“فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا” (لوقا ٢١: ١٤)
يحذر الرب يسوع التلاميذ من أن لا يتأملوا تأمل مُسبق في الأمر؛ يحذرك أيضًا الروح القدس وأنت مقبل على ظروف الحياة والتحديات أن لا تتأمل مسبقًا تأمل به حذر وخوف، لا تضع طاقتك في تأمل مثل هذا.
- خطوات الانتقال من مرحلة الفطنة إلى التكلم (الأفعال) وصناعة القرار:
- التفكير والمناقشة الداخلية:
“١ مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ ٢ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. ٣ تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. ٤ أَيُّهَا الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا للهِ” (يعقوب ٤: ١-٤)
“فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ” أراد في اليونانية “boulomai”، تعني أن الشخص يعمل مناقشة تحليلية إلى أن يصل لاستقرار داخلي مريح ويرى أن ما وصل إليه هو الصحيح، هذا التحليل يؤثر على الشخص في اتخاذ القرار سواء كان صحيحًا أم خطأً.
يوجد أشخاص يعتقدون أنهم إن ارتاحوا داخليًا فهذا صوت الرب لهم، ويعتقدون أن الرب يعطيهم سلامًا، لكن هذه ليست طريقة سماع صوت الرب، الأمر يحتاج أن تعرف أن تمييز الصح والخطأ وليس المريح والغير مريح.
- التمييز بين الصح والخطأ:
“١١ اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ. ١٢ لأَنَّكُمْ – إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ – تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ (أساسيات) بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. ١٣ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، ١٤ وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ” (العبرانيين ٥: ١١-١٤).
- أن تكون مسرعًا في الاستماع والتعلم:
“مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ” أي يدركون ببطء، في حالة من الخمول، والكلمة ليس لها سلطان أو قوة عليهم، يوجد شيء يمنعهم من أن يستجيبوا بسرعة، مثل بعض الأبناء عندما يتولد لديهم رأي مختلف عن والديهم يبدأوا في العصيان ولا يسمعوا للآخرين ويتمحوروا حول أنفسهم، والحل هو أن تنزل لمستوى الشخص وتقوده إلى مستوى أعلى.
- أن تكون مؤسسًا بشكل صحيح:
“تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ (أساسيات) بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ” لا تظن أن التلمذة لمن هم حديثي الإيمان بالرب يسوع، ولكن التلمذة التي نقدمها تساعدك على ترتيب وتنظيم أفكارك بشكل صحيح.
- أن تتدرب لكي تميز:
“١٤ وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ“ المعيار الذي تقيس به هو أن تعرف الصح والخطأ وليس ما هو مريح داخليًا أو يُشعِرك بالسعادة.
كلمة “التَّمْيِيز” تعني فحص الشيء والحكم عليه بعد أن يُمتحَن أكثر من مرة، وعدم التراضي بالنتيجة الأولى فقط، تاريخ هذه الكلمة في الزمن الذي قيلت به: كانوا يقوموا بتسخين المعادن إلى مرحلة الانصهار ليكتشفوا الشوائب الكبيرة التي به، ثم يفحصوه عدة مرات أخرى إلى أن يصلوا إلى أدق الشوائب التي به.
إن كنت تختار بين نوعين من الشغل، لا يوجد آية في الكتاب المقدس تقول مباشرة يجب أن تختار أي واحد منهم لكن تعلمنا الكلمة أنه يجب أن ترى الأمر من عدة جوانب، هل يفيد هذا الشغل المجتمع؟ هل يناسب وقتك؟ هل مكان العمل مريح؟ لا تختر على أساس الراتب فقط أو على أساس احساسك بالراحة، لكن على أساس ما هو في نظر الله صح.
- الحق الكتابي أعلى من العِلم:
تعطيك كلمة الله حكمة لترى بها الموقف صح، يستخدم بولس كلمات كثيرة قوية في اللغة اليونانية، مثال: عندما قال: “١ وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، ٢ لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ،” (٢ تيموثاوس ٣: ١، ٢).
يستخدم هنا “philos فيلوس” معناها مُحِب، وكلمة ثانية “philos sophia” والتي تعني محب للحكمة، وتساوي في العلم كلمة “فلسفة”، هذه الكلمات استخدمها بولس الرسول قبل أن تُستخدَم في العلم، حيث ظهرت في زمن بولس حركة إصلاحية تدعو أن يأخذ العلم قوة أعلى من قوة الله، ودخل الوثن إلى الكنيسة، فبدأت تُستخدم كلمات نعرفها اليوم مثل “philos Sophia” وهي تعني حب الحكمة.
بدأ الناس يحبون حكمة العالم ويستبدلوا كلمة الله، ويطلقون على الشخص المحلل الذي لديه أفكار معقدة “سفسطائي”، بينما تستخدم كلمة الله هذه الكلمات بمعنى آخر، فكلمة الله هي منهج التفكير وليس العِلم الخارجي، لذا احذر من أن تستبدل الكلمة بالعلم وتعتمد وتثق في العلم.
استخدم بولس كلمة “epignōsis” بمعنى معرفة الكلمة، أما العلم فحولها إلى “Prognosis” وتعني التشخيص والنظر للشيء بعمق وتعرف الحالة الحقيقية له؛ فأدت الحركة الإصلاحية العلمية إلى انحدار الكنيسة بصورة كبيرة.
العِلم ليس شيء مُكَفر، لكن كلمة الله أعلى منه وهي التي تفوقه وتفوق نظرتنا للمواقف، ليكن كل شيء كاذب والله صادق، حتى وإن قالت كلمة الله شيئًا لم يختبره أحد بعد قد تكون أنت أول شخص سيختبره. يجب أن تكون كلمة الله هي الأساس في تفكيرك وليس العلم، فالعلم يأخذ من كلمة الله وليس العكس.
- افحص الأفكار قبل أن تعتنقها:
“وَاحِدٌ يَعْتَبِرُ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، وَآخَرُ يَعْتَبِرُ كُلَّ يَوْمٍ. فَلْيَتَيَقَّنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْلِهِ ٢١ حَسَنٌ أَنْ لاَ تَأْكُلَ لَحْمًا وَلاَ تَشْرَبَ خَمْرًا وَلاَ شَيْئًا يَصْطَدِمُ بِهِ أَخُوكَ أَوْ يَعْثُرُ أَوْ يَضْعُفُ. ٢٢ أَلَكَ إِيمَانٌ؟ فَلْيَكُنْ لَكَ بِنَفْسِكَ أَمَامَ اللهِ! طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ. ٢٣ وَأَمَّا الَّذِي يَرْتَابُ فَإِنْ أَكَلَ يُدَانُ، لأَنَّ ذلِكَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ.” (رومية ١٤: ٥، ٢١-٢٣)
كلمة “يَسْتَحْسِنُهُ” تعني أنه يسمح بشيء بعد امتحانه.
“٢٣ وَأَمَّا الَّذِي يَرْتَابُ فَإِنْ أَكَلَ يُدَانُ، لأَنَّ ذلِكَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ“ يرتبط إيمانك بقناعاتك وأي أمر تفعله بدافع خوف فأنت تُخطيء، الحل أن تفهم كيف تسير الأمور ويكون لديك أسباب لما تفعله، فتقوم بحالة فحص للفكرة في ذهنك قبل أخذ القرار وهذا يحتاج إلى جَمْع معلومات.
لا تعش حسب العالم الخارجي، نحن نؤثر ولا نتأثر، تأملك هو ما يجعل الأمر يكبر، لذا اعطِ اهتمام للكلمة واجعلها تكبر في نظرك، لا تقتنع بأفكارك وتنعزل بها وتعتقد أن مَن حولك لا يدركون ما أنت تقتنع به ولا تكن متباطىء المسامع.
“وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ” (التثنية ٦: ٧)
“وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ” سَنِّن الكلمة إلى أن تخترق أولادك. إن لم تُقدِّر الكلمة وتسمح بها في حياتك، هكذا سيكون أولادك، الحل أن تؤسس داخليًا حسب مبادئ الكلمة، خذ الكلمة وحولها إلى طريقة تفكيرك وإلا ستبقى الكلمة كما هي.
- ما تفكر به سيتبعك:
“لِذلِكَ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي أُهَيِّئُكَ لِلدَّمِ، وَالدَّمُ يَتْبَعُكَ. إِذْ لَمْ تَكْرَهِ الدَّمَ فَالدَّمُ يَتْبَعُكَ.” (حزقيال ٣٥: ٦)
إن لم تكره الخطأ سيتبعك طوال الوقت، يجب أن تقول لا وتنظم أفكارك، فإبليس يُلِح ليخترق ويدخل. لا تستلذ بالأمور الخبيثة أو الحزن أو رثاء الذات، ولا تكن بطيء المسامع مع كلمة الله، فإن كان لديك زرع آخر غير كلمة الله لن تستطيع استقبال الكلمة. ما تفكر به سيتبعك، فإن كنت تفكر بصورة بها اشمئزاز من أشخاص ستجد أن الاشمئزاز يتبعك وتسقط النعمة من حياتك.
الكلمة تفسر العلم، وليس العلم يفسر الكلمة، فالعلم يحاول فهم ما تقوله الكلمة.
ــــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.