س: ما هي المبادئ لفهم آيات التي تتكلم عن أن الله قد يمرض أو يسمح بكوارث؟
ج:
أريد قول بعض المبادئ الهامة؛
- هناك بعض الصِيَغ في العبرية يصعب ترجمتها للعربية، لأنها صيغة كلام؛ مثل صيغة السماحية (permessive)، وهي مترتبة على اختيار الإنسان، فالله سمح لأن الإنسان سمح به، كأن أقول لشخص: لا تلمس هذا الإناء لئلا تُحرَق، في هذه الحالة ليس أنا مَن سيحرقه بل الإناء لأنه ساخن.
أما صيغة السببية (causative)؛ وهي أنّ الشخص بنفسه وراء الفعل، هو مَن يقوم به، كأني أقول لشخص: إنْ لمست هذا الإناء سأحرقك؛ إذًا أنا مَن سيقوم بالفعل. وصيغة السماحية تأتي في الآيات التي يبدو الله فيها كأنه السبب، مثل قسَّى الرب قلب فرعون، ضربهم بالوبأ، ارسل عليهم،…..إلخ.
هذا مشروح بالتفصيل في مقالات “السماحية“، “إيجار الله على الأرض“، “التعويض الإلهي“، “الله لا يجرح ويعصب” مِن خلال موقعنا.
- لا يمكنك بناء عقيدة مِن العهد القديم دون سندٍ كتابي لها في العهد الجديد؛ لماذا؟
لأن العهد القديم لم يكن فيه الإعلان كاملاً، بل متدرجًا؛ “اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ.” (عبرانين ١:١) إلى أنْ رأيناه كاملًا في يسوع، فيسوع هو مَن كشف وخَبَّرَ عن ما في قلب الآب “اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.” (يوحنا ١٨:١). قال يسوع: “أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ” (يوحنا ٦:١٧) وتأتي هكذا في الترجمة الموسّعة
“I have manifested your name, I have revealed your very self, your real self]”
أي أنا كشفت عن شخصيتك الحقيقية تمامًا. هكذا تستطيع بنور العهد الجديد أنْ تفهم آيات العهد القديم.
“أَنَا الرَّبُّ. وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ.” (خروج ٣:٦).
مِن هنا نستطيع قول إنّ الإعلان متدرجٌ في الكشف عن شخصية الله. قالت السامرية ليسوع “قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ.” (يوحنا ٢٥:٤) هذا يعني أنّ العهد القديم لم يكن فيه كل شيء أي الإعلان الكامل بل احتاجوا لمسيا ليخبرهم بكل شيء. اُستُعلِن الله للبشر في حياة يسوع “اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ،ُ أَنِّ أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ.” (يوحنا ١٠:١٤).
لم يُرسل يسوع لعنات على الناس، لم يجرب الناس ليعلمهم دروسًا ولم تخرج مِن فمه لعنه، لم يُعطِ الناس أمراضًا، ولم تخرج مِن فمه شرور (أطلق يسوع كلمات قضاء على التينة فقط لسبب خاص). فالله لا يُخرِج لعنة وبركة، شر ومرض. تجربة ونجاة، فإن فعل هذا لصار متناقضًا مع ذاته Doubleminded، ويصير “متقلقلًا في جميع طرقه.” (يعقوب ٨:١)، كما إنه “غير مُجرَب بالشرور.” (يعقوب ١٣:١).
حتى شجرة معرفة الخير والشر -الاسم الأكثر دقة لها هو شجرة معرفة التمييز بين الخير والشر- حينما وُضِعَتْ في جنة عدن لم تكن لتجربة الإنسان كما يظن البعض. وهي ليست شرًا في حد ذاتها، بل كان الإنسان سيأكل منها في زمنٍ آتٍ ليقوم بمهمة مع الله حسب (١كورنثوس ٦) وهذا مشروحٌ في مقالة: “لماذا وضع الله شجرة معرفة الخير والشر في الجنة؟!”.
“لأَنَّهُ لاَ يُذِلُّ مِنْ قَلْبِهِ، وَلاَ يُحْزِنُ بَنِي الإِنْسَانِ.” (مراثي 3: 33)
– for he does not willingly and from his heart afflict or grieve the children of men
– the lord doesn’t enjoy sending grief or pain.
– he does not enjoy seeing people who are in pain. He does not enjoy causing trouble for them
لا يحب الله أن يذل الناس أو يحزنهم، فهذه ليست طبيعته، “لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ.” (يوحنا 16: 27).
“لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا.” (يعقوب 1: 13).
ما معنى آية تث ٨: ٢
“وَتَتَذَكَّرُ كُلَّ الطَّرِيقِ الَّتِي فِيهَا سَارَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي الْقَفْرِ، لِكَيْ يُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ: أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لاَ؟” (تثنية 8: 2).
And you shall [earnestly] remember all the way which the lord your god led you these forty years in the wilderness, to humble you and to prove you, to know what was in your [mind and] heart, whether you would keep his commandments or not
تأتي الآية بصيغة السماحية، لكي يعلمك التواضع، أي الخضوع تحت كلمته، وهل تحفظ وصاياه أم لا؟ لأن الله لا يجرب الإنسان، حتى حين وضع شجرة التمييز بين الخير والشر.
أدرك شخصية الله إنه أبٌ يحمل وليس مُجرِبًا يذل “وَفِي الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ رَأَيْتَ كَيْفَ حَمَلَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ كَمَا يَحْمِلُ الإِنْسَانُ ابْنَهُ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّتِي سَلَكْتُمُوهَا حَتَّى جِئْتُمْ إِلَى هذَا الْمَكَانِ.” (تثنية٣١:١).
لا تنسَ أنهم كانوا في مرحلة طفولية؛ “وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ.” (غلاطية٤: ١-٤).
ليس غرض الله مِن الأساس أنْ يعيشوا أربعين سنة في البرية، فالطريق المُخْتَصَر مِن إلى كنعان كان سيستغرق أحد عشر يومًا” أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حُورِيبَ عَلَى طَرِيقِ جَبَلِ سِعِيرَ إِلَى قَادَشَ بَرْنِيعَ.” (تثنية٢:١)، ولكن الرب لم يرد لهم أنْ يمروا بأرض الفلسطينيين فيندموا عندما يجدوا حربًا (خروج ١٧:١٣)، فالرب لا يريد البرية وكل هذه السنين هم مَن وضعوا أنفسهم في هذا (عدد١٤)، لذا نجد الرب في سِفْر التثنية يقول لهم: “كَفَاكُمْ قُعُودٌ فِي هذَا الْجَبَلِ” (التثنية ١: ٦)، “كَفَاكُمْ دَوَرَانٌ بِهذَا الْجَبَلِ. تَحَوَّلُوا نَحْوَ الشِّمَالِ.” (التثنية ٢: ٣).
صيغة السماحية في هذه العبارة؛ ليس أنّ الرب هو مَن فعلها بل هم جلبوها على أنفسهم، وبذلك وضعوا أنفسهم في امتحان ليثبتوا ما في داخلهم، لأنهم مَن اختاروا البرية بسبب عصيانهم، فوضعوا أنفسهم في هذا. وكان هذا بمثابة امتحان لطاعتهم.
Don’t forget how the lord your god has led you through the desert for the past forty years. He wanted to find out if you were truly willing to obey him and depend on him.
أصل الكلمة بالعبرية تعني يراقب عن قرب، يهتم بالشيء.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.