منذ سنوات مضت, وبعدما خرجت إلى حقل الخدمة, كنت استقل سيارتي لأذهب إلى الاجتماعات التي أعظ فيها. كانت القيادة في ذلك الوقت سهلة ومريحة, لذلك كنت أحضر معي كتب وشرائط تعليم لأسمعها في الطريق. وفي إحدى المرات, كانت زوجتي مسافرة معي. وبينما كنت أقود السيارة, رأيت لافتة دعاية كبيرة موضوعة على طريق عمومي, تقول: “.. لن تكلَّفك, إنما ستغنيك”. كانت تشير هذه الرسالة إلى إحدى الإعلانات, فقلت لزوجتي: “إن هذه العبارة تنطبق على الأمور الروحية أيضًا. فطاعة الله لا تكلف المرء, إنما تفيده وتغنيه”.
|
لكنك تجد دائمًا المؤمنون يتحدثون عن الأمور التي خسروها وتركوها لأجل أن يقبلوا المسيح. لكن طاعة الله وتكريس الحياة له لا يكلَّف, إنما يُغني. إن عصيان للرب ورفض قيادته ربما يكلَّف. فعدم السلوك وفقًا لقيادة الروح القدس, ربما يضطرك لدفع بضعة آلاف من الجنيهات, أو ربما يعرضك لأمراض وأسقام أو موت مبكر. أو ربما تعاني الضيق والحزن. لكن شكرًا لله, هناك فيض من البركات لمَن يسلك وفقًا لمشيئة الله الكاملة لحياته, مخضعًا نفسه بالكامل, ومكرسًا ومخصصًا نفسه لإتمام مشيئته. لذلك, فإن طاعة الرب أفضل جدًا من العصيان وعدم الانصياع لمشيئته.
العصيان يطفيء سراج الكلمة
عندما لا ينفذ الشخص أمرًا ما قد أخبره به الرب, فهذا يُعتبر في حد ذاته عصيانًا. وعندما
يعصى المؤمن كلمة الله- التي هي مشيئة الله المعلنة- فهذا العصيان سوف يكلَّفه.
على سبيل المثال, أتذكر كيف تعامل الرب معي في البداية بشأن خطية القلق. كنت وقتها طريح الفراش مشلولاً وكنت أعاني من تشوه في القلب وسرطان في الدم. لكن, كان عليَّ أن أتعامل مع خطية القلق قبل أن أتمكن من استقبال شفاءً لجسدي, لأن القلق والاضطراب يعيقان إيمان الإنسان.
كنت وقتها فتى في الخامسة عشرة من عمري وحسب. (كان ذلك قبل عيد ميلادي السادس عشر بقليل). وإن كنت تتكلم عن القلق، فأنا قد تعلمت أن أقلق, منذ أن كنت طفلاً صغيرًا. هل سبق ورأيت شخصًا بهذه الحالة؟ لقد كنت واحدًا منهم. كانت والدتي وجدتي من أبطال العالم في القلق، وقد تعلمت منهم القلق.
بعدما اختبرت الميلاد الجديد, وأنا على فراش المرض, أمسكت الكتاب المقدس وقلت: “يا ربّ، إني أعدك قبل أن أبدأ في القراءة, وسأصنع معك هذا العهد.. لن أشك أبدًا في أي شيء أقرأه في كلمتك. وبمجرد أن أقرأ شيئًا وأفهمه، فسوف أطبقه”.
بدأت القراءة بالعهد الجديد, لأنه كان أخف وزنًا, ويسهل عليَّ حمله, حتى وصلت إلى إنجيل متى إصحاح 6. وقد استغرقت ستة أشهر حتى أنتهي من هذا الإصحاح.
(متى 6: 25, 27, 28, 31)
25 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِمَعِيشَتِكُمْ بِشَأْنِ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِشَأْنِ مَا تَكْتَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ طَعَامٍ، وَالْجَسَدُ أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ كِسَاءٍ
27 فَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا حَمَلَ الْهُمُومَ يَقْدِرُ أَنْ يُطِيلَ عُمْرَهُ وَلَوْ سَاعَةً وَاحِدَةً
28 وَلِمَاذَا تَحْمِلُونَ هَمَّ الْكِسَاءِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو: إِنَّهَا لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ
31 فَلاَ تَحْمِلُوا الْهَمَّ قَائِلِينَ: مَا عَسَانَا نَأْكُلُ؟ أَوْ: مَا عَسَانَا نَشْرَبُ؟ أَوْ: نَكْتَسِي
لكني سبقت أن وعدت الرب قائلاً: “سأطبّق كل ما أدركه في كلمتك”. كان الكتاب منيرًا بالكامل، وبركة وفرح لي. لكن كلما تقدمت أكثر في إنجيل متى, كلما أصبح مظلمًا.. لا فرح ولا بركة ولا حيوية. لذا توقفت لأفحص نفسي متسائلاً: “ما الخطأ هنا؟”
ظل متى 6 يظهر بداخلي. وسمعت في روحي: “لقد قلت أنك ستطبق كل ما تقرأه وتفهمه”.
قلت: “سيدي الغالي, إن كان على الفرد أن يحيا كما في متى 6, فلن أنجح أبدًا في ذلك. لا أستطيع أن أحيا بدون قلق. فهذا جزء مني تمامًا مثل يديّ ورجليّ”.
استمريت في القراءة, لكني لم أخرج بشيء إطلاقًا. كان ذلك في اليوم الثالث والعشرين من إبريل 1933، وقد استغرق الأمر ستة أشهر, حتى أنتهي من الإصحاح السادس لإنجيل متى.
لا توجد فائدة من الاستمرار في قراءة الكتاب إن لم يكن سبب فرح وإثارة لروحك. تحتاج أن ترجع حيثما توقفت عن السلوك في النور, وتبدأ تسير مرة أخرى فيه. عندئذٍ سيصبح الكتاب نورًا لك. (إني متيقن أن الشخص يعرف الموضع الذي توقف فيه عن السلوك في النور).
ربما يقول أحدهم: “لا، لا أعرف”. توقف الآن عن الكذب وتب عنه قبل كل شيء. إني أعلم أنك تعرف لأني كنت مثلك تمامًا. حاولت أن أصنع أعذارًا لنفسي لكن الرب لم يصغ إليَّ، لذا كان عليَّ أن أرجع مرة أخرى للإصحاح السادس لإنجيل متى, وأعود إلى المسار الصحيح. عندئذ أصبح الكتاب منيرًا بالكامل لي مرة أخرى.
هكذا يتضح, لن تستقبل نورًا إضافيًا في كلمة الله, ما لم تسلك أولاً في النور الذي نلته بالفعل. لذلك لا تنشغل بالأمور العسرة الفهم في كلمة الله, قبل أن تتأكد أولاً أنك تسير في نور ما تعرفه بالفعل. فالأمور الباقية سوف تتضح لك حتمًا.
|
في النهاية, رجعت إلى الله, وقلت: “حسنًا يا رب, سامحني. إني أتوب.. أتوب لأجل القلق. وأعدك اليوم أنني لن أقلق مرة أخرى حتى آخر يوم أحياه. أعدك اليوم أني لن أُحبط مرة أخرى. أعدك أنني لن أكتئب مرة أخرى”. وشكرًا للرب أني لم أفعل ذلك على الرغم من بعض الظروف الصعبة التي مررت بها.
الله شاهدًا لي, قد مرت سنوات عديدة منذ هذا الحين, وعلى الرغم من أني قد جُربت بالقلق, إلا أني لم أتجاوب معه, وتغـلبـت عليـه بكـلمـة اللـه. إن طاعـة كـلمـة اللـه, سـوف تغنيـك
وتنعكس بفائدة عظيمة عليك. في الواقع, إن لم تسر في نور كلمة الله (التي هي مشيئته المعلنة), فسيصعب عليك جدًا أن تسير في مشيئته الخاصة, والغير مُعلنة لحياتك. بل, لن تقدر أن تتبع خطته وغرضه لحياتك.
الشفاء جزءًا من خطة الله لك
|
إن خطة الله الكاملة لأي مؤمن هو أن يسير في صحة إلهية. وإن حدث أنك مرضت فاعلم أن لك شفاءً في المسيح. لكن خطة الله الكاملة للمؤمن, هو أن لا ينال الشفاء وحسب, بل أن يسير في صحة إلهية.
لم يسترد الله, تحت ظل العهد الجديد, أي بركة مما قدمها لشعبه في العهد القديم. بل العكس, فالإنجيل يعلن لنا, أنه في المسيح يسوع, قد صار لنا عهدًا جديدًا وأفضل, مبنيًا على وعود أفضل (عبرانيين 8: 6).
(خروج 23: 25, 26)
25 إِنَّمَا تَعْبُدُونَنِي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكُمْ فَأُبَارِكُ طَعَامَكَ وَشَرَابَكَ وَأُزِيلُ الأَمْرَاضَ مِنْ بَيْنِكُم
26 فَلاَ تَكُونُ مُجْهِضَةٌ وَلاَ عَاقِرٌ فِي أَرْضِكَ. وَأُمَتِّعُكَ بِكَامِلِ عُمْرِكَ
نلاحظ أن الرب لم يقل أن شعبه لن يموت أبدًا, لكنه قال: “أُمَتِّعُكَ بِكَامِلِ عُمْرِكَ”. هذا يعني أنهم سوف يحيون ويموتون, دون مرض أو علة جسدية بسبب وعده القائل: “أُزِيلُ الأَمْرَاضَ مِنْ بَيْنِكُم”.
لكن البعض يتساءلون بتفكيرهم البشري: “إن كان ذلك صحيحًا, واستطاع شعب الله أن يعيش حرًا من الأمراض والأسقام, فكيف إذًا سيموتون؟”
إن أباء العهد القديم الذين سلكوا وفقًا لبركات هذا العهد لم يموتوا مرضى, أو في عمر مبكر. لكنهم ماتوا بأن اسلموا أرواحهم وهم شبعانين أيامًا. مجدًا للرب. وفي معظم الأحيان, كان يستدعون أولادهم وأحفادهم ويضعون أيديهم عليهم ويباركونهم. ثم يقولون: “قد حان وقت رحيلي…”, ويسلمون أرواحهم ويصعدون للمجد.
|
ربما يجيب البعض: “حسنًا, لكن هذا ينطبق على العهد القديم وحسب. فهو يتعلق بشعب إسرائيل وحدهم, لكنه لا ينطبق على زمن الكنيسة”. لكن كما قرأنا للتو في (عبرانيين 8: 6), أنه في المسيح يسوع, لدينا عهدًا جديدًا وأفضل, من العهد السابق, مؤسسًا على وعود أفضل. كيف يمكن للعهد الجديد أن يكون أفضل من القديم, إن كان الرب قد استرد منه بركة الصحة الإلهية, والحياة الخالية من الأمراض والأسقام, ولم يعد لدينا ذات الامتيازات؟
رأيت لوحة ذات مرة مُعلقة في مكتب راعي أحد الكنائس, التي كنت أعقد فيها بعض الاجتماعات تقول: “كنت غنيًا وكنت أيضًا فقيرًا. لكني وجدت أن الغنى أفضل. كنت صحيحًا وكنت أيضًا مريضًا. لكني أعترف أن الصحة أفضل”.
وحيث أن لدينا عهدًا أفضل, مُؤسسًا على وعود أفضل, فهذا يعني أن العهد الجديد يتضمن جميع بركات العهد القديم, بل وأعظم منها. وإلا, لن يعد أفضل على الإطلاق.
الطاعة لها ثمن
نلاحظ أن مواعيد الشفاء التي قدمها الله لشعب إسرائيل, كانت تستند على شروط. فقد كانت تتوقف على طاعتهم وتكريسهم للرب ولكلمته عندما يسلكون في نور كلمة الله. وعندئذٍ كان الرب يقيم عهده ويزيل المرض من وسطهم, فيتمتعون بحياة طويلة على الأرض.
هكذا يتضح, إن طاعة الله والخضوع لكلمته, لا تكلَّف إنما تفيد وتغني. إن الرب يريد لكل واحد منا أن يخضع للكلمة, التي هي مشيئة الله المعلنة. وهو في ذات الوقت, يريدنا أن نخضع لمشيئته وخطته الغير مُعلنة لحياتنا كأفراد. إنني أتحدث عن أهمية تتميم الخدمة والدور الذي أقامك الله عليه في مملكته. فإن أطعت الرب في جميع زوايا حياتك, فهذا لن يكلَّفك, بل يغنيك ويزيدك.
أحيانًا ما يركز البعض على جانب معين من الحق, ويسلَّطون الأضواء عليه, دون النظر للصورة بأكملها. على سبيل المثال, يقول الكتاب المقدس أن الله محبة (1يوحنا 4: 8). لكن هل تعلم أن الكتاب المقدس يقول أيضًا أن الله نار آكلة (تثنية 4: 24, عبرانيين 12: 29)؟ يقول الكتاب المقدس أيضًا: “حَقّاً إِنَّ الْوَقْتَ قَدْ حَانَ لِيَبْتَدِيءَ الْقَضَاءُ بِأَهْلِ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ يَبْدَأُ بِنَا أَوَّلاً، فَمَا هُوَ مَصِيرُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِإِنْجِيلِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ الْبَارُّ يَخْلُصُ بِجَهْدٍ، فَمَاذَا يَحْدُثُ لِلشِّرِّيرِ وَالْخَاطِيءِ” (1بطرس 4: 17، 18). لا يرغب الكثيرون في السماع عن دينونة الله. يريدون سماع أن الله محبة, لذا بإمكانهم أن يفعلوا ما يريدون فعله, من شتيمة, تدخين,.. والله سوف يتغاضى عن كل هذا. مَن يفعلون هذه الأمور لم يكرسوا حياتهم بعد لله إطلاقًا. إنما هم مُكرسين للجسد والعالم وإبليس.
حقًا, إن الله محبة. فالكتاب المقدس يقول: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (يوحنا 3: 16). لقد أعطانا الله ابنه هبة, فماذا فعلنا نحن بهذه العطية؟ إن عدم السلوك في طاعة من نحو الله وكلمته, يجلب دينونة. وجميع الذين يُصرونَّ على عصيان الله, وعدم طاعة كلمته, يسمحون لإبليس أن يجلب عليهم دينونة. يعتقد البعض إنه بإمكانهم أن يفعلوا كل ما يريدون ويعيشون كيفما يحلو لهم, وسيظل الله يظهر محبته لهم. شكرًا لله لأن محبته لا تتغير, لكن سيظل هناك عقاب للأفعال الخاطئة.
إن حدث وابتعدت عن الله, لكنك تبت ورجعت إليه, فمحبة الله كافية لتردك ثانية وتطهرك وتصححك؛ هذا إن سمحت لها. لكن إن استمريت فى عصيانك وأفعالك الخاطئة, فهذا سوف يكلَّفك. أحيانًا كثيرة ما يقع المؤمنون في مشاكل فيتساءلون: “هل أنت يا رب قد فعلت هذا؟” أبدًا. ما حدث هو أنهم فتحوا بابًا تسلل منه إبليس إلى حياتهم من خلال العصيان.
والآن, لا يختلط الأمر عليك. إن كنت تجتاز في بعض التجارب والامتحانات, فهذا لا يعني بالضرورة أنك تسلك في عصيان. سيحاول إبليس أن يهاجمك حتى وإن كنت في محور خطة الله لحياتك. سيحاول الشيطان أن يختبر مدى نضوجك الروحي, ويرى إن كنت تؤمن حقًا بما تقول أنك تؤمن به. لكن إن ثبت في إيمانك بكلمة الله, فسيأتي يوم التعويض لأن طاعة الرب لا تكلَّف, ودائمًا ما يعود السلوك بأمانة تجاه كلمة الله بتعويض.
إن خدمة الرب تغني. إن الخضوع للرب دائمًا يأتي بتعويض وغنى. وعندما تكرس حياتك وكل ما أنت عليه وكل ما تمتلك لله, فدائمًا ما يكون هناك فائدة ونفع.
الرب يكافيء الأمانة
عندما نُخضع أنفسنا للرب, ونتركه ينفذ خطته في حياتنا, سيبدو الأمر وكأنه مكلَّف في حينه, وربما يترائى لنا أن طاعتنا للرب سوف تحَّملنا التكلفة. لكن شكرًا للرب, لأن الطاعة تصاحبها تعويض عظيم وفوائد كثيرة على المدى الطويل.
والآن, سوف أقدم مثالاً من الكتاب المقدس, يوضح أنه على الرغم من أنه ربما لا تبُد خطة الله لحياتنا كمؤمنين سهلة, في باديء الأمر, إلا أنه في النهاية سيأتي تعويض دائمًا بسبب طاعتنا لله. في سفر التكوين وبدئًا من الإصحاح السابع والثلاثين حتى الخمسين نقرأ عن المكافأة والتعويض اللتان نالهما يوسف, نتيجة طاعته لله.
لقد ابتدأت المشاكل مع يوسف, منذ أن أعطاه الله أحلامًا بشأن خطته لحياته. وكانت النتيجة أن اخوة يوسف حقدوا عليه, حتى أرادوا قتله. لكن واحدًا من اخوته تدخل وباع يوسف كعبد. ثم أخبروا والدهم يعقوب, أن وحش قد افترس أخوهم.
ذهب يوسف إلى مصر كعبدٍ, وبعد كثير من المشقات والاضطهادات, قضى سبع سنوات في السجن جزاء جريمة لم يرتكبها. وهناك في السجن فسَّر حلميّ خباز الملك وساقيه. فقد أخبر الساقي عن تفسير حلمه, وهو أن فرعون سوف يعيده إلى مكانته الأولى. ثم أخبر الخباز بتفسير حلمه, وهو أن فرعون سوف يقطع رأسه. ثم طلب يوسف من الساقي أن يتذكره عندما يسترد وظيفته, لكن الساقي نسيه. كان يوسف وقتها قد قضى خمسة سنوات في السجن, لكنه قضى سنتين أخرتين بعدها, قبل أن يُطلق سراحه. عندما أدرك يوسف أن الساقي قد نسيه, كان بإمكانه أن يستسلم وينسى الحلم الذي أعطاه الرب له. لكن بدلاً من ذلك, ظل أمينًا للرب.
|
إن كان حال يوسف, كحال معظم المؤمنين اليوم, لقال: “ماذا اجتنيت من طاعتي للرب والمعروف الذي صنعته لساقي الملك. لا شيء. لا فائدة من خدمة الرب ولا قيمة لهذه الأحلام..”. لكن يوسف ظل أمينًا لله. وفي النهاية, عندما قام بتفسير حلم فرعون, رفعه الملك وجعله وزيرًا على كل أرض مصر.
لقد رجعت طاعة يوسف عليه بالفائدة والكرامة, مع أنه قد بدا له, في أول الأمر, أن ثمن تتميم مشيئة الله, كبير جدًا.
عندما حدثت مجاعة على شعب إسرائيل, أرسل يعقوب أبناءه إلى مصر ليبتاعوا قمحًا. لكنه لم يرسل معهم أخوهم الصغير بنيامين. فقد كان يوسف وبنيامين هما الولدين المفضلين له من راحيل. ولأن يعقوب فقد يوسف, لم يرد أن يرسل بنيامين خوفًا عليه. وعندما جاء عرف اخوة يوسف ليبتاعوا قمحًا, عرفهم وهم لم يعرفوه. في البداية, اتهمهم بأنهم جواسيس وتكلم معهم بجفاء. كان يوسف يرسم خطة لكي يرى أباه واخوته.
(تكوين 42: 12-15، 19، 20، 24)
12 وَلَكِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ! أَنْتُمْ قَدْ جِئْتُمْ لاكْتِشَافِ ثُغُورِنَا غَيْرِ الْمَحْمِيَّةِ
13 فَأَجَابُوهُ: «إِنَّ عَبِيدَكَ اثْنَا عَشَرَ أَخاً، أَبْنَاءُ رَجُلٍ وَاحِدٍ مُقِيمٍ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. وَقَدْ بَقِيَ أَخُونَا الصَّغِيرُ عِنْدَ أَبِينَا الْيَوْمَ، وَالآخَرُ مَفْقُودٌ»
14 فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الأَمْرَ كَمَا قُلْتُ لَكُمْ! أَنْتُمْ جَوَاسِيسُ
15 وَحَيَاةِ فِرْعَوْنَ إِنَّكُمْ لَنْ تُغَادِرُوا هُنَا حَتَّى تَأْتُوا بِأَخِيكُمُ الأَصْغَرِ، وَبِذَلِكَ تُثْبِتُونَ صِدْقَكُمْ
19 إِنْ كُنْتُمْ حَقّاً صَادِقِينَ فَلْيَبْقَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ رَهِينَةً، بَيْنَمَا يَأْخُذُ بَقِيَّتُكُمُ الْقَمْحَ وَيَنْطَلِقُونَ إِلَى بُيُوتِكُمُ الْجَائِعَةِ
20 وَلَكِنْ إِيتُونِي بِأَخِيكُمُ الأَصْغَرِ فَأَتَحَقَّقَ بِذَلِكَ مِنْ صِدْقِكُمْ وَلاَ تَمُوتُوا». فَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ
24 فَتَحَوَّلَ عَنْهُمْ وَبَكَى، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ وَخَاطَبَهُمْ، وَأَخَذَ شِمْعُونَ وَقَيَّدَهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ.
رجع اخوة يوسف إلى منزل أبيهم, ومعهم كمية قليلة من القمح, واخبروه بكل ما حدث, وكيف احتجز الوزير الحاكم على أرض مصر شمعون, وطلب أن يرى أخاهم الأصغر بنيامين. ونتيجة ذلك, انهار يعقوب وقال لهم: “لَقَدْ أَثْكَلْتُمُونِي أَوْلاَدِي. يُوسُفُ مَفْقُودٌ، وَشِمْعُونُ مَفْقُودٌ، وَهَا أَنْتُمْ تَأْخُذُونَ بَنْيَامِينَ بَعِيداً! كُلُّ هَذِهِ الدَّوَاهِي حَلَّتْ بِي!” (تكوين 42: 36). كان يعقوب يعتقد أن الأمور تسير ضده, لكن الله في ذات الوقت كان يحرك جميع الظروف لتعمل لخيره. اضطر يعقوب أن يخاطر بفقدان بنيامين, لكي ينقذ بيته من المجاعة, وكان يبدو هذا ثمنًا باهظًا على يعقوب. لكن عندما وافق, حول الله كل شيء لخيره. وفي نهاية الأمر, اختبر يعقوب نتائج قراره بإرسال بنيامين إلى مصر.
إن طاعة الله والخضوع لكلمته, دائمًا ما يعودان بالفائدة والنفع. لكن كما قلت سابقًا, إن العصيان وعدم الخضوع, دائمًا ما يكلفانك كثيرًَا.
لا تتعلّم الطاعة بالطريقة الصعبة
هناك قصة حدثت مع أحد الخدام المرموقين, والذي كان طائفيًا. كان هذا الخادم يتمتع بنجاح عظيم في الخدمة, وله شهرة واسعة كخادم متجول, أثناء الحرب العالمية الأولى. وقد قام بتأليف عدة كتب, وكان عليها طلب متزايد, حيث أنه كان معروفًا في مناطق عديدة حول العالم. كما كانت لديه مكتبة كتب تُقدر بعدة آلاف من الدولارات (كان هذا ثمنًا ضخمًا وقتها). وكان يسكن في أرقى الأماكن في جنوب ولاية “كاليفورنيا”, وكان يقول أحدث السيارات, ولديه مدخرات ضخمة في بنوك عديدة.
حضر هذا الخادم, إحدى الاجتماعات الكارزماتية في “كاليفورنيا” حيث سمع أحدهم يعظ عن الحق الكتابي المتعلق بالامتلاء بالروح القدس. قال تعليقًا على ذلك: “أدركت أن مشيئة الله لي- كما لكل مؤمن- أن أمتليء بالروح القدس, مع اختبار التكلم بالألسنة. وذات ليلة, كنت حاضرًا اجتماع للصلاة في هذه الكنيسة. وبينما كنت منتظرًا أمام الرب, حلّ الروح القدس عليّ وبدأت أتكلم بالألسنة.
بعد هذه الحادثة, بدأت أفكر في التطورات التي ربما تحدث بعد ذلك. فكرت من جهة معتقدات طائفتي بشأن الامتلاء بالروح القدس, والتكلم بالألسنة, فهم يعتقدون أن التكلم بالألسنة بدعة.. فقلت في نفسي: ‘سوف يؤثر هذا الاختبار على مكانتي في الطائفة, وربما على دخلي أيضًا…’ بمجرد أن فتحت ذهني لهذه الأفكار, توقف عمل المسحة في حياتي. أدركت أن الرب يريدني أن أحفاظ على اشعال هذا الاختبار, لكني قلت أن هذا ثمن كبير علي. سوف أفقد مكانتي ونفوذي في طائفتي..”
“توقفت المسحة في الحال, وانسحبت من الاجتماع دون أن يلاحظني أحد”.
قبل أن يمضى شهرًا على هذا الحدث, مرض هذا الخـادم جـدًا. وفـي غضـون سنتيـن, أنفـق
كل ثروته على الأطباء والمستشفيات, حتى يستعيد صحته. تدهورت حالة هذا الخادم من سيء إلى أسوأ, دون أن يجد الأطباء مشكلة واحدة لديه. وفي النهاية, صار على حافة الموت, وهو يرقد في مستشفى خيري, لأنه لم يكن لديه ما يدفع به فواتير المستشفى. كان قد فقد كل ثروته وممتلكاته, وأصبح يُعامل معاملة الفقراء الذين يحتاجون إلى تبرعات.
ربما يسأل أحدهم: “هل تعتقد أن الله وراء مرضه؟”
كلا وألف كلا. لم يسمح الله له بذلك. لكن عندما يعصي الإنسان الله, ولا يخضع لكلمته, فأنه يلقي بنفسه بين ذراعي إبليس فيتمكن منه. طلب هذا الخادم من أخيه أن ينقله في قطار حتى يعود إلى بيته, ويقضى بقية أيامه في منزل والدته. كان على أخيه أن يقترض ثمن تذكرة القطار إلى ولاية “تكساس”. قال الأطباء إنه من المحتمل أن يموت قبل أن يصل إلى هناك. لكنه ظل على قيد الحياة. كانت هناك سيارة إسعاف في انتظاره, لتنقله إلى منزل والدته. وبمجرد رؤية والدته التي كانت في الثمانين من عمرها, فرح هذا الخادم كثيرًا. كان يسكن مع الوالدة فتى صغيرًا في التاسعة عشرة يعتني, بالحديقة ويساعدها في أعمال المنزل اليومية. ومع الوقت, أصبح هذا الصبي خادمًا لهذا المبشر, الذي تدهورت صحته حتى أصبح لا يقدر حتى أن يستدير على الفراش بمفرده.
قال هذا الصبي للخادم ذات يوم: “أيها المبشر العظيم, لماذا لا تدع الله يشفيك؟”
أجاب الخادم: “ماذا تقصد بقولك ‘يشفني الله’؟
قال الخادم: “يقول الكتاب المقدس فى رسالة (يعقوب 5: 14، 15) “وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً، فَلْيَسْتَدْعِ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ لِيُصَلُّوا مِنْ أَجْلِهِ وَيَدْهُنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ, فَالصَّلاَةُ الْمَرْفُوعَةُ بِاءِيمَانٍ تَشْفِي الْمَرِيضَ، إِذْ يُعِيدُ الرَّبُّ إِلَيْهِ الصِّحَّةَ. وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ بِسَبَبِ خَطِيئَةٍ مَا، يَغْفِرُهَا الرَّبُّ لَهُ”.
أجاب هذا الخادم, المعروف حول العالم والذي تخرج من مدرسة لاهوت كبيرة وحصل منها على درجة الدكتوراة اللاهوتية, “هل يوجد هذا الشاهد حقًا في الكتاب المقدس؟ أعطني كتابًا مقدسًا وارني هذا الشاهد”.
قال الصبي: “لا اعرف القراءة”.
فسأله الخادم: “كيف عرفت إذًا إنه في الكتاب المقدس؟”
أجاب الصبي: “لقد سمعت راعي كنيستي يعظ به”.
فقال الخادم: “هل يعظ راعي كنيستك من هذا الشاهد؟ وهل يمسح الناس بزيت ويصلي لأجل شفائهم؟”
أجاب الصبي: “نعم”.
فقال الخادم: “خذني إليه”.
احضروا له سريرًا متحركًا ووضعوه في سيارة مخصوصة, واقتادوه خارج المدينة إلى الخيمة التي كان يعظ فيها هذا الراعي. كانت خيمة بسيطة ومُقامة على أربعة أعمدة, وكان سقفها مكون من قطع قليلة من الأقمشة. حكى هذا الخادم قائلاً: “كنت جالسًا في السيارة استمع إلى هذا الرعي وهو يعظ. وفي نهاية الاجتماع, خرج من الخيمة وتوجه إلى سيارتي وصلى معي ومسحني بزيت. عندما انتهى من الصلاة قلت له: “مجدًا للرب. لقد شُفيت”.
بعدما انتهى الاجتماع, رجع هذا الخادم إلى المنزل وكان منتصف الليل. حملوا الخادم إلى داخل البيت, ثم قال لوالدته: “أمي, ليتكِ تحضري لي بعض البسكويت مع الشوربة واللحم. أريد أن اكل شيئًا”.
أجابت والدته: “كيف يا بني؟ فأنت لم تأكل طعامًا دسمًا منذ أكثر من سنتين. لا يمكنك أن تأكل وجبة ضخمة كهذه”.
فقال لها: “كلا, لقد شفاني الله”.
فسألته: “كيف تشعر الآن؟”
أجاب: “إن كلمة الله تقول عني أنى صحيح. لذلك وفقا لإعلان الكلمة أنا قد شُفيت”.
ومنذ تلك اللحظة, شُفي هذا الخادم بالكامل وابتدأ يستعيد صحته وقوته. ثم بدأ يكتب معجزة شفائه في مقالات وينشرها في مجلات عديدة, فابتدأت المكالمات تتوالى عليه ليعقد اجتماعات في تلك الأماكن. وقبل أن يترك البيت مباشرة ليتوجه إلى أول اجتماع مفتوح في مدينة معينة, قال له ذلك الصبي الصغير الذي كان له معينًا: “أيها القس المُوقّر, قبل أن تذهب للاجتماع ينبغي أن تمتليء بالروح القدس..”. فتذكر هذا الخادم في الحال ما حدث منذ سنتين لاحقتين, حينما تجاهل هذا الاختبار, ورفض أن يتحمل الثمن.
فقال لهذا الصبي: “معك حق يا فتى. لن أذهب لأي مكان لأخدم دون أن أمتليء بالروح القدس..”. وشكرًا لله لأنه امتلأ وتكلم بالألسنة. أصبح هذا الخادم واعظًا دوليًا معروفًا لدى طائفة الإنجيل الكامل. وعندما أخضع نفسه للرب وأطاع الكلمة, أعاد الرب له كل شيء ورد له كل ما فقد. لم يتسن لي رؤية هذا الخادم وجهًا لوجه, لكني قرأت كتاباته وكم كانت رائعة.
أخبرني أصدقائه الذين كانوا قريبين منه, إنه عندما حان وقت رحيله ليذهب ويكون مع الرب, جلس على كرسي وابتدأ يرنم: “أين شوكتك يا موت, أين غلبتك يا هاوية”. ثم رحل. مجدًا للرب.
إن خطط وطرق الله دائمًا ما تكون الأفضل. إن طرق الله دائمًا ما تكون طرق للبركة والحماية والصحة والنهضة, حتى في وسط أشد التجارب وتحديات الحياة. إن طاعة الله وكلمته لا تكلّف, إنما تنفع وتغني. فهي دائما ما تعود على الفرد بفوائد عظيمة.
|
كلمة الله هي مشيئة الله
كما قلت سابقًا, هناك مؤمنون كثيرون ينشغلون جدًا, بمحاولة الحصول على توجيهات معينة من الرب, بشأن ما يريد منهم فعله, في الوقت الذي يتجاهلون فيه السلوك بالكلمة.
على سبيل المثال, يتكلم الكتاب المقدس عن الغفران. لكن لسبب أو لآخر, لا يسلك مؤمنون كثيرون بالطريقة التي يعلّمها الكتاب. فمسألة الغفران لها تطبيقان: أولاً, تحتاج أن تغفر للآخرين عندما يسيئون إليك. وثانيًا, تحتاج أن تغفر لنفسك عندما تخطيء في أيّة زاوية. إن لم تتعلم هذا الدرس, فسوف يؤثر على جميع نواحي حياتك.
تقول رسالة (يوحنا الأولى1: 9) “إِنِ اعْتَرَفْنَا لِلهِ بِخَطَايَانَا، فَهُوَ جَدِيرٌ بِالثِّقَةِ وَعَادِلٌ، يَغْفِرُ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ”, إن تبت واعترفت بخطيئتك للرب, فالله أمين وسوف يغفر لك خطاياك ويطهرك من كل ما فعلت ولن يتذكر لك أي شيء (أشعياء 43: 25).
(عبرانيين 8: 12)
8 لأَنِّي سَأَصْفَحُ عَنْ آثَامِهِمْ، وَلاَ أَعُودُ أَبَداً إِلَى تَذَكُّرِ خَطَايَاهُمْ وَمُخَالَفَاتِهِمْ!»
وبما أن الله لا يتذكر خطاياك, فلماذا تتذكرها أنت؟ سيكون أمرًا سخيفًا أن تذكّر الله بشيء قد نسيه!
(أشعياء 43: 25، 26)
25 أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا.
26 «ذَكِّرْنِي فَنَتَحَاكَمَ مَعاً. حَدِّثْ لِكَيْ تَتَبَرَّرَ.
لاحظ ما يقوله عدد 26: “ذَكِّرْنِي فَنَتَحَاكَمَ مَعاً”. بمعنى آخر, ينبغي أن تذكّر الله بما قاله في كلمته, فالرب يطلب منا أن نفعل ذلك. لكنك تحتاج أن تذكّر نفسك أيضًا بكلمة الله. وإن لم تذكر نفسك بما تقوله الكلمة عن الغفران, فربما تقع فريسة لشكاية الشيطان الذي سيجتهد ليذكرك بماضيك حتى يأسرك في دائرة الفشل والهزيمة.
انس الماضي.. الله يريد لك النجاح
بعدما تعترف بخطيئتك للرب وتنال غفرانًا لنفسك, سيجتهد إبليس كذلك ليحضر إلى ذهنك صورة فوتوغرافية وحسب لما فعلته, لأن خطيئتك لم تعد موجودة فيما بعد. يقول الكتاب المقدس: “أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا” (إشعياء43: 25). لاحظ المقطع: “من أجل نفسي”. لم يقل الكتاب أن الرب سوف يغفر أخطاءك ولا يتذكر آثامك من أجل “نفسك أنت”. لكنه لن يتذكر خطاياك من أجل “ذاته”, حتى يستطيع أن يباركك ويظهر محبته ورحمة العظيمة من نحوك.
(فيلبى3: 13و 14)
13 أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لاَ أَعْتَبِرُ نَفْسِي قَدِ نِلْتُ الْجَائِزَةَ، وَلَكِنِّي أَفْعَلُ أَمْراً وَاحِداً: أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَتَقَدَّمُ إِلَى مَا هُوَ أَمَامُ
14 إِذْ أَسْعَى إِلَى الْهَدَفِ، لِنَوَالِ تِلْكَ الْجَائِزَةِ الَّتِي يَدْعُونَا اللهُ إِلَيْهَا دَعْوَةً عُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ
كتب بولس هذه الكلمات إلى أهل فيلبي. فمع أن بولس كان يتكلم عن نفسه, إلا أن هذا الحق يمكن تطبيقه على كل ابن لله. فقبل أن يمضي أي مؤمن قدمًا في مسيرته مع الله, ويصل إلى قمة إمكانياته, وأقصى ما يستطيع تحقيقه في الخدمة, وكل ما دعاه الرب إليه, لابد أن ينسى الماضي, وخصوصًا أخطاءه السابقة.
نلاحظ أن بولس كتب شيئًا آخر عن نفسه في رسالته إلى تيموثاوس.
(1 تيموثاوس 1: 12-16)
12 وَكَمْ أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي أَعْطَانِي الْقُدْرَةَ وَعَيَّنَنِي خَادِماً لَهُ، إِذِ اعْتَبَرَنِي جَدِيراً بِثِقَتِهِ
13 مَعَ أَنِّي كُنْتُ فِي الْمَاضِي مُجَدِّفاً عَلَيْهِ، وَمُضْطَهِداً وَمُهِيناً لَهُ! وَلَكِنِّي عُومِلْتُ بِالرَّحْمَةِ، لأَنِّي عَمِلْتُ مَا عَمِلْتُهُ عَنْ جَهْلٍ وَفِي عَدَمِ إِيمَانٍ
14 إِلاَّ أَنَّ نِعْمَةَ رَبِّنَا قَدْ فَاضَتْ عَلَيَّ فَوْقَ كُلِّ حَدٍّ، وَمَعَهَا الإِيمَانُ وَالْمَحَبَّةُ، وَذَلِكَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ
15 مَا أَصْدَقَ هَذَا الْقَوْلَ، وَمَا أَجْدَرَهُ بِالتَّصْدِيقِ الْكُلِّيِّ: إِنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخَاطِئِينَ، وَأَنَا أَوَّلُهُمْ
16 وَلَكِنْ لِهَذَا السَّبَبِ عُومِلْتُ بِالرَّحْمَةِ، لِيَجْعَلَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مِنِّي، أَنَا أَوَّلاً، مِثَالاً يُظْهِرُ صَبْرَهُ الطَّوِيلَ، لِجَمِيعِ الَّذِينَ سَيُؤْمِنُونَ بِهِ لِنَوَالِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ
دعونا نقرأ أيضًا ما كتبه لوقا بوحي الروح القدس عن بولس في سفر الأعمال:
(أعمال 7: 58)
58 وَدَفَعُوهُ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ، وَأَخَذُوا يَرْجُمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ. وَخَلَعَ الشُّهُودُ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ شَابٍّ اسْمُهُ شَاوُلُ لِكَيْ يَحْرُسَهَا
(أعمال 8: 1)
1 وَكَانَ شَاوُلُ مُوَافِقاً عَلَى قَتْلِ اسْتِفَانُوسَ. وَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ وَقَعَ اضْطِهَادٌ شَدِيدٌ عَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ. فَتَشَتَّتَ الإِخْوَةُ جَمِيعاً فِي نَوَاحِي الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ، وَلَمْ يَبْقَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلاَّ الرُّسُلُ.
(أعمال 9: 1و 2)
1 أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لاَيَزَالُ يَفُورُ بِالتَّهْدِيدِ وَالْقَتْلِ عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ. فَذَهَبَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ،
2 وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى مَجَامِعِ الْيَهُودِ فِي دِمَشْقَ لِتَسْهِيلِ الْقَبْضِ عَلَى أَتْبَاعِ هَذَا الطَّرِيقِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَيْثُمَا يَجِدُهُمْ، لِيَسُوقَهُمْ مُقَيَّدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
شكرًا للرب, لقد افتَقَدَت رحمة الله بولس, فقَبِلَ الميلاد الجديد وصار خليقة جديدة في المسيح يسوع. تقول رسالة (كورنثوس الثانية 5: 17) “إِذَا كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ، فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: إِنَّ الأَشْيَاءَ الْقَدِيمَةَ قَدْ زَالَتْ، وَهَا كُلُّ شَيْءٍ قَدْ صَارَ جَدِيداً”.
هذا ما كان بولس يتحدث عنه في رسالة (فيلبى 3: 13) “أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لاَ أَعْتَبِرُ نَفْسِي قَدِ نِلْتُ الْجَائِزَةَ، وَلَكِنِّي أَفْعَلُ أَمْراً وَاحِداً: أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَتَقَدَّمُ إِلَى مَا هُوَ أَمَامُ”. فبعدما صار خليقة جديدة, قد مُحي ماضي بولس. وفى نظر الله, صار يقف بارًا تمامًا وكأنه لم يفعل خطيئة أبدًا في حياته. لذلك احتاج بولس أن يتعلم الغفران أيضًا. فقد أحدث خرابًا عظيمًا في الكنيسة قبل نواله الخلاص. ومن إحدى الأمور البشعة التي صنعها, هو اشتراكه في رجم إستفانوس, بالإضافة إلى التهديدات التي سببها لتلاميذ الرب. فإن لم يتعلم بولس النسيان لما استطاع مطلقًا أن يتمم دعوة الله, ويشغل الخدمة التي دعاه إليها. هكذا نحن أيضًا, نحتاج أن نتعلم كيف نغفر, وإلا لن نقدر أن نتبع بنجاح خطة الله لحياتنا.
اغفر لنفسك
إن عدم غفرانك لنفسك يُحتسب خطية, مثل عدم غفرانك للآخرين. وإن لم تغفر لنفسك أو للآخرين, أو ظللت تحتفظ بأخطاء الماضي, فهذا سوف يوقف نموك الروحي, ويحرمك من تحقيق ما ينبغي عليك فعله.
|
كنت أعقد اجتماعًا في إحدى مدن ولاية “تكساس”, حيث أوقفتني سيدة بعد الخدمة, وقالت: “أريدك أن تصلي لأجلي”.
فسألتها: “من أجل ماذا؟”
أجابت: “أيجب أن أخبرك؟”
قلت: “لن أصلي لك ما لم تخبريني لأي شيء, لأنه لا يمكنني أن اتفق معك وأطلق إيماني لأجل شيء لا أعرفه”.
قالت: “سوف أخبرك, لكن هل تعدني أن لا تضحك عليّ؟”
قلت: “لن أضحك عليكِ, لكن ربما أضحك معكِ”.
قالت: “لقد نلت الخلاص منذ ثمانية أعوام وامتلأت بالروح القدس. لكن زوجي لم يأت للمسيح بعد. قبلما أختبر الميلاد الجديد, كنت متقلبة المزاج وسريعة الانفعال وأَُستثار لأجل أي شيء”.
إن زوجي, مع كونه رجل جيد ويحبني ونحن نحظى بزواج سعيد, إلا أنه يشرب قليلاً من الخمر من حين لآخر..”
“وذات مرة, عاد إلى المنزل وتظاهر بأنه في حالة سُكر. وعندما رأيت هذا المشهد احتديت عليه جدًا وبدأت أصرخ وأصيح في وجهه ..”.
“لكنه بدأ يصرخ: ‘إنني لست سكرانًا. إنني أمزح معك وحسب. اعتقدت أنه سيكون طريفًا إن أتيت وتصرفت كأني مخمور..”
“عندما قال ذلك, أثار انفعالي أكثر. فبدأت أصرخ بصوت أعلى في وجهه, ثم ذهبت إلى غرفتي وأغلقت الباب بعنف..”
بعدما هدأت, تضايقت كثيرًا لأجل ما تكلمت به. فركعت على ركبتي وبدأت أصلي الليل كله: ‘يا رب سامحني’”.
في الصباح التالي, ونحن على مائدة الإفطار, قلت لزوجي: “حبيبي, أريدك أن تغفر لي. لقد صليت الليل كله وأنا أعلم أن الرب يقول في الكلمة إنه سوف يغفر لي. لكني أسألك أن تغفر أنت لي”.
فأجاب زوجي: “إن كان هناك أحد يحتاج إلى غفران, فسيكون أنا ولست أنتِ. ينبغي أن أطلب منك أن تغفري لي. لقد تسببت في كل هذه المشاكل, فأنا مَن ينبغي أن يُلام”.
ثم أكملت قائلة: “فغفر كل واحد منا للآخر..”.
فقلت لها: “أختي, حتى هذه اللحظة كل ما تفعلينه هو أنك تروي قصة. ما هي طلبة صلاتك؟”
فقالت: “ها هي طلبة الصلاة: أريدك أن تصلي معي أن يعطيني الله نوعًا ما من المشاعر حتى أتأكد أنه غفر لي بالفعل”.
عندما سمعت هذا, لم أقدر أمنع نفسي من الضحك. قلت لها: “أختي العزيزة, هل تدركين معنى الكلام الذي تتكلمين به؟ لقد أخبرتني كيف أن لديك إيمانًا أكثر في كلمات زوجك, والذي لم يخلص بعد, أكثر مما لديك في الله. لقد طلبت من زوجك أن يغفر لك، وقد فعل هذا حقًا, وأنت وثقتي أنه قد سامحك. لكنك الآن لا تصدقين الله عندما قال في كلمته بأنه غفر لك! يقول الرب: “إنِ اعْتَرَفْنَا لِلهِ بِخَطَايَانَا، فَهُوَ جَدِيرٌ بِالثِّقَةِ وَعَادِلٌ، يَغْفِرُ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ” (1 يوحنا 1: 9).
ثم أكملت: “عندما قال زوجك: ‘قد غفرت لكِ..’ لم تركعي على ركبتيك وظللت تصلي للرب: ‘أعطني بعض المشاعر حتى أعلم أن زوجي قد غفر لي’. كلا, إنما قبلت غفران زوجك. لقد وضعت ثقة أكبر في زوجك الغير مؤمن أكثر من كلمة الله”.
قالت: “حقًا, إني أدرك الآن خطأي. لم يكن صحيحًا أن أسألك أن تصلي لأجلي حتى يعطني الرب بعض المشاعر. والآن, لتنس الأمر..”.
وبينما كانت تستدير لترحل, دعوتها: “ارجعي يا أختي. هل تعلمي ما هي مشكلتك؟”
قالت: “هل تعلم أنت؟”
قلت: “بالطبع أعلم”.
فقالت: “أخبريني إذًا”.
قلت: “إنك لم تشأي أن تغفري لنفسك عندما خرجت عن طبعك. لكن الله قد غفر لك, وزوجك قد غفر لك, وأنت قد غفرت لزوجك. لكنك لم تغفري لنفسك. تعلمي أن تسامحي نفسك ولا تمسكي اساءة ضد نفسك. وسريعًا ما ستختبرين المشاعر التي تطلبينها. لستِ في حاجة لتصلي للرب حتى يعطكِ أيّة مشاعر..”.
بعد مرور يومين, رجعت هذه السيدة إلي اجتماعاتي, ولم أحتج أن أسألها إن كانت قد غفرت لنفسها أم لا. لقد كان وجها مشرقًا ويبدو وكأن مصباحًا فسفوريًا قد أضاء في الظلام. كانت الابتسامة على وجهها وكانت مسرورة دومًا لأنها تعلَّمت كيف تغفر لنفسها.
هناك مؤمنون كثيرون ليسوا مستعدون أن يغفروا ويسامحوا أنفسهم, لأجل الأخطاء التي ارتكبوها في الماضي, ولأجل عصيانهم للرب ولكلمته. بل أن هناك بعضهم يعاقبون ذواتهم بالتراجع عن الدعوة والرؤية التي وضعها الله في قلوبهم. لكني دائمًا ما أقول: لا يهم الأخطاء التي صنعتها في الماضي. ما يُهم حقًا هو ما ستفعله بعد ذلك. هذا ما يأخذه الله في الحسبان.
تذكر ما كتبه الرسول بولس: “أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لاَ أَعْتَبِرُ نَفْسِي قَدِ نِلْتُ الْجَائِزَةَ، وَلَكِنِّي أَفْعَلُ أَمْراً وَاحِداً: أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَتَقَدَّمُ إِلَى مَا هُوَ أَمَامُ” (فيلبي 3: 13).
لا يهم كم من مرات قد عصيت فيها الله. إنه يريدك أن تكون طائعًا لكلمته ولمشيئته لحياتك اليوم. وبينما تخضع لكلمة الله المقدسة ولخطته وقصده لحياتك, فسوف تحصل على فوائد عظيمة. وعلى طول المشوار, لن تكلفك أبدًا طاعة الله, بل دائمًا ما تغنيك!.
|
.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.