بالرغم أن الذهن البشرى قد تم استكشافه والبحث فيه، إلا أنه مازال يُكتشف فى المختبر العلمى أو يُكشف عنه بالتجارب العلمية. وفى الحقيقة، لم يكن فَهْم طبيعة الذهن بالأمر السهل الذى يقدر أن يخبرنا به حتى أفضل علماء العالم أو أطباءه أو مؤرخينه أو حتى فلاسفته، لأنه حتى أفضل تفسيراتهم للذهن هى مجرد تخمينات فى أحسن تقديرها.
وهذا بسبب أن الذهن هو كيان روحى دقيق وغير ملموس، وتقدر كلمة الرب فقط أن تُسلط الضوء عليه أى تفسره وتوضحه على أفضل وجه.
تخبرنا رسالة العبرانيين 4 : 12،
“…. لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته.”
وهذا الأمر لم يقدر الذهن الطبيعى أن يفعله أو يقدمه لك. فهو يتطلب إعلان من كلمة الله بقوة الروح القدس لجعل تلك الفروق بين النفس والروح مفهومة.
لذلك سنبدأ بتعريف بسيط للذهن:
فالذهن هو مُجمع المعرفة والأفكار. ويتمتع بالقدرة على التخيل والتمييز والادراك والتقدير، وهو مسئول عن التعامل مع المشاعر والأحاسيس، والتى تؤدى إلى اتجاهات قلب وسلوك.
وهناك فى التعريف بعض الكلمات الرئيسية، وأولهم ” الأفكار”
الأفكار هي خلق واستدعاء صور وفحصها والتعامل معها، لتعطى أو تؤيد معنى، وسبب، ولغة، وتعبير.
وهذا يعنى أنه يمكنك أن تخلق وتستدعى صور وتفحصها وتتعامل معها لتحصل على معنى. وبعبارة أخرى، يمكنك اعطاء معنى للصور التى تحصل عليها. ويمكنك أيضاً التعامل مع تلك الصور لتعطى أو تؤيد سبب، ولغة، وتعبير. فكل هذا يحدث فى الذهن.
فعندما توجه نظرك إلى صورة، وعندما تراها فعلياً، فذهنك هو من يترجم تلك الصورة،. وإذا لم يقدر ذهنك على ترجمتها أو تفسيرها أو التحقق منها، فلا يهم إذاً .ما هى هذه الصورة، فهى لن تعنى لك شيئاُ. كمثال، إذا أُعطي لك كتاب باللغة العربية لتقرأه، ولم يكن ذهنك مُمرّن على فهم الحروف العربية، فلا يُمكنك التعرف على الحروف. وستكون دهشتك الأولى أن الكلمات مكتوبة من اليمين إلى اليسار!
وفى دراستك لهذا الموضوع سواء فى العهد القديم أو الجديد، ستكتشف أن هناك عدة كلمات مستخدمة بطريقة متبادلة والتى تشير إلى الذهن وأنشطته. وهم على سبيل المثال، “الأفكار” و “المعرفة”، و “التخيل” و “التفكير” وأيضاً “الميول والرغبات”.
وستقرأ أحياناً فى شاهد كتابى فى أحد ترجمات للكتاب المقدس كلمة “تفكير” هى المستخدمة فى تلك الترجمة، ولكن تُعبر ترجمة أخرى عن نفس الكلمة بكلمة حجة او برهان.
وستجد أيضاً كلمات مثل “الذهن” و “النفس” و “القلب” يحل محل بعضهم البعض. ولكن الذهن ليس هو القلب، والقلب ليس المقصود به النفس. وأحياناً تُستخدم النفس والقلب وإنسان القلب الخفى لوصف الإنسان الداخلى والذى يتكون من الروح البشرية النفس.
ولكن هذه كلها مجرد تعبيرات عامة للإنسان الداخلى ستجدها مستخدمة كمترادفات فى كل الكتاب المقدس. وهى لا تمثل سوى جزء صغير من عدد هائل من المترادفات المستخدمة فى التعبير عن ظاهرة الذهن وأنشطته. وبالتالى، لكى تفهم ماهو الذهن بشكل أفضل، تحتاج لفهم واضح لتعريف ووصف كتابى للإنسان.
الإنسان الداخلى والإنسان الخارجى
فالإنسان فى الأساس لديه طبيعة ثنائية: الإنسان الخارجى والإنسان الداخلى . ويُفرق بولس بوضوح فى 2 كورنثوس 4 : 16 بينهما عندما قال، ” لذلك لا نفشل. بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى، فالداخل يتجدد يوما فيوما.”
فالإنسان الخارجى هو الجسد المادى وحواسه الخمسة (النظر، والسمع، والشم، واللمس، والتذوق). فتلك الحواس هى وسيلته فى التواصل مع بيئته. ولهذا السبب يقدر الجسد البشرى أن يستقبل معلومات من العالم بهؤلاء الحواس الخمسة.
أما الإنسان الداخلى هو الروح البشرية والنفس (التى هى مقر الذهن والإرادة والمشاعر والمعرفة والعقل ). وهو ما يدعوه الكتاب المقدس “بإنسان القلب الخفى.” وهو لا يُرى بالعيون الطبيعية، لأنه هو “إنسان داخل إنسان.”
والآن، فإن كل شخص منا هو كائن روحى، وإنساننا الداخلى هو الشخص الحقيقى ساكناً فى الجسد المادى. وهو الشخص الذى يستقبل خلاص المسيح. فلم يكن جسدك (إنسانك الخارجى) هو من وُلِدَ ثانية عندما أمنت واعترفت بربوبية وسيادة يسوع على حياتك وإنما من وُلِدَ ثانية وأُعيدَ خلقته هو إنسانك الداخلى – أى روحك البشرية .
فروحك البشرية لها حواس روحية، ويؤدوا وظيفتهم من خلال نفسك وذهنك. وهذا يُبين سبب أن ذهنك له قوة وذو أهمية كبيرة، وذلك لأنه الموصّل روحك بجسدك.
صورة أوضح للنفس والذهن
أحياناً قد يصعب التعامل مع الأمور الروحية، ولكن تُبين لنا الكلمة أننا نقدر أن ندركها وذلك بالنظر فى العالم المادى. وهذا لأن العالم الروحى وُلِدَ العالم المادى. تخبرنا رسالة العبرانيين 11 : 3، “…. بالإيمان نفهم أن العالمين أتقنت بكلمة الله، حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر.”
ولكى تفهم ما أقوله بطريقة أفضل عن كون الإنسان الداخلى هو الروح البشرية و النفس، وكون الإنسان الخارجى هو الجسد البشرى وحواسه، لذا سأقارن بين الجهاز العصبى ودائرة النفس.
علاقة الجهاز العصبى بالجسد، هى كعلاقة النفس بالروح.
كما أن الجهاز العصبى جزء لا يتجزأ من الجسد البشرى، هكذا النفس لا يمكن فصلها عن الروح الإنسانية؛ فهى تنتمى وتؤدى وظيفتها من أجل الروح الانسانية. وستحصل على صورة أكثر وضوحاً لدائرة النفس مع هذه المقارنة بينها وبين نظيرتها الطبيعية .
فعلاقة الجهاز العصبي بالجسد مثل النفس بالروح وعلاقة العقل بالجهاز العصبي مثل علاقة الذهن بالنفس.
وبالتالى هذا يعنى أن الذهن هو فى دائرة النفس، كما أن العقل هو جزء من الجهاز العصبى المركزى. فلهذا السبب يمكنك أن ترى ، وتسمع أو تشعر بذهنك. فكل الأمور التى يقدر الجهاز العصبى المركز والحواس الطبيعية للجسد على فعلها ما هى إلا انعكاس لطبيعة وسمات الإنسان الداخلى.
وبالتالى فذهنك لدية القدرة على النظر، والسمع، والادراك، والترجمة ، حتى وإن لم يمكنك تحديد مكانه فعليًا فى جسدك. فهو يسكن فى دائرة النفس، وهو كائن روحى والذى يقدر الرب فقط أن يراه.
العقل البشرى
يعطى قاموس التراث الأمريكى الطبى لستيدمان تعريفاً للعقل “كمركز أساسى لتنظيم الأنشطة الجسدية والتحكم فيها، واستقبال وترجمة الدوافع الحسية وبث المعرفة إلى العضلات وباقى أعضاء الجسم وهو أيضاً مركز الوعى والادراك والفكر والذاكرة والعاطفة”.
وهذا تعريف رائع للعقل، ولكن هناك جزء منه غير صحيحًا تماماً. فلا يكمن مركز الوعى والادراك والفكر والذاكرة والعاطفة فى العقل. ففى العلوم الطبية وغيرها من المجالات، يعرفون أن العقل يمكن أن يعمل بكفاءة تامة حتى عندما يكون الشخص غير واعياً. وبالتالى فمركز الوعى ليس فى العقل. وحتى الذاكرة لا يمكن أن يقال انها موجودة فى العقل، لأن الذاكرة السليمة تتخطى تسجيل المعلومات لمعالجتها أى التعامل معها. وعادةً يكون معالجة المعلومات لإعطاء ترجمة، ومعنى، ولغة، وتعبير ليس بقوة العقل ولكن بقوة الذهن.
لذا سيكون التعريف الصحيح للعقل هو المركز لتنظيم الأنشطة الجسدية والتحكم فيها، واستقبال وترجمة الدوافع الحسية وبث المعرفة إلى العضلات وباقى أعضاء الجسد فقط.
على الرغم من أن قاموس التراث الأمريكى الطبى لستيدمان قد تجاوز هدف العقل فى تعريفه، الا أن هناك بعض الحقيقة فيه، فهو يُبين لنا أن هناك ما يُسمى بمركز الوعى والادراك والفكر والذاكرة والعاطفة. وهذا لأن العلم يعرف أن هناك علاقة بين الذهن والعقل – أى بين الإنسان الداخلى والإنسان الخارجى – ولكنه لا يعرف كيف يتم ذلك التواصل.
فالعقل ليس هو الذهن ولا النفس وإنما هو عضو مادى فى الجسد، بينما النفس والذهن هما غير ملموسين. ومع ذلك، يعمل الجهاز العصبى المركزى للجسم (العقل والنخاع الشوكى) بالتعاون مع الذهن من أجل إدراك ووعى وتعبير أفضل. وفى النهاية يكون هذان الأثنين أى الجاهز العصبى المركزى والذهن هما المسئولان عن طبيعة وشخصية الإنسان. فهذه هى العلاقة بين الذهن والعقل وكيفية عملهما معاً.
تعليم الإنسان الداخلى
إن الذهن قادراً على استقبال المعلومات ومعالجتها من الإنسان الخارجى وحواسة، كما أيضاً من الإنسان الداخلى وحواسه الروحية. فهو الموصل الإنسان الطبيعى أو الخارجى والإنسان الروحى أو الداخلى، وبالتالى هو من يعطى الإنسان شخصيته الحقيقة. فالذهن فى النهاية مسئول عن اتجاهات الإنسان وسلوكه.
وحتى أفضل تعليم فى العالم ما هو إلا محاولة بها يُعلِم عن الذهن وتنقيته وتطويره من خلال حواس الإنسان الخارجى. فهذا أفضل وأقصى ما يمكن أن تفعله أفضل المدارس والجامعات التى يمكنك الذهاب إليها: وهو تعليم وتثقيف الذهن من خلال الحواس. ولكن الإنسان لديه إمكانية أفضل جداً وأكثر روعة من ذلك. فتعليم الإنسان الداخلى أى الروح البشرية هو الذى يؤدى فى النهاية إلى تعليم الذهن. وهذا يمكن تحقيقه وانجازه فقط باستقبال كلمة الله والتأمل بها.
فيمكن أن يُكتشف الإنسان الداخلى ويُعلّم من خلال كلمة الله فقط. وستفهم ذلك من رسالة العبرانيين 4 : 12،
لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته.
لاحظ أنه يقول أن الكلمة خارقة “حتى إلى مفرق النفس والروح”. ويعنى هذا أن الكلمة تدخل إلى صميم وجوهر طبيعتنا لتُميز وتفصل بين النفس والروح. وكلمة الرب فقط هى التى تقدر على فعل هذا. فهى تُساعدنا أن نكتشف إنساننا الداخلى. فلا توجد مدرسة فى العالم والتى تُعلم الذهن عن طريق الحواس تقدر على فعل ذلك. فأبعد ما يمكنهم الوصول له هو تدريب وتمرين الذهن ليكون ضليعًا فى العالم الحسى، ولكن يحتاح الإنسان الحقيقى – أى الإنسان الروحى – إلى نوعِ مختلفٍ من التعليم.
وهنا أنا لا أُقلل من شأن التعليم الرسمى (التعليم بالمدارس والجامعات) بأى وسيلة، لأن كلما كان الشخص مُتعلماً ومثقفاً أكثر، حصل على الكثير من الإمتيازات فى هذا العالم. فعندما تعرف أكثر عن بيئتك، وعن العالم الذى تحيا فيه، وعن طبيعة الناس فيه، يكون لديك امتياز عن الشخص الذى لا يعرف.
فكّر الآن ماهى أفضل الامتيازات التى تحصل عليها بتعليم روحك وتدريب حواسك الروحية. وياله من امتياز والذى تحصل عليه بقراءة مادة روحية مثل هذه والتى تساعدك على اكتشاف حقيقتك وتُحسن وتطور من نوعية حياتك من خلالها. وهذا التعليم الهام عن إنسانك الداخلى يتحقق من خلال ما قد وصفته بإدارة الذهن، وهذا ما يُشير إليه بولس فى رومية 12 : 1-2 حيث يُخبرنا:
أطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة.
لاحظ أنه يقول فى العدد الأول، “…. قدموا أجسادكم”؛ ويعني أنك (أى إنسانك الداخلى) تمتلك جسدك. فهو يُعرّفك أن روحك البشرية تمتلك قوة أكبر من إنسانك الخارجى. وبالتالى، لا تدع جسدك يتحكم فيك؛ ولكن بدلاً من ذلك تحكم أنت فيه وقدمه للرب كذبيحة حية.
ثم يذهب أبعد من ذلك فى العدد الثانى ليتكلم عن التعليم الروحى: “تَغَيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم.”
فكما أن الإنسان يتغير من خلال تدريب حواسة الطبيعية، كذلك يمكن لإنسانك الداخلى أيضًا أن يتغير بتدريب حواسك الروحية.
وبالتالى، لا تشاكل هذا العالم، بمعنى أن لا تعيش مثلهم، أو تفكر مثلهم، أو ترى الأمور من منظورهم. ولكن بدلاً من ذلك، تغير وتحول، مترجماً ذلك بتجديد ذهنك.
فلا تقل، “يا إلهى، خذنى إلى المستوى التالى!” فهى مسئوليتك أن تنقل نفسك من مستوى مجد فى حياتك إلى مستوى آخر. فيمكنك بإختيارك أن تحيا حياة أفضل وأكثر مجداً، وهنا قد بَيّنَ لك كيف تفعلها بالضبط – بتجديد ذهنك (أن تديره بصورة فعالة ومؤثرة).
فهم أفضل لكيفية عمل القلب، والنفس، والذهن، والأفكار
سأعرض لك بعض الأجزاء القليلة من الشواهد الكتابية والتى ستجدها مفيدة فى فهم النقاط التى عرضتها حتى الآن عن القلب، والنفس، والذهن والأفكار.
متى 15 : 1-11
حينئذ جاء الى يسوع كتبة وفريسيون الذين من اورشليم قائلين: لماذا يتعدى تلاميذك تقليد الشيوخ فانهم لا يغسلون ايديهم حينما ياكلون خبزا؟ ثم دعا الجمع وقال لهم: «اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان.
اتهم الكتبة والفريسيون تلاميذ يسوع بالتعدى بسبب الأكل بأيدِ غير مغسولة: افهم ذلك أنهم لم يكونوا مهتمين بالنظافة هنا، ولكن بمراسم (بتقاليد) التطهيرأو الاغتسال . لذلك اجبهم يسوع، “أن ليس كل ما يدخل جسم الإنسان عن طريق الفم هو الذى ينجسه، ولكن كل ما يخرج من فمه.” ثم ذهب إليه تلاميذه فيما بعد، وطلبوا المزيد من الشرح للمثل الذى قاله، لأنهم لم يفهموا ما كان يقصده.
فقال يسوع: «هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين؟ الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان لان من القلب تخرج افكار شريرة: قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هي التي تنجس الانسان. واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان.” (متى 15 : 16-20)
لاحظ كلمات يسوع هنا. لم يكن “القلب” الذى يتحدث عنه هو ذلك العضو الجسدى الذى ينبض تحت صدرك ويضخ الدم فى جسدك؛ بل هو الروح البشرية و نَفْسه ( او بشكل محدد: ذهنه)، من أين ذلك، لأنه يقول، تخرج الأفكار الشريرة. فهو يُعلمنا أنه لم تأتى الأفكار الشريرة من الجسد المادى (العقل)، ولكن من الذهن.
فهذا جدير بالملاحظة! فالرب يُساعدنا أن نرى الإختلاف بين الروح البشرية والجسد المادى وكيف يُنجَسْ الإنسان (أى ما يُلوثه، ويجعله غير نظيف)، فهو يُنجس بالأفكار والتى تأتى ليس من عقله، ولكن من إنسانه الداخلى (اى قلبه وذهنه).
فهناك أنواع مختلفة من الأفكار – الجيدة والشريرة- والتى تأتى من القلب وصنّفهم يسوع بالأفكار الشريرة، لأنهم تم التعامل معهم ومعالجتهم بشكل سلبى فى الذهن.
والآن دعنا نقرأ جزء آخر من الكتاب المقدس من سفر لوقا 24 : 36-37:
“وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم، سلام لكم، فجزعوا وخافوا وظنوا انهم نظروا روحا”
وكان هذا بعد صلب وقيامة يسوع. وكل التلاميذ اجتمعوا معاً فى حجرة صغيرة، يتناقشوا معا الأحداث المؤلمة التى حدثت فى الأيام القليلة الماضية، ×ويتسائلوا فيما بينهم إذا كان صحيحاً أن يسوع قد قام كما قد أبلغهم البعض أم لا.
وبينما كان يتحدثون، ظهر يسوع لهم فى الوسط فجأة، بالرغم أن الأبواب كانت مغلقة بإحكام. واعتقدوا أنهم قد رأوا روحاً أو ولد مما جعلهم يشعرون بالخوف! ثم قال لهم يسوع،
“ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم؟”
أريدك أن تلاحظ للمرة الثانية كلمة “القلب” بانتباه شديد. تذكر أنى أخبرتك أن كلمات “القلب، والنفس، والذهن” مستخدمة بالتبادل فى الشواهد الكتابية. دعنا نقرأ من الترجمة العالمية الجديدة NIV ونرى ترجمة هذا العدد،
” ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر افكار في أذهانكم؟”
ففى هذه المرة، استخدموا المترجمين كلمة “الذهن” بشكل صحيح بدلاً من “القلب”.
قد أخبر يسوع تلاميذه أنه سيقوم ثانية من الموت؛ ثم سمعوا تقارير من شهود عيان اللذين قد رأوه (يسوع) حياً بعد صلبه، ولكنهم ما زالوا في الشكّ. وبعدئذ ظهر لهم الرجل بنفسه (يسوع) فى الوسط، ولكنهم نظروا له غير مصدقين، معتقدين أنه “لابد أن يكون شبحه”.
فكان ردّ يسوع رائعاً ورقيقاً جداً. و الذى يساعدنا أيضاً أن نفهم أمرا عن الشكوك والذهن. وسألهم، “لماذا تخطر أفكار (شكوك) فى أذهانكم”، وذلك يُعلمنا أن الشك هو نوع من الفكر الذى ينشأ فى الذهن.
وهنا تلاحظ شيئاً عن كيفية عمل الذهن. فعندما ظهر يسوع لتلاميذه، اعتقدوا أنهم قد رأوا شبحاً، وارتعبوا من أفكارهم . فمن الواضح أن هؤلاء الرجال قد سمعوا قصص مرعبة عن الأشباح. ولابد أنهم سمعوا أن تلك الأشباح هم أرواح الموتى التى لم يدخلوا بعد إلى مكان راحتهم ويتجولون فى الأرض، على الرغم أنهم قد انتقلوا إلى العالم الروحى.
ولا يعنى إنك لم ترى شبحاً من قبل أنهم ليسوا موجودين. فهم حقيقيون، وأحيانا يمكن لعيوننا وآذاننا أن ينفتحوا على العالم الروحى لتراهم وتسمعهم قبل أن يختفوا.
لابد أن التلاميذ تعلموا عن وجود الأشباح، ولكن أنت تعلم أن الناس غالبا يخافون مما لا يعرفونه أو من الأمور التى تكون خارج سيطرتهم. ففى هذه الحالة، كان التلاميذ خائفين من الأشباح، على الرغم انهم لم يروا واحداً منهم قبل ذلك. فهم لم يعرفوا ما هى الأشباح بالضبط، بغض النظر عن أنهم قد سمعوا عنهم. والآن، فهم اعتقدوا أنهم قد رأوا واحداً منهم وغالبًا قد فقدوا الوعى من الخوف.
وعلى الرغم أن الذى رأوه لم يكن شبحاً، ولكنه كان الرب يسوع، الشخص الذى قد عرفوه وتفاعلوا معه عن قرب فى الثلاث السنوات الماضية. وإلا أنه عانى فى إقناعهم أنه لم يكن روحاً. وقال لهم، ” أنظروا إلى يدي وقدمي. أنا هو. إلمسوني وتحققوا. فالأشباح(الأرواح) لا يكون لهم لحم وعظم كما ترون لي” (لوقا 24 : 39) الترجمة الإنجليزية المعاصرة CEV
ولإثبات وجهة نظره أكثر لهؤلاء الذين مازلوا غير مصدقين، سألهم، ” هل عندكم هنا شيء آكله؟”واستجابة لسؤاله، “أعطوه قطعة من السمك المشوي، فأخذها وأكلها بينما هم يشاهدوه” (لوقا 24 : 41-43) الترجمة الإنجليزية المعاصرة CEV
فعندما رأوه يتناول الطعام بشكل طبيعى على هذا النحو، أتضح لهم – تدريجيا- أنه كان حقاً السيد الذى قد قام من بين الأموات.
من أين جاء الخوف؟
لماذا كان التلاميذ خائفين جداً فى البداية؟ جاء خوفهم من المعرفة والمعلومات الخاطئة والسلبية السابقة التى استقبلوها عن الأشباح. وهذه المعرفة أفشت الخوف فى قلوبهم. وكان الخوف بالفعل ساكناً فيهم، وعندما ظهر يسوع، تم فتح ملفات خوفهم، فأظهروا الرعب الذى بداخلهم.
إفهم ذلك: يُمكن ما نسمعه (المعلومات التى نستقبلها) أن تُتنج ايماناً أو خوفاً فى داخلنا، ويمكن أن تُولّد الضعف أو القوة. فلا وجود للخوف فى حد ذاته؛ ولكنه يأتى نتيجة للمعرفة التى نستقبلها.
ففى الفصل القادم، سنتطرق إلى ما هو أبعد من ذلك لنرى المقاييس التى يمكن على اساسها أن تقيس طبيعة شخصيتك ونوعية تفكيرك. أعطنا بولس تلك القائمة الرائعة فى فيلبى 4 : 8، وهذه مسئوليتك أن تدرسها وتطابق تفكيرك مع مستوى تفكيرالرب.
نشرت بإذن من كنيسة سفارة المسيح Christ Embassy Church والمعروفة أيضا بإسم عالم المؤمنين للحب و خدمات القس كريس أوياكيلومي – بنيجيرياBeliever’s Love World – Nigeria – Pastor Chris Oyakhilome والموقع www.ChristEmbassy.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات القس كريس أوياكيلومي.
Taken by permission from Christ Embassy Church , aka Believer’s Love World & Pastor Chris Oyakhilome Ministries , Nigeria. www.ChristEmbassy.org .
All rights reserved to Life Changing Truth..