القائمة إغلاق

كيف تتحكم في النفس والجسد – الجزء 4 How To Control The Soul & The Body – Part

 

 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

video
play-sharp-fill

كيف تتحكم في النفس والجسد – الجزء 4

  • يوجد طريقتان للتعامل مع الظروف: روحك أو جسدك:-

 

  • مفاتيح هامة تساعدك على السلوك بالروح:-
  • السلوك داخل المجال الروحي الإلهي وليس الشيطاني:
  • السلوك بالحكمة الإلهية وليس البشرية:

 

  • كيف ساعد بولس الرسول تيموثاوس على السلوك بروحه:-
  • تذكر الكلمة المُذخرة بداخلك:
  • اشعِل القوة المُعطاه لك؛ الروح لقدس:
  • اقنع نفسك بالكلمة:
  • قِف بثبات وتمسك بالكِلمات الصحيحة:

 

  • الحياة روحية؛ لن تنجح إن تعاملت معها بالحم والدم:-
  • السلوك بالروح هو السيطرة على النفس والجسد:-
  • يوجد طريقتان للتعامل مع الظروف: روحك أو جسدك:-

      عند مواجهة أي موقف في الأرض إما ستواجهه بروحك أو بالطبيعة البشرية، والطبيعة البشرية غير قادرة للتعامل مع ظروف الحياة لأنها في الأساس روحية، وهذا يشبه من يتعامل مع أمر طبي بالهندسة أو التجارة شيئان لا علاقة لهما ببعض. هكذا كل من يتعامل بطريقة بشرية مع أمر روحي؛ سيفشل.

     السلوك بالبشرية: هو السلوك بما تُمليه عليك حواسك الخمس وما يخبرك به الجسد، وهو عدم السلوك بطريقة التفكير الكتابية. الصورة السليمة التي يريدنا الرب أن تحرك بها هي السلوك بأرواحنا في مواجهة المواقف، وعندما تتعامل معها بروحك الإنسانية المتقوية بالروح القدس؛ تُمسِك زمام الأمور وتقود النفس البشرية بروحك ومنها تقود جسدك.

     تُرى ما مصدر كل فعل يصدر عنك؟ هل من جسد أم من روحك؟! تحتوي الطبيعة البشرية على أفكار ومبادئ أرضية التي إن سرت بها ستُهزَم. إن سرت بروحك ستنتصر على المشكلة لأن الروح القدس يتحرك فقط في المجال الروحي وليس النفسي، فهو يبحث باستمرار عن أولائك السالكين بأرواحهم؛ أي واعيين للعالم الروحي بالصورة الكتابية.

    يسعى إبليس في المقابل أن يُشتت الناس بطرق تبدو سليمة أو مباديء تظهر كتابية لكنها ليست كذلك، وينسحب في مواضيع كثيرة؛ فتحدث نتائج سلبية وتسوء الأحوال ويشكوا قائلاً: “لقد سِرتُ بالمبادئ الروحية السليمة!” ظنًا منه أن سلوكه بالبشرية هو سلوك روحي صحيح، ويبقى السؤال “بأي معيار حكمت على ذاتك أنك تسير بطريقة صحيحة أم لا؟” هناك معايير وطريقة للحكم في هذا.

     ما أود توصيله لك هو؛ عندما تسير بروحك تصبح الانتصارات هي الطبيعي لك، وينتهي الاحتداد والمضايقة التي تؤثر بدورها على بيتك وعملك وعندما تنتصر على أمر صغير كهذا؛ تستطيع الانتصار على ما هو أكبر مثل كبح جماح المرض، والسيطرة على الظروف والأحداث، فالانتصار يبدأ بأمور صغيرة ويمتد إلى ما هو أكبر.

    

  • مفاتيح هامة تساعدك على السلوك بالروح:-

 

     “١ لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ (معلمين المعلمين) كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي، عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ! ٢ لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا. ٣ هُوَذَا الْخَيْلُ، نَضَعُ اللُّجُمَ فِي أَفْوَاهِهَا لِكَيْ تُطَاوِعَنَا، فَنُدِيرَ جِسْمَهَا كُلَّهُ. ٤ هُوَذَا السُّفُنُ أَيْضًا، وَهِيَ عَظِيمَةٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، وَتَسُوقُهَا رِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، تُدِيرُهَا دَفَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا إِلَى حَيْثُمَا شَاءَ قَصْدُ الْمُدِيرِ. ٥ هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا (يصنع أمور ضخمة). هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟ ٦ فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ. ٧ لأَنَّ كُلَّ طَبْعٍ لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَالزَّحَّافَاتِ وَالْبَحْرِيَّاتِ يُذَلَّلُ، وَقَدْ تَذَلَّلَ لِلطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ. ٨ وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. ٩ بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ. ١٠ مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا! ١١ أَلَعَلَّ يَنْبُوعًا يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ؟ ١٢ هَلْ تَقْدِرُ يَا إِخْوَتِي تِينَةٌ أَنْ تَصْنَعَ زَيْتُونًا، أَوْ كَرْمَةٌ تِينًا؟ وَلاَ كَذلِكَ يَنْبُوعٌ يَصْنَعُ مَاءً مَالِحًا وَعَذْبًا! ١٣ مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. ١٤ وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. ١٥ لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. ١٦ لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ (الغيظ) وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. ١٧ وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. ١٨ وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ” (يعقوب ٣: ١-١٨)

 

  • أولاً: السلوك داخل المجال الروحي الإلهي وليس الشيطاني:

 

      “٢ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ” هذا هو المفتاح لهذا الشاهد؛ إن كان شخص غير قابل للسقوط في الكلام فهو ناضج قادر أن يدير جسده كله وسلوكه وكلماته، وهذا هو مَطمَح الروح القدس؛ نضوجك. إن كنت ناضجًا ستعرف كيف تتصرف في الموقف الذي تعبر به، ويَظهَر نضوجك قبل مواجهة التحدي، كما تُحدَد قوة الجيش قبل دخوله للمعركة، فالجيش غير المستعد قبل المعركة مهزوم في العرف العسكري.

      سعى إبليس إلى إفساد التمارين الروحية داخل الكنيسة وجعِل الناس لا تستمر فيها، وهناك مَن لم يبدأ فيها بعد ولم يُجبِر جسده على الالتزام لدراسة كلمة الله أو ليصلي التي تعتبر أبسط التمارين الروحية؛ هؤلاء مَن يصرخون في النهاية طالبين الإنقاذ من ظروف الحياة.

      ثم انتقل في العدد الثالث والرابع لشرح مبدأ “الدركسيون” الذي تكلمت عنه في إدارة كياني، حيث نضع اللجُم في أفواه الخيل لنتحكم في جسدها كله. كذلك الحياة وهي عظيمة مثل السفينة ومملوءة بظروف عاصفة لكن تسوقها دفة صغيرة إلى حيث يشاء مَن يديرها. أيضًا اللسان رغم أنه صغير لكنه يصنع أمورًا ضخمة وكبيرة جدًا.

     “٥ هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا…هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟” مالم تدرس هذا الشاهد جيدًا وتفهم المفتاح الموجود في العدد الثاني وهو “النضوج” ستعتقد إنه يصعُب على الإنسان التحكم في لسانه في حين إنه عَلّمنا عن طريقة التحكم فيه.

     “٦ فَاللِّسَانُ نَارٌ!” يعطينا الكتاب المقدس حقيقة عن اللسان “أنه نار” كما قال الرب يسوع حقيقة عن الإنسان أنه لا يحيا بالخبز فقط (متى ٤: ٤) وقالها بشكل عام عن أي إنسان وليس المؤمن فقط. بالمنوال ذاته “اللسان نار!” ومَبعَث هذه النار إما الروح القدس أو جهنم ولا توجد احتمالية أخرى.

       “عَالَمُ الإِثْمِ” هي عبارة عن مجال أو محيط أو عالم آخر، مثلما ينطلق شخص بصاروخ ويخرج خارج الكرة الأرضية ويقول: “لقد دخلت إلى مجال الفضاء” ولأنه يتكلم لناس مُخطئة في تلجيم لسانهم وكلماتهم المنطوقة قالم لهم: “أنتم تتحركون داخل عالم الإثم” وبالتالي يؤثر على حالة الجسد كله “الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ”.

     “وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ” عندما ترجع لإستخدام هذه الكلمة لدى الدولة اليونانية والرومانية السائدة في ذاك الوقت والتي تُعتبر بمثابة إنفجار ثقافي استخدمه إبليس ليومنا هذا، حيث سعى للعب في جسم الأنسان وتغيير جيناته حتى استطاع زرع أفكاره ومبادئه بداخله والتي سيستخدمها الوحش فيما بعد، فهذه الفكرة ليست وليدة العصر الحالي بل ترجع أصولها للثقافة اليونانية والرومانية.

     يُستَخدَم هذا اللفظ لوصف دوران الأرض حول الشمس فيحدث اليل والنهار باستمرار، أو ليصف مَن دخل وسط الملاهي أثناء دورانها فسُحِب في هذه الدائرة. يَستخدِم الرسول هنا لفظي “الدائرة والمجال” فنحن نتعامل مع عالم الروح، وأخطأ مَن قال إننا لا نتعامل معه! تُرى هل أنت في هذه الدائرة أم لا؟!

    لا تنس أن هناك نار يُعطيها الروح القدس، فما هو مصدر نيران لسانك؟ هل يستخدمه الروح القدس لتنهي على شر في الأرض أو في حياتك أو لتساعد آخرين؟ أم نيرانه مصدرها إبليس؟

    “ وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ” هذا يعرفنا بوجود أعضاء أرضية “اللسان” متصلة بمصدر آخر غير الأرض، بالنسبة لأولئك فهي متصلة بجهنم فيوصلونها للأرض، أما نحن فمتصلين بالسماء ونستطيع توصيلها للأرض بكلماتنا؛ وهذا يعود على أمرين: في أي مجال وأي دائرة أنت؟

    “٧ لأَنَّ كُلَّ طَبْعٍ لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَالزَّحَّافَاتِ وَالْبَحْرِيَّاتِ يُذَلَّلُ، وَقَدْ تَذَلَّلَ لِلطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ” يُمكن إخضاع وإزلال والسيطرة على الحيوانات تحت الطبيعة والقوة والنظام البشري، فالإنسان قادر على تلجيمها ووضع لها حدودًا ليس الحيوانات فقط بل الظروف أيضًا. من هنا يمكنك ملاحظة أن النظام البشري أما مُسانَد من الجحيم أو أو السماء ولا يوجد لهما ثالت.

     “٨ وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا” لاحظ أنّ هذا الكلام مُخلفٌ عما قِيل في العدد الثاني “أنّ الناضجَ يستطيع تلجيم لسانه” فالإنسان لن يتمكن من تلجيم لسانه مادام يسلك بالحكمة البشرية. عندما تسخر من أحدهم تُطلق الجحيم عيله، لكن إن كنت تسير بالكلمة لن تتأثر حتى ولو صنعوا لك أعمال لأنك مُحصنٌ.

     “١٠لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا!” توضح لنا هذه الكلمات أنّ الرسول يعقوب غير مستسلمٍ لهذا الوضع، وسيشرح الحل لتلجيم اللسان في الأعداد التالية.

  • ثانيًا: السلوك بالحكمة الإلهية وليس البشرية:

    “١٣ مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ” يَكمُن الحل في دخول الحكمة الإلهية لذهن الإنسان، ويمكنك الرجوع لسلسلة “الحكمة الإلهية” لمعرفة المزيد عن هذا الموضع حيث استفضت في شرح معاني كلماتها.

     “١٦ لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍيُستخدَم هذا اللفظ في حالات العبادة والسحر، من هنا يدخل الإنسان لدائرة السحر، ليس لأن شخص ما صنعه له بل بنفسه دخل لهناك. السحر هو قوة شيطانية مُنطَلِقة في الأرض نتيجة ليسادته عليها، ويُمكِن للرب الدخول للأرض عبر شعبه الذين يتعامل معهم، وبالمثل يجد إبليس المجال من خلال المتعاونين معه.

     نتيجة للدخول في هذه الدائرة والمجال السحري تُشتَت في مواضيع عِدة، حتى عند دراستك للكلمة لا تكون بكامل تركيزك والحل هو السلوك بالحكمة الإلهية.

    “١٨ وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ” الأصل اليوناني لهذه الآية معقدًا للغاية وتخلف جميع المراجع في تفسيرها، لكن بالرجوع لأصول كلماتها نكتشف أنها تقول: “تصليح أي شيء في مَن يسلكون بالحكمة البشرية يحدث بطريقة مُسالِمة فيُزرَع في الإنسان حقًا كتابيًا، ومَن يفعلون السلام هم مَن يَحيَون في دائرة السلام”.

     هذا مرتبط بما شرحه لهم في الإصحاح الأول من مباديء خاصة برفض أي أمور بشرية وقبول الكلمة المزروعة بداخلهم بوداعة، فإن لم ترفض الانشغال بالعالم ومبادئه؛ لن تعمل الكلمة في حياتيك (يعقوب ١: ٢١، ٢٢).

      خلاصة هذا الإصحاح يقول لهم: “إن أرادتم أن تكونوا معلمين المعلمين أو كبار المعلمين، انتبهوا لتحيوا بطرقة صحيحة لأننا مسؤولين أكثر من الآخرين، ويخاطب أولئك المعلمين في العدد الأخير ليزرعوا التعليم الصحيح بسلام في الشعب فينتِجوا برًا عندما يحاطوا بناس صانعين سلام”. من الواضح هنا وجود مشكلتين في هذه الكنيسة؛ احداهم في الشعب إذ كانوا مُعتَزين برأيهم ويرفضون النقاش، والأخرى في الرعاه أن يكونوا هادئين ولا يتحذبوا. وهذا حسب خلفية الرسالة.

    السلام هو حالة الهدوء الناتجة عن سيطرة روحك على نفسك وجسدك، وإخراج ثمر البر الذي يجعل جسدك تحت سيطرتك، فعندما يريد أن يصنع شيء ما؛ تلجمه. ما هي معاني كلمة السلام الأخرى؟ كلمة الله عميقة وينبغي أن تُفهَم المعاني التي يقصدونها الرسل عند استخدامهم لهذه الكلمة، لذا لاحظ استعمالها في الشاهد التالي.

  • كيف ساعد بولس الرسول تيموثاوس على السلوك بروحه:-

      “١ بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، لأَجْلِ وَعْدِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٢ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ الابْنِ الْحَبِيبِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. ٣ إِنِّي أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ، كَمَا أَذْكُرُكَ بِلاَ انْقِطَاعٍ فِي طَلِبَاتِي لَيْلاً وَنَهَارًا، ٤ مُشْتَاقًا أَنْ أَرَاكَ، ذَاكِرًا دُمُوعَكَ لِكَيْ أَمْتَلِئَ فَرَحًا، ٥ إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا. ٦ فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ، ٧ لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ (الخوف)، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ. ٨ فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، ٩ الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. ١١ الَّذِي جُعِلْتُ أَنَا لَهُ كَارِزًا وَرَسُولاً وَمُعَلِّمًا لِلأُمَمِ. ١٢ لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ. ١٣ تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي، فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. ١٤ اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا. (٢ تيموثاوس ١: ١-١٤)

      “٢نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” مِن النادر أن يَستخدِم الرسول بولس لفظ “رحمة” بين نعمة وسلام، ففي المعتاد يقول: “نعمة وسلام” باستثناء الرسائل الرعوية (٢ تيموثاوس ١، وتيطس ١). تُستخدَم كلمة “نعمة” في حالة الترحاب مع الأمم مثل كلمة “أهلاً” عندنا، والسلام هي “شالوم” التي يسخدمها شعب الله، فهو هنا يُخاطِب الجهتين؛ يهود وأمم. بمعنى آخر الكنيسة لها قدرة لمخاطبة الجهتين وتسيطر عليهم.

    وضِعَ لفظ “رحمة” في وسط الكلام لسبب ما يعبر به تيموثاوس من اضطهاد. الخلفية التاريخية لهذه الرسالة؛ كان نيرون ممتلئًا بالأرواح الشريرة وحرق مدينة أورشاليم وكثير من المسيحيين حيث خلع عواميد الإضاة ووضع مكانها المسيحيين وجلس في قصرة ناظرًا لهم وهم يضيؤون اليل مستمتعًا بشم رائحة جُسَسَهم المُحترقة، وكان يتعجب منهم عندما يترنمون أثناء استشهادهم.

     اعتقد نيرون أنه “الإله” الذي يجب أن يُعبَد، لذا أراد أن يوسِّع من تخوم مملكته؛ فحرق أورشاليم. حينما سأله أعضاء مجلس الإمبراطورية الرومانيه عن سبب حرقهِ للمدينة، قَدَّم خمسة أسباب منها إدعاءه أنّ المسحيين آكلي لحوم البشر حيث قال قائدهم: “إن لم تأكلوا جسدي وتشربوا دمي” فكيف نبقي هؤلاء أحياء؟ ويقولون أيضًا: “هناك قضاء آتٍ على الأرض ويحرقها” فهم مَن يحرقون الأرض وليس أنا! وقلب المشهد ضد المسيحيين واضطهدوا لأكثر من مئتي سنة.

    حسب الخلفية التاريخية هذه لم يُضطَهد المسيحيين لسبب إمانياتهم إذ لم يكن هناك منع لإمانيات أي شخص وقتها لذلك لم يستطع نيرون استخدام هذا الادعاء ضدهم. بهذه الخلفية توقع تيموثاوس القبض عليه في أي وقت لكونه رأسًا كبيرًا في الكنيسة مسؤلاً عن مدينة أفسس التي تضم ما بين الخمسين إلى مئة ألف شخص حسب المراجع التارخية. كذلك كان الرسول بولس محبوسًا في ذاك الوقت لأنه من الجماعة التي لا تحني ركبها للإمراطور.

      سقطت دموع تيموثاوس أثناء مُراسلته للرسول بولس خوفًا مِن الموت، فحسب المراجع هذا هو سبب قول بولس الرسول له: “ذَاكِرًا دُمُوعَكَ” لأن دموعه كان ظاهرة على حبر الرسالة، ولهذا كلّمهُ ألا يخاف لأن الله لم يعطنا روح الخوف إذ أباد يسوع الموت. ما يجعلنا نسلك بالروح هو معرفتنا بمبادئ كلمة الله وليس تحسن الظروف. تبتهج الناس وتفرح عندما تتحسن الظروف، لكن ما يتزلزل في حياة أي إنسان ليس زلزال يزلزله بل عدم فهم كلمة الله.   

  • تذكر الكلمة المُذخرة بداخلك:

     “٥ إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي” أول شيء استند عليه بولس الرسول ليشجع تيموثاوس على السلوك بالروح هو “تذكِيره بالرصيد الموجد بداخله من التربية”. فلكي تسلك أنت بروحك تحتاج لوجود رصيد داخلي سابق من كلمة الله عن السلوك بالروح لتستخدمه في الموقف.

  • اشعِل القوة المُعطاه لك؛ الروح لقدس:

     “٦ فَلِهذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِي فِيكَ بِوَضْعِ يَدَيَّ” ثاني شيء استند عليه بولس الرسول في تشجيعه لتيموثاوس على السلوك بالروح هو الهِبة التي أعطاها له وهي الروح القدس مُشجعًا إياه أن يضرمه. وسبق وشرحت في مؤتمر بعنوان “انقذ مستقبلك” عن كيف تضرم الروح القدس.

     “٧ لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ (الخوف)” شرح الرسول بولس لتيموثاوس أن الخوف الذي يشعر به هو روح شرير أنت خاضع له، ليست مجرد أفكار عادية أو ظروف بل أرواح شريرة. طبقًا لهذه الآية فإن ما يسميه الناس اليوم خوف طبيعي هو ليس كذلك بل هو أرواح شريرة. تم زرع الخوف في الأطفال عبر كلمات مثل: “كُل لئلا يأتيك العسكري أو لئلا يظهر لك كذا….!” وفي النهاية يترعرع الطفل على الخوف وتظن أنه خوف طبيعي بينما تكون أنت من أنشئته بهذه الصورة!

     تقع كلمات مثل “ياخوفي.. أخشى من” التي يتكلمها الوالدين في مسمع أطفالهم ليست مجرد كلمات عادية بل يستقبها الطفل كروح خوف؛ إذ توجد قوة وراء كلماتنا إما جهنم أو السماء، فتؤثر في الطفل -وأيضًا البالغ على حد السواء- وتفاجئ أنها أثمرت فيه فيرفض في النهاية الرب الذي أنت سائرٌ معه ومرتعب؛ فإلى أي شيء سينجذب له من سلوكك وحياتك؟!

      “بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ” لدينا الآن روح القوة والمحبة والنصح. كلمة قوة هي “dunamis” وتستخدم اليوم مع الديناميت الذي لم يكن معروفًا وقتها كما الآن، وكانت تُستخدَم مع الزلازل والبراكين والعواصف والسونامي وأطلقوا عليها لفظ “dunamis” أي شيء مُحرِك للطبيعة يدخل يكسح المكان ويقلبه، كذلك لوصف الجيش الذي يدخل مكان ما ويجتاحه.

     روح القوة عكس روح الخوف، لفظ الخوف المذكور هنا يصف حالات الانكماش والتراجع، أما الإيمان فهو عكس هذا وإحدى معانيه في اليوناني هو حالة الانطلاق وعدم التوقف مثل الطلقة أو الصاروخ أو السهم في أيامهم. أكثر شيء حاول الرسول بولس شرحه لتيموثاوس هو كشف القوة التي بداخله ويحثه على استخدامها في مواجهة الأرواح الشريرة.

     ” رُوحَ ..الْمَحَبَّةِ” من الهام أن تفهم محبة الله وتسلك بها، وهي الأمل الذي لا ينقطع. يمكنك الروجوع لسلسلة عظات “المحبة” حتى تفهم أنها ليست قاصرة على الغفران فقط.

    “ رُوحَ ..النُّصْحِ” في الأصل اليوناني “sophronismos” والتي تعني خلاص الذهن، والذهن الُخلَّص هو الذي تحت السيطرة. ونشجعك على الرجوع لسلسلة “روح القوة والمحبة والنصح” لتعرف المزيد عن هذا الموضوع.

    عند الرجوع لأصول هذه الكلمات وتربيطها معًا ستكتشف شيئًا؛ بدأ تيموثاوس يتخيل تخيلات غير واقعة، خاف قبلما يتم القبض عليه. كمَن يرى أعراض معينه ويقول: “شكلها كدا…كذا وكذا!” فيَسحَب ذهنه لمكانٍ أبعد. وَجّهَهُ بولس هنا أن يسيطر على ذهنه ولا يسرح مع المخاوف التي ربما تكون ناتجة عن أمر واقعي أو حتى خيالي. لا تتخيل نفسك في حالة الإفلاس؛ هذه أرواح شريرة وليست أفكارًا عادية.

  • اقنع نفسك بالكلمة:

       “١٢ لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ” كم هذه الكلمات قوية للغاية في الأصل اليوناني! حيث يستند بولس الرسول على موت الرب يسوع الذي جعل الموت غير مُرهِبٍ أو مُخيفٍ، فيحتمل ما يعبر به من اضطهادت لحظة كتابه لهذه الرسالة، إذ كان مسجونًا وتعرض لمواجة نيرون وذكر في الإصحاح الرابع من ذات الرسالة:

      “١٦ فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. ١٧ وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي (وقف في دائرة دفاعي وحامى عني) وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ…” (٢ تيموثاوس ٤: ١٦، ١٧)

     “وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ…” هذه هي حالة الانتقال من السلوك بالجسد إلى السلوك بالروح. تعني هذه الكلمة حالة الإقناع لشخص كان يؤمن بشيء وجَذْبه ليؤمن بشيء آخر عكسه. وهي كلمة شخصية توضح أن المناقشة حدثت بين الشخص وذاته.

     قدَّم بولس نفسه مثالاً حيًا لتيموثاوس شارحًا عن ذاته؛ أنا الآن مقتنع بشيء عكس السابق لأنني تناقشت داخليًا فتحول رأيي إلى أمر مختلف. هذه هي مشكلة كثيرين؛ لا يجلسون ليفكروا في الكلمة مثل بولس الذي فكّرَ وتأمل في القوة الإلهية حتى تحول من حالة عدم الاقتناع إلى الاقتناع.

    “يَحْفَظَ وَدِيعَتِي” لا يُشير هنا إلى العمر كما يقتبسها البعض عند وفاة أحدهم “الرب أخذ وديعته” بل يُعني بها ما أودعه الرب بين يديه من عقيدة وتعليم.

  • قِف بثبات وتمسك بالكلِمات الصحيحة:

        “١٣ تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي” أضاف بولس الرسول نقطة أخرى لتمثاوس تساعده على السلوك بالروح وهي الوقوف بثبات على أرضهِ متمسكًا بالكلمات الصحيحة التي تخرج منه لتعطي علاج وصحة للآخر، وتشمل أيضًا التعليم الصحيح. في وسط كل ما تعبر به من اضطهاد واضطراب؛ تمسك وإثبت على أرضك!

     بناءً على كل ما سبق نستطيع قول: السلوك بالروح هو؛ السلوك خارج المجال الشيطاني، والدخول إلى المجال الإلهي. السلوك بالحكمة الإلهية التي تحميك من السحر والذي لا يفرق إن صنعه لك شخص آخر أو تورطت فيه بذاتك عبر اصغائك لأفكار ومبادئ عالمية أو أخْذ برأي زملائك في العمل عن مشكله ما أنها لن تُحل؛ ما ينبغي عليك فعله في وقت كهذا هو أن تدخل لمخدعك وتصلي ولا تعتبر شئًا مستحيلاً لأن بداخلك القوة لتعمل معه.

     قِف وصلِ لأي أمر تواجهه سواءً في دراستك أو عائلتك أو عملك. أتذكر أنني صليت سبع سعات مختليًا مع ذاتي وقتًا كافيًا لأجل موقف ما لكي أسكب قوة الله عليه. هناك اعتقاد خاطئ نشأنا عليه وهو “ما يريده الرب سيفعله..كل ما شاء الرب فعل” مما جعل المؤمنون في حالة من الخمول والاسترخاء، في حين طلب بولس الرسول من تيموثاوس أن يصنع أمورًا كثيرة مثل النقاط الأربع التي ذكرناها فوق.

   عندما تأتيك الأفكار أن الموقف انتهى ولا مجال للحل وترفض بإيمان أنك تستطيع تغييره؛ تصب قوة الله عليه. وإن حُربت مرة أخرة بكيف ستنجح والأمور معقدة! وأجبت: “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني، سيقودني روح الله لأكتشف الحل” بسلوكك هكذا تُخرِج روحك وتستخدمها في مواجهة الموقف وبالرغم من سوء الموقف أكثر لكنك غير خائفٍ لأنك مدركًا لروح القوة الذي بداخلك، والقدرة على التحكم في تخيلاتك، وإن حاوطك الجميع بأفكار سلبية وإزداد العيان شراسة؛ إغلق ذاتك عنهم وتكلم في داخلك الكلمة.

  • الحياة روحية؛ لن تنجح إن تعاملت معها بالحم والدم:-

     “١٠ أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. ١٢ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. ١٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا” (أفسس ٦: ١٠-١٣)

      “١٠ أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي…” يأتي هذا اللفظ في اليوناني على هذا النحو: أهم شيء هو ما سيلي.. لهذا ما سيقوله بولس الرسول الآن من عقيدة هو أهم مما شرحه في الخمسة إصحاحات السابقة والتي ليست بهينة بل تحتوي على عمق لاهوتي ضخمًا، لكن ما سيأتي هام ويجب الالتفات إليه.  

    “١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ..” تُعرفنا هذه الكلمات بوجد مشكلة عند هؤلاء الأشخاص وهي خلعهم لسلاح الله، ولبسهم للسلاح مرة أخرى يأتي عبر السلوك بالروح؛ هذا ما شرحة لهم في هذه الأعداد التالية:

    ” ٢٢أَنْ تَخْلَعُوا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ السَّابِقِ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، ٢٣ وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، ٢٤ وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ. ٢٥ لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ (الإلتواء)، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ. ٢٦ اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، ٢٧ وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا. ٢٨ لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلاً الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ. ٢٩ لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. ٣٠ وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ. ٣١ لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ. ٣٢ وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ. ١ فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، ٢ وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً. ٣ وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ، ٤ وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ، وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ الشُّكْرُ” (أفسس ٤: ٢٢-٣٢، ٥: ١-٤)

     “٢٦ اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، ٢٧ وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا” المقصود بهذه الآيات هو أن يثوروا على حياتهم الروحية، ولا يخطئوا عبر أن يظلوا حتى غروب الشمس دون تصحيح لحالهم؛ وسينتج عنه عدم إعطاء إبليس مكانًا في حياتهم.

     “٤ وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ..” حالة السخرية والهزار التي اعتاد عليها البعض معتقدين أنها مرح لكنها لا تليق بنا بل بالحري ينبغي أن نطلق أصواتنا في الشكر. كل ما شرحه الرسول في الأعداد السابقة كان تصحيح لهم لأنهم خلعوا سلاح الله وليعدوا يلبسوه مرة أخرى.

     لماذا ينبغي علينا لبس سلاح الله؟ لأننا في مواجهة ضد الأرواح الشريرة “١٢ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ” لاحِظ اللفظ المذكور هنا “مع” الذي حسب الأصل اليوناني هو “pros” ويعني في مواجهة ضد.

    ذُكر اللفظ نفسه مع الرب يسوع أنه كان وجهًا إلى وجه مع الآب دائمًا: فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ” (يوحنا ١: ١).

    لفظ “مُصَارَعَتَنَا” الذي ذكره هنا يُشير لصالات الجيم وقتها التي تحتوي على ثلاثة أنوع من المصارعة والتي قصدها بولس عند ذكره لهذه الكلمة؛ الأولى يضرب فيها المتصارع الشخص الآخر حتى يضعه على الأرض ويضع ركبته عليه، والثانية يُفقِده عضوًا من أعضائه كالعين أو الأنف والقدم و…، الثالثة لابد أن يخرج واحد منهما ميتًا. استخدَم الرسول هذه الكلمة ليفهمنا أن الموضوع جاد وليس لعبة.

    مصارعتنا ليست مع دم ولحم؛ ما نراه من إنقاذ إلهي لأطفال سقطوا تحت أنقاض الزلازل وخرجوا أحياءً بعد عدة أيام ليس صدفةً بل تدخل إلهي. وما نراه الآن أو ما سنراه في الأيام القادمة من زوابع وزعزعة -ليس دمًا ولحمًا- ليس نتيجة قرارات صدرت أو لأن دولة ما تُبغض الأخرى فحدث مشاكل، بل هو نتيجة لضجيج في العالم الروحى منعكس تأثيره على عالم العيان، وللكنيسة دورها الهام لتقف ضد كل ما يحدث.

    “بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ” حربنا ليست مع بشر بل مع هذه الرُتَب الروحية. والألفاظ المُستخدمة مع هذه الرُتَب هي حالة التجييش حيث يدخل الشخص إليها لديه قوة يتم منهجتها في تدريبات فيخرج لتنفيذ مهام.

     “١٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا” عندما يقول “سلاح الله الكامل” هو يشمل جميع قطع السلاح، وانتقى بولس الرسول الألفاظ المذكورة مع قطع السلاح فهي ليست قطع أسلحة تافهة بل أفضل الأنواع.

      تكمن خطورة هذه الحرب في كونها روحية وليست جسدية، فلا يصح لك أن تتعامل مع المواقف بصورة بشرية لأنها خطيرة، ومن أمثلة هذا هو السلوك بصورة طبيعة ولا ترى أن لديك سلطان لتُسَيّر ورقك بطريقة إلهية وتستسلم لنظام المكان الذي يأخذ خمسة أيام لينتهي من الورقة التي تريدها، أو تُرجِع السبب للعنصرية والتمييز أو للرشاوي التي يدفعها بعض الناس؛ هذا ما إلا اقتناع بشري أن الأمر لن يتم إلا بهذه الصورة.

      إن لم ترَ ذاتك أنك مُنعَم عليك من الكبير شخصيًا؛ ستتعامل مع المواقف وكأنك ضعيف، لهذا السبب قال بولس لتيموثاوس أن لا يتعامل مع الموقف بخوف بل بجرأة.

  • حربنا روحية وأسلحتنا روحية:-

      “١ ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ (لطفه)، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ. ٢ وَلكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ. ٣ لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. ٤ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. ٥ هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ، ٦ وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ” (٢ كورنثوس ١٠: ١-٦).

    “١أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ” يقتبِس الرسول بولس هنا من كلماتهم عنه حيث يقولون أن لغة بولس الرسول ضعيفة وقت تواجده معنا، أما في غيبته يرسل لنا رسائل شديدة،  فيجيب على ادعاءاتهم: “لكن أطلب منكم أن لا أضطر للتعامل معكم بصورة شديدة، لأن لديَّ ثقة وناوي أن أظهرها للبعض منكم الذين يحسبوننا أننا نسير بالجسد أو بقوة بشرية عادية، وبناءً على إننا لا نسلك بالجسد سوف آتي وأظهرة جرأة لمجموعة منكم يحسبوننا أننا نسير بالجسد”.

      كيف واجه الرسول بولس حالة التمرد وعدم الانصياع للحق الكتابي في الكنيسة؟ تعامل معه من عالم الروح الروح ولم يُفكر بمنطق “أصل فلان دماغة ناشفة، أصل كذا…” نعم توجد أسباب، وحذر تيموثاوس من أسماء معينة (١تيموثاوس ١: ٢٠)، (٢ تيموثاوس ٢: ١٨، ٤: ١٤ -١٥)، كذلك الرسول يوحنا حذر شعبه من أشخاص مُحددة (٣يوحنا ٩)؛ لكن الأمر أساسه روحي. أريدك أن تصل لهذا الاقتناع، وحينها ستستطيع التعامل مع عالم الروح، وإلا ستُخرج الأسلحة البشرية العادية.

      “٣ لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ” كم هي هامة هذه الكلمات. لا أنسى ذات مرة كنت حاضرًا في اجتماع صلاة في إحدى الكنائس وكانوا يصلون لأجل معجزة مادية لبناء شيء ما، ولفت انتباهي أن لغة الصلاة هذه لم أجدها في الكتاب القدس أثناء دراستي له، مع أنني كنت مُعتادًا عليها إلا أنني استنرت فيها.

     توقف لأسأل أحد الخدام: “لماذا نصلي من حالة ضعف ونقول : “ليتك تباركني!”. ماذا عن العمل الذي عمله يسوع؟!” أجابني: “عندما يأتي يسوع للأرض سنستطيع فعل كل شيء، لكن مادمُنا في الجسد فلن نتمكن من فعل أي شيء!”. حقيقةً لن نعمل في الأرض في ذاك الوقت، ولكن سيكون لنا سيادة إشارفية على الخراف والذين أمنوا بالرب.

     بالنظر للعدد السابق نرى الاستطاعه والقدرة في كلام بولس الرسول على عكس ما سمعنا. وكنت أتوقع أن يقول الرسول: “إن كنا نسلك في الجسد، لسنا حسب الجسد نسلك” لكنه قال “نُحارب” وأيضًا لنا أسلحة روحية نحارب بها “٤ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً…”

     لنتوقف هنا لننتبه لهذا الحق الكتابي؛ تقول رسالة (أفسس ٦) أن أعدائنا ليسوا جسديين، و (٢ كورنثوس ١٠: ٤) تقول أن أسلحتنا ليست جسدية؛ مما يفهمنا أن عالم الروح ليس مرئيًا ولكننا نتعامل معاه ولنا أسلحة روحية. فكوننا في الجسد لا يعني أننا لا نملك أسلحة للتعامل معه. وجودي في الأرض ووجود عيان في الجسد لا يفرض عليَّ أن أقبله كما هو ولا أتعامل معه.

     أعدائنا الحقيقين ليسوا بشر؛ هذا يزيل كمية حجارة مُثقِلة على قلبك لأنك تتعامل مع الناس كأنهم هم السبب. لا تتعامل مع المرض كما يسميه الطب فعندما تتعامل معه من عالم الروح وتستخدم أسلحة روحية تختلف النتايج وتختلف قواعد اللعبة؛ وإلا ستنُهِك نفسك. قالها لي الروح القدس ذات مرة، الأمر يشبه مَن يستخدِم الغسالة كتلاجة أو العكس؛ لن تستفيد بوظائفها!

      يوضح العدد الرابع والخامس أن أسلحتنا الروحية قادرة على هدم الحصون والظنون والتخيلات والتساؤلات وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، وأن نتعامل مع أفكارنا كأسير إلى طاعة المسيح، وننتقم على كل عصيان في مَن لا يسلكون بالكلمة عندما تكمل طاعتكم أنتم الخاضعين لي، لأن الكنيسة وقتها كانت منقسمة لشريحتين؛ إحداهما متمردة والأخرى أصغت لبولس الرسول.

        بالمبدأ ذاته يتم بناء حياتك الروحية؛ عندما تُثبت الأمور التي لم تفسد كليًا وتُشدِد ما بقي، وتثبت فيما تعرفه من الكلمة وتقف على رجليك في دراستك لكلمة الله والصلاة؛ تستطيع الدخول لما هو عاطل في حياتك وتصلِحه. لكن هناك من يريد القفز لهذه المحطة من حياته قبل أن يثبت أولاً لأنه في موقف عاجل على وشك الإنتهاء خلال أيام قليلة، لكن لابد من وجود تمارين روحية سابقة مثل التمرن على دراسة الكلمة.

      هدف دراستك للكلمة ليس ليكافئك الرب بل لتفهم فِكره وتعرف عن عالم الروح وعن طريقه تعاملك معه وإلا ستُعيق معجزتك ولن تستطيع تتميمها. الخطوة الأولى لك أن ترى كلمة الله وتفهم فكره في كل موقف على حِدى، يليها الخطوة الثانية تعاملك مع الموقف بناءً على ما أخذته من معرفة. لكن هناك مَن يقفز على المستوى الثاني دون أن يضعوا الكلمة أساس حياتهم؛ لازال يتدايق من الناس، ويرمي باللوم على شريك الحياة أنه سبب حالته السيئة.

     ماذا لو بيتك متزعزع حقًا؟ مصارعتك ليست مع دم ولحم وأسلحتك ليست جسدية، لذا لا تبحث على فلان لتتصِل به ليقنع شريك حياتك. لا تحاول أن ترضي الناس بهدايا كي يسهلوا لك أوراقك؛ الأمر ليس جسدي. لا تشكوا من صعوبة المواد الدراسية؛ لا تتعامل بصورة جسدية، يمكن للروح القدس أن يمنحك أستنارة وفهم.

      في أي مرة كنت أجد صعوبة في فهمي للمواد الدراسية كنت أقضي وقتًا في الصلاة بألسنة وأقول: “هذه المادة سهلة وسأستطيع استيعابها” عندما تقوم بتكسيرها بداخلك؛ تتكسر خارجك، هي حالة داخلية من استعمال روحك.

  • السلوك بالروح هو السيطرة على النفس والجسد:-

      “وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ” (أفسس ٤: ٢٣)

        يوجد لغط كثير حول هذه الآية حتى إن بعض المراجع تُفسرها بطريقة خاطئة، ولكن عندما تقوم بإعرابها إعرابًا دقيقًا ستكتشف أصول كلماتها. الذهن ليس له ورح، لذا فالمعنى الدقيق لها هو أن روحكم تُجدِد أذهانكم، مما يعرفنا أن لأرواحنا قدرة على تجديد الذهن البشري. عندما تأتيك أفكار مُلحة؛ هناك قوة تخرج من روحك المملوءة برصيد من الكلمة وتسيطر على ذهنك، لهذا لا يوجد ما يسمى بأنك غير قادر على السيطرة على أفكارك ويصير ذهنك تحت سيطرة روحك.

    حربنا وأسلحتنا ليست جسدية، ركز فيما أوقوله لك؛ عُلمنا كثيرًا في تربية الأطفال أن تكون صديقًا لهم؛ ولكن في سن المراقة؛ أي سن بوادر النضوج بدأ ينعزل عنك ويتوقف عن مشاركتك بأي شيء، لا ترمِ باللوم على السن وتقول الولد يريد أن ينفرد برأيه ويكون له شخصيته، لأنك إن كنت تفهم علاقتك مع الآب ستعرف أنه لا يوجد مرحلة أو مستوى نضوج يجعلنا ننفصل ونستقِل عن الآب، كذلك الأمر مع تربية الأطفال.

      تربية الأطفال ليست معضلة، حيث تجعلك الكلمة قادرًا على فهم الإنسان، فتستطيع تعليم ابنك صح وتخبره: “قبلاً لم يكن ذهنك يعمل مثل الآن لهذا احتجنا -كبابا وماما- أن نخبرك بما يلزمك فعله، الآن عليك أن تستعمل ذهنك عن عمد وتفكر بنفسك. يجب على الأباء مراقبة أبناءهم وكلما وجدوه يسرح بأفكاره يجلسون معه ليعرفوا في أي شيء يُفكِر، يعملون عمل حراسي عليه.

     أما إن كنت تترك ابنك مع الهاتف المحمول لأنك لا تريد تحمُل المسؤولية؛ فأنت تصنع أبناءً للجحيم بنفسك، كان ينبغي أن لا تُنجِب من الأساس لأن قلبك سيحترق عليهم فيما بعد. أما إن كنت تحرسهم وكأنك متربص لعدو يريد الدخول سواءً من الباب أو النافذة وترى خطورة الأمر، ليس من الطبيعي أن يرفض الولد الأكل أو يبكي وينزوي مع ذاته وكل ما يطلبه يأخذه، وغير صحيح أن يُرجِع الأب السبب لأنه كان كذلك وهو طفل، عذرًا فهذا خطأ تربيتك وأنت طفل فلا تُكرِره بعدما عرفت الكلمة.

    علَّمهُ الفرق بين الروح والنفس والجسد وإكشف له حقيقة القوة التي بداخله وعرفه أنه مختلف عن زملائه في المدرس، ليس ليكرههم بل ليفهم حقيقة من هو. استفِض في شرح المعلومات معه في الكلمة وليس فقط تصاحبه لتعرف أخباره في المدرسة فقط أن تبحث فيه هاتفه، لأنه سيعرف أن يتحايل عليك. معرفتك لعلاقتك مع الروح القدس تُفَهِك الطفل وتعرف كيف تُشخِّصه صح فتُدَرّبه لكي يُثمر للبر في كل موقف على حدى.

   من أمثله هذه الدريبات الصحيحة هي كيف يُجِيب على والديه وكيف يضع قلبه في المذاكرة ويكون طموحًا بدلاً من تركه يدخل أي كليه، لكنك ترسم له ماذا يدخل ولماذا، تفهمه الهدف الذي نريد تحقيقه في الأرض، فلأنك مُوجه بالتالي تُوَجّه أبنائك. تَذَكّر الأعمدة الأربعة التي علّمها بولس الرسول لتميموثاوس لكي يسلك بالروح، أولها هي الإيمان الذي زُرعَ فيه من والدته وجدته.

    استُشهِد تيموثاوس في النهاية لكنه كان قويًا بعد استقبالهُ لرسالة بولس الرسول له وفَهِمَ أن اعتماده لا يكمُن على إنسان بل على الروح القدس ويستقبل منه أفكارًا، وتَمّمَ خدمته للآخر. انتصر تيموثاوس على الخوف ولم يكن له تأثيرًا في حياته ولم يُقتل قبل موعده، كما قال بولس الرسول: “وَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ” (٢ تيموثاوس ٤: ٦) أي جاء الوقت لتسليم نفسي بمعنى أنا اخترت أموت في هذا الوقت.

    جاء الوقت لتفهم أن حربك ليست مع دم ولحم، تعاملك بالروح في كل موقف يجعلك تنتصر على الأرواح الشريرة التي تحاول أن تجلب النكد لبيتك وتزرع أفكار خاطئة في الأطفال والكبار، وتُخرِّب في أجهزة البيت والجسم. تعمل الأرواح الشريرة صانعه كل شر في حياة الإنسان، فأرواح النجاسة تصنع كل ما هو سيء ورائحته نتنة مثل النكد.

      يخرج الناس من بيوتهم كل صباح غير عاملين ما سيحدث معهم، عكس بولس الرسول الذي قال: “أنا مُتيقن أن الرب يحافظ ويحمي هذه الوديعة” والتي تُسدخدَم مع الحراسة الشخصية؛ أي أن الرب يعمل على حمايتي وحراستي، ويُستخدَم أيضًا مع رعاة الغنم ويقصِد به أن الرب لن يدعني أن أخطف، تأملت في هذا كثيرًا حتى وصلت لمرحلة من الاقتناع واليقينية الشديدة.

      هذه حالة من اللهج وتكلُّم الكلمة في داخلك، تُعلِن “هذا المرض لن يقتلني، أنا أقف ضد هذا الأمر وأسيطر عليه، الروح القدس في صفي، قوة القيامة تعمل في حياتي، بداخلي الحكمة للتصرف في الموقف رغم تعقد الأمور، الروح القدس يرشدني ويقودني لمصدر المعلومات الصحيحة لأصِل للشيء الذي أبحث عنه” وتنساق بالروح القدس ويمنحك فكرة تلو الأخرى حتى تُمسِك بزمام الحياة وتعرف كيف تتعامل مع شريك الحياة والمواقف.

    عندما تعبد الرب وتقول: “أنت عظيم” لماذا هو عظيم؟ لأنه أعطاك القدرة للسيطرة على جسدك، عكس آخرين قد يمزقوا ثيابهم نتيجة لعدم قدرتهم للسيطرة على أعصابهم. الإستفزاز والنرفزة تنتهي من حياتك عندما تتعامل مع الأمور من عالم الروح لأنك ترى عالم الروح وليس البشر، وهذا سيساعدك أن تستقبل من الروح القدس ماذا تفعل في الموقف بدلاً من التعامل مع المناقشة كأنها بشر لبشبر.

      أنت بشري وإلاهي في ذات الوقت لأنك أصبحت شريكًا للطبيعة الإلهية (٢ بطرس ١: ٤)، مثل الرب يسوع كان 100% إلاهي و100% بشري، تعامل مع مواقف الحياة كشريك للطبيعة الإلهية ولترَ المواقف كما يراها الرب، ما يمنعك عن هذا هو سلوكك بالجسد وما يفتحك عليه هو سلوكك بالروح. والسلوك بالروح هو إدراكك أن مصارعتك ليست مع دم ولحم وأن حربك ليست جسدية.

     تَدخُل لعالم الروح صح من خلال الحكمة الإلهية، هناك ثلاثة أنوع من الحكمة؛ الأولى تأخذها في روحك بالميلاد الثانى، والثانية تكتسبها في روحك بالمعرفة الكتابية فتنمو بداخلك، وبناءً على الحكمة الإلهية الموجودة بداخلك تتحرك بالحكمة الإلهية الموجودة بالكلمة والتي تتعلمها وتفهمها فتخرجها. وإن كان أحد تعوزه حكمة فليستقبلها من الروح القدس بداخله الذي يُخرج الحكمة من داخلك، لذلك:

   “الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” (رومية ٥: ١٧)

    آمين.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$
Hide picture