القائمة إغلاق

كيف تتحكم في النفس والجسد – الجزء 5 How To Control The Soul & The Body – Part

 

 

 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

كيف تتحكم في النفس والجسد – الجزء 5

▪︎ كيف تسيطر على النفس البشرية؟

▪︎ العدو غير المرئي.

▪︎ طريقة التعامل مع حالة السرحان والإلحاح الفكري.

▪︎ ما هي مشكلة الناموس؟

▪︎ كيف تسلك بالروح؟

▪︎ ما تفكِّر فيه، ستتغير إليه:

 

▪︎ كيف تسيطر على النَفْس البشرية؟

 جزء من الخلاص الذي صنعه الرب يسوع لنا أن نكون مُسيطِرين على النفس والجسد، فَهُم أدوات الاتّصال مع العالم والظروف والأحداث. كلما وضعت روحك في الصدارة في مواجهة الأحداث كلما جعلت الروح القدس يتدخّل فيها. في كثير من الأحيان يضع الناس أجسادهم في الصدارة للتعامل مع الظروف، لذلك يفشلون ولا يجدون النتائج المَرجّوة التي يريدونها.

 ٢لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ (ناضج)، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا. ‏٣هُوَذَا الْخَيْلُ، نَضَعُ اللُّجُمَ فِي أَفْوَاهِهَا لِكَيْ تُطَاوِعَنَا، فَنُدِيرَ جِسْمَهَا كُلَّهُ. ‏٤هُوَذَا السُّفُنُ أَيْضًا، وَهِيَ عَظِيمَةٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، وَتَسُوقُهَا رِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، تُدِيرُهَا دَفَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا إِلَى حَيْثُمَا شَاءَ قَصْدُ الْمُدِيرِ. ‏٥هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟ ‏٦فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ” يعقوب ٣: ٢-٦).

 “فَاللِّسَانُ نَارٌ! من المحتمل أن تكون النار من مصدر شرير، أو من مصدر رائع جدًا وذلك عندما تكون مُمتلِئًا من الروح القدس، فتكون هذه النار في الاتّجاه السليم لأنها نار إلهية.

 “عَالَمُ الإِثْمِ؛ أي مجال الإثم، في بعض الأحيان نجد شخصًا يقول: “دخلت لعالَم الروح”؛ أي أدركت مجال غير طبيعي.

 “الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ؛ يحدث الدنس للجسد عندما لا يكون مُسَيطَرًا عليه من روح الإنسان.

 “وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ؛ يتكلّم الرسول هنا عن مبادئ تخصّ عالَم الروح، ويوجد مفاتيح للدخول له. أيضًا ليس اللسان هو الأساس بل النضوج، لأنه هو من يُحَرِّك اللسان. لذلك الهدف الإلهي هو أن ينضج الشخص فيعرف كيف يتحكم في لسانه.

 “وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ؛ ذَكَرَ الكتاب المقدس إنه من فضلة القلب يتكلم اللسان (لوقا٦: ٤٥)؛ أي مما يتمّ ادّخاره وترسيبه وتخزينه في القلب، سيتكلم اللسان. لذلك ما يقوله اللسان هو ما تَمَّ تخزينه في القلب، فلا يوجد ما يسيطر على الإنسان غصبًا عنه، إلا إن سمح له بهذا.

 أيضًا دائمًا تأتي الأفكار لك بأنك لن تستطيع السيطرة على ذهنك، هذه قناعات من إبليس وهي غير كتابية، فالكتاب يذكر أنه عندما تسلك بالروح لن تزلّ أبدًا، وهو يعني ما يقوله.

 ” ‏١٣مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. ‏١٤وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. ‏١٥لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. ‏١٦لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. ‏١٧وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. ‏١٨وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ.(يعقوب ٣: ١٣١٨).

 الحكمة هي مجموعة الأفكار والمعتقدات، فإن وُجِدَ وسطكم غليان وتحزب بذلك تسير بالحكمة البشرية العادية، والكتاب المقدس يضاد هذا، لأنك تتعامل بالصورة الشيطانية. النفس البشرية لم تُخلَق لكي ما نستخدمها بالصورة البشرية العادية، بل لنستخدمها بأرواحنا، وهذا هو النظام الذي يُعلّمه لنا الكتاب المقدس.

 تذكّر معي أن الرسول يعقوب قال لنا في الإصحاح الأول أنْ لا يضل أحدٌ بأن يقول إنْ جُرِّبَ بأي أمر سلبي إنه نازلٌ مِن فوق، لأن مصدر الأنوار والروعة وكل شيء جميل -في نظرك كما في نظر الله- هو مِن فوق، فالنور لا يمكن الشكّ فيه.

 من هنا يفهّمنا الرسول يعقوب أمرًا هامًا وهو هناك ضلال للشخص الذي يسلك بالنَفْس البشرية، فكل ما يشعر به يصدقه، ينقاد بكل ما يُملَى عليه من أفكار أو مبادئ، ويشكّ في نفسه قائلاً: “إن كنت رائعًا حقًا، لِمَا جاءتني الأفكار السلبية!” مَن قال لك هذا؟! سوف تأتيك الأفكار، ولكن تكمن المشكلة في عدم معرفتك لكيفيه إدارة نفسك وجسدك، هذا هو السر.

 ٣لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا (الانفتاح على العالم)، ‏٤أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ (يُدير) إِنَاءَهُ (جسده) بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ، ‏٥لاَ فِي هَوَى شَهْوَةٍ كَالأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ.” (١تسالونيكي٤: ٣-٥).

 “أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أَنْ يَقْتَنِيَ إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ؛ يوضح لنا الرسول هنا أن المُدير هو الشخص الذي يعلو الشيء المُدار؛ أي المؤمن يعرف أن يُدير جسده لكي يحيا بانعزالية وتَفرُّد عن العالَم، وبهذا يكون قد أعطى الكرامة الواجبة لجسده؛ إذًا الكرامة هي أن تسير بالروح.

 عندما يقول أحدهم: “عملي لا يسير بشكل جيد، وتحدث مشكلة تلو الأخرى، ولا يوجد أمرٌ سارٌ يحدث معي وكأني داخل دائرة (مجال) سلبية.” نعرف من الكلمة كيف نضع أنفسنا في دوائر إلهية أو شيطانية، وذلك عبر السلوك بالروح أو الجسد.

 “وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ”؛ تعني كل سحر وأمر شرير وسلبي، بِما في ذلك الأمراض والمشاكل المادية والقرارات الخاطئة، وكل ما شابه هذا الذي مصدره الحكمة البشرية الشيطانية. نعرف أن كل شيء صالح هو من الله كما ذكر يعقوب الرسول؛ “‏كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ”.

 “وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ”

 يقول معلمنا يعقوب: “يا معلمين ازرعوا التعليم الصحيح في حياة الناس بسلام لكي يثمروا برًا”. لأن الزارع هنا في هذا الشاهد هم المُعلِّمين (يعقوب ٣: ١). والسلام في العبرية يعني التكامُل وعدم نقصان الشيء، ففي مفهوم الشعب اليهودي يشرحونها هكذا: إنْ أخذت جزءًا من تفاحة؛ أصبحت في عدم سلام، ويقصد هنا أن يكون التعليم في حالة تكامُل، وعدم السخط على المُتعلِّمين، وأن تعطيهم تعليمًا فيّاضًا فيعرفوا كيف يتصرفون مع الظروف.

▪︎ العدو غير المرئي:

 العدو هو الأرواح الشريرة، الجسد ليس العدو بل يجب السيطرة عليه.

 تحدّث مُعلِّمنا بولس الرسول إلى تيموثاوس أن يُضرم الموهبة التي فيه، لأن ما يحدث معه ليس طبيعيًا بل هو أرواح شريرة جعلته يخاف، ويرتعب داخله. رأى في رسالته دموعه، فحسب المراجع كانت ظاهرة على الكتابة بالحبر، لذا قال له: “أنا أرى ما أنت فيه”، ومع ذلك لم يَقُل له: “سأصلي لك يا تيموثاوس” بل قال: “ضعْ تركيزك على الروح القدس الذي في داخلك وأضرمه، وتعاملْ مع الأرواح الشريرة، واهدمْ الحصون التي تهاجم ذهنك”.

 الظنون كما ذكرها الرسول بولس؛ “هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ…” (٢ كورنثوس ١٠: ٥) تعني باليونانية “logismos” أي الشيء البديهي الذي لا يرفضه الذهن، فلا يمكن أن يقول أحدٌ عن البرد إنه حَرٌّ والعكس بل يوجد اتّفاق على الشيء (أي فِكر طبيعي مقبول)، ولأن مجموعة مِن الناس قُبِضَ عليهم، فَفكَّر تيموثاوس تفكيرًا طبيعيًا أنه سيُقبَض عليه أيضًا.

 أجابه بولس: “انتبه وأضرم الموهبة التي فيك، وصَوِّبْ تركيزك على داخلك”. ثم تكلم عن نفسه قائلاً: “أنا أيضًا مسجون وتعرضّتْ لأمور صعبة من قِبَل نيرون في روما”.

 في أثناء ذهاب نيرون لمحاكمته بسبب حرقه لأورشليم، فَكَّرَ فيما يقوله أمام القضاء، وشرح خمسة أسباب جعلته يحرقها من ضمنها أن المسيحيين الذين يؤمنون بيسوع المسيح هم مَن فعلوا هذا، فشاعت هذه الأخبار الكاذبة وتسبَّبَ في وجود مئتي سنة مستمرة من الاضطهادات لِمَن يُدعَى مسيحيًّا في هذا الزمن.

 قُبِضَ على بولس هذه المرة ليس لأنه يهودي دخل للمسيحية (كما من ذي قَبْل)، بل كرأس أساسي للمسيحية في هذا الوقت، واتّهامه إنه من الناس الذين حرقوا روما (تهمة غريبة)، فأخبر بولس تيموثاوس بأنه يجتاز في الظروف نفسها التي يجتاز فيها، ولن تستطيع الأرواح الشريرة التغلُّب عليك ما دُمت تضرم الموهبة التي فيك، وبذلك يكون قد عمل بولس الرسول على تدعيم وتقوية تيموثاوس داخليًا، ويفتح عينه على الروح القدس الذي فيه، وهذا هو السر.

 تَذْكُر بعض المراجع عدد أفراد الكنيسة التي كان يرعاها تيموثاوس تتراوح من بين الخمسين والخمسة وخمسين ألفًا، والبعض الآخر يقول من مئة لمئة وخمسة عشر ألفَ شخصٍ، فهو هو لم يكن راعيًا لمجموعة صغيرة في بيته، بل مسؤولاً عن كنيسة ضخمة العدد، وبها قادة ومَسؤولون عن الكنيسة.

 تمّ القبض بالفعل على عدد من القادة الذين تحته ومن ثم سيذهبون للرأس الذي هو تيموثاوس وهذا بديهي للفِكْر البشري. لكن الطريقة التي اتّبعها بولس معه أن يسلك بقوة الروح القدس الذي فيه، لأن الأمر ليس مُرتبِطًا بالأفكار بل بالروح القدس الذي فيه.

 عندما تسير مع الروح القدس تغلب الظروف، وبالفعل لم يمتْ تيموثاوس قبل موعده (أي اختار الوقت ولم يُؤخَذ فجأةً أو عنوة) لأنه ليس من الطبيعي أن يخطف الاضطهاد شخصًا في عُمْرٍ مُبكِّر.

 ربما تسأل، ماذا عن يوحنا المعمدان؟ ألم يمت مُبكرًا؟ كان يوحنا في حالة من التشكيك في المسيا، وحالة من الخوف، (رغم إنه خدم تحت المسحة بصورة قوية جدًا) والدليل على ذلك عندما قال الرب يسوع في (متى ١١: ٤-٦) “طُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ”، وقال لتلاميذ يوحنا اذهبوا قولوا لمُعلِّمكم المعمدان ما يحدث معي الآن.

▪︎ طريقة التعامُل مع حالة السرحان والإلحاح الِفكْري:

 يَظهَر الإلحاح الفِكري في حالة مع وجود أعراض جسدية مثل الغضب مِن الآخرين والعنف معهم والإكثار في الطعام وترك الدراسة والسحب مع الأصدقاء، وغيره… وأعطى بولس الرسول تعليمًا مُستفيضًا للكنيسة عن كيفية التعامُل مع هذه الأمور، وهذا بدوره يجعلنا نعرف كيفية حدوث الأمر، تابع معي الآيات التالية.

 ” ١٦وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. ‏١٧لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ.” (غلاطية ٥: ١٦- ١٧).

وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ؛ تعني عندما تسلك بالروح فمؤكدًا لن تكتمل شهوة الجسد، “إِنَّمَا أَقُولُ” في اليونانية تعني“legō de أي الشرح من بُعْدٍ آخر، أو على صعيدٍ آخر، أو شريحة أخرى من الحوار داخل الموضوع نَفْسه.

 لا تكمن مشكلة الغلاطيين في الخطية فقط، بل في الخداع كما يحدث الآن مع كثير من المؤمنين، فيعتقد المؤمن كون الأفكار مَرَّتْ على ذهنه إذًا قد وقع فيها وأنّ شخصيته لم تُصحَّح بعد، ولكن كلما صَوَّبَ تركيزه في فكرة الخطية أو الشيء الذي مَرَّ على ذهنه بصورة غير سليمة، أعطى دَفعَة للجسد أكثر (تموينًا للجسد). في حين يكمن الحلّ في تغيير طريقة تفكيرك لتصبح حسب الكلمة.

 “١١هذَا وَإِنَّكُمْ (بجوار هذا) عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا.‏١٢قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ .‏١٣لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ.‏١٤بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.” (رومية ١٣: ١١- ١٤).

 “وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ” تعني لا تموّنوا الجسد وتمنحوه أن يشتعل عبر التفكير، ففي ترجمات أخرى تعني؛ “كفاك تفكيرًا لأنك لذلك تُموّن الجسد”، حيث إن التفكير يُعطي طاقة للجسد ودعمًا له. لذلك لا يوجد شيء يحدث من تلقاء نفسه لك، ولا يوجد ما يُسمَى بوجود خطية معينة تستعبدني! أنت مَن سمحتْ بهذا.

▪︎ من وُلِدَ مِن الله لا يُستعبَد:

 من وُلِدَ من الله لا يُستَعبَد لشيء لأنه وُلِدَ حُرًا ولا يحتاج لاختراق أو تحرير إذ هو خليقة جديدة، ولا يوجد ما يمنعك عن مجد الرب، فإن أردت أن تسير بالروح يجب أن تفكّر في الأمور الروحية، وإن قلنا إن الإنسان يحتاج لاختراق فهو إذًا في وضعية ينبغي أن نصل إليه لنخرجه منها، في حين أن المولود من الله هو داخل حضور الله ولا يوجد شيء -حتى إن فعل أبشع خطية- يمنعه عن هذا الحضور.

 تكلم بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس -كنيسة المشاكل- عن أمور كثيرة، إلا إنه قال: وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٣: ١٨). فلا يوجد شيءٌ يُعيقك عن مجد الرب، فإن أردتْ أن تسير بالروح، فلتفكر في الأمور الروحية بطريقة روحية.

 ربما تجد الأمر (التفكير في الأمور الروحية) في بدايته غريبًا عليك لأنك لم تَعْتَد عليها، إلى أن تحدث مقارنة طبيعية بين تفكيرك في الأمور بالطريقة البشرية والطريقة الإلهية، فعندما تواجه مواقف “رغبات وأفكار ومواقف خارجية….إلخ” ماذا يكون رد فعلك؟

 إن فكرتْ بطريقة روحية في الموقف، فأنت تموّن الروح بشرط أن تفكر بصورة كتابية وليس بتأليف. في بداية الأمر تحاول تَذَكُّر ما يقوله الكتاب المقدس لأنك في بداية التدريب، إلى أن تصير الكلمة طريقة تفكيرك لأنك مُقتنِعٌ بها. ومِن هنا يعرف الشخص كيف يُدير جسده.

 تتشابه خلفية رسالة غلاطية الإصحاح الخامس مع خلفية رسالة رومية، فيقول عندما يكرز أي شخص بخلفية يهودية يعطي انطباعات وعقيدة يهودية للمسيحية، فيخبرون المسيحيين: “من الهام أن تسيروا بالناموس بجوار سلوككم مع المسيح” وبالتالي حدثت ازدواجية عند السامعين.

▪︎ ما هي مشكلة الناموس؟

 لم تكن المشكلة في الناموس نفسه، بل في الطبيعة الشريرة الموجودة في الإنسان وقتها، لأنه يجعل الشخص يركز على الخطأ وبالتالي يصنعه. تذكر الآتي جيدًا؛ “لا تصنعوا تدبيرًا” تعني إعطاء تموين للجسد عن طريق التفكير الذي يُشعِل هذه الشهوات، وبالتالي أصبح الناموس كاشفًا للخطية وليس مُعالِجًا لها.

 بهذه الخلفية أصبح كل من يسير بِفِكْر وعقلية الناموس طول الوقت، ويسمع عن الخطية كثيرًا، وإنه لا يستطيع أن يتوقّف عنها ويحتاج لتدخُل وذبيحة؛ يفعلها أكثر، في حين إنه من المفترض أن يسمع عن الطبيعة الإلهية التي بداخله.

 عَلَّمَ بعض الخدام أن يسوع كان الذبيحة بدلاً عنا، لكنه أكبر من مجرد ذبيحة؛ لأنه أعطى للإنسان طبيعة إلهية بداخله تُمكِّنه من قول لا للجسد والسيادة عليه، فلا يجب أن نُقلِّل مِن عمله.

 “‏١٥فَإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا (سلوك بالجسد). ١٦وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. ‏١٧لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. ‏١٨وَلكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ. ‏١٩وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ‏٢٠عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ‏٢١حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ.” (غلاطية ٥: ١٥- ٢١).

 بَعْد الميلاد الجديد وفي العُرف السماوي لا يوجد ما يُسمَى بمؤمن مُستعبَد لأمر ما، فكلمة الله تكشف لك أنك لم تعُد مُستعبَدًا.

 “حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ” تأتي في الأصل اليوناني “حتى لا تفعلون ما تريدون“، هكذا أيضًا تأتي في الترجمات الأخرى. فما الفرق بين الاثنين؟ أيهما أفضل يا ترى! الثاني بالطبع وهو الوارد في الأصل اليوناني والذي يعني أنّ بداخلك روعة، عند سلوكك بالجسد تُعاق عن الاستعلان. لكن المعنى الوارد في فانديك يعني احتمالية وجود شرٌّ بداخلك، وهذا غير كتابي!

 “وَلكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ”. لا يتحدث هنا عن سماع صوت الروح القدس فيما ينبغي فِعْله في الشئون الحياتية، بل على السلوك بالروح البشرية.

 وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ”، لفظ “أعمال” تعني “”ergon باليونانية أي الشخص يقوم بعمل الشيء (إيجابي أو سلبي)، وهي عكس كلمة “ثمر” الواردة في العدد الثاني والعشرين والتي تعني إنها خارجة بتلقائية، فاللفظان هنا مختلفان عن بعضهما.

 لماذا لم يقُل “ثمر الجسد” بل قال “أعمال الجسد” لأن الأمر يحتاج لبذل مجهود ليُخرجه، واستخدم لفظ “ثمر” مع الروح الإنسانية، وهي تشير لسهولة الخروج عندما قال “ثمر الروح”، بمعنى أنك تسقي البذرة فتُخرج الثمر بتلقائية.

 “١أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ (سَحَرَ لكم) حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا (تَخضَعوا) لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ (اتّضَحَ أمامكم) يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا! ‏٢ أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هذَا فَقَطْ: أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟ ‏٣أَهكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟ ‏٤أَهذَا الْمِقْدَارَ احْتَمَلْتُمْ عَبَثًا؟ إِنْ كَانَ عَبَثًا! ‏٥فَالَّذِي يَمْنَحُكُمُ الرُّوحَ، وَيَعْمَلُ قُوَّاتٍ فِيكُمْ، أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟ ‏٦كَمَا “آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا” (غلاطية ٣: ١- ٦).

 “مَصْلُوبًا!” تعني أن يسوع أنهى على الإنسان العتيق، وأصبح إنسانًا جديدًا مولودًا من الله.

 “أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هذَا فَقَطْ: أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟”

 يسألهم الرسول بولس هنا؛ “هل حدث الميلاد الثاني لكم بأعمال الناموس أم بخبر الإيمان؟” ومن هنا نفهم أن جذر السلوك بالجسد والسلوك بالروح من غلاطية الإصحاح الثالث، لأن السلوك بالروح هو سلوك الشخص بالنعمة، لأنه إن سار بالناموس سيسقط من النعمة، وطبقًا لهذا الشاهد نكتشف أن أعمال الجسد يقابله ويساوي في نظر كلمة الله سلوك بالناموس “أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ…أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟”

 “أَهذَا الْمِقْدَارَ احْتَمَلْتُمْ عَبَثًا؟” هل كان اضطهادكم واحتمالكم له بلا سبب؟

 يُعلّمنا بولس الرسول هنا أن الناموس يجعل المؤمن يركز على الخطية وليس الحلّ، أما يسوع فهو الحل، حيث فيه صُلِبَ الإنسان العتيق ومات، فبالتالي لم يَعُد هناك طاقة لإنتاج الخطية إذ تمّ استبدال مَصنْع الخطية (روح الإنسان) بمَصنْع للبر.

 لا تحيا كل حياتك في وهم وأنت تحاول معالجة الخطية، بل لتنفتح عينك على النعمة الرائعة والقوة التي صرنا فيها، وهذا لا يعني ألا تأخذ حذرك من السلوك بالجسد. تَذكّر معي أنّ النعمة هي لمسة إلهية تجعلك تعمل أعمالاً لم تكن قادرًا على عملها من قبل، وتمتنع عن أمور لم تكن قادرًا على إيقافها.

 “١وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ.‏٢بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ.‏٣هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ.‏٤وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ،‏٥لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ (نضوج الشخص).‏٦ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: “يَا أَبَا الآبُ. ‏٧إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ ‏٨لكِنْ حِينَئِذٍ إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً. ‏٩وَأَمَّا الآنَ إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ ‏١٠أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟ ‏‏١١أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا!‏” (غلاطية ٤: ١-١١).

 يوضح الرسول بولس في بداية الإصحاح الرابع ويقول نحن كشعب الله كنا في حالة عدم فهم لهذا الكلام، لذلك كنا مُستعبَدين مع إننا نمتلك كل شيء ومتاح لنا أن نحيا الروعة الإلهية، ولكننا لم نقدر لسبب عدم نضوجنا. لكن بعد ذلك جاء يسوع ليتمم الخلاص فأصبحنا ناضجين.

 “كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ”؛ لاحِظ بدقة، العبودية هنا ليست تحت الناموس أو تحت الله بل عبودية للخطية، وكلمة أركان العالم تعني عناصر العالم، وما يقدمه مِن فساد وتعب وعناء وألم…إلخ. القاصر هو الشخص الذي لم يستلم ميراثه بعد.

 “٢٣وَلكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ (إنجيل يسوع) كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقًا عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ.‏٢٤إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ.‏٢٥وَلكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ، لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ.‏٢٦لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. ‏٢٧لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ: ‏٢٨لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. ‏٢٩فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذًا نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ.” (غلاطية ٤: ٢٣-٢٩).

 “إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَان”؛ كان الناموس مثل السجن ونحن فيه، إلى المسيح؛ أي إن وظيفة الناموس كانت المحافظة على شعب الله (اليهود) حتى لا يتلوثون بالعالم إلى أن يأتي المسيا منهم. الآن انتهت وظيفته ولسنا عبيدًا تحت أركان العالَم، بل خرجنا من الحبس أو التأديب أو التهذيب.

 “لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ”؛ خضع الرب يسوع للناموس، وفي ذات الوقت كان بلا خطية، فالناموس لأي شخص غير مولود من الله هو مُحفِّز للخطية ومُستفِز داخليًا لها، ليس هذا بسبب سوء الناموس بل بسبب الطبيعة الساقطة (طبيعة الخطية) التي كانت بداخل الإنسان في القديم، مثلما قال في رومية؛إِذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي.” (رومية ٧: ٢١).

 “ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: “يَا أَبَا الآبُ”؛ يوجد مستوى آخر ليس أنك مولود من الله فحسب بل أن يسكن فيك الروح القدس فبذلك أنت مُعَالَج بشكل مزدوج. الروح القدس هو من يجعلك تعمل الوصايا. إن عشت بالناموس ستعيش وهم أنك لم تُعَالَج بعد، وهذا أمر خطير.

 “إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ ِللهِ بِالْمَسِيحِ.”

 ما ارتباط الميراث بهذا الموضوع؟ بدأ الأمر من وقت أخنوخ حيث استناروا أنّ الله سيصنع شيئًا تجاه الإنسان وهو أن يضع طبيعته فيه، ونجد هذا مكتوبٌ في الأناجيل عندما أتى الشاب الغني وسأل الرب يسوع عن الحياة الأبدية، لذا فهذا الشعب كان واعيًا وطامِحًا لهذه الحياة التي لا تفنى لأنها إلهية، وأن يصير الإنسان شريكًا للطبيعة الإلهية.

 لا يُعنَى بالميراث هنا حقوقك في المسيح فقط، بل الطبيعة نفسها تم تغييرها؛ أي أصبحتْ روح الإنسان مختلفة ولديها قوة للسيطرة على النَفْس والجسد. يمكنك دراسة مقالتي “أنت بار وبر الله“، “رومية ٧ لا يتحدث عن المؤمن” لمزيد من التعمُّق في هذا الموضوع.

 استمرّ بولس الرسول يوضح أنّ المشكلة ليست في الناموس ذاته، بل في الخطية الساكنة في الروح العتيقة (الإنسان العتيق)، وهذه الكينونة ما أُعيد خلقها مِن الله.

 بعد الميلاد الجديد أصبحت الروح الإنسانية تحتوي على قوة الله للتعامل مع أفكارك؛ لهذا السبب يمكنك التعامل مع السرحان والسحب الذي في العالم، وأفكاره وغيره من خلال القوة التي في داخلك. نعم توجد قوة شيطانية تستغل عدم معرفة الشخص لكيفية إدارة جسده، إلى أن يعرف الشخص إنه ليس مُستعبَدًا للعالَم أو أركانه.

 “لكِنْ حِينَئِذٍ إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً”؛ الاستعباد هنا ليس للناموس بل للعالَم، وأمور ورائها أرواح شريرة حيث إنهم ليسوا آلهة فعلية بل ورائها أرواح شريرة. فنجد بولس الرسول يقول في موضع آخر لا تدخلوا في شراكة مع الشياطين؛ “فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ الشَّيَاطِينِ.” (١ كورنثوس ١٠: ٢٠).

 نتميّز نحن الآن بامتلاكنا لكل رسائل بولس الرسول، أما وقتها لم تكن كل الرسائل في كتاب واحد.

 “أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟” يطالبك الناموس بالحفظ والاعتناء بأمور مُعيّنة، وليس تجاه الخطية فقط، ويخبرك أن الله غير راضٍ عنك، فعندما يسير الإنسان في هذا النموذج الخاص بالعهد القديم يدخل في وضعية استعباد للعالَم.

 يحدث الأمر نفسه عندما يسمع المؤمن تعليمًا غير كتابي يَظْهَر أنه مُستخرَج مِن الكتاب المقدس لكنه غير دقيق، بذلك يُستعبَد لنظام عالمي غير عالمٍ أنه يسير دون دراية تحت العالم نتيجة لهذه التعاليم، ومن ثَّم يجد الشخص نفسه يزداد في الخطية، ويسأل أسئلة لا يجب أن تُسأَل.

 ▪︎ ما هو السلوك بالروح؟

 “١فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. ‏٢هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! ‏٣لكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. ‏٤قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. ‏‏٥فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرّ. ‏٦لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. ٧كُنْتُمْ تَسْعَوْنَ حَسَنًا. فَمَنْ صَدَّكُمْ حَتَّى لاَ تُطَاوِعُوا لِلْحَقِّ؟ ‏ ‏٨هذِهِ الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ مِنَ الَّذِي دَعَاكُمْ (الروح القدس) ٩ خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ. ‏١٠وَلكِنَّنِي أَثِقُ بِكُمْ فِي الرَّبِّ أَنَّكُمْ لاَ تَفْتَكِرُونَ شَيْئًا آخَرَ. وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ. ‏‏١١وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ، فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذًا عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ. ‏١٢يَالَيْتَ الَّذِينَ يُقْلِقُونَكُمْ يَقْطَعُونَ (ينتهوا) أَيْضًا! ‏١٣فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. ‏١٤لأَنَّ كُلَّ النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ: “تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ”.‏ ‏١٥فَإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.‏١٦وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ.‏١٧لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ. ‏١٨وَلكِنْ إِذَا انْقَدْتُمْ بِالرُّوحِ فَلَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ.‏١٩وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ‏٢٠عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ‏٢١حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ.‏٢٢وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ‏٢٣وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. ‏٢٤وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. ‏٢٥إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ الرُّوحِ. ‏٢٦لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضًا.” (غلاطية ٥: ١- ٢٦).

هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! أنا بولس أقول لكم بنفسي إن كنتم تورطتم في أمر في العهد القديم عن دون قصد، بذلك تُستعبَدون لأركان العالم، وتدخلون فيه.

 مثال: عندما لم يُرِد بطرس أن يغسل الرب يسوع قدمه، قال له الرب: «إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ». (يوحنا ١٣: ٨). مما يُظهِر لنا ضخامة الموضوع.

 ينبغي أن نعرف إنه يوجد بعض الأمور في حياتنا الروحية حجمها كبير، من أمثال ذلك مؤمن لا يأخذ وقته مع الرب يوميًا فهو في طريقه للارتداد والهلاك، هذه هي المعايير السليمة التي تَحدَّثَ عنها الكتاب المقدس.

 في بعض الأحيان، يرنم الشخص ترانيم غير كتابية فقط لأنه اعتاد عليها، ودون أن يدري ينخرط فيها، فتؤثر على أمور أخرى، ويجد نفسه مُتورِّطًا في خطايا، ويبدأ الجسد بالاشتعال لأنه فَعَّلَ قانون الجسد؛ “اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ.(غلاطية ٥: ١٦).

 السلوك بالروح هو السلوك بكل حق كتابي في العهد الجديد، ومبادئ العهد القديم لم تُنْتَقَص فالخطية لا زالت خطية.

“خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ

 هذا مبدأ خطير، الشيء الصغير يؤثر على أمر كبير، إن كنت شخصًا تحب أن تستمع لستة أو سبعة وعاظ خاصةً إنْ كان كلامهم متناقض، هذا أمر خطير! لأنك تُكوِّن لديك خليط مِن التعليم، مثل المريض الذي يذهب لأكثر من طبيب ليتابع حالته، فيأخذ وصفات مختلفة من كل طبيب وفي النهاية هو من سيتعب، تحتاج أن تتأكد من التعليم الذي تأخذه، وتراجعه ليلاً نهارًا. فلا تزرع حقلك صنفين.

 “وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ؛ يتكلّم هنا عن الخدام ومَن جعلوا المؤمنين في حالة ارتباك بعد أنْ كانوا مُستقرِين وثابتين في الحق الكتابي، بذلك يحمل دينونة في هذا الأمر أي مَن كان.

“وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ، فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟”

 يذكر بولس الرسول هنا عن أشخاص تَدَّعي كلامًا خاطئًا عنه أنه يكرز بالختان ويُعلِّم الناس أنْ يختتنوا، ويجيب عن هذا مُبرهِنًا إن كنت أُعلِّم بالختان فلماذا اُضطَهَد من اليهود؟ فإن عثرة الصليب قد بَطُلَتْ. هكذا يوجد مَن يَدّعي كلامًا عني ويقولون: “الراعي رامز قال كذا كذا..” في حين إنك إن استمعت لعظاتي لن تجد هذا. يمكنك مراجعة كلامي لن تجد شيئًا محذوفًا، كل شيء متاحٌ على الموقع.

“يَا لَيْتَ الَّذِينَ يُقْلِقُونَكُمْ يَقْطَعُونَ (ينتهوا) أَيْضًا!”؛ هنا يتكلَّم بحماية للشعب ليس كمَن يتكلَّم بعصبية، بل يريد إنقاذهم.

‏ “فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَد” لا تستخفوا بالخطية وتنتهزوها فرصة للسلوك بالجسد. لأن الكتاب يقول لك لا تسِر بالجسد.

 أدى تعليم النعمة بصورة خاطئة إلى تراخي الناس، كذلك التعليم الشائع أن الله هو المسؤول عن عمل كل شيء والإنسان ليس عليه فِعْل أمرٍ إلّا قبول يسوع، وبعد ذلك لا يعمل شيئًا لأن النعمة والروح القدس يحملانه ولا توجد خطية محسوبة عليه! قطعًا هذا غير كتابيّ! يمكنك الرجوع لسلسلة “الحياة المسيحية وكيف تحياها

 احذر! الحرية التي أنت فيها ليست فرصة لتقول: “السماء مضمونة ولا يوجد ناموس”. نعم نحن لا نسير بالناموس لكنه وُضِعَ في قلوبنا، فالآن أنت تحيا الناموس. في البداية كان يمثل مشكلة لأنك لم تقدر أن تعيش الحق الكتابي، بسبب روحك الإنسانية التي كان بها طبيعة شريرة.

 أما الآن فأنت ابن الله ومولود منه، والروح القدس ساكن فيك، وبالتالي تستطيع أن تحيا الطبيعة الإلهية بسلاسة، فقط عليك أن تثمر وتُخرِج الأمر من روحك وتسلك باستنارة العهد الجديد، فهذا ما يريد أن يقوله بولس الرسول لنا.

 “اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ”؛ اسلكوا بنظام يسوع المسيح الجديد -الطبيعة الإلهية- فمؤكدًا لن تكتمل شهوة الجسد.

 “وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ”؛ لا تتعذّر بأنك لم تعرف الخطية إلّا من خلال الناموس، لأن أعمال الجسد ظاهرة؛ أي مكشوفة لنا، بعد فهم هذه الخلفية، إن سرت بالروح ستُكشَف لديك كل الأمور، لهذا السبب أنت تعيش الناموس من الداخل للخارج، أما المسيحية هي حياة من الداخل للخارج.

 إن كان لديك مرضٌ تريد الشفاء منه، أو طباع تريد تغييرها، أو عبودية وتحتاج لحرية…إلخ، ومازالت ترى حدوث هذا مستحيلاً، فأنت لم تفهم الرب يسوع المسيح بشكل صحيح حتى الآن، لأن الحلّ يكمن في أن تسلك بالروح؛ أي تدرك الخليقة الجديدة التي أصبحتْ عليها، وما هو وضعها فلدينا الآن قوة لكَسْر هذه الأمور عن طريق ضبط التفكير، والامتلاء بفْكر الحرية التي حرّرنا المسيح بها، أنت لست عبدًا!

 بعد ذلك ستكتشف أن ما تشعر به من عبودية أو أعراض المرض الفلاني هي ليست حقيقية، لأن الرب يسوع يكشف لك الحقائق وأنها تحت سيطرتك وأنت من توقفها. تستطيع السيادة والسيطرة على ذهنك ودراستك وتفكيريك وسرحانك وأعراض جسدك. لديك قوة في داخلك، ولا تراقب طول الوقت السبت والهلال؛ أي الأعمال.

 السلوك بالروح هو السلوك بالإيمان والمحبة والنعمة (القوة الإلهية)، وأعمال الجسد لا تحتاج إلى الناموس لكي تُكشَف بل هي ظاهرة.

 يجعلك الروح القدس الساكن فيك تفهم معنى “آبا الآب” وهي علاقة حميمة مع الروح القدس. السلوك بالروح لا يعني السلوك بالكلمة فقط، بل هو علاقة مع الروح القدس، ونظرتك للأمر تكون حسب الروح وحسب وجهة نظر الله، كما يوضح الكتاب أنك قادرٌ على التعامل مع أي أزمة مادية أو قلبية أو عائلية أو غير ذلك من روحك، ينبغي أن تترسّخ لديك أفكار الكلمة عن أي موقف تمرّ به.

 قاد بولس الرسول تيموثاوس وجعله ينظر على داخله، لأن الحياة المسيحية هي حياة من الداخل للخارج. يمكنك السيطرة على النَفْس والجسد والأفكار المُلِحة التي تأتيك مع بعض التخيلات والأعراض في جسدك. يمكنك أن تسيطر على كل هذا بروحك.

▪︎ ما تفكِّر فيه، ستتغير إليه:

 لكي يحدث هذا عليك أن تفهمه جيدًا أولاً، وبعد ذلك ينبغي أن تضع نفسك في هذا المجال عن طريق التفكير فيه، فكلما فكرت في المشكلة تزداد، على النقيض تمامًا كلما فكرت فيما عمله يسوع يزداد وأي شيء آخر ينقص، هذا هو السرّ.

 “‏وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٣: ١٨).

 “نَاظِرِينَ” تأتي بمعنى مُنتبِهين ومُدقِّقين بنظرة فيها تمعُّن، على عكس رؤية صورة رؤية عابرة، لكنك تُكبر وتصغر لترى تفاصيل أكتر فيها، لهذا السبب إن كانت حياتك في استعجال ولا تعطي وقتًا للكلمة فهذه الآية غير مُنطبِقة على حياتك.

 يتحتّم عليك أن تجلس فترة كافية من التأمل وتمرِّر الكلمة على ذهنك، بذلك تتغيّر إلى تلك الصورة عينها، فأنت مَن تجعل الشيء يحدث في حياتك وحياة أولادك وفي دراستك وعملك. لا يوجد احتمالية أن تخرج حياتك خارج هذه الصورة، بهذا تحيا من مجد لمجد، وليس من تعاسة إلى تعاسة، كما مِن الرب الروح (الروح القدس). فهو أساس فهمنا لكل الأمور وهو مَن يعطينا هذه الصورة لنراها.

 يَستخدِم العالم التأمل أيضًا والتخيُّل فيحدث الشيء، لأن إبليس يعلم مِن الكلمة أنه يوجد قوة في الإنسان عليه فقط أن يطلقها.

 إن كان الإنسان غير مولود من الله فكل ما سيصنعه سيكون بقوة مُدعَّمة مِن إبليس ولكن بالطبع لها حدود، فقط الرب يسوع من أباد الموت قادر على إيقاف الموت الذي بدأ يتشعّب في زوايا حياتك المختلفة. مثلاً؛ إن كان ابنك في سِنّ المراهقة، ارسم صورة صحيحة عنه في ذهنك وتكلَّمها، وكذلك عن عملك، وجسدك ومادياتك.

 هذه ليست أحلامًا بل صورًا مُحدَّدة مِن الرب الروح الذي يساعدك ويعطيك الطاقة الحقيقية لفِعلها، فلا تقلق، بهذه الطريقة تصنع أمورًا مجيدة في حياتك إذ أن صناعة المجد أُعطِيت للإنسان وليس للرب.

 إن كان هناك شخصٌ يتعامل معك بعناد وإصرار ولا يريد أن يعطيك حقك، عليك أن ترى هذا الأمر من الروح، وقد تكون تأخّرتْ في زراعة صلوات وصور صحيحة قبل المشكلة، فلا تقلق المرات التالية ستقدر، لكن لا تيأس لأن اليأس كان سمة واضحة في أُناس العهد القديم، حيث كان على الإنسان أن يتأمّل في خطيته، ويقضي أيامًا للتطهير لأن موضوع الخطية لم يكن ينتهي بسرعة وقتها.

 تَسرَّبَ هذا الانطباع لبعض المؤمنين في عصرنا الحالي وهو الإدانة للذات لفترة طويلة، كان لابد من إيقاف (فرملة) للخطية في العهد القديم إلى وقت مجيء يسوع من هذا النسل.

 أما الآن فالأمر بسيط ومن سهولته يظهر للبعض على إنه ساذج، وللأسف يستمر الشخص مُحاوِلاً أن يدفع ثمن خطيته. انتبه! كان هذا صحيح في العهد القديم ولكنه خاطئ في وقتنا هذا تحت ظلّ العهد الجديد بل ويُسمَى بسلوك بالناموس الذي يورِّط الناس بشكل أكثر في الخطية.

 الناموس ليس هو المُجرِم، لكن السلوك بالناموس (من الخارج للداخل)؛ أي محاولة إصلاح الشخص لنفسه لأنه ليس في الصورة اللائقة، في حين أن السلوك (بالروح، النعمة، الإيمان، الروح القدس)، أن ترى أن هذه القوة هي في داخلك وعليك أن تُخرِجها. فَمَن يسير بالناموس يسقط من النعمة والعكس صحيح.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$