القائمة إغلاق

كيف نحصل على الشفاء؟ How to Receive Healing from Christ?

يذكر سفر العدد الإصحاح الحادي والعشرون حادثة تبين كيف وضع الله الشفاء في صميم الكفارة. بعدما لدغت الحيات المحرقة شعب إسرائيل وصاروا يموتون، أخبر الله موسى أن يرفع حية نحاسية على خشبة. كانت تلك رمزاً للكفارة التي كان المسيح سيقدمها بنفسه. لكننا نلاحظ شرطاً قد وضعه الله حتى يتمتع هؤلاء الأموات بالشفاء: “فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْنَعْ لكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلى رَايَةٍ فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا(ع 8).

إن كان الشفاء – مثلما يعلَّم البعض – لم يكن متاحاً في كفارة المسيح، فلماذا اشترط الله على هؤلاء الإسرائيليين الأموات أن ينظروا إلى “رمز” الكفارة لأجل الحصول على الشفاء الجسدي؟ وإن كان كلا من الشفاء الجسدي وغفران الخطايا صارا متاحين بالنظر إلى الحية النحاسية التي هي “رمز الجلجثة”، فلماذا لا ننال نحن بالأولى جداً مثل هاتين البركتين بالنظر إلى يسوع الذي هو “الأصل الحقيقي”؟ وإن لم يكن ذلك صحيح، فالرمز إذاً صار في مرتبة أعلى من المسيح نفسه، وهذه بالطبع حماقة.

كل مَن ينظر

كـان يسـتحـيل علـى أي شخـص مـن هـؤلاء الأمـوات أن ينـال الشفـاء دون أن يتمـم هـذا الشرط: كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا“. عندما نبحث في الأصل العبري عن كلمة “ينظر” سندرك المدلول الكامل لهذه الكلمة:

أ- إن كلمة “ينظر” تعنى الانشغال والتأثر بما ننظر ونتأمل فيه. وهذا يذكرنا بإبراهيم الذي رفض أن ينظر إلى جسده، بل صار قوياً في الإيمان فحوَّل نظره إلى مواعيد كلمة الله. فعندما ننظر وننشغل بأعراض مرضنا فنحن نسلك بعكس الشرط الذي وضعه الله لنتمتع بالشفاء.

ب- إن كلمة “ينظر” تعنى “لفت الانتباه”. لقد أعطى الله عهد الشفاء وأعلن عن نفسه بأنه الطبيب العظيم من خلال اسم الفداء “يهوه رافا”، لكن الشرط الذي وضعه لكل شخص حتى يتمتع بالشفاء هو أن ينظر إلى رمز الحية النحاسية: “كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا”.

قد أخبرنا يسوع في إنجيل مرقس4: 24 أنه عندما ننتبه ونصغي لكلمة الله فنحن نغرسها في أرواحنا: “.. الْبِذَارُ هُوَ كَلِمَةُ اللهِ”. ومثل أي بذرة، فإن كلمة الله لديها المقدرة أن تثمر وتنتج عندما تُغرس في الأرض الجيدة. إن الإصغاء والانتباه لكلمة الله يوفران “أرضاً جيدة” لحفظ الكلمة حتى تنبت وتثمر.

لا يستطيع الشيطان أن يعيق “البذرة” عن عملها ما لم نسمح له بأن يقتلعها من الأرض. ولا يمكنه فعل ذلك إلا عندما نحوَّل أنظارنا عن الكلمة ونثبتها على الأعراض التي لدينا. وذات تلك الأعراض قد دعاها يونان “أَبَاطِيلَ كَاذِبَةً”، بينما كان لا يزال في جوف الحوت. “لَكِنَّنِي أَعُودُ أَنْظُرُ إِلَى هَيْكَلِ قُدْسِكَ” هكذا نظر يونان إلى كلمة الله بدلاً من الوسط المحيط.

ت- إن كلمة “ينظر” تعنى أيضاً توقع الحصول على الشيء. فعندما تنظر إلى الله لأجل الخلاص فأنت بذلك تتوقع أن تنال منه عطية الميلاد الجديد وغفران الخطايا. فهو يقول لجميع الناس: “الْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ”. وحيث أن الله قد جعل الشفاء متاحاً للجميع، لذا علينا أن نقتلع من أذهاننا أصغر فكرة تشككنا في إمكانية الحصول على الشفاء.

ج- إن كلمة “ينظر” تعني “يعتبر”. نقـرأ عـن سـارة أنها: “حَسِبَتِ (اعتبرت) الَّذِي وَعَدَ صَادِقاً”. فبدلاً من أن تعتبر جسدها العقيم وتقدم سنها، اختارت أن تعتبر كلمة الله.

ح- إن كلمة “ينظر” تشير إلى فعل حاضر ومستمر. إنها لا تعنى النظر في لمحة سريعة وحسب، بل النظر المستمر المدقق حتى إستعلان ما نؤمن به في عالم العيان. لقد كان “الإيمان الثابت” هو الذي تمم وعد الله لإبراهيم. فبينما نثبت أنظارنا على كلمة الله تبدأ عملية الشفاء في الحدوث. وبمجرد أن تتحول أعيننا لنلاحظ مدى التقدم في حالتنا، فإن عمل الشفاء يتوقف.

علينا أن نفكر أفكار إيمان ونتكلم كلمات إيمان ونواظب على فعل ذلك حتى يُستعلن وعد الله في أجسادنا. فإن انشغلنا بمشاعرنا وبالأعراض التي لدينا فنحن نحيد عن الشرط الكتابي الذي وضعه الله لنتمتع بالشفاء ونعيق قوته عن عملها في أجسادنا.

نظرة الإيمان

نقرأ في رسالة العبرانيين 11: 23-27 أن موسى “كَانَ ثَابِتَ العَزمِ كَأَنَّهُ يَرَى اللهَ الَّذِي لاَ يُرَى”. حينما يتعلق الأمر بالعصب البصري، فإن الإيمان هو رؤية ما لا يُرى بالعين المجردة. لكن فيما يتعلق بعيون أرواحنا، فإن الإيمان هو البرهان على أمور مرئية (في عالم الروح). وإن السلوك بالإيمان هو السلوك بمستوى يفوق الإبصار البصري. لذلك دعونا نقضي حياتنا ننظر دائماً إلى أمور مجيدة تفوق بما لا يُقاس ما يمكن رؤيته بالعين المجردة.

وفوق كل ذلك، يجب أن ندرك أن الإنسان يرى بفكره وليس بعينيه المجردتين. على سبيل المثال: ربما لا يمكنك أن ترى النقود التي أودعتها في البنك بعينيك الجسدية لكنك تراها بعقلك. وعندما تحرر شيكاً، فأنت تفعل ذلك بالإيمان الطبيعي-لا بما تراه بعينيك الجسدية- لكن بفكرك. لذلك فإن الإيمان بكلمة الله يتطلب أن تحوَّل فكرك ليتأمل في وعود كلمة الله بدلاً من التأمل في الأعراض الخارجية للمرض.

إن الإيمان يرى الصحة والقوة التي في الصليب ويعتبرهما في حوزته الآن. إنه يرى كلمات الكتاب، “هُوَ نَفْسُهُ حَمَلَ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ (عِنْدَمَا مَاتَ مَصْلُوباً) عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَطَايَا فَنَحْيَا حَيَاةَ الْبِرِّ. وَبِجِرَاحِهِ تَمَّ لَكُمُ الشِّفَاءُ”. ثم يسلك بموجبها. وما تراه عين الإيمان فهذا ما تمسك به يد الإيمان. فهي تقول، “إنه ملك لي بحق كلمة الله”. إن الإيمان يرفض أن يرى أي شيء غير ما يقوله الله.

حقائق الإيمان المجيدة

إنه من الخطأ الفادح ألا تصدق شيء أو تعتبره غير حقيقي لأنك لا تراه بعينيك الجسدية. افترض أنك وثقت بي لأقودك خلال الطريق وأنت مغمض العينين. كل حفرة وكل رصيف سوف أخبرك به يكون حقيقة أكيدة بالنسبة لك كما لو أنك مفتوح العينين. وفى كل مرة ترفع قدمك لتخطو، فأنت تسلك بإيمان عن أمور لا تُرى (بعينيك الجسدية) وترى بفكرك ما أراه أنا بعيني وأخبرك به.

إن الحقائق الروحية العظيمة التي يراها الله في عالم الروح ويخبرنا بها هي حقيقية تماماً كما لو أننا نراها بعيون جسدنا. فأمانة الله ووعوده هما أساساً أكيداً وراسخاً لنقف عليهما بالإيمان.

بالنسبة للإنسان الغير مستنير والذي لا يرى وعود الله، يصبح الإيمان بالنسبة له قفزة في الظلام. لكن بالنسبة لأولئك الذين لديهم وعود الله، فإنهم يسلكون وفقاً لمبادئ وقوانين إلهية. وأفضل مثال على ذلك هو الملايين من الخطاة الذين نالوا عطية الحياة الأبدية وانتقلوا من مملكة الظلمة إلى ملكوت النور بمجرد الوقوف على وعد الله بالخلاص..

قال يسوع للفريسيين، “لَقَدْ جِئْتُ إلَى هَذَا العَالَمِ لِكَيْ يَرَى (بعيون الإيمان) الَّذِيْنَ لاَ يَرَوْنَ (بالعيون الجسدية)، وَيَعْمَى (عن الأمور الروحية) الَّذِيْنَ يَرَوْنَ (بعيونهم الجسدية). إن السلوك وفقاً لهذه البصيرة في العالم الذي لا يُرى سيجعلك تعيش أرقى حياة على هذه الأرض بسبب عظمة تلك الأمور التي لنا في عالم الروح. ودائماً ما ينتج عن السلوك بهذه البصيرة الفائقة للمعتاد فرح لا يُنطق به ومجيد.

لماذا يفشل البعض في استقبال الشفاء؟

إن أحد الأسباب في فشل البعض في استقبال شفائهم هو لأنهم يؤمنون بما تخبرهم به حواسهم الجسدية بدلاً من الإيمان بكلمة الله. لكن ينبغي علينا ألا ننسى أن حواسنا الجسدية تتعلق بجسدنا المادي، وهم قد أُعطوا لنا كي ما نستخدمهم فيما يتعلق بأمور هذا العالم. لكن أمور الله -الأمور الروحية- لا يمكن تمييزها أو الاقتراب منها أو معرفتها بحواسنا الجسدية.

لذلك لا عذر لأي إحساس أو شعور جسدي مثل الألم أو الضعف ليجعلنا نشك في تحقيق أي وعد إلهي. ألن يكون من الحماقة أن نشك في وعد المسيح بالمجيء الثاني فقط لأننا لا نشعر بذلك؟ إن الله أمين في تتميم جميع الوعود دون استثناء. فإن كان من الحماقة أن نشك في وعد الله بخصوص مجيء يسوع الثاني بسبب مشاعر خاطئة، أفلا يصح أبداً أن نشك في وعده بأننا قد شُفينا بسبب مثل هذه المشاعر أيضاً؟

إن الأساس الذي نبني عليه ثقتنا بأن خطايانا قد غُفرت يستند على إيماننا بأن يسوع حمل خطايانا: “هُوَ نَفْسُهُ حَمَلَ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ (عِنْدَمَا مَاتَ مَصْلُوباً) عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَطَايَا فَنَحْيَا حَيَاةَ الْبِرِّ” (1بطرس2: 24). إذ لابد أن نؤمن بأن خطايانا قد غُفرت قبل أن نشعر بأي مشاعر تؤكد ذلك. وعلى ذات الأساس نقترب لنحصل على شفائنا الجسدي من الطبيب العظيم. فخلاص أرواحنا وشفاء أجسادنا مبنى على عمل المسيح التام والغير قابل للتغير، لا على أساس مشاعرنا.

عندما أعطانا الله لقب الفداء “يهوه رافا”، كان يقول لنا “إِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ”. وهو ينتظر علينا حتى نتجاوب معه قائلين، “حقاً يا سيد، أنت هو الرب شافيَّ”. إنه يريد أن يعلن عن نفسه بأنه الرب الشافي في اختبارك الشخصي. فكما أنك في يوم ما اعترفت به رباً ومخلصاً لتنال الميلاد الجديد: “أَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِيَسُوعَ رَبّاً، وَآمَنْتَ فِي قَلْبِكَ بِأَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، نِلْتَ الْخَلاصَ”، فإنه يريدك اليوم أن تسير في ذات الخطوات التي سلكت بها يوم قبلت الخلاص: أن تؤمن وتعترف بفمك وتتمسك بما قال إنه سيفعل. فالإيمان هو الاعتراف وتصديق ما يقوله الله ثم السلوك بموجبه. وكل بركة نتمسك بها بالإيمان لابد أن تتجسد وتُستعلن في العيان.

لا تكن ذو رأيين

عندما نتقدم لنحصل على بركة الشفاء الجسـدي مـن المسيـح، ينبغـي ألا نـكون “بِرَأْيَيْنِ”.

يذكر الرسول يعقوب في رسالته عن الشروط التي يجب توافرها عندما نتقدم لنحصل على شيء بالإيمان من الرب: “إِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ بِإِيمَانٍ، دُونَ أَيِّ تَرَدُّدٍ أَوْ شَكٍّ. فَإِنَّ الْمُتَرَدِّدَ كَمَوْجَةِ الْبَحْرِ تَتَلاَعَبُ بِهَا الرِّيَاحُ فَتَقْذِفُهَا وَتَرُدُّهَا! فَلاَ يَتَوَهَّمِ الْمُتَرَدِّدُ أَنَّهُ يَنَالُ شَيْئاً مِنَ الرَّبِّ. فَعِنْدَمَا يَكُونُ الإِنْسَانُ بِرَأْيَيْنِ، لاَ يَثْبُتُ عَلَى قَرَارٍ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ” (يعقوب1: 6-8).

عندما نتقدم لنطلب بركة الشفاء الجسدي، ينبغي أن نتوقف أولاً ونتأكد أننا نسلك بـ “فِكْرُ الْمَسِيحِ”. هذا يعنى أن نرى ما يقوله الله في كلمته وحسب ثم نسلك بموجبها. يخبرنا بولس أن “.. تَخْلَعُوا الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ.. وَتَتَجَدَّدُوا فِي رُوحِ ذِهْنِكُمْ”. هذا يتضمن أسلوب تفكيرنا القديم الذي يستند على برهان الحواس الجسدية الخمسة. فالإنسان الجديد لا يفكر ولا يؤمن سوى بكلمة الله المكتوبة، كما أنه لا يتأثر ببرهان الحواس الجسدية.

كلمة الله فعاَّلة وقديرة

يخبرنا الكتاب المقدس أنه لا توجد كلمة واحدة من الله فارغة من القوة. يقول مزمور 107: 20، “أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ”. هذه هي طريقة الله في خلاص أرواحنا وشفاء أجسادنا. لقد قرأت اختبارات لكثيرين ممَن شُفوا بترديدهم لكلمات أشعياء النبي 53: 5 “وَبِجِرَاحِهِ شُفِينَا”. ظلوا يقولون لأنفسهم، “قال الله عني أني قد شُفيت، لذا أنا قد نلت الشفاء. إني أؤمن بكلمة الله لا بمشاعري”. وباعترافاتهم هذه وتكرارهم لهذا الوعد والسلوك بموجبه، نالوا شفائهم. حتى السرطانات قد اختفت تماماً ولم يعد لها وجود. فعندما نؤمن بثبات ونسلك وفقاً لإيماننا بكلمة الله، فلا يوجد شيء يمكن أن يمنع قوة الله من أن تتمم ما تعدنا به. فكل ما علينا فعله هو أن نؤمن بثبات بما تقوله الكلمة ونتمسك باعترافات أفواهنا ونرفض بحزم أن ننظر أو نؤمن أو نفكر في أي شيء يتعارض مع الكلمة.

قال الله لإبراهيم “إِنِّي جَعَلْتُكَ (صيغة الفعل في الماضي) أَباً لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ” وهو لا يزال غير قادراً على الإنجاب. ثم أعطاه هذا الاسم “إبراهيم” الذي يعنى “أباً لشعوب كثيرة” في الوقت الذي لم يكن لديه ابناً واحداً. فآمن أبرام بهذا الاسم الجديد وسلك بموجبه بأنه ظل يردد كلمات الله عن نفسه. ففي كل مرة كان يقدم فيها نفسه للآخرين كان يقول لهم: “أنا أب لشعوب كثيرة”. وبهذا كان يحسب الأمور الغير موجودة –في العالم المادي- وكأنها موجودة (لأنها بالفعل موجودة في عالم الروح) معطياً المجد لله وواثقاً يقيناً أن ما قاله الله بشأنه حقيقي.

وعندما تؤمن بأن الله قد سبق بالفعل وأعطاك كل ما قاله في كلمته من خلال يسوع، وبينما تسلك بموجب كلمة الله بثبات، سيجعلك الله تختبر في عالم العيان ما آمنت به.

قد سبق الله وأعطانا كل شيء بالفعل

قد سبق الله وأعطانا كل ما يقود إلى الحياة والتقوى (2بطرس1: 3). هذا يتضمن كل ما نحتاجه لأرواحنا وأنفسنا وأجسادنا والتي قد اشتراها يسوع وجعلها متاحة لنا بالفعل.

تخبرنا رسالة بطرس الرسول الأولى 2: 24 أن الله سبق وشفانا (جسدياً).

تخبرنا رسالة كولوسي 1: 13 أن الله سبق وحررنا من مملكة الظلمة.

يخبرنا إنجيل لوقا 10: 19 أن الله سبق وأعطانا سلطاناً على جميع قوى الظلام. عندما نتقدم لنحصل على تلك البركات، فإن الله يحذرنا – كما في حال بطرس – من النظر إلى الظروف المحيطة. لقد كانت الأمواج عالية ومرتفعة عندما ابتدأ بطرس يسير على الماء كما كانت عندما ابتدأ يغرق. فعندما لم يكن ينظر إليهم، لم يقدروا أن يعيقوه عن الوصول إلي يسوع. لكن في اللحظة التي حوَّل بصره إليهم امتلأ بالشك. كانت الأمواج عظيمة ومرتفعة قبل أن يسير بطرس على الماء وبعدما سار وعندما غرق. لكن عندما لم يعطها أي اهتمام لم تستطع أن تعيقه.

لذلك يحذرنا الله هنا بألا نسمح لما نراه أو نشعر به أن يحوَّل نظرنا عن الله وعن كلمته. لأنه إن حدث ذلك فسوف نفقد كل ما قدمه لنا. وعلى الجانب الآخر، عندما نرفض بحزم أن ننظر لأي شيء سوى إلى الله والى ما قاله سنحصل على كل ما وعدنا به.

تمسَّك بما عندك

رؤيا 3: 11

11 َتَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ، لِئَلاَّ يَسْلُبَ أَحَدٌ..

لن يخبرنا الكتاب إطلاقاً أن نفعل شيئاً ما لم يكن ممكناً حدوثه. بمعنى آخر، إن لم نكن معرضين للسلب من البركات التي حصلنا عليها فلما كان هناك احتياج لكي يوصينا الكتاب أن نتمسك ونحافظ عليهم.

إن إبليس يسعى جاهداً لكي يسرق منا كل ما نحصل عليه من الله. قد أخذ بطرس سلطاناً من الرب يسوع لكي يسير على الماء، لكن الشيطان سرقه منه عندما نجح في أن يحوَّل نظره ويلفت انتباهه إلى الرياح المحيطة (التي تمثل المشاعر) والى الأمواج العالية (التي تمثل العيان). لقد نال بطرس مقدرة واستخدمها، لكنه فقدها بالشك. كثيرون اليوم يفقدون إستعلان شفائهم – الذي يكون قد ابتدأ بالفعل لحظة ما آمنوا – عندما يحولون أنظارهم عن كلمة الله إلى مشاعرهم. لذلك قبل أن تأخذ خطوة الإيمان لأجل الشفاء ينبغي أن تحسم هذا الأمر: سوف أنظر إلى كلمة الله وحدها. وعندما تأخذ خطوة الإيمان لا ترى شيئاً سوى الله وكلمته فحسب. ومنذ تلك اللحظة ينبغي أن يكون الشك أمراً قد حُسم وغير قابل للتفاوض. والأرض التي سوف تثبَّت عليها قدميك هي كلمة الله.

مَن يراقب أعراضه أو مشاعره يشبه مزارع يقتلع البذار التي غرسها ليرى إن كانت قد نمت، وهكذا يقتل البذار. لكن المزارع الماهر عندما يغرس بذاره في التربة يقول، “إنني سعيد لأن البذار قد غُرست. أنا أعلم أنها تنمو”. فهو يؤمن أن البذار ستبدأ في النمو حتى لو لم يرى ذلك.

إن كنا نفعل ذلك مع الأمور الطبيعية، لماذا يصعب علينا أن نؤمن بالبذار الحية “كلمة الله” التي لا تفنى أبداً؟ لابد وأن نثق أن كلمة الله – التي نؤمن ونعترف بها – تعمل حتى لو لم نرى ذلك.

عندما تأتي لتستقبل الشفاء الإلهي، فأول شيء تحتاج أن تتعلمه هو أن تتوقف عن القلق ومراقبة حالتك الصحية. لقد سلمت جسدك للرب وهو صار مسئولاً عن إستعلان شفائك. فلتفرح إذاً وتبتهج من جهة هذا الأمر. فأنت تعلم من كلمته أنه أمين ليتمم ما وعد به. لذلك تأكد أن ترفع نظرك من على جسدك ومشاعرك وتنظر فقط إلى الرب ووعوده. وقبل أن تدرك أي إستعلان جسدي للشفاء يصرخ الإيمان ويبتهج قائلاً “مكتوب”. فقد انتصر يسوع على تجارب عظيمة بقوله “مَكْتُوبٌ”.

لا تنشغل بجسدك بل ضع كل تركيزك على وعود الرب. فمن الأفضل جداً أن تكون في تواصل مع الله مبتهجاً بوعوده عن أن تنشغل بجسدك وأعراضه المتقلبة. لقد رأيت جموع كثيرة يختبرون إستعلان بركة الشفاء الإلهي عندما ساروا وفقاً لهذه الخطوات. وعلى النقيض تاماً، قد أخفق الكثيرون لأنهم انشغلوا بمشاعرهم وأعراضهم.

ابنٍ إيمانك

يهوذا1: 20

20 وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ

قد دُعي الروح القدس في الأصل اليوناني بـ “باراكليتس”. ومن إحدى معاني هذه الكلمة “معين”. مجداً للرب! يستطيع كل مؤمن أن يتوقع مساعدة الروح القدس ليبنى إيمانه ويقويه. فالروح القدس مستعد دائماً “أَنْ يَعْمَلَ فِينَا جَمِيعاً مَا يُرْضِيهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ”. وحيث أنه “مِنَ الْمُسْتَحِيلِ إِرْضَاءَ اللهِ بِدُونِ إِيمَانٍ”، لذلك فإن الروح القدس مستعد دائماً ليساعد كل مؤمن ليبني إيمانه حتى ينال أي بركة وعد بها الله في كلمته. والطريقة الأساسية التي تعطى بها الروح القدس مجالاً ليبنى إيمانك هي أن تصلي في الروح أي بألسنة.

لماذا يكون الإيمان أمراً شديد الأهمية؟

لقد قصد الله لعين الإيمان أن ترى حقائق مجيدة غير مرئية للعين المجردة. فعندما ننظر بثبات إلى ما لا يُرى ونؤمن به، فسوف تصبح أكثر حقيقة وأقوى برهاناً من واقع السرطان أو أي مرض آخر تستطيع العين البشرية أن تراه. يمكننا أن نتغلب على أي شك أو عدم إيمان بالنظر من خلال عيون أرواحنا المستنيرة إلى وعود كلمة الله. هذه هي الطريقة الوحيدة الأبدية التي ننال بها جميع بركات الله.

إن جميع الانتصارات المجيدة التي سُجلت في الإصحاح الحادي عشر لرسالة العبرانيين كانت نتيجة تلك النظرة الصحيحة والثابتة.

إن “نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” الـذي “يُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ” أقـوى بـكثـيـر مـن “نَامُوسِ الْخَطِيةِ وَالْمَوْتِ”. لكن هذا الناموس يتوقف عن العمل عندما لا نسلك بالإيمان. وكما أن نعمة الله أقوى جداً من الخطية ونتائجها، كذلك فأن قدرة المسيح الشافية أقوى جداً من أي مرض أو سقم.

كيف نمارس إيماننا؟

قال يسوع للرجل الذي يده يابسة “مُدَّ يَدَكَ!”. عندما ابتدأ الرجل يسلك بموجب كلمات الرب يسوع ويمَّد يده متكلاً على القدرة الإلهية، صار صحيحاً تماماً. عندما نجتهد أن نفعل ما لم نكن قادرين على فعله سابقاً – استناداً على وعد الله، فإن قدرة الله تتدفق من خلالنا. ويظل وعد الله لأي شيء يمكن أن تعاني منه: “كُلُّ شَيءٍ مُستَطَاعٌ لِمَنْ يُؤمِنُ”. لذلك استطاع بولس أن يقول، “أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ، فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي”. فمن خلال اتحادنا مع المسيح صارت قوته متاحة لنا. لكن علينا أن نستخدمها ونطلقها حتى نتمتع بها. لقد كانت محاولة هذا الرجل في مَّد يده هي التي أطلقت قوة الله الشافية في جسده.

إن ممارسة الإيمان ليس سلوكاً جسدياً فحسب، إنما يتضمن الاتكال القلبي الكامل والفكري نحو الله. فسلوك الإيمان الكامل يتضمن أن نفكر أفكار إيمان ونتكلم كلمات إيمان ونسلك سلوك إيمان. وهذا ضروري لأجل إستعلان ما نؤمن به في العالم المادي.

ربما يتساءل أحدهم، كيف يمكن لشخص أن يعبَّر عن إيمانه لأجل الشفاء من العمى أو الصمم أو أي إصابة أخرى حينما لا يكون هناك فعل جسدي يمكن التعبير به؟”

من خلال طاعتنا لكلمة الله واعترافات أفواهنا. عندما قال يسوع للرجل الأعمى “اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ”، كانت طاعته ليذهب ويغتسل فرصة ليعَّبر عن إيمانه. كذلك كان الحال مع نعمان ويونان والعشرة برَّص وقائد المئة. فقد اظهر كل واحد من هؤلاء إيمانه بأنه ذهب مصدقاً كلمة الله دون أن يري أي برهان مادي على ذلك. لقد آمنوا أنهم نالوا الشفاء قبل أن يروا أي إستعلان مادي على ذلك.

عندما يكون لديك رصيد في البنك بآلاف الجنيهات ثم تأتي بعد عدة أشهر لتحرر شيكاً، ففي تلك اللحظة أنت لا ترى الأموال التي وضعتها. لكنك تثق أنها موجودة في حسابك. والبيان الورقي الذي بين يديك يؤكد لك أنهم في حسابك. فأنت تثق في هذا المستند كما لو أنك تمسك تلك الأموال بين يديك، ولن تتردد أبداً في أن تحرر شيكاً بالمبلغ الذي تريده. لقد أودع الله في حسابنا كل البركات التي نحتاجها: شفاء، تسديد احتياجات، حماية، حفظ، خلاص، إن أُصبت بمرض فاعلم أنه لا يخصك، إنما الشفاء وحسب. لا تقبل شيئاً لا يخصك. فما التصرف إذاً؟ حرر شيكاً بالشفاء في اسم يسوع. ربما تكون في تلك اللحظة لا ترى أو تشعر به لكنك تعلم من كلمة الله أنه لك وضمن حسابك السماوي.

اقتلع الشجرة

ربما يتساءل أحد، “كيف أستطيع أن أرى نفسي أني شُفيت في حين لا أزال أرى أعراض المرض واضحة في جسدي واشعر بالألم؟”

يوجد تشبيه من الطبيعة استعين به أحياناً لأوضح هذا الحق الكتابي. من إحدى الطرق لقتل الأشجار هو اقتلاعها. وعندما تنظر إلى شجرة مُقتلعة حديثاً سترى بعينيك أن سيقانها لا تزال ناضرة وأوراقها خضراء. فيمكنك أن ترى بعينيك الجسدية ملامح الحياة في الشجرة. لكن عيون عقلك – التي لديها معرفة تفوق المعرفة المرئية – تخبرك أنها ماتت. فعلى الرغم من أنك ترى مظاهر الحياة في الشجرة إلا أنك تدرك أنها ميتة.

مع مرور الوقت، يبدأ الموت -الذي لم تستطع عيناك الجسدية رؤيته- يُستعلن في الوسط المادي. هكذا نحصل على الشفاء الجسدي؛ فنحن نرى في كلمة الله أن شفائنا هو عمل مكتمل ومنتهي. فلوقت بسيط نحن نرى أعراض المرض وهي لا تزال ظاهرة في أجسادنا. لكن عيون أرواحنا تنظر إلى كلمة الله فترى المرض قد انتهى والشفاء في طريقه ليُستعلن في أجسادنا. ثم بعد ذلك تأتي خطوة هامة جداً ألا وهي أن نعلن “الأَشيَاءَ الغَيرِ مَوجُودَةٍ بَعدُ، وَكَأَنَّهَا مَوجُودَةٌ”. نعلن بأفواهنا ما نراه بعيون إيماننا من خلال حق كلمة الله إلى أن يُستعلن في أجسادنا.

إن الاعتماد على العيون الجسدية وحدها أمر غير منطقي، لأنها لا تأخذ في الاعتبار الحقيقة بأكملها. بل إنها تعجز عن رؤية أعظم وأكثر الحقائق مصداقية. فهي لا تستطيع أن ترى العنصر الفائق للطبيعي نحو الشفاء.

إن الإيمان الذي يأتي بالشفاء بركة أعظم بكثير من الشفاء في حد ذاته. لقد طَّوب الكتاب المقدس كثيرين على مر العصور لأجل سلوكهم بالإيمان عندما وثقوا في الله لأجل الحصول علي بركات مادية. فعندما نتعلم أن نسلك بالإيمان لأجل الحصول على الشفاء الجسدي سنكون بذلك قد تعلمنا الطريقة التي نحصل بها على أي بركة أخرى. فالشفاء الجسدي أعظم تدريب على ممارسة الإيمان.

عندما تحصل على الشفاء بهذه الطريقة سينمو إيمانك ويتقدم لتحصل على كل ما أعطاه الله لك في المسيح يسوع.

تذكر

– إن كان الشفاء الإلهي متاحاً لجميع شعب الله في القديم من خلال رموز ونمازج العهد القديم، فبالأولى جداً نحن الذين لدينا الحقيقية “يسوع المسيح” نحصل على الشفاء من جميع الأمراض وبدون استثناء.

– الشفاء في العهد الجديد متاح لكل مَن ينظر إلى يسوع –كلمة الله.

– لا يعني النظر إلى كلمة الله مجرد النظر في لمح البصر، بل هو توجه فكري يتضمن تحويل الانتباه عن كل عيان ملحوظ وكل أعراض ظاهرة وتحويل الانتباه إلى كلمة الله عن الشفاء والانشغال بها.

– السلوك بالإيمان يتضمن تغيير طريقة التفكير التقليدي الذي يستمد أفكاره من العيان وتجديده بكلمة الله حتى يتوافق مع فكر الله عن الشفاء.

– لا تصدق الأعراض الظاهرية التي تراها بعينيك الجسدية، فحقيقة وجود الشفاء أكثر حقيقة وواقعية في عالم الروح عنه في العالم المادي.

– في كل مرة ستحول فيها عينيك عن كلمة الله لتراقب حالة جسدك فستوقف عمل الشفاء وتعطل استعلانه الذي يكون قد ابتدأ بالفعل في جسدك.

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$