القائمة إغلاق

هل ستجتاز الكنيسة الضيقة؟ Is the church going to cross in the tribulation?

لسماع العظة على الساوند كلاود Sound Cloud

لمشاهدة العظة على الفيس بوك Facebook

لينك العظة على اليوتيوب YouTube

video
play-sharp-fill

العظة مكتوبة

هل الكنيسة ستعبر في الضيقة؟!

▪︎ ما الذي يجعلك مُتَيقِنًا مٍن عبور الكنيسة في الضيقة أو لا؟

▪︎ استمِع لتعليم الرب يسوع عن أواخر الأيام!

▪︎ تسلسل أحداث في الوقت القادم:

أولاً: اختطاف الكنيسة قبل الضيقة.

– ثانيًا: سبع سنين الضيقة.

ثالثًا: سيأتي الرب يسوع وسينزل مَن اُختُطِفَ معه للأرض.

▪︎ أسابيع دانيال السبعون.

▪︎ فترة الكنيسة وصورتها النهائية.

▪︎ هل الخلاص بالنعمة أم بالأعمال؟!

هل يمكن أنْ يرتد المؤمن؟!

▪︎ اكتشف تأثير طباع الشعوب على المؤمنين.

▪︎ إرشادات هامة للتوازن بين الاعتماد على النعمة والسلوك الحي.

 

▪︎ تعليم الرب يسوع عن أواخر الأيام

 دَعني أقرأ معك هذا الشاهد الكتابي حتى تتمكن مِن أنْ تَربِط الأمور ببعضها وتفهمها بصورة مُبسَّطة، وهو واحدٌ مِن أكثر الشواهد التي يُوجد فيها حقٌ كتابيٌّ عن الأخرويات مِن فَمْ الرب يسوع ذاته، لأن تعليم الأخرويات ليس بقليلٍ ولكنه ليس صعبًا أيضًا، بل يحتاج إلى مفاتيح لفهمه.

 “وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ ٱلتَّلَامِيذُ عَلَى ٱنْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا؟ وَمَا هِيَ عَلَامَةُ مَجِيئِكَ وَٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ؟” (متى ٢٤: ٣).

 هُنا سأل التلاميذ الرب يسوع ثلاثة أسئلة؛ أولاً: “مَتَى يَكُونُ هَذَا؟” وتعود كلمه “هذا” على هدم الهيكل، وهذا ما حَدَثَ بالفعل سنة سبعين ميلاديًا. ثانيًا: “ما هي علامة مجيئك؟” والثالث، خاص بانقضاء الدهر، كيف سيتم هذا؟

 

 ثم بعد ذلك، قال الرب يسوع لهم أنظروا لا يُضِلكُم أحدٌ، ثم أكمل كلامه في عدد١٥ وتكلم عن نبوة دانيال في العهد القديم، وقال:

 ” ١٥ «فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ ­لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ­ (قارئ سفر دانيال) ١٦ فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، ١٧ وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، ١٨ وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. ١٩ وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! ٢٠ وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، ٢١ لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. ٢٢ وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. ٢٣ حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. ٢٤ لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. ٢٥ هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. (يخبرنا الرب يسوع عن الأمور قبل حدوثها) ٢٦ فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. ٢٧ لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. ٢٨ لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ.” )متى ٢٤: ١٥-٢٨).

 عندما قال الرب: “وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ”: إذًا هو يتكلم إلى اليهود وليس للكنيسة، فنحن ككنيسة الله ليس لنا علاقة بالسبت، فهو يتكلم بما سيفهمه الناس، وكان قد قال لهم سيأتي وقت وأشرح لكم أمورًا كثيرةً مِن خلال الروح القدس، لأنني إنْ شرحتها الآن لن تفهموها (يوحنا ١٦: ١٢-١٣)، وتم شرح هذا الكلام بالفعل مِن خلال الرسل بالصورة السليمة.

 “لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ …إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ”؛ يختلف الضيق الذي عَبَر فيه شعب الله في الفترة التي بعد الرب يسوع، عن الضيق القادم الذي لم يحدث ولن يكون مثله.

 يُشير لفظ “الْمُخْتَارِينَ” إلى اليهود -شعب الله- وليس الكنيسة، وهذا حسب ما جاء في (إشعياء ٤٨: ٨) “وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِسْرَائِيلُ عَبْدِي، يَا يَعْقُوبُ ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ، نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِي.”

 “لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ…حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا”؛ يكشف لنا الرب يسوع هنا عن استراتيجية شيطانية، وهي محاولة إبليس أنْ يُضل حتى المختارين مِن شعب الله. وبالطبع هذه استراتيجية شيطانية لنا ككنيسة، لكن هذا النص الكتابي يتكلم عن شعب الله بالتحديد.

 “لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ” في هذا الوقت سيكون شعب الله مُحاصَرًا بالوحش والجيوش التي ستأتي مِن منطقة الشرق والتي تشمل منطقة الصين، ويهجمون عليهم. وفي هذا الوقت سيأتي يسوع شخصيًا وينزل على الأرض، ولكن أولًا سيظهر في السماء مِن المشارق والمغارب، بمعني إنه سيستمر ظاهرًا للعالم لمدة يوم كامل وليس لدى الكنيسة.

لكي لا يحدث أي اختلاط لديك، سأتكلم بتسلسل:

 أولاً: اختطاف الكنيسة قبل الضيقة، وسوف أشرح بعد قليل لماذا قبل الضيقة.

 ثانيًا: ستحدث سبع سنين الضيقة وهي تنقسم إلى ثلاث سنين ونصف، وثلاث سنين ونصف أُخر.

 ثالثًا: سيأتي الرب يسوع وسينزل مَن اُختُطِفَ معه للأرض، ويظهر للعالم كله في هذا اليوم، وهو اليوم الذي ستنوح فيه كل قبائل الأرض، والذين رفضوا أنْ يُصَدقوا مجيء الرب يسوع الأول، سيكون هناك أشخاصٌ غير مُصدِقين أنّ المسيح قد أتى بالرغم مِن كرازة المئة وأربعة وأربعين ألفًا.

 

 سيكون وفي ذلك الوقت شعب الله والمسيحيين اللذين لم يُختطفوا في اضطهادٍ كبيرٍ قبل المجيء الثاني، وسيتم تجميعهم. حدد الرب المنطقة التي سينزل فيها، وهي التي تُوجد فيها الجثة أو الحالة السيئة الحادثة في الأرض (الضيق العظيم). هناك أمرٌ خاصٌ بآخِر أربعة أيام في الضيقة؛ سوف يصل الأمر أنْ تشرب الناس الدم، وسيموت كثيرون أيضًا مِن صعوبة هذا الوقت.

 مِن الهام جدًا أنْ تتخيل ما كان الرب يقصده، فهو لم يَتكلم مُطلقًا عن الكنيسة بل عن شعب الله، فهو تَكَلَّم في هذا الوقت عن مجيء ابن الإنسان وذكر الاختطاف بصورة خفيفة، لأن هذا لم يكُن هدفه وقتها في هذا الحوار، بل كان يريد أنْ يوضح مجيء ابن الإنسان لأن التلاميذ كانوا سألوُه بخصوص هذا الأمر، فالاختطاف هو لإنقاذ الكنيسة كما إنه حقٌ مِن حقوقها.

▪︎ أسابيع دانيال السبعون

 دعونا نقرأ ما وَرَد في دانيال سريعًا لكي نعرف لماذا يسبق الاختطاف الضيقة؟

 يتكلم الكتاب أنّ الوحش سيعمل في سبع سنين الضيقة، بمعنى لا يُمكِن انطلاقه ما لم تُختَطَف الكنيسة وذلك حسب ما قاله الرسول بولس وسنتناول هذا الشاهد بعد قليل.

 لو كان الإصحاح التاسع مِن سِفْر دانيال يتحدث عن الوحش إنه سيعمل في الثلاث سنين والنصف الثانية فقط، لكان هذا يُعني أنّ الكنيسة سوف تُختَطف قبل الثلاث سنين والنصف الثانية؛ أي إنها ستجتاز في النصف الأول منها، لكن الكتاب يُوضِح أنّ الوحش سيعمل مِن بداية السبع سنين وهذا ما سنقرأه معًا في دانيال، هي تنقسم إلى جزئيين: ثلاث سنين ونصف يكون فيها الوحش مُسالِمًا، والثلاث سنين والنصف الأخرى سيكون شَرِسًا فيها، ويطالب الناس بعبادته.

 الوحش هو شخصٌ مَسكونٌ بأروحّ شريرةٍ سيعمل جاهدًا للسيطرة على العالم، هذا هو اللفظ النبوي عنه، ولا يُعنى أنه سيكون وحشًا حرفيًا.

 “٢٤ سَبْعُونَ أُسْبُوعًا قُضِيَتْ عَلَى شَعْبِكَ وَعَلَى مَدِينَتِكَ الْمُقَدَّسَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَعْصِيَةِ وَتَتْمِيمِ الْخَطَايَا، وَلِكَفَّارَةِ الإِثْمِ، وَلِيُؤْتَى بِالْبِرِّ الأَبَدِيِّ (لن يكون هناك خطية بعد نهاية هذه الحقبة)، وَلِخَتْمِ الرُّؤْيَا وَالنُّبُوَّةِ، وَلِمَسْحِ قُدُّوسِ الْقُدُّوسِينَ. ٢٥ فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعًا، يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ. ٢٦ وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعًا يُقْطَعُ الْمَسِيحُ (يُصلب) وَلَيْسَ لَهُ، وَشَعْبُ (ليس له مَن يقف بجواره) آتٍ يُخْرِبُ الْمَدِينَةَ وَالْقُدْسَ، وَانْتِهَاؤُهُ بِغَمَارَةٍ، وَإِلَى النِّهَايَةِ حَرْبٌ وَخِرَبٌ قُضِيَ بِهَا. ٢٧ وَيُثَبِّتُ عَهْدًا مَعَ كَثِيرِينَ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ (سبع سنين الضيقة)، وَفِي وَسَطِ الأُسْبُوعِ يُبَطِّلُ الذَّبِيحَةَ وَالتَّقْدِمَةَ، وَعَلَى جَنَاحِ الأَرْجَاسِ مُخَرَّبٌ حَتَّى يَتِمَّ وَيُصَبَّ الْمَقْضِيُّ عَلَى الْمُخَرِّبِ»” (دانيال ٩: ٢٤-٢٧).

 “فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبِنَائِهَا” متى بدأ البناء ليتم حساب السبعين أسبوعًا بدءًا منها؟ هذا الأمر واضح في نحميا.

 “وَفِي شَهْرِ نِيسَانَ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْعِشْرِينَ لِأَرْتَحْشَسْتَا ٱلْمَلِكِ، كَانَتْ خَمْرٌ أَمَامَهُ، فَحَمَلْتُ ٱلْخَمْرَ وَأَعْطَيْتُ ٱلْمَلِكَ وَلَمْ أَكُنْ قَبْلُ مُكْمَدًّا أَمَامَهُ.” (نحميا ١: ٢).

 ومنذ هذه اللحظة بدأ نحميا ببناء مدينة أورشليم وتجديدها، وتم ذلك في سبعة أسابيع؛ أي تسعة وأربعين سنة. ثم بعد هذا هناك فترة بدأت منذ انتهاء بناء أورشليم وتستمر إلى مجيء المسيح الرئيس وقطعه مِن الأرض وهي اثنان وستون أسبوعًا؛ أي أربعة مائة وأربعة وثلاثين سنة.

 الأسبوع الأخير يُقصَد به السبع سنين الأخيرة وهو الذي سيعمل فيه الوحش. وفي وسط الأسبوع؛ أي في آخِر ثلاث سنين ونصف سَيُبْطِل الذبيحة والتقدمة، وفي آخِر السبع سنين سوف ينزل عليه عقابٌ وينتهي.

 عندما تقوم بتجميع هذه الفترة ستجدها سبعين أسبوعًا مُقسَّمه إلى (سبعة أسابيع + اثنين وستين أسبوعًا + أسبوع = سبعين أسبوعًا). طريقة اليهود في الحساب هي طريقة “الحِزَم”، والحِزمة الوحدة تحتوي بداخلها على عددٍ، وهذا لكي يُقلل مِن الأرقام المُستخدَمة. والأسبوع هُنا هو عبارة عن سبع سنين.

 كما أنّ هذا يساعدنا أيضًا في فَهْم النبوة بصورةٍ بسيطةٍ حينما ننظر إلى السبع سنين؛ أي الأسبوع المتبقي ستجدها كالآتي: كتب دانيال هذه النبوة وهو لازال في وقت السبي، ثم أخذ نحميا بعد ذلك أمر مِن الملك بالبناء؛ وبدأ يبني أورشليم. فمُنذ أنْ بدأ نحميا بالبناء إلى صلب المسيح (اللحظة التي قال فيها الرب يسوع: “بيتكم يُترك لكم خرابًا”) تسعة وستين أسبوعًا؛ أي أربعة مائة وثلاثة وثمانين سنةً، وكانت هذه هي نهاية الهيكل حيث إنّ حضور الله تركه.

 مع الأخذ في الاعتبار أنّ السنة اليهودية ثلاث مئة وستون يومًا وليست ثلاث مئة وخمسة وستين يومًا وهذا سيفرق معك إنْ حسبتها بالسنين، كما أنّ الرب يسوع لم يُولَد في سنة صفر ميلاديًا، لكن هناك نسبة خطأ في السنين، لذلك ستكتشف أنها نَفْس حقبة السنين التي ذُكِرَتْ في دانيال.

 حينما أخذ دانيال الرؤيا مِن الرب وسعى أنْ يعرف؛ كُشِفَ له مِن خلال الملاك كيف تكون الحسابات لهذه السنين، وعَرَّفه أنّ المسيح سيأتي بعد أنْ يتم بناء أورشليم والهيكل ثانيةً.

 يقول الكتاب إنّ الوحش سيُثَبت عهدًا مع كثيرين في أسبوعٍ واحدٍ؛ أي سبع سنين، في منتصفه يُبطِل الذبيحة والتقدمة، ومِن هنا اعتقد البعض أنّ الاختطاف سوف يحدث في الثلاث سنين ونصف الأخيرة وهذا خطأ، لأن هذه الفترة تُسَمى “بضيقة يعقوب”، لكن الضيقة بصفة عامة على العالم كله ستبدأ مُنذ بداية السبع سنين لأن الشر سينطلق في الأرض في ذلك الوقت.

 خروج الحصان الأبيض وما يليه مِن أحصنة قد رأيناها في بداية سِفْر الرؤيا الإصحاحين السادس والسابع والختوم التي بدأت تنفك، هم عبارة عن خروج أرواح شريرة في عالم الروح وليس أحصنة تراها الناس في العيان، ولكنهم سَيُروا على أرض الواقع كمجاعات، حيث إنه ستحدث حربٌ مذكورة في أماكن أخرى.

 هذه الحرب ليس معناها أنّ الوحش بدأ يكشف عن أنيابه ويُسَيطر على الأرض بالصورة التي سيفعلها في الثلاث سنين ونصف الأخيرة.

بحسب تسالونيكى الثانية:

 “١ ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، ٢ أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ. ٣ لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، ٤ الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ. ٥ أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هذَا؟ ٦ وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ (أي الكنيسة) حَتَّى يُسْتَعْلَنَ (الوحش) فِي وَقْتِهِ. ٧ لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، ٨ وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ” (٢ تسالونيكي ٢: ١-٨).

 الكنيسة هي الحاجز الذي يحجز الإثم، فَمِن هنا نَفهم أنه لا يُمكن أنْ تبدأ سبع سنين الضيقة إلا في حالة رَفْع الكنيسة وخروجها مِن الأرض، وهي لن تُختطَف في منتصف الضيقة؛ لذا لا يُمكن أنْ يُستَعلن الوحش وخروجه للعلن -كشخصٍ مُسالِمٍ- للعلن قبل هذا الوقت.

“ٱلْمُقَاوِمُ وَٱلْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا” وصف النبي دانيال الوحش بهذه الصفات عينها.

لِأَنَّ سِرَّ ٱلْإِثْمِ ٱلْآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ ٱلْوَسَطِ ٱلَّذِي يَحْجِزُ ٱلْآنَ”: يَعمل إبليس الآن كروح ضد المسيح كما ذكر يوحنا؛ “وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ.” (١يوحنا ٤: ٣).

 روح ضد المسيح هو: عبارة عن مجموعة أرواح كانت تعمل سابقًا ضد الله، ثم ظهر الله في الجسد، لذا مِن هذا الوقت بدأوا يعملون كروح ضد المسيح، هو نفسه سوف يَسكُن في الوحش ويعمل بصورةٍ أبشع مما سبق؛ يحتار البعض عندما يقرأون آياتٍ مثل هذه “إنه يعمل الآن”.

 لن ينزل الرب إلى الأرض في الاختطاف، لكن سيقف على السحاب ترحابًا بالكنيسة، مثلما يقف شخص لاستقبال ضيفٍ عند باب بيته، لن يكون الظهور علني للجميع، ولكن فقط للأشخاص الذين استجابوا مع دعوة الرب، أي بوق الرب.

 منذ اللحظة التي قُطِعَ فيها المسيح مِن الأرض؛ أي الأسبوع التاسع والستين، إلى الأسبوع السبعين -فترة مجيء الرب الثاني واستعلان الأثيم- مدة ألفي عام وهي فترة الكنيسة. وذُكِرَ هذا في هوشع؛

 “هَلُمَّ نَرْجِعُ إِلَى ٱلرَّبِّ لِأَنَّهُ هُوَ ٱفْتَرَسَ فَيَشْفِينَا، ضَرَبَ فَيَجْبِرُنَا. يُحْيِينَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ يُقِيمُنَا فَنَحْيَا أَمَامَهُ.” (هوشع ٦ : ٢،١ ).

 يتكلم هوشع في هذا الشاهد ويقول إنّ شعب الله زنى وترك الرب، كما وَضَّح أيضا أنّ هذه حالة موت، وسيرفض الشعب الرب، توقع اليهود أنْ يستمر الأسبوع السبعون ويدخلون في الضيفة، ولكن فُوجِئوا بعدم حدوث هذا. ظنوا أنّ ما حدث مِن اضطهاد سنة سبعين ميلاديًا هو الضيقة، لكن وضح لهم بولس إنهم مُخطئين لأنه قد حدث تشابه وتم هدم الهيكل في هذه السنة، وفَرَّقَ الرب يسوع مِن خلال كلامه في إنجيل متى الإصحاح الرابع والعشرين بين هدم الهيكل ومجيئه ثانيةً وانقضاء الدهر.

▪︎ هناك فرقٌ بين شعب الله والكنيسة والأمم

 إنْ لم نفهم الفرق بين شعب الله والكنيسة والأمم سيحدث خلط في الشواهد الخاصة بأواخر الأيام.

“فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هَذَا ٱلسِّرَّ، لِئَلَّا تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ: أَنَّ ٱلْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لِإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْء ٱلْأُمَمِ.” (رومية ١١ : ٢٥).

 حينما رفض شعب الرب المسيح فُتِحَ الباب للأمم، وهذه الفترة هي فترة الألفي عامٍ -فترة الكنيسة- كأنّ الساعة توقفت إلى أنْ يدخُل ملء الأمم، ثم بعد فترة الكنيسة ستعود الساعة تعمل حتى تكتمل فترة السبعين أسبوعًا الذي هو تحديدًا الأسبوع السبعون والأخير الذي تكلم عنه دانيال.

 السبع سنين هي حقبة قضاءٍ على الأرض؛ اليهود والأمم معًا، وقد ذُكِرَ هذا في نبواتٍ كثيرةٍ في العهد القديم، بمعنى آخر قد نزعنا الملح مِن الأرض؛ أي الكنيسة، فبدأت الأرض تفسد . نرى هذا بصورة مُصغَّرة الآن حينما يكون هناك شخصٌ بارٌ -حاجزٌ للإثمٌ- في عملٍ مُعيَّنٍ، ثم يخرج مِنه، فيحدث خللٌ وخرابٌ في هذا المكان؛ لأنه كان بارًا وحاجزًا للإثم، وسبب بركة لعمله. هذه صورة مُصَغَّرة لِما سيحدث بعد اختطاف الكنيسة.

 عند بداية فترة السبع سنين سيعمل الوحش بصورةٍ علانية، ويخدع العالم بالسلام ولكن ستحدث في هذهٍ الفترة حروبٌ ليست منه ولكنه مشتركٌ في أشياءٍ منها، وأطرافها في (حزقيال ٣٨، ٣٩) وهي عبارة عن ضربِ بلادٍ لبعض، وستحدُث مجاعاتٌ نتيجةً لتلك الحروب.

 سَيُقبَل الوحش مِن أُناسٍ كثيرين ولكن سَيُرفَض أيضًا مِن آخرين، وستنتهي فترة السبع سنين بمجيء الرب يسوع على الأرض، وسيكون معه الذين اُختطِفوا لكي يملُكون مُلكًا حرفيًا.

 يسأل البعض ما الإثبات على حرفيّة المُلك الألفي؟ هناك كم مِن الشواهد كان اليهود يعتقدون أنّ المسيح سوف يأتي ويملك مُلكًا حرفيًا ولكنها كانت تتكلم عن المُلك الألفي، وسبب هذا الخلط هو اعتقادهم أنّ عدّاد الساعة سيستمر بعد الأسبوع التسعة والستين ويدخل على الأسبوع السبعين ثم يأتي الرب، لم يعلموا أنّ بعد الأسبوع التسعة والستين سيكون هناك فترة الألفي عامٍ وهي فترة بناء الكنيسة.

▪︎ فترة الكنيسة

 “١٥قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» ١٦ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». ١٧ فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. ١٨ وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.” (متى ١٦: ١٥-١٨).

 معنى اسم بطرس “صخرةٌ صغيرةٌ”، كما جاء في الأصل اليوناني. قال الرب يسوع له: على هذه “الصخرة الكبيرة”؛ أي على الإعلان الذي نلته مِن الروح القدس “أنّ المسيح هو ابن الله الحي” سوف أبنى كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، مما يوضح لنا أنّ الأرواح الشريرة ستسعى لهدم هذه الكنيسة، ولكن سينجح الرب في بناءها.

 كان مِن الممكن أنْ يقول الرب: “على هذه الصخرة أوجد كنيستي”، ولكنه قال: “أبني كنيستي” هنا استخدم الرب لفظ “أبني” وهو فعلٌ مضارعٌ مُستمِرٌ، مما يوضح أنّ بناء الكنيسة لها بداية ومراحل بناء ونهاية. وهذا يُعني أنّ الألفي عامٍ هما حقبة بداية الكنيسة وبنائها ونهايتها.

ما هي المرحلة النهائية للكنيسة؟ ماذا تقول النبوات عنها؟

 الكنيسة هي جماعة مِن المؤمنين المولودين مِن الله وبداخلهم طبيعته، كما أنّ أعدادها بالملايين والمليارات. يتكلم الكتاب عن شعب الله ويقول: “هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ، مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ، وَمَعَ آبَائِنَا…” (أعمال الرسل ٧: ٣٨).

 هذا يعني أنّ الكنيسة لا يُشترَط أنْ يكون لها جدرانٌ، ماذا لو كان للكنيسة مبنى كبيرٌ ولكن ليس بها شعبٌ؟! بالتأكيد لا فائدة مِن هذا، فالكنيسة هي الأشخاص. لا تنسَ أنّ الأناجيل الأربعة كُتِبَتْ بعد الرب يسوع، لكنها شَرحَتْ لنا ما قِيل في هذه الفترة. واقعًا، يبدأ العهد الجديد بعد موت وقيامة الرب يسوع، فلا تنسَ أنّ الرب قال وقت كسر الخبز: “١٩وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». ٢٠وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ.” (لوقا ٢٢: ١٩-٢٠).

 فُتِحَ الكلام عن العهد الجديد في ليلة الصلب، وهذا يُعني أنّ الرب عاش ثلاثة وثلاثين سنة مِن حقبة نهاية العهد القديم وبداية العهد الجديد.

 لا يبدأ العهد الجديد مع بداية كلمة “العهد الجديد” التي تسبق الإصحاح الأول مِن إنجيل متى، لكن تُعتبَر هذه الفترة مِن نهايات العهد القديم، حيث يبدأ العهد الجديد بصورةٍ قانونيةٍ وشرعيةٍ مِن نهايات الأناجيل الأربعة في لحظة قيام الرب يسوع وصعوده وجلوسه عن يمين الآب، ويبدأ فعليًا مع بداية الإصحاح الثاني مِن سفر أعمال الرسل وليس مِن الإصحاح الأول.

 حينما قال الرب يسوع “قد أُكْمِلَ”؛ أي قد أُكْمِلَ العهد القديم، ثم بدأ العهد الجديد بعد نزوله إلى الهاوية ثلاثة أيام وانتصر علي إبليس ثم قام مِن الأموات، مبارك اسم الرب!

▪︎ الصورة النهائية للكنيسة

 “٢٥ أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، ٢٦ لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، ٢٧ لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ (بلا تجاعيد كحالة الشباب تمامًا) أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً (متفردة، متميزة، منعزلة) وَبِلاَ عَيْبٍ.” (أفسس ٥: ٢٥-٢٧).

 “لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً”: هذه هي الأعراض التي ستظهر على الكنيسة قبل الاختطاف، والأمر لا علاقة له بالكنائس الموجودة في سِفْر الرؤيا كما فسرها البعض، ولا يصح اعتبار هذه الكنائس على أنها حقبٌ زمنيةٌ ستعبر عليها الكنيسة أو المؤمنين؛ لأن هذه كنائس كانت موجودة في هذا الوقت فعليًا، كما أنّ وصْف الكتاب للحالة الأخيرة للكنيسة يختلف عن حالة كنيسة فيلاديلفيا الأخيرة.

 “أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ” مثل الانشقاقات. هل ستنتهي الانشقاقات مِن الكنائس؟ نعم ستنتهي في الكنائس الحية الخاضعة لعمل الروح القدس بالكامل، وهذه صورة الكنيسة التي تُحمَل على جناح الروح القدس وقوته، ولكنها لن تنتهي مِن الكنائس غير الحية. تعمل الكنيسة الحية على حَجْز ومَنْع الوحش مِن العمل في الأرض الآن قبل أن يحين وقته، كما إنها ستكون أيضًا مُشتعِلةً وقويةً.

▪︎ الخلاص بالنعمة مُقابل الخلاص بالأعمال

 يوجد اتجاهان في التعليم انتشرا بعد سنة مئتين وخمسين ميلادية، وكما ظهرت في أيام بولس الرسول (أعمال الرسل ٢٠ : ٢٩ – ٣٠)، وهذا أدى إلي نسيان التعليم الصحيح النقي، وكلا الاتجاهين مُضادًا للآخر، هما؛

١- الخلاص بالأعمال.

٢- الخلاص بالنعمة.

 عدم فَهْم الكلمة بدقة يجعل الأشخاص يبنون مبادئ وعقائد على أُسس ليست دقيقة كتابيًا، فهناك مَن يؤمنون بالخلاص المُطلَق أو (الضمان المُطلَق للخلاص) ويعتقدون أنّ كل شيءٍ مُعتمِدٌ على الله، حتى إنْ أخطأ الشخص وتسيّب في حياته الروحية يعتمد على أنّ الخلاص بالنعمة وليس بالأعمال فيصل لخلاصة أنه مِن المستحيل أنْ يهلك حتى وإنْ ابتعد عن الرب، وهذا بسبب إلغاء مبدأ الأعمال نهائيًا.

 كما يؤمنون أيضًا بالقدرية والتواكل، وأنّ كل شيءٍ في يد الله، إنْ أراد الرب أن يُغَيّر أي شيءٍ فسيفعله، وإنْ لم يُرد لن يفعل، ونتيجةً لهذا يُحمِّل الرب مسؤولية كل شيء؛ ويرفع يده مِن التمارين المسيحية، مما يؤدي به أخيرًا إلى التراخي.

 أدى هذا الاتجاه إلى التسيّب والتكاسُل الروحي عند البعض، وبُنِيَّ عليه أيضًا عقيدة أنّ الاختطاف سيحدث حتمًا بدون استعداد مِن المؤمن، ولكن هناك مَن لم يتكاسل ويُحِب الرب بغض النظر عن أي شيء.

 على النقيض؛ يؤمن الاتجاه الآخر أنّ الخلاص بالأعمال؛ أي يجب أنْ تعمل أعمالاً جيدةً ومِن المحتمل أنْ تُقبل أو يتم رفضها، لذا اعتمد مُعتنِقو هذا الفكر على التوبة المستمرة، لتُغفَر خطاياهم، وترتَّب على هذا عدم الضمان للخلاص، ويؤمنون أيضًا أنّ الرب يسوع صنع الخلاص لأشخاصٍ أو جيلٍ وزمن بعينه.

 إنّ الإيمان بالأعمال فقط أو بالنعمة فقط كلاهما غير صحيحٍ، فالسليم هو أنْ تقدّر ما فعله الرب؛ أي النعمة، العمل الذى ليس لك يدٌّ فيه، ومِن ثَم تحيا هذه الحياة حسب الصورة التي وُلِدْتَ بها ثانيةً؛ أي تعمل الأعمال التي تُكمل بها ما بدأه الروح القدس في الميلاد الثاني.

 هناك ضمانٌ لحياتك الأبدية كمولود مِن الله، إنْ عشْتَ بمبادئ الكلمة وبصورةٍ مُنضبِطةٍ، أنت اُشْترِيْتَ لتحيا بهذه المبادئ، فالخلاص الذي بالنعمة يُشبه الطفل الذي ولد وأخذ طبيعة أبويه ولم يكن له فضلٌ في هذا، فالخلاص ليس صفات تم تغيرها بل هو تغيير الجذر؛ أي الروح الإنسانية، لتصير خليقة جديدة.

 لا يُمكننا تغيير الروح الإنسانية لأن هذا عمل الروح القدس، ولا أنْ ندفع ثمنً الخطية لأن هذا عمل يسوع، أو أنْ تعيش على الأرض بالقوة البشرية لأن هذه يد الروح القدس والطبيعة الإلهية الموجودة بداخلك.

▪︎ يُمكن للمؤمن أنْ يرتد ويهلك

 النعمة هي المُغيِّرة، هي الطفل الذي وُلِدَ، لكن هذا الطفل يجب أنْ يأكل أكلاً سليمًا وإلا سيكون مُعاقًا، ومِن الممكن أنْ يموت، كما يمكن أنْ يحدث لجهازٍ تمتلكه أو سيارةٍ أو بيتٍ مثلاً ما لم تُحسِن استعماله.

 ربما تسألني “كيف يهلك المؤمن والخلاص ليس بالأعمال؟ والكتاب المقدس يقول: “وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.” (يوحنا ١٠ : ٢٨).

 لن تنجح أي محاولات خارجية أنْ تخطف المؤمن، لأن الرب سيحميه في هذه الحالة، ولكن ماذا عن الشخص إنْ أحب أنْ يخرج أو يترك الرب يسوع؟! في هذه اللحظة يرجع الأمر للشخص نفسه، ولا يستطيع الرب مَنْعه، وهذا حسب ما ذُكِرَ في العبرانيين؛ “أَنَّ ٱلَّذِينَ ٱسْتُنِيرُوا مَرَّةً، وَذَاقُوا (أدركوها كاملةً) ٱلْمَوْهِبَةَ ٱلسَّمَاوِيَّةَ، وَصَارُوا شُرَكَاءَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٥وَذَاقُوا كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ الدَّهْرِ الآتِي، وَسَقَطُوا، لاَ يُمْكِنُ تَجْدِيدُهُمْ أَيْضًا لِلتَّوْبَةِ، إِذْ هُمْ يَصْلِبُونَ لأَنْفُسِهِمُ ابْنَ اللهِ ثَانِيَةً وَيُشَهِّرُونَهُ” (عبرانيين ٦ : ٤).

 لفظ “ذَاقُوا” لا يُعني أنّ الشخص وضع شيئًا في فمه ثم أخرجه، لأن نفس هذا اللفظ اُستِخدِمَ مع يسوع إنه ذاق الموت، وجميعنا مُتيقِّنٌ مِن موت يسوع الحرفي؛ “… لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ.” (عبرانيين٢: ٩).

 يوجد ارتداد للهلاك للشخص المُستنير الفاهم للحق الكتابي لأن عنده إرادة وفاهم اختيار الصحيح مِن الخطأ، وهذا يُثبِت أنّ الخلاص ليس بالنعمة فقط بل بالنعمة والأعمال معًا، لا يحتاج الأمر لنضوجٍ تامٍ ولكنه يتطلب فهمًا. يسأل بعض الأشخاص هل الشخص المُنتحِر المُستنير يذهب للجحيم أم لا؟ الإجابة: المُنتحر المُستنير يذهب للجحيم؛ لأنه يُعتبَر قاتلَ نَفْسٍ وهذه النَفْس ليست مِلكه، أما المُنتحِر غير المُستنير لا تُحسَب له فهو مازال طفلاً.

“أَنَّ خَارِجًا ٱلْكِلَابَ وَٱلسَّحَرَةَ وَٱلزُّنَاةَ وَٱلْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ ٱلْأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا” (رؤيا ٢٢ : ١٥).

 يؤخَذ هذا الكلام بصورة حرفية حتى وإنْ كُنْتَ في وقتٍ ما سألت خدامًا وقالوا لك إنّ الإيمان ليس بالأعمال، إنْ لم تحترم مبدأ الأعمال لن تحترم الطبيعة الإلهية التي بداخلك، وفي هذه اللحظة تضع نفسك في شريحة مَن لا يسلكون بالحق الكتابي.

 “٩أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، ١٠ وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. ١١ وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا.” (١ كورنثوس ٦: ٩-١١).

 إنّ الارتداد أمرٌ وارد الحدوث، وإنْ لم يَكُن هكذا لما قال قبلها بإصحاحٍ عن زاني كورنثوس: “أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.” (١كورنثوس٥:٥). إذًا هناك احتمالية أنْ يقع المؤمن في الارتداد للهلاك.

 يقول الكتاب أيضًا: “ٱلَّذِينَ مِنْهُمْ هِيمِينَايُسُ وَٱلْإِسْكَنْدَرُ، ٱللَّذَانِ أَسْلَمْتُهُمَا لِلشَّيْطَانِ لِكَيْ يُؤَدَّبَا حَتَّى لَا يُجَدِّفَا.” (١تيموثاوس ١ : ٢٠) وصلوا لمرحلة رَفْض الرب، ويقولون كلامًا غير صحيحٍ، لو لم يتم رَدْع أي شخصّ في هذه اللحظة سيهلك.

 لا يأخذ الشخص قرار أنْ يستبيح للخطية في البداية بصورة عمدية، لكن الأمر يتم تدريجيًا بأنْ يُحب الخطية إلى أنْ يتم سحبه ويترك الرب تمامًا ويُنكِره. ولادة الطفل ليست بالضرورة تأكيدًا على أنْ يكبر ويحيا، فيجب تغذيته جيدًا حتى يعيش، يُولَد المؤمن مِن الله مجانًا لكن يجب أنّ يحيا عن قصدٍ وبتوجيه عمدي، دون احتياجٍ لأحدٍ أنْ يدفعه ليدرس كلمة الله، وفي الأغلب عندما يُترَك سيتوقف.

 لم يُجَرَّم التراخي الروحي على المنبر ولم يُعلَّم عن خطورته، لذا تحدث بعض المؤمنين أنهم في تذبذب روحي واعتبروه أمرًا عاديًا، غير مُمَيِّزين أنهم بهذا لا يسلكون في المسار السليم، ربما يكون وَقْع هذا الكلام سيئًا على البعض، وهذا لأنهم مُتسيّبون روحيًا، أو يخشون على بعض الأشخاص المُتسبِّبة.

 الآن هو وقتٌ للسلوك مع الرب بكامل القلب، لذا يقول النبي: “وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ” (يوئيل ٢ : ١٠)، لأن الأمر يحتاج إلى القلب، مِن هنا تظهر الجدّيّة في السلوك، ليس حسب ما يستهويه الجسد ولا ما تُريد حواسك الخمس سماعه مِن تعليم، وترفض أي شيء يُحَمِّلك بمسؤولية الإدراك والفَهم، يجب أنْ تكون صادقًا مع نفسك وتبحث عما يُريده الرب، فقد تكون عُلِمْتً تعليمًا غير كتابيٍ، وارب الباب ولا ترفض التصحيح!

 مِن هنا نعرف أنّ الاختطاف سيكون للأشخاص الحساسة روحيًا، فالأمر مُرتبِطٌ بالحالة الروحية التي أنت عليها وليس بالنعمة، مِن جهة نعمة الله فهو سينادي على كل المؤمنين لكن مَن سيُصغي سوف يُختَطَف. لا تقاوم دون دراسةٍ لكلمة الله، ضعّ قلبك في معرفة الحق الكتابي، إنه الوقت لتضع قلبك في الكلمة حتى وإنْ كنت لا تؤمن بالاختطاف، فما أقوله لك عن اللياقة الروحية سيجعلك على أهبة الاستعداد.

 “٢٠ وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ. ٢١ وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ ٢٢ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، ٢٣ إِنْ ثَبَتُّمْ (شرط أنْ، حال أنْ استمريتم ثابتين) عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ.” (كولوسي ١: ٢٠-٢٣)

 “إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ”؛ مما يوضح أنه ما لم يسلُك أي شخصٍ بالطبيعة الجديدة سيفقد خلاصه، فالمولود مِن الله يجب أنْ يُؤسَّس جيدًا، وإلا سيتواكل على الرب مُعتقِدًا أنّ ذهابه للكنيسة وقرأته للكلمة هو كل ما عليه فعله، لكن ما لم تُغيّر الكلمة حياتك وتنفعك، فأنت لم تحصل على شيءٍ مِنها.

 لاحظ ما يقوله الروح القدس: شرط أنْ تثبتوا وتستمروا راسخين، لا تتركوه، غير متحولين عنه، غير مُنقَلِبين عمّا سيقوله لكم الإنجيل مِن أمورٍ ستحدث عن رجاء وأمل الإنجيل وعن أمور وعد الكتاب بها، إذًا أنت تفعل هذا كأسلوب حياة وليس لمجرد إرضاء ضمير!

 كلمة الله واضحة جدًا في الحديث عن هذا؛ ثباتك مُرتبِطٌ بماذا أنت تفعل، والمطلوب منك أنْ تفهم الإنجيل والأخبار السارة، لا تَكُن سطحيًا! لا تنتظر دائمًا صلاة مِن الناس وأنت غير واضعٍ قلبك لفهم المكتوب، ولم تتعلم كيف تدخل في علاقة مع الله، وتخشى أنْ تُصلي لئلا لا تحدث نتائج، ما دُمْتَ في هذا الشك فأنت غير ثابتٍ ولا مُؤسَّسٍ على صخر الكلمة.

 سيساعدك الروح القدس أنْ تتخطى هذا الأمر في اللحظة التي تنوي فيها على السلوك بالكلمة، وكلما وضعْتَ قلبك في الكلمة سيحملك الروح القدس.

▪︎ طباع الشعوب تُؤثر على المؤمنين

 وَضَّحَ بولس الرسول في رسالته إلى تيطس أنه يوجد طباع معينه للشعوب، ويُحتاج أنْ يُقَدَم التعليم طبقًا لها “١٢قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «ٱلْكِرِيتِيُّونَ دَائِمًا كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ». ١٣هَذِهِ ٱلشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهَذَا ٱلسَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي ٱلْإِيمَانِ” (تيطس ١ : ١٢ – ١٣)

 أتى يوحنا المعمدان قبل الرب يسوع حتى يُصلِّح نظام الشعب لكي تُقبَل كلمة الرب وتكون مؤثرة، ومع هذا لم تؤثر كلمته في الجميع، وهناك مَن رفضوه.

 يُوجد شعوب تأخذ الكلمة وتعيشها فورًا، ولا تحتاج أنْ تحكي معها عن الإيمان، وشعوب أخرى عاطفية؛ أي دائمًا تسلك بالعاطفة، وتحب أنْ تسمع عن محبة الله فقط، لا تُريد سماع تعليمٍ يوضم لها دورها في العيش بالكلمة، وكعرب نحتاج أنْ نفهم هذا. إنّ الاعتدال في الوعظ مطلوبٌ، يوجد بداخل صفحات الكتاب المقدس أمورٌ أخرى لابد أنْ تفهمها، فالمحبة واحدة مِن تلك الزوايا، وعليك أنْ تفهم أنّ التعليم الكتابي كله يصب في حبّ يسوع.

 المرات التي وبّخَ فيها الرسول بولس أهل كورنثوس قائلاً لهم: إنّ بكائهم ينشئ توبة؛ هذا أيضًا حب يسوع؛ “اَلآنَ أَنَا أَفْرَحُ، لاَ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ، بَلْ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ لِلتَّوْبَةِ. لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ لِكَيْ لاَ تَتَخَسَّرُوا مِنَّا فِي شيء.” (٢كورنثوس٧ : ٩).

 الكلام عن محبة الله يُظهر محبته لنا، ولكن هناك شريحة أخرى ستظل مُخدَّرة لا تحيا باستقامة، لأجل هذا يوجد نداءٌ لكل الكنيسة على مستوى العالم باليقظة والفَهم بأنّ يدّ الروح القدس ستعمل حينما تضع يدك في الكلمة. ماذا يجب أنْ تفعل بعد أنْ عرفْتَ بقربِ مجيء الرب بغض النظر إنْ كنت تؤمن بالاختطاف أم لا، فالكتاب المقدس وضح أنّ مجيء الرب قريبٌ جدًا، وكل العلامات تُظهِر هذا وتوضحه بشدة، ودورك هو أنْ تثبت وتفهم هذا الحق الكتابي.

▪︎ إرشادات هامة للتوازن بين الاعتماد على نعمة الله والسلوك الحي

 هناك أمورٌ سأخبرك أنْ تصنعها مُوازِنًا بين نعمة الله المجانية والسلوك الحي مُطابِقًا للنعمة، كما أشجعك أنْ تدرس ما يختص بهذه الأمور مثل سلسلة عظات “خلاص نفوسكم“.

 أولاً: اجعل كلمة الله هي الدستور والفكر الإلهي الذي تسلك به:

 ليس فقط مِنْ جهة الخطية، بل أعني وجهة نظرك في المواقف والحياة أيضًا، أعطها مجالًا في حياتك، ولا تتعامل معها كشيءٍ جانبي ثانوي، معتقدًا أنّ لها متخصصيها ومعتنقيها، الذين يدرسونها دراسةً كثيفةً وتسألهم كلما احتجْتَ لمعرفة أمرٍ ما، دون أنْ تدرس بنفسك وتجتهد في حياتك الروحية.

 هناك أشخاصٌ يؤمنون بمقولة: “العلم في الرأس وليس في الكراس.” لذا يتعامل بسطحية مع دراسة الكلمة، مثلما جاء في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات، حينما فَرَغَ الزين مِن الجاهلات بينما هم منتظرين لم يلجأنَ للمصدر بل حاولوا أنْ يستعيروا مِن الحكيمات. كن حكيمًا وادرس الكلمة لنفسك، ضعّ لها مكانًا في حياتك، ولا تعتقد أنّ هناك ما يُعيقك مِن فِعْل هذا، سواء كان شغلًا أو دراسة أو تربيتك لأولادك وتحديات الحياة أو أي شيءٍ آخر، ببساطة ضع قلبك في الكلمة وفيما يُقال على المنبر، حتى تنمو وترى حياتك تنتقل مِن نقطة إلى أخرى.

 مِن المفترض أنْ تفحص وتختبر نفسك كل يومٍ وأسبوعٍ وشهرٍ لكي تعرف مدى نموك وتقدمك الروحي، مثال؛ إنْ كنت عصبيًا، أو تكذب تحت الضغط، أو إنْ كنت لا تُعطي للرب اعتبارًا يجب أن تخضع للكلمة وتبدأ في التغيير في أمرٍ تلو الآخر!

 اختر أنْ تعطى مساحةً للكلمة في حياتك، وتكف عن قولك أنك لا تستطع فِعْل هذا، ولا تنتظر ما يدفعك، كما اعتدت في التربية على الصوت العالي أو الضرب حتى تصنع أمرًا ما، فاعتدت على الإلحاح، لكن الروح القدس لا يلح عليك ولا يقتحم حياتك.

 افهم أنّ قوة الروح القدس لا تكمن في إلحاحه بل أنْ تصنع ما يرشدك إليه لأن هذا هو الإيمان، إنْ كنت تخاف مِن فقدان شخصٍ عزيزٍ عليك، أو أنْ يتكلم أحدهم ضدك، أو من انتهاء حسابك البنكي، تستطيع مواجهة كل هذا بقوة الروح القدس وإدراكك للكلمة؛ قيمتك ليست في الأشخاص أو ارتباطك بالآخرين أو بالعالم ولا حتى في الممتلكات!

 ينتج عن الخوف عصبية وارتباك مِن مفترقات الطرق، والسبب في الخوف هو الهروب مِن المسؤولية ولوم الناس، فسريعًا ما يلجأ الشخص إلى مَنفَذ، كما ألقى آدم باللوم على حواء في أمر الأكل مِن الشجرة، وكانت هذه أولى نتائج السقوط. بكلمة الله تستطيع أنْ تتعلم كيفية تَحَمُل المسؤولية، وتصير استباقيًا، فتجد نفسك عالمًا بما يلزمك مِن معلومات قبل مواجهة تحدياتك؛ وبذلك تستطيع أنْ تتعامل معها بحكمة.

 ثانيًا: أجعل الكلمة تُملي عليك ماذا تفعل وكيف ترى الأمور:

 إنْ حدث أيَّ ظلمٍ لك، إنْ كنت مُطّلِعًا على كلمة الله، ستعرف منها أنّ مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ، ربما تُعَطى لك تفسيرات أنّ هذا سببه أشخاصٌ أو مواقفٌ أو حتى قرارات خاطئة تم اتخاذها، لكن اجعل الكلمة هي التي ترسم ذهنك؛ ليسوا الأشخاص السبب بل الأمر وراءه أرواح شريرة.

 إنْ كنت مُعتادًا أنْ تُعطي اعتبارًا لرأي الناس فسوف تُصدقهم، لكن عندما تختار تصديق الكلمة والسلوك بها، ستُملي عليك كيف ترى الأمور فتكتشفها بطرقة صحيحة، واعلم إنه عندئذ سيتهمك الناس بأنك مخدوعٌ وتحاول جعل الأمور المادية روحي، لكن لا تعيرهم انتباهك، أنت في الجانب الصحيح.

 ثالثًا: لتزيد حبك للرب يومًا فيومًا:

 لا تَقُل إني أسقط باستمرار ولا أعرف كيف استمر ثابتًا في حبي للرب! حبك للرب هو حبك للكلمة، لأن الرب وضع كلمته فوق كل اسمه؛ أي لا تتحرك مع الرب بالسمعة، بل بالواقع الموجود في الكلمة، بمعنى أنْ لا تتكلم عن الله أنه قدير فقط لكن يجب أنْ ترى هذه القدرة في الكلمة، وهكذا يُقاس حبك للرب.

 “أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلَامِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا.” (يوحنا ١٤ : ٢٣)، عندما تفهم فِكْر الرب مِن الكلمة تستطيع أنْ تعرف إنك تحب الرب.

رابعًا: لا تسلك بمشاعرك، بل بالإيمان!

 ستقول لك مشاعرك في أحيانٍ كثيرةٍ: إنك ليس لديك شهيةٌ لدراسة كلمة الله أو أنت لا تحب الرب مِن الأساس، لا تصدقها، بل اسلك عكسها بروحك! وفور سلوكك عكسها لن تكتمل شهوة الجسد، بذلك تكون سلكت بروحك وتجعل الجسد خاضعًا لها، افهم أنك لست سبيكة (عجينة) واحدة، بل أنت كائنٌ روحيٌ، تمتلك نفسًا، وتسكن في جسدٍ. ومِن هُنا تأخذ الأمور الروحية مجراها في حياتك.

خامسًا: اسلك بالكلمة عن عمدٍ:

 عندما يُواجهك موقفٌ لأول مرة، وتكون هذه هي المرة الأولى التي يراك فيها أصدقائك تفعل هذا أو تتكلم فيها عن الله، مِن المُحتَمَل ألّا تشعر براحةٍ كاملةٍ في فِعْل هذا، لا تعتبر مشاعرك، هذا تدريبٌ روحيٌ! اسلك بالحق الكتابي في هذا الموقف إنْ كنت تعرفه.

 يُفسر البعض لغبطة المشاعر هذه، بأنّ بداخلك إنسانًا عتيقًا لكن في الواقع لا يُوجد بداخلك طبيعتان، لكن هذا الصراع بسبب أنك لم تتمرس ولم تتمرن على السلوك بروحك، بل اعتدت على السلوك بجسدك، فربما يشعر الطالب بعدم راحة عندما ينهي مرحلة الثانوية وينقل للجامعة، هذا لا يُشكّل أي عيب فيه، دخول شخص أول يوم للجامعة بعد أنْ اعتاد على الذهاب للمدرسة فيشعر بغرابة في الأمر، فيقع في نفسه إنْ لم يَكُن فاهمًا ومُؤَسِّسًا حياته على مبادئ وليس مشاعر.

 يُشبه هذا أيضًا الشخص المتزوج حديثًا عندما لا يقضي عدد ساعات الصلاة ودراسة الكلمة كما الأول ينظر لنفسه أنه ضعيفٌ روحيًا، هذا عدم فَهْم للكلمة لأن كل ما في الأمر هو أنّ حياته تم تنظيمها بصورة مختلفة، وبدأ يقود البيت ويتحمل المسؤولية بعدما كان مفعولاً به، صار هناك شكلٌ مُختلِفٌ للحياة!

 لا توجد مشكلة لدى الشخص الناضج روحيًا في نقل البيت ولا المواسم ولا العمل ولا يفرق معه أي شيءٍ جديدٍ، لأنه يسير مع الروح القدس فهو مُستعِدٌ دائمًا، يُريدك الروح القدس أنْ تعيش هذه الصورة في الأرض.

سادسًا: اصنع مشيئة الرب:

 بعد تطبيقك وسلوكك بهذه النقاط ستكتشف أنك نضجت، وسيكون بإمكانك مساعدة الآخرين وربح النفوس، لأنك لن تقدر أنْ تساعد الآخرين ما لم تكن واقفًا على أرضٍ ثابتةٍ، وهناك أمران هامان لثباتك روحيًا، وهما:

  • السلوك بالكلمة، مشمول بداخلها كل هذه النقاط.

  • الامتلاء بالروح القدس، ولكي تعرف المزيد عن الملء بالروح القدس يمكنك دراسة مقالة “الملء بالروح القدس”.

 تختلف الصلاة بألسنة عن أي لغة تصلي بيها، ويجب أنْ تكون غير معروفة وغير مفهومة لك حتى تتخطى حاجز محدودية الذهن لأن ذهنك محدودٌ ولكن روحك تُصلي بتفاصيل أكثر. لم تُستَخدَم الألسنة للكرازة في العهد الجديد بل هي لغة صلاة. في يوم الخمسين، بعدما صلى بطرس هو والتلاميذ تكلم بلغة تفهمها الناس وليس بالألسنة. فهي لبنيانك الروحي وليس ليُكرَز بها للبلاد المختلفة.

 تحرك بوعي وفهم لأن الروح القدس يريدك أنْ تحيا حياه استعدادية وانتصار وقوة، الحياة مع الرب ليست أمرًا جانبيًا بل هي كل ومصدر حياتك ومِن هنا ينبثق كل شيءٍ.

 تحاول الأرواح الشريرة أنْ تقنعك “أنّ هذا الكلام صعبٌ، ثقيل، الله ليس هكذا…”، وهدف هذا لكي تكره أمر الجدية. لكن إنْ كان الكتاب يوضح أنّ مَن يحبني يحفظ وصاياي، إذًا لتضع قلبك في السلوك بالكلمة، ما أروع الرب! وما أطيبه! وما ألذه أيضًا! ستكتف أنه يريد أنْ يكون في علاقة معك ويشتاق لهذا بل ويفرح به.

 يبدأ كل هذا بأنْ تقبل الرب يسوع وتجعله ربًا وسيدًا على حياتك، ومِن هذه اللحظة تُعطَى روحٌ جديدةٌ غير روحك الأولى، وتصير مولودًا مِن الله، هذه هي الأبدية أي طبيعة الله، حياة الله التي ستأخذها، لفظ حياة أبدية يُستخدم في مرات عن حياة الله، ومرات أخرى عن الأبدية التي سنقضيها مع الرب.

 أنت تأخذ طبيعة الله، نفس عُصارة الله، ولا يصح أنْ تقول أنك غير مستحقٍ لأن هذا غير مُرتبِط بك أو بأعمالك، فالخلاص لا يُعطَى لك وفقًا لأعمالك، لكنه مجانًا، وتحتاج بعد هذا أنْ تكبر وتنضج بداخله، يجب أنْ تسقي الطبيعة الجديدة التي بداخلك بما ينفعها وليس بأي أمور مِن العالم.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$
Hide picture