القائمة إغلاق

الإيمان الذي يأخذ The Faith That Takes

“إِنَّ مَا تَطْلُبُونَهُ وَتُصَلُّونَ لأَجْلِهِ، فَآمِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ، فَيَتِمَّ لَكُمْ

مرقس11: 24

الإيمان.. عقد الملكية

عبرانيين11: 1

1 الإيمَانُ هُوَ التَّيَقُّنُ مِمَّا نَرجُو، والْبُرهانُ عَلَى وُجُودِ مَا لاَ يُرَى.

إن برهان امتلاكك لمنزل هو عقد ملكيته. والإيمان هو برهان الملكية لما لا نراه. عندما تحتفظ بعقد ملكية عقار، فأنت متيقن أنك تمتلك هذا المنزل على الرغم من أنك ربما لا تراه. ففي إنجيل مرقس11: 24 يخبرنا الرب يسوع أنه ينبغي أن نؤمن أننا “قد نلنا” الأمور التي نصلى لأجلها في ذات الوقت الذي نصلي فيه – دون أن ننتظر أن نرى أو نشعر بشيء- حتى يتحقق لنا ما طلبناه.

إن الإيمان لأجل الشفاء الجسدي يتشابه تماماً مع الإيمان لأجل غفران الخطايـا. ففـي

الحالة الأخيرة، عليك أن تؤمن من خلال سلطان كلمة الله أن خطاياك قد غُفرت في صليب الجلجثة وتثق أنك قد حصلت على الخلاص قبل أن تشعر بنتائج هذا الغفران. هكذا الحال مع الشفاء أيضاً؛ علينا أن نؤمن أن يسوع قد حمل أمراضنا وأسقامنا (متى 8: 17) وأننا قد نلنا الشفاء بجلداته (1 بطرس 2: 24) قبل أن نرى أو نشعر بأي تغير. فهذه هي “الثقة” التي يخبرنا الكتاب في رسالة العبرانيين 10: 35-36 ألا نطرحها، لأن هذه الثقة لها مكافئة عظيمة.

إن الإيمان هو البرهان لأجل الأمور التي لا تُرى. وبمجرد أن تُستعلن البركات التي تؤمن بها يتوقف دور الإيمان عند هذه المرحلة.

علينا أن نؤمن أن صلواتنا قد سُمعت في الوقت الذي نصلى فيه، وأنه لدينا بالفعل ما نصلى لأجله قبل أن نرى ذلك. هذه هي الثقة المشار إليها في رسالة يوحنا الأولى 5: 14-15. فشجرة التين التي لعنها يسوع وجفت، لم تيبس في البداية من الأوراق (حين يمكن رؤيتها)، لكنها يبست من الجذور حيث لا يمكن رؤيتها. ففي بادئ الأمر، إن نظرنا إلى الأوراق لا يمكننا أن نلاحظ أي موت على الشجرة.

إعلان رفع الوصاية

إن كان اسمك متُضمناً في وصية رجل غنى، فسوف تصبح ثرياً منذ اللحظة التي يموت فيها هذا الرجل – حتى على الرغم من أنك لا ترى أي من أمواله. هكذا ينطبق الحال معنا أيضاً؛ فنحن نشترك في وصية يسوع وميراثه بفضل موته. والإيمان ببساطة هو التمتع بما صار لنا.

إن قيامة يسوع المسيح من الأموات هي إعلان رفع الوصاية لنتمتع بجميع البركات التي وهبنا المسيح إياها. لكن علينا أن نتمسك بهذا الإعلان ونسلك بموجبه حتى يتسنى لنا أن نتمتع بامتيازاته. هذا ما فعله العبيد في جنوب أمريكا بعد إعلان إبراهيم لنكولن بتحرير العبيد.

تخيل معي أن هؤلاء العبيد قد تجاهلوا هذا الإعلان وظلوا يسلكون وفقاً للواقع المنظور وقالوا، “نحن لا نشعر بأي اختلاف، نحن لا نرى أي تغير. إن كل الأشياء تبدو كما هي..”.

هل يُعتبر ذلك إيمان؟ لكنهم أثبتوا إيمانهم عندما سلكوا وفقاً لإعلان الحرية الذي نالوه.

عن طريق الإيمان والسلوك وفقاً لكلمة الله يمكننا أن ننال كل ما يخصنا في المسيح. لكن قبولنا لأي برهان مادي يعني تصديق العيان المضاد عن صدق كلمة الله. لذا علينا أن نقاوم كل شك وعدم إيمان وكل ما يضاد حق كلمة الله.

إن ورثت عن والديك مائة ألف جنيه وتم تحويلهم إلى رصيدك البنكي، فسوف تتوجه بعد ذلك لكي تحصل على البيان الورقي الذي يُظهر حسابك. إن احتجت بعد ذلك لتحرر شيكاً، لن تنظر إلى حافظة نقودك التي ربما تكون فارغة أو إلى جيبك الخاوي لترى كم لديك من مال. لكنك تنظر إلى بيان حسابك الورقي لتفحصه. هكذا تكون كلمة الله؛ فهي دفتر الحساب الورقي لكل مؤمن والذي أودع فيه الله كل ما يحتاجه من أمور مادية أو جسدية أو مالية. ولن يكن تصرفاً سليماً أبداً إن أهملت هذا الميراث ولم تعتبره.

إن بركة الغفران التي حصلنا عليها غير مرئية، لكن كيف استطعنا الحصول بها؟ عن طريق الإيمان بكلمة الله. فلماذا لا نحصل على الشفاء والقوة والصحة الإلهية بذات الطريقة؟

إن كل بركة نريدها نستطيع أن نصرفها من حسابنا بالإيمان.

الحاسة السادسة

لا يمكن أن تشم عطراً عن طريق حاسة السمع. ولا يمكن أن تشك فيما تراه لأنك لا تسمعه أو تتذوقه. وفقاً لمرقس 11: 24 فما نناله لا يمكن أن تلاحظه حواسنا الخمسة. لذلك لا تشك في حقيقة الشفاء الذي نلته بالإيمان (الحاسة السادسة) لمجرد أنك لا تستطيع أن تراه أو تشعر به.

إن الحواس الخمسة تتعلق بالإنسان الطبيعي – الذي قال عنه بولس في رسالة كورنثوس الأولى “لاَ يَقَبَّلُ أُمُورَ رُوحِ اللهِ.. وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْرِفَهَا”. فالإيمان – الحاسة السادسة- هو الطريق الوحيد الذي يساعدنا لنمسك ببركات الله المُقدمة لنا. لكن عندما نحاول أن ندرك بحواسنا الجسدية برهان أننا حصلنا على هذه البركات الروحية فهذا يتشابه تماماً كما لو أننا حاولنا أن نرى بأذاننا أو نسمع بأعيننا.

إن جميع حواسنا الجسدية الخمسة يعملون بالانفصال عن بعضهم البعض. فأنـت تـرى ما لا يمكنك أن تسمعه. وتسمع ما لا يمكنك أن تراه. لذلك يصبح من الهام أن تعرف أن برهان الإيمان المضاد للحواس الجسدية لا يعتبر سبباً للشك. لقد آمن إبراهيم وقبِل كلمة الله في وجه البرهان المادي.

لابد أن تشترى عطراً قبل أن تشمه. ولابد أن تبتاع طعاماً قبل أن تتذوقه، كذلك لابد أن تحصل على الشفاء قبل أن تشعر به. إن الإيمان يرفع صوته بالشكر لله لأجل الشفاء حينما لا يوجد أي شيء تستطيع الحواس الجسدية أن تدركه. رفع يسوع صوته للآب بشكر قائلاً، “.. أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي”، بينما لا يزال لعازر ميتاً.

قبل أن نرى أو نشعر بشيء نحتاج أن نؤمن أن صلاتنا قد سُمعت. كانت الملائكة حاضرة في دوثان قبل أن تنفتح عيني خادم أليشع ويرى في عالم الروح. فعندما فتح الله عيني الغلام، رأى شيئاً كان موجوداً من قبل.

الله يعمل ليتمم وعده عندما نحرص على أن نفكر في أفكار إيمان. “إِذْ نَرْفَعُ أَنْظَارَنَا عَنِ الأُمُورِ الْمَنْظُورَةِ وَنُثَبِّتُهَا عَلَى الأُمُورِ غَيْرِ الْمَنْظُورَةِ. فَإِنَّ الأُمُورَ الْمَنْظُورَةَ إِنَّمَا هِيَ إِلَى حِينٍ؛ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ فَهِيَ أَبَدِيَّةٌ” (2كورنثوس4: 18).

التوجه الفكري الصحيح

لا يمكن لأحد أن يسمح للحواس الجسدية أن تتحكم في أفكاره ويحافظ على إيمان منتصر في ذات الوقت. فالعقل الذي تتحكم فيه الحواس الخمسة يعيش في نطاق الغير يقينية. لكن إلى أن تسود كلمة الله على ذهنك، ستظل أفكارك خاضعة لما تشعر به وتراه أو تسمعه. فجميع الذين يطلبون الشفاء ينبغي أن يجددوا أذهانهم باستمرار. لا بد أن يجعلوا أفكارهم تتوافق مع فكر الله المُعلن في الكتاب المقدس. فالتوجه الفكري الصحيح المبني على الذهن المجدد (رومية 12: 2) هو الأساس السليم للإيمان الراسخ.

امتلك قبل أن ترى

لقد وضعت نقوداً ذات مرة في جيب معطف زوجتي ثم قلت لها، “لقد وضعت بعض الدولارات في جيبك حتى تبتاعي ما تريدين”.

أجابت، “شكراً حبيبي”.

لقد شكرتني لأجل المال أولاً قبل أن تراه. إن كنا نصدق كلام أحدنا الآخر، فلماذا لا نصدق كلام الله ونطلب برهاناً مرئياً أولاً؟

اثبت في إيمانك بأن الله قد أعطاك ما سألت لأجله عندما صليت، ثم اشكره وأحمده لأنك قد نلت ما طلبت. وبعد ذلك، سوف يسُتعلن ما آمنت به في الوسط المادي. هذه هي الطريقة التي تُحرك الله ليعمل من أجلنا دائماً.

إن كثيرين ينتظرون الله لكي يشفيهم، في حين أن الله هو الذي ينتظرهم لكي يؤمنوا به ويأخذوا ما أعطاه لهم.

تخيل معي أن صديقك احضر هدية وقدمها لك. في حين كان رد فعلك أنك بدأت تصرخ وتتوسل وتتضرع إليه لكي يعطيك إياها. هل يكون تصرفك بهذه الطريقة تصرفاً معقولاً؟

دعني أصيغها بطريقة أخرى: عندما قال يسوع، “.. آمِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ، فَيَتِمَّ لَكُمْ”، كان يعني أن ما نطلبه يوجد في صورتين أو هيئتين: أولاً في صورة غير مرئية. ثانياً في صورة مرئية. في البداية، نحن نؤمن أننا نلنا ما طلبناه (في عالم الروح حيث لا يمكن رؤيته بالعين المجردة) عندئذٍ فما حصلنا عليه في عالم الروح سوف يُستعلن لنا في العالم المادي (في صورة مرئية).

نحن نحصل على أي بركة في عالم الروح أولاً، ثم بعد ذلك تتجسد في العالم المادي. عندما نؤمن أننا نلنا ما طلبناه (في صورة غير مرئية) فإن إيماننا يعمل ليحوَّل ما طلبناه إلى صورة مادية ملموسة.

عندما قال يسوع: “.. أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي”، كان يرى لعازر مُقاماً في عالم الروح الغير مرئي. ثم بعد دقائق اُستعلن هذا الأمر في العالم المادي. نحتاج نحن أيضاً أن نفعل ذلك؛ علينا أن نؤمن أننا قد نلنا شفائنا كاملاً في عالم الروح، ثم نطلق إيماننا بعد ذلك ليحوَّل ما طلبناه إلى صورة مادية ملموسة.

إن الإصحاح الحادي عشر من رسالة العبرانيين يسجل أفعالاً مختلفة لقديسي العهد القديم والتي نفذوها في عالم الإيمان قبل أن تُستعلن وتأخذ صورة مادية. فجميع أعمال الإيمان تتم في نطاق الغير مرئي. لكن ينبغي أن نحافظ على إيمان غير متأرجح حتى يتمكن من تحويل ما نلناه في عالم الروح إلى صورة مادية ملموسة.

إن السلوك بالإيمان هو سلوك يعتمد على بصيرة معينة لا ترى سوى أشياء أبدية. إنها ترى الله ومواعيده وأمانته وكثير من الأمور الأخرى الغير منظورة. إنه الإيمان الذي يفرح دون أن يرى: “.. مَعَ أَنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ، فَأَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ وَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ مَجِيدٍ يَفُوقُ الْوَصْفَ”. نستطيع أن نصيغ هذه الآية هكذا: “فمع أننا لا نرى شفائنا، إلا أننا نبتهج بأننا أصحاء وأقوياء جسدياً”.

لا تنسى أن تقدم ذبيحة التسبيح والشكر بصورة مستمرة قبل أن ترى البركات التي طلبتها والتي تُستعلن في العالم المادي. لقد قدم يونان ذبيحة التسبيح والحمد وهو لا يزال في جوف الحوت. وقد رنم شعب إسرائيل وهتفوا هتاف النصر قبل أن يدخلوا المعركة.

تذكر

– الإيمان هو عقد الملكية الذي يُثبت لنا أننا قد حصلنا على الشفاء.

– يحتاج الإيمان إلى توجه فكري صحيح ليرى الشفاء وكذلك جميع البركات الأخرى باعتبارها حقوق قد أعطيت لنا بالفعل في عالم الروح.

-كثيرون ينتظرون الله لكي يشفيهم، في حين أن الله هو الذي ينتظرهم لكي يؤمنوا به ويأخذوا ما أعطاه لهم.

– كلمة الله هي الدفتر الورقي لحسابنا الروحي والذي أودع فيه الله كل ما نحتاجه من أمور مادية أو جسدية أو مالية. لا علينا سوى أن نتقدم ونأخذ ما نحتاجه بالإيمان.

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$