القائمة إغلاق

الجسد: البعد الثالث للإنسان The Body: The Third Dimension of the Human

دعونا ننظر الآن إلى ما يقوله الكتاب بشأن الجسد. وكما قلنا أن روح الإنسان هي الإنسان الداخلي، أي ذلك الجزء منه الذي يعرف الله. والجسد هو الإنسان الخارجي أو المادي.. المنزل الذي نحيا فيه.

“أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ” (رومية 12: 1 فان دايك). لا يكتب بولس هنا إلى خطاة. إنما يكتب إلى القديسين في روما، لأنه قال: “أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ”. ويوجه رسالته إلى “جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ” (رومية 1: 7). ويخبرنا أن نفعل شيئًا مع أجسادنا –أن نقدم أجسادنا “ذَبِيحَةً حَيَّةً”. (رومية 12: 1). الأمر يرجع لنا.. فإن لم نفعل أي شيء مع أجسادنا، فلن يُفعل لها شيء.

لاحظ أيضًا أن بولس لم يقل أن نُقدم أنفسنا لله. إن كنت ابنًا لله، فأنت بالفعل تنتمي له. لا يمكنك أن تُقدم شيئًا ما لشخص وهو بالفعل يخصه. فليس لديك أي حق في أن تأخذ منديلاً من جيب شخص وتعطيه إياه.. إذ هو بالفعل يخصه. ولا يمكنك أن تأخذ سيارة شخص من مرآب منزله وتقدمها له؛ إذ هي بالفعل تخصه. وبالمثل لا يمكنك أيضًا أن تأخذ شيئًا يخص الله بالفعل وتقدمه له.. إذ هو بالفعل ملكه. 

قال بولس في رومية 12: 1، “… أن تقدموا أنتم [أي الإنسان الداخلي] أجسادكم [التي هي المنزل الجسدي الذي تحيون فيه]….” (الترجمة الموسعة Amplified). نحن، وليس الله، وكلاءٌ عن أجسادنا. نحن بأنفسنا لابد أن نقدم أجسادنا “ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ”. أفضِّل ترجمة أخرى تقول: “… الَّتِي هِيَ عِبَادَتُكُمُ الرُّوحِيَّةُ”.

يوجد مَن يقول: “حسنًا، ليست هناك أهمية للجسد وما يفعله. فهذا الجسد المتهالك لن يذهب إلى السماء بأي حال”. لكن الله يهتم بما نفعله بأجسادنا.. فهو يريد أجسادًا متغيرة. يريدنا أن نقدِّم أجسادنا “… ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً… عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ”.

لقد قال بولس: “إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا” (2 كورنثوس 5: 17). كثيرون يحاولون أن يجعلوا مَن حولهم ينضمون إلى الكنيسة. يريدونهم أن يكونوا بحال أفضل.. يريدونهم أن يحاولوا أن يحيوا باستقامة. لكن هل تعلم، أني لم أحاول أبدًا أن أحيا باستقامة؟ لقد وُلدت ثانيةً وحسب، وأصبحت بارًا منذ ذلك الوقت.

جيد أن تحيا باستقامة، لكن هذا لن يجعلك مؤمنًا حقيقيًا. وحضور الكنيسة صباح الأحد لن يجعلك مسيحيًا مؤمنًا بقدر ما أن مكوثك في مرآبٍ سيجعلك سيارة! لن يأخذك هذا إلى السماء. إنما الوﻻدة الجديدة هي التي تفعل ذلك.

إن اجتهادك كي تكون صالحًا من ذاتك لا يُدعى “مسيحية”، إنما هو مجرد تدين. المسيحية هي أن تُولد ثانيةً. المسيحية هي قبول هبة الحياة الأبدية. عندما تُمنح إلى روحك الحياة الأبدية، التي هي حياة وطبيعة الله، فهي تُغيِّرك. وعندما تأتي حياة الله إلي قلب الإنسان تجعل ذلك الإنسان الداخلي (الإنسان الحقيقي) شخصًا جديدًا. لسنا بحاجة أن نجعل أنفسنا أشخاصًا جدد.. ولا نستطيع ذلك على أي حال. لكن ﻷننا مولودون ثانيةً، لذلك فنحن أناس جدد ذوي طبيعة جديدة، لأن بولس قال: “… الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ (طبيعتنا القديمة الخاطئة)، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا” (2 كورنثوس 5: 17).

وحتى بعدما نُولد ثانيةً، نظل نواجه مشكلة مع الجسد.. لكن لن يكن لدينا أية مشكلة مع الإنسان الحقيقي. جادل البعض: “عليك أن تُميت الإنسان العتيق”. مع ذلك، فعندما وُلدنا ثانيةً، صار الإنسان العتيق ميتًا بالفعل وصارت لنا طبيعة جديدة مكانه. ما نحتاج أن نفعله هو أن نُميت الجسد.

لعلك تقول: “أليس الجسد هو الإنسان العتيق؟” لا.. ليس هو كذلك. جسدك هو ذات الجسد –اللحم والدم– الذي كان لك قبلما تخلص.. لكن الإنسان الداخلي (الذي كان الإنسان العتيق، ذاتك القديمة) قد صار طبيعة جديدة، إنسانًا جديدًا في المسيح يسوع. وعندما أصبح كذلك، فعندئذٍ “الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَت، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا”. إنه “خليقة جديدة” في المسيح.

لم يصر الجسد جديدًا.. مع ذلك، فعند مجيء المسيح سيكون لنا جسدًا جديدًا. لكن الآن يتوقع الله منا أن نفعل شيئًا مع أجسادنا؛ أن نقدمها “ذَبِيحَةً حَيَّةً”. يتوقع منا أن يكون لنا تحكم على أجسادنا وألا ندعها تسودنا. لا يريدنا أن نكون مؤمنين جسديين “منساقين بالجسد”. لكنه يتوقع منا أن نفعل ما قاله بولس في كورنثوس الأولى 9: 27، “بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأُخضِعُهُ، لِئَلاَّ أَصِيرَ أَنَا نَفسِي، بَعدَ أَنْ بَشَّرتُ الآخَرِينَ، غَيرَ مُؤهَّلٍ لِنَوالِ الجَائِزَةِ” (الترجمة العربية المبسطة).

مرة أخرى يخبرنا بولس أنه ينبغي علينا أن نفعل شيئًا مع أجسادنا. إذ قال: “أَقْمَعُ جَسَدِي وَأُخضِعُهُ”.

مَن هو الفاعل المُشار إليه في الفقرة السابقة؟ إنه الإنسان الذي بالداخل. إن كان الجسد هو شخصك الحقيقي، لكان بولس عندئذٍ قد قال: “أقمع نفسي وأُخضعها”. لكنه لم يقل ذلك. إنما قال: “أَقْمَعُ جَسَدِي وَأُخضِعُهُ”. لذلك فالفاعل الذي يشير إليه بولس هنا هو الإنسان الحقيقي، الإنسان الداخلي، إنسان القلب الخفي، الإنسان الأبدي.

ربما نتساءل عندئذٍ: “لأي شيء نُخضع الجسد؟” للإنسان الداخلي. علينا ألا ندع جسدنا يسودنا أو يسيطر علينا. إنما نحن الذين نسيطر على جسدنا. الإنسان الداخلي هو الذي يجب أن يحكم الجسد.

مع ذلك، فأن الحال مع معظم المؤمنين هو أن أجسادهم تحكمهم. وهذا ما يجعلهم مؤمنين أطفال. هذا ما يُنتج المؤمنين الجسديين. في بداية هذه الرسالة إلى كورنثوس وبخهم بولس لحقيقة أنهم لا يزالوا أطفالاً في الإيمان. إذ قال: “لأَِنَّكُمْ لاَ تَزَالُونَ دُنيَوِيِّينَ” (1 كورنثوس 3: 3). الكلمة المترجمة هنا “دنيويَّين” تُذكر في ترجمة أخرى “جَسَدِيِّينَ”. المؤمنون الدُنيويَّون هم مؤمنون جسديون يسمحون لأجسادهم أن تسيطر عليهم. لذا قال لهم بولس: “أنتم تسلكون كسائر البشر”. بكلمات أخرى، كانوا يفعلون أشياءً ويعيشون مثل سائر الناس الذين لم ينالوا قط الميلاد الثاني. كانوا “أناسًا عاديَّين” بدلاً من أناس متحولين تحولاً خارقًا للطبيعة، ويحيون منتصرين في المسيح يسوع.

الاختيار هو لنا. يمكن أن ندع جسدنا يستمر في السيادة علينا إن أردنا ذلك. وإن سمحنا لهذا الجسد بذلك، فسيود أن يستمر في فعل الأمور التي اعتاد على فعلها دائمًا. أو يمكننا أن نختار في أن نتحكم في جسدنا. عندئذٍ يمكن لإنساننا الداخلي أن يسود عليه ويقدمه كذبيحة حية لله.

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$