(العظة مكتوبة)
الرياضة الروحية – الجزء 1
- ضرورة الرياضة الروحية.
- خطوات التدريب الصحيح.
- مشكلة الكسل في دراسة الكلمة.
▪︎ ضرورة الرياضة الروحية:
الرياضة الروحية هي أحد المبادئ الهامة التي يتحرَّك بها المُؤمِن في حياته، حيث تجعلك ترى نتائج باستمرار بدون مبدأ الصعود والهبوط في حياتك الروحية. لابد أن تفهم مبادئ المملكة التي تعيش بها حتى لا تسير حياتك في مواسم بل تكون ثابتةً، فلا تعِشْ حياة تسير خلالها تارةً تحت المسحة وتارةً أخرى تشعر أنك تختلف في حالتك الروحية عن اشتعال البدايات.
هناك لياقة روحية تحتاج أن تسير بها من خلال طريقة ما، مثل الشخص الرياضي الذي يسير في أسلوب حياة مُنضبِط كي يستمر في لياقته.
“1 أَلَسْتُ أَنَا رَسُولاً؟ أَلَسْتُ أَنَا حُرّاً؟ أَمَا رَأَيْتُ يَسُوعَ الْمَسِيحَ رَبَّنَا؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ عَمَلِي فِي الرَّبِّ؟!2إِنْ كُنْتُ لَسْتُ رَسُولاً إِلَى آخَرِينَ فَإِنَّمَا أَنَا إِلَيْكُمْ رَسُولٌ لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ خَتْمُ رِسَالَتِي فِي الرَّبِّ.” (كورنثوس الأولى 1:9-2).
“خَتْمُ رِسَالَتِي”؛ لا يقصد الختام بل ختم الإثبات.
يدافع الرسول بولس في هذا الشاهد عن رسوليته إلى جسد المسيح، فعلى الرغم مِن أنّ التلاميذ عاشوا مع الرب يسوع وتعلَّموا منه شخصيًا إلا إنهم لم يتخلُّوا عن مبادئ مُعيَّنة في حياتهم، أعاقتهم عن الانتشار بنفس مقدار انتشار بولس، بطرس مثلاً لم يُدرِك نفس إدراك بولس.
استخدمَ بولس مصطلح “المعرفة الكتابية المُطلقة” ستة عشر مرة في رسائله، بينما بطرس الرسول استخدمه أربع مرات فقط ابتداءً مِن رسالته الثانية التي ذكرَ فيها أيضًا أنه لا يجب أن يتمّ تفسير كلام بولس بشكل خاطئ بسبب عُمق معرفة وأسلوب بولس الروحي، هذا يُعنِي أنّ بطرس استفاد من بولس.
كما أنّ استخدام بولس لهذا المصطلح معناه أنه وصلَ إلى أعماق الله، لأنّ مُعلِّم العهد الجديد هو الروح القدس شخصيًا. ما الذي جعلَ بولس الرسول مُتفرِّدًا بهذه الصورة؟! مع إنه كان مُحتقرًا، وكان الناس ينظرون إليه أنه يخدم الخدمة النجسة للأمم، لذلك ردَّ عليهم بولس قائلاً: “فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا الأُمَمُ: بِمَا أَنِّي أَنَا رَسُولٌ لِلأُمَمِ أُمَجِّدُ خِدْمَتِي.” (رومية 13:11).
“16 لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ. 17فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ هَذَا طَوْعاً فَلِي أَجْرٌ وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَرْهاً فَقَدِ اسْتُؤْمِنْتُ عَلَى وَكَالَةٍ. 18فَمَا هُوَ أَجْرِي؟ إِذْ وَأَنَا أُبَشِّرُ أَجْعَلُ إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ بِلاَ نَفَقَةٍ حَتَّى لَمْ أَسْتَعْمِلْ سُلْطَانِي فِي الإِنْجِيلِ. 19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ – مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ – لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.” (كورنثوس الأولى 16:9-23).
بولس هو الرسول الوحيد الذي علّمَ أنّ بيسوع نهاية الناموس؛ “لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ.” (رومية 4:10)، هذه هي أحد الأسباب التي جعلته يقفز روحيًا. أيضًا عندما قال: “فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ”، لم يكُن يُعنِي إنه قد تهوّدَ أو إنه يُعلّم بالوصايا العشر بل كان يكرز بالمسيح.
نستطيع أن نرى مقصد بولس من هذا الكلام إن نظرنا إلى ما فعله في أريوس باغوس؛ “22 فَوَقَفَ بُولُسُ فِي وَسَطِ أَرِيُوسَ بَاغُوسَ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَثِينِيُّونَ أَرَاكُمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنَّكُمْ مُتَدَيِّنُونَ كَثِيراً 23لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ وَجَدْتُ أَيْضاً مَذْبَحاً مَكْتُوباً عَلَيْهِ: «لِإِلَهٍ مَجْهُولٍ». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ هَذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ.” (أعمال الرسل 22:17-23).
نرى مِمَّا حدثَ هنا كيف كان بولس يكرز لكل شخص باستخدام المدخل المناسب إليه، فهو لم يكرز للوثنيين عن طريق عبادته للأوثان معهم، أو التلوُّن والتشكُّل لكي يشابههم، لم يهاجم طريقة عبادتهم لكنه اختار المدخل الكرازي الذين يفهمونه هم.
“24 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ وَلَكِنَّ وَاحِداً يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ (الجائزة)؟ هَكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. 25وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولَئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى. 26إِذاً أَنَا أَرْكُضُ هَكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هَكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. 27بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً.” (كورنثوس الأولى 24:9-27).
يُوضِّح بولس أنّ ليس كل مَن يركض سينال الجائزة، فليس كل مَن يخدم أو يقوم بالواجبات اليومية، يفعلها بشكل صحيح أو يتمرَّن كما يجب. لا تعتقد قائلاً: “مادام الله يرى القلب فهذا له مكافأة!” هذا خطأٌ، ما لم تَسِرْ بالطريقة الصحيحة لن تصل للهدف.
“كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ”؛ هناك مَن يستخدم هذه الآية في سياق غير صحيح، مُستخدِمًا إياها في الصلاة، فعندما يشعر الشخص بالفراغ الداخلي ولا يقدر على الصلاة بطريقة سليمة، تجده يستخدم هذه الآية، وكأنه يقول: “يا رب، نحن لا نضارب الهواء!”
في الحقيقة كان يتكلَّم بولس بأسلوب استنكاري في هذه العبارة، فكان يقصد أن يقول إنه لا كمَن يُسدِّد اللكمات في الهواء (عبثًا) بل هناك هدف يفعله. لابد أنْ تكون صاحبَ هدفٍ مُحدَّدٍ، لا تَسِر بدون تخطيط ويقين وهدف، لا تتحرك بعشوائية.
“أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا“؛ معنى كلمة “مرفوضًا” أي خارج السَبَق بسبب عدم اللياقة، غير لائِقٍ! اتّبعَ الرسول بولس نظامًا معينًا وحرصَ كثيرًا على لياقته الروحية، حتى بعدما كرزَ للآخرين وصار في المقدمة لم يرجع للوراء، لأن هناك مَن يسقط بعدما بدأ يسلك بنظام صحيح في حياته الروحية.
مثلاً ربما تعتاد على الصلاة بألسنة لنصف ساعة يوميًا ثم تتوقف لفترة طويلة، فعندما تعود للصلاة مرةً أخرى تشعر بأنك لا تستطيع الصلاة دقيقة واحدة! حدثَ ذلك بسبب انخفاض مستوى لياقتك الروحية، لكن روحك مازالت لديها القدرة التي تجعلك تنهض وتعود مرة أخرى بشكل أقوى.
هذا يشبه الرياضي الذي توقَّف عن التمرين لفترة ثم عادَ، سيجد صعوبةً وألمًا في البداية، لكنه حقيقةً يستطيع أن يتمرَّن ويصعد إلى القمة، وما يشعر به مِن ألمٍ ليس شيئًا سيئًا أو مؤذيًّا، لكنه سيقل تدريجيًّا إلى أن ينتهي تمامًا، لذلك اللياقة الروحية مرتبطة باتّباع نظامٍ معينٍ.
▪︎ خطوات التدريب الصحيح:
- أنْ يكون لك مُرشِدٌ روحيٌّ:
“1 وَلَكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحاً: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحاً مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ،2فِي رِيَاءِ أَقْوَالٍ كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ،3مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ.4لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ،5لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ.6إِنْ فَكَّرْتَ الإِخْوَةَ بِهَذَا تَكُونُ خَادِماً صَالِحاً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، مُتَرَبِّياً بِكَلاَمِ الإِيمَانِ (عقيدة الإيمان) وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ الَّذِي تَتَبَّعْتَهُ.7وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا، وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى.8لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.” (تيموثاوس الأولى 1:4-8).
يَحُث الرسول بولس تيموثاوس في العدد الأول أنْ يُذكِّر كنيسته ويُعلِّمهم أنّ تعاليم الامتناع عن الزواج وتناول أطعمة مُعيَّنة هي تعاليم غير كتابية، لأنه إذا تناول المُؤمِنون أي نوع أطعمة بالشكر لن تُؤذيهم (ع 4). بالرغم مِن أنّ هذه الأمور تبدو صغيرة لكنها تُشكِّل خطورةً على حياتهم الروحية، وإذا لم يتمّ تدارُكها ستصنع انحرافًا في السلوك الكلمة.
لهذا اهتمَّ الرسول بولس أن يُعلِّمهم هذا التعليم، لابد أنْ تعلَم أنّ مصدر الحياة فيك (زوي، حياة الله)، وأنت مَن لك سلطان على الطعام. إنْ آمنت أن هناك طعامًا معينًا يمكن أن يُصيبك بالمرض، سيحدث هذا آجلاً أم عاجلاً. هذا بالطبع لا يُعنِي عدم التزامك بنظام صحي مفيد.
عندما تُجدِّد ذهنك بالكلمة وتحافظ على لياقتك الروحية، ستستفيد مِن ذلك في حياتك الحالية هنا على الأرض وفي الحياة الآتية أيضًا (ع 8)، هناك تشابه بين الرياضة الروحية والجسدية. تستطيع أن تُؤثِر على حياتك هنا على الأرض، لكن إن سمعت -بشكل مُتكرِّر- تعليمًا كتابيًا غير صحيح ولم تروّض نفسك فيه، ستمتلئ بالمعلومات بلا فائدة وستصير في النهاية غير لائِق للَّعِب.
“مُتَرَبِّياً بِكَلاَمِ الإِيمَانِ”؛ تُعنِي متغذيًا بالكلمة؛ لذلك لا تلجأ لأي شيء آخر سوى الكلمة.
دور الأبوة الروحية هي تعليمك الكلمة وكيفية مواجهة ظروف الحياة بجرأة. لن يواجه الراعي ظروف الحياة بالنيابة عنك، مثل المُدرِّب الذي يقوم بتدريب الفريق الرياضي لكنه لا يدخل معه الملعب وقت اللعب ولا يحق له اللعب بدلاً منه.
هو يقف معك بالتعليم والنصائح والمتابعة الروحية، لذلك أنت تستقبل الكلمة كي تطبِّقها على حياتك وتستخدم الرصيد الذي بداخلك منها في الظروف. أحيانًا يعتمد الشخص على مَن يتابعه روحيًا، ولأنه لا يُطبّق ما تعلَّمه مِن كلمة الله تجده يُسرِع للراعي عندما تواجهه مشكلة ما، وإن لم يرَ النتيجة يغضب مِن الأب الروحي!
لأجل هذا تعلَّمْ أنْ تُشخِّص المشكلة بطريقة صحيحة وتدرَّبْ كيف تستفيد مِن الأبوة الروحية مِن خلال أن تتعلَّم الكلمة وتُطبِّقها.
هذا التعليم الوارد في (كورنثوس الأولى 4) ليس للخدام فقط، بل للشعب أيضًا، فالرياضة الروحية هي تمرين روحي مستمر يمارسه المؤمن لكي يفيد حياته الحالية والآتية. ما أنت عليه اليوم هو نتيجة لتدريبات الأمس، وما ستكون عليه غدًا هو نتيجة لتدريبات اليوم. لا تتدرَّبْ بدون نصائح المُدرِّب ولا تجرِ في الاتّجاه الخاطئ، حتى لا تتدرب بطريقة خاطئة وتصير كمَن لم يتدرَّب من الأساس.
حياتك على الأرض هي انعكاس لحالتك الروحية؛ “الأَكْبَرُ يُبَارِكُ الأَصْغَرَ” (العبرانيين 7:7)، فالكلمة تُعلِّمك كيف تتعامل مع الأمور مِن الجذور، أي تعالج الأسباب.
“رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ فَمَتَى شَاخَ أَيْضاً لاَ يَحِيدُ عَنْهُ.” (الأمثال 6:22)؛ تأتي هذه الآية في ترجمة أخرى بمعنى “درِّبْ الفتى في الطريق الذي عليه اتّباعه (واحفظْ له الهبة الشخصية أو المعونة) فمتى شاخ لن يحيد عنه.
درِّبْ الطفل بشكل مبكر في الطريق الصحيح الذي عليه اتّباعه، حتى عندما يكبر يسلك فيه بشكلٍ تلقائي، لذلك ما تُدرِّب نفسك عليه اليوم يصير أسلوب حياتك وتفعله بشكل تلقائي.
“وَإِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ.” (غلاطية 16:5)
يأتي لفظ “اسْلُكُوا” في الأصل اليوناني “peripateo” بمعنى أنك تسلك فيه بطريقة طبيعية، أي إنه شيءٌ يوجد فيك بالطبيعة وأنت فقط تُنشِّطه وتستخدمه، مثل أي شخص يسير على قدميه، وهو سلوك طبيعي لأي إنسانٍ لأنه لا يوجد إنسانٌ يسير على أربعة.
هذا التعبير يُعنِي شخصًا تدرَّبَ، مثل الطفل الذي قد يجد المشي شيئًا غريبًا عليه مِن البداية، مع أنه مولود بهذه الغريزة، لكن بعد التمرُّن صار يمشي بدون مجهود، إن لم يتمرَّن يصير هذا السلوك غير طبيعي، في البداية يكون هناك إلزام على الطفل مِن الأبوين ليمشي ويجد هويته حتى يكون طبيعيًا.
” إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ.” (غلاطية 25:5)
“فَلْنَسْلُكْ” هنا يستخدم بولس لفظًا مختلفًا عن السابق الوارِد في (ع 16) وهو “stoicheo” بمعنى أن تصطف في الطابور مثل مَن يتدرَّب على حمل السلاح في الجيش، لذلك مِن المهم التواجد وسط جسد وتسير معه وتُحاط بالتعليم الصحيح. هناك مَن يخشى كَشْف أسراره للراعي الروحي، للأسف هذا الشخص لن يتمرَّن، لابد أن تكون هناك طريقة ومواصفات تسير عليها في رعايتك الروحية. كما لا يصح أن تتنقل مِن راعي لآخر.
خلفية رسالة غلاطية هي وجود بعض المُتهوِّدين الذين يريدون أنْ يتبعوا المسيح وأحكام اليهودية والناموس في نفس الوقت؛ “13 لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. 14وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.” (غلاطية 13:6-15).
هؤلاء أرادوا الختان لكي يُظهِروا للناس أنهم وَسطيون مع أنهم لا يؤمنون بالختان، لكن خوفًا مِن الاضطهاد من اليهود طلبوا هذا (ع 13). مثل الخدام الذين يُؤمِنون بمعاني الخلاص الخمسة ولكنهم ليس لديهم الجرأة على إعلان ذلك صراحةً خوفًا من سخرية الباقين.
لذلك إنْ كنت مدعوًا للخدمة في مكانٍ لا يُعلِّم الحق الكتابي تستطيع أن تجد مدخلاً مناسبًا حتى تشاركهم بهذا الحق الكتابي تحت إشراف الأبوة الروحية، وإلّا فأنت تسالم الناس خوفًا مِن الاضطهاد.
كان موقف بولس صريحًا، حيث كرزَ بأنّ الموضوع لا يتعلَّق بالخارج بل بالداخل (الخليقة الجديدة)، مِن أجل هذا لاقى آلامًا من الناس.
- اتبع التعليمات والنصائح:
هناك قانونٌ روحيٌّ خاطئٌ يتبعه البعض وهو “إن الرب سيُحذِّر الشخص ويُوضِّح له مادام يسير بشكل خاطئ، بينما إن كان يسير بشكل صحيح، لن يُوضِّح له” مُعتمِدًا على أن الله لن يتركه، ويضربون بعرض الحائط كل مشورة من الراعي!
يسري هذا القانون السابق على الناضِجين والكبار روحيًا فقط، الطبيعي والمعتاد هو أنّ الله يستخدم أشخاصًا في حياتك ليُعلِّموك الكلمة والطريق الصحيح؛ “وَبِنَبِيٍّ أَصْعَدَ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ وَبِنَبِيٍّ حُفِظَ” (هوشع 13:12). يستخدم الله أناسًا لبنيان حياتك وخصوصًا أولئك الذين هم داخل الدائرة الروحية والدائرة الشخصية الخاصة بك.
“12 لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلَكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضاً الْمَسِيحُ يَسُوعُ. 13أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلَكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئاً وَاحِداً: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ. 14أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15فَلْيَفْتَكِرْ هَذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ (الناضجين) مِنَّا، وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ شَيْئاً بِخِلاَفِهِ فَاللهُ سَيُعْلِنُ لَكُمْ هَذَا أَيْضاً.” (فيلبي 12:3-15).
يقول الرسول بولس إن الرب يسوع أتى لكي يصل إلى هدف معين؛ لذا يسعى بولس أن يصل لهذا الهدف الذي أتى الرب يسوع مِن أجله، أي إن الله قام بدوره ويتبقى دورك أنت؛ لذا إن لم يُشرَح إليك ما المرحلة التي وصلت إليها لن تصل، فمثلاً لو لم تسمع سوى العظات التي تتكلَّم عن الخطية والدينونة، لن تصل لِما أوصلك إليه المسيح عن البر.
إليك مثالٌ يوضح ما أقصده؛ لن تستطيع ركوب تاكسي وتصل للهدف ما لم تعرف أنت أولاً الهدف أو المكان الذي تريد الذهاب إليه! إن لم تُعلِّم الناس عن الطريق الذي أوصلك إليه يسوع لن يصلوا هم أيضًا بالتبعية. مثلاً إن كنت تقود مكانًا وتتحدث كثيرًا عن الخطية، ستجد الشعب دائمًا في حالة كآبة وحزن.
توجد مستويات في الحياة الروحية، هناك مستوى لا توجد به مسميات الانغلاق الروحي وانسداد الشهية ناحية الكلمة، ستجد نفسك في أحد المستويات العالية تصلي والروح القدس في الحال يتفاعل معك لأنك فهمت ونضجت.
“13 وَلَكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئاً وَاحِداً”؛ تأتي بمعنى “انا فعلت شيئًا بالفِعْل” وهو نسيان ما هو وراء والامتداد إلى ما هو قدام.
“15 فَلْيَفْتَكِرْ هَذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ (الناضجين) مِنَّا، وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ شَيْئاً بِخِلاَفِهِ فَاللهُ سَيُعْلِنُ لَكُمْ هَذَا أَيْضاً”؛ ليكن هذا فِكْر الأبناء الناضِجين فينا، فليس كل مَن يسمع هذا الكلام سيُدرِك معناه، وإن كان أحد مِن الناضجين لا يفهم هذا الكلام، الله سيكشف له. أيضًا انتبه؛ لا يرجع الحُكْم في النضوج للشخص نفسه بل للراعي والقيادة الروحية خصوصًا في المراحل البدائية، لذا تحتاج أن تسير في التبعية داخل الكنيسة.
“16 وَأَمَّا مَا قَدْ أَدْرَكْنَاهُ، فَلْنَسْلُكْ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْقَانُونِ عَيْنِهِ، وَنَفْتَكِرْ ذَلِكَ عَيْنَهُ. 17كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي مَعاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هَكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ.” (فيلبي 16:3-17).
يأتي لفظ “فَلْنَسْلُكْ” في المعنى الأصلي“stoicheo” بمعنى أنّ شخص يقف أو يسير وراء شخص آخر في طابور بشكل به التزام وتدريب، مثل اللفظ الذي جاء في (غلاطية 25:5). لذا لا تتدرَّب روحيًا لوحدك، لابد أن تسلك في الطابور.
في البداية لن تجد المشاعر تساعدك على هذا؛ “وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ (تدريب) فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ.” (عبرانيين 11:12). لا يُعنِي التأديب فقط الامتناع عن أشياء معينة، بل هو أيضًا تدريب وتوجيه نصائح حتى يصير الشخص مُستعِدًا قبل الاجتياز في الموقف، بلا شك يشتمل التأديب بداخله على التصحيح أيضًا.
إن لم تستمر في التدريب ستصير غيرَ لائقٍ للَّعب ومرفوضًا. لو لم تضع مسارًا تسير عليه في حياتك، دون أن تدري أنت تقتل نفسك.
يتكلَّم بولس لغير الناضِجين ويحثهم على السلوك في الطابور وراء الناضجين، لأن الناضجين لديهم طريقة تفكير كتابية، لذا يُلزِم بولس غير الناضجين على السلوك في الطابور بدون تفكير في البداية، مثل الرياضي الذي يتبع المُدرِّب، أو الطفل الذي يتبع تعليمات والديه الذين يطالبونه بأكل أكلات معينة تحتوي علي فيتامينات.
ذاك الطفل غير مُطالَبٍ في البداية بدراسة العلوم المختلفة التي بها تحليل الفيتامينات، بل يأكل أولاً ثم يدرس لاحقًا، قد يطلب منك مَن يتابع روحيًا أن تصلي يوميًا بألسنة لنصف ساعة مثلاً، ربما لا تفهم الفائدة الروحية لذلك في البداية لكنك تطيع وستفهم فيما بعد عندما يأتي الثمر إلى حياتك.
▪︎ مشكلة الكسل في دراسة الكلمة:
“نَفْسُ (رغبة) الْكَسْلاَنِ تَشْتَهِي وَلاَ شَيْءَ لَهَا وَنَفْسُ الْمُجْتَهِدِينَ تَسْمَنُ.” (الأمثال 4:13)
تأتي في ترجمة أخرى؛ “شهية الكسلان تشتهي ولا تحصل على شيء، لكن شهية المُجتهِدين (الشغوفين) تُعطَى بوفرة”
الشهية لابد أن يصاحبها نشاط وشغل، لا تتوقع تغيير في ظروفك وأنت مُتكاسِلٌ روحيًا. لا تعتقد أن الأزمة في الشهية، فالشهية موجودة لدى الكسلان والمجتهد أيضًا، لكن أنت مَن قتلتها ببطيء بداخلك حتى انتهت وفقدت الشغف، إن كنت مُتكاسِلاً! نعم ربما يحتوي التدريب في الروحيات على شيء مِن الألم، لكن لا تُدرِّبْ نفسك على الكسل، تجاوبْ مع رغبتك.
مِن المُفترَض أن تخدمك شهيتك، ولا تخدمها أنت؛ “نَفْسُ التَّعِبِ تُتْعِبُ لَهُ لأَنَّ فَمَهُ يَحِثُّهُ.” (الأمثال 26:16). أي أنّ الشهية تدعمك وتعمل مِن أجلك، فالرجل هنا شهيته ألحَّتْ عليه كي يعمل ويأكل، وبينما كان يظن إنه يعمل مِن أجلها كانت هي مَن تعمل لصالح هذا الرجل كي لا يجوع، كانت هي دافعه، لأن الروح يدفعك ويستخدم هذا الجوع ليُوقظك مبكرًا كي تصلي أو تسمع العظة أكثر مِن مرة بالرغم مِن أنك سمعتها سابقًا.
حافظْ على شغفك واحرصْ أن تمشي ورائه، لابد أن تحافظ على مَن يعمل لديك ومِن أجلك بحسب الشريعة.
“قَالَ الْكَسْلاَنُ: «الأَسَدُ فِي الطَّرِيقِ الشِّبْلُ فِي الشَّوَارِعِ».” (الأمثال 13:26)
يخاف الكسلان مِن أنْ يضع قلبه في الأمور الروحية خوفًا مِن محاربات إبليس، هذه أعذار غير حقيقية وخيالية وليس لها أساس كتابي، أو ربما يكون تابَعَ روحيًا مع أحد الخدام في زمنٍ سابق وهذا الخادم أخرجَ السرّ فامتنعَ عن الرعاية الروحية نهائيًا.
” شَهْوَةُ الْكَسْلاَنِ تَقْتُلُهُ لأَنَّ يَدَيْهِ تَأْبَيَانِ الشُّغْلَ.” (الأمثال 25:21)
هنا لا يتكلَّم عن الشهوة الشريرة بل يقصد الشغف. لا تحدُث الأمور الروحية بعشوائية بل لها قوانين، وتتبع الرعاية والتعليمات.
“4 بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ – إِذْ أَنْتُمْ وَرُوحِي مُجْتَمِعُونَ مَعَ قُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 5أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.” (كورنثوس الأولى 4:5-5).
كيف تمَّ تسليمه للشيطان؟ عن طريق عزله عن الجسد والبُعد عن أخوته، فيصير أعمى وعريانًا روحيًا، توجد مسحة خاصة وسط أخوتك، وليس معناها أن يُطلَق عليه كلمات سلبية. هذا العزل عكس ما يعتقده الكثيرون أنّ مثل هذا المُخطِئ يجب احتضانه حتى يرجع، ليس دورك أن تحتضن أحدًا لكن هذا دور القيادة الروحية.
“14 وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُطِيعُ كَلاَمَنَا بِالرِّسَالَةِ، فَسِمُوا هَذَا وَلاَ تُخَالِطُوهُ لِكَيْ يَخْجَلَ، 15وَلَكِنْ لاَ تَحْسِبُوهُ كَعَدُوٍّ، بَلْ أَنْذِرُوهُ كَأَخٍ.” (تسالونيكي الثانية 14:3-15).
لا يجب على هذا الشخص المُخطِئ أن يُحاط مِن المُؤمنين. هو مَن وضعَ نفسه في هذه الوضعية لأنه غير لين للكلمة. أيضًا هو لم يقبل صوت الكلمة بكل قوتها لذا فلن يقبل صوت أخوته لأن صوتك ليس له وقع أكبر من الكلمة. للأسف اتّخذ هذا الشخص اتّجاهًا ضد الكلمة لذلك يُعزَل، لا يُطرَد ولا يُحرَم من حضور الاجتماعات لكن يُعزَل جانبًا ولا يخالطوه، هذا الشخص خالف القانون وخرج عن الطابور.
- الالتزام:
“وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.” (كورنثوس الأولى 25:9)، تأتي في الترجمات الأخرى بمعنى؛ “الرياضيون الرائعون يتدرَّبون بعنف”، وفي ترجمة أخرى؛ “كل شخصٍ يصنع لنفسه نهجًا للتدريب، يُسيطِر”.
لابد أن تلتزم في كل شيء حتى يصير هذا نهج حياتك، هناك مبدأٌ آخر يقول؛ “لَيْسَ افْتِخَارُكُمْ حَسَنًا. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟” (١ كورنثوس ٥: ٦). يتسبَّب أي انحرافٍ صغيرٍ في المبنى في ميل صغير في البداية ثم ينتهي بكارثة لأن الميل يتَّسع مع الوقت والمسافات الطويلة، لذا لابد أن تلتزم في كلماتك وخضوعك وحياتك الشخصية.
يجب أن يكون لديك شغفٌ، بولس الرسول لم يُعيقه السجن، لا تضعْ لنفسك عذرًا وتقول فلان أعثرني، لا تكُن كسلانًا! يحتاج التمرين الروحي إلى الالتزام والاستمرارية وإلا ستفقد اللياقة الروحية. إنْ سقطت ذات مرة، لا تظل هكذا بل انهضْ وأكملْ ولن تضيع بعد ذلك لو كانت لك هذه الطريقة في التفكير.
ربما يصعب عليك تدريب النطق باعترافات الإيمان يوميًا، ليس بسبب صعوبتها بل نتيجةً لضعف التدريب، لكن عندما تتدرَّب وتضعها كقانون على حياتك بعدها ستفهم ما سيَحدُث في حياتك، الرياضة الروحية لها تمارين ولها غذاء؛ “لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً.” (كولوسي 16:3).
لا يتكلَّم هنا فقط عن سُكنَى كلمة المسيح فينا فقط، بل طلبَ أن تكون بغنَى، أي بكميات كبيرة ووفرة. لا تجعل حياتك تسير ببطيء بينما يريد الروح القدس التواصُل معك دائمًا. لا تكُن خفيفًا في الكلمة بل فَكِّرْ فيها دائمًا بينما أنت جالسًا، أو في العمل أو حين تستيقظ من نومك كما قال الكتاب.
افهمْ هذا؛ أنت في احتياج إلى الأبوة الروحية؛ “24 لَيْسَ أَنَّنَا نَسودُ عَلَى إِيمَانِكُمْ (نُسيطِر عليكم) بَلْ نَحْنُ مُوازِرُونَ لِسُرُورِكُمْ. (تشجيعكم ونعمل على أن تكونوا مسرورين) لأَنَّكُمْ بِالإِيمَانِ تَثْبُتُونَ.” (كورنثوس الثانية 24:1).
يتحدَّث بولس الرسول هنا بخشونة وجفاف في الرسالة الثانية لأهل كورنثوس بسبب الانشقاقات التي حدثت بينهم، وكانوا يقلِّلون مِن شأنه، لم يوبِّخهم لأجل كرامته وهذا ظهرَ في آخِر الرسالة، لكن ليساعدهم أن يجتازوا هذا.
لا تهُملْ السُلَّم الذي ساعدك في الصعود للدور الأول، لأن هذه السُلَّم نفسها سيُصعِدك للدور الذي يليه، لا تُهمل الطريقة التي أوصلتك للمستوى الحالي لأنها ستساعدك أيضًا للوصول للمستوى التالي، مثل الألسنة.
“وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى” (تيموثاوس الأولى 7:4). التقوى هي كل ما يتَّجه إلى الله، أنْ تضع نفسك أمام الكلمة وتتَّجه بها إلى الله. اخضعْ للكلمة واسمحْ لها أنْ تُغيِّر حياتك، حتى تُغيِّر داخلك وفي قلبك، حيث تعمل الكلمة (لوجوس) في داخلك وخفايا قلبك.
قد يجتاز شخصٌ في الموقف ولا يرى نتيجةً، ويجتاز آخر في الموقف نفسه ويتبع نفس الطريقة ويرى نتيجةً، بسبب أنه تمرَّنَ، أو ربما يكون طفلاً روحيًّا وأباه الروحي يحمله على جناح إيمانه وتعاملَ الله معه حسب طفولته.
- ضع هدفًا:
الهدف هو أن تعرف وتسعى وتصل إلى الذي مِن أجله وصلَ إليك الرب يسوع، فالرب تجسَّدَ لكي يصل للإنسان ليضع فيه الطبيعة الإلهية، لذا سِرّ في هذا الهدف كي تأخذ الجعالة والنتيجة المطلوبة.
“30 عَبَرْتُ بِحَقْلِ الْكَسْلاَنِ وَبِكَرْمِ الرَّجُلِ النَّاقِصِ الْفَهْمِ 31فَإِذَا هُوَ قَدْ عَلاَهُ كُلَّهُ الْقَرِيصُ وَقَدْ غَطَّى الْعَوْسَجُ وَجْهَهُ وَجِدَارُ حِجَارَتِهِ انْهَدَمَ. 32ثُمَّ نَظَرْتُ وَوَجَّهْتُ قَلْبِي. رَأَيْتُ وَقَبِلْتُ تَعْلِيماً. 33نَوْمٌ قَلِيلٌ بَعْدُ نُعَاسٌ قَلِيلٌ وَطَيُّ الْيَدَيْنِ قَلِيلاً لِلرُّقُودِ 34 فَيَأْتِي فَقْرُكَ كَعَدَّاءٍ وَعَوَزُكَ كَغَازٍ!” (الأمثال 30:24-33).
هناك قوانين في الحياة الروحية، فالكسلان عندما انهدمَ السور مِن حول حقله، أصبح الحقل متاحًا لكل كائن للدخول والخروج منه، أيضًا امتلأ بالنبات الضار. لأجل هذا الكسل خطيرٌ!
لا تسمحْ بعبور المواقف على حياتك، لابد أن تنظرْ وتتأمَّلْ هذه المواقف والأمور كي لا تَحدُث معك أنت أيضًا، كما قال الكاتب هنا. إن أهملت وأخذت غفوةً ستأتي المشكلة لك مثل جنود أقوياء لنهب حياتك، ليست المشكلة في الغازي لكن في الأسوار المفتوحة في حياتك.
لذا من الجيد أن تحرس حياتك ولا تسمح بالثعالب الصغيرة المُفسِدة للكروم!
ــــــــــــــــــــــــــــ
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.