لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
المحبة الواهبة – الجزء 3
- بقدر ما ستستقبل من محبة الله بقدر ما ستنال قوة.
- محبته لها قوة جذب.
- يحبك محبة أبدية.
- لماذا يتزعزع البعض سريعًا عن محبتهم للرب؟
- محبة الله المعطاءة، لها ضوابط في حال إن أسأت استعمالها!
- عطايا هذا الحب:
- أولاً: أعطى قيمة للإنسان:
- بقدر ما ستستقبل من محبة الله بقدر ما ستنال قوة:-
“١١ فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. وَأَمَّا اللهُ فَقَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ لَهُ، وَأَرْجُو أَنَّنَا قَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ فِي ضَمَائِرِكُمْ أَيْضًا. ١٢ لأَنَّنَا لَسْنَا نَمْدَحُ أَنْفُسَنَا أَيْضًا لَدَيْكُمْ، بَلْ نُعْطِيكُمْ فُرْصَةً لِلافْتِخَارِ مِنْ جِهَتِنَا، لِيَكُونَ لَكُمْ جَوَابٌ عَلَى الَّذِينَ يَفْتَخِرُونَ بِالْوَجْهِ لاَ بِالْقَلْبِ. ١٣ لأَنَّنَا إِنْ صِرْنَا مُخْتَلِّينَ فَلِلّهِ، أَوْ كُنَّا عَاقِلِينَ فَلَكُمْ. ١٤ لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. ١٥ وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. ١٦ إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ. ١٧ إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. ١٨ وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ” (٢ كورنثوس ٥: ١١-١٨).
تَحرَك بولس الرسول في الخدمة بناء على انحصاره في محبة المسيح، وهذا ما تَحدَّثَ عنه في رسالة أفسس الإصحاح الثالث وذَكَرَ أن بسبب هذه المحبة؛ عملت فيه قوة ونعمة الله بشدة لكي يستطيع أن يكرز للأمم، وهذه مهمة ليست سهلة حيث تتطلب أن يأخذ نعمة وفهم واستنارة وقوة إلهية لمواجهة أفكار الأمم المتعددة والرد عليها.
بالطريقة ذاتها يمكنك أن تأخذ قوة إلهية لمواجهة أي موقف في حياتك، وهذه القوة هي أن تفهم وتستنير في محبة الله وتنفتح عليها وترى كل جوانبها: طولها وارتفاعها وعمقها وكل أبعادها، هذه المحبة ليس لها حدود!
بينما نتعرف على أبعاد المحبة الواهبة أكثر ينبغي أنْ نفهم أنّ الرب وضع ضوابط لها، مثل كنز مليء بمجوهرات وأمور ثمينة جدًا، لا يمكن لأحد بعد اكتشافه أن يتركه دون حراسه بل سيخبئه ويضع عليه بابًا لحمايته.
فتح الرب نفسه للعالم وللبشرية، فكان لابد من وضع ضوابط وإلا يتم العبث والإساءة إلى الرب الذي جعل نفسه متاحًا للناس، وجود ضوابط ليست لأن الله مُعقد ولكن لكي لا يُساء التعامل مع الانفتاح الذي حدث من الرب معنا. كان الإنسان مفتوحًا على الرب تمامًا قبل السقوط، ولكن عندما سقط تم وضع ضوابط لهذه المحبة. محبة الرب ليست عادية أو تافهة، فهي تساوي ذات الله، شخص الله.
عندما تكتشف هذه المحبة ستكون منيعًا ومُحصنًا ضد الإحباط، ولا تأكلك الحياة بل تأكلها أكلاً، وتتعامل بوعي إنك غير مهزوم في الحياة لأنك تشبعت بمحبته وأدركتها فتصير في نظرك ليست صعبة ولكن كل شيء مُستطاع لك. لهذا السبب كلما ازداد إدراكك لمحبته لك كلما انطلقت القوة الإلهية فيك ومن خلالك بشكل أكبر.
يريد الرب أن يُطلق قوة حبه في حياة كل واحد من أولاده، ولكن الإنسان هو من يضع حدود ومعيار لهذه المحبة.
“كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي” (يوحنا ١٥: ٩).
وَضّح الرب إنه بنفس مقدار المحبة التي أحبه بها الآب، هو يخرج ذات المقدار من المحبة للعالم كله.
سنفترض معًا افتراض خاطئ وغير وارد الحدوث: أنّ الرب يسوع لم يكن في علاقة صحيحة مع الآب، بالتالي لا يمكن أن يبذل نفسه لأجلنا ولن تظهر قوة القيامة، بالإضافة لذلك ربما نراه ثائرًا بالغضب على التلاميذ لعدم نضوجهم في كثير من المرات، ونحن نعرف أن المحبة لا تحتد، لهذا بقدر ما ذاق حب من الآب أحب الجميع. كشف الرب هذا الأمر في آواخر أيامه مع التلاميذ؛ أنّ الطاقة وراء كل ما لمسوه من محبة خارجه منهُ هي نتيجة حب الآب له.
- محبته لها قوة جذب:-
” ٢٠وَكَانَ أُنَاسٌ يُونَانِيُّونَ (أمم) مِنَ الَّذِينَ صَعِدُوا لِيَسْجُدُوا فِي الْعِيدِ. ٢١ فَتَقَدَّمَ هؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ الَّذِي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا الْجَلِيلِ، وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ» ٢٢ فَأَتَى فِيلُبُّسُ وَقَالَ لأَنْدَرَاوُسَ، ثُمَّ قَالَ أَنْدَرَاوُسُ وَفِيلُبُّسُ لِيَسُوعَ. ٢٣ وَأَمَّا يَسُوعُ فَأَجَابَهُمَا قِائِلاً:«قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ. ٢٤ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. ٢٥ مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. ٢٦ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. ٢٧ اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ ٢٨ أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!». ٢٩ فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!». ٣٠ أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَجْلِي صَارَ هذَا الصَّوْتُ، بَلْ مِنْ أَجْلِكُمْ. ٣١ اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا.٣٢ وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». ٣٣ قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ٣٤ فَأَجَابَهُ الْجَمْعُ: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الإِنْسَانِ؟ مَنْ هُوَ هذَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» ٣٥ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «النُّورُ مَعَكُمْ زَمَانًا قَلِيلاً بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ. وَالَّذِي يَسِيرُ فِي الظَّلاَمِ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ. ٣٦ مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمِنُوا بِالنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ». تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا ثُمَّ مَضَى وَاخْتَفَى عَنْهُمْ” (يوحنا ١٢: ٢٠-٣٦).
“٣٢ وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ” لنرى معًا خلفية هذا الشاهد: سار الرب يسوع برؤية وهي أن يخدم في هذه الفترة خراف بيت إسرائيل الضالة فقط وامتنع أن يتحرك للخارج وقال لتلاميذه أن يذهبوا لهم وحدهم، ولكن بعد موته وقيامته سيُفتَح المجال للأمم. إن لم تفهم هذه الرؤية ستسيئ تفسير قصة المرأة الأممية (الكنعانية) التي أتت إلى الرب في (متى١٥: ٢١-٢٨) كما أساء كثيرون تفسيرها، بأن الرب رفض طلبها في البداية لكي يجربها أو لأنه كان يتعزز عليها.
لكن الحقيقة هي أن الرب كان يسير برؤية وجاوبها بأنه لا يمكن أن يؤخذ خبز البنين يُطرح للكلاب، وهذا اللفظ يُطلقه شعب الله على الأمم، وليس المقصود به إهانة لها، ولكن عندما جاوبته: “وأيضًا الكلاب تأكل من مائدة أربابها”، كان هذا اعتراف منها أن المخلص سيأتي من هذا الشعب وأن يسوع هو المسيا وهو رب على حياتها، وبذلك أخذت الشفاء لأبنتها.
فَهِمَ داود قلب الرب أن الأمم سوف يدخلون في الخلاص في الوقت المُحدد، وعرف أن الرب يسوع سيأتي من هذا الشعب ولكن الخلاص سيشمل العالم كله، وهناك مجموعة من الأمم عبدت يهوه ولم يُطلب منهم أن يسلكوا بناموس موسى. في هذا الشاهد السابق نرى يونانيون أي أمم أتوا ليعبدوا وكان هناك مكان مخصصًا لهم.
“٢١ فَتَقَدَّمَ هؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ…وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوعَ»” لم يذهب هؤلاء مباشرة إلى يسوع ليتحدثوا معه ولكنهم رجعوا إلى أحد تلاميذه لكي يرفع الأمر إلى الرب، حيث أنه لم يكن متاحًا للعامة بصورة سلسة، من هنا نفهم أن خدمة أعوان التدابير كتابية كنظام كنسي، وأساسها الكتابي هو هذا الشاهد.
“٢٣ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ” قصد الرب أن يقول إن الساعة التي سيظهر فها محبته المجيدة قد أتت. أتى هؤلاء الأمم ليعبدوا إله لم يكونوا تابعين له، لهذا السبب قال الرب إنه عندما يموت ويتمجد ستظهر محبته المجيدة. والمحبة التي أظهرها للعالم أتت نتيجة اكتشافه لمحبة الله، وهذا يوضح لنا أن حياتك مرتبطة باكتشافك لمحبه لك، فلذلك قال الرب إنه عندما يتمجد الابن سيحدث المجد العظيم أن الأمم ستدخل للخلاص المُعد للعالم كله.
“٢٦ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ” أراد الرب بكلامه هنا أن يجعل اليهود يعرفون أن الأمم أيضًا سيدخلون إلى الخلاص، حيث إنهم يظنون أن الخلاص لليهود فقط، حاول الرب أن يفهمهم إنه من المفترض أن يسلكوا بحسب مشيئته وهي أن له خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة.
“اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ” هذه العبارة غير واضحة المعنى هنا، أي أن روحي متحركة في حالة من النشاط الروحي، ذكر الكتاب المقدس ذات التعبير عندما وقف الرب عند قبر لعازر ورأى الجموع تبكي “انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ” (يوحنا ١١: ٣٣) هذا لا يعني إنه أرتبك، بل أنّ روحه في داخله تحركت في حالة نشاط الخاص باتجاه معين.
“٢٩ فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفًا وَسَمِعَ، قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ!». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ مَلاَكٌ!»” السب الذي جعلهم لا يستطيعوا تمييز صوت الآب هو أن آذانهم لم تكن ممسوحة لتفهمه.
“ ٣٥ النُّورُ مَعَكُمْ زَمَانًا قَلِيلاً بَعْدُ، فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ” في أي مرة تُعرض عليك محبة الرب هي فرصة يجب أن تغتنمها، وفي كل مرة تتجاهلها ولا تنحصر فيها وتنتبه لشيء آخر مثل عملك أو موبايلك، تكون النتيجة كما قال الرب عن هذه الحالة سيدركك الظلام!
“٣٦تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا ثُمَّ مَضَى وَاخْتَفَى عَنْهُمْ” اختفى الرب ليس لأنه متضايق منهم أو مضطرب، ولكن لأن هذا ليس وقت دخول الأمم، وهناك مجموعة من الأمم بدأت تدخل قبل ميعادهم، فأختفى لكي لا يقابلهم، رأى الرب انجذاب الأمم له قبل الوقت، بعد عدة أيام من هذا الحدث سيصلب ويقوم ويكون لهم فرصة للدخول.
هذا يفهمنا أن محبة الرب كانت تشمل أبعد بكثير من شعب الله، مع أنهم لم يدركوا هذا، لذا قد يكون الكتاب المقدس بين يديك ولكنك غير مُدرك للمحبة التي فيه، حيث أتى الرب وعاش التلاميذ معه، ومع ذلك لم يفهموا عمق هذه المحبة، إلى أن أتى بولس الرسول وانحصر في محبة الله اكتشف أمر عكس كل الأعراف “أن الأمم شركاء اليهود في الميراث” المحبة تجعلنا نفهم أعماق الله، أنت متأثر بقوة جذب من هذه المحبة.
“٤٤ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. ٦٥ فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي»” (يوحنا ٦: ٤٤، ٦٥).
“إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ” هي ذات اللفظ المستخدم في “٣٢ وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الجَمِيع” القوة التي تعمل على أفكارك لكي تقتنع هي نفس القوة الجاذبة التي تسحبك لكي تقتنع بالآية والفكر الكتابي، وتفهم حب الله العميق تجاهك. كل مرة تجد لديك رغبة أن تدرس الكلمة أو تصلي أو تتكلم الكلمة بفمك أو تتواصل مع شخص يعلمك الكلمة فهذه قوة جذب ليست أمر عادي، إن لم تفهم آثار وبصمات الروح القدس لن تشتعل بمحبته، إذ يقول الكتاب في (١ كورنثوس ١٢: ٣) “لا يستطيع أحد أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس”.
الروح القدس هو الوحيد الذي يؤثر على الإنسان لكي ينجذب، لهذا السبب هناك أشخاص ينفرون من كلمة الله، اعتادوا على رفض هذا الصوت، تدربوا سابقًا على رفضه، عندما تأتي لك فكرة أن تغلق الموبايل وتأخذ وقتك مع الرب، إنها قوة جذب الروح القدس وهي حالة الإتيان إلى “لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي”
- يحبك محبة أبدية:-
“١ «فِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَكُونُ إِلهًا لِكُلِّ عَشَائِرِ إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. ٢ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ وَجَدَ نِعْمَةً فِي الْبَرِّيَّةِ، الشَّعْبُ الْبَاقِي عَنِ السَّيْفِ، إِسْرَائِيلُ حِينَ سِرْتُ لأُرِيحَهُ». ٣ تَرَاءَى لِي الرَّبُّ مِنْ بَعِيدٍ: «وَمَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ” (إرميا ٣١: ١-٣).
تأتي في ترجمات أخرى على هذا النحو “بمحبة أبدية لا نهائية وغير مشروطة جذبتك”، لفظ أحببتك من المفترض أن تأتي “سحبتك”، وبأمانتي التي لا يمكن أن تكون منتهية التزمت بك.
“٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ” كلمة “أدمت” لا تعني آدم، ولكنها تشير لشيء أبدي لا نهائي.
ترجمة كلمة “رحمة” في العهد القديم في الأصل العبري هو ذات كلمة “محبة Agape” في الأصل اليوناني في العهد الجديد، أي أنّ محبته مرتبطة ومُلتزمة بالإنسان بشكل لا نهائي، وتشمل كل زوايا حياتك وكل ما تعتقد أن الرب لا يراه ولا يشعر به أو يسمعه، لأن هذا الكوكب مغمور بداخل محبة الرب الجذّابة، وإن كنت لا تراها جذّابة فهذا لأنك لم تجلس لتفكر فيها كثيرًا.
صرخ الشعب في العهد القديم وقال: “لأن إلى الأبد رحمته”، كانت هذه المرة الأولى التي يتحدّث فيها شعب في الأرض ويعلن بجرأة عبارة كهذه عن إلهه، حيث تحتوي الكلمة بداخلها أن للرب مُلتزم تجاهنا، هذا ما جعل موسى يتجرأ ويطلب من الرب أن لا يهلك الشعب.
كل الشعوب تعبد آلهة ودائمًا في حالة خوف ورعب لئلا تغضب الآلهة عليهم إن قصروا في واجباتهم تجاهه، ولا مجال للمناقشة مع الإله الذي يعبدوه، لكن هذه أول مرة يفهم فيها الشعب إنه يوجد علاقة والتزام من الرب تجاه الناس، لأجل هذا يقول الرب “جذبتك بهذه المحبة والرحمة، أنا ملتزم تجاهك، أعطيت نفسي لك.
إن وضعنا الحديد داخل المجال المغناطيسي لا يمكنه إلا أن ينجذب له، مادام لا يوجد عائق يوجد قوة جذب، ترك الرب في الأرض آثارًا لمحبته، كل شيء في الطبيعة يتحدث عن بصماته، فكما تجذب الجاذبية الأرضية كل شيء عليها ولا تنتقي شيء، فهي لا تعلم هل هو بلاستيك أم خشب أم حديد، هكذا المحبة الإلهية لا تعرف في تعاملها هل هذا الإنسان خاطي أم لا، فهي تسحب الجميع! وعندما تركز معها تزيد، مثلما يزداد قوة جذب المجال المغناطيسي كلما اقتربت منه، لهذا السبب كلما تركز مع الكلمة وتعطيها انتباهك كلما يقوى صوتها في داخلك.
الطريقة التي يعلو بها الصوت في عالم الروح هي الانتباه، مثال: إن كنت في مكان مزدحم ومعك مكالمة هاتفية هامة جدًا؛ ستعطي أقصى انتباهك للمتحدث لكي تسمعه، لا يمكنك تسكيت الزحام أو الأصوات المحيطة، لكن الإصرار على مواصلة هذه المكالمة ينبع من إرادتك القلبية لأنك ترى أنّ حياتك متعلقة بها.
لا تنسحب وتنخدع بهذا العالم، نعم يوجد قوة سحب في العالم لكن هناك قوة سحب إلهية أيضًا، هذه القوة مرتبطة بأدراكك لما صنعه الرب يسوع معك، عندما تتعلق وترتبط بهذه المحبة وتحافظ عليها بداخلك وتلمعها كما تحافظ على شيء ثمين جدًا في البيت وتهتم به وتلمعه وتحرص عليه بشدة. إن فعلت هذا مع الكلمة وانتبهت لمبادئها وأفكارها في كل موضوع وطريق تسلك فيه، ستشتعل بمحبته. تركيزك فيها هو ما يجعل صوتها يعلو.
من هنا تفهم أنّ انتباهك للشيء هو ما يجعل صوته يعلو في داخلك، بنفس الفكرة إن انتبهت للأفكار الشريرة أو الأحلام غير الكتابية وركزت عليها ستزداد، كل أمر تنتبه له سيزداد، إن فكرت في عملك أكثر من الرب، فأنت بذلك ترفض الجذب الإلهي. تذكر عندما قال الرب “أبغضوني بلا سبب!” وهذا يعني أنّ الرب سيتحدث في الأسباب، ونفهم أن من سيحب الرب سيحبه بسبب، يوجد أسباب لحبك للرب إن لم تفكر فيها بشكل كافي، فأنت تضع نفسك في خطر. إن لم تكن مؤسسًا ومثبتًا بشكل صحيح في محبة الرب ستنجذب وتنسحب بسهولة في العالم.
لابد من وجود سبب لكل شيء، إن سلكت بهذه الطريقة وعلّمت أولادك أن ينظروا للأمور بطريقة روحية وأعطيت لهم أسبابًا روحية في كل شيء، ستجدهم أصبحوا مشتعلين بالرب عندما ينضجون، إن لم تفعل هذا مبكرًا، معتقدًا أن هذا سابق لأوانه فأنت تدربه للهلاك، كلما تؤجل إعطاء المعرفة الكتابية لطفلك وتتركه بلا فهم ستجده امتلأ بالفوضى الفكرية. يعترف شعب الله أنّ كل شيء رائع في حياتهم سببه الرب يقدِمون له الشكر على كل ما أعطاه لهم، مثل الشكر قبل الأكل، ولا يفعلوها كروتين بل بقلبهم.
أخبرنا الرب: “…لَيْسَ أَحَدٌ يَصْنَعُ قُوَّةً بِاسْمِي وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا” (مرقس ٩: ٣٩)، فالشخص الذي ذاق روعة الرب من الصعب أن ينقلب سريعًا، مما يعني أن الأمر يأخذ وقتًا إلى أن تُبنى الأفكار مضادة للرب.
- لماذا يتزعزع البعض سريعًا عن محبتهم للرب؟
“١ وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: ٢ «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا لِي تَقْدِمَةً. مِنْ كُلِّ مَنْ يَحِثُّهُ قَلْبُهُ تَأْخُذُونَ تَقْدِمَتِي. ٣ وَهذِهِ هِيَ التَّقْدِمَةُ الَّتِي تَأْخُذُونَهَا مِنْهُمْ: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنُحَاسٌ” (الخروج ٢٥: ١-٣).
“١ وَلَمَّا رَأَى الشَّعْبُ أَنَّ مُوسَى أَبْطَأَ فِي النُّزُولِ مِنَ الْجَبَلِ، اجْتَمَعَ الشَّعْبُ عَلَى هَارُونَ وَقَالُوا لَهُ: «قُمِ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ». ٢ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: «انْزِعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِ نِسَائِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَأْتُونِي بِهَا». ٣ فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ وَأَتَوْا بِهَا إِلَى هَارُونَ. ٤ فَأَخَذَ ذلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالإِزْمِيلِ، وَصَنَعَهُ عِجْلاً مَسْبُوكًا. فَقَالُوا: «هذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ». ٥ فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحًا أَمَامَهُ، وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَدًا عِيدٌ لِلرَّبِّ». ٦ فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ (تعني الزنى). ٧ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبِ انْزِلْ. لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. ٨ زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ. صَنَعُوا لَهُمْ عِجْلاً مَسْبُوكًا، وَسَجَدُوا لَهُ وَذَبَحُوا لَهُ وَقَالُوا: هذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ». ٩ وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «رَأَيْتُ هذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. ١٠ فَالآنَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَأُفْنِيَهُمْ، فَأُصَيِّرَكَ شَعْبًا عَظِيمًا». ١١ فَتَضَرَّعَ مُوسَى أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَقَالَ: «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ؟ ١٢ لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ الْمِصْرِيُّونَ قَائِلِينَ: أَخْرَجَهُمْ بِخُبْثٍ لِيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ، وَيُفْنِيَهُمْ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ؟ اِرْجِعْ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ، وَانْدَمْ عَلَى الشَّرِّ بِشَعْبِكَ. ١٣ اُذْكُرْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ عَبِيدَكَ الَّذِينَ حَلَفْتَ لَهُمْ بِنَفْسِكَ وَقُلْتَ لَهُمْ: أُكَثِّرُ نَسْلَكُمْ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، وَأُعْطِي نَسْلَكُمْ كُلَّ هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَنْهَا فَيَمْلِكُونَهَا إِلَى الأَبَدِ». ١٤ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ. ١٥ فَانْصَرَفَ مُوسَى وَنَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ وَلَوْحَا الشَّهَادَةِ فِي يَدِهِ: لَوْحَانِ مَكْتُوبَانِ عَلَى جَانِبَيْهِمَا. مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا كَانَا مَكْتُوبَيْنِ. ١٦ وَاللَّوْحَانِ هُمَا صَنْعَةُ اللهِ، وَالْكِتَابَةُ كِتَابَةُ اللهِ مَنْقُوشَةٌ عَلَى اللَّوْحَيْنِ. ١٧ وَسَمِعَ يَشُوعُ صَوْتَ الشَّعْبِ فِي هُتَافِهِ فَقَالَ لِمُوسَى: «صَوْتُ قِتَالٍ فِي الْمَحَلَّةِ». ١٨ فَقَالَ: «لَيْسَ صَوْتَ صِيَاحِ النُّصْرَةِ وَلاَ صَوْتَ صِيَاحِ الْكَسْرَةِ، بَلْ صَوْتَ غِنَاءٍ أَنَا سَامِعٌ». ١٩ وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ، فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى، وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَّرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ. ٢٠ ثُمَّ أَخَذَ الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعُوا وَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ، وَطَحَنَهُ حَتَّى صَارَ نَاعِمًا، وَذَرَّاهُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَسَقَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٢١ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» ٢٢ فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي. أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ فِي شَرّ. ٢٣ فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا، لأَنَّ هذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. ٢٤ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هذَا الْعِجْلُ». ٢٥ وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ، (الخروج ٣٢: ١-٢٥)
“١..قُمِ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا” نرى في هذه الإصحاح محبة سريعة الانتقال، وسنرى الضوابط التي وضعها الرب نتيجة لهذا. خرج هذا الشعب من أرض مصر بمعجزات كبيرة جدًا. في سفر الخروج ٢٥، طلب منهم الرب أن يضعوا أمامه ذهب، وأعطى الشعب تقدمة للرب ومع ذلك نجد في خروج ٣٢ إنه لازال لديهم المزيد من الذهب.
عندما قال لهم هارون أن ينزعوا أقراط الذهب -بالرجوع إلى مراجع يهودية، نكتشف إنه لم يكن موافق على هذا الطلب ولذلك طلب منهم أمر صعب وهو أن يعطوا ذهبًا مرة أخرى، معتقدًا إنهم لن يقبلوا بهذا، ولكن الغريب أنهم أعطوا، بذلوا في شيء تافه، كان انقلابهم سريعًا، بسبب عدم التأمل في ما صنعه الرب معهم من معجزات سابقة ومحبة معطاءة. أول عبادة أصنام للشعب بعد خروجهم من أرض مصر كانت في هذه المرة، ثم تكررت بعد هذا.
“٦ فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ” ما حدث لهم هنا هو دليل على سحب قلوبهم بعيدًا عن الرب، حاول هارون أن يوقفهم ولكنهم استمروا في كل ما أرادوا أن يفعلوه، لفظ بكروا تؤكد أهمية الشيء لديهم. هذا ما يحدث في حياة الناس، فتجد بعض ممن يسيروا مع الروح القدس بقوة الإلهية وفجأة ينخرطوا في الخطية، والسبب في ذلك هو عدم فهمهم لمحبة الله بشكل كافٍ.
“٧ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبِ انْزِلْ. لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ …٨ زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ” زاغوا سريعًا! هذا هو تشخيص الرب عنهم وهو هام جدًا. لم يكن موسى يعرف ما يحدث معهم لكن الرب أخبره به، بنفس الفكرة يكشف الراعي الشيء الخطأ لمن يرعاه، فلا يجب أن ينكر ويعاند بل يقبل التصحيح بوداعة واتضاع.
العجل الذي عبده شعب الله كان مشهورًا في أرض مصر، وله مكان واسم، فما صنعوه لم يكن من تأليفهم ولكن هذا ما رأوه في العالم وكان مازال عالقًا في أذهانهم، هذا ما يفسر لنا لماذا انقلبوا سريعًا، لأنهم لم يملأوا أذهانهم بهذا الإله ولما يفكروا فيما صنعه معهم من محبة وإحسان!
“١١ لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ؟” تأمل موسى في الرب وفيما صنعه معهم كثيرًا وهذا هو الفرق بيه وبين بقية الشعب، لأجل هذا عَرِفَ الرب بشكل خاص بسبب تأمله ومعرفته بهذا الإله.
“١٤ فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ” هذه الجملة تعني إنه حينما يسير الشعب بالكلمة لا يمكن أن يتراجع الرب عن كلمته، يظل على كلمته حين يفعل الإنسان ما هو الصحيح، فهو ملتزم من طرفه وفي المقابل لا يمكنه أن يترك الشر دون أن يوقفه، لكنه في ذات الوقت مرن جدًا، إن وُجدَ شخص في الأرض يتشفع ويطلب من الرب توقف قضاء كان سيحدث نتيجة عصيان معين، فهو مستعد أن يقبل هذا التشفع، يمكنك الرجوع لمقالة “إيجار الله على الأرض” لتفهم المزيد.
لا يتدخل الله على الأرض إلا عندما يسمح له إنسان بالدخول. لهذا فسيف القضاء سيمضي على الأرض، إلا إن وقف إنسان وتشفع. لذا يبحث الرب دائمًا عن إنسان يقف لئلا يفنى الشعب، ومَن يقف للتشفع لا يتشفع مرة واحدة ليوقف الغضب ثم يتجاهله، بلا لكنه يستمر يصلي ويعلمهم الكلمة، فالرب على استعداد أن يتراجع إن عرف الشعب كلمته.
عندما كان الرب يسوع يشفي الناس كان يعلمهم ألا يخطئوا ثانيةً ويستمروا في سيرهم بالكلمة لئلا يكون لهم أشر ويعود الأمر ثانيةً بشكل أصعب، مما يعنى إنه من الوارد أن يأخذ إنسان شفائه، ثم يعود له المرض بشكلٍ أصعب مما كان، ومن الوارد أن يجد أحدهم نتائج في حياته لأنه سلك روحيًا بشكل صحيح ثم تراجع فتنقض عليه ظروف الحياة بصورة أشرس من ذي قبل، لأنه سلك في النور فالتفت له عالم الروح.
وليس الحل أن تتراجع وتقول: “لن أسلك بنشاط روحي لكي لا يلتفت لي إبليس” لأن الكتاب المقدس يجيبك في هذه النقطة من كلام الرب يسوع: “ مَنْ رَذَلَنِي وَلَمْ يَقْبَلْ كَلاَمِي فَلَهُ مَنْ يَدِينُهُ. اَلْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ هُوَ يَدِينُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ” (يوحنا ١٢: ٤٨). إذاً الكلمة موجودة وينبغي أن تلزم نفسك بها وتحيا بصورة سليمة لكي لا تدان على عدم سلوكك بها.
“٢١ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟»” عندما تحدث موسى، تحدث إلى القائد. يوجد لدى الأعراف اليهودية شريعة تسمى بشريعة البقرة الحمراء، ينبغي أن يكون لون هذه البقرة أحمر تمامًا وينتظروا حتى بلوغها ليتأكدوا من أنه لا يوجد أي شعر أبيض فيها، هذا البقر له عدد، ووجدوا في هذه السنة آخر واحدة، مما يدل على إننا الآن في أواخر الأيام.
“٢٤ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هذَا الْعِجْلُ” هذا الكلام له معنى، أراد هارون أن يخلي مسؤوليته يقول لموسى أن العجل خرج من النار بشكل غريب، يوجد قوة روحية وراء خروجه من النار، عندما ترجع للمراجع اليهودية، تجد أن هارون أراد أن يوضح إنه لم يفعل شيء ويخلي مسئوليته من هذا الأمر الذي حدث، في حين إنه هو الذي قام بنحته، ولكنه يتكلم وكأنها قوة الطبيعة التي أخرجته وأنتجته.
“٢٤ وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ” لفظ مُعرى أي إنه خرج خارج حماية الرب، وليس فقط العرى الجسدي نتيجة سلوكهم عكس الكلمة، لكنها تأتي في ترجمات أخرى أنهم صاروا بلا حماية أمام العدو، يتحرك عالم الروح بقوانين، وهذا نتيجة تغيرهم السريع لأنهم لم يدركوا محبة الله بعمق.
- محبة الله المعطاءة، لها ضوابط في حال إن أسأت استعمالها!
“١ ثُمَّ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: ٢ «أَرْسِلْ رِجَالاً لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. رَجُلاً وَاحِدًا لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْ آبَائِهِ تُرْسِلُونَ. كُلُّ وَاحِدٍ رَئِيسٌ فِيهِمْ» …٣٢ فَأَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسُوهَا، فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ: «الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا، وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي رَأَيْنَا فِيهَا أُنَاسٌ طِوَالُ الْقَامَةِ. ٣٣ وَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ، بَنِي عَنَاقٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ. فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ، وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ». (العدد ١٣: ١، ٢- ٣٢، ٣٣)
لم تكن مشيئة الله أن يرسل موسى جواسيسًا، هذا ليس فكر الله. قال موسى في سفر التثنية الإصحاح الأول للشعب أقنعتموني أن أرسل جواسيسًا للأرض، ولكن الرب كان سيعطيها لنا دون الحاجة للتجسس (تثنية ١: ٢٢-٢٣)، وهذا من أحد أسباب عدم دخول موسى أرض الموعد بالإضافة إلى ضربه للصخرة في المرة الثانية.
“٢ أَرْسِلْ رِجَالاً لِيَتَجَسَّسُوا أَرْضَ كَنْعَانَ…” تأتي كلمة أرسل في الأصل العبري “أرسل لنفسك”، مثلما تكلم الرب مع إبراهيم وقال له: “اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ” (التكوين ١٢: ١) جاءت “أخرج من عشيرتك لخيرك، لأجل نفسك، أخرج خارج طريقة تفكير جيلك وشعبك” ففي هذا المقطع يقول الرب لموسى أنت من أردت هذا.
“١ فَرَفَعَتْ كُلُّ الْجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ، وَبَكَى الشَّعْبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. ٢ وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ الْجَمَاعَةِ: «لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ!… ٢٠ فَقَالَ الرَّبُّ: «قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ. ٢١ وَلكِنْ حَيٌّ أَنَا فَتُمْلأُ كُلُّ الأَرْضِ مِنْ مَجْدِ الرَّبِّ، ٢٢ إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الَّذِينَ رَأَوْا مَجْدِي وَآيَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي، ٢٣ لَنْ يَرَوْا الأَرْضَ الَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ أَهَانُونِي لاَ يَرَوْنَهَا. ٢٤ وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ اتَّبَعَنِي تَمَامًا، أُدْخِلُهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا. ٢٥ وَإِذِ الْعَمَالِقَةُ وَالْكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي الْوَادِي، فَانْصَرِفُوا غَدًا وَارْتَحِلُوا إِلَى الْقَفْرِ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ». (العدد ١٤: ١-٢، ٢٠- ٢٥).
الطريقة التي اتبعها هذا الشعب في إصحاح ١٤، هي إنهم رفعوا أصواتهم وصرخوا، تدل ليس فقط على ضعفهم ولكنهم أيضًا أقاموا جنازة، ماتوا داخليًا قبل أن يذهبوا لهناك، بكوا قبل دخول الموقف، لأجل هذا تخيلك أمر هام جدًا.
” ٢١ وَلكِنْ حَيٌّ أَنَا فَتُمْلأُ كُلُّ الأَرْضِ مِنْ مَجْدِ الرَّبِّ” أكدَّ الرب هنا إنه سيتمم خطته التي أعدها، وهي أنّ كل الأرض ستعرفه وليس فقط شعب إسرائيل، والفاهمون من شعب الله يستندون على هذه الآية في إثبات أنّ الأمم ستدخل إلى الخلاص، دخلت عقيدة خاطئة قبل مجيء الرب يسوع أقنعت الناس أن الخلاص قاصر فقط على شعب إسرائيل، ولكننا نرى هذه الآية إصرار الرب على إتمام خطته تجاه البشرية كلها، فهو ملتزم تجاه الأرض ولا يمكن شيء يعيقه عن إتمام هدفه.
يمكنك أن ترى ردود أفعال هذا الإله فتتعلم منه الشخصية الصحيحة وهي الطريقة السليمة في السلوك والتصرف، فعندما نقرأ في المزامير أن الرب يضحك في وجه العيان الذي يقول إن هناك الكثير من الناس لا يريدونه يملك عليهم (مزمور ٢: ٤)، أيضًا عندما سمع بموت لعازر أطلق كلمات إيمان في الحال وقال: “هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ” (يوحنا ١١: ٤).
“٢٢ إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الَّذِينَ رَأَوْا مَجْدِي وَآيَاتِي الَّتِي عَمِلْتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي الْبَرِّيَّةِ” هذه هي الطريقة التي ترى بها قوة هذا الإله ويد الروح القدس، عبر التأمل فيه.
“٢٣ لَنْ يَرَوْا الأَرْضَ الَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ أَهَانُونِي لاَ يَرَوْنَها” الكلام الذي قاله الشعب: “وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ الْجَمَاعَةِ: «لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ!…” لم يكن موجهًا للرب مباشرة، ومع ذلك حُسب إهانة للرب.
” ٢٤ وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ اتَّبَعَنِي تَمَامًا، أُدْخِلُهُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا” الرب من طرفه ملتزم بكلمته، لا يوجد شيء يوقف خطته، ورتبَ لمجيء جيل آخر غير هذا الذي عصاه وتمرد عليه، وظل مُصممًا على أن يأتي المسيا ويحدث الخلاص ولا يوجد تنازل عن هذا. من كان ينظر للوضع الحالي لهذا الشعب سيظن أن الخطة الإلهية فشلت ولن يستطيع الرب أن يُرسل المسيا، لأن الشعب غير متعاون معه ولا يريد أن يسلك بالإيمان، رفضوا أن يؤمنوا عن عمد ومع ذلك جاء المسيا وحدث الخلاص، هللويا!
“٣٠ وَكَانَ فِي الْغَدِ أَنَّ مُوسَى قَالَ لِلشَّعْبِ: «أَنْتُمْ قَدْ أَخْطَأْتُمْ خَطِيَّةً عَظِيمَةً، فَأَصْعَدُ الآنَ إِلَى الرَّبِّ لَعَلِّي أُكَفِّرُ خَطِيَّتَكُمْ». ٣١ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ، وَقَالَ: «آهِ، قَدْ أَخْطَأَ هذَا الشَّعْبُ خَطِيَّةً عَظِيمَةً وَصَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ آلِهَةً مِنْ ذَهَبٍ. ٣٢ وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ، وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ». ٣٣ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مَنْ أَخْطَأَ إِلَيَّ أَمْحُوهُ مِنْ كِتَابِي، ٣٤ وَالآنَ اذْهَبِ اهْدِ الشَّعْبَ إِلَى حَيْثُ كَلَّمْتُكَ. هُوَذَا مَلاَكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ. وَلكِنْ فِي يَوْمِ افْتِقَادِي أَفْتَقِدُ فِيهِمْ خَطِيَّتَهُمْ». ٣٥ فَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ، لأَنَّهُمْ صَنَعُوا الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعَهُ هَارُونُ” (الخروج ٣٢: ٣٠-٣٥).
“٣٣ مَنْ أَخْطَأَ إِلَيَّ أَمْحُوهُ مِنْ كِتَابِي” يوجد مراحل لا يوجد للتشفع أي فائدة، فهذه الآية توضح إنه يوجد ارتداد للهلاك، لأن هذا الشعب رأى أمور عظيمة فعلها الرب تجاههم، ولم يؤمنوا عمدًا، لذلك رفض الرب طلب موسى.
“٣٤ وَالآنَ اذْهَبِ اهْدِ الشَّعْبَ إِلَى حَيْثُ كَلَّمْتُكَ. هُوَذَا مَلاَكِي يَسِيرُ أَمَامَكَ” شعر موسى وكأنه رجِع لمربع الصفر من جديد، لذا سأل الرب عن ماذا يفعل فطلب منه أن يقودهم طبقًا للإرشاد الذي سيستقبله منه. كانت أول صدمة لموسى عندما رأى الشعب يعبد أوثان، ولكن الرب أعاد عليه أن يرجع مرة أخرى ويقود الشعب.
“٣٤ وَلكِنْ فِي يَوْمِ افْتِقَادِي أَفْتَقِدُ فِيهِمْ خَطِيَّتَهُمْ” هذه المحبة الغير محدودة لها ضوابط، هذا ليس قِصْر نَفَس من الرب لأن الكتاب يذكر عنه إنه طويل الروح، لكن في نفس الوقت يوجد التزام، طوال الوقت يريد إبليس أن يزيل هذا الالتزام، تحت مسمى أن الرب يحمل الإنسان في ضعفه، لكن ماذا عن الأفكار التي لم يعد يسوع رب على الإنسان فيها، فيفكر ويخطط كما يرى، يتكلم ويسمع ما يريده دون فحص.
“٣٥ فَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ، لأَنَّهُمْ صَنَعُوا الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعَهُ هَارُونُ” مات في هذا الوقت العديد منهم غير الذين ماتوا سابقًا بحسب المراجع، وهذا يؤكد لنا أنه يوجد حسابات لدى الرب على ما نفعله تجاه محبته الموجهة إلينا. يتفاوت كثير من المؤمنين في حياتهم لأنهم لا يفهمون أن هذه المحبة لها ضوابط والتزام.
- عطايا هذا الحب:-
- أولاً: أعطى قيمة للإنسان:
“١ أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ! حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. ٢ مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ، لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ. ٣ إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا، ٤ فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ ٥ وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. ٦ تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ: ٧ الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ جَمِيعًا، وَبَهَائِمَ الْبَرِّ أَيْضًا، ٨ وَطُيُورَ السَّمَاءِ، وَسَمَكَ الْبَحْرِ السَّالِكَ فِي سُبُلِ الْمِيَاهِ” (المزامير ٨: ١-٨).
“٢ مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ” تأتي في الأصل “هجومًا”، هناك سلاسة يتحرك بها الأطفال لرفض الهجوم الشيطاني، فكم بالأحرى الناضجين الذين فهموا الكلمة؟! وهذا يفهمنا أنه من الطبيعي أن ينموا الأطفال في مخافة ومعرفة الرب، فإذا علّمت ابنك الكلمة من صغره، سيكبر في محبة الرب دون أن يعاني من عدم حبه للكلمة أو الانشغال بالعالم.
“٤ فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟” الأطراف المذكورة هذا المزمور هم: الله والإنسان والملائكة والأرواح الشريرة. مَن سأل هذا السؤال ليس الله أو الإنسان، فعندما نرجع للمراجع نجد أن هذه الكلمات خارجة من تعجب الملائكة، فهم يقولوا بتعجب: “مَن هذا الذي جعلته في منصب أقل منك مباشرة؟” حيث إنهم كانوا في هذا المنصب سابقًا. الملائكة الآن تحت الإنسان المولود من الله في الترتيب، قبل الميلاد الثاني كان الإنسان تحت الملائكة. أول عطية وهبها الله للإنسان هو أن أعطاه “قيمة”.
يختلف معنى كلمتي “تذكره، وتفتقده” في العبري عن بعضهما. فكلمة “تذكره” تعني: مُنشغلاً به في ذهنك، تجعله طوال الوقت أمامك، تتكلم عنه باستمرار، وتعلمه، توجه عليه كل التركيز والانتباه. هدف الرب أن تنحصر في محبة المسيح، وهدف إبليس أن تنحصر في فكر العالم، فعندما تُضرب في فهم محبة الله تجد أن كل شيء في حياتك تأثر تأثير سلبي.
ليس أنت وحدك الذي عليك أن تجعل الرب محور تفكيرك، فهو من البدء جعلك محور تفكيره، أنت مهم جدًا لديه، لهذا تعجبت الملائكة وقالت: “من هو الإنسان حتى ترفعه لهذه المكانة؟” عندما رأى الله أن خطته للإنسان تتعرض للفشل بسبب ما فعله الشعب، تكلم بهذه الكلمات: “حي أنا سيجعل الأرض كلها تُمجد من خلال معرفتي ولن تفشل خطتي تجاه الإنسان وستتم حتمًا، وسينتشر مجدي في كل الأرض” هذا هو رد فعله لأنه مشغول البال بالإنسان دائمًا.
محبة الله لك هي عبارة عن أفكار مُوجهة تجاهك، طوال الوقت يتذكرك ويفكر فيك. أنت في ذهن الرب دائمًا، كل شخص على حدى وليس البشر ككل.
“نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً” (١ يوحنا ٤: ١٩). تخبرنا هذه الآية إننا نحب لأنه هو أحبنا أولاً، الأصل اليوناني يقول: “نحن نحب” وليس “نحن نحبه” فهي عامة وليس فقط قاصرة على حبنا للرب. مما يعني إنه أصبح بداخلنا خاصية محبة غريبة تشمل كل الزوايا والنواحي. يمكنك أن تحب الرب عبر أن تكون مشغولاً به باستمرار.
كلمة “تفتقده” في المعنى الأساسي لها يزور، ولكن تأتي في ترجمات وفي القاموس كالآتي: تحدد العمل عليه وتعتني به اعتناء خاص، تكثف قوتك تجاهه، تستمر في العمل عليه وتنظر إليه وتذخر كل قوتك وطاقتك تجاهه، تتعهده وتعتني به وتنظر إليه باعتناء مثل شخص يشرف على شخص آخر، وتعني أن يُخصص شخص نفسه للآخر. كل هذه المعاني بداخل كلمة تفتقده. من هو الإنسان لكي ما تنشغل به وتفتقده وتضع كل تركيزك عليه وطاقتك فيه، الإنسان هو المخلوق على صورة الله وشبهه.
ما أروع أيام الخلق فهي ترينا القوة التي ذخرها الرب في الأرض للإنسان لكي ما يجهزها له، تؤكد حالة الارتباط الشديد والاتحاد من جهة الرب بالإنسان واعتناء ضخم به، بدأت عندما أعطاه قيمة، الأمر الذي جعل الملائكة تتعجب من حبه له ومِن تركيزه الشديد عليه، وتوجيه طاقته وذهنه فيه، كل ذخيرة السماء موجهة نحوه.
ما يحدث الآن في العالم من تحقير للإنسان، مثل: أن كل شخص له حرية الاختيار أن يكون رجل أو امرأة، هذه الأمور الخطيرة حدثت بسبب مفعول الخطية، ولكثرة الإثم بردت محبة الكثيرين، لا يوجد إلا كلمة الله التي تعرفنا قيمة الإنسان، هذه القيمة مرتبطة بما صنعه الرب يسوع.
عندما تنظر لهذا الحب ترى قوة الجذب الإلهي، قالت كلمة الرب لنا “إنه بمحبة أبدية غير مشروطة سحبتك وجذبتك إليّ، وأعطيتك رحمة والتزام غير مشروط وغير متناهي، لا نهاية له!”
هناك من لغى أفكار الروح القدس من حياته تمامًا، يمكنك أن تصل لمرحلة لا تسمع فيها صوت الروح القدس وتتجاهل باستمرار قوة جذبه التي هي أقوى من الجاذبية التي نراها أمام أعيننا عبر عدم تفكيرك فيه. لا يمكن أن يقف أمام قوة حبه أي مرض أو فكرة تؤرقك من حين لآخر، إن جلست تفكر في المحبة التي تحاصرك والمُعدية لك، لن تعرف أن تمسك نفسك، هنا تكمن طاقتك حتى لا تتزعزع سريعًا من المحبة الإلهية.
ما عبر به موسى ويوسف من أحداث كان من الممكن أن تجعلهم يتركوا الرب، ولكنهم استمروا يحبونه، لأنهم فكروا وتمعنوا فيه دائمًا.
تعلم أن تقيم علاقة حميمية عمدية مع الرب الروح القدس، إن تعلمت هذا ستعرف أن تفعلها تجاه كل شيء حولك، مثل الدراسة أو العمل أو شريك الحياة. إن فتُر حبك تجاه شريك حياتك ولم تعد ترى سوى السلبيات فهذا لأنك لم تتعلم أن المحبة تشتعل عبر التفكير خاصة في الجانب الإيجابي له. وقبل كل هذا أن تفكر في الرب وفي قوته التي تعمل في حياتك.
انطق بهذه الكلمات كل يوم: “أنا مُعتنى بي، أنا محبوب منه، أنا منجذب لهذا الحب، وأتجاوب معه” حبه ليس اقتحامي، الكل محاط به حتى وإن كنت غير مدرك له، مثل تأثرنا بالجاذبية، هناك من يعي لهذا الجذب ويستفاد منه والبعض الآخر لا. قال أحد العلماء: “بدون الجاذبية لا يمكن للإنسان أن يحيا” محبة الله قوية مثل الجاذبية.
إن كنت تشعر إنك غير محبوب من الرب، هذا ناتج عن عدم معرفتك بالكلمة، قد تكون خرجت في أسرة أساءت معاملتك ولكن توجد محبة أحاطت بك لكي تستطيع سماع هذا الكلام اليوم، الروح يطرق بابك. كما قال الرب “لا أحد يقدر أن يأتي إليَّ إلا إن جذبه الآب”، كل من تبع يسوع وآمن به كان نتيجة عمل وتأثير الروح القدس.
ليس في كل مرة تكلم فيها الرب عن الآب كان يعني الآب السماوي، ففي بعض المرات كان يتكلم عن الروح القدس لأنه يعمل عمل أبوي معه، لهذا السبب قال الرب يسوع للتلاميذ: “لا أترككم يتامى” فهو أيضًا يعمل عمل أبوي، ليس لأنه أقنوم الآب ولكن لأنه اعتنى بالتلاميذ. انتبه لهذا جيدًا، أنت مُحاط بهذا الحب، باختيارك أن تُشتت عنه، أو أن تلتفت إليه بجدية وشغف عن طريق التفكير والتمعن فيه، تذكر دائمًا إنك تحت تأثير هذا الحب. هللويا.
_________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download