القائمة إغلاق

امتلىء بالنعمة – الجزء 3 Be Filled With The Grace – Part

 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا 

 

امتلىء بالنعمةالجزء 3

 

▪︎ النعمة مُتعدّدة الأوجه:

▪︎ الوجه الأول: تغيير الطبيعة الروحية للإنسان.

▪︎ الوجه الثاني: تكشف لك الصواب وتُدَرّبك عليه.

▪︎ الوجه الثالث: ترفعك وتُخرِجَك من مشاكلك.

▪︎ انتبه لئلا تسقط من النعمة!

▪︎ الوجه الرابع: تجعلك تثبت أمام الخيانة.

  

▪︎ النعمة متعددة الأوجه:-

 النعمة متعددة الأوجه والجوانب، وكل شخص يحتاج أن يفهمها لكي يستفيد منها. هي مادة الروح القدس ولمسته الظاهرة في حياتك. الروح القدس هو روح النعمة لذا كلما تعاملت معه كلما استقبلت نعمة منه، وهو لا يتحرك بمعزل عن الكلمة، لذا فأنت تحتاج أن تلتصق بالكلمة لكي تستقبل نعمة منه.

النعمة هي القوة الدافعة لتنفيذ كلمة الله، نعم كلمة الله لديها القوة الذاتية لتُحدِث ما تتكلم عنه، ولكن النعمة هي قوة الله المُنفِذة على الأرض والتي تُحدِث التغيير في حياتنا حتى دون أن نشعر. مثل القنبلة (كلمة الله) التي تحتوي على قوة لإحداث تأثير، ولكنها تحتاج لشخص (النعمة) يقوم بتشغيلها وتوظيفها في المكان الصحيح لتُحدِث التأثير المطلوب مثل فتح طريق أو شق جبل.

كتبت رسالة رومية بطريقة قانونية، وبإسلوب الحجة والبرهان. هذا الجزء مرتبط بالعظة السابقة.

١ فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ٢ الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ (نفرح فرحًا قويًا) عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. ٣ وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، ٤ وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، ٥ وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا” (رومية ٥: ١-٥).

بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِلا يقصد الرسول بولس بالضيقات الأمور التي تُصنّف طبقًا لكلمة الله لعنات، مثل أن يسقط الشخص من مرض لمرض. لكنه يقصد ما يواجهه المؤمن من تحديات يعبرها بقوة الروح القدس لكي يشق طريقه ويصل بالإنجيل للنفوس، فربما تواجه بعض التحديات في عملك تحاول منعك فتأتي النعمة وتساعدك.

▪︎ الوجه الأول للنعمة: تغيير الطبيعة الروحية للإنسان:-

سنقوم بتشبيه رسالة رومية بقصة، عناصرها: الخطية والموت في فريق، والنعمة والبر (ويسمى بالهبة أو العطية) والحياة والناموس في الفريق المقابل. نحتاج أن نفهم الناموس جيدًا وإلا سنظن عنه خطأ أنه تابع لفريق الخطية والموت. والسبب يرجع إلى أن الناموس كشف الخطية مثل المرآة التي تُظهِر حقيقة الشخص ومشكلته -أنه مولود بالخطية- ولكنه لم يستطع علاج الطبيعة الروحية، فسقط الإنسان أكثر في الخطية كلما سمِعَ الناموس إلى أن جائت النعمة وغيرت طبيعته الروحية.

كان آدم الأول (الإنسان) في البداية نفسًا حية ذات طبيعة محايدة، ليست إلهية وليست شيطانية. لكنه سقط بعد ذلك وأخذ طبيعة إبليس وأصبح مُسيطَرًا عليه من حواسه الخمس، فقد القدرة على تصليح ذاته، ربما يعرف الصح لكنه لا يستطيع فعله، فتدخل الرب سريعًا لينقذ الكوكب الذي سيطر عليه إبليس وأرسل الناموس الذي كان بمسابه نعمة الله لهم في ذلك الوقت.

جائت نعمة الرب يسوع وعالجت الطبيعة البشرية -روح الإنسان- وأعطته طبيعة مُنتجه للصح. لذا في كل مرة يتحدث بولس الرسول عن النعمة فهو يتحدث عن الميلاد الجديد والطبيعة الإلهية. وبهذا المنطلق تُعتبر النعمة أن تسلك بالصح نتيجة ما فعله الرب بداخلك، وليس أن تنتظر شيئًا يحدث لك.

أما النعمة في العهد القديم كانت قاصرة على الناموس الذي شَخّص الخطية ولم يستطع علاجها، على الرغم من ذلك إلا أنه أوقف مفعول الموت عن البشرية بمجرد دخوله للأرض.

بعد الميلاد الثاني لا نحتاج أن يفعل الرب معنا شيئًا إضافيًا إذا صرنا الروعة ذاتها ونستطيع إخراجها من داخلنا. يُنبهنا بولس الرسول عن شيء خطير وهو أن تُخدَع وتسلك كما لو كنت تحت الناموس وتحاول فِعل الصواب كشيء مُطالب تحيا به وليس كطبيعة تنتجها بتلقائية، هنا يأمرنا أن نسلك بالنعمة أي نُخرج الطبيعة الإلهية التي بداخلنا، وليس أن نعتمد ونتواكل على الرب.

١٢ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. ١٣ فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. ١٤ لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. ١٥ وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا نِعْمَةُ اللهِ، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ! ١٦ وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. ١٧ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ! ١٨ فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. ١٩ لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا. ٢٠ وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا. ٢١ حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا” (رومية ٥: ١٢-٢١).

“١٢ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُالخطية هي التي جعلت الموت يدخل للعالم.

“١٢ وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُأخطأوا من خلال آدم.

“١٣ فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ” بمعنى: أن الخطية كانت موجودة في العالم إلى أن جاء الناموس. على الرغم من أن الخطية ظلت موجودة بعد الناموس وإلى يومنا هذا لكن الرب لا يعترف بوجودها، إنما يعترف بالحل الذي أرسله وهو الناموس. كما ذكرت في سلسلة الإيمان العامل أن الرب تعامل مع لعازر أنه نائم وسيذهب ليوقظه، لأنه يرى الحقيقة فقط.

 “١٣ عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ” الناموس هنا أي كاشف. من هنا يمكنك فهم لما حُسبت خطية آدم على الرغم من أن الناموس لم يكن قد جاء بعد، لأن الناموس بالنسبة له هو ما قاله الرب “لا تأكل من شجرة معرفة الخير والشر”. الناموس معناه ضوابط ومعايير نسلك بها، وكل من لا يضع ضوابط وقوانين لنفسه هو يسلك خارج المملكة دون أن يدري.

“١٤ لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي” أي ساد الموت على كل من أخطأ مثل آدم، إلى أن جاء الناموس وأوقف مفعول الموت. ولكن لا تنسى أنه كما أخطأ آدم وأثر على من بعده، هكذا آدم الأخير سيصنع أمرًا ويؤثر على من بعده.

“١٥ وَلكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هكَذَا أَيْضًا الْهِبَةُ” نتيجة البر وتأثير آدم الأخير (الرب يسوع) أقوى بكثير بشكل لا يُقارن من نتيجة الخطية وتأثير آدم الأول ولكن للأسف لازالت الناس مقتنعة بتأثير آدم الأول.

 “١٥ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا (جدًا جدًا جدًا) نِعْمَةُ اللهِ (طبيعة البر)، وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ!” أي كانت كثيرة وأثرت على كثيرين.

“١٦ وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ” بمعنى لا يمكننا أن نقارن بين تأثير الخطية وتأثير البر ولكننا مضطرين لذلك.

“١٦ لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ” أي نتيجة ما فعله آدم أدّى للدينونة، أما هبة البر ستأتي نتيجة الخطايا الكثيرة التي فعلها البشر وتُصلِّح قلب الإنسان ليصنع الصح.

١٧ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” كما أثرت الخطية على الإنسان في فترة الأرض هكذا عطية البر ستجعله يملك هنا في فترة الأرض.

“١٨ فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِأي للتبرير الذي يؤدي للحياة. كما أثرت الخطية وجعلت الموت يدخل ويسود، هكذا ببر الواحد يسوع المسيح أخذنا حالة البر (أي التبرير ودفع ثمن الخطية، وتغيير طبيعة روحك لتُنتِج الصح) وهذه الحالة جائت نتيجة النعمة الإلهية للبشر، وهذا يقودك للحياة.

“١٩ لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هكَذَا أَيْضًا بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَارًا” كما تصدق أن آدم أثر على من بعده وجعلهم خطاه، يجب عليك أن تصدق أيضًا أن يسوع أثر على من بعده وجعلهم أبرارًا.

“٢٠ وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا” ماذا يعني الكتاب بلفظ دخل الناموس؟ استُخدِمَ اللفظ ذاته في (غلاطية ٢: ٤) عن أشخاص كنا نظن أنهم أخوة رائعين واكتشفنا أنهم أخوة كذبه.

 “وَلكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا” (غلاطية ٢: ٤).

“الْمُدْخَلِينَ” تأتي في الأصل “pareiserchomai” الشق الأول “par” تصف شيء يلصق بشيء طوال الوقت، مثل الحشرات التي تلصق نفسها بشيء آخر. الشق الثاني “eiserchomai” أجندة أو هدف. أي أن هؤلاء الإخوة دخلوا وسط الكنيسة ولهم هدف وأجندة وحاولوا لصق أنفسهم بالمؤمنين لكي يتمكنوا من بث أفكارهم الخطأ.

عندما قال بولس الرسول عن الناموس أنه “دخل” لشرح أنه دخل وله هدف وخطة ما يريد أن يسحب الناس ليعالج مشكلة الخطية. كلما فهمت وظيفة الناموس كلما اكتشفت عظمة قوة النعمة التي عالجت الطبيعة الروحية ووضعت بداخلك القوة لفعل الصواب، فلا تحاول أن تصنع الصواب وكأنه ليس بداخلك بل قم بإخراج ما بداخلك.

الناموس ليس سيئًا، لكنه شَخّص ولم يستطع أن يعالج، قدّم نصف الحل، كان وسيلة ليقود الناس للحل في يسوع. لذا قال بولس الرسول: “٣ لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، ٤ لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا، نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ” (رومية ٨: ٣، ٤).

كان الناموس عاجزًا عن تغيير الطبيعة وجعلنا نصنع الصواب، لأننا كنا خاضعين لطبيعتنا البشرية، فأرسل الله ابنه في شكل إنسان بشري لكي يحقق فينا كل ما قال عنه الناموس، وفّى فينا كل متطلبات الناموس وصنع المعجزة كاملة وأعطانا الخليقة الجديدة.

“وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا” (رومية ٥: ٢٠) أي دخل الناموس لكي تظهر بشاعة الخطية وضخامتها، ولكن على قدر ما كشف بشاعة الخطية أظهر في المقابل عظمة تأثير النعمة جدًا.

“٢١حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ، هكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا” حروف الجر في اللغة العربية هنا دقيقة جدًا. مثلما ملكت الخطية وساد الموت على الناس حتى أوقف الناموس تأثيرها، هكذا تملك النعمة عندما تفهم عطية البر، أنك مُبرر ولا يوجد عليك شكاية ومحبوب من الرب.

▪︎ يفتخر شعب الله أنهم أحضروا الناموس للعالم:-

  ١٧ هُوَذَا أَنْتَ تُسَمَّى يَهُودِيًّا، وَتَتَّكِلُ عَلَى النَّامُوسِ، وَتَفْتَخِرُ بِاللهِ، ١٨ وَتَعْرِفُ مَشِيئَتَهُ، وَتُمَيِّزُ الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، مُتَعَلِّمًا مِنَ النَّامُوسِ. ١٩ وَتَثِقُ أَنَّكَ قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ، وَنُورٌ لِلَّذِينَ فِي الظُّلْمَةِ، ٢٠ وَمُهَذِّبٌ لِلأَغْبِيَاءِ، وَمُعَلِّمٌ لِلأَطْفَالِ (الذين لا يفهمون)، وَلَكَ صُورَةُ الْعِلْمِ وَالْحَقِّ فِي النَّامُوسِ. ٢١ فَأَنْتَ إِذًا الَّذِي تُعَلِّمُ غَيْرَكَ، أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ الَّذِي تَكْرِزُ: أَنْ لاَ يُسْرَقَ، أَتَسْرِقُ؟ ٢٢ الَّذِي تَقُولُ: أَنْ لاَ يُزْنَى، أَتَزْنِي؟ الَّذِي تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ، أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟” (رومية ٢: ١٧-٢٢).

يفتخر شعب الله أنهم أحضروا الناموس للعالم وتمكنوا من إيقاف الموت، فكل ما رأيناه من انتصار حدث معهم طوال العهد القديم كان سببه وجود الناموس الذي هو جزء من الحل الإلهي ليمنعهم من الاختلاط بالعالم إلى أن أتى يسوع.

يؤكد الرسول بولس أن نظام الناموس هو أن تسعى لتفعل شيء أنت لست فيه، أما نظام النعمة هو أن تكتشف ما صرت عليه وتخرجه بسلاسة. كلا النظامين ليسوا في تضاد ولكنهم مختلفين عن بعض.

 إن كنت تتعامل بعقليه النعمة والبر عندما تواجه مشاكل في عملك أو في صحتك، فستخرج ما في داخلك من حلول بتلقائية، أما إن كنت تفكر بعقلية العهد القديم وتقرأ العهد الجديد بمنظوره ستسعى محاولاً اكتساب ما أنت عليه بالفعل فتفقده وتسقط منه، والمشكلة هنا في عدم فهمك لحقيقتك والسلوك في نورها.

ينصحنا الرسول بولس ألا نسير بنظام الناموس لكي لا نسقط من نظام النعمة، لأن طبيعة الإنسان عندما كان خاضعًا للناموس كانت ساقطه، مُسيطَر عليه من حواسه الخمس: “…وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ (حِسي) مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ” (رومية ٧: ١٤).

 الإصحاح السابع من رسالة رومية لا يتحدث عن المؤمن، فمن يفهم هذه الرسالة بجملتها باستنارة حقيقية يستحيل أن يؤمن أن هذا الإصحاح يتحدث عن المؤمن، لأن النعمة الإلهية أعطت للإنسان القدرة على صنع الصواب بينما يشرح بولس الرسول هنا معناته عن عدم قدرته على إخراج الصواب قبل ميلاده الجديد (رومية٧: ٢١). يمكنك الرجوع لمقال “رومية ٧ لا يتحدث عن المؤمن” لتفهم أكثر عن هذا الإصحاح.

▪︎ يُصَحِح الرسول بولس فخرهم بالناموس واعتمادهم عليه:-

“١ إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ، أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ ٢ كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ… وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ. ٢٠ لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ” (رومية ٣: ١-٢، ١٩-٢٠)

 كثيرًا ما يسأل الناس عن المصير الأبدي للأمم التي لم تعرف يهوه تحت ظل العهد القديم، يعتقد البعض أنهم سيحاسبون طبقًا لهذه الآية: “لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ” (رومية ٢: ١٤).

لكن كان الرسول بولس في العدد السابق يتحدث عن ما قبل مجيء الناموس، وقد سبق وشرحت أن العشر وصايا سُمِعت في العالم كله بلغاته المختلفة وقت كتابتها لموسى على الجبل، لذا ستُدان الأمم طبقًا لهذه الوصايا والعالم كله تحت قصاص الناموس.

▪︎ الوجه الثاني: تكشف لك الصواب وتُدَرّبك عليه:-

“١١ لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ، ١٢ مُعَلِّمَةً (مُدرّبة) إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ” (تيطس ٢: ١١، ١٢).

النعمة ليست حالة من التسيُب، لكنها تُدربك أن تفعل الصواب، المدرب هو مثل المُعلم الذي يخبرك بالقوانين والمبادئ العلمية ويشرح لك كيف تطبقها وإن أخطأت يقوم بتصحيحك وإرشادك للصواب، هذا هو دور النعمة وعندما تفهمه جيدًا ستُدرك المسؤولية، لأن النعمة ليست حالة من الفوضى وعدم القيام بدورك تحت غطاء النعمة سترفعني رغم تقصيري، لا فهناك مسؤولية أن نحيا بما تقوله الكلمة ونفعل دورنا!

▪︎ يشرح الرسول بولس الحل لمشكلة الخطية:-

٢٠ لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. ٢١ وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، ٢٢ بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. ٢٣ إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، ٢٤ مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، ٢٥ الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. ٢٦ لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ. ٢٧ فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى (تم إلغاءه). بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَّلاَّ. بَلْ بِنَامُوسِ (نظام) الإِيمَانِ. ٢٨ إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ. ٢٩ أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا ٣٠ لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ (الأمم) بِالإِيمَانِ. ٣١ أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ” (رومية ٣: ٢٠-٣١).

“٢٠ لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ..” لا يمكن لأي إنسان أن يتبرر بالناموس لأنه لا يستطيع تغيير الطبيعة الروحية.

“٢١ وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا (تم إثباته) لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ” ظهر الحل الإلهي بعيدًا عن الناموس، ومُثبتًا من الناموس ومشهودًا له منه.

“٢٢ بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ” عندما تقبل يسوع في حياتك تخلُص وتصير شريكًا للطبيعة الإلهية، وشرح الطريقة بأكثر تفصيلاً في (رومية ١٠: ٩-١٠). هذا البر سيناله كل مَن يؤمن بيسوع، ولا فرق بين الأممي واليهودي لأن جميعنا أخطأنا وأعوزنا مجد الله.

لا تتمادى في وصف الإنسان بصورة خطأ “أنه ضائع وخطّاء وفي حالة سيئة…” هذا ينم عن عدم فهمك لطبيعة البر، وعدم فهمك لنظرة الرب الحقيقية عن الإنسان. كم أن هذا خطير، فكلما سمعنا هذا كلما زاد سقوطنا في الخطية، كلما فهمت قيمتك في نظر الرب واغتسلت بل وتطهرت من إدانة ذاتك ولومك لنفسك كلما سلكت بالبر وفعلت الصواب.

“٢٣ إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ” يصف هنا الرسول بولس حالة الجميع -أمم ويهود- أنهم أخطئوا، فاليهودي أخطأ رغم امتلاكه للناموس، والأممي أيضًا صار تحت القصاص، لذا احتاجا كليهما لمجد الله، أما من قبل يسوع الآن فتم تمجيده من قبل الرب ولا يحتاج لمجد آخر وهذا ما قاله بولس: “وَالَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهؤُلاَءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهؤُلاَءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَالَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهؤُلاَءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا” (رومية ٨: ٣٠).

 “٣١ أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ” هل سنجعل الناموس بلا منفعة لأننا نسلك بالإيمان؟ كلا بل الإيمان بيسوع يجعلنا نحيا الناموس لأنه يغير الطبيعة فنتمكن من فعل الصواب بتلقائية.

ثم انتقل الرسول بولس في الإصحاح الرابع ليتحدث عن نوال إبراهيم للبر بالإيمان وليس بالأعمال. ثم وصل للعدد الرابع عشر وقال:

“١٤ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِينَ مِنَ النَّامُوسِ هُمْ وَرَثَةً، فَقَدْ تَعَطَّلَ الإِيمَانُ وَبَطَلَ الْوَعْدُ” يؤكد بولس الرسول هنا لو كان البر والخلاص بالناموس وحده لتعطل وعد الله وبطل الإيمان، لأن من قال لا تزن فعل الأمر ذاته، حتى أنّ حامل الناموس “موسى” فور نزوله من الجبل قام بتكسير لوحي الشرعة قبل أن يشرحها للشعب.

“١٦ لِهذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ، كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ، لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيدًا لِجَمِيعِ النَّسْلِ…” احتاج الخلاص لنزول يسوع المسيح -الإله الكامل والإنسان الكامل- للأرض ليحل مشكلة الخطية، ليكون الوعد وطيدًا لكل النسل.

▪︎ الوجه الثالث: النعمة ترفعك وتُخرِجك من مشاكلك:-

“١٠ وَأَنْقَذَهُ مِنْ جَمِيعِ ضِيقَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ نِعْمَةً وَحِكْمَةً أَمَامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَقَامَهُ مُدَبِّرًا عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ بَيْتِهِ. ١١ «ثُمَّ أَتَى جُوعٌ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ وَكَنْعَانَ، وَضِيقٌ عَظِيمٌ، فَكَانَ آبَاؤُنَا لاَ يَجِدُونَ قُوتًا” (أعمال الرسل ٧: ١٠، ١١).

عملت النعمة الإلهية في حياة يوسف حتى عندما خانه أقرب الأشخاص وبيع عبدًا في بيت فوطيفار رفعته النعمة وجعلته رئيس الخدم، إلى أن ظلمته زوجة فوطيفار ودخل سجنًا مُشددًا مُخصصًا لأبشع المجرمين مع الساقي والخباز، لكن لم يستمر الحال طويلاً حتى وجد نعمة في عين الحارس وصار مسؤولاً عن السجن مع أن هذا لا يحدث مع أحد، ثم بعد حين استدعاه الملك صارت الناس تخدمه بسرعة وقاموا بحلق ذقنه وجهّزوه لهذا اللقاء.

لم يجلس يوسف ليفكر في كم الإزاء الذي تعرض له والخيانة، لكنه نظر للروح القدس عزيز يعقوب، حتى دفعته النعمة للأمام. وكلما سقط في مشكلة يجد حلاً نهائيًا لها. فوصل به الأمر في النهاية أن قال إخوته له: “ليتنا نجد نعمة في عينيك!” واو الآن صار موزعًا للنعمة!

▪︎ انتبه لئلا تسقط من النعمة!

” ١ فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. ٢ هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! ٣ لكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. ٤ قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ” (غلاطية ٥: ١-٤).

إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ” أي إن سلكتم بناموس موسى محاولين فعل الصواب وكأنه ليس فيكم، ستكونون ملتزمين أن تسلكوا بكل الناموس. لا يضاد بولس الرسول مبدأ الناموس، فهو قال من سيسلك بالنعمة يثبت الناموس (رومية ٣: ٣١)، لكن إن ظللت تفكر بعقلية الناموس “أنا خاطي، وأحتاج للتغيير و…” ستسقط من النعمة وتقع من المسيح!

كان بولس الرسول حازمًا في تعليمه، إما تحيا بالإيمان بالنعمة أو تسلك بالناموس، وإن سلكت بالنموس ستسقط من عمل يسوع. ربما نتعجب من موقف بولس هذا ونريد أن نسأله: “لماذا كل هذا التشديد، لم يفعل اليهود مع أهل غلاطية شيئًا خاطئًا سوى أن أخبروهم عن موسى والناموس، وكله كلمة ربنا!!” لكن لا فنظام العهد القديم يختلف عن العهد الجديد، ومن يسلك بالنموس سيُبطل عمل يسوع.

قرأت كُتبًا روحية غير دقيقة كتابيًا هي ما إلا اجتهادات بشرية خلطت بين العهد القديم مع الجديد، فتحت عيني على عالم الروح والأرواح الشريرة ومواصفاتها وما تصنعه، وعلى اللعنات المتوارثة ووجوب كسرها، ينغي أن تتوب على خطايا الأجداد، كل هذا قادني أن أتورط في عالم الروح السلبي حتى ظهرت استعلانات لأرواح شريرة في حياتي اعتقدت أنها حرب.

 لكنِّها ليست حربًا بل سلوكًا بالناموس! كان لها “اسم يسوع” ظاهريًا ولكن محتواها وقلبها هو فكر عهد قديم “ناموس”. ليس لكون الكلام يُذكَر فيه اسم يسوع يكون صحيحًا، بل يجب أن يحتوي التعليم على فِكر ومبادئ ومفاهيم العهد الجديد لكي تقبله وتحيا به.

لكن بعدها بوقت أدركت عبر دراستي للكلمة ومناقشات الروح القدس أنه لا داعي لكسر حصون أو كسر لعنات متوارثة حيث أن الرب يسوع والرسُل من بعده لم يفعلوا هذا، بل فرضوا سلطانهم وأطلقوا كلمات مملؤة قوة غيرت الظروف وأوجدت حلولاً للمواقف. فعرفت أنه ينبغي عليّ أن أدرك النعمة وأبحر فيها بالإيمان فأغير عالمي من حولي.

▪︎ الوجه الرابع: النعمة تجعلك تثبت أمام الخيانة:-

هناك أشخاص ظهروا أنهم إخوة لكن لهم خططًا وأغراض شخصية، ربما بدأوا بقلب رائع لكنهم انتهوا بنهاية سيئة. مثل يهوذا الإسخريوطي الذي كان رائعًا في البداية حتى امتلأ بالأفكار الشريرة وانقلب على الرب في النهاية، ومن ضمن هؤلاء الإخوة الكذبة هو ديماس.

“٩ بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا، ١٠ لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ وَذَهَبَ إِلَى تَسَالُونِيكِي، وَكِرِيسْكِيسَ إِلَى غَلاَطِيَّةَ، وَتِيطُسَ إِلَى دَلْمَاطِيَّةَ. ١٤ إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. ١٥ فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضًا، لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدًّا. ١٦ فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. ١٧ وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ. ١٨ وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ” (٢ تيموثاوس ٤: ٩، ١٠، ١٤-١٨).

طلب بولس الرسول من تيموثاوس أن يأتي مسرعًا جدًا له، والسبب لأن ديماس تركه لأنه أحب العالم وذهب إلى تسالونيكي المدينة الغنية. كان ديماس عنيفًا في تركه، وعامله بصورة خشنة. فعل هذا بطريقة غير لائقة ومفاجأة، أراد به الشر.

ثم أيضًا إسكندر النحاس عاملة بصورة سيئة وأراد به شرًا، ومن بعدها عبر بولس الرسول على مجموعة من القضايا والمحاكمات ولم يقف معه أحدًا، وتحكي بعض المراجع إنه رُميَ أمام الأسود وأنقذَ بطريقة معجزية وفي ظل كل هذا ظهرت نعمة لله لدعمه وقف الرب معه وقواه، طلب بولس من تيموثاوس أن يأتي ليس لأنه منهكًا مما يعبر به ولكن لأنه أحتاج لمن يساعد في العمل معه.

“يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ، وَدِيمَاسُ” (كولوسي ٤: ١٤).

جائت في الأصل الحبيب لوقا والحبيب ديماس فهي مرتبطة بالإثنين. ولفظ حبيب أي له معزة خاصة له مكانة. ذكر بولس عن ديماس أنه حبيب، هذا الشخص كان قريبًا جدًا له في يوم من الأيام.

“وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي” (فيليمون ١: ٢٤).

تقابل الرسول بولس مع أنسيمس في أحد السجون وعرف قصته مع سيده فيليمون، فكتب جواب لفيليمون وارسله بيد أنسيمس، وفي النهاية تكلم معه عن ديماس بمعزة وذكر أنه واحد من العاملون معه مثله مثل لوقا.

بناءً على هذا الحق يمكنك أن تعبر في أشرس المواقف بقوة حتى وإن كنت بمفردك أو أن المواقف تزداد شراسة أمامك فالنعمة تدعمك كما دعمت يوسف ورفعته للقمة في أي مشكلة عبر بها حتى وصل لقمة مصر. هذا هي النعمة التي تعمل في حياتك، لا تسقط منها عبر سلوكك بعقلية الناموس بل عش بادراك ما أنت عليه.

 سقط ديماس من النعمة تحت ضغط الاضطهادات وبدأ يتراجع حتى قال: “كفى اضطهادات وسجون” مع إنه كان مستمتعًا بها في يوم من الأيام أثناء سيره مع بولس الرسول وخدمته معه. كتب رسالة كلوسي وهذا يعني إنه فاهم هذا الحق جيدًا لأنه كان يسأل بولس ويتعلم منه، كان صديقًا لبولس! لكنه سقط من النعمة، هذا ليس لأن النعمة ليست كافية أو قليلة لكن لأنه أغوى وأغرى بأفكار.

ربما يتحول شخص ليصبح مكتئبًا بعد أن كان فرحًا، والسبب هو الإغواء والإغراء بأفكار خاطئة يظن صاحبها أنها صحيحة. فأخطر شيء هو أن تعتقد أنك على صواب حتى وإن كنت مستندًا على آيات كتابية، فربما يكون هنا آيات أخرى لست مُلمًا بها، لذا افسِح المجال دائمًا لقبول التصحيح فكرامتك هنا أن تسمع لما يقال لك من كلمة الله حتى وإن كانت على فم حيوان مثل حمار بلعام.

“…الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” (رومية ٥: ١٧).

ستحدث أمور عظيمة جدًا في الوقت القادم، فقط استقبل فيض “أي شلالات” من النعمة، احضر وعاءً لتستقبل فيه، لكي تملك في هذه الحياة وتسود نتيجة عمل وقوة الروح القدس.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$