إن دراسة طبيعة الإنسان الثلاثية –الروح والنفس والجسد– هي واحدة من أكثر المواضيع التي شغلتني دائمًا. لذلك بحثت جديًا لأعرف الفرق بين الثلاثة. من السهل أن تميز بين الجسد والاثنين الآخرين، لكن من الصعب أحيانًا أن تُفرِّق بين الروح والنفس. وحده الكتاب المقدس يقدر أن يفعل ذلك. وفيما عداه، يسود عدم فهم في هذا الموضوع. حتى أنه قد تم تقديم الكثير من التعليم الخاطئ من فوق منابر الوعظ.
لقد درست لمدة سنوات الكتب المستخدمة في مختلف كليات اللاهوت عن دراسة الإنسان، وذلك في بحثي عن الحق في هذا الأمر. كما درست الكتب التي تحوي تعاليم مدارس “الإنجيل الكامل”. وحصلت على الكتب التي استخدمتها الطائفة التي كنت أنتمي إليها قبلاً. لكني لم أجد اكتفاءً من كل تلك. إذ استندوا جميعًا على تعاليم أشخاصٍ وليس على الكتاب المقدس.
كذلك تحدثت مع بعض أقدر معلمي الكتاب في هيئة “الإنجيل الكامل”. وتحدثت مع بعض ممَن حصلوا على درجات الدكتوراه في اللاهوت. وكان من المدهش كيف أن معظمهم عرف القليل عن موضوع روح الإنسان ونفسه وجسده.
قال لي البعض: “ظننت دائمًا أن الروح والنفس هما نفس الشيء. وقد وعظت عنهما دائمًا بهذه الطريقة”. لكني أوضحت لهم أنه لا يمكن أن يكونا واحدًا. وإلا فلماذا يقول الكتاب: “كَلِمَةُ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ. إنَّهَا أَمضَى مِنْ أَيِّ سَيفٍ ذِي حَدَّيْنِ، تَختَرِقَ الحُدودَ الفَاصِلَةَ بَينَ النَّفسِ وَالرُّوحِ” (عبرانيين 4: 12)؟ وإن كانا كلاهما ذات الشيء، لما كان بولس قد قال: “وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (1 تسالونيكي 5: 23 فان دايك).
كما أنه ليس كتابيًا قولنا أن الجسد والنفس هما واحدٌ، كذلك فأنه ليس كتابيًا قولنا أن الروح والنفس هما واحدٌ. إذ هم في الحقيقة ثلاثة أشياء مختلفة تمامًا.
بعد كثير من الصلاة والدراسة على مدى فترة طويلة من الوقت، وصلت إلى استنتاجات عن طبيعة الإنسان الثلاثية في هذا الصدد. علمت دون جدال أننا نتصل بالعالم عن طريق الجسد المادي. إذ أن نطاق عمل الجسد هو في العالم المادي، ولا أحد يختلف في هذا الأمر. وبعد ذلك، رأيت أن روح الإنسان هي التي تتصل بالله، لأن الله روح. والروح وحدها هي التي تستطيع أن تتصل بروح. والميلاد الجديد هو ولادة ثانية لروح الإنسان، ﻷن يسوع أخبر نيقوديموس قائلاً: “يَنبَغِي أَنْ تُوْلَدُوا ثَانِيَةً” (يوحنا 3: 7). ولكون نيقوديموس طبيعيًا، استطاع أن يفكر بالفطرة وحسب، لذا قال: “كَيْفَ يُمْكِنُ لأَِحَدٍ أَنْ يُوْلَدَ ثَانِيَةً وَهُوَ عَجُوْزٌ؟ أَيُمكِنُهُ أَنْ يَدخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُوْلَدَ؟” (ع 4). أجابه يسوع: “أَقُوْلُ الحَقَّ لَكَ: يَنبَغِي أَنْ يُوْلَدَ الإنسَانُ مِنَ المَاءِ وَالرُّوْحِ، وَإلاَّ فَلَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوْتَ اللهِ” (ع 6).
عندئذٍ قررت أنني سأذهب في جولة خلال العهد الجديد بأكمله، لأنظر ماذا قال بولس وباقي الرسل عن هذا الموضوع. وجدت حيث قال بولس في رومية 2: 28 و29: “لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا، بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ. (فان دايك).
ثم نقرأ في كورنثوس الأولى 14: 14، “لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُصَلِّي بِلِسَانٍ، فَرُوحِي تُصَلِّي…”. وتقول الترجمة الموسعة Amplified “… فروحي [بواسطة الروح القدس داخلي] تصلَّي…”. قال بولس أيضًا في عدد 18، “أَشْكُرُ إِلهِي أَنِّي أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِكُمْ”. من هذا نرى أن بولس استخدم كلمتي “روحي” و “أنا” بالتبادل.
إذًا نحن نتصل بالعالم المادي من خلال الجسد، ونتصل بالعالم الروحي من خلال الروح.. مما يترك أمامنا النفس وحدها لنحددها.
من خلال النفس نتصل بالعالم الفكري. وهذا بالطبع تعريف بسيط إلى أقصى درجة. وبينما نتقدم أكثر في دراستنا لهذا الموضوع، سنبحث فيه بصورة أكثر عمقًا. لكننا في هذا الفصل نضع الأساس وحسب.
باختصار، ثالوث الإنسان هو:
1- الروح: البعد الذي يتعامل مع العالم الروحي. وهو الجانب من الإنسان الذي يعرف الله.
2- النفس: البعد الذي يتعامل مع العالم الفكري.. ذهن الإنسان. وهو الجانب الذي يفكر ويدرك.
3- الجسد: البعد الذي يتعامل مع العالم المادي. وهو المنزل الذي نحيا فيه.
لذا أود أن تبدأ في التفكير في نفسك بضوء جديد. لا تعتبر نفسك كيانًا ماديًا وحسب. بل اعتبر نفسك كيانًا روحيًا يمتلك نفسًا ويحيا في جسد.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.
شكرا لكم على هذا التوضيح
شكرا لكم على هذا التوضيح والرب يبارككم