حلقة: نفيليم
برنامج: من البداية للنهاية
لمشاهدة الحلقة على الفيس بوك أضغط هنا
لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب
لسماع الحلقة على الساوند كلاود
برنامج من البداية للنهاية
(راديو الحق المغير للحياة).
الحلقة الحادية عشر: النيفيليم
تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.
- خطة إبليس: من الفكر إلى السيطرة الكاملة.
- ساحة المعركة: الأرض والأرواح الشريرة.
- تكوين ٦: النيفليم والاتحاد الغامض.
- هل يمكن للملائكة أن تتجسد؟
- من هم “أبناء الله”؟ الأدلة الكتابية.
- أسئلة وتوضيحات حول طبيعة الملائكة الساقطة.
- القضاء الإلهي على الملائكة الساقطة ونسلهم.
- التطبيق الروحي والنصرة في يسوع اليوم.
ملخص الرحلة السابقة: من السقوط إلى سيطرة الفكر
هذه المحطة هي محطة مهمة جدًا لأن لها علاقة وثيقة بأواخر الأيام التي نعيشها.
المحطات التي عبرناها كانت كثيرة؛ بدأنا من محطة وجود الملائكة وتواجد السماء والأرض، إلى أن وصلنا إلى محطة وجود الإنسان. ثم مررنا بمحطة نزول، وهي سقوط الإنسان واستقلاليته عن الله. ثم محطة نزول أكثر انحدارًا، حين قتل قايين أخاه هابيل. ثم نزول أعمق، عندما استقل قايين تمامًا عن الله وأنشأ مدينة خاصة به، وقد تكلمنا عنها في الحلقات الماضية تحت اسم “ايون وكوزموس”، وشرحنا كيف زرع إبليس طريقة تفكيره داخل النسل البشري.
خطة إبليس: من الفكر إلى السيطرة الكاملة:
إن إبليس لم يكن مكتفيًا بمجرد هذا الجزء، فهو لا يريد فقط أن يضع فكره داخل عقول البشر على الأرض، لكنه يريد أيضًا أن يصل إلى مرحلة أبعد من مجرد وضع فكرة.
أدعوك أن تفهم هذا جيدًا… يمكنني أن أسيطر على شخص عبر السيطرة على فكره، ولكن هناك مستوى أعلى من السيطرة، وهو أن أدخل بيته وأجلس معه؛ عندها سأسيطر عليه سيطرة أكبر. لن تكون سيطرتي مقتصرة على فكره وقراراته، بل سيصبح بالكامل تحت يدي. هذا هو بالضبط ما سعى إبليس لفعله، من خلال فهمه للمبادئ الإلهية.
- مبدأ السلطان الأرضي
لقد وضع الرب مبدأً إلهيًا، وهو أن من يسود على الأرض هو الإنسان، وليس أي كائن آخر. لهذا السبب، لم يقل الله: “لنسود نحن على الأرض ونتسلط”، بل قال للإنسان، بعد أن باركهم: “أَثْمِرُوا وَٱكْثُرُوا وَٱمْلَأُوا ٱلْأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا… ” تكوين ١: ٢٨. فمن يتسلط على الأرض يجب أن يكون إنسانًا، يجب أن يكون له جسد.
وإبليس يفهم هذا الأمر جيدًا. حتى عندما أراد أن يدخل من خلال جسد، دخل من خلال الحية؛ لم يستطع أن يتحرك بشكل طبيعي. كان من اللازم لأي كائن يريد أن يكون له تحرك شرعي في الأرض أن يمتلك جسدًا، وإلا فلن يستطيع أن يتحرك. لهذا السبب قال إيليا لأليشع: “اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أُوخَذَ منك”، لأنه كان يعلم أنه بمجرد أن يُسحب إلى السماء، سينتهي وجوده الشرعي في الأرض، وبالتالي سينتهي عمله ولن يستطيع أن يفعل شيئًا. فأي شخص له حق العمل على الأرض، هو من يمتلك جسدًا.
- أمانة الله والتزامه بكلمته
إبليس يفهم هذا القانون جيدًا، ويفهم أن الله ملتزم بقانونه. إن الله إله رائع ومستقيم وأمين. فعندما يقول داود: “لِأَنَّكَ قَدْ عَظَّمْتَ كَلِمَتَكَ عَلَى كُلِّ ٱسْمِكَ“ (مزمور 138:2)، فما معنى هذا؟ الاسم يساوي شخصية صاحبه، فقوله “عظَّمت كلمتك على كل اسمك” يعني أن الله قد أعلى ورفع الكلمة فوق شخصيته، كأنه يقول: “أنا أنزل تحت كلمتي وأصير ملتزمًا بها، فما أقوله، أنا نفسي لن أتخطاه”.
ولأن إبليس يفهم هذا الأمر، فهو يعلم أن الله – مع جزيل احترامنا – لا يستطيع أن يفعل شيئًا وهو يرى آدم وحواء يخطئان، لأن الله مستقيم وملتزم بقانونه. لأنه لو كسر قانونه، لما عاد هو الله، ولما استحق ثقتنا. لذلك، دخل إبليس عبر وجود جسد، وهو الحية في ذلك الوقت، ليغوي الإنسان.
- الخطة الإلهية المضادة
لم يكن غرض إبليس مجرد وضع فكرة في الأرض، لكن كما أن الله يريد أن يُنشئ عائلة، فإبليس بنفس الطريقة يريد أن يُنشئ عائلة موازية؛ يريد أن يُفسد العمل الإلهي. لكن الله لم يسكت. فكونه ملتزمًا بالقانون وشخصًا محترمًا ولطيفًا (Gentle)، فهذا لا يعني أنه سيسكت. توجه الله إلى إبليس أو إلى الحية، وبينما كان يوجه كلامه، كان يقول لحواء ما معناه: “من نفس الشخص الذي تم من خلاله السقوط والإغواء، أنتِ يا حواء، سآخذ منكِ جسدًا وسأدخل به إلى الأرض لأهزم إبليس”. فكما دخل إبليس بجسد عبر الحية، قال الله نفسه لحواء إنه سيأخذ منها جسدًا ليدخل إلى الأرض بطريقة شرعية، ويهزم هذا العدو الذي هزم الإنسان.
ساحة المعركة: الأرض والأرواح الشريرة:
نحن نتحدث عن كيف يحاول إبليس ليس فقط أن يضع فكرة، ولكن أيضًا أن يُحكم قبضته بأن يجعل الملعب مفتوحًا للأرواح الشريرة. لقد فتح آدم الباب، فدخلت الخطية، وبالخطية الموت، ودخلت معها أعداد هائلة من الأرواح الشريرة التي بدأت تعمل في الأرض وتفعل ما تشاء.
وصل الأمر لدرجة أننا رأينا في العهد الجديد أن الشيطان طلب من يسوع أن يأذن له بالدخول في حيوانات. فهو لا يريد أن يسكن الإنسان فقط، بل وصلت شهوته إلى حد التساؤل: “ماذا فعل لك الحيوان؟ وماذا ستستفيد منه؟”. إنه يريد أن يتحكم في كل شيء، كل شيء يصبح تحت يده. ورأينا أن تلك الخنازير، عندما دخلت فيها الأرواح، لم تحتمل أن تظل طبيعية، لدرجة أنها ألقت بنفسها من فوق الجرف في قصة لجئون.
إبليس يفهم أيضًا أن له وقتًا معينًا، لذلك تحدى يسوع وقال: “أَجِئْتَ إلى هُنَا قَبْلَ ٱلْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟“. هو يعلم أن له وقتًا، وأن الأرض لها وقت آخر، وأن الله سيعود ليستلمها من الإنسان مرة أخرى. فكل محاولات إبليس هي محاولات خاصة تهدف إلى السيطرة على الإنسان.
العالم لا يسير فقط بفكر شيطاني إبليسي (الذي تكلمنا عنه في “ايون وكوزموس”)، بل إن هناك أرواحًا شريرة بدأت تدخل وتضع أيديها على البشر.
- السكنى والسيطرة الجسدية
تحدث هذه السيطرة إما عن طريق “السكنى”، أي أن تسكن الأرواح داخل البشر، أو قد تتجاوز مجرد السكنى لتمسك بأعضاء معينة في جسم الإنسان. لقد رأينا الرب يسوع يشفي المرأة المنحنية التي كان فيها “روح ضعف”، ثم ربط ذلك الشيطان، قائلاً إن الشيطان هو من ربطها. لم تكن المشكلة في ظهر تلك المرأة مشكلة في العمود الفقري أو في العضلات، بل تبين أنها كانت “مسكة شيطانية” تمسك شيئًا في جسم الإنسان. فهو يمد يديه… نعم، أصبح له أيادٍ ووجود.
افهم هذا جيدًا… لكي أتحرك في الأرض، أنا أحتاج إلى جسد. إبليس لن يستطيع أن يتحرك بدون جسد. هو يحاول أن يبث أفكارًا، لكن لكي يعبر عن نفسه بطريقة كبيرة، فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذي من خلاله يستطيع إبليس أن يعبر عن نفسه بالكامل. نعم، عن ردائته وكراهيته وظلمه وخطاياه. والإنسان هو أيضًا الكائن الوحيد الذي يستطيع الله من خلاله أن يعبر عن نفسه بالكامل.
يا له من أمر عجيب!
تمهيد: قراءة جديدة لسفر التكوين الإصحاحين الرابع والخامس
محطتنا اليوم تقع في تكوين الإصحاح السادس، ولكن دعنا نمر سريعًا على تكوين الإصحاح الرابع. لقد تكلمنا في المرة الماضية عن قايين والمدينة التي بناها. في آخر جزء من تكوين ٤، بعد موت هابيل، وُلِد لشيث أيضًا ابن، فدعا اسمه أنوش. ثم تقول الآية: “حِينَئِذٍ ٱبْتُدِئَ أَنْ يُدْعَى بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ.” تكوين ٤: ٢٦.
- بداية الوثنية تكوين ٤
هذه الآية تبدو في معناها الظاهري، أو لمن يقرأها هكذا، وكأن الناس في ذلك الوقت بدأوا ينادون على الله ويرجعون إليه. لكن شرح هذه الآية، حسب الأصل العبري، وفي ترجمات أخرى، يوضح عكس ذلك تمامًا. لم يبدأ الناس في مناداة الله، بل بدأت العبادة الوثنية؛ بدأوا يصنعون لأنفسهم آلهة ويلقبونها بالألقاب الإلهية. وهذا عكس المعنى الذي وصل إلينا. فالذي يقرأها سيشعر إما أن أنوش بدأ يُسمى على اسم الرب، أو أن الناس في ذلك الوقت بدأوا ينادون الرب ويرجعون إليه. لا، النص لا يقول هذا، بل يقول إن القبضة الإبليسية بدأت تتحرك أكثر وأكثر، لدرجة أن الناس أصبح لهم آلهة وأوثان، وأصبح لهم “رب”، وسموه باسم الرب، باسم الله. فمن يعبد الشمس، ومن يعبد أشياء أخرى… كل هذا أطلقوا عليه الأسماء الإلهية. فأصبح لإبليس استحواذ أكبر. - نور في الظلمة: أخنوخ تكوين ٥
ولكن في وسط هذه الظلمة، كانت هناك بقية من أناس رائعين يسيرون مع الرب؛ لم ينجرف الجميع إلى صف إبليس. ففي الإصحاح الذي يليه، تكوين ٥، نقرأ عن سلسلة من أناس جميلين، ونصل إلى أخنوخ، أحد أروع الشخصيات. قال عنه الكتاب: “وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ ٱللهِ“. بعد ٣٦٥ سنة، ترك أخنوخ الأرض وتحرك منها، وهو يمثل صورة وإشارة إلى أن الناس الذين يسيرون مع الرب سيتحركون قريبًا من الأرض في حدث الاختطاف.
أخنوخ لم يمت، لكنه أُخذ من الأرض حيًا، وهذا هو معنى الاختطاف. عندما يتحدث الكتاب عن النور الذي كان موجودًا في الأرض آنذاك، فهذه هي الصورة الرائعة لمن كانوا في صف الله.
انتبه! الناس يفهمون الاختطاف بشكل خاطئ؛ فعندما نجد شبابًا كثيرين يموتون، نقول “هذا اختطاف”. لا يوجد هذا التعريف في الكتاب. عندما يقول أحدهم هذا، من المهم أن يسأل نفسه: “من أين أتيت بهذه الفكرة؟”. ففي وسط موجة من الموت، قد يظن البعض أن الاختطاف قد حدث. لا، الاختطاف هو أخذ الشخص حيًا من الأرض. بولس قال إنه أُخذ إلى الفردوس حيًا، ثم عاد مرة أخرى. هكذا أُخذ أخنوخ حيًا إلى السماء، وإيليا أيضًا أُخذ حيًا. هذا هو الاختطاف. وهذا ما قاله بولس في تسالونيكي الأولى ٤، أننا “سنُخطف”، وليس أن الشخص يموت. فلو مات وقام، فهذه قيامة، لكن الاختطاف هو سحبه حيًا من الأرض.
فأخنوخ هنا من الناس الرائعين الذين رأينا كيف نُقِل ولم يوجد. ويوضح لنا كاتب رسالة العبرانيين كيف فعل ذلك. وهذا ما شرحه لنا القس رامز عن كيفية حدوث الاختطاف: لا يوجد شيء إلهي يتم غصبًا عن الإنسان. ليس الأمر أن الله سيفعل ما يشاء بينما أنا جالس ساكت، وكأنه يقول “سأفعلها”، فيفعلها. لقد تعلمنا أن هذا الإله، على قدر ما هو مهوب، فهو على نفس القدر من الذوق والاحترام؛ لا يفعل شيئًا باقتحام لإرادة الإنسان.
لذلك، أضاف كاتب رسالة العبرانيين معلومة مهمة. فعندما نقرأ في سفر التكوين: “وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ ٱللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ ٱللهَ أَخَذَهُ“، يقول في “بِٱلْإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ“ (عبرانيين ١١: ٥) إذن، كيف حدث ذلك؟ لقد حدث عبر إيمان أخنوخ. هكذا سيتم الاختطاف، عبر إيمان الشخص. سيعرف كيف يسمع صوت البوق، الذي هو صوت داخلي وليس بوقًا عاليًا، سيسمعه في داخله، ويبدأ في التحرك من الأرض.
تكوين ٦: النيفليم والاتحاد الغامض:
ثم نأتي إلى تكوين ٦. بعد أن انتهينا من تكوين ١، ٢، ٣، ٤، و٥، نصل إلى تكوين ٦. سأقرأ هذه الآيات سريعًا، فهي الآيات المحورية في حلقتنا، ومنها سنعرف معنى كلمة “نفليم”.
نعم، نريد أن نفهمها بكل تفاصيلها، فالعنوان ثقيل، ونريد أن نفهم ما المقصود به. كلمة “نفليم” أو “نفيل” هي كلمة عبرية.
يقول تكوين ٦:
1 وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ 2أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأُوا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا. 3فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ. لِزَيَغَانِهِ هُوَ بَشَرٌ وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً». 4كَانَ فِي الأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْضاً إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَداً هَؤُلاَءِ هُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ ذَوُو اسْمٍ. 5وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. 6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ». 8وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 9هَذِهِ مَوَالِيدُ نُوحٍ: كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارّاً كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ.
من يقرأ القصة بشكل عادي يشعر أنها تحكي عن أناس تزوجوا من أناس آخرين. لكن من هم هؤلاء؟ ولماذا فعلوا ذلك؟ لدينا أسئلة كثيرة بعد قراءة هذا الجزء، ونريد أن نفصصه جزءًا جزءًا.
قبل أن نفند النص، دعنا نتوقف عند عدد ٤، عندما يقول: “كَانَ فِي ٱلْأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ“. كلمة “طغاة” هنا هي في العبري “نفليم” (Nephilim).
- التفسيرات الثلاثة لهوية “أبناء الله“
من هم هؤلاء الذين يتحدث عنهم تكوين ٦، والذين سماهم “أبناء الله” وتزوجوا “بنات الناس”؟ هناك عدة آراء.
- ملائكة ساقطة: هذا التفسير يقول إن “أبناء الله” هم ملائكة ساقطة تزوجوا من نساء بشريات على الأرض، أي أن عالم الروح تزاوج مع العالم المادي. وهذا قد يجعلك تشعر بأننا دخلنا في فيلم خيال علمي، لكن الحقيقة أن الخيال العلمي مستوحى من الكتاب المقدس، لأن هذا قد حدث فعليًا.
- رجال أقوياء وقضاة: تفسير آخر يقول إن كلمة “أبناء الله” تعني الرجال الأقوياء، الجبابرة، أو القضاة.
- نسل شيث ونسل قايين: تفسير ثالث يقول إن “أبناء الله” هم نسل شيث (النسل الصالح)، و”بنات الناس” هن نسل قايين (النسل الشرير)، وعندما تزوجوا، أنجبوا نسلًا غير صالح، وهم “الطغاة” أو “النفليم”. استند البعض إلى هذا الرأي لأن تكوين ٤ تحدث عن سلسلة نسب قايين، ثم تكوين ٥ تحدث عن سلسلة نسب شيث، فظنوا أن تكوين ٦ يروي قصة اختلاط هذين النسلين.
- لماذا التفسيران الثاني والثالث غير دقيقين؟
في الحقيقة، النص لا يقصد ذلك. لماذا الرأيان الثاني والثالث (القضاة، أو نسل شيث وقايين) غير صحيحين كتابيًا؟ لعدة أسباب:
- ظهور نسل غريب: النص يقول إنه عندما تزوجوا، ظهر نسل يُدعى “العمالقة” أو “الطغاة” (النفليم). وهذا غريب، فلماذا لا يتكرر هذا الأمر اليوم؟ هناك أناس صالحون يتزوجون من أشرار، فلماذا حدث هذا في ذلك الوقت فقط؟ كأنها كانت حادثة فريدة لم تتكرر. وهل من الطبيعي أن ينتجوا عمالقة؟ هذا سؤال مهم. هل من الطبيعي أن أي شخصين يتزوجان ينتجان نسلًا غريبًا؟ كأن الكتاب يريد أن يلفت انتباهنا إلى أن شيئًا غريبًا قد حدث، ولهذا السبب ظهر نسل غير طبيعي.
- مخالفة المبدأ الإلهي: هذا الأمر يتعارض مع المبدأ الإلهي في تكوين ١، وهو أن البذرة تُخرج من نفس نوعها. فالإنسان يُنجب إنسانًا طبيعيًا. هنا، يتحدث النص عن أناس غير طبيعيين، نسل غريب. هذا يجعلنا نفكر: هل هؤلاء كانوا أناسًا عاديين؟ بالتأكيد لا. ولم يكن الأمر مجرد مرض “العملاقة” في الطب، فالبعض قد يظن أنه يتحدث عن شخص طويل القامة. لا، نحن نعرف أطوالهم لاحقًا عندما تحدث عنهم موسى، وقال إنهم كانوا طوال القامة مثل أرز لبنان. كانت أطوالهم ضخمة وكبيرة، والحفريات الكثيرة الآن بدأت تُظهر هذا بوضوح، مع محاولات إخفاء هذه الحقائق وتصويرها على أنها كائنات فضائية.
- عدم تكرار الحادثة: لو كانت هذه مجرد حادثة زواج عادية، فلماذا لا تتكرر في أيامنا هذه؟ لماذا لا نرى اليوم أناسًا ينتجون نسلًا غريبًا مثل هذا؟ هذا يؤكد أن الذين تزاوجوا مع البشر لم يكونوا أناسًا طبيعيين.
- مشكلة منطقية: هل هذا يعني أن شيث أنجب ذكورًا فقط، وقايين أنجب إناثًا فقط؟ هذا ليس صحيحًا.
- الطوفان الشامل: القول بأن “أبناء الله” هم نسل شيث الأبرار، و”بنات الناس” هن نسل قايين الأشرار، هو أيضًا غير صحيح، لأن الطوفان أهلك جميع الناس ولم يتبقَ سوى ثمانية أشخاص على وجه الأرض كلها، وهم نوح وعائلته.
- حجم القضاء الإلهي: عندما تجد أن هناك طوفانًا يقضي على كل الأرض، ولا يتبقى سوى ثمانية أشخاص، فأنت تدرك أن ما حدث لم يكن شيئًا طبيعيًا، لدرجة أنه استدعى تدخلًا إلهيًا فوريًا وغير عادي. فعندما تكون هناك مشكلة في بلد ما، قد تتدخل الشرطة العادية، لكن عندما تكون المشكلة ضخمة، تتدخل القوات الخاصة. لماذا كان هناك تحرك إلهي فوري وقوي؟ لو كان الأمر مجرد قضاء، لكان يمكن أن يكون على جزء من الناس المخطئين. وما هو الخطأ الفادح في أن يتزوج اثنان من بعضهما البعض؟ هو يتحدث هنا عن نسل تزوج من نسل آخر، فأين الخطأ في ذلك؟ اليوم، أليس هناك مؤمنون يتزوجون من خطاة؟ هل يُنجبون نسلًا غريبًا؟ بالطبع لا. الرسول بولس حذر من هذا الأمر، لكن عندما يتزوج مؤمن من غير مؤمن، فإنهما يُنجبان نسلًا عاديًا. كل هذا يوقفنا أمام حادثة كتابية مهمة، يريد الكتاب أن يخبرنا شيئًا، لكننا ربما لأننا لا نقرأ الكتاب بخلفيته وثقافته، نقرأه بثقافتنا الحالية، فتبدو لنا هذه الأمور غريبة.
- دقة الألفاظ الكتابية: لو كان الكتاب يريد أن يقول إن هؤلاء هم نسل شيث، لكان قد قالها صراحةً، ولن يتردد. لكن الكتاب سماهم بلفظ “بنو الله“ (“ابناء إيلوهيم” בְנֵי־הָאֱלֹהִים- “بني هاإلوهيم)، أي “أبناء إلوهيم”. و”بنات الناس” في الأصل هي “بنات آدم) “ “Banot-Ha-Adam” בְּנוֹת הָאָדָם(. كأنه يريد أن يوضح أن كل لفظ كان مقصودًا به معناه الحرفي. “بنو الله” هم أناس خارجون من الله مباشرة، و”بنات الناس” هن من البشر العاديين المنحدرين من آدم. لقد اختار هذين اللفظين ليصنع هذا الفرق.
إثبات التفسير الأول: الملائكة الساقطة وإشكالية الزواج
إذن، نحن الآن أمام الاحتمال الأول الذي لم نثبته بعد، وهو أن “أبناء الله” هم ملائكة ساقطة تزوجوا مع البشر. لكن هنا يظهر السؤال الذي طرحتِه: ألم يقل الكتاب إن الملائكة “لَا يُزَوِّجُونَ وَلَا يُزَوَّجُونَ“؟ هذه هي المعضلة.
لقد قال الرب يسوع هذا فعلاً في (متى ٢٢: ٣٠ وما بعده، عندما أرادوا أن يوقعوا به ليثبتوا له عدم وجود قيامة. اخترعوا له معضلة، وقالوا له إنه كانت هناك امرأة تزوجت سبعة إخوة وماتوا جميعًا، فسألوه: في القيامة، لمن منهم تكون زوجة؟ فكان رد الرب يسوع في الجزء الخاص بالملائكة من إنجيل لوقا:
“٣٤ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ هَذَا ٱلدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ، ٣٥ وَلَكِنَّ ٱلَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلًا لِلْحُصُولِ عَلَى ذَلِكَ ٱلدَّهْرِ وَٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، لَا يُزَوِّجُونَ وَلَا يُزَوَّجُونَ، ٣٦ إِذْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ مِثْلُ ٱلْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ ٱللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ ٱلْقِيَامَةِ.” لوقا ٢٠: ٣٤-٣٦.
- فك المعضلة
هنا تكمن المشكلة التي قد تواجهنا. فبينما قلنا إن التفسير الأول هو أن ملائكة ساقطة تزوجت مع البشر، يأتي الرب يسوع هنا ليقول إن الناس في القيامة سيكونون مثل الملائكة، لا يتزوجون. فهل هذا يعني أن الاحتمال الأول قد سقط؟
في الحقيقة، كان غرض الرب يسوع هنا هو الإجابة على المعضلة التي طرحوها عليه. أراد أن يقول لهم إن المبادئ في القيامة تتغير. على الأرض، أنت تحتاج إلى الزواج للحفاظ على النسل، لكن في القيامة، لستَ بحاجة إلى ذلك. هل الملائكة تحتاج إلى الحفاظ على نسلها؟ هل سيأتي وقت يموتون فيه، فيحتاجون للزواج لإنجاب ملائكة صغار يكملون العائلة؟ كان الرب يسوع يجيب على هذه النقطة تحديدًا.
لاحظ جيدًا… لقد استخدم الرب يسوع لفظين دقيقين جدًا. قال: “كَمَلَائِكَةِ ٱللهِ“، وفي متى قال: “كَمَلَائِكَةِ ٱللهِ فِي ٱلسَّمَاءِ”. هو يتحدث عن نوع معين من الملائكة، النوع الرائع، وليس الملائكة الذين ارتكبوا هذه الجريمة التي اعتبرها الله جريمة وتدخل بسببها بقضاء فوري. فهناك ملائكة أشرار ساقطون. لذلك، لا يمكن أن نأخذ من هذه الآية دليلاً ونقول إن كل الملائكة لا تتزوج.
هل يمكن للملائكة أن تتجسد؟
نعم، هذه هي الطريقة التي تم بها التزاوج في تكوين ٦؛ لقد تجسدت الملائكة.
أتذكر في حلقة سابقة عندما تكلمنا عن الملائكة، علمنا القس رامز أنهم ليسوا كما يتخيلهم الناس دائمًا، كأطفال صغار بأجنحة بيضاء. الكتاب المقدس يوضح ذلك.
- في إنجيل مرقس ١٦: ٥، عندما ذهبت المريمات إلى القبر، يقول الكتاب: “وَلَمَّا دَخَلْنَ ٱلْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا…”. لقد كان شكله شكل شاب عادي. وعندما نكمل القراءة، نعرف أن هذا الشخص كان ملاكًا.
- الملائكة في الكتاب تطبخ. لقد أُرسل ملاك إلى إيليا وطبخ له وجبة طعام، وبقوة تلك الأكلة استطاع أن يسير.
- في، يقول الكتاب تعبيرًا مهمًا جدًا: “لَا تَنْسَوْا إِضَافَةَ ٱلْغُرَبَاءِ، لِأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلَائِكَةً وَهُمْ لَا يَدْرُونَ.” عبرانيين ١٣: ٢.
- في تكوين ١٨، رفع إبراهيم عينيه ورأى ثلاثة رجال واقفين لديه. وعندما نكمل القصة، نعرف أنهم أكلوا معه تحت الشجرة. ثم نكتشف أن واحدًا منهم كان الرب نفسه، والاثنين الآخرين كانا ملاكين. تحركا من عند إبراهيم وذهبا إلى سدوم، فاستضافهما لوط في بيته. وحدث أمر غريب، وهو أن كل أهل سدوم قاموا على هذين الاثنين وأرادوا أن “يعرفوهما”، أي أن يضطجعوا معهما ويمارسوا الجنس.
لقد تكرر أمر تزاوج الملائكة مع البشر مرة أخرى بعد الطوفان. لم يحدث فقط في وقت نوح. وهذا ما تشير إليه الآية في تكوين ٦: ٤: “كَانَ فِي ٱلْأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا…”. هذا يعني أن الأمر حدث مرة أخرى. كان هذا النسل نسلًا مهجنًا، شيطانيًا، نتج عن اتحاد ملائكة ساقطة مع بشر، لأن المرأة بإمكانها أن تعطي الجسد.
لماذا تجسد الله من عذراء؟ طبيعة الملائكة والجسد
وهذا هو جواب السؤال الذي طُرح علينا اليوم. لهذا السبب تجسد الرب يسوع، الله، من خلال عذراء. أم هل العذراء مريم هي التي أعطت الروح ليسوع؟ الجواب هو: لا. المرأة عند اليهود، وهذا أمر كتابي، يؤمنون بأنها بإمكانها أن تُعطي الجسد؛ هي تُعطي الإناء الذي هو الجسد، أما الرجل، لدى اليهود، فهو الذي يهب الحياة.
ولكن، أوضح لنا القس رامز هذه النقطة بمزيد من الوضوح، وهذا الأمر تكرر مرة أخرى. من هنا، يمكننا أن نفهم أن الملائكة تقدر أن تتجسد، وتقدر أن تمشي، وتقدر أن تفعل أمورًا مختلفة.
خدمة الملائكة المستمرة على الأرض
وهذا الأمر ليس مرتبطًا بالزمن الأول فقط أو بالصليب، بل هو مستمر إلى الآن. إلى الآن، من الممكن أن يقابل شخصٌ ملاكًا في طريقه وهو لا يعرف. هناك أناس يقولون إنهم تلقوا مساعدة، وفجأة لم يجدوا الشخص الذي ساعدهم؛ يساعدهم ثم يلتفتون للبحث عنه فلا يجدونه. إلى الآن، عمل الملائكة ما زال موجودًا في الأرض ولم يتوقف. بل على العكس، لقد ازداد في الأيام الأخيرة. وكما علمنا القس رامز، هناك عمل ملائكي سريع جدًا مع الذين يعرفون عن دور الملائكة، لأن جزءًا من خدمتهم، أو جزءًا مما يفعلونه، هو أن يخدموا المؤمنين. هم خدام، بحسب رسالة العبرانيين الإصحاح الأول، وليسوا أسيادًا، هم خدام.
“١٤ أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ ٱلْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا ٱلْخَلَاصَ!”. عبرانيين ١: ١٤.
فهم موجودون ليساعدوا، هذه هي وظيفتهم الآن. لكننا هنا نتحدث عن النوع السلبي، الملائكة الساقطة، التي بدأت تتخذ من هذا الأمر فرصة. وكما قلنا، هي استخدمت الإمكانيات التي كانت لديها، لكنها فعلت ذلك بشكل خاطئ، أليس كذلك؟ ولهذا السبب، حدث قضاء فوري في ذلك الوقت على هؤلاء الملائكة. وهكذا، عندما نمشي في كل الكتاب المقدس، سنجد ملائكة كثيرين تجسدوا ورآهم الناس بوضوح. ودائمًا ما كان يُقصد بلفظ “أبناء الله” الملائكة.
من هم “أبناء الله”؟ الأدلة الكتابية:
وهنا يأتي الإثبات. لقد كنا قد وضعنا هذا الاحتمال في مقدمة قائمة الاحتمالات. نعم، وقلنا إن الاحتمالين الآخرين، وهما أنهم بشر عاديون تزوجوا، وجدنا أنهما غير كتابيين. ما الذي يجعل الاحتمال الأول كتابيًا أيضًا؟ هو أن نفس اللفظ، “بنو الله”، عندما نبحث في مسار الكلمة، نجد أنه استُخدم حوالي خمس مرات في الكتاب المقدس. خمس مرات:
على سبيل المثال، الشواهد في سفر أيوب الإصحاح الأول، تكلم عن “بني الله” كانوا مجتمعين، وعندما نقرأ سفر أيوب، نكتشف أنه يروي لنا مشهدًا في عالم الروح، وأن “بني الله” هؤلاء كانوا ملائكة.
- “٦ وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو ٱللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَجَاءَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ” أيوب ١: ٦.
- (انظر أيضًا أيوب ٢: ١
وأيضًا في (أيوب ٣٨: ٧، عن “بني الله” الذين هتفوا عندما صنع الله الأرض الجميلة للإنسان، كانت الملائكة تهلل وتهتف في ذلك الوقت. هم يروا الأرض الجميلة والله يبدع في صنعها لأجل الإنسان القادم.
نجد هذا اللفظ أيضًا في:
- دانيال ٣: ٢٥ و٢٨
- مزمور ٢٩: ١
- مزمور ٨٩: ٦-٧
هذه هي الأمور التي تخبرنا أن لفظ “بنو الله” عندما استُخدم في الكتاب المقدس، استُخدم للإشارة إلى الملائكة، ولم يُستخدم للإشارة إلى مجرد بشر. من هنا، يمكننا أن نفهم أن تكوين ٦ يتحدث عن حادثة غريبة: ملائكة فعلًا.
التفسير التاريخي والثقافي
هذه حادثة غريبة. كما أن عدة ترجمات، منها الترجمة السبعينية، أوردت هذا الشاهد على أنهم ملائكة وليسوا بشرًا. وهكذا فعلت ترجمات إنجليزية كثيرة.
أيضًا، شرح لنا القس رامز كيف يفهم اليهود هذا الأمر من خلال خلفيتهم. فالكتاب المقدس كتبه في الأساس أناس عبرانيون في معظمهم، فمن المهم أن أفهم خلفيتهم هم عندما كانوا يكتبون، لا أن أفسره بخلفيتي أنا، أو بخلفيتي أنا في القرن الذي أعيش فيه، أو بالطريقة التي أفكر بها. لا، من المهم أن أرجع وأرى كيف كان هو يفهمها وقتها، وماذا كانت تعني له في ذلك الزمن. عندما نرجع إلى الذين يفسرون ويشرحون، وهم ليسوا مسيحيين بعد، هم يهود لم يقبلوا الرب يسوع بعد، نجدهم يفسرون هذا بأن أولئك كانوا ملائكة ساقطة. هم يفهمون هذا جيدًا، ويشرحونه أيضًا.
كل الأساطير التي يسمع عنها الناس، في الأساطير اليونانية والإغريقية وكل هذه الأشياء، عن “أنصاف الآلهة” و”هرقل” والأشياء التي كان الناس يسمعون عنها، و”زيوس” وأبنائه الذين كانوا نصف إله ونصف إنسان، هذه الأمور كان لها وجود حرفي وفعلي. حتى بعض العلامات التجارية المشهورة، مثل ستاربكس وغيرها، لو نظرنا إلى شعارها، سنجد أنه يُمثل أحد “النفليم”.
لأنه عندما قال الكتاب إنهم “ٱتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا ٱخْتَارُوا” تكوين ٦: ٢، فإن الأمر لم يقتصر على النساء فقط لأخذ أجساد، بل وصل إلى تهجين الحيوانات نفسها، فأصبحت شيئًا غريبًا. لهذا السبب، عندما تجد الرسومات على المعابد والأساطير والأشياء الأخرى، التي يعتبرها الناس مجرد أساطير، لا، في الحقيقة كانت هناك أشياء حقيقية منها. هي في الحقيقة ما هي إلا… إبليس لا يحافظ على النوع، بل يُدخل كل شيء في بعضه، ويعمل تشويشًا في كل الأشياء الموجودة وكل الكائنات. ولهذا حذرهم الرب قائلًا: “احترس، لا تقم بخلط الحيوانات مع بعضها البعض، أي الأنواع المختلفة، وتدمجها معًا. لا تُفسد النوع، بل حافظ على النوع.”
ما هو نتاج هذا الاتحاد الشيطاني؟
إذًا، ما الذي نتج عن ذلك؟ لقد فهمنا الآن كيف حدث الأمر ومِن مَن، لكن ما هو نتاج هذا؟
الناتج هو أن إبليس مُقتحم طوال الوقت. من الغريب أن تسمع أن ملاكًا يريد أن يُفسد الإنسان أو يسكن فيه. لم نسمع أن الملاك ميخائيل يريد أن يسكن في إنسان بشري. الله قد قصر هذا الأمر عليه هو، لأنه يريد أن يتحد بالإنسان. أما إبليس، فيريد أن يكسر هذا، أن يقتحم الإنسان لدرجة أنه يريد أن يُفسد النسل البشري. هذا مشروع غير شرعي طوال الوقت.
نعم، هذا حقيقي. هو يريد أن يُفسد النسل الإلهي، لا يريده أن يكتمل. هو يتذكر الكلام الذي قاله الله في الجنة عندما قال لحواء (أنتِ يا حواء التي أغويتِها ودخلت منكِ المشكلة والخطية)، فقال لحواء، وكأنه يتحدى إبليس أيضًا: “أنت استخدمتَ حواء لتُسقط النسل البشري على الأرض، وأنا أيضًا سأستخدم جسدًا من خلال حواء، “نَسْلُ ٱلْمَرْأَةِ يَسْحَقُ رَأْسَ ٱلْحَيَّة”ِ. فإبليس يفهم هذا، ويريد أن يعطل هذا الأمر. كيف؟ سيفسد نسل المرأة، أي كل البشر الموجودين، من خلال جعل ملائكة ساقطة تتحد بهم وتتزوج معهم، فيُخرجون نسلًا هجينًا.
صفات النسل الهجين وتأثيره*
سنعرف مواصفات هذا النسل بعد قليل. له مواصفات قوية، فهو عملاق وجبار، وفي ذلك الوقت كانت هناك حروب تستدعي وجودهم ليسودوا ويتسلطوا. كانوا يُصدرون أصواتًا ويرعبون الأرض ويخيفون الناس.
لقد بُنيت أشياء ضخمة، مبانٍ ضخمة وعملاقة حقًا، لا يستطيع الإنسان بقدرته الطبيعية أن يبنيها. لا بد من وجود أناس، لا بل لنقل “النفليم”، هؤلاء البشر الهجين بين عالم الروح. لا ترتعب من هذا الأمر. لا تستبعد أن عالم الروح يمكن أن يندمج مع العالم المادي. فكِّر فيها: الله نفسه، وهو روح، اندمج مع العالم المادي ودخل وتجسد. يسوع! كيف جاء يسوع؟ لم يكن له أب، بل جاء من عذراء. “اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ” لوقا ١: ٣٥. إبليس يستخدم نفس الخطة، لكن بطريقة يُفسدها، بطريقة اقتحامية، بطريقة فيها شر وفساد، لأنه لا يريد للإنسان أن يظل إنسانًا، بل يريد أن يُفسد الإنسان.
دائمًا ما يأخذ إبليس الصورة الجميلة التي كان هدف الله منها منذ البداية، ويقوم بتشويهها وإفسادها.
حروب العهد القديم والدينونة على النسل الهجين:
عندما تنظر إلى حروب العهد القديم، وتنظر إلى أناسٍ قُتلوا، اعرف جيدًا: يوجد أناس تكلم الرب عنهم وقال إنهم لا يُقتلون، ويوجد أناس كان لا بد أن يُقتلوا هم وأطفالهم. لماذا؟ لأنه كان قد حصل تزاوج بين الأرواح الشريرة والنساء، فنتج عن ذلك أناس “نفليم”، عماليق. وكان هناك سبعة أنواع من العماليق، ووصل بهم الأمر إلى التزاوج حتى مع النباتات والحيوانات. وهذا الكلام موجود في كلمة الله، حتى بعد زمن نوح. وكان قضاؤهم هو السيف في ذلك الوقت، لأن هذا ليس بشرًا يمكن أن يخلص، هذا ليس بشرًا، بل هو مهجن. ولهذا السبب، من سيأخذ سمة الوحش فيما بعد سيكون مهجنًا، لأنه يتم التلاعب في إرادة الإنسان، وفي تفكير الإنسان، وفي تكوين الإنسان. وبالتالي، يقول الكتاب إن الذي سيأخذ العلامة سيهلك.
إذًا، عندما نتعامل مع هذا الأمر وننظر إلى شعب هزم العماليق، فهو قد هزم كائنات طولها ليس عاديًا، وقوتها الجسمانية ليست عادية، وسنوات عمرها ليست عادية. عندما ترجع وتدرس وترى “النفليم”، وترى أنه تم التلاعب في جيناتهم، وجماجمهم الطويلة، وكل هذه الأمور التي تم إخفاؤها فيما بعد تحت مسمى “كائنات فضائية”، لكنها حقائق. في ذلك الوقت، هم هزموا كائنات لا يمكن أن تُهزم بقوة
أسئلة وتوضيحات حول طبيعة الملائكة الساقطة:
من أين أتى إبليس بالجسد؟
كيف قام إبليس بهذا التزاوج وهو من غير جسد؟ الجواب هو: في الحقيقة، ليس إبليس هو الذي فعل ذلك. بل هم ملائكة ساقطة. الملائكة الساقطة جميعهم يندرجون تحت رئاسة إبليس، وفئة منهم هي التي قامت بهذا الفعل.
هل لإبليس جسد؟ الكتاب يكلمنا في كورنثوس الأولى الإصحاح ١٥ عن شيء اسمه الأجساد السماوية (Celestial Bodies)، أي أجساد روحية. حتى الملائكة كان لها أجساد سماوية، لكن جسدها ليس مرئيًا.
ولكن هل هذا هو الجسد الذي تزوجوا به؟ لا، ليس هذا هو الذي تزوجوا به. سنعرف الآن بأي شيء تزوجوا. عندما أخبرنا بطرس ويهوذا أنهم “تركوا مسكنهم“، هذه الكلمة “مسكنهم” في اليونانية هي نفس الكلمة التي استُخدمت عن الجسد. كأن شخصًا قد ترك جسده. لإبليس جسد روحي، وللملائكة الذين تحته أيضًا.
مرة أخرى، مع العلم أن إبليس ليس هو الذي فعل ذلك، لكن هؤلاء الملائكة الذين هم تحت رئاسة إبليس، تركوا هذا الجسد الروحي، وبدأوا يتخذون جسدًا آخر من الأرض. لقد رأينا الآن في الكتاب كيف كانت الملائكة تتجسد وتتمشى وتأكل، لدرجة أنهم أكلوا مع إبراهيم، وأكلوا عند لوط أيضًا عندما قدم لهم طعامًا. فالملائكة لديها إمكانية أن تتخذ جسدًا. فكأنهم تنازلوا عن مكانتهم — وهم جميعًا أشرار — تنازلوا عن مكانتهم وبدأوا يتخذون هذا الجسد ليمكنهم من إقامة علاقة مع البشر، وإصدار شيء غريب وهجين للبشر. فالطفل المولود الذي يخرج لا يكون طبيعيًا، بل يصبح “نفيليم” أو “نفيل” الذي نتحدث عنه، لم يعد بشريًا عاديًا.
وقد أخبرنا الكتاب بصفات عن هذا “النفيل”، وفهمنا غرض إبليس ولماذا يفعل ذلك. ما الفكرة؟ هل هو يلعب؟ لا، هو لا يلعب. هو يفهم النسل الإلهي، ويفهم أن الذي سيسحق رأس الحية سيأتي من هذا النسل، فقال: “أسرع ودمر هذا النسل!”. لقد حاول مرارًا وتكرارًا بهذه القصة التي نتحدث عنها، وحاول من خلال قتل النسل اليهودي طوال الوقت، كما رأينا مثلًا محاولات لقتل موسى، ومحاولات لقتل يسوع عندما جاء إلى الأرض وكيف هاج هيرودس. هو طوال الوقت يتتبع ويريد أن يمنع مجيء هذا النسل إلى الأرض، النسل الإلهي الذي هو يسوع، الذي سيقضي على إبليس ويهزمه هو وكل الأرواح الشريرة التي تحته.
“أليس هو روحًا؟” الملائكة لديها القدرة على التجسد، لكن إبليس لم يفعل هذا. إبليس لديه جسد روحي ولم يترك جسده، لأن الملائكة التي تركت جسدها الروحي واتخذت أجسادًا بشرية، حلّ عليهم قضاء سنعرفه بعد قليل.
توضيحات كتابية: “بنو الله”، “دخل عليها”، وزواج قايين
هناك بعض الأسئلة الإضافية: في البداية كان آدم وحواء وقايين وهابيل، فكيف يقول الكتاب “عرف قايين امرأة” مع أنه لم يكن هناك أحد آخر؟ وسؤال آخر تكملة له: “الرجاء توضيح المعنى الأصلي لكلمة ‘دخل’، لأنه لم يقل ‘عاشر‘”.
سأبدأ من النقطة الأخيرة أولًا. لماذا يُسمى الملائكة الساقطة “بني الله”؟ إن تعبير “بني الله” هو تعبير عام وواسع، ولا يعني فقط المعنى الإيجابي الذي يتبادر إلى أذهاننا دائمًا، أي أن كل “بني الله” صالحون. لأنه، على سبيل المثال، إذا رجعنا إلى سفر أيوب ١: ٦، نجده يتحدث عن “بني الله” وهم مجتمعون، وجاء إبليس في وسطهم. فهذا معنى شائع لدى اليهود: “بنو الله” أي كل من هو صادر عن الإله، بغض النظر عمن هو، فاللفظ لا يحدد إن كان صالحًا أم طالحًا.
قد تحدث هذه الحيرة لأن لفظ “الملائكة” دائمًا ما يُقال عنه إنه شيء جميل ولطيف وخاص بالله، ولكن عندما يرتبط الأمر بحقيقة أن إبليس هو ملاك ساقط، فربما هذا ما يسبب اللغط. فكرة: كيف سُموا “أولاد الله”؟ الملائكة عامةً يُسمون “بنو الله” لأنهم خارجون من الله، حتى وإن كان قد سقط منهم من سقط بعد ذلك. آدم كان ساقطًا وسُمي في إنجيل لوقا الإصحاح ٣ بأنه “ابن الله”، مع أنه كان ساقطًا، لكنه صادر من الإله. فالملائكة عامةً يُطلق عليهم هذا اللقب: هم الخارجون من الإله.
نأتي للسؤال عن “دخل عليها“، ولماذا لم يقلها بوضوح. السبب هو وجود استخدامات كثيرة للكلمات. فعندما يقول مثلًا في تكوين ٦ إن “بني الله دخلوا على بنات الناس”، فهذا تعبير شائع ومفهوم منه المقصود، تمامًا كما كان الكتاب يقول: “وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ ٱمْرَأَتَهُ، فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ” تكوين ٤: ١. “عرف” لا تعني أنه سألها: “ما اسمك؟ تعالي نتعرف على بعض”. “عرف” تعني أن علاقة زوجية قد حدثت بينهما، ومن خلالها جاء نسل. هكذا كلمة “دخل”، هي أيضًا تعبير يهودي يعني أن تزاوجًا قد حدث بينهما. وهذا ما يقابله في لغتنا الآن “الدُّخلة”. على سبيل المثال:
- “٢١ ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ لِلابَانَ: «أَعْطِنِي ٱمْرَأَتِي لأَنَّ أَيَّامِي قَدْ كَمُلَتْ، فَأَدْخُلَ عَلَيْهَا»”. تكوين ٢٩: ٢١
- “٢٣ وَكَانَ فِي ٱلْمَسَاءِ أَنَّهُ أَخَذَ لَيْئَةَ ٱبْنَتَهُ وَأَتَى بِهَا إِلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا”. تكوين ٢٩: ٢٣
فهذه تعبيرات متعارف عليها، وليس من اللازم أن يُذكر اللفظ حرفيًا. تمامًا مثل “عرف آدم امرأته”، لم يقل إن آدم تزاوج مع حواء، لكنه وصفها بلفظ آخر.
الآن نأتي للسؤال: “لو في البداية كان آدم وحواء وقايين وهابيل، فكيف يقول الكتاب إنه عرف قايين امرأة ولم يكن هناك أحد آخر؟“
في تكوين الإصحاح ٥، آدم هو “آدم الأول”، والكتاب سمى يسوع “آدم الأخير”. هذا يعني أنه لم يكن هناك إنسان قبل آدم، ولم يقم الله بصنع أناس آخرين مع آدم. كان هو آدم، ومن خلاله أتى كل النسل البشري، ومن خلال النسل البشري حُملت الخطية. هكذا مثلًا يقول تكوين ٥: ٣-٤:
“٣ وَعَاشَ آدَمُ مِئَةً وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ وَلَدًا عَلَى شَبَهِهِ كَصُورَتِهِ وَدَعَا ٱسْمَهُ شِيثًا. ٤ وَكَانَتْ أَيَّامُ آدَمَ بَعْدَ مَا وَلَدَ شِيثًا ثَمَانِيَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ”.
إذًا، كان لآدم بنون وبنات. فمن تزوج قايين؟ من المرجح جدًا أنه تزوج واحدة من أخواته. لم تكن هناك شريعة في ذلك الوقت تمنع هذا الأمر، فقد كانوا هم الأوائل الموجودين على الأرض. هذا لا يعني أن قايين تزوج من نسل آخر أو أناس آخرين غير نسل آدم. لا، آدم هو البداية، هو حجر الأساس في الأرض الذي تفرعت منه كل الأشياء.
القضاء الإلهي على الملائكة الساقطة ونسلهم:
سؤال آخر مرتبط بما سبق: “يعني هذا أنهم لبسوا أجسادًا بشرية ساقطة؟“
نعم، لقد اتخذوا أجسادًا بشرية. أيًا كانت الطريقة التي فعلوا بها ذلك، فإننا نفهم كتابيًا أن الملائكة لديها القدرة على أن تتخذ جسدًا بشريًا. هناك بعض الناس الذين فسروا الأمر بأنهم تلبسوا أناسًا، وهؤلاء الناس هم من قاموا بالفعل. هذا وارد، لكن الكتاب تكلم عن أنهم هم أنفسهم لديهم القدرة على اتخاذ جسد بشري.
فسواء كانت هذه الطريقة أو تلك، فإن الهدف في النهاية قد تم، أي أنه وصل إلى غرضه في إفساد النسل البشري، وإفساد العمل الإلهي في الأرض، وتعطيل مجيء يسوع. ولهذا السبب، تم قضاء فوري بالطوفان.
لماذا قضى الله على العالم كله في ذلك الوقت؟
الناس تتساءل في هذه الجزئية: لماذا يتم قضاء فوري على العالم في ذلك الوقت؟ نوح نفسه، عندما يتحدث عنه الكتاب، يقول إنه كان “رَجُلًا بَارًّا كَامِلًا فِي أَجْيَالِهِ” تكوين ٦: ٩. كلمة “كامل” هنا في العبرية هي “Tamim” (תָּמִים)، وهي نفس الكلمة التي كانت تُقال عن الذبائح عندما كان الرب يقول لهم: “قدموا ذبيحة بلا عيب، لا يكون فيها أي خطأ”.
نوح نفسه وعائلته كانوا هم الذين لم يتم تهجينهم ولم يتلوثوا بالأشياء الخاطئة التي كانت تحدث. ولهذا السبب، كان هناك بالتأكيد محاولة لأن يحدث مع نوح مثلما حدث مع الآخرين، وكان من الممكن أن يضيع النسل البشري كله لولا أن هذا الرجل سار مع الرب، فأنقذه الرب عبر إيمانه من خلال الفلك. فنوح نفسه لم يكن هجينًا. عندما يقول الكتاب “كامل”، أي أنه كان نقيًا، تمامًا مثل الحيوان الذي يُقدم كذبيحة، أي أن جيناته كانت بشرية مئة بالمئة، لم تتلوث.
ولماذا يرتبط هذا بالأيام الأخيرة؟ لأنه في الأيام الأخيرة، تكلم الكتاب عن ضد المسيح عندما سيأتي، وسيسعى ألا يجعل البشر بشرًا عاديين. قد يكون شكلهم من الخارج بشريًا، لن يكونوا طوال القامة وعمالقة مثل أولئك القدماء، لكنهم سيكونون بشرًا عاديين، لكن جيناتهم قد تم التلاعب بها وتغييرها، فلم يعودوا بشرًا عاديين. وهذا ما يحدث فعلًا في الكرتون، فهو يعرض هذه الأشياء من الأساطير، والناس لا تعرف أن هذه الأشياء كانت حقيقية في الأساس.
ما الذي حدث لهم كعقوبة؟
الملائكة أنفسهم الذين فعلوا ذلك، تم قضاء عليهم. لقد حُبسوا. نعم، حُبسوا من غير انتظار، لأنهم كانوا يلوثون ويلعبون في شيء مهم في الأرض، كانوا يلعبون في الإنسان نفسه، في الخليقة التي صنعها الرب أصلًا ليسكن فيها. حتى الحيوانات نفسها، حصل لها اختلاط مع الأرواح الشريرة.
العقوبة التي حلت على الملائكة في ذلك الوقت، يذكرها (يهوذا ١: ٦ قائلًا:
“٦ وَٱلْمَلَائِكَةُ ٱلَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ، حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ ٱلْيَوْمِ ٱلْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ ٱلظَّلَامِ”.
إذًا، هو يتحدث هنا عن نوع مقيد. نحن نعلم أن الشياطين ليست مقيدة، بل هي تتحرك. الروح الذي يعمل، هو يعمل. إذًا، هناك نوع مقيد، وهم هؤلاء الذين ارتكبوا هذا الفعل. كلمة “مسكنهم” المذكورة هنا هي نفس الكلمة اليونانية المذكورة في كورنثوس الثانية ٥: ٢. وهاتان هما المرتان الوحيدتان اللتان ذُكرت فيهما الكلمة في العهد الجديد. وفي كورنثوس، كانت كلمة “مسكننا” تشير إلى الجسد، الجسد الممجد الذي سنلبسه. وهنا ذُكرت عنهم أنهم “تركوا مسكنهم”، أي تركوا جسدهم، الجسد الروحي للملائكة، هيئتهم الروحية، وبدأوا يتدنون ليتزاوجوا مع البشر. فصدر قرار بحبسهم بقيود أبدية تحت الظلام.
هل هذا التزاوج يحدث الآن؟
نعم، يحدث ولكن بطريقة مختلفة. في نفس رسالة يهوذا، ربط يهوذا ما حدث مع الملائكة بأمر آخر، فيقول:
“٧ كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَٱلْمُدُنَ ٱلَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيقٍ مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ…“.
هو يريد أن يقول: كما فعلت هذه الملائكة وذهبت لتتزاوج مع البشر، كذلك فعلت سدوم وعمورة نفس الفعلة، فحصل قضاء على الملائكة، وحصل قضاء على سدوم وعمورة. ففي تكوين ٦، كانت الملائكة الساقطة هي التي بدأت تدنيس الجنس البشري. أما في سدوم، فحدث العكس، كان البشر هم من يسعون إلى ذلك.
وفي رسالة بطرس الثانية ٢: ٤ يقول:
“٤ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ ٱللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلَائِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِي سَلَاسِلِ ٱلظَّلَامِ طَرَحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَسَلَّمَهُمْ مَحْرُوسِينَ لِلْقَضَاءِ”.
هناك ملائكة تكلم عنهم الكتاب أنهم جند السماء، تم قضاء عليهم. وتشير هذه الآية أيضًا إلى نفس نوع الملائكة الذين بدأوا يتزاوجون مع البشر. لقد وُضعوا محروسين في مكان خاص في الهاوية، في قسم يُدعى “Tartarus” (طرطروس)، وهو سجن شديد الحراسة. تمامًا كما يكون هناك مجرم شديد الإجرام، فلا يُوضع في سجن عادي، بل في سجن شديد الحراسة، هكذا وُضعوا هم في مكان خاص بسبب شراستهم ورغبتهم في تلويث الجنس البشري.
وماذا عن القضاء على “النفليم” أنفسهم؟
القضاء الذي حل على “النفليم”، أي الناس الذين نتجوا عن هذا التزاوج، تم بالطوفان. وهذا يفسر لماذا فعل الله شيئًا كهذا. لو كانت مجرد غلطة من بعض الناس في ذلك الوقت، لكان من الممكن أن يتم قضاء على مجموعة معينة فقط. فلماذا تم قضاء فوري على كل الأرض، لدرجة أنه لم ينجُ إلا ثمانية أشخاص فقط؟ هذا أمر غريب يجعلنا نفكر: لماذا فعل الله ذلك؟ إن لم يكن لأن كل النسل الذي كان يخرج هو نسل هجين وشرير وغير طبيعي، فحصل قضاء في ذلك الوقت.
لقد تكرر الأمر بعد ذلك أيضًا (تكوين ٦: ٤). لماذا تكرر؟ لأننا نجد هذه الشعوب ذات المواصفات الغريبة موجودة بعد ذلك في أرض كنعان. عندما ذهب الجواسيس، قالوا: “وَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ ٱلْجَبَابِرَةَ، بَنِي عَنَاقٍ مِنَ ٱلْجَبَابِرَةِ” عدد ١٣: ٣٣. وهذه هي المرة الثانية التي يُذكر فيها لفظ “نفيل” في العبرية. قالوا: “رأينا العمالقة هناك، رأينا بني عناق”. هؤلاء أناس كانت أحجامهم ضخمة فعلًا.
من أين أتوا وقد تم حبس الملائكة؟
مجموعة أخرى بدأت تتزاوج مع البشر، بالإضافة إلى أن البشر أصبح لهم سعي لهذا الأمر، كما حدث في سدوم، حيث كانوا هم من يسعون وراء الملائكة ليتزوجوا معهم. لقد انفتح عقل الإنسان على عالم الروح، ولكن بطريقة خاطئة، سعيًا وراء القوة والسيطرة. وهذا أيضًا يفهمنا لماذا كان هناك قضاء على الشعوب في ذلك الوقت، وكان الرب يقول لهم: “حرموا كل شيء، لا تتركوا أحدًا، لا أطفالًا، ولا حتى الحيوانات ولا الشجر”. لماذا؟ لأن كل ذلك قد تلوث، لم يعد شيئًا طبيعيًا.
وفي خروج ١٧، تكلم الرب وقال: “لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ” خروج ١٧: ١٦.
جليات لم يكن شخصًا عاديًا. فبحسب التقليد اليهودي، جدته هي عرفة، التي بعد أن تركت نعمي، ذهبت وتزاوجت مع مائة رجل. واستمر هذا النسل الشيطاني في الأرض إلى أن ظهر جليات. ولهذا السبب، عندما كان داود ينتقي الحجارة، انتقى خمسة. لماذا خمسة؟ لأننا عندما نقرأ في سفر الأخبار لاحقًا، نعرف أن جليات كان له أربعة إخوة “نفليم” مثله. فداود كان يقول: “أنا لن أقضي عليك أنت فقط، بل سأقضي على كل هذا النسل، كل إخوتك”.
الكتاب قال لنا عنهم:
“١٤ هُمْ أَمْوَاتٌ لَا يَحْيُونَ. أَخْيِلَةٌ لَا تَقُومُ”. إشعياء ٢٦: ١٤
هم يتكلم عن “الرفائيين”، وهم “النفليم”. الكتاب قال إن هؤلاء الناس لن يقوموا، ليس لهم قيامة. وقد يقول قائل إن هذا تعبير مجازي، لكنه ليس كذلك، لأنه في العدد ١٩ من نفس الإصحاح قال: “تَحْيَا أَمْوَاتُكَ“، فتكلم عن قيامة الأموات، وقبلها تكلم عن أخيلة لا تقوم.
كما أن أسماءهم ليست موجودة في سفر الحياة. يقول “فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، ٱلَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ ٱلْخَرُوفِ ٱلَّذِي ذُبِحَ“. (سفر الرؤيا ١٣: ٨)
التطبيق الروحي والنصرة في يسوع اليوم:
سؤال: “لماذا لم يهلكهم الرب مثل من قبلهم؟” ومن يوقفهم الآن؟
هذا ما يفعله الرب، وقد سردنا أنه في كل مرة كان يتدخل بقوة. والآن يستخدم الرب الإنسان. هم موجودون الآن، تحت مسميات مثل “كائنات فضائية”. لم يعد سعيهم الآن هو الظهور بالشكل الضخم، فالحرب قد اختلفت. مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع ذكاء وخداع.
والشيء الرائع هو أن يسوع قد هزم كل هذا. وكما هزمهم داود، نحن نقدر أن نهزمهم. كل “نفيل” يظهر في أي عصر، يسوع قضى على رئيسهم الأكبر إبليس، فكل ما تحته صار خاضعًا لنا.
ما فائدة أن أدرس عن هذا الآن؟
هذا سؤال مهم. كونه ذُكر في الكلمة، فلا يمكنني أن أقول إنه انتهى ولا يعنيني. بل أتعلم منه دروسًا وأرى الاستراتيجية التي يتحرك بها إبليس. ولأن له علاقة بالوقت الحالي. نحن في وقت على وشك اختطاف الكنيسة، وظهور ضد المسيح بطريقة علنية، ومعه ستكون هناك “سمة” ستلعب في جينات الناس وتجعلهم غير طبيعيين. عندما تفهم أن هذا المخطط قديم جدًا، لن تُخدع بمحاولات “تحسين النسل” التي تهدف في النهاية ألا يبقى الإنسان إنسانًا.
مهم أن نفهم ما فعله يسوع. لقد هزم كل هذه الأرواح الشريرة وأعطانا سلطانًا لنتحرك بنصرة.
ربما كانت الحلقة مليئة بالآيات، وربما أنت تقول: ما الذي سيفيدني في هذا؟ مهم أنك تجلس وتدرس وتتعلم الكلمة. في كل مرة تجلس أمام الكلمة، هناك نور تستقبله وتأخذه. الحرب الآن ليست مع بشر، لكن في كل مرة يُسكب عليك إحباط، أو تواجه مخاوف، هذا ليس طبيعيًا، هذه محاولة من الأرواح الشريرة.
كونك وُلدت من الله، هم يعرفون أنهم لا يستطيعون أن يسكنوا جسدك، فسيعمل إبليس على الفكر. يرسل لك مخاوف، أخبارًا سلبية، أمورًا تزعجك. الآن، وأنت تتعلم الكلمة وفهمت الاستراتيجية، كونك تخص يسوع وتتبعه، لا خوف على حياتك. الخوف قد نُزع من قاموسك.
يسوع جرّد الرئاسات وأشهرهم جهارًا ظافرًا بهم. لقد فضح إبليس، فصار مُعرّى، كأنك نزعت سلاحه ورتبته.
ولو تحدث أمور غير طبيعية في حياتك أو بيتك، كأجهزة تتعطل فجأة، أو شخص يدخل من مرض إلى مرض، اسم يسوع قادر أن يخرج إبليس من حياتك.
إذا لم تكن قد اتخذت هذه الخطوة بعد، فهناك حياة أعلى لك، وسلطان أعلى. لا تبقَ خائفًا. تعالَ واستقبل هذه الحياة. صلِّ ورائي هذه الصلاة من كل قلبك:
“يا رب، أنا آتي إليك في اسم يسوع. شكرًا لمحبتك لي. شكرًا لأنك تريد أن تنتشلني من أي تأثير وضغط للأرواح الشريرة. أنا أقبل يسوع الآن في حياتي مخلصًا لي، وسيدًا وربًا على حياتي. لن أحيا في خوف مرة أخرى، لن أحيا في رعب وتهديد مرة أخرى. أنا أحيا الحياة العليا التي رسمتها لي، فاهمًا فكرك على الأرض. شكرًا لأنني محبوب ومقبول عندك. سأعيش النجاح الذي قلتَ عنه. في اسم يسوع. آمين.”
ملخص حلقة: النفليم:
- تمهيد: رحلة الإنسان من السقوط إلى سيطرة الفكر:
- بعد سقوط الإنسان واستقلاله عن الله (آدم) وقتل الأخ (قايين)، أنشأ قايين مدينة خاصة به كنظام موازٍ لنظام الله.
- كان هذا أول استعلان لطريقة تفكير إبليس (“الأيون”) التي زرعها في البشر.
- خطة إبليس للسيطرة الكاملة:
- لم يكتفِ إبليس بالسيطرة على الفكر، بل سعى للسيطرة الجسدية المباشرة على الأرض.
- فهم إبليس المبدأ الإلهي القائل بأن من له جسد هو من يسود على الأرض.
- كما فهم أن الله ملتزم بقوانينه ولن يكسرها، لذلك بحث عن طريقة شرعية (في نظره) للتحرك.
- ساحة المعركة: الأرض والأرواح الشريرة:
- بسبب سقوط آدم، فُتح الباب لدخول أعداد هائلة من الأرواح الشريرة إلى الأرض.
- الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع كل من الله وإبليس التعبير عن نفسيهما من خلاله بالكامل.
- تكوين ٦: النفليم والاتحاد الغامض:
- “أبناء الله” في تكوين ٦ هم ملائكة ساقطة، وليسوا رجالًا أقوياء أو نسل شيث.
- الأدلة على ذلك:
- ظهور نسل غريب وعملاق (“النفليم” أو “الطغاة”) لم يتكرر في الزيجات العادية.
- مخالفة مبدأ “كل كائن يُخرج كجنسه”.
- ضخامة القضاء الإلهي (الطوفان) الذي أهلك الجميع باستثناء ثمانية أشخاص.
- استخدام لفظ “بنو الله” في العهد القديم كان يشير دائمًا إلى الملائكة.
- القول بأن الملائكة “لا يزوجون ولا يزوجون” كان ردًا من يسوع على معضلة القيامة، وكان يتحدث عن “ملائكة الله في السماء”، وليس الملائكة الساقطة.
- تجسدت هذه الملائكة الساقطة في أجساد بشرية لتتزاوج مع النساء، وهذا يفسر كيف أمكن حدوث الاتحاد.
- غرض إبليس من هذا الاتحاد:
- كان الهدف هو إفساد النسل البشري بالكامل لمنع مجيء “نسل المرأة” (المسيح) الذي سيسحق رأس الحية.
- نتج عن هذا الاتحاد نسل هجين (النفليم)، وهم جبابرة وعمالقة ذوو قوة وأطوال غير عادية.
- تكررت هذه الحادثة مرة أخرى بعد الطوفان، وهو ما يفسر وجود العمالقة في أرض كنعان.
- القضاء الإلهي على الملائكة الساقطة ونسلهم:
- الملائكة التي ارتكبت هذا الفعل حُبست “بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ ٱلظَّلَامِ” في قسم خاص من الهاوية يُدعى “طرطروس”.
- النسل الهجين (“النفليم”) تم القضاء عليه بالطوفان، ولاحقًا بالحروب التي أمر بها الله في العهد القديم، لأنهم لم يعودوا بشرًا عاديين.
- هذا النسل الهجين ليس له قيامة وأسماؤه ليست مكتوبة في سفر حياة الخروف.
- التطبيق الروحي والنصرة اليوم:
- فهم هذه الاستراتيجية الإبليسية القديمة يساعدنا على تمييز خططه في الأيام الأخيرة، مثل محاولات “تحسين النسل” التي تهدف لتغيير طبيعة الإنسان.
- يسوع هزم رئيس هذا النظام (إبليس)، وأعطانا سلطانًا عليه وعلى كل قواته.
- الحرب اليوم ليست جسدية بل فكرية، وكونك وُلدت من الله، فلا يمكن للأرواح الشريرة أن تسكن جسدك، لكنها تحاول التأثير على فكرك.
- اسم يسوع قادر على إخراج أي تأثير شيطاني من حياتك وبيتك.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
