القائمة إغلاق

حنان الرب The Lord’s Compassion

“الرَّبُّ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ. الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ” (مزمور 145: 8-9).

عندما ننظر عن كثب إلى حنان الرب ورحمته، سنجد إعلاناً كاملاً عن مشيئة الرب وإرادته للشفاء. أثناء خدمة يسوع الأرضية، كان يتحرك في كل مكان بدافع من الحنان والرحمة شافياً جميع “الْمَرْضَى”. إنه ذاته يسوع الذي بعدما قال “مِنَ الأَفْضَلِ لَكُمْ أَنْ أَذْهَبَ..” جلس عن يمين الآب لكي يكون “.. رَحِيماً وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِيناً”.

تأتي كلمتي “حنان” و “رحمة” في الكتاب المقدس من ذات الأصل اليوناني والعبري. فالأصل العبري “راشامن Rachamin” يُترجم إلى رحمة وحنان. والأصل اليوناني “إيليو Eleeo” يتُرجم إلى يتحنن ويشفق. وكذلك أيضاً الصفة “إيليومن Eleeomon” تُترجم حنون ورحيم.

لكي يشفق أحد على إنسان فإنه لا يكتفي بأن يحبه ويتراءف عليه بل أن يظهر له حنان ورحمة.

المحبة.. أعظم أوجه طبيعة الله

يبدأ الشاهد السابق بـ “الرَّبُّ حَنَّانٌ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ” وتتكرر هذه العبارة عن طبيعة الله مرة تلو الأُخرى في صفحات الكتاب المقدس. فالمحبة هي أعظم أوجه طبيعة الله لأنها ترتبط بأبويته. فلا يوجد شيء يتعلق بطبيعة الله وشخصيته يمكنه أن يُحَفز إيمان الإنسان أكثر من محبة الله وحنانه.

أثناء النهضات التي عقدتها رأيت إيمان الحاضرين ينهض ويرتفع كالجبل بمجرد أن يتغلغل موضوع محبة الله وحنانه في أعماق قلوبهم. فما يبني إيمانهم ليس سماعهم عما “يستطيع” الله أن يفعله، إنما ما “يريد” أن يفعله. وهناك فرق كبير بين الإثنين.

في كل مرة كان يسوع يظهر عن حنانه ورحمته بشفائه للمرضى كان يعلن عن قلب الآب الممتلئ بالحنان والرحمة تجاه البشر. كانت الجموع تنجذب إلى يسوع بسبب حنانه.. لكن الشيطان استطاع بمكر أن يخفى هذه الحقيقة المجيدة عن شعب الله. فأذاع تعاليم ليست كتابية وغير منطقية بأن عهد المعجزات قد مضى وولى، حتى نجح في أن يحجب رحمة الله عن أعين البشرية.

إن اللاهوت المعاصر يعظَّم ويضَّخم من قوة الله أكثر جداً من رحمته وحنانه. لكن الكتاب المقدس يعظَّم من مشيئة الله وأرادته في تطبيق قوته أكثر من مجرد الإعلان عن قوته في حد ذاتها. لن تجد في كل الكتاب ما يعلن أن “الله قوة”. لكنك تجد ما يقول “الله محبة”. فليس الإيمان بقوة الله هو الذي ينال بركاته، إنما الإيمان بمحبته وإرادته.

اللاهوت المعاصر يحجب محبة الله

إن الجزء الأول من الشاهد الكتابي السابق يقول، “الرَّبُّ حَنَّانٌ..“. هذا يعنى أن الله مستعد ليظهر عن نعمته. لكن هذه الحقيقة المجيدة قد حُجبت بشدة من خلال اللاهوت المعاصر الذي يركز على أن “الله قادر” بدلاً من “الرَّبُّ حَنَّانٌ...

تصلنا مئات الخطابات من أولئك المحتاجين إلى الشفاء والتي يقولون فيها، “نعلم أن الله يستطيع أن يشفيني..”. فمعرفتهم بقدرة الله وحدها قد حجبت عنهم معرفة إرادة الله. لكن لا يحتاج أحد إلى إيمان ليقول إن الله “قادر”، لأنه حتى الشياطين تعلم ذلك. لكننا نحتاج إلى ممارسة إيماننا نحو مشيئته وإرادته.

إن إبليس يعلم أن الله قادر وأنه يريد، لكنه حجب تلك المعرفة الأخيرة حتى يعيق المؤمنين من التمتع بحقوقهم. فهو يُسرَّ عندما نعظَّم من قدرة الله، لأنه يعلم أن هذا لا يُنهض إيماننا أو يبنيه. لكن مشيئة الله هي التي تنهض الإيمان. لذلك فإنه قبل أن نصلى لأجل شفاء المرضى ينبغي أن نعلَّمهم أولاً كلمة الله حتى يصلوا إلى المرحلة التي يقولون فيها “الرب رحيم ورؤوف” بدلاً من “الله قادر”. هذا هو ما اضطر يسوع إلى فعله قبل أن يشفى الأبرص الذي تساءل عن مشيئته قائلاً، “إِنْ أَرَدْتَ، فَأَنْتَ تَقْدِرُ أَنْ تُطَهِّرَنِي!”. فأظهر الرب له عن إرادته ومحبته حتى يجعله يتوقع شفائه.

لقد قدمنا في الفصل السابق شواهد كتابية كثيرة تظهر مشيئة الله نحو الشفاء. لكن حتى على الرغم من أننا ابتدأنا نركز أكثر على قول إن “الله يريد” بدلاً من “الله قادر”، إلا أن ذلك ليس كافياً. فكلمة “يريد” تبدو غامضة قليلاً لتعَّبر بالكامل عن رحمة الله تجاهنا.

ملاخى 7: 18

18 أيُّ إِلَهٍ مِثْلُكَ .. يُسَرُّ بِالرَّحْمَةِ

ملوك الثاني 16: 9

9 لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ

يتضح من الشواهد السابقة أن الرب ليس حناناً ورحيماً فحسب، لكنه يشتاق أن يظهر محبته ويسكب بركاته بفيض عظيم على جميع الذين يسمحون له بذلك. فالله يبحث دائماً عن فرصة ليظهر من خلالها رحمته نحو بني آدم حتى يشبع قلبه الرقيق العطوف. هذا لأنه “يُسَرُّ بِالرَّحْمَةِ “.

إن العطف هو واحدة من صفات الله العظيمة. لكن يتبقى دور علينا وهو أن نزيل كل العقبات التي تمنعه من أن يظهر عطفه نحونا. فالله صالح بلا حدود ولا نهاية لصلاحه. ويظل إلى الأبد مستعد دائماً ليسكب حنانه وعطفه على خليقته بمجرد أن يسمحوا له بذلك.

تخيل معي أن المحيط الهادئ قد ارتفع وصار فوقنا جميعاً. ثم فـكر فـي مقـدار الضغـط الناشئ عن حجم الماء الهائل محاولاً أن يجد مخرج ينفجر من خلاله فتغطي المياه الأرض كلها. إن استطعت أن تتخيل هذا المنظر، فهذه صورة باهتة لعطف وحنان الله تجاهنا.

تحدٍ جاد

إني اطلب منك أيها القارئ أن تضع نفسك في موضع حيث تستطيع رحمة الله أن تصل إليك – وفي ذات الوقت دون أن يخترق الله مبادئه العظيمة التي وضعها في كلمته. ثم انتظر بعد ذلك إن كنت تستطيع أن تتحمل فيض محبته ورحمته. سوف تفيض عليك مثل نهر متدفق يفوق مقدار تحملك. فالله ليس قادر وحسب، لكنه “يريد” أن يفعل “مَا يَفُوقُ بِلاَ حَصْرٍ كُلَّ مَا نَطْلُبُ أَوْ نَتَصَوَّرُ “. فمحبته (رحمته وحنانه..) عظيمة جداً بلا حدود لدرجة أنها لم تكتفٍ بأن تغطى بالكامل جميع أتقيائه على سطح الأرض وحسب بل امتدت إلى الخطاة الفجار وشملتهم. فالله يريدنا أن نتيقن من مشيئته وإرادته مثل قدرته تماماً.

إن سقط أحدهم في مأزق وابتدأ يستنجد بي، فإنني أفضَّل أن يقول، “أخ بوثورث، إني أعلم أنك ستنقذني إن استطعت”، مشككاً بهذا في قدرتي عما لو قال، “أعلم أنك تستطيع، لكني لست متيقناً من رغبتك واستعدادك لتنقذني”.

من ناحية أخرى، إن الشاهد الكتابي المذكور في بداية الفصل يؤكد أن الله “حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ”. عندما يقودنا الرب لنتشفع لأجل الآخرين فإنه يغمر قلوبنا بجزء صغير جداً من محبته الرقيقة نحو هؤلاء الأشخاص، فتمتلئ قلوبنا بأنات لا يُنطق بها. عندئذٍ أقف متعجباً من عظمة حنان ورحمة الله. فإن كنت ما اشعر به نحو الآخرين هو جزء ضئيل من محبته فكيف تكون محبته الكاملة إذاً؟

إن كلمة “يشفق” (المترجمة يتحنن) تعنى أن يتألم ويشارك أوجاع الآخرين. لقد قال أشعياء ذات مرة “فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ..”. أليس غريباً أن نرى مثل هذا الإظهار العجيب والواضح لحنان الله تجاه المرضى أثناء عصور العهد القديم المظلمة في حين أننا لا نراها إلا بصورة باهته في هذا العهد “الأفضل”؟ لكن الحقيقة مختلفة عن ذلك تماماً؛ فالعهد الجديد يشتمل على إظهار عظيم جداً لمحبة وحنان الله لأن يسوع بموته وقيامته قد فتح الطريـق أمـام الإظهـار الكامـل لحنـان ورحمـة الآب نحو جميع احتياجات الجنس البشرى.

إن قلب الآب المحب يشمل الجميع

بعدما رأينا في الشاهد الافتتاحـي عظمـة حنـان اللـه، فإنـه ينتهـي بهـذا الإعلان، “الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ”. بمعنى آخر، إن قلب الله ممتلئ بالرحمة ولا يستطيع أن يكون “محابياً للبعض” في إظهار مراحمه. فهو لم يكتفي بأن يظهر عن قلبه المحب نحو الأشخاص الأتقياء الصالحين وحسب، لكنه امتد ليشمل جميع أشرار الأرض. فكيف يمكنه إذاً أن يمتنع عن تقديم بركة الشفاء لأي من أولاده؟

لقد اشتاق أنبياء وملوك العهد القديم وحتى الملائكة في أن ينظروا إلى تدبير النعمة هذا. فيا لها من عقيدة غريبة وتعاليم غير منطقية تخبر المريض ألا يتوقع أن ينتظر رحمةً في هذا العهد المنير، على عكس ما حدث لأولئك المتألمين في العصور المظلمة. هل الله يريد الآن أن يظهر عن رحمته بغفرانه لأولاد إبليس عن أن يظهر رحمته بشفائه أولاده؟ في الحقيقة، إن أولاد الله لديهم الحق في التمتع برحمة الله وبركاته أكثر جداً من موقف الخطاة. “أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَهِيَ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ عَلَى مُتَّقِيهِ (وليس على الخطاة)”، “مِثْلَمَا يَعْطِفُ الأَبُ عَلَى بَنِيهِ يَعْطِفُ الرَّبُّ عَلَى أَتْقِيَائِهِ (وليس على الخطاة)”، “مِثْلَ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ، تَعَاظَمَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى مُتَّقِيهِ (وليس على الخطاة)”. يستطيع كل مؤمن مريض أن يقول مع سليمان “لَيْسَ إِلَهٌ نَظِيرَكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَنْتَ يَا مَنْ تُحَافِظُ عَلَى عَهْدِ الرَّحْمَةِ مَعَ عَبِيدِكَ السَّائِرِينَ أَمَامَكَ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ” (2 أخبار الأيام 6: 14).

بعض الشواهد التي تظهر حنان الرب

دعونا ننظر إلى بعض المقاطع الكتابية في العهد الجديد التي تظهر لنا حنان الرب:

مرقس 1: 40-43

وَجَاءَهُ رَجُلٌ مُصَابٌ بِالْبَرَصِ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ. فَارْتَمَى عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَمَامَهُ وَقَالَ: «إِنْ أَرَدْتَ، فَأَنْتَ تَقْدِرُ أَنْ تُطَهِّرَنِي! فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «إِنِّي أُرِيدُ، فَاطْهُرْ! فَحَالَمَا تَكَلَّمَ زَالَ الْبَرَصُ عَنْهُ وَطَهَرَ ..

لقد كان حنان المسيح هو الذي دفعه ليشفى الأبرص:

متى 14: 13-14

فَمَا إِنْ سَمِـعَ يَسُـوعُ بِـذَلِكَ، حَتَّى رَكِـبَ قَارِباً وَرَحَـلَ عَـلَى انْفِـرَادٍ إِلَـى مَكَـانٍ خَالٍ. فَسَمِعَتِ

الْجُمُوعُ بِذَلِكَ، وَتَبِعُوهُ مِنَ الْمُدُنِ سَيْراً عَلَى الأَقْدَامِ. وَلَمَّا نَزَلَ يَسُوعُ إِلَى الشَّاطِيءِ، رَأَى جَمْعاً كَبِيراً، فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ.

لقد كان غنى محبة يسوع وفيض رحمته نحو جميع المرضى هي التي دفعته لشفائهم.

متى20: 29-34

وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ يُغَادِرُونَ أَرِيحَا، تَبِعَهُ جَمْعٌ كَبِيرٌ. وَإِذَا أَعْمَيَانِ كَانَا جَالِسَيْنِ عَلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، مَا إِنْ سَمِعَا أَنَّ يَسُوعَ يَمُرُّ مِنْ هُنَاكَ، حَتَّى صَرَخَا: «ارْحَمْنَا يَا رَبُّ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! وَلَكِنَّ الْجَمْعَ زَجَرَهُمَا لِيَسْكُتَا، فَأَخَذَا يَزِيدَانِ الصُّرَاخَ: «ارْحَمْنَا يَا رَبُّ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! فَتَوَقَّفَ يَسُوعُ وَدَعَاهُمَا إِلَيْهِ، وَسَأَلَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟ أَجَابَاهُ: «أَنْ تَفْتَحَ لَنَا أَعْيُنَنَا، يَا رَبُّ» فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا، وَلَمَسَ أَعْيُنَهُمَا، فَفِي الْحَالِ عَادَتْ أَعْيُنُهُمَا تُبْصِرُ..

لقد سأل هذان الأعميان لأجل “رحمة” حتى تنفتح أعينهما، فقدم لهما يسوع “رحمة” بشفائه لهما مبرهناً على أن الشفاء هو “رحمة” مثل رحمة الغفران. فالمرضى في تلك الأيام كانوا يطلبون “رحمة” عندما كانوا يسعون للشفاء. لكن في أيامنا الحالية يعتقد الجميع أن الرحمة هي بقاء الشخص مريضاً ويرتضي بحاله.

الله هو أبو الحنان

يدعو بولس الله في رسائله بأنه “آب حنان” مثبتاً ذلك بشفائه لجميع المرضى الذين كانوا على جزيرة مالطا.

قال يسوع “طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، فَإِنَّهُمْ سَيُرْحَمُونَ”. لقد شُفى أيوب عندما صلى لأجل أصحابه. بمعنى آخر، لقد نال رحمة عندما أظهر رحمةً تجاه أصدقائه. وتعليقاً على حادثة شفاء أيوب، يقول الرسول يعقوب في رسالته 5: 11 “.. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ، وَرَأَيْتُمْ كَيْفَ عَامَلَهُ الرَّبُّ فِي النِّهَايَةِ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ“. ثم يقدم بعدها مباشرة توجيهاً للكنيسة: “وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً، فَلْيَسْتَدْعِ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ لِيُصَلُّوا مِنْ أَجْلِهِ وَيَدْهُنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ..”. بمعنى آخر، ليت كل “مريض” في الكنيسة اليوم يحصل على “رحمة” كما فعل أيوب ونال شفائه.

لقد اظهر يسوع حناناً تجاه مجنون كورة الجدريين. لقد كان هذا الإنسان مسكوناً بأرواح شريرة وكان يقطَّع نفسه ويعذب جسده. لكن بعدما حرره يسوع ورجع هذا الإنسان إلى عقله وكامل وعيه، طلب من يسوع “أَنْ يَكُونَ مَعَهُ . لكن يسوع أجابه “اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ (مرقس5: 19-20).

هكذا يتضح لنا أن الشفاء رحمة والمرض مذلة!

نتائج شهادة رجل واحد

عندما نقرأ إنجيل متى 15: 30-31، نرى نتائج كرازة هذا الرجل الذي ذهب ليعلن عن حنان الرب: “فَتَوَافَدَتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ وَمَعَهُمْ عُرْجٌ وَمَشْلُولُونَ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَغَيْرُهُمْ كَثِيرُونَ وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ فَشَفَاهُمْ. فَدُهِشَتِ الْجُمُوعُ إِذْ رَأَوْا الْخُرْسَ يَنْطِقُونَ وَالْمَشْلُولِينَ أَصِحَّاءَ وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ وَالْعُمْيَ يُبْصِرُونَ وَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيلَ”. لقد كان “شفاء المرضى” هو الذي جعل الجموع الكثيرة تعظَّم وتمَّجد الله – وليس ببقائهم مرضى عجزة كما يعلَّم البعض.

يا إلهي، كم من مجد سيعود إلى الله وكم من بركة سيجتنيها العالم إن ابتدأ كل خادم للإنجيل اليوم يقدم مواعيد كلمة الله المتعلقة عن الشفاء بكل وضوح وأمانة. فجميع أولئك المرضى سوف يخبرون ويذيعون عن حنان الرب في كل مدنهم وقُراهم. وفى وقت قليل سيتـحول ألـوف تتبـعهم ألوف من المرضى في مكان ليؤمنوا بيسوع المسيح. وسنجد جموع

كثيرة “تمجد الله”.

لقد قرأنا سابقاً أن هذا الرجل “أذاع” حنان ورحمة الرب التي أظهرها له. لكننا نواجه انتقادات عندما ننشر مقالات ونرسل خطابات نذيع فيها شهادة أولئك الذين شُفوا بطريقة معجزية من خلال كلمة الله الممسوحة. هل نخطئ عندما نطيع وصية الرب بأن نذيع أعماله بين الأمم؟

ستلاحظ في الشاهد السابق أن صيت يسوع قد ذاع وانتشر نتيجة معجزات الشفاء: “فَتَوَافَدَتْ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ “، “فَدُهِشَتِ الْجُمُوعُ..”. جموع.. جموع.. من كل مكان كانت تأتي إلى يسوع. وذات الأمر يمكن أن يتكرر اليوم عندما نطيع كلمة الله بأن “عَرِّفُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِأَعْمَالِهِ” ونذيع “رحمته وحنانه” في كل مكان، وستبدأ الأمور تتغير. بمجرد أن نكرز عن “ذات يسوع” الذي يشفى المرضى ويصنع المعجزات، ستبدأ الجموع تتوافد من كل مكان.

لم أرى في حياتي أبداً شيئاً يمكنه أن يحطم الحواجز بين البشر ويجمع الناس من كل مكان أكثر من إظهار حنان ومحبة الرب. لقد رأينا ذلك يحدث في النهضات التي كنا نعقدها. فعندما كنا نكرز عن “ذات يسوع” الذي كُرز به في الأناجيل كنا نجد الناس يأتون من مختلف الطوائف: كاثوليك، أرثوذوكس، معمدانيون، ميثودست، فقراء وأغنياء، شيوخ وشباب.. من كل مكان وكانوا يأتون ليسمعوا “الأخبار السارة” ويسلَّمون حياتهم لله. لن يحدث أمر مثل ذلك أبداً ما لم يكن هناك إستعلان عن محبة ورحمة الله بشفائه للمرضى.

نتائج الكرازة عن الشفاء

إن لم يستطع المسيح أو تلاميذه أن يجذبوا الجموع بدون معجزات وآيات شفاء، فهل يتوقع منا أن نفعل ذلك بدون أمور فائقة للطبيعة؟

لقد ظللنا نكرز بإنجيل الخلاص من الخطية لثلاثة عشر عاماً قبل أن يفتح الله أعيننا لنكرز عن هذا الجزء الهام من الإنجيل. لكن عندما ابتدأنا نكرز عن إنجيل الشفاء، وجدنا أضعافاً يقبلون المسيح عن ذي قبل. وجدنا أن أعداد الذين كانوا يُشفون ويقبلون المسيح في أسبوع واحد أكثر مما كنا نـراه فـي سنـة كامـلة مـن العمـل الكـرازي وحـده. وجدنـا مـدن

كاملة تتكلم عن يسوع وآلاف يسلَّمون حياتهم للمسيح.

في أخر نهضة أقمناها في أوتاوا بكندا، وفى الأسبوع السابع لاجتماعاتنا، تقدم ستة آلاف شخص لينالوا الشفاء وأثني عشر ألفاً ليقبلوا المسيح كمخلَّص شخصي لحياتهم. إنني لا أشك أبداً إنه لن يكن هناك أكثر من ألف شخص كانوا سيقبلون المسيح بدون أعمال الشفاء هذه التي تظهر رحمة وحنان الله. لقد نهضت تلك المدينة بصورة لم تشهدها من قبل أبداً في تاريخها. كانت نهضتنا تضم أضخم حشد في تاريخ الولاية قد اجتمع في مكان واحد لحضور اجتماع ديني. فلم يحدث مع أي نهضة أخرى أن يملأ الحضور أضخم إستاد في المدينة. وقبل أن نرحل من هناك تلقينا مئات الخطابات من أولئك الذين شُفوا من كل مرض تقريباً معلنين عما فعله الرب معهم.

كتب أحد الخدام في صحيفة يومية تعليقاً عن هذه النهضة قائلاً، “إن الشفاء الجسدي يُعتبر أعظم وسيلة تبشيرية قد استخدمها الرب يسوع في كل حملاته الكرازية”.

الحصاد المتزايد

دعونا ننظر إلى شاهد آخر يظهر حنان الرب:

متى 9: 35 – 10: 8

وَأَخَذَ يَسُوعُ يَتَنَقَّلُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى كُلِّهَا، يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ وَيُنَادِي بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةً. وَعِنْدَمَا رَأَى الْجُمُوعَ، أَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُعَذَّبِينَ وَمُشَرَّدِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. عِنْدَئِذٍ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَصَادُ كَثِيرٌ، وَالْعُمَّالُ قَلِيلُونَ فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ عُمَّالاً إِلَى حَصَادِهِ! ثُمَّ دَعَا إِلَيْهِ تَلامِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانَاً عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ لِيَطْرُدُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ…

 هَؤُلاءِ الاِثْنَا عَشَرَ رَسُولاً، أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَقَدْ أَوْصَاهُمْ قَائِلاً: ‘بَشِّرُوا قَائِلِينَ: قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. اشْفُوا مَرْضَى طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا’.

نرى هنا أن حنان يسوع ورأفته تجاه المرضى صارت واضحة لدى الجميع حتى أن الحصاد أصبح كبيراً جداً على فاعل أو حاصد واحد. لقد كان قلب المسيح الممتلئ بالحنان والرأفة يشتاق أن يخدم تلك الجموع التي لم يستطع أن يصل إليهم جميعاً لأن “الْحَصَادُ كَثِيرٌ”. كما يتضح، إن يسوع لم يستطع أن يخدم سوى لعدد قليل ممَن كانوا محيطين به. لذلك طلب من التلاميذ أن يذهبوا لكي يكرزوا ويشفوا.

لكن حجم الحصاد اليوم لا يُقارن أبداً بالحصاد في أيام يسوع، بل هو أعظم بكثير. ولا يزال قلب يسوع الممتلئ بالحنان والمحبة يحترق لأجل الحصاد اليوم. لذلك فإنه يطلب فعلَّة اليوم ليذهبوا ويكرزوا بالشفاء والخلاص “في كل مدينة وقرية”. فمحبة يسوع لم تكتفي بأن ترسل أثنى عشر تلميذاً فقط، لكنه أرسل بعد ذلك سبعين آخرين ليكرزوا ويشفوا.

إن الحصاد اليوم أوفر بكثير عما كان سابقاً، لكن الفعلَّة الذين يكرزون ويشفون ليسوا كثيرون اليوم. فما ابتدأ يسوع يفعله من آيات ومعجزات ويعلَّمه آنذاك لا يزال يشتاق أن يتكرر اليوم في كل مكان في العالم. إن ما ابتدأ يسوع يفعله لم ينتهي كما يدَّعي البعض، بل أن ما ابتدأه قد وعد أنه سيستمر ويزداد. فالإنجيل الذي أوصانا أن “يُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ “ ليس هو الإنجيل الذي يُكرز به الآن في القرن الحادي والعشرين. إنه إنجيل الخلاص والشفاء.

نقض مواعيد المسيح!

إن كلام الرب يسوع في إنجيل يوحنا 14: 12-13 يؤكد بشدة على وعده بإظهار رحمته وحنانه اللتان أظهرهما إثناء خدمته على الأرض، بمجرد أن يشغل مكانة رئيس الكهنة عن يمين الآب. في الحقيقة، إن صعود يسوع إلى السماء فتح الطريق لإستعلان رحمته بدرجة أعظم عن ذي قبل. لقد تنبأ أشعياء النبي عن صعود المسيح أنه بعدما يتمجد ويتعظم سيظهر رحمة ورأفة. وقال يسوع “مِنَ الأَفْضَلِ لَكُمْ أَنْ أَذْهَبَ..”. لن يكن هذا الكلام صحيح بالمرة إن كان صعود يسوع سوف يحجب إستعلان رحمته في شفاء المرضى. أليس غريباً أن خدام كثيرين اليوم ينقضون وعد المسيح باستمراره في تنفيذ ذات الأعمال -بل وأعظم منها- التي صنعها أثناء تواجده على الأرض بقولهم إن عصر المعجزات قد مضى وولى؟ لقد بحثت في كل الكتاب المقدس ولم أجد تعبير مثل “عصر المعجزات”، لكني وجدت ما يُدعي “إله المعجزات”. فلا أدري من أين جاءوا بهذا المعتقد.

وآخرون يفعلون أسوء من ذلك؛ يعلَّمون أن الله يريد لبعض أولاده المكرّسين أن يظلوا مرضى تمجيداً لاسمه. كل إنسان يعلَّم بأن الشفاء ليس للجميع كما كان في الماضي، يعلن بأن حنان المسيح نحو المرضى قد طرأ عليه تغيير منذ صعوده. والأكثر من ذلك هو أن هناك مَن يعلَّمون بأن حنان المسيح قد اُسترد بالكامل. لكنني اندهش من هذا الكلام؛ كيف يجرؤ أي خادم أن يحجب أو يعارض واحدة من أعظم إظهارات طبيعة الله؟ إن حنان الله هو تعبير عن محبته الإلهية، فكيف يمكن لمحبته أن يطرأ عليها تغير؟

رئيس كهنتنا

قال يسوع، “عنْدَمَا يَأْتِيكُمْ رُوحُ الْحَقِّ يُرْشِدُكُمْ إِلَى الْحَقِّ كُلِّهِ.. هُوَ سَيُمَجِّدُنِي..”. هل يمكن لروح الله أن يمجد المسيح بأن يخبر المريض أن عهد المعجزات قد مضى وولى؟ لقد تكلم يسوع عن الروح القدس بأنه سيجري من خلالنا “الأَعْمَالَ الَّتِي أَنَا (يسوع) أَعْمَلُهَا، بَلْ يَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا”. فهل يُعتبر ذلك تمجيداً ليسوع بأن يسترد خدمته للمرضى ويتوقف عنها؟ هل جاء الروح القدس ليمجد يسوع بأن يوقف خدمته نحو إخوته المتألمين والمرضى؟ هل علينا أن نتوقف عن صلاة الإيمان لأجل شفائنا؟ إن كان ذلك صحيحاً، ستكون إذاً الصلاة التقليدية التي تشجع المريض أن يصبر ويتحمل قدرَّه هي صلاة سليمة ويا لها من حماقة!

منذ أن صار يسوع رئيس كهنة لنا، تكلم سبعة مرات قائلاً، “مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ.. “. لماذا قال هذا؟ لأنه كان يعلم بأنه هناك مَن سوف يتكلمون بأمور كثيرة جداً لم يقولها الروح القدس- بل وفي الحقيقة تخالف ما يقوله الروح القدس.

بعض الشواهد التي قالها “الروح القدس” بشأن تمجيد المسيح:

عبرانيين 2: 17

17 لِذَلِكَ كَانَ لاَبُدَّ أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ مِنْ جَمِيعِ النَّوَاحِي، لِيَكُونَ هُوَ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ، الرَّحِيمَ وَالأَمِينَ، الَّذِي يَقُومُ بِعَمَلِهِ أَمَامَ اللهِ نِيَابَةً عَنِ الشَّعْبِ

لا يشير هذا العدد إلى إستعلان رحمة وحنان يسوع أثناء خدمته الأرضية. إنما يشير فقط إلى خدمته في السماء كرئيس للكهنة وتأكيد على استمراره في إظهار رحمته حتى بعد انتهاء فترة تجسده واعتلائه ليكون رئيس كهنة لنا في السماء.

“إِنَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي يَعْمَلُ الأَعْمَالَ (أعمال الرحمة والحنان) الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا، بَلْ يَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي”. ولأن إظهار حنانه لن يتغير، فهو وعد بأنه سيظل يعمل ذات الأعمال، بل وأعظم منها بعد صعوده للسماء.

عبرانيين 13: 8

8 يسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.

عبرانيين5: 2

2.. قَادِراً أَنْ يَعْطِفَ (يتحنن) عَلَى الْجُهَّالِ وَالضَّالِّينَ.

نرى في الإصحاح الخامس من سفر الأعمال قصة أخرى رائعة تثبت أن حنان المسيح تجاه المرضى لا يزال كما هو حتى الآن. نقرأ في هذا الإصحاح أن جموع المرضى الذين كانوا يحضرونهم إلى شوارع أورشليم كانوا ينالون الشفاء جميعاً، وقد حدث هذا بعد صعود يسوع ليجلس عن يمين الآب.

بعدما صار رئيس كهنة جالساً في السماء لأجلنا، لا يزال يسوع يفعل بالضبط ما كان يفعله أثناء خدمته على الأرض. وهو في السماء يتحرك بحنان ويشفى جميع المحتاجين إلى الشفاء. حتى في نهاية سفر الأعمال نجد استعلانًا لرحمته من السماء بشفائه لجميع المرضى على جزيرة مالطا. وبدافع من رحمته على المرضى، وضع في الكنيسة المواهب الروحية: “.. وَيُعطَى لآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ مِنَ الرُّوحِ الوَاحِدِ وَلآخَرَ قُوَّاتٌ مُعجِزِيَّةٌ..”.

يقول أحد الخدام البارزين في هذا الأمر، “إن مواهب الشفاء التي أُعطيت للكنيسة لا تقل في قوتها آو شدتها عن تلك التي كانت تعمل من خلال يسوع المسيح أثناء خدمته الأرضية. لأن الكتاب يؤكد أن ذات الروح الذي يعمل فينا هذه المواهب هو ذاته الذي كان يعملها من خلال يسوع المسيح”.

يستطيع الأشخاص العلمانيون أن يصلَّوا لأجل المرضى

وفقاً لرسالة يعقوب 5: 14، مرقس 16: 17-18 فإن كلاً من الشيوخ والرجال العلمانيون يمكنهم أن يصلَّوا صلاة الإيمان لأي مريض في الكنيسة لكي ينال شفائه.

يقول القس ستيف عن هذا الموضوع، “إن جميع الخدام وأولئك الذين يحملون كلمة الحياة ويكرزون بها ينبغي أن يحرصوا على تنفيذ الوصية الكتابية المذكورة في رسالة يعقوب 5: 14 بصورة دائمة لأنهم يتقابلون مع مرضى في كثير من الأوقات”.

أثناء خدمة يسوع الأرضية، كان إلهنا يضحى بأي شيء ويتحمل الإهانة في سبيل أن يطلق رحمته على أعدائه وأكثر الأشخاص الغير مستحقين. حتى قبل الصليب، عندما قطع بطرس أذن خادم رئيس الكهنة، تحرك يسوع بدافع من الحنان نحوه وشفى أذنه.

في طريقه ليتمم عمله الكفاري عنا، سدد يسوع كل احتياج الجنس البشرى وفتح الطريق على مصراعيه أمام رحمته لكي تصل إلى كل إنسان يحتاج إليها. فقد كان ولا يزال حتى الآن يتحرك بحنان نحو جميع الذين يحتاجون إلى معونته. فهو يكون لنا مهما نحتاج منه.

لمَن يحتاجون إلى الشفاء الجسدي

لقد قابلت خداماً كثيرين ممَن يقولون إننا لا نحتاج إلى معجزات اليوم. كانوا يعتقدون أن المعجزات هي مجرد علامة تبرهن على إلوهية يسوع المسيح. لكنها في الحقيقة أكثر من ذلك بكثير؛ إنها تعبير عن رحمته وحنانه نحو أولئك المتألمين.

كنت أجيب أولئك الخدام، “أنتـم تقـولون هـذا لأنـكـم لـم تـتذوقـوا طعـم المـرض. إن كـان

هناك سرطان يأكل في أجسادكم لكنتم تهرعون لتبحثون عن معجزة. أليس كذلك؟”. لقد شفى يسوع الذين جاءوا إليه بسبب حنانه ومحبته، ولا تزال احتياجات أولئك المتألمين اليوم تتماثل مع أولئك الذين عاشوا في وقت المسيح. أفلا يحتاج المرضى اليوم إلى مثل هذا الحنان كأولئك السابقين؟

ينبغي ألا نتجاهل الأعداد التي لا تُحصى لأولئك الذين يعيشون في يأس وإحباط ويعانون من سكرات الموت. أولئك الذين أخبرهم الأطباء – بعدما بذلوا كل ما بوسعهم، “لا نستطيع فعل أي شيء لكم”. ينبغي أن نخبر هؤلاء أن حنان ورحمة المسيح لا تزال مستعدة لتُستعلن لهم – كما حدث أثناء خدمة يسوع الأرضية.

لقد رأينا في هذا الفصل كيف أن الشفاء الجسدي هو بمثابة رحمة قد حرص يسوع أن يظهرها في كل مكان وفى كل وقت لجميع الذين التجئوا إليه. لقد كان هو تعبير عن مشيئة الآب. كما أنه لدينا هذا الإعلان الصريح بأن الرب “كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِكُلِّ الدَّاعِينَ (بما فيهم المرضى) إِلَيْكَ” لأن رحمته “من الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ” وأنها “عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ”. ألا تحسم هذه الشواهد القضية؟

فبدلاً من أن نقول إن “عهد المعجزات” قد مضى وولى – لأنه لا يوجد عهد للمعجزات بل إله المعجزات- دعونا نقول “مكتوب أن الشفاء للجميع… مكتوب أن جميع الذين احتاجوا إلى الشفاء شفاهم”.

تذكر

– كان المرضى في وقت يسوع يطلبون “رحمة” عندما كانوا يسعون للشفاء. لذلك نفهم أن الشفاء هو رحمة والمرض لعنة.

– كان يسوع هو الإظهار الكامل لقلب الآب المليء بالمحبة والحنان. لذلك كان يسوع يشفي المرضى ويحرر المعذبين من إبليس بدافع من فيض الشفقة والحنان.

– وبعد صعود يسوع عن يمين الآب، لم يطرأ أي تغير على محبة أو حنان الآب. بل على العكس، فقد فتح يسوع الباب على مصراعيه أمام الإظهار الكامل لحنان ورحمة الآب نحو جميع أولاده.

– لقد استطاع اللاهوت المعاصر أن يحجب حنان ورحمة الآب، بل ويجعل منه أب لا يهتم بحال أولاده ويُسَّر عندما يراهم يمرضون ويتألمون.

– إن قلب يسوع الذي كان يحترق لأجل المرضى جعله يقيم مجموعات كثيرة من التلاميذ ليذهبوا كي يكرزوا ويشفوا المرضى. ولا يزال يسوع يطلب اليوم حاصدين يكرزوا بالشفاء والخلاص في كل مدينة وقرية.

– لجميع الذين يعيشون في يأس وإحباط ويعانون من سكرات الموت.. لأولئك الذين أخبرهم الأطباء “لا نستطيع أن نفعل لكم أي شيء”، لا يزال حنان ورحمة المسيح مستعدة أن تُستعلن لهم – كما فعل أثناء خدمته على الأرض.

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$