ينكشف لنا سلطان المؤمن بوضوح أكثر في الرسالة إلى أهل أفسس عنه في أي رسالة أخرى وجهت إلى الكنائس. ومادام كتابي هذا يرتكز بالأكثر على الرسالة إلى أهل أفسس، فإنني أهيب بالقارئ العزيز أن يقرأ الاصحاحات الثلاثة الأولى منها مراراً وتكراراً على مدى عدة أيام متتالية.
ستلاحظ في نهاية الاصحاحين الأول والثالث وجود صلوات جاءت بمسحة الروح القدس. ومع ذلك فالرسول بولس لم يصل هذه الصلوات من أجل الكنيسة في أفسس وحدها. فهذه الصلوات تنطبق علينا اليوم بذات القدر الذي انطبقت به على المؤمنين في أفسس، لأنها أعطيت بواسطة الروح القدس.
“لا أزال شاكراً لأجلكم ذاكراً إياكم في صلواتي كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات…” (أفسس 16:1-20).
“بسبب هذا أحني ركبتي لدي أبي ربنا يسوع المسيح الذي منه تسمى كل عشيرة في السموات وعلى الأرض لكي يعطيكم بحسب غنيي مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الداخلي ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كم ملء الله” (أفسس 14:3-19).
حدثت نقطة التحول في حياتي عندما رددت هذه الصلوات لنفسي أكثر من ألف مرة. بدأت القراءة بصوت مسموع إبتداء من الإصحاح الأول مطبقاً هذه الصلوات على نفسي بوضع الضمير “أنا: مكان الضمير “أنتم”.
فكنت مثلاً أقرأ أفسس 14:3-17 هكذا: “بسبب هذا أحني ركبتي لدي أبي ربي يسوع المسيح الذي منه تسمى كل عشيرة في السموات وعلى الأرض لكي يعطني بحسب غني مجده أن أتأيد بالقوة بروحه في الإنسان الداخلي ليحل المسيح بالإيمان في قلبي…”.
أمضيت وقتاً في ترديد هاتين الصلاتين وأنا راكع عند منبر آخر كنيسة رعيتها في شرق ولاية “تكساس”. وأبقيت كتابي المقدس مفتوحاً أمامي على هاتين الصلاتين ورددتهما لنفسي عدة مرات في اليوم. وأحياناً كنت أقول لزوجتي بأنني ذاهب إلى الكنيسة المجاورة لأصلي ولا أريد أن يقاطعني أحد إلا إذا كان هناك طارئ مُلِح – وكنت أحياناً أواصل صلاتي على مدى يومين أو ثلاثة دفعة واحدة.
قضيت حوالي ستة أشهر أصلي هكذا خلال شتاء عام 1947-48. ومِن ثم بدأ يتحقق الأمر الأول الذي كنت أصلي من أجله. كنت أصلي من أجل “روح الحكمة والإعلان” (أفسس 17:1)، فبدأ روح الإعلان يعمل عمله في داخلي! وبدأت أرى في الكتاب المقدس حقائق لم أرها قط من قبل. لقد إنفتحت للتو كلمة الله أمام عيني.
تقدمت في النمو الروحي وفي معرفة الكلمة خلال هذه الأشهر الست أكثر مما نميت خلال أربعة عشر سنة كقسيس، وخلال ستة عشر سنة كمسيحي.
كان ذلك من أعظم الإكتشافات الروحية التي أقدمت عليها…
قلت لزوجتي: “ما هذا الذي كنت أكرز به؟ كان جهلي بالكتاب المقدس كبيراً”.
فإذا كان لنا أن ننمو علينا أن ننال روح الحكمة والإعلان – حكمة وإعلان المسيح وكلمته. هذا أمر لا يمكن أن نناله من خلال فطنتنا بل ينبغي أن يكشفه لنا الروح القدس.
يود الناس غالباً أن يعرفوا كيف يصلّون من أحل إخوتهم في المسيح. فإذا بدأت في ترديد تلك الصلوات من الرسالة إلى أهل أفسس لأجلهم فسترى وتشهد النتائج الأكيدة في حياتهم. وحبذا لو أنك تردد تلك الصلوات من أجل نفسك أيضاً.
أعتدت منذ بضعة سنوات أن أردد تلك الصلوات مرتين في اليوم – صباحاً ومساءاً، من أجل أحد أفراد أسرتي الذي كان في أمس الحاجة إلى الشفاء. ومع ذلك فقد بدا وكأنه لم يستطع أن يدرك ما يعلمه الكتاب المقدس حول الشفاء الإلهي.
وأثناء صلاتي كنت أضع اسم هذا الشخص، تماماً كما كنت أضع إسمي أنا من قبل. وفي غضون عشرة أيام كتب إليّ يقول: “لقد بدأت أرى حقائق لم أرها من قبل” (نعم في الوقت الذي تعتمد فيه على كلمة الله تنجلي لك الأمور).
كان من المدهش تغير أقاربي بهذه السرعة عندما بدأت أصلي من أجلهم وفقاً لكلمة الله. (لقد صليت كثيراً من قبل لأجل بعضهم على مدى سنوات عديدة دون نتيجة، لأن صلاتي لم تكن وفقاً لكلمة الله.
سلطان المؤمن
“فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات” (أفسس 16:6).
شكراً لله أننا نمتلك السلطان من خلال المسيح يسوغ على أرواح شريرة كهذه. علينا أن نفهم ما قاله الرسول بولس هنا في ضوء ما كتبه في إصحاحات سابقة من نفس الرسالة. علينا أن ندرك بأننا في المسيح يسوع نمتلك السلطان فعلاً. وفي مصارعتنا مع إبليس ينبغي أن لا يغيب عن بالنا أبداً أن لنا سلطاناً عليه عدو موهوم – فقد دحره المسيح يسوع عنا.
ومع ذلك فإن سلطان المؤمن هو مظهر من مظاهر المسيرة المسيحية لا يعرف عنه الكثير سوى أقلية من المؤمنين. ويعتقد أن السلطان على إبليس يخص فقط بعض الناس القلائل الذين إختارهم الله وحباهم قوة خاصة ولكن هذا الإعتقاد أبعد ما يكون عن الحقيقة لأن ذلك السلطان يخص كل أولاد الله!
إننا ننال ذلك السلطان عندما نولد ثانية. فإذ نصبح خليقة جديدة في المسيح يسوع نرث اسم المسيح يسوع، ومن ثم نستطيع أن نستخدم ذلك الاسم في صلاتنا ضد العدو (إبليس).
ولكن الشيطان لا يريد أن يتعلم المسيحيون شيئاً عن سلطان المؤمن لأنه يريد أن يواصل دحرنا متى شاء. ولهذا السبب يبذل قُصارى جهده للحيوالة دون إدراك المسيحيين للحق المتعلق بالسلطان. وهو سيثير هجوماً علينا حول هذا الموضوع أكثر من أي موضوع آخر، لأنه يدرك أن أوج قوته وذروة أيامه ستنتهي يومَ نتعلم هذا الحق. إننا سنسود عليه مبتهجين بالسلطان الذي لنا شرعاً.
تقول الآية في أفسس 3:1 “مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا (كل الكنيسة ) بكل بركة روحية في السماويات في المسيح” نعم، ؤ بكل بركة روحية. فكل البركات الروحية هي لنا في المسيح يسوع. والسلطان هو من حقنا سواء أدركنا ذلك أم لم ندرك، ولكن معرفتنا وحدها لا تكفي إذ ينبغي وضع هذه المعرفة موضع التنفيذ لأن المعرفة التي تطبق هي التي تعطي نتائج. إنها لمأساة أليمة بالنسبة للمسيحيين أن يمضوا قُدماً في الحياة دون أن يدركوا أبداً ما يحق لهم.
هل تأملت مرة في حقيقة كون الخلاص هو من حق الخاطئ. فقد إشترى المسيح الخلاص لأشر الخطاة كما اشتراه لنا. ولهذا السبب أهاب بنا أن نذيع الأخبار السارة في كل مكان ونخبر الخطاة أنهم قد صوحلوا مع الله.
ولكننا في الحقيقة لم نخبرهم بذلك أبداً، بل أخبرناهم بغضب الله عليهم وبأنه يحصي كل هفواتهم ويراقب كل زلاتهم، علماً بأن الكتاب المقدس يؤكد أن الله لا يحسب شيئاً على الإطلاق ضد الخاطئ لأنه محا خطاياه وألغى ديونه!
إن هذا الأمر مرعب حقاً. سيذهب الخاطئ المسيحي، وهو جاهل يتدبيرات الله له، إلى جهنم رغم أن كافة ديونه قد ألغيت! راجع 2 كورنثوس 19:5.
لم يعد لمشكلة الخطية وجود لأن المسيح وجد لها الحل، بل أصبح الأمر يقتصر الآن فقط على مشكلة الخاطئ. ما علنك في هذه الحالة إلا أن ترشد الخاطئ إلى المسيح فيجد عندئذ الحل لمشكلته. نعم، قد يختلف هذا بعض الشيء عما تعلّمه الناس، ولكن هذا ما يعلّمه الإنجيل.
فطالما لا يعلم الخاطئ بما يحق له فلن يستفيد شيئاً. وهكذا أيضاً إذا لم يعرف المسيحيون الأمور التي هي من حقهم فلن يستفيدوا منها شيئاً. إذاً عليهم أن يكتشفوا ويتعلموا ما يحق لهم. ولهذا السبب وضع الله معلمين في الكنيسة، ولنفس السبب أيضاً أعطانا كلمته المقدسة لتعرّفنا بما هو لنا.
ينطبق الشيء ذاته على العالم الطبيعي أيضاً، فقد نملك أشياء عديدة ولكنها لن تنفعنا شيئاً ما لم نعرف أنها في حوزتنا.
أذكر أنني خبأت مرة ورقة بعشرين دولاراً في محفظتي ونسيت عنها كل شيء. وفي أحد الأيام، نفذ الوقود من سارتي فأخذت أفتش في محفظتي فوجدت ورقة العشرين دولار هذه. لم يمكنني وقتئذ الإدعاء بأنني لم أمتلك نقوداً لمجرد أنني نسيت وجودها. فقد كانت معي كوال الوقت وكنت أحملها في جيبي لأشهر طويلة ولكن لأني لم أكن أعلم بوجودها في جيبي فلم أستطع إنفاقها. ورغم ذلك فقد كنت أتملك ورقة العشرين دولاراً سواء كنت عالماً بوجودها أم لم أعلم.
سمعت منذ سنوات مضت عن رجل وُجد ميتاً في غرفته العارية التي كان قد أستأجرها لنفسه بمبلغ زهيد من المال. وكان الناس قد إعتادوا رؤية هذا الرجل مرتدياً أسمالاً بالية وهو يجول في شوارع ولاية شيكاغو على مدى عشرين سنة، ويقتات من فضلات الطعام التي يلتقطها من أوعية القمامة.
وعندما أختفى الرجل عن الأنظار لمدة يومين أو ثلاثة، إهتم جيرانه بالأمر وأخذوا بالبحث عنه فوجدوه ميتاً في فراشه. ولدى تشريح الجثة وجد بأن سبب الوفاة كان يرجع إلى سوء التغذية. ومع ذلك فقد وجد حول وسطه حزاماً به جيب يحتوي على أكثر من ثلاثة وعشرين ألف دولار.
لقد عاش هذا الرجل في فقر مدقع، وهو يعمل كبائع متجول للجرائد لكي يكسب لقمة عيشه. ومع ذلك لقد يمتلك المال. كان بإمكانه الإقامة في أفخم الفنادق بالمدينة عوض الإقامة في تل الغرفة الضيقة التي تكاد جدرانها أن تتهاوى. كان بإمكانه أن يتناول ما لذ وطاب من الأطعمة عوض ما يجده من فتات الطعام بين القمامة. ولكن لم يستخدم ما كان في حوزته.
علينا أن نعرف ما في حوزتنا. وقد قال المسيح له المجد: “وتعرفون الحق والحق يحرركم” (يوحنا 32:8). ويقول الله على لسان هوشع النبي: “قد هلك شعبي (ليس الخطاة أو العالم) من عدم المعرفة…” (هوشع 6:4). نعم، يهلك الناس فعلاً في حين كان بإمكانهم تجنب هذا المصير المحزن.
نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.
Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.