ملكوت النور – الجزء 1
▪︎ الوعظْ بالإنجيل بكاملة وليس منتقصًا.
▪︎ السر وراء تغيير حياتي “الراعي رامز غبور” هو: الجوع الروحي، والملء بالروح القدس.
▪︎ خطورة التعليم الخطأ كما علّمَ الرب يسوع.
▪︎ حياتك غير مرتبطة بما تمتلكه، بل بعلاقتك الغنية مع هذا الإله.
▪︎ يُضاد الله الاعتماد على المال وليس أنْ تزدهر.
▪︎ التأمل هو شعلة الإيمان.
▪︎ قد أتى ملكوت الله، ونحن مُقيمون فيه الآن.
▪︎ الإنجيل كاملةً وليس منتقصًا:-
“ ١٩ لأَنَّ انْتِظَارَ الْخَلِيقَةِ يَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ. ٢٠ إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا عَلَى الرَّجَاءِ. ٢١ لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ.”(رومية ٨: ١٩-٢١)
“إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ لَيْسَ طَوْعًا” لم يخلق الله الخليقة للبُطل ولكنها أُخضعت للبطل والفساد والعناء والتعب بسبب سقوط آدم، بمجرد ما سقط سلم الأرض لإبليس، وأصبح هو المهيمن والمسيطر على الأرض.
يشير لفظ “خضوع” إلى سيادة وسلطان وتسلط، فالأرض مِلك لله وأعطاها الله للإنسان ليُديرها ويتسلط عليها، ولكنه عندما سقط بغواية إبليس ولم تَعُد الأرض تحت سيادته بل تحت هيمنة شريرة.
“ليس طوعاً”؛ أي أنّ هذا حدث ليس بإرادة الله، ولم يكُن هذا ما رسمه للأرض، ولكنه كان على علم به.
“حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ” مجد أولاد الله هو أنك لا تتأثر بالضياع والقلق الذي في العالم، أنْ تعيش حياة انتصار وغلبة في الأرض، ويصطدم الحق الكتابي الخاص بالحماية الإلهية ومساعدة الله للإنسان مع التعليم المنتشر عن الألم والذي تم الوعظ به كثيرًا بأنّ الله يريد أو يسمح بالألم.
“ ١٦ حَتَّى أَكُونَ خَادِمًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ، مُبَاشِرًا لإِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ، لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولاً مُقَدَّسًا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ١٧ فَلِي افْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَةِ مَا ِللهِ. ١٨ لأَنِّي لاَ أَجْسُرُ أَنْ أَتَكَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَسِيحُ بِوَاسِطَتِي لأَجْلِ إِطَاعَةِ الأُمَمِ، بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، ١٩ بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ. حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ، قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ. (رومية ١٥: ١٦-١٩)
“… قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.” لا يُعني هذاإنّ الرسول بولس قد أكمل التبشير في هذه الأماكن التي يتكلم عنها المقطع الكتابي، فهي تأتي في الأصل بمعنى “لقد قدمت ووعظت وبشرت بالإنجيل بصورة كاملة”. معنى هذا إنه يوجد مَن يعظ ويبشر بالإنجيل بصورة ناقصة، ولكن يجب أنْ يُقدَّم الإنجيل كاملاً، ووضح الرسول بولس أنه وَصَّلَ حق الإنجيل كاملاً وليس ناقصًا.
معنى كلمة “إنجيل” هي حَمْل وإعطاء أخبار سارة، والخبر السار لأي شخص يختص بحياته كلها، وأنْ لا يخضع للبُطل والفساد ولا لنظام العالم الفاسد، فالخليقة تنتظر استعلان حرية مجد أولاد الله، وهذا مِن شأنه أنْ يُعِد ويُجَهِز لمجيء يسوع ثانيةً للأرض إذ هو مرتبط بحياة المؤمنين هنا واستعلان مجد الله فيهم.
إنْ كنت تعتقد أنّ الحياة على الأرض صعبة ومِن الطبيعي أنْ تكون هكذا، هذا لأنك ترى مَن حولك بهذه الصورة، واعتدت على هذه الحياة، وكبرت عليها، فقبلتها طوعًا وليس اختيارًا، فمنذ وقت ميلادك وأنت ترى الأرض بالسيناريو نفسه الذي تراه كل يوم، ولا ترى الانتصار فيها، ولا يعيش المؤمنين هذا الانتصار، فأُجبِرت أنْ تقبل هذا الإله بهذه الصورة طوعاً وليس اختيارًا.
جعلتنا معظم الأحداث نقتنع بأمور ليست حقيقية، ولكن إنْ كانت هناك أكذوبة ما لها مئتي عام، وأثبت العلم اليوم حقيقة مختلفة عنها، فكل هذه السنين لا تعتبر برهانًا على صحتها.
جعل هذا الكتبة والفريسيين أيضًا لا يقبلوا الرب يسوع طول الوقت؛ لأنه جاء بطريقة مختلفة عما في أذهانهم، فوقعوا في خطأ جسيم وحاربوا المسيا مَن كانوا يتنبؤون عنه وقتلوه بسبب ما توارثوه مِن تعاليم خاطئة واعتقدوا أنها صحيحة، انتبه، يحدث هذا في الوقت الحالي أيضًا وبشراسة!
كما اعتقدوا أنه مادام الأغلبية لها نفس الرأي، إذًا سيكون هذا هو الحق ويعرفون مِن خلاله مَن هو يسوع، وإنْ جاء شخصًا علمانيًا يقول لهؤلاء الذين يتبعون رأي الأغلبية “هناك احتمال أنْ يكون هذا هو يسوع”
يُجيبونه “هذه حماقة أنت لا تعلم، فالأغلبية لا تقول ما تقوله أنت، أخبرنا أين تعرف هذا مِن النبوات”، فبدأوا يعتمدون على معرفتهم، وقدراتهم وعلمهم، فغاب يسوع مِن أمامهم أعينهم!
مِن المحتمل أنْ يعبر الرب يسوع أمامك ولا تعرفه! وذلك مِن خلال كلمة الله التي تُشرَح لك بطريقة صحيحة، أو أنْ يُقَدَّم لك تعليمًا كتابيًا صحيحًا، بينما تنتظره يظهر لك في الحجرة، أو في حلمٍ، أو حتى عبر أنْ ينقل شيئًا مِن مكانٍ لمكانٍ آخر، معتقدًا أنه يظهر فقط في أشكال مُبهرة ومُفاجئة، هذا ما إلا سلوك بالحواس الخمس، هذا يجعل حياة المرء الروحية صعبة وممتلئة بالقلق والإحباط.
“ ١٤ وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ ١٥ وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ». (مرقس ١: ١٤، ١٥)
“يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ…آمِنُوا بِالإِنْجِيلِ” هذا يعني أنّ الملكوت هو الإنجيل! ولفظ ملكوت يعني مملكة، وهذه مملكة بكل أبعادها؛ أي أنّ لها سورها الذي يحميها وقوانينها ورياستها ونظامها، ونعلم أنّ تعليم ودراسة كلمة الله هي التي تجعل الإنسان يحيا ملكوت الله.
إنْ كان الرب يسوع قال “اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ” إذًا هو يتكلم عن أمر سيحدث في أثناء وجوده على الأرض. يوجد مفتاح صغير لفهم الآيات والكلمات التي تتحدث عن ملكوت الله، لكنه ذهبي، وهو “أنّ هذا الملكوت هو ملكوت روحي يؤدي إلى أرضي”.
اعتقد بعض الناس أنّ هذا الملكوت روحي فقط، ولا يوجد أي احتياج لملكوت أرضي، وأصبحوا يُحَذرون وينهون ممَن يتحدث عن ميراث أرضي، ويتغافلون عن بعض الآيات عمدًا لأنها تتحدث عن أمور أرضية.
قالوا أنّ مَن يتحدث عن ملكوت أرضي هو شخص غير روحي يهتم بالأرض وما على الأرض، ومُحِب للعالم، وهذا ليس بجديد فلقد قالوا مثل هذه الأمور على الرب يسوع والرسول بولس، لكن الهدف ليس ميراث أرضي بل أنْ يحيا المؤمن منتصرًا في الأرض.
▪︎ السِر وراء تغيير حياتي هو: الجوع الروحي، والملء بالروح القدس:-
جلست مُنذ سنوات أدرس عن الله وابحث لأرى هل هو إله عملي ملموس أم لا؟ قرأت جميع الكتب في مكتبتنا وسمعت جميع أشرطة الكاسيت المُسجَّل عليها وعظات ونهضات روحية بينما كنت في المرحلة الإعدادية، حتى أنني لم أنزل طوال إجازة الصيف مع أصحابي لكي ما أجلس أسمع وعظات وأدرس، كنت أنزل فقط لأداء أنشطة روحية مثل حضور الاجتماعات، وظللت أدرس وأدرس.
قرأت في خلال خمس سنوات ثلاث مئة كتابًا روحيًا، وقرأت أيضًا العهد الجديد ست مرات، والعهد القديم أربعة مرات خلال الفترة بين عام 1995 إلى 2000، ولكن لأن ما سمعته وقرأته مِن كتب روحية لم تكن تقدم يسوع بصورة صحيحة، ولا تقدم الإنجيل كاملةً حاولت الانتحار مرتين.
لم يكن العيب في الكتاب المقدس ولا في الكتب الروحية كونها روحية بل في التعليم الذي بداخلها؛ جعلتني أرى الكتاب المقدس بهذا المنظور، لكن كانت تأتي بداخلي تساؤلات “هل يسوع انتهى مثل فلان الذي مات وانتهى؟ هل حياته ملموسه؟ هل يمكن أنْ أراه هنا على الأرض في مواقف حياتي؟
كان الخدام يُقيمون في منزلنا كثيرًا وكنت اسألهم عن عمل يسوع ودوره في حياة المؤمن. فيُجيبون “يُعطينا فرحًا وانتعاشًا، ويرد لنا بهجة خلاصنا” هذا هو مقياس المعجزة ومحور الكلام. نعم هذه معجزة وأصبع الله ولكن ماذا بعد؟
كما سمعت أيضًا بعض الأشخاص يقولون عن نفسهم “اختار الرب فلان وأما أنا فقال لي ” أنت تحديدًا لن أفعل معك هذا!” وحاول الروح القدس أنْ يُشككني فيما يُقال، ويخبرني “ليس عند الله محاباة” استخدم ما كنت أعرفه عن الله وهو واضح كوضح الشمس وعرفني أنّ هذا ليس دقيقًا.
كذلك حاولت الانتحار مرة أخرى بعد سماعي لوعظة تقول “أنّ الله يريد أنْ يستجيب لناس، ولا يستجب لآخرين” فقولتُ لنفسي “أنتهى الأمر ووضحت صورة الله أمامي، فكيف يُمكنني البقاء على الأرض إنْ كان الله يختار ما يشاء ويستجيب له، أو عنده النية للأذى!” ولكن ظلّ السؤال يتكرر بداخلي “ليس عند الله محاباة، ليس عند الله محاباة!”
لم أكن مُشكك في الشخص المُتكلم لاعتقادي أنّ كله كلام الله ومِن كلمة الله، حتى تقابلت مع أحد رجال الله، دُعيَ لاجتماعنا عن طريق الخطأ، وهو أقام سبعة أشخاص مِن الموت، كنت أشعر بحضور الله عند دخوله لقاعة الاجتماع رغم أنه يدخل مِن الباب الخلفي وأنا أجلس في الصفوف الأمامية، كُلفت أنْ أُترجِم ما يقوله لسبب دراستي في مدرسة اللغات.
بعدما أنهيت الترجمة وطلبت أنْ أجلس معه، وتكلمت معه عن حياتي وعما قراته، وكنت أبكي وأنا أخبره أنّ شيء ما ليس على ما يُرام بداخلي، فوجئت أنّ دموعه نزلت معي، حينئذ علمت أنه يختلف عن باقي الخدام الآخرين الذين رأيتهم في حياتي، حيث ترعرعت على خُدام كثيرين منهم مَن أفاد حياتي بقدر النور الذي لديه، ومنهم مَن أصر على تعليمه بعدما وجهته بآيات وشواهد كتابية.
أراد الخادم أنْ يُصلي لي بوضع الأيدي، ولعدم فهمي عن الصلاة بوضع اليد، حيث لم تكن كنيستي ترحب بهذا بل وتقاومه، فسألته ماذا ستستفسد مِن هذا؟” ظنّ أنني مِن المقاومين له، وسكت وقالي لي اذهب لغرفتك وسأصلي لك، كما أخبرني “كونك جالس معي ولا تجلس مع الأخرين اللذين بالأسفل يتعرفون على بعضهم ويضحكون ويمزحون، فإنك اخترت الله عن أنْ تجلس مع الشباب” اعتقدت أنه يحاول تشجيعي بهذا الكلام!
حدث هذا عندما كنت بين المرحلة الثانوية والجامعية، بعدما درست في الكلية عرفت أنني مصاب باكتئاب شديد لأنه تخطى الثلاثة شهور مقترنه ببكاء شديد، بسبب حيرتي في هذا الإله، وكنت أصلي وأقول: “يا رب، لماذا لديك ضاني وماعز؟ لماذا أنت لست سهلاً؟ أطلب منك أنْ ظهر لي ولا تظهر؟”
ذهبت لحجرتي، وهو بدأ يتشفع لي، فوجئت بشيء ينفك مني، يا له مِن مؤتمر لقد غير حياتي كاملةً، أردت أنْ أجعله يصلي لي لكن كان أخرين يدخلون وكنت أترجم لهم، وبعدها طلب مِن أحدهم أنْ يقف عند الباب ولا يسمح بدخول أي شخص حتى أنتهي مِن الحوار معه.
قلت له أحتاجك لتصلي لي، فشرع يتكلم بألسنة، وأخبرني بكلام خاص كنت أصلي به للرب ولم أكن أشارك به أحدًا، وهو “يا رب لماذا ترجع النفوس التي ربحتها لك إلى العالم مرة أخرى؟” كنت ابكي عليهم، وأخيرًا تلامست مع الإله الذي كنت ابحث عنه، لأن يسوع كان يكشف أسرار الناس ويخبرهم بأمور.
وبعد ما تقابلت مع هذا الخدام مرة أخرى في أمريكا عام 2005، قال لي: “أنا أتيت إلى مصر مِن أجل أنت” حقيقةً هذا الشخص أثر في حياتي، عندما صلي لي وامتلأت بالروح القدس، شعرت شيء يشبه العسل في بطء نزوله واستقر بداخلي الروح القدس، كنت اعرف عنه بالاسم، ولكن لم يسبق لي وتقابلت معه وأخبرني: “أنّ شخص الروح القدس سيجعلك تستمتع بحياتك” وبدأت أقراء الكتاب المقدس باستنارة وفهم وكأني أقرأه للمرة الأولى!
▪︎ شغفك وجوعك للرب يجعلك تستقبل منه:-
ما أريد أنْ أقوله وألفت الانتباه له هو موضوع “السعي”، الكتاب يوضح لنا أنّ الجياع لابد أنهم سيشبعون (متى٥ : ٦)، عندما يكون الشخص جائعًا للكلمة ولإقامة علاقة حقيقية حميمة مع الله؛ مؤكدًا سيُشبَع.
هذا حدث مع المرأة نازفة الدم التي تلامست مع يسوع رغم الجموع المزدحمة حوله، أما الجموع فلم يتلامسوا معه ولم يستمتعوا به لأنهم اعتادوا عليه كشخص عادي يسير في وسطهم، كشخص مشهور وليس كرب وسيد صاحب سلطان.
يجب ألا تنظر بداخلك للأشخاص بناءً على شهرتهم أو بصورة مبهرة كأسماء لامعة ولا تقدر تأثيرهم كأشخاص على حياتك، فبالنسبة للرب يسوع ماذا ستفعل لو ظهر لك، هل ستتعامل معه كشخص مشهور وتنبهر بيه فقط، ولكنك لم تسع بداخلك لمعرفته!
لسبب التعاليم الخطأ التي سمعتها عن الله، أنه يأتي بالمشاكل والأمراض لنا، شعرت وكأن الحياة معه صعبة، لكني ظللت أحب الرب مِن قلبي، وأبكي لكي أعرفه، ولم أضع أي أعذار أمامي.
ضع في قلبك أنْ لا تعطي لنفسك أعذارًا في طريق معرفتك للرب، وتقول “لكل واحد مذاهب ومدارس في تفسير الكتاب، ولا أحد يعرف الحق بكامله، فالرب يعلن لكل شخص جزءًا مِن الكتاب و…” سؤال: هل تستطيع أنْ تقول هذه الأعذار عندما تظهر أمام الرب يسوع؟! اعلم أنّ أعذارك الضعيفة والواهية هذه لن تنجح في إقناع الرب، وسيجيبك عليها كلها!
يقول الكتاب عن الرب “…لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ”. (رومية ٣: ٤)
حينما تأتي لتقول له الأعذار التي كانت لديك في فترة الأرض ” يا رب حاولت أنْ أفعل كذا في اليوم الفلاني، ولم أستطع لأنك صعب!” سيجيبك ويرد على أعذارك ويوضح لك أنه كان هناك حل. تخيل الإله المهوب العظيم مالك الكون سيسمح لك بالحوار معه!
▪︎ خطورة التعليم الخطأ كما علّمَ الرب يسوع:-
يمكن للإنسان أنْ يُلقي بإنسان آخر في الجحيم!
“ ١ وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، ٢ فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. ٣ لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ. ٤ وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. ٥ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا!“ (لوقا ١٢: ١-٥)
“… خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ.” مَن المقصود في هذا المقطع أنّ له سلطان أنْ يقتل ويُلقي في جهنم؟ ظن الكثير مِن المفسرين أنّ الله هو المقصود هنا، وهو الذي يُلقي في جهنم، في الحقيقة الله سيأمر بألقاء الخطاة في الجحيم ولكنه لا يقتل، فمَن إذاً هو المقصود في هذا المقطع الكتابي؟ هو إبليس ولو بطريقة غير مباشرة عبر تعاليم غير كتابية. لنرى ذلك مِن الكلمة:
” … ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ،”
إنّ التعاليم غير الكتابية هي التي تؤدي إلى قتل أرواح الناس هنا على الأرض وتؤدي بهم إلى الألقاء في الجحيم، وهذا ما حذر مِنه الرب يسوع.
تربط كثير مِن المراجع اليهودية بين هذا الشاهد، والشاهد التالي..
“١ حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ ٢ قَائِلاً: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، ٣ فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. ٤ فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، ٥ وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، ٦ وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، ٧ وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! ٨ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ. ٩ وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. ١٠ وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ. ١١ وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ. ١٢ فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ. ١٣ «لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. ١٤ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. ١٥ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.” (متى ٢٣: ١- ١٥)
“وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ” لم يمنع الرب الأبوة الروحية مطلقًا، لكنه قال “لا تجعلوا هؤلاء الاشخاص غير الصالحين أباء لكم” وليس في العموم المطلق، لأن الرسول بولس قال لفظ أب:
“لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ.” (١ كورنثوس ٤: ١٥)
لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ” لاحظ هذا..يُمكِن لأشخاص أنْ يغلقوا ملكوت السموات قدامك بالتعاليم الخاطئة!
“تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا” يبدوا أنّ هؤلاء الأشخاص يسافرون ليمدوا ملكوت الله، ولكنه يتعب لكي يكسب شخصًا لهم…” وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا.”
“لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، بل مِمَّنْ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ!“ يوجد أُناس اقصى ما يمكن أنْ يفعلوه هو قتل الجسد، بمعنى يجب ألا تحيا حياتك على الأرض مُتأثراً بما يحصل معك مِن خلال ما يفعله بك الآخرين مِن ضيقات واضطهادات، متأثرًا بالنظام السائد في العالم، فهذا أقصى ما يمكن أنْ يفعلوه معك، بل انتبه لأهم شيء وهو ما ومَن يؤثر على حياتك الروحية.
يتكلم الرب يسوع هنا ويحذر مِن التعاليم غير الكتابية والتي تؤدي لإلقاء الناس في الجحيم، فهو يتكلم معنا هنا في الأساس ليعطينا مفاتيح الحماية مِن الألقاء في جهنم. فلابد مِن التفاعل مع الكلمة بالقلب والذهن، لدرجة أنْ تهزك مِن الداخل وأنت تسمعها.
هام أنْ تتفاعل مع الكلمة، إنْ لم تضع حبك فيها، ولم تؤثر في روحك؛ لا تتوقع أنْ تؤثر وتُغير في ظروفك، فهذه أحد الطرق لتشتعل روحيًا.
المفتاح الذهبي لفهم “هل هذا الملكوت أرضي أم لا” هو أنْ تفهم الرابط بين عالم الروح وعالم العيان، فهذا الملكوت يؤثر على الأرض مِن خلال عالم الروح، ولكن نعم الملكوت الأرضي لم يأتي بعد.
الرب يسوع جاء ومات وقام ليس فقط ليسود على روحك فتولد مِن الله وتذكرة السماء مضمونة، ولكن ليسود على حياتك وظروفك ويجعلك لا تتأثر بإبليس، فهناك مَن يقول أنْ صلواتك وما إلى ذلك هي لتفيد أبديتك، وأنْ إبليس الآن مَن يسود على الارض ويجب أنْ نقبل المُعاناة، ولكن هذه العبارات ليست صحيحة بالكامل، فنعم إبليس رئيس هذا العالم لكن ليس له فيك شيء ولا يؤثر فيك، إلا إذا سمحت له بذلك.
إنْ كان هناك بشر يصنعون أبناء لجهنم، فكم بالحري نحن أبناء الله الحاملين حضوره نصنع أبناء للملكوت، فنحن مَن نُظهر مجده وحضوره للناس هنا على الأرض.
يوجد فرق بين ملكوت الله وملكوت الابن:
- ملكوت الله: هو كل الكون وكل الخليقة، حيث يقول الكتاب: “مُلْكُكَ مُلْكُ كُلِّ الدُّهُورِ، وَسُلْطَانُكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ.” (المزامير ١٤٥: ١٣).
- ملكوت الابن: هو كوكب الأرض فالرب يسوع اشترى كل الحقل؛ أي الأرض، فببساطة كأنه أخذ قطعة مِن الأرض التي يمتلكها الله ليستثمر فيها (متى ١٣: ٣٨)، وسيُسلم هذا الملكوت للآب (١ كورنثوس ١٥: ٢٤).
▪︎ حياتك غير مرتبطة بما تمتلكه:-
“٦ أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ اللهِ؟ ٧ بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! ٨ وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. ٩ وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. ١٠ وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ. ١١ وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ، ١٢ لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ». ١٣ وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». ١٤ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» ١٥ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَع، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ»” (لوقا ١٢: ٦-١٥).
تأتي عبارة “فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ” في الأصل اليوناني بمعني أنّ حياتك لا تُقاس بما تمتلكه بصفه عامة وليس المال فقط، على عكس مفهوم الناس الذي يُقَيّم الشخص بما يمتلك.
“الطَّمَع” هو اشتهاء شيء بشغف، فهو ليس فقط شهوة المال، فنحن نرى الكثير مِن الناس الآن يشتهون السفر هربًا مِن ظروفهم في بلدهم، أو امتلاك أشياء وما شابه.
لنتذكر كلمات مُعينة قالها الرب يسوع أثناء حواره مع السامرية ستخدم فهمنا للأمر أكثر، حيث يستوقفنا ما قاله:
“١٠«لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا». ١٣ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا ١٤ وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». (يوحنا ٤: ١٠، ١٣، ١٤)
ينفي الرب يسوع في الشاهد أعلاه أنّ الماء المادي هو مصدر الحياة، بالرغم مِن أنه هو خالق هذا الماء إلا أنه لم يعتبره كمصدر للحياة، فالله لا يعترف بأي شيء أرضي على أنه مصدر حياة.
لاحظ أنه كان عطشًا بالفعل، ولكن أراد منها أنْ تعلم أنّ هذا الماء مفعوله مؤقت أما الماء الذي يُعطيه هو فلن يؤدي للعطش ثانيةً، لذلك إنْ كنت وُلدت مِن جديد وقبلت الروح القدس ستجري مِن بطنك أنهار ماء حي، وهذا ليس لفئة مُعينة مِن المؤمنين بل للكل، هذا ما سيحميك مِن أنْ تطمع، فطريقة الله في علاج الطمع الذي قد يصيب بعض المؤمنين هو أنْ يُشبعك.
“لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.” (١ تيموثاوس ٤: ٨)
“التقوى” هي السلوك بالطبيعة الإلهية وإخراجها مِن داخلك لخارجك، فهذا ما سينفعك هنا على الأرض وفي الحياة القادمة.
▪︎ الله يُضاد الاتكال على المال وليس أنْ تزدهر:-
“١٧ وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» ١٨ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. ١٩ أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». ٢٠ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». ٢١ فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». ٢٢ فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ. ٢٣ فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» ٢٤ فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! ٢٥ مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ» ٢٦ فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» ٢٧ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». ٢٨ وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». ٢٩ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً، لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ، ٣٠ إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَدًا وَحُقُولاً، مَعَ اضْطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ” (مرقس ١٠: ١٧-٣٠)
سؤال هذا الشاب لم يكن بدافع أنه يريد ضمان أبديته، ولكن ما يعنيه هو كيف يولد مِن جديد ويأخذ حياة وطبيعة الله، فهذا مُستمَد مما قيل مِن تعاليم في العهد القديم، فاليهود كانوا يعلمون أنّ فكر الله هو أنْ يشارك حياته مع الإنسان.
جاوبه الرب يسوع بسؤال: “لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.” يعني ضمنيًا أنه هو الله الصالح هذا، وبمجرد أنْ يعترف هذا الشاب بأنه هو الله، سينال الحياة الأبدية (حياة الله) بعد إتمام الرب يسوع للخلاص.
“كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي” تدل إجابة هذا الشاب على تقديره للكلمة، لذلك نظر إليه يسوع وأحبه، لأنه يحب مَن يُحب الكلمة، لكن نرى أنّ لهذا الشاب حُبًا للمال لهذا مضى حزينًا.
لاحظ أنّ التلاميذ تحيروا مما قاله الرب يسوع في عدد٢٣، حيث أنهم كانوا يعلمون أنّ مَن يسلك بالكلمة يزدهر في كل زوايا حياته بحسب (تثنية ٢٨)، فلهذا أوضح لهم ما كان يقصده، حيث قال: ” مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!”
الخطأ هنا هو الاتكال على المال وليس جَنيُه في العموم.
الخلفية التاريخية لقوله ” مُرُورُ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ” هو أنه كان هناك باب ضيق صغير يدخل منه الاشخاص العائدين مِن الحقل حمايةً مِن الأعداء، وكانوا يتركون جمالهم خارجًا لعدم قدرتها على الدخول حتى أنهم في بعض الأحيان كانوا يدفعون المال لأُناس؛ لحماية جمالهم لحين عودتهم.
“عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ” الغير مُستطاع عند الناس هُنا هو الخلاص، فمن الخطأ الاعتماد على ما تمتلكه إنْ كان مال أو ما شابه في حصولك على الخلاص.
“يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هذَا الزَّمَانِ” ستكون المُجازاة بالمئة ضعف هنا على الأرض، فليس مِن الغريب أنْ يقول بولس الرسول أنّ التقوى نافعة في هذا الزمان والآتي أيضًا، ولكن هذا ليس معناه أنّ هذا الملكوت هدفه الوحيد هو إعطائك أشياء وحسب.
“١٥ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». ١٦ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، ١٧ فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ ١٨ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، ١٩ وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! ٢٠ فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ ٢١ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ».” (لوقا ١٢: ١٥-٢١)
“هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ” لم تستطع الترجمات الإنجليزية أو العربية إلا القليل منها الحصول على المعنى الكامل بالأخص لعبارة “غَنِيًّا للهِ”، فهي تحمل معنيان؛ أي أنّ الغِنى مِن الله أو لله، فمثلًا: إنْ قيل “هناك شخص مطلوب للسرقة” فهذا يحمل معنيان أنه مطلوب القبض عليه لأنه سرق، أو لكي يسرق، ولها معنى آخر هو “شراكة” أي علاقة فيها تأخذ وتعطي، وليس آخذ فقط أو العكس.
أنت فاعل ومفعول به اتجاه الله، كفاعل تقول “لا” للأشياء التي تُلهيك عن أنْ تكون غني في علاقتك معه، ولا تختلق الأعذار أو المبررات حتى وإنْ كنت تخدم، فلا يجب أنْ يكون الله إلا رقم واحد في حياتك، وكمفعول به أي أنه سيكون مسئولًا عن تسديد احتياجاتك.
التعريف الإلهي “للغباء” هو أنْ تُهدر وقتك ومجهودك في تخزين أمور بعيده عن العلاقة مع الله، حيث وصف الرب يسوع الغني بالغباء؛ لأنه كان فقير اتجاه الله، وكان غنيًا اتجاه العالم.
▪︎ الاهتمام الصحيح، والخاطئ:-
“٢٢ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ ٢٥ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ ٢٦ فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ وَلاَ عَلَى الأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالْبَوَاقِي؟ ٢٩ فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا، ٣٠ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ. ٣١ بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. (لوقا ١٢: ٢٢، ٢٥، ٢٦، ٢٩-٣١)
لاحظ ما قيل: “فَلاَ تَطْلُبُوا.. فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ.” لا تتمنى وتهتم بشيء مِن الطبيعي أنْ يحدث مثل أنْ تلبس وتأكل وتشرب، فالله يهتم بالطيور التي هي أقل قيمه منك، ويهتم بالنباتات التي ستُلقى في النار بعد حين، لذلك ثق أنه يهتم باحتياجاتك.
يعني هذا أنه حتى لو كنت لا تجد هذه الأشياء -احتياجك للمأكل والمشرب والملبس- فإدراكك لاهتمام الرب بك سيجعل هذه المشكلة تختفي مِن حياتك.
أتذكر حينما ذهب رجل الله الراعي كريس للأماكن التي كان يسير فيها الرب يسوع، وكيف كان يبكي بشده على أُناس كان الله المُتجسد يسير بينهم ولكنهم لم يُميزوه، فخسروا أثمن شيء (خلاصهم)، والحل لمُعاناتهم.
“٤ لاَ تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيًّا. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ. ٥ هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟ لأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ.” (الأمثال ٢٣: ٤، ٥)
أي شيء تحاول الوصول إليه بعيدًا عن الله سيطير منك، ولكن إنْ كنت مع الله سيعطيه لك، فهذا ما حدث مع الغني الغبي، فما جمعه طوال حياته لم يهنأ به.
▪︎ “التأمل” هو شعلة الإيمان:-
أحد مبادئ السلوك في مملكة الله هي التأمل.
“٢٢ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. ٢٣ اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ. ٢٤ تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ! ٢٥ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ ٢٦ فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ وَلاَ عَلَى الأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالْبَوَاقِي؟ ٢٧ تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. ٢٨ فَإِنْ كَانَ الْعُشْبُ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ فِي الْحَقْلِ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ ٢٩ فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا، ٣٠ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ. ٣١ بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. ٣٢ «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ” (لوقا ١٢: ٢٢-٣٢)
إنْ كنت تريد أنْ تكون حارًا في الروح، فعليك أنْ ترى يدي الروح القدس في الخليقة ولا تتخطى أمرًا إلا وترجعه لكلمة الله، فهذا ما يريده منّا الرب يسوع ألا وهو التأمل في الخليقة حولنا، فحتى الطيور هو مَن يقيتها وليست الفطرة التي جعلتها تذهب للطعام.
“التأمل” هو مفتاح يبدو بسيط ولكنه قوي جدًا، فتأمُلك في عمل الروح القدس والملائكة التي تعمل على حمايتك طوال الوقت (المزامير ٩١: ١١) سيزيل الخوف مِن حياتك، فالخوف علاجه التأمل، وليس الصلاة مِن أجلك أو إخبارك بإعلان أو نبوة.
لاحظ في الشاهد أعلاه أنّ العلاقة بين التأمل والإيمان علاقة طردية، فالإيمان يشتعل بالتأمل.
“٩ إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، ١٠ لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ” (أفسس ١: ٩، ١٠)
نفهم مِن هذا أنه تم اتحاد عالم الروح وعالم العيان في المسيح، فملكوته روحي وأرضي في الوقت عينه، ولن يظهر أرضيًا إلا عن طريق بشر قد مَلَك أولًا على قلوبهم ويجعلهم يملكون في حياتهم وبعد ذلك يملُك أرضيًا.
▪︎ قد أتى ملكوت الله، ونحن مُقيمون فيه الآن:-
تذكر معي ما قاله الرب يسوع في (مرقس ١: ١٤، ١٥)، حيث كان يبشر باقتراب الملكوت، وأيضًا حينما عَلَّم تلاميذه أن يُصَلُّوا هكذا: “لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ...” (متى ٦: ١٠)، فهذه الصلاة كانت صحيحة حينها لأنه لم يأتي بعد. لكنه آتى الآن، فلغة الرب يسوع اختلفت بعد قيامته، حيث أصبح يتكلم عن ملكوت الله كشيء حدث بالفعل وليس كتشبيهات لشيء سوف يحدث كما في الأناجيل.
لنرى بعض الشواهد الكتابية التي تدل على ذلك.
“اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ االلهِ” (أعمال الرسل ١: ٣)
بدأ يتكلم الرب يسوع عن الملكوت كشيء بدأ بالفعل.
وَلكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً. (أعمال الرسل ٨: ١٢)
تم التبشير بالملكوت وبرئيسة (الرب يسوع) كحقيقة واقعية حادثة بالفعل.
“ثُمَّ دَخَلَ الْمَجْمَعَ، وَكَانَ يُجَاهِرُ مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجًّا وَمُقْنِعًا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ اللهِ.” (أعمال الرسل ١٩: ٨)
لم يكتفي الرسول بولس بقبول أهل أفسس للرب يسوع وامتلائهم بالروح القدس، بل ظل يشرح عن الملكوت لثلاثة أشهر، نستنتج مِن هذا أنه لنستفيد مِن شيء معين علينا أنْ ندرس تفاصيله، وليس فقط قبوله كفكرة وانتهى الأمر.
“وَالآنَ هَا أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي أَيْضًا، أَنْتُمْ جَمِيعًا الَّذِينَ مَرَرْتُ بَيْنَكُمْ كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ.” (أعمال الرسل ٢٠: ٢٥)
“٢٣ فَعَيَّنُوا لَهُ يَوْمًا، فَجَاءَ إِلَيْهِ كَثِيرُونَ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَطَفِقَ يَشْرَحُ لَهُمْ شَاهِدًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُقْنِعًا إِيَّاهُمْ مِنْ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ بِأَمْرِ يَسُوعَ، مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ ٣١ كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُعَلِّمًا بِأَمْرِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، بِلاَ مَانِعٍ.” (أعمال الرسل ٢٨: ٢٣، ٣١)
يُقدِّر ويتكلم الكتاب المقدس كثيرًا عن هذه المملكة، لذلك علينا أيضًا أنْ نُكثر الكلام فيه ونُقدره، تحتاج أنْ تسمع عنها كثيرًا، وبهذا ستعيش الملكوت، وتصير غنيًا لهذا الإله؛ أي تفهمه وتكون في علاقة معه حيث تأخذ فكره -الحق الكتابي لأنه يتكلم مِن خلاله- وتُعطيه ذاتك وانتباهك.
“١١ وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرّ لِلسَّلاَمِ. ١٢ لِذلِكَ قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، ١٣ وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى. ١٤ اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ، ١٥ مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. ١٦ لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. ١٧ فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ. ١٨ لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَل مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، ١٩ وَهُتَافِ بُوق وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، ٢٠ لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ: «وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ». ٢١ وَكَانَ الْمَنْظَرُ هكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ». ٢٢ بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، ٢٣ وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، ٢٤ وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ. ٢٥ اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ! ٢٦ الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلاً: «إِنِّي مَرَّةً أَيْضًا أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا».” (العبرانيين ١٢: ١١-٢٦)
نلاحظ شيئًا هامًا في الأعداد الأولى السابقة، حيث يدعونا الله أنْ نخرج مِن منطقة الراحة والإحباط ونبدأ في تصحيح طُرقنا مِن خلال التأديب عبر الرعاية الروحية؛ لأنك ستكون أول المتضررين مِن الأمور التي لم تُقوَّم وتُصَّحح فيك، فتصحيح حياتك يعتمد عليك، وعلى مدى قابليتك للتصحيح.
يمكن أنْ تستمع لسلسلة عظات الرجولة الروحية لتفهم كيف تصنع لأقدامك مسالك مستقيمة بأكثر استفاضة.
” مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ” نرى أيضًا أنه يمكن أنْ يخسر أحد نعمة الله لإهماله التصحيح، وتعديل مساره.
يلفت الرسول بولس انتباه اليهود(العبرانيين) الذين آمنوا بيسوع في عددي الثامن والتاسع عشر أنهم لم يأتوا للجبل المادي الذي خافوا منه حتى عجزوا عن التكلم كما حدث أيام موسى، ولكنهم أتوا:
“إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ،”
نحننُقيم الآن في مدينة مليئة بالأعياد والفرح، لذلك لا يجب أنْ نحزن بسبب ما نمر به مِن صعوبات، ولكن ينبغي أنْ نعي للمكان الذي نُقيم فيه الآن المليء بعشرات الآلاف مِن الملائكة التي تعمل لأجلنا، فالملائكة لها تأثير في الأرض.
تذكر معي ما فعله الرب يسوع عند لحظة القبض عليه في بُستان جثسيماني، ولكن لنرى القصة كاملة مِن خلال الاربعة أناجيل.
تذكر حينما سقط الجنود بسبب كلماته في (يوحنا ١٨: ٦)، حيث قبل هذا خَاطَبهم قائلًا:
” لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ! ٥٣ إِذْ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ لَمْ تَمُدُّوا عَلَيَّ الأَيَادِيَ. وَلكِنَّ هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ». (لوقا ٢٢: ٥٢، ٥٣)
نرى هنا مدى جرأة الرب وعدم خوفه مِن الجمع الكثير الآتين عليه، ولاحظ أنه لم يكن يغيظهم أو يتحداهم لأنهم لم يستطيعوا أنْ يُمسكوه، بل كان يوضح لهُم أنه لا يهابهم.
افهم المبدأ الذي قاله الرب يسوع لبطرس وهو مقبوض عليه
“فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟” (متى ٢٦: ٥٢-٥٣)
بمعنى إنْ كنت كثير الشجار مع الآخرين وترى أنّ الحق يتم أخذه بالعنف، فأنت مخطئ، وإنْ آجلًا أم عاجلًا سيأتي مَن هو أكثر عنفًا منك ويهزمك، وسيؤخذ حقك منك.
قال الرب يسوع أمرًا هامًا في العدد التالي:استطاع ملاك واحد مِن قَبْل في العهد القديم أنْ يقتل ١٨٥ ألف شخص فما بالك بجيوش، ولكنه قال أثني عشر جيشٍ، طبقًا لأعداد التلاميذ الإحدى عشر ومعهم الرب يسوع، أما يهوذا فلم يكن معهم، بل مع الجنود!
“وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ” يوجد معنيان لكلمة بكر أو باكورة في اليوناني “Aparché” كما استُخدِمت في (يعقوب ١: ١٨) التي تعني أول “قطفه أو أفضل شيء”، “prototokos” وهي المستخدمة هنا وتعني “الأقوياء”، وبحسب الشريعة (تثنية٢١) البكر هو مَن يأخذ ضعف الميراث لأنه أول المولودين والمسئول عن رعاية إخوته ومساعدة والده. (يمكنك الرجوع لعظات كنيسة أبكار لتفهم هذا أكثر).
“أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ” أنت مُحاط بجسد؛ أي بمؤمنين رائعين روحهم فيها طبيعة الله، وإنْ كانوا لا يسلكون بالكلمة، فهم مازالوا رائعين؛ لأننا لا ننظر للخارج بل للداخل (٢ كورنثوس ٥: ١٦).
“وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ(يتشفع) أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ”
“فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ.” (التكوين ٤: ١٠)
نكتشف مِن هذا أنّ عالم الروح به أشياء كثيرة لها صوت، فالله لم يكذب هنا، لأن الدم أكثر مِن كونه سائل، حيث له صوت في عالم الروح، فكل شيء فيه له طريقة تواصل.
يشرح الرسول بولس في عدد٢٤ ما حدث عندما صعد يسوع للسماء وقدم دم نفسه (العبرانيين ٩: ١٢-١٤)، حيث يوضح الفرق بين دم يسوع وهابيل، فهناك دم يتشفع ودم يصرخ للانتقام.
تقف السماء بأكملها في صفك الآن، لأن دم يسوع يتشفع لأجلك، لذا لا تحتاج أنْ ترفع شأن نفسك، فأنت موضع اهتمام السماء وهذا الإله.
“نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ.. أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا” المقصود السماء هنا عالم الروح، فالله يتكلم روحيًا ولا تنتظره يتحدّث معك في صورة حسية ملموسة؛ لأنك بذلك تسعى لفهم السماويات بالأرضيات، ولكن هذا خطأ، لأن السماويات تُفهم بالكلمة.
▪︎ لتُحب الرب بكل قلبك:-
لتُغرم بيسوع مُفكرًا فيه، وهذا لا يعني أنْ تتخيله كشخص له مظهر جميل جسديًا أو تراه جالسًا على العرش، أنْ تُفكر في شخص تعني أنْ تفكر في طريقة تفكيره وصفاته وكيف يرى الأمور، وما صنعه معك، ومَن أنت في نظره، فهذا ما يجب التفكير فيه، وليس هيئته الخارجية.
كُن مُحترفًا في العبادة، فهذا ليس قاصرًا على مَن هم على المنابر مِن مُسبحين أو راعي، أو على كلمات ترنيمة تلمس مشاعرك، أو موسيقى مُعينة لتحفيزك على التكلم، لا تسلك بالجسد بل اسلك بروحك ولا تنتظر مُحفزات.
كفاك عبادة لذاتك مهملًا الكلمة، لتكُن غنيًا لله، فملكوت الله ليس مُغريًا لكونك تمتلك فيه أشياءً، بل هو سيادة الله على حياتي وتفكيري، ورؤية الأمور كما يراها هو، حيث يُقاضى الموظف إنْ فعل أمرًا مِن ذاته دون أنْ يأخذ التعليمات مِن مديره، فعدم الخضوع هو كسر لقانون المكان الذي تتواجد فيه.
• لنفهم مبدأً هامًا مِن الشاهد الآتي:
“٤٠ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَا مُعَلِّمُ». ٤١ «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. ٤٢ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» ٤٣ فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ».” (لوقا ٧: ٤٠-٤٣)
نشأ حُبك لهذا الإله في البداية كنتيجة مصلحة؛ لأن الذي كان مَديونًا أكثر كان مُدركًا لحجم الورطة التي وقع فيها، فعندما غُفِرَ له أحب مُداينه أكثر، فبنفس المُنطلق أنت أحببت الله؛ لأنك أردت النجاة مِن الجحيم، لذلك لا تلوم نفسك؛ لأجل حُبك له نتيجة لمصلحة، فهذا طبيعي في البداية، وبعد ذلك عندما تنضج في علاقتك معه ستحبه لشخصه، ولكن إنْ لم تصل لهذا المستوى _تُحبه لشخصه_ فأنت مُتأخر روحيًا.
لتُحبه مِن كل قلبك حتى وإنْ كان هناك أمور لم تفهمها بعد، انتبه! فهناك مَن اقتصر التعليم الكتابي على الكلمات المنطوقة فقط، لكن هذا غير صحيح فالكلمات تخرج بعد تفكيرك وتأملك بكفاية في الكلمة، حيث تقول كلمة الله:
“فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب: «آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ»، نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا.” (٢ كورنثوس ٤: ١٣)
لاحظ أنّ الكلمات نتجت عن التفكير والتأمل ولم تخرج تلقائيًا، وغير معنى بذلك أنْ نُهمل الكلمات المنطوقة، لكن كما أنّ السيارة تحتاج إلى تسخين في البداية لتنطلق، بالمُنطلق نفسه تفكيرك هو تسخين السيارة وكلماتك هي انطلاقها.
▪︎ كيف يتدخل الله في حياتك:-
تعلَّم أنْ تحيا بالكلمة داخل هذا الملكوت، فبهذا سترى أيدي الروح القدس في حياتك، ولا تحيا بالقدريّة مُهملًا للكلمة، مُعتقدًا أنّ ترديدك لبعض المزامير يوميًا، أو تسليم يومك للرب بقولك بعض العبارات كل صباح فهذا كافي ليستلم يومك لله، هذا غير صحيح.
يصير التكلم بلا فائدة حينما يخلوا مِن المعرفة والفهم.
“«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى ٧: ٢١).
فهمك لهذا الملكوت وسماعك عنه أكثر سيجعلك تستفيد منه، لأنه غير مُتأثر بالظروف والأحداث، فما يسري في العالم لا يسري في هذا الملكوت، لكن قد تسأل لماذا إذًا أرى ظروف الحياة تغلبني؟ هذا لأنك لم تتعلم عن هذا الملكوت بكفاية.
يتحرك الروح القدس في حياتك عن طريق اعطائك تعليم ونصائح ليُعرفك سبب عدم وجود نتائج لصلواتك وكيفية حل المشاكل التي تواجهك، كانت هذه هي طريقة الرب يسوع أيضًا، فحينما أتى إليه شخص ليحل مشكلة تقسيم الميراث مع أخيه أعطاهم تعليمًا عن الطمع (لوقا١٢:١٢-٢١)، ما يعيق انصاف المظلوم في هذه الحالة هو قلبه (الطمع)، وعلاج عدم وجود نتائج هو نقص التعليم.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.