القائمة إغلاق

ملكوت النور – الجزء 2 The kingdom of Light – Part

 ملكوت النور – الجزء 2

▪︎ مبادئ لفهم وتفسير الكتاب المقدس.

  • المبدأ الأول: ما معنى أنّ يتسيّد الإنسان؟
  • المبدأ الثاني: مَن قال ماذا؟
  • المبدأ الثالث: أهذا جمعٌ أم مُفردٌ؟
  • المبدأ الرابع: الإلمام بالموضوع كامِلًا في كل زوايا الكتاب المقدس.

▪︎ ما معنى ظهور الملكوت؟ وما هي خطية عدم الاستثمار؟

 ▪ضرورة الجَديّة في الحياة الروحية.

▪︎ ما هو ملكوت النور.

  • ملكوت روحي يؤدي إلى سيادة أرضية:
  • ملكوت الله هو ملكوت العلاقة مع الله:
  • ملكوت الله هو ملكوت السيادة على إبليس:
  • ملكوت النور هو السلوك في نور المعرفة والإدراك:

▪︎ مصدر الحياة الحقيقي.

▪︎ ماذا يعني أنْ تكون غنيًا لله.

▪︎ التعريف الإلهي للحياة (الأبدية).

▪︎ ملكوت النور: ليس لإبليس سلطانٌ على مَن فيه.

▪︎ ناموس روح الحياة، وناموس الخطية والموت.

 

 سنكمل ما بدأناه عن مملكة النور التي صرنا مُقيمين فيها كمولودين من الله.

“١ وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، ٢ فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. ٣ لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ. ٤ وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. ٥ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا!” (لوقا ١٢: ١-٥).

 مِن أكثر الأشياء التي تكلََّم عنها الرب يسوع هي التحذير مِن خطورة عدم السلوك بالكلمة بصورة حقيقية، أو التكلُّم بالشيء دون أنْ تُعنيه بالفعل، فهذا هو: “خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ”.

 يوضِّح الرب يسوع في العدد الرابع أنّ الذي يقتل ليس الله، وبدأ يُعَلّم عن الخوف وعلاجه، والعلاج هو تأمُل الشخص في عمل الروح القُدس في الأمور مِن حوله، فكما هو مكتوب في (رومية ٢٠:٨) أنْ الخليقة تمّ إخضاعها لإبليس بسبب ما فعله الإنسان أي آدم حيث سَلَّمَ الأرض لإبليس عن طريق خضوعه لِمَا قاله، لذلك ما قاله الرب يسوع في الآية ٤ كان يقصد به إبليس الذى صارت له السيادة على الخليقة بسبب تسليمها له عن طريق الإنسان الذى كان مِن المُفترَض أنْ يسود هو عليها.

▪︎ مبادئ لفهم وتفسير الكتاب المقدس:

  • المبدأ الأول: ما معنى أنّ يتسيّد الإنسان:

 يواجه البعض مشكلة في فهم (هل ملكوت الله أرضيٌّ أم لا) وهذا ما سنتطرق إليه بعد قليل.

٦ أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» ٧ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، ٨ لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».” (أعمال الرسل ١: ٦-٨).

 لاحِظ، هل كانت إجابة الرب يسوع للتلاميذ في الشاهد أعلاه: “أنّ مُلكي ليس مُلكًا أرضيًا!” أو قال مثلاً: “مَن قال لكُم إنّ الله سيكون له مُلك أرضي؟!” أو حتى وَبّخَهُم! بالطبع إجابة هذه الأسئلة هي بالنفي.

 كان سؤال التلاميذ مَبنيًّا على ما كانوا يسمعونه وما قاله الله في الوحي المقدس إنه سيملُك هنا على الأرض مِن خلال شعبه، لذلك كانت إجابة الرب يسوع لهُم: “لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ” أي لها وقت مُحدَّد للحدوث، فالرب يسوع كان يُوضِّح أنه سيتمّ استرداد مُلك بني إسرائيل مرة أخرى، وليس أنّ ملكوت الله ليس أرضيًا.

 إنّ سبب عدم فهم ملكوت الله إن كان أرضيًّا أم لا أو هل إنه روحي فقط، هو عدم فهم هل عالَم الروح مُرتبِط بعالم العيان أم لا، وكل هذا أدى إلى ظهور جذور لتعاليم منافية للكتاب المقدس، تُعلِّم عن الألم والمعاناة هنا على الأرض، وهذا ما جعل فِكْرة الألم مُرحَّب بها.

 حيث إنّ الآلام التي يوضِّحها الكتاب المقدس هي الاضطهادات، ولكن الآلام التي تَحدُث للشخص مِن ظُلم أو مشاكل في حياته أو حتى أمراض فهي ليست آلام حسب مشيئة الله. لنعُد للنقطة الخاصة بفَهْم ملكوت الله وهل هو أرضيٌّ أم لا؟

“١ وَقَامَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ أَيْضًا، وَكَعَادَتِهِ كَانَ أَيْضًا يُعَلِّمُهُمْ. ٢ فَتَقَدَّمَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَسَأَلُوهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ؟» لِيُجَرِّبُوهُ. ٣ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟» ٤ فَقَالُوا: «مُوسَى أَذِنَ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابُ طَلاَق، فَتُطَلَّقُ». ٥ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ”. (مرقس ١٠: ١-٥).

 لنلاحظ إجابة الرب يسوع بعناية “مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ كَتَبَ لَكُمْ هذِهِ الْوَصِيَّةَ” أي إنه ليس مِن الطبيعي أنْ تُعطَى لهم هذه الإجابة، لكن تم إعطاءهم كتاب طلاق بسبب قساوة قلوبهم، ولكن هذا لم يَكُن فِكْر الله مِن البداية، وهذا ما قاله الرب يسوع: “وَلكِن مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمَا اللهُ.” (مرقس ١٠: ٦).

 هنا لم أكن أقصد التكلُّم عن الطلاق، لكن بالأخص أريد أنْ أوضِّح أنّ الرب يسوع كان يشرح مبدأً مهمًا جدًا في فهم آيات الكتاب المقدس ألَّا وهو (ما هو قلب الآب تجاه الأمر منذ البدء)، فهذا ما استعمله الرب يسوع في الردّ على سؤال الفرِيسيين.

 يوجد طريقة لفَهْم آيات الكتاب المقدس وتفسيره، فليس كل ما يتمّ اقتباسه مِن الكتاب المقدس هو صحيح. اقتبس الفريسيون للرب يسوع آيات من الكتاب، وأجابهم الرب أيضًا بآيات، وهذا يثبت أنه ليس بالاقتباس. إبليس نفسه يقتبس مِن الكتاب المقدس كما فعل مع الرب يسوع في التجربة على الجبل، إذًا يعلِّمنا الرب يسوع مبدأً ضروريًا جدًا والذي مِنه نفهم “قلب الآب أي الصورة الأصلية التي خلق الله العالم عليها”. هنا يُوجِّه الرب يسوع أنظارنا على كيف كان الوضع “مِنْ البَدْءِ” أي في سِفْر التكوين -سِفْر البدايات- هكذا نفهم ونُفَسِّر الكتاب المقدس.

“٢٦ وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». ٢٧ فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. ٢٨ وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».” (التكوين ١: ٢٦-٢٨).

 لاحظ الكلمتين في آية ٢٨،٢٦ “فَيَتَسَلَّطُونَ”، “تَسَلَّطُوا”، هذا معناه أنّ فِكْر الله منذ بداية خلق الإنسان أنْ يكون مُتَسلِّطًا على ظروفه وحياته؛ لأنه ليس مِن الطبيعي أنْ يعيش الإنسان غير مُتَحكِّم في حياته، حيث إنه ليس مرسومًا له المعاناة والتَحيُّر والانهزام مِن ظروف الحياة. لاحظ أمرًا آخر هامًا جدًا ألّا وهو أنّ الله لم يكُن في فِكْره أنْ يكون هناك طلاقٌ، حيث قال: “لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.” (التكوين ٢: ٢٤).

 يُثبِت هذا شيء في غاية الأهمية إنه يوجد أشياء ووصايا قالها الله، لكن لا تنطبق علينا، لأنها وُضِعَتْ لأشخاص قُسَّاة القلب، حيث نَزلَ الله لمستوى الأشخاص الذين كانوا قسَّاة القلب، فهل تَحسب نفسك منهم؟!

 أرسل أنبياء وتَكَلَّم بأنه يجب أنْ يُحب شريكي الحياة بعضهما البعض، ولكن لقُسَّاوة القلب وعدم سلوكهم بالكلمة تمّ إعطاء حلاً بديلاً وهو الطلاق ليستطيعوا أنْ يَحيوا ولم يَكُن هذا الحلّ النهائي، فإن كنت تضع نفسك مع هذه الشريحة مِن الناس قُسّاة القلب أو غير السالكين بالكلمة، فأنت تختار أنْ تحيا أقل مِن الذي يريده لك الله.

 قال لي الروح القدس ذات مرة منذ سنوات: “يوجد ملفات يجب أنْ تحذِّفها مِن ذاكرتك، مثل: سقوط آدم ونتائج الخطية، وفقط عِشْ بالصورة الأصلية التي كانت في فِكْر الله مِن البداية”، لذلك لا تتأقلَّم على الفشل والضياع، وما حدث مع قُسَّاة القلب لأن هذا ليس الطبيعي.

 

  • المبدأ الثاني: مَن قال ماذا؟

“٢٢ لِهذَا أَعْطَاكُمْ مُوسَى الْخِتَانَ، لَيْسَ أَنَّهُ مِنْ مُوسَى، بَلْ مِنَ الآبَاءِ. فَفِي السَّبْتِ تَخْتِنُونَ الإِنْسَانَ. ٢٣ فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ يَقْبَلُ الْخِتَانَ فِي السَّبْتِ، لِئَلاَّ يُنْقَضَ نَامُوسُ مُوسَى، أَفَتَسْخَطُونَ عَلَيَّ لأَنِّي شَفَيْتُ إِنْسَانًا كُلَّهُ فِي السَّبْتِ؟ ٢٤ لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً».” (يوحنا ٧: ٢٢-٢٤).

 لاحظ كلمات الرب يسوع الدقيقة، إذ يُوضِّح مَن الذي وضع وصية الختان، لم يكن موسى بل الآباء، لأن موسى وضع القوانين لشعب الله بِناءً على العهد الذى تمّ مع إبراهيم على أساس المحبة، لذلك لم يَكُن هدف إعطاء الوصية لتنفيذها كفريضة، فسَرَدَ لهُم القصة مِن البداية، لكى يُصحِّح أمرًا هامًا وهو أنّ موسى جاء بالوصايا بشكل صارم وهذا جعل العلاقة مع الله علاقة مُعقَّدة، على عكس الصورة الأصلية التي هي علاقة حُبّ والتي كانت بين الله وإبراهيم، بالطبع هذا ليس عيبًا في الناموس نفسه بل في قلب الإنسان الذي تلَّث بالخطية.

 

  • المبدأ الثالث: أهذا جمعٌ أم مُفردٌ؟

“وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ: «وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ: «وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ.” (غلاطية ٣: ١٦).

 يجب مُراعاة الجمع والمُفرَد في الآيات، لكن قد يتبادر لذهنك سؤالٌ تُرَى لماذا يجب مراعاتها! هل سيفرق هذا في شيء؟ الإجابة: نعم ولنرى مِثالاً على ذلك.

“وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ.” (مرقس ١٦: ٢٠).

 تأتي كلمة “الْكَلاَمَ” في الأصل اليوناني “الكلمة”، ونراها واضحة في ترجمات أخرى مِثْل ترجمة كتاب الحياة، فتأتي: “وَأَمَّا هُمْ، فَانْطَلَقُوا يُبَشِّرُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُؤَيِّدُ الْكَلِمَةَ بِالآيَاتِ الْمُلاَزِمَةِ لَهَا.” (مرقس ١٦: ٢٠)KEH، فالكلمة هنا المقصود بها الرب يسوع، وهذا يوضح أنّ الآيات والعجائب لم تكُن لإثبات الوحي المقدس، لكن كانت لإثبات الرب يسوع.

 تقول بعض التعاليم أنّ الألسنة انتهت مُستنِدة على ما قاله الرسول بولس: “لكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ فَحِينَئِذٍ يُبْطَلُ مَا هُوَ بَعْضٌ.” (١ كورنثوس ١٣: ١٠) تحت مُسمَى أنّ الآيات والعجائب هي لإثبات الوحي فقط، ولكن هذا خاطئ، فهي موجودة منذ أيام الرب يسوع وبعده وإلى يومنا هذا، لأنه إنْ جاءت في الأصل اليوناني: “يُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ” لكان هذا صحيح وأنّ الآيات والعجائب لإثبات الوحي، لكنها لم تأتي هكذا، بل أتت “الكلمة” أي يسوع بحسب (يوحنا ١:١).

 المبدأ الرابع: الإلمام بالموضوع كامِلًا في كل زوايا الكتاب المقدس:

لا تستخرج آية واحدة وتبني عليها عقيدةً أو تعليمًا.

“١٣ وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً، اسْمُهَا «عِمْوَاسُ». ١٤ وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هذِهِ الْحَوَادِثِ. ١٥ وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ، اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. ١٦ وَلكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. ١٧ فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» ١٨ فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا، الَّذِي اسْمُهُ كَلْيُوبَاسُ وَقَالَ لَهُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ؟» ١٩ فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. ٢٠ كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. ٢١ وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ. ٢٢ بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِرًا عِنْدَ الْقَبْرِ، ٢٣ وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. ٢٤ وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ، فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضًا النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ». ٢٥ فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! ٢٦ أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ٢٧ ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.” (لوقا ٢٤: ١٣-٢٧).

 كان تلميذيّ عمواس يتحدَّثان عن الحوادث التي حدثت مِن صَلْب الرب يسوع وموته، ففي ذلك الوقت اقترب إليهما يسوع ولكنهما لم يعرفاه! لماذا؟ لأن عيونهما لم تكُن على الكلمة بل على الظروف والأحداث، كان ذهنهما مشغولاً بالأحداث عنه وليس مشغولاً به. وهذا يُوضّح لماذا قد تحدُّث معجزة لأحد الأشخاص وهُم لا يُدركوها، ببساطة لأنهم لم يلتفتوا وينتبهوا للكلمة.

 يُظهِر هذا حال الكثير مِن المُؤمنين الآن، فَهُم يهتمون بخدمة الرب يسوع وينسوا يسوع نفسه. في بعض الأحيان نجد أشخاص يتفرغون للخدمة ولا يتفرغوا لدراسة الكلمة! لذلك لا تَكُنْ هكذا، بل كُنْ غنيًا لله كما قال الكتاب، كُنْ غنيًا في علاقة الحُب التي بينك وبين الله.

 لاحظ سؤال الرب يسوع: “مَا هذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟”؛ أي إنه ليس مِن الطبيعي أنْ يكونا عابِسين، فملكوت الله ملكوت فرح، فكيف يكونوا عابسين؟!، أيضًا هذا يوضح أنّ الرب يسوع يهتم بهذه التفاصيل التي قد يتخطّاها البعض أثناء القراءة، فليس مِن الطبيعي أنْ تكون عابِسًا فهذا معناه أنه يوجد شيء خاطئ.

 تخيّل معي هذا، ماذا لو ظهر لك الرب يسوع في يومنا هذا وأُمْسِكَتْ عينك عن أنْ تعرفه، ما هو السؤال الذي سيسأله لك؟!، “هل أنت فَرِحٌ أم عابِسٌ وتشعر أنك مَهمومٌ؟”، لأنه بما أنّ الرب اهتم بهذه الأمور مع تلميذي عمواس، فهذا يعني إنه يجب الاعتناء بها، فبهذه الصورة سيتكلّم إليك إنْ ظهر لك في يومنا هذا، لكن الحقيقة هو بالفعل يتكلَّم إليك في روحك، أو في وعظة تسمعها، أو مقالة تقرأها، هذا هو دور الروح القدس في حياتك.

 لاحظ سؤال الرب يسوع على كَلْيُوبَاسُ، فهو لم يُجيبهما بنعم أو لا لكن قال لهُما: “ما هي” فقالا: “الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ” أي إنّ الرب يسوع كان مَعروفًا بأنه كان قويًّا في كلماته وفي أفعاله. لاحظ أيضًا كلماته لهُما بعدما انتهيا مِن حديثهما، فقد دعاهما بالغبيين والبطيئا القلوب، وما جعلهما بطيئا القلوب هو عدم فهمهما للكلمة، لذلك الرب يسوع بدأ يُفسِّر لهُما مِن “مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ”.

 هذه مبادئ بسيطة لكيفية فهم وتفسير الكتاب المقدس، ويوجد لها درسٌ كامل في مدرسة الكتاب المقدس المتقدِّمة.

▪︎ ما معنى ظهور الملكوت؟ وما هي خطية عدم الاستثمار؟

١٠ لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ». ١١ وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلاً، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ. ١٢ فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ (مِن نسل ملوكي) ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. ١٣ فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ (قطع ذهبية)، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. ١٤ وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ، فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً (وفد) قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. ١٥ وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. ١٦ فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. ١٧ فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. ١٨ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. ١٩ فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. ٢٠ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، ٢١ لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. ٢٢ فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، ٢٣ فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ ٢٤ ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. ٢٥ فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! ٢٦ لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. ٢٧ أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».” (لوقا ١٩: ١٠-٢٧).

 كان الناس يعتقدون أنّ الملكوت سيظهر في الحال، ولكن الرب يسوع أوضَّح لهم مفهوم ظهور الملكوت فضرب لهم هذا المَثَل.

 لنتذكَّر معًا الأمر في نظر الله مِن البداية، ففي تكوين الإصحاح الأول قال إنّ الإنسان يَتَسَلّط، فهذا ليس فِكرًا جديدًا، لا! بل موجودًا مِن الأصل، وشعب الله لم يَتَعّجب مِن هذا الفِكْر، لكن بعد تسليم السيادة لإبليس عن طريق الإنسان، صار مَن يسلك بالكلمة فقط هو مَن يَسود على ظروفه وحياته، فهذا ليس فِكْرًا جديدًا، في الحقيقة لفظ تعليم جديد قيل للرب يسوع أيضًا: “مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟” (مرقس ١: ٢٧).

 ظهور الملكوت هو أنْ “يُستعلَن بمُلك أرضي مِن خلال الرب يسوع”، لذلك كان شعب الله مُقتنِعًا تمامًا إنه سيتمّ استرداد المُلك لهم، لذلك لم يَلُمْ الرب يسوع التلاميذ عندما سألوه عن هذا، ولم يقُل لهم إنّ ملكوت الله ليس ملكوتًا أرضيًا لكنه روحيًّا فقط، بل بالعكس أجابهم بأنه سيكون ولكن في وقت مُحدَّد. يقول البعض إنه لا يوجد مُلْك أرضي مُستنِدًا على كلمات الرب يسوع حينما كان يُحاكَم وقال: “مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ.”(يوحنا ١٨: ٣٦).

 انتبه! هناك آيات تُوضِّح العكس، فالرب يسوع كان يقصد إنها مملكة مُختلِفة عن هذا العالَم ونظامُه الفاسِد، فالكتاب يقول عنا: لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ!” (رومية ٥: ١٧).

 نفهم مِن هذا أنّ فِكر الله مِن البداية أنْ يسود الإنسان على حياته، وكلمة “سَيَمْلِكُونَ” في الآية لا تعني أنها ستكون في المستقبل، فالصيغة تأتي في الأصل اليوناني مُضارِع مُستمِر، وهذا يعني أنّ إرادة الله لنا أنْ نسود ونتسلَّط مِن خلال يسوع، ومِن خلال فَهمنا للبر والنعمة على حياتنا وظروفنا، وكيفية اتّخاذ القرارات، وأنْ نفهم علاقتنا مع الله، فهذا سيؤدي إلى مُلك الرب يسوع مُلكًا أرضيًا وهذا هو ظهور الملكوت!

 ظهور ملكوت الله الذي تكَلّم عنه في (لوقا ١٩) كان يوضِّح فيه الرب يسوع أننا الآن في حالة استثمار.

 يتكلم هو هنا عن “ظهور الملكوت”؛ فظهوره سوف يحدُث في فترة المُلك الألفي، وليس كما اعتقد اليهود أنه بمجرد مجيء الرب يسوع سيظهر الملكوت في الحال، بسبب هذا الفَهم الخاطئ للمكتوب لم يؤمنوا به، فلم يعلموا إنه سيأتي ليملُك على القلوب أولًا، ومِن ثَمَّ يملكون ويبدؤون في صُنع أغلبية في التأثير، وليس شرطًا أنْ يكون في العدد، فمثلما تجلب الأغلبية البرلمانية رئيس الحكومة، سيُجلَب مُلك الرب يسوع (المُلك الألفي) مِن خلالنا نحن المولودون مِن الله السالِكون بالكلمة والمُتسلِّطون والمُؤثِّرون على حياتنا، فليس بالعدد بل بالتأثير.

 لنلاحظ الآن الألفاظ الدقيقة التي قالها الرب يسوع، وما يقصده حقًا منها، حينما قال “أهل مدينته”، أي إنّ الأرض مُلكٌ لهذا الرجل الذي يرمُز لله، ولكنه أعطى السُلطان لساكني المدينة الذين يرمزون للإنسان، وهذا يُفسِّر لماذا أرسلَ أهل مدينته بكل جرأه وفدًا ورائه لكي لا يَملُك عليهم.

 رفض أهل مدينته أنْ يملُك عليهم في ظلّ إعطائه السيادة لهم، بالمُنطلق نفسه أعطى الله السيادة للإنسان على الأرض التي مُلك له (الله)، فهذا الطبيعي وليس فِكْرًا جديدًا، فهو قال في الإصحاح الأول مِن سِفْر تكوين إنّ الإنسان يسود ويتسلَّط، فما الغريب في ذلك!

 أن تجد الحكمة للتصرُّف في الأمور، أو ترى الله مُتداخِلاً في حياتك وظروفك، وتعرف كيف تُربي أبنائك إنْ كان هذا ما يُحيّرك، وتقود عملك وتنجح فيه، وتتفوّق في دراستك، وتنال شفائك مِن مرض ما، وتجد حلاً لمشكلة ماديّة ويعطيك الأفكار اللازِمة ويَمُدك بها، فكل هذا طبيعي وليس استثنائيًّا في نظر الله.

 قبل أنْ أشرح هذا المَثَل (مَثَل الأَمْناء)، أريد أنْ أوضِّح إنه يوجد بينه وبين مَثَل الوزنات المَذكور في (متى ٢٥ :١٤-٣١) اختلافات عديدة، ففي مَثَل الوزنات تكلَّم عن أمور مُتفاوِتة ولم يُعطِ الجميع بالتساوي بل أخذوا وزنّات مُختلِفة، فمعنى ذلك إنه كان يتكلَّم عن مواهب الروح القدس، التي إنْ لم يعرف الشخص أنْ يستعملها بطريقة صحيحة سيهلك ويُفقِد أبديته.

 أما في مَثَل الأَمْناء أُعطى مَنَا واحدة للكل، وهي تشير للأمور والامتيازات التي أُعْطيت لنا بالتساوي كطبيعة الله التي أُعِطيّت للجميع، فأقصى شيء يمكن أنْ يحدُّث لهؤلاء الذين لم يستثمروا طبيعة وحياة الله التي بداخلهم، أنهم لن يملكوا معه في المُلك الألفي.

 نفهم مِن هذا المَثَل أنّ كل شخص استثمر فيما أُعطَي له تمّ توكيله على مُدن، وهذا يعني أنّ حياتنا هنا على الأرض مُرتبِطة بحياتنا فيما بعد، لأننا سنملُك معه في المُلك الألفي، لذلك قال بولس الرسول: “لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.” (١ تيموثاوس ٤: ٨).

 “يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل“؛ هذا الشخص لم يستثمر فيما أُعطَيّ له، تساوي بلغة اليوم أنّ هذا الشخص لم يُخرِّب في الكنيسة، ولم يُسيء إلى جسد المسيح، أي لا يفعل شيئًا خاطئًا في نظر الناس، بل حافظ على حياة الله التي بداخله فهذا في اعتقاده يجعل منه شخصًا بريئًا، لكن تذكَّر شيئًا هامًا قاله الرب يسوع:

“مَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.” (متى ١٢: ٣٠)، أي ما لم يجمع الشخص مع الرب فهو يُفرِّق، فكونك لم تفعل ما قاله لك الرب لتفعله، فأنت بهذا تفعل عكسه تلقائيًا، ففي نظر الله حتى إنْ لم تفعل شيئًا فهذا يُدعَى “خطية عدم استثمار ما وضعه الله فيك”، يجب أنْ تعمل بكلمة الله عن عمد لأن هذا سيجعلك مُؤهَّلاً لتملُك مع المسيح في المُلك الألفي.

لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ” تَكّلم هذا العبد بأمور كاذبة وبتخمين على سيده وقَدَّمَ له أعذارًا، مثلما يحدث هذه الأيام مِن تكاسُّل مِن قِبَل المُؤمِنين تحت مُسمَى أنهم تعثّروا مِن خدام أو مِن مواقف مُعيّنة، فتوقَّفوا عن حُب الرب.

 هناك مَن يتعذّر لأن الاقتصاد حالته سيئة، مُعتقِدين بأنّ كل هذه الأعذار سيُقبَل بها أمام كرسي المسيح، لكن هذا لن يحدث، لأنه سيجيبهم بأنه أعطاهم الحق الكتابي الذي يَخُصّ كل زوايا حياتهم، وكل الإمكانيات بحسب (٢ بطرس ٣:١)، ليحيّوا بصورة صحيحة، فبالتالي أعذارك لن تنفعك أمامه لأنه يكشف قلبك، ففي الواقع أنت كسولٌ.

 سيكون ردّ فِعْل الرب يسوع كردّ فِعل السيد في مَثَل الأمْناء، حيث دان السيد هذا العبد مِن خلال ما قاله، فنفهم مِن ذلك أنّ الرب في بعض الأحيان ينزل لمستوانا، حيث اعتبر أنّ ما يقوله صحيحًا: “مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ… فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟”

 عندما نقف أمام كرسي المسيح سنكتشف إنه سهل المناقشة، لكن هل ستستطيع أنْ تغلبه؟ أم مِن الأفضل أنْ تحيا بالنشاط الإلهي، فالكتاب يقول في (متى ١٢:١١) أنّ ملكوت الله يُغتصَب، لأنه يجب في بعض الأحيان أنْ نقول “لا” للأمور المُعطِّلة للحياة الصحيحة هُنا على الأرض.

 ▪︎ ضرورة الجَديّة في الحياة الروحية:

 يجب فَهْم كم هو هام أنْ تأخذ حياتك الروحية بجديّة، فالتعليم عن النعمة بصورة خاطئة أدّىَ إلى التَسيُّب، ويعتقد البعض أنه كونك قَبِلت الرب يسوع كمُخلِّص شخصي لحياتك وضمنت تذكرة السماء انتهى الأمر عند هذا الحدّ، لكن هذا ليس صحيحًا، فمثلًا بولس الرسول أخذ يُعلِّم الناس ثلاثة أشهر عن الأمور المُختَصة بملكوت الله، فهذا يُثبِت أنّ موضوع الملكوت وفهمه كان محور الحديث آن ذاك، لا ينتهي الأمر بمُجرد قبولك للرب يسوع. اهتم أنْ تفهم هذا، ولا تدعْ حياتك تسير بصورة غير مُنظَّمة.

 هناك آيات مُعيَّنة يعتقد البعض أنها تُحِثّ على الخضوع للروح القدس، منها ما قاله الرسول بولس حينما طلب الصلاة مِن أجله ليُعطيه الله كلمات وجرأه عند افتتاح فمه (أفسس ١٩:٦)، فهَمَها البعض أنّ الله سيُعطيه الكلمات على فمه بمُجرد أنْ يبدأ الكلام.

 إنْ دقّقنا في الآية سنجد أنه يقول لهم: صلوا لأجلي كخادم لكم ليعطيني الله أكثر فأعطيكم، وعند افتتاح فمي أكون جريئًا وأتكلَّم بما أعطاني الرب، فبولس كان له تعليم وأمور استقبلها مِن الرب أثناء صلاته أو دراسته للكلمة (العهد القديم)، لكن نعم ربما يحدُّث هذا معك فتتكلَّم مع أشخاص بأمور لم تقُم بتجهيزها، ويكون بالفعل مِن الروح القدس، ولكنه نتيجة ما استقبلته مِن الكلمة مُسبقًا.

 مِن هنا ظهرت عبارات “لقد قال الرب هذا الكلام وليس أنا”، لكن في الحقيقة هُم مَن قالوها، نعم يصح أنْ نقول: “إنّه يتكلَّم مِن خلالك عن طريق أفكارك التي زُرِعَت فيها الكلمة مُسبقًا”، فما إلّا أخرجتها في وقت مُعيّن ولموقف مُعيّن، فالخدمة هي “مِن مِلئك الناس ستأخذ” (يوحنا ١: ١٦)، لذلك إنْ كنت أمينًا في دراستك للكلمة سترى حقًا دور الروح القدس في حياتك، وبالفعل في بعض الأحيان ستجد أمورًا تمّ تربيطها في ذهنك عن طريق الروح القدس والأفكار الموجودة مِن قَبْل، لذلك لا تتكاسل وتتسيّب روحيًا.

 لكل بلد تعليمٌ مُخصَّصٌ لها، فهناك شعوب جَدّية في حياتها مع الرب، وبمجرد إعطائهم الكلمة يأخذها ويتحمَّس جدًا لها، ويوجد شعوب أخرى مُتراخية، فالشعوب والثقافات تُؤثِر علينا، لذلك الرسول بولس أوصى تيطس بأنْ يكون حريصًا في تعامُله مع الكِرِيتِيُّونَ بسبب ما تمّ زَرْعه فيهم مِن أفكار وثقافات وهذا بحسب ما جاء في (تيطس ١: ١٠-١٤).

 هناك عوامل أدّت إلى مفاهيم خاطئة عند الناس، كترجمة ڤاندايك التي بها بعض الأخطاء، أو تعاليم وثقافات مُنافية للكتاب المُقدس، لا أقصد أنْ أنتقد أي شخص، فالهدف مما أقوله هو أنْ أجعلك يَقْظًا لحياتك الروحية وأنْ تكون غنيًا في علاقتك وحُبك لهذا الإله، فلن ينفعك شيءٌ غير ذلك.

 افهم هذا المبدأ جيدًا؛ لا تُقاس الحياة بما تمتلكه مِن ماديات أو مؤهلات أو ما إلى ذلك، بل بعلاقتك بالله هل أنت غنيٌّ له أم لا! هل أنت في علاقة حميمية معه أم لا! سوف أتكلَّم عن هذه العلاقة لكن ليس الآن، فإن تَكلَّمت عن هذه العلاقة وأنت تشعر أنك خارج هذا الملكوت، لن تستطيع أنْ تكون في علاقة معه.

 قال الرب يسوع: لا تطلبوا كما يطلب العالم مِن تسديد الاحتياجات فهذا هو الطبيعي، وشَجَّعَهم أنْ يتأملوا الطيور والنباتات فعلى الرغم مِن أنهم أمور فانية ولن تُوجَد، مع ذلك الله يعولهم، (متى ١٠: ٣١)، أي أنت أعلى قيمة بكثير!

▪︎ ما هو ملكوت النور:

  • ملكوت روحي يؤدي إلى سيادة أرضية:

“١٥ وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». ١٦ وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. ١٧ فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. ١٨ فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. ١٩ فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! ٢٠ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. ٢١ حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. ٢٢ وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. ٢٣ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.” (لوقا ١١: ١٥-٢٣).

 دخل الرب يسوع في جدال مع الكتبة والفريسيين، حيث اتّهموه بأنه برئيس شياطين يُخرِج الشياطين، ولكنه قال لهم: “وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.” وهذا له معنى عند اليهود، وقد أجابهم باللغة التي يفهمون بها، أنّ ملكوت الله أقبل عليهم، أي بدأ بالفعل.

 “١٨ وَفَعَلَ كَذلِكَ الْعَرَّافُونَ بِسِحْرِهِمْ لِيُخْرِجُوا الْبَعُوضَ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا. وَكَانَ الْبَعُوضُ عَلَى النَّاسِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ. ١٩ فَقَالَ الْعَرَّافُونَ لِفِرْعَوْنَ: «هذَا إِصْبَعُ اللهِ». وَلكِنِ اشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ.” (الخروج ٨: ١٨، ١٩).

 لاحظ شيئًا هامًا في هذا الشاهد، أنّ العرَّافين الذين بلغة اليوم هم الأشخاص السالِكين مع الأرواح الشريرة، لم يستطيعوا أنْ يُخرِجوا البعوض، فقالوا إنّ هذه إصبع الله، أي “قوة الروح القدس”، وهذا يجعلنا نفهم مِن سياق الحديث بين الرب يسوع والكتبة والفريسيين، أنّ ملكوت الله هو “إزاحة إبليس مِن المشهد” أي إبليس لم يَعُد له سلطانٌ على البشر.

 وَضّح لهُم الرب يسوع أكثر ماذا تعني كلمة “بإصبع الله”، فالعرّافون في الماضي لم يستطيعوا أنْ يُوقِفوا البعوض، فَهُم اعترفوا إنه يوجد قوة أعلى منهم، فبهذا المُنطلَق وََضَّح لهُم إنه يجب على الذي يُخرِج الشياطين أنْ يكون له قوة وسلطان أعلى منهم.

 إذًا ما هو “ملكوت الله الذي أقبل عليهم” هو ملكوت روحي يؤدي إلي سيادة أرضية، وليس إنه ملكوت روحي فقط، فالأشخاص الذين خرجت منهم الأرواح الشريرة كانوا أرضيين، يعيشون على الأرض وليس في السماء، ومِن هنا نفهم أنّ ملكوت الله هو “التعامُل مع الأمور الأرضية مِن عالَم الروح للتأثير في عالَم العيان”، مِمَّا يعني أنّ هناك رابطًا بين العالَمين، والذي فَصَله بعض الناس الآن في تفسيرات وتعاليم خاصة بهم.

 كما قرأنا أمسًا: “لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ.” (أفسس ١: ١٠)، الرب يتدخَّل في ظروفك وحياتك، لأن هذا هو مُلْك الرب يسوع على حياتك، فهو أولاً يملُك على قلبك، وثانيًا يملُك على حياتك ويتدَّخل في ظروفك، ويوجد مستوى أعلى مِن هذا ألّا وهو أنْ يجعلك مُستقِرًا ويستخدمك لخلاص الآخرين. لندخل في فَهْم أعمق لملكوت الله مِن خلال الكتاب المقدس.

 

  • ملكوت الله هو ملكوت العلاقة مع الله:

 هناك فرق بين ملكوت الله وملكوت الابن فهُما ليسا نفس الشيء، فملكوت الله هو “كل الخليقة والكون الذي خلقه الله”، والابن استثمر في هذا الملكوت وسيُقدِّم ما استثمره بحسب (١ كورنثوس ١٥: ٢٤)؛ وهذا ما جاء ليمتلكه، أي مدينة الله الروحية التي نُقلِنا إليها (عبرانيين ١٢: ٢٢).

“٩ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِي كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِيٍّ ١٠ لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ، ١١ مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ، ١٢ شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ، ١٣ الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ.” (كولوسي ١: ٩-١٣).

 “لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ” معنى هذا أنه مِن الطبيعي أنْ تحيا بفرح، وليس بحزن.

 “الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ”، لاحظ أننا صرنا في هذا الملكوت بالماضي، أي نقلنا بالفعل، كذلك لم يقُل الرسول إننا نُقلنا إلى ملكوت النور عكس ملكوت الظلمة رغم أنها ستكون صحيحة، لكنّه عَبَّرَ بقوة وإلهام مِن الروح القدس وقال “مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ” ليوضِّح أننا في ملكوت العلاقة مع الله القائمة على المحبة، فهذا هو النور الذي يُنقذك مِن المواقف التي تواجهك، كُن غنيًا في علاقتك مع الله، ولا تكُن في علاقة فقيرة المعرفة والحُبّ معه.

 لم يَعُد لإبليس سلطان عليك أو أحقية في حياتك إلّا إذا سمحت له، وعدم فهم هذه النقطة أدى إلى ظهور مُعتقدات حوَل أنّ إبليس هو المُسيطِر كونه استلم الأرض مِن الإنسان، أو الله هو المُتحكِّم في كل شيء فكنت تُسَلّم اليوم للرب وأي شيء يحدُث تعتقد أنه مِنه، ولا تعلَّم أنك عن جهل سلََّمت يومك لإبليس.

 أوضحت هذا الأمر في مقالة بعنوان “إيجار الله على الأرض” وعَلّمت أنّ المُسيطِر هو الإنسان، رغم أنْ المقالة أثارت بعض الدهشة إلّا أنها أجابت على تساؤلات كثيرين، فكثيرًا ما نرى أصابع الاتّهام مُوجَّهة لله بسبب ما يَحدُث في العالم، لكن في الحقيقة أنت هو المَسئول عن حياتك، وعندما تُرخِي عزمك ولا تقود حياتك يجعل إبليس يتدخّل ليُدمِّر فيها.

 النور هو الإدراك والفَهْم والمعرفة، فملكوت النور هو منطقة أو مكان تَسيُّد الله الذي صرت فيه الآن مُقيم، هو العلاقة مع الروح القدس، هو ملكوت تَدُّخل الله في المواقف (إصبع الله)، هو اتّحاد الله بالإنسان، وهذا التعريف مُستمَد مِن أماكن استخدام اللفظ في الكتاب المُقدس.

  • ملكوت الله هو ملكوت السيادة على إبليس:

٦ أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟» ٧ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، ٨ لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ».” (أعمال الرسل ١: ٦-٨).

 لنفهم هذا، كان في ذهن التلاميذ أنّ الرب سيملُك مُلكًا أرضيًا (المُلك الألفي) بحسب ما سمعوه مِن نبوات، ولكن الرب يسوع لَفَتَ أنظارهم أنهُم الآن في مرحلة العلاقة مع الروح القدس -يملُك على القلوب أولًا- ومِن ثَمَّ يؤهِل له بأنْ يملُك هنا على الأرض، فالله يتحرّك بطريقة تدريجية، ولا يصنع شيئًا مُزعِجًا أو مُفاجِئًا.

 هذا ما أراد أنْ يلفت نظرهم إليه، ولكنه لم ينفي أنّ المُلك الألفي حقيقة كتابية، فمُلكه هو أنْ يأتي الروح القدس لحياتك، ويجعلك تحيا مُنتصِرًا وغالِبًا، فكما كان بإصبع الله له سُلطان على الأرواح الشريرة، بالمُنطلق نفسه نحن نُبطِل مفعول الأرواح الشريرة على حياتنا مِن خلال الروح القدس.

  • ملكوت النور هو السلوك في نور المعرفة والإدراك:

“١ وَكَانَ إِنْسَانٌ مَرِيضًا وَهُوَ لِعَازَرُ، مِنْ بَيْتِ عَنْيَا مِنْ قَرْيَةِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا أُخْتِهَا. ٢ وَكَانَتْ مَرْيَمُ، الَّتِي كَانَ لِعَازَرُ أَخُوهَا مَرِيضًا، هِيَ الَّتِي دَهَنَتِ الرَّبَّ بِطِيبٍ، وَمَسَحَتْ رِجْلَيْهِ بِشَعْرِهَا. ٣ فَأَرْسَلَتِ الأُخْتَانِ إِلَيْهِ قَائِلَتَيْنِ: «يَا سَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ». ٤ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ، قَالَ: «هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ». ٥ وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ. ٦ فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ مَرِيضٌ مَكَثَ حِينَئِذٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمَيْنِ. ٧ ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ أَيْضًا». ٨ قَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ: «يَا مُعَلِّمُ، الآنَ كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَرْجُمُوكَ، وَتَذْهَبُ أَيْضًا إِلَى هُنَاكَ». ٩ أَجَابَ يَسُوعُ: «أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي النَّهَارِ لاَ يَعْثُرُ لأَنَّهُ يَنْظُرُ نُورَ هذَا الْعَالَمِ، ١٠ وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ يَعْثُرُ، لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ».” (يوحنا ١١: ١-١٠).

 «هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللهِ بِهِ»، قَصْد الرب يسوع أنّ هذا المرض سيجعلهم يعودوا باختبار، وليس أنه سيموت ويذهب ليُقيمه كما لو كانت تمثيلية، تأتي هذه الآية في الأصل اليوناني هكذا “هذا المرض لن يؤدي به إلى الموت” أطلَقَ الرب هُنا كلمات حياة على جسد لعازر، رغم أنّها تبدو ظاهريًا إنها كُسِرَتْ، لكن في الحقيقة لم تذهب هباءً.

 أطلق الرب يسوع هذه الكلمات واعتمد أنه أعطى مريم ومرثا تعليمًا كتابيًا بما يفعلوه في هذه المواقف خلال كل الوقت الذي قضاه معهم لكي يُنهي خدمته التي كان مشغولاً فيها، كما علّمَ التلاميذ أيضًا أثناء كل الوقت الذي ساروا فيه معه، وفي أحد المرات وَبَّخَهُم على عدم إيمانهم، فكان مِن المُفترَض أنْ يتعاملوا مع البحر بذخيرة التعليم المَخزونة سابقًا.

 نجد شيئًا هامًا جدًا فيما قاله الرب يسوع ردًّا على التلاميذ حينما قالوا له: «يَا مُعَلِّمُ، الآنَ كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَرْجُمُوكَ، وَتَذْهَبُ أَيْضًا إِلَى هُنَاكَ»، قال: “أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي النَّهَارِ لاَ يَعْثُرُ لأَنَّهُ يَنْظُرُ نُورَ هذَا الْعَالَمِ، ١٠ وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ يَعْثُرُ، لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ.”

 لم يَقُل الرب يسوع هذا لأنه سيسافر نهارًا، لكن ما يقصده هو أنه إنْ كان النور المادي لا يجعلك تتعثّر أثناء المشي ولا تسقط، ويجعل حياتك سهلة، فكم يكون تأثير السلوك بالنور الإلهي (بالمعرفة وإرشاد الروح القدس)، وكونه يسير بهذا النور، فلا يوجد احتمالية فشل أو خزي.

 يضع الرب يسوع مبدأً ألّا وهو أنّ الحماية لا تأتي مِن امتناع الناس عن قتله، بل بإدراكه لمفاهيم ومبادئ مُعيّنة منها دور الروح القدس في حياته، لأنه كان يعلَّم ماذا يفعل.

 النور هو المعرفة والفَهم والإدراك، هو العلاقة الحارة مع الروح القدس، فكلمة الله تقول إننا يجب أنْ نكون حارين في الروح (رومية ١٢: ١١)، وكما شَرَحْت، تأمل في الأمور مِن حولك لتَرى عمل الروح القدس، فكما قال السيد أنْ نتأمل زنابق الحقل وطيور السماء كيف يقوتها الله ويجلب لها الطعام، فهو مَن زرع في هذه الطيور أنْ تذهب لطعامها وليست الفِطرة، وهو مَن أعطى القوة للأرض لإنتاج الثمر.

 يجب أنْ تتدرَّب على رؤية دوره في أبسط الأشياء في حياتك، فما تراه طبيعيًا ومُعتادًا هو السبب وراءه، إن كُنت ترى أنّ أعراض البرد أصبحت تأخذ معك يومًا بدلًا مِن ثلاثة، وتقول هذه صدفة تحت مُسمى أنّ المناعة ارتفعت، لا تُفكِّر هكذا، فنفس هذه الأعراض ربما تزداد عند شخصٍ آخر، وتذهب به إلى المُستشفَى، فإبليس يحاول دائمًا قتلك وإنْ أمكن الآن! لكن تمّ إنقاذك مِن يده فقط بالمعرفة التي أخذتها واكتشافك لشخص الروح القدس.

 يوجد معنا الآن أحدُ الأشخاص أخذ شفائه مِن ألمّ في الرأس، قبل نواله الشفاء كان قَلِقًا مِن الذهاب للطبيب خوفًا مِن تشخيصه بأمر خطير في رأسه، لكن حَضَرَ معنا أحد اجتماعاتنا العامة وتكلمت بشفاء لرأسه، وذهب الألمّ في الحال، فحينما قابلته بعد عِدة أسابيع قال لي: إنّ ألمّ الرأس كان بسبب اصطدامه بشيء ما أدى إلى ثني في جمجمته وهذا يعني أنّ الأمر كان خطيرًا، وعَلَّقَ على ما حدث قائلًا: “في اللحظة التي تكلمت إليّ فيها عَلِمت أنْ هذا الإله يَدري بي ويُعنيني أنا شخصيًّا”. هللويا!!

 افهم جيدًا هذا المبدأ، كونك تَسلُك بالنور الإلهي -المعرفة الكتابية وإرشاد الروح القدس- لن تحتاج لطرْد أو انتهار إبليس مِن حياتك، فالبعض اعتقد أنه يجب انتهاره مِن حينٍ لآخر، وهم لا يعلمون أنّ قانون المملكة التي فيها نحن الآن هو السلوك بهذا النور، وهذا كافٍ لطرده مِن حياتك.

 “أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟”، لماذا قال الرب يسوع هذا؟ هل كان يقصد إنه يوجد وقت وفير للسير خلال النهار وإنجاز الأمور؟ وهذا صحيح كمبدأ عام، ولكن في الحقيقة هو يقصد أنه يسير بمعرفة كتابية وفيرة، وليس يحيا كما البعض على وعدّ كتابي ما، أو نبوات أُناس تنبأوا بها على حياته، أو آية لَمَعت أمامه في قراءاته اليومية، أو أحلام…إلخ ويدَّعون أنّ لَهُم طريقتهم الخاصة في سماع صوت الله، وفي الحقيقة هم خائِفون مِن اكتشاف أنهم على خطأ وأنهم مَخدوعون، لكن هذه حياة فقيرة تخلو مِن المعرفة الحقيقية للكلمة.

 يُذكرني هذا بشيء حينما كنت أعمل كطبيب في أحد الأماكن وكان الناس يتحايلوا على الأطباء، ففي أحد المرات جاءني مريضٌ وإذ به يقول: “لن أخبرك بالأعراض، فأنت يجب أنْ تعرفها بنفسك، ألست أنت طبيبًا؟” في هذه المواقف نعلم كأطباء أنهم يتصرّفون هكذا خوفًا مِن أنْ يُشَخَّصوا بمرضٍ خطيرٍ، غير مُدرِكين أنه كان مِن الممكن إنقاذهم مِن الناحية الطبية لو قالوا الحقيقة دون خوف.

 تَعلَّم ألّا تحيا على النبوات، فكثيرًا ما سمعت أُناسًا يقولون إنّ هناك أشخاصًا تنبأوا على حياتهم وهم مُنتظِرون حدوث شيء. امتلأ هذا الشعب بالنبوات وما شابه هذا، جهلًا بأنْ الكلمة مليئة بالنبوات التي تتكلم عنهم، فالرب يسوع نفسه قال: “أنا أحيا النبوات التي قيلت عني.” (عبرانيين ١٠: ٨)، وهذا هو دور الروح القدس في حياتك فهو مَن يكشف لك ما قيل عنك.

 «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ يَعْثُرُ، لأَنَّ النُّورَ لَيْسَ فِيهِ»، يطرح هذا القول سؤالاً “هل النور فيك؟” هل الكلمة غيَّرت في شخصيتك؟ هل مصدر حصانتك يكمُن في علاقاتك بأُناس ذات منصب؟ أو دعاء والديك لك كل يوم وصلوات الناس لك أم في الكلمة؟!

 خُذ حياتك واحياها بنفسك ولا تكُن شخصًا اعتماديًّا، فإنْ كان قائدك الروحي زرع فيك الاعتماد عليه في كل شيء فهو مُخطِئ، نعم قد يحملك في البداية لكونك ما زلت تنمو، لكن يجب أنْ يقودك إلى مواجهة الحياة بنفسك، وعدم الاعتماد عليه، هذه هي القيادة الروحية الصحيحة.

“الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.” (١ تيموثاوس ٦: ١٦).

 يسكن الله في نور لا يمكن الاقتراب مِنه ولا النظر إليه، هل تتمنَّى أنْ تستمتع بهذا النور؟ اقرأ الشاهد التالي:

” وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ.” (١ بطرس ٢: ٩).

 نحن صرنا في هذا النور الآن، فهذا ما جعل الرب يسوع يذهب ليقيم لعازر دون أنْ يُقتَل، وذلك بسبب النور الذي لا يمكن الاقتراب إليه!

 

▪︎ مصدر الحياة الحقيقي:

“٣ تَرَكَ الْيَهُودِيَّةَ وَمَضَى أَيْضًا إِلَى الْجَلِيلِ. ٤ وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ. ٥ فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ، بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ. ٦ وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. ٧ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» ٨ لأَنَّ تَلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَامًا. ٩ فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ. ١٠ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا». ١١ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ، لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟ ١٢ أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ، الَّذِي أَعْطَانَا الْبِئْرَ، وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ؟» ١٣ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهاَ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا. ١٤ وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». ١٥ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هذَا الْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ».” (يوحنا ٤: ٣-١٥).

 كَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ؛ لم يكُن هدف الرب يسوع مِن اجتيازه السَامِرة هو ربح هذه المرأة، لكن كان المُخطََّط يستدعي مروره مِن هناك. تعجَّبت المرأة مِن تعامُل شخص يهودي مع سامري، ليس طبيعيًا أنْ يتعجَّب أي شخص سامري على هذا، حيث إنهم مُنفتِحون على جميع الناس، على خلاف اليهود لسبب أنهم مُتحفِّظون جدًا في تعامُلاتهم.

 “لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا”؛ رَكِّزْ في هذا الكلام: لو عَلِمت أولاً “عطية الله” وأيضًا “شخص الروح القدس”، لعلمت كيف تصلي وتطلب وتستقبل، فعدم فَهْم هاذين الأمرين أدى لعدم وجود نتائج في حياة البعض.

 “كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا”؛ فَكِّرْ في هذا! أليس يسوع هو خالق الماء الذي في البئر؟ لماذا يتحدَّث عنه هكذا؟! افهم هذا، رغم إنه عطشانٌ ويريد الماء المادي إلا أنه يعلم أنّ مصدر حياته لا ينبع مِن هنا، وكان يريده فقط لهدف أنْ يقوت جسده. هذا يعني أنّ الجسد وهذه الأرض ليست مصدر حياتنا بل نور الكلمة، كانت هذه هي طريقة تفكيره والدليل على ذلك هو إجابته لإبليس وقت التجربة (متى٤:٤).

 انتبه، حياتك هُنا على الأرض غير مُرتبِطة بما تمتلِكه مِن مال في البنك، أو علاقاتك الاجتماعية، وبمعنى آخر ليس كل ما لك سلطان عليه هو مصدر حياتك، فالرب يسوع قَلَبَ المناقشة حينما قال للسامرية: “ليس الماء الذي لكِ سلطانٌ عليه الآن لإعطائه لي هو مصدر حياتي بل أنتِ التي تحتاجين للماء الذي أعطيه أنا!”

 يعتقد البعض إنه كون الله ساعده على تخطى موقف ما، فهو راضٍ عنه وهو بذلك يسير في الطريق الصحيح، إنْ كُنت تظُن ذلك أدعوك أنْ تنتبه جيدًا لِمّا قاله الرب للمرأة في هذه القصة “ليستُ بحاجة للماء الذي لديك، بل أنتِ مَن تحتاجين إلى الماء الذي أعطيه أنا”، ومعنى هذا أنه إنْ كان لديك الذكاء والحكمة الأرضية -الماء العادي الذي كان للسامرية- حينها سيسألك الروح القدس هل لديك الماء الحي؟ وإنْ كان لديك هل تشرب مِنه أم لا؟ هل تعرف هذا الملكوت أم لا؟

 لاحظ أنّ الرب يسوع لم يطلب الماء لأنه كان فقيرًا، بل لأن التلاميذ لم يكونون معه، فَمِن الطبيعي أنْ يُخدَم مِن تلاميذه، فهو كان لديه صندوق خدمة يُسرَق منه، حيث كان يعول أمه وتلاميذه وعائلاتهم منه.

“١ وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، ٢ فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. ٣ لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ. ٤ وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ. ٥ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ. نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ: مِنْ هذَا خَافُوا! ٦ أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيًّا أَمَامَ اللهِ؟ ٧ بَلْ شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! ٨ وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِي قُدَّامَ النَّاسِ، يَعْتَرِفُ بِهِ ابْنُ الإِنْسَانِ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. ٩ وَمَنْ أَنْكَرَنِي قُدَّامَ النَّاسِ، يُنْكَرُ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ. ١٠ وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ. ١١ وَمَتَى قَدَّمُوكُمْ إِلَى الْمَجَامِعِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَحْتَجُّونَ أَوْ بِمَا تَقُولُونَ، ١٢ لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ». ١٣ وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». ١٤ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» ١٥ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ».” (لوقا ١٢: ١-١٥).

 “لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ” لا تخف مِن أي شخص يَمسّ حياتك الأرضية، فحياتك غير مُرتبِطة بجسدك، لأن حياتك كمولود مِن الله مُرتبِطة بروحك.

 “خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَمَا يَقْتُلُ، لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ”: يعتقد البعض أنه يوجد روح شرير كالذي يظهر في الأفلام مُمسِّكًا بعصا، يأخذ هؤلاء الناس ويُلقيهم في جهنم، كما أنّ هذا ليس الله، لأن الله لا يقتل، في الحقيقة هو يتكلََّم عن أُناس سيتمّ إعدادهم لجهنم هنا على الأرض حتى قبل أنْ يموتوا، عن طريق التعليم الخاطئ! (متى ٢٣: ١٥)، فإن كنت مُنقادًا بتعليم عكس التعليم الكتابي فأنت بهذا تسير عكس الله، وتُعِدّ نفسك للجحيم.

 يوضح العدد السادس أنّ الله لا ينسى حتى أبسط الأشياء كالحيوانات التي تُباع، وحتى شعور الرأس مُحصاة وتأتي في الأصل اليوناني بمعنى أنّ كل شعرة على حدى لها الرقم الخاص بها، فهو لديه كُتب وأسفار ومجلدات كثيرة ومَليئة بالتفاصيل حتى وإنْ كانت صغيرة.

 “لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ…مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ”: يعلِّمنا الرب هنا أنّ في هذا الملكوت، الروح القدس مُتدخِلٌ في المواقف والأحداث.

 تُرى لماذا انسحب الرب يسوع مِن فَض النزاع بين الأخوين، بالرغم مِن أنه مِن الطبيعي أنْ يتدخّل كنبي بحسب ما كان يُنظَر إليه، فَهُم مازالوا لم يكتشفوا بعد ماهية كابن لله ولكن بعضهم اكتشفه، ولأنهما لم يتتلمذا تحته، ولكن كانا يتّبعانه فقط، فَهُم لم يُعطيا له السلطان الكامل ليتدخّل والدليل هو ما قاله: “يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟”، لذلك كان ممنوعًا له التدخُّل في هذا، لأن هذه المشكلة لا تخصُّه، فهي لم تكُن مِن ضمن دائرته الشخصية، ولكن إنْ اختص الأمر بتلاميذه لكان اتّخذ إجراءً آخر.

 دور الرب يسوع تجاه مَن هُم قريبون إليه ويتبعوه بصدق هو إعطائهم تعليم، ولو عَمِل الأشخاص بالتعليم الذي أخذوه مِن الرب لَحُلَت المشكلة، ولكن الكتاب لم يذكر إنْ كانوا أخذوا تعليمًا أم لا. نفهم مِن العدد الخامس عشر أنّ حياتك غير مُرتبِطة بما تمتلكه، بل بروحك.

▪︎ ماذا يعني أنْ تكون غنيًا لله:

“١٦ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، ١٧ فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ ١٨ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، ١٩ وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! ٢٠ فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ ٢١ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ». ٢٢ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. ٢٣ اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ. ٢٤ تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ! ٢٥ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ ٢٦ فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ وَلاَ عَلَى الأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِالْبَوَاقِي؟ ٢٧ تَأَمَّلُوا الزَّنَابِقَ كَيْفَ تَنْمُو: لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. ٢٨ فَإِنْ كَانَ الْعُشْبُ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ فِي الْحَقْلِ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ ٢٩ فَلاَ تَطْلُبُوا أَنْتُمْ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ تَقْلَقُوا، ٣٠ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا أُمَمُ الْعَالَمِ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبُوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ. ٣١ بَلِ اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. ٣٢ «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. ٣٣ بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ، ٣٤ لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا.” (لوقا ١٢: ١٦-٣٤).

 “يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ”؛ ظنّ هذا الغني أنه بهذا يُؤَمِّن مستقبله، كثيرًا ما أتكلََّم عن كيف تضمن مُستقبلك، ولكن هذا يتمّ عن طريق مفاهيم ومبادئ تسلك بها، وعدم تنفيذها سيؤدي إلى عدم ضمانه، فهذا الغني كان في طريقه لقصف عمره بمبادئ هو لا يعلمها.

 “هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ”، هناك أشخاص يمكن أنْ يستهلكوا عمرهم في جمع المال، أو حتى أخذ دورات تدريبية في أمور معينة، رغم أنّ هذا ليس خطأ أنْ تُطوِّر مِن نفسك، وهذا ما أوضحته مُسبقًا في سلسلة وعظات “كيف تكون مثمرًا وناجحًا في الأرض“، وذكرت فيها كيف تنجح في عملك وتكون مُجتهِدًا، ولكن لا يجب أنْ يكون هذا محور حياتك.

 “غَنِيًّا للهِ” تأتي في اليوناني بمعنيين أنْ تكون فاعِلاً ومَفعولاً به، فإن قُلت كمثال: “فلان مطلوب للسرقة”، فالعبارة تحمل مَعنيين أنّ هذا الشخص سيعمل كسارق أو أنه سَرَقَ وسيتمّ القبض عليه. إذًا “غَنِيًّا للهِ” تأتي في الترجمة المُوسَّعة أنْ يكون في علاقة مع هذا الإله وهي الترجمة الأقرب لِمَا جاء مِن معنى في اليوناني.

 علاقتك مع هذا الإله هي علاقة أخذ وعطاء، ولكن كيف تأخذ؟ عن طريق أخذ المعرفة (كلمته)، وتعطي عبٌر أنْ يأخذ انتباهك وتركيزك، وتجعله هو المستولي على تفكيرك وتجعله يرسم مستقبلك وتفكيرك وخيالك وكل ما يخصّك، فمِن هُنا يعمل الروح القدس في حياتك بصورة قوية جدًا.

 يوضح الرب يسوع أنّ ما يسري على الطيور والنباتات يسري علينا، أي هو مَن يقوتنا، ولكن أوضَّح أنه لا يجب أنْ نطلب هذه الأشياء، لأن هذا ما تطلبه الأمم رغم أننا في العالَم ولكن لا يسري علينا ما يسري على العالم لأننا مِن مملكة أخرى، لذلك قال: “١٥ لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. ١٦ لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ.” (يوحنا ١٧: ١٥، ١٦).

 مُؤكَّدًا استُجيبت هذه الصلاة، ولكن لماذا نرى مُؤمِنين غير مَحفوظين؟ لأنهم لا يعرفون. نرى في العدد الحادي والثلاثين أنه يحثُّهم على السعي وراء ملكوت الله الذي في داخلهم بحسب (لوقا ١٧: ٢١) وهُنا لا يعني أنه في داخل أجسادهم، فَهُم لم يُولدوا مِن جديد بعد، لكن هو كان في وسطهم، فالملكوت هو شخصٌ يسوع الذي كان في حضن الآب والآب فيه، لذا الملكوت هو علاقة بين الله والإنسان.

 “اطْلُبُوا مَلَكُوتَ اللهِ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ”؛ استعمل البعض هذه الآية على أنها دعوة على الانتباه لأمور الله، فبالتالي الله سيهتم بأمورك، وهذا صحيح، ولكن المعنى الأدق والأصلي لها هو أنّ الرب يسوع يدعوهم للانتباه له وللملكوت، وفي اللحظة التي وُلِدوا فيها مِن جديد انطبقت عليهم هذه الآية، لذلك بلغة اليوم الذين طلبوا الملكوت هُم مَن قَبِلوا الرب يسوع، تسري عليهم هذه الآية وأُُزيدت لهم هذه الأمور.

 اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ“؛ هل هذا الكلام حرفيٌّ؟ نعم كان يجب على التلاميذ ألّا يكون معهم أكياس بها مال لأنه كان يعولهم مِن صندوق الخدمة، وأيضًا كان يريد أنْ يوضِّح لهُم أنه مِن الطبيعي أنْ يكون لك إمداد سماوي، ففي فِكْرهم كشعب يهودي يعلمون أنْ الله هو مَن أعطى الأرض القدرة على إنتاج الثمر، وهو مَن يعطي الإنسان القدرة على اصطناع الثروة، لكن لنرى ما قاله لهُم قبل الصلب بساعات.

“٣٥ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». ٣٦ فَقَالَ لَهُمْ: «لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا.” (لوقا ٢٢: ٣٥، ٣٦).

 هل هذا تناقض؟ لا، بل كان هنا يُسلِّمهم قيادة الخدمة، لأنه سيُصلَّب ويقوم، وسيأتي الروح القدس لهُم وهو غير مرئي، فكان يجب أنْ يعتمدوا على أنفسهم وليس عليه. لنفهم شيئًا مما فعله داود، حيث قال لله إنّ حضورك لا ينبغي أنْ يكون في خيمة بل في هيكل، والله رأى دوافع قلبه كم هي رائعة واحترم هذا جدًا، ولكن الآن أصبح هيكله في أشخاص، وهذا فِكرهُ مِن الأساس، لذلك كل مَن يدخل هذا الملكوت ويُسكَن بالروح القدس، لا يُمكن لإبليس أنْ يقترب منه لأننا في النور الذي لا يُدنَى منه كما قرأنا في (١ بطرس ٢: ٩)، هو لا يقترب مِن شخص يسلُك بهذا النور.

“٢ هُوَذَا اللهُ خَلاَصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلاَ أَرْتَعِبُ، لأَنَّ يَاهَ يَهْوَهَ قُوَّتِي وَتَرْنِيمَتِي وَقَدْ صَارَ لِي خَلاَصًا». ٣ فَتَسْتَقُونَ مِيَاهًا بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ الْخَلاَصِ.” (إشعياء ١٢: ٢، ٣).

 يوجد إمداد إلهي مُتاحٌ لكل البشر، لكن أنت مَن يجب أنْ تمُدّ يدك عن عمد وتأخذ منه بفرح، هو هُنا يتكلَّم بصيغة الشخص الذي يأتي عند البئر ويأخذ منه بفرح.

▪︎ التعريف الإلهي للحياة (الأبدية):

“وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.” (يوحنا ١٧: ٣).

 وُصِفَت حياة الله على أنها أبدية فهي لا يمكن إنهائها أو تحطيمها، وليست أبدية بمعنى أنها فترة زمنية سنقضيها في الأبدية، والدليل هو تعريف الرب يسوع فهو قال: أَنْ يَعْرِفُوكَ“، وليس أنْ يذهبوا للسماء. حياة الله مُختلفة عن باقي الحيوات المذكورة في الكتاب المُقدس، حيث يوجد ”BIOS”. و “بسيوخي Psueche” التي هي الحياة البشرية العادية، وحياة الله “ZOE” التي تتّصف بأنها أبدية.

 افهم هذا إنْ كنت تحتفل ببيت رائع وكبير تمتلكه، ولكنك غير مُستفيد منه ولا تسكن فيه، فكلامك لن يفيد، كفُلك نوح أيضًا إنْ تمّ الاحتفال به دون دخوله فستكون النهاية مأساوية، فالمعرفة هي تفاصيل وفهم وإدراك، كذلك يريد روح الله لكل واحد منا أنْ نفهم فِكر الله تجاه الأشياء والأمور، فهذا هو النور.

▪︎ ملكوت النور: ليس لإبليس سلطانٌ على مَن فيه:

 يوجد أمورٌ يرتّعب منها المُؤمِنون وأولها هي الاعتقاد الخاطئ بأنّ إبليس مازال له سلطانٌ علينا، حتى بعد دخولنا الملكوت، لكن لنراها مِن الكلمة: “الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ” (كولوسي ١: ١٣).

 حسنًا، يوجد مَن يفتح ثغرات يدخل منها إبليس لحياته، رغم أنه تّم انقاذه مِن تحت يده، وصار حُرًا. لنفهم هذا، العلاقة مع الله ليست كالسِلك الواصل بيني وبين الله، حيث أنه قابل أنْ يَضعُف أو ينقطع، وكلما درست الكلمة زادت قوتك، وليس كما يعتقد البعض أنه يتقوّى بحضور الاجتماعات أو الصلاة الكثيرة، لكن لا فهذه علاقة فيها اتّحاد بينك وبين الله، هو فيك وأنت فيه، وهذا معناه أنّ إبليس ليس له سُلطانٌ عليك.

 يعتقد الكثيرون أنه كوني لازلت في الأرض، فهذا معناه أني تحت يدّ إبليس، وأنه مُحتَّم عليَّ المُعاناة هُنا، ويستندون على قصة أيوب تحت مُسمَى أنه رغم مِن كونه بارًا ويتّقي الله، تم تحطيم حياته، ولكن إنْ درست الكلمة بصدق ستجد أنّ هو مَن جلب هذا لنفسه، ويمكنك الرجوع لتدرس مقال “كيف حدثت كارثة أيوب“، حيث تكلَّمت باستفاضة عن هذا الأمر، وليس أنّ الله كان قادرًا على حمايته ولم يفعل، بل هو الذي لم يعرف أنّ الله يمكنه حماية ممتلكاته، والدليل هو ما قاله.

“١ فَأَجَابَ أَيُّوبُ الرَّبَّ فَقَالَ: ٢ «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ…. ٥ بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي.” (أيوب ٤٢: ١، ٢، ٥).

 بحسب التاريخ كان أيوب قريبًا لإبراهيم ويعيش في نفس زمنه، والروح القدس يكشف لنا في الكتاب المُقدس أنّ أيوب كان يخاف الله، ولكن دون أنْ يكون لديه معرفة. الفهم الخاطئ لقصة أيوب أدى إلى اعتقاد بعض المُؤمِنين أنّ إبليس يمكنه فِعْل أي شيء في أي وقت، وترَسَّخ هذا في أذهانهم بصورة قوية جدًا.

 هل يُهاجِم إبليس الشخص عندما ينشط روحيًا أو إذا قام بخدمة رائعة للرب؟ هل لهذا ضريبة يأخذها مِنه؟ فهذا ما يقوله الناس بالفِعْل هذه الأيام، ولكن بأية أحقية يأخذ ضريبة، هل له سُلطانٌ عليك بعد الذي صنعه الرب يسوع لأجلك؟! لكن لنفهمها أكثر….

“١ فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. ٢ هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. ٣ كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. ٤ فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ، ٥ وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ.” (يوحنا ١: ١-٥).

 لاحظ أنه قال: “وَالنُّورُ يُضِيءُ” أي يُغيّر، إذًا هنا هو الفاعل، ولكن الظُلمة لا تستطيع أنْ تُغيّر النور، لذلك عالم الروح يُسيطِر على عالم العيان، فأي شيء يحدث في العالَم المادي وراءه عالَم الروح. لكن بسبب ما يُقال هذه الأيام مِن عبارات؛ “كفى روحانيات أو دروشة”، بدأ يظهر نوع مِن المؤمنين يخجلون مِن الكلام عن الأمور الروحية كالامتلاء بالروح القدس والتكلُّم بألسنة فينطفِئون تدريجيًا.

 لا أنسى في أحد المؤتمرات التي كُنت أحضرها، وكنت ذاهِبًا للنوم قال لي شخص ما ساخِرًا مني: “أليس أنت الذي يتكئ على الشجرة ويتكلَّم بألسنة!” لم أقل له شيئًا ولكنه لاحظه فيَّ، وتَمُرّ الأيام ويأتي هذا الشخص ويقول لي: “بك شيءٌ مُختلِف أريد معرفته” ولكن لأجل سُخريته لم يستقبل شيئًا، لذلك ستجد مَن يستهزئ بك، ولكنه يراقبك عن بُعْد، تذكَّر أنه كان هناك مَن يتّبع الرب يسوع، ولكن حفاظًا على صورتهم أمام الناس لم يعترفوا بذلك.

 أي شيء يَحدُث وراءه عالَم الروح سواءً كان بسيطًا أم كبيرًا وراءه عالم الروح، كما أوضحها لنا الرب يسوع حينما قال إنه كون الطيور تستطيع أنْ تصل لغذائها، فهذا ورائه عالَم الروح، الآب هو مَن قادها له وليس الفِطرة، كذلك في أبسط الأمور كغسْل أسنانك هذا وراءه عالَم الروح، وبدأ الأمر بفِكْرة صحيحة تعلّمتها مِن شخص ما -كائن روحي- يعيش في النظام العالمي، وتحتاج أنْ تُمَيّز الأفكار الصحيحة مِن الخاطئة، إذ يوجد الكثير مِن المبادئ الخاطِئة لأن العالَم وُضِعَ في الشرير، والكلمة وحدها القادِرة على الفَصْل بين ما هو صحيح وما هو خاطئ.

 أريد أنْ أُعلِّمك كيف تكون حسّاسًا للروح القدس، فإن فهمت أنّ كل الأشياء وراءها عالم الروح وأنه يُمكنك السيطرة عليه سيختفي الرُعب مِن حياتك، لكن إنْ ظننت أنّ الأشياء تحدُّث رغمًا عنك، ستعتقد أنه لا يمكنك التحكُّم في زمام الأمور، إنْ ربطت حياتك بعالَم الروح وفهمته بشكل صحيح، سيعمل لصالحك.

 هُناك مَن رَسَمَ حياته لتكون مَليئة بالمتاعب والمشاكل واللعنات بسبب مفاهيم خاطِئة الآن يحصُد نتائجها، ولكن إنْ فهمت المبادئ الروحية ستجعل عالَم الروح يعمل لصفك. فعبارة “وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ” في الأصل اليوناني تأتي “الظُلمة لم تستطع القبض أو السيطرة عليه”، فمعنى هذا إنه لو سِرت في هذا النور لن يستطيع إبليس القبض عليك (الظُلمة).

 كما درسنا في رسالة العبرانيين الإصحاح الثاني عشر أننا جئنا لكنيسة أبكار في محفل ملائكة، هذا الحفل لا يتوقّف، إذ لا يوجد اضطرابات وقلق، فلن نجد ملاكًا يقول لله وهو مُرتعِب إنه قد حدث أمرٌ كارثيٌّ، وإذ بالرب يتفاجأ ويرتبك! أهذا كلامٌ يُعقَل؟! بالطبع لا! فالملائكة دائمًا فَرِحة ومُحتفِلة، لأنها تعرف أنها في صف الإله الحي، إنْ أدركت هذه الأمور وفهمت مَن أنت في المسيح، سيرتعب إبليس مِنك، وهناك مستوى أعلى مِن هذا وهو إدراكك لشركة الروح القدس.

دعوني أوضِّح هذه المبادئ أكثر:

 خَلَقَ الله إبليس، ووقع عليه قضاءٌ بعدما أخطأ، ومِن ثَمَّ جاء الإنسان الذي يُحبه الله، ولكن إبليس اقتحمه بصورة غير شرعية، لذا استنتج البعض إنه لا يمكنهم ضمان عدم تدُّخله في حياتهم فهو اقتحامي ولا يحترم القوانين، وتكوَّن هذا الاستنتاج أيضًا بسبب ما نراه اليوم مِن انتصار مَن لا يسيرون بطريقة قانونية على مَن يسلكوا بالحق، ولكن هذا لن يحدُث معك لأنك مُحصَّنٌ مِن إبليس بسبب فَهمك وسلوكك بالكلمة، وسُكناك داخل ملكوت النور الذي يسير بالقوانين الإلهية التي لا يمكن لإبليس تخطيها.

“١٨ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ. ١٩ نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ. ٢٠ وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ (الآن) فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (زوي، حياة الله). ٢١ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.” (١ يوحنا ٥: ١٨-٢١).

 الشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُهل تعتقد إنه كان يتكلَّم عن السماء؟! كلا، بل هي لنا هُنا وسنستمتع بالحماية على الأرض، لذا بينما تسير في طريقك وتسافِر في وسيلة مواصلات لا توجد احتمالية أنْ تؤذَى إن آمنت بذلك. يوجد ملائكة مُوكَّلة بحراستك، وكل هذه المعلومات موجودة عنك في الكلمة. لاحظ أيضًا أنه هُنا يتكلم عن روحك التي لا تُمَسّ وبالتالي تُحمَى نفسك وجسدك بحسب (١ تسالونيكي ٥: ٢٣)، إذًا الله يهتم بحمايتك على كل المستويات! مجدًا لاسمه.

 لاحظ لغة الكتاب القدس، إذ لم يقُل نشعر بل نعلم وكُرِّرَت ثلاث مرات، إذًا الأمر يتعلّق بإدراكك وليس بمشاعرك. إدراكك أنك وُلِدت مِن الله وخرجت (انبثقت) مِنه، وسلوكك بالنور الإلهي هذا يجعلك لا تُمَسّ، مَن يتأثّر بإبليس هو مَن لا يدرك هذا الحق.

 “جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ مِن أسباب مجيء الرب يسوع الأول، هو ليُعطِينا بصيرة وفَهْم وإدراك للحق، لذلك إلى متى تنتظر الله ليطرد إبليس لأجلك، هل لأنك تربيّت على صلاة الناس لأجلك؟ وهذا رائع، ولكن إلى متى تظل هكذا، فأنت مَن تُقاوِم بحسب (يعقوب ٤: ٧). الله لا يعمل فيك بتلقائية، تحتاج أنْ تساهم وتشارك في العمل.

 

▪︎ ناموس روح الحياة، وناموس الخطية والموت:

“١ إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ. ٢ لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ.٣ لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، ٤ لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا، نَحْنُ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ.” (رومية ٨: ١-٤).

 كلمة “ناموس” تعني قانونًا، مبدأً، مَسطَرة، شيئًا تخضع له، طريقة تفكير، سُلطانًا، شيئًا له مفعول، لذا أيهما تتّبع وما الذي يعمل في حياتك؟ مفعول الموت أم الحياة؟ يمكنك كمؤمن الدخول لمنطقة إبليس برِجْليك، ولكن تذكَّر النور هو الكلمة ولا أُعني النور المادي، كما قيل في العهد القديم: “سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي.” (المزامير ١١٩: ١٠٥).

 لا يكمن الأمر في الإضاءة بل في الاستنارة والبصيرة، وسلوكك بكلمته سيُزيد مفعول حياة الله ((ZOE.

 نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِنَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِيخطئ البعض في تفسير هذا الجزء مُعتقِدين أنه يوجد ناموس الروح وناموس الحياة، ولكنها تأتي في الأصل اليوناني هكذا “ناموس الروح الذي يعطي حياة” وكذلك يتكلم عن ناموس الخطية الذي يؤدي للموت، هما ناموس واحد.

 “لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا”؛ نَسَبَ الرسول بولس كل ما فعله الرب يسوع إلينا، لذا تأتي في ترجمات أخرى أنه تم فينا حُكم الناموس رغم عدم فِعْلنا لأي شيء.

دعني أوضِّح لك كيف يُؤثِر فيك ناموس روح الحياة أو الموت:

“فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ؛ الذين يفكِّرون بالطريقة الجسدية أو بالحواس الخمس، يتأثَّرون بالجسد، والذين يهتمُّون ويفكرِّون بالطريقة الروحية يتأثّرون بها، إذًا أنت المَدْخل للناموس الذي يعمل في حياتك.

 “نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ قَدْ أَعْتَقَنِي إنْ كان ناموس “سلطان وسيادة” روح الحياة أعتقك مِن سيادة الموت، فلماذا يعمل قانون الموت على المُؤمِن؟ لأنهم يسلكون بمُوجَب قانون عكس القانون الروحي الذي يعطي حياة.

 مثال: إنْ اعتقدت أنّ عدم تنفيذ إجراءات مُعيَّنة لأوراقك هي بسبب مُوظَّف يُعطِّلك، فهذا سلوك بالجسد، ولكن إنْ كنت ترى الأمر بالنظرة الإلهية، ستجد أنه لا يستطيع شخصٌ أنْ يُعطِّل تنفيذ الإجراءات، حيث إنّ الله سيتدخَّل عن طريق أنه سيجعل هذا الشخص يُغيِّر رأيه وينفِّذ لك إجراءاتك، أو سيجعل ما هو أعلى مِنه في المنصب يجري لك ما تريد، وإنْ وصل الأمر لعزله، سيحدث ذلك، وبذلك يعمل عالم الروح معك.

 إنْ رفضت الاقتناع بهذا الحق مُعتقِدًا أنها ليست كذلك، فهذا لن يُقلِّل مِن حقيقة أنّ كل إنسان على هذه الأرض مُتأثِرٌ بقانون مِن الاثنين “إما الحياة أو الموت”، فإنْ نفى شخصٌ ما وجود الشمس هذا لن يُقلِّل مِن حقيقة وجودها. يَحدُث في بعض الأحيان أنْ يتأثّر مُؤمِنون بقانوني الحياة والموت معًا، فتجدهم ناجِحين في زاوية مِن حياتهم كالعلاقات بسبب طريقة تفكيرهم الصحيحة المَبنيّة على الكلمة في هذه الزاوية، ولكنهم غير ناجِحين في عملهم لسلوكهم بالجسد في الزاوية الأخرى!

 كيف تُفعِّل قانون الحياة في حياتك طوال الوقت؟ عندما ترسم طريقة تفكيرك بصورة صحيحة بالكلمة، ولكن إنْ حاولت أنْ تفهم هذا الإله بالتخمينات فقد وقعت في مُشكلة، فهو يُفهَم مِن خلال البصيرة والإدراك (الكلمة)، لهذا ظلّ بولس الرسول يتكلَّم عن الملكوت لمدة ثلاثة أشهر لثِقل حجم هذا الموضوع.

 هُناك مستوى في عُمق العلاقة بينك وبين الروح القدس أعلى مِن مجرد إمدادك بالقوة، ألّا وهو أنّ جسدك لم يَعُد مُلكًا لك بل صار مِلكه. وإنْ كنت في مقابلة عمل، أو ترسل cv يخصك، أدركْ أنك ترسله بقوة الروح القدس، وبهذا الإيمان تُفَعِّل القانون الروحي. لا تخضع للقانون الذي تمّ إنقاذك منه انون الخطية الذي يؤدي إلى الموت بتفكيرك.

“١ فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، ٢ لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ اللهِ. ٣ لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ، ٤ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ (عليكم وليس على الله) ٥ الَّذِينَ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا لِلَّذِي هُوَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ. ٦ فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ.” (١ بطرس ٤: ١-٦).

 “كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ” تأتي في الأصل اليوناني بالماضي البعيد وليس القريب، حيث إنّ بعض الناس استخدموا هذه الآية كدليل على أننا لنتوقف عن الخطية يجب أنْ نتألّم جسديًا، لكن في الحقيقة هي تأتي في الأصل معكوسة، حيث تأتي “مَن توقَّف عن فعل الخطية مُسبقًا (في الماضي)، قد تألّم جسديًا (الاضطهاد)”، وهذا الترتيب الطبيعي، فالشخص قرر أنْ يتوقف عن الخطية، لذلك تألّم مُضطهَّدًا.

 إذًا الألم الذي تكلَّم عنه الكتاب، هو ألمّ عدم الخضوع لشهوات الجسد وإلزامه بالسلوك حسب الروح، وألّم الاضطهاد، فهذا هو الألم الذي تعرَّض له الرب يسوع بحسب (العبرانيين ٥: ٨)، ولكن كيف تَعلَّمَ! أليس هو بلا خطية؟ التعليم ليس فقط تصحيح مسار وتأديب ولكن مِن ضمن وظائفه هو إعطاء معلومات.

 لنفهم هذا المبدأ؛ تُحسَب الخطية حسب مستوى الشخص روحيًا، فربما نجد شخصًا خطيته هي الكذب أو السير بطرق مُلتوية، وهناك مستوى آخر تكون الخطية فيه اتّباع مشيئة البشر الذين يفكرّون بصورة جسديّة ويُبعدونك عن الله، ويوجد مستوى أعلى كالتلاميذ الذين أُرسِلوا ليشفوا الأمم، فإنْ لم يشفوهم سيكونون حينها قد ارتكبوا خطية، فالرب يسوع جاء لخراف إسرائيل فقط، لذلك مسئوليتهم أنْ يذهبوا للأمم.

 لا يقصد بطرس الرسول في العدد السادس أنّ الموتى يُبَشَّرون، فهذا مستحيل، لكن لنراها كيف جاءت في الأصل اليوناني، حيث تمّ استخدام نوعين مِن الماضي، فبطرس مِن أكثر الأشخاص الذين استخدموا أنواع مُختلِفة مِن الماضي.

“لأجل هذا بُشِّرَ بالإنجيل في حياة هؤلاء البشر حينما كانوا أحياء لكنهم موتى الآن، وتمّ القضاء عليهم وكأنهم مِن البشر العادي، حيث إنّ هؤلاء الكارزين اُضطهِّدوا وقُتِلوا بحسب دينونة الناس، ولكنهم الآن أحياء بحسب الله بالروح”.

 استخدم أكثر مِن نوع مِن الماضي في هذه الآية أيضًا؛ ” ١٩ الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ، ٢٠ إِذْ عَصَتْ قَدِيمًا، حِينَ كَانَتْ أَنَاةُ اللهِ تَنْتَظِرُ مَرَّةً فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ.” (١ بطرس ٣: ١٩، ٢٠).

 تُدعِّم هذه الآية لقارئي اللغة العربية فِكرة التبشير للموتى، لذلك لا يجب تفسير الكتاب المقدس مِن دون دراسة اللغة العبرية واليونانية. هنا لم يقصد أنّ الرب يسوع كرز للأرواح في السجن، لكن تأتي في الأصل اليوناني بالماضي والماضي الأبعد، بمعنى أنه تمَّت الكرازة لهؤلاء الناس في أيام نوح (الماضي البعيد)، ونزل الرب يسوع لهم في الهاوية (الماضي القريب).

 مثال: إن قام أحدهم بالسير على الكوبري الذي تمّ بناءه مُسبقًا، فالماضي القريب “مشى”، والماضي البعيد “بناء الكوبري الذي سار عليه هذا الشخص”. لذلك لا يوجد حلّ آخر للكرازة سور والناس بعد أحياء وليس وهم أموات، فمسئوليتنا أنْ نصل بالإنجيل لكل شخص حي قبل فوات الأوان.

 أعطانا الرب يسوع سلطانًا أنْ ندوس الحيات والعقارب، لذا لا يُمكن لإبليس أنْ يُؤذيك، تعلَّم أنْ تقف ضده بجرأة، ولكن اعتقادك بأنّ الرب هو مُرسِل الألم هو العائِق لوقوفك ضدّ إبليس، كيف تعتقد أنّ الله هو مُرسِله؟! يمكنك اللجوء للرب عندما تتيقّن إنه لم يُرسِل لك هذا المرض.

 لا تعتقد أنّ الله أرسل لك المرض ليُعلِّمك درسًا، فهو قال عن الصليب أنها ساعة الظُلمة، فهل هذا يعني أنّ الآب تعاوّن مع إبليس لكي يُصلَب يسوع؟! بالطبع لا، لا يمكن للرب أنْ يسمح لك بالمرض، قلنا إنّ الله يُرسِل الأمراض، ثم حَسَّنَّا اللفظ وقُلنا إنه يسمح به، ولكن كلامها واحد في حقيقة الأمر!

 اهدأ وانعمْ لأنه يوجد اعتناء واهتمام إلهي بكل زوايا حياتك. لا يمكن لإبليس الكائن الضعيف المَهزوم أنْ ينتصر عليك إلّا في حالة واحدة وهي عندما لا تملأ كلمة الله ذهنك، أنت الآن بداخل مملكة الله وبداخل حضن الآب، لقد دعاك إلى نوره العجيب، قد لا تشعره بجسدك لكن استمتع به بالإيمان.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$