القائمة إغلاق

ملكوت النور – الجزء 4 The kingdom of Light – Part

ملكوت النورالجزء 4

كيف تكون غنيًّا في علاقتك مع الله؟

  • الكتب التي هي قوة الله.
  • ما هو سِرّ ثباتك!
  • المُؤمِن ليس له ضعفات.
  • مجد العهد الجديد أعظم مِن القديم.
  • عِشْ بجنسيتك الحقيقية.
  • العبادة مفتاح شركة الروح القدس.

 البعض يسأل هل يستطيع إبليس قراءة أفكار الإنسان؟ نعم وذاك عبر العرافة، ولكن هذا لا يُسمَى نبوة بل أرواح عرافة، تستطيع التعرُّف عليك مِن خلال مراقبة ردود أفعالك وسلوكياتك، أما النبوة فهي موهبة جيدة، ولكن ربما يكون الإناء المُستَخدَم خطأ، وهي موجودة في العهد القديم والجديد، مثلما تنبأ النبي أغابوس بحدوث مجاعة في (أعمل الرسل ١١: ٢٨).

 كيف يستطيع إبليس بثّ “إدخال” هذه الأفكار إلى الذهن؟ مِن خلال الأفكار والمبادئ والقيّم الخاطئة، مثل الشخص الذي يُعطي قيمة عالية لرأي الناس، لاحظ أنّ الكتاب يقول: “وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا.” (أفسس ٤: ٢٧).

 إذًا أنت مَن تعطي إبليس المكان عَبْر جهلك بالكلمة وعدم المعرفة، والعلاج لابد أنْ تفهم الكلمة وتفهم فِكْر الله، لا تحيا حياة سطحيّة وتعتقد خطأً أنه لمجرد أنك تؤمن أنّ الله أرسل ابنه وتؤمن بالمسيح أنك بذلك لديك إيمان ومُحصَّن مِن إبليس، لا هذا ليس إيمانًا، حيث يوجد إيمانٌ حيٌّ هو أنْ تعرف فِكْر الله بكل زواياه.

 لكن كيف يُميِّز المؤمن صوت الله؟ لابد مِن رجوعك للراعي الذي يرعّاك روحيًا لأنه لا يوجد طريقة مُعيَّنة أخبرك بها لتُعرِّفك أنْ تُميِّز صوت الله، ولكن يمكنك الرجوع لراعيك ليقول لك فِكْر الله، لا تَسِرّ في حياتك بمفردك، لأن الكتاب يقول: “وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ.” (الجامعة ٤: ١٠). تحتاج أيضًا أنْ تجلس أمام كلمه الله أكثر فهي التي تُعلِّمك أنْ تُميِّز وتُفَرِّق بين الأصوات.

 

 ▪︎ كيف تكون غنيًّا في علاقتك مع الله:

“هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ”. (لوقا ١٢: ٢١).

“غَنِيًّا للهِ” أي غني في علاقته مع الله.

“يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ” المقصود بقوله هنا أنْ لا تُخَزِّن لنفسك أي شيء غير الله، وهذا لا يتضارب مع الادّخار إذ هو مبدأٌ كتابيٌّ صحيحٌ، ولكن الرب يشجِّعنا أنْ نكون أغنياء في العلاقة مع الروح القدس فهي التي تقوم عليها حياتك، انتبه لها.

 إنْ كنت تحيا بمفردك في مكانٍ ما أو بلد مُعيَّنة، أو إنْ وُجِدَ حولك أشخاص كثيرة، وسواء كان لديك شريك حياة أو لا فلا غِنَى عن علاقتك وشراكتك مع الروح القُدس. نحن لا نرتبط ليكون لدينا شخصٌ ما يملأ علينا حياتنا ويُسَلِّينا، أو لتجدي مَهربًا كفتاة مِن بيت أبيكِ، بل لنأتي بنسل إلهي يعرف الرب في الأرض (ملاخي ٢: ١٥) ويجب أنْ تُغيِّر وتُغيِّرين طريقة تفكيرك إنْ لم تكن طبقًا للكلمة.

“وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.” (يوحنا ٤: ٢٣).

 “الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ”؛ الله طالِب وباحِث عن البشر الذين يعبدونه، المُتَّصِلون به اتّصالاً سليمًا، ولاحظ فهو يطلب الأشخاص وليس العبادة، فهو غير مُتَعطِشٍ لمدحنا وعبادتنا.

 “يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ” بالروح؛ أي بروحك الإنسانية، بالحق؛ أي بالبصيرة والإدراك الذي تأخذه مِن الكلمة التي هي الحق، ولكن هذا لا يعني أنْ تقتبس آيات وتصلي بها وأنت لا تفهمها.

 مثال، الطالب الذي يدخل إلى المدرسة لكي يتعلَّم القراءة والكتابة، ولكن دخوله المدرسة ليس ضمانًا أو تأكيدًا إنه سيتعلَّم الكتابة والقراءة، فربما لا يُذاكر، أو لا يقوم المعلمون بدورهم، فلابد أنْ يذاكر ويدرِّس الكتب حتى يتعلَّم. هكذا يجب على المُؤمِن أنْ يدرس الكلمة ويستنير فيها ويصلي بالمعرفة والاستنارة التي أخذها مِن كلمة الله.

 الحق هو الذي يُنير ذهني، وهو لا يعني بالضرورة اقتباس الآيات والصلاة بها، ولكن ربما تقول في بعض الأحيان لشخص غير ناضِج خُذّ هذه الآية وردِّدها، وهذا ليس خاطئًا، لكن توجد مستويات أعلى يجب أنْ نصل إليها.

 سأشرح لك أكثر مِن خلال هذا المَثَل، لو أنّ جسدك ضعيفٌ، وأعطيت لك طعامًا لكي تتقوى، سؤالي هنا: هل هذا الطعام سيُعطيك القوة التي ستحتاجها؟! الإجابة “نعم” و “لا” في آنٍ واحدٍ، فإنْ أكلته سيتحوَّل لطاقة، ولكن إنْ اعتقدتَ أنه في حدّ ذاته قوة فأنت مُخطِئ، هكذا علينا أنْ نعبد الإله بالروح والحق عبْر فهمنا للكلمة واستنارتنا فيها وليس بترديد الآيات فقط.

 العلاقة مع هذا الإله ليست وقت تشعر فيه بمشاعر أو أنّ شهيتك مفتوحة على الصلاة أو لا، لأنه مِن هنا بدأ مُؤمِنون يضلّون، تخيَّل معي أنك كنت في أيام العهد القديم وذهبت لتجلس في الخيمة قبلما يصنع داود نظامًا لتسبيح الرب، وقبلما ينظِّم فريقًا للتسبيح، تُرَى ما الذي كنت ستسمعه آنذاك؟ كنت فقط ستسمع صوت نحر الحيوانات وهي تُذبَح! تُرَى ما المُمّتِع في ذلك؟ هل هذا يُحفِّز على العبادة!

 أما داود فمَتَّعَ نفسه بالخيمة عبر تفكيره في معاني ألوانها، وبدأ بتشكيل فريقًا للتسبيح، لأنه كان في علاقة حميمية مع الله، حتى عندما كان راعيًا للغنم كان مُشتعِلاً بالرب، ويعرف كيف يسكب قلبه للرب دون أن ينتظر فريق تسبيح. وبالمِثْل لابد أنْ تعرف كيف تسكب قلبك للرب ولا تنتظر أنْ تُشَغِّل ترانيم لكي تدخل في جو الصلاة ولتساعدك في خلق جو روحيًا، فالروح القدس يسكن بداخلك هو مَن يقودك في الصلاة ويساعدك كي تسكب قلبك أمام الرب.

 ماذا تفعل حينما تواجه اضطهادات؟ عندما كان بولس وسيلا في السجن كانا يسبّحان الله بصوتٍ عالٍ ولم يخجلا مِن المُحيطين بهما.

“١٣فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟١٤ وَلكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلا تَخَافُوهُ وَلا تَضْطَرِبُوا،١٥ بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ.” (١ بطرس ٣: ١٣١٥).

 يتحدَّث الرسول هنا مع أشخاص ربما ضُرِبوا أو سُجِنوا، لم يقُل لهم: “لا تخافوا، تحمَّلوا ما حدث لكم” بل قال: “قَدِّسُوا الرَّبَّ الإلهَ فِي قُلُوبِكُمْ” أي انظر للروح الذي معك حتى وإنْ أُلقيت في السجن أو تحت الأرض، أو ضُرِبت مِن أهلك، وعبرت بأمور عصيبة.

 هل أنت تأخذ تشجعيك مِن الناس والظروف المُحيطة بك؟ تُعلِّمنا كلمة الله أنْ نُقَدِّس الرب الإله في قلوبنا، بمعنى أنْ أُميز، أنفرد، وأنعزل بداخلي عن الناس، وأنتبه للروح القدس بداخلي، فيمكنك خلق جو خاص بك. الروح القدس ليس دخانًا أو تأثيرًا أو حمامة، لكنه شخصٌ حقيقيٌ، طريقة نزوله على الرب يسوع كانت هادئة كَنزول الحمامة، ولكنه شخصٌ له يدان اثنان، وقدمان اثنان، ورأس، فنحن خُلِقْنا على مِثاله وصورته، لو كان يوحنا شَبَّهَ الله بحمامة “حيوان” لَرَفَعَ اليهود عليه الحجارة ليرجموه، لسبب تجديفه على الله.

 لكي تعرف كيف تُشَخِّص نفسك بطريقة صحيحة في الوقت الذي تشعر فيه بأنك جافٌ؟ انتبه لما أقوله الآن: “٣٧ وَفِي الْيَوْمِ الاخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ ٣٨ مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ» قالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لانَ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لانَ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.” (يوحنا ٧: ٣٧- ٣٩).

 نادى الرب يسوع ورفع صوته، وهذا أمرٌ نادرٌ لأنه لم يكن يصيح ولا يسمع أحدٌ في الشوارع صوته، ولكنه فَعَلَ هذا لإظهار أهمية الأمر.

 “مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ” تعود هذه على مَن سيؤُمِن بالرب بالطريقة الكتابية أي طريقة تفكيره تصبح حسب الكلمة، وقتها ستكون النتيجة “تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ“، فهو هنا لا يقتبس مِن العهد القديم إذ لا توجد آية تقول هذا في العهد القديم بشكل حرفي، ولكن قيلت بعض مفرداتها في أكثر مِن ثلاثة شواهد.

 عندما آمن الناس بالرب يسوع بالطريقة الكتابية، انتظروا حتى جاء يوم الخمسين وقبلوا الروح القدس وتحقَّق عليهم هذا الكلام، فكل التلاميذ والمئة والعشرين تلميذًا امتلئوا بالروح في هذا اليوم. إنْ كنت قبلت الروح القدس وتكلمت بألسنة أخرى، اعلم إنه تجري مِن بطنك أنهار ماء حي، وأما عمّا تشعر به -إنْ كان عكس هذا الحق- فهي أفكارك.

 لتكن ضليعًا ومُحترِفًا في العبادة، وإنْ ضُرِبتَ في هذه الزاوية وأصبحت لا تعرف كيف تَعبُد بشكل صحيح، ستكون كَمَن تَلَفَ قلبه، لأن حياة المؤمن تعتمد على عبادته وعلاقته بالروح القدس، فبدونه لا تكون المسيحية، ولا يمكنك أنْ تحيا كمسيحي من الأساس!

 بدون الروح القدس لا يوجد تفسير صحيح لأواخر الأيام مهما كنت قارِئًا للغة اليونانية أو العبريّة وتعلَّمت على أيدي أُناس ضليعة، فبدونه ستفقد حلقات وصل خطيرة دون أنْ تراها، لان الذي يراها فقط هو الشخص المُصغِي للروح، فتعتقد واهِمًا أنك ضليعٌ في الكتاب المقدس بينما فقدت أشياء كثيرة في المُنتصَف، لهذا يوجد مدارس كثيرة في أواخر الأيام، لكن يوجد حق كتابي واحد، فأي شيء غالٍ وثمين له مُزيَّفات، فنحن لم نجد قط جنيهًا مُزوَّرًا، لكننا نجد المئة أو المائتي جنيهًا مُزوَّرين لأن قيمتهما كبيرة، وبالمِثْل يوجد دائمًا مُزيَّفات لِمَّا هو ثمينٌ.

 “١٣ وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى. ١٤ اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ، ١٥ مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. ١٦ لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. ١٧ فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ. ١٨ لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَل مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، ١٩ وَهُتَافِ بُوق وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، ٢٠ لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ: «وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ». ٢١ وَكَانَ الْمَنْظَرُ هكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ». ٢٢ بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، ٢٣ وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، ٢٤ وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ. ٢٥ اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ! ٢٦ الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلاً: «إِنِّي مَرَّةً أَيْضًا أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا». ٢٧ فَقَوْلُهُ «مَرَّةً أَيْضًا» يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الأَشْيَاءِ الْمُتَزَعْزِعَةِ كَمَصْنُوعَةٍ، لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ. ٢٨ لِذلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى. ٢٩ لأَنَّ «إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ»” (العبرانيين ١٢: ١٣-٢٩).

 “مُسْتَبِيحًا” لا تقتصر الاستباحة على الزنى أو فتح مواقع إباحية، لكنها تُعني في الأصل مَداسًا، ترك أي شخص يتكلَّم معه، وأي فكرة تأتي لذهنه، وتجده يُشتَّت بأي أمر، وأي شيء يأخذ محل الله لا يرفضه، وهكذا باع عيسو بُكوريته، لهذا السبب قال موسى بعدها أنا مُرتعِبٌ لسبب صوت البرق والرعد، وبسبب الوصية الإلهية؛ “وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْم”. (العبرانيين ١٢: ٢٠).

 لماذا لا يَقتل الرب الحيوانات؟ ولماذا لا تَمُت تلك الحيوانات مِن حضور الرب؟ لأنه يوجد دورٌ على الإنسان أنْ يقول “لا” للأفكار، لا تسمح لأفكارك أن تكون مَداسًا، مَمرًّا لأي شيء، مكانًا عامًا ليس له خصوصية، ما لم يكن لك خصوصية وتقوم بتقديس الرب الإله في داخلك، هل ستبيع حقوقك في المسيح بسهولة!!

 انفتح عيسو على العالَم الذي حوله، لم يسلك في مَنهج والده، ولم ينغلق مِثْله لذا باع بكوريته بسهولة، لم يعرف كيف يضع مِن البداية قوانين لحياته، لم يمنع نفسه، لذلك فور أنْ شعر بالجوع، فعل أي شيء ليُحقِّق مطالب جسده، وفي الحال استغل أخوه الموقف وطلب منه أنْ يعطِه الأمر الثمين، فوافق في الحال، ولم يبالِ بالشيء الثمين الذي بيده.

 رغم أنّ إسحاق والده كان مُتحفِّظًا في كل زوايا حياته، إلّا أنه لم يكن مُتحفِّظًا في زاوية الطعام، لذلك تعلَّم عيسو هذا مِن والده، الذي قال له اذهب واصطاد لي صيده جيدة لأعطيك البركة: “٣ فَالآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ، وَاخْرُجْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَتَصَيَّدْ لِي صَيْدًا، ٤ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ، وَأْتِنِي بِهَا لآكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ.” (التكوين ٢٧: ٣، ٤)، مما يكشف لنا إنه لم يكن مُصحَّحًا في هذه الزاوية، مع إنه كان مُنعزِلاً في أشياء كثيرة جدًا، بالإضافة لكونه نبيًا، فإبراهيم وإسحاق ويعقوب جميعهم أنبياء.

 انتبه لهذا، فربما تكون مُستبيحًا وأنت لا تعلَّم، فأي أفكار تأتي لذهنك لتفعل أمرًا ما كأن تتصفَّح السوشيال ميديا مثلاً وتُنفِّذها في الحال، وبذلك تكون مُنقادًا بالأفكار والرغبات، ولا تقود أنت حياتك. وتبيع في لحظة الأمور الثمينة، ستتمنى رجوعها بعد فوات الأوان، مثل عيسو يوم أراد البركة وبكى، دموعه هنا علامة سيئة لأنه لم يستطِع الحصول عليها إذ قد فاته الأوان (العبرانيين ١٢: ١٧).

 “لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ” توحي لنا هذه الكلمات أنّ قلب عيسو لم يكن مُولَعًا بالبركة.

 “لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَل مَلْمُوسٍ” رَكِّز في هذا الكلام، فأنت لم تأتِ إلى مملكة مادية ملموسة بل روحية، لذا فأنت تُدرِّكها وتعيها وتفهما بروحك، وليست شيئًا تشعره.

 “لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ” لا تُعني أنْ يتعافى شخص على شخص، بل تعني رفضهم للكلام، وهنا لم يُدرِّك الشعب ولم يُقدِّر الموقف، فالله أراد أنْ يُقيم علاقة وهم رفضوها.

لكنهم خافوا لأن قلوبهم ليست مستقيمة، رفضوا العلاقة مع الله واستعفوا، وأعطوا الأعذار، لم يفهموا معنى أنْ يتكلَّم الرب إليهم، رفضوا كل هذا! أنت أيضًا غير مُستثنَى، فهو يريد الدخول في علاقة معك الآن، لا تبتعد، قَدِّسْ الرب في قلبك لأنه ساكنٌ في داخلك، في أي مكان هو معك، استمتع به بداخلك.

 جاء هؤلاء الناس مِن عبادة الأوثان سامِعين عن أشياء، ومنهم مَن دخل في أعماق السِحْر أيام الفراعنة، لدرجة عندما رأى موسى العُلِّيقة تَعجَّبَ لأنه يعرف إنه لا يوجد إلّا إله حيٌّ واحدٌ، ومع إنه كان يرى أمورًا كثيرة في أرض مصر لكنه كان حسّاسًا تجاه الروح القدس، لذا استلزم أنْ يظهر الله له بصورة أعلى مما اعتاد عليها الإسرائيليون في أرض مصر لكي يثقوا أنّ لهم إلهًا حيًا.

 بينما تَعبُر بأبشع المواقف، لا تنتبه لها بل للروح القدس، أبْعدْ عينيك عن عمد عن المشاكل ورَكِّزْ معه، هو بداخلك، هذه هي الطريقة السليمة في العبادة، لا تستعفِ ولا تعتَّذر، أيضًا لا تُشخِّصْ نفسك تشخيصًا مُختلِفًا وتقول: “إنني لست على ما يُرام!” اَعْلمْ هذا شئت أم أبيت، أنت بداخل هذه المملكة!

 “وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ، تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ”؛ وأنت تَعبُد الرب إنْ جاءت إليك أفكارٌ تقول لك: “أنت سيءٌ!” ماذا تفعل معها؟ ارمِ كل هذه الأفكار بسهم. لا تجعلها تُلوِّث هذه العبادة. لا تنتظر أي أمور حسيّة. لا تنتظر نوعًا ما مِن العبادة أو الموسيقي ولا تنتظر أشخاصًا بعينهم فتشتعل. أيضًا لا تنتظر آ1ياتٍ تُشعِلك، اجعلْ حياتك مَرويّة ولامِعة، لم يَعُد هذا الإله مَجهولاً وصعبًا ومُعقَّدًا بل سهلاً جدًا.

 “لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ” لم يقدروا أنْ يتحمّلوا الكلام، كان ثقيلاً عليهم، رفضوا أنْ يحملِّوا هذه الحمولة أو يطبِّقوها. كان موسى معهم، حتى إنه قال: “أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ” ما الذي مَيّزَ موسى عنهم إذًا؟! لم يستعفِ نفسه بل اختار أنْ يسير في طريق الرب بالفِعل رغم إنه كان مُرتعِبًا، لكنه سار على الخُطوات التي قالها الرب، أما باقي الشعب فلم يحتملوا.

 لا يضع الرب حاجِزًا بينك وبينه، لكنك أنت مَن يستعفي ذاته مِنه، هو أقرب إليك مما تتخيّل، ليس لأنه وَقَفَ بجانبك في ظروفك القاسية، هو ليس إله ظروف فقط، هو طالِبٌ وباحِثٌ عن العلاقة بينك وبينه، يطلب انتباك، لا تنتبه لأي شيء آخر، وتعامل مع أي شيء آخر كأنه شيءٌ نجسٌ يُقتَل ويُضرَب، ولا تقبل أي فكر يأتي ضدك وضد العلاقة بينك وبين الروح القدس.

 قَدِّسْ الرب الإله في قلبك، لا تقُل: “أنا ضحية، أنا في موقف سيء!” إلى متى تحيا حياة الطفولة؟! الروح القدس يأمُّرك أنْ تفطم نفسك مِن مرحلة الطفولة هذه، يجب أنْ تنضج! ربما تسمع نفس الترنيمة التي كنت تتعزّى بها من قبل ولكنك الآن لا تشعر بشيء، هذا نضوج! يريد الروح القدس أنْ يُنَضِّجك، لأن العبادة هي طريقة تفكير تؤدي إلى مشاعر.

 “قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى…. رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ” أنت بداخل هذه الحَفلة، لم تأتِ إلى جبل مَلموس بل أتيت إلى مدينة الله، بيوت مَبنيّة على جبل، وليس جبل قحط. ابدأ مِن الآن أنْ تُمرِّن ذاتك، واقبل هذا الكلام وهذه الأفكار، لأن عبادة الرب أمرٌ سهلٌ وسَلِس جدًا، وستكتشف أنك ستفعلها ليس بصورة تلقائية بل بصورة عمديّة.

 ربما تمنيت أنْ تكون في حضور الله في وقت ما، دعني أخبِّرك بحق كتابي هام للغاية، أنت وُلِدت وتحيا وموجود في حضور الله! ربما تريد أنْ تسألني: “لماذا لم أشعر قط بهذا؟!” لأنك تحيا مُعتمِدًا على حواسك الخمس المَلموسة، أنت لم تأتِ إلى جبل ملموس، أي لا تسعَ أنْ تشعر بشيء.

 “اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا…” تأمَّلوا ما أقوله، دعوة للتفكير. رَكِّزْ وانتبه، الارتداد هو رفضك للكلمة واستعفائك عنها، هو إعطاء ظهرك للروح القدس، وهو يحدُّث تدريجي، لا يوجد ارتداد يحدُّث في لحظة.

 لم يَعُدّ الله يتعامل مع الأساس البشري الأرضي الحِسي، فالأمور الأرضية كانت ظلال للأمور الحقيقية، بدأ يتعامل مِن الأساس السماوي، وبدأت العلاقة الآن مِن الأرض عندما قَبِلَ إبراهيم العلاقة مع الله، فأنشأ علاقة سماويّة تعمل مِن السماء وتُؤثِّر على الأرض، بدأتْ بشخص تفاعل مع الله. إنْ اعتمدت على الأمور الأرضية في فهمك لله، فأنت تعتمد على أمور مُتزعزِعة، وإنْ آجلاً أو عاجلاً ستنتهي.

 “وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا…” يعتقد البعض أنّ لفظ “قابلون” يشير إلى المستقبل، ولكنها تأتي مضارع مستمر؛ أي إننا مازلنا نقبل، مثل مَن يفتَّتح محلاً، ولازال يُنظِّم في البضاعة ويرتِّبها بداخل ذهنه، فهو هنا يتحدَّث عن ظهور يسوع في الملكوت الأرضي الذي سوف يحدث، لكننا دَخلنا الملكوت الروحي الذي بدوره يُؤثِر على الأرضي.

 الفرق بينهما هو أنّ يسوع سوف يَظهر فيظهر الملكوت، لكن الملكوت بدأ منذ خلق الإنسان لكي يتسلَّط، والله لا يتغيّر بتغير الأحداث، سيظل الإنسان يتسلّط على ظروفه والأحداث أيًّا كانت، ويُخضِع الظروف حتى تكون مُناسِبة مع هذا الإله، اهتمْ بما أقوله لأن مِن هنا ستكتشف استقرارك. نحن في هذا الملكوت، لذلك ليكن لديك شُكْرٌ به تخدم الله خدمة مَرضيّة، مِن المُمكن أنْ تفقد قوة الله بسبب عدم فهمك للعبادة، تعمل العبادة على فهمك لقوة الله والكلمة.

▪︎ الكتب التي هي قوة الله:

“١٨ وَجَاءَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الصَّدُّوقِيِّينَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: ١٩ «يَا مُعَلِّمُ، كَتَبَ لَنَا مُوسَى: إِنْ مَاتَ لأَحَدٍ أَخٌ، وَتَرَكَ امْرَأَةً وَلَمْ يُخَلِّفْ أَوْلاَدًا، أَنْ يَأْخُذَ أَخُوهُ امْرَأَتَهُ، وَيُقِيمَ نَسْلاً لأَخِيهِ. ٢٠ فَكَانَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. أَخَذَ الأَوَّلُ امْرَأَةً وَمَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ نَسْلاً. ٢١ فَأَخَذَهَا الثَّانِي وَمَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ هُوَ أَيْضًا نَسْلاً. وَهكَذَا الثَّالِثُ. ٢٢ فَأَخَذَهَا السَّبْعَةُ، وَلَمْ يَتْرُكُوا نَسْلاً. وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. ٢٣ فَفِي الْقِيَامَةِ، مَتَى قَامُوا، لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ». ٢٤ فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ لِهذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ؟ ٢٥ لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ. ٢٦ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأَمْوَاتِ إِنَّهُمْ يَقُومُونَ: أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ كَلَّمَهُ اللهُ قَائِلاً: أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ ٢٧ لَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ إِذًا تَضِلُّونَ كَثِيرًا!»” (مرقس ١٢: ١٨-٢٧).

 أراد الصدوقيون أنْ يسألوا الرب سؤالاً عَسِرًا وشائِكًا، لكن لا يوجد سؤالٌ عَسَرَ عليه ولا يوجد ما يُسمَى بأسئلة صعبة الفَهم فالكتاب لا يقُل ذلك، بل قال في يوحنا: “إِنْ شَاءَ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ مَشِيئَتَهُ يَعْرِفُ التَّعْلِيمَ، هَلْ هُوَ مِنَ اللهِ، أَمْ أَتَكَلَّمُ أَنَا مِنْ نَفْسِي” (يوحنا ٧: ١٧)، بمعنى أنّ الذي يريد أنْ يعرف الحقّ، سيُعطَى له النور الكافي ليعرف. لم تَعُد الحياة مُظلِّمة فأسئلة “لماذا حدث هذا” و “كيف يحدث ذلك” لها إجابات!

 “أَلَيْسَ لِهذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ؟” تخيَّل معي والرب يقول لأحدهم: “لهذا أنت ضالٌ” مع إنك تستخدم الشواهد الكتابية وتسأل كثيرًا، فليس كل مَن يستخدم الكتاب يستخدمه صحيحًا، فأجابهم أنتم تعوِّجون الحقائق لأنكم لا تعرفون (الكتب، ولا قوة الله) وكان خَشِنًا في تعامُله مع هؤلاء الناس وليس لأنه يحب الخشونة، بل لأنه مع الأعوج يكون مُلتويًا (مزمور ١٨: ٢٦).

 طبقًا لهذه الإجابة أتوّقع مِن الرب يسوع أنْ يقتبس شاهدًا مُعيّنًا كونه ذَكَرَ لفظ “الكُتب” ثم يصنع لهم معجزة “قوة الله” ولكنه لم يفعل هذا، لأنهما “الكتب وقوة الله” هما شيءٌ واحدٌ حيث يقصد أنْ يقول “الكتب التي هي قوة الله، أو القوة التي بداخل الكتب” أي القوة داخل الكلمة وأنتم لا تروها بداخل الآية. بدأ يكشف لهم أنّ قوة الله في هذه الآية وأنتم لم تنتبهوا لها، لم تهتزّوا عندما قرأتموها، بل جعلتموها تَعبُر دون الانتباه إليها “إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب…!” يوجد قوة بداخل هذه الآية.

 خاطب الرب يسوع الصدوقيين مُوضِّحًا لهم أنّ القوة بداخل كلمة الله، وسألهم لماذا لم تدركوا القوة التي بداخل هذه الآية، كان ينبغي أنْ تروا القوة التي بداخلها، لم تتفاعلوا معها وأنتم تقرأوها، أما هو فرأى قوة الله فيها، وفهم أنّ هؤلاء أحياء أمامه، وإنْ ماتوا فهو لازال في اتّصال معهم، لو كانوا ماتوا كالحيوانات -حسب اعتقاد الصدوقيين- لما كان يتواصل معهم، إذًا هم أحياء، لذلك قال لهم تضلون كثيرًا.

 لا تضلّ في حياتك وأنت غير مُميِّز للقوة التي بداخل الآيات، ما فعله يسوع هنا هو إنه كشف القوة التي بداخل الشاهد، تحرَّكْ للآيات كما تحرَّكَ يسوع في داخله عندما قرأ هذه الآية، إنْ مَتَّعت نفسك بالشواهد الكتابية وصارت هذه عادتك، وأدركت أنّ أنهار ماء حية تجري مِن داخلك ستكون حياتك مَروية طوال الوقت، الروح القدس إله تفاعُل.

▪︎ ما هو سِرّ ثباتك؟!

“١٦ لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. ١٧ لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ». ١٨ وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. ١٩ وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ.” (٢ بطرس ١: ١٦-١٩).

 كان بطرس مُتقلِّب المزاج فتارةً يُؤمِن لبعض الوقت، وتارةً أخرى لا يُؤمِن، رأي يسوع وهو مُتجلِّي ووجهه منير وبعدها أنكره، لماذا أخذ التلاميذ وذهب للصيد مرة أخرى؟ لماذا كان مُتقلِّبًا وغير ثابِت بهذا الشكل؟! اسأل نفسك هذا السؤال “هل أنا شخص مُتقلِّب؟!”

 لأنك لا تضع عينك ولم تُثبِّت نظرك وتركيزك وانتباهك على الكلمة، لديك أمور واهتمامات أخرى تنتبه لها. فلماذا ثَبُتَ بطرس واستمر بعد ذلك ثابِتًا رغم أنه واجه مواقف أكثر شراسة؟ لأنه ثَبَّتَ عينه على الكلمة، وأعطى لها سلطانًا أعلى، صارت الكلمة نبوية لديه أثبت مِن الحواس الخمس ومِن التجلي حتى فثَبُتَ ورجع وواجه أشرس المواقف.

 يجب أنْ تُثَبِّت أنت أيضًا عينك على الكلمة، وإنْ قُلْت لي: “أنت لا تعلَّم مدى صعوبة الظروف، عندما تتحسَّن الظروف وتنتهي سأُركِّز في الكلمة!” أنت بذلك تقتل نفسك بيدك، والظروف ستزداد سوءًا.

 “مِنْ صِهْيَوْنَ، كَمَالِ الْجَمَالِ، اللهُ أَشْرَقَ” (المزامير ٥٠: ٢).

 أنت أتيت إلى مدينة الله إلى جبل ملئ بالجمال فَمِن صهيون كمال الجمال، الله أشرق فيها، أنا أحيا في مدينة فيها الجمال المُتكامِل، الحياة جميلة وأنا أعيش بها، أسكن بداخلها، فهي كمال الجمال والروعة، لا يوجد أجمل مِن ذلك.

 نعم ربما تَمُرّ بظروف صعبة مثلما كان يحدُّث مع بولس وتأتي الناس وتقول سَمِعنا أنّ بولس مقبوضٌ عليه وتمّ ضربه، وسنذهب لنسأل عليه فيذهبون ويعتقدون أنهم سيرونه جالسًا يبكي حاله ويُفاجَئوا إذ هو مُشتعِلاً لا يفرق معه أي شيءٍ لأنه يرى أمورًا أخرى، يرى خفة ضيقته الوقتية تنشئ له ثقل مجد أبديًّا.

“لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا.” (٢ كورنثوس ٤: ١٧).

 “خفة” بمعنى أشياء خفيفة أي إنّ هذه الظروف كانت طعامه، يحمِّل الآخرون الهَمّ، وهو لا يهتمّ بشيء. نجدّ بولس يكتب بعض الكلمات مثل: “مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ…..” (٢ كورنثوس ٤: ٩).

 قال أشياء عكس بعض، فهو يشرح الواقع وهو: مُضطهَد ومضروب و…إلخ، لكنه مِن جهة أخرى يشرح العمل الرائع للروح القدس معه، وهو إنه غير متروك وغير هالك و…إلخ

▪︎ المؤمن ليس له ضعفات:

 دعونا نتناول معًا الآيات التي فُسِّرت خطأً واُستُنتِج منها أن المؤمنين لهم ضعفاتهم:

 “٢٦ وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا. ٢٧ وَلكِنَّ الَّذِي يَفْحَصُ الْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ اهْتِمَامُ الرُّوحِ، لأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ فِي الْقِدِّيسِينَ.” (رومية ٨: ٢٦، ٢٧).

 الضعف هنا هو عدم المعرفة، ولكن الروح القدس يساعدنا في ذلك الضَعْف، ويمدَّنا بالعون ويشفع فينا بأنَّات لا يُنطَق بها.

مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟” (٢ كورنثوس ١١: ٢٩).

 هنا يتحدَّث عن حالة المؤمنين الذين كانوا تحت رعايته، فعندما يضعُف أحد رعيته كان يشعر به وبضعفه (يلتقط ويُميِّز هذا في روحه)، ولا يقصد أن يضعُف معه، لأنه لو فَعَلَ ذلك لعاش حياة ضعيفة إذ هناك مُؤمِنون كثيرون يضعفون! الضعف هنا بمعني أنك بدأت تترُك الرب، حيث إن لفظ ضعيف روحيًا غير دقيق، فالذي يحيا مع الرب لا يضعُف أبدًا. وبعض المراجع تُوضِّح أنّ الضعف هنا كان نتيجة اضطهادات.

“فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ.” (٢ كورنثوس ١٢: ٩).

 كلمة “الضعف” هنا هي ذات الكلمة التي اُستخدِمَت عندما كان يتكلََّم عن صلب المسيح: “لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صُلِبَ مِنْ ضَعْفٍ، لكِنَّهُ حَيٌّ بِقُوَّةِ اللهِ. فَنَحْنُ أَيْضًا ضُعَفَاءُ فِيهِ، لكِنَّنَا سَنَحْيَا مَعَهُ بِقُوَّةِ اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ” (٢ كورنثوس ١٣: ٤).

 هل هذا الضعف يعني أنّ يسوع صُلِبَ مريضًا؟! لا، ولكنه يعني أنه لم يدافع عن نفسه وقَبِلَ الصليب. فما اجتاز به بولس الرسول وتكلَّم عنه في (٢ كورنثوس ١٢: ٩) كان اضطهادات، ويبدو ضعيفًا أمام الناس لأنه لا يدافع عن نفسه، ارجعْ واقرأ المقال الذي بعنوان “ما هي شوكة بولس” وستفهم أنها لم تكن مَرَضًا.

 “١٤ فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. ١٥ لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ.” (العبرانيين ٤: ١٤، ١٥).

 على أي ضعفات يتحدَّث هنا؟ عندما ترجع للسبب الذي لأجله كُتِبَت رسالة العبرانيين مِن الإصحاح الأول -وأنا أُؤمِن أنْ بولس هو الكاتب- في ذلك الوقت بدأ يشرح الفرق بين الرب يسوع كرئيس كهنة والملائكة، وصَنَعَ مقارنة بينهما، بلغة يفهمها العبرانيين في ذلك الوقت بسبب الخلفية اليهودية التي جاءوا منها، شرح لهم أنّ يسوع كرئيس كهنة اجتاز السموات، يشعر بنا، يرثي لضعفاتنا؛ أي إنه مُتعاطِف معنا.

 عندما تستمر مع شرحه حتى تصل لنهاية كلامه في الرسالة ستكتشف أنه دخل مرًة واحدةً ولا يحتاج أنْ يدخل كثيرًا، معني ذلك أنه عَبَرَ كرئيس الكهنة الذي يشعر بالناس، صَنَعَ الفداء مرةً واحدةً، الآن أنتم تسلكون بالقوة نتيجة هذا الخلاص والفداء وعندما قال إنه يُرثي لضعفاتنا كان يخاطب أشخاصًا غير ناضِجين ويتكلَّم لمستواهم، يريد قول هو يشعر بكم.

 كان الشعب يرى دائمًا الناموس والنظام الكهنوتي عاجِزًا، بدأ ولم يستطيع أنْ يتمِّم الخلاص، فكانوا يشعرون بعجز، ولكن جاء يسوع وتمَّمَ فينا الناموس: “لِكَيْ يَتِمَّ حُكْمُ النَّامُوسِ فِينَا…” (رومية ٨: ٤)

 ما هو الضعف لدى المؤمن الآن؟ لا يوجد ضعف عند المؤمن، لكن يوجد مُؤمِنون لم تُجدَّد أذهانهم فهذا التعبير سليم، فهو رثى لضعفاتنا عندما عالج العجز الذي كان لدينا، نعم هو يحزن ويتعاطف مع الناس الذين إلى الآن لم يدركوا ما لهم في المسيح، ولكنه لا يُرثي لضعفاتنا بمعنى يرانا طوال الوقت ضعفاء، فالضعف هو عدم المعرفة كما يقول الكتاب:

“اَلرَّجُلُ الْحَكِيمُ فِي عِزّ، وَذُو الْمَعْرِفَةِ مُتَشَدِّدُ الْقُوَّةِ” (الأمثال ٢٤: ٥)

 المعرفة هي التي تعطيك القوة، ما لم تفهم مَن أنت في المسيح ستحيا كضعيف حقًا، غير مُدرِك للقوة التي بداخلك، شخص الروح القدس يسكن في روحك، الذي فينا أعظم مِن الذي في العالم، لماذا إذًا تحيا كضعيف؟ وتقول لديَّ ضعفات كثيرة؟ هذه اللغة ينبغي أنْ تنتهي مِن الكنيسة لأنها كنيسة أبكار، أي كنيسة أقوياء، أشخاص تحيا القوة.

 كان يتكلَّم الرسول بهذه اللغة معهم لكي يدركوا أمرًا ما، واستمر يشرح لهم مبادئ كثيرة عبر صفحات الرسالة حتى وصل بهم لمستوى عَرَّفهم فيه أننا قابِلون ملكوتًا لا يتزعزع، لهذا لا يوجد ضَعْفٌ! في ذلك الوقت -وقت كتابة هذه الرسالة- كانت قد انتشرت بدع وهرطقات كثيرة، لذا كتب لهم الرسول بعد ذلك ليشرح ويعالج المفاهيم الخاطئة التي انتشرت.

 رجاءً إن أردت أنْ تفهم الكتاب المقدس عليك أنْ تفهم الخلفيات التاريخية وماذا حدث في ذلك الوقت، ويجب الرجوع لمراجع، ففي بعض الأحيان لكي أدرس شاهدًا واحدًا يأخذ مني شهرًا كاملاً، والآن يوجد عشرات المراجع، فالدراسة ليست قاصرة على قاموس “my strong” المُتاح بين أيدينا، وقد عَلَّمْت بعض الأشخاص كيف يدرسون الكتاب المقدس فلكي تفهم شاهدًا واحدًا عليك أنْ تعرف خلفية كتابته.

 إنْ كان الرب يسوع قال: “…دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، ١٩ فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (متى ٢٨: ١٨، ١٩) وأعطى كل السلطان في السماء وعلى الأرض، وأخبرنا أنْ نذهب للعالم بهذا السلطان، فكِر في يسوع ومَن هو، وما مدى روعته!

 قال أيضًا: “…فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ.” (يوحنا ١٦: ٣٣). لم يعد لهذا النظام العالمي سيطرة علينا، إن كنت مُدرِكًا لهذا سوف تعبُد بانطلاق، لأنه مِن صهيون كمال الجمال، لم يَعُد الأمر صعب الفهم ولا مُعقَّد.

▪︎ مجد العهد الجديد أعظم من القديم:

 لا يوجد ما يحجز أو يفصلنا عن الآب مثلما كان في العهد القديم: “بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ.” (إشعياء ٥٩: ٢). الآن لا يوجد ضَعْفٌ في المؤمن ولا يوجد ما يحجز بيننا وبين الله. لا تنزعج مِن صراحة هذه الآية، دعونا نفهمها حتى لو كنت تُردِّد هذه الكلمات لسنين طويلة.

“١ أَفَنَبْتَدِئُ نَمْدَحُ أَنْفُسَنَا؟ أَمْ لَعَلَّنَا نَحْتَاجُ كَقَوْمٍ رَسَائِلَ تَوْصِيَةٍ إِلَيْكُمْ، أَوْ رَسَائِلَ تَوْصِيَةٍ مِنْكُمْ؟ ٢ أَنْتُمْ رِسَالَتُنَا، مَكْتُوبَةً فِي قُلُوبِنَا، مَعْرُوفَةً وَمَقْرُوءَةً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ. ٣ ظَاهِرِينَ أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِ اللهِ الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ. ٤ وَلكِنْ لَنَا ثِقَةٌ مِثْلُ هذِهِ بِالْمَسِيحِ لَدَى اللهِ. ٥ لَيْسَ أَنَّنَا كُفَاةٌ مِنْ أَنْفُسِنَا أَنْ نَفْتَكِرَ شَيْئًا كَأَنَّهُ مِنْ أَنْفُسِنَا، بَلْ كِفَايَتُنَا مِنَ اللهِ، ٦ الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي. ٧ ثُمَّ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الْمَوْتِ، الْمَنْقُوشَةُ بِأَحْرُفٍ فِي حِجَارَةٍ، قَدْ حَصَلَتْ فِي مَجْدٍ، حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى وَجْهِ مُوسَى لِسَبَبِ مَجْدِ وَجْهِهِ الزَّائِلِ، ٨ فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ بِالأَوْلَى خِدْمَةُ الرُّوحِ فِي مَجْدٍ؟ ٩ لأَنَّهُ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الدَّيْنُونَةِ مَجْدًا، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا تَزِيدُ خِدْمَةُ الْبِرِّ فِي مَجْدٍ! ١٠ فَإِنَّ الْمُمَجَّدَ أَيْضًا لَمْ يُمَجَّدْ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ لِسَبَبِ الْمَجْدِ الْفَائِقِ. ١١ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الزَّائِلُ فِي مَجْدٍ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا يَكُونُ الدَّائِمُ فِي مَجْدٍ! ١٢ فَإِذْ لَنَا رَجَاءٌ مِثْلُ هذَا نَسْتَعْمِلُ مُجَاهَرَةً كَثِيرَةً. ١٣ وَلَيْسَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَضَعُ بُرْقُعًا عَلَى وَجْهِهِ لِكَيْ لاَ يَنْظُرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى نِهَايَةِ الزَّائِلِ. ١٤ بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاق غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ. ١٥ لكِنْ حَتَّى الْيَوْمِ، حِينَ يُقْرَأُ مُوسَى، الْبُرْقُعُ مَوْضُوعٌ عَلَى قَلْبِهِمْ. ١٦ وَلكِنْ عِنْدَمَا يَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ الْبُرْقُعُ. ١٧ وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ. ١٨ وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٣: ١-١٨).

 قَرَّرَ الرسول بولس التكلُّم بصرامة مُوضِّحًا أنهم ليسوا بأُناس عاديين بل هم استعلان كلمة الله، ويوضح أنّ قوته وثباته مصدرهم واحد وهو “الله”.

 يشرح أيضًا أن ناموس موسى كان بمثابة “رسالة الموت” لأنها تقول إن لم تفعل كذا وكذا ستموت، فكان شعب الله قديمًا “كالسجناء” حتى أتى الرب يسوع من نسلهم، فاختلاطهم كان سيمنع ذلك، ولكن حصل تحرير الآن في العهد الجديد، لذلك فخلاصة رسالة موسى أي الناموس كان عبارة عن محاذير بها يُحاول الشعب الوصول لله، فقد بَهُتَ المجد الذي كان على وجه موسى مع الوقت.

 يريد القول إنه إن كانت خدمة “الحرف” أي الناموس كانت في مجد، فكم بالحري خدمة الروح “مجدها أعظم”، فهو يقول: “٩ لأَنَّهُ إِنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الدَّيْنُونَةِ مَجْدًا، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا تَزِيدُ خِدْمَةُ الْبِرِّ فِي مَجْدٍ!”، فبكلمات أخرى المجد الذي كان سابقًا في عهد موسى لا يُقارَن بالمجد الحالي، فنحن في المجد الذي لا يزول ولا يَبهُت.

“١٢ فَإِذْ لَنَا رَجَاءٌ مِثْلُ هذَا نَسْتَعْمِلُ مُجَاهَرَةً كَثِيرَةً.”

 استمدَّ الرسول بولس جرأته من فهمه لهذا الأمر، حيث وَضَّح أن بالرب يسوع نهاية العهد القديم، لذلك كان مكروهًا ليس فقط من الأمم، بل أيضًا من اليهود المُتمسِّكين بِفْكر العهد القديم.

 نرى مثل هذا اليوم في أُناس يُفضِّلون قراءة المزامير حُبًا فيما تحمله من تقلُّبات في العواطف، حيث نرى داود مرةً فَرِحَ وأخرى حزين مُعتقدًا بهذا أن هذه حالة المؤمن الطبيعية، ولكن لا، ففي الحقيقة داود لم يكن مولودًا ثانيةً، بل كان مُتذبذِبًا في فِكْرة هل الله يتذكَّره أم ناسيه.

 لا تحب قراءة المزامير لمجرد أنها تُخاطِب مشاعرك، وتتكلَّم عَمّا تَمُرّ به من تقلُّبات مزاجية، فهناك مَن تربَّى على قراءة ثلاثة أو أكثر منها يوميًا دون وعي بالأمور التي تغيَّرت بسبب عمل يسوع، لذلك لا تستمع لتعليم يُخاطِب الحواس الخمس لئلا تتأثر به، وتكون حياتك على عكس ما رسمه الله لك، لذلك لا تجعل من حياة الكآبة التي عِشتها تطبع على مفهومك للكلمة مُتأمِلًا في بعض آيات المزامير وإشعياء ومراثي إرميا التي تتكلَّم عن الإحباط والحُزن.

 يعني هذا إنه لا توجد أمور تتكلَّم عن الخليقة الجديدة فيهم، بل يوجد، فنحن لا نرى هذه اللغة في كتابات الرُسل في العهد الجديد، لِما؟ لأنهم يسيرون في المسار الجديد الذي أوجده الرب يسوع “حيث الفرح الذي لا يُمكِن أن يُنتزَع”. كانوا قديمًا يعتمدون على المشاعر في عبادتهم لله، ولكن الآن صرنا نعبد الله بالطريقة الحقيقية “الروحية” أي بأرواحنا، لذلك يقول الكتاب:

“١٨ لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَل مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ…. ٢٢ بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ.” (العبرانيين ١٢: ١٨، ٢٢).

“١٤ بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاق غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ.”

 أنهى الرب يسوع على الناموس بحسب (رومية ١٠: ٤)، وأيضًا أبطل “البُرقع” الذي كان “عدم فهم هذا الإله”، لذلك قال إنهم كلما قرأوا الناموس اعتقادًا بأن المسيح سيأتي بصورة مُعيَّنة، فالبرقع سيظل موضوعًا على قلوبهم.

 استطاع فقط مَن كان له قلب الطفل أن يُؤمِن بالرب يسوع ويُدرِك هذا الإله مُميِّزًا إياه، لأجل ذلك لتعتز بالرب في قلبك لإزالته لهذا البرقع. يا لخسارة اليهود الذين مازالوا واضِعين هذا البُرقع باختيارهم، ولكنه سيُزال بمجرد قبولهم له، فهذا ما قاله الرسول بولس: “١٦ وَلكِنْ عِنْدَمَا يَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ الْبُرْقُعُ”.

“١٧ وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ.”

 تُفسَّر هذه الآية على إنه في حضور الله يحدُث تحرير، ولو لم يشعر الشخص بحضوره يقوم بطلب حلول الروح، ولكن في الحقيقة هي عكس ذلك، فمعناها إنه “لكونك في هذا الحضور فأنت في حرية من هذا البُرقع أي الغشاوة وعدم الفهم”، فحيث روح الرب أي “حيث أنت، فأنت هيكل للروح القدس!”، لذلك ليس عليك انتظار الحضور، أو سكيب الروح القدس، أو شيء يأتي من السماء.

 يتكلَّم هنا الرسول بولس مع كنيسة مُمتلِئة بالجَسديين ومع ذلك قال لهم هذا: وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ…” أي لا يوجد فاصل بينك وبين الله مهما ساءت حالتك.

 

▪︎ عِش بجنسيتك الحقيقية:

“١٨ وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.”

 ستتحوّل للصورة التي تراها داخلك، والرائع في الأمر أنّ المسئول عن إعطاءك هذه الصور هو روح الله الذي يسكن فيك الآن، لأجل هذا لا تسعى للبحث أو الشعور به، فهو داخلك!

“فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ.” (فيلبي ١: ٢٧).

 جاء لفظ “عِيشُوا” في الأصل اليوناني بمعنى “أحيوا طبقًا لجنسيتكم الجديدة الآن”، فمُصطلح “جنسية” لا يأتي واضحًا في ترجمة اللغة العربية، حيث كلمتي “سلوككم” و “سيرتكم” حينما تراهما في العهد الجديد كلاهما يعني “جنسية citizenship”.

 ابدأ في السلوك بحسب هذه الجنسية. على سبيل المثال؛ في تجارتك لا تستخدم طُرق الفصال والتحايُل للنصب على الزبائن، وحتى إن قيل لك من الناس أنك ذكيٌّ، فأنت بهذا تسلك بحسب الصورة التي يراك بها الناس، وليس الله أي ليس كما يحقّ للكتاب المقدس.

 احذر من أن يتمّ سحبك من خلال الأفلام والمسلسلات المُمتلِئة بالسَبّ وكلام الهزل لئلا تتأثّر وتُقلِّدهم، فخطير فِعْل تلك المُلوِّثات التي لا تنتمي إليها، فالكتاب يقول: “لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ…” (أفسس ٤: ٢٩).

 لا تضع نفسك في الشريحة الخطأ، ولا تقيس الآخرين بحسب مقاييس الناس، فهناك من يُصنّف الناس كلبآتي؛ هذا فهيمٌ ومُتعلِّمٌ لأنه حاصل على شهادات مُعيَّنة، لتحيا كما يليق، قد تسأل: “لماذا لا أستطيع العيش كما يحق لكلمة الله؟” لأنك لم تقضي وقت أولًا في رؤية حقيقة ما صرت عليه الآن داخلك.

“فَإِنَّ سِيرَتَنَا (جنسيتنا) نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.” (فيلبي ٣: ٢٠).

 لتُدرِك القوة وراء هذه الكلمات عن طريق التأمُل فيها جيدًا، فكما قال الرب يسوع: “تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ.” (متى ٢٢: ٢٩)، فقوة الآيات تكمُن في مدى فَهمك وتأمُّلك لها.

 تذكَّر ما قاله الكتاب عن الرب يسوع: “وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.” (لوقا ٢: ٥٢)، فعندما كان يتأمّل مثلًا فيما قاله الله لموسى: «أَنَا إِلهُ أَبِيكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ» (الخروج ٣: ٦)، فاكتشف أنّ هؤلاء الذين من المُفترَض أنهم ماتوا مازالوا أحياء لأن هذا الإله إله أحياء.

 دُهِشوا من حكمته وهو صغير، وكيف كان يُجاوب على أسئلتهم مُكتشِفًا أمورًا فشلوا في فهمها، بسبب قلبه المُشتعِل، كما كان مُصغِيًّا جيدًا.

 تسأل: كيف أشتعل روحيًا؟ عن طريق إدراك أن الآيات الكتابية تحمل بداخلها قوة، وليست كلمات عادية، وتُدرِك سُكنَى الروح القدس داخلك، ولا تدع الآيات أو الترانيم التي تتكلَّم عن أن الروح القدس يسكن بداخلك تبهت في نظرك، بل ابتهج بها مُتمعِّنًا في الآتي: “كونه يسكن فيَّ إذًا هو يتحرّك من خلالي، ويُفكِّر في ذهني، ويتكلَّم على فمي!”

 ستفهم الكلمة فقط إن انتبهت لها: “افْهَمْ (رَكِّزْ وانتبه) مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ” (٢ تيموثاوس ٢: ٧)، أي عندما تختار أن تضع قلبك، وتنتبه لكلمة الله ستفهمها، وستجد أن عُذْر صعوبة فهم كلمة الله تلاشى.

“اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ!” (العبرانيين ١٢: ٢٥).

 يقصد بلفظ “استعفوا” أي رفضوا طبقًا على أعذار بنّوها في أذهانهم، وهم لا يعلمون أنهم بهذا رفضوا طوق نجاتهم، لهذا إن كنت تبحث عن كيفية تجلي قوة الله، فهي في الكلمة “الإنجيل”، واحذر من بعض التعاليم التي في الظاهر تستخدم كلمة الله، فما يُرعِب إبليس هو فَهْم كلمة الله، وليس الاستشهاد بها، فهو نفسه استشهد بآيات أثناء التجربة على الجبل.

 انتبه لهذا، قد نرى مبنى ضخمًا ينهدم ولا يتبقى منه سوى ما كان صلبًا كفاية وثابِتًا، فبنفس المُنطلق هذا العالم سينتهي قريبًا، ولكن الكلمة هي الشيء الوحيد الثابت غير المُتزعزِع، فالكلمة (الرب يسوع) مرساة النفس المُؤتمَنة.

 احذر من بعض الأفعال التي تؤديها في غرفتك تحت مُسمَى عبادة، وهي في الحقيقة تُفعِّل أرواح شريرة على حياتك، فقد تكون تفعل هذه الأشياء مُعتقِدًا أن هذا الروح القدس، وأنت لا تعلم أنها تُهيِّج عالَم الروح عليك.

 لا يعَّلم الكثير أنه يدخُل عالَم الروح تلقائيًّا من خلال التأمُّل، أو سماع موسيقى مُعيَّنة حتى لو لم تعرف بذلك، فَمِثْل الهواء قد لا تشعر بوجوده إلّا في حالة وجود رياح أي كثرة من الهواء لذا أنا لا أُريدك أن تُفاجَأ بكارثة، لذلك استعمله بطريقة صحيحة، وعِش كما يحقّ.

“لأَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَيْسَ بِكَلاَمٍ، بَلْ بِقُوَّةٍ.” (١ كورنثوس ٤: ٢٠).

 يقصد هنا أن ملكوت الله أو النور، هو ملكوت الإدراك والفَهم، حيث إنه ملكوت الكلمات (المعلومات الصحيحة) القوية كافية لتغيير الظروف، فالكلمة تحتوي على قوة بحسب ما قاله الرب يسوع: “تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ (التي بداخل الآيات)” (متى ٢٢: ٢٩).

▪︎ العبادة مفتاح شركة الروح القدس:

 احرص يوميًا على أن تكون في شركة مع الروح القدس مُتجاوِبًا معه، وسأتكلَّم الآن عن الخطوات:

  • الخطوة الأولى: تجعل نفسك البشرية تعبُد عن عمد:

 إن وُلِدت من جديد فأنت خليقة جديدة أي روح جديدة “بلا عيوب، بها طبيعة الله”، ويسكُنك الروح القدس. عليك فَهم مستوى أعلى من العبادة الذي كان يريد الله الارتقاء إليه مع موسى وشعبه، ولكنهم رفضوا، وموسى هو مَن أكمل ودخل في أعماق مُختلِفة في العبادة، حيث رأى شيئًا مختلفًا عنهم.

 عندما تدرس حياة رجال الكتاب المقدس العظماء كموسى، لا تعتبر مسيرته قصة عادية، حيث ستدرك أنه إن لم تتمكَّن من التحكُّم في النفس البشرية (الفكر- العاطفة – الإرادة) ستعاني في هذه الحياة، فالعبادة هي عبارة عن انطلاق روحك التي هي بالفعل مُنطلِقة طوال الوقت، ولكن النفس والجسد هما مَن تحتاج فيهما لتتعلَّم كيث تُسيطِر عليهما أثناء العبادة.

 تذكَّرْ ما قاله الرسول بولس: “فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ.” (رومية ١٢: ١).

 تمّت صياغتها في فاندايك على أنها العبادة العقلية على الرغم من إنها جاءت في الأصل “العبادة الروحية”، لأن العقل هو مَن يقودها أي العبادة بطريقة صحيحة، فالروح القدس يتعامل مع إدراكك، حيث يمكنه في بعض الأحيان أن يُغيّر أسلوبه معك في العبادة، قد تسأل هل حقًا يفعل هذا؟ الإجابة: “نعم” لأنه يتعامل مع مراحل نموك، حيث في الطفولة الروحية يُعطيك مشاعر فتشتعل في الترنيم، ولكنه يتوقّع منك النضوج مع مرور الوقت، لذلك لا تندهش من الجفاف الذي تشعر به عند سماع نفس الترنيمة التي كانت تُشعِلك من قبل.

 أُعطي هذا المثال دائمًا، عندما ألعب مع ابني وهو صغير كنت أُداعبه جسديًا لأنه لا يفهم سوى اللغة الحِسيّة، ولكن عندما نما صار التواصل عَبْر تعبيرات وجهي والنظر لعيني، وبنموه أكثر صار التواصل من خلال الكلمات فقد صار يفهمها، السؤال هنا هل أحدٌ منَّا تغيّر؟ الإجابة: “لا” بل هو الذي نضج، إذًا ما سيستمر في العلاقة معك ومع الله هي “الكلمات”.

 يُراودك سؤال الآن خصوصًا إن كنت قد استفضت في دراسة عِلم النَفْس: “لماذا إذًا خلق الله المشاعر؟” الإجابة هي لتتحكَّم فيها، حيث يصل الأمر أنه إن صار ابنك -بعدما كبر- لا يتفاعل معك بالكلمات، ستسأله: “هل أنت بخير؟” لأن هذا ليس طبيعيًا، فهو لم يتجاوب ويفتح قلبه، ارجع لسِلسلة وعظات “العلاقات” للاستفاضة في هذا الأمر، فقد تكون في علاقة مع جهاز وتتفاعل معه وتتضايق إن فرغت بطاريته أو أخذه منك أحدٌ.

  • الخطوة الثانية: تُحرِّك جسدك بصوتك ورفع يدك:

 قُدْ مشاعرك واعبد بصوت عالٍ، فهذا المستوى المُتوقَّع الوصول إليه كمؤمن، فحينها لن يعبر عليك يومٌ بدون أن ترتوي بعلاقتك مع هذا الإله، حيث إنك إن فعلت ذلك ستعبُر الظروف الصعبة والمشاكل بكل فرح وراحة داخلية، حيث هذا ما رأيناه في بولس وسيلا، فقد كانا يسبحان الرب في السجن -بعدما ضُرِبَا- بصوت مرتفع لدرجة أن باقي المساجين سمعوهما، وظهرت قوة الله في المكان!

 لا تُصدِّق مشاعرك حتى لو سقطت في خطية ما، اسلك بالإيمان وانكب في العبادة مُزيلًا للاعتقاد الخاطئ بأنك بهذا ستستبيح في الخطية، وبالنسبة للآية التي تقول:

“فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ.” (١ بطرس ٤: ١).

 شرحتها من قبل، حيث إنك إن عُدت للأصل ستجدها هكذا: “مَن يتألم جسديًا -باضطهاد- هو مَن توقَّف عن أن يُخطئ كباقي الناس”، وليس “يتألّم -بالإدانة الداخلية- ليتوقَّف عن الخطية” مُوضِّحًا أن تأنيب الضمير والندم لن يُوقِف الخطية بل سيُزيدها، فهناك مَن يعترف بخطيته لمَن يرعاه روحيًا تحت مُسمى “فضح الخطية” ليندم فيتوقف عنها، ولكن ليست هذه هي الطريقة، وهذا لا يعني أنك لا تعترف بها لراعيك ليساعدك في أن توقفها، وليس ليجعلك تندم وتفضح الخطية.

 يرتبط اشتعالك بكل ما يتعلق بالكلمة وليس الكتاب المقدس فقط، فهو يتعلّق بفهمك للكلمة من خلال وعظات ومقالات، وتبدأ في تقدير كل مَن يحمل اسم يسوع.

 يجب أن تتدرَّب على التحكُّم في مشاعرك ولا تنتظر من الله أن يفعل ذلك لك، حيث عليك ضرب كل فِكرة وشعور خاطئ بسهم مُتذكِّرًا هذه الآية: “١٢…. كُلُّ مَنْ يَمَسُّ الْجَبَلَ يُقْتَلُ قَتْلاً. ١٣ لاَ تَمَسُّهُ يَدٌ بَلْ يُرْجَمُ رَجْمًا أَوْ يُرْمَى رَمْيًا. بَهِيمَةً كَانَ أَمْ إِنْسَانًا لاَ يَعِيشُ….” (الخروج ١٩: ١٢، ١٣)، قد تسأل: “لماذا ترك الله المشاعر والأفكار الخاطئة؟” في الحقيقة هو لم يتركها بل أنت الذي لم تتدرِّب على مقاومتها.

“غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ.” (رومية ١٢: ١١).

 جاءت في الأصل اليوناني: “أَسْرعْ فيما يجب الإسراع فيه”، فمثلًا عندما يُقال لنبدأ الصلاة، صلِّ في الحال ولا تقف مكتوفَ الأيدي، وابدأ في التجاوب والشُكر لله على النور الذي صرت فيه، والمعرفة التي امتلكتها، وما صنعه في حياتك، وإن راودتك أفكار خاطئة ارْمها بسهم.

 لا تختلق الأعذار في وقت العبادة، أو العظة قائلًا: “ليس لدي رغبةٌ أو شغفٌ، أو أنا كثير السرحان، أو أريد إنجاز شيء مهم أو أريد الدخول إلى دورة المياه” حسنًا إن كان شيئًا ضروريًّا ومُؤقَّتًا اذهب لتنفيذه وعُدْ في الحال.

 أتذَّكر حينما كنت أخدم حامِلًا المقاعد كنت أفعل ما بوسعي لأسمع العظة، ولا أهملها تحت مُسمَى خدمة، فانتباهك للكلمة حينما تُقال علامة من علامات الاشتعال، فاشتعالك أنت تفعله عن عمد.

“٢ ثُمَّ كَلَّمَ اللهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ: «أَنَا الرَّبُّ. ٣ وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ.” (الخروج ٦: ٢، ٣).

 عرفوا في القديم أن الله إله مُعطِي يُسدِّد الاحتياجات، ولكن لم يصلوا لمستوى أعلى من ذلك ألّا وهو معرفة اسمه أي شخصيته، والرائع أنه لم يُخفِي عنا شيئًا، حيث يقول الكتاب: “١ اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، ٢ كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ.” (العبرانيين ١: ١، ٢).

 كُشِفَت لنا شخصية وأفكار الله تجاهنا كاملة، فكما قالت المرأة السامرية: “أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ».” (يوحنا ٤: ٢٥)، ولاحظ أنه لم يوبّخها على قول ذلك، ومعنى ذلك أنهم حينها كان لديهم خلفية بأنهم سيأتي وقت وتتجسَّد لهم الحقيقة كاملة، فالحياة أُظِهَرت (١ يوحنا ١: ٢)، وكشف الله عن ذاته.

 ستجد نفسك مرويًّا يوميًا لأن الله أتاح ذاته لك لتعبده وتتأمّل فيما كشفه لك، فالعبادة هي ارتماء قلبي وتوجيه مشاعر وأفكار تجاه الله وكلمته عن عمد، فالعبادة هي عطاء وأخذ، فهي إعلان الروح القدس عن ذاته، حيث أتت كلمة “حارين” مُشترَكة المعنى مع كلمة “أضْرمْ” التي جاءت في (٢ تيموثاوس ١: ٦) أي “وهج اشتعال الفحم”.

 تأتي كلمتي “وعي” و “ضمير” في اليوناني suneidēsisمُنقسِمة لشقين sun” “السلوك مع أو بـ” و “eidō” والتي تعني “الوعي”، ومعًا يكون معناهما “السلوك بالوعي”، فالضمير “حاسة الروح“، لذلك تَعمَّد السيطرة على أفكارك ومشاعرك فروحك هي المُسيطِرة على النفس، وليس العكس.

 لتُحب الرب بكل قلبك وفكرك وقوتك، فهذا هو الاشتعال الروحي، فوقت العبادة هو وقت التركيز على الروح القدس، حيث أن كل معلومة تكتشفها عن هذا الإله تَصُب في حبك له، لتضع نفسك في وضعية “ماذا لو يسوع أمامي الآن -وهو بالفعل هكذا- هل سأتراخى في العبادة أو أتركها؟” بالطبع لا؛ لأجل هذا اُسْلك بالإيمان، وهذا لا يعني أن تُصارِع في علاقتك مع الله بل كُن مُدرِك طوال الوقت أنك “مهما فعلت لا شيء يفصلك عن هذا الإله”

 لا يوجد إعاقة في علاقتك مع الله “وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ…” (٢ كورنثوس ٣: ١٨) أي صار لا يوجد حاجز بيني وبينه، ففي الحقيقة أي مرة تُخطئ فيها أنت ما إلا سلكت عكس قوانين المملكة، ولكنك لازلت فيها كمولود من الله، وأما إن كنت تُخطئ عن عمد وباستباحة، فهذا تمرُّد على الرب شخصيًا.

“٦ وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ. ٧ بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ.” (العبرانيين ١١: ٦، ٧).

 يتكلَّم هنا مع أُناس تعلَّم أن الله موجود، ولكن يريد لفت نظرهم أنه موجود الآن فيهم، وليس في هياكل مصنوعة بيد كما كانوا يعتقدون لكونهم يهودًا. نرى في الشاهد أعلاه طريقة نجاة نوح، حيث سلك بالإيمان أي رأى ما سيحدث مُستقبلًا وسلك بناءً عليه، فهو رأى غير المرئي، فعندما سمع من الله أنه سيحدث طوفان لم يرى أي بوادر لهذا، ولكنه بنى الفلك فأُنقذ، لذلك وسيلة إنقاذك الحالية هو إدراكك لشخص الروح القدس فيك القادر على كل شيء.

 اُعْبدْ في أي وقت وعلى الفور بدون مُقدمات -كما يفعل البعض-، لماذا؟ لأنك الآن في حضوره طوال الوقت، ولا تدع الأفكار تُشتِّتك بل اضربها بسهم، أي على سبيل المثال لا تدعْ الطيور التي تحوم حولك أن تشتِّتك عن الهدف، ولا تُحاول دومًا أن تعرف ما الذي تشعر به الآن فأنت تسلك بمبادئ وليس بمشاعر، فالله قديمًا وضع ضوابط صارمة لشعبه لكي لا يُشتَّتوا من قِبَل الحيوانات التي يرعونها.

 يوجد مستوى أعلى من كل هذا ألّا وهو “مشاعرك ذاتها مُوجَّهة نحوه” دون أن تسوقها عن عمد، وهذا عن طريق أن تملأ تفكيرك به لدرجة إنك تنشغل به انشغالاً كُليًّا، وثقْ أنك تنتمي للأشخاص الذين يحبون الرب ولا تشك في نفسك، فالرب غرضه لأولاده أن يصيروا مُتحكِّمين في مشاعرهم.

 ستصل لهذه المرحلة عَبْر قبولك لفِكْر الله كَكُل، أي مواضيع الكلمة المُختلفة حتى لو لم تخصّ مشكلتك بالتحديد، ومن خلال إطلاق صوتك، فالكتاب يتحدَّث عن أن إطلاق صوتك هو بمثابة فرصة يتكلّم فيها الروح القدس على فمك ويتمشى فيك.

 تفاعل بجسدك عبر رفع يديك، ولا تخجل أو تشك في نفسك، فهذا الأمر لا يخصّ طائفة مُعيّنة، بل هو حقٌّ كتابي: “فَأُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، رَافِعِينَ أَيَادِيَ طَاهِرَةً، بِدُونِ غَضَبٍ وَلاَ جِدَال.” (١ تيموثاوس ٢: ٨)، أتت كلمة “جدال” بمعنى مُناقشات داخلية وشكوك في نفسك، أو أي أسئلة لم يُجاوَب عليها.

 لا تُفكر فيما قد يقوله الناس عنك عندما ترفع يدك، فإن فَكَّرت فبهذا أنت تستعفي من الروح القدس، لذلك احذر من أن تُسحَب فكريًا كعيسو الذي كان مسحوبًا وراء أفكار الإحباط، فخسر البكورة بصورة سَلِسة جدًا، لِمَّا يا ترى؟ لأنه كان مُتمرِّنًا مُسبقًا على عدم مُقاومة الأفكار، ولم يُقدِّر هذا الإله، حيث سمح لذهنه أن يستبيح.

 لا تعتد على رجال الله، أو سماع الكلمة، بل قَدِّرهم (رجال الله) حتى إن كنت مُختلفًا معهم.

“١ لِذلِكَ إِذْ لَمْ نَحْتَمِلْ أَيْضًا اسْتَحْسَنَّا أَنْ نُتْرَكَ فِي أَثِينَا وَحْدَنَا. ٢ فَأَرْسَلْنَا تِيمُوثَاوُسَ أَخَانَا، وَخَادِمَ اللهِ، وَالْعَامِلَ مَعَنَا فِي إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى يُثَبِّتَكُمْ وَيَعِظَكُمْ لأَجْلِ إِيمَانِكُمْ، ٣ كَيْ لاَ يَتَزَعْزَعَ أَحَدٌ فِي هذِهِ الضِّيقَاتِ. فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا. ٤ لأَنَّنَا لَمَّا كُنَّا عِنْدَكُمْ، سَبَقْنَا فَقُلْنَا لَكُمْ: إِنَّنَا عَتِيدُونَ أَنْ نَتَضَايَقَ، كَمَا حَصَلَ أَيْضًا، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. ٥ مِنْ أَجْلِ هذَا إِذْ لَمْ أَحْتَمِلْ أَيْضًا، أَرْسَلْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ إِيمَانَكُمْ، لَعَلَّ الْمُجَرِّبَ يَكُونُ قَدْ جَرَّبَكُمْ، فَيَصِيرَ تَعَبُنَا بَاطِلاً. ٦ وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ جَاءَ إِلَيْنَا تِيمُوثَاوُسُ مِنْ عِنْدِكُمْ، وَبَشَّرَنَا بِإِيمَانِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ، وَبِأَنَّ عِنْدَكُمْ ذِكْرًا لَنَا حَسَنًا كُلَّ حِينٍ، وَأَنْتُمْ مُشْتَاقُونَ أَنْ تَرَوْنَا، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَرَاكُمْ، ٧ فَمِنْ أَجْلِ هذَا تَعَزَّيْنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَتِكُمْ فِي ضِيقَتِنَا وَضَرُورَتِنَا، بِإِيمَانِكُمْ. ٨ لأَنَّنَا الآنَ نَعِيشُ إِنْ ثَبَتُّمْ أَنْتُمْ فِي الرَّبِّ.” (١ تسالونيكي ٣: ١-٨).

 أرسل الرسول بولس تيموثاوس ليتأكد من أشياء معينة، ونلاحظ من ضمنهم أنه ذكر في تقريره لبولس الآتي: “وَبِأَنَّ عِنْدَكُمْ ذِكْرًا لَنَا حَسَنًا كُلَّ حِينٍ، وَأَنْتُمْ مُشْتَاقُونَ أَنْ تَرَوْنَا” أي يُفكروا بطريقة صحيحة اتجاهه، فهو يربط نفسه بهم أي ثباتهم من ثباته، لذلك قال: “لأَنَّنَا الآنَ نَعِيشُ إِنْ ثَبَتُّمْ أَنْتُمْ فِي الرَّبِّ”، وليس مُهملًا إياهم.

 نخرج بمبدأ من هذا الشاهد، أننا إن قَدَّرنا الكلمة ورجال الله وسلكنا بالمحبة، فلن يخدعنا إبليس، لذا لا تعتد على الآيات تحت مُسمى “مشاعري لم تَعُد تتحرَّك اتجاهها، أو لقد تخطيّت مرحلة بهذه الآيات” بل انبهر عن عمد، كُن قابلاً دائمًا للتعلُّم حتى لو كنت آخذًا لكورسات، وتعرف الكثير من الأشياء، حيث إنك يجب أن تُخزِّن فِكْر الله، وليس العالم، لتكُن غنيًّا حقًا “غني لله”.

 اعتدْ على مهابة رجال الله حتى إن كنت مُعتاد على السُخرية طوال الوقت، عليك الحَذر، فهذا يُقلِّل عمل الروح القدس في حياتك، ولا تظن نفسك تعرف كل شيء، فمقياس نضوجك هو بمدى مهابتك لرجال الله، فإن كنت تهاب الروح القدس ستهاب كل ما يختصّ به.

 أسعَّ لتكون في شركة مع الروح القدس كما تسعى لأخذ كورسات وتوفِّر وقتًا لها، فلماذا لا توفّر وقت لحضور الاجتماعات، أو تستيقظ مُبكرًا له كما لعملك، فهو مَن يروي حياتك، “فعندما تهابه ستهابك الحياة.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$