القائمة إغلاق

ملكوت النور – الجزء 3 The kingdom of Light – Part

 ملكوت النور – الجزء 3

 

▪︎ تأثير الروح القدس من خلالك.

▪︎ النور الذي في داخلك.

▪︎ لا تُموِّنوا الجسد.

▪︎ التعامُّل مع الأرواح الشريرة.

▪︎ ما يحدث عندما تفهم سلاح الله الكامل.

▪︎ هل نحن في حرب؟!

▪︎ استعمال النور الإلهي الذي صرت فيه.

▪︎ شخصية الروح القدس.

▪︎ انتباهك هو سِرّ اشتعالك.

▪︎ نشاط الروح في حياتنا.

 

 ملكوت النور هو عمل وتأثير الله، هو يَدي الروح القدس ومكانه، هو حيز الله؛ هذا هو الملكوت الذي تحيا أنت به الآن.

“بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ.” (العبرانيين ١٢: ٢٢).

 تحتاج أن تتشبَّع من هذا التعليم وتدرك أنك موجودٌ بهذا الملكوت. لكي يَحدُث تغيير وتأثير في حياتك، تحتاج أن تفهم هذا، فإن ملكوت النور هو الإعلان والفَهْم والإدراك، إن أدركت القوة التي تحيا بها ستجد نفسك مُسيطِرًا وتفهم وضعك جيدًا حينما تتعامل مع إبليس.

▪︎ تأثير الروح القدس مِن خلالك:

“١٣ «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. ١٤ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، ١٥ وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. ١٦ فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.” (متى ٥: ١٣-١٦).

 “وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ”؛ يُداس المِلْح من الناس حينما لا يقوم بوظيفته، وبالمِثل تُداس حياتك لأنك لا تفهم أنك مِلْحٌ، فعندما لا تقوم بوظيفتك تجد أن حقك يضيع وتصبح الحياة صعبة وستنجرف في التيار، وستتحَّكم بك الظروف ولن تتحَّكم أنت بها.

 يجب أن تقوم بالتأثير، قد وَكَّلنا الرب على مسؤولية الأرض والعمل بها لإنقاذ النفوس. هل تُذرَف دموعك من أجل النفوس؟ أم تتمحوَّر حياتك طوال الوقت حول ظروفك؟ أول شيء يعمل عليه الروح القدس في حياتك هو أن يُصلِح ظروفك، لكن يوجد مستوى أعلى وهو أن تُصلِح أنت الآخرين.

 “١٦ فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ”، في اللغة اليونانية تُعنِي لتشعوا مِن النور، يوجد فرقٌ بين النور والإشعاع، لتَشعّ وتُضيء بشدة، هذا يعني أنك تَملُّك مستويات من الإضاءة. الإضاءة ليست نورًا ولكنها مفعول الروح القدس من خلالك، فعندما يعمل بك يستطيع أن يَشعّ لمَن حولك، هذا هو عمل الروح القدس.

 “أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ”، يعتقد البعض أن كلمة أعمال تعود على أعمالك الجيدة في الشغل أو المنزل مثلاً، وأن لا تُؤذي الآخرين…إلخ، لكن لفظ “أَعْمَالَكُمُ” هنا المقصود به أعمال يسوع التي كان يفعلها حيث إنه كان يجول يصنع خيرا ويشفي، هذه هي الأعمال الحسنة التي كان يفعلها يسوع، ليس فقط الشفاء لكن أيضًا كان يُعطي حياة للناس ويعطيهم مفاهيم وحقائق الأمور، أعطانا بصيرة وفَهْم وإدراك، مجدًا لاسمه!

 لا تجعلْ الروح القدس يَعبُّر وأنت غير مُتجاوِب معه، يتكلَّم الروح القدس بصورة لطيفة. مملكة النور بها سيادة وتسلُّط على ظروف الحياة وعلى كل ما يَخصك، هذا يعني أن كل ما يخصك يجب أن يكون تحت سيطرتك.

“١ اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. ٢ فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.” (١ يوحنا ١: ١، ٢).

 إن كانت الحياة الأبدية زمنًا كما يعتقد البعض فكيف ستَظهر! إذًا يوحنا يتكلَّم عن نوع من أنواع الحياة وليس زمنًا، يسوع هو الكلمة الظاهِرة في الجسد، هو كل ما تريد أن تعرفه عن الله. استعماله لكلمة “الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ” ليس أمرًا طبيعيًا مثلما يقول أحد: “ظهرت الكهرباء!” فالكهرباء لا تظهر لكن يظهر تأثيرها فقط، إذًا بقوله إن الحياة أُظهِرت فهو يعني أن هذه الحياة صارت متاحة وبين أيدينا.

 هذا مِثْل اكتشاف مادة جديدة، في البداية لا نَعلَّم فائدتها وأضرار عدم استخدامها بالشكل الصحيح إلى أن يُكشَف الستار عن فوائدها وأضرارها فنستطيع أن نستعملها دون أن نُؤذَى بل ونستفيد منها أقصى استفادة؛ هكذا أظهر الله ذاته وصار متاحًا لنا، لذلك حياتك لا يُمكِن أن تكون في ضعف وأنت بداخلك القوة إلّا إن كنت لا تعرف كيف تستخدمها.

 “قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.” (رومية ١٥: ١٩)؛ تَذكَّرْ إنه يوجد من لا يكرز عن الإنجيل بكامله والسبب أنه لا يفهم الإنجيل بصورة كافية أو يخشى أن يقول الحقيقة تجنُّبًا للانتقاد أو غيره، فبالتالي ينقله بصورة غير كافية! يجب أنْ يُقال الإنجيل بكامله ولا يُنقَص منه شيءٌ، بخلاف هذا لن يحصل الناس على كامل قوته.

“١٢ وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. ١٣ اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.” (يوحنا ١: ١٢، ١٣).

 لاحظْ إنه لم يَقُلْ: “الذين وُلِدوا من الله” فقط، بل نفى ولادتنا من الجسد. سمعنا كثيرًا أن المؤمن لديه ضعفات وهذا استنادًا على شواهد كثيرة من الكتاب المقدس. لكن المولود من الله ليس فيه ضعفات.

 قد تتعجَّب من هذا لكن بحسب هذا النص الكتابي المولود من الله ليس إنسانًا عاديًا، فهو لم يَعُدْ بشريًا بولادته من الإله! حياته ليست مُرتبِطة بالدم واللحم، كما شرحت سابقًا لم تَعُد حياتك مُرتبِطة بما تمتلكه أو بإنجازاتك أو أنك تحب الرب وتفعل أمورًا جيدة بل بما يَخرُج من داخلك.

 “اَلرَّجُلُ الضَّالُّ عَنْ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ يَسْكُنُ بَيْنَ جَمَاعَةِ الأَخِيلَةِ.” (الأمثال ٢١: ١٦)؛ لكن انتبه! إن لم يكن لديك معرفة فأنت تستدعي الأرواح الشريرة، عدم المعرفة كافٍ أن يستدعي الأرواح الشريرة حتى إن كنت لا تُمارِس السحر.

 لم يَعُدْ لإبليس أي شيءٍ في المولودين من الله! يتكلَّم الرب يسوع عن إبليس بصورة قاطِعة ناهية وبجرأة؛ “بِهذَا تَكَمَّلَتِ الْمَحَبَّةُ فِينَا: أَنْ يَكُونَ لَنَا ثِقَةٌ فِي يَوْمِ الدِّينِ، لأَنَّهُ كَمَا هُوَ فِي هذَا الْعَالَمِ، هكَذَا نَحْنُ أَيْضًا.” (١ يوحنا ٤: ١٧)، نحن مثل يسوع في هذا العالم، عدم فهمك لهذا لمدة سنين طويلة زَرَعَ بداخلك فهمًا خاطئًا.

▪︎ النور الذي في داخلك:

“٧ لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ. ٨ فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، ٩ الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ١٠ وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. ١١ الَّذِي جُعِلْتُ أَنَا لَهُ كَارِزًا وَرَسُولاً وَمُعَلِّمًا لِلأُمَمِ. ١٢ لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ.” (٢ تيموثاوس ١: ٧-١٢).

 “٧ لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ“، يعتقد الكثيرون أنه يتكلَّم هنا عن الروح القدس، لكنه في الحقيقة يتكلَّم عن الروح الإنسانية، فبلا شك لا يحتاج بولس أن يشرح لتيموثاوس أن الروح القدس ليس روح الخوف، فأنت لا تحتاج أن تقول لأي شخص أنّ الله لا يخاف! أليس كذلك؟

 قد أُعْطِيت روح القوة والمحبة والتفكير بصورة سليمة والتَحكُّم في أفكارك. إذًا يشرح بولس هنا مواصفات الروح الإنسانية التي نتجت عن الميلاد الثاني بالروح القدس، فهذا تأثير عمل الروح القدس على الإنسان وقد اختلطا ببعضهما وأصبحا واحدًا. إن كنت تعتقد إنه يتكلَّم عن الروح القدس فهذا ليس خطأً عقائديًا بل ينطبق على الروح القدس أيضًا، لكنك لا تحتاج أن تُثبِت لأحد أن الروح القدس لا يخاف وأنه يُحِب.

 “١٠ الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ”، كلمة أنار الحياة ليست دقيقة في اللغة العربية فالحياة هي نور في ذاتها ولا تحتاج إلى إنارة، ولكن المقصود هنا أنه أظهرَ وكشفَ الحياة الإلهية إلى العلن. إن أدركت هذا الكلام واشتعلت به ستختلف حياتك وستفهم النور بطريقة صحيحة.

 يوجد فرقٌ بين شخص انتصر على شيء وآخر أباد هذا الشيء، هذا ما فَعَله يسوع؛ (أباد الموت)، وبحسب ما جاء كورنثوس؛ “وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ” (٢ كورنثوس ٢: ١٤) أنت الآن تسير في موكب يسوع الانتصاري وليس في الهزيمة.

 أتعرف الجملة التي يُردِّدها الكثيرون وهي؛ “كل شخص له ضعفه”! في الواقع هذه ليست ضعفات في روحك لكنها أفكار تحتاج أن تستبدلها بأفكار ومبادئ الكلمة وتصل إلى مرحلة سيطرة وسيادة الكلمة عليك وانتشارها في ذهنك في هذه الزاوية، أما روحك فهي سليمة.

 تحتاج أن تفهم زوايا مُحدَّدة، لأن إبليس يحاول طوال الوقت أن يستغل عدم فهمك بها وجهلك لها، وبسبب عدم فهمك بها تصير هذه الزوايا نقاط ضعفك، لكن إن أدركت الكلمة ستُغلِق هذه الثغرة التي يدخل منها إبليس.

“وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا.” (أفسس ٤: ٢٧).

“فَاخْضَعُوا للهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.” (يعقوب ٤: ٧)

 بإمكانك أن تُقاوِم إبليس ولا تترك له مكانًا في حياتك. هناك مرحلة يتعامل الشخص بها مع الأرواح الشريرة لكن يوجد مرحلة أعلى فيها يُدْرك الشخص إنه لم يَعُد لإبليس مكانٌ في حياته عَبْر الكلمة التي تنير ذهنه.

 “١٤ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، ١٥ وَيُعْتِقَ أُولئِكَ الَّذِينَ خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ.” (العبرانيين ٢: ١٤، ١٥)؛ أنت الآن تسير في هذه الحرية، ولم تَعُدْ تابِعًا لإبليس، أُنقَذت من سلطان الظلمة ونُقِلت إلى ملكوت الابن المحبوب، فلتُدرِك هذا.

 

▪︎ لا تُموِّنوا الجسد:

“١٠ أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ (تقووا بسبب قوة الرب) وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ (قوته الشديدة). ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” (أفسس ٦: ١٠، ١١).

 يوجد فرقٌ بين أن تتقوَّى بالرب وأن تتقوى في الرب، أن تتقوَّى بالرب تُعنِي أنك تستمد قوتك به، أما أن تتقوَّى في الرب أي إنك مُعتمِدٌ على وجودك فيه بسبب قوته، يوجد علاقة بين هذه القوة وحياتك هنا على الأرض.

“١٢ قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. ١٣ لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. ١٤ بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.” (رومية ١٣: ١٢-١٤).

 سُمِّيت الأسلحة هنا بأسلحة النور، وكلمة “النُّورِ” هنا تُعنِي الإدراك والفَهْم، وليس الإضاءة، فهي تُعنِي أنك تستخدمها بفَهْم.

 “١٤ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ”، كلمة تدبيرًا للجسد تُعنِي التفكير الذي يُموِّن الجسد، الانتباه لمِثْل هذه الأمور يُموِّن الجسد، إذًا الجسد يُموَّن عَبْر التفكير في الشيء، لأن لفظ “تَدْبِيرًا” يأتي من مشتقات كلمة الانتباه إلى وإعطاء الاعتناء بشيء.

 إذًا أنت تقوم بتموين الجسد والروح مِن خلال أفكارك، إن كنت تتجاهل الكلمة عندما تَعبُر أمامك في أي تعليم أو عِظة أو كتاب روحي وطوال الوقت لديك اهتمامات أُخرى بعيدًا عن الكلمة فأنت بذلك تُموِّن ما تنتبه إليه وتَحصُد مِنه.

 بالفِعْل افتدانا الرب من حصاد الخطية. وإن كنت تتساءل هل أنت ستَحصُّد نتائج الخطية أم لا، فالإجابة هي لن تحصدها بالتأكيد، لكنك ستَحصُدها إنْ قُمت بزراعة أمور خاطِئة مثلما ذُكِرَ في غلاطية؛ “لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً.” (غلاطية ٦: ٨)، لذلك اعتنِ بحياتك واجعلها دائمًا صحيحة واصنعْ طريقك بصورة مُستقيمة ولا تجعلْ حياتك صعبة فما تفعله اليوم تحصده لاحقًا.

 هذه ليست دعوة للتَسيُّب لكنها إجابة لك إنْ كنت تتساءل ماذا تفعل عندما تبتعد فترة عن الكلمة وتعتقد أنك بذلك فتحت ثغرة لإبليس في حياتك، وأضِفْ على هذا معرفتك بمبدأ “أن لعنة بلا سبب لا تأتي” فتعتقد أنك صِرت في مَهب الريح، لكن الرصيد الذي بداخلك من الكلمة ينفعك في تلك الفترة.

 ظلَّ الغني الغبي يجمع ويُخزِّن كثيرًا مُعتقِدًا أنه يُأمِّن مستقبله، لكن الرب قال له إنه للأسف لم يُغنِي حياته بالعلاقة مع الله، وهذا يُوضِّح إنه إن كان بداخلك رصيدٌ من الكلمة فأنت بذلك تُؤَمِّن مستقبلك، فإن عبرت بوقت ولم تَكُن مُنتبِهًا للكلمة فستجد ذخيرة الكلمة المُخزَّنة سابقًا تنفعك.

 قام الشخص الغني بالتخزين لفترة من الوقت، هكذا أنت أيضًا تستطيع أن تُخزِّن وما أسرع التخزين الروحي، في أيام قليلة تجد نفسك انطلقت للأعلى، فعالَم الروح لديه سرعة غير عادية لهذا السبب ذُكِرَ في الكتاب المقدس: “هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، يُدْرِكُ الْحَارِثُ الْحَاصِدَ، وَدَائِسُ الْعِنَبِ بَاذِرَ الزَّرْعِ، وَتَقْطُرُ الْجِبَالُ عَصِيرًا، وَتَسِيلُ جَمِيعُ التِّلاَلِ.” (عاموس ٩: ١٣)، هذا يُعنِي أن ما يزرعه الشخص يكبر بسرعة لدرجة أنّ الحاصِد يحصد من ورائه سريعًا وهو مُقترِب منه.

 انتبه لحياتك، لأنه يوجد جِديَّة يجب أن تنشأ لدى المُؤمِنين، أيضًا يوجد تَسيُّب بسبب أننا سمعنا عن النعمة بصورة ليست دقيقة مِمَّا أدَّى إلى التراخي، كون النعمة مجانية لا يجعلك تحيا حياتك بتسيُّب وميوعة مُعتمِدًا على النعمة أن ترفعك!

“١١ لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ، ١٢ مُعَلِّمَةً (مُدرِّبة) إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ.” (تيطس ٢: ١١، ١٢).

 النعمة لا ترفعك فقط بل تُدرِّبك أيضًا، إذًا النعمة لا تُعني التسيُّب بل هي تُعلِّمنا أن نُنكِر الفجور. فالنعمة هي قوة الروح القدس.

“لأَنَّهُ مُتَمِّمُ أَمْرٍ وَقَاضٍ بِالْبِرِّ. لأَنَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ أَمْرًا مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الأَرْضِ».” (رومية ٩: ٢٨)

 في ترجمات أخرى يقول: “إنّ الرب مُستعجِلٌ ويُنفِّذ أموره وأقضيته على الأرض فهو يُغلِّق حساباته الآن مع الناس”، ويُغلقها تُعنِي أنه يُنجِز في العمل سريعًا ويتحرَّك بدون تأخير. الرب سريعٌ في تحرُّكاته، فإن كنت تعتقد إنه يتباطأ فهذا بسبب عدم فهمك لنقاط مُعيَّنة.

▪︎ التعامُل مع الأرواح الشريرة:

“١٠ أَخِيرًا (في النهاية) يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. ١٢ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.” (أفسس ٦: ١٠-١٢).

 تستطيع أن تَصمُد أمام مكايد إبليس وتَثْبُت، هذا يعني أنّ المُؤمِن مَدعوٌ لحياة ثبات وليس حياة قلق وخوف ولا يكون طوال الوقت مُطارَدًا مِن إبليس.

 اليوم الشرير الذي تكلَّمَ عنه بولس في (أفسس ٦) هو اليوم الذي ينوي فيه إبليس أنْ يقضي عليك بخُطط مُعيَّنة، لكن الطريقة التي بها تُحصِّن نفسك ليست من خلال شخص يُصلي من أجلك ولا أن تقرأ مزمورًا مُعيَّنًا يتكلَّم عن الحماية وأنت ترى نفسك طوال الوقت مُطارَدًا وتكون خائفًا.

 أيضًا ليست عَبْر النُطق بعبارات مُعيّنة مِثل: “باسم الصليب”. تذكَّرْ أنّ الصليب هو موضع الهزيمة وليس الانتصار، الانتصار هو القيامة، فعبارة “كلمة الصليب” المَذكورة في (١ كورنثوس ١٨:١) تُعنِي رسالة الصليب وليس معناها أن تقول “باسم الصليب”، فهذا التعبير لا يُبعِد إبليس لكن الحلّ في سلاح الله الكامل.

 إبليس كائنٌ حقيقيٌّ، ويوجد بعض التعاليم تحاول إثبات أن (إشعياء ١٤) و (حزقيال ٢٨) لا يتكلَّم عن إبليس، لكن بالبحث في الأمر نتأكَّد أن إبليس حقيقيٌّ، إن كنت تتبع المبادئ التي بها رموز في الكتاب المقدس فهذا له قواعد ويجب أن ترجع لمراجع الأشخاص الذين كتبوا كلمة “وحي” ويفهمون معناها، فليس كل المراجع دقيقة.

 “١٢ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ”؛ بداية الحلّ هو أن تنزع عينيك من على البشر وتفهم أن الأمر روحيٌّ وليس جسديًا، يجب أن تربط حياتك مع الأمور الروحية التي هي بالفِعْل تعمل على الأرض.

 إن كنت تُحارِب لتروحِن الأمور ستجد صعوبة في التَخلُّص من هذه الأفكار، لكن الكتاب يقول إن مصارعتنا ليست مع بشر لكن مع رُتب روحية، وكلما ازدادت الرتبة ستكتشف ما معنى السُلطان وسيرتعب الروح الشرير مِنك أكثر، فالرُتب تفهم معنى السلطان جيدًا.

▪︎ ما يَحدُّث عندما تفهم سلاح الله الكامل:

 عندما تفهم سلاح الله الكامل وتستخدمه، تتحرَّك الملائكة للتَعامُل مع الأرواح الشريرة، وإن حاول إبليس أن يُعانِد فهو يصطدم بقوة الله وليس بك، يرى إبليس النور جيدًا بقدر المعرفة التي لديك فأنت تُنير في عالَم الروح، هذا الكلام يَحدُّث حرفيًا.

وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ.” (دانيال ١٢: ٣).

 هذا الكلام ليس للموتى، لهذا السبب عندما تقترب للأرواح الشريرة فهي تختبئ خوفًا مِن تَدخُّلك أو تحاول أن تُخيفك إن رَأَتْ أنك غير مُستقِر فيزداد العيان أمامك فتتعامل أنت بثبات. القوة ليست بذراعيك أو ببشريتك بل بالطبيعة الإلهية التي بداخلك.

 عندما تُصدَر الأوامر مِنك تتحرَّك الملائكة فورًا للعمل، وويل للأرواح الشريرة إن لم تسمع الكلام، ستصطَدِم مع الروح القدس شخصيًا. أن تكتشف مدى ثقلك في عالم الروح هذا شيءٌ مهمٌ جدًا، هذا سيجعلك تفهم الأمور دون ارتباك، وتأخذ قرارات ليس بدافع الاحتياط لكنك تأخذها عن ثبات.

“١٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا (البسوا) سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. ١٤ فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، ١٥ وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. ١٦ حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. ١٧ وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ.” (أفسس ٦: ١٣-١٧).

 مَن لا يَفهم سلاح الله لن يقدر أن يُقاوِم في اليوم الشرير وسَيُؤْكَل ويُداس بدلًا من أن يكون هو الفاعِل. يجب أن تفهم سلاح الله بطريقة صحيحة وتعرف استعمال كل قطعة، فهذه القِطَع روحية عبارة عن كُتل من التعليم في حياتك وليست عبارة عن قِطْع لتُعطيك عزيمةً.

▪︎ هل نحن في حرب؟!

 الإجابة نعم إنْ كنت تفهم أن معنى الحرب الروحية هو التَعامُّل مع عالَم الروح، لكن إنْ كنت تفهم أنها معركة ويوجد احتمالية أن تُهزَم أو يشتدّ عليك وتستسلم فهذه ليست الحرب الروحية.

 بعض الأشخاص يَعتقدون أننا في حرب روحية، وذلك بسبب كلمة “مُصَارَعَتَنَا”، لكن هذه الكلمة تُعنِي أنك تُسيطِر على الشخص وتجعل أكتافه على الأرض، ولا تُعنِي أنك تُصارِع أحدًا وتضربه فهذا قد أَتمَّه يسوع، أما أنت الآن فتُسيطِر. وتأتي هذه الكلمة في اللغة اليونانية palē وتُعنِي أنك تفعلها بكوعك وتُزيل شيئًا مِن طريقك.

 نحن لسنا في حرب روحية لكننا في حرب إيمان ونُسيطِر على إبليس، إن أدركت أن الأرواح الشريرة هي التي تُحرِّك المَشهد أمامك ستعرف كيف تتعامل، لكن إن لم تُميِّز هذا ولم تعرف العدو واعتقدت أن عدوك أشخاص ستُهزَم قبل أن تَدخُل الحرب.

 “١٣ وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا”؛ بعدما انتهيت من هذه المرحلة وانتصرت تَثْبُت، هذا يعني أنك لن تُفكِّر فيما حَدَثَ بل ستقول هذا طبيعي وهذا طعامي كما قال شعب الله عن عماليق: “إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ، وَالرَّبُّ مَعَنَا. لاَ تَخَافُوهُمْ.” (العدد ١٤: ٩). قد يسألك شخصٌ باستغراب عن ما مررت به من ظروف ولكنك ترى أنه شيءٌ طبيعيٌّ ولا يوجد شيءٌ غريبٌ، هذا هو الثبات.

 عدم الثبات هو أن ترى ما حَدَثَ لك على إنه شيءٌ كبيرٌ وتقول إنك تريد راحة مِمَّا حدثَ لأنك تشعر بالتعب والإنهاك، هذه الطريقة (اللغة) لا نراها في كلمة الله، فنحن لا نرى أشخاصًا مُنهَكين، فعندما كان بولس يَخرُج مِن السِجن أو بعدما يتعرَّض للضرب كان يُكمِّل كرازة بشكل عادي وببساطة، ولم يَقُلْ: “اتركوني فأنا مُتضايقٌ قليلًا وأريد أن أرتاح فقد أهانوني بشدة…إلخ”، لم يكُنْ يعتبر نفسه.

“١٤ فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ”، الثبات هو أن تقف على أرضك. أيضًا هذا الحزام مُخصَّصٌ لشَدّ الشخص، لكنه في الواقع يحمل قطعة سلاح أخرى، لذلك يوجد قِطع نثرية هامة جدًا.

 الحق الكتابي له استعمالات كثيرة في حياتك، فالأفكار التي تُلقَى عليك لتُشكِّك في الله وفي نفسك تنتهي في الحال إنْ كان لديك حقٌّ كتابيٌّ بشأنها. أيضًا يوجد قِطع صغيرة موجودة في الحِزام تختلف عن القِطع الكبيرة التي تَكلَّمَ بولس عنها.

 ثباتك يَكمُن في أن يكون لديك ذخيرة من التعليم وتُدرِك المفاهيم، إنْ كنت مُفتقِرًا لفِكْر الله في الموضوع فأنت لا تلبس حزام الحقيقة ولا ترى الأمور بحقيقتها وتُشخِّصها باعتقاد أنه مِن المُحتمل أن يكون إبليس هو الفاعِل أو قد يكون الله.

 إن كنت ترى إنه يوجد احتمالية بين اثنين الفرق بينهما شاسِعٌ جدًا، والأمور ليست واضِحة في نظرك، فأنت تحتاج إلى تعليم كتابي، ولا تحتاج إلى صلاة لتُزيل التشويش من ذهنك، يجب أن تفهم قِطع مِن الحق الكتابي لتسد خانات مُعينة فتجعل الأمر مُنتهيًّا.

 “وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ”، الدرع هو الجاكيت الحديدي. أن تكون لابِسًا لدرع البرّ هو أن تفهم كيف تُفكِّر وتتصرَّف صحيحًا، وتفهم إطلاق روحك بالأفكار السليمة وأنْ لا تُلام داخليًا. تَذكَّرْ أيضًا أنّ الدرع يُوضَع عند القلب، لأن قلبك هو الذي يُخرِج الطبيعة الصحيحة من داخلك.

 هناك مرحلة تكتشف بها البرّ، وفي مرحلة أخرى تتحوَّل المعرفة لقوة لدرجة أنك تستغل المواقف لتُخرِج المحبة من داخلك، فتكون بطلاً في السلوك بالمحبة لمواجهة شراسة الموقف فتُخرِج محبةً صارِمةً وتجد أنك تتصرَّف بصورة حكيمة ومُتّزِنة!

 أيضًا هذا يَخرُج من قلبك وروحك لأن روحك هي مصدر حياتك؛ “فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ، لأَنَّ مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ.” (الأمثال ٤: ٢٣)، إذًا يجب أن تحفظ البِرّ أي طريقة التفكير السليمة تجاه نفسك وتجاه الله وتُخرِج الفِعْل بصورة صحيحة وبمحبة شديدة، لدى العالم يكون الموقف مُستفِزًا أما أنت فلديك محبة تبتلعه!

 إن أدركت هذا ستجد حياتك مُختلِفة عن أهل العالَم. ليس من المُفترَض أن تحيا حياة مُتوتِّرة ومُتعِبة، يجب أن تَضبُط قيمة كرامتك بشكل صحيح.

 “١٥ وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ”، يعتقد البعض أنها مُقتبَسة مِمَّا جاء في إشعياء؛ “مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ، الْمُخْبِرِ بِالْخَلاَصِ، الْقَائِلِ لِصِهْيَوْنَ: «قَدْ مَلَكَ إِلهُكِ!».” (إشعياء ٥٢: ٧)، هذا ليس خطأً، لكن لنرى كيف يتكلَّم بولس عن الإنجيل في رسالته لرومية.

“١٦ لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ. ١٧ لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإِيمَانٍ، لإِيمَانٍ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَمَّا الْبَارُّ (البار بالإيمان) فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا».” (رومية ١: ١٦، ١٧).

 الإنجيل هو قوة الله للخلاص، كما أن الكرازة بالإنجيل للآخرين ليست حربًا، وإن طَبَّقنا ما جاء في (أفسس ٦) “حَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ” على أنها حربٌ، فهذا يكون معناه أنّ الكرازة بدافع رهبة مِن إبليس، كأنك تربح نفوسًا لتُخزِي إبليس، وهذا ليس صحيح كتابيًا! إن لم تَذُقْ بداخلك هذه القوة لن تستطيع الكرازة بها، فقوة الإنجيل بداخلك وما صنعه يسوع يجعل رِجْلك سريعة.

 تذكَّرْ كيف رَكَضَ داود إلى جُليات. تتكلَّم الأرجل عن السلوك، فهنا يُوضِّح كيف لم يَخفْ داود من جُليات وكان يركض إليه، لأن داود كان يرى صورة أخرى ويقول “اليوم يحبسك الرب في يدي”. هذا الشخص كان ماهِرًا في التأمُّل والعبادة ولهذا السبب كَوَّنَ فريقًا للعبادة والمُسبِّحين ووضع به عددًا كبيرًا من الناس، ووضع أشخاصًا للترحاب على الباب.

 يجب أن تفهم أن استعداد إنجيل السلام ليس معناه أن تُبَشِّر الناس، ولكن أن تفهم قوة الله لحياتك، هذا يجعلك تسلُك بسرعة وتركُض، فالله قد وَضَعَ كل قوته للخلاص في الإنجيل. الكرازة ليست إحدى طُرق الحرب، فيوجد أشخاص انطلقوا للخدمة دون أن يستقروا روحيًا مُعتقِدين أنّ هذه إحدى طُرق الحرب.

 يريد الله لك أن تستقر روحيًا وتفهم قوة الإنجيل قبل أن تُخرِجها للآخرين. بلا شك أن تكرز لهم، هذا فِعْل صحيح، كما أنّ هذا أحد الأمور المُرهِبة لإبليس، لكننا لا نسعى لنُرعِبه! فنحن لسنا في وضعية حرب معه بل في استقرار.

 الإنجيل هو قوة الله للخلاص وعندما تلبس قوة الله هذه فأنت تعرف كيف تركُض وتعرف كيف تكرز وترعى النفوس في وسط التحديات التي تَعبُر بها، لكن الله لن يُطلِقك لتربح نفوسًا وأنت غير مُستقِر بعد، هذا ليس فِكْر الله، فقلبه تجاهك أن تستقر وتَثْبُت. إن لم تَذُق قوة الله بصورة سليمة في حياتك، سيكون أول شيء يعمل عليه الروح القدس في حياتك هو أن يكشف لك هذه القوة.

 “١٦ حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ”، تُعنِي أن الإيمان قبل أي شيء، الإيمان هو الطريقة التي بها تُطفئ سهام الشرير. عندما تأتي الأفكار على ذهنك سيُطفِئها إيمانك وليس أن يُصلي شخصٌ لك.

 نعم سهام إبليس تأتي مُتّقِدة بالنار، لكنك تستطيع أن تُطفِئها بتُرس إيمانك. إن نسيت أي قطعة، فلا تنسَ تُرس الإيمان لأنك ستُهزَم على أرض الواقع بالرغم من حقيقة انتصارك. يحتاج الإيمان لفَهْم الكلمة لكي تعرف بماذا تُؤمِن، يجب أن يكون هناك شيءٌ مُحدَّدٌ تُؤمِن به تجاه الموقف وليس أن تُؤمِن عمومًا بأنّ الله يقف في صفك، يجب أن تفهم فِكْر الله في الموقف وتُؤمِن به.

 إن كنت تقول إن لديك إيمانًا بأنّ الله سيَعبُر بك من هذا الموقف فهذا ليس إيمانًا، فإيمانك هو تركيبة أفكار تأتي من الكلمة وتعرف ماذا يفعل الله تجاه الموقف وتُفرِّق بين ما يأتي من الله وما لا يأتي مِنه، هذا هو الإيمان الذي سيجعلك تَعبُر من المواقف بسهولة مُنتصِرًا!

 “تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا“؛ نهاية الأمر هي أن تقدِر عليه وتتمكَّن منه. يعتقد بعض المُؤمِنين أنّ إبليس له سلطانٌ بسبب أنهم لا يفهمون الطبيعة التي بداخلهم ولم يفهموا استخدام قِطع السلاح بشكل صحيح. الأسلحة الروحية عبارة عن تعليم كتابي ولها استعمالات، ويجب أن تستعملها عن عمد، ولأن بولس قال البسوا واحملوا إذًا فأنت يجب أن تفعل ذلك عن عمد.

 “١٧ وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ”؛ لاحظ أنّ الخوذة هنا هي الخلاص وليس الرجاء، إذًا ما فَعَله يسوع يحمي أفكارك، في الوقت الذي تَعبُر فيه بالتحديات ولا تَعلَّم لماذا يَحدُّث هذا وتكون مُشوَّشًا بالأفكار، حينئذ يُسيطِر فِكْر الخلاص على هذه الأفكار ويجعلها تهدأ.

 فِكر الخلاص هو أنّ يسوع مات من أجلك وإذ لم يمنع الله ابنه عنك فهو بالتأكيد يقف في صفك. الذي بَذَلَ ابنه كيف لا يهبنا معه كل شيء؟! لذلك نستطيع أن نقول إننا أعظم من مُنتصِرين، وفي هذه جميعها يَعظُم انتصارنا.

 إن كنت تُدرِك أنّ الله أعطاك أقصى قَدْر من المحبة فستعرف أن ما تَعبُر به صغيرٌ جدًا مقارنةً مع هذا الحُب وما فعله يسوع عندما مات من أجلك وعَبَرَ الأصعب من هذا ونَزَلَ الهاوية وتعامل مع الأرواح الشريرة وذاق هذا نيابةً عنك بل وانتصر. ما أريد قوله هو مهما كان ما تجتاز فيه مِن تحديات فهو أكثر سهولة مقارنةً بما فَعَلَه يسوع.

هذه هي خوذة الخلاص أن تفهم أن الله يتدخَّل في المواقف بصورة مَلموسة.

 “وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ”؛ سيف الروح هو الكلمة المَنطوقة، أن تفهم الكلمة ثم تتكلَّم بها. لاحظْ إنه قبل هذه القطعة (سيف الروح)، ذَكَرَ قِطع لها علاقة بالأفكار.

“٣ لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: «سَلاَمٌ وَأَمَانٌ»، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً، كَالْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى، فَلاَ يَنْجُونَ. ٤ وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ كَلَصٍّ. ٥ جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. ٦ فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ. ٧ لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَبِاللَّيْلِ يَنَامُونَ، وَالَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَبِاللَّيْلِ يَسْكَرُونَ. ٨ وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ. ٩ لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (١ تسالونيكي ٥: ٣-٩).

 انتبه! بدلًا من أن يقول “دِرع البر” كما جاء في أفسس، قال “درع الإيمان والمحبة”، وقال أيضًا إن الخوذة هي “رجاء الخلاص”، هذا لأنه تكلَّمَ عن الأشخاص الذين انتقلوا في الإصحاح السابِق، وحَثَّهم ألَّا يحزنوا كالباقيين وأن يكون لديهم أملٌ (رجاء) بداخلهم ويتعزُّوا. كما تكلَّمَ أيضًا في هذه الرسالة عن الأمل في الخلاص من الضيقة الآتية (إنقاذنا من الغضب الآتي) .

 “٩ لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ”؛ الغضب هنا لا يَقصِد به يوم الدينونة بل سبع سنين الضيقة وأن نُحمَى منها هذا مِن ضمن نتائج الخلاص أيضًا، ومَن لا يستعد لن يُختطَف. يقول الكتاب “إنه بالإيمان نُقِلَ أخنوخ” كما ذُكِرَ في (عبرانيين ١١)، إذًا سيتمّ الاختطاف بالإيمان فإن لم تَكُن مُتدرِّبًا على السلوك بالإيمان لن تستمع إلى الصوت الداخلي للاختطاف وصوت البوق في روحك.

 إذًا كما رأينا للتو كيف بدأ بولس يُعيد استعمال الأسلحة بصورة مُختلِفة طبقًا للموقف، فلا تَكُن حافِظًا دون فَهْم، فطبقًا لأهل أفسس كانت استعمالات الأسلحة تناسب مواقفهم، وكذلك لأهل تسالونيكي.

 في بعض الأوقات تكون المحبة هي الوسيلة التي تغلب الشرّ بها، وفي بعض الأوقات يكون الحَلّ أن تنسحب من الموضوع وتصمت ولا تُقدِّم أمرًا ظاهِرًا يبرهن محبتك، لكن قطعًا يظلّ بداخلك محبة تجاه الأشخاص، وأحيانًا أخرى يقول لك الروح القدس تكلََّم ليس بدافع الغيظ والضيق لكن تتكلَّم وأنت تُطلِق محبةً وكأنك تُنير الموقف المُظلِم لأنك تعلم أنك مِلْحُ الأرضِ.

 الإيمان في أفسس كان ممسوكًا كتُرس ليُطفئ السهام المُلتهِبة، ولكن في تسالونيكي يُستخدَم الإيمان عَبْر أن تُؤمِن بنفسك وتُؤمِن بالطبيعة الإلهية التي بداخلك.

 “٥ جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. ٦ فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ”؛ يحميك الإيمان في الوقت الذي يكون فيه العالَم مُمتلِئًا بالظلام، وحتى لا تَنَمْ كالباقين، فهذا يتطلَّب أن تُؤمِن أنك لست مِن الظُلمة.

“جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ”، لا تنسَ هويتك، آمن بنفسك.

 تخيَّلْ معي هذه القصة؛ بينما كُنْتَ تسير تحت شجرة، سَقَطَ عليك شيءٌ له رائحة كريهة وأنت قد اكتشفت أن الرائحة تسير معك فاعتقدت أنها فيك! إن كنت لا تفهم نفسك صحيحًا، ستَشُك في نفسك وعلى العكس إن كنت مُدْرِكًا لحقيقة الأمر ستبحث عن مصدر الرائحة، وستكتشف أن هذا شيءٌ دخيلٌ عليك وليس جزءً مِنك.

 ماذا لو اكتشفت أن هذا مُنبعِثٌ مِن جسدك وأنه مِنك وفيك سيكون هذا غير لطيف بالطبع! لكن إنْ كان خارجيًا سيكون الموضوع حله بسيطٌ. يجب أن تُؤمِن بالطبيعة التي بداخلك، فإذا أُلقَيت عليك أفكارٌ غريبةٌ لا تَشُك في نفسك، اكتشاف مصدر الأفكار هو الحَلّ في هذه اللحظة.

 مبدأ أن تعمَل على نفسك للإصلاح يمكن أن تستبدله بمبدأ أنك تنتبه لأنّ هذا الشيء ليس مِنك، مثلًا: إنْ اكتشفت أنك عصبيٌّ ومُتسرِّعٌ طوال الوقت، آمنْ أن هذه ليست طبيعتك، قد تكون سمحْتَ بدخول أفكار خاطئة أو تربيت بهذه الصورة، وهذا هو السبب. إني أُطمئنك؛ لن يأخذ الأمر معك أسابيع أو شهورًا أو سنينًا للتغيير!!

 لكن كونك اكتشفت جِذر الأفكار فهذا هو الحَلّ والروح القدس لا يُعالِج في فترة زمنية كبيرة بل بصورة سَلِسة وسهلة جدًا، بمجرد أن تمشي مع الروح القُدس في الأفكار سيستعمل معك التعليم الذي قُمْتَ بدراسته، في هذه اللحظة كونه كَشَفَ لك الأمر إذًا الأمر انتهى، لأنه يكشف لك السبب والحَلّ. ففي كل مرة تَحرَّكَ الروح القدس مع أي شخص كان الأمر يُنجَز سريعًا ولا يأخذ وقتًا.

 إنْ كنت شخصًا مُنطويًّا، لا تقول على نفسك: “أنا هكذا لأني مُتسرِّعٌ أو مُدقِّقٌ وهذا تصنيف شخصيتي كما أُحبُ تحليل الأمور!” لماذا تتدَّعي على نفسك هذه الادعاءات، أنت لست هكذا، آمِنْ بنفسك وتحلَّ بالثقة.

 لتُحِبْ نفسك محبة إلهية ولا تَكُنْ أنانيًا. تكلَّمَ الرب يسوع عن أن “تحب قريبك كنفسك”، حيث اقتبسَ من العهد القديم، هذا معناه إن لم تُحبْ نفسك لن تستطيع محبة الآخرين! فأنت تجلس مع نفسك أكثر مِمَّا تجلس مع الآخرين.

 إن لم تُقدِّر الشخص الذي اشتراه يسوع لن تستطيع أن تُقدِّر الآخرين، وستراهم طوال الوقت بصورة دنيئة وستُقيسهم طبقًا لِما قِست نفسك به، فإنْ كنت مُحتقِرًا لنفسك أو حتى مُنتفِخًا باطِلاً سترى الآخرين بالمُنطلَق نفسه. انتبه إن حياة النور هي نور الكلمة وأن ترى الآخرين بصورة سليمة يبدأ من أن ترى نفسك بنفس الصورة السليمة هذا هو النور الذي يختص بالملكوت.

 “٨ وَأَمَّا نَحْنُ الَّذِينَ مِنْ نَهَارٍ، فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ”؛ فلنصحُ عَبْر أن نلبس، ولا نخشى مِمَّا سيأتي.

“١٦ لاَ أَزَالُ شَاكِرًا لأَجْلِكُمْ، ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، ١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، ١٨ مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ (عيون أرواحكم)، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ، ١٩ وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ (أي مُساوية) عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ ٢٠ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، ٢١ فَوْقَ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَكُلِّ اسْمٍ يُسَمَّى لَيْسَ فِي هذَا الدَّهْرِ فَقَطْ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا، ٢٢ وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ.” (أفسس ١: ١٦-٢٢).

 “١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ”، الروح القدس هو روح الحكمة والإعلان، يكشف لك ويعمل في حياتك ليُعرِّفك.

 “رَجَاءُ دَعْوَتِهِ”، أي ما كان يرجوه إليكم عندما دعاكم للدخول في علاقة معه.

 “فَوْقَ”؛ معناها أنه بعيدًا وعاليًا جدًا فوق كل رياسة وسُلطان. هذا تمّ فينا أيضًا؛ “وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (أفسس ٢: ٦).

▪︎ استعمال النور الإلهي الذي صِرت فيه:

“١٣ وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ (كُشِفَ) يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ. ١٤ لِذلِكَ يَقُولُ: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ».” (أفسس ٥: ١٣، ١٤).

 يكشف لك النور ويُريك التفاصيل، أنت في مملكة تُعرِّفك كيف تحيا بطريقة صحيحة وتَعرِّفك أيضًا ما سيأتي، ولا يوجد في هذه المملكة ضعفٌ. الضعف ليس في خطة المُؤمِنين وليس مكتوبًا لنا كنبوات، لكن هناك مَن لا يحيا ما له في المسيح!

 “١٤ لِذلِكَ يَقُولُ: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ»”، تجاوبْ وانهضْ، لن يُظهِر المسيح نوره في حياتك -رغم أنك صرت ابنه وصرت من مملكة النور- إلّا إن قرَّرت أن تنهض، لا تَكُن شخصًا مُتأخِرًا روحيًا. بعد اكتشافنا للنور والطبيعة الإلهية بداخلنا صار إبليس لا يقدر أن يقترب إلينا! مجدًا للرب.

 “لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (رومية ١٤: ١٧)؛ إن كنت تعتقد أنّ الحياة مع يسوع هي حياة حُزن فأنت مُخطِئٌ!

“١٠ فَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا كُلُوا السَّمِينَ، وَاشْرَبُوا الْحُلْوَ، وَابْعَثُوا أَنْصِبَةً لِمَنْ لَمْ يُعَدَّ لَهُ، لأَنَّ الْيَوْمَ إِنَّمَا هُوَ مُقَدَّسٌ لِسَيِّدِنَا. وَلاَ تَحْزَنُوا، لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ». ١١ وَكَانَ ٱللَّاَوِيُّونَ يُسَكِّتُونَ كُلَّ الشَّعْبِ قَائِلِينَ: «اسْكُتُوا، لأَنَّ الْيَوْمَ مُقَدَّسٌ فَلاَ تَحْزَنُوا». ١٢ فَذَهَبَ كُلُّ الشَّعْبِ لِيَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا وَيَبْعَثُوا أَنْصِبَةً وَيَعْمَلُوا فَرَحًا عَظِيمًا، لأَنَّهُمْ فَهِمُوا الْكَلاَمَ الَّذِي عَلَّمُوهُمْ إِيَّاهُ.” (نحميا ٨: ١٠-١٢).

اليوم المقدس بالنسبة لك هو يوم اكتشاف الحقيقة.

 “١٢ فَذَهَبَ كُلُّ الشَّعْبِ لِيَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا وَيَبْعَثُوا أَنْصِبَةً وَيَعْمَلُوا فَرَحًا عَظِيمًا، لأَنَّهُمْ فَهِمُوا الْكَلاَمَ الَّذِي عَلَّمُوهُمْ إِيَّاهُ”، لاحظ أنّ الفرح مُرتبِطٌ بالفَهم، كثيرًا ما سمعنا أن فرح الرب هو قوتنا، لكن الفرح مُرتبِطٌ بالفَهم في الحقيقة.

 “لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلاً وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (رومية ١٤: ١٧). البر هو الطبيعة التي أخذتها، ولكي تحيا بالبر فهذا يحتاج إلى وقتٍ لتتعلَّم ما هو البر، ثم يبدأ السلام في التأثير على ذهنك وتصير شخصًا يتحكّم في أفكاره، هذا يَحدُّث تدريجيًا إلى أن تصل لمرحلة الفرح في الروح القدس.

▪︎ شخصية الروح القدس:

 شخص الروح القدس لا يُلِح بل هو لطيفٌ جدًا، يعتقد الكثير من الناس أن الروح القدس يُلِح عليهم لأنهم يعتقدون أن هذه هي الطريقة التي يتحرَّك بها، فينتظر الشخص أن يدفعه الروح القدس بالإلحاح لكي يتحرَّك. الروح القدس هو الشخص الذي يسكن فيك واتَّخذ جسدك هيكلًا له، من الآن انتبه إلى شخصيته ودوره وطريقة عمله التي سأشرحها.

 روح الله ليس شخصًا صعبًا أو مُعقَّدًا بل سلِسًا وسهلاً جدًا ويستعمل ذهنك، وأوقات قد يكون ذهنك ليس هادئًا فيُعطي لك أفكارًا لتقترب تجاه أمرٍ ما، فهو يستعمل ذهنك ولا يستعمل أذُنك الجسدية، فإن كنت تنتظر أن تسمع الروح القدس بصوت مسموع فستنتظر كثيرًا!

 هو أيضًا الذي يجعل الكلمة مُتجسِّدة في حياتك، جذر المشكلة هو أنك لا تفهمه جيدًا. الروح القدس هو المسؤول أن يجعل الكلمة حقيقة في نظرك. هو لطيفٌ وقويٌّ ومهوبٌ جدًا في الوقت نفسه! إن أدركت شخص الروح القدس لن تكون حياتك عادية لأنه يُولِّد لديك هيبةٌ وتقديرٌ ويجعلك تفهم ملكوت الله بصورة أكثر دقة مما تعرفه بشكل نظري عنها.

 يستعمل الروح القدس أفكارك ويستخدم رصيد الكلمة المُخزَن لديك ليتكلَّم معك به، فعندما تسمع عظات وتملأ ذهنك وقلبك بالتعليم سيكون مسؤولاً أن يُذكِّرك بكل ما سمعته كما قال الرب يسوع؛ “وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ”. (يوحنا ١٤: ٢٦).

 إن كنت تُعاني من أنك تنسى الآيات وتنسى ما تقرأه وتعتقد أن ذهنك لا يعمل جيدًا أو أنك تتقدّم في السِن أو أنك مُشوَّشٌ أو حتى تظن إنه يوجد أرواح نسيان تُؤثِر عليك، هذا كله غير صحيح! طالما تضع قلبك في التعليم الكتابي بشكل صحيح، آمِن أن الكلمة صارت بداخلك وتَعلَّمْ أن تثق في نفسك.

 تجد بعض الأشخاص قبل الامتحان (قبل دخولهم اللجنة مباشرةً) مثلاً يقولون إنهم لا يتذكّرون شيئًا! وهذا طبيعي لأنهم يُطالِبون أنفسهم بتذكُّر المنهج كله للتو! ولهذا السبب تجد نفس هؤلاء الأشخاص يتوتّرون مِمّا يؤدي هذا التوتُّر إلى نسيان بعض المعلومات التي بالفِعْل قاموا بدراستها ومذاكرتها جيدًا! الحلّ هو أن تتَّكل على الروح القدس قبل دخولك للامتحان هو سيُذكِّرك بكل شيء، طالما كنت أمينًا في القيام بواجبك.

 إن كنت تدرس الكلمة وتأخذها في روحك وتستوعبها، في هذه اللحظة تذوب الكلمة في أعماقك، قد لا تُميِّز إلى أين ذهبتْ مثل الأكل الذي تأكله وأنت لا تعرف أين ذهبَ لكنه تَوزَّعَ في جسدك وصار مُنتشِرًا فيك.

 أيضًا إنْ كنت تشاهد أخبارًا وأفلامًا عالمية فهي تدخل كيانك وتنتشر فيك حتى إنْ قلت إنك تستطيع أن تنتقي! هذا غير صحيح! أُشجِّعك بالاستماع إلى سلسلة “العلاقات” لمزيد من الفهم. قد تكون على تواصل مع أشخاص ماتوا عبر تفكيرك! فعالم الروح يُدخَل بالأفكار، حيث أُعْطِيَّ الذهن لنا لنُفكِر في الروح القدس وليس لنسرح في أمور بعيدة عن الكلمة.

 عندما تأخذ الكلمة في روحك يأخذها الروح القدس ويجعلها تعمل في نظامك، وتُعالِج أمورًا دون أن تدري، تجد نفسك أصبحت هادِئًا بعد أن كنت عصبيًا هذا نتيجة الكلمة فهي تسد الثغرات التي يَدخُل منها إبليس، وتُدرِّب جسدك.

 ثق يقينًا أنك عندما تَعبُر في موقف أن الأهم مِن تَذكُّر الآيات هو فهمك لروح الآية والاستنارة بها، لأن تَخصُّص الروح القدس أن يعطيك استنارةً وفهمًا فهو روح الحكمة والإعلان؛ “١٧ كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، ١٨ مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ.” (أفسس ١: ١٧، ١٨).

 لا تنسَ أنَّ يسوع أُظْهِرَ لكي ينقض أعمال إبليس؛ “٨ مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. ٩ كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. ١٠ بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ.” (١ يوحنا ٣: ٨-١٠).

 كلمة “أُظْهِرَ” تعني أنار وأضاء، إذًا النور هو نَقْض لأعمال إبليس. يكشف لك الروح القدس حقائق الكلمة ويجعلك تعرف كيف تعيشها، فهو الشخص الموجود معك في الأرض ليكشف لك أعماق الله والحق الكتابي، وهو مُلتصِقٌ بالكلمة ولا يتحرَّك بعيدًا عنها ولا يخل بالقانون.

 إن وَضَعَ الروح القدس شخصًا ما في مكان ليقودك فهو سيتكلَّم إلى هذا الشخص ليُكلِّمك وسيتكلم إليك أيضًا في روحك ولن يصدمكما في بعضكما البعض، الروح القدس مُنظَّمٌ جدًا ويحترم القيادات، لذلك من الهام جدًا الصلاة لكل مَن هم في قيادات ومناصب.

 تذكَّرْ معي الآتي؛ حتى يُنقَذ يسوع من القتل وهو طفل، كان هذا يستدعي أن يُحرِّك الملاك الأب والأم اللذين هما في منصب بالنسبة ليسوع ليتحرَّكا، هذا يعني أن الله ليس هو المُسيطِر على الأحداث عَبْر إنه يُوقِف الأشخاص عن قَتْل يسوع، لأنه يحترم من هو في منصب (الذي أَمَرَ بالقتل)، كان يوجد هناك تخطيطٌ لقتل يسوع كما كان هيرودس أيضًا مُعانِدًا، لذلك كان الإنقاذ في هذه اللحظة هو هروب يوسف ومريم بالطفل يسوع.

 هذا يُوضِّح لك ألّا تضع نفسك في موقف وتقول سينقذني الله لأنه معي! طلبَ موسى من الرب أن يسير بوجهه معه، قال له الرب: “حسنًا أنا فعلت هذا بالفِعْل”، حيث نجد الرب يقول له: “عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ.” (الخروج ٣٣: ١٧) أي أنا عرفتك يا موسى، أنت كشفت نفسك لي وفتحت قلبك لي، أنا صرت أعرفك (صرت أعرف شخصك).

 بالطبع يعرف الله الناس كلها، لكن موسى اختارَ أن يكشف نفسه لله عن عمد، لهذا السبب انتقلَ لمستوى أعلى في علاقته مع الله وقال له: «أَرِنِي مَجْدَكَ» (الخروج ٣٣: ١٨).

 إن كنت تستخف بهذه الآيات ولا تفهم ما معنى أن يُريك الله مجده، هذا سببه أنك لا تدرس الكلمة ولا ترى ما هو مجد الله. مجد الله هو شخص الله وإظهار صلاحه وجوده وروعته، هو قوة الله، أنت مُحاطٌ بهذا المجد في المملكة الروحية.

 “اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.” (يوحنا ١: ١٨)؛ الحضن ليس معناه أنّ شخص يُعانق أحدًا. تُوضِّح المراجع إنه في هذا الوقت عندما كانوا يجلسون على مائدة، كانت المائدة قريبة من الأرض ولا يوجد كراسي فكانوا يجلسون على الأرض ويتَّكئون على المائدة وهم يلتَّفون حولها.

 لذا كان مَن يقف يراهم كأنهم يحضنون بعضهم البعض، فبالتالي تُعنِي كلمة حضن إنك بداخل غرفة المدير، وعندما تأخذ قرارًا تكون مُتأكِّدًا مِنه لأنك كنت في غرفة المُدير، هكذا أنت صرت داخل شخص الروح القدس!

 إنْ كنت تتعامل مع الآيات الكتابية بالحواس الخمس ستصير عاديةً بالنسبة لك، لأنها لا تُفهَم إلّا روحيًا وتحتاج أن تتجاوب معها. يلتزم شخص الروح القدس بالكلمة والقوانين، وقد يُغيِّر القوانين لكن عَبْر أشخاص يَحقّ لهم أن يُغيّروا القوانين لأنه يحترم الأشخاص، ولا يضع قانونًا ويتعدّاه.

 يتعامل الروح القدس مع روح الإنسان ويُعطي بسخاء، فمملكة النور التي أنت مِن مواطنيها، هي مملكة سخاء؛ “وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ.” (يعقوب ١: ٥).

 هو كاشِفٌ، فهو لا يخاف أن يكشف لك الحقيقة لكن يتعامل معك برفقٍ. الروح القدس ليس ضعيفًا بل قويًا جدًا، لكن يمكنك أن تُطفِئه في حياتك عَبْر احتقارك للكلمة.

 “لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ” (١ تسالونيكي ٥: ١٩)؛ إطفاء الروح يتمّ من خلال إهمال النبوات أي ما قيل في الكلمة، يريد الروح القدس أن يعمل معك، لكنه يعمل عَبْر الكلمة، إن تجاهلتها فأنت بذلك تفقد شُغله في حياتك.

 كان الرب يسوع يُعلِّم طوال الوقت، هكذا أيضًا الروح القدس يُعلِّمك طوال الوقت، قال الرب يسوع عنه: “وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.” (يوحنا ١٤: ٢٦)، هل لاحظتْ! مثله تمامًا.

 لا تتوقَّعْ أن يتعامل الروح القُدس معك بصورة خاصة شاذة عن مبادئه، هذا غير قانوني، فإن كنت أبًا لأبناء وتعاملتْ مع أحدهم بمحاباة فهذا خطأٌ، ولكن قد تنزل لمستوى الشخص إن كان طفلاً مثلاً. أيضًا إنْ كنت تعتقد أنك طفلٌ، فيجب أن تُبطِل ما للطفل كما قال بولس: “لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ.” (١ كورنثوس ١٣: ١١)، لا تصطنعْ الطفولة وأنت مِن المُتوقَّع أن تكون قد كَبرتْ.

 إلى متى تعتقد أن الروح القدس يتكلَّم عن المحبة فقط، في الحقيقة هو لديه كلامٌ كثيرٌ ليقوله لك، لكنك قد تكون مُحتاجًا إلى المحبة فتريد من الله أن يَظهر لك أو مثلاً تنتظر أن تجد في قراءاتك اليومية آيةً عن المحبة أو شخص يصلي معك ويخبرك أن الله يحبك، فتنبهر! هذا رائع، لكن يجب أن يكون هذا إلى حين، فهو مستوى طفولي! لتُبطِل ما للطفل عن عمد.

 إن كنت تعتقد أن الروح القدس يُصِرّ ويُصمِّم على رأيه طول الوقت معك، فهذا يحتاج إلى بعض التعديل. نعم سيستخدم معك بعض الإلحاح في البداية إلى أن يأخذك لمستوى أعلى ويقول لك إن هذا ليس الطبيعي ويفطمك من هذا، وإن لم تُدرِك هذا ستُخطئ في تشخيص نفسك.

 يوجد أشخاص كانوا مُشتعِلين بمحبة الله لفترة ثم توقفوا عن الاشتعال بهذا الموضوع واعتقدوا أنهم ضعفوا روحيًا، لكن تفسير هذا أنّ الروح القدس انتهى من شرح موضوع المحبة وبدأ معك موضوعًا آخر ولا يُعنِي أنك ضعفت روحيًا. سنعرف في العظة التالية كيف تشتعل طوال الوقت بالآيات، لكن لا تَشُكّ في نفسك فالروح القدس يجعلك تنضُج.

 في مجال دراستك أنت لا تسمع الشرح نفسه في كل مرة تذهب إلى الجامعة أو المدرسة، لكن تسمع جزءًا ثم جزءًا آخر، قد يُعاد شرح جزءٌ مُعين لكن لن تتوَّقف عنده. يوجد عملٌ إلهيٌّ يريد الله أن يُحِّققه، والروح القدس يتكلَّم معك في زوايا كثيرة جدًا.

 بعض الأشخاص يقولون إنهم رأوا العرش، لكن ماذا بعد؟ عندما تكلَّمَ بولس عن الرؤية التي رآها، ذَكَرَ لنا أنّ الرب قال له إنه ظَهَرَ له لسببٍ ما، لذلك يجب أن يكون للرؤية غرضٌ، وقد تعتقد أنك إن لم ترَ رؤيةً لَما آمنت بيسوع، هذا صحيحٌ كانت هذه اللغة التي كان يتكلم بها الروح القدس إليك وقتها، لكن هذا لا يعني أنه سيظل يتعامل معك بالرؤى والإعلانات لأن هذا مستوى طفولي ويجب أن تبطله.

 يتكلَّم الروح القدس مع الإنسان عن طريق الشهادة الداخلية كما قال الكتاب في رومية؛ لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.” (رومية ٨: ١٤).

 يوجد أشخاص تسمع عن الأشخاص الذين رأوا رؤى ويتسألون لِما لم يَحدُث معهم هكذا ويَشكون في أنفسهم لأنهم غير مُنظَّمين في طريقة تفكيرهم، فمملكة النور هي نور الكلمة وليس نور النبوات والإعلانات.

 عندما يجدك الروح القدس غير مُصغِي له يضطر أن يستعمل معك الرؤى والإعلانات، وكل الرؤى والإعلانات التي اُستخدِمت نعم كانت كثيرة في العهد القديم، لكن في العهد الجديد نجدها في الحالات الخطيرة فقط، لأن الطبيعي أن أولاد الله مُنقادون بالشهادة الداخلية أي بروح الله (الروح القدس يُثبِت لك الأمر في روحك)، ثِقْ في هذا.

 هذا لا يُعني أن أي فكرة تأتي لك هي مِن الروح القدس، فإبليس يتكلَّم كثيرًا بهذه الطريقة، لكن التصاقك بالكلمة ومراجعة الأفكار مع راعيك الروحي يجعلك تُميّز الأفكار. سَمِعَ العديد من الأشخاص صوت إبليس وكانت أفكاره تبدو لديهم مُستقيمة في بدايتها إلى أن ظَهَرَ ما كان إبليس يُخطط له.

 لتستمعْ لشخص الروح القدس عَبْر الكلمة، فلا يتحرَّك الروح القدس بصورة فجائية بل يُهيئ الأمر باكِرًا، وإن لم تفهمْ هذا وتعتقد أنّ الروح القدس سيتكلَّم إليك فجأةً لتفعل شيئًا ما مثلما كان يفعل مع أنبياء العهد القديم، فستنجح مرات في الأمر وفي أخرى ستُخطئ حتمًا! فهذا الاعتقاد غير سليم.

 قد يقودك الروح القدس لفِعْل شيءٍ ما لكن يوجد قواعد، فهو يتكلَّم إليك مُستخدِمًا الكلمة، وإن كانت مبادئ الكلمة تعمل في ذهنك طوال الوقت ستستطيع أن تُميّز صوته سريعًا وبسهولة.

“٩ فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ (مُرسَل) حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ. ١٠ وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ، فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوًّا، وَهُوَ حَارَبَهُمْ.” (إشعياء ٦٣: ٩، ١٠).

 قد يتحول الروح القدس إلى عدو إذا مشيت عكسه لفترة من الوقت، فالروح القدس هو المُرسَل لإحضار قوة الله لك ليكشفها لك. سُكنى الروح القدس بك تعني أن حضور الله في داخلك طوال الوقت، الروح القدس هو مَن يُلين قلبك عبر الصلاة بألسنة.

 إنْ كنت عنيدًا وغير خاضِع في بعض زوايا حياتك، هذه بوادر ارتداد، احذر هذا! روح الإنسان رائعةٌ ولا يوجد بها عيبٌ لكنك قد تُؤذيها إن قسيّت قلبك وكنت عنيدًا مع الكلمة ولا تعلَّم أن الروح القدس يعمل معك تدريجيًا، وتريد حلاً سريعًا في المشكلة، فتُصلي ولا تجد نتائج، لأنك ترى الله بصورة خاطِئة وإن ظَهَرَ يسوع شخصيًا لن تُحَلّ المشكلة. لنأخذ في الحسبان يسوع وكيف تعاملَ مع أشخاص ليس لديهم إيمان ولم يقدر أن يفعل معهم معجزة.

 الأمر ليس مُتوقِّفًا على الله فحسب، لا تُلقِي مسؤوليتك على الله، هذا ليس الطبيعي، لا تقُلْ إن أرادَ الله سيفعلها وإن لم يَرُد لن يفعل شيئًا. يتحرَّك الروح القدس بمحبة ورأفة ويتدخَّل في المواقف، لكن لا تجعل التَمرُّد عليه أسلوبًا لحياتك. الروح القدس ليس شخصًا عاديًا بل يتحوُّل فجأةً إلى شخص صارِمٍ ويتدخَّل في المواقف بصورة قوية.

“فَيَخَافُونَ مِنَ الْمَغْرِبِ اسْمَ الرَّبِّ، وَمِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مَجْدَهُ. عِنْدَمَا يَأْتِي (يهجم) الْعَدُوُّ كَنَهْرٍ (يتحرَّك بصورة ضخمة) فَنَفْخَةُ (فروح) الرَّبِّ تَدْفَعُهُ (للهرب).” (إشعياء ٥٩: ١٩).

 يتكلَّم هنا عن نبوة ستَحدُث وقت الضيقة قبل المُلْك الألفي، سيقف الروح القدس وينتصب ويدفع إبليس للهرب، مثل الشخص الذي يقوم فجأةً فيهرب أعدائه، في هذه اللحظة سيتحوّل إبليس من شخص آتٍ للهجوم إلى آخر يهرب من الروح القدس. لكي تجعل الروح القدس يتحرَّك في حياتك بصورة صارِمة، تفاعلْ مع الكلمة وانجذبْ للحق الكتاب. الروح القدس مُلتصِقٌ بالكلمة ولا يبعد عنها ولا يستعمل أمورًا أخرى بجوارها.

▪︎ انتباهك هو سِرّ اشتعالك:

“١٣ لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا. ١٤ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ١٥ ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا.” (يعقوب ١: ١٣-١٥).

 “١٤ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ”؛ يقوم إبليس في البداية بعرض ما لديه، يعرض منتجاته (يُجرِّبك)، قد ينجذب له الشخص وعندما ينجذب يدخل إليه وينخدع، في هذه اللحظة يَحدُث تفاعُل وسقوط في التجربة!

 على النقيض؛ إن لم تنجذبْ للكلمة ولشخص الروح القدس لن يَحدُّث تفاعُل، يستخدم الروح القدس مبادئ الكلمة، هذه هي طريقته في التَكلُّم، ويضع المبادئ بداخلك فتجد أنك في معظم قراراتك لا تحتاج أن تُصلي لتأخذ قرارًا لأن الكلمة تعمل بداخلك بالفِعل، لكن يوجد مرات تحتاج أن تُصلي وتتأكَّد من قرارك.

 هل تعتقد أنّ الرب يسوع أخطأَ في اختيار يهوذا الإسخريوطي؟! إن كنت، فالأمر ليس كذلك! حيث إن الرب قضى ليلةً كامِلةً يُصلي قبل أن يختار تلاميذه. كان يهوذا شخصًا رائِعًا عندما اختاره الرب يسوع، لكن قلبه تغيَّرَ في آخِر فترة، ومجازًا إن لم يكُن يسوع ناويًا على الصَلْب (بالطبع هذا لم يَكُن مشيئة الله، فهو أتى ليُخلِّص البشرية) كان سيتعامل مع يهوذا ويطرده طالما استمرَ في قلبه المُعانِد!

 تعود اختياراتك على رصيد الكلمة المزروعة بداخلك، وإنْ لم تفهمْ هذا ستستمع إلى خيالك وتعتقد إنه الروح القدس، وما تُسميه إلحاحًا هو في الواقع رغبةٌ قويةٌ نتجتْ عن أفكار كثيرة وليست من الروح القدس وتعتقد أنها إن لم تَكُنْ من الروح القدس كان سيمنعها، لكن هذا خطأ. تعلَّم أن تنجذب للكلمة وتكتشف حقيقتها، وتصل إلى مرحلة أنها تتخمَّر بداخلك وتَلِد أي تُنتِج، وطريقة الانجذاب هي أن تنتبه للحق الكتابي وتشتعل به.

 لم يَكُن الرب يسوع يتعامل بطريقة عادية مع المواقف، كان يتهلّل أنه كَشَفَ الحق الكتابي للأشخاص الذين لديهم قلب طفل واستقبلوا الحق الكتابي وأخفاه عن مَن يعتقد إنه جيدٌ ولا يحتاجه، لم يَحزن من الناس التي ترفضه بل كان يرى صورة أُخرى ويعشق قلوب الأطفال وتجاوُبهم وفهمهم واشتعالهم بالحق الكتابي، لذلك تَهلَّلَ يسوع وانبهرَ.

 لا تَشُك في نفسك، أنت بداخل الحضور الإلهي بصفة مُستمِرة. أيضًا الروح القدس ليس شخصًا صعبًا، لتنجذبْ وتتَّحدْ بالحقيقة الكتابية التي يُقدمها الروح القدس التي تتكلَّم عن زوايا حياتك، إن أخذتْ هذه الحقائق بفخر واعتناء وزرعتها بداخلك مثل اعتناء الأم بالطفل ستمتلئ حياتك بالمجد.

 عِش حياتك مُعتمِدًا على الروح القدس، فإن لم تحيا هكذا لا تتوقَّعْ أن يتحرَّك الروح بصورة نشيطة في ظروفك وأحداثك.

 المرحلة الأولى: يكشف الروح القدس حُبه (حُب الله) لك، المحبة أمرٌ رائعٌ جدًا وهامٌ لكن لا تتوقَّفَ عند هذا المستوى، حيث يوجد أركان أُخرى يجب أن تكتشفها.

 المرحلة الثانية: يبني الكلمة بداخلك، كونك تتحرَّك بعواطفك ومشاعرك، فهذا سَيُؤثِر على استقبالك للكلمة ويمكن أن تصل لمرحلة أنك تحتاج إلى عدة آيات لتُصدِّق، لكن يوجد مستوى أعلى أن تكون سريع التفاعُل والتجاوُب مع كلمة الله.

 ابدأ في استعمال واكتشاف الكلمة، لن تنجح وأنت تكتم على حياتك، يُريدك الروح أن تنكسر وأنت خاضِعٌ حتى يتعامل معك بانفتاح، مثلما فعلَ مع موسى عندما كَشَفَ ذاته لله عن عمد.

 يأخذ الروح القدس مرحلة طويلة الأمد ليبني شخصيته فيك، إلّا في حالة سماحك له بالعمل على شخصيتك منذ طفولتك، لكن إنْ تمَّ بناء المبنى الخاص بك ليس من الصحيح هدمه مرة واحدة وإلّا ستموت لذلك يمسك الروح القدس كل جزء على حِدى ويفحصه ويرى إن كان سليمًا أو يستبدله بجزءٍ صحيحٍ، هذا شُغْل الروح القدس ويظل يفعل هذا إلى أنْ تصير أفكارك كلها صحيحة.

 إن كنت تنتظر أن يتعامل معك الروح القدس عَبْر اختبارات عاطفية مشاعرية فأنت مُخطِئٌ. عندما يبدأ الروح القدس في مرحلة الشُغل بك تعتقد إنه جَفَّ في التَعامُل معك وكأنك دخلت لشخص ما لتعمل معه فعندما استقبلك أول مرة في مَكتبه كان يُرحِّبُ بك ترحيبًا حارًا ويُعبِّر عن حُبه ومسرَّته بك بعدها تبدأ العمل فتجده جادًا معك، هذا لا يُعنِي إنه تَغيَّر معك، هكذا يتعامل معك الروح القدس.

▪︎ نشاط الروح في حياتنا:

 مثلاً إن كان والداك يطعمانك الطعام وأنت كبيرٌ، فهذا خطأٌ وليس في صالحك، يجب أن يُهذِّباك حسب الكلمة ويزرعا بداخلك أهمية أن تكون رجلاً روحيًا، فترى الله بصورة صحيحة وينتهي من حياتك المفهوم الخاطئ للاعتمادية الكامِلة على الله. أُعْطِيَّ الروح القدس بداخلك، فعندما يقول لك على شيء لتفعله يجب أن تتأكد أنّ لديك القوة بداخلك لتَفْعله وتثق إنها تعمل، بذلك أنت تسلك بالإيمان.

 المرحلة الثالثة: يقوم الروح القدس بهدم كل زرعٍ خاطئ زُرِعَ بك ويزرع مكانه، ويُؤكِّد على الزَرْع السليم، هذا يَحدُّث في ذهنك وليس روحك، فروحك الإنسانية سليمة طالما وُلِدْتَ من الله. بينما يعمل الروح القدس قد يكون هناك بعض الألم لكن كُنْ سريع التفاعُل مع الروح القدس وكُنْ خاضِعًا.

 مملكة النور هي مملكة اكتشافات، لذلك لا تفزعْ عندما تكتشف شيئًا خطأ، ولا تعتقد إنه بك فهو وَقَعَ عليك وليس جزءًا أساسيًّا منك. ثِقْ في الكلمة، فهي تقول إنك مُشتعِلٌ، أيضًا قال عنك يسوع؛ “إنك تجري من باطنك أنهار ماء حي”، اعترفْ بهذا ولا تعترف بما تقوله مشاعرك.

 لا تعتقد إنك تشتعل فقط في الاجتماع أو حتى في المؤتمرات الروحية، بلا شك أنت تأخذ جرعة من الكلمة في المؤتمرات لكن أهم شيءٍ أن تعرف كيف تحيا هذا في بيتك طوال الوقت وتصل لمرحلة الاحتراف الروحي وتَعبُد بصورة سَلِسة وسهلة.

 المرحلة الرابعة: يعمل الروح القدس على تنضيج ما زَرَعه فيك، أي يضعك في امتحانات لتكتشف الحقائق بنفسك. فإنْ توقفت عند مرحلة مُعينة سيتوقف كل شيء.

“١٤ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ١٥ ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَالْخَطِيَّةُ إِذَا كَمَلَتْ تُنْتِجُ مَوْتًا.” (يعقوب ١: ١٤، ١٥).

 إنْ أخذنا هذه الآية عن الروح القدس يمكن أن نقول إنك إن لم تنجذب ثم تتفاعل ستُجهِض الكلمة من حياتك، لكن إن اعتنيت بها بداخلك ستُنتِج وتُؤدي إلى حياة. تفاعُلك مع الكلمة هو تفاعُل مع الروح القدس لا تفصل بينهما. إن كنت لا تفهم الروح القدس فهو يعمل من خلال الكلمة وأيضًا المُعلِّمون الذين يعملون على حياتك، كما إنه لا يعمل باستقلالية عن البشر.

 بالتأكيد في البداية (بداية إيمانك) لن تستطيع تمييز صوت الروح القدس بمفردك، ليس لأن الأمر صعب وعويص بل لأنه يحتاج إلى تدريب! لذلك ممنوع أن تسمع بنفسك صوت الروح القدس في قرارات هامة في طفولتك الروحية، لأنك ستُخطئ مُعتقِدًا أنّ هذا ما قاله لك الروح القدس.

 لا تتصلَّب وترفض التعديلات لأنك قد تسمع صوت الروح القدس بشكل خطأ، راجع ما تسمعه مع شخص ناضِج روحيًا إلى أن تصل لمرحلة التَمكُّن من القيادة بالروح.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$