هل افتدانا يسوع من أمراضنا عندما كفَّر عن خطايانا؟ Did Jesus Redeem Us from Our Diseases When He Atoned for Our Sins?

 “عزيزي القارئ، إن كنت قد تعلَّمت أن تعتبر المرض بمثابة “شوكة في الجسد” لا ينبغي عليك التخلص منها، فإنني أنصحك بشدة أن تقرأ الفصل الرابع عشر من هذا الكتاب والذي يناقش شوكة بولس قبل أن تتطرق إلى أي فصل آخر. وإلا فسيصعب عليك رؤية النور الإلهي المشرق في هذا الكتاب”.

قبل أن نجيب على السؤال السابق من كلمة الله، فإني أود أن ألفت انتباهك لحقائق قليلة من كلمة الله تتعلق بهذا الموضوع.

يقول الكتاب في رسالة رومية 5: 12، “فَكَمَا دَخَلَتِ الْخَطِيئَةُ إِلَى الْعَالَمِ عَلَى يَدِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، وَبِدُخُولِ الْخَطِيئَةِ دَخَلَ الْمَوْتُ، هَكَذَا جَازَ الْمَوْتُ عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ، لأَنَّهُمْ جَمِيعاً أَخْطَأُوا”. هذا الشاهد يعلن بوضوح أن الموت قد دخل إلى العالم بسبب الخطية. لذلك يتضح أن المرض- الذي هو الموت البطيء- قد دخل إلى العالم بسبب الخطية. ومن حيث أن المرض قد دخل بدخول الخطية، فلابد أن فداء الرب يسوع يشتمل على علاج أكيد له.

لا شك في أن إبليس هو مصدر كل مرض سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فسفر الأعمال 10: 38 يعلن هذا بوضوح. لأحيان كثيرة تفشل الطرق الطبيعية للشفاء، لكن لا توجد قوة يمكن أن تزيل المرض سوى قوة يسوع ابن الله. فطالما تطور المرض وتخطى الإمكانيات الطبيعية لتحقيق الشفاء فسوف يؤدى حتماً إلى الموت، ما لم يُبطل بقوة الله. لذلك فإن أي شيء يعيق قوة الله عن العمل سوف يجعل الشفاء أمراً مستحيلاً.

وواحدة من الأمور التي تعيق الحصول على الشفاء هي الخطية وعدم السلوك بالمحبة. لذلك يقول الرسول يعقوب، “.. وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ بِسَبَبِ خَطِيئَةٍ مَا، يَغْفِرُهَا الرَّبُّ لَهُ. لِيَعْتَرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لأَخِيهِ بِزَلاَّتِهِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، حَتَّى تُشْفَوْا..”. بمعنى آخر، بدون تحقيق هذا المطلب يصعب نوال الشفاء. وفى مثل هذا الموقف لن يقدر الأطباء أو الأدوية أو حتى الصلاة أن تشفى المريض حتى يعترف بخطيته.

وحيث أن المرض صورة من صور اللعنة، لذلك فإن علاجه الوحيد لابد وأن يكون الصليب. لأنه مَن يستطيع أن يزيل اللعنة سوى الله؟ وكيف يمكن لله أن يفعل ذلك بطريقة عادلة ما لم يفعل ذلك من خلال بديل أو كفارة؟ فالكتاب يعلَّمنا أن المرض هو العقاب الجسدي للخطية. وحيث أن المسيح حمل في جسده كل ديوننا الروحية والجسدية الناتجة عن الخطية، لذلك فإن أجسادنا قد تحررت على أساس عادل من المرض.

فمن خلال فداء المسيح، نستطيع أن نختبر جميعنا – كجزء من ميراثنا – استعلان حياة يسوع الظاهرة في أجسادنا: “.. وَإِذَا كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يَسْكُنُ فِيكُمْ، فَإِنَّ الَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ سَوْفَ يُحْيِي أَيْضاً أَجْسَادَكُمُ الْفَانِيَةَ بِسَبَبِ رُوحِهِ الَّذِي يَسْكُنُ فِيكُمْ”.

ويتبقى الآن السؤال، هل يسوع قد افتدانا من الأمراض عندما كفَّر عن خطايانا؟ وإن كان الشفاء – كما يعلَّم البعض – ليس متضمناً في الكفارة، فلماذا نجد في الكتاب المقدس أن أمثلة الكفارة في العهد القديم كانت مرتبطة بالشفاء الجسدي؟

على سبيل المثال، نقرأ في سفر أخبار الأيام الثاني 30 أن حزقيا قرر أن يصنع الفصح بعد أكثر من سبعمائة خمسة وستون عاماً منذ أخر مرة صنع فيها بنو إسرائيل الفصح، وكانت النتيجة أن “.. سَمِعَ الرَّبُّ لِحَزَقِيَّا وَشَفَى الشَّعْبَ”.

كتب بولس لأهل كورنثوس في رسالته الأولى 11: 29-30 وأخبرهم بأن عدم تمييزهم لجسد المسيح – الذي هو فصحنا – كان سبباً في مرض وضعف الكثيرين: “لأَنَّ الآكِلَ وَالشَّارِبَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ الْحُكْمَ عَلَى نَفْسِهِ إِذْ لاَ يُمَيِّزُ جَسَدَ الرَّبِّ. لِهَذَا السَّبَبِ فِيكُمْ كَثِيرُونَ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ“.

إن عشاء الرب هو أكثر من مجرد تقليد أو نظام. فعندما نتناول جسد المسيح نحن نشترك رمزياً في موته حتى يتسنى لنا التمتع بالبركات التابعة. ففي المسيح توجد حياة جسدية وروحية بسبب امتياز حياة يسوع الظاهرة في أجسادنا (2 كورنثوس 4: 11).

الشفاء الجسدي في نماذج العهد القديم

نقرأ في سفر اللاويين 14: 18 أن الكاهن كان يصنع كفارة لتطهير الأبرص. فإن كان برهان شفاء الأبرص يتطلب صنع كفارة، فلابد حتماً أن شفائنا كان متضمناً في كفارة المسيح. وحيث أن جميع أمثلة الكفارة المذكورة هنا تشير بصورة مباشرة إلى الجلجثة، لذلك فإن هذه إجابة كافية للسؤال الذي ذكرناه سابقاً.

يخبرنا الرب يسوع عن نفسه في إنجيل لوقا 4: 19 أنه قد مُسح لكي “أَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ”، مشيراً إلى سنة اليوبيل في العهد القديم. هذا يوضح أن سنة اليوبيل كانت مثالاً نموذجياً على بركات الإنجيل. وفى الشاهد السابق يستشهد يسوع بسنة اليوبيل ليطبقها على عهد الإنجيل.

لاويين 25: 8-10

8 وَبَعْدَ انْقِضَاءِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، أَيْ بَعْدَ سَبْعِ سُبُوتٍ مِنَ السِّنِينَ،

9 فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنَ الشَّهْرِ السَّابِعِ (يوم الكفارة)، مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ سَنَةً عِبْرِيَّةً، تَنْفُخُونَ

بُوقَ الْهُتَافِ فِي يَوْمِ الْكَفَّارَةِ فِي جَمِيعِ أَرْضِكُمْ،

10 وَتُقَدِّسُونَ السَّنَةَ الْخَمْسِينَ وَتُعْلِنُونَ فِيهَا الْعِتْقَ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا، فَتَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلاً، وَتَرْجِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مُلْكِهِ وَعَشِيرَتِهِ.

عندما نعود إلى سفر اللاويين 25: 9، نجد إنه لم يقدر أحد أن يبوَّق عن بركة واحدة من بركات اليوبيل إلا بحلول يوم الكفارة. ففي ذلك اليوم كان يُذبح عجل بقر كذبيحة خطية ويُرش دمه على كرسي الرحمة. وإلى أن يرش الكاهن دم الكفارة على كرسي الرحمة لم يكن هناك أي إظهار للرحمة. فبدون رش الدم سيصبح كرسي الرحمة كرسي دينونة وعدل. هذا يعلَّمنا أنه لا توجد رحمة أو بركة من بركات الإنجيل دون كفارة المسيح.

استعادة كل ما فُقد نتيجة السقوط

بسقوط آدم، فقدنا كل شيء. لكن يسوع قد استعاد لنا الكل من خلال الكفارة التي صنعها. لقد أمر الله في يوم الكفارة أن “تَرْجِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مُلْكِهِ”. فكان الترتيب التالي يحدث هكذا: أولاً، صنع الكفارة. ثانياً: إعلان البوق لإذاعة الأخبار السارة بأن يعود كل واحد إلى ملكه. وذات الترتيب يحدث الآن. أولاً: إتمام الجلجثة، ثم إعلان صوت الإنجيل لينادي: “وَهُوَ حَمَلَ خَطَايَانَا.. هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا.. وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا” ويذيع “لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا”. هكذا يتضح أن كل مريض يستطيع أن يعود “كل واحد إلى صحته”.

إنه من إحدى أسماء الله الكفارية هو “يهوه رفا” أي “أنا هو الرب شافيك” يعلن لنا أن ما فقدناه من صحة وكمال جسدي سوف يُرد “لكل واحد” في يوم الكفارة. لذلك فإن الصحة الجسدية تُعتبر من الممتلكات الهامة جداً التي ستُرد لنا في زمن الإنجيل.

في كل مكان كان يُكرز بالمسيح كان يُنادى بالميلاد الجديد والشفاء باعتبارهما “سنة الرب المقبولة”. حتى يصير كلاً من الإنسان الداخلي والخارجي كاملين، فيصبح الفرد مستعداً ليخدم الله، فنكون جميعنا جاهزين لنكمل كل عمل صالح وننهي سباقنا بالتمام. وإن كان الشفاء الجسدي – كما يرى البعض – لا علاقة له بعمل الجلجثة والكفارة، فلماذا لم يكن هناك إعلان عن أي بركة من بركات سنة اليوبيل حتى يأتي يوم الكفارة؟

يخبرنا الرسول بولس أنه في يسوع المسيح كل وعود الله تجد القبول والموافقة. نستطيع أن نصيغها بصورة أخرى، إن كل مواعيد الله -متضمنة مواعيد بالشفاء – تجد تحقيقها من خلال فداء المسيح.

لن يُؤجل الشفاء حتى يأتي الملكُ الألفي

يحاول بعض الخدام أن يربطوا بين الشفاء الجسدي والملك الألفي. لكن يسوع عندما كان يتحدث عن سنة الرب المقبولة قال، “.. الْيَوْمَ (وليس في الملُك الألفي) تَمَّ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ مِنْ آيَاتٍ..”. لقد أقام الله في الكنيسة (وليس في الملُك الألفي) المعلَّمين وأصحاب المعجزات ومواهب الشفاء. لن يحتاج أحد إلى شفاء جسدي في الملُك الألفي لأننا جميعاً سننال أجساد ممُجدة قبل أن ندخل المُلك الألفي. سوف نُخطف لمقابلة الرب في الهواء و“هَذَا الْفَاسِدَ لاَ بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ”.

فإن كنا نؤجل الشفاء إلى المُلك الألفي، فلنؤجل أيضاً “المعلَّمين” الذين وضعهم الله في الكنيسة مع “أصحاب مواهب الشفاء”. فإن قلنا إن الشفاء في الملك الألفي وحسب، فهذا يتطابق مع القول بأننا في الملك الألفي الآن، لأن الله يشفى الآلاف اليوم.

إن الوعد الإلهي الذي يتضمن تحقيق كل المواعيد الأخرى ينحصر في قبول الامتلاء بالروح القدس- الذي هو عربون ميراثنا لكل البركات التي أُعطيت لنا في المسيح. فالروح القدس هو الأقنوم الإلهي أو السلطة الإلهية التنفيذية على الأرض في الوقت الحالي بعد صعود يسوع المسيح، ليضمن لنا تحقيق بركات الفداء. فهو يأتي لنا “بباكورة” ميراثنا الروحي والجسدي، إلى أن يتحقق أخر وعد بأن يُبطل العدو الأخير الذي هو الموت وعندئذٍ نحصل على ميراثنا الكامل.

الإيمان يأتي بالسماع

إن السبب الذي لأجله يوجد مؤمنون كثيرون مرضى اليوم هو لأنهم لم يعودوا إلى “مُلكهم الجسدي”.. لم يسمعوا بوق الأخبار السارة التي تذيع الشفاء. وحيث أن “الإِيمَانُ نَتِيجَةُ السَّمَاعِ وَالسَّمَاعُ هُوَ مِنَ التَّبْشِيرِ بِكَلِمَةِ الْمَسِيحِ”، فهم ليس ليهم أي إيمان من جهة الشفاء لأنهم

لم يسمعوا عنه من قبل. لأن خدام كثيرين لم يستخدموا بوق الإنجيل بطريقة صحيحة.

وهذا يذكرني بأحد الأشخاص الذين كنت أعرفهم ممَن كانوا يلعبون على آلات النفخ الموسيقية. ففي بداية إحدى الحلقات التدريبية وضع أحد الصبيان مسمار صغير في فتحة البوق. عندما ابتدأ هذا الرفيق في النفخ أغلق رأس المسمار فتحة المزمار فمنعت بصورة شبة كلية مرور الهواء عقب البوق، فلم يقدر أن يخرج صوتاً عالياً من المزمار. مع ذلك، فقد مضى هذا الشخص في استكمال التدريب دون أن يبحث عن سبب المشكلة. يوجد خدام كثيرون – مثل هذا الرجل – يعتقدون أنهم ينفخون في بوق الإنجيل كما ينبغي دون أن يكتشفوا أن البوق يخرج صوتاً باهتاً جداً. فهم لا يفعلون مثل بولس الذي قال ” لَمْ أَتَرَدَّدْ فِي إخبَارِكُمْ بِكُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ”.

وكما رأينا في الأمثلة المذكورة في سفر اللاويين والتي تؤكد أن الشفاء كان شيئاً ملازماً للكفارة. فإننا نرى أيضاً أن إنجيل متى 8: 17 يعلن بوضوح أن يسوع شفى جميع الأمراض على أساس الكفارة التي كان سيصنعها لاحقاً. لقد كانت ذبيحته الكفارية سبباً في نوال جميع المرضى لشفائهم دون استثناء: “.. وَشَفَى جَميعَ المَرضَى لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ إشَعْيَاءَ: هُوَ أَخَذَ اعتِلاَلاَتِنَا، وَحَمَلَ أَمرَاضَنَا”. ولا يزال يسوع يشفى جميع الذين يأتون إليه بإيمان “.. لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ اللهُ.. “.

مع أنه تحت ظل العهد المظلم (العهد القديم) كان لجميع الشعب امتياز الشفاء من أي مرض، فحتماً تحت ظل “العهد الأفضل” المبنى على وعود أفضل لا يمكن لله أن يسترد رحمته التي أظهرها في العهد القديم. وإن حدث ذلك، فنحن قد حُرمنا من بركة الشفاء هذه بسبب مجيء ذبيحة يسوع الكفارية. وحاشا لله.

يُذكر في سفر العدد 16: 46-50 أنه بعدما مات أربعة عشر ألفاً وسبعمائة شخص من الوباء، وقف هارون الكاهن -من خلال خدمته كوسيط بين الله والشعب- بين الأموات والأحياء ليصنع كفارة حتى يرتفع الوباء وتُشفى الأجساد. كذلك أيضاً المسيح وسيط العهد الجديد، من خلال الكفارة التي صنعها افتدانا من وباء الخطية والمرض.

رمز الحية النحاسية

نرى مرة أخرى في سفر العدد 24: 9 أن شعب إسرائيل قد نالوا الشفاء جميعاً عندما نظروا إلى الحية النحاسية التي رفعها موسى كرمز للكفارة. فإن لم يكن الشفاء مُتضمناً في الكفارة فلماذا احتاج هؤلاء الإسرائيليين الذين كانوا على وشك الموت أن ينظروا إلى رمز الكفارة لأجل الشفاء الجسدي؟ وحيث أن الشفاء الجسدي وغفران الخطية قد جاءا من خلال رمز الكفارة، فلماذا لا ينطبق ذلك علينا من خلال المسيح – الذي هو الكفارة الحقيقية؟ وحيث أن تلك اللعنة قد أُزيلت برفع حية نحاسية، كذلك أيضاً يخبرنا بولس أن لعنتنا قد رُفعت عندما عُلق يسوع على الصليب (غلاطية 3: 13).

نقرأ مرة أخرى في سفر أيوب 33: 24-25، “.. يتَرََّأفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: أَنْقِذْهُ يَا رَبُّ مِنَ الانْحِدَارِ إِلَى الْهَاوِيَةِ، فَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ فِدْيَةً. فَيَصِيرَ لَحْمُهُ أَكْثَرَ غَضَاضَةً مِن أَيَّامِ صِبَاهُ وَيَعُودَ إِلَى عَهْدِ رِيعَانِ شَبَابِه”. نرى في هذه الأعداد إعلان عن الشفاء الجسدي من خلال الكفارة. وإن كان ذلك صحيح فلماذا لا ننال الشفاء نحن أيضاً من خلال كفارة يسوع المسيح؟

افتتح داود المزمور المائة والثلاثة بدعوة نفسه لتُبارك الرب وأن “لاَ تَنْسَيْ جَمِيعَ خَيْرَاتِهِ”. ثم يسرد بعد ذلك ويقول، “الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ.” كيف يغفر الله الخطية؟ من خلال كفارة المسيح. وكيف يشفي المرض؟ حتماً بنفس الطريقة، لأن كفارة يسوع المسيح هي الأساس الوحيد ليتمتع الإنسان الساقط بأي بركة. فكيف يمكن لله أن يقدم خلاصاً كاملاً -روحياً وجسدياً- للإنسان إلا من خلال الكفارة؟

يخبرنا بولس في رسالة كورنثوس الأولى 10: 11، “فَهَذِهِ الأُمُورُ كُلُّهَا حَدَثَتْ لَهُمْ لِتَكُونَ مِثَالاً، وَقَدْ كُتِبَتْ إِنْذَاراً لَنَا، نَحْنُ الَّذِينَ تَنَاهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الأَزْمِنَةِ”. لكن الروح القدس يظهر لنا بوضوح في رسالة غلاطية 3: 7، 16، 29 أن جميع هذه الأمور أصبحت تخص الأمم مثل إسرائيل تماماً:

“فَاعْلَمُوا إِذَنْ أَنَّ الَّذِينَ هُمْ عَلَى مَبْدَأِ الإِيمَانِ هُمْ أَبْنَاءُ إِبْرَاهِيمَ فِعْلاً.. وَقَدْ وُجِّهَتِ الْوُعُودُ لإِبْرَاهِيمَ وَنَسْلِهِ.. فَإِذَا كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ، فَأَنْتُمْ إِذَنْ نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ وَحَسَبَ الْوَعْدِ وَارِثُونَ”.

وكما قال القس دانيال براينت في كتابه “المسيح وسط مرضانا” أنه ينبغي على الكنيسة إدراك أن حنان ومحبة المسيح لا تحابي بين مرضى الأمم ومرضى الإسرائيليين.

سبعة ألقاب الله الكفارية

إن الأسماء الكفارية تعلن عن فداء الله للإنسان. ومن الحقائق التي لا تقبل الجدال هي أن الشفاء الجسدي نجده متُضمنا في الكفارة من خلال واحدة من أسماء الله السبعة الكفارية.

نجد في الصفحة السادسة والسابعة للكتاب المقدس لترجمة سكوفيلد هامشاً يذكر الأسماء الكفارية ويقول:

“إن اسم يهوه يشير بصورة مباشرة للقب الكفاري للألوهية ويعني ‘الكائن بذاته.. الذي يعلن عن نفسه’. وهذه الأسماء السبعة الكفارية هي إعلان إلهي مستمر ومتزايد يتعلق بفداء الله للإنسان. فالله يعلن من خلال أسمائه السبع عن تسديده الكامل لكل احتياج الإنسان الضائع الساقط من أولها إلى أخرها”.

وحيث أن هذه الأسماء السبع تعلن عن فداء الإنسان فلابد أنهم جميعاً يشيرون إلى الجلجثة، موضع فدائنا. وكل بركة يحملها هذا الاسم قد صارت متاحة لنا في الكفارة. فلا يوجد سبب آخر يجعلنا نتمتع بهذه البركات إلا من خلال ما صنعه يسوع لنا.

وفيما يلي هذه الأسماء السبعة التي تتعلق بالكفارة:

1. يهوه شمة: ويُترجم ‘الرب هنا’ أو ‘الرب موجود’. “أَمَّا مُحِيطُ الْمَدِينَةِ فَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ أَلْفَ ذِرَاعٍ (نَحْوَ تِسْعَةِ كِيلُومِتْرَاتٍ)، وَيَكُونُ اسْمُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ «يَهْوَهْ شَمَّةْ» وَمَعْنَاهُ: «الرَّبُّ هُنَاكَ” (حزقيال 48: 35).

إنه إعلان عن واحد من امتيازات الفداء وهو أننا صرنا نتمتع بحضور الله. فالرب يقول لكل واحد منا: “إني معك دائماً”. وقد تأكدت هذه البركات من خلال الإعلان الإلهي: “.. قَدْ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ”.

2. يهوه شلوم: ويُترجم ‘الرب سلامنا’. “فَبَنَى جِدْعُونُ هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ سَمَّاهُ: يَهْوَهْ شَلُومَ وَمَعْنَاهُ: الرَّبُّ سَلاَمٌ” (قضاة 6: 24). في إعلان لنا عن بركة أخرى من بركات الفداء وهي أننا صرنا نتمتع بسلام الله. قال يسوع، “.. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ”. قد صار هذا السلام مُتضمناً في الكفارة لأنه “.. حَلَّ بِهِ (بيسوع) تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا”.
3. يهوه رعا: ويُترجم ‘الرب راعي’. “الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَسْتُ أَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ” (مزمور 23: 1). قد أصبح يسوع راعٍ لنا عندما بذل حياته لأجلنا. وهذا الامتياز قد تحقق بسبب الكفارة. “أَنَا الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ حَيَاتَهُ فِدَى خِرَافِهِ” (يوحنا 10:11).
4. يهوه يرأه: وتعني ‘الرب يدبر ويسدد’. “وَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ «يَهْوَهْ يِرْأَه» وَمَعْنَاهُ: الرَّبُّ يُدَبِّرُ” (تكوين 23:14). كان يسوع هو الذبيحة المُقدمة لأجل فدائنا الكامل. وهو يضمن لنا التسديد الكامل لجميع الاحتياجات.
5. يهوه نسى: وتعنى ‘الرب درع لنا ونصرتنا وقائدنا’. “وَشَيَّدَ مُوسَى مَذْبَحاً لِلرَّبِّ دَعَاهُ «يَهْوَهْ نِسِّي» وَمَعْنَاهُ: الرَّبُّ رَايَتِي أَوْ عَلَمِي” (خروج 17:15). لقد انتصر يسوع في الصليب على الرئاسات وقوات الجحيم المُصطفة ضدنا. فمن خلال الكفارة صار لنا حق الامتياز بأن نقول، “شُكرَاً للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوكِبِ اِنتِصَارِهِ بِالمَسِيحِ”.
6. يهوه بر: ويُترجم ‘الرب برنا’. “فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يَخْلُصُ يَهُوذَا، وَتَسْكُنُ أُورُشَلِيمُ آمِنَةً، وَهَذَا هُوَ الاسْمُ الَّذِي تُدْعَى بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا” (أرميا 33: 16). لقد أصبح يسوع براً لنا بحمله لخطايانا على الصليب. فأصبح بإمكاننا أن ننال “عطية البر” كبركة من بركات الفداء.
7. يهوه رافا: ويُترجم ‘الرب الطبيب الشافي’ أو ‘أنا هو الرب شافيك’. “إِنْ كُنْتَ تَحْرِصُ عَلَى سَمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ إِلَهِكَ، وَتَفْعَلُ مَا هُوَ حَقٌّ أَمَامَهُ، وَتُطِيعُ وَصَايَاهُ وَتُحَافِظُ عَلَى جَمِيعِ فَرَائِضِهِ، فَلَنْ أَدَعَكَ تُقَاسِي مِنْ أَيِّ مَرَضٍ مِنَ الأَمْرَاضِ الَّتِي ابْتَلَيْتُ بِهَا الْمِصْرِيِّينَ، فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ” (خروج 15: 26). قد أُعطى هذا الاسم لنا ليكشف أنه من إحدى امتيازات فدائنا هو أن نكون أصحاء جسدياً. وهذا الامتياز قد أعده الله من خلال الكفارة.

قد قصدت أن اذكر هذا الاسم في النهاية لأجيب على كثير من المجادلات التي تتعلق بهذا الموضوع. في الحقيقة، إن أول عهد قطعه الله مع شعب إسرائيل بعد عبورهم للبحر الأحمر مباشرة -والذي يُعتبر نموذجاً مثالياً لفدائنا- هو عهد الشفاء. ففي ذلك الوقت، أعلن الله عن نفسه بأنه الطبيب الشافي. وقد كان أول لقب يعلنه الله لشعبه ويتعلق بالفداء والعهد هو: يهوه رفا “أنا الرب شافيك”. هذا ليس وعداً إنما قانون ومبدأ.

في ضوء هذا الإعلان أقام الله ترتيباً إلهياً في الكنيسة لنخدم الشفاء في اسم يسوع: “.. وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً، فَلْيَسْتَدْعِ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ لِيُصَلُّوا مِنْ أَجْلِهِ وَيَدْهُنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَالصَّلاَةُ الْمَرْفُوعَةُ بِاءِيمَانٍ تَشْفِي الْمَرِيضَ، إِذْ يُعِيدُ الرَّبُّ إِلَيْهِ الصِّحَّةَ..” (يعقوب 5: 14، 15). يمكننا أن نعتبر هذا ترتيب إلهي لجميع كنائس العهد الجديد اليوم مثل عشاء الرب والمعمودية.

يهوه رافا؛ أحد ألقاب الله التي تتعلق بفداء الإنسان والتي تتوج عهد الشفاء. فبعد صعود يسوع إلى السماء وارتفاعه عن يمين الآب، لم يتنازل عن مكانته كشافٍ، تماماً مثل باقي المهام التي تتعلق بألقابه الست الأخرى. فهل يمكن لأي من هذه البركات التي تحملها ألقابه الفدائية أن تُسترد من هذا العهد والتدبير “الأفضل”؟

بعدما سردنا بعض الأمثلة والرموز التي تعلَّم عن الشفاء دعونا الآن نتطرق إلى المدلول الحقيقي لهذه الأمثلة والرموز، ألا وهي كفارة يسوع المسيح. نجد إيضاحاً وافياً لهذه الكفارة في إصحاح الفداء العظيم: أشعياء 53. إنه أروع إصحاح يتكلم باستفاضة عن عقيدة الفداء. وحيث أن أمثلة ورموز العهد القديم تعلَّم عن الشفاء الجسدي، فإنه أمر غير منطقي بالمرة أن يكون المدلول الحقيقي (يسوع المسيح) لا يكافئ بل يتدنى عن الرمز.

لقد حمل يسوع آلامنا وأسقامنا

قبل أن استشهد بمقاطع من سفر أشعياء 53، فإني أود أن اذكر إيضاحاً هاماً لبعض الكلمات التي يتضح معناها الحقيقي من الأصل العبري. فالأصل العبري لكل من “أحزان” و”أوجاع” التي يرد ذكرهما كثيراً في هذا الإصحاح هما “كولاي Choli”، “ماكوب Makob”. وهذان الأصلان لم يتُرجما بدقة إلى “أحزان” و”أوجاع”. لكن الترجمة الدقيقة والصحيحة لهاتين الكلمتين هما: “أمراض” و”آلام” على التوالي. وقد تُرجمت هاتين الكلمتين في معظم العهد القديم إلى أمراض وآلام عدا أشعياء53. على سبيل المثال، قد تُرجمت كلمة “كولاي Choli” إلى مرض وسقم في سفر التثنية 7: 15، 28، 61 ؛ 1ملوك 17: 17 ؛ 2ملوك 1: 2، 8: 8 ؛ 2 أخبار الأيام 16: 12، 21: 15 وكثير من الشواهد الأخرى. وقد تُرجمت كلمة “ماكوب Makob” إلى ألم في سفر أيوب 14: 22، 33: 19.

لذلك فإن أشعياء النبي كان يقول في هذا الإصحاح: “.. حتماً هو قد حمل أمراضنا وتحمل ألامنا”. ولكي تتأكد يقيناً من هذا الإيضاح، فلابد أن نستشهد بالمعيار السليم والمقياس الصحيح. ولا يوجد مقياس أصح من كلمة الله. يقول إنجيل متى 8: 16، 17 “لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا، وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا”.

لا يمكن لأشعياء 53: 4 أن يشير إلى أمراض نفسية، ولا يمكن لكلمتي أمراض وآلام أن تتعلق بأي أمراض روحية – كما يدَّعي البعض – سوى إلى الأمراض والعلل الجسدية فقط. فهذا يتضح بصورة قاطعة في إنجيل متى 8: 16-17 “وَعِنْدَ حُلُولِ الْمَسَاءِ، أَحْضَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ كَثِيرِينَ مِنَ الْمَسْكُونِينَ بِالشَّيَاطِينِ. فَكَانَ يَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ. وَشَفَى الْمَرْضَى جَمِيعاً. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا، وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا”. حيث جاء هذا العدد تعليقاً على شفاء يسوع للأمراض الجسدية.

إنه تعليق أوحى به الروح القدس للبشير متى مقتبساً إياه من العدد الرابع لأشعياء 53. فهو يؤكد بصراحة أن أشعياء كان يقصد العلل والأسقام الجسدية. لذلك لابد وأن نستخدم كلمتي أسقام وأمراض عندما نقرأ أشعياء 53: 3. فذات الروح القدس الذي تكلم بهذا العدد من خلال أشعياء النبي استشهد به أيضاً في إنجيل متى كتفسير لشفاء يسوع للأمراض والأسقام الجسدية استناداً على الكفارة. وكل مَن يحاول أن يزعم غير هذا التفسير فإنه بذلك يتهم الروح القدس أنه أخطأ في استشهاد ما سبق وأن أوحى به بالفعل.

أشعياء 53: 3-7

3 مُحْتَقَرٌ وَمَنْبُوذٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ آلاَمٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ، مَخْذُولٌ كَمَنْ حَجَبَ النَّاسُ عَنْهُ وُجُوهَهُمْ فَلَمْ نَأْبَهْ لَهُ.

4 لَكِنَّهُ حَمَلَ أَحْزَانَنَا وَتَحَمَّلَ أَوْجَاعَنَا، وَنَحْنُ حَسِبْنَا أَنَّ الرَّبَّ قَدْ عَاقَبَهُ وَأَذَلَّهُ،

5 إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مَجْرُوحاً مِنْ أَجْلِ آثَامِنَا وَمَسْحُوقاً مِنْ أَجْلِ مَعَاصِينَا، حَلَّ بِهِ تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا، وَبِجِرَاحِهِ بَرِئْنَا.

6 كُلُّنَا كَغَنَمٍ شَرَدْنَا مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى سَبِيلِهِ، فَأَثْقَلَ الرَّبُّ كَاهِلَهُ بِإِثْمِ جَمِيعِنَا.

7 ظُلِمَ وَأُذِلَّ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ، بَلْ كَشَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.

والآن سوف استشهد بتلك الأعداد السابقة من ترجمة الدكتور يونج Young معلَّم اللغة اليونانية والعبرية للكتاب المقدس.

3 محتقر ومتروك من الناس، رجل آلام (عبري ماكوب Makob) ومختبر ومتذوق للمرض (عبري كولاي Choli) وكمَن يخبأ وجهه عنا. محتقر ونحن لم نقدَّره.

4 حتماً قد حمل أمراضنا (عبري كولاي Choli) وآلامنا (عبري ماكوب Makob) قد تحملها، ونحن حسبناه مصاباً ومضروباً بمرض ووباء (كمَن حلت عليه كارثة)، مسحوقاً من الله ومُبتلى.

5 لكنه طُعن وتعب لأجل آثامنا. مسحوق من أجل معاصينا. تأديب سلامنا (عبري شالوم وتعني صحة، ازدهار، كمال، أمان، راحة، رخاء) عليه وبجراحه صار الشفاء متاحاً لنا.

6 كنا جميعاً نشبه الغنم الضالة. كل واحد اتجه إلى طريقه لكن يهوه وضع تأديبنا عليه، وقد سُّر بأن يسحقه ويجعله مريضاً (عبري كولاي Choli) لأنه جعل نفسه ذبيحة إثم. فيرى نسلاً يزيد أيامه ويطيلها.

7 قد أُحصى مع مذنبين وهو قد حمل خطية الكثيرين وتشفع لأجل الآثمة.

يذكر الدكتـور “اسحـق ليزيـد” المتـرجـم القديـر للكتـاب المقـدس مـن الـلغة العبـرية إلى الإنجليزية يقول لذات الأعداد:

3 قد اُحتقر ورُفض من البشر. إنه رجل الآلام ومتذوق المرض.

4 لكن أمراضنا قد حملها بنفسه وآلامنا قد تحملها.

5 ومن خلال جراحاته منح لنا الشفاء.

10 لكن الرب سُّر بأن يسحقه من خلال المرض.

إن الأصل العبري لكلمة “يحمل” في العدد الرابع عشر هو “ناسا Nasa” وتعني: “يرفع – يحمل بعيداً – ينقل إلى مكان بعيد”. لقد اُستخدمت هذه الكلمة في سفر اللاويين بالارتباط بتيس عزازيل الذي كان يحمل خطايا الشعب: “فَيَحْمِلُ التَّيْسُ ذُنُوبَ الشَّعْبِ كُلَّهَا إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، وَهُنَاكَ يُطْلِقُهُ فِي الصَّحْرَاءِ” (لاويين 16: 22).

لقد حمل يسوع أمراضنا وأسقامنا بعيداً “خارج المحلة” إلى الصليب. فانتقلت الخطية والمرض منا إلى الصليب ونلنا من هناك الخلاص والصحة.

أشعياء 53: 4، 11، 12

4 لَكِنَّهُ حَمَلَ أَحْزَانَنَا (أمراضنا) وَتَحَمَّلَ أَوْجَاعَنَا (آلامنا)..

11 .. وَعَبْدِي الْبَارُّ يُبَرِّرُ بِمَعْرِفَتِهِ كَثِيرِينَ وَيَحْمِلُ (سابال sabal) آثَامَهُمْ

12 وَهُوَ حَمَلَ (ناسا nasa) خَطِيئَةَ كَثِيرِينَ، وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.

إن الأصل العبري لكلمتي “يحمل ويتحمل” المذكورتين في العدد الرابع هما ناسا Nasa، سابال sabal وهما ذات الكلمتين المستخدمتين في العددين الحادي والثاني عشر في ارتباط بحمل يسوع لخطايانا وآثامنا. وكلتا الكلمتين تشيران إلى حمل ثقيل ويُمثلان استبدال فعلي وإزالة كاملة للشيء المحمول من شخص إلى آخر. فعندما حمل يسوع خطايانا وأمراضنا وآلامنا حملهم بعيداً وأزالهم.

عند هذه النقطة أود أن اقتبس فقرة من كتاب “يسوع شافينا” للكاتب د. س. ستيفن. فهو يقول،

“إن نبـوة أشعيـاء تضع الشفاء الجسدي باعتباره جزء تام لكفارة يسوع

المسيح. والآن بغض النظر عن معنى كلمتي ناسا وسابال، فإن الأصل العبري لكل منهما قد اُستخدم مع كلمة الخطية (ع 11، 12) ومع المرض أيضاً بالضبط (ع 4). أي أن معنى ‘يحمل الخطية’ يعادل تماماً عبارة ‘يحمل المرض’. وأي انتقاص من معنى أو مدلول أحداهما ينقص من مدلول الأخرى.

إن مدلول هذين الفعلين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل الكفاري والبديلي- ليس في نبوة أشعياء وحسب- بل في كل الكتاب المقدس أيضاً”.

اقتباس من وحى الروح القدس

لقد اقتبس البشير متى من سفر أشعياء 53: 4 ليكتب بوحي الروح القدس بكل أمانة قائلاً، “لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا، وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا” (متى 8: 17). فإنجيل متى يذكر ما كان يسوع سوف يحمله من كافة أنواع الأمراض والعلل الجسدية ليتمم ما تنبأ به عنه في سفر أشعياء.

اعتقاد خاطئ

كتب أحد النقَّاد قائلاً، “إن متى 8: 17 لا يمكن أن يشير إلى الكفارة لأن المسيح لم يكن قد صُلب بعد. وهذا يعني أن المسيح قد عاش ‘حياة كفارية مستمرة’”.

بالطبع هذا اعتقاد خاطئ، لأن المسيح هو حمل الله المذبوح منذ تأسيس العالم. فيسوع لم يشفى الأمراض قبل الجلجثة وحسب، لكنه أيضاً غفر الخطايا. وقد فعل ذلك استناداً على الكفارة التي كان سيقدمها في المستقبل.

كتب شخص آخر عن ذات الموضوع يجادل في حقيقة أنه عندما شفى يسوع المرضى في إنجيل متى تتميماً لنبوة أشعياء فهذا يبرهن على أن يسوع لم يحمل أمراضنا على الصليب. فهو لم ينتظر حتى يُصلب لكي يشفي المرضى بعد ذلك. وهذا يؤكد على أن الشفاء لم يكن متضمناً في الكفارة. بل حمل الأمراض بينما كان يعيش في مدينة كفر ناحوم..”

لأجيب علـى هـذا الزعـم، فإننـي أطـرح هـذا السـؤال: هـل حمـل يسـوع آثامنـا بينمـا كـان يعيش في كفر ناحوم أم على الصليب؟ لقد غفر يسوع خطايا كثيرين وكما شفى المرضى استناداً على عمل الفداء الأتي. لأنه “بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ”.

لذلك يمكننا أن نرى في العددين الرابع والخامس لسفر أشعياء أن يسوع قد مات لأجل:

• أمراضنا
• آلامنا
• آثامنا
• معاصينا
• سلامنا (ازدهارنا، صحتنا، كمالنا، أماننا، راحتنا، رخائنا)
• شفائنا لأن “بِجِرَاحِهِ هُوَ تَمَّ لَكُمُ الشِّفَاءُ “.

سنخفق في تفسير كلمة الله إن استثنينا أنفسنا من إحدى هذه البركات.

فإن كان المسيح – كما يعتقد البعض –بعد صعوده وارتفاعه إلى يمين الآب لا يريد أن يشفى مخالفاً ما كان يفعله أثناء تجسده، فيكون بهذا قد كسر وعده الموجود في يوحنا 14: 12-14:

“.. إنَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا، بَلْ يَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي. فَأَيُّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَهُ بِاسْمِي أَفْعَلُهُ لَكُمْ، لِيَتَمَجَّدَ الآبُ فِي الاِبْنِ” وبهذا لن يعد يسوع “أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ..”.

إن حقيقة احتواء الكفارة على الشفاء يؤكد على ضرورة استئناف خدمة يسوع للشفاء حتى بعد صعوده وارتفاعه عن يمين الآب. فعمل الفداء الذي صنعه يشمل جميع سكان الأرض في كل وقت منذ يوم صعوده عن يمين الآب وحتى الآن. لذلك أعطانا الوعد السابق لنفعل ذات الأعمال التي عملها هنا على الأرض، بل وأعظم منها لأنه جالس عن يمين الآب. وطالما يحرص المؤمنون أن يكونوا تحت مسحة الروح القدس، فذات الأعمال ستستمر في الحدوث.

يخبرنا الرسول بولس أن الله قـد جعـل يسـوع خطيـة لأجلنـا حتـى نصيـر نحـن بـر الله..

كذلك أيضاً يخبرنا الكتاب في سفر أشعياء أن الله قد وضع تأديبنا على يسوع وقد سُّر بأن يسحقه ويجعله مريضاً.. (لأجل خاصته).

يقول الرسول بطرس أن يسوع قد حمل خطايانا في جسده على الخشبة.. تأكيداً لنبوة أشعياء بأن يسوع قد حمل أمراضنا وتحمل أوجاعنا. تقول ترجمة أخرى لهذا العدد: “لكن أمراضنا الشخصية قد حملها..”. لم يحمل يسوع أمراضه الشخصية، لأنه كان صحيحاً. إنما كانت أمراضنا نحن هي التي حملها.

“قد وضع الرب عليه تأديب جميعنا”

تساءل أحدهم: ما هو تأديب الخطية المقصود به هنا”. هناك عواقب كثيرة للخطية، فجزء منها هو ما تسببه من مشاكل نفسية وجسدية كالشعور بالدينونة والذنب والقلق والإضراب والضيق والحزن، وما يؤدى إلى الأمراض المتكررة. لكن مجداً للرب، لأن كل نتائج وعواقب الخطية –بما تتضمنه من عواقب نفسية وجسدية- قد مُحيت وأُزيلت من خلال كفارة يسوع العظيمة.

لكن على أي أساس نستطيع أن نقول إن نتائج الخطية وعقابها قد رُفع للأبد؟ وفقاً لكلمات أشعياء النبي، فإن يهوه “قد جعله يتحمل عقاب وتأديب جميعنا”. وحيث أن المرض هو جزء من هذا العقاب، لذلك فأنه وفقاً لكلمة الله نستطيع أن نعلن أن المرض كان مُتضمناً في الكفارة.

ثم يكمل ذات الشخص قائلاً، “وهل يصح أن الله يحرر من كل عقاب وجزاء وتأديب للخطية عدا عقاب واحد وهو المرض – الذي يمسك بالفرد حتى النهاية المُرة؟ بالطبع لا. فإشعياء يؤكد أن الله قد وضع عقابنا بالكامل على يسوع – حتى يتمم المسيح فدائنا كاملاً دون أن ينقصه شيء”.

إن الصليب هو العلاج الأمثل لكيان الإنسان الثلاثي

لقد ذهب يسوع بروحه ونفسه وجسده للصليب ليفتدي روح ونفس وجسد الإنسان. لذلك فإن الصليب هو الأساس لخطة خلاص الإنسان الأبدية روحاً ونفساً وجسداً.

لذلك فإن كل أشكال وأنواع الأمراض والأسقام التي يمكن أن تخطر على بال الإنسان أو حتى التي لا يعرفها قد صارت متُضمنة في خطة الفداء (قد سُرد كثير من تلك الأمراض ضمن لعنة الناموس المذكورة في سفر التثنية 28: 15-62 وباقي الشواهد الأخرى).

لكننا نجد في رسالة غلاطية إصحاح 3: 13 نور وأمل جديد عندما تعلن كلمة الله أن “الْمَسِيحَ حَرَّرَنَا بِالْفِدَاءِ مِنْ لَعْنَةِ الشَّرِيعَةِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً عِوَضاً عَنَّا، لأَنَّهُ قَدْ كُتِبَ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ”. أي إعلان أكثر وضوحاً من قول الكتاب أن يسوع، الذي وُلد تحت الناموس ليفتدينا منه، قد حمل لعنته حتى يطلقنا من كل أشكال الأمراض والأسقام؟ ففي رسالة غلاطية نرى فداء يسوع لنا من لعنة الناموس من خلال صليب الجلجثة.

بمعنى آخر، قد افتدانا من جميع الأمراض المذكورة في سفر التثنية مثل: السل (الالتهاب الرئوي)، والحمى، والالتهابات، والأورام، والجرب، والحساسية والحكة، والعمى، والجنون، والأوبئة والفيروسات، .. وكل مرض ووباء لم يُذكر في هذا الكتاب من سرطان، وحصبة، وأنفلونزا وكل الأمراض المعاصرة. فإن كان المسيح قد افتدانا من لعنة الناموس فهذا يعنى أنه افتدانا من كل الأمراض.

قد صنع يسوع فداءاً كاملاً في الجلجثة

قد افتدانا يسوع من اللعنة الكاملة على أرواحنا ونفوسنا وأجسادنا من خلال الكفارة التي صنعها. وحيث أن المرض جزء من اللعنة، فكيف يمكن لله –من خلال يسوع- أن يشفى أي مريض (أي يرفع صورة من صور اللعنة) دون أن يفدى الإنسان في الأصل من لعنة الناموس؟ وكيف يمكن لله أن يبررنا (أي يخرجنا من تحت لعنة الخطية) في ذات الوقت الذي يسمح لنا أن نبقى تحت صورة من صور اللعنة (المرض)؟

يقول بولس الرسول، “لَنْ يَكُونَ لِلْخَطِيئَةِ سِيَادَةٌ عَلَيْكُمْ، إِذْ لَسْتُمْ خَاضِعِينَ لِلشَّرِيعَةِ بَلْ لِلنِّعْمَةِ” (رومية 6: 14). بمعنى آخر، لماذا يمكن للفرد أن يمكث تحت لعنة الناموس (المرض) في الوقت الذي تحرر فيه من الوجه الآخر لتك اللعنة (الخطية)؟ إن حدث ذلك فإنه يشبه التحفظ على إنسان في السجن لمدى الحياة – بعدما حُكم ببراءته وأسقطت عدالة المحكمة التهمة المُنسبة إليه!

يحاجج بولس في رسالة رومية الإصحاح الثالث قائلاً، “.. فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَارٌّ وَأَنَّهُ يُبَرِّرُ مَنْ لَهُ الإِيمَانُ بِيَسُوعَ”. لكي يكون الله عادلاً، فإنه يبرئ كل مَن يؤمن بيسوع. بمعنى آخر، بدون كفارة يسوع لأصبح الله غير عادلاً بتبرئته للخاطئ. هكذا الحال أيضاً، سيصبح الله غير عادل إن شفى مريض دون أن يكفَّر عن مرضه أولاً.

إن حادثة شفاء يسوع لجميع المرضى هي أفضل برهان على أن الشفاء حق متضمن في الكفارة. فإن لم يكن الشفاء متاحاً للجميع في الفداء فكيف يمكن للجموع الكثيرة أن تنال شيئاً لم يجعله الله متاحاً؟ لكن يسوع “شَفَى الْمَرْضَى جَمِيعاً“.

سؤال هام!

إن لم يكن “جسد الإنسان” متُضمنا في الفداء، فكيف سيكون هناك قيامة للأجساد؟ وكيف يمكن “لهَذَا الْفَاسِدَ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ وَهَذَا الْمَائِتَ عَدَمَ مَوْتٍ؟” فعلى أي أساس سوف يغير الله أجسادنا- ما لم يكن قد شمل أجسادنا في فداء الجلجثة؟ وإن لم نكن قد اُفتدينا من الأمراض، أفلا نصبح بذلك عرُضة للأمراض في السماء إن كانت هناك قيامة بغض النظر عن الفداء؟

لكن كما قال أحد الخدام البارزين، “إن كان المؤمن سوف يذهب للسماء بروحه وجسده، لذلك فإن فدائه كان لابد وأن يشمل روحه وجسده أيضاً”.

والآن نطرح سؤال هام: لماذا لم يأخذ “آدم الأخير” كل ما جلبه “آدم الأول”؟ لماذا ترك لنا مثل تلك البركات (الأمراض) لنتعامل معها بأنفسنا؟

لكي نجيب على هذا التساؤل سوف نعقد بعض المقارنات الكتابية:

استقبال الشفاء بالإيمان

أريد أن أذكر الآن حادثة واحدة من بين آلاف الاختبارات عن أولئك المتألمين الذين نالوا الشفاء بينما كانوا يصغون لهذه العظات عن موضوع الكفارة. لقد تولد لديهم إيمان لأجل الشفاء حتى قبل أن يمسحهم أحد بزيت.

عندما كانت السيدة كلارا في الثامنة من عمرها أصابها سعال شديد حتى أنه مزق عضلات عينها اليمنى، فسبب لها ذلك عمى كامل لعينها اليمنى. وكانت الأعصاب قد ماتت طوال تلك السنوات حتى أنها إن وضعت أصبعها في حدقة عينها لا تشعر بأي ألم. كما أضافت أيضاً أنه حتى في الأيام المُتربة، لم تكن ذرات التراب تسبب لها أي ألم.

وبينما كانت تصغي لأحدى هذه العظات عن الفداء في نهضة كنتُ قد أقمتها في أوهايو. قالت في نفسها، “إن كان هذا الكلام صحيح، ولأن الكتاب المقدس يقول ذلك، فإني متيقنة من استعادة البصر لعيني اليمنى هذه الليلة عندما أتقدم إلى المنبر- مثلما حدث عندما نلت الخلاص بمجرد أن تقدمت إلى المنبر أثناء إحدى النهضات الإنجيلية منذ عدة سنوات مضت”.

تقـدمت هـذه الفتـاة، وبينمـا كنـا نصـلى طلبـت مـن الـرب أن يشفيهـا. وقبـل أن نمسحها

بالزيت، ابتدأت تبكي. ثم تراجعت للوراء وألقت نفسها بين زراعي والدها. فتعجب الحضور لأنها تركت المنبر قبل أن تُمسح بزيت.

سألها والدها، “ما الأمر يا ابنتي؟”

أجابت، “إنها عيني”.

قال، “هل تؤلمك؟”

أجابت، “كلا، إنما عادت صحيحة تماماً”.

بعد مرور عدة أشهر، وبينما كنا نعقد نهضة في ميسوري، تقابلت مع هذه السيدة وزوجها. كانا يحضران مدرسة للكتاب المقدس وكانا يعدان أنفسهما لخدمة السيد. كان زوجها ممتن جداً لله لأنه شفى زوجته.

تقريباً وشبه يومياً، أثناء النهضات التي كنا نعقدها، كانت الاختبارات تتوالى علينا من أولئك الذين شُفوا بينما كانوا جالسين يصغون إلى رسالة الإنجيل.

ماذا قال رجال الله الأفاضل

إن هذه الحقائق السامية عن كلمة الله ليست شيئاً جديداً، إنما كان هناك كثيرون من رجال الله العظماء الذين علَّموا عن هذه الحقائق من قبل. لذلك أود أن أضيف القليل من كلمات هؤلاء الرجال الأفاضل.

يكتب الدكتور تورني في كتابه “الشفاء الإلهي”:

‘إن موت يسوع المسيح الكفاري لم يضمن لنا شفاءً جسدياً وحسب، لكن قيامة وتمجيد لأجسادنا.. فإنجيل يسوع يعلن الخلاص لجسد الإنسان مثل روحه تماماً. وكما يحصل الفرد على باكورة خلاصه الروحي في هذه الحياة من سلام وفرح. هكذا يحصل أيضاً على باكورة خلاصه وفدائه الجسدي (الذي هو أجساد مُمجدة) في هذه الحياة –والآن- من شفاء جسدي.

لذلك فإنه ينبغي على المؤمنين الناضجين أن يصلوا لأجل الآخرين لينالوا الشفاء’.

يكتب القس ستانتون مؤسس كنيسة جماعة الله المشيخية قائلاً،

‘لقد وضع الرب على قلبي أن اُظهر لجسد المسيح أن كفارة يسوع تصلح للشفاء من الأمراض تماماً مثل التحرير من الخطية. فهذا العمل الكفاري المكتمل قد ضمن تحقيق كل من البركتين. حتى أننا نستطيع أن نمارس إيماننا لننال كل منها. لدينا الحق لأن نؤمن بالشفاء لأجل أجسادنا المريضة مثلما فعلنا يوم آمنا بالميلاد الجديد لخلاص أرواحنا. فكلا البركتين تستندان على ذات الأساس.

فذبيحة المسيح الكفارية تسدد الاحتياجات الجسدية للجنس البشرى تماماً مثل الاحتياجات الروحية. لذلك فإن الشفاء الجسدي ليس “موضوعاً هامشياً” مثلما يستعرضه البعض.

فإن زعمنا ذلك، فلنعتبر أن خلاص الخاطئ موضوعاً هامشياً. فكلاهما جزئيين من ذات الإنجيل يستندان بالتساوي على أساس الكفارة العظيم..

إن شفاء الجسد عنصر هام من رسالة الإنجيل ولابد أن يُكرز به ويُنادى به في كل مكان. فالله يشتاق أن نكون أصحاء جسدياً. ويريد لكنيسته -جسد المسيح- أن تكون لها نفس الإرسالية وذات القوة التي كانت للرأس “يسوع” بينما كان هنا على الأرض. فيصبح بإمكاننا أن نقدم لهذا العالم الخاطئ المتألم الإنجيل الكامل للخلاص من الخطية ومن توابعها المحتومة’.

يقول القس شارلز نريت مؤسس الكنيسة الأسقفية:

‘مَن يطيح بقوة المسيح الشافية ويحصرها في زمن الكنيسة المبتدئة وحسب لا يكرز بالإنجيل الكامل. فالله -كان ولا يزال وسيظل- يشفى الجسد ويخلَّص الروح’.

يقول جيمس موور:

‘إن الكنيسـة الحيـة هـي تـلك الجمـاعة مـن المـؤمنيـن التـي يتحـرك في

وسطها المسيح الحي ويعمل من خلال أعضائها ما كان يفعله منذ ألفي عام عندما كان بالجسد. لذلك لابد وأن تكون كنيسة تقدم الشفاء الجسدي تماماً مثل الخلاص الأبدي.

لقد ابتدأ أشعياء النبي الإصحاح الثالث والخمسين بهذا التساؤل، “مَنْ آمَنَ بِكَلاَمِنَا، وَلِمَنْ ظَهَرَتْ يَدُ الرَّبِّ؟” ثم مضى ليخبر كيف أن يسوع حمل عنا خطايانا وأمراضنا. وستظل الإجابة لهذا التساؤل: “مَنْ آمَنَ بِكَلاَمِنَا” تقتصر على أولئك وحدهم الذين يسمعون رسالة الإنجيل الكاملة ويصدقونها ويؤمنون بها، لأن الإيمان يأتي بالسماع.

إن الهدف من هذا الفصل هو إثبات أن الشفاء الجسدي هو عطية مقُدمة في الكفارة وهو جزء من الإنجيل الذي أوصانا يسوع أن نكرز به:

لكل العالم

لكل الأمم

لكل الخليقة

وبكل قوة

وطوال كل الأيام

وحتى انقضاء الدهر

تذكر

– إن الفداء الذي صنعه يسوع لم يقتصر على معالجة مشكلة الخطية وحسب، إنما عالج أيضاً النتائج والعواقب المترتبة عليها من أمراض وأوجاع ولعنات..

-كل ما فقده آدم نتيجة السقوط قد أعاده لنا يسوع بالكامل من خلال الفداء الذي صنعه بنفسه. وأصبح بإمكان كل شخص أن “يرجع إلى مالكه”.

-إن كان شعب الله في القديم قد نال الشفاء من خلال رموز ونمازج الكفارة، أفليس بالأولى جداً أن نحصل نحن –أفراد عائلة الله- على الشفاء من خلال الرمز الحقيقي –يسوع المسيح؟

-من خلال لقب الفداء “يهوة رافا” قد جعل الله الشفاء جزءًا لا يتجزأ من طبيعته التي لا تقبل التغيير. وبهذا لم يعد الشفاء وعداً بل حق شرعي لكل ابن وبنت لله.

-وفقاً لأشعياء 53 فإن الشفاء الجسدي يحتل ذات المرتبة مع الخلاص من الخطية، لأن يسوع قد حمل كلاً منهما.

-لقد شفى يسوع جميع المرضى استناداً على الكفارة التي كان سيقدمها بنفسه. والآن بعد أن أتمها وجلس عن يمين الآب، صار لنا الحق أن ننال الشفاء من جميع الأمراض.

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.