القائمة إغلاق

هل الشفاء للجميع؟ Is Healing for All?

هل لا تزال مشيئة الله – كما كانت في الماضي – أن يشفى جميع الذين يحتاجون إلى الشفاء مكملاً عدد أيامهم؟

“حقاً يوجد شفاء جسدي ولا يزال الله يشفي، لكن مَن هو سعيد الحظ هذا الذي ينال هذه البركة ويتمتع بما يشتاق إليه الملايين. لا أحد يعلم، الله وحده يعلم.. إنه يتحرك بطرق غامضة.. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء.. مَن أنت لتعرف فكر الله.. سواء كان الشفاء لك أم لا فجميع الأشياء تعمل معاً للخير.. سلَّم الأمر بين يديه واسترح.. فإن كانت مشيئته أن يشفيك، فسوف يفعل ذلك. وإن لم، فلتكن مشيئته..”.

يستحيل أن نعلن إيماننا عن بركة لسنا متيقنين أن الله يقدمها للجميع بالتساوي. وإن أعظم عائق يوقف إيمان أولئك الذين يطلبون الشفاء الجسدي اليوم هو ترددهم وعدم يقينهم من مشيئة الله نحو شفائهم جميعاً. فالكل يعرف تقريباً أن الله يشفى البعض حقاً. لكن هناك الكثير من التعاليم اللاهوتية المعاصرة التي تحرم المؤمنين من معرفة ما يقوله الكتاب المقدس عن هذا الأمر… ألا وهو أن الشفاء الجسدي متاح لجميع الذين يطلبونه.

لكن بمجرد أن نكتشف مشيئة الله ونعرف الحق فسوف تتدفق في كياننا قوة الله الشافية في أجسادنا في الحال. وعندما ندرك أن الله ليس لديه محاباة ولا يجامل أحد على حساب الآخر، فحينئذِ ستتغير أوضاعنا وسيتبدل حالنا.

ذات الأمر ينطبق على الخلاص؛ يستحيل على الخاطئ أن يؤمن لينال البر قبل أن يقتنع تماماً بأن مشيئة الله نحوه هي أن يخلص. فالإيمان يبدأ عندما تُعرف مشيئة الله عن الأمر. لذلك فإن كان هناك مَن ينادون اليوم بأن الله يريد أن يشفى بعضاً ممَن يحتاجون للشفاء، فلن يرتفع إيمان أحد فوق هذه المعرفة. وعلى كل شخص مريض أن ينال إعلاناً خاصاً بأنه من أولئك “سعيدي الحظ” الذين يريد الله لهم الشفاء. وفقاً لهذا المبدأ، فإن إيمان المرء يستند على سراب يُدعى “مشيئة الله” التي لا يعلمها أحد.

إن الإيمان السليم هو أن تؤمن- ليس بأن الله يستطيع أن يشفى – بل يريد أن يشفى. وبسبب عدم معرفتنا بأن امتيازات فدائنا صارت متاحة لنا جميعاً (وليس للبعض وحسب)، لذلك تجد معظم المرضى اليوم عندما يسعون إلى الشفاء يبنون صلاتهم على العبارة المدمرة للإيمان: “.. إن كانت مشيئتك”.

تصحيح الإيمان

لا نقرأ عن شخص واحد من جميع الذين طلبوا الشفاء من يسوع أثناء خدمته الأرضية إنه كان لديه مثل هذا الإيمان الخاطئ. فعندما سأل الرجل الأبرص يسوع قائلاً، “إِنْ أَرَدْتَ، فَأَنْتَ تَقْدِرُ.. “. كان أول شيء فعله يسوع هو أنه صحح إيمانه فقال، “إِنِّي أُرِيدُ..”.

إن أجابه يسوع بـ “إني أريد” نفت شكوك هذا المريض التي ظهرت في لغته: “إن أردت..”. فهذا الجواب أضاف إلى إيمانه مشيئة الرب يسوع وأرادته تجاه شفائه. في الحقيقة، لم يستطع يسوع أن يفعل شيئاً مع هذا الأبرص قبل أن يدرك ويؤمن أن الله الآب يستطيع أن يشفيه وهو يريد ذلك.

إن إيمـان هـذا الأبـرص – قبـل أن يستنيـر – هـو إيمـان شائـع بيـن المؤمنيـن فـي جسـد المسيح حول العالم. لأنه قليلون جداً الذين يتكلمون عن هذا الجـزء مـن الإنجيـل وأقـل منهـم

ما يكرزون عن الشفاء الإلهي.

لقد رأينا من الشواهد السابقة تأكيد مشيئة الله ليشفى جميع الذين يحتاجون إلى الشفاء حتى يكمل عدد أيامهم وفقاً لوعده.

والآن ربما يتساءل أحدهم، “إن كان الشفاء للجميع، فلن يموت أحد أبداً”.

كيف؟ إن الشفاء الإلهي لا يتخطى وعد الله. فهو لم يعدنا بأننا سنعيش للأبد ولن نموت. بل قال: “أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكُمْ أُبَارِكُ طَعَامَكَ وَشَرَابَكَ وَأُزِيلُ الأَمْرَاضَ مِنْ بَيْنِكُم، فَلاَ تَكُونُ مُجْهِضَةٌ وَلاَ عَاقِرٌ فِي أَرْضِكَ وَأُمَتِّعُكَ بِكَامِلِ عُمْرِكَ (خروج 23: 25)، “أَيَّامُ سِنِينَا هِيَ سَبْعُونَ سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْقُوَّةِ فَثَمَانُونَ سَنَةً(مزمور90: 10)، “مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُه” (مزمور 91: 16)، “يَا رَبُّ.. لاَ تَقْصِفْنِي فِي مُنْتَصَفِ عُمْرِي، قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَ الشَّيْخُوخَةَ(مزمور 102: 24)، “لاَ تَكُنْ شِرِّيراً كَثِيراً وَلاَ تَكُنْ جَاهِلاً. لِمَاذَا تَمُوتُ فِي غَيْرِ وَقْتِكَ؟(جامعة 7: 17)، “أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ» هَذِهِ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِوَعْدٍ لِكَيْ تُلاَقِيَ الْخَيْرَ وَيَطُولَ عُمْرُكَ عَلَى الأَرْضِ!” (أفسس 6: 2).

عندئذٍ سوف تتساءل، “كيف إذاً سيموت المؤمن؟” دعونا نرى من كلمة الله الإجابة عن هذا السؤال: “وَهَذِهِ أيَّامُ سِنِي حَيَاةِ إبْرَاهِيمَ الَّتِي عَاشَهَا: مِئَةٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً. وَاسْلَمَ إبْرَاهِيمُ رُوحَهُ وَمَاتَ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ شَيْخا وَشَبْعَانَ أيَّاما وَانْضَمَّ إلَى قَوْمِهِ” (تكوين 25: 7، 8)، “وَلَمَّا فَرَغَ يَعْقُوبُ مِنْ تَوْصِيَةِ أَبْنَائِهِ تَمَدَّدَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَضَمَّ رِجْلَيْهِ مَعاً، ثُمَّ أَسْلَمَ رُوحَهُ وَلَحِقَ بِآبَائِهِ (تكوين 49: 33)، “وَأَمَّا أَنَا، فَهَا إِنَّ حَيَاتِي بَدَأَتْ تُسْكَبُ سَكِيباً، وَمَوْعِدُ رَحِيلِي قَدِ اقْتَرَبَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، قَدْ بَلَغْتُ نِهَايَةَ الشَّوْطِ، قَدْ حَافَظْتُ عَلَى الإِيمَانِ ” (2 تيموثاوس 4: 6، 7)، “لأَِنِّي أَعلَمُ أَنَّني سَأُغَادِرُ خَيْمَةَ جَسَدِي هَذِهِ قَرِيْبَاً كَمَا أَعلَنَ لِيَ رَبُّنا يَسُوْعُ” (2 يعقوب 1: 13).

لم يمت أي من هؤلاء القديسين بسرطان أو جلطة دماغية أو في حادثة أو ما شابه ذلك. فمن تلك الأمثلة السابقة نرى الطريقة الكتابية والتي يريدها الله لكل مؤمن أن يفارق بها جسده بعدما يكون قد شبع أياماً هنا على الأرض وأكمل خطة الله لحياته.

يكتب القس جافن دوفي عن هذا الموضوع قائلاً،

“لقد وضع الله للإنسان أن يعيش إلى عمر الثمانين. وليس ذلك وحسب، بل وأن يعيش هذه السنوات بصحة جيدة. والآن أريد أن ألفت انتباهك إلى أن جميع الذين أقامهم يسوع من الموت كانوا شباباً صغاراً في السن لم يعيشوا أيامهم الكاملة على الأرض. ومن هنا يتضح لنا رفض يسوع للموت المبكر. وهذا يضع حداً للمزاعم التي انتشرت بسبب موت المؤمنين في عمر مبكر.

حتماً لا يجب أن نتوقع أن الشيوخ سيكونون شباباً جسدياً، لكنهم سيعيشون بصحة جيدة. وإن كان مقدار أيامنا لم يُكتمل بعد، فلنا الحق أن نؤمن بالله لأجل صحة إلهية ونكمل كل حياتنا هنا على الأرض في قوة.

‘يأتي الموت – ثم نلوم الله لأجله ونقول بانكسار، “لتكن مشيئتك”

لكن الله لا يرسل موتاً أو مرضاً أو كارثة أو مصيبة على أحد

فعندما نموت قبل وقتنا.. فهذا خطأنا نحن

إنه إله الحياة وليس إله الموت

إنه الإله الذي يهب الميلاد.. ولا يقصَّر حياة أي إنسان على سطح الأرض

وهو يشتاق أن نعيش في هذا العالم بكامل أيامنا

لذلك لا تلوم الله – فأخطائنا نحن هي التي تجلب دموعنا’”.

اقرأ المشيئة واعرف

كثير من الملوك والأغنياء يكتبون وصية قبل موتهم يعلنون فيها عن مشيئتهم عما يريدون أن يحدث بعد وفاتهم. فهذه الوصية تعلن عن مشيئتهم ورغبتهم التي يريدون تحقيقها بعد موتهم.

قالت لي أحدي السيدات، “لقد مات زوجي وكان غنياً جداً. لا أعلم ماذا ترك لي من ميراث. فهل يمكنك أن تساعدني…؟”

أجبتها، “ألم يكتب وصية قبل موته؟”. فأجابت، “لا”. من المؤسف أن هذا الزوج لم يكتب شيئاً يخبر فيه عن ثروته. فمات ولم يعلم أحد شيئاً عما كان يمتلكه.

 لذلك إن أردنا أن نعرف مشيئة الله الآب عن أي موضوع فعلينا أن نقرأ الوصية التي تركها يسوع قبل موته وقيامته. وهذه الوصية نجدها في الكلمة المقدسة.

إن كلمة عهد تعنى في الشريعة “وصية الإنسان”. إن العهد الجديد هو مشيئة الله ووصيته النهائية التي وهبنا فيها كل بركات الفداء التي تحققت بموت يسوع. وحيث أن العهد الجديد هو “وصيته الأخيرة والنهائية”، لذلك فإن أي شيء يأتي بعده هو مزيف وغير حقيقي. لأنه لا يكتب أحد أبداً وصية جديدة بعد موته. فإن كان الشفاء الجسدي هو مشيئة الله للجميع –وهذا يتضح من سجل العهد الجديد- فعندئذٍ ليقول أحد أن عصر المعجزات قد انتهى فهو يعلن شيئاً يخالف حق كلمة الله بالتمام… ويؤكد أن مشيئته ووصيته لم تعد سارية بعد موته.

لم يضع يسوع وصيته ثم مات بعدها وحسب، لكنه قام مجدداً وجلس عن يمين الآب وصار وسيطاً لهذا العهد أو الوصية (الوسيط هو الشخص الذي ينفذ بنود الوصية). لقد صار يسوع محامٍ يضمن لنا تنفيذ هذه الوصية والتي لن يستثنى أحداً منها أو يحذف اسمه – كما يفعل بعض المحامين الأرضيين. إنما هو ممُثل لنا عن يمين الله الآب.

والآن دعونا نتحول عن التعاليم التقليدية المعاصرة ونتوجه إلى كلمة الله – التي هي إعلان عن مشيئة الله. نجد في الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج صورة لفدائنا. فكل ما كُتب في العهد القديم قد كُتب لتوجيهنا. بمجرد أن عبر شعب إسرائيل البحر الأحمر أعطى الله أول وعد لشعبه بالشفاء. كان هذا الوعد مُقدماً للجميع – وليس لبعض منهم وحسب. وما يؤكد ذلك، أننا نقرأ في سفر المزامير تتميم هذا الوعد “.. وَلَمْ يَكُنْ فِي أَسْبَاطِهِمْ عَاثِرٌ (مريض أو عاجز)“. ففي هذا الإصحاح، أعطى الله وعده بالشفاء ثم أكده وختمه بأول ألقابه المتعلقة بالفداء “يهوه رافا” أنا هو الرب شافيك. هذه هي كلمة الله المُثبَّتة في السماء الغير قابلة للتغير أبداً. “إِلَى الأَبَدِ يَا رَبُّ كَلِمَتُكَ مُثَبَّتَةٌ فِي السَّمَاوَاتِ” (مزمور 119: 89).

مَن يجرؤ على تغيير وصية الله؟

لمَن يدعي أن امتياز الشفاء الجسدي ليس لشعب الله اليوم – كما كان في القديم- فهو يغير جوهر وطبيعة الله الذي أعلن عن نفسه “أنا هو يهوه الشافي” ويستبدله بـ “أنا كنتُ يهوه الشافي”. (إن الأصل العبري لمعنى كلمة ‘يهوه’ يعني: إني أنا هو (في صيغة المضارع المستمر).

ومن يجرؤ أن يغير أسماء الله الفدائية؟ فبدلاً من أن يتنازل يسوع عن كونه الطبيب الشافي، فإنه يظل “يسُوعُ الْمَسِيحُ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” لا يغير أسمائه الفدائية السبعة. فالبركات المصاحبة لأسمائه الفدائية صارت متاحة لنا من خلال الكفارة لأن يسوع قد ذاق الموت “لأجل كل واحد” وليس لإسرائيل وحدهم. لذلك، نستطيع أن نرى في الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج أنه منذ أكثر من 3500 عام مضت، والله لم يترك شعبه في حيرة بخصوص مشيئته نحو شفاء الجميع.

شعب لا يوجد به شخص واحد عليل!

لقد ظل جميع شعب إسرائيل يتمتعون بصحة إلهية مستمرة طالما حافظوا على كلمة الله ولم يحيدوا عنها. فبعد مرور عشرين سنة (سفر العدد 16: 46-50) وعندما أخطئوا، اهلك الوباء منهم 14.700 شخص. لكن عندما تابوا ورجعوا لوصايا الرب، أعلن لهم الله عن نفسه بأنه لا يزال “يهوه رافا”، ليس لبعض منهم وحسب – بل لجميعهم. ثم سادت الصحة الإلهية على الشعب مرة أخرى بدون انقطاع حتى مضت تسعة عشر عاماً آخرين. ثم تذمر بنو إسرائيل مرة أخرى وتكلموا ضد الله وضد موسى، فانطلقت عليهم الحيات السامة. لكنهم عادوا مرة أخرى لكلمة الله معترفين بخطئهم وتذكروا وعود الرب لهم، فجاءت كلمة الله إلى موسى قائلاً، “فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْنَعْ لَكَ حَيَّةً سَامَّةً وَارْفَعْهَا عَلَى عَمُودٍ، لِكَيْ يَلْتَفِتَ إِلَيْهَا كُلُّ مَنْ تَلْدَغُهُ حَيَّةٌ، فَيَحْيَا”. نرى في الحية النحاسية إشارة إلى الصليب.

كما يتضـح لنا من الكتاب المقدس أن مشيئة الله كانت شفاء – ليس بعضهم وحسب –بل جميعهم. كل مَن لُدغ بثعبان ونظر إلى الحية النحاسية كان يحيا. كانت هذه الحية رمزاً حرفياً لذبيحة يسوع على الجلجثة لأجلنا.

لقد أدرك داود في وقته بأن الشفاء يُعتبر امتيازاً عاماً يخص جميع شعب الله. فكتب في مزموره السادس والثمانون يقول، “لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَكَ”.

سنرى في الفصول التالية أن الشفاء الجسدي في الكتاب المقدس يُعتبر واحدة من مراحم الرب العظمى على مدار جميع الأجيال. ففي العهد الجديد نجد الوحي يربط بين المرض والرحمة لجميع أولئك الذين طلبوا الشفاء من يسوع. فرحمة الله كانت تشمل كيان الإنسان الجسدي والروحي أيضاً. لذلك اظهر يسوع عن نفسه وفقاً لمواعيد العهد القديم أنه غنى في الرحمة بشفائه -ليس للبعض وحسب – بل لجميع الذين جاءوا إليه.

كما نرى مرة أخرى في مزمور 103 أن داود أدرك أن رحمة الشفاء الجسدي هي امتياز عام مثل رحمة غفران الخطايا تماماً. لذلك نجده يدعو نفسه لكي تبارك الله “.. وَلاَ تَنْسَيْ جَمِيعَ خَيْرَاتِهِ”. ذات الصيغة التأكيدية التي استخدمها الكتاب مع الخطية قد استخدمها مع المرض أيضاً موضحاً أن الشفاء الجسدي في ذات المرتبة مع غفران الخطية. وذات الكلمة التي استخدمها ليصف جميع أنواع الخطايا: “الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ آثَامِكِ” هي ذات الكلمة التي اسُتخدمها هنا: “الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ “ ليشمل جميع أنواع الأمراض. فكما يغفر الله الآب جميع الخطايا لكل مَن يأتي إليه، هكذا أيضاً يشفي جميع الأمراض لأي ابن يأتي إليه.

يتكلم الكتاب في مزمور 91: 16 عن ذلك الشخص الذي يسكن “فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ” بأنه “مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ”. هل امتياز السكنى في حضور الله المقدس يخص بعض أولاد الله أم الجميع؟ بالطبع الجميع. وإن كان للكل، فالله إذاً يوعد كل أولاده بأنهم من طول الأيام يشبعون. وإن رفض الله أن يشفي بعضاً ممَن يلجئون إليه فإنه يخرق وعده بالشفاء.

لكن إن كانت بركة طوال الحياة متاحة لأولئك الذين كانوا يعيشون تحت ظل العهد المظلم، فحتماً ولابد وأن تكون متاحة لأولئك الذين يعيشون في عهد النعمة المنير. فقد اشتاق أنبياء العهد القديم و ” بَحَثُوا عَنْ هَذَا الْخَلاَصِ! “.

نستطيع أن نرى في الجلجثة تسديداً لكل احتياجات الإنسان روحاً ونفساً وجسداً. ففي إصحاح الفداء العظيم – الإصحاح الثالث والخمسين من سفر أشعياء نرى أن يسوع حمل أمراضنا مثل خطايانا تماماً. وهذا يجعل امتياز الغفران يكافئ امتياز الشفاء تماماً.

ما فعله يسوع مع أولئك الذين جاءوا إليه طلباً للشفاء أيام خدمته على الأرض قد استفادوا به وحدهم. لكن ما فعله يسوع في الجلجثة كان لجميع البشر في جميع العصور حتى يتمتعوا به عندما يؤمنون. لذلك يتضح من كل أمثلة العهد القديم السابقة أن مشيئة الله هي شفاء جميع الذين كانوا يسلكون وفقاً لنور كلمته. وفي كل مرة كان يتمتع أحدهم بغفران الخطايا كان يحصل على الشفاء الجسدي أيضاً.

ليت جميع أولئك الذين يعلَّمون الناس أن مشيئة الله بخصوص الشفاء لم تعد اليوم كما كانت قديماَّ، يجيبون على هذا السؤال: لماذا يسترد الله رحمته التي قدمها تحت ظل العهد القديم من هذا التدبير الأفضل وهذا العهد الأعظم؟ ألم يكن متوقعاً أن الله الذي “سَبَقَ فَأَعَدَّ لَنَا مَا هُوَ أَفْضَلُ، “ وهو “أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” يضمن استمرار هذه المراحم خلال ذلك التدبير الأفضل؟ لذا دعونا ننظر إلى العهد الجديد ونرى ذلك.

يسوع المسيح.. هو إعلان عن مشيئة الله

لا توجد طريقة نتأكد بها من الإجابة الصحيحة للسؤال السابق دون أن نقرأ الأناجيل، حيث إنها تسجل تعاليم وأعمال الرب يسوع منذ بداية خدمته حتى موته. لقد كان يسوع هو تعبير وإظهار عن مشيئة الله الآب، وكانت حياته هي إظهار وإعلان عن محبة ومشيئة الآب الغير متغيرة. فقد أكمل مشيئة الله بالتمام لأجل نسل آدم، “قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لاَ لأُتِمَّ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي” وكذلك، “الآبُ الْحَالُّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ أَعْمَالَهُ هَذِهِ”. فعندما شفى الجموع التي احتشدت حوله يوماً بعد الآخر، كان يتمم مشيئة الآب الذي أرسله. وعندما كان “يَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةً ” كان يعلن عن قصد الله تجاه شفاء أجسادنا.

ربما يعتبر تقرير معلمي الكنيسة الأسقفية واحداً من أكثر التقارير الهامة عن موضوع الشفاء الإلهي. فقد قالوا في تقريرهم، “إن شفاء يسوع للمرض هو إعلان عن مشيئة الله تجاه الإنسان. لذلك لا داعي أن تصلى الكنيسة فيما بعد لشفاء المرضى بهذه الكلمات المدمرة للإيمان ‘إن كانت مشيئتك’”.

إن الرسالة التي يسجلها الروح القدس في الأناجيل هي تلك التي تؤكد على خلاص الروح وشفاء الجسد لجميع الذين جاءوا إلى يسوع. فبعد موت وقيامة يسوع، وضع الله قانوناً أو نظاماً في الكنيسة لأي شخص مريض يستطيع عن طريقه أن ينال الشفاء. وهذا القانون ينص على الآتي: ” مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً، فَلْيَسْتَدْعِ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ لِيُصَلُّوا مِنْ أَجْلِهِ وَيَدْهُنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَالصَّلاَةُ الْمَرْفُوعَةُ بِاءِيمَانٍ تَشْفِي الْمَرِيضَ، إِذْ يُعِيدُ الرَّبُّ إِلَيْهِ الصِّحَّةَ. وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ بِسَبَبِ خَطِيئَةٍ مَا، يَغْفِرُهَا الرَّبُّ لَهُ” (يعقوب 5: 14، 15). إذاً نستطيع أن نفهم من الشاهد السابق أن أي مؤمن مريض يمكنه أن يلجأ لهذا الوعد طلباً للحصول على الشفاء

دون أي استثناء. فإن كان الله بذاته لم يضع أي استثناءات لهذا الوعد لماذا نضع نحن؟

لكن هناك مَن يقولون، “إنني أؤمن بالشفاء الإلهي، لكني لا أؤمن أنه مُقدم للجميع”. إن لم يكن للجميع، فكيف يمكننا أن نصلى صلاة الإيمان لكل شخص يحتاج للشفاء؟ نفترض أننا صلينا لأجل شخص كانت مشيئة الله له هي أن يُشفى، فلابد وأن نحصل على إعلان خاص من الروح القدس يؤكد لنا أننا نصلى للشخص المُعين للشفاء، وإلا فنحن نصلي للشخص الخطأ.. وإن لم تكن مشيئة الله هي شفاء الجميع وأنه يوجد أشخاص معينين لتلك البركة، فلن يستطيع أحد أن يجد في كلمة الله ما يؤكد له مشيئة الآب لأجل شفائه- حيث أن مشيئته غير مُعلنه للجميع. وهل نفهم من هؤلاء المعلَّمين إنه علينا إغلاق كتبنا المقدسة ونسعى لنحصل على إعلانات خاصة مباشرة من الروح القدس قبل أن نصلى لأجل المرضى- لأن مشيئة الله تختلف من فرد لآخر ولا يمكن تأكيدها من كلمة الله. وهذا يعنى أن كل أمثلة الشفاء التي حدثت منذ قيامة الرب يسوع حتى يومنا هذا كانت مستندة على إعلان مباشر من الروح القدس بدلاً من كلمة الله. لكني أتساءل: كيف يمكن للمريض أن ينال الشفاء إن لم يسمع بوعود الإنجيل (الأخبار السارة) التي تؤكد له مشيئة الله حتى يستطيع أن يبني إيمانه على هذه المعرفة.

نحـن نتفـق جميعـاً أنـه لا يوجـد إيمـان بـدون سمـاع كلمـة الله. ولا يمكن لأحد أن يتولد لديه إيمان في الله لأجل أمر دون أن يسمع من كلمة الله ما يؤكد له ذلك. وإن كان الإيمان هو الثقة بأن الله يتمم وعد قد سبق وأن أعلنه في كلمته، فكيف يتولد لدى أي إنسان إيماناً (ثقة ويقين) لأجل الشفاء إن لم يكن هناك وعد صريح في كلمة الله ليبني عليه إيمانه؟ إذاً، لا يمكننا أن نصلي صلاة الإيمان وفقاً ليعقوب 5: 14. وهذا القانون قد بطل.

يعلن الكتاب المقدس لنا كيف يشفى الله المرض: “أَرْسَلَ كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ “ (مزمور 107: 20) ولأولئك الذين يؤمنون: “يا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ” (أمثال 4: 22).

الإيمان يستند على المشيئة وليس على المقدرة

فلنـفـتـرض أن مليـونـيـراً توجـه إلـى قاعـة تضـم ألـف شخـص وأعـلن أمـام الجميـع أنـه

يستطيع أن يعطى لكل شخص ألف جنيه. لكن هذا الإعلان ليس كافياً حتى يجد أي من هؤلاء الحاضرين أساساً يبنى عليه إيمانه لأجل ألف جنيه. فالإيمان لا يستند على مقدرة الشخص، بل على شيء أكثر من ذلك.

ولنفترض أن هذا المليونير أعلن مرة أخرى قائلاً، “لدي القدرة أن أعطي خمسين واحد منكم ألف جنيه”. حتى وعلى الرغم من تكرار هذا الإعلان، إلا أنه لا يعُتبر أساساً كافياً يستطيع أحد من الحضور أن يبنى عليه إيمانه لأجل ألف جنيه. وإن سألت أي شخص منهم إن كان متيقناً تماماً من أنه سينال هذا المبلغ لكان يجيبك، “حقاً إني في أشد الاحتياج لهذا المبلغ، لكني أتمنى أن أكون واحداً من أولئك سعيدي الحظ. لكني لست على يقين من ذلك”. لكن إن قال هذا المليونير، “إنني أريد أن أعطى كل واحد منكم ألف جنيه”. عندئذٍ سيجد كل فرد من الحضور ما يبنى عليه إيمانه، فيجيب على هذا المليونير قائلاً، “أشكرك سيدي لأجل هذا السخاء”.

والآن، افترض أن الله يحابي بين الأشخاص وأن مشيئته هي أن يشفى بعضاً من أولئك الذين يحتاجون للشفاء، فلابد وأن يظهر عن ذلك في كلمته. لكن دعونا ننظر في لمحة بسيطة من خلال الأناجيل لنرى ما فعله يسوع مع المرضى عندما أحضروهم إليه:

لوقا 4: 40

40 وَبَيْنَمَا كَانَتِ الشَّمسُ تَغرُبُ، جَاءَ جَمِيْعُ الَّذِيْنَ عِنْدَهُمْ مَرضَى يُعَانُونَ مِنْ أَمرَاضٍ مُختَلِفَةٍ، وأَحضَرُوا مَرضاهُمْ إلَيْهِ، فَشَفَاهُمْ وَاضِعَاً يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

لم يكن بين أولئك الجموع شخص “سيء الحظ”، لأن الجميع نالوا الشفاء. في مثل هذا الموقف نرى يسوع يعلن عن مشيئة الآب ويتممها. فإن كنت متواجداً في ذلك اليوم وكنت تعاني من أي مرض، لشُفيت مثل الباقين لأن الجميع نالوا الشفاء.

نرى ذات الحادثة في إنجيل متى لكن الروح القدس يوضح لماذا لم يستثنى يسوع أي من هؤلاء المرضى بل شفاهم جميعاً.

متى 8: 16، 17

16 وَعِنْدَ حُلُولِ الْمَسَاءِ، أَحْضَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ كَثِيرِينَ مِنَ الْمَسْكُونِينَ بِالشَّيَاطِينِ. فَكَانَ يَطْرُدُ

الشَّيَاطِينَ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ. وَشَفَى الْمَرْضَى جَمِيعاً

17 لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِلِسَانِ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا، وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا».

إن ضمير الملكية الُملحق بأسقامنا وأمراضنا يعني “جميعنا”، وليس لبعض منا وحسب. فالأمر يتطلب شفاء الجميع تتميماً لنبوة أشعياء. ولم يُذكر ذلك في مناسبة واحدة وحسب بل في كل المناسبات منذ زمن المسيح حتى يومنا هذا. فعلى كل مَن يطلب الشفاء أن يتوجه إلى الأناجيل ويلاحظ كيف تتكرر كلمة “جميع” و “كل منَ” وسيجد أن بركات الفداء المتعلقة بالشفاء كانت مقُدمة للجميع. وسيجد أيضاً أنه لا يوجد شخص طلب يسوع دون نفع. فلم يذكر قط عن شخص واحد ممَن كانوا يطلبون الشفاء من يسوع أنه أراد له أن يظل مريضاً يبقى كما هو.

قد شفى يسوع جميع المرضى

متى 4: 23-24

23 وَكَانَ يَسُوعُ يَتَنَقَّلُ فِي مِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ كُلِّهَا، يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ، وَيُنَادِي بِبِشَارَةِ

الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ فِي الشَّعْبِ

24 فَذَاعَ صِيتُهُ فِي سُورِيَّةَ كُلِّهَا. فَحَمَلَ إِلَيْهِ النَّاسُ مَرْضَاهُمُ الْمُعَانِينَ مِنَ الأَمْرَاضِ وَالأَوْجَاعِ عَلَى اخْتِلاَفِهَا، وَالْمَسْكُونِينَ بِالشَّيَاطِينِ، وَالْمَصْرُوعِينَ، وَالْمَشْلُولِينَ، فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً

متى 9: 35-36، 10: 1

35 وَأَخَذَ يَسُوعُ يَتَنَقَّلُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى كُلِّهَا، يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ وَيُنَادِي بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةً

36 وَعِنْدَمَا رَأَى الْجُمُوعَ أَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُعَذَّبِينَ وَمُشَرَّدِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا

1 ثُمَّ دَعَا إِلَيْهِ تَلامِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانَاً عَلَى الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ لِيَطْرُدُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ.

نلاحظ أن الجموع الكثيرة التي توافدت لأجل الشفاء كانت هي السبب الذي جعل يسوع يرسل مزيد من الفعلة لأجل الحصاد لكي يكرزوا ويشفوا المرضى. فقد عيَّن سبعين تلميذاً آخرين وأرسلهم ليكرزوا ويشفوا.

متى12: 15

15 فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَانْسَحَبَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً

متى 14: 14

14 وَلَمَّا نَزَلَ يَسُوعُ إِلَى الشَّاطِيءِ، رَأَى جَمْعاً كَبِيراً، فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ.

متى14: 34-36

34 وَلَمَّا عَبَرُوا إِلَى الضَّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ مِنَ الْبُحَيْرَةِ، نَزَلُوا فِي بَلْدَةِ جَنِّيسَرَاتَ

35 فَعَرَفَهُ أَهْلُ تِلْكَ الْمِنْطَقَةِ وَأَرْسَلُوا الْخَبَرَ إِلَى الْبِلاَدِ الْمُجَاوِرَةِ، فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى

36 وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْمَحَ لَهُمْ بِلَمْسِ طَرَفِ رِدَائِهِ فَقَطْ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا شِفَاءً تَامّاً.

لوقا 6: 17-19

17 ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمْ، وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ سَهْلٍ، هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَجُمْهُورٌ كَبِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَا

18 جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيَنَالُوا الشِّفَاءَ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ. وَالَّذِينَ كَانَتْ تُعَذِّبُهُمُ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ كَانُوا يُشْفَوْنَ

19 وَكَانَ الْجَمْعُ كُلُّهُ يَسْعَوْنَ إِلَى لَمْسِهِ، لأَنَّ قُدْرَةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِيهِمْ جَمِيعاً.

مرقس 6: 56

56 وَأَيْنَمَا دَخَلَ، إِلَى الْقُرَى أَوِ الْمُدُنِ أَوِ الْمَزَارِعِ، وَضَعُوا الْمَرْضَى فِي السَّاحَاتِ الْعَامَّةِ، مُتَوَسِّلِينَ إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا وَلَوْ طَرَفَ رِدَائِهِ. فَكَانَ كُلُّ مَنْ يَلْمِسُهُ يُشْفَى.

نرى في الشواهد السابقة أنه عندما كانوا يأتون بالمرضى ليسـوع لأجـل الشفـاء كانـوا

ينالون الشفاء جميعاً – بما فيهم أولئك “الغير محظوظين” كما يدعوهم البعض. فإن كانت مشيئة الله – كما تقول بعض التعاليم المعاصرة – تدعو المرضى ليتحملوا آلامهم بصبر لأجل مجد الله، ألا يكون ذلك أمراً غريباً أن يسوع لم يترك واحداً من أولئك الجموع مريضاً أو حتى ينصحه بما يوافق تلك التعاليم؟

حتى ذلك الصبي الصغير المجنون الذي لم يستطع التلاميذ أن يتعاملوا معه. لقد شفاه الرب يسوع وبرهن بذلك على أن مشيئة الآب هي شفاء تلك الحالة الفريدة المستعصية (مرقس9: 14-29). لذلك نرى من تلك الحادثة إنه من الخطأ الفادح تعلَّيم الآخرين أن الله يرفض شفاء بعض المرضى- عندما يكون السبب ناتج عن فشلنا في التعامل مع الموقف.

ففي تلك القصة، على الرغم من أن التلاميذ قد فشلوا في شفاء الصبي، إلا أن يسوع شفاه موضحاً لهم أن عدم مقدرتهم على شفاء الصبي لم تكن سوى نتيجة عدم الإيمان.

استطاع بطرس بعد مسيرة دامت لثلاثة سنوات مع يسوع أن يصف خدمة يسوع الأرضية في العبارة: “فَقَدْ مَسَحَ اللهُ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَبِالْقُدْرَةِ، فَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ يَعْمَلُ الْخَيْرَ، وَيَشْفِي جَمِيعَ الَّذِينَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ..” (أعمال 10: 38).

إن كل الأمثلة السابقة وجميع الشواهد الكتابية المذكورة سابقاً تُظهر أن يسوع شفى جميع المرضى – مؤكداً على مشيئة الله لشفاء أجسادنا. لكن بعد ذلك لا نزال نتساءل: “هل الشفاء للجميع؟”

حنان يسوع.. كان الدافع المحرك له أثناء خدمته

إن كثيرين اليوم يعلَّمون أن يسوع قد صنع معجزات ليبرهن عن قوته ويثبت إلوهيته. ربما يكون جزء من هذه العبارة صحيح لكنه أبعد ما يكون عن الحق الكامل. لم يكن يسوع يحتاج أن يشفى جميع المرضى ليظهر قوته.. فقليل من الحالات المستعصية كانت سوف تكون كافية لتبرهن على ذلك. لكن كلمة الله تُظهر أنه شفى بدافع من الحنان والمحبة وتتميماً للنبوات المكتوبة عنه. ثانياً، عندما كان يسوع يخدم على الأرض لم يكن يخدم بقوته كإبن لله. فرسالة فيلبي والإصحاح الثاني تؤكد لنا أنه قبل مجيئه للأرض أخلى نفسه من كل قوته وقدرته ومجده وجاء كإنسان عادي مثلي ومثلك مُجرَّد من قوته تماماً. فعندما كان يسوع يشفي المرضى ويصنع معجزات لم يكن يفعل ذلك بقوة موروثة في داخله كابن لله. إنما كان يفعل ذلك بقوة الروح القدس. لذلك لا نقرأ عن أي معجزة صنعها قبل أن يمتلئ من الروح القدس. كان يحتاج لمسحة الروح مثل أي مؤمن في ظل العهد الجديد.

وهناك مَن يقولون إنه شفى المرضى ليجعل نفسه مشهوراً. لكننا نقرأ في إنجيل متى12: 15-16 “ فَعَلِمَ بِذَلِكَ وَانْسَحَبَ مِنْ هُنَاكَ.. وَحَذَّرَهُمْ مِنْ أَنْ يُذِيعُوا أَمْرَهُ”. وهناك آخرون يؤيدون بأنه عندما شفى يسوع جميع الذين جاءوا إليه استناداً على نبوة إشعياء التي تقول إنه حمل أمراضنا، كان ذلك يشير إلى خدمته الأرضية وحسب (وقد توقف عن فعل ذلك بعد صعوده للسماء). وإن هذا الإظهار العظيم لحنان وشفقة الرب كان شيئاً خاصاً يرتبط بوقت معين وتدبير معين – ولا تعنى أن هذه هي مشيئة الله لجميع العصور.

لكن كلمة الله تعلن صراحةً أن “جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ..” وكل أعماله التـي فعلها لم تنتهي بصعوده للسماء فحسب، بل تزايدت وتضاعفت بعد صعوده وجلوسه عن يمين الآب. فبعد ثلاثة سنوات من الخدمة المستمرة التي شفى فيها يسوع جميع الذين جاءوا إليه قال للتلاميذ، “.. لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: مِنَ الأَفْضَلِ لَكُمْ أَنْ أَذْهَبَ..”. كيف يمكن لكلام يسوع أن يكون صحيحاً –بأن ذهابه للسماء سيكون أفضل من وجوده على الأرض- إن كان صعوده سيغيَّر من خدمته للمرضى بل سيوقفها؟ لكن كي يزيل أي شك وعدم إيمان يتعلق بهذا الوعد الرائع الذي سبق وأكد على استمرار ذات الأعمال التي صنعها، بل وأعظم: “الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا، بَلْ يَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا، لأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي”.

بمعنى آخر، سنفعل ذات الأعمال التي صنعها يسوع هنا على الأرض عندما نؤمن به ونستخدم اسمه. وهذا يتضح من الوعد الذي أعطاه بعد هذا الإعلان السابق مباشرة: “.. وَسَأَفعَلُ لَكُمْ كُلَّ مَا تَطلُبُونَهُ بِاسْمِي، لِكَي يَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. إنْ طَلَبتُمْ مِنِّي شَيئَاً بِاسْمِي، فَإنِّي سَأَفعَلُهُ”. لم يقل يسوع “أعمال أقل” بل “ذات الأعمال” و “أعمال أعظم”. بالنسبة لي، إن هذه الكلمات من فم يسوع هي إجابة كاملة وشاملة لكل المقاومين والمنتقدين للشفاء.

“مَكْتُوبٌ” كانت هذه هي سياسة يسوع التي استخدمها مع إبليس. لقد تساءل وليام برايت ذات مرة قائلاً، “إن كان يسوع قد جاوب الشيطان بـ “مكتوب” لكن إبليس اقتطع جزءاً من كلمة الله وأجابه، ‘مكتوب’ أيضاً. فلماذا نتعجب من أولئك الذين ينتقدون الشفاء الإلهي عندما يقتطعون أجزاء منفصلة من كلمة الله ويقولون ‘مكتوب أن الشفاء الإلهي ليس للجميع…؟”.

حكمة الكنيسة المبتدئة

لقد تمسكت الكنيسة المبتدئة بكلمات يسوع التي وعد بها في إنجيل يوحنا 14: 12 وصلَّوا في اتحاد لأجل آيات وعجائب للشفاء طالبين أن “تُجْرَى مُعْجِزَاتٌ وَعَجَائِبُ..”. فكان الناس يأتون بالمرضى إلى الشوارع ويضعون أيديهم عليهم ليشفوا: “كَانَتِ الْجُمُوعُ مِنَ الْمُدُنِ وَالْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ يَأْتُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ الْمَرْضَى وَالْمُعَذَّبِينَ بِالأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ، فَكَانُوا جَمِيعاً يُبْرَأُونَ”. هكذا نرى كيف أن ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلَّمه – أثناء خدمته الأرضية – صار يكمله وهو جالس عن يمين الآب يعمل من خلال جسده متمماً وعده.

لكن البعض سيقولون، “حقاً، قد حدث ذلك مع بداية سفر أعمال الرسل. فقد كان الغرض من تلك الآيات والمعجزات هو تأكيد شهادة الرسل عن قيامة يسوع”.

دعونا نتوجه إلى الإصحاح الأخير من سفر الأعمال ونقرأ كيف أنه بعد ثلاثين عاماً –من قيامة يسوع- وعندما كان بولس على جزيرة مالطا “جَاءَ مَرْضَى الْجَزِيرَةِ إِلَيْهِ وَنَالُوا الشِّفَاءَ”.

لذلك نرى أنه حتى في أخر إصحاح لسفر الأعمال – الذي هو سفر لا ينتهي حتى مجيء الرب يسوع- كيف أن مشيئة الله كانت لشفاء الجميع وليس البعض وحسب.

أعمال الروح القدس

لقد أرسل الله الآب الروح القدس إلى الأرض بعد صعود الرب يسوع إلى السماء ليكون هو الأقنوم الإلهي العامل هنا على الأرض. لقد اظهر الروح القدس ذات أعمال الشفاء التي صنعها يسوع أثناء خدمته الأرضية فنالت جموع كثيرة الشفاء. وكما حدث في الأناجيل كذلك أيضاً في سفر الأعمال؛ لم نقرا أبداً عن شخص طلب الشفاء ولم يناله. لذلك فإن سفر أعمال الرسل كان ينبغي أن يُسمى بسفر أعمال الروح القدس، لأنه في الحقيقة هو سجل لأعمال الروح القدس التي صنعها من خلال الرسل.

لقد جاء الروح القدس لينفذ لنا الوعود التي اشتراها يسوع من خلال الفداء الذي صنعه. وبعد صعوده للسماء، لم يفقد يسوع أي جزء من عمله الذي جاء ليفعله. فإن كنت تريد أن تعرف كيف يعمل اليوم، فلتقرأ ماذا فعل في الأناجيل. فإن سفر الأعمال يُظهر لنا كيف يريد أن يعمل حتى هذا اليوم وإلى مجيئه ثانية: “وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ!”.

لقد كان الروح القدس هو ذلك الأقنـوم الـذي صنـع جمـيـع معـجـزات الـشفـاء عـلـى يـدي

يسوع. فالرب يسوع المسيح بنفسه لم يصنع معجزة واحدة حتى حَّل الروح القدس -صانع المعجزات- عليه. وباتكال تام على الروح القدس، ابتدأ يسوع يطرد الشياطين ويشفى المرضى ويصنع معجزات. فجميع أعمال يسوع المعجزية التي حدثت من خلال الروح القدس قد ابتدأت قبل أن يدخل يسوع إلى خدمته ووظيفته الأساسية كرئيس كهنة عن يمين الآب. فلماذا إذاً لا نجد الروح القدس – الذي شفى جميع المرضى قبل أن يبدأ يسوع خدمته كرئيس للكهنة – يفعل أقل بعد أن أصبح يسوع رئيس كهنة عن يمين الآب؟ فهل تقاعد “صانع المعجزات” من عمله في شفاء المرضى وصنع المعجزات؟ لكنى لا أتردد في قول إن التعاليم المغلوطة هي التي سلبت الروح القدس من خدمته.

موقف المسيح من الشفاء في الوقت الحاضر

يكمن السؤال الآن: هل لا يزال موقف المسيح تجاه المرضى في الوقت الحالي كما كان في السابق؟ سوف نستعرض الآن موقف المسيح الحالي تجاه شفاء المرضى والمتوجعين.

  1. إن موقف يسوع الحالي تجاه شفاء المرض يتضح جلياً من خلال لقبه “يهوه رافا”، هذا الاسم المتعلق بالفداء لم ولن يتغير. جميعنا نعترف أن ألقابه الستة الأخرى المتعلقة بالفداء هي إعلان عن موقفه الحالي بكونه سلامنا وراعينا وبرنا ومسدد احتياجاتنا وحمايتنا. فبأي منطق نظن أنه اعتزل عن كونه الطبيب الشافي وتخلى عن اسمه “يهوه رافا”؟
  2. قد كشف يسوع عن موقفه الحالي تجاه شفاء المرض من خلال وعده الصريـح بأنـه سيكمل بل ويضاعف من خدمته الشفائية عندما يستخدم المؤمنون اسمه بينما هو جالس عن يمين الآب: .. وَسَأَفعَلُ لَكُمْ كُلَّ مَا تَطلُبُونَهُ بِاسْمِي، لِكَي يَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. إنْ طَلَبتُمْ مِنِّي شَيئَاً بِاسْمِي، فَإنِّي سَأَفعَلُهُ” (يوحنا 14: 12-13).
  1. يتضح موقف يسوع الحالي تجاه شفاء المرض من خلال تتميمه للوعد السابق في سفر الأعمال. حتى في الإصحاح الأخير من هذا السفر وبعد ثلاثين عاماً من صعود يسوع، نقرأ عن بولس إنه “جَاءَ مَرْضَى الْجَزِيرَةِ إِلَيْهِ وَنَالُوا الشِّفَاءَ” (أعمال 28: 9).
  2. يتأكد موقف يسوع الراهن تجاه شفاء المرض من خلال حقيقة كون الشفاء جزءاً لا يتجزأ من رسالة الإنجيل التي أوصى بها يسوع في إرساليته العظمى بأن يُكرز بها في كل العالم ولجميع الأجيال. فهذه الإرسالية تتضمن هذا الوعد: “.. اذْهَبُوا إلَى العَالَمِ أَجْمَعَ، وَبَشِّرُوا جَميعَ النَّاسِ. وَهَذِهِ البَراهينُ المُعجِزيَّةُ تُرافِقُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ: يَضَعُونَ أَيدِيَهُمْ عَلَى المَرضَى فَيُشْفَونَ” (مرقس 16: 15، 18).
  3. يتضح موقف يسوع الراهن تجاه شفاء المرض من خلال عمله البديلي الكفاري على صليب الجلجثة لأجل جميع البشرية. فقد رأينا في الفصل السابق من سفر اللاويين كيف أصبح الشفاء من جميع الأمراض متاحاً على أساس الكفارة. فإنجيل متى يخبرنا أنه على أساس الكفارة التي كان المسيح سيقدمها، لم يستثنى واحداً ممَن تقدموا إليه طلباً للشفاء.
  4. يظهر توجه المسيح نحو شفاء المرض بإعلانه الصريح لأي مريض في الكنيسة بأن يطلب الشفاء من خلال المسحة والصلاة استناداً على الوعد: “وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً، فَلْيَسْتَدْعِ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ لِيُصَلُّوا مِنْ أَجْلِهِ وَيَدْهُنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَالصَّلاَةُ الْمَرْفُوعَةُ بِإيمَانٍ تَشْفِي الْمَرِيضَ، إِذْ يُعِيدُ الرَّبُّ إِلَيْهِ الصِّحَّةَ. وَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ بِسَبَبِ خَطِيئَةٍ مَا، يَغْفِرُهَا الرَّبُّ لَهُ” (يعقوب 5: 14-15). هل يعنى ذلك أن نصلى للمرضى بإيمان أم بعدم إيمان؟ وكيف يمكننا أن نصلى صلاة الإيمان لأي مؤمن دون أن تكون مشيئة الله له هي الشفاء؟ وهل يطلب الرب منا أن نصلى لأجل هو لا ينوي فعله؟ ففي هذا الشاهد يعلن الكتاب أنه حتى الرجل العلماني يستطيع أن يضع يديه على الشخص المريض ويصلى لأجل شفائه كما صلى إيليا لأجل المطر (يعقوب 5: 16). فهل يطلب منا الله أن نتشفع لأجل شيء هو لن يفعله؟ حتماً لا.
  5. يتأكد موقف يسوع تجاه الشفاء بوضعه لمواهب الخدمة في الكنيسة بعد صعوده مباشرة من معلمين ومواهب معجزات ومواهب شفاء. وهذا لإكمال “ذات الأعمال” بل “أعمال أعظم” التي وعد أنه سيكملها وهو عن يمين الآب. والتاريخ يؤكد مثل هذه الإظهارات من معجزات ومواهب شفاء منذ وقت الرسل حتى يومنا الراهن.

حنان يسوع الذي لا يتغير

  1. يتضح موقف يسوع تجاه شفاء أمراضنا بصورة جلية من خلال حقيقة أنه منذ صعوده عن يمين الآب لم تنقص محبته أو حنانه أو أنه استرد أي منهما. سوف نتكلم في الفصل القادم عن موضوع حنان الرب وكيف أنه أثناء خدمته الأرضية، “.. عِنْدَمَا رَأَى الْجُمُوعَ، أَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُعَذَّبِينَ وَمُشَرَّدِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا”. فذات الكلمة المُترجمة “يشفق” تعنى يرحم.

لقد رأينا في العهد الجديد أن الشفاء الجسدي هو إظهار لـ “رحمة وحنان يسوع” (لقد كان يسوع تحركه الشفقة والحنان ليشفى جميع المرضى الذين يأتون إليه)، فهذا يعني أن ما قيل عن الله بأنه “غنى في الرحمة نحو جميع الذين يدعون إليه” لم يعد سارياً بعد. وهل يصلح أن يتوقف هذا التدبير المجيد للعهد الجديد عن تقديم الرحمة والحنان لأولئك المتألمين كما حدث في التدبير المظلم؟

يتساءل القس كينث ماكينزى وهو معلَّم مرموق في الكنيسة الأسقفية: “هل يمكن لقلب ابن الله المحب، الذي تراءف على المرضى وشفى جميع أسقامهم، أن يتجاهل آلام خاصته الذين اشتراهم بدمه منذ صعوده ليجلس عن يمين الآب؟ ألن يكن غريباً أنه بعدما شغل يسوع هذا المنصب كرئيس كهنة لجسده – الكنيسة – أن يسترد حنانه وشفقته أو حتى تتغير محبته تجاه مرضى شعبه؟ وإن كان الله لا يشاء أن يُظهر رحمته بشفاء أولاده الذين افتداهم مثلما يفعل بإظهار رحمته تجاه الخطاة بغفران خطاياهم، فمَن هو هذا الأب الذي يود أن يظهر رحمة أكثر تجاه أولاد إبليس عن أولاده؟ لكن كلمة الله تنفى ذلك بقوله “أَمَّا رَحْمَةُ الرَّبِّ فَهِيَ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ عَلَى مُتَّقِيهِ (وليس على الخطاة)” (مزمور 103: 17). في الحقيقة، إن أولاد اللـه لديهـم الحـق فـي التمتـع برحمـة اللـه وبركـاتـه أكثـر جداً مـن مـوقـف

الخطاة. لذا شكراً لله لأن “الرَّبَّ صَالِحٌ، إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ وَأَمَانَتُهُ دَائِمَةٌ مِنْ جِيلٍ إِلَى جِيلٍ”.

البركات متاحة للجميع

  1. يتضح موقف يسـوع تجـاه شفـاء المـرض مـن خـلال سنـة اليوبيـل فـي العهـد القديـم

(لاويين 25: 28)، حيث استشهد يسوع بهذه السنة في إنجيل لوقا 4: 19 وطبقها على تدبير الإنجيل الذي سوف يعود فيه “كل إنسان” إلى مُلكه. فبركات سنة اليوبيل كانت لكل إنسان، وبركات الإنجيل صارت لكل “خليقة وجنس”.

  1. كما يتضح موقف يسوع تجاه شفاء المرض من خلال هذا الإعلان العظيم بأن “الْمَسِيحَ حَرَّرَنَا بِالْفِدَاءِ مِنْ لَعْنَةِ الشَّرِيعَةِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً عِوَضاً عَنَّا، لأَنَّهُ قَدْ كُتِبَ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ” (غلاطية3: 13). وكما رأينا في الفصل السابق أن لعنة الناموس كانت تتضمن جميع الأمراض المعروفة في التاريخ والغير معروفة. فكيف يمكن لله أن يبررنا ويفتدينا من لعنة الناموس وفى ذات الوقت يشاء لنا أن نمرض ونبقى تحت اللعنة التي افتدانا منها؟

باكورة الفداء الكامل

  1. يتضح موقف يسوع تجاه الشفاء من خلال حقيقة حلول الروح القدس فينا الذي يعتبر “عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا إِلَى أَنْ يَتِمَّ فِدَاءُ مَا قَدِ اقْتُنِيَ” (أفسس1: 14) وكما أشرنا في الفصل السابق أن مصيرنا الأبدي سيتضمن أرواحنا وأجسادنا، لذلك فإن فداء يسوع كان لابد حتماً أن يشمل هذين الجزأين. وحيث أن الروح القدس الذي أُعطي لنا يمثل عربون (مقدم الثمن) التمتع بجميع البركات –ونحن هنا على الأرض- التي أعدها لنا يسوع بموته وقيامته، عدا شيء واحد وهو تغير أجسادنا إلى أجساد ممجدة. فهذا هو الشيء الذي لن نقدر أن نتمتع به هنا على الأرض، لأنه إن حدث ذلك فكل مَن يقبل المسيح سوف يتغير جسده وينتقل مباشرة إلى السماء. وعندئذٍ لن يتبقى أحد هنا على الأرض ليشهد للمسيح. وبذلك لن يقدر أحد أن يخلص ويقبل المسيح.

لذلك جعـل اللـه فـداء أجسادنـا هـو الجـزء الوحـيـد مـن ميـراثنا الذي سوف نتمتع به في

السماء، “.. وَآخِرُ عَدُوٍّ يُبَادُ هُوَ الْمَوْتُ (الجسدي)“. لكن شكراً لله، لأنه مع أننا سوف نتمتع بهذا الميراث في السماء إلا أنه يحق لنا أن نختبر “باكورة” أو جزء من هذا الميراث ونحن لا نزال نعيش هنا على الأرض ألا وهو الشفاء الجسدي. وحيث أن ميراثنا يشتمل على أجساد ممجدة، فماذا سـوف يكـون باكـورة هـذا الميـراث؟ الشفاء الجسدي من خلال ” رُوحُ الَّذِي أَقَامَ المَسيحَ مِنْ بَينِ الأَموَات.. سَيُعطِي أَيضَاً حَيَاةً لأَِجسَامِكُمُ الفَانِيَةِ بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ”.

  1. ألا تعلَّمنا الطبيعة ذاتها موقف الله تجاه شفاء أجسادنا؟ إن الطبيعة فـي أي مكـان وزمان تسعى دائماً لشفاء جسد الإنسان أو على الأقل تفعل ما بوسعها لتساعده على الالتئام ليعود إلى وضعه الأصلي. فبمجرد أن يهاجم مرض أو وباء أجسادنا فإن الجهاز المناعي الطبيعي يبدأ في مهاجمة هذا المرض. كذلك الحال مع كسر العظام والجروح.. فجسد الإنسان يسعى دائماً للالتئام. والآن هل يخلق الله الجهاز المناعي في جسد الإنسان ليعمل ضد مشيئته في محاولاته للتصدي للأمراض والأوبئة؟ فإن كان المرض من مشيئة الله لأولاده، فهل هذا يعنى أن الله أخفق في خلقه للجهاز المناعي حتى يعمل ضد مشيئته؟

هل الله يستخدم العلَّل الجسدية؟

إن كان المرض – كما يدَّعى البعض – هو مشيئة الله لأولاده الأمناء المخلصين، فعندئذٍ سوف تُحتسب خطية عليهم إن رغبوا في نوال الصحة والشفاء. وهكذا تعتبر بلايين الدولارات التي تُنفق على مجال الدواء تحدٍ صارخ لمشيئته. إنني أشكر الله حقاً لأجل المستشفيات والأطباء والمساعدات الدوائية التي تحاول أن تساعد أولئك المتألمين. فإن كان المرض هو مشيئة الله للبعض، فعندئذٍ نستطيع أن نقول – كما قال أحد الكتَّاب: “إن كل طبيب هو خارق للقانون والشريعة الإلهية. وكل ممرضة هي تحدى لله القدير، وكل مستشفى هي بيت للتمرد بدلاً من أنها بيت للرحمة”. وإن كان ذلك صحيحاً، فبدلاً من ندعم المستشفيات علينا أن نفعل ما بوسعنا لنغلقهم!

وإن كان اللاهوت المعاصر يعلَّم بأن الله يريد “لبعض” من أولاده الأمناء أن يظلوا مرضى لأجل مجده، فعندئذٍ قد أخفق يسوع أثناء خدمته الأرضية بشفائه لجميع المرضى الذين جاءوا إليه. وكذلك أيضاً قد أخفق الروح القدس بشفائه لجميع المرضى في شوارع أورشليم من خلال الرسل. وكذلك بولس أيضاً قد سلب مجد الله بشفائه لجميع المرضى على جزيرة مالطا!

كثيرون اليوم يعلَّمون بأن الله يبلي أولاده المخلصين لأنه يحبهم، جاعلاً المرض هو ختم المحبة من آب سماوي محب لأولاده. فإن كان ذلك صحيحاً، لماذا يحاول هؤلاء أن يتخلصوا من “ختم المحبة” هذا؟ ولماذا يهرعون للأطباء ويقبلون على تناول أدوية لكي ما يتخلصون من “شعار المحبة”؟ ولماذا لا يصلى أولئك الأصحاء لأجل “ختم المحبة” -كالسرطان مثلاً- كبركة لهم؟ ولماذا لا يطلب الزوج أن يهب الله لزوجته أو لأولاده أو والديه مثل هذا الختم؟

هل الله يؤدب من خلال المرض؟ كلا، لكن عندما ننحرف عن نور كلمة الله فنحن نفتح باباً لإبليس ليصيبنا بأي شيء مما لديه. لكن الله يخبرنا بالتحديد كيف نتخلص من بلوى كهذه إن حدثت وكيف نتجنبها من الأساس “إَن حَكَمْنَا عَلَى نُفُوسِنَا لَمَا كَانَ حُكِمَ عَلَيْنَا وَلكِنْ مَا دَامَ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا فَإِنَّنَا نُؤَدَّبُ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ حَتَّى لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ” (1كورنثوس11: 31). فعندما نتحول عن فعل الخطأ ونسير في طاعة كلمة الله نتجنب من وقوع دينونة علينا.

  1. يتضح موقف الله من جهة شفاء المرض بصورة جلية من خلال حقيقة أن يسوع قد جاء لكي “يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ” (1 يوحنا 3: 8). ما الهدف الذي دفع يسوع لكي يترك السماء ويتخلى عن مجده وقوته ويأتي في صورة إنسان ويتحمل كل هذه الآلام؟ يجيبنا هذا الشاهد “لأَجْلِ هَذَا.. لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ”. إن الغرض الذي جاء يسوع لأجله يتضمن شفاء “جَمِيعَ الَّذِينَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ” (أعمال10: 38). وبعد أن صعد يسوع للسماء، هل تخلى عن هذا الغرض السامي؟ هل يريد لأعمال الشيطان التي حرص سابقاً على تدميرها أن تظل عالقة بأجسادنا؟ وهل يريد يسوع الآن لأي سرطان أو وباء أو لعنة أو أي من أعمال إبليس أن تعلق بأي فرد من جسد المسيح الذين هم “هيكل لروحه القدوس”؟ وإن لم يكن، فلماذا أوصى كل مريض أن يطلب من شيوخ الكنيسة أن يمسحوه بزيت في اسمه لأجل الشفاء؟

حيث أن الكتاب المقدس يوصى بأن “.. الْجَسَدَ لِلرَّبِّ؛ وَالرَّبُّ لِلْجَسَدِ” وأن نقدم أجسادنا “ذَبِيحَةً مُقَدَّسَةً مَقْبُولَةً”، فهل يرتضى الله بأجساد صحيحة أم عليلة؟ لكي نفهم حقاً ما يقصده الله عندما يصف أجسادنا بالذبيحة ينبغي علينا العودة إلي العهد القديم لنرى ما هي شروط الذبيحة المقبولة.

لاويين 1: 3

3 إِنْ كَانَتْ تَقْدِمَتُهُ مُحْرَقَةً مِنَ الْبَقَرِ، فَلْيُقَرِّبْ ثَوْراً سَلِيماً..

كانت شروط التقدمة المقبولة لدى الله أن تكون سليمة وصحيحة لا يوجد بها سقم أو مرض أو عاهة. وإن لم تتوافر فيها هذه الشروط لا تكن مقبولة. في وقت ما، قدم بنو إسرائيل تقدمات لا توافي الشروط، فبما أجابهم الرب؟

ملاخي 1: 7، 8

7..أَنَّكُمْ تُقَرِّبُونَ عَلَى مَذْبَحِي خُبْزاً نَجِساً..

8 عِنْدَمَا تُقَرِّبُونَ الْحَيَوَانَ الأَعْمَى ذَبِيحَةً، أَلَيْسَ ذَلِكَ شَرّاً؟ أَوْ حِينَ تُقَدِّمُونَ الْحَيَوَانَ الأَعْرَجَ وَالْمَرِيضَ، أَلَيْسَ هَذَا شَرّاً؟

إن كان الله لا يقبل “الحيوان” الأعرج والمريض كذبيحة، فهل يرتضي بأن يكون جسد أي من أولاده سقيم أو مريض في الوقت الذي يطلب منه أن يقدم جسده ذبيحة مقبولة؟ لقد أعلن الله عن مشيئته لنا نحن مؤمني العهد الجديد بأنه يريدنا أن:

“يُؤَهِّلَكُمْ تَمَاماً لِتَعْمَلُوا مَشِيئَتَهُ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ“،

“.. يَتَعَلَّمُوا الاهتِمَامَ بِمُمَارَسَةِ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ“،

“.. يَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ“،

“.. الَّـذِي بَـذَلَ نَفْسَـهُ لأَجْلِنَـا لِكَـيْ يَفْتَدِيَنَـا مِـنْ كُـلِّ إِثْم وَيُطَهّـِرَنَا لِنَفْسِـهِ شَعْبـاً خَاصّـاً يَجْتَهِـدُ

بِحَمَاسَةٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ“،

“.. لِكَيْ يَجْعَلَ إِنْسَانَ اللهِ مُؤَهَّلاً تَأْهِيلاً كَامِلاً، وَمُجَهَّزاً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ“،

“.. الَّذِي يَنْفَصِلُ عَنْ هَذِهِ يَكُونُ إِنَاءً لِلاسْتِعْمَالِ الرَّفِيعِ، مُقَدَّساً، نَافِعاً لِرَّبِّ الْبَيْتِ، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ“،

“.. يُشَجِّعُ قُلُوبَكُمْ وَيُرَسِّخُكُمْ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ وَقَوْلٍ حَسَنٍ!”،

“.. لِكَيْ يَجْعَلَكُمْ إِلهُنَا مُؤَهَّلِينَ لِلدَّعْوَةِ الإِلهِيَّةِ وَيُتِمَّ فِيكُمْ، بِقُدْرَتِهِ، كُلَّ مَا يُسِرُّهُ مِنَ الصَّلاَحِ وَفَعَّالِيَّةِ الإِيمَانِ”،

“.. مُنْتِجِينَ الثَّمَرَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ“،

” فَإِنَّنَا نَحْنُ تُحْفَةُ اللهِ، وَقَدْ خَلَقَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ أَعَدَّهَا سَلَفاً لِنَسْلُكَ فِيهَا”.

كيف يفعل الله ذلك من خلال أجساد مريضة سقيمة على فراش الموت؟

هل تنطبق المواصفات السابقة على الأشخاص الأصحاء أم المرضى العجزة؟ إن كنا نشتاق أن نتمم مشيئة الله في حياتنا فنحن نحتاج إلى أجساد صحيحة حتى نستطيع فعل ذلك. كما علينا أيضاً أن نصلى لأجل المرضى حتى نمكنهم هم أيضاً من تتميم مشيئة الله لحياتهم.

الخلاص يشمل الكل

إن موقف الله تجاه شفاء المرض يتضح جيداً من ذات معنى كلمة الخلاص. إن الأصل اليوناني لكلمة خلاص هو “سوتيريا Soteria”، وأصل الفعل “يخلص” هو “سوزو Sozo” ويشمل خمسة معاني:

  • التحرير من الخطية والموت الأبدي
  • الكمال الجسدي والروحي
  • الحفظ والأمان
  • الازدهار والزيادة

لقد ترُجمت هذه الكلمة مرات كثيرة في العهد الجديد إلى “شفاء” عندما كانت تأتي بالارتباط بالجسد، وإلى “خلاص أو الميلاد الجديد” عندما كانت تأتي بالارتباط بالروح. وقد تُرجم الفعل “يخلص” إلى “يصير صحيحاً وكاملاً ” عندما كان يأتي بالارتباط بالشفاء الجسدي.

بعض الشواهد التي تُرجمت فيها هذه الكلمة إلى الخلاص أو الميلاد الجديد:

رومية 10: 9

9 إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِيَسُوعَ رَبّاً، وَآمَنْتَ فِي قَلْبِكَ بِأَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، نِلْتَ الْخَلاصَ (يوناني سوتيريا).

1 تيموثاوس 2: 4

4 فَهُوَ يُرِيدُ لِجَمِيعِ النَّاسِ أَنْ يَخْلُصُوا (يوناني سوزو)، وَيُقْبِلُوا إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِالتَّمَامِ

بعض الشواهد التي تُرجمت فيها ذات الكلمة إلى شفاء أو صحة جسدية:

مرقس 5: 23

23 وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ، وَاسْمُهُ يَايِرُسُ، قَدْ جَاءَ إِلَيْهِ. وَمَا إِنْ رَآهُ، حَتَّى ارْتَمَى عِنْدَ قَدَمَيْهِ وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِإِلْحَاحٍ، قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ مُشْرِفَةٌ عَلَى الْمَوْتِ. فَتَعَالَ وَالْمِسْهَا بِيَدِكَ لِتُشْفَى (يوناني سوزو)، فَتَحْيَا!

مرقس 5: 34

34 فَالتَفَتَ يَسُوعُ حَولَهُ، فَرَآهَا وَقَالَ لَهَا: تَشَجَّعِي يَا ابنَتِي، إيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ (يوناني سوزو). فَشُفِيَتِ المَرأَةُ تَمَامَاً فِي تِلكَ اللَّحظَةِ.

مرقس 10: 52

52 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ! إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ (يوناني سوزو). وَفِي الْحَالِ أَبْصَرَ..

أعمال 4: 9، 10

9 إِنْ كُنْتُمْ تَسْتَجْوِبُونَنَا بِسَبَبِ الإِحْسَانِ إِلَى إِنْسَانٍ مَرِيضٍ لِتَعْرِفُوا كَيْفَ شُفِيَ (يوناني سوزو)،

10 فَاعْلَمُوا جَمِيعاً وَلْيَعْرِفْ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ كُلُّهُ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، وَالَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، بِاسْمِهِ يَقِفُ هَذَا الْكَسِيحُ أَمَامَكُمْ فِي تَمَامِ الصِّحَّةِ

أعمال 14: 9

9 سَمِعَ هَذَا الرَّجُلُ بُولُسَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ. فَوَجَّهَ بُولُسُ نَظَرَهُ إلَيهِ، وَرَأَى أَنَّ لَدَيهِ إيمَانَاً لِكَي يُشفَى (يوناني سوزو)

بعض الشواهد التي تُرجمت فيها ذات الكلمة إلى حفظ وحماية:

2 تيموثاوس 4: 18

18 وَسَيُنَجِّينِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ شِرِّيرٍ وَيَحْفَظُنِي (يوناني سوزو) سَالِماً لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. فَلَهُ الْمَجْدُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ آمِين!

لذلك فإن الأصل اليوناني لكل من الفعل “يخلص” وكلمة “خلاص” قد اُستخدم في إشارة لكل من الخلاص الروحي والجسدي. بمعنى آخر، إلى الميلاد الجديد والشفاء الجسدي.

هل تنطبق البركات التي تحملها كلمة الخلاص على “البعض” أم “الكل”؟

يعلَّق الدكتور سكوفيلد على كلمة خلاص قائلاً، “إن كلمة الخلاص هي أعظم كلمة في العهد الجديد لأنها تشمل بركات عديدة. فهي تحتوي في ذاتها على كل أعمال الفداء ونتائجه. فقد أُعطيت أسماء الله السبعة لبني إسرائيل لتُظهر لهم ما تحتويه الكفارة المصنوعة من “حيوان” على بركات روحية وجسدية. أما نحن قديسي العهد الجديد فقد أعُطيت لنا كلمة الخلاص لتُظهر لنا ما يحتويه فداء المسيح المصنوع بجسد الرب يسوع من بركات. لذلك فإن إنجيل المسيح يصلح لشفاء الجسد تماماً مثل خلاص الروح.

هذا الإنجيل هو قُدْرَةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ (للتحرير من الخطية، وللشفاء الجسدي والصحة الجسدية، وللحفظ والأمان، وللازدهار،) لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ…

تذكر

-لا يمكن لإنسان أن ينال البر قبل أن يتأكد تماماً من أن مشيئة الله هي خلاص جميع الناس وأن نعمته لا تستثني أحداً مهما كان حجم خطاياه. كذلك لا يمكن لمؤمن أن ينال الشفاء قبل أن يتأكد تماماً من أن أرادة الله هي شفاء جميع المرضى وأن رحمته لا تستثني أحداً.

 – مشيئة الله لكل ابن له هي أن يكمل عدد أيامه هنا على الأرض ويعيش بصحة جيدة كل حياته.

– لقد تمتع شعب الله في القديم بصحة جيدة طالما ساروا في نور كلمة الله. وعندما كانوا يحيدون عن وصاياه كانوا يختبرون الشفاء من جميع الأمراض التي تصيبهم. أما في العهد الجديد فنحن أولاد الله، ليس لنا ذات الامتياز الذي كان للشعب القديم بل أعظم منه بكثير لأننا نعيش في عهد أفضل مبني على وعود أفضل.

– لقد كان شفاء يسوع لجميع المرضى هو بمثابة إعلان عن محبة ومشيئة الآب التي لا يعتريها تغيير ولا ظل دوران. لذا لا داعي أن نبحث عن مشيئة الله عندما نصلي لأجل الشفاء بتلك الكلمات المدمرة للإيمان “إن كانت مشيئتك”، لأن الآب سبق وأن أعلن عن مشيئته الكاملة والنهائية من خلال ما فعله يسوع المسيح عندما كان على الأرض ومن خلال وعود الكلمة.

– إن الشفاء الجسدي في العهد الجديد لم يعد بمثابة وعداً-كما كان في العهد القديم. بل صار جزءاً لا يتجزأ من رسالة الإنجيل، حيث صار متضمناً في ذات كلمة الخلاص التي آمنا بها جميعاً عندما نلنا الخلاص من الخطية. فهذه الكلمة لا تفيد الخلاص من الخطية وحسب، بل الشفاء والكمال الجسدي والتحرير والحفظ والأمان والازدهار.

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$