لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا
لسماع العظة على الساوند كلاود أضغط هنا
لمشاهدة العظة علي اليوتيوب
(العظة مكتوبة)
غني لله – الجزء 1
▪︎ “غنيٌّ لله” وماذا تُعنِي؟
▪︎ سؤالٌ هامٌ.
▪︎ مشهد رياضي مسرحي!
▪︎ على مَن تقع المسئولية؟!
▪︎ الالتزام ومدى أهميته.
▪︎ ما هي موانع الالتزام؟
▪︎ تدريبات لابد من اجتيازها.
▪︎ “غنيٌّ لله” وماذا تُعنِي؟
“غنيٌّ لله”: تُعني أن تكون شبعانًا ومُمتلِئًا بالأمور الإلهية، ويوضح لنا الكتاب المعايير القياسية للغِنَى والتي تختلف بدورها عن المعايير البشرية، فلا تُقاس حياة الإنسان بأمواله حتى وإن كان يمتلك الكثير، في حين أن المعايير البشرية ترى الغِنَى هو الغِنَى المادي وبلا شك يريد الله الإنسان مُزدهِرًا، لكن إن اقتصرنا التعريف على الناحية المادية فقط، سيظل المعنى ناقِصًا! بالفعل قد شرحت هذا في سلسلة “الازدهار الإلهي” الموجودة على الموقع.
سنستفيض في هذه السلسلة في شرح كيفية أن تكون غنيًا لله. وقف الرب يسوع ذات مرة أمام الخزانة في الهيكل ورأى الناس وهم يضعون عطاياهم، ومدح الرب السيدة التي أعطت الفِلسين! بل والأغرب من ذلك إنه قال: “الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ” (مرقس ١٢: ٤٣).
رأينا كيف أنّ الرب حسبها بحسابات بعيدة عن ال calculator العادية والحسابات البشرية الطبيعية، وهذا يُوضِح احتياجنا إلى أن نضبط حساباتنا وفقًا لِما يقوله الرب وكلمته.
“١٣ وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». ١٤ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» ١٥ وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». ١٦ وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، ١٧ فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ ١٨ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، ١٩ وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! ٢٠ فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ ٢١ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا ِللهِ». ٢٢ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. ٢٣ اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ. ٢٤ تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا. كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ!” (لوقا ١٢: ١٣-٢٤).
نرى بداية من العدد التاسع عشر السر الذي يجعل الشخص ينظر لنفسه بالنظرة الصحيحة، ومِن ثَمَّ يعرف كيف يكون غنيًا أي مُمتلِئًا بفِكْر هذا الإله.
“١٩ وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ”: فنرى أنّ هذا الشخص كان يلهج لنفسه. “اِسْتَرِيحِي َكُلِي َاشْرَبِي“، كما إنه وربطَ راحته بالأمور المادية الأرضية.
هناك مَن يربط راحته أو أمانه بالأقارب أو بوجود أباه وأمه بجانبه أو بكثرة عدد أخوته أو أن لديه معارف ذوي سُلطة ويقول لنفسه: “افرحي بالحياة يا نفسي، لأنه يوجد سندٌ”، فإذا كانت هذه هي طريقة تفكيرك فأنت في هذه الحالة غنيٌّ لنفسك أي فيما يَخُص حياتك الشخصية ولكنك ليس غنيًا لله بل مُنفصِلاً عنه.
أيضًا نرى أنّ السماء تقف ضدّ هذا التفكير. نستطيع أن نفهم هذا من مَثَل الغني المذكور في (لوقا ١٢)، فالسماء سمَّتْ هذا الرجل “غبيًّا”. الغباء هو الانفصال عن الله وعدم رَبْط حياتك به هنا على الأرض عمدًا، وليس عدم معرفتك لحلّ الامتحان مثلاً!
“وَأَقُولُ لِنَفْسِي“: هنا بدأ الشخص يمارس عملية معينة تُسمَّى “اللهج”، والتي تأتي في اللغة العِبْرية “hâgı̂yg“ “الهاجادا” أي التلاوة وبالنسبة لليهود كان لديهم أكثر من تلاوة تُقال أثناء نومهم واستيقاظهم وحتى أثناء سيرهم في الطريق. شرحت هذا في سلسلة أواخر الأيام “الرب قريب“. إذًا فهي كلمات تُتلَّى مثل: “أبانا الذي في السموات….”.
أما بالنسبة لهذا الغَني الغبي فقد رَبَطَ نفسه بأمور أرضية، فكان يقول لنفسه بدلاً مِن أنْ يقول لهذا الإله: “أنت وراء ما أكله وما أشربه، أنت يا الله وراء ما أمتلكه مِن ثروات!”، لكنه للأسف كان يتلو تلاوةً مُختلِفةً!
▪︎ سؤالٌ هامٌ!
“فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟” (لوقا ١٢: ٢٠).
ما الذي يريد الروح القدس إيصاله لنا من خلال هذا السؤال يا تُرَى؟! يريد أنْ يقول لنا: “افعلْ الأشياء التي ستستمر، كُنْ غنيًّا لله، وقُمْ ببناء حياتك في الأمور الروحية الصحيحة”.
عندما ننظر لحياة الأشخاص نستطيع أن نرى مَن تتَّخذ حياته مُنحنيًّا تصاعديًا أو العكس، على ما يعود هذا؟! يعود على ما خَزَّنه وكَوَّمه هذا الشخص سابقًا مِن أفكار، هل هي أفكار الله أم لا؟ وبناءً على ما خَزَّنه يُحدَّد ما إنْ كان سيُسمَع صراخه في وقت المشكلة أم لا؟ أم هل هو مُعتمِد على حِنية الرب فحسبٍ؟
“١ لِيَسْتَجِبْ لَكَ الرَّبُّ فِي يَوْمِ الضِّيقِ. لِيَرْفَعْكَ اسْمُ إِلهِ يَعْقُوبَ. ٢ لِيُرْسِلْ لَكَ عَوْنًا مِنْ قُدْسِهِ، وَمِنْ صِهْيَوْنَ لِيَعْضُدْكَ. ٣ لِيَذْكُرْ كُلَّ تَقْدِمَاتِكَ، وَيَسْتَسْمِنْ مُحْرَقَاتِكَ. سِلاَهْ.” (المزامير ٢٠: ١-٣).
يَذكُر الكتاب أنّ الرب ينظُر إلى تقدمات الإنسان، وإلى ما وَضَعَه في هذا الإله في وقت ضيقه وصُراخه، فإن كان مُنحنَى حياتك في حالة من الهبوط هذا يُعنِي إنك لم تكُن تُخزِّن لهذا الإله سابقًا، فالسماء تتحرَّك طبقًا لما خزَّنته، فنرى في (لوقا ١٢) أنّ عُمر هذا الشخص قد قُصِفَ لأنه لم يربط نفسه بهذا الإله، فهو خَزَّنَ وكوَّمَ ولكنه لم يستفِد شيئًا أخيرًا، وهنا يأتي السؤال: ما هو المطلوب مني إذًا؟
أن تُخزِّن أفكار هذا الإله، فما تفعله الآن سيُؤثِّر على حياتك المستقبلية، لذا نحتاج أن نصحى ونسهر لأن الشيطان يُجاهد بمحاولات شديدة ومكائد لإغلاق ذهن الإنسان، تكلَّمْتُ عنها في السلسلة السابقة “اصحوا واسهروا“.
يُعنِي لفظ “مكايد” المذكور في (أفسس ٦) طريقًا، وقد شرحته في السلسلة السابقة: “اصحوا واسهروا”، فليس لدى إبليس طريقٌ للوصول إلى الإنسان إلّا مِن خلال ذهنه، فلا يعرف أن يتعامل معه سوى عَبْر ذهنه الذي يستطيع أن يُلقِي فيه بمُؤثِّراته الخارجية مِن أفكار وتخيُّلات وظنون.
▪︎ مشهد رياضي مسرحي!
“لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا” (العبرانيين ١٢: ١).
“سَحَابَةٌ الشُّهُودِ“: يقصد بها الأبطال الذين ذُكِروا في (عبرانيين ١١)، وحين نرجع لأصل هذه الكلمة في الأصل اليوناني واستعمالها آنذاك، فهي تُعنِي الذين يقطعون تذاكر “كراسي السحابة”، أي أعلى كراسي في الإستاد أو المسرح الروماني الذي كان يتَّخذ الشكل الدائري أو نصف الدائري ليشاهدوا رياضة ما (فقد كان بولس يتكلَّم بلغة رياضية هنا).
إذًا يوجد مَن يشاهدنا وهؤلاء هم أبطال الإيمان الذين كانوا في العهد القديم وانتقلوا (وليس كل مَن انتقلَ في العهد القديم هو بطل إيمان) وهم الآن يتابعونا ويشجِّعونا. إن كنت تسير روحيًا بشكلٍ صحيحٍ، سوف تسمع تشجيعاتهم بروحك، فحينما تَعبُر في موقف ما، تجد داود مثلاً يُشجِّعك -وهذه حقيقة- ويقول لك طريقة عبوره للموقف، فالكتاب يُعلِن في الإصحاح الحادي عشر “وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ!” (العبرانيين ١١: ٤).
فَمِن الوارد أن تسمع أصواتًا لأشخاص أحياء أو مُنتقِلين أو أمورًا شريرة، قُمْتُ بذكرها في سلسلة “العلاقات“، ولأجل وجود هؤلاء المُشجِّعين نستطيع أن “ِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا” (العبرانيين ١٢: ١).
نجد أنّ بولس الرسول كاتب رسالة العبرانيين (كما أثبتت المخطوطات ذلك مؤخرًا) يتكلَّم في هذه الجزئية عن الصعوبات التي واجهها المُؤمِنون في أيام الإمبراطورية الرومانية اليونانية، حيث كان بولس يعيش فيها.
أيضًا لم تكُن دورات المياه متوفرة في المنازل وقتها، فلم يكُن موجودًا إلا ماء لاغتسال الأيدي والأرجل، ومِن ثَمّ يتعيَّن على الناس أن تذهب إلى دورات المياه العمومية للاستحمام، ومِن هنا تَحدُث الإغراءات تجاه بعضهم البعض.
فلذا حاول المؤمنون إيجاد الطرق والحلول للابتعاد عن الخطية المحيطة التي قد ينجذب لها في هذه الأماكن، وبدأ المُؤمِنون الأغنياء في التفكير في طرق لنقل الماء حتى لا يلجئوا لدورات المياه العمومية ويتخلَّصوا من الخطية المُحيطة بسهولة.
لا يُعنِي ابتعادهم عن الحمامات العمومية الخوف من السقوط في الخطية، ولكن البُعد عن المُؤثِّرات الخارجية طالما الإنسان يستطيع ذلك.
▪︎ على مَن تقع المسئولية؟!
“وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا” (العبرانيين ١٢: ١).
“وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ”: نضع أنفسنا بالصبر.
“لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل”: يستخدم الرسول بولس هذا اللفظ للدلالة على الچاكيت الحديد الذي كان يُلبَس في الرياضة، وسبب ذلك هو زيادة التحدي ليكون هناك ثقلٌ على جسده أثناء منافسته مع اللاعب الآخر، فآية “لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل” تُعتبَر مشهد رياضي روحي.
“نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ.” (العبرانيين ١٢: ٢).
“نَاظِرِينَ”: تأتي في الأصل بمعنى أن نضع أعيننا على رئيس الإيمان ومكمله يسوع.
“لِنَطْرَحْ”: هذه الكلمة لها أكثر من معنى في اليوناني، ولكن هنا تُعنِي إلقاء كل ثقل بطريقة يَصعُب الوصول إليه مرة أخرى. يضع الكتاب المقدس المسئولية على عاتقنا في طرح الخطية، ونحن لدينا القوة لذلك.
لابدّ أن نكون في حالة من الصرامة والتعامُل بشراسة ضد الخطية، فلم يَقُل الكتاب إن الرب سيُساعدك للتوقُّف عنها، ولكنه قد أمرك بطرحها، فقالها بصيغة الأمر “لنطرح، لنحاضر”.
توجد الكثير من الأوهام الشيطانية التي تجعل الناس يعتقدون إنهم لن يستطيعوا مواجهة الخطية وينتظرون الرب ليجعلهم يُقاومونها ويفتح شهيتهم للصلاة، وذلك بسبب التعليم غير الدقيق عن النعمة وإنها هي التي ستحملك في وقت الضعف والمشكلة بالإضافة للعديد من المبادئ المغلوطة، مما جعلهم غير قادِرين على الصحيان والسهر والاستفاقة من هذه الأوهام!
عندما تكتشف مبادئ كلمة الله، ستَخرُج النعمة وتُستعلَن في حياتك ولا أُعنِي بذلك أنّ النعمة لن تحملك، بل هناك مسئولية عليك كي تحملك النعمة وتظهر في حياتك وهي أن تُولَد مِن الله وتكتشف روعة الطبيعة الإلهية داخلك والروح القدس، وبإدراكك لهذه الأمور ستجد أنك تستطيع مقاومة بل رفض الخطية بكل سهولة وسلاسة! مجدًا للرب.
“فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ.” (العبرانيين ١٢: ٣).
“فَتَفَكَّرُوا”: التفكير (أي الذهن) هو المَدخل والطريق الذي يستهدفه الشيطان ويَشنّ هجومه عليه كي يجعلك (ملبوخ) في حالة من الارتباك، وغير مُمتلِئ بمبادئ الله (مُخفِّف نفسك تجاه الرب)، ومِن ثَمَّ يجد المدخل ليُؤثِّر على صحتك ومادياتك، ولكن إن أدركت الكلمة وصارت هي طريقة تفكيرك سُتحاط بالروح القدس، لأن إبليس لن يستطيع أن يكمل هدفه وينجح مع الشخص الذي يسير بالكلمة، ومِن الوارد أيضًا أن يُلقِي بأفكاره إلى ذهنك ولكن سيتم إيقافه.
“فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ.” (العبرانيين ١٢: ٣).
“وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ”: تأتي في ترجمات أخرى؛ “لئلا تُضرَبوا أو تُحبطوا أو ترتَّخوا في أذهانكم، أو لئلا تُفقَد وترتخي أذهانكم ويحدُث لها حالة من الإغماء”، من هنا نفهم أن قوتك مرتبطة بطريقة تفكيرك.
“لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ.” (العبرانيين ١٢: ٤)؛ هذه آية انتقاد، فليس غرض بولس الرسول منها أن تصل إلى مرحلة الموت، على الرغم من أن هناك أشخاص ماتت من أجل سلوكها ضد مبادئ العالم، ولكنه يُعنِي أنّ مقاومة الخطية ليست مشكلة ولن تحتاج منك إلى معافرة، ولكن الأمر يتطلَّب إخلاء ذهنك مِمَّا هو مُمتلئٌ به من أفكار غير كتابية.
“٥ وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. ٦ لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». ٧ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ ٨ وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. ٩ ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟” (العبرانيين ١٢: ٥-٩).
شرحْتُ هذه الجزئية سابقًا، حيث إن “أبِي الأَرْوَاحِ” يجلد ويُؤدِب روحيًا وليس جسديًا، ووسيلة تأديبه هي الكلمة وليست الأمراض والمشاكل.
“اَلانْتِهَارُ يُؤَثِّرُ فِي الْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ جَلْدَةٍ فِي الْجَاهِلِ.” (الأمثال ١٧: ١٠)؛ مِن هذه الآية يتَّضح لنا أكثر أنّ تأديب الرب يكون مِن خلال كلمته، دعونا نعرف ما الذي يجب علينا لنكون أغنياء لله.
▪︎ الالتزام ومدى أهميته:
◇ المعنى العام للالتزام هو أن تضبط حياتك داخل إطار معين.
أما المعنى طبقًا لقاموس ويبستر (من قواميس الكتاب المقدس المشهورة): فهو السجن داخل شيء معين، مثل شخص تعهَّدَ والتزمَ بدراسةٍ ما، أعطى وقته ونفسه لدراستها أو رياضة مُعيَّنة، فبالتالي هو خاضِعٌ ومسجونٌ داخل هذا الالتزام.
مثلاً الغني الغبي الذي رأى راحته في جمع الثروة وأصبحَ بذلك غنيًّا لنفسه وليس لله، ومِن الناس أيضًا من يرى راحته فيما يحبه ويهواه، وهذا ليس الغنى لله، بل غني للنفس، هذا أيضًا التزامٌ ولكن تجاه موضوع آخر غير الرب.
الغِنى لله يُعنِي أن تسعى لمعرفة ماذا تقول الكلمة في كل موقف تَعبُر به، لذا تتحرَّك السماء في صفّك في وقت المشكلة، لأنك ذخَّرت الكلمة بداخلك، أما إن كنت مسحوبًا في العالم وليس صاحيًا وساهِرًا ولديك أعذارٌ لعدم دراستك للكلمة، وتُذّخر وتكوم أمورًا أخرى غير الكلمة، فالسماء ستتحرك أيضًا ولكن في هذه الحالة ستتحرك ضدك وليس معك، لذا ضربَ الرب يسوع مَثل الغني الغبي لنفهم معنى الغِنَى الحقيقي.
“فَقَالَ لَهُ اللهُ: “يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟” (لوقا ١٢: ٢٠).
“فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟”: أي مَن سينتفع بما أنت بذلت حياتك لجمعه؟!
الالتزام هو أن تأخذ قرارك لما أنت مُرتبِطٌ به، كالزوج تجاه زوجته والعكس، هذا الالتزام يجعله يقول نعم أو لا طبقًا لهذا الارتباط والالتزام. الالتزام هو أن تضع نفسك داخل سجن (ليس سجن العبيد أو المجرمين) بل أقصد المعنى الإيجابي.
دعونا نعرف تعريف كلمة “التزام” طبقًا لشواهد الكتاب المقدس. توجد في الترجمة اليونانية الكثير من الكلمات التي تُعنِي التزام ومنها “opheilō” ، وتُعطينا معني “المديون” في العربية، أي شخص يلتزم، ولا نجد هذا الوضوح في اللغة العربية فتارة تأتي “ينبغي” وتارة “يلزم أن”.
“بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ، فِي اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (٢ تسالونيكي ١: ١).
من الواضح أن كنيسة تسالونيكي كانوا مُستنيرين في أمر رسولية بولس؛ ولذا فهي الكنيسة الوحيدة التي لم يُعرِّف فيها بولس نفسه كرسول في بداية الرسالة، في حين كان يَذكُر ذلك في باقي الكنائس ليجعل الناس يُقدِّروا المسحة التي على حياته.
“فِي اللهِ”: أي الكنيسة الموجودة في الله، على الرغم مِن وجودها جغرافًيا على الأرض، ولكن هويتنا ومكانتنا تُحدَّد طبقًا للعالم الروحي، أُشجِّعك أن تمتلئ بفِكْر الرب وتصير غنيًا بالمعلومات الإلهية، بل وتُصبِح هي طريقة تفكيرك.
“٢ نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٣ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَمَا يَحِقُّ، لأَنَّ إِيمَانَكُمْ يَنْمُو كَثِيرًا، وَمَحَبَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ جَمِيعًا بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ تَزْدَادُ.” (٢ تسالونيكي ١: ٢، ٣).
“يَنْبَغِي لَنَا”: تأتي هذه الكلمة في اليوناني “opheilō” بمعنى نحن مديونون أو في حالة إدانة، بالطبع لن يأتي أحدهم في وقت التسبيح ويقول لك: “أنت مطلوب للقبض عليك بسبب عدم شكرك للرب في وقت التسبيح!” ولكن شعورك بمديونتك يجعلك تشكر الله، وهذا يأتي من تفكيرك حسب ما تقوله الكلمة، وطبقًا لتفكيرك في الكلمة وفيما صنعه الرب لأجلك لن تستطيع إيقاف إطلاقك لصوتك في العبادة والتسبيح.
▪︎ ما هي موانع الالتزام؟
- عدم التفكير فيما صنعه الرب لأجلك:
قد تجد شخصًا مُشتعِلًا في وقت ما، يسبح ويعبد الرب بكل قلبه، وتستطيع أن تُميِّز صوته أثناء العبادة والتسبيح عند سماعك لتسجيلات اجتماعات سابقة، ثم تجده مع الوقت بدأ ينطفئ! ما السبب يا ترى؟!
هو عدم وجود مديونية داخلية، وقد تجد لديه التشخيص الصحيح لحالته فيقول: “أنا انطفئت وضعفت”، إن كنت في هذه الحالة هل ستذكُر التشخيص فقط دون السعي لمعرفة سبب ذلك؟ ودون المحاولة للنهوض مرة أخرى؟ إن كنت تعتقد أن الله لا ينظر لنا بأننا مديونون، فبما تَرُدّ على الرسول بولس فيما يقوله في (٢ تسالونيكي ٣:١)؟!
يوجد من يُعلِّم عن محبة الرب بصورة غير كتابية، وبالتالي أدَّتْ هذه التعاليم إلى مفاهيم غير دقيقة من جهة كلمة الالتزام. إذًا ما هو تعريف كلمة “الالتزام” طبقًا لما قرأناه من شواهد كتابية سابقة؟
الالتزام: هو عملية فكرية عن طريق التأمُّل العمدي في الأمور التي صنعها الرب تجاهك، ولا تنتظر حتى يأتي ملاكًا من السماء ليجعلك تستيقظ روحيًا. لكن من الوارد أن يتكلَّم الرب إليك من خلال صوت المُسبِّح حينما يقول: “دعونا نعبد الرب معًا”، وقتها يجب أن تُرنِّم بقلبك، لترفع يدك حمدًا وشكرًا للرب.
لا تتجاهل ال phone أو الصوت الإلهي في هذه الكلمات، ولا تفعل ذلك بصوتٍ خافتٍ وأيدي مُرتخية، فعدم التزامك تجاه الرب وتجاهُلك للصوت الإلهي يجعلك تُضرَب وتُطحَن من ظروف الحياة.
“وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ”. (٢ تيموثاوس ٣: ١٤).
“عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ”: فبولس الرسول هو مَن عَلَّمَ تيموثاوس الثبات. اثبتْ لا تتقلقل ولا تقلق في هذه الحياة. انتبه! ما يجعلك تثبُت هو رصيد ومخزون الكلمة بداخلك (الغِنَى الإلهي بداخلك).
“وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (٢ تيموثاوس ٣: ١٥).
“تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ”: تجعلك حكيمًا في الأرض، وعالِمًا كيفية التغلُّب على ظروف الحياة بل والانتصار فيها، يتضح لنا أن ليس غرض الرسول بولس من رسالته لتيموثاوس هو معرفة الرب، لكن معنى “تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ”: أي جعلك تتغلب على ظروف الحياة وتنتصر، على الرغم من أن العهد الجديد بما فيه هذه الرسالة لم يكن كُتِبَ وقتئذ، فقد كان لديهم العهد القديم فقط.
“وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ”: ما أجمل أن يكون الطفل لديه رصيدٌ من الكلمة في الطفولة، مما يجعله لا يحتار ولا يتعب في الحياة.
“١٦ كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، ١٧ لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.” (٢ تيموثاوس ٣: ١٦، ١٧).
“مُتَأَهِّبًا”: تأتي في بعض الترجمات fully furnished أي مُجهَز ومُعَدّ، لم يُطلَق هذا اللفظ إلا على السفن الكبيرة التي تستطيع أن تُسافر لمسافات بعيدة مثل الشخص الذي بسبب تَمرُّسه في الكلمة يستطيع أن يواجه تحديات الحياة بصورة سَلِسة مهما كان طولها.
بإمكان الكلمة أن تجعلك تصل لمرحلة الfully furnished أي غني لله، ممتلئ بالمبادئ والأفكار الكتابية، وليس المقصود هنا أن تكون ممتلئًا بمعلوماته، لكني أتكلَّم عن أن يكون لديك منهجية تفكير الكلمة في ذهنك، فتُخرِج ما بداخلك من المعلومات التي درستها في الكلمة على مواقف وظروف الحياة.
تعريفٌ آخر للالتزام: هو أن تضع أمام عينيك شيئًا تلتزم به مُكمِّلاً العمل للنهاية، من هنا يجب أن تفهم شيئًا هامًا، يوجد مَن يرتدي الزي المدرسي لكنه لم يرَ أهمية التزامه في المدرسة، نراه يقفز من فوق السور أو يشرب سجائر بداخل المدرسة أو يتمشَّى فيها مع أصدقائه وسبب هذا السلوك هو التربية الخاطئة.
الشخص غير المُلتزِم هو شخصٌ فاشلٌ، والفشل هو عدم الاستمرار في الشيء الذي بدأت فيه، خير لك ألّا تبدأ فيه عن أن تبدأ ولا تُكمِل.
▪︎ تدريبات لابد من اجتيازها:
“١ وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا. ٢ وَسَيَتْبَعُ كَثِيرُونَ تَهْلُكَاتِهِمْ. الَّذِينَ بِسَبَبِهِمْ يُجَدَّفُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ. ٣ وَهُمْ فِي الطَّمَعِ يَتَّجِرُونَ بِكُمْ بِأَقْوَال مُصَنَّعَةٍ، الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ مُنْذُ الْقَدِيمِ لاَ تَتَوَانَى، وَهَلاَكُهُمْ لاَ يَنْعَسُ. ٤ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِي سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَسَلَّمَهُمْ مَحْرُوسِينَ لِلْقَضَاءِ، ٥ وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى الْعَالَمِ الْقَدِيمِ، بَلْ إِنَّمَا حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ، إِذْ جَلَبَ طُوفَانًا عَلَى عَالَمِ الْفُجَّارِ. ٦ وَإِذْ رَمَّدَ مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالانْقِلاَبِ، وَاضِعًا عِبْرَةً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يَفْجُرُوا، ٧ وَأَنْقَذَ لُوطًا الْبَارَّ، مَغْلُوبًا مِنْ سِيرَةِ الأَرْدِيَاءِ فِي الدَّعَارَةِ. ٨ إِذْ كَانَ الْبَارُّ، بِالنَّظَرِ وَالسَّمْعِ وَهُوَ سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ، يُعَذِّبُ يَوْمًا فَيَوْمًا نَفْسَهُ الْبَارَّةَ بِالأَفْعَالِ الأَثِيمَةِ. ٩ يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ، وَيَحْفَظَ الأَثَمَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مُعَاقَبِينَ، ١٠ وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَذْهَبُونَ وَرَاءَ الْجَسَدِ فِي شَهْوَةِ النَّجَاسَةِ، وَيَسْتَهِينُونَ بِالسِّيَادَةِ. جَسُورُونَ، مُعْجِبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، لاَ يَرْتَعِبُونَ أَنْ يَفْتَرُوا عَلَى ذَوِي الأَمْجَادِ، ١١ حَيْثُ مَلاَئِكَةٌ وَهُمْ أَعْظَمُ قُوَّةً وَقُدْرَةً لاَ يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِمْ لَدَى الرَّبِّ حُكْمَ افْتِرَاءٍ. ١٢ أَمَّا هؤُلاَءِ فَكَحَيَوَانَاتٍ غَيْرِ نَاطِقَةٍ، طَبِيعِيَّةٍ، مَوْلُودَةٍ لِلصَّيْدِ وَالْهَلاَكِ، يَفْتَرُونَ عَلَى مَا يَجْهَلُونَ، فَسَيَهْلِكُونَ فِي فَسَادِهِمْ ١٣ آخِذِينَ أُجْرَةَ الإِثْمِ. الَّذِينَ يَحْسِبُونَ تَنَعُّمَ يَوْمٍ لَذَّةً. أَدْنَاسٌ وَعُيُوبٌ، يَتَنَعَّمُونَ فِي غُرُورِهِمْ صَانِعِينَ وَلاَئِمَ مَعَكُمْ. ١٤ لَهُمْ عُيُونٌ مَمْلُوَّةٌ فِسْقًا، لاَ تَكُفُّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، خَادِعُونَ النُّفُوسَ غَيْرَ الثَّابِتَةِ. لَهُمْ قَلْبٌ مُتَدَرِّبٌ فِي الطَّمَعِ. أَوْلاَدُ اللَّعْنَةِ. ١٥ قَدْ تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ. ١٦ وَلكِنَّهُ حَصَلَ عَلَى تَوْبِيخِ تَعَدِّيهِ، إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقًا بِصَوْتِ إِنْسَانٍ. ١٧ هؤُلاَءِ هُمْ آبَارٌ بِلاَ مَاءٍ، غُيُومٌ يَسُوقُهَا النَّوْءُ. الَّذِينَ قَدْ حُفِظَ لَهُمْ قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ. ١٨ لأَنَّهُمْ إِذْ يَنْطِقُونَ بِعَظَائِمِ الْبُطْلِ، يَخْدَعُونَ بِشَهَوَاتِ الْجَسَدِ فِي الدَّعَارَةِ، مَنْ هَرَبَ قَلِيلاً مِنَ الَّذِينَ يَسِيرُونَ فِي الضَّلاَلِ، ١٩ وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ. لأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ، فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا! ٢٠ لأَنَّهُ إِذَا كَانُوا، بَعْدَمَا هَرَبُوا مِنْ نَجَاسَاتِ الْعَالَمِ، بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمُ الأَوَاخِرُ أَشَرَّ مِنَ الأَوَائِلِ. ٢١ لأَنَّهُ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الْبِرِّ، مِنْ أَنَّهُمْ بَعْدَمَا عَرَفُوا، يَرْتَدُّونَ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُسَلَّمَةِ لَهُمْ. ٢٢ قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي الْمَثَلِ الصَّادِقِ: «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى قَيْئِهِ»، وَ«خِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ الْحَمْأَةِ».” (٢ بطرس ٢: ١-٢٢).
“١ كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ”: يتكلّم الرسول بطرس هنا إلى مُؤمِنين، فهؤلاء كانوا موجودين في الكنيسة.
“١٩ فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا!”: يُعنِي بها الذين ضبطوا أفكارهم بطريقة خاطئة، فمَن تخلَّص من نجاسات العالم لا يرتبك أيضًا فيها، ولا يحتاج إلى أن يتحرَّر أو يُخرِج أحدهم الأرواح الشريرة من عليه مرارًا وتكرارًا بل أصبح “مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ.” (٢ تيموثاوس ٣: ١٧)، والوصول لهذه المرحلة يَحدُث نتيجة عمل كلمة الله في الشخص.
“٢٠ يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمُ الأَوَاخِرُ أَشَرَّ مِنَ الأَوَائِلِ”: هذا الشخص الذي يتحدَّث عنه الرسول بطرس اُفْترِسَ من إبليس، لأنه قَبِلَ يسوع ولم يسلُك في الحق الكتابي والوصية المُسلَّمة له، وبذلك صار هدفًا شيطانيًا، لذا يُعاني في الحياة أكثر من الخاطئ الذي لم يقبل الرب يسوع!
هنا يأتي السؤال؛ إذًا لماذا لابدّ لنا أن نقبل يسوع؟ لأن عدم قبوله سيُؤدي بنا إلى الجحيم. إن كنت بقبولي ليسوع سأُواجه هجومًا شيطانيًا بصورة شَرِسة، فكيف يُمكنني التغلُّب عليه؟! يُمكنك التغلُّب عليه بأن تصير غنيًا لهذا الإله، وأنت تُخزِّن المعرفة مبكرًا، وتأخذ الحق الكتابي في ذهنك وروحك، ولا تنتظر أزمات الحياة حتى تدرس الكلمة.
كما ينبغي أن تعرف الأسباب الروحية وراء الأحداث والظروف، فما يَحدُث من ظروف ومواقف الحياة وراءه قوة تدفعه، فلا توجد ظروف تأتي من تلقاء نفسها بدون قوة دافعة سواء كانت سلبية أم إيجابية، نستطيع أن نرى ذلِكَ في الطبيعة التي حولنا وقوانين الفيزياء، كذلك في دوران الأرض حول الشمس، فهناك قوة تجعلها تتوازن كي تدور حول الشمس.
حتى تصنيع المواد مثل البلاستيك وغيره، خلفه قوة تفكير دفعت الشخص الذي صنعها لذلك، فكلُ شيءٍ ورائه قوة روحية، لذا عندما تكون غنيًا لهذا الإله ووقتك مُستهَلكٌ في الكلمة وصار لديك رصيد كبير منها، وترى أن ثباتك فيها، من هنا تستطيع أن تكون مُؤهَّلاً لمواجهة تحديات الحياة والتغلُّب عليها، ولا تهتز أو تنهزم ولا تتأثر بالمواقف لأن لديك رصيد من الكلمة.
إن هدف إبليس الأساسي هو ضَرْب الالتزام لدى الشخص، قد يأتي لك من خلال شخصٍ يُخفِّف لديك من عادة حضور الاجتماع، مُبرِّرًا ذلك بأن لديك امتحانًا وليس هناك الوقت الكافي لحضور الاجتماع، أو قد يأتي لك إبليس بأفكاره لكي يسحبك إلى الفيس بوك أو الواتساب أثناء دراستك للكلمة أو سماعك لعظة، قد تجد جسدك مُتضايقًا في البداية إن لم تستمتع لأفكار إبليس وسلكت بروحك، لكن ان يستمر الأمر هكذا! أُشجِّعك أن تستمر، فما هي إلا مسألة وقتٍ وتجد جسدك خاضِعًا غير مُقاوِمٍ.
ليَكُن لديك طريقة التفكير هذه: التزامك ناحية الكلمة هي مسألة حياة أو موت، فلا يوجد شيءٌ على وجه الأرض يمنعك من أن تلتزم تجاه الرب.
“لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا.” (العبرانيين ١٢: ١).
“لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل”: لا تضع أعذارًا أو شمَّاعات لعدم التزامك، فهذه أكذوبة، بل اطرحها بصورة يَصعُب معها الرجوع إليها.
“وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا”: هناك جهادٌ موضوعٌ أمامك وهو أن تلتزم تجاه الكلمة وتُخزِّن معرفة، و بقدر ما خَزَّنت من المعرفة بقدر ما ترى نتائج.
تعلَّمْتُ من أسرتي الالتزام بحضور الاجتماع حتى إن كان لديَّ امتحانٌ بالثانوية العامة في الغد! بدأت هذه التدريبات منذ الصِغر بإلزامي بالجلوس في القاعة أثناء العظة بل وكتابتها حتى وإن كان ما سأكتبه هو الحروف الأبجدية!
عندما وصلت للمرحلة الإعدادية جعلتني هذه التدريبات أضعُ في قلبي أن أعرف هذا الإله وأُصغي إلى النصائح التي كانت تُقال لي مِن والدي ووالدتي وأخوتي، وقد ساعدني الروح القدس أن أتذكَّرُ هذه الأمور لكي أقولها للناس، ولا أستمعُ للمُنتقِدين.
يقول بولس لتيموثاوس: “لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ.” (١ تيموثاوس ٤: ١٢).
“كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ”: أي قَدِّمْ نفسك مثالاً، فهناك أمور يجب إعطاؤها للناس، فيقول الرسول بولس إنه لم يُخفِي شيئًا من الأمور التي كانت لفائدتهم إلّا وأخبرهم بها؛ “كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ.” (أعمال الرسل ٢٠: ٢٠).
كانت أحيانًا تراودني الأفكار أن أُخفِّف من حُبي للرب، ولكني كنت أرجع لأُفكِّر في الرب مرةً أخرى، فلا تكُن من الذين يتجاهلون الصوت الإلهي حتى أصبحوا لا يسمعونه! لا تنتظر الكوارث أو المواقف المُرعِبة لتستفيق لهذا الصوت، حينما تستفيق ستجد أن الوقت قد تأخَّر للأسف!
هناك سؤالٌ مشهورٌ وهو: “لماذا أجد المشاكل والكوارث تُحاوِطني منذ أن قبلت يسوع؟” لأن كل من قَبِل يسوع يجب أن يسير في ضوء الكلمة (ضد تيار العالم)، وإلا سيقتنصه إبليس لأنه يتربَّص للمؤمن الذي يبتعد عن الكلمة، وهذا ليس معناه أن الرب هو مَن يرسل المشاكل.
لا أُعني بهذا أن لا تقبل يسوع، فعدم قبولك له سيؤدي بك إلي الجحيم، ولكن أقبل يسوع وامْشِ بالكلمة، عدم سلوكك بالكلمة يُشبِه شخصًا ما صنعَ الخلطة وبدأ في طهي الطعام على النار ولكنه لم يُكمْل، فإن أكلَ من هذا الأكل غير المَطهي جيدًا سيُعاني أيضًا، لكن المعاناة التي سيعانيها من الأكل غير المَطهي جيدًا أشرس من معاناته وهو جائِعٌ.
“يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَتِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَمَا يَحِقُّ، لأَنَّ إِيمَانَكُمْ يَنْمُو كَثِيرًا، وَمَحَبَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ جَمِيعًا بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ تَزْدَاد.ُ” (٢ تسالونيكي ١: ٣).
“يَنْبَغِي لَنَا”: أنت مُطالَبٌ أن تشكر في كل الأوقات، ليس بقلبك فقط بل بفمك أيضًا، حتى وإن كنت تحفظ الترانيم أو كلمات الآيات عن ظهر قلبٍ فلا تعتَدْ عليها بل ضعْ هيبةً لها بداخلك وردِّدها وقُلْها بفمك، وبهذا تستطيع أن تستقبل مِن رجال الله.
حينما تهتز داخليًا وتتفاعل أثناء سماعك للكلمة، ستجد نتائج لإيمانك، ولكن كيف تستطيع التفاعُل مع الكلمة؟ عن طريق إطلاق صوتك أثناء العبادة والتسبيح، وكلما تسمع الآية نفسها ترى بها استنارة جديدة، وبهذا تستطيع إطلاق روحك تجاه المواقف، فروحك بها القوة الإلهية لتحطيم أي مشكلة.
“وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ.” (يعقوب ١: ٢٢).
“عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ”: فنحن مَسئولون عن صناعة الكلمة في الأرض، أي صُنْع المعجزات. تتحرَّك الملائكة بمقدار ما خزَّنته داخليًا مِن الكلمة وباستخدامك لأسلحتك الروحية، أي مخزون الكلمة بداخلك بمثابة أدوات تستخدمها الملائكة لخدمتك وإنجاز أمورك، أُشير عليك أن تضع نفسك في هذا التدريب ألّا وهو التفكير في نتائج تخزين الكلمة.
مثلاً تفكيرك في نتائج عدم ذهابك لعملك وعدم حصولك على المرتب، يُشجِّعك للاستيقاظ مبكرًا والذهاب للعمل. حرصك على إغلاق الصنبور أو باب منزلك جيدًا لأنك إن لم تغلق الباب جيدًا فسوف تُسرَق، ليكن لديك طريقة التفكير نفسها تجاه الكلمة.
“لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ.” (١ كورنثوس ٩: ١٦).
“فَوَيْلٌ لِي”: أي مجموعة من اللعنات والكوارث إن لم يُبشِّر! إن استمعت للحق الكتابي في هذه السلسلة ووضعت الكلمة وضع التنفيذ ستصل في النهاية إلى التزام مُتزايد لا نهاية له، فقط أعطِ قيمة للأمور الإلهية، ولا تجعل أي فكرة أو أي شخص يُبخِّس من قيمة الكلمة لديك.
عندما كنا عائدين من عند باستور كريس أول أمس، كان ابني چوشوا يحلّ واجباته المدرسية التي فاتته في أثناء غيابه من المدرسة في فترة المؤتمر وكان يجلس بجوارنا رجل هندوسي يعبُد هندو (حدَّثته عن الرب يسوع ولكنه رفضَ)، حاول مساعدة ابني في حلّ واجباته عن طريق إيضاح طُرق حلّ مسائل الرياضيات فحدثَ رابطٌ بينه وبين هذا الشخص، بعدها لاحظت ارتباك چوشوا وأدركت أنّ الأرواح الشريرة التي كانت على ذهن هذا الشخص، بدأت بإلقاء نفسها على ابني، فنصحته بأن يصلي بألسنة فانتهت هذه الحالة وابتعدت عنه الأرواح الشريرة.
ما الذي أريد إيضاحه من سردي لهذا الحدث؟ إنك تستطيع الدخول لعالم الروح بأشكال وصور مختلفة، لذا يجب الحرص في تعامُلك مع الناس وليس الناس فقط بل الأفكار التي تسمح بدخولها لذهنك طول الوقت، هذا الرجل المذكور لم يضع يده عليه أو صنعَ له تعويذةً، هو فقط حاول مساعدته في حلّ مسائل الرياضيات (وشكرًا لقلبه).
الحل أن تكون غنيًا لهذا الإله، وتملأ ذهنك بالكلمة، ولا تُعطي مساحة فارغة لإبليس، فالحقول المشغولة لن يستطيع إلقاء بذاره بها لأنها مُعطِية لطاقتها وقوتها للزرع الموجود بها.
التزامك تجاه الرب يساوي حُبك له، والتزامك تجاه المادة، يُعني حبك لها. عدم التزامك تجاه شريك حياتك يُعنِي إنك لا تحبه بالمحبة الإلهية ولديك أعذارك وأفكارك لعدم محبتك له. وضعَ الكتاب المقدس قائمةً من الالتزامات (سأذكُرها في باقي السلسلة).
إن كنت ترى أنّ الالتزام ناموس والنظام عبارة عن قيود، فأنت تحتاج أن تقطع رسائل الرسول بولس والرسول يوحنا من كتابك المقدس! فالناموس ليس عهدًا قديمًا ومَن يقول هذا لديه جهلٌ بمفاهيم العهد القديم والجديد. يقول الكتاب المقدس في الرسالة إلى العبرانيين: “لأَنَّ هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا.” (العبرانيين ٨: ١٠).
تكمُن مشكلة الناموس الحقيقة في محاولة الشخص أن يعيشه وهو لم يُولَد من الله، فيحاول أن يعيشه بالقدرة البشرية، لكن الآن وضعَ نواميسه في أذهاننا وقلوبنا فنستطيع أن نعيشها بكل سهولة، مجدًا للرب!
الالتزام هو نظامٌ، هو حبٌ وهو قرارٌ شخصيٌّ لن يُقرِّره لك أحدهم، لكن دوره سيقتصر فقط على نصحك. يكون الالتزام ناحية شريك الحياة وفي عملك وفي الالتزام بطلبات المنزل ومع أطفالك دون تمييز طفلٍ عن آخر. الالتزام أيضًا في إعلان يسوع ربًا على حياتك، وفي التعبير عن حُبك له. شرحتها في سلسلة “الحياة المسيحية وكيف تحياها“.
لابدّ أن تنتقي من العالَم ما تتعامل معه، لا تجعل حياتك مُنفتِحة عليه وعينيك تنظر في هاتفك على أمور أخرى سوى الرب، وإن كنت ترى إنك درست الكلمة ولا يوجد شيء آخر لتفعله وتشعر بمللٍ، هذا يَنُم على عدم وصولك للتشبُّع بهذا الإله، وعدم تخلُّصك من أمور أرضية بشرية، أنصحك بالرجوع للرعاية الروحية لمعرفة سبب ذلك.
كلما وضعت رِجْلك في الكلمة اندمجت فيها، ولن تترك الكلمة بل تضع كل الوقت للرب. قد تجد صعوبة ومعافرة في بداية تدريبك لدراستها، استمرْ فهذا هو الحب الإلهي الخالص للرب. تذكَّرْ الطالب الذي لن يجد لذةً في استذكار دروسه في اليوم الأول والثاني من الدراسة، ولكن مع الالتزام والجدية تجده في اليوم الثالث أو الرابع اندمج في الاستذكار.
لذا لا تستعجل على نضوجك وضع في قلبك ألا تتنازل عن حُب الرب بكامل القلب والعيش لأجله.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download