القائمة إغلاق

Self Esteem part 1 القيمة الذاتية الجزء

 العظة المكتوبة(للجزئين معا ولينك الجزء 2  للعظة المسموعة موجود بالأسفل)

لقراءة النسخة الانجلش، اضغط على الصورة

القيمة الذاتية

* تعرف على مصادر كرامتك الحقيقية.

* هناك قوة استثنائية وراء إدراكك لكرامتك في المسيح.

* الروح القدس يعمل عملاً أبويًّا في حياتك، ويشفي ثغرات الطفولة والتربية الخطأ.

* العلاج الحقيقي لصِغَر النَفْس.

* سلبيات أنْ ترى نفسك بصورة خاطئة.

* كيف تبني صورتك الحقيقية.

     إنْ لم تدرك قيمتك الذاتية، وقيمتك لدى الله ستُعاني وتُصارع كثيرًا وتسعى دائمًا لكي تُثبت نفسك، وهذا ما يجعل الكثيرين يتأثرون بالمدح والذم؛ لذلك لابد أنْ تعرف قيمتك لدى الله وكيف يراك لأن هذا ما يُحدد مسار حياتك، وحتى تحيا حياة منتصرة وسلسة يجب عليك فِعْل ما تقول الكلمة “لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ.” (عبرانيين ١٢ : ١).

القيمة الذاتية:

“فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ (تهتم به)! وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ (إلوهيم الله) وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ.” (مزمور ٨ ٤-٦).

     يتسأل هنا كاتب المزمور مَن هو الإنسان حتى تهتم به؟! الرب وضعك في مكانةٍ تليه مباشرةً ثم الملائكة التي هي أرواحٌ خادمة لك. فهمك لمَن أنت في المسيح وقيمتك الذاتية هو ما يجعلك تحيا حياة منتصرة وغالبة هنا على الأرض ولكن إنْ لم يكن لديك نظرة سليمة عن نفسك ستعاني كثيرًا هنا على الأرض وتتأثر بمدح وذم الناس لك. اسأل نفسك هل ترى ذاتك مذنبًا وتتذكر باستمرار ماضيك السيء؟! إنْ كان كذلك فهذا يعطلك روحيًا ويجعلك تتخذ قراراتٍ بناءً على ما يقوله الآخرين عنك وتبدأ في رسم حياتك طبقًا لذلك وليس طبقًا لِما يقوله الله عنك وبالتالي تُخرّبها.

كما ترى ذاتك، سيراك الآخرون:

“وَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الجَبَابِرَةَ (بَنِي عَنَاقٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ). فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالجَرَادِ وَهَكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ” (عدد ١٣: ٣٣).

    تم إرسال اثنى عشر رجلاً لتجسس الأرض التي وعدهم الرب بها ورجع عشرة منهم بأخبارٍ سلبية (العيان) ورجع الآخرون بتقاريرٍ مختلفةٍ  (تقارير الإيمان)، وهنا هم رأوا أنفسهم كالجراد وبالتالي رآهم بنو عناق بالصورة نفسها.

    هناك مَن يرسم صورة لنفسه بناءً على كلام الناس عنه (الجمال، المال، المؤهلات،…)؛ لذلك إدرك أنّ الصورة التي ترى نفسك بها سيراك بها الآخرون لأن ما تراه وتفكر فيه عن نفسك ستسلك به، وهذه هي حياة المؤمن الذي لا يدرك الكلمة والذي رُسِمَتْ حياته بناءً على ماضيه ونظرة الآخرين له؛ ولذلك تجده يهتم كثيرًا بمعرفة ما يقوله الناس عنه ويُحلّل كلامهم، مما يجعله ثقيلاً روحيًا.

  • مثالٌ توضيحيٌ:

    إنْ ظللت تقول لطفلك “أنت فاشلٌ”، سيرى نفسه كذلك، وبالتالي يسلك بهذه الصورة حينما يكبر.

    انتبه! عدم إدراكك لصورتك وقيمتك الحقيقية هو سبب ضعفك وسقوطك المُتكَرِر في الخطية  الذي يجعلك تطعن في قيمة نفسك وترى نفسك محتقرًا ومذلولاً ومِن هنا تحاول أنْ تُثبت ذاتك، ولا ترى الروعة التي في الآخرين ولا تمدح الإيجابي فيهم حتى لا تواجه مقارنات ضدك، وتخاف داخليًا مِن الآخرين وهذا الخوف مثل ثعبانٍ تُربيه بداخلك وسيأتي اليوم الذي يَنْقضّ فيه عليك ويلدغك.

    إنْ رأى الطفل والديه يصلّون “سامحنا يارب”، سيُرسَم لديه صورة إنه تحت الدينونة دائمًا وغير مَرضي عنه وعلاج ذلك أنْ يعرف ما تقوله الكلمة عنه “إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (رومية ١:٨)، وليس علاجًا نفسيًا.

تكمن كرامتك في روحك المُعاد خلقها:

“لَيْسَ كُلُّ جَسَدٍ جَسَداً وَاحِداً بَلْ لِلنَّاسِ جَسَدٌ وَاحِدٌ وَلِلْبَهَائِمِ جَسَدٌ آخَرُ وَلِلسَّمَكِ آخَرُ وَلِلطَّيْرِ آخَرُ. وَأَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ وَأَجْسَامٌ أَرْضِيَّةٌ. لَكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّاتِ شَيْءٌ وَمَجْدَ الأَرْضِيَّاتِ آخَرُ. مَجْدُ الشَّمْسِ شَيْءٌ وَمَجْدُ الْقَمَرِ آخَرُ وَمَجْدُ النُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْماً يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ. هَكَذَا أَيْضاً قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ: يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ وَيُقَامُ فِي عَدَمِ فَسَادٍ. يُزْرَعُ فِي هَوَانٍ وَيُقَامُ فِي مَجْدٍ. يُزْرَعُ فِي ضُعْفٍ وَيُقَامُ فِي قُوَّةٍ . يُزْرَعُ جِسْماً حَيَوَانِيّاً وَيُقَامُ جِسْماً رُوحَانِيّاً. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ هَكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضاً: «صَارَ آدَمُ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ نَفْساً حَيَّةً وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً لَكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ وَبَعْدَ ذَلِكَ الرُّوحَانِيُّ. الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هَكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضاً وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هَكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضاً. وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضاً صُورَةَ السَّمَاوِيِّ.” (١كورنثوس١٥: ٣٩-٤٩).

    المجد هو شيءٌ مُبهرٌ، وهو يُعني بـــ “حَيَوَانِيٌّ” أنه ليس فيه روح Spiritless لأن الحيوانات ليس بها روح؛ لذلك يقول في (أمثال ١٢: ١٠) “الصِّدِّيقُ يُرَاعِي نَفْسَ بَهِيمَتِهِ أَمَّا مَرَاحِمُ الأَشْرَارِ فَقَاسِيَةٌ.” قال نَفْس وليس روح بهيمته.”

    “يُزْرَعُ فِي فَسَادٍ”: فساد تعني قابل للتحطيم والانحلال وما حدث مع يسوع في القيامة سيحدث مع أجسادنا لأنه يقول في عدد ٤٩ “وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضاً صُورَةَ السَّمَاوِيِّ” ولكننا الآن نتمتع بنفس نوع الحياة التي تمتع بها يسوع بعد القيامة باستثناء خلاص أجسادنا بمعنى إذا مرضت تستطيع أنْ تمارس إيمانك ضد المرض وتستلم شفائك.

     “فَسَادٍ/ عَدَمِ فَسَادٍ”، “هَوَانٍ/ مَجْد”، “ضُعْفٍ/ قُوَّةٍ”، “حَيَوَانِيّاً/ رُوحَانِيّاً” هذا يعني أنّ عدم الفساد (عدم التحطيم أو التدمير)، المجد، القوة، الروحانية صارت مِن الخصائص المميزة لنا كمولودين مِن الله وهذه القدرات تكمن في روحك.

 “وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ سَنَلْبَسُ أَيْضاً صُورَةَ السَّمَاوِيِّ”

    في الترجمات الأصلية لا تأتي “سَنَلْبَسُ” بل “دعونا نسلك” كما في الترجمة الموسعة أيضًا “كما لبسنا صورة (الإنسان) الذي مِن التراب، هكذا ينبغي ودعونا نلبس صورة (الإنسان) الذي مِن السماء” لأننا قمنا مع المسيح كما يقول في (أفسس٦:٢)وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” وهنا هو يتكلم عن الكائن الروحي الذي قام؛ لذلك كرامتك تكمن في روحك وإنْ اكتشفت أنّ كرامتك هي فيما فعله يسوع لك، ستختلف حياتك تمامًا.

تكمن كرامتك في عمل الروح القدس في حياتك:

“فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ.” (رومية ٤:٦).

    الذي أقام الرب يسوع هو مجد الآب الذي هو الروح القدس لأنه يقول في الرسالة إلى رومية “وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ” (رومية ١١:٨)،  فكرامتك تكمن في عمل الروح القدس وليس في سعيك أنْ تُثبت كرامتك لأن قوة القيامة تعمل في جسدك وروحك.

أنت كنزٌ كثير الثمن في نظر الرب:

أَيْضاً يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزاً مُخْفيًا فِي حَقْلٍ وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْحَقْلَ” (متى ٤٤:١٣).

    “مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ”: هي السماء على الأرض لأن السماء صارت مفتوحةً بسبب ما فعله الرب يسوع وكل مَن يقبل الرب يسوع فاديًا وسيدًا على حياته تنفتح عينه على السماء المفتوحة وكلما عرف مَن هو في المسيح تعامل بسيادة وسلطان على الأرض وبالتالي لن يسعى لإثبات نفسه أو يبحث عن كرامته في شيءٍ أو شخصٍ والرب ينظر للإنسان سواءً مؤمن أو خاطي أنه كنزٌ كما إنه قام بشراء الحقل كله مِن أجله، فهو ينظر لك نظرة اهتمام وتقدير.

 مَن أنت ومِن أين خرجت؟!

“فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ وَقَدْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجَ وَإِلَى اللَّهِ يَمْضِي قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا  ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا.” (يوحنا٢:١٣-٥).

    “أَلْقَى الشَّيْطَانُ”: تعني أنه أعطاه اقتراحًا؛ أي فكرة، وقام يهوذا بالتساوي معها.

    كان المعلم في ذلك الوقت يعامل معاملةً مملوءةً هيبةً واحترامًا وتقديرًا، وأنْ يغسل المعلم أرجل التلاميذ ليس أمرًا سهلاً، تخيل معي دكتور جامعة يغسل أرجل تلاميذه!! ولكن كان وراء ذلك قوة.

     لن تستطيع أنْ تمدح الآخرين إنْ لم تكن تعرف المدح الإلهي، وتجد نفسك تخاف مِن ترقيتهم وتطورهم لئلا يسبقونك؛ لأنك لا تدرك أنك تُمْدَح مِن الله ذاته، ومبارك بكل شيءٍ في المسيح يسوع “مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ.” (أفسس ٣:١)، وتستبعد حدوث ذلك معك وتكون النتيجة -دون أنْ تدري- أنك تطحن الآخرين لأنك لا تدرك قيمتك الذاتية.

ماذا أنت راءٍ عن نفسك؟!

“تَحْتَ ثَلاَثَةٍ تَضْطَرِبُ الأَرْضُ وَأَرْبَعَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ احْتِمَالَهَا: تَحْتَ عَبْدٍ إِذَا مَلَكَ وَأَحْمَقَ إِذَا شَبِعَ خُبْزاً. تَحْتَ شَنِيعَةٍ إِذَا تَزَوَّجَتْ وَأَمَةٍ إِذَا وَرَثَتْ سَيِّدَتَهَا.” (أمثال ٢١:٣٠-٢٣).

      يرى العبد نفسه عبدًا ويسلك كعبدٍ دائمًا، وعندما يتسلط على شيء تضطرب الأرض كلها؛ لأنه لا يؤمن أنه ملكٌ وإنْ كنت تمارس إيمانك تجاه شيءٍ ولكنك لا تدرك أنك ملكٌ وأنك تمتلك هذا الشيء لن ترى نتائج لأن الأمر لا يكمن في الكلمات المنطوقة فقط بل أنْ ترى الصورة الحقيقية عن نفسك.

    الأحمق هو شخصٌ ذهنه فارغٌ، Empty headed عندما يصير لديه مالٌ فجأة تضطرب الأرض بسببه. والشنيعة: أي المكروهة إذا تزوجت تضطرب الأرض بسببها؛ لأن مَن يُوضَع في منصبٍ وهو لا يرى أنه في هذا المكانة يخرب كل شيءٍ لأنه لا يرى الصورة الحقيقية عن نفسه.

     عندما قال موسى للشعب أنّ الرب سمع صراخهم وأنه أرسله ليُخرجهم مِن مصر لم يصدقوه بسبب شعورهم بصِغَرِ النفس “فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي اسْرَائِيلَ هَكَذَا وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ النَّفْسِ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ.” (خروج ٩:٦)، يأتي صِغَر النَفْس نتيجة أنك لا ترى الصورة الحقيقية عن نفسك، والحل أنْ ترى قيمتك الحقيقية لأن المولود مِن الله صار في مجد وقوة وعدم فسادٍ بعد قيامة يسوع والمجد هو الكرامة، ولكن مَن لم يولد مِن الله لا يسري عليه ذلك.

     صورتك الحقيقية لا تكمن في بلدك، مستواك الإجتماعي، جمالك أو مظهرك الخارجي مثلما استحسنوا شاول بسبب طول قامته؛ لذلك إنْ كانت كرامتك مبنية على نظرة الناس لك ولا تعتمد على الروح القدس الذي يمدحك دائمًا ستنهار أجلاً أو عاجلاً لكن كرامتك تكمن في قيامتك مع المسيح.

 افهم كرامتك الحقيقية:

إِنْسَانٌ فِي كَرَامَةٍ وَلاَ يَفْهَمُ يُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الَّتِي تُبَادُ.” (مزمور ٢٠:٤٩).

   الإنسان الذي لا يدرك أنه في كرامة هو مثل البهيمة التي لا يهتم بها أحدٌ ولا يعطيها اعتبارًا ويقررون ذبحها في أي وقتٍ بسهولة.

    عدم فهمك للكلمة وربطك لكرامتك برأي الآخرين يُشعرك بعدم الاطمئنان والخوف دائمًا دون أنْ تعرف سبب مخاوفك، ويصير الخوف فخًا لك وهنا تحتاج أنْ تفتح قلبك على مَن يتابعك روحيًا لكي يستطيع مساعدتك. ربما أنت خائفٌ على صورتك إنْ ظهر عدم فهمك للكلمة أمام الناس، وتحاول جاهدًا للمحافظة عليها (التمثال الخاص بك)، وهذا مِن أسباب ردك للإساءة بإساءة لأنك لا تعرف صورتك الحقيقية مِن الروح القدس.

“أَكْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْعَسَلِ لَيْسَ بِحَسَنٍ وَطَلَبُ النَّاسِ مَجْدَ أَنْفُسِهِمْ ثَقِيلٌ.” (أمثال ٢٧:٢٥).

     إنْ سعيت وراء مجد نفسك ستعاني كثيرًا وتُحطم ذاتك؛ لذلك فَكّرَ الرب في هذا الأمر وأعطاك الكرامة لكي لا تبحث عنها في شيءٍ أو تسعى لمجد نفسك، بل عليك أنْ تعرف الكرامة والمجد التي أعطاها الرب لك وتسلك بها.  الكرامة هي أنْ تعرف أنك لن تفنى هنا على الأرض مثل البهائم، وهذا له علاقة بإدراكك لطبيعتك التي تُحدِث تغييرًا في مواقف الحياة، وهي قوتك التي تتكلم عنها الكلمة.

  • ترجمة الفاندايك

“اَلْحَكِيمُ يَخْشَى وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ وَالْجَاهِلُ يَتَصَلَّفُ وَيَثِقُ.” (أمثال ١٦:١٤).

  • الترجمة الموسعة

“الرجل الحكيم يرى الخطر ويتجنب الشر بحذر، أما الأحمق يغضب بوقاحة ويثق بعجرفة.”

    يُظهر الأحمق غضبه سريعًا جدًا، أما الشخص الواعي الحكيم يتجاهل أخطاء الآخرين، بمعنى عندما يُهينك أحدهم تجاهل ذلك ولا ترد الإساءة بإساءةٍ، ولا تسعى للمحافظة على صورتك وكرامتك؛ لأنك تعرف وتدرك جيدًا مكانتك، والطب النفسي لا ولن يساعدك في إدراك كرامتك، لأنها تأتي مما فعله يسوع مِن أجلك، والذي يستمر غير مدركٍ لما فعله يسوع مِن أجله سيظل يُظهر روعة زائفة.

“أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ لَمْ أَكُنْ عَبْداً لِلْمَسِيحِ.” (غلاطية ١٠:١).

    “أَفَأَسْتَعْطِفُ”  أأحاول إقناع الناس أو إرضائهم؟! أنت تحتاج أنْ تختار بين إرضاء الناس وإرضاء الله وإنْ سعيت لإرضاء الله؛ سيكرهك البعض لأنهم يكرهون يسوع مِن الأساس، وأنت لست أفضل مِن معلمك “لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ.” (لوقا ٤٠:٦)، ولكن هناك آخرين سيشعرون بالراحة تجاهك بسبب نقاء قلبك ويُقدرونك ويكرمونك.

    هذا ما قاله الرسول بولس لتيموثاوس “لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ،” (١تيموثاوس١٢:٤)؛ أي لا تدع أحد يحتقرك أو يستهين بك، وهذا يحدث حينما تسلك بطريقة صحيحة عندما تُدرك مَن أنت في المسيح وليس بدراسة علم النفس. قد لا يتم اختيار البعض للترقية بسبب عدم نقاء قلبهم وعدم سلوكهم بالكلمة وهذا ليس عقابًا مِن الرب بل هي نتيجةٌ.

    عندما تكون خبيثًا ومُتكَبِرًا في معاملتك مع الآخرين سيفهمك الأشخاص الروحية الصحيحة ولن يرغبوا في التعامل معك وتجد الروح القدس يقاومك لأن الكلمة تقول “يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً” (يعقوب٦:٤) والتكبر هو عدم السلوك بالكلمة وبصورتك الحقيقية؛ لذلك أول شيءٍ قاله الله ليعقوب أنْ يُغيّر اسمه إلى إسرائيل؛ أي يُغيّر شخصيته بالرغم مِن أنه كان مُباركًا.

    ربما تكون مُباركًا بالشفاء والازدهار والحماية، ولكن هناك أمورًا لا ترى فيها نتائج في حياتك بسبب عدم نقاء دوافع قلبك، وعدم رؤيتك للصورة الحقيقية عن نفسك، وهنا لابد أنْ تفتح قلبك للكلمة وتكتشف مَن أنت في المسيح ولا تتكبر قائلاً: أنني أعرف ما تقوله الكلمة  تمامًا، بل تأمل فيها إلى أنْ تُستعلن في روحك وبالتالي تتغير للصورة التي تراها فيها وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ.” (٢ كورنثوس ٣: ١٨).

     عندما تنظر بتمعن عن عمد إلى الصورة التي اكتشفتها عن نفسك في الكلمة واعطاها لك الروح القدس وقت صلاتك وتُفعِّل خيالك الذي هو تليفاز روحك وتُدرك أنك ملكٌ وكاهنٌ ستعرف أنْ تسلك بهذه الصورة وتمتلك ما تراه وتبدأ تسلك بجراءة كالأسد لأن الكلمة تقول : …أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَكَشِبْل ثَبِيتٍ.” (الأمثال ٢٨: ١)، ولابد أنْ تدرك أنّ الصورة التي تسلك بها وتصدقها عن نفسك يراك الآخرون بها وعندما تسلك بخوفٍ ورعبٍ سيكتشف الآخرون ضعفك أجلاً أو عاجلاً.  

    مِن الممكن أنْ ينقلب عليك أهل بيتك بسبب تبعيتك للرب يسوع ولذلك قال الرب يسوع: لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا.” (متى ١٠: ٣٤)، ولكن لابد أنْ تُفرق بين ألم الاضطهاد والألم الذي تسببه لنفسك بسبب عدم سلوكك بالكلمة.

★اعرف نفسك مِن الداخل:

١٦ إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ. ١٧ إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (٢ كورنثوس ٥: ١٦، ١٧).

    يأتي هذا الشاهد في الترجمة الموسعة على هذا النحو: “لذلك مِن الآن فصاعدًا لا نُقدّر ونُقيّم أحدًا مِن وجهة نظر بشرية (اعتمادًا على مقاييس ومعايير طبيعية). رغم أننا قيّمنا المسيح مِن وجهة نظر بشرية وكإنسانٍ، لكننا الآن (لدينا هذه المعرفة عنه) لا نعرفه بعد الآن في الجسد. إذًا إنْ كان أحد (مغروسًا) في المسيح (المسيا) هو خليقةْ جديدةٌ (مخلوقٌ جديدٌ تمامًا)، القديم (الحالة الروحية السابقة) قد زال. تأمل الجديد قد أتى”  (٢ كورنثوس ٥: ١٦، ١٧).

     لا تنظر لأحدٍ مِن وجهة نظر بشرية لأن هذا ما يُعيقك عن سماع صوت الروح القدس ووجهة نظره تجاه الآخر لأنه ربما ترى شخصًا يضحك دائمًا لإخفاء حزنه لأن المظهر الخارجي لا يعبر عن حقيقة الشخص وبالتالي لا تنخدع بالظاهر، واستمع للروح القدس الذي يكشف لك جوهر الأمور.

    نظر بولس الرسول ليسوع كإنسانٍ عاديٍ وأخطأ في ذلك؛ لذلك قرر أنْ لا يرى أحدًا مِن الخارج وهذا ما جعل الرب يسوع يقول: “لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إِلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهِ”. (مرقس ٦: ٤)، ففي البداية نُظِرَ ليسوع مِن أهله على أنه شخصٌ عاديٌ ولكنه في النهاية ربح بيته؛ لذلك إنْ كان بيتك يرفضك إدرك أنهم حتمًا سيروا الحقيقي الذي فيك ويحترمونك ويقدرونك؛ لذلك لا تتعرف على نفسك مِن الخارج مهما قال عنك الناس؛ (فاشل، غير مستقرٍ روحيًا، لا تصلح لشيءٍ،….).

   جائزٌ أنك ترى نفسك بأخطاء الماضي وتشعر بالدينونة أو تسمح لإبليس أنْ يلقي بصور سلبية في ذهنك وتتخيل أنك اخطأت تجاه شخصٍ أو فقدت أحد أحبائك أو أسأت فَهْم الآخرين ومِن ثم تبدأ تتأمل في هذه الصور وتتألم؛ لذلك لابد أنْ تتعامل بصرامة مع أفكارك.

    أنت صرت بارًا؛ أي لا يأتي عليك فِكْر الضغطة (إشعياء ١٤:٥٤)؛ لذلك لابد أنْ يكون لديك أفكار وتوقعات إيجابية، فمثلاً إنْ تأخر أحدٌ، لا تتوقع حدوث كارثةٍ له وإنْ دقّ جرس التليفون لا تتوقع مصيبةً وتبدأ تقلق وترتعب، ولا تخف مِن التواجد في مكان له ذكريات مؤلمة لأنك لا تتأثر بظروف الحياة أو الماضي وغير مُستعبَدٍ له؛ لأنك صرت خليقة جديدة.

    لم يتم تنظيفك بل ولدت وخرجت مِن الله، وأعلى خلائقه على الإطلاق؛ شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ.” (يعقوب ١: ١٨)، وانتصر الرب يسوع على كل ما كان يُعيقك؛ لذلك تستطيع أنْ تتواجد في الأماكن ذات الذكريات السلبية بكل سلاسة، ولا تشعر بالألم أو الانزعاج مِن موسيقى معينة أو رائحة ما لأنها مربوطة في ذهنك بحادثةٍ معينة.

     عندما يلقي إبليس صورًا سلبية في ذهنك وتبدأ تُصدقها وتسلك بها؛ أنت تُنشط الأرواح الشريرة في حياتك والعلاج أنْ تتعامل مع هذه الأفكار وإنْ لم تكن تعرف كيف تتعامل معها اطلب مساعدة مَن يتابعك روحيًا، لأنه في حال عدم وجود معرفة كتابية أنت تسلك بين جماعة الأرواح “اَلرَّجُلُ الضَّالُّ عَنْ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ يَسْكُنُ بَيْنَ جَمَاعَةِ الأَخِيلَةِ.” (الأمثال ٢١: ١٦)، وتبدأ ترى صورًا لا تعلم أنها عملٌ شيطانيٌ سيُدمرك مُعْتَقِدًا أنها مجرد أفكار لأنك لا تعرف أنّ ما تراه تتغير له.

    لا تربط حياتك بظروفٍ أو أشخاصٍ؛ لأن لك سيادة في الحياة، ولكي تسود في العيان يجب أنْ تأكل الكلمة بالطريقة الصحيحة (اللهج) التي بدورها تخلق أسدًا بداخلك وتجعلك قويًا أمام ظروف الحياة وواثقًا مِن قراراتك.

  • اعطِ تقديرًا لكلمة الله:

١٨ فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. ١٩ فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.” (متى ٥: ١٨، ١٩).

     “حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ” قال الرب يسوع “حرف” لأن الله حينما غيّر اسم “ساراي” إلى “سارة” أضاف حرفًا واحدًا إلى اسمها، ولم يسقط هذا الحرف؛ أي لم يسقط وعد الله وتحقق في أرض الواقع، وكان اليهود يقدرون كلمة الله جدًا؛ لذلك يجب أنْ تُقدِّر الكلمة وإنْ كنت مستهزأً ولا تُقدرها ولا تعلّمها لأولادك، أو تُشجع الآخرين على عدم تقديرها، تجعل نفسك الأصغر في ملكوت السماوات لأن هناك مَن يجعل نفسه صغيرًا وهناك أيضًا مَن يعمل على ترقية نفسه ويجعل حياته عظيمة في ملكوت الله؛ لذلك إنْ حاولت أنْ ترتقي في الحياة دون معرفة الكلمة ستظل صغيرًا.

★تكمن قيمتك الحقيقة في روحك:

٢١ لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَن تَقُولَ لِلْيَدِ:«لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ!». أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ:«لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا!». ٢٢ بَلْ بِالأَوْلَى أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ. ٢٣ وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ. ٢٤ وَأَمَّا الْجَمِيلَةُ فِينَا فَلَيْسَ لَهَا احْتِيَاجٌ. لكِنَّ اللهَ مَزَجَ الْجَسَدَ، مُعْطِيًا النَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ” (١ كورنثوس ١٢: ٢١-٢٤).

    ما تراه عظيمًا ليس مِن الضروري أنْ يراه الله هكذا، وعظمتك وكرامتك ورفعة رأسك مرتبطة بالكلمة حتى إنْ كنت تُضطهَد هو يرتب مائدة تجاه مضايقك.

    منظر الكبد والرئتين ليس جميلاً ولكن وظيفتهما أعظم مِن اليد والرجلين الذي يبدو منظرهما جميلاً، ومِن هنا يريد الروح القدس أنْ يُعلمك ألا تحكم مِن الخارج بل ترى مِن الداخل لأنك مِن المحتمل أنْ تكون مُحتقرًا لدى الناس ولكنك ليس كذلك لدى الله، فلا تنظر لنفسك مِن وجهة نظر الناس بل كما ينظر لك الروح، وكلما أعطيت كرامة للروح القدس يُعطيك كرامةً بطريقة عجيبة.

بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ.” (رومية ٢: ٢٩)

     نعم يوجد تقديرٌ لليهودي ولكن القلب (الروح) هو الذي ينال مدح الله وإعجابه.

لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى:«هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ»” (٢ بطرس ١: ١٧).

     يُعطيك الروح القدس كرامةً عن طريق أنْ يتكلم إليك الكلمة التي رسمتها وتأملت فيها كما أعطى الرب يسوع كرامةً عن طريق صوت الكلمة، لذا تمسك بالصورة التي يعطيها لك الروح القدس ولا تتخلى عنها واستمع لصوته وهو يقول لك “أنت هو ابني الحبيب (الناضج)” وعندما تسمع هذا الصوت تبدأ كرامتك تظهر في الخارج؛ لذلك لا تسعى لإثبات كرامتك بل اعتمد فقط على الروح القدس.

لِذلِكَ يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى الأَبَدِ. وَالآنَ يَقُولُ الرَّبُّ: حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ.” (صموئيل الأول ٢: ٣٠).

     إنْ أكرمت الروح القدس في حياتك سيُكرمك، وإنْ لم تكرمه لن يُكرمك، وهذا ليس عقابًا بل أنت مَن تضع نفسك في وضعية الكرامة أو الهوان ولذلك يشرح بولس الرسول في رسالة فيلبي أنه لا يُعرف نفسه كمواطنٍ رومانيٍ بل كمَن في المسيح ويفتخر بذلك، كذلك إنْ اكتشفت أنك كائنٌ روحيٌ وسلكت بهذا الادراك ستسمع الروح القدس يقول لك “أنت ابني الحبيب”.

١٤ «لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. ١٥ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقْ، أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ.” (المزامير ٩١: ١٤، ١٥).

   “تَعَلَّقَ بِي”: أحبني ووقع في غرامي؛ لذلك اعشق الرب واحببه، وقدّر كلمته لأنه يُنجي مَن يعرف اسمه؛ أي شخصيته ويمجده بمعنى إنه يضعه في منصبٍ عظيمٍ.

الْحِكْمَةُ هِيَ الرَّأْسُ. فَاقْتَنِ الْحِكْمَةَ، وَبِكُلِّ مُقْتَنَاكَ اقْتَنِ الْفَهْمَ” (الأمثال ٤: ٧).

     ادرس الكلمة كموضوعات مثل الطفل (قابلاً للتعلم والتصحيح)، وهذا ما قاله الرب يسوع “وَقَالَ:«اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. (متى ١٨: ٣)؛ لذلك إنْ لم تصر مرنًا وقابلاً للتصحيح كالطفل لن تعرف أنْ تتعامل مع ملكوت السماوات.  كلما تعرف الصورة الحقيقية عن نفسك، تتعامل بشكل صحيح مع ظروف الحياة؛ لذلك إنْ كنت ترتعب مِن ظروف الحياة اجري على الكلمة.

★تكمن كرامتك فيما جعلك يسوع عليه:

١ فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ، ٢ وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ، ٣ إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. ٤ الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ، ٥ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ ­كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ­ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٦ لِذلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ:«هنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى». ٧ فَلَكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تُؤْمِنُونَ الْكَرَامَةُ، وَأَمَّا لِلَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ، «فَالْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ، هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ» ٨ «وَحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ. الَّذِينَ يَعْثُرُونَ غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْكَلِمَةِ، الأَمْرُ الَّذِي جُعِلُوا لَهُ» ٩ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ  إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ.” (١ بطرس ٢: ١-٩).

    يشرح هنا أنّ الذين يؤمنون بهذا الحجر(يسوع) ويتعاملون معه بكرامة سيُعطَى لهم كرامةً، أما غير الطائعين للكلمة صار لهم حجرُ عثرةٍ وصدمةٍ، أما أنت كاهنٌ وملكٌ، شخصٌ مختلفٌ، تمّ فرزك مِن هذا العالم، جنسٌ مختارٌ سواءً قمت بإنجازات في الماضي أم لم تنجز شيئًا، اجعل هذه الصور تدور في ذهنك، لذلك كرامتك تكمن في مَن أنت في المسيح وهنا أنت لا تحتاج إثبات نفسك في بيتك أو عملك بل عليك إدراك أنّ كرامتك في الرب وما عمله يسوع مِن أجلك.

    اخدم الرب بكل قلبك غير معتمدًا على إنجازاتك، ولا تقُل إني أنجزت كثيرًا واحتاج إلى الراحة، ولا تشعر بتكاسل بسبب إنجازات الماضي أو خزي نتيجةً لأخطاءٍ سابقة، وسواءً أنجزت أو لم تنجز شيئًا لن يؤثر ذلك أو يحدد كرامتك لأنك صرت في الألوهية في المسيح في الألف والياء. إنْ لم تعرف قيمة نفسك وصورتك الحقيقية ستُعيق عمل الروح القدس فيك أو قد تثق في نفسك معتمدًا على خبراتك البشرية، ولكن إنْ لم تبنِ ثقتك على الحق الكتابي ستُخرّب وتُدمر في حياتك.

غَضَبُ الْجَاهِلِ يُعْرَفُ فِي يَوْمِهِ، أَمَّا سَاتِرُ الْهَوَانِ فَهُوَ ذَكِيٌّ.” (الأمثال ١٢: ١٦).

     الشخصُ المضغوطُ بأفكارٍ كثيرةٍ وذهنه مُشتتٌ هو لا يعلم الكلمة في زوايا كثيرة في الحياة، وكلام إبليس له أساس في ذهنه، لا تكمن مشكلته في إبليس، وليس في أنْ يصلي له أحدهم، أو أنْ ينتهر إبليس ويرد عليه مِن الكلمة رغم أنْ ذلك صحيحًا في مستوى معين ولكن هناك مستوى لن يفرق مع الشخص كلام إبليس لأنه مُدرِكٌ عدم مصداقيته مثل الشخص الذي لا يفرق معه إذا أهانه شخصٌ آخر لأنه مدرك مَن هو في المسيح ويتجاهل الأفكار الشيطانية ويحتقرها.

    أما الجاهل تجده دائمًا يتعصب ويرفع صوته، وهناك مَن يدرب نفسه أنْ يتعصب داخليًا فقط ولا يُظهر غضبه وهذا تجده يمرض بالنهاية ويحاول أنْ يُثبت بكل قوته أنه عكس الصورة التي قيلت عنه ويعيش حياته كلها مُحاوِلاً إثبات نفسه لأنه غير فاهمٍ للكلمة.

خَشْيَةُ الإِنْسَانِ تَضَعُ شَرَكًا، وَالْمُتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ يُرْفَعُ.” (الأمثال ٢٩: ٢٥).

     جهلك بالكلمة يجعلك تصنع لنفسك فخاخًا دون أنْ تعرف؛ لأنّ الفخ هو شيءٌ لا تعرف مكانه، وهناك مَن يظن أنّ الخوف شيءٌ طبيعيٌ، ولكن يقول الكتاب عنه “روح الخوف”؛ “إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:«يَا أَبَا الآبُ». (رومية ٨: ١٥)، لذلك لابد أنْ تدرك مَن أنت في المسيح.

  فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ.” (٢ كورنثوس ٦: ٧).

    عندما تكتشف حقًا كتابيًا في زاوية معينة (سلاح البر لليمين) التفت للزاوية الأخرى (سلاح البر لليسار)؛ بمعنى إذا أدركت حقًا كتابيًا لم تعشه قبلاً، لا تتحسر بداخلك على كل خطية فعلتها وتحزن لأنك لم تعش بطريقة الله وتشعر بالإلامة لأنك بذلك أنت تضرب نفسك في نفس الزاوية التي تدرسها، لا تلتفت للماضي لأنك لا تستطيع تغييره لكنك تستطيع أنْ تربح المستقبل.

    إنْ تشبعت بالكلام السلبي مِن أقاربك وكنت أضحوكة في وقت مِن الأوقات وترَكَتْ هذه الأمور بصمة بداخلك، فالحل ليس في الشفاء النفسي بل في معرفتك بصورتك الحقيقية في مَن أنت في المسيح.

“٤ فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلاً: ٥ «قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ». ٦ فَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ». ٧ فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ، لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ.” (إرميا ١: ٤-٧).

      قال الرب لإرميا: “لا تقل إني ولد”، لأن الأمر لا يرتبط بامكانياتك أو خبراتك أو عمرك لأن الرب يسوع كان في الثلاثين مِن عمره وتحاور مع الفريسين والكتبة دارسي الشريعة بكل جراءة ولم يكن يهاب الأعداد الكبيرة التي تسمعه وتسأله فيما يقوله لهم ولم يهَب اليهود حينما رفعوا الحجارة ليرجموه، ولكنه ردّ عليهم بجراءة قائلاً أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟” (يوحنا ١٠: ٣٢).

     إنْ صنَّفك الآخرون على إنك شخصٌ جسديٌّ وستظل بعيدًا عن الرب مدى الحياة وصدَقْتَ هذه الأفكار عن نفسك ستصيرها ولكن حينما توقف هذه الأفكار سيسخروا منك في البداية ثم يبدءون في التلامس مع الحق الذي تقوله وتعيشه.

★العمل الأبوي للروح القدس في حياتك:

“أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا.” (كولوسي ٣: ٢١).

    يأتي هذا الشاهد في الترجمة الموسعة على هذا النحو: “أيها الآباء لا تستفزوا وتغيظوا أو تُضايقوا أولادكم (لا تقسوا عليهم أو تزعجوهم) حتى لا يصيروا مُحبَطين وحاقدين وعابسين ويشعروا بالدونية ويخيب أملهم (لا تكسروا روحهم)”.

    ينصح الرسول الآباء هنا أنْ لا يستفزوا أولادهم أو يستهينوا بهم أو يذلوهم أو يسيئوا معاملاتهم وأنْ لا يضعوهم في وضْع المقارنة مع آخرين، بل أنْ يتعاملوا معهم برفقٍ وشفقةٍ ومحبة حتى لا يصيروا صغراء أو يشعروا بصِغَر النفس أو تضعف عزيمتهم.

    الروح القدس الذي هو أروع مِن أي أبٍ أرضيٍ ويعمل عملاً أبويًا في حياتك، لن يغيظك أبدًا أو يُقلل مِن عزيمتك أو يُقارنك بأحدٍ، فأصوات المقارنة التي تسمعها بداخلك ليست مِن الروح القدس لأنه إنْ كان ينصح الآباء الأرضيين أنْ لا يفعلوا ذلك فهو لا يفعلها بكل تأكيد، بل يكشف عن حبه وعشقه لك واعتنائه بك ويتكلم إليك بتشجيعٍ واستحسانٍ لأنه هو المُشجِع والمقوي والمُساند والمحامي والشفيع.

    ربط الروح القدس هنا بين معاملة الأب للطفل وكيف يصبح حينما يكبر (ضعيفًا إمّا قويًا في مواجهة الحياة). إنْ كنت قد تعرضت لأبوةٍ قاسيةٍ، لا تجتر فيما تعرَضْتَ له بل اكتشف الصورة الحقيقية عنك، ومَن أنت في المسيح، وإدرك أنك كائنٌ روحيٌ والداخل (الإنسان الروحي) يتجدد يومًا فيومًا.

  • سلبيات أن ترى نفسك بصورة سلبية:

أولاً: لن تستطيع التفاعل مع الكلمة:

“فَكَلَّمَ مُوسَى هكَذَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ النَّفْسِ، وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ.” (الخروج ٦: ٩).

    عانى شعب الله مِن العبودية لمدة أربعمئة سنة ثم أرسل الرب موسى ليُخرجهم مِن أرض مصر ولكنهم لم يصدقوا كلمة الله التي أرسلها مع موسى لأنهم وصلوا إلى مرحلة اليأس مِن كل شيءٍ، فإنْ لم تدرك صورتك الحقيقية واعتدت على تصديق الصورة الخطأ التي يراك الناس بها؛ لن تصدق ما تقوله الكلمة عنك، كما اعتاد شعب الله في القديم على العبودية، وتصير قصيرَ النَفَس وتشعر بالملل والاستسلام نتيجة عدم فهمك لمَن أنت في المسيح والحل ليس في انتهار روح الاستسلام بل أنْ لا تعطي إبليس مكانًا في ذهنك وتغلق الباب أمامه عن طريق أنْ لا ترحب بأفكاره وتملأ ذهنك بالكلمة وحقيقتك كخليقة جديدة في المسيح لأنك إنْ لم تفعل ذلك ستجده اقتحم ذهنك وزرع به أفكاره.

    يُهزَم الكثير مِن المؤمنين في الحياة بسبب هذه الأمور، وتُغْلَق شهيتهم تجاه الكلمة. ويكون الكثير منهم في علاقة قوية بالرب ولا يظن أنه مِن الممكن أنْ يتركه يومًا ما، وبالفعل يتركه بعد ذلك بسبب عدم فهمه وإدراكه لحقيقته كابن لله وأنه الغالي لدى الرب؛ “الابن الحبيب” وأنّ ثمنه ثمن يسوع شخصيًا، فهو صار لحم مِن لحمه وعَظْم مِن عَظْمِه.

★العثرة تُحَصنك تجاه الرب:

اَلأَخُ أَمْنَعُ مِنْ مَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَالْمُخَاصَمَاتُ كَعَارِضَةِ قَلْعَةٍ” (الأمثال ١٨: ١٩).

     وتشرح الترجمة الموسعة هذا الشاهد هكذا “ربح الأخ المُتعثر أصعب مِن ربح مدينة قوية ومخاصماتهم تفصلهم كعارضات قلعة”.

     يبني الأخ المُتعثر أسوارًا كثيرة حوله أكثر مِن المدينة الحصينة التي يصعب اختراقها وتحتاج إلى تخطيطٍ كبيرٍ لكسر حصونها؛ لأنه لا يفتح قلبه لأي كلامٍ روحيٍ، يمكن أنْ يوافقك الرأي في الأمور الروحية ولكنه ينسحب سريعًا حتى لا يضطر ليفتح قلبه لك فتعرف ما بداخله أو طريقة تفكيره.

    تأتي العثرة مِن أمرٍ كان مِن المفترض أن يَنْتُج عنه أمورًا إيجابية لكنه نتج عنه أمورًا سلبية والمشكلة ليست في الشيء (سبب العثرة) بل الطريقة التي يراه بها الآخر فقد تجعله يتعثر منه أو يصير بركة له، مثلما صار المسيح عثرةً لليهود في حين أنه كان مِن المفترض أنْ يصير مصدرَ خلاصٍ لهم إنْ رأوه بطريقة صحيحة.

     ليس كل العثرات تحدث مِن خلال أشخاصٍ فمِن المحتمل أنْ تصبح بعض الأمور عثرةً لك بسبب رؤيتك الخاطئة لها، على سبيل المثال: ربما تجعل كلمة الله الرائعة عثرة لك لأنك تفهمها بشكلٍ خطأ وتفقد روح الكلمة لأنك تحتاج لشخصٍ يقودك في دراسة الكلمة ويرشدك عن أي موضوع تدرسه لأن إبليس أحيانًا يستخدم كلمة الله ويُعثرك بها مثلما حارب الرب بها في التجربة في البرية وَقَالَ لَهُ:«إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى أَسْفَلُ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ، فَعَلَى أيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». (متى ٤: ٦).

    إنّ التعليم غير الكتابي يُشككك في نفسك وفي قراراتك هنا على الأرض ويجعلك مُتذبذِبًا مُحتقِرًا لنفسك وخائفًا مِن فتح الملفات التي تُخْفيها مِن سنين طويلة خشيةً مِن مواجهة الحقيقة وأنْ يُطلب منك فِعْل أشياءٍ صعبة، مثل العبد الكسول الذي قال لسيده ٢٤يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. ٢٥ فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ.” (متى ٢٥: ٢٤، ٢٥).

    لكن طريقة تفكير هذا الشرير الكسول كانت خاطئة، ونجد الرب يدينه ٢٦ فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، ٢٧ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. ٢٨ فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. ٢٩ لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. ٣٠ وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.” (متى ٢٥: ٢٦-٣٠).

     هذا هو مَن يعيش في الوسطية ولا يحب الرب بكل قلبه وفي نفس الوقت لا يرتكب الخطايا الكبيرة مثل الزنا والسرقة والقتل وهو لا يدرك أنه بذلك لا يستخدم طبيعة الله التي بداخله التي حصل عليها حينما وُلِدَ مِن الله، وهي في نظر الله تسمى (خطية عدم الاستثمار)، وهو لا يعلم أنه شخصٌ متعثرٌ ومحصن داخليًا، وإنْ نظرْتَ لوجهه تجده يحزن فجأةً بسبب تجاوبه مع أفكار سلبية ثم يبتسم بسبب محاولته لإسعاد نفسه بأفكارٍ إيجابيةٍ.

اَلأَوَّلُ فِي دَعْوَاهُ مُحِقٌّ، فَيَأْتِي رَفِيقُهُ وَيَفْحَصُهُ.” (الأمثال ١٨: ١٧).

     حينما يعرض الطرف الأول أقواله يبدو أنه مُحقّ لمَن يقضي في الأمر ولكن حينما يسمع الطرف الآخر يكتشف أنّ الأول غير صادقٍ والثاني هو المُحقّ في الأمر، حينما تسمع شهادة الروح القدس عن نفسك ستكتشف أنّ شهادتك عن نفسك والصورة التي عشت حياتك ترى نفسك بها أنها خطأ!

     كان الرب يسوع واثقًا مِن آرائه وقراراته ولذلك قال لليهود وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. (يوحنا ٨: ١٤)، وهنا يتكلم عن شهادة الآب عنه “الشهادة الداخلية” ولكن إنْ كنت غير فاهمٍ للكلمة، لا تثق في آراءك وقراراتك بشكلٍ كاملٍ! بل تحرك واطلب مساعدة مَن يتابعك روحيًا.

     أمّا إنْ كنت فاهمًا للكلمة بشكلٍ جيدٍ ثقّ في قراراتك لأن الرب يسوع قال على مَن يتبعه أي مَن يعرف ويفهم الكلمة أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ” (يوحنا ٨: ١٢)؛ أي تصير حياته واضحةً بلا ألغاز ومُدرِكًا لكل شيءٍ حوله، حينما تعرف الكلمة وتدرسها بشكلٍ جيدٍ سَتُكسَر الشهادة الأولى (الصورة التي رسمها إبليس والناس عنك وأنت تصادقت معها) فمِن المحتمل أنْ يقول لك الآخرون أنت مَن علمتنا الخطية، فإنْ أخذت تتأمل في هذه الصورة ستزداد في الخطية، أيضًا التوبة ليست أنْ تطلب مِن الرب أنْ يغفر لك كل خطية فعلتها بل هي تغيير اتجاه؛ بمعنى أنْ لا تعود تسلك في طريق الخطية مرة أخرى بل في طريق الرب.

    إدرك أنّ الكلمة هي التي ترسم لك الصورة الحقيقية عن نفسك؛ لذلك لا تكن مِن الأشخاص التي تهدم نفسها بنفسها كما تقول الكلمة مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ” (٢ تيموثاوس ٢: ٢٥)، وهنا يعني المُقاومين لأنفسهم، والكلمة تجعلك تترفق بنفسك وتوضح لك صورتك الحقيقية.

    أحيانًا حينما أصلي لأحدهم أرى إبليس على هيئة قردٍ جالسٍ على كتف الشخص ليبث أفكاره بداخله وحينما انظر إليه يترك الشخص فورًا ويهرب بسبب النور الذي رآه، وبكل تأكيد مِن الممكن أنْ يرحب هذا الشخص به مرةً أخرى إنْ تجاوب مع أفكاره التي تلقى على ذهنه مرة أخرى.

 ثانيًا: تصير مُرتعِبًا في الحياة:

     تصبح مضطربًا وضعيفًا في هذه الحياة وتكون توقعاتك دائمًا سلبية تجاه الآخرين وتشُك في كل شخص احتياطيًا نتيجةً أنك شككت في أكثر مِن شخص واكتشفت صحة شكوكك، ولكن هذا لا يجعلك تسلك بهذا المبدأ مع كل الأشخاص لأنه مِنْ المحتمل أنْ يكون إبليس يغذي هذا المبدأ بداخلك، أو ربما يكون الروح القدس أنقذك مِن هذه الأشخاص ولكنك على أية حال إنْ لم تكن تعرف الحق الكتابي لن تعرف أنْ تحكم بشكلٍ صحيحٍ في الأمور في هذا المستوى.

    طُرق الرب لها مفاهيم مختلفة عن الطرق البشرية فمثلاً إنْ نظرت إلى شاول حينما قال الرب عنه …اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. (أعمال الرسل ٩: ١٥)، ربما تظن لوهلة أنه سيصير في منصبٍ عظيمٍ ويقف أمام ملوك ولكنك تجده في النهاية يقف أمام الملوك كمُتّهَم؛ لذلك لن تكون تحليلاتك صحيحة دائمًا.

 “اَلشِّرِّيرُ يَهْرُبُ وَلاَ طَارِدَ، أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَكَشِبْل ثَبِيتٍ.” (الأمثال ٢٨: ١).

     الشرير أو المؤمن غير الفاهم للحق الكتابي يعيش خائفًا مِن كل شيء؛ مِن الإصابة بأمراضٍ أو مصائبٍ ومشاكلٍ ويظن أنه الشخص الوحيد التعيس على الأرض وهو لا يعرف سبب مخاوفه، أمّا البار المؤمن الفاهم الحق الكتابي فهو جريءٌ  كالأسد لا يرتعب مِن المواقف والمشاكل، ومُستعدٌ دائمًا للحياة بسبب فهمه للبر ومكانته في المسيح وأنه ربط حياته بالرب يسوع.

     انظر إلى جراءة الرب يسوع وتلاميذه، وانظر لنحميا عندما قال فَقُلْتُ: «أَرَجُلٌ مِثْلِي يَهْرُبُ؟ وَمَنْ مِثْلِي يَدْخُلُ الْهَيْكَلَ فَيَحْيَا؟ لاَ أَدْخُلُ!».” (نحميا ٦: ١١)، بالرغم أنه كان مُعرَّضًا للقتل والخيانة لكنه كان مُدرِكًا للعمل العظيم الذي يقوم به لأنه كان يعلم تمامًا المقاييس الصحيحة للمواقف؛ لذلك لم يخَف بل تحرك في الموقف كأسدٍ.

  ١٨ أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِق، يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إِلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ. ١٩ أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَكَالظَّلاَمِ. لاَ يَعْلَمُونَ مَا يَعْثُرُونَ بِهِ.” (الأمثال ٤: ١٨، ١٩).

     طريق الأبرار مثل نور مشرق كالشمس التي تزداد وتزداد إلى أنْ تصل إلى أقصى نور، أما الشرير أو المؤمن المُضطرِب يعيش حائرًا في أموره ولا يعرف لماذا قام بأمر ما، وهو لا يعلم أنّ هذا نتيجةً لعدم معرفته وفهمه للكلمة وقيمته في المسيح.

  • ثالثًا: السعي وراء إرضاء الآخرين:

وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.” (أعمال الرسل ٢٠: ٢٤).

    لم يضع بولس الرسول حسابًا لكلام الآخرين عنه ولم يحاول إرضائهم بل سعى إلى إرضاء الله لأن مَن يحاول إرضاء الناس خوفًا مِن انتقاداتهم يصير عبدًا لهم.

    يقول الرسول بولس أنه يرى قيمته في المسيح ويعرف يقينًا أنّ كرامته هي أمر يختص بالرب؛ لذلك هو لا يهتم به. فكرامتك تكمن في اعتمادك الكلي على الله وعندما تحاول أنْ تبحث عن كرامتك، في هذه اللحظة أنت تجعل نفسك ثمينة عندك وبالتالي لن تستطيع أنْ تُتمم دعوتك وتصير شخصًا حزينًا لأن نفسك صار لها قيمة أنت تسعى لبنائها.

  • رابعًا: السقوط في الخطية:

    لا يُشترَط أنْ تسقط في خطية ما بل قد تصنع قراراتٍ خاطئة لأن معنى الخطية هو الحياد عن الهدف.

١٥ مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. ١٦ لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ.” (العبرانيين ١٢: ١٥، ١٦).

    “مَرَارَةٍ” تأتي في اللغة اليونانية “طعن” فإبليس دومًا يطعن في صورتك أمام نفسك ويقول لك “أنت سيءٌ للغاية وإنْ قمت بعملٍ رائعٍ، أنت لم تقم بشيءٍ ليُقلل مِن عملك”، تجاوبك مع هذه الأفكار يصنع خصومةً بينك وبين نفسك ولا تعرف أنْ تتصالح مع ذاتك أو مع الله وأنت لا تعرف سبب هذه المشكلة.

     نبت أصل مرارة بداخل عيسو بسبب تفضيل رفقة ليعقوب عليه ونتيجةً لذلك ترك الرب واستباح وتنازل عن حقوقه بسهولة وحينما طلبها بدموع لم يحصل عليها ١٦ لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. ١٧ فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ.” (العبرانيين ١٢: ١٦، ١٧).

     هناك مؤمنون سقطوا مِن النعمة بسبب سماحهم لوجود هذه المرارة بداخلهم ووصلت بهم إلى نجاسة وبدأوا يُنجسون بها آخرين بسبب عدم فهمهم للكلمة وتشكيكهم دائمًا في كل شخص يعظ بالكلمة حتى يُظهَروا أمام الجميع فاهمين للكلمة وهم لا يدرسونها مِن الأساس.

رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ.” (يعقوب ١: ٨).

    “رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ”: الرجل الذي يسمع لصوتين مختلفين (شهادة الناس والروح القدس عن صورته) يصير في هذا الوقت مُتقلقلاً في جميع طرقه؛ أي في جميع زوايا حياته، لذلك ارفض أنْ تسمع لشهادة الناس أو إبليس عنك ورحب فقط بشهادة الروح القدس عنك حتى تصير مستقرًا ومنتصرًا في هذه الحياة.

  • بناء الصورة الصحيحة عن نفسك:

٩ لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ، أَنَا الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً لأَنْ أُدْعَى رَسُولاً، لأَنِّي اضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ اللهِ. ١٠ وَلكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا، وَنِعْمَتُهُ الْمُعْطَاةُ لِي لَمْ تَكُنْ بَاطِلَةً، بَلْ أَنَا تَعِبْتُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ جَمِيعِهِمْ. وَلكِنْ لاَ أَنَا، بَلْ نِعْمَةُ اللهِ الَّتِي مَعِي.” (١ كورنثوس ١٥: ٩، ١٠).

     كان بولس الرسول مُحتقرًا بين الرسل لأنه كان يخدم الأمم وكانوا يرونه أصغر الرسل، وهو يُدافع هنا عن نفسه أمام تلاميذه، عندما تعرف صورتك الحقيقية وتدافع عن نفسك ستتكلم بالحق الكتابي عن نفسك ولا تحاول إثبات كرامتك باحتقار الآخرين.

     هناك مَن يرى نفسه مُهمًا وكبيرًا في الخدمة ويحتقر ويرفض أنْ يقوم بالأمور الصغيرة في حقل الرب ويطلب دائمًا المهام الكبيرة مبررًا ذلك أنه يريد أنْ يعمل أكثر في ملكوت الله بالرغم أنّ الرسول بولس نفسه قام بخدمة الموائد في وقتٍ معينٍ ٢٩ فَحَتَمَ التَّلاَمِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا، خِدْمَةً إِلَى الإِخْوَةِ السَّاكِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ. ٣٠ فَفَعَلُوا ذلِكَ مُرْسِلِينَ إِلَى الْمَشَايِخِ بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ.” (أعمال الرسل ١١: ٢٩، ٣٠) لأنه لم يكن يهتم بكرامته أو صورته.

     “وَلَكِنْ بِنِعْمَةِ اللهِ أَنَا مَا أَنَا”: أي “أنا ما عليه الآن بسبب النعمة المعطاة ليَ”؛ لذلك توجد علاقة بين كرامتك ونعمة الله على حياتك وَهذه النعمة تُعطى لك نتيجة تقديرك وإعطائك كرامةً لكلمة الله.

٨ بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، ٩ وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ.” (فيلبي ٣: ٨، ٩).

    يقول الرسول بولس أنّ كرامته تكمن في إدراكه لمَن هو في المسيح وأنّ حياته بالكامل صارت مرتبطة به، وأنّ عنوانه هو المسيح؛ لذلك أنت تحتاج أنْ تعرف مَن هو المسيح ومدينة الله التي ولدت فيها حينما ولدت الميلاد الثاني، وقريبًا ستكون هذه المدينة ملموسة هنا على الأرض.

     يرسم لك الحق الكتابي مَن أنت في المسيح، لذا انغمس فيه لأن ما جعل الرب يسوع قادرًا أنْ يقول وهو يُصلَب يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ” (لوقا ٢٣: ٣٤)، لأنه ارتفع فوق آلام الصليب واستطاع أنْ يرى الصورة مِن أعلى وكذلك استفانوس قال: “…يَارَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هذِهِ الْخَطِيَّةَ…” (أعمال الرسل ٧: ٦٠) لأنهما أدركت صورتها الحقيقية.  

    هناك مَن يتخلى عن الرب للحفاظ على صديقٍ ما لأنه يملئ حياته وهو لا يعلم أنه يرضي نفسه في هذه اللحظة، وبالتالي يخسر.

وَلكِنَّ الطَّعَامَ لاَ يُقَدِّمُنَا إِلَى اللهِ، لأَنَّنَا إِنْ أَكَلْنَا لاَ نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لاَ نَنْقُصُ.” (١ كورنثوس ٨: ٨).

     إنْ أكلت ما ذُبِحَ للأوثان أو لم تأكل لن يُنقص أو يزيد ذلك مَن حياتك الروحية، كذلك إنْ أهانك أحدهم، اسأل نفسك هل أنقص ذلك أو زاد مِن علاقتي بالرب؟! فعندما ترتاح في علاقتك مع الروح القدس تُدرك أنه المحامي الخاص بك وهو مَن يتكلم بالنيابة عنك وتصل إلى مرحلة أنه لا شيءٌ ثمينٌ عندك لأنك ربطت حياتك بالكرامة التي لك في المسيح.

لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى:«هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ».” (٢ بطرس ١: ١٧).

     تأتي كرامتك مَن خلال أنْ يكشف لك الآب السماوي عن إبوته، فيسوع أخذ كرامة مِن الآب عن طريق اعتراف الآب به كذلك أنت تأخذ كرامة عن طريق اعتراف الآب بك؛ لذلك يقول في الرسالة إلى العبرانيين لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً.(عبرانيين ٢: ١١).

 لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ” (أفسس ١: ٦).

     أنت مُكرَّمٌ لدى الآب ومُحسَّنٌ إليك ومُنعَمٌ عليك، لذا لا تهتم بكرامتك لدى الآخرين بسبب إدراكك للكرامة التي أعطاها الرب لك؛ أنت مولودٌ مِن الله، جنسٌ مختارٌ، كهنوتٌ ملوكيٌ، شعبُ اقتناءٍ، شخصٌ غير عاديٍ، فهذه هي كرامتك وهو سر نمو حبك لله، وسر انتهاء العثرات مِن حياتك.

لسماع الجزء الثاني

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

5 Comments

  1. feras

    كيف استطيع ان احتوي كل هذا التعليم ذهني متعب من عدم ادراك هويتي اللتي في المسيح

  2. ميلاد

    أين قال بولس: أُعرَف ك فيه ( أي أُعرَف كشخص في المسيح) ؟
    القسيس الدكتور رامز قالها عند 01:11:23
    أريد فقط أن ادرس الآية واتعمق فيها وألهج فيها .
    وشكراً لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$