القائمة إغلاق

Episode 1: The Accused Innocent الحلقة ١: المتهم البريء

حلقة: المتهم البريء

برنامج: من البداية للنهاية

video
play-sharp-fill

لمشاهدة الحلقة علي الفيس بوك

لسماع الحلقة على الساوند كلاود أضغط هنا

 

 

برنامج من البداية للنهاية

(راديو الحق المغير للحياة)

الحلقة الأولى: المتهم البريء

 

تنويه: العظة مكتوبة بـالذكاء الاصطناعي، لم تُراجع من خدمتنا بعد، إن وجدت أخطاءً في الكتابة تواصل معنا واذكرها لنا.

  • من هو المتهم؟
  • العدو: الشيطان.
  • كيف نكتشف أساس الفكرة؟
  • غرض خلق الإنسان: سكب المحبة.
  • الله صالح: ما المعنى الحقيقي؟

 

من هو المتهم؟

“المتهم” الذي نقصده في هذه الحلقة هو الله. ربما يبدو هذا الأمر شائكًا ومستغربًا لدى البعض، وقد يقول البعض الآن: “حاشا! كيف نقول عن الله إنه متهم؟”. لكن قد حان الوقت لنفتح ملفات ربما نخاف فتحها بداخلنا، وهي أن الله لدى كثيرين هو بالفعل متهم.

والتهمة الموجهة إليه هي: “لماذا لا يعمل شيئًا في الأرض؟ لماذا هو صامت أمام الشر والعشوائية؟ أو لماذا لا يفعل شيئًا تجاهي أنا شخصيًا؟ لماذا هو صامت؟ هل هو بعيد؟ هل هو لا يسمعني؟”. هذه التساؤلات قد تبدو مجرد أسئلة في البداية، ولكنها قد تتحول إلى اتهام لدى البعض، حيث يشعرون أن الله فعلاً “صامت” على انتشار الشر بهذه الطريقة، وأنه “صامت” تجاه ما يحدث للناس الأبرياء.

لاحظ. إذا تُركت هذه الأسئلة بدون إجابة، فإنها عاجلاً أم آجلاً ستتحول إلى خصومة مع الله. لذا، هو “المتهم”، وتلك هي “التُهم”. لكننا كأبناء نخشى غالبًا أن نقول إنه متهم، أو أن نضعه في قفص الاتهام.

لماذا لا ينبغي أن نضع الله في قفص الاتهام؟

قد يرى البعض أن وضع الله في قفص الاتهام أمر طبيعي، فهو أحيانًا كثيرة “يسمح” بهذه الأمور، أو “يصنع” تلك الأحداث. وكل الأسئلة التي طرحناها سابقًا تدور حول هذا المعنى.

تذكّر: المشكلة هنا تكمن في جانبين رئيسيين:

  1. ماذا لو كان هذا المتهم بريئًا؟ كما هو عنوان حلقتنا “المتهم البريء”. سيكون الأمر غير جيد على الإطلاق، كأننا اتهمنا شخصًا، ثم تبينت براءته.
  2. المشكلة الأكبر: ذكرها إرميا النبي في سفر إرميا: قد علمت يا رب أنه ليس للإنسان طريقه. ليس لإنسان يمشى أن يهدي خطواته.” إرميا ١٠: ٢٣. في أقوى حالاته وأفضلها، لا يعرف الإنسان كيف يقود حياته، ولا كيف يمشي في دروبه.

ماذا لو أن الإله الذي من المفترض أن يقود حياتي ويرشدني ويساعدني وينجدني، وضعته أنا في قفص الاتهام؟ في هذه الحالة، أكون قد خسرت هذه الفائدة العظيمة. إنه كشخص غارق أُلقي إليه طوق نجاة، فخاف منه لاعتقاده أنه سمكة قرش مثلاً، ورماه بعيدًا عنه، فسيغرق حتمًا.

المشكلة الكبرى ليست فقط في براءة الله، بل في كونه هو الذي من المفترض أن يساعدني، لأنني لا أعرف أن أقود حياتي، كما قال إرميا. الإنسان يحتاج إلى من هو أعلى منه ليساعده. إذا وضعت هذا “الأعلى” في قفص الاتهام، سأخسر مساعدته، كأنني قتلت الحل بيدي.

 

من غذى فكرة اتهام الله؟

هل الإنسان هو مصدر هذه الفكرة؟ وما الذي غذى هذه الفكرة لدى الإنسان حتى يوصله إلى وضع الله الذي من المفترض أن يدعمه ويساعده، في قفص الاتهام؟

يبدو للظاهر أن الإنسان هو من يقف وراء هذه الفكرة، حيث يتهم الله بالصمت والابتعاد وعدم الفعل، ويسأل: لماذا سمحت بالشر في الأصل؟ هل فقدت قدرتك؟ أم محبتك؟ أم أنك لم تعد موجودًا من الأساس؟ أم أنك خلقت العالم وتركته ليدبر نفسه؟

تبدو هذه الأسئلة وكأنها صادرة من الإنسان نفسه، ولكن الحقيقة أن هناك مصدرًا خفيًا وراء وصول هذه المعلومات للإنسان، فيبدأ بنطقها في صورة أسئلة. الكتاب المقدس حكى عن هذا المصدر، وهو مصدر خفي، ولذلك لا ينتبه له الناس لأنه غير مرئي. كل ما يراه الإنسان هو ظروف صعبة، أو شعور بالتعب، أو تحديات معينة، فيظن أن الأسئلة تخرج من داخله. لكن في الحقيقة هناك مصدر خفي لا يراه، وهذا ما يزيد من مخاوفه، فيعتقد أنه هو من يولد هذه الأسئلة.

هذا حقيقي: كثيرون يلومون أنفسهم ويشعرون بالذنب: “كيف أقول هذا عن الله؟” فيحاولون إسكات أنفسهم. لكن دعنا نعرف المصدر والحقيقة وراء هذه الأفكار.

العدو: الشيطان:

هناك عدو سماه الكتاب المقدس شيطان. هذه الكلمة في العبرية (שָׂטָן – ساطان) تعني “خصم” أو “عدو”. وإذا جمعنا حروفها العبرية الثلاثة، فإنها تعني “الحية التي تنصب شبكة لاقتناص الإنسان وتدمير حياته”.

هذا ما قاله يسوع المسيح بالضبط، فقد كان يتكلم عن النظام الديني الذي يرأسه إبليس، وقال عنه السارق لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك” يوحنا ١٠: ١٠. فإبليس هو من يقف وراء كل هذه الأمور من البداية.

منذ بدء تكوين الإنسان، نرى في سفر التكوين كيف ذهبت الحية إلى حواء وبدأت معها بتساؤل خبيث: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟” تكوين ٣: ١. ما المعنى الضمني لهذا السؤال؟ الحية تقول لحواء: “هل هو غير صالح لهذه الدرجة؟ هل لا يحبكما لهذه الدرجة حتى يمنعكما من الأكل من هذه الشجرة؟”.

حواء استكملت الحديث بسطحية في المعرفة، فدخل إبليس أعمق وتكلم في نقطة أقوى: فقالت الحية للمرأة لن تموتا. بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر” تكوين ٣: ٤-٥.  المعنى الضمني هنا: “يا حواء، أنتما قليلان للغاية، انظري! إنه لا يحبكما لدرجة أنه لم يجعلكما مثله. لقد جعلكما أنتِ وآدم أقل منه. ما رأيكما أن تصبحا مثله؟ إنه يخفي عنكما شيئًا ولا يكشفه حتى لا تصيرا مثله”.

طوال الوقت، هو يشوه صورة الله ويلقي الاتهامات. وهذا المعنى موجود في العهد الجديد، فكلمة إبليس في اليونانية (διάβολος) تعني الشخص الذي يشوه السمعة.

هذا هو ما يفعله إبليس حقًا، فبلهجتنا العامية: “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”. هو يفعل كل الشر الموجود، وفي النهاية يقول للناس: “انظروا! الله لا يفعل شيئًا! أين الله مما يحدث؟”.

إنه يشوه صورة الله لدى الإنسان، فيظن الإنسان أن هذه الأسئلة مجرد أفكار تخرج منه، فيخاف من نفسه: “كيف أقول هذا عن الله؟” ويحاول إسكات هذه الأسئلة والأصوات.

حقيقة إبليس من كلام يسوع:

لقد كشف الرب يسوع حقيقة مهمة عن إبليس، إذ قال عنه ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.يوحنا ٨: ٤٤.

إذن، هناك أكاذيب تُلقى على الناس مصدرها إبليس، غرضها تشويه صورة الله. والغاية النهائية من هذا كله هي إبعاد الإنسان عن الله، فيشعر الإنسان بالوحدة، ويظن أن الله هو المتسبب فيما يحدث له. “أنا ضحية، والله هو الذي يفعل هذا”. ولأنه بعيد، فأين سيذهب إليه؟ وكيف سيقابله؟ وكيف سيتكلم معه؟ فيظن أنه سيفعل ما يريده، وأنه أصبح ضحية في الحياة.

فالمصدر الحقيقي لهذه المعلومات الخاطئة ليس هو الإنسان، بل هو شخص كذاب سرد عنه الكتاب المقدس إنه الشيطان أو إبليس. إبليس فعلاً كذاب وأبو كل كذبة.

 

كيف نكتشف أساس الفكرة؟

هذا سؤال مهم حقًا، فالعودة إلى الأساس هي أهم شيء. عندما يتم إصلاح مبنى ما، دائمًا ما يطلب الناس العودة إلى المخطط الأساسي للمبنى لمعرفة كيفية سير المواسير والكهرباء، ليتمكنوا من الإصلاح بناءً على الأساس الذي بُني عليه المبنى.

في مرة من المرات، سأل الفريسيون الرب يسوع سؤالاً بخصوص الطلاق هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟متى ١٩: ٣. فأجابهم الرب يسوع أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟” متى ١٩: ٤. فتابعوا سؤاله فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟متى ١٩: ٧. فقال لهم إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلَكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا.متى ١٩: ٨.

لقد كشف لنا الرب يسوع حقيقة مهمة جدًا: أي شيء أريد أن أعرفه، يجب أن أعود إلى البدء.

العودة إلى سفر التكوين

ما هو “البدء” بالنسبة لنا؟ إنه سفر التكوين في الكتاب المقدس، واسمه الحقيقي في العبرية “برشيت” (ְּרֵאשִׁית)، أي “البدايات” أو “في البدء” كما هو موجود. لو رجعت إلى بداية أي شيء، إلى المخطط الأساسي، سأتمكن من اكتشاف: هل هذا الإله كما نراه حقًا؟ هل هو بعيد؟ هل هو غير صالح؟ أم هل هو يفعل هذه الأمور؟

لو رجعنا إلى سفر التكوين، سنجد سؤالاً مهمًا يتبادر إلى أذهاننا دائمًا: لماذا خلق الله الإنسان من الأساس؟ بما أن سفر التكوين يحكي عن خلق الإنسان.

تذكّر: عندما كنت صغيرًا، اعتقدت، كما قيل لي، وربما هذا حال الكثيرين، أننا خُلقنا لنمجد الله، ونسبحه، ونعبده، ونرنم له، ونخدمه. هذه هي الإجابة العامة التي نعرفها عن سبب خلقنا.

لكن الحقيقة أن الله ليس ناقصًا للعبادة أو المجد ليضيف إليه الإنسان شيئًا. هو ليس في حالة يحتاج فيها الإنسان ليجلب الإنسان ليقوم له بشيء لا يستطيع أن يفعله بنفسه. لا، ففي الحقيقة، الله مكتفٍ بذاته لدرجة أنه قال في مزمور ٥٠ عندما فهم الشعب مفهوم الذبائح خطأ – وهو مفهوم روحي يُعمل في صورة مادية، لكنهم فهموه خطأ – فقال لهم الله: “أنتم فهمتموني خطأ. ليَّ كل حيوانات البرية. أنتم تظنونني إذا جعت سأكون في ضيق شديد وسآتي إليكم؟”. لقد قال إِنْ جُعْتُ فَلاَ أَقُولُ لَكَ لأَنَّ لِي الْمَسْكُونَةَ وَمِلأَهَا.” (مزمور ٥٠: ١٢). أتساءل إليك: هل سأكون في ضيق بسببك لأني آكل هذه الذبيحة أو أشمها مثلاً، فأقول لك: “تعال قدمها لي”؟

فالله في الحقيقة ليس محتاجًا للإنسان. ولا هو كائن وحيد يجلس وحده فقال: “تعالوا في يوم من الأيام نلعب ونتسلى”. الله دائمًا في علاقة مع أقانيمه، فهو في الحقيقة ليس محتاجًا للإنسان.

غرض خلق الإنسان: سكب المحبة:

ما هو الغرض إذن من خلق الإنسان؟ الله، لأنه محب من الأزل، فإن أي شخص يحب يبحث عن سكب محبته هذه على شخص آخر. فاختار الله أن يُخرج الإنسان منه، ليكون شبهه، ليسكب عليه محبته الفائضة غير العادية. هو منذ زمن وهو يرغب في أن تكون له عائلة، وأولاد في الأرض، ليسكب عليهم محبته.

فالحقيقة أن غرض خلق الإنسان ليس أن يأخذ الله شيئًا، فهو لا يبحث عن الأخذ. هو نفسه قال: مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ” (أعمال الرسل ٢٠: ٣٥)، أي أنه يحب أن يعطي، ولا يبحث عن الأخذ.

فغرض خلق الإنسان هو أن يعطي الله حياته للإنسان هذا، ويعطي طبيعته للإنسان هذا. هذا هو الغرض. لذلك رأينا الله خلق الإنسان على صورته، وكان هو الوحيد الشبيه بالله بين كل الكائنات، على صورته كشبهه.

ثم خلقه الله في اليوم السادس. أي أن الإنسان دخل مباشرة إلى اليوم السابع، الذي هو “السبت” أو “سابث”، وهو اليوم الوحيد الذي سماه الله. فالله لم يسمِّ لا الاثنين ولا الثلاثاء ولا الأحد، نحن من سميناها. لكن اليوم الوحيد الذي سماه الله هو “السابث” (שַׁבָּת – شبات). تسمية السبت نفسها أخذناها من الله. فالإنسان سيدخل في راحة، وهي راحة الشركة والعلاقة معه، فهو لم يُخلق ليعاني في الحياة أو يتعب فيها.

ثم غرس له الله جنة مخصوصة. لم يقل فقط “يا جنة كوني فكانت”، بل الكتاب المقدس يقول “َغَرَسَ الرَّبُّ الإِلَهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقاً وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ.تكوين ٢: ٨. غرسها لآدم مخصوصًا لأنه يحب الإنسان، وطوال الوقت يريد أن يعطي الإنسان.

فعندما أعود إلى البداية، أكتشف أن هذا الإله معطٍ. هذا الإله لا يريد أن يمنع شيئًا عن الإنسان. لم تكن هناك لغة عوز أو احتياج في الجنة. لم تكن هناك لغة مرض أو ضعف أو فشل في الجنة. لدرجة أن آدم عندما بدأ يتكلم بكلام مختلف عن المعتاد، قال له الرب مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟تكوين ٣: ١١. الرب قال له هذا، لأن آدم بدأ يقول: “أنا صرت محتاج، أنا عريان الآن، أنا في احتياج لشيء يغطيني”. فقال له الرب: “ما هذا الذي تقوله؟ ليست هذه هي اللغة الطبيعية التي كانت سائدة في الجنة”.

لكن بسبب دخول الخطية وسيطرة إبليس، بسماح الإنسان، حدث شيء غريب في نظام الخليقة.

الله صالح: ما المعنى الحقيقي؟

عبارة هل نحن نقولها ونحن مدركون لمعناها، أم نقولها فقط لأن “الظروف” جعلتنا نقولها، وكأننا لا نستطيع أن نقول غير ذلك، بينما نراه لا يفعل شيئًا؟

تذكّر: هناك أناس يقولونها وهم يعنونها فعلاً، وعلى النقيض، البعض لا يقولها إلا في المواقف الصعبة. وكأنه، وليس كل الناس هكذا، يقول: “أنا راضٍ بما تفعله”. أحيانًا، كلمة “ربنا صالح” تساوي لديهم: “أنا صابر وراضٍ على ما فعلته بي، وما تريده كمل فعله”.

في الحقيقة، لو رجعنا إلى أصل كلمة “صالح” في أول مرة ذُكرت فيها في الكتاب المقدس، في سفر التكوين الأصحاح الأول، فقد وردت سبع مرات في هذا الأصحاح الواحد. أيضًا في البدايات، أصل كل شيء.

الكلمة العبرية هي “توف” (טוֹב). تعني هذه الكلمة أن الشخص يفعل الخير، يفعل الأفضل، يفعل الرائع. لدرجة أن عكسها، لو أتينا بالمقابل لـ “صالح”، فهو “شرير” أو “شر”.

صنع الله الخليقة في وضعية اكتمال وجمال، رأى الله النور انه حسن” تكوين ١: ٤. “حسن” هنا تعني “صالح”.

وقيل عن الرب إنه “الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ“(مزمور ١٤٥: ٩). فكلمة “صالح” تصف طبيعة الشخص، وتصف نوايا الشخص، وتصف سلوك الشخص أيضًا، بأنه يفعل الشيء الصحيح، لا يغدر، لا يظلم، لا يتحرك بطريقة فيها غموض تجاه الإنسان، بل يتحرك بطريقة يفعل فيها الصواب، يفعل فيها الخير، يفعل فيها الأفضل.

ومن معانيها أيضًا عندما تُقال عن الله أنه محسن، عطوف، جميل، رائع. وتُقال عن الجمال، مثل جمال الخليقة. فأي تشوه نراه حولنا هو عكس “الصالح”.

أي تشوه موجود، الرب عندما رأى الخليقة قال: “انه حسن جداً” تكوين ١: ٣١. فكل تشوه تراه هو عكس الصلاح أو عكس طبيعة الله. الصلاح هو أنه يعطي الأشياء الصحيحة فقط.

هَا إِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ اجْتِمَاعاً لَيْسَ مِنْ عِنْدِي. مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْكِ فَإِلَيْكِ يَسْقُطُإشعياء ٥٤: ١٥. كلمة “ليس من عندي”. كان يتكلم عن أنهم يدبرون مؤامرة يريدون إيذائها. لم يسكت، بل هذا الاجتماع سيء ورديء، لكنه “ليس من عندي”. “لا تفكري أنني أنا الذي أرسلت هذا، ولا تفكري أنني وراءه”. فكان الرب يلحق بالناس لئلا تفهم خطأ.

هذا هو صلاح الله، أنه يفعل الشيء الصحيح والخير، وهذا هو المعنى الذي يعلمه لنا الكتاب المقدس، والذي نقصده في أي وقت، ليس فقط وقت التجارب أو وقت المشكلة، أن الله صالح يعني أنه يفعل الصحيح، يفعل الأفضل، يفعل الخير، وبالتأكيد في الوقت الصحيح.

في الوقت الصحيح، ليس فقط عندما نكون في ضيق أو مضطربين ولا نفهم ما يحدث، فنلجأ مباشرة ونقول: “ولكنه صالح!”. ونحن لا نفهم معنى “صالح” المعنى هو بجانبنا، يسندنا، وغيرها من المعاني الكثيرة جدًا.

 

الله كشف عن فكره:

ماذا أيضًا في الصلاح؟ ماذا أيضًا يؤكد لنا هذه الفكرة ونحن فاهمون ونسير في الطريق، عندما نتعثر ونواجه صعوبات، خاصة في هذه النقطة؟

نقطة أحيانًا لا ننتبه لها، وهي أن الصلاح يُذكر دائمًا مع المواقف السلبية، كما قلت منذ قليل، وكأننا نقول لنسكت أنفسنا أو نطبطب على أنفسنا: “اهدأ” وكأننا خائفون من مواجهة هذه الأمور، وفعلاً كأننا خائفون من مواجهة وفتح هذه الملفات. وهذا للأسف يقلب إيمان كثيرين، نقول: “لأننا لا نعرف الله، ولا نعرف حكمته، وأفكاره أسمى من أن نصل إليها” فكأنني أقنع نفسي: “ارضَ بهذا لأنك لا تعرف هذا الإله”.

أدعوك أن تفهم: ماذا لو أن هذا الإله كشف عن فكره؟ سأكون مخطئًا لو جئت بعد ذلك وقلت: “أنا لا أعرفه”. مرة، قال الرب يسوع لتلاميذه لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ” يوحنا ١٣: ٧.

فلو كان الله قد كشف عن فكره وحكمته، فلا يصح أن آتي بعد ذلك وأقول: “نحن لا نفهم حكمة الله، الله لغز”. لدرجة أن بعض الأشخاص، بنية حسنة أيضًا، سموا الألم “لغز الألم”. وكأنه لغز. ماذا لو كشف الكتاب المقدس عن هذا؟ ربما لم أتعرض لاستعراض الآيات التي تتحدث عن الألم، فاكتفيت بآيات معينة، فشعرت كأن الألم مجرد لغز.

لنا فكر المسيح:

لا نحتاج أن نخمن الله إذا كان هو قد أعلن عن نفسه. السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا وَالمُعْلنَاتُ لنَا وَلِبَنِينَا إِلى الأَبَدِ لِنَعْمَل بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ” تثنية ٢٩: ٢٩. إذا كان قد أعلن، فلا يصح أن نقول: “ربنا لا نعرف فكره”، أو نستخدم آيات ليست في سياقها.

لان افكاري ليست افكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب” إشعياء ٥٥: ٨. في العهد الجديد، نكتشف أن بولس الرسول يتكلم ويقتبس من إشعياء ٤٠: “من عرف فكر الرب فيعلمه” ١ كورنثوس ٢: ١٦، ثم يضع نقطة. كان يقول: “هذا عهد قديم، النور والاستنارة ازدادت في العهد الجديد”. ثم بدأ يكمل: “اما نحن فلنا فكر المسيح” ١ كورنثوس ٢: ١٦.

نستطيع أن نعرف هذا الإله ولا نحتاج أن نخمنه. إذا كان الناس يسألون قديمًا: “كيف يفكر هذا الإله؟ ماذا يفعل؟ كيف يتكلم؟”، فنحن رأيناه متجسدًا في يسوع الذي هو تجسيد الله، فرأيناه، ولسنا بحاجة لتخمين كيف يفكر الله.

وهذا الأمر يوقع الكثيرين في الخطأ، لأنه لو لم أعرف شخصية الله، واكتشفت بمعرفة حقيقية من الكلمة من هو، فـ استحالة معرفة كيفية التوكل عليه. الكتاب المقدس يقول:وَيَتَّكِلُ عَلَيْكَ الْعَارِفُونَ اسْمَكَ. لأَنَّكَ لَمْ تَتْرُكْ طَالِبِيكَ يَا رَبُّ” (مزمور ٩: ١٠).

كلمة “اسمك” ربما ليست واضحة في العربية، لكنها في العبرية تساوي “شخصيتك، طبيعتك، صفاتك، ما تفعله”. إذا لم أعلم هذا الإله، قد أقول عن نفسي: “أنا أتوكل عليه”، لكن في الحقيقة أنا لا أتوكل، لأن الذين سيعرفونه ويتوكلون عليه هم “العارفون اسمه”.

حتى الرب نفسه عندما قالها في مزمور ٩١، تكلم وقال لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي.” (مزمور ٩١: ١٤). عرف شخصيتي، عرف طبيعتي، عرف كيف أتحرك. فلست بحاجة. بالتأكيد هذا الشخص لن يفعل شيئًا وعكسه. هذا حقيقي، فلست بحاجة لتخمينه. إذا خمنت، سأقع في سقطة كبيرة.

معرفة الله الحقيقية:

المثل الذي قاله الرب يسوع في متى ٢٥ عن السيد الذي أعطى عبيده وزنات: خمس وزنات، وزنتين، ووزنة. جاء إلى العبد الأخير، فقال له العبد: 24ثُمَّ جَاءَ أَيْضاً الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. 25فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ.” متى ٢٥: ٢٤-٢٥. هذه معرفة خاطئة. هو خمن عن سيده أنه هكذا. وهذا العبد في الحقيقة كان شريرًا وكسولاً، لكنه خمن تخمينات خاطئة.

إذا كنت لا أزال في مرحلة التخمينات، فهناك إجابات واضحة من الكلمة عن طبيعة الله، عن شخصية الله، عن حياتنا، عن كل ما نمر به. يمكننا من خلالها أن نمسك بشيء واضح عن الله، ولا يبقى الله مبهمًا لدينا، وكأن الإجابة لكل شيء هي “عندما نذهب إلى السماء”. لا، بل يمكنني أن أكتشف حتى استخدامنا للآيات مثل: لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلَكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ“. هذا استخدام خارج السياق. إنها تُقال بقلب رائع، لكنها استخدام خارج السياق، لأن يسوع بعد ذلك بدقائق قليلة أوضح ما لم يكن بطرس يعلمه، وشرح لهم ما كان يقصده في يوحنا أصحاح ١٣.

لكن المشكلة التي تواجه الكثيرين هي: “ولكن قد يكون ما يراه هو صالح، أنا أراه شرًا، وما أراه أنا صالحًا، هو يراه لي خيرًا”. وهذه أسئلة مهمة جدًا.

انتبه: من وجهة نظر الله، الأمر مختلف. ربما مفهومي للصلاح مختلف عن مفهوم الله؟ هل هذا هو الحقيقي فعلاً؟ ما رأيك؟ دعنا نرى يسوع نفسه وهو يجيب على هذا السؤال تحديدًا: “ما هو مفهوم الصلاح لدى الله؟” وهل يمكن أن يكون لدى الله مقياس مختلف يقيس به الأمور؟

“فَمَنْ مِنْكُمْ، وَهُوَ أَبٌ، يَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزاً، أَفَيُعْطِيهِ حَجَراً؟ أَوْ سَمَكَةً، أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ السَّمَكَةِ؟” لوقا ١١: ١١. الرب يسوع يستخدم مثلاً بشريًا عن الأب والابن. فالابن سأله: “بابا، أنا أريد خبزًا”. فهل سيعطيه أبوه حجرًا؟ أو سمكة؟ فهل سيعطيه أبوه حية بدل السمكة؟ إذا طلب سمكة، فهل سيعطيه أبوه شيئًا يؤذيه؟”

“فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟” لوقا ١١: ١٣. هنا يوضح الرب يسوع الأمر أن ما هو جيد في نظر الإنسان (الخبز، السمكة، البيضة) هو جيد في نظر الله. لا حاجة لي أن أخمن أن مفهوم الصلاح لدى الله مختلف عن مفهوم الصلاح لدي.

تذكّر: لست بحاجة إلى تخمين هذا الإله. إذا كان الضعف، التعب، الفشل، المعاناة، المرض، الاحتياج… لا تقل عن هذه الأشياء إنها صالحة. أعرف أن البعض، ربما بحسن نية، يقولون عن هذه الأمور إنها صالحة ليرضوا بالواقع، لكن احذر، فالرب حذر وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْراً وَلِلْخَيْرِ شَرّاً الْجَاعِلِينَ الظَّلاَمَ نُوراً وَالنُّورَ ظَلاَماً الْجَاعِلِينَ الْمُرَّ حُلْواً وَالْحُلْوَ مُرّاً.” إشعياء 20:5. فلا تعكس الحقائق.

نستطيع أن نأخذ هذا من الكلمة، إذا رأيت فكر الله تجاه الفقر، تجاه المرض، تجاه الفشل، تجاه الضعف، تجاه كل شيء. يمكنك أن تأخذه كمبدأ وتضعه في كل شيء تواجهه. هذا حقيقي، يمكنني أن أطبق هذا على كل شيء.

فالله ليس، كما توقع الناس، مختلفًا عنا. نحن أنفسنا، المبادئ التي نسير بها حتى قبل أن نعرف الله، هي مستمدة وموضوعة في داخلنا. سليمان قال الْكُلَّ حَسَناً فِي وَقْتِهِ وَأَيْضاً جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللَّهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ.” جامعة ٣: ١١. حتى بدون احتكاك مباشر مع هذا الإله، مبادئه موضوعة فيَّ. عندما نجد تنظيمًا في العالم، عندما نجد دقة ونحن نسعى إلى هذه الدقة، فذلك بسبب مبدأ الله. ما الذي يجعل الإنسان يسعى حتى للكمال؟ بسبب هذا المبدأ الذي وضعه في داخلنا لأننا أخذناه منه.

أكد الرسول يعقوب على هذه النقطة وقال كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.” يعقوب ١: ١٧. فالعطايا الصالحة فقط هي التي تأتي، وليس الأمور الأخرى.

إذا كان في جسمي مناعة تقاوم المرض، فإذن المرض شيء غير مقبول، وإلا لما وضع الله في داخلي شيئًا يحاربه. حتى وأنت غير واعٍ، هناك جهاز مناعي كامل يحارب المرض. إذن، لا تألف الخطأ وتقول عنه أنه بركة.

 

صلاح الله: هل تراه في حياتك؟

ربما، مررت بمواقف مؤلمة، فقد تكون هذه الصورة قد تشوّهت لديك، أو بهتت فكرة أن الله صالح، وأصبحت لا تظهر هذه الصورة إلا في الأوقات الصعبة، وكأنك تخدر بها نفسك. لكنني أدعوك الآن، ارجع وراجع أوراقك، ولا تدع هذه الصورة تبهت لديك. تذكر جيدًا: هو صالح حقًا، وهو يحبك حقًا.

في رسالة تيطس 3، يتحدث الكتاب المقدس بتعبير عميق يصف محبة الله للإنسان، يقول:
لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضاً قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَاكِفِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضاً. وَلَكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ الْمُنْقِذِ، اللهِ، وَإِحْسَانُهُ” تيطس ٣: ٣-٤.
إنه مغرم بالإنسان، يحب الإنسان، فاستحالة أن يكون الإله الذي يحب الإنسان بهذه الطريقة يؤذي الإنسان.

هل اختباراتنا الشخصية مقياس صلاح الله؟

سؤال: “كيف يكون الله صالح وأنا لا أرى ذلك في حياتي؟”

للإجابة على هذا السؤال، من المهم أن تكتشف: ما هو المقياس الذي تقيس به صلاح الله؟ ما هو معيارك؟ تخيل أنني سأرسم خطًا على طاولة، فما هو المقياس الذي ستحكم به إذا كان هذا الخط مستقيمًا أم لا؟ قد يقول أحدهم: “سأحكم بعيني”، لكن عيني قد تختلف عن عينك، وقد تكون هناك عين أدق تستطيع التأكد. المقياس الحقيقي هو أن نأتي بشيء ثابت نقيس عليه، مثل المسطرة.

إذا كنت ترى أن الله ليس صالحًا في حياتك، أريد أن أقول لك إنني أقدر ما تشعر به، وأقدر أنك ربما مررت بظروف صعبة. ولكن انتبه: اختباراتك ليست هي المقياس الذي نقيس عليه صلاح الله. وربما تكون أنت ترى الأمور بطريقة خاطئة. ربما تحتاج إلى أن تكتشف أن هذا الإله صالح ويحبك، وهذه هي البداية التي تجعلك تثق فيه.

 

لا تُشَوِّهْ صورة الله بسبب آراء خاطئة أو اختبارات مؤلمة:

لقد ذكرنا سابقًا أن الذين يتكلون على هذا الإله هم الذين يعرفونه، الذين اكتشفوا محبته وصلاحه. ربما شُرِح لك عن صلاح الله بطريقة خاطئة، فقيل لك إنه هو الذي فعل بك كذا وكذا، وحياتك مًعقدة ومتشابكة ومؤلمة. ولكنني أدعوك أن ترجع وتراجع أوراقك، لا بناءً على اختباراتك فقط، بل بناءً على كلمته. ماذا يقول هو عن نفسه؟

لاحظ جيدًا: قد تكون الصورة قد تشوهت لديك، كما ذكرنا، بسبب إبليس الذي زرع الفكرة، أو بسبب اختبارات مررت بها وظننت أن الله هو السبب فيها.

أيوب: نموذجٌ لاكتشاف صلاح الله:

أيوب في يوم من الأيام، كان يظن أن الله هو الذي فعل به ما فعله. وعاش طوال سفر أيوب وقلبه يحب الرب، لكنه عاش طوال السفر يعاتب الله. والله، في الحقيقة، لا يتضايق من معاتبتك له. لا يتضايق عندما تقول له: “أنت لست صالحًا في حياتي، أنا لا أرى ذلك”. هو لا يتضايق من شيء كهذا. بل يقول بنفسه: هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ” إشعياء ١: ١٨، تعال لنتكلم.

أيوب قضى طوال السفر يرد على أصحابه، ويتكلم مع الله قائلًا: “لماذا أنت بعيد؟ لماذا لا تسمعني؟ لماذا جعلتني هدفًا ترشق سهامك عليّ؟ توقف عني قليلًا.” ولكنه في النهاية اكتشف وقال بالحرف الواحد:
لِذَلِكَ أَرْفُضُ وَأَنْدَمُ فِي التُّرَابِ وَالرَّمَادِ. بِسَمْعِ الأُذُنِ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَتْكَ عَيْنِي” أيوب 5:24-6.
لقد اكتشف في النهاية أن الله قد استجاب له، وأن ما كان يظنه سبيًا من الله لم يكن كذلك، بل كان هناك عدو آخر وراء ذلك، وهو إبليس.

إذن، المهم أن تُخرج الأسئلة التي بداخلك وتضعها أمام شخص يستطيع أن يساعدك ويسير معك خطوة بخطوة. هذا هو الحل العملي. إذا لم تكن مكتشفًا صلاح الله في حياتك، فمن المهم أن يساعدك شخص تتحرك معه، شخص يعرف الحق الكتابي ومحل ثقة، لتشاركه حياتك. ليساعدك كيف تخرج من هذه المنطقة، وكيف ترى صلاح الله. كيف ترى أن هذه الكلمة التي كتبت في الكتاب المقدس متاحة لك لكي تعرفها وتتحقق في حياتك. هذا حقيقي.

لماذا يولد الأطفال مشوهون خلقيًا؟

عندنا سؤال آخر مهم يقول: “لماذا يولد الأطفال مشوهون خلقيًا؟”

هذا السؤال لا يمكننا الإجابة عليه بالكامل في هذه الحلقة، وبالتأكيد ستكون هناك حلقات أخرى نتناول فيها هذا الموضوع بتوسع. وهذا ليس هروبًا من السؤال إطلاقًا.

لكن دعني أرجع بك إلى الصورة الأصلية التي خلق الله على أساسها الخليقة. لقد كانت حَسَنَةً جِدّاً” تكوين ١: ٣١. هذه الصورة لم يكن فيها أي خلل أو تشويه. ثم نصل إلى سفر التكوين الأصحاح الثالث، حيث بدأ الأمر يتغير. كأن شخصًا بنى بيتًا وصممه تصميمًا جميلًا ورائعًا، وفجأة حدثت حادثة في البيت، فإذا بالبيت قد تهدم، وأصبحت الجدران في حالة سيئة.

ففي تكوين الأصحاح الثالث، وضع آدم نفسه – وآدم يُعامل على أنه رأس الخليقة – تحت سيّدٍ آخر غير الله. سيّدٍ قاسٍ بدأ يستعبده، كما يقول الكتاب المقدس: أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ” رومية ٦: ١٦. فوضع آدم نفسه تحت سلطان إبليس.

في رسالة رومية الأصحاح الخامس يقول الكتاب المقدس: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، كَمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ” رومية ٥: ١٢.
يوجد نظام لم يكن موجودًا قد دخل إلى الخليقة. كأنني اشتريت جهازًا من شركة، جهاز جميل ورائع ويعمل بشكل جيد، وفجأة حدث فيه شيء أفسده. هذا لا يعني أن هناك عيبًا في الشركة المصنعة. ربما أنا من أفسدت الجهاز بنفسي عن طريق إدخال فيروس إليه دون قصد.

سلطان إبليس على العالم والحل الإلهي:

إبليس بدأ يسيطر على العالم منذ ذلك الوقت. لهذا يقول الرسول يوحنا: نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمُ كُلُّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ” (١ يوحنا ٥: ١٩.
فإبليس يسيطر على العالم بنظام شرير فيه المشاكل والأوبئة والأمراض، ومنها حتى التشوهات التي قد تحدث في الجينات. هذا لا يعني أن إبليس وراء كل طفل يولد بتشوه، ولا يعني أنه وراء كل طفل يولد ولديه مشكلة. أنا أتكلم عن النظام العام: ما الذي أفسد هذا النظام؟ لم يكن من الطبيعي أن يفسد هذا النظام. لقد كان نظامًا مصممًا بشكل “حسن جدًا” كما قال الله، ولكن سبب هذا الخراب قد دخل فيه.

فالخراب طال كل شيء. قد تكون يد إبليس مباشرة، وقد يكون سببًا آخر. لكنني أريد أن أركز على الحل.

يسوع في يوم من الأيام، عندما رأوا رجلًا أعمى، سألوه: “من أخطأ؟ هذا أم أبواه؟” فقال لهم يسوع: “لاَ هَذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ” يوحنا ٩: ٣.
يسوع لم يقل لهم: “اصمتوا، كفى، أغلقوا هذا الموضوع، ليس لكم علاقة بتفاصيل حياة الناس.” بل قال: أنا موجود هنا لأعمل أعمال أبي وهي أن أشفي هذا الشخص. فالحل موجود. وهذا ما يقدمه الله للبشرية.

أول عظة ليسوع تكلم فيها عن مجيئه إلى الناس المسحوقين، المأسورين، الحزانى. فيسوع يقدم شيئًا لكل من يحتاجه، حتى الشفاء الجسدي.

الشفاء عمل خير:
أَيَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ أَمْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَمْ قَتْلُهَا؟” مرقس ٣: ٤.
كان يشفي رجلًا يده يابسة. ما هو فعل الخير في هذا المشهد؟ هو شفاء الرجل. وما هو فعل الشر؟ هو أن يترك الرجل يكمل في هذا الأمر الصعب الذي في حياته. يسوع سمى هذا “فعل شر”، وسمى التخلص من النفس “قتل”. تخيل أن يسوع سمى أن يكمل الشخص في تعبه “قتلًا”، لأنه قتل بطيء.

فالله مستعد أن يتجاوب مع هذا الشخص بمجرد أن يبدأ هذا الشخص في التعلم عن الإيمان، ويكتشف صلاحه، وتتجاوب الأسئلة التي كانت تخلق خصومة بينه وبين الله بداخله. هذا كفيل بأن يجعلك تضع قدمك على الطريق الصحيح، وأنه ينفع لشخص أن يشفى بكل تأكيد. هذا الإله لم يتوقف عن الشفاء. يسوع لم يتوقف عن الشفاء عندما صعد إلى السماء، يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” عبرانيين ١٣: ٨.

دعوة للخلاص:

أرغب أن أصلي مع كل من لم يقبل يسوع مخلصًا شخصيًا لحياته بعد، أن يفتح قلبه اليوم ويطلب بكل قلبه، كما تعلمنا كلمة الله: لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ” رومية ١٠: ٩.

أدعوك، تعال لنصلي معًا الآن. أغمض عينيك، ارفع قلبك بكل أمانة وبصوت تسمعه أنت:
“يا رب يسوع، أنا أشكرك لأنك تحبني جدًا. أشكرك لأنك جئت لتقدم كل هذه المحبة لي. يا رب، أنا أقبلك مخلصًا شخصيًا لحياتي. أنا أسلمك حياتي. أنا أقبل أنك مت وقمت ودفنت من أجلي. أشكرك لأنك أقمتني معك يا رب كخليقة جديدة. يا رب، أنت لم تكتفِ بغفران خطاياي فقط، بل منحتني طبيعتك يا رب لأكون إنسانًا جديدًا يعرف أن يحيا حياة النصرة، أشكرك لأني أصبحت ابن لك، آمين”

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

أدعوك أن تفهم النقاط المختصرة التالية التي تلخص موضوع “المتهم البريء”:

خلاصة المتهم البريء: الله وصلاحُه

  • التهمة الموجّهة لله والسبب:
    • يضع كثيرون الله في قلوبهم في “قفص الاتهام”، متسائلين: لماذا يصمت أمام الشر والعشوائية، أو لماذا لا يتصرف تجاه معاناتي الشخصية؟
    • هذه الأسئلة إذا تُركت بلا إجابة، تتحول إلى خصومة مع الله.
  • لماذا لا ينبغي أن نتهم الله؟
    • أولًا: الله بريء، واتهام البريء أمر غير لائق على الإطلاق.
    • ثانيًا: الإنسان لا يعرف كيف يقود خطواته بنفسه إرميا ١٠: ٢٣، والله هو طوق النجاة الوحيد. اتهامه يجعلك تخسر مساعدة من هو أعلى وأقدر منك.
  • المصدر الخفي لاتهام الله:
    • مصدر هذه الأفكار المشوهة ليس الإنسان، بل هو العدو: الشيطان (ساطان – خصم/الحية التي تنصب شبكة).
    • هدف إبليس هو تشويه صورة الله (كما فعل مع حواء في تكوين ٣: ٤-٥ لزرع الوحدة وإبعاد الإنسان عن الخلاص، ليعتقد أنه ضحية وأن الله هو المتسبب يوحنا ٨: ٤٤.
  • اكتشاف الأساس: العودة إلى البدء (تكوين):
    • لمعرفة الحق، يجب العودة إلى البدايات (كما أوضح يسوع في متى ١٩: ٨.
    • غرض خلق الإنسان ليس ليعطي الإنسان شيئًا لله (مزمور ٥٠: ١٢)، بل ليُسْبَل الله محبته الفائضة وطبيعته على كائن يشبهه (“على صورتنا كشبهنا”).
  • المعنى الحقيقي لصلاح الله:
    • كلمة “صالح” (טוֹב – توڤ) في الكتاب المقدس تعني أنه يفعل الخير، والأفضل، والصواب، وتصف طبيعته ونواياه.
    • أي تشوّه (مرض، فشل، خراب، تعب) هو عكس صلاح الله تكوين ١: ٣١، والله ليس وراءه إشعياء ٥٤: ١٥.
  • لنا فكر المسيح:
    • لسنا بحاجة إلى تخمين الله أو اعتبار أفكاره لغزًا، لأننا فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ” كورنثوس الأولى ٢: ١٦.
    • مفهوم الصلاح عند الله ليس مختلفًا عن مفهوم الصلاح البشري؛ فالأب لا يعطي ابنه حجرًا إذا سأله خبزًا، فكم بالحري الآب السماوي لوقا ١١: ١٣.
    • لا تقل عن الشر، أو المرض، أو الفشل إنه “صالح”، لئلا تعكس الحقائق إشعياء ٥: ٢٠.
  • المقياس الحقيقي لصلاح الله:
    • اختباراتك الشخصية المؤلمة ليست هي المقياس الذي نقيس به صلاح الله، بل كلمته الثابتة يعقوب ١: ١٧.
    • أيوب اكتشف أن ما كان يظنه من فعل الله، كان وراءه عدو آخر أيوب ٤٢: ٥-٦، ثم تحول من السمع إلى الرؤية الحقيقية لشخصية الله.
  • الحل العملي لإنهاء الخصومة:
    • أولًا: إخراج الأسئلة ومشاركتها مع شخص أمين يعرف الحق الكتابي.
    • ثانيًا: التركيز على الحل الذي قدمه يسوع. الشفاء هو فعل خير مرقس ٣: ٤ ومتاح الآن، فالمسيح لم يتوقف عن الشفاء عبرانيين ١٣: ٨.
    • ثالثًا: قبول يسوع مخلصًا وربًا شخصيًا والاعتراف به للإنتقال إلى حياة النصرة رومية ١٠: ٩.

 

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة  الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

2 Comments

  1. Merna

    محتاجه حد حقيقى عنده موهبه الروح القدس بس يكون حقيقى
    يصليلى لان حاسه ان عندى سحر او عمل

اترك رداً على Merna إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Hide picture