العظة مكتوبة
▪︎ اكتشفْ الفرقَ بين الدعوةِ والاختيارِ.
▪︎ ما هو فِكْرُ اللهِ تجاه الإنسانِ منذ الأزمنةِ الأزليةِ.
▪︎ تتمَّثلُ محبةُ اللهِ في سكنى الروِح القدس بداخل الإنسانِ وإعطائه حياة الله في روحه الإنسانية.
▪︎ الفَهْمُ الخاطئُ للدعوةِ.
▪︎ الفرقُ بين الدعوةِ والاختيارِ:
“لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا.” (٢ بطرس ١: ١٠).
دُعِيَّ العالمُ كله لقبولِ يسوع لكن ليس الكلُ قَبِلَ هذه الدعوة، ليس كل المؤمنين صاروا مِن المختارين، فمثلاً كلُ طالبٍ موجود في المدرسةِ مدعوٌ للتخرج منها ليصبح ذا مُستقبَلٍ ولكن ليس كلُ المدعوين يتم اختيارهم مِن المتفوقين لأنّ هذا يعود عليهم شخصيًا، بالتالي يوجد دورٌ على الإنسانِ وآخر على اللهِ.
هناك خلط بين نقطتين وهما كون هذه الدعوة مجانية وبين ما يجب أنْ أفعله تلبيةً لهذه الدعوة؛ وهذا بالطبعِ لا يتعارضُ مع كونها مجانية.
خلقَ اللهُ العالمَ لغرضٍ وحاولَ إبليس إفسادَ هذه الخطة ولكنه فَشَلَ، وليس كما يظن البعض خطأً أنّ الله خَلَقَ البشرَ وفُوجِئ وإذ بعضهم فاسدين فتضايق منهم وبدأ في محاولة إصلاح الأمر، لا، هذا غير كتابيٍّ بالمرة.
▪︎ لفَهْمِ الدعوةِ يجب أنْ تفهمَ فِكْرَ اللهِ تجاه الإنسانِ:
“بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ ٱللهِ فِينَا: أَنَّ ٱللهَ قَدْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ.” (١ يوحنا ٤ : ٩).
“لِأَنَّ ٱلْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ لِأَجْلِ ٱلْفُجَّارِ. ٧ فَإِنَّهُ بِٱلْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لِأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لِأَجْلِ ٱلصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ. ٨ وَلَكِنَّ ٱللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لِأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لِأَجْلِنَا. ٩ فَبِٱلْأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ ٱلْآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ ٱلْغَضَبِ! ١٠ لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ، فَبِٱلْأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ! ١١ وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا بِٱللهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي نِلْنَا بِهِ ٱلْآنَ ٱلْمُصَالَحَةَ.” (رومية ٥ : ٦ -١١).
محبةُ اللهِ للبشرِ هي البدايةُ، فَلمْ يخلقْ اللهُ البشرَ ثم أحبهم؛ لأنه أحبهم وخلقهم قطعة منه. محبةُ اللهِ للعالمِ؛ أي الخطاةِ وغير المؤمنين كامنةٌ مِن البدايةِ قَبْل حبِّ الإنسان له.
يُشير لفظ “بِحَيَاتِهِ” إلى قيامتِه؛ بمعنى إنْ كان الموتُ تسبّبَ بإزالةِ العداوةِ، فبالأولى ونحن مصالحون نخلصُ بقيامته.
يتكلمُ العددَ العاشر عن المصالحةِ بموته، كما إننا لنا خلاصٌ بقيامته، ووَضَّحَ بعد ذلك أننا نفتخرُ به؛ أي نفرحُ، وهذا يدلُ على وجودِ نتائج حدثَتْ نتيجةً للموتِ والقيامةِ، فلكلٍ مِن الموتِ والقيامةِ وظيفةٌ تختلفُ عن الأخرى.
“بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ ٱللهِ فِينَا: أَنَّ ٱللهَ قَدْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ.” (١يوحنا ٤ : ٩).
يختلفُ لفظُ محبةَ اللهِ لنا عن محبتِه التي فينا المذكور في الشاهدِ أعلاه، فهو يُعنَى به أنّ طبيعةَ اللهِ صارت فينا. لم يقتصرْ مجيءُ الربِ إلى العالمِ على المصالحةِ مع الله فقط بل لكي نحيا به، وهذا يدلُ على وجودِ طريقةٍ يحيا بها المؤمنُ، لا أنْ يقبله فقط بل يحيا به.
“١اَلَّذِي كَانَ مِنَ ٱلْبَدْءِ، ٱلَّذِي سَمِعْنَاهُ، ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، ٱلَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ ٱلْحَيَاةِ. ٢ فَإِنَّ ٱلْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ ٱلَّتِي كَانَتْ عِنْدَ ٱلْآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.” (١يوحنا١ :١-٢).
“فَإِنَّ ٱلْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ”؛ كيف تظهرُ الحياةُ؟ هذه الجملة غير مقبولةٍ بالنسبِة للعلمِ؛ فالحياةُ لا تظهرُ في نظرِهم، ما يظهر هو أعراض الحياة مِثل تنفُسِ الإنسانِ، أنْ يعملَ المخُ والقبُ، لكن الحياة ذاتها لا تُرَى!
حاوَل بعضُ العلماءِ الوصولَ للحياةِ بتكوينِ حبةٍ مِن الفولِ بكلِ محتوياتها بدقةٍ ووضعوها في تربةٍ لكي تحيا ولكنهم فشلوا؛ لأنّ القصةَ في عنصرِ الحياةِ. كما وصلَ بعضُ العلماءِ لخلاصةٍ وهي إنك تستطيع أنْ ترىَ الحياةَ تحت الميكروسكوبِ برؤيةِ البلازما، ولكن هذه أعراضُ الحياةِ وليست الحياةَ ذاتها! لم يستطيعوا الوصول للقوةِ المُسبِبةِ للحياةِ، ولكن الكتابَ المقدسَ يقولُ لنا ما هي الحياة!
الحياةُ أُظْهِرَتْ؛ أي تجسدَتْ، وكلمةُ “حياةٍ” هنا تعني “Zoe” هي نوعٌ يختلفُ عن باقي أنواع الحيوات الأخرى في الكتابِ المقدسِ، مثل: (بيوس bios) وهى حياة النبات، (بسيوخيه psuche) وهى الحياةُ البشريةُ العاديةُ، أما (زوي zoe ) فهي حياةُ اللهِ شخصيًا.
يحاولُ العلماءُ في إحدى الولاياتِ المُتحدةِ منذ التسعينات على إيجاد الحياةِ ذاتها لإقامةِ موتى بوضعِ أجسادهم في ثلاجاتٍ وعملِ أبحاثٍ بموافقتهم ولكنهم فشلوا لأنّ الحياةَ لا يمكن الوصول لها بحَقْنٍ أو إشعاعاتٍ معينةٍ، ولا يمكنُ إقامةُ هذه الأجساد.
نوعيةُ الحياةِ هذه صارت فينا لذلك يقول الكتاب إنّ محبتَه ظهرَتْ فينا لأننا إظهارُ هذه المحبة، وكلُ البشرِ مدعوون لعيش تلك الحياة كما قرأنا في (١يوحنا ٤ : ٩).
“وَهَذَا هُوَ ٱلْوَعْدُ ٱلَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ.” (١يوحنا ٢ :٢٥).
الحياةُ الأبديةِ؛ أي الحياة الإلهية.
” ٩ بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. ١٠ فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا. ١١ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هكَذَا، يَنْبَغِي لَنَا أَيْضًا أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. ١٢ اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ. إِنْ أَحَبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَاللهُ يَثْبُتُ فِينَا، وَمَحَبَّتُهُ قَدْ تَكَمَّلَتْ فِينَا. ١٣ بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِينَا: أَنَّهُ قَدْ أَعْطَانَا مِنْ رُوحِهِ.” (١يوحنا ٤: ٩-١٣)
إنْ قرأنا عددي إحدى عشر واثني عشر مع إلغاءِ جملة “اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ” لما تأثرَ المعنى، ولكنه ذكرها ليوضح لنا أنّ طريقةَ ظهورُ اللهِ الآن هي مِن خلالِ البشرِ الذين لديهم هذه الحياة بإظهارهم لهذه المحبة.
لا تقتصرُ المحبةُ على موضوعِ الغفرانِ؛ لأنّ الغفرانَ واحدٌ مِن أركانِ المحبةِ ولكن الناس قَصَرَتْ المحبةَ على الغفران فقط.
“أَنَّهُ قَدْ أَعْطَانَا مِنْ رُوحِهِ” الله لم ينظره أحدٌ قط، لكن الحياةَ أظهرَتْ في يسوع، وهو صارَ فينا وأعطانا مِن روحه.
▪︎ تَتَمَثَّلُ محبةُ اللهِ في سكنى الروحِ القدسِ بداخلنا:
“٢٢وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لِأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ ٱلْأَعْمَالَ ٱلْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ. ٢٣ وَهَذِهِ هِيَ وَصِيَّتُهُ: أَنْ نُؤْمِنَ بِٱسْمِ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا كَمَا أَعْطَانَا وَصِيَّةً. ٢٤ وَمَنْ يَحْفَظْ وَصَايَاهُ يَثْبُتْ فِيهِ وَهُوَ فِيهِ. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِينَا: مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي أَعْطَانَا.” (١يوحنا٣ :٢٢-٢٤).
“يَثْبُتُ فِينَا” أي يسكنُ ويستقرُ، أُعطَى الروحُ القدسُ لنا كما إنه يقوم بإظهارِ ذاته مِن خلالنا.
▪︎ المحبةُ الحقيقيةُ وماذا تعني؟
” ١كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ ٱللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ ٱلْوَالِدَ يُحِبُّ ٱلْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. ٢ بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلَادَ ٱللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا ٱللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. ٣ فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ ٱللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً.” (١يوحنا ٥ :١-٣).
نستطيعُ أنْ نعرفَ مِن كلمةِ اللهِ أنّ المحبةَ هي السلوكُ بالكلمةِ وتشملُ بداخلها الغفرانَ، فهي تتضمن محبة الله لك، ومحبتك له.
أنت مَن تعطى قيمةً للأشياء، لم يتكلمْ أحدٌ في الأناجيل عن جمالِ يسوع الخارجي مع إنه مؤكدًا كان جميلاً؛ لأنّ جماله يكمنُ في سلوكِه وطباعِه، فلا تكن عاطفيًا وهوائيًا، لا تحيا حياةَ الرموزِ؛ لأنك إنْ عشتْ هكذا ستحيا هذه الرموز وتعطيها قيمةً مع أنّ الحياة أظهرَتْ في شخصِ اللهِ ذاته.
لنضرب مثلاً؛ عندما ذهب البرص بعدما شفاهم الرب رجع منهم واحدٌ ساجدًا ليسوع، فهذا الشخص رجعَ ليظهر حبًا وعبادةً له لأنه شفاه وليس لأنّ يسوع جميلُ الشكلِ.
إنْ جعلْتَ أعظم الرسامين يرسمون صورةً عن جمال يسوع، بهذا أنت تدخل تحت بند الرموز لأن روعة وجمال يسوع في سلوكه وأفعاله وأعماله، لم يكن الأمر بوجود هالة مِن النور حول وجهه كما يأتي في الصور وبعض الأفلام وبلا شك كان حضوره يلمس الناس، ويوجد مَن لم يُقَدِّر هذا الحضور لأنك أنت مَن تعطى قيمةً للأشخاص والأمور الروحية، الآن هو وقت لتدرس وتفهم قيمة محبة الله لك، ومِن هنا تأتى راحتك وليس مِن استقرار الظروف حولك.
الأعمال التي فعلها ويفعلها الله تجاهك هي السر وراء جعل دعوتك واختيارك ثابتين.
“لذَلِكَ بِٱلْأَكْثَرِ ٱجْتَهِدُوا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَٱخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لِأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا.” (٢بطرس١ : ١٠).
تدل كلمة “لذَلِكَ” على وجود علاقة بين ما سبق مِن كلام وجَعْل دعوتك واختيارك ثابتين، فهي مهمتك عن طريق فِعل ما سبق. يمكنك أيضًا أنْ تفهم مِن هذا الحق أنّ دورك هو أنْ تجعل دعوتك واختيارك ثابتين وبهذا لن تزل أبدًا؛ أي لن تخطيء أو تتعثر، ومَن يتعثر هو مَن لا يُدرك الحق التالي:
“٣كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ ٱلْإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَٱلتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ ٱلَّذِي دَعَانَا بِٱلْمَجْدِ وَٱلْفَضِيلَةِ، ٤ ٱللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا ٱلْمَوَاعِيدَ ٱلْعُظْمَى وَٱلثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ ٱلْفَسَادِ ٱلَّذِي فِي ٱلْعَالَمِ بِٱلشَّهْوَةِ. ٥ وَلِهَذَا عَيْنِهِ -وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ ٱجْتِهَادٍ- قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي ٱلْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، ٦ وَفِي ٱلْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي ٱلتَّعَفُّفِ ( ضبط النفس ) صَبْرًا، وَفِي ٱلصَّبْرِ تَقْوَى، ٧ وَفِي ٱلتَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي ٱلْمَوَدَّةِ ٱلْأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. ٨ لِأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لَا مُتَكَاسِلِينَ وَلَا غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. ٩ لِأَنَّ ٱلَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هَذِهِ، هُوَ أَعْمَى قَصِيرُ ٱلْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ ٱلسَّالِفَةِ. ١٠ لِذَلِكَ بِٱلْأَكْثَرِ ٱجْتَهِدُوا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَٱخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ. لِأَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ، لَنْ تَزِلُّوا أَبَدًا. ١١ لِأَنَّهُ هَكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْأَبَدِيِّ.” (٢بطرس١ :٣-١١).
أنْ تصير شريكًا للطبيعة الإلهية وهذا هو السر.
“قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ ٱلسَّالِفَةِ“؛ أي نسي أنّ خطاياه السالفة قد طُهِرَتْ ولا يقصد نسيان الشخص تطهير خطاياه.
” يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا”، يوحي لفظ “دخول” للقارئ إننا لم ندخل للمملكة بعد، ولكن في الحقيقية أنّ الأصل اليوناني هو “طريق ويوجد به مراحل”، كشخص موجود في المياه ويدخل لعمق أكبر، وليس بمعنى أنه في الخارج وعليه أنْ يدخل.
▪︎ الحياةُ الإلهيةُ هي الدعوةُ العامةُ لكافةِ البشرِ:
“١بُولُسُ، عَبْدُ ٱللهِ، وَرَسُولُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، لِأَجْلِ إِيمَانِ مُخْتَارِي ٱللهِ وَمَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ، ٱلَّذِي هُوَ حَسَبُ ٱلتَّقْوَى، ٢ عَلَى رَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ، ٱلَّتِي وَعَدَ بِهَا ٱللهُ ٱلْمُنَزَّهُ عَنِ ٱلْكَذِبِ، قَبْلَ ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْأَزَلِيَّةِ، ٣ وَإِنَّمَا أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ فِي أَوْقَاتِهَا ٱلْخَاصَّةِ، بِٱلْكِرَازَةِ ٱلَّتِي ٱؤْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيْهَا، بِحَسَبِ أَمْرِ مُخَلِّصِنَا ٱللهِ.” (تيطس١:١-٣).
رُسِمَ بولس رسولًا لأجل تحفيز إيمان مختاري الله، وليعرِّفهم الحقَ الذي هو حسب التقوى، إذًا كلُ شخصٍ عليه أنْ يسلك بالإيمان وهذا ليس اختياريًا.
“ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ، ٱلَّتِي وَعَدَ بِهَا ٱللهُ”، أُكرر للمرة الثانية أنّ لفظ “أبدية” لا يشير إلى وقت سنقضيه في السماء، لكنها صفة تمتاز بها تلك الحياة التي وُجِدَتْ على يدي يسوع، لم تكن معروفة عند الناس لأنهم لم يسمعوا عن هذه الحياة، ولكنها -حياة الله- صارت متاحة للإنسان، وهي تختلف عن أنواع الحيوات الأخرى كـالبيوس bios، والبسيوخيه psuche.
يسوع هو الحياة الظاهر في الجسد، وعَرَفَ شعب الله هذا مُبكِّرًا، لذلك قال له الشاب الغنى: “ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟” فَهُمْ فهموا فِكْره تجاههم حيث إنه لم يُرِد لشعبه أنْ يحفظوا وصاياه فقط بل سيأتي المسيا ويعطي حياةً إلهيةً للناسِ، لذلك قال بولس: أنا موجود لأُحفز إيمان مختاري الله وأُعرفهم الحق الذي هو حسب التقوى؛ أي بحسب الطريقة الإلهية.
“عَلَى رَجَاءِ”؛ أي إنّ الحياة الإلهية هذه ما كانت ترجوه الناس التي وعد بها الله المُنزَّه عن الكذبِ منذ زمنٍ وحققها في الوقتِ الحاليِ، وهو يعطى هذه الحياة عن طريق الكلمة، طالما أخذْتَ كلمة الله صارت لك هذه الحياة.
“١٠مَنْ يُؤْمِنُ بِٱبْنِ ٱللهِ فَعِنْدَهُ ٱلشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ (قلبه؛ أي روحه). مَنْ لَا يُصَدِّقُ ٱللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِٱلشَّهَادَةِ ٱلَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا ٱللهُ عَنِ ٱبْنِهِ. ١١ وَهَذِهِ هِيَ ٱلشَّهَادَةُ: أَنَّ ٱللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهَذِهِ ٱلْحَيَاةُ هِيَ فِي ٱبْنِهِ. ١٢ مَنْ لَهُ ٱلِٱبْنُ فَلَهُ ٱلْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ٱبْنُ ٱللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ ٱلْحَيَاةُ.” (١يوحنا٥ :١٠-١٢).
“أَنَّ ٱللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً”؛ أي إلهية، وميزها بأنها أبدية لأنها لا تنتهي على عكس بيوس وبسيوخيه الموجودة في البشر الذين يُعَانون ويبكون مِن الظروف وكلماتهم مثل البشر العادي، وهو حياة خارقة لأنها حياة الله شخصيًا.
لا تكن متذبذبًا ترتفع وتهبط مع الأحداث والظروف، فتتشجع بالظروف الجيدة وتهبط مع تلك السيئة، كن في رجولة روحية ولا تعتمد على أحداث لكي تنتفض وتنشط روحيًا.
“١اَلَّذِي كَانَ مِنَ ٱلْبَدْءِ، ٱلَّذِي سَمِعْنَاهُ، ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، ٱلَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ ٱلْحَيَاةِ. ٢ فَإِنَّ ٱلْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ ٱلَّتِي كَانَتْ عِنْدَ ٱلْآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. ٣ ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ ٱلْآبِ وَمَعَ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. ٤ وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا.” (١يوحنا١:١-٤).
بدأ الرسول كلامه بوصف حسي عن الرب يسوع ذاكرًا عنه “ٱلَّذِي سَمِعْنَاهُ، ٱلَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، ٱلَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا” ثم عاد ووجه نظر الناس إلى الكلمة “مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ ٱلْحَيَاةِ”.
“فَإِنَّ ٱلْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ” مِن المُفترض أنّ الحياة لا تظهر، ولكن يسوع “Zoe” ظهر، ينبثق مِن حياة الله كل أنواع الحيوات الأخرى لأنه خالق جميعهم سواءً بيوس أو بسيوخيه.
“نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا”؛ أي تشتركون معنا في هذه العلاقة عن طريق الإخبار وتعليم الحق الكتابي.
“اُنْظُرُوا (تمعنوا، دققوا) أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا ٱلْآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلَادَ ٱللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لَا يَعْرِفُنَا ٱلْعَالَمُ، لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ. ٢ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، ٱلْآنَ نَحْنُ أَوْلَادُ ٱللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لِأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. ٣ وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا ٱلرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ.” (١يوحنا٣ :١-٣).
“ونحن هكذا” تأتى كلمة هكذا في الأصل اليوناني والترجمات الأخرى على هذا النحو “ونحن أولاده حقًا، ونحن بالحقيقة أبنائه، ونحن فعلاً أبنائه، ونحن كذلك فعلاً، ونحن في الواقع كذلك). فهو هنا يفتخر بما حدث ويقول: “انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله، صرنا أولاد الله حقًا”.
“١٠بِهَذَا أَوْلَادُ ٱللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلَادُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لَا يَفْعَلُ ٱلْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ ٱللهِ، وَكَذَا مَنْ لَا يُحِبُّ أَخَاهُ.١١لِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْخَبَرُ ٱلَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ ٱلْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. ١٢ لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ ٱلشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لِأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ. ١٣ لَا تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ ٱلْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ. ١٤ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ ٱنْتَقَلْنَا مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ، لِأَنَّنَا نُحِبُّ ٱلْإِخْوَةَ. مَنْ لَا يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي ٱلْمَوْتِ. ١٥ كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ.” (١يوحنا ٣ :١٠-١٥).
“كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ ٱلشِّرِّيرِ”؛ أي طبيعته خارجة مِن الشرير.
“لَا تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ ٱلْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ”؛ لا تتعجب ولا يكن عندك اندهاش مِن كُره العالم لك.
“كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ”، هنا يتكلم عن نوع الحياة التي تتميز بالمحبة والسلوك بانتصار؛ لأن المحبة لا تستسلم.
“٤ٱلْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. ٱلْمَحَبَّةُ لَا تَحْسِدُ. ٱلْمَحَبَّةُ لَا تَتَفَاخَرُ، وَلَا تَنْتَفِخُ، ٥ وَلَا تُقَبِّحُ، وَلَا تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلَا تَحْتَدُّ، وَلَا تَظُنُّ ٱلسُّؤَ، ٦ وَلَا تَفْرَحُ بِٱلْإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِٱلْحَقِّ، ٧ وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.” (١كورنثوس١٣ :٤-٧).
“تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ”؛ أي تقف بمثابرةٍ وصلابةٍ تحت أي موقفٍ وليست مُستسلِمةً.
“تُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ”؛ أي تصدق الإيجابي في كل شخصٍ وكل شيءٍ.
“تَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ”؛ أي رجاؤها لا يبهت تحت أي ظرف مِن الظروف.
“تَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ”؛ أي لا تضعف تحت أي ظرف.
المحبة ليست غفرانًا فقط، فهي تقف بمثابرة تحت أي ظرف مِن الظروف، إنْ كنت مولودًا مِن الله فعليك أنْ تعرف وتذوق هذا النوع مِن الحياة لأنها بداخلك، أما إنْ كنت غير مولودٍ مِن الله، فاعلَّم أنك لا تمتلك هذه الطبيعة وبالتالي لا يمكن استخدامها.
إنْ كنت مولودًا مِن الله ولا تحيا الحياة الإلهية التي بداخلك في مواجهة الظروف، فمشكلتك تكمن في عدم وجود معرفة كتابية أو عدم السلوك بالمعرفة.
▪︎ الفَهْم الخاطئ عن موضوع الدعوة
“٢٦وَكَذَلِكَ ٱلرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لِأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لِأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلَكِنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لَا يُنْطَقُ بِهَا. ٢٧ وَلَكِنَّ ٱلَّذِي يَفْحَصُ ٱلْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ ٱهْتِمَامُ (طريقة تفكير) ٱلرُّوحِ، لِأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللهِ يَشْفَعُ فِي ٱلْقِدِّيسِينَ. ٢٨ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ، ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. ٢٩ لِأَنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ٱبْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ. ٣٠ وَٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ دَعَاهُمْ أَيْضًا. وَٱلَّذِينَ دَعَاهُمْ، فَهَؤُلَاءِ بَرَّرَهُمْ أَيْضًا. وَٱلَّذِينَ بَرَّرَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ مَجَّدَهُمْ أَيْضًا.” (رومية٨ :٢٦-٣٠).
لاحِظ أنّ الكتاب يقول هنا: “لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لِأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي” وليس كيف نصلى كما ينبغي! إذًا ربما لا يعرف ذهنك أنْ يصلي مِن أجل أمرٍ ما، والعلاج أنْ تصلي بألسنة أخرى، فتصلي مِن أجل تفاصيل لا تعرفها، فليست كل الصلوات قيلت كما ينبغي، لذلك لا يوجد نتائج مُرضِّية للوقت البعض، حيث إنّ الصلاة الصحيحة تأتي بنتائج صحيحة.
قَدَّمَ لنا الكتاب العلاج لعدم المعرفة الكافية، لاحِظه بنفسك: “وَلَكِنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لَا يُنْطَقُ بِهَا”. لمزيد مِن الشرح يمكنك الرجوع لسلسلة “الصلاة المستجابة“، فإننا تكلمنا عن هذه النقطة بوضوح.
“وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ”، هذه الآية نتيجةً لما قبله؛ أي بما أنّ الروح شريكٌ معنا في الصلاة -عددي (٢٦ ،٢٧)- إذًا النتيجة هي كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله!
“ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ. لِأَنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ٱبْنِهِ”؛ يظن البعض أنّ الله خلق أناسًا ليقبلوا يسوع ويكونوا مِن المدعوين، ليس باختيارهم، ولكن طبقًا لخطة الله لهم، وخلق آخرين للهلاك، ولكن هذا خاطئ تمامًا، فإنْ قلنا ذلك، فنحن بذلك نقصد وكأن هناك فيلمًا تمَّتْ كتابة السيناريو الخاص به بواسطة المُخرِج، وبالتالي المُخرِج هو مَن وضع الأحداث وقام بتقسيم الأدوار وبالتالي أصبح الإنسان مُجبَرًا على التنفيذ وليس مُخيرًا، وأقول ثانية إنّ هذا المفهوم خاطئ.
تقابلْتَ مع شخصٍ دُعِيَ مِن قِبل صديقٍ آخر لحضور اجتماع للتعليم عن الدعوة والاختيار ولكن بالمفهوم الخطأ، وللآسف كانت النتيجة التي خرج بها الشخص مِن هذا الاجتماع هو تشخيصه لنفسه على إنه خاطئٌ وليس مِن المختارين!!
يجب أنّ نتكلم عن هذه النقطة ونوضحها لأنها تسبّبَتْ في وجود خميرةٍ داخل المؤمنين؛ أدَّتْ إلى عدم قدرتهم على الصلاة بشكلٍ صحيحٍ، وعدم استيعابهم لشكل العلاقة مع الروح القدس.
الألفاظ المُستخدَمة هنا هي ذاتها التي كانت تُستخَدَم في مجلس الوزراء الروماني، وهذا موجودٌ في المراجع وعليك الرجوع له بذاتك، دعني أقتبس لك ما جاء؛ في حال وجود شخص يتضرر مِن السيول أو الكوارث كان مجلس الوزراء الروماني يقرر إعطائه بيتًا مجانًا مِن الدولة، وأي شخص يسقط بيته في ذات الوقت الذي حدثَتْ فيه تلك الكارثة لأي سببٍ آخر ولا ينطبق عليه الشروط (بسبب السيول مثلاً) تكون الدولة غير مسئولة عن تعويضه، لأنها تختار بيتَ مَن ينطبق عليه الشروط وليس أسماء معينة.
“سبق فعرفهم”؛ أي سبق وعرف هذا المجلس هؤلاء عن طريق الحالة، فاختيارهم للشخص حسب الحالة وطبقا للشروط.
يتكلم الرسول بولس هنا مُستَخدِمًا الألفاظ عينها، عندما يقبل الشخص يسوع ينطبق عليه هذه الحالة، ويأخذ الحياة الإلهية ويستفيد بالمجد الآتي، وسيسري عليه أنّ الله سيبرره ويمجده ويكون مشابهًا لصورة الرب يسوع، ووعد بهذا الوعد قبل الأزمنة الأزلية، (تيطس١: ٣) مما يؤكد على وجود أشخاص وكائنات في السماء وملائكة سمعت بهذا الوعد والأخبار السارة.
“فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ ٱللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ ٣٢ اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لِأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لَا يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ ٣٣ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي ٱللهِ؟ ٱللهُ هُوَ ٱلَّذِي يُبَرِّرُ. ٣٤ مَنْ هُوَ ٱلَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ ٱلَّذِي مَاتَ، بَلْ بِٱلْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، ٱلَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ ٱللهِ، ٱلَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا. ٣٥ مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ ٱضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ ٣٦ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ ٱلنَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». ٣٧ وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ ٱنْتِصَارُنَا بِٱلَّذِي أَحَبَّنَا.” (رومية ٨ :٣١ -٣٧).
“اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ”؛ أي لم يبخل علينا به!
“كَيْفَ لَا يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟!”؛ يقول بعض الناس: إننا لا نملك شيئًا على الأرض، لكن الكتاب المقدس يقول: إننا نملك كل شيء هنا على الأرض.
“وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ ٱنْتِصَارُنَا بِٱلَّذِي أَحَبَّنَا”، تذكّر أنّ الله أظهر محبته فينا، وأعطانا طبيعته في أرواحنا وهذه الطبيعة لا يمكن هزيمتها.
“١وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِٱلذُّنُوبِ وَٱلْخَطَايَا، ٢ ٱلَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا (وليس الآن) حَسَبَ دَهْرِ هَذَا ٱلْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ ٱلْهَوَاءِ، ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي يَعْمَلُ ٱلْآنَ فِي أَبْنَاءِ ٱلْمَعْصِيَةِ (ليس فينا)، ٣ ٱلَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلًا بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ ٱلْجَسَدِ وَٱلْأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِٱلطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ ٱلْغَضَبِ كالباقيين أَيْضًا.” (أفسس٢ :١-٣).
“شَهَوَاتِ جَسَدِنَا”؛ أي حسب الجسد والأمور الحسية.
“عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ ٱلْجَسَدِ وَٱلْأَفْكَارِ”، هنا يقصد طريقة تفكير إبليس.
“وَكُنَّا بِٱلطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ ٱلْغَضَبِ كالباقيين أَيْضًا”، لم نعد مثل البشر العادي، الآن أنت لست كالباقين، بل تختلف عنهم، هكذا تخرج مُنتصِرًا ولست مُرتبِكًا أو حزينًا بل واقف على قدميك وتستعمل الحياة الإلهية والروعة التي بداخلك بأنْ تكتشف أنك لست كالباقين.
“٤ ٱلَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرحمة، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، ٥ وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِٱلْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ ٱلْمَسِيحِ – بِٱلنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ – ٦ وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي ٱلسَّمَاوِيَّاتِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٧ لِيُظْهِرَ فِي ٱلدُّهُورِ ٱلْآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ ٱلْفَائِقَ، بِٱللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (أفسس٢ :٤-٧).
يتضح لنا مِن خلال هذه الأعداد أنه عندما تستعمل هذه الطبيعة وتسلك بها بإيمان سيتولد لديك جرأةٌ وحسنُ تصرفٍ، عندما تكتشف ما لك في المسيح وتسلك بالإيمان ستحدث نتائج.
“١١إِنَّهُ بِشَفَةٍ لَكْنَاءَ وَبِلِسَانٍ آخَرَ يُكَلِّمُ هَذَا ٱلشَّعْبَ، ١٢ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: «هَذِهِ هِيَ ٱلرَّاحَةُ. أَرِيحُوا ٱلرَّازِحَ، وَهَذَا هُوَ ٱلسُّكُونُ». وَلَكِنْ لَمْ يَشَاءُوا أَنْ يَسْمَعُوا.” (إشعياء ٢٨ :١١-١٢).
“ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: «هَذِهِ هِيَ ٱلرَّاحَةُ”، يتكلم هنا بنبوةٍ عن الألسنة، ونجد الرسول بولس يقتبس ذات الكلام في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (كورنثوس ٢١:١٤)، لاحظ بعناية ما يقوله الكتاب حيث إنه لم يقُل: “بعدما تصلى بألسنة ستستريح” بل قال “هذه هي الراحة”، مما يؤكد أنّ استعمالك للطبيعة الإلهة وإيمانك بها يؤدى للراحة في داخلك وتسير بهذه القوة الغريبة في نظر العالم، ومَن لم يكتشفها بعد ستحد حياته متذبذبة.
لا تَصِر مُتكاسِلًا ولا غير مُثمِرٍ بل اجعل دعوتك واختيارك ثابتين (بطرس الثانية١: ١٠) لأنك مدعو لهذه الحياة وصرت في المجد ولكن عليك استعماله عن طريق الصلاة بألسنة، وكما تكلمنا سابقًا عن الراحة بأنْ ترى الأمر بداخلك مِن الكلمة وليس عندما يتغير في الخارج.
“أَرِيحُوا ٱلرَّازِحَ، وَهَذَا هُوَ ٱلسُّكُونُ”، يوجد مستويان في هذا الشاهد، هناك مَن يحتاج للتكلم بألسنة؛ أي استعمال حياة الله -زوي- بداخلهم ليرتاحوا ويخرجوا مِما هم فيه، وآخرون يرتاحون عندما يتحدثون بألسنة وهذا ليس بخطأ، لكنّ الأروع أنك تدرك مِن كلمة الله مَن أنت وتصل للسكون باستخدَامك لحياة الله بداخلك وتدرك أنّ الصلاة بألسنة هي إظهار الروح القدس على لسانك.
قال الرب يسوع “وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ” (يوحنا ١٤: ١٦).
تُعني كلمة “آخَرَ” في الأصل اليوناني “آخر مِن نفس النوع وليس مختلفًا”، فالروح القدس مثل يسوع تمامًا في كلامه وردود أفعاله، ولن يرتكب خطيةً بتقصيره في دوره تجاهك، لكن يوجد فرقٌ واحدٌ بينهما، هو أنّ الروح القدس صار بداخلك، وليس له جسد سوى جسدك، كما قال الرب: “أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً.” (يوحنا ١٤: ٢٣).
عندما تصمت لا تتوقع إظهار الروح القدس فيك. عليك أنت تستعمل لسانك لأن الروح يشفع فينا بأنات لا ينطق بها.
“بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ ٱللهِ فِينَا: أَنَّ ٱللهَ قَدْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ.” (١يوحنا٤:٤).
هذه هي الدعوة الرائعة المقدسة التي دعا الله بها كل العالم لكي يصيروا شركاء الطبيعة الإلهية، بأن أرسل ابنه الوحيد لكي نحيا به، يوجد أشخاص مولودون مِن الله وصارت فيهم هذه الحياة لكنهم لا يحيون بها.
“إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِٱلرُّوحِ، فَلْنَسْلُكْ أَيْضًا بِحَسَبِ ٱلرُّوحِ“. (غلاطية٥ : ٢٥).
لا يحيا الكل بالروح، كانت لديك طبيعة شريرة وهي طبيعة إبليس، وأُعْطِيت حياة الله ولكن عليك استخدامها، فوجود كهرباء في منزلك ليس دليلاً على استخدامك لها. يعظم انتصارنا بالذي أحبنا، اجعل دعوتك واختيارك ثابتين، أنت مدعو لتحيا الحياة الإلهية.
__________
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download