لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا
لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا
لمشاهدة العظة علي اليوتيوب
مخافة الرب هي حياتك – الجزء 1
- مخافة الرب هي نفسه وحياته:-
- مخافة الرب أنقذت لصًا من أبدية تعيسة في آخر أنفاسه!
مفهوم مخافة الرب وزواياها المختلفة من الكلمة.
- إدراكك لعظمة الرب يجعلك تخافه.
- أهمية وفائدة مخافة الرب.
- مخافة الرب هي منهجية تفكير.
- مخافة الرب هي أسلوب حياة.
- الفرق بين “Deilia” و “Phobos“.
- تعريف “مخافة الرب” طبقًا لاستخدامها في الكتاب المقدس.
- دائرة مُحكمة تُغذي ذاتها: المخافة والفهم.
- يجب أن تقترن المخافة بالمعرفة الدقيقة.
- ما الشيء الذي تُجبر السماء أن تتحرك لك؟
مخافة الرب هي نفسه وحياته:-
السر الذي يجعلك لا تُهزَم في حياتك ويجعلك تتحرك بنفس قوة وسرعة وخطة السماء -لأن الأرض موجودة بهدف، السر الذي يجعلك تسير في انسجام وتناغم مع الفكر الإلهي وتفهمه هو مخافة الرب لأنها المفتاح لتسير مع روح الله بصورة سريعة وبفهم جيد.
يحاول إبليس خطف وسرقة مخافة الرب من قلبك، سنكتشف في هذه السلسلة سر هام جدًا وراء موت بعض الشباب في سن مبكر والسر وراء عدم وجود نتائج في الصلاة وعدم الشبع في الحياة وكثرة علامات الاستفهام في حياة المرء؛ وهو غياب مخافة الرب!
“١ وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، ٢ وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. ٣ وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ، ٤ بَلْ يَقْضِي بِالْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحْكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيَضْرِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ. ٥ وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ، وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقْوَيْهِ. ٦ فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْخَرُوفِ، وَيَرْبُضُ النَّمِرُ مَعَ الْجَدْيِ، وَالْعِجْلُ وَالشِّبْلُ وَالْمُسَمَّنُ مَعًا، وَصَبِيٌّ صَغِيرٌ يَسُوقُهَا” (إشعياء ١١: ١-٦).
“٣ وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ” تأتي في العبري أنفاسه، نفسه، حياته، روحه. فهنا يخبرنا أن روحه كامنة داخل مخافة الرب.
تُرجمت لذة لأنه من كثرة حب هذا الشيء والاستمتاع به يتحول لحياة، مثلما نجد أشخاص حياتها في الفُسَح أو اللبس أو وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الكتاب يصف أن حياة الرب يسوع هي مخافة الرب؛ عندما تكون حياتك هي مخافة الرب حينئذ ستصير سهلة.
يوضح أيضًا العدد السادس أنه سيكون هناك سيطرة على طبيعة الحيوانات التي صارت شريرة وأصبحت شرسة نتيجة سيادة الرب.
أرواح الله السبعة هي: (روح الرب – روح الحكمة – روح الفهم – روح المشورة – روح القوة – روح المعرفة – روح مخافة الرب). روح الرب هو روح السيادة والسيطرة، وتعني أن يتعامل الشخص مع الحياة بسيادة وتسلط.
- مخافة الرب أنقذت لصًا من أبدية تعيسة في آخر أنفاسه!
من مظاهر مخافة الرب هو وجود حالة من الهيبة والخشية مثلما نقولها بالعامية: “يا راجل خاف ربنا” هذه هي اللغة التي استخدمها اللص مع اللص الآخر على الصليب وقت صلب الرب يسوع (لم يحدد الكتاب موضعه يمينًا ولا يسارًا).
“٣٩ وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!» ٤٠ فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهُ قَائِلاً: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟ ٤١ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ». ٤٢ ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: «اذْكُرْنِي يَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». ٤٣ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». (لوقا ٢٣: ٣٩-٤٣)
مخافة الرب تجعلك في حالة اليقظة فلا تُسيء التعامل مع الأمور السليمة كتابيًا وتظلم الآخرين وترى الأمور بصورة خاطئة.
اللص الذي تكلم على الرب بصورة ساخرة ظلّ هكذا حتى آخر لحظات حياته، كان يسخر من أي أمور مستقيمة ويريها باعوجاج، أما اللص الآخر كانت لديه بقايا من مخافة الرب. وهذا دليل على أن الخاطئ ربما تكون بعض زوايا حياته لازال فيها بقايا مخافة الرب، وبسببها استطاع هذا اللص أن يُفكر ويقبل يسوع مخلصًا شخصيًا وينقذ حياته.
مخافة الرب هي المفتاح الذي يُنقذ الشخص حتى ولو في آخر لحظات حياته من الأبدية التعيسة، فهي التي بسببها يُنقَذ بعض الناس في مرحلة معينة في حياتهم وإن لم تتوافر في مرحلة ما من حياته ربما يفقد حياته.
- مفهوم مخافة الرب وزواياها المختلفة من الكلمة:-
أولاً: مخافة الرب تجعلك منتبهًا أثناء سماعك لكلمة الله وتضع هيبة لها.
في أحد الأيام كنت أستمع لوعّاظ أجانب، وجلس أحد الحاضرين وفي أثناء الاجتماع كان يلعب على موبايله -كذلك هناك من يقوم بمتابعة عمله وقت الاجتماع أو وقت دراسة كلمة الله، هذه ليست مخافة للرب!
قال الواعظ في كلامه: “إن لم تهب الرب في حياتك وتعاملت معه بخفة فسيدمر الشيطان حياتك” تم تطبيق كلامه في الحال وتلف موبايل الشخص الذي كان يلعب ألعاب في الاجتماع.
ربما يفعل شخص آخر الفعل ذاته ولا يحدث معه ذات النتيجة، يرجع السبب لذخيرة حياته السابقة، هناك من امتلأ كأسه. لكل شخص ملفه الخاص لا يمكننا معرفته إلا إن كشف لنا الروح القدس الأمر.
حينما نرجع لأقوال الأبائيات نجدهم يقولون: “عندما تقف أمام الرب لا ترخي رجلًا عن الأخرى” مثلما تهاب وقوفك أمام أحد الضباط، بالطبع ستقف بكل انتباه. هناك من لا يهاب الرب في حياته فتجده تعيسًا بدرجات حتى إن كانت بطيئة.
أما الذي يسير بخوف الرب سينقذ بصورة أو بأخرى، حتى وإن لم يكن لديه معرفة كتابية -مع الوضع في الاعتبار أن المعرفة الكتابية هامة- لأن عنده هيبة وتقدير ووقار، فكم بالحري إن كانت مخافة الرب تشمل كل حياته.
- ثانيًا: مخافة الرب وصية كتابية.
“ أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ” (١ بطرس ٢: ١٧)
ثالثًا: لا يضع الأشرار مخافة الرب أمامهم.
“ لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ” (رومية ٣: ١٨).
من صفات الأشرار إنهم لا يضعون مخافة الرب أمام عيونهم. ربما تتذكر صوت الأب والأم الذي يحثك أن تخاف الرب في طفولتك، لكنك يختار ألا تصغي لهذا الصوت الذي ينذرك. وقد يكون هناك شخص ينذرك في اللحظة الحالية ولكنك لا تضع هذا أمام عينيك بمعنى لم تفكر ولم تأمل فيه.
- رابعًا: إدراكك لعظمة الرب يجعلك تخافه.
“ فَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوا. لأَنَّ اللهَ إِنَّمَا جَاءَ لِكَيْ يَمْتَحِنَكُمْ، وَلِكَيْ تَكُونَ مَخَافَتُهُ أَمَامَ وُجُوهِكُمْ حَتَّى لاَ تُخْطِئُوا»” (الخروج ٢٠: ٢٠).
“…حَتَّى لاَ تُخْطِئُوا” يعاني بعض المؤمنين من كونهم يعرفون الخطأ ومع ذلك يفعلونه، السر يكمن في مخافة الرب لأنها تساعدك أن تتحذر من الخطأ فلا تستطيع فعله. يرتبط الأمر أيضًا باتضاعك تحت الكلمة.
ظهر الرب في الجبل بصورة جعلت الشعب يرتعب من الحديث معه مباشرة. فقالوا لموسى: “قف أنت بيننا وبين الرب” كشف الرب لموسى سبب ظهوره بهذا الشكل المهيب والضخم في الجبل، وهو “لِكَيْ تَكُونَ مَخَافَتُهُ أَمَامَ وُجُوهِكُمْ” أي ليجعل هذا الشعب يفكر باستفاضة ويضع هذا الحدث أمام عينيه حتى إن مر عليه عشرات السنين يظل يتذكره جيدًا!
ثم بعد ذلك عندما يعرفون عظمته ويخافونه في أي مرة يتحدث معهم بطرق هادئة سواء من خلال موسى أو بأي طريقة أخرى كان سيستقبل الشعب كل كلمة خارجة من فمه بهيبة وتقدير. لكنهم خافوا أن يتواصلوا معه مباشرةً، وجعلوا موسى وسيطًا بينهم، مع أن إرادة الرب أن يتواصل كل الشعب معه.
يطلب بعض الأشخاص من الرب تكرار الحدث مرة أخرى معتقدين أنّ هذا سيجدد هيبة الرب في داخلهم، هذا تفكير خاطئ لأن السر قرأناه للتو في (رومية ٣: ١٨) وهو أن تضع تلك الهيبة أمام عينيك وتفكر فيها.
لا يستخدم الرب وسائل مزعجة لكي تخافه فعندما أراد أن يُدرِك الشعب مخافته أظهر عظمته لهم وليس عبر حالات موت أو مرض أو مصائب. هناك أحداث سلبية حدثت في الكتاب المقدس وقع بسببها الخوف على الناس عندما شاهدوها، ومع ذلك هناك مَن رأى المشهد ذاته ولم يخَف الرب!
أيضًا مخافة الرب ليست مرتبطة بفكرة “لحسن ربنا يزعل مني، أو تخاف من انتقامه وغضبه عليك” فجميعنا نشأنا على هذا الفكر الخاطئ. لكن مخافة الرب هي أن ترى هيبة وتقدير ما فعله.
- خامسًا: أهمية وفائدة مخافة الرب.
“مَخَافَةُ الرَّبِّ لِلْحَيَاةِ. يَبِيتُ شَبْعَانَ لاَ يَتَعَهَّدُهُ شَرٌّ” (الأمثال ١٩: ٢٣)
“مَخَافَةُ الرَّبِّ لِلْحَيَاةِ” هذا الشاهد ليس واضحًا في الترجمة العربية وكثير من الترجمات الإنجليزية، فالمعنى الأدق هو “مخافة الرب تقود إلى الحياة” أي مخافة الرب تجعلك تعرف كيف تحيا وتذوق حياة الله في الأرض.
ترتبط كلمة “حياة” لدى شعب الله بشجرة الحياة، كما يعرفون إن أكل آدم منها كان سيحيا للأبد. هذا يعني أن مخافة الرب تجعلك منشَّط وحيوي وتتحرك بيقظة، غير خاملٍ، وترى الحياة سهلة وسلسة وتغلبها ولا تعود صعبة أمامك.
“يَبِيتُ شَبْعَانَ” مَن يحيا في مخافة الرب هو وشبعان في الحياة، ينام وهو مسرور بنهاية يومه. أيضًا لا يحيا في مَلَل لأنه يعي طوال الوقت لهذه المهابة. نحتاج أن نلمع هذا المفتاح مرة أخرى ونزهي عليه.
“لاَ يَتَعَهَّدُهُ شَرٌّ” تأتي بمعنى لا يمسه شر. في بعض الترجمات الأخرى “لا يمكن أن يزوره الشر أو يدخل حياته شرًا”. مخافة الرب تجعلك محصنًا طوال الوقت، لن تصاب بشيء مما يصاب به العالم. مخافة الرب لها طريقة ومفهوم صحيح تحتاج تعرفه وتسلك به.
- سادسًا: مخافة الرب هي منهجية تفكير.
” إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي (بإرسالي لهذه الرسالة)، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ” (فيلبي ٢: ١٢)
“تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ” أي أن هذا سلوك ومنهجية تفكير يسلك فيه الشخص بهيبة.
- سابعًا: مخافة الرب هي أسلوب حياة.
“ وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ” (١ بطرس ١: ١٧).
“إِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا” أي طالما تقول إني أب فتعاملوا معي كأب.
“فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ” ينبغي أن يكون هذا هو أسلوب حياتك وتسلك به.
- الفرق بين “Deilia” و “Phobos“:-
“٧ لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ (الخوف)، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ. ٨ فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ” (٢ تيموثاوس ١: ٧، ٨)
تكلمت في هذا الشاهد بالتفصيل في “سلسلة روح القوة والمحبة والنصح“. يمكنك الرجوع لها لمعرفة المزيد
“٨ فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِي أَنَا أَسِيرَهُ” كان تيموثاوس يشهد عن الرب وعن بولس، ولكن الخوف من أن يُقتَل سيطر عليه لذا أرسل للرسول بولس الذي كان مسجونًا وقتها كي يأخذ منه الكلمة. لم يُرسِل لشخص حر طليق، لأنه يعرف أنه لديه حل لمشكلته.
يخبرنا الكتاب أن الرسل موضوعون لهذا (أي السجن والقتل والاضطهاد) وذلك لحماية الإنجيل فهم يعبرون في هذه الاضطهادات لكي ترتاح الرعية بعدهم، (١ تسالونيكي ٣: ٣).
إن شعرت بأي أعراض جسدية، أو أُلقيت عليك أي مشاعر سلبية مثل أنك لا تحب الرب، لا تصدقها! هذه ليست حقيقتك إن كنت مولودًا من الله، إن صدقتها فأنت تسير مع الأرواح الشريرة.
عالج بولس الرسول هذا الأمر لدى تيموثاؤس بتعليم من كلمة الله عن من هو في المسيح وليس بالصلاة لأجله وقال: “اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ” تأتي في الأصل اليوناني: “deilia” الرعب والانسحاب والتقهقر والاستسلام. لم تُستخدَم هذه الكلمة أبدًا لتصف حالة الهيبة بل الرعب والخوف والزُعر.
أما الكلمة الأخرى التي تصف مخافة الرب هي “phobos” والتي يشتق منها كلمة “phobia” هي حالة الهروب أو البعد أو الترك أو الكُره نتيجة استشعار الخطر. وهذا يختلف تمامًا عن استخدمنا للكلمة في الوقت الحالي كما نقول: “فلان لديه فوبيا من المرتفعات أو الحشرات أو غيرها”.
تُستخدَم “phobos” باتجاه أن تضع في حسبانك الخطر الذي ستواجهه إن سلكت بطريقة ما في حياتك وتقرر قرارات صحيحة، فتبدأ برسم حياتك بشكل صحيح وتصير محُصَنًا، من هنا تكون في حاله من الشبع والارتواء التي يبحث عنها الناس بصور أخرى. سيحاول إبليس إحباط مخافة الرب مستخدمًا أناس أو ظروف أو أعذار، لكن على المؤمن أن يُلمِع هذا المفتاح في حياته لأنه هام جدًا.
الاختلاف بين “روح الخوف deilia” هو حالة ترك الشيء والبعد عنه بسبب الرعب والخوف منه، أما “مخافة الرب phobos” هي ترك الشيء والبعد عنه نتيجة استدراك الخطر.
- تعريف “مخافة الرب” طبقًا لاستخدامها في الكتاب المقدس:
هي حالة قطع الشيء وتحاشيه، حالة الرفض والكره والإنذار الداخلي. أن تتحرك بتشكيك لتكون حذرًا لئلا تسقط بسبب شيء ما، أو التأهب تجاه المواقف التي من الممكن أن تزعجك وترخي عزمك عن العلاقة مع الروح القدس وتخففها.
شاركني شخصًا في جلسة رعاية أنه كان نشيطًا ويستيقظ باكرًا ليأخذ وقت شركة مع الروح القدس حتى قال له شريك حياته: “أستريح.. أستريح” فأرخى عزمه عن العلاقة مع الروح القدس، وبدأ يستيقظ متأخرًا بدلاً من الاستيقاظ باكرًا كعادته. ربما يكون الدافع جميلاً ولكن يجب أن تحافظ على نشاطك الذي له تقدير وثمن.
قال رجل الله باستور كريس: “الأمور التي تبدو صغيرة -ومن الوارد أن يهملها الناس- تحتوي بداخلها على مفاتيح ضخمة جدًا جدًا”
أجرت إحدى المجلات بحثًا، وأحضرت رجل موسيقار ذي شأن كبير وتظاهر بأنه يستعطي ووقف في المترو يعزف، إن أراد أحد حضور إحدى حفلات هذا الموسيقار كان عليه دفع الكثير من الأموال ليسمعه، وكثير من الناس كانت تذهب لتشاهده، بالتأكيد يوجد اهتمام بالموسيقي لدى شعوب أكثر من شعوب أخرى، لكن كانت الناس تعبر من أمامه في المترو دون أن يلتفت له أحد إلا القليل، لماذا؟
لأنهم اعتقدوا أنه شخص عادي يستعطي، فهذه طريقتهم في الاستعطاء أن يعزف الشخص ويضع الناس له بعض المال في الصندوق. فاكتشفوا من هذا البحث أنّ حياة الناس أصبحت سريعة، كان بإمكان الناس أن يستمتعوا بعزف مجاني إن انتبهوا لكنهم فقدوا الفرصة إلا الأقلية التي انتبهت وعرفت مَن هو الذي يعزف.
بنفس الفكرة إن انتبهت للأمور الصغيرة التي تجعلها تمّر مرور الكرام أمامك ستستفيد. لا تُخَفِف من مخافة الرب في حياتك، هي ليست قاصرة فقط على عدم الشتيمة أو السرقة أو الظلم. عندما تظلم الآخرين وتعطي لنفسك العذر إنك ظُلَمت أولاً، بذلك أنت لا تضع مخافة الرب أمام عينيك ولن تستطيع أن تجد نتائج لإيمانك.
تعريف قاموس مريم ويبستر للمخافة: الشعور بالخطر، هو ألم والمشاعر مؤلمة وتوقع سلبي. يذكر القاموس التعريف السلبي والإيجابي ولكننا سنأخذ الإيجابي فقط الذي يتكلم عن مخافة الرب وليس ما يختص بالخوف ذاته.
مخافة الرب وهي الهيبة والتقدير والحرص على عدم الرضا. صنع الرب الخلاص لنا فلم نعد نخاف منه، أما الخاطئ فخائف من مواجهة هذا الإله العظيم في يوم من الأيام.
“فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ ثِقَةٌ شَدِيدَةٌ، وَيَكُونُ لِبَنِيهِ مَلْجَأٌ” (الأمثال ١٤: ٢٦).
مخافة الرب تجعلك في حالة من الهدوء رغم أن الظروف الحالكة لأنها توّلد داخلك ثقة بأن الأمور ستُحَل وليس أن تستسلم. تظهر مخافة الرب في خشوعك القلبي، عندما تفكر وتضع ذهنك أن تنتبه للرب وتعتبر أن كل آية مهمة. مَن يخاف الرب لا يمكنه التنازل عن السلوك بمبادئ الكلمة.
إن كنت منفتحًا على الخطية والعالم ربما ترى هذا الكلام مُستبعَد ومستحيل، لكن إذا سَلَكت بمبادئ الكلمة ستجد سهولة وسلاسة غير عادية، لأن روح الله يخبرنا أن نحيا بمخافة في هذا الزمن، فقط ضع قلبك.
مخافة الرب: هي أن تُعيد الكلمة على ذهنك وتذكر نفسك بها وتحرس قلبك ولا تقبل التفاوض مع أي أفكار خارج الكلمة إلى أن تصير عادة فكرية، هذا الأمر له مفاتيحه سندرسها معًا. عندما كنت في المرحلة الإعدادية والثانوية كلما أنهمك في الدراسة أو اللعب أو أي أمور تافهة، كان روح الله يوقظني: “انتبه فأنت لم تضع ذهنك في الرب بكفاية منذ أربعة أو خمسة أيام”.
- دائرة مُحكمة تُغذي ذاتها: المخافة والفهم:-
مخافة الرب تجعلك تفهم، والفهم يجعلك تخافه أي تهابه. وكلما زادت هيبتك للرب كلما فهمت أكثر. يؤمن اليهود بفكر الدائرة، على سبيل المثال قال الرب يسوع إنه أتى من عند الآب وإليه سيعود. أيضًا خُلِق الإنسان من التراب وإلى التراب يعود (الجامعة ٣: ٢٠).
“مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ” (الأمثال ١: ٧).
“رَأْسُ” أي أول وبداية الشيء، طلعته الأولى. يوضح الكتاب المقدس أن بداية مخافة الرب هي المعرفة.
“أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ” الاحتقار لا يقتصر على السخرية من لكتاب المقدس ومن آياته والطعن على صحته، فهذا مستوى. في المقابل هناك مَن يُقدِر الرب والكتاب المقدس ظاهريًا ويقف في الكنيسة بهيبة، أما ذهنيًا فلا يعطي اعتبارًا للرب ولا يُقدِر مبادئ كلمته. مخافة الرب تتجسد في تفكيرك في الكلمة واعتبارك لها وتركزك فيها.
بداية مخافة الرب هو أن تضع قلبك في الآيات الكتابية، هذا هو معنى الهيبة للرب. مَن يسخر من الكلمة هو مَن يحتقرها ويتعامل معها بخفة ولا يعطيها اعتبارًا ولا يحترمها، لا يتمسك بها، لا يرى فائدتها “الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ”
ملخص هذا الشاهد (الأمثال ١: ٧) هو عندما تبدأ تخاف الرب ستعرِف وتفهم.
“١ يَا ابْنِي، إِنْ قَبِلْتَ كَلاَمِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ، ٢ حَتَّى تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ، وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى الْفَهْمِ، ٣ إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ، وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ، ٤ إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ، وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ، ٥ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللهِ. ٦ لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ” (الأمثال ٢: ١-٦).
بدأ الكتاب كلامه في بداية الإصحاح الثاني أن يُحِث الناس على طلب المعرفة بجد واجتهاد والسعي لها كأولوية لديهم من ثم قال: “٥ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ…”أي أن عندما تسعى للمعرفة ستفهم مخافة الرب. إذًا نحن نطبق الإثنين ” السلوك بالمخافة والسعي للمعرفة” أبدأ في مخافة الرب وأجري على الكلمة بمهابة وتقدير وستفهم.
بنفس القدر الذي ستهاب به كلمة الله ستُستَعلن هذه الهيبة في حياتك وظروفك وتذوق السماء على الأرض لأنك صرت منفتحًا على هذه الهيبة وخاضع لتأثير الروح القدس في حياتك.
- مخافة الرب هي تقدير المعرفة:-
“مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ” (الأمثال ١: ٧).
مخافة الرب هي تقدير المعرفة ومقابلها الجاهلون يحتقرون الحكمة عندما تبدأ في هذه الهيبة وتصير منفتحًا عليها ترى تأثير الروح القدس في حياتك.
ربما لم تستطِع فَهْم كل ما يُقال من شرح للكمة، لكن مهابة الرب بداخلك تدفعك للتركيز. نجد هذه الأعراض ظاهرة في مَن يقول: “أنا أقرأ الكتاب المقدس كثيرًا مع أنني لا أفهم كل ما أقرأه”، تظهر أيضًا في من يظل يحب الرب رغم ما مرَّ به من ظروف. بالطبع يوجد جوانب أخرى يجب أن يعرفها وإلا ستظل لديه نفس المشاكل ونفس التساؤلات.
- يجب أن تقترن المخافة بالمعرفة الدقيقة:-
ينبغي أن تقترن مخافة الرب بمعرفة مفاهيم الكلمة الدقيقة، هناك مؤمنون رائعون في حياتهم وسلوكهم ولكن بسبب نقص المعرفة تخبطوا وعانوا في الحياة.
“٢ أَيْضًا كَوْنُ النَّفْسِ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لَيْسَ حَسَنًا، وَالْمُسْتَعْجِلُ بِرِجْلَيْهِ يُخْطِئُ. ٣ حَمَاقَةُ الرَّجُلِ تُعَوِّجُ طَرِيقَهُ، وَعَلَى الرَّبِّ يَحْنَقُ قَلْبُهُ” (الأمثال ١٩: ٢، ٣)
“كَوْنُ النَّفْسِ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لَيْسَ حَسَنًا” تأتي في الأصل العبري “كون الشخص متحمسًا ولكن دون معرفة ليس حسنًا، لأن الأحمق يخرب طريقه وفي النهاية يغضب على الرب” لذا الحماس وحده دون معرفة ليس كافيًا. أوضحت في اجتماعات الأعضاء أن إيليا كان متحمسًا ولكنه لم يكن مُدَربًا بكفاية؛ لهذا السبب أُحبَط مع أنه استُخدِمَ كثيرًا، التدريبات أمر هام للغاية.
توافر في إيليا الحماس ولكنه افتقر للتدريبات الروحية، فبعدما أنجز بإيمانه أمورًا ضخمة لم يعرف ماذا سيفعل بعد ذلك! فاستسلم للإحباط والفشل وطلب الموت لنفسه وهذا ليس طبيعيًا، حيث عبر بولس الرسول في تحديات أضعاف مضاعفة عمّا عبر به إيليا ولم يحبط أو يستسلم.
يُمكننا الاستفادة من جرأه إيمانه وحماسه، مثلما توجد زوايا جميلة في حياته هناك أيضًا أخطاء وعيوب سلبية نتعلم منها، كما نعرف عن داود أمورًا رائعة وأيضًا أخطاءه. وبخه الرب على حالات القتل الذي أجراها وعلى المجاعة التي أحضرها للبلاد لأنها لم تكن مشيئة الرب، ربما تتعجب من هذا لكن الحقيقة أنّ إيليا فعل هذا ببعض الحماس البشري.
افهم هذا المبدأ: إن أخذت ظروف الحياة كعذر ألا تخاف الرب وضبطت قلبك على هذا الأمر وقلت: “عندما يقف الرب بجانبي سأسير معه” افهم هذه ليست مخافة للرب لأن عالم الروح مليء بالملائكة والأرواح الشريرة يسمعون ما تقوله. لو كان بإمكان الكتاب أن يصيغها بشكل آخر لقال إنّ هذه “بجاحة” ويوضح الرب في ملاخي أنه يسمع ما تقوله.
لماذا إذًا يتكلم الناس هكذا ويضعون شروطًا لحبهم للرب؟ لأنهم لم يتعلموا مخافة الرب، لهذا يتطاولون بسهولة على الآيات الكتابية ويسخرون منها، بعد ذلك عندما تأتي الحاجة لممارسة إيمانهم؛ يطلب ولا يجد ثقة.
مخافة الرب تظهر في السلوكيات الصغيرة، مثال: إن لم تنتبه لجزء في العظة ترجع لتسمعه مرة أخرى وتنتبه إليه، وإن جاء أحد ليتحدث معك أثناء سماعك لكلمة الله أوقف ما تسمعه حتى تنتهي من الحوار لأنك تعطي انتباه وتقدير وهيبة له.
خفف الناس هذه السلوكيات البسيطة ورأوا إنها “دقة قديمة” وأن القصة تكمن في القلب، نعم يوجد من يُظهِر سلوكيات خارجية ولكن في داخله لا يهاب الرب. لكن الرب يريد منك أن تفعل الاثنين: المهابة الداخلية والخارجية. انظر لهذا المبدأ الذي قاله الرب في الشاهد التالي:
- افعل هذا ولا تترك تلك:-
“وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ” (متى ٢٣: ٢٣).
عندما وجد الرب يسوع اليهود يعشرون النعنع والأمور الصغيرة، نبههم أنهم انتبهوا للأمور الصغيرة وتركوا الوصايا الهامة، لاحِظ أنه لم يقف ضد التدقيق في الأمور الصغيرة بل قال افعل الإثنين “كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ”.
من هنا نفهم أن مخافة الرب تشمل أبسط الأمور وأضخمها، داخليًا وخارجيًا. يوجد من يخاف الرب ويعلم أنه الإله الحقيقي فقط حينما تحدث معه أمورًا ضخمة ثم تبهت هذه الهيبة وتقل بعد هذا. مثل شعب إسرائيل، لقد فعل الرب بينهم الكثير من المعجزات جعلتهم يخافوا الرب لكنهم انقلبوا عليه أخيرًا وقالوا لبيلاطس أن يصلبه! (مرقس ١٥: ١٣).
قبل أن تمارس إيمانك وتقف بمثابرة وثبات في وسط التحديات عليك أن تنتبه لما يُسرب الإيمان ويفسده وهو عدم مخافة الرب. يريدنا روح الله أن ندرك هذا وننتبه للأمور الصغيرة لأن “خميرة صغيرة تخمر العجين كله” (غلاطية ٥: ٩).
درست في الكلية في أحد السكاشن عن الدودة الشريطية التي تعيش في الأمعاء وموجودة في المورتدلة والتي يصل طولها لحوالي مترين، في البداية تقوم من حين لآخر وتشرب نقطة بسيطة من دم الإنسان، وإن توالدت مع مرور الوقت تنتج دودة أخرى أو اثنان أو ثلاثة.
في خلال عشرة أشهر يتناقص دم الإنسان مما يؤدي لحدوث أنيميا بسبب عدم قدرة الجسم على تعويض الدم المفقود رغم أنه يتغذى جيدًا. بينما أسمع وأتأمل في هذا الكلام اكتشفت أن منهجية هذه الديدان هو نفس المنهج الذي يتحرك به إبليس وهو: سرقة أمور تافهة بسيطة منك تؤدي في النهاية لسرقة الأمور الرائعة المجيدة.
عندما تستتفه الكلمة والمعرفة ولا تُقدِر الحق الكتابي الذي يقوله خدام الرب، هذه ليست مخافة الرب.
- المخافة هي التجاوب مع الكلمة وقبول التصحيح:-
” ٧ مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ. ٨ اِسْمَعْ يَا ابْنِي تَأْدِيبَ أَبِيكَ، وَلاَ تَرْفُضْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ، ٩ لأَنَّهُمَا إِكْلِيلُ نِعْمَةٍ لِرَأْسِكَ، وَقَلاَئِدُ لِعُنُقِكَ…. ٢٠ اَلْحِكْمَةُ (هي المعرفة) تُنَادِي فِي الْخَارِجِ. فِي الشَّوَارِعِ تُعْطِي صَوْتَهَا. ٢١ تَدْعُو فِي رُؤُوسِ الأَسْوَاقِ، فِي مَدَاخِلِ الأَبْوَابِ. فِي الْمَدِينَةِ تُبْدِي كَلاَمَهَا ٢٢ قَائِلَةً: «إِلَى مَتَى أَيُّهَا الْجُهَّالُ تُحِبُّونَ الْجَهْلَ، وَالْمُسْتَهْزِئُونَ يُسَرُّونَ بِالاسْتِهْزَاءِ، وَالْحَمْقَى يُبْغِضُونَ الْعِلْمَ؟ ٢٣ اِرْجِعُوا عِنْدَ تَوْبِيخِي (أي اسمع الكلام). هأَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي. أُعَلِّمُكُمْ كَلِمَاتِي. ٢٤ «لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، ٢٥ بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي. ٢٦ فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ. أَشْمَتُ عِنْدَ مَجِيءِ خَوْفِكُمْ. ٢٧ إِذَا جَاءَ خَوْفُكُمْ كَعَاصِفَةٍ، وَأَتَتْ بَلِيَّتُكُمْ كَالزَّوْبَعَةِ، إِذَا جَاءَتْ عَلَيْكُمْ شِدَّةٌ وَضِيقٌ. ٢٨ حِينَئِذٍ يَدْعُونَنِي فَلاَ أَسْتَجِيبُ. يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ فَلاَ يَجِدُونَنِي. ٢٩ لأَنَّهُمْ أَبْغَضُوا الْعِلْمَ وَلَمْ يَخْتَارُوا مَخَافَةَ الرَّبِّ. ٣٠ لَمْ يَرْضَوْا مَشُورَتِي. رَذَلُوا كُلَّ تَوْبِيخِي. ٣١ فَلِذلِكَ يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِ طَرِيقِهِمْ، وَيَشْبَعُونَ مِنْ مُؤَامَرَاتِهِمْ. ٣٢ لأَنَّ ارْتِدَادَ الْحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَرَاحَةَ الْجُهَّالِ تُبِيدُهُمْ. ٣٣ أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ” (الأمثال ١: ٧-٩، ٢٠-٣٣).
“٨ اِسْمَعْ يَا ابْنِي تَأْدِيبَ أَبِيكَ، وَلاَ تَرْفُضْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ، ٩ لأَنَّهُمَا إِكْلِيلُ نِعْمَةٍ لِرَأْسِكَ، وَقَلاَئِدُ لِعُنُقِكَ“عندما يستتفه ابنك كلماتك ويتكلم بتطاول لا تعطه العذر أنه تعبان أو مرهق، فتركك له دون تقويم سيجعله يقلل من هيبتك.
“٢٣…هأَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي” لن يحدث هذا إن لم ترجعوا عند توبيخي ونصحي.
“٢٦ فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ…” يحدث هذا عندما ترفض الإصغاء للمعرفة.
“٢٩ لأَنَّهُمْ أَبْغَضُوا الْعِلْمَ وَلَمْ يَخْتَارُوا مَخَافَةَ الرَّبِّ” ما هي أعراض مخافة الرب؟ هي عكس ما حدث في الأيات السابقة من تجاهل ورفض الكلمة. فمخافة الرب هي الاستجابة، قبول الكلام، التغيير. لا تستتفه أي معرفة تُعرض عليك وتعتقد أنك تعرفها. تعامل مع الكلمة كما لو أنك تتعامل مع الرب يسوع.
“ويستريح من خوف الشر” يكون دومًا هادئًا، ولن ينال منه الشر.
“أَقِمْ (تمم) لِعَبْدِكَ قَوْلَكَ الَّذِي لِمُتَّقِيكَ (خائفيك)” (المزامير ١١٩: ٣٨).
لمن يُقيم الرب كلمته ويصنعها وينجزها؟ للذي يخافه. ومخافته تظهر في مواقف الحياة الصغيرة قبل الكبيرة.
- ما الشيء الذي تُجبر السماء أن تتحرك لك؟
“١ وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ. ٢ وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ. ٣ فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ، مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً لَهُ: «يَا كَرْنِيلِيُوسُ!». ٤ فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ. ٥ وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. ٦ إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ»…. ٢١ فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وَقَالَ: «هَا أَنَا الَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟» ٢٢ فَقَالُوا: «إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ، رَجُلاً بَارًّا وَخَائِفَ اللهِ وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ الْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَلاَكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلاَمًا»…. ٣٤ فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. ٣٥ بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ. ٣٦ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِالسَّلاَمِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ. ٣٧ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ، بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. ٣٨ يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ…. ٤٤ فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. ٤٥ فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضًا” (أعمال الرسل ١٠: ١-٦، ٢١، ٢٢، ٣٤-٣٨، ٤٤، ٤٥).
كان لدى شعب الله مبادئ ليست دقيقة في التفكير مثل عدم الكرازة للأمم، لكن كان هدف الناموس من منعهم عن الاختلاط بالأمم هو الحفاظ عليهم إلى أن يأتي يسوع، لأن الرب لا يحابي الوجوه، فله في كل أمة وكل شارع وكل مكان مَن يتقيه.
“٣٤ فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ” الله يرى القلوب ولا ينخدع بالنفاق والرياء وهذا ما يجعلنا هادئين لأنه يوجد عدل إلهي.
“١ وَكَانَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ.. تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ…يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً..” يوضح الكتاب حالته القلبية وعبادته من كثرة تحركه بمخافة قلب (يصلي ويصوم ويفعل إحسانات للشعب) استجاب الرب له وأرسل له ملاكًا ليستدع بطرس الذي أرشده لطريق الخلاص، بالرغم من أن كرنيليوس لم يكن يصلي من أجل الخلاص.
هذه هي مخافة الرب تجعل الشخص يأخذ شيئًا لم يكن يصلي من أجله فقط لأنه يعتبر كلمة الله بهيبة وتقدير وتجده يُقدِر النصائح التي تُقاَل له ويفكر في كلمات الترنيمة، الروح القدس هو من يجذبك لتكون شخصًا متأملًا.
تحرك بطرس مع الجنود على الرغم من خوفه لئلا يتم القبض عليه، لأنهم قالوا عن كرنيليوس السمة المميزة له وهي التقوى، وبدأ يفهم الشيء الذي جذب قلب الرب ليخرج خارج حدود شعب الله ويتجه للأمم وهي مخافة القلب، وأدرك أن أي شخص تقي وخائف للرب يستدعي هذا الإله.
إن كانت حالتك القلبية بهذه الهيبة والتقدير للرب فأنت تُجبِر السماء أن تتحرك لك. لا يوجد فصال في هذا، لأن السماء تستمتع للحالة القلب، وهذه الحالة ليس لها علاقة بما تصنعه من تصرفات زائفة.
قال يسوع: “لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى ٧: ٢١).
لتفهم هذا المبدأ جيدًا: “القلب يتكلم في السماء أكثر من الفم”.
“وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ” (إشعياء ١١: ٣).
لا يحكم بحسب الحواس الخمسة ولا النظرة البشرية ولكن بنظرة إلهية لهذا تجد السماء تقف في صفه.
ليكن ڤولتك عالي في مخافة الرب وليس فقط في الأخلاقيات. لا تفكر في الناس بصورة سلبية. لا تتكلم عن شخص ما بصورة سيئة في ظهره، اشمئز من هذه الأمور حتى يصير ذهنك صافيًا للرب.
آمين.
_______
من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الإقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.
Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations is forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.
Download