القائمة إغلاق

The Power That Is At Work Within Us – Part 1 – بحسب القوة التي تعمل فينا – الجزء

1 بحسب القوة التي تعمل فينا

العظة مكتوبة

  • تتجلى قوة الله بحسب ما تُعطيها من مساحة.
  • الاتزان في التعليم، وتصحيح مفاهيم خاطئة:
  1. المفهوم الصحيح لكلمة “بساطة”.
  2. طريقة الله في التغيير.
  3. الله يعمل من الداخل للخارج.
  • لمَن تُفَعّل هذه القوة؟
  • كيف تُفَعّل هذه القوة؟:
  1. أن تسود “كلمة نعمته” على حياتك.
  2. تسكن فيك الكلمة بغنى.
  3. طاعة رجال الله.
  4. التزم بالسلوك بالكلمة.
  • تتجلى قوة الله بحسب ما تُعطيها من مساحة:-

    يُحدثنا الكتاب المقدس عن الرب يسوع أنه كان “مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا.” (يوحنا ١: ١٤)، وهذا يعني أنه يمكنك أن تمتلئ بالحق يوميًا إلى ما لا نهاية، وسترتقي حياتك بحسب ما تُخزنه من معرفة لهذا الحق.

“١٤ بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ١٥ الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. ١٦ لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، ١٧ لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، ١٨ وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، ١٩ وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. ٢٠ وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا، ٢١ لَهُ الْمَجْدُ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ إِلَى جَمِيعِ أَجْيَالِ دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.”

(أفسس ٣: ١٤-٢١)

    تأتي كلمة “عشيرة” في الأصل “العشيرة”، حيث جزء منها في السماء (المُنتقلين)، والآخر على الأرض.

” وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا

    انتبه لهذا، لم يَقُل “بحسب قوة الله” بل “بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا”، فنعم الله كلي القدرة، والصلاح، ويستطيع تحقيق أمور أكثر مما تتخيله، ولكن بحسب ما تُعطيه له من مساحة.

ولكي يتضح لك الأمر أكثر سأقدم لك هذا المثال، لدينا مولد كهربائي كافي لإنارة مدينة، ولكن بحسب حجم الأسلاك لديك، والمساحة التي تسمح له بها ستأخذ من قوته وتستعلن لك، فنعم هذا المولد قادر، ولكن طبقًا للقدر الذي توفره له ليعمل بكفاءة.

  • الاتزان في التعليم، وتصحيح مفاهيم خاطئة:

     حاول البعض إصلاح عقيدة أنّ الميلاد الثاني لا يحدث في المعمودية في الصغر، إذ أنّ هذا هو المنتشر في بلدنا مُتجاهلين الطريقة الكتابية أنه يجب علينا أنْ نؤمن ونعترف بالرب يسوع سيدًا وربًا على حياتنا، فبدأ من هنا التعليم عن النعمة، وأنّ الخلاص ليس بالأعمال، ولكن تم التعليم عن النعمة بطريقة مُبالغ فيها، مما أدى لأخطاء في شرح الكلمة مما أنشأ في المؤمنين التواكل، والقدرية.

   الأمثلة على هذا كثيرة جدًا، منها: يتساءل البعض كيف تأتيني أفكار من إبليس أثناء الصلاة؟ ويوجد مُتسائلين من مستوى آخر قائلين: “إن امتلأت بالروح يوميًا، وسلمت يومك للرب فأي فكرة، أو صوت ستسمعه فهو من الروح القدس”، ويُفاجأ هؤلاء بفكرة أتت أثناء صلاتهم بأنهم لم يولدوا ميلاد ثاني حقًا! لكن هذه معايير خاطئة، ومَن يقول للرب: “أُسلم لك اختياراتي” فهذا غير كتابي، ولماذا كل هذا التشويش؟ بسبب التعليم الزائد عن النعمة، وهذا لا يعني أني ضد النعمة، لكني أضبط الدفة التي بدأت تنحرف.

  • المفهوم الصحيح لكلمة “بساطة”:

    وصل لبعض الناس أيضًا تعليم يقول: “ليس عليك أن تعرف الرب، فقط كُن بسيط، فقط أُعبده”، ولكن ماذا بعد العبادة؟ ويستشهدون بالآية التي تقول:

“وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ.”

(٢ كورنثوس ١١: ٣)

     دعني أشرح لك هذا، ألا تعلم أنّ شعب الله في القديم كان يُحب الرب، ولكن ليس حسب المعرفة، هل هذا يُفاجئك؟! انظر لهذا:

١ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنَّ مَسَرَّةَ قَلْبِي وَطَلْبَتِي إِلَى اللهِ لأَجْلِ إِسْرَائِيلَ هِيَ لِلْخَلاَصِ. ٢ لأَنِّي أَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً ِللهِ، وَلكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ. ٣ لأَنَّهُمْ إِذْ كَانُوا يَجْهَلُونَ بِرَّ اللهِ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يُثْبِتُوا بِرَّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُخْضَعُوا لِبِرِّ اللهِ.”

(رومية ١٠: ١-٣)

     هذا يشرح لنا أن الدوافع النقية لا تكفي، ولكن عليك أن تعرف طُرق الرب.

“١ لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً! بَلْ أَنْتُمْ مُحْتَمِلِيَّ. ٢ فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ. ٣ وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ. ٤ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الآتِي يَكْرِزُ بِيَسُوعَ آخَرَ لَمْ نَكْرِزْ بِهِ، أَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَ رُوحًا آخَرَ لَمْ تَأْخُذُوهُ، أَوْ إِنْجِيلاً آخَرَ لَمْ تَقْبَلُوهُ، فَحَسَنًا كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ.”

(٢ كورنثوس ١١: ١-٤)

   كان الرسول بولس يُدافع عن نفسه –بسبب ما قيل عليه خطأ– أمام مَن عمل عليهم من شعبه، وليس للعامة، وهذا يعني أنك غير مُطالب للدفاع عن نفسك أمام الجميع، حيث نرى تعبير هام قاله ألا وهو: “لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ”، وهذا حرفي، فنظرة الراعي اتجاه شعبه هي أنه سيُقدم مَن عمل عليهم حينما يقف أمام كرسي المسيح، ويُفتَخر به بسببهم، فنفس الكاتب يقول: “كَمَا عَرَفْتُمُونَا أَيْضًا بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ أَنَّنَا فَخْرُكُمْ، كَمَا أَنَّكُمْ أَيْضًا فَخْرُنَا فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.”

(٢ كورنثوس ١: ١٤)

ويظل السؤال مطروحًا ماذا تعني كلمة “بساطة”؟

هي تعني حسب الكلمة “وحدانية التفكير”، فمَن يستشهد بهذه الآية في الأغلب لا يعرف أين هي في الكتاب المقدس، وإن عرف مكانها، فاللغة العربية خادعة؛ لأنها غير دقيقة في المعنى، حيث تأتي في أحد الترجمات الإنجليزية:

simplicity of [your sincere and] pure devotion to Christ.” (Amplified Translation)

اذًا هي لا تعني simple (الجهل، عدم المعرفة…إلخ)، ولكن “قلب كامل، ومُخلص، وتفكير مُوَّحد”، فالكتاب يذكر في سفر الأمثال “أنّ طُرق الجاهل مليئة بالخراب”

     ظهر الانحراف في التعليم عن النعمة؛ لأن مَن يُعلموا هذا خُدام غير مُستنيرين، أو لم يُمسحوا ليكونوا مُعلمين من الأساس، فالبعض حينما يسمع عبارة “سلم نفسك للرب، وخليك بسيط” يُفسرها البعض على أنها ارخاء للعضلات، أو الصلاة وهو نائم، أو بكلمات أخرى يحدث تشويش؛ بسبب عدم وضوح الطريقة التي بها نُنفذ هذه العبارة.

    صارت الرسائل في الكتاب المقدس مُخيفة للبعض؛ لأنها تحتوي على العقيدة، لذلك مُنتقدين المسيحية يُسمونها أحيانًا “البوليسية”، فالرسول بولس هو أكثر مَن كَتب، ووضع عقيدة في العهد الجديد، فالرب يسوع أسسها قبله، وهو وضعها بعده، ودارسين الدفاعيات سيفهمون ما أقوله جيدًا.

   نستنتج من كل هذا أنّ النعمة نعم ستحملك كالنسر كما قال الكتاب:

كَمَا يُحَرِّكُ النَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلَى مَنَاكِبِهِ” (التثنية ٣٢: ١١)، ولكن ليس لمدة طويلة؛ لأن لها طريقة، فإن لم تسلك بها ستتحول هذه النعمة لمشكلة.

  • طريقة الله في التغيير:

 دعنا نرى مبدأ هام في عالم الروح:

“٤١ وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا ٤٢ قَائِلاً: «إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضًا، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ. ٤٣ فَإِنَّهُ سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، ٤٤ وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ، وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ، لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ».”

(لوقا ١٩: ٤١-٤٤)

    “َبَكَى عَلَيْهَا” هنا تأتي في الأصل “نحيب، أو بكاء بصوت عالٍ” أي الكل لاحظ ذلك، وأيضًا عندما بكى على العازر، كان بسبب ما قاله في الشاهد أعلاه أنهم لو علموا أنّ الحل بينهم لما رفضوه، فهو “يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا” (العبرانيين ٤: ١٥)

 لأجل هذا عليك أن تعرفه، وتعرف طرقه التي ستجعل السلام متوغل في جميع زوايا حياتك، ولكن أُخفيت تلك الحقيقة عن عينيهم، وليس الله هو مَن أخفاها، فهي مبنية للمجهول.

    لم يعرفوا، أو يُميزوا وقت زيارته لهم، فبهذه الطريقة كانوا سيخلصون.

    نرى أنه بحسب ما قرأناه الآن أنّ الأمر يتعلق بالاستنارة، ومدى قبولك لطريقة الله، فكثيرًا ما يحدث مع المؤمنين الآن أنهم يتكلون على النعمة أي يسلكون بالقدرية، ومن ثَمَ تبدأ الحياة تصعُب، فيُصدموا ظانين أنّ النعمة قد زالت، وهم لا يعلموا أنّ سبب عدم صمودهم أمام المشاكل هو نتيجة لعدم قبولهم للحق الكتابي (الطريقة الإلهية)، وليس أنّ الله بدأ العمل فيهم، ولم يُكمل.

   تذكر ما قاله الله لموسى على شعب إسرائيل:

أَبِهَذَا تُكَافِئُونَ الرَّبَّ أَيُّهَا الشَّعْبُ الأَحْمَقُ الْغَبِيُّ؟ أَلَيْسَ هُوَ أَبَاكُمْ وَخَالِقَكُمُ الَّذِي عَمِلَكُمْ وَكَوَّنَكُمْ؟

(التثنية ٦:٣٢ KEH )

  يتكلم هنا أن الله بعدما ساعدهم في العبور من البرية، وبعدما سيساعدهم ليدخلوا أرض الموعد سيتركوه، وليس لأن الله مكسور، ولديه مكان يختلي فيه حزينًا بعيدًا عن الملائكة، ولكنه حَزِن لأن أمامهم الحل ورفضوه، وفقدوا الرب لعدم تقديرهم لما فعله، وعدم قبولهم لطريقته.

   يتفاجأ البعض عندما يُضرب في أكثر من زاوية في حياته، ويقول: “ما الذي حدث في صحتي، أو ارتباطي، أو…إلخ ألست أصلي، فلما كل هذا”، وهو لا يعلم أن العبادة والترانيم وحدهما ليسوا كافيين، فبالأولى كان الله اكتفى بقول ذلك: “اعلنوا بصوت عالٍ كل يوم أنني إله رائع، وأمين،.. إلخ”، وانتهينا، ولكن ما نراه في الحقيقة أنه وضع تفاصيل كثيرة للعبادة؛ لأنه يريد أن يعمل من الداخل للخارج بحسب القوة التي تعمل فينا.

   لكي تقتنع بحق كتابي عليك أن ترى ماذا يقول الكتاب في هذا الأمر، وليس أن يأتي شخص ما ويُقنعك به.

  • الله يعمل من الداخل للخارج:

“١٢ إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، ١٣ لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ.”

(فيلبي ٢: ١٢، ١٣)

     لاحظ التعبير، فهو يوضح أنّ الله يعمل من الداخل، وأنه لنا دور في إتمام الخلاص، فعندما تسمع صوت الروح القدس يقول لك: “قُم، وصلي”، وتفاعلت مع هذا الصوت، وقُمت، حينها سيعمل فيك؛ لكي تريد حتى عندما تشعر أنك لا تريد ذلك.

    يُخدع البعض عندما يبدأ في الصلاة، أو دراسة الكلمة؛ بسبب شعورهم بأنهم يفعلون ذلك ليس عن قلب كامل لمُجرد وجود مشاعر نفور من الدراسة للكلمة والصلاة، ولكن هذا التشويش حدث بسبب عدم فهم موضوع الروح والنفس والجسد، ووظيفة كُلًا منهم.

“١٤ لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. ١٥ إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». ١٦ اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.”

(رومية ٨: ١٤-١٦)

    أتت كلمة “أَبْنَاءُ اللهِ” في الأصل اليوناني Huiosأي الناضجين، وللاستفاضة اقرأ مقالة “النضوج الروحي“، ولاحظ أنه لم يقُل أبناء الله في العموم، ولكن وحدهم الناضجين هم مَن ينقادون بروح الله.

    نرى في الشاهد أعلاه أنّ دور الروح القدس هو خلق علاقة حية بينك وبين الله، ويجعلك تُدرك أُبوة الله، وأيضًا قال: “الروح يشهد لأرواحنا”؛ أي أنه يتعامل مع روحك، وليس مع ذهنك، اذًا هو يعمل من الداخل للخارج، ولن يُحرك مشاعرك، أو جسدك، حيث تأتي كلمة “روح” في الكتاب المقدس “Operating system” أي نظام تشغيل، فالروح القدس سيعمل أولاً على روحك ومِن ثم ينطلق تأثيره على نفسك وجسدك، لذلك فهو وينتظرك أن تسلك بروحك لتسيطر على نفسك، وجسدك.

   يقول البعض: “ولكن إن سلمت نفسي للرب بالكامل، سيفعل”، ولكن هذا بشرط أن تعبر بثلاث مستويات:-

  1. تجعل للكلمة سيادة على حياتك.
  2. تجعل سيادة الله الآب بمحبته على حياتك.
  3. سيادة الروح القدس على حياتك.

     قد تتساءل: “إن كان النضوج الروحي يحتاج لكل ذلك، فهو إذًا صعب الوصول، أو سيستغرق وقتًا طويلًا”، والإجابة لا، فقد حدث العكس مع الرسول بولس في تنضيج أهل أفسس:

“لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ.”

(أعمال الرسل ٢٠: ٣١)

   هل رأيت ذلك وانتبهت له؟ كان الرسول بولس هنا يتحدث مع أساقفة (رُعاة الرعاة)، ومعنى هذا إنه متوقع في غضون ثلاث سنين تكون راعيًا، ومن ثَمَ أسقفًا، وهذا ليس بغريب، فنحن نفعل ذات الشيء في العالم المادي، حيث نستطيع توقع إنه عندما يصل طفل لسن خمس سنوات يستطيع دخول المدرسة؛ لأنه من المُفترض أن يكون عقلة نضج بكفاية للالتحاق بها، وإن تأخر في الدخول، فهذا بسبب مشكلة ما، وليس هذا الطبيعي.

    إن كان هناك غذاء روحي سليم، يمكن للشخص في خلال سنة ونصف، أو سنتين الوصول لمرحلة عالية روحيًا، ويوَّكل على مهام في الخدمة أيضًا، لذلك لا تظن أن النضوج الروحي صعب، ومَن يرى النضوج بهذه الطريقة مؤشر على وجود تكاسل بدرجة كبيرة في حياته، ولو لم تستوعب بعد هذا الكلام، ضع قلبك فيه، ولا تقلق؛ لأن الروح القدس سيُفهمك.

  • لمَن تُفَعّل هذه القوة؟:-

“٦ لكِنَّنَا نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةٍ بَيْنَ الْكَامِلِينَ، وَلكِنْ بِحِكْمَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هذَا الدَّهْرِ، وَلاَ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، الَّذِينَ يُبْطَلُونَ. ٧ بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ، الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، ٨ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هذَا الدَّهْرِ، لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. ٩ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ».”

(١ كورنثوس ٢: ٦-٩)

   أتت هذه العبارة “لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ” في الأصل، وفي ترجمات أخرى بمعنى “الذين يعرفونه، ويعرفون أعماله، ويُقدروها، ويشكروا عليها، ويعترفوا بها”، أو بكلمات أخرى ما أعده الله سيكتشفه فقط للذين يُحبونه.

“نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.”

(٢ كورنثوس ١٣: ١٤)

 شاركت بهذا الشاهد من قبل في سلسلة عظات “شركة الروح القدس” يمكنك الرجوع إليها، وسماعها لمعرفة تفاصيل أكثر، حيث نرى هنا تسلسل اختباري.

  • كيف تُفَعّل هذه القوة؟:
  1. أن تسود “كلمة نعمته” على حياتك:

     يجب أن تُفرق بين معرفة الكلمة، وأن تجعلها لها السيادة على حياتك؛ لأن بعض المؤمنين وُهموا بأن لكونهم عرفوا الحق الكتابي، إذًا جعلوا للكلمة سلطان على حياتهم، ولكن هذا كذب! هذه ليست الحقيقة.

لنرى بعض النقاط بخصوص هذا الأمر:

“١٦ لأَنَّ بُولُسَ عَزَمَ أَنْ يَتَجَاوَزَ أَفَسُسَ فِي الْبَحْرِ لِئَلاَّ يَعْرِضَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ وَقْتًا فِي أَسِيَّا، لأَنَّهُ كَانَ يُسْرِعُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَهُ يَكُونُ فِي أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ الْخَمْسِينَ. ١٧ وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى قُسُوسَ الْكَنِيسَةِ. ١٨ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ الزَّمَانِ، ١٩ أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَبِتَجَارِبَ أَصَابَتْنِي بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ. ٢٠ كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ، ٢١ شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٢٢ وَالآنَ هَا أَنَا أَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدًا بِالرُّوحِ، لاَ أَعْلَمُ مَاذَا يُصَادِفُنِي هُنَاكَ. ٢٣ غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ قَائِلاً: إِنَّ وُثُقًا وَشَدَائِدَ تَنْتَظِرُنِي. ٢٤ وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ. ٢٥ وَالآنَ هَا أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي أَيْضًا، أَنْتُمْ جَمِيعًا الَّذِينَ مَرَرْتُ بَيْنَكُمْ كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ. ٢٦ لِذلِكَ أُشْهِدُكُمُ الْيَوْمَ هذَا أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ الْجَمِيعِ، ٢٧ لأَنِّي لَمْ أُؤَخِّرْ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ. ٢٨ اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. ٢٩ لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. ٣٠ وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ. ٣١ لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ. ٣٢ وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.”

(أعمال الرسل ٢٠: ١٦-٣٢)

   ما فعله الرسول بولس هنا هو أنه اختبأ من أهل أفسس، فهو كان في مكان كالترانزيت في الوقت الذي حدث فيه هذا، واستدعى القسوس فقط تجنبًا للثرثرة وتضييع الوقت، وهذا الطبع يجب أن يقتله اليوم الرعاة في شعبه، فتصحيح الشعب هو مسئولية الراعي، وليس فقط الصلاة من أجلهم، فالراعي يستطيع التحكم في بيته (الكنيسة) من خلال المنبر.

    لجأ البعض لإحضار أكثر من شخص ليعظ في الكنيسة تحت مُسمى “لكي لا يَمِّلوا مني”، وهذه أحد المشاكل التي توغلت في الكنيسة هذه الأيام، فالراعي لا يجب أن ينشغل في أي نشطة أخرى كالزيارات، أو المكالمات الهاتفية، بل يجب ان ينشغل بإعطاء الكلمة، ويمكنك أن ترى ما أقوله في هذا الشاهد:

“فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: «لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ.”

(أعمال الرسل ٦: ٢)

  هل رأيت ذلك؟ فالراعي لا ينشغل إلا بدراسة الكلمة، وإعطائها للشعب، وإلا لن يجد الوقت ليُشحن جيدًا لإعطائهم ما يحتاجونه، حيث هناك مَن ظن أن لكونه درس عِلم الوعظ، فوعظه سيكون فعَّال، فلن يفيد علم “hermeneutics”، وفي الغالب لا يكون هؤلاء قلبهم يريد أن يعرف الرب حقًا، فما ستعرفه سيعرفه شعبك، لذلك لم يكُن خطأ أن يستدعي الرسول بولس القادة فقط.

   نُلاحظ في عدد ٢٠ أنه يتحدث عن شيئين “جهرًا” أي على المنبر بشكل عام، و “في كل بيت” أي بصفه خاصة، وهذا هو الشاهد الذي يُثبت أنه توجد خدمة فردية.

    “َلسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي” هذه هي لغة مَن يريدوا أن يُستخدموا.

    يُكمل الرسول بولس، ويقول:

” ٢٦ لِذلِكَ أُشْهِدُكُمُ الْيَوْمَ هذَا أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ الْجَمِيعِ، ٢٧ لأَنِّي لَمْ أُؤَخِّرْ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ.”

كيف برأ نفسه؟ عن طريق إعطائهم تعليمًا كاملًا لا ينقصه شيء، حيث كانت له طريقة تفكير “أنّ كل مَن سيُقابله أثناء خدمته أصبح مسئولاً عنه، وأنّ الله سيحاسبه على دم هذا الشخص”.

“اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ.”

   هل لاحظت ذلك؟ يجب أن تهتم بنفسك أوًلا، ومن ثَمَ الآخرين، فهناك مَن يفعلون العكس، وفي فترةٍ ما كنت أدرس أسباب انحراف أشخاص عن الطريق الصحيح، بالرغم من قلبهم الرائع، ووجدت أن أحدها هو “ما تربيت عليه ستسلك به”، فالكتاب يقول: “رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ.”

(الأمثال ٢٢: ٦)

    ستسلك تلقائيًا على ما تربيت عليه دون مجهود، لذلك بسبب ما تربينا عليه، أننا علينا الاهتمام بالنفوس لئلا يضيعوا، ويجب أن نخدمهم، وهذا ليس خطأ، ولكن كيف وإن كنت أنت نفسك فقيرًا؟! فكيف ستُعطي؟ كيف ستُشّخص مشاكل الناس بسرعة، وتضع حلولاً لها؟ وكيف ستكون خدمتك فعَّالة إن لم تُبنى أنت جيدًا؟

“أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. ٣٠ وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ.”

    يجب أن تكون لغة القائد صارمة حمايةً للرعية، وقد يظهر للبعض أن هذا أسلوب خاطئ، وسيجعل الناس تترك الكنيسة، ولكن يجب أن تفهم أنه عندما يتكلم القائد كأن الله ذاته يتكلم -شرط أنْ يكون ممسوحًا- لذلك فهذه اللغة هي لغة قضائية، وربحية في ذات الوقت، فأنت لا تعلم أنّ ما تقوله من تصحيح له وقع وتأثير على الأشخاص، وإن تركك أحدهم، فلخيره، وهذا يُثبت أنه كان يريد ذلك قبلًا.

” ٣٢ وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.”

    لنكتشف لماذا قال: “كَلِمَةِ نِعْمَتِهِ”، فليست كل كلمات الكتاب المقدس كلمات نعمة، حيث يوجد كلمات ناموس، أي كلام يتعامل مع حالة الناس في العهد القديم، لذلك إن لم تُعطي لكلمة الله –تحديدًا كلمة نعمته– سيادة على حياتك، فلن تذوق هذه النعمة، وستكتفي بسماعك عنها فقط.

  ما أريد أن اوضحه هو: عليك أن تدرس تعليمًا يخص ما صرت عليه الآن، كخليقة جديدة، كشخص في المسيح. حسنًا، يمكنك دراسة الناموس، والعهد القديم، ولكن بشرط، أن تدرس العهد الجديد، وتهضمه قبلاً.

   عليك بأخذ كلمة نعمته، وتدرسها، فبهذا تجعل للكلمة السيادة على حياتك؛ لأنك لن تستفيد شيئًا إن تتبعت ودرست سير الخدام، والمُرسلين في الكتاب، فهذا ليس وقته إن كنت تريد أن تُبنى روحيًا بطريقة صحيحة، حتى وإن كنت ستُصبح خادمًا، أو لو خلال أشهر ستُرسل لتخدِم في الخارج، فأصبحت تدرس عن المُرسلين، وللأسف ما ستأكل منه ستُشحن به، وستظل طول حياتك موهومًا بأنك مُرسل؛ لأنك أحطت نفسك بشيء، ولم تسمع لما يقوله الرب.

    نرى الآن أُناس كثيرة حينما يلتصقوا بكارزين يرسموا لأنفسهم أنهم سيُصبحون كارزين أيضًا، وهذا خطأ! فهو ما إلا تلامس مع جو هذا الشخص الرائع، ولكن قد يكون مدعو لشيء آخر، فنوعية هؤلاء الناس، يتصفون بأنهم يعرفون دعوتهم بالإيحاء، وليس بقيادة من الروح القدس؛ لهذا السبب قد تكون مرتبطًا بشخص كثير السفر في خدمته، فتضع في ذهنك بأنك ستُصبح كثير السفر في الخدمة، وقد يكون هذا ليس الدور الذي يريده لك الرب.

    تَعَلَّم هذا، اقتني نوعية الحق الكتابي الذي ستستفيد منه، وليس على أي تعليم آخر، فما تفعله كلمة نعمته هي أن تبنيك، ومن ثَمَ تُعطيك ميراثًا، لذلك عليك دراسة ما فعله الرب يسوع فيك، ومن أجلك.

هل تريد خطوات عمليه؟ إن كان كذلك عليك بالتوجه لدراسة كلمة نعمته؛ أي الحق الكتابي الذي يختص بما صارت عليه الآن روحك الإنسانية الجديدة، ولا تقرأ أمورًا مُخالفة لذلك، فبهذا الله يتحرك، وإن كانت حياتك فوضوية، أريد أن أخبرك أن الرب في صفك، ولكن عليك أن تتبع طريقته.

   تذكر، الرب زار خاصته، وهم رفضوه، فكانت النتيجة أنهم أصبحوا مُعرضين للهلاك، حيث أنهم صاروا عميان؛ لأنهم فقدوا زمن الافتقاد (المعرفة)، لذلك عليك أن تعرف نوعية ما تدرسه، فسماعك عن الشيء لا يساوي أنك أكلته وهضمته، فالرب يسوع كان يتكلم بأمثال للذين لا يفهمون الحقيقة.

    إن كان التعليم كله يتكلم عن الرموز، فالرموز ليست هي الحقيقة، وليست طعام لتأكله، يوجد مَن يدرس معاني كلمات الكتاب المُقدس، ومعاني الأسماء، ومعاني الأرقام (٦ رمز الشر، و٧ الكمال…إلخ)، ولكن هذا كله لن يبنيك في الوقت الحالي، نعم سيفيدك مُستقبلًا في ربط مواضيع معينه ستساعدك حينما تصل لمستوى مُعين من النمو، فدراسة رجال الله في العهد القديم، والجديد، ليس مُفيدًا لكل الأشخاص، بل لحالات معينه.

    دعني أوضح أمرًا هامًا مُستشهدًا من رومية ٧ بخصوص نظام تشغيلك الجديد (روحك الإنسانية الجديدة) بناءً على معلومة سابقة قد شرحتها في مقالة مـُنفرده تُسمى “رومية ٧ لا يتكلم عن المؤمن” يمكنك الرجوع إليها لأني سأبني عليها:

“لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا، لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.”

(رومية ٧: ٥) ترجمة ڤان دايك

“فَلَمَّا كُنَّا تَحْـتَ تَصَـرُّفِ الطَّبِيعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، كَانَتْ مُيُولُنَا الشِّـرِّيرَةُ الَّتِي تُثِيرُهَـا الشَّـرِيعَةُ، تَعْمَلُ فِي كِيَانِنَا كُلِّهِ فَنَعْمَلُ أَعْمَالًا تُؤَدِّي إِلَى الْمَوْتِ.

(رومية ٥:٧) ترجمة الشريف

     تأتي كلمة “الجسد” في اليوناني sarxأي الطبيعة البشرية، فهو يقول بكلمات أخرى: “عندما كُنا بشر طبيعيين”، أنا أعلم أنه قد يكون هذا المعنى غريب لدى البعض، ولكن يمكنك الرجوع لعظات “مملكة ليست من هذا العالم” لتفهم أكثر.

“تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا”؛ أي عندما عرف بولس الرسول الوصية وكل شعب العهد القديم تم تنشيط الروح القديمة الفاسدة، فنتج عن ذلك موتًا.

“وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا مِنَ النَّامُوسِ، إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ.”

(رومية ٧: ٦)

     تشرح لنا هذه الكلمات أنه الآن يمكننا السلوك مع الله بسهوله؛ لأن طبيعتنا تغيرت، وماتت طبيعتنا القديمة، ولكن هذا لا يتعارض مع ما أقوله: “أنه عليك فهم طُرق الله، وتسلك بها لكي تُفَعّل قوته في حياتك”، فهذا ليس ناموس، ولكن طريقه؛ لأن الله إله نظام، وليس إله تشويش، فعكس كلمة ناموس هي فوضى، والله ليس إله فوضى (١ كورنثوس ١٤: ٣٣).

    افهم، فالفرق في هذا الشاهد هو في الطبيعة، لأنهم كانوا في العهد القديم يُحاولون السلوك بكلمة الله، والآن لأن كلمة الله أصحبت فينا كطبيعة، صارت سهلة السلوك بها، فالبعض عندما يسمع أنه يوجد دور ليفعله لكي يتدخل الله في حياته يظن أنّ هذا ناموس، ولكن لا، “فالمشكلة لم تكُن في الناموس بل في الطبيعة الفاسدة”، فهناك مَن يغلق قلبه عن الاستماع إذا سمع أثناء الوعظة خطوات يفعلها، مُعتقدًا أن هذا هو الناموس الذي أُلغي في العهد الجديد، وستفهم الآن ما أعنيه، لنُكمل:

“٧ فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ: «لاَ تَشْتَهِ». ٨ وَلكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ الْخَطِيَّةُ مَيِّتَةٌ. ٩ أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشًا قَبْلاً. وَلكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ، فَمُتُّ أَنَا، ١٠ فَوُجِدَتِ الْوَصِيَّةُ الَّتِي لِلْحَيَاةِ هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ.”

(رومية ٧: ٧-١٠)

يتضح لنا أمرين مهمين هنا:

    أولًا: تعني عبارة “أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشًا قَبْلاً” أنّ الطفل غير مسئول؛ لأنه قال: “أنه في فترة ما لم يكُن عائشًا بناموس”، وعلماء الكتاب المقدس –لأول مره يتفقوا؛ لأن أغلبهم طائفيين– أنه هنا يتكلم عن فترة الطفولة، حيث لم يكُن يعرف شيء، فلو قيلت أمامه حينها الوصية لما فهمها، لذلك قال: “لكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ، فَمُتُّ أَنَا” فمفعول الموت تم تفعيله بداخله عندما أدرك الخطية بالوصية.

     ثانيًا: لا تنسَ أنه هنا يتكلم عن حالته القديمة قبل ميلاده الجديد، فنتج عندما أدرك الناموس موتًا له، وبذات المُنطلق، إن أدركت كلمة الله ستُفعل بداخلك روحك الجديدة، وتُنتج حياة، وقوة. وقد تسأل: “إذًا يكفي أن أعرف حقيقتي؟” الإجابة نعم، ولكن مع باقي الأشياء التي سأقولها الآن.

   تلخيصًا للخطوة الأولى، عليك أن تنتقي ما تتعلمه من الكلمة أي تقبل كلمة نعمته، وليس أي كلمات، لذلك اقبل تصحيح راعيك أن قال لك اقرأ ذلك، ولا تقرأ ذلك؛ لأنه يعلم ما سيفيدك في الوقت الحالي.

   لتفهم هذا، ليس ذنب الله أنك لم تأخذ الكلمة بكمية كافية منذ بداية حياتك، أو لم تكُن مُراعى جيدًا، أو أنّ لك رعاية ولكن بعدم معرفة، ولا تظن أن الأمر سيسير على ما يرام، فكل خادم، أو مَن وضع نفسه في خدمة ما سيُسأل، نعم يبدوا في الخارج أنه لا يحدث لهم شيئًا، ولكن الله ليس بغافل عنهم.

    إن اكتشفت أنّ الذي كان يرعاك لم يُساعدك روحيًا، أو ساعدك بدرجة بسيطة على قد معرفته، وسألت أين الله من هذا؟ الإجابة الله موجود في كلمته، وقد تتضايق، وتقول: “هكذا هو إله قاسي”، وأنت لا تعلم أنه بهذا مُنظم، وإن كان في اخطاء من معلمين –سواء كان جهلًا، أو خوفًا على المنصب– فالروح القدس أمين ليرشدك للحق الكتابي الذي يفيدك، ويحل مشكلتك.

  1. تسكن فيك الكلمة بغنى:

“لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً(بكثرة)، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ للِلرَّبِّ”

(كولوسي ٣: ١٦)

     اذًا عليك أولًا أن تقبل كلمة النعمة التي تبنيك، وتُعطيك ميراث، وثانيًا تسكن فيك بكثرة أي تُفكر بها، وفيها. لأجل هذا يوجد مَن هم في وسطنا يدرسون الكلمة فعلًا، ولكن إن لم تسكن فيهم، سيكتشفون عبر مواقف الحياة أنهم هشين من الداخل؛ بسبب هذا عليك أن تأخذ الكلمة بكل زواياها، وعندما تسمعها عليك أن تُركز في كل كلمة؛ لأن كلمة واحده قد تغير حياتك، وهذا لا يعني أن تصلي صلاة الخلاص مره أخرى، بل تجعل حياتك أروع.

   دعونا نرى شخص فعل ذلك في العهد القديم، يشوع الذي تعلم على يد موسى:

“٦ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ، لأَنَّكَ أَنْتَ تَقْسِمُ لِهذَا الشَّعْبِ الأَرْضَ الَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ أَنْ أُعْطِيَهُمْ. ٧ إِنَّمَا كُنْ مُتَشَدِّدًا، وَتَشَجَّعْ جِدًّا لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا مُوسَى عَبْدِي. لاَ تَمِلْ عَنْهَا يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً لِكَيْ تُفْلِحَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ. ٨ لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلاً، لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ. ٩ أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ».”

(يشوع ١: ٦-٩)

    يعتقد البعض أن الغرض من قول الرب له: “تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ”؛ لتشجيعه على قيادة الشعب فقط، لكن هذا كان غرض من الأغراض، فهي تأتي في الأصل أن يتشدد في الكلمة، وليس فقط في القيادة، والدليل ما قيل بعدها:

 “كُنْ مُتَشَدِّدًا، وَتَشَجَّعْ جِدًّا لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا مُوسَى عَبْدِي”.

    اجعل هذا الكلام له وقع عليك، وقِف له احترامًا بداخلك، فبهذا أُعلمك كيف تُقدّر الكلمة، فهنا يريد الرب من يشوع أن يلتصق بها لكي يستطيع أن يحيا –بدون تخفيف، فالكلمة هي حياتك– ويكون جريئًا لا خائفًا من القيادة المُقدم عليها، فنفس هذا الأمر فعله مع شعب إسرائيل عندما دخلوا أرض الموعد، حيث كان يقرأ معهم الشريعة؛ لأنه كان يفعل ذلك.

   يُفسرها بعض “السطحيين” أنّ فعله لذلك هو لأنه أخذها كعدوى من موسى، ولكن كلا! بل لأن الله قال له ذلك، وعاشها.

   يعدنا الله بأنه سيكون معنا، ولكن بشرط أن نلهج بكلمته نهارًا وليلًا، حيث أنّ معنى كلمة “تشدد” في الأصل هي “كُن جرئ، ودُس مشاعر الاحباط، والحزن”، ولا تتوقف عن دراسة الكلمة، حتى لو انهمرت الدموع في البداية غصبًا عنك، فلتمسحها، ولا تُعطِ وقتًا طويلاً للدموع، فمَن تدربوا على الدموع سيأتي وقت إن ارتبطوا وحدثت مشكلة سيصمتون باكيين، ولا يستطيعوا التكلم، وحينما يتكلمون يثورون، ولكن إن أخذت الكلمة ستضبط هذا الأمر بداخلك.

    قاد يشوع الشعب ٢٤ سنة ثم مات، وفي آخر أيامه بعدما امتلك الأرض، ومَلَّك أراضي للشعب، قال لهم: “كان هناك أراضي أخرى لتمتلكوها، ولكن لخوفكم لم تفعلوا”، أرأيت كيف كانت لغته! فهُم خُدعوا، وصنعوا عهدًا مع شعب آخر، وسمحوا بالعيش معهم، ولم يستطيعوا طردهم؛ بسبب هذا العهد، لذلك خاف يشوع ليس من الغرباء، بل من نتائج مكوثهم معهم، لأجل هذا قال لشعبه:

“فَاعْلَمُوا يَقِينًا أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ لاَ يَعُودُ يَطْرُدُ أُولئِكَ الشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكُمْ، فَيَكُونُوا لَكُمْ فَخًّا وَشَرَكًا وَسَوْطًا عَلَى جَوَانِبِكُمْ، وَشَوْكًا فِي أَعْيُنِكُمْ، حَتَّى تَبِيدُوا عَنْ تِلْكَ الأَرْضِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أَعْطَاكُمْ إِيَّاهَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ.”

(يشوع ٢٣: ١٣)

     قال هذا ليُعطي فرصة للجيل القادم؛ لطرد هؤلاء الشعوب، ولا يسمحوا بمكوثهم معهم كما فعل الجيل القديم.

    إن كنت ممَن يُعانون من مشكلة، ويريدون حلاً سريعًا، فهذا الكلام لك تشدد وتشجع، وقف بثبات في دراسة الكلمة التي تَخُص مشكلتك.

“٢ فَدَعَا يَشُوعُ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَشُيُوخَهُ وَرُؤَسَاءَهُ وَقُضَاتَهُ وَعُرَفَاءَهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا قَدْ شِخْتُ. تَقَدَّمْتُ فِي الأَيَّامِ. ٣ وَأَنْتُمْ قَدْ رَأَيْتُمْ كُلَّ مَا عَمِلَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ بِجَمِيعِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ مِنْ أَجْلِكُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ الْمُحَارِبُ عَنْكُمْ. ٤ اُنْظُرُوا. قَدْ قَسَمْتُ لَكُمْ بِالْقُرْعَةِ هؤُلاَءِ الشُّعُوبَ الْبَاقِينَ مُلْكًا حَسَبَ أَسْبَاطِكُمْ، مِنَ الأُرْدُنِّ وَجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّتِي قَرَضْتُهَا، وَالْبَحْرِ الْعَظِيمِ نَحْوَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. ٥ وَالرَّبُّ إِلهُكُمْ هُوَ يَنْفِيهِمْ مِنْ أَمَامِكُمْ وَيَطْرُدُهُمْ مِنْ قُدَّامِكُمْ، فَتَمْلِكُونَ أَرْضَهُمْ كَمَا كَلَّمَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ. ٦ فَتَشَدَّدُوا جِدًّا لِتَحْفَظُوا وَتَعْمَلُوا كُلَّ الْمَكْتُوبِ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى حَتَّى لاَ تَحِيدُوا عَنْهَا يَمِينًا أَوْ شِمَالاً. ٧ حَتَّى لاَ تَدْخُلُوا إِلَى هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ، أُولئِكَ الْبَاقِينَ مَعَكُمْ، وَلاَ تَذْكُرُوا اسْمَ آلِهَتِهِمْ، وَلاَ تَحْلِفُوا(تختلطوا) بِهَا، وَلاَ تَعْبُدُوهَا، وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا. ٨ وَلكِنِ الْصَقُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ كَمَا فَعَلْتُمْ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ٩ قَدْ طَرَدَ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِكُمْ شُعُوبًا عَظِيمَةً وَقَوِيَّةً، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ قُدَّامَكُمْ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ١٠ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْكُمْ يَطْرُدُ أَلْفًا، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ الْمُحَارِبُ عَنْكُمْ كَمَا كَلَّمَكُمْ. ١١ فَاحْتَفِظُوا جِدًّا لأَنْفُسِكُمْ أَنْ تُحِبُّوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ.”

(يشوع ٢٣: ٢-١١)

    نرى أنه من عدد ٦ إلى ١١ يتكلم عن ثلاث أشياء:

١-يلتصقوا بالكلمة (الشريعة).

٢-تجرأوا على ممارستها دون خوف.

٣-لا تخلطوا حبكم للرب مع أحد آخر.

 يلتصقوا بالكلمة؛ لأنها مَن ستحميهم من الاختلاط بهؤلاء الشعوب، واستعمل نفس اللفظ الذي قاله له الرب وهو لفظ “تشددوا”، وهذا يُجاوب على تساؤل الناس الخائفين من أن يثقوا في الكلمة لئلا يخجلوا ولا تحدث نتائج، ولكن طالما خزنت الكلمة بداخلك تجرأ، وضع رجلك في الأمر، فهذه هي الطريقة، وإلا فلن تستطيع أن تحيا الكلمة، حيث أنك ستجد جسدك وذهنك مُقاومين لسلوكك بالكلمة؛ بسبب ذخيرة كلمات عكس الكلمات التي أخذتها من الرب.

    تجرأ وقُل لا لكل معلومة اكتشفت أنها خاطئة من الكلمة حتى لو لها سنين، تمسك بالكلمة بشدة، فقوة الله موضوعه في كلماته.

  1. طاعة رجال الله:

   دعوني أوضح لكم مبدأً هامًا سيجعلك تجد نتائج في الصلاة، وتمتلئ من الروح القدس بسهولة:

“١ ثُمَّ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ بِوَدَاعَةِ الْمَسِيحِ وَحِلْمِهِ، أَنَا نَفْسِي بُولُسُ الَّذِي فِي الْحَضْرَةِ ذَلِيلٌ بَيْنَكُمْ، وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ فَمُتَجَاسِرٌ عَلَيْكُمْ. وَلكِنْ أَطْلُبُ أَنْ لاَ أَتَجَاسَرَ وَأَنَا حَاضِرٌ بِالثِّقَةِ الَّتِي بِهَا أَرَى أَنِّي سَأَجْتَرِئُ عَلَى قَوْمٍ يَحْسِبُونَنَا كَأَنَّنَا نَسْلُكُ حَسَبَ الْجَسَدِ. ٣ لأَنَّنَا وَإِنْ كنَّا نَسْلُكُ فِي الْجَسَدِ، لَسْنَا حَسَبَ الْجَسَدِ نُحَارِبُ. ٤ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. ٥ هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ، ٦ وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ.”

(٢ كورنثوس ١٠: ١-٦)

   يتبين لنا مِن خلفية هذا الشاهد أنه كان يُقال على بولس الرسول كلام غير صحيح، وكما هو موَّضح في عدد ١٠ من نفس الإصحاح:

“لأَنَّهُ يَقُولُ: «الرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ، وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ».”   (٢ كورنثوس ١٠: ١٠)

فهم شعروا أنه يُبالغ في رسائله.

   انتبه لهذا، لم يَكُن الرسول بولس شخص حساس يُستفز سريعًا، ولكن كان يتكلم بقانونية؛ لخير الشعب.

   “وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ (نُعالج) عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ.” سيستطيع معالجة هذا الأمر بينهم، ولكن حينما يخضعون بالكامل، وقد يظهر أنهم لو فعلوا ذلك، فلن يحتاج أن يُعاقبهم، ولكن لا، فهناك مُعاندين تسببوا في تفشي هذه الأقوال بين الشعب، ولذلك أيضًا قال:

   “هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ” كان يقصد هنا في الأساس هدم أي أفكار خاطئة اتجاه القادة، لكن بالطبع هي تستخدم أيضًا كمبدأ كتابي لمنع أي أفكار تأتي عكس الكلمة، لذلك دون أن تدري “إن كان لديك مبادئ تُعارض رجال الله، فأنت تُضاد معرفة الله”، ولهذا تعامل بولس مع الأمر روحيًا طالبًا منهم أن يقوموا بدورهم في طرد هذه الأفكار، ومن ثَمَ القادة –ليس أي شخص– سيُعاقبون من يسببون تشويش مِن خارج جسد المسيح.

    كذلك شعب إسرائيل عندما كان ينقاد تحت قيادة موسى، ويسلك بالكلمة كان يُعاقب الأمم، ومَن هم من خارج.

    كان هذا على المستوى الكنسي، ولكن على المستوى الشخصي، إن لم تخضع بالكامل لن تغيير في حياتك، وهذا ليس مع القادة فقط، ولكن أن تُطيع الكلمة بكل جوانبها، ولا تحب جوانب، وجوانب أخرى تُهملها، يجب أن تستأسر كل فكر لطاعة المسيح (الكلمة).

    يجب أن تقطع بالكامل كل المبادئ الخاطئة من حياتك، وإلا ستُصبح صلواتك الكثيرة بلا فائدة، ولن ترى نتائجًا في حياتك.

    أُرسلت هذه الرسالة إلى راعي كنيسة أفسس “تيموثاوس”، فما يُقال فيها ليس للشعب بل للراعي، حيث كان يُحذره ممَّن يُخطئون بالفعل، وعلى المدى البعيد! نعم يوجد أُناس لن تجد في كلامهم أي خطأ، ولكن لسبب دوافع قلبهم الخطأ إن آجلًا أم عاجلًا سيُخطئون، فهناك مَن يسمع التصحيح، ويكون يُعِد تبريرات، هؤلاء المُلتويين هم مَن لم تكتمل طاعتهم.

  1. التزم بالسلوك بالكلمة:

    يجب أن تصل لمرحلة إدمان الكلمة، حيث تُصبح أي معلومة عكس الكلمة تصير غريبة عليك، وتنفر منها، وتذكر رد فعل الرب يسوع حينما سأله نيقوديموس:

“٤ «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» ٥ أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ.”  (يوحنا ٣: ٤، ٥)

أرأيت، كانت إجابة الرب يسوع تعني ضمنيًا أنه لا يعرف غير هذه الإجابة، فبكلمات أخرى مَن يسلك بالكلمة، ستكون له إجابة واحده فقط.

   لن تستطيع الانتقام من كل عصيان في حياتك –أي من الظروف المُضادة– إلا عن طريق خضوعك للكلمة بالكامل، وتذكر ما قاله الرب يسوع:

“«إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً.” (يوحنا ١٤: ٢٣)

     أتذكُر أيضًا تلك الآية:

“بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ».” (١ كورنثوس ٢: ٩)

   تحُبه أي تتمسك بكلمته، وتسلك بها.

“٤٦ «وَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ، وَأَنْتُمْ لاَ تَفْعَلُونَ مَا أَقُولُهُ؟ ٤٧ كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ. ٤٨ يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. ٤٩ وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ، فَيُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ، فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالاً، وَكَانَ خَرَابُ ذلِكَ الْبَيْتِ عَظِيمًا!».”

(لوقا ٦: ٤٦-٤٩)

      سقط البيت الذي كان في الظاهر جميل، أليست هذه تشبه حياة شخص كانت رائعة، ومن ثَمَ تحطمت، لأجل هذا يجب أن نفهم في أي زاوية نَقُصَت طاعتك، في زاوية عدم السلوك بالكلمة، حسنًا، يجب أن تُلزم نفسك في بداية حياتك الروحية بالسلوك بالكلمة، حتى وإن بدت وكأنك تسلك بعادات عكس ما تعودت عليه، وهذا ليس ناموسًا بل هذه رياضة روحية، وتمارين لكسر ما اعتاد عليه جسدك لفترة طويلة قبل ميلادك الثاني.

لفهم أكثر عن هذا الأمر يمكنك الرجوع لسماع عظات “الرياضة الروحية

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

 

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$