القائمة إغلاق

اصحوا واسهروا – الجزء 1 Be Sober, Be Vigilant – Part

 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا 

لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

العظة مكتوبة 

▪︎ الأَمْنَاء والوزنات.

▪︎ اصحوا واسهروا.

▪︎ مُلقين كل همكم عليه.

▪︎ أولاً اخضعوا لله حتى يهرب إبليس حينما تقاوموه.

▪︎ كلمة “اصحوا” ومعانيها في المعاجم اللغوية.

▪︎ تعريفات ومعاني كلمة “اسهروا”.

▪︎ إبليس هو خصمك الحقيقي وليس البشر!

▪︎ وصايا ثمينة!

 إنْ وضعْت مبدأ اليقظة والسهر كشيء أساسي في حياتك ستكتشف تفوُّق غير عادي في كل تفاصيل الحياة.

▪︎ الأَمْنَاء والوزنات:

 دعونا نبدأ بقراءة النص الرائع الموجود في (لوقا ١٩)، هذا النص ليس النص الأساسي في عظتنا اليوم، لكن بدأت به لأن فيه شيء هام أريد أن ننتبه إليه. تكلمتُ معكم في الفترة من (٢٠١٣ _ ٢٠١٤) عن موضوع “الأَمْنَاء والوزنات“، كذلك هناك حلقة مُسجَّلة عن هذا الموضوع وقت جائحة كورونا حيث لم تكن تُعقَد اجتماعات لفترات طويلة، أشجعكم على سماعها.

“١١ وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلاً، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ. ١٢ فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. ١٣ فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. ١٤ وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. ١٥ وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. ١٦ فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. ١٧ فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. ١٨ ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. ١٩ فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. ٢٠ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، ٢١ لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. ٢٢ فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، ٢٣ فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ ٢٤ ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. ٢٥ فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! ٢٦ لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. ٢٧ أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».” (لوقا ١٩: ١١-٢٧).

 “٢٠ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل”، لقد حافظت عليه ولم أغامر بالمُتاجرة به، ذلك ما يُسمَى بخطية “عدم الاستثمار”، كما قال له: “٢١ لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ.

 إن هذا الكلام موجود بالفعل في خيال الكثيرين مِمَّن يظنون أن الرب شديدُ الصرامة والقسوة ويطلب منا أمورًا صعبة وغير عادلة. سيأتي وقت ويقولها البعض بصورة واضحة أمام الرب وليس فقط في مخيلتهم، لأنهم سيكونون مكشوفي القلب، ولن يستطيعوا الكذب، فسيصرحون بتلك الأمور التي صارت حقيقة من وجهة نظرهم، لذلك كان رد سيده عليه:

“٢٢ فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ٢٤ ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ.”

 “إنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ”، إن كل من له أمانة واعتناء سيُعطَى له ويزداد، لقد أعطى المَنا لِمَن له العشرة وليس لِمَن لديه خمسة، وذلك لأنه رآه كفؤًا ولديه أمانة أكثر من الآخرين، فكل من لديه اهتمامٌ واعتناءٌ سوف يُعطَى أكثر، أما مَن ليس له أمانة فالذي عنده من أَمْنَاء سيُؤخَذ منه.

 الأَمْنَاء هي مبالغ بسيطة مُوزَّعة بالتساوي على عبيده وترمز إلى كل ما هو متاح بين أيدينا؛ كالوقت مثلاً، فجميعنا نملك أربع وعشرين ساعة في اليوم، نحتاج أن يكون لدينا حُسن إدارة للوقت وانتباه لما بين أيدينا من ساعات ودقائق وثواني، فتلك هي إحدى الأَمْنَاء المُعطاة لنا بالتساوي، لذلك اصحوا واسهروا لهذا.

 

▪︎ اصحوا واسهروا:

 دعونا نقرأ الشاهد الأساسي لنا اليوم والموجود في رسالة بطرس الرسول الأولى:

“١ أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ، وَالشَّاهِدَ لآلاَمِ الْمَسِيحِ، وَشَرِيكَ الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ، ٢ ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، ٣ وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ. ٤ وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى. ٥ كَذلِكَ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، اخْضَعُوا لِلشُّيُوخِ، وَكُونُوا جَمِيعًا خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». ٦ فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ، ٧ مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ. ٨ اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. ٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ. ١٠ وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. ١١ لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.” (١ بطرس ٥: ١-١١).

إن كلمة “نُظَّارًا” تعني بحرص ومراقبة واعتناء.

 “لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ” تعني “بكامل القلب”. “لِرِبْحٍ قَبِيحٍ” لا يعني فقط الرشوة واستغلال المنصب بل تشمل أيضًا التكاسل، لذلك يكمل قائلاً: “بَلْ بِنَشَاطٍ” واهتمام.

“تَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: «اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً».” فالكبرياء من الخطايا التي يقاومها الله شخصيًا. الكبرياء أيضًا كخطيتي العرافة والعيافة.

 “اُصْحُوا وَاسْهَرُوا” هناك فرق بين الصحيان السهر، فالصحيان أو الصحو والانتباه هو الحالة التي يمنع فيها الشخص نفسه من أن يصل إلى مرحلة السُكْر بالشيء، وينتقي تعامله مع العالم. كان الشعب القديم يشربون عصيرَ النبيذ كجزء من الثقافة العامة ولم يكن فيه خطأ إلا في حالة السُكْر.

 كان عصير العنب أحد مكونات تقديم الذبائح والعبادة في الهيكل وفي أشياء كثيرة في الشريعة كانت تستلزم وضع الخمر في مختلف محتويات احتفالاتهم القوميّة والدينية والأعياد والأفراح المُختلِفة، فالخمر بالتالي كانت للاحتفال وليس للسُكْر. حتى إنهم كانوا يمتنعون عن الخمر حين كانوا يشعرون بالحزن والرغبة في عدم الاحتفال، حيث امتنعوا عن الخمر كنوع من التعبير عن الحزن حين أُخِذَ تابوت عهد الرب الذي كان في وسطهم.

▪︎ مُلقين كل همكم عليه:

 كلمة “اصحوا” هنا تتحدث عن الصحيان المُرتبِط بعدم السُكْر، لذلك يقول في نفس السياق: “٧ مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ” أي تخلّصوا من كل ما يجعلكم تسكرون في هذه الحياة لأنه هو -أي الرب- يعتني بكم، هنا يتحدث عن السبب الذي جعله يقول “مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ”، فالبعض يقولون: ألقي على الرب همك، بدون إبداء الأسباب، وهذا ليس الأفضل، لأنه توجد أسباب لذلك، وهي أن الرب استلم أمرك وملفاتك كلها.

 حين تلقي على الرب همومك فأنت لن تسكر بها. “اصحوا” هي لغة عدم السُكْر بالأشياء ولا بالأحداث ولا بالمواقف ولا بصعوبات هذه الحياة، ألقي كل شيء على الرب حتى الأشياء التي لها أعذار وتبريرات. فكر بصورة انتقائية، لا تنسحب في الأمور التي تفكر فيها، فحين تفكر في أمر ما بشكل زائد سوف تُسحَب فيه، هنا الله لا يمنعك أن تفكر في أمورك لكنه يدعوك أن تفكر فيها بصورة كتابية إلهية.

“١ وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، ٢ فِي رِيَاءِ أَقْوَال كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، ٣ مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. ٤ لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، ٥ لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ. ٦ إِنْ فَكَّرْتَ الإِخْوَةَ بِهذَا، تَكُونُ خَادِمًا صَالِحًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، مُتَرَبِّيًا بِكَلاَمِ الإِيمَانِ وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ الَّذِي تَتَبَّعْتَهُ.” (١ تيموثاوس ٤: ١-٦).

 من الملاحظ في هذا النص أن الناس الذين سيتّبعون أرواحًا مُضِلّة وتعاليم شياطين هم أناس موجودون داخل الكنائس وليسوا خارجها، رغم هذا فَهُم يتّبعون الشياطين، كما أن كلمة “أَرْوَاحًا مُضِلَّةً” تُعبّر عن حالة السحب التي تُعتبَر سمة من سمات أواخر الأيام.

“مِنْ أجلِ هذا، افرَحي أيَّتُها السماواتُ والسّاكِنونَ فيها. ويلٌ لساكِني الأرضِ والبحرِ، لأنَّ إبليسَ نَزَلَ إلَيكُمْ وبهِ غَضَبٌ عظيمٌ! عالِمًا أنَّ لهُ زَمانًا قَليلا.” (رؤيا ١٢ : ١٢).

 هذا النص يتحدث عن إبليس حين يتأكّد من قُرْب مجيء الرب، فهو يستمع لخدام الرب حين يعظون، فإنه سيحاول أن يجعل أسلوبه أكثر شراسة في التعامل مع البشر لأنه يعلّم أن له زمانًا يسيرًا وأن أيامه صارت معدودة على الأرض.

 في الأزمنة الأخيرة ستكون هناك أرواح مُضِلّة كثيرة تحاول أن تضل الكنيسة سواء كجماعات أو كأفراد، فزمن أواخر الأيام يختلف. لا يزيد إبليس عدد جنوده ولن يزيدوا، وقد كان يظن أن عدد جنود الرب سيقل بسبب الملائكة الذين سقطوا معه، لذلك سيعمل بكل طاقته وطاقات جنوده بصورة مُكثَّفة ولكن الكنيسة هي التي تقف له وأيضًا الرب سيقف له.

 لم يقف الرب له من البداية لأنه أعطى الكنيسة سلطانًا لكي تقاومه وتحاربه، فإن تَدَخَّل الله لصالح الإنسان ليساعده بينما هو يستطيع ذلك بنفسه، فإن هذا سيكون تقليلاً من شأن الإنسان، بنفس الطريقة التي فيها يحاول أحدهم أن يساعد شخصًا كبيرًا وناضجًا وقويًّا بأن يمسك الملعقة ويعطيه ليأكل في فمه! بالتأكيد هذا فيه إقلال من شأنه فهو قادرٌ على إطعام نفسه! فهو رجلٌ وليس طفلاً.

 لكن الرب له طريقة في المساعدة تشبه طريقة مساعدة المُعلِّم لتلاميذه، وهي أنه يشرح الدرس بشكل جيد، فما نتوقّعه من هذا الإله هو أن يدرّبنا ويعلّمنا، بالتالي طريقة التعامُل مع هذا الموقف هي أن يقول الإنسان بنفسه (لا) لإبليس. إن (يعقوب ٤) يشرح لنا قواعد اللعبة جيدًا.

▪︎ أولاً اخضعوا لله حتى يهرب إبليس حينما تقاوموه:

“٧ فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. ٨ اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ.” (يعقوب ٤: ٧، ٨).

 في إحدى الترجمات مكتوب هذا النص هكذا؛ “قاوموا إبليس فيهرب فزعًا منكم”. بينما أنت خاضعٌ لفِكْر ومفاهيم الله تخضع لك الأرواح الشريرة، لا يمكن أن تقول لإبليس: “اذهب” أو “اخرج بعيدًا” بينما أنت غير خاضع لكلمة الله ومبادئها، وإلا فسوف يتلاعب بك ويحيّرك.

 على سبيل المثال؛ إن كنت تتعامل مع شخص يجيد التلاعب بالقوانين بينما أنت على صواب لكن غير مُتمكِّن من معرفة كل تفاصيل وخبايا القوانين التي أنت مُستنِدٌ عليها في سِجلك القانوني معه، ربما يحاول أن يوهمك بأن هناك أوراقًا ناقصة في ملفك القانوني بينما هي ليست كذلك، ويمكن أن تسير الأمور بشكل جيد لصالحك بدون تلك الأوراق التي يوهمك بأنها فارقة في سير قضيتك وأنها ناقصة في ملفك، هذا نتيجةً لجهلك ببعض الأمور.

 لكن إنْ كنت تعي جيدًا مَن أنت، وتعي جيدًا أنك لست محتاجًا لتلك الورقات التي حدَّثك عنها خصمك لكي تسير الأمور بشكل جيد فسوف تسير بكل جرأة وسيبدأ مقاومك في التقهقر.

 تلك الجرأة تكون مفتقَدة لدي الشخص الناقص المعرفة عن مَن هو وما هي هويته في المسيح، كما أن إبليس يجيد التخمين ويستطيع أن يقرأ أنك لست مُتمكِّنًا من نقطة ما في حروبك معه، حيث إنه يرى هرولتك وإسراعك بالاتّصال مُنزعِجًا بشخص ما ليساعدك، فيحاول إبليس أن يخدعك فهو مُخترِعُ الخداع. لكن الكتاب يعلّمنا أن نقاوم بأنفسنا إبليس وليس أن ندعو الرب لكي يقاومه لنا.

 تستطيع أن تقف بكل جرأة مع الله بدون أن تلوم نفسك بناءً على مبادئ الكلمة، هذا سيريحك كثيرًا.

▪︎ كلمة “اصحوا” ومعانيها في المعاجم اللغوية:

الصحيان لا يعني الامتناع عن الشيء ولكن يعني الحرص من التلوُّث أو التسمُّم منه، أو عدم الشرب منه لدرجة السُكْر.

هو حالة رفض التعاطف مع كل ما هو ليس إلهي.

الصحيان هو الانعزال الداخلي عن كل ما يحدث من حولك كَمَن يدرك أن الجو المحيط به فيه غازات سامة، فلا يسمح لها أن تدخل رئتيه.

هو حالة من الهدوء استعدادًا وترقُّبًا لأي خطر.

هو حالة من تمالُك النَفْس ومنعها من أن تستثار بأي شيء مُحيط بها.

التأهُّب للخطر والشعور بالطوارئ.

هو حالة السيطرة على حرية النَفْس، وفيها أنت الذي تمنع حريتك بإرادتك، لا أن يمنعها شخصٌ آخر.

حالة التأهُّب للدفاع عن النَفْس من العدو الروحي.

الصحيان هو الاستعداد لأي مفاجئة.

هو حالة عدم التشتيت عن الصلاة، والعلاقة مع الروح القدس.

 هكذا يمكننا تلخيص مفهوم الصحيان بأنه حالة التأهُّب وعدم التشتيت بأي أمر خارجي، واليقظة كالحارس الخاص bodyguard الذي يقف في حراسة شخص مهم وهو يَقِظٌ ومُنتبِهٌ ويستطيع أن يقرأ حالة الناس القريبين بطريقة وفهم مختلف عن الطريقة التي يراهم بها الإنسان العادي.

 نحن كمولودين من الله نرى الأمور بطريقة مختلفة عن رؤية العالم لها، لذلك اصحَ واستفِق من حالة السحب. قم بالسيطرة على أي شيء يثير أفكارك. اعتنِ ليس فقط بنفسك لكن أيضًا بأولادك، فحين ترى أحدهم مسحوبًا وسرحانًا نبهه ليصحى وعرفه فيما يفكر وأن يختار أن يفكر في كل ما هو حق وجليل وعادل وطاهر ومُسِرّ كما قال لنا الكتاب في (فيلبي ٤).

 يعمل العقل البشري ويدور كالماكينة طوال الوقت بلا توقف. حين تبدأ يومك بالاستيقاظ من النوم، ليكن أول شيء تفعله هو أن تفرض على عقلك أن يفكر في الأمور الصحيحة، وافرض عليه حالة الصحيان والانتباه دون تبرير ولا أعذار.

 اصحوا، لا تستثاروا بشيء، كالحارس الشخصي لرؤساء الدول، أذنه تلتقط إشارات مُختلِفة، هل الشخص القادم من الممكن أن يكون مصدرَ تهديدٍ مُحتمَلاً؟ إنه لا يُخدَع من مظهره ولا يُخدَع من الحوارات الطيبة المَلِقة. لا تترك نفسك تُسحَب بالساعات على منصّات التواصل الاجتماعي دون أن تدري ماذا تريد.

  • اصحوا، إنها حالة من الصحيان والمصداقية، قل لنفسك: “سأوقف هذا السحب”.
  • اصحوا، حالة من الحَذر والحيطة واليقظة، هي حالة حرب ذهنية.

 لقد انتهى إبليس بموت وقيامة يسوع مُنتصِرًا، لكنه يريد أن يخدع البشر. إن قوته انتهت بالنسبة لنا إنْ عَلِمْنا وفَهِمْنا ما لنا في المسيح، لكن هذا لا يمنع أنه يحاول أن يُخادِع. من المفترض أنه لا يستطيع أن يتلاعب بنا.

 كما سبق وقلت إنّ إبليس كائنٌ حقيقيٌّ له قوة وسلطان، وسوف يعطي هذه القوة للوحش في زمن الضيقة العظيمة، هو كائنٌ حقيقيٌّ وله جسدٌ روحيٌّ، إذ سيُقيَّد بسلاسل في المُلك الألفي، هذا يعني أنه كائن جسده سيحتمل النار ويتأثر بها رغم أنه كان في القديم يتمشى في السماء ويدوس عل حجارة النار دون أن يحترق، لكن الرب خلق له مكانًا يستطيع أن يعذّبه فيه وهو الجحيم.

 إبليس إذًا كائنٌ حقيقيٌّ له تفكيرٌ وخططٌ. يريد أن يضع كرسيه على الأرض في أماكن معينة في أوقات معينة، وينقل كرسيه من مكان معين لآخر حسب الزمان والمكان، لذلك نجد الكتاب في سفر الرؤيا يتحدث بالوحي لملاك إحدى الكنائس قائلاً له إنه موجود حيث كرسي الشيطان؛ “أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ.” (رؤيا ٢: ١٣).

 كان هناك فعلاً كرسي الشيطان في ذلك الوقت، لكنه ينتقل من زمن إلى آخر من مكان إلى آخر. حين تقف الكنيسة في مكان ما لتفهم وتصلي وتعبد الرب فإنها تحرك كرسيه من مكانه فيتجه إلى مكان آخر، عَبْر أناس يسمحون له بهذا ولا يقاومونه ولا يقاومون سلطانه على أراضيهم، لذلك يبذل الشيطان قصارى جهده ليخدعك وليجعلك تنسى مالك في المسيح.

▪︎ تعريفات ومعاني كلمة “اسهروا”:

 إن الله لا يتكلم بترادف ولا إطناب وليست هناك كلمات متشابهة في المعاني في الوحي المقدس. لاحظ أن كلمة “اسهروا” قد جاءت بعد كلمة “اصحوا” هذا يكمّل المعنى ويجعلك تعرف كيف تسير في الأرض.

هو حالة القيام، شخص يقوم من النوم، وهذا المعنى انتقل من مشهد جسدي إلى مشهد روحي.

“فقالَ لهُمْ: «نَفسي حَزينَةٌ جِدًّا حتَّى الموتِ. اُمكُثوا ههنا واسهَروا مَعي».” (متى ٢٦ : ٣٨).

السهر هو أن أحافظ على انتباهي، وأن أعمل على إفاقة نفسي بنفسي، وهذا يقودنا إلى عدد ٤٠ في نَفْس النص:

“٤٠ ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟ ٤١ اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».” (متى ٢٦: ٤٠، ٤١).

 العدو هنا ليس إبليس لكنه جسدك، فلابد أن تقول: “لا” لجسدك ولابد أن تقول لا للأفكار التي تريد أن تسحبك وتجعلك مُشتَّتًا. يجب أن تضع تفكيرك عن عمد في الكلمة.

 لقد شرحت سابقًا في سلسلة “روح القوة والمحبة والنصح” أن إبليس له مُخطَّطٌ قديم وهو أن يحاول إقناعك بفكرة كاذبة وهي أنك مهما حاولت أن تسيطر على ذهنك وأفكارك فلن تقدر ويستخدم في ذلك خبرات فَشَلك السابقة في محاولة السيطرة على أفكارك.

 إذ كلما استعدت السيطرة على أفكارك دقيقة أو دقيقتين تجد نفسك تمّ سحبك مرة أخرى للتشتيت، فيقول لك مستحيل أن تقدر على هذا، وتلك هي الكذبة الكبرى إذ يخبرنا الكتاب أن لنا روح القوة والمحبة والنصح؛ “لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.” (٢ تيموثاوس ١: ٧).

 كلمة “النصح” تعني الذهن المُسيطَر عليه، فالله لم يعطنا روح الخوف والتراجع والتقهقر، حين تتقهقر وتُحبَط، فأنت بذلك تضع قدمك داخل فم روح شرير، وهذا أمر ليس طبيعيًا لأن الكتاب يقول إن لنا روح القوة والمحبة والتركيز والسيطرة على أذهاننا.

 لإبليس مخططاته في إجهاض تلك الآيات لكن الرب ساهر على كلمته ليجريها ويؤكد لنا أنها تأتي بنتائج، أما إبليس فيحاول أن يثبت لك أنك لن تستطيع أن تسيطر على ذهنك، وحين تحاول التركيز يعود ليسحبك مرة أخرى، لذلك فأنت تحتاج إلى تمرين وطول نفس في تلك المعركة الشَرِسة.

 السهر إذًا هو حالة الانتباه حيث يقول الكتاب في مرقس: “كأنَّما إنسانٌ مُسافِرٌ ترَكَ بَيتَهُ، وأعطَى عَبيدَهُ السُّلطانَ، ولِكُلِّ واحِدٍ عَمَلهُ، وأوصَى البَوّابَ أنْ يَسهَرَ.” (مرقس ١٣: ٣٤).

هو التعامل بتمعُّن مع التهديدات والمخاطر.

شغف ونشاط ذهني عن عمد.

مَنْع الشخص لنفسه من التكاسُل أو أن تقل طاقة إيمانه.

 السهر هو حالة تماسُكك ضد حالة الاستسلام، وأيضًا أن يكون الشخص واعيًا لسلوكه.

السهر هو الحذر من القلق من أن يفقد الشخص عمل الروح القدس في حياته وحصوله على كافة مميزات ونتائج الخلاص في حياته، الرفض الداخلي لهذا القلق، اليقظة الداخلية لصدّ القلق وخلْق صور مختلفة، ليس هذا فقط بل لأجل الآخرين، كما يمكن أن نُعلّم هذا لآخرين أيضًا.

“لذلكَ اسهَروا، مُتَذَكِّرينَ أنّي ثَلاثَ سِنينَ ليلًا ونهارًا، لَمْ أفتُرْ عن أنْ أُنذِرَ بدُموعٍ كُلَّ واحِدٍ.” (أعمال ٢٠ : ٣١).

 من هذا النص نعرف كيف يحدث السهر، حيث يقول بولس لأهل أفسس قبل رحيله عنهم: اسهروا بأن تجعلوا ذهنكم وذاكرتكم تعمل باستمرار مُتذكِرين أني لمدة ثلاث سنين لم أتوقف ولم أضعف عن أن أنذر كل واحد منكم بدموع.

 السهر هو التفكير في المجهود الذي بذل فيّ، فالسهر يحتوي على مادة فكرية، بها أُذكِّر نفسي بكل ما عمله فيَّ الروح القدس، أنت كائنٌ روحي، لذلك فَكِّرْ في الأمور الروحية، تأمل فيها، ولكن ليس بطريقة العالم والتأمُل العالمي لكن بالتأمل في الكلمة.

 كان تحفيز بولس لهم بتلك الكلمات يحثهم ليكون لسان حال كل منهم يقول: “لن أُضيّع تعب الرسول بولس هدرًا، لقد تَعِبَ وسهر كثيرًا معنا ولأجلنا ولن نخذله، حيث إننا استنرنا بواسطته ولا يصح أن نعود للظلمة مرة أخرى”.

هي حالة اليقظة العامة.

هي حالة التشكيل والزرع والمبادرة بالتفكير عن عمد وبنفسك وعدم انتظار الروح القدس أن يأتي بها إليك، فالروح القدس أحضرها بالفعل لك في الكلمة.

 للأسف عشنا سنينًا نتبنى فكرة أنه “لابد أن نسأل الروح القدس في هذا الموضوع أو ذاك الأمر، والرب لابد أن يقولها لك لكي لا تُحبَط لئلا تكون مُعليًّا من سقف توقعاتك وبالتالي تكون مُعرَّضًا للفشل إذ إنه ليست كل كلمات الكتاب المقدس تخصنا”.

 نعم ولا، صحيح أن ليست كل كلمات الكتاب تخصّنا لأنه هناك الكثير من فقرات الكتاب هي سَرْد لأحداث معينة لأناس قد فشلوا في أمور معينة، أو أخطأوا في أمور معينة، فنحن نعلّم أن الكتاب كله قد كُتِبَ لكي نتعلم منه.

 فكرة أن أنتظر الروح القدس لكي يأتي لي بها أصبحت نتيجتها أن أصبح الناس يفكرون كالآتي:

  • لست أدري لماذا أنا لست شغوفًا ومُشتعِلاً مثل الفترات الماضية؟
  • حين قَبِلْتُ يسوع كنت شغوفًا جدًا بالرب وبالكلمة وبالجلوس أمام الرب لفترات طويلة، لماذا الآن لست كالسابق؟

 شرحت سابقًا وها أنا أكررها الآن: هذه علامة نضوج وليست علامة فشل، ذلك لأنك في البداية كان الروح القدس هو الذي يحملك كالطفل الرضيع الذي تحمله أمه، وتقوم بكل شيء نيابةً عنه، لأنه لا يستطيع فِعْل الكثير من الأشياء،

 لكن هناك مرحلة من النضوج يتعدى فيها الإنسان مرحلة الطفولة ويصل لحالة من النضج يتوقّع منه فيها والديه أن يقوم بكثير من الأعمال لنفسه وليس اعتمادًا عليهما.

 السهر يشمل حالة من الزرع والحفر في النفس البشرية حيث إن الروح الإنسانية قد خلُصتْ، لكن النفس لا تزال تحتاج إلى تعديل.

أسئلة لامتحان نفسك:

أجب بنفسك لنفسك عن هذه الأسئلة بصراحة:

  • حين ترى الأموال، ما أول شيء تفكر فيه؟
  • حين ترى فتاةً جميلة، ما أول شيء تفكر فيه؟
  • حين ترى سيارة فخمة، ما أول شيء تفكر فيه؟
  • أنتِ أيتها الفتاة، حين ترين فستانًا جميلاً، ما أول شيء تفكرين فيه؟

ذهن الإنسان لابد أن يُوضَع له مادة فكرية لكي يفكر فيها.

السهر هو حالة فكرية يتم فيها إجبار الذهن للتفكير عن عمد في مادة فكرية كتابية، وهذه الكلمة مُنتشِرة في الكتاب مُقترِنة بالصلاة في كثير من الآيات.

هو حالة التأهُّب أو النشاط الفِكْري الصارم بحذر وبنشاط عمدي، وفي حالة ما بعد الانتصار، هو نشاط حذر لئلا تُؤخَذ في فخ مُختلِف.

○ مُلخَّصٌ لمعاني كلمة “اسهروا”:

  • حالة وضع ذهنك في التشغيل السليم.
  • عدم الغفلة والسماح بأخذ ذهنك بعيدًا.
  • النشاط العمدي ووضع مادة فكرية عمديّة، حين تصنع هذا ستجد نفسك مُتفوِقًا في كل مجالات حياتك، ولن تجد نفسك مُرتبِكًا ومُشتَّتًا خلال ساعات يومك. ستكون لديك طاقة للتعامل مع العالم حتى آخر اليوم لأنك صرت تتعامل بصورة انتقائية كما تعلّمنا في فكرة: “اصحوا”، إذ صرت تتعامل مع العالم لكنك لا تأخذ ولا تستلم العالم داخلك.

 من دروس مادة الأحياء تعلّمنا أن الخلايا البشرية لها بوابة تفتح نفسها للمواد والمعادن التي تحتاج إليها وتغلق بواباتها عن المعادن التي لا تحتاجها، وهكذا يجب أن تكون أنت، لديك انتقاءٌ، صاحيٍ ومُنتبِهٌ للمواقف لكنك لن تأخذ كل شيء داخلك لأن عندك شيء أهم في داخلك وهو الكلمة، من خلال الكلمة ستفكر وتتعامل مع الناس بينما ذهنك صاحٍ وساهرٌ ومُنتبِهٌ ويَقِظ وفارضٌ صورة ذهنية على تفكيرك.

 هذا يجعلك ذكيًا ونشيطًا جدًا، ومُتذكِّرًا جدًا، ستنتهي حالة النسيان من حياتك لأنك بدأت تنشّط روحك وتجعلها تأخذ وضعها الصحيح، فاستخدام روحك هو في كل شيء، وذهنك ما هو إلا قناة لتضع ما في روحك عليها.

 تَذكَّرْ معي أنه إن كان تطبيق ما على الإنترنت كاليوتيوب مثلاً، ما هو إلّا أداة لتشغيل الفيديوهات وتوصيلها إليك، فهو ليس الهدف في حد ذاته ولكنه يوصلك إلى الهدف، الذي هو الفيديو الذي تريد مشاهدته، فأنت لن تتملّى في مشاهدة ال browser)) أو (المتصفح) نفسه فما هو إلا وسيلة لتأخذك إلى الشيء.

 تمامًا كالتاكسي الذي ينقلك إلى مكان ما، فأنت لن تتملّى في رؤية التاكسي ولكنك تريد منه أن ينقلك إلى المكان الذي تريد الذهاب إليه، بنفس الطريقة استخدم ذهنك وعقلك كناقل لأفكار الله إلى حياتك، فنحن لم نُعلَّم كثيرًا عن هذا الأمر، وعن الأمور التي يعتبرها الكتاب جرائم فيما يخص استخدام الذهن والعقل البشري.

▪︎ إبليس هو خصمك الحقيقي وليس البشر!

دعونا نعود إلى شاهدنا الرئيسي

“٧ مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ. ٨ اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. ٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ.” (١ بطرس ٥: ٧-٩).

 هنا يقول ملقين “كل” وليس “بعض” همكم عليه، بدون أعذار ولا نسيان، فالصحيان هو عدم الانجراف لأي شيء يسحبك أو يشتتك، فتحت أي عذر، سأفكر بالكلمة في الموقف، سأفكر عكس العالم، سأفكر في المستحيلات كأشياء مُمكِنة الحدوث معي، سأرى المواقف بالنظرة السليمة من الأعالي، وسترى الرب يقودك في مواقف الحياة المُختلِفة، ويرتب لك أمورك ويضع الأشخاص المناسبين في طريقك لمساعدتك.

 اعتمد على الروح القدس في تعامُلك مع الناس، أيضًا تعامل بتقدير مع كل ذي منصب لكن ليس بانكسار أمامه، فالرب رافع رأسك ويمهّد كل طرقك أمامك.

 اذكر أن النص السابق يقول: “لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ“، فلم يقل لنا أن خصمنا هم الناس ولا حالة اقتصادية ولا قرارات قد اُتخِذَتْ، لكن خصمنا هو إبليس الذي يشبه الأسد -لكنه ليس أسدًا- الذي يحاول طول الوقت أن يبتلع من يقدر عليه.

 معروف أن الأسد لا يمكن بسهولة إثارته وتهييجه ولا يتأثر كثيرًا بأشياء بسيطة كحيوانات أخرى كثيرة، حالة زئيره غالبًا ما تكون في وقت الهجوم ومحاولة إرعاب وإخافة الحيوانات الأخرى، لكن لا تنسى أن إبليس ليس أسدًا ولكنه “كأسد، فالتفت للصحيان والسهر ولا تلتفت إليه كعدو يحاول أن يبتلعك.

 يكمل الكتاب قائلاً: “٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ”، لن تستطيع مقاومته ما لم تكن صاحيًا وساهرًا.

 “عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ”، هنا يريدنا الرب ألّا نرثي لأنفسنا لأنه لسنا وحدنا نقاوم هذا العدو لكن كل إخوتنا الذين في العالم يقاومونه معنا.

 الألم ليس هو هجوم إبليس بأفكار، لكن هو محاولته أن يؤلمك من الخارج عبر الظروف والأحداث، فإبليس لا يتعامل معك فقط بالأفكار لكنه كثيرًا ما يحرّك الأحداث والمواقف حولك عبر أناس خاضعين لمشيئته.

 هنا يقول لك الروح: “لا تستسلم، بل اصحَ واسهر وقاومه راسخًا في الإيمان”. أيضًا حين تتضعوا تحت يد القدير سيحدث أن إله كل نعمة سوف يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم. (١ بطرس ١٠:٥).

▪︎ وصايا ثمينة!

“٩ اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ. ١٠ وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ. ١١ غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ، ١٢ فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضَّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ.” (رومية ١٢: ٩-١٢).

 في هذا النص نجد سرًّا هامًا جدًا يجب أن تضعه في ذهنك دائمًا؛ وهو أن تكره الشرّ وتلتصق بالخير. لا تستمتع بالأفكار الشريرة التي تُلقَى عليك. ارفض إعجابك بها.

 يا مَن تعاني من الشهوة، ارفض أفكار الشهوة. يا مَن تُؤخَذ في أخبار العالم والسياسة بحجة أن تكون عالمًا بخفايا الأمور، إنها خدعة وحيلة لكي تُسحَب في طريق بلا عودة. كونوا كارهين الشر، إن لم تُصنّف تلك الأفكار كشرّ يجب الاحتراس منه، لن تنجح في حياتك الروحية.

 يكمل قائلاً: “مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ” أي بكل ما هو حسن، بكل ما هو جيد، بأن تشدّ نفسك وتضعها بشدة تجاه كل ما هو جيد.

 “١٠ وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ”، هذا يحدث بالروح القدس وقيادته لروحك ونفسك فتسلك بالتعاطف الروحي السليم وليس كالتعاطف البشري القاتل، فَمَن لا يسير بالروح سيكون إما مُبالِغ في الاهتمام أو مُبالِغ في البغضة والابتعاد.

 المحبة التي من الله لا تنطفئ بل يزداد فيها الأشخاص حبًا لبعضهم، ليس لأنهم بدأوا يعتادون على بعضهم البعض، فالمحبة التي مصدرها الله مُشتعِلة دائمًا وليس فيها صعود تارة وهبوط تارة أخرى، ليس فيها هوائية، فَمَن يسير بالكلمة يكون طول الوقت مُنتبِهًا وصاحيًا.

 دعونا نكمل النص حيث يقول: “مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ ١١ غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ”

 يجب أن نكون غير مُتكاسِلين في الأمور التي يجب أن نكون مُسرِعين فيها، فكل الأمور الإلهية يجب أن نسرع فيها، فيجب أن أسرع في أن:

  • أنكب على الكلمة.
  • أنكب على الصلاة.
  • أنكب على اعترافات الإيمان.

 قُدّْ يومك وامسك بدفة سفينة حياتك، لا تتركها لعدوك ليقودها لك، أبطل كل ما هو للطفل في حياتك، لابد أن تفعل ذلك عن عمد. قُلّْ لنفسك:

  • سأدرس الكلمة بكل شغف وكل إقبال، أي شيء عكس هذه الأمور هو من الشرير.
  • إنه وقت لوضع النقاط على الحروف، وكن سريعًا في الأمور الصحيحة وبذلك تحافظ على اشتعالك وتكون خادمًا للرب وعابدًا له طوال الوقت، مُشتركًا مع السماء رغم أنك لازلت على الأرض بجسدك، لكن روحك تحلق في رحاب عالية بعيدة عن الأرض والأرضيات.

 اصحوا واسهروا غير مُتكاسِلين لأن إبليس سيحاول أن يدخل على الخط، فاختطف أنت الوقت مُفتديًا له كما تقول الوصية. إن كنت تدعو شخصًا لقبول الرب وأَجَّلَ الأمر، ربما لن يجد وقتًا آخر يفعل ذلك فيه وسيخطف إبليس الكلمة، وقد يهلك إلى الأبد، لابد أن نكون مُسرِعين فيما يجب الإسراع فيه.

 إنها حياة جديّة وتدريبات لأيام مجيدة لك على الأرض، لا تخرج من الأرض وأنت مجروحٌ. الاختطاف ليس هروبًا، لكنه حالة من المجد ولابد أن يُرفَع حاجز الإثم.

 اعمل عملك بصورة فردية وكذلك بالتناغم مع الجسد الذي تنتمي إليه، ففيه أنت تعطي وتأخذ، لا تعمل بالجسد خارج قواعد الجسد وإلا ستكون مثل السرطان في الجسم، البعض حياتهم كآكلة “غرغرينا”، لا تكن مثلهم.

 لتكن ملحًا حقيقيًا ومُعطيًّا حياة لِمَن حولك، نحن حجارة حية روحية، فَكِّرْ في هذا بصورة جدية، لن أصدّ أخوتي، سأصحو وأسهر ولن أتكاسل في الأمور التي يجب أن أُسرع فيها.

آمين

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$