القائمة إغلاق

اصحوا واسهروا – الجزء 7 Be Sober, Be Vigilant – Part

لمشاهدة العظة على الفيس بوك اضغط هنا

 لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

اصحوا واسهروا – الجزء 7

▪︎ انتبه لحياتك! هناك محاولات لسَحْبك.

▪︎ مؤشرات لثباتك الروحي.

▪︎ التصحيح وما يُنتِجه فيك!

 ○ الاجتهاد

 ○ الاحتجاج

 ○ الغيظ

 ○ الخوف

 ○ الشوق

 ○ الانتقام

▪︎ الحكمة تنادي في الشوارع.

▪︎ أساليب إبليس في التعامل مع البشر.

 ○ أولاً: مكائد إبليس

 ○ ثانيًا: إبليس وصفٌ وليس اسمًا

 ○ ثالثًا: نحن لا نجهل أفكاره

 رابعًا: هادمين حصونًا

 ○ خامسًا: يشفي جميع المُتسلِّط عليهم إبليس

▪︎ إليك الحل!

▪︎ البَسوا سلاح الله الكامل.

منطقة الحق

 ○ خوذة الخلاص

 ○ درع البرّ

 ○ استعداد إنجيل السلام

 ○ تُرس الإيمان

 ○ الصلاة

▪︎ حواس مُدرَّبة.

▪︎ أيًّا كان ما وصلت له، هناك حلٌّ.

 في هذه الحلقة الأخيرة من سلسلة عظات “اصحوا واسهروا” أودّ أن أُلخِّص لكم بعض النقاط وأكمل البعض الآخر وأقدم لكم طريقة الصحو والسهر واليقظة والفهم والاستنارة، فلم يعد إبليس ذلك الشخص المُحيّر والذي يرتعب منه البشر بعد ما صنعه معه ربنا يسوع المسيح على الصليب.

 دعونا نقرأ معًا النص الرئيسي لتلك السلسلة والموجود في رسالة بطرس الأولى والإصحاح الخامس

“٨ اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. ٩ فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ. ١٠ وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. ١١ لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.” (١ بطرس ٥: ٨-١١).

 يوضّح لنا الكتاب أنه لابد لنا أن نقاوم إبليس، كما بَيَّن لنا أن الطريقة الصحيحة لمقاومته هي الإيمان، فالرب لن يقاوم إبليس نيابةً عنا ولن يُبعِده عنا، لأن مقاومة إبليس وإبعاده ليست دور الرب، فالشخص المُنوَّط بهذا الدور هو أنت شخصيًا وليس الله.

 يوضح لنا الكتاب أن السلطان قد أُعطَي لنا نحن كأبناء لله لكي نفعل هذا. بالفعل تكلمتُ معكم طوال الحلقات الست الماضية من هذه السلسلة عن أهمية الصحيان والسهر، ولكي أنهض بالتذكرة ذهنكم النقي عن ماهية الصحيان والسهر دعوني أذكركم بأن:

الصحيان: هو عدم الشرب من العالَم، وعدم الأخذ من مبادئه وأفكاره ومخاوفه.

السهر: هو حالة الاستعداد والتأهُب والترصُّد العمديّة.

 

▪︎ انتبه لحياتك! هناك محاولات لسَحْبك:

 بينما يسير الإنسان مع الروح القدس يستطيع أن يرى المشاهد ويقرأها بصورة صحيحة، إذ يستطيع أن يرصد العدو وهو يتحرك ويحاول أن يوقع الشخص ويستلم ملفاته، لذلك فإن أحد المحاذير الخطيرة التي يقع فيها كثيرون هي الانشغال بالعالم لدرجة أن يصير ذلك الانشغال جزءًا أساسيًا في طريقة تفكيره.

 سوف أسرد معكم اليوم خمس نقاط أساسية يتحرك فيها عدو الخير في خضم معاركه مع الإنسان ليوقعه في حباله، لكن دعونا أولاً نقرأ شاهدين من الكتاب يوضحان لنا بعض المحاذير الهامة التي يوردها لنا الوحي المُقدَّس في سياق دعوته لنا أن نصحى ونسهر.

 كما سبق أن ذكرت أنه ليس من اللازم أن يكتب لنا الوحي جملة: “اُصْحُوا وَاسْهَرُوا” في كل سياق يريد الوحي فيه أن يحذرنا وينبهنا إلى الاستيقاظ والسهر.

 مثلاً إن ذهبت مرة لتتجول في زيارة لأحد المصانع، وبينما أنت تتجول مُتّجِهًا إلى عنبر ما يحتوي على ماكينات خطيرة وآلات مُعقَّدة تحتاج لخبراء مُتخصِّصين للتعامل معها، سوف تجد لافتة في مدخل العنبر تحذرك مكتوب عليها: “انتبه! هناك خطرٌ!”

 إن هذا التنبيه كافٍ لك لكي تتعامل بحرص شديد جدًا بينما تقترب من أي من تلك الآلات، بالتأكيد لن تقرأ هذا التحذير على كل آلة تمر عليها. اللافتة الخارجية في مدخل العنبر تكفي لكي تكون منتبهًا ويقظًا وفَطِنْ في الاقتراب والتعامل مع تلك الآلات.

 لقد تعوّد الكثيرون في أحاديثهم على نغمات معينة دون الانتباه لخطورة تلك الكلمات، يردّد البعض: “أنا لدي الكثير من المشاكل” أو قد يقول آخر: “أنا مُحاطٌ دائمًا بظروف غير مواتية”، كما يؤكد مُستمِعه على كلماته ويزيد عليها إذ يصرح بلغة لاعبي كرة القدم: “وأنا الرياح ضدي في كلا الشوطين!”

 يعتقد الكثير من الأحباء أن الإكثار من الصلاة سوف تعمل على إزالة تلك الظروف غير المُريحة. إن حقيقة الأمر أحبائي أن الرب بالحقيقة يقف في صفّ الإنسان ضد تلك الظروف.

 لكن الحل ليس في أن أصلي للرب لكي يزيل تلك الظروف، حيث أساء الكثيرون استعمال الصلاة باعتقادهم أنها الفانوس السحري الذي سيزيل في لمح البصر تلك الظروف المُرهِّقة للإنسان. لكن الطريقة والخطة الإلهية للتعامل مع الظروف هي أن يسمح الإنسان لكلمة الله أن تدخل إلى ذهنه فتخرج قوة الرب من داخله إلى الخارج.

 إن الهدف الإلهي هو أن يتعامل مع ذهن الإنسان وليس مع الظروف، فالظروف ستصبح شيئًا سهلاً جدًا حين يستقبل ذهن الإنسان الكلمة. كما أن الهدف الشيطاني أيضًا هو ذهن الإنسان كذلك، فإبليس يعلم أهمية ذهن الإنسان حين يفكر في اتجاه معين.

 إن النص الأول الذي ينبّهنا إلى كيفية عمل إبليس بينما تركيزه وهدفه هو ذهن الإنسان، موجود في رسالة يوحنا الأولى والإصحاح الخامس:

“١٨ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ. ١٩ نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ. ٢٠ وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. ٢١ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.” (١ يوحنا ٥: ١٨-٢١).

 في الخلفية التاريخية لهذا النص كان يحدث أن كثير من المؤمنين الذين تركوا الأصنام وعبدوا الرب وانضموا للكنيسة، كانوا حين يتعاملون مع العالم ويزورون شخص ما أو مسرح ما أو مكان لعبادة الأوثان فإنهم يسمعون الموسيقى والألحان التي كانوا يسمعونها قبل أن يتركوا أوثانهم تائبين إلى الرب.

 كانوا حينئذ يتذكّرون تلك الأيام الخوالي التي عاشوا فيها مثل تلك الحياة وسمعوا هذه الألحان مئات المرات كجزء من تاريخهم وتراثهم، فكان يحدث أن تكون هناك فرصة كبيرة لسحبهم مرة أخرى بجاذبية الحنين للماضي فيعودون إلى العالم ويتركون الرب

 لذلك كان القديس يوحنا يوجّه حديثه إلى الأولاد الأحداث في الإيمان المُعرَّضين للسحب بتلك التأثيرات العاطفية حين يتذكّرون كلمات معينة وطريقة تعاملهم السابقة فيقول بعضهم: “أنا أعرف جيدًا كيف أتعامل مع هؤلاء الناس لأني تربيت معهم وأعرف طرقهم جيدًا”

فيبدأ في التعامل بصورة غير كتابية مع المواقف الحياتية.

 من الجيد للإنسان أن يكون ماهرًا وحكيمًا في التعامل مع العالم وألا يخدع منه، لكن لا ينبغي للمؤمن أن يستخدم أساليب العالم أو يحنّ مرة أخرى للعالم الذي كان يعيش فيه قبلاً. لهذا السبب يحذّر يوحنا الأولاد الأحداث من أن يعودوا إلى الأصنام.

 المقصود في النص ليس فقط العودة إلى عبادة الأوثان لكنه يشمل أيضًا تحذيرهم من العودة للطرق والأساليب القديمة التي كانوا يتعاملون بها في العالم قبل إيمانهم بالرب، وأيضًا تحذيرهم من أن يتم سحبهم من عالم الأفكار الخطير هذا، ومن أن يضعوا أمور معينة في حياتهم فتصير كأصنام لهم.

▪︎ مؤشرات لثباتك الروحي:

 النص الثاني الذي يحذّرنا به الرب من أساليب إبليس في حربه لسحب أذهاننا موجود في رسالة تسالونيكي الأولى الإصحاح الثالث إذ يقول:

١ لِذلِكَ إِذْ لَمْ نَحْتَمِلْ أَيْضًا اسْتَحْسَنَّا أَنْ نُتْرَكَ فِي أَثِينَا وَحْدَنَا. ٢ فَأَرْسَلْنَا تِيمُوثَاوُسَ أَخَانَا، وَخَادِمَ اللهِ، وَالْعَامِلَ مَعَنَا فِي إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى يُثَبِّتَكُمْ وَيَعِظَكُمْ لأَجْلِ إِيمَانِكُمْ، ٣ كَيْ لاَ يَتَزَعْزَعَ أَحَدٌ فِي هذِهِ الضِّيقَاتِ. فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا. ٤ لأَنَّنَا لَمَّا كُنَّا عِنْدَكُمْ، سَبَقْنَا فَقُلْنَا لَكُمْ: إِنَّنَا عَتِيدُونَ أَنْ نَتَضَايَقَ، كَمَا حَصَلَ أَيْضًا، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. ٥ مِنْ أَجْلِ هذَا إِذْ لَمْ أَحْتَمِلْ أَيْضًا، أَرْسَلْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ إِيمَانَكُمْ، لَعَلَّ الْمُجَرِّبَ يَكُونُ قَدْ جَرَّبَكُمْ، فَيَصِيرَ تَعَبُنَا بَاطِلاً. ٦ وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ جَاءَ إِلَيْنَا تِيمُوثَاوُسُ مِنْ عِنْدِكُمْ، وَبَشَّرَنَا بِإِيمَانِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ، وَبِأَنَّ عِنْدَكُمْ ذِكْرًا لَنَا حَسَنًا كُلَّ حِينٍ، وَأَنْتُمْ مُشْتَاقُونَ أَنْ تَرَوْنَا، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَرَاكُمْ، ٧ فَمِنْ أَجْلِ هذَا تَعَزَّيْنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَتِكُمْ فِي ضِيقَتِنَا وَضَرُورَتِنَا، بِإِيمَانِكُمْ. ٨ لأَنَّنَا الآنَ نَعِيشُ إِنْ ثَبَتُّمْ أَنْتُمْ فِي الرَّبِّ. ٩ لأَنَّهُ أَيَّ شُكْرٍ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُعَوِّضَ إِلَى اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ عَنْ كُلِّ الْفَرَحِ الَّذِي نَفْرَحُ بِهِ مِنْ أَجْلِكُمْ قُدَّامَ إِلهِنَا؟” (١ تسالونيكي ٣: ١-٩).

 في البداية يذكر الرسول بولس سبب أساس لإرساله تيموثاوس إليهم وهو “حَتَّى يُثَبِّتَكُمْ وَيَعِظَكُمْ لأَجْلِ إِيمَانِكُمْ”، فالإيمان عامل حاسم في حربنا مع العدو لذلك ينبهنا الرسول بطرس في الشاهد الأساسي لهذه السلسلة قائلاً: “فقاوِموهُ راسخين في الإيمان” فالإيمان مؤشر هام على ثبات الشخص من عدمه روحيًا.

 أثناء دراستي بكلية الطب تعلمتُ في سياق دراسة جسم الإنسان إن هناك مؤشرات معينة في الجسم البشري عن سلامة الكبد من عدمه وأهم مؤشر هو سيولة الدم، فسيولة الدم هي أول وأسرع طريقة للتأكُّد من سلامة الكبد أو فساده، بالطريقة نفسها، الإيمان هو أول وأسرع ما يقع عندما يُصاب الإنسان روحيًا، فالإيمان هو الفاعلية في حياة الإنسان أثناء استخدامه لسلاح الله الكامل في حربه مع الشيطان.

“٦ وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ جَاءَ إِلَيْنَا تِيمُوثَاوُسُ مِنْ عِنْدِكُمْ، وَبَشَّرَنَا بِإِيمَانِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ، وَبِأَنَّ عِنْدَكُمْ ذِكْرًا لَنَا حَسَنًا كُلَّ حِينٍ، وَأَنْتُمْ مُشْتَاقُونَ أَنْ تَرَوْنَا، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَرَاكُمْ.”

 هناك أربعة أمور كان بولس مُهتَمًا جدًا أن يطمئن على أنها صحيحة وسليمة في حياة كنيسة تسالونيكي لذلك أرسل إليهم تيموثاوس ليطمئن لئلا يكون تعب فيهم باطلاً إذ قد جربهم المُجرِّب، وتلك الأمور هي:

إيمانهم.

محبتهم.

رؤيتهم ونظرتهم له، هل هي سليمة أم فسدت بفعل سماعهم لمذمات على بولس من أناس آخرين.

هل مازالوا مُشتاقين لرؤيته كشوقه هو لرؤيتهم أم لا؟

 مِن الممكن للمُجرِّب أن يلعب في موضوع الإيمان والمحبة وكذلك في رؤية الشعب للخدام ونظرتهم لهم، وبالتبعية في شوقهم لرؤيتهم من عدمه.

 تحدثت معكم من قبل في سلسلة “كيف تكون حارًا في الروح” عن أن الحرارة الروحية والشغف الروحي أن تسبح مع شعب الرب في التسبيح وأن تكون شغوفًا أن تستمع لكلمة الرب وتأكلها، وألّا تعتاد على التغيُّب عن مجموعات درس الكتاب، فتلك هي مؤشرات الشغف والحرارة الروحية.

 هنا يذكر لنا بولس الفكرة نفسها في رسالته لأهل تسالونيكي إذ أراد أن يطمئن ليس فقط على إيمانهم ومحبتهم لكن عليهم لئلا يكون المُجرِّب قد جربهم بالتفكير الخاطئ تجاه الخدام.

 انتبه جيدًا لطريقة تفكيرك تجاه إخوتك في جسد المسيح وتجاه خدام الرب الممسوحين لخدمتك لئلا يُفسِد المُجرِّب إيمانك. فالإيمان هو أكبر مؤشر لتحرك الإنسان في حياته الروحية بشكل صحيح، كما إنه أكبر مؤشر يمكن أن يضرب به المُجرِّب الإنسان.

▪︎ التصحيح وما يُنتِجه فيك!

 دعونا نرى ماذا يقول بولس لأهل كورنثوس بخصوص التجربة التي أصابتهم في قصة الزاني بامرأة أبيه:

“٩ اَلآنَ أَنَا أَفْرَحُ، لاَ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ، بَلْ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ لِلتَّوْبَةِ. لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ لِكَيْ لاَ تَتَخَسَّرُوا مِنَّا فِي شَيْءٍ. ١٠ لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتًا. ١١ فَإِنَّهُ هُوَذَا حُزْنُكُمْ هذَا عَيْنُهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، كَمْ أَنْشَأَ فِيكُمْ: مِنَ الاجْتِهَادِ، بَلْ مِنَ الاحْتِجَاجِ، بَلْ مِنَ الْغَيْظِ، بَلْ مِنَ الْخَوْفِ، بَلْ مِنَ الشَّوْقِ، بَلْ مِنَ الْغَيْرَةِ، بَلْ مِنَ الانْتِقَامِ. فِي كُلِّ شَيْءٍ أَظْهَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أَنَّكُمْ أَبْرِيَاءُ فِي هذَا الأَمْرِ.” (٢ كورنثوس ٧: ٩-١١).

 إن الكلمات المُترجَمة في اللغة العربية عمّا أنشأه فيهم الحزن الذي بحسب مشيئة الله ليست واضحة كما ينبغي لذلك سنتحدث الآن عمّا تعنيه كل كلمة من تلك الكلمات، لنلاحظ أولاً أن تصحيح بولس لهم في رسالته الأولى وتوبيخهم لقبولهم الفاسد في وسطهم هو الذي أنشأ فيهم هذه الأمور.

 أحيانًا يصاحب التوبيخ حزنًا لأن الشخص تم تصحيحه في أمر معين، أيضًا من الممكن أن تهاجم الشخص -الذي يتم تصحيحه- أفكارًا عن رجل الله الذي يصحّحه مثل “ربما يكون رجل الله غير فاهم للأمر بصورة كاملة” أو قد يفكر في نفسه قائلاً: “لماذا يضغط عليّ رجل الله هكذا؟”

 البعض يفكّر قائلاً لنفسه: “هل أنا فقط الذي يفعل هذه الخطية؟ أنا أفضل من فلان الذي يفعل كذا وكذا” وربما يتمادى في الدفاع عن نفسه ويقول؛ “أنا لدي إثباتات أخرى على براءتي، لماذا لا يراها الراعي!” هكذا يستمر الشخص في محاولة إثبات إنه بريءٌ وأن الراعي مُخطِئ.

 هذا هو الأمر الذي كان بولس مُهتَمًا بأن يطمئن عليهم فيه، إذ أخبرهم في (١ كورنثوس١٠، ١١) أن سبب توبيخه لهم هو أن يظهر مَن فيهم الذي يخضع لكلام الرب ومن الذي يرفضه، فحين يمرّ عليك التصحيح الروحي وتخضع له سوف تكون مُثمِرًا في حياتك بشكل رائع، وخضوعك للتصحيح يثبت بشدة إنك ابنٌ شرعيٌ، فهل تريد أن تكون ابنًا شرعيًّا؟ اخضع لتوبيخ وتصحيح الراعي الروحي المملوء بالروح القدس والذي سينشئ تصحيحه لك الأمور الآتية:

  • الاجتهاد:

 يعني شغفًا وسرعة وتحفيزًا، الشخص الذي ينشئ فيه التصحيح اجتهادًا هو شخص يسمع التصحيح ويتحفّز، قد ينتابه الحزن لفترة وجيزة لأنه كان مخدوعًا في الوقت السابق، لكنه لن ينصت لأفكار الحزن التي يحاربه بها إبليس لأنه سمع صوت الروح القدس.

 للأسف يوجد أشخاص بعد أن يتكلم الروح القدس معهم بتصحيحه لهم، نجدهم يلتقطون إشارات خاطئة فيشعرون بالملامة والإدانة في أنفسهم، أيضًا يبدأ الشخص في التفكير بالملامة على رجل الله الذي يستخدمه الروح القدس في تصحيحه قائلاً في نفسه: “إن كان هذا الكلام من الروح القدس ما كنت لأشعر بهذه الملامة والدينونة!”

 هو لا يدري أن هناك أرواحًا شريرة دخلت على أفكاره لتعيق تصحيحه: “الْمُجَرِّبَ قَدْ جَرَّبَكُمْ” لهذا اهتم بولس بالاطمئنان عليهم لئلا يكون المُجرِّب قد جربهم، وبدأ يتساءل إن كانوا لا يزالون يتذكّرونه حسنًا فوارد أن يُضرَب الإنسان في هذه النقطة، لأن إبليسَ يعلم جيدًا أنه حينما يضيع الصوت الإلهي عن الإنسان فإنه يضيع لأنه ابتعد عن إشعاع الكلمة وبدأ يتوه ويُسحَب في العالم.

  • الاحتجاج:

 يعني إظهاركم أنكم رافضون هذا الوضع المُخجِل من السكوت على الشخص الزاني واستمرار قبوله في الشركة في الجسد، فهنا بولس يقول لهم: أنتم دافعتم عن أنفسكم وأثبتم أنكم مُنتمون للفرقة السليمة في الكنيسة لأنه حدث بالفعل انقسامٌ في الكنيسة بسبب اختلاف المواقف من زاني كورِنثوس. إذًا أنشأ الحزن المُقدَّس فيهم رفضًا لقبول الزاني في شركة معهم، إذ كيف يكون لهم شركة مع شخص مثل هذا دون أن يتوب ويرجع عن أفعاله المُشينة تلك؟

  • الغيظ:

 الكلمة اليونانية تلك لا تعني المعنى المعروف للغيظ في لغتنا العربية ولكن تعني (حالة الثورة الروحية) والهياج الروحي من أجل التصحيح.

  • الخوف:

 الكلمة هنا تعني الرفض، إذ كيف نقبل في الكنيسة وضعًا مثل هذا، إنه النفور من أن نقبل بسهولة وجود خطية كهذه دون تعامل روحي صارم تجاهها.

 لو تم تنظيف الناس في كثير من الاجتماعات والكنائس من هذه الأمور لاختلف الوضع كثيرًا فيها ولم تكن لتأخذ تلك المنحنيات الخطيرة التي تمر بها الآن.

  • الشوق:

هو حالة الرغبة والشغف الشديد.

  • الغيرة:

 هي الحالة التي يبدأ الشخص فيها يتعامل مع نفسه على أساس أنه مُرتبِطٌ بالرب فلا يصح له أن يزني ويبتعد عن الرب، فحالة الغيرة هي أن يكون الشخص لديه الكثير من السخونة والشغف الروحي، فهل أنت تغار على أفكارك وتحفظها من أن يخترقها إبليس ويتجول في ذهنك أم لم تصل لتلك المرحلة بعد؟

  • الانتقام:

 هنا أيضًا نجد الكلمة الأصلية لا تفيد معنى أن شخص ينتقم من آخر بقدر ما تفيد أن تعاقبوا وتردعوا بصرامة، فهي حالة فيها الكثير من الابتعاد عن حالة التسيُّب والميوعة الروحية، لو تعلمون كم المرات التي يتم فيها إنذار أشخاص في مجتمعنا، فهي كثيرة جدًا؛ “يا فلان انتبه، أنت مسحوب في العالم”، “يا فلان استمع لهذا الحق الكتابي فهو يفيد في حالتك”….إلخ.

 للأسف كثيرًا ما يرفض الأشخاص التحذيرات ولا يُولِّد التحذير لديه حالة البغضة للخطية والتسيُّب والانسحاب في العالم الذي يجتاز فيه، فلا تتولّد لديه الصرامة مع الخطية بسبب رفضه لكلمة التحذير.

▪︎ الحكمة تنادي في الشوارع:

 حينما يرفض الإنسان الكلمة، يخبرنا الكتاب أنه سيأتي الوقت الذي فيه ينادي الشخص على الكلمة ولا يجدها بعد أن كانت الكلمة تنادي عليه ويرفضها، وهذا حال كثير من الناس اليوم ممن رفضوا تنبيهات الكلمة وتحذيرات رجال الله.

 دعونا نقرأ نصًا مهمًا من سِفْر الأمثال، كما سبق وذكرت لكم أن كلمات سِفْر الأمثال ليست كلمات المجالس والمصاطب ولا كلمات مجموعة من الرجال الجالسين في المقهى يتبادلون الأمثال الشعبية وتراث الأجداد الجيد والرديء، لكنها مبادئ وقوانين يُحتذَى بها وليست مجرد أمثال شعبية تتناقلها الأجيال.

“لأنَّهُ باطِلًا تُنصَبُ الشَّبَكَةُ في عَينَيْ كُلِّ ذي جَناحٍ.” (أمثال ١: ١٧).

 يقول النص هنا إنه من الصعب أن تستطيع الإيقاع بشخص يعرف كيف يطير، إبليس له حدود مع شخص ذي جناح، من الصعب جدًا على إبليس أن يقدر على شخص فاهم للكلمة. من هم الأشخاص ذوي الأجنحة الذين يستطيعون الطيران والتحليق عاليًا؟

 إنهم الأشخاص الذين يفهمون الحق الكتابي ويسيرون بالكلمة فتجدهم يستطيعون التعامل بشكل صحيح سواء في العمل أو في المنزل، مع الذهن والأفكار والمشاعر والجسد، باطل تنصب الشبكة لأولئك، لذلك فإن إبليسَ هو الفاشل، هو الباطل. دعونا نكمل معًا قراءة باقي هذا الإصحاح الرائع من سفر الأمثال.

“١٧ لأَنَّهُ بَاطِلاً تُنْصَبُ الشَّبَكَةُ فِي عَيْنَيْ كُلِّ ذِي جَنَاحٍ. ١٨ أَمَّا هُمْ فَيَكْمُنُونَ لِدَمِ أَنْفُسِهِمْ. يَخْتَفُونَ لأَنْفُسِهِمْ. ١٩ هكَذَا طُرُقُ كُلِّ مُولَعٍ بِكَسْبٍ. يَأْخُذُ نَفْسَ مُقْتَنِيهِ. ٢٠ اَلْحِكْمَةُ تُنَادِي فِي الْخَارِجِ. فِي الشَّوَارِعِ تُعْطِي صَوْتَهَا. ٢١ تَدْعُو فِي رُؤُوسِ الأَسْوَاقِ، فِي مَدَاخِلِ الأَبْوَابِ. فِي الْمَدِينَةِ تُبْدِي كَلاَمَهَا ٢٢ قَائِلَةً: «إِلَى مَتَى أَيُّهَا الْجُهَّالُ تُحِبُّونَ الْجَهْلَ، وَالْمُسْتَهْزِئُونَ يُسَرُّونَ بِالاسْتِهْزَاءِ، وَالْحَمْقَى يُبْغِضُونَ الْعِلْمَ؟ ٢٣ اِرْجِعُوا عِنْدَ تَوْبِيخِي. هأَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي. أُعَلِّمُكُمْ كَلِمَاتِي. ٢٤ «لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، ٢٥ بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي. ٢٦ فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ. أَشْمَتُ عِنْدَ مَجِيءِ خَوْفِكُمْ. ٢٧ إِذَا جَاءَ خَوْفُكُمْ كَعَاصِفَةٍ، وَأَتَتْ بَلِيَّتُكُمْ كَالزَّوْبَعَةِ، إِذَا جَاءَتْ عَلَيْكُمْ شِدَّةٌ وَضِيقٌ. ٢٨ حِينَئِذٍ يَدْعُونَنِي فَلاَ أَسْتَجِيبُ. يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ فَلاَ يَجِدُونَنِي. ٢٩ لأَنَّهُمْ أَبْغَضُوا الْعِلْمَ وَلَمْ يَخْتَارُوا مَخَافَةَ الرَّبِّ. ٣٠ لَمْ يَرْضَوْا مَشُورَتِي. رَذَلُوا كُلَّ تَوْبِيخِي. ٣١ فَلِذلِكَ يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِ طَرِيقِهِمْ، وَيَشْبَعُونَ مِنْ مُؤَامَرَاتِهِمْ. ٣٢ لأَنَّ ارْتِدَادَ الْحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَرَاحَةَ الْجُهَّالِ تُبِيدُهُمْ. ٣٣ أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ».” (الأمثال ١: ١٧-٣٣).

 في عدد ٢٠ نجد الحكمة تخرج لتنادي وتعلي صوتها في الشوارع وتدعو الناس في كل الأماكن الاستراتيجية لكي يسمعها جميع الناس، وقد اختارت أوقاتًا هادئة ليس فيها مشاكل ولا حوادث ولا اضطرابات لكي يستطيع الكل سماع صوتها وهذا يتناغم مع النص الرائع: “تَكَلَّمْتُ إِلَيْكِ فِي رَاحَتِكِ.” (إرميا ٢٢: ٢١).

 كلام الرب ليس بمخفي، وينادي الجميع. من يستمع إلى الحكمة فهو الشخص الذي سيربض في أمان وثقة وهدوء ولن يأتي عليه خوفٌ. في الشاهد السابق يتحدث الكتاب عن فريقين في الأرض: الأول رفض الحكمة والتوبيخ فجاءت عليه شدة وضيق ولم يجد مَن يعينه، أما الفريق الآخر فاستمع إلى الحكمة فعاش آمنًا ولم يأتِ عليه شرٌّ.

 

▪︎ أساليب إبليس في التعامل مع البشر:

 دعونا نرى معًا خمسة أمور تدريجية يستخدمها إبليس كأسد زائر، في البداية لابد أن نعرف أنه إن أردنا أن ندرس العهد القديم فسنحتاج كثيرًا أن نرجع للخلفية اليهودية والخلفية الجغرافية، وحين ندرس العهد الجديد نحتاج أيضًا أن نرجع لكلا الخلفيتين اليونانية والرومانية.

 لنرى معًا التدرُّج الذي وضعه الكتاب المقدس وسط السطور ويكشف به لنا أساليب إبليس في التعامل مع البشر فنستطيع أن نتعامل بصحو وانتباه في مواجهة ذلك الكائن الذي يسهل هزيمته وهو إبليسَ. هناك خمس كلمات مُتدرِّجة، والتدرُّج هنا مقصود.

  • أولاً: مكائد إبليس:

 الكلمة الأولى ذُكِرَت في (أفسس ٦) وهي غير واضحة في الترجمات العربية لكنها واضحة في اليونانية بشكل أفضل؛ “البَسوا سِلاحَ اللهِ الكامِلَ لكَيْ تقدِروا أنْ تثبُتوا ضِدَّ مَكايِدِ إبليسَ.” (أَفَسُسَ ٦: ١١).

 الكلمة اليونانية المُترجَمة “مَكايِدِ” هي الكلمة اليونانية “”methodiea وهي مكونة من شقين هما؛ “meta” و “hodeuo” وتم اختصارهما إلى كلمة “methodiea” والتي تعني طرقًا.

 أول شيء يتحرك به إبليس هو خطة وطريق (مِن) و (إلى)، فهو لديه فهم وإحساس أنه لن ينجح له هجوم بدون خطة. كلمة “مَكايِدِ إبليسَ” هنا تعني “طرق إبليس” وهذه الطرق لها اتّجاه مُحدَّد ونيّة وهدف مُحدَّد، فهو لا يضرب كيفما اتفق.

 دعونا نفهم كيف يحدّد إبليس طريقة، وكيف يضع خطة للإيقاع بك، إنه يفعل ذلك عن طريق المداخل التي يراك أنت فاتِحٌ له بابًا من خلالها في حياتك. أنت مُراقَبٌ شئت ذلك أم أبيت.

 حتى إنْ كانت حياتك ثابتة وهادئة ظاهريًا بدون الاعتماد على الكلمة (يوجد أناس حياتهم هادئة وثابتة بالاعتماد على الكلمة وذلك أمر جيد). لكن إن كانت كذلك دون الاعتماد على كلمة الرب وطرقه، أنت في خطر. ربما تعتقد أن حياتك الروحية سليمة نتيجة ذلك الهدوء في حياتك، لكن هذا الاعتقاد خاطئ!

 هناك أشخاص كثيرًا ما يتم تحذي رهم مُسبقًا لكنهم لا يصلّون ولا يقتربون إلى الرب إلا إنْ حدثت لهم مصيبة، فهم يعتقدون أنه مادامت الأمور هادئة فإن كل شيء على ما يرام، لكن اعْلمْ إنه يوجد من يتربّص بك، ليس من المُفترَض أن تكون مهزومًا، أيضًا لم يُرسَم لك أن تكون ضحية نتيجة أمر ما سبق الرب وكشفه لنا في كلمته.

 اعرفْ أن محاربتنا ليست مع دم ولحم بل مع رتب شيطانية؛ الرؤساء، السلاطين، ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، أجناد الشر الروحية في السماويات. يعتقد البعض أن الناس هي سبب المشاكل التي يعانون منها، والبعض الآخر يعتقد أن القوانين الظالمة هي سبب كل ما نعانيه من مشاكل، وغيرهم يعتقدون أن غلاء المعيشة هو سبب كبير لِما يعانونه من مشكلات، لكن وفقًا للكتاب المقدس الذي يكشف لنا حقائق الأمور فإننا نتعامل مع عالم الروح وأن وراء كل هذه الأمور أرواح شريرة.

 مصارعتنا ليست مع دم ولحم من أجل ذلك يدعونا الكتاب أن نحمل سلاح الله الكامل لكي نقدر أن نقاوم في اليوم الشرير وأن نثبت بعد أن نتمّم كل شيء. هناك إجراءات لمرحلة ما بعد الانتصار فليست فقط دعوتنا أن ننتصر على الحافة أو بالكاد ولكن دعوتنا أن ننتصر وبعد ذلك أن نثبت، هللويا يا لها من دعوة مباركة.

 فأول شيء يفعله إبليس الفاشل هو التخطيط والمكيدة والفخ، والحل لذلك ليس الخوف والاختباء منه ولكن أن تغلق أبوابك جيدًا.

  • ثانيًا: إبليس وصفٌ وليس اسمًا:

 النقطة الثانية هي كلمة يونانية تستخدم في الكتاب كثيرًا وهي كلمة “”Diabolos والتي تُترجَم إبليس، والحقيقة أن كلمة إبليس ليست اسمًا لكنها وصفٌ لوظيفة تمامًا مثل كلمة “المدير” فالبعض يتعامل مع الكلمة كلقب بينما الحقيقة أنها وصف لوظيفة.

 كلمة “إبليس” في اللغة اليونانية القديمة كانت تُستخدَم كوصف وظيفي وهي تتكون من مقطعين: الأول هو”dia” والثاني هو “ballō” .

 المقطع الأول يعني “دخول” والثاني يعني “الشيء الذي تضرب به لكي تستطيع الدخول” مثل حجر أو أي آلة يتم بها الكسر أو النقب (فتح جدار). ما يحدث هو أن إبليس يسعى من خلال الإلحاح بفكرة ما لمرات عديدة، فهو أولاً يخطط ثم ثانيًا يلحّ ويلحّ، حيث يرسل الفكرة لذهنك ثم يتبع الفكرة بصور وتخيُّلات معينة.

 بعد ذلك يرسل لك شخصًا من الخاضعين له لينطق أمامك بكلمات معينة مثل الكلمات التي كان يلحّ بها على ذهنك، فهو يحاول حصارك ويلمّع لك فكرة معينة، ثم يأتي لك بمشاعر التلهُّف على تلك الفكرة التي أحضرها هو إليك، بعدها يحاول أن يلعب على إرادتك لكي تتجاوب وتذهب في طريق تلك الفكرة التي جاء بها إليك ورماها في ذهنك.

 تذكّرْ أن حواء بعدما سمعت كلمات إبليس، عندما نظرت للشجرة بدأت ترى أنها جذّابة وشهية للنظر، لقد اخترقها بانطباعاته.

 ما هو الحاجز التي تخترقه قذيفة إبليس؟ هذا الحاجز هو سلاح الله الكامل، والذي سوف نتكلم عنه بعد قليل. فأي شخص تمّ خداعه يمكننا أن نقول إنه (تأبلس) أي تمّ اختراق الحاجز الخاص به، وفي هذه المرحلة يعاني الشخص من حالة الإلحاح الشديد، أحيانًا يأتي إليه ابليس بالفرص التي كان يسعى إليها في السابق ولا يستطيع الحصول عليها، يجدها تأتي إليه وتقدم نفسها له، هذا هو إبليس.

  • ثالثًا: نحن لا نجهل أفكاره:

 أما المستوى الثالث فهو ذاك الذي يحدث لشخص كان غير مُرتدي لسلاح الله الكامل أو لأجزاء منه فَتمّ اختراقه، والكلمة الكتابية الخاصة بهذا المستوى موجودة في الرسالة الثانية إلى كنيسة كورنثوس.

“لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ.” (٢ كورنثوس ٢: ١١).

 هذه الكلمة هي المُترجَمة في العربية “أَفْكَارَهُ“، وهي كلمة يونانية تُنطَق no’-ay-mah. المقطع الرئيس فيها هو noieōوالذي يعني “عقلاً” أو “تفكيرً“.

 في هذا المستوى يحدث عند الضحية الذي تم اختراق دفاعاته نوع من العصف الذهني وتربيط لكثير من الأفكار الشريرة معًا وتحليل الأمور بصورة شيطانية وهو لا يعلم أنه تحت تأثير مباشر من إبليس، فيبدأ يرى الناس والمواقف بصورة خاطئة، ويتخذ قرارات خاطئة.

 لقد وضع إبليس سحره داخله، تمّ سحْبه تمامًا. إن كل شيء له بريق ورائه تأثير، أنصحك بمراجعة سلسلة “القوة وراء الأشياء والأحداث“، لكن يا ترى هذا التأثير من أي جهة يأتي؟ هل من مملكة النور أم مصدره مملكة الظلمة؟

 أيضًا ماذا عن الأشياء التي أنت بدأت تعمل لها بريقًا؟ وهي أشياء مُحايدة لم تكن مُلوَّثة من إبليس، مثلاً؛ يتحدث كثير من أطباء النفس أنه يمكنك أن تقيم علاقة مع أي شيء، كالمقعد الذي تجلس عليه، أو الحائط الماثل أمامك دائمًا، وأن أي شيء تعطي انتباهك له من الممكن أن يتكلم إليك.

 سمعنا عن حالات جنون القمر، فالبعض ظلوا يشخصون إلى القمر حتى سمعوا القمر يتحدث إليهم ورأوه يكلمهم! الحقيقة أنه لا يتكلم لكن هنا يحدث تأثير للأرواح الشريرة وتداخلات من عالم الروح تجعله يرى القمر يتكلم! أيضًا بعض كبار السن لديهم تقدير وإعزاز لأشياء معينة كأن لا يجب أن يحرك أي شخص مقعد ما من مكانه، فهناك رابط ما بينه وبين هذا المقعد.

 بالطريقة نفسها إن كنت تأخذ قرارًا غريبًا وصار عندك حالة من الارتباك والإحباط حين لا تصل لمكان ما في الميعاد المُحدَّد تمامًا أو حين لا يأتي إليك أحدهم في الميعاد تمامًا، هناك ارتباط ما بشكل روحي غير سليم، هناك حالة من الخيوط مربوطة.

 عالم الروح في حالة من النشاط أي إنه يعمل، نحن لا نروحن الأمور فالأمور بطبيعتها روحية لذلك يحدث حالة من التأثير، لأننا لا نجهل أفكاره وطرُقه التي يعمل بها، لنسميها لعبة العقل، أو لعبة التفكير، فيبتدئ يلعب في التفكير ويحدث الكثير من الارتباكات.

 هو لا يؤثر فقط على الهدف الذي يعمل عليه ولكنه يدخل ويفسد أمورًا أخرى معه، تظهر هذه الأمور بعد فترة في صور شتى، فربما تظهر في أعراض مرضٍ، أو حالة رسوب في الدراسة، أو رسوب في العمل أو حالة من ضعف العزيمة، أو حالة من الخيانة، كأن يخون شخصٌ صديقه أو زوجته وذلك لأنه وصل إلى مرحلة من السحب، فهناك لصٌّ داخل المنزل لم يتم طرده، لصٌّ في داخل الأفكار، لم يقترب إلى روحه ولكن ذهنه قد تم تلويثه وهذا بمفرده أمرٌ جَلِّل وحدثٌ خطيرٌ.

  • رابعًا: هادمين حصونًا:

 المستوى الرابع هو مرحلة الحصون ونجدها في الإصحاح العاشر من الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس

“٤ إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. ٥ هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ، ٦ وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ.” (٢ كورنثوس ١٠: ٤-٦).

 قبل هذه المرحلة كان الشخص لا يزال قابلاً للحديث والنقاش، لكنه هنا وصل لمرحلة الاقتناع.

 إن الكلمة المُترجَمة “حُصُونٍ” هي كلمة يونانية تُستخدَم لوصف القلعة الحصينة ذات الأسوار العالية وهي نفس مواصفات السجون وأماكن الحبس والاحتجاز.

 هنا وصف لشخص ظلّ شاخصًا لفترة طويلة لهذا الحائط فحدثت له عملية مسح مخ، ووصل لقناعة تامة أن الحياة هنا في هذه القلعة، إنها حالة شخص مسجون ولا يرى سوى الأربعة حوائط، فهو مسجون داخل هذه الفكرة، فوصل لمرحلة الاقتناع.

 حين يريد أحدهم أن يتحدث معه بالعقل، لن يجد لكلماته صدى عنده إذ تمّ سحبه إلى حائط عالٍ جدًا بحيث لا يمكن اختراقه بسهولة.

  • خامسًا: يشفي جميع المُتسلِّط عليهم إبليس:

 المرحلة الخامسة هي المستوى الأخير، وهي حالة التعذيب. تلك الحالة التي يكون فيها الإنسان مُسيطَر عليه.

“يَسوعُ الّذي مِنَ النّاصِرَةِ كيفَ مَسَحَهُ اللهُ بالرّوحِ القُدُسِ والقوَّةِ، الّذي جالَ يَصنَعُ خَيرًا ويَشفي جميعَ المُتَسَلِّطِ علَيهِمْ إبليسُ، لأنَّ اللهَ كانَ معهُ.” (أعمال ١٠: ٣٨).

 إذ صار الشخص مُسيطَرًا عليه. وكلمة “التسلُّط” في اللغة اليونانية katadunasteuō هي كلمة يتمّ التعبير بها عن حاكم أو ملك شرير يمارس حالة من السيطرة على الشخص تصل إلى التحكُّم في ماذا يأكل وماذا يشرب.

 هي حالة من الاستبداد والسيطرة وسَجْن الشخص رغم إنه يبدو ظاهريًا إنه حُرٌّ، إنه سيدٌ قاسٍ يسيطر حتى على مستقبل الذين يسيطر عليهم، كما أن بعض من هؤلاء المُسيطَر عليهم مَن يفعل الشيء نفسه مع آخرين مِمَّن يكونوا تحت سطوتهم.

 في تجمعات العمل أو المدارس أو الكنائس أو العائلات من الممكن أن تجد نوع من الشللية أو التكتلات التي يتم فيها تفضيل بعض الناس عن الآخرين، ربما يكون قائد التكتل شخصًا زعيمًا وقد يعتمد على آخر معه، هذا التكتل غالبًا ما يكون فيه تدخُّل لأرواح شريرة. بعد فترة يقود هذا الزعيم باقي التكتُل إلى مشكلات كبيرة وتكون لديه حالة من الاستبداد والسيطرة على الباقين.

 هذه التكتّلات لا ينبغي أن تكون في الكنائس بالمرة فهي غير كتابية ولا نسمح بها في اجتماعاتنا، لدينا اجتماعات درس الكتاب لكن ليست شللية ولا تكتلية.

 يمكن رؤية تلك التكتلات بصورة صارخة في العصابات التي يصعب جدًا على أحد أفرادها الخروج عن قانون الزعيم وأوامره وإن حاول ذلك لقتلوه أو لتعدوا على أسرته، فهم يهددونه ويمسكون عليه نقاط ضعفه لكي لا يفلت من أيديهم ومن تسلُّطهم عليه. يسوع المسيح هو الوحيد القادر على إخراج الإنسان من تلك الحالة من التسلط التي تظهر في التحكم في نوم الأفراد واستيقاظهم وأكلهم وصحتهم، مجدًا لاسمه العظيم.

 صار التسلُّط مُلتصِقًا بالأفراد كأنه جزءٌ لا يتجّزأ من معيشتهم. وحده يسوع هو من ينقذ الناس من مِثْل هذا السلطان وقد أعطى لنا القوة لكي نفعل ذلك مثله.

▪︎ إليك الحل!

 هل هناك رجاء؟

نعم، هناك رجاء!

 إن الحل لجميع تلك المراحل من سيطرة العدو على الإنسان موجود في (أفسس ٦). دعونا نقرأ هذ النص الرائع معًا:

 “١٠ أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. ١١ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. ١٢ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. ١٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. ١٤ فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، ١٥ وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. ١٦ حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. ١٧ وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. ١٨ مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ.” (أفسس ٦: ١٠-١٨).

في العدد العاشر يقول: “أخيرًا يا إخوتي”. كلمة أخيرًا هنا في اللغة اليونانية لا تعني “في نهاية الكلام” لكنها تفيد معنى: “هذا أكثر شيء مهم ويجب الانتباه له”. فهي لا تعني كما يبدو لنا من الترجمة العربية أنه يريد أن يختم رسالته بهذه المقولة، بل تعني أنه يريد أن يقول لهم: “هذه هي الخُلاصة، فانتبهوا جيدًا لها!”

 ثم يقول في العدد الحادي عشر: “لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.” إذًا فالطلعة الأولي، البداية، والمستوى الأول سأقدر أن أقف ضد مكايد إبليس.

 دعوني أقرأ معكم شاهدًا آخر موجود في (١ بطرس ٥: ٨) وهو الشاهد الرئيسي لهذه السلسلة إذ يقول: “اصحوا واسهروا” الترجمة الأدق لهاتان الكلمتان تأتي بمعنى: “منذ بداية الهجمة اصحوا واسهروا

“اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ.” (١ بطرس ٥: ٨).

 يجب أن تُميّز من البداية أن هناك شيئًا غريبًا يحدث وأن هناك تحرُّكًا شيطانيًّا تجاهك. الكثير من الناس سمعوا عظات كثيرة عن إبليس وقدراته وللأسف لم يسمعوا كثيرًا عن أنه كائنٌ مهزومٌ ومفضوحٌ فبدأوا يعلقون كل فشلهم وإحباطهم ومشاكلهم على إبليس حتى فيما يختص بالقرارات الخاطئة التي يتّخذونها.

 صار لديهم طوال الوقت شماعة يعلقون عليها كل خيباتهم اسمها إبليس، توجد أخطاء أنت مَن ارتكبتها، وما جعلك تخطو هذه الخطوات الخاطئة ليس فقط إبليس، ولكن أيضًا بسبب عدم إغلاقك لأبواب نفسك بشكل جيد. أنا لن أعاتب اللصّ على دخوله لبيتك، ولكنني سأعاتبك أنت عن سبب عدم حمايتك لبيتك بشكل جيد، إذًا فطريقة التفكير الكتابية السليمة هي “أن نقاوم منذ بداية الهجمة”.

▪︎ البَسوا سلاح الله الكامل:

 لنرجع إلى (أفسس ٦ : ١١) حيث يقول: “البَسوا سِلاحَ اللهِ الكامِلَ لكَيْ تقدِروا أنْ تثبُتوا ضِدَّ مَكايِدِ إبليس.”

 اللفظ هنا يؤكد: “عودوا مرة أخرى والبَسوا، ارجَعوا مرة ثانية والبَسوا”، فكنيسة أفسس رغم روعتها لكن كانت هناك بعض الأخطاء التي كانوا يرتكبونها، لذلك كان يقول لهم: “عودوا مرة أخرى والبسوا سلاح الله الكامل”.

 في الإصحاح الرابع من ذات الرسالة نجده يقول لهم: “لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ.” (أفسس ٤: ٢٥)، أيضًا كلمهم في الإصحاح السادس عن كيف يتقووا في الرب وفي شدة قوته، وبعد أن كلمهم عن كل هذه الأمور عاد أيضًا إلى التأكيد حمل سلاح الله الكامل؛ “ارجعوا والبسوا سلاح الله الكامل مرة أخرى”. ما هو سلاح الله الكامل؟ هو كل الرسالة السابقة.

 كانوا في المملكة الرومانية يقيسون طول الجندي الروماني لكي يتم تفصيل سلاحه على جسمه، حيث كان وزن السلاح من أربعين كيلوجرامًا إلى ثمانين، كل هذا يحمله الجندي، لذلك كان لابد أن يكون الجندي نفسه قويًا، لهذا السبب قال الكتاب: “تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ”، أن أتقوى بالرب فهذا شيء لابد أن أفعله أنا بنفسي، كيف أتقوى بالرب؟

 القوة تأتي حين أبتدئ في الالتفات إلى الرب وأن اتّخذ اتّجاه مُعاكِس لما كنت عليه، إن كان ذاك الاتّجاه السابق غير سليم. لذلك تقوَى في الرب لكي تستطيع أن تلبس هذا السلاح، إن كنت مُحبَطًا وتاركًا ذهنك للإحباط وعدم الاكتراث، فأنت بذلك ضعيفٌ ولن تقدر على لبس السلاح.

 نحن نتحدث عن جندي قوي، جسمه مرسوم العضلات لكي يستطيع أن يحمل كل قطع السلاح التي قد يصل وزن قطعة واحدة فيه إلى خمسة عشر كيلوجرامًا، لابد أن تكون قويًّا وغير مُستسلِم لأفكار الكآبة والضعف أو الموت والهزيمة.

 بعض الناس حين يموت لهم شخصٌ عزيزٌ، يستسلمون لأفكار الموت، ويظل الشخص يستدعي تلك الأفكار ولا يقاومها بل يستعذبها ظانًا بذلك إنه يتصرّف بنوع من الوفاء للعزيز الراحل، لكن الكتاب المقدس يعلمنا قائلاً: “ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ.” (١ تسالونيكي ٤: ١٣).

“١٣ مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. “

كلمة “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ” تعود على الثلاثة أمور السابقة وهي:

+ تقووا (ع١٠).

+ لكي تقدروا أن تثبتوا (ع١١).

+ فإن مصارعتنا (ع١٢).

 هذه الكلمة “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ” يمكن ترجمتها في إعرابها اليوناني هكذا؛ من أجل كل ما سبق، عودوا مرة أخرى والبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا (ع١٣).

 ربما يقول قائل: أنا نائم للآن ولكن حين أستيقظ سأقول لنفسي: “سألبس سلاح الله اليوم”! إن هذا القول غير كتابي، وذلك لأن بولس يستخدم في هذا النص صيغة المضارع المستمر التي تعني أن الشخص طوال الوقت مرتدي هذا السلاح، سواء كنت نائمًا أو مُستيقِظًا، إنْ حضرت اجتماع الكنيسة أو لم تحضر.

 ارتداءك لسلاح الله الكامل مُرتبِطٌ بحالة فكريّة واتّجاه قلب مُستمِر، سواء ذهبت للعمل أم رجعت منه، لكن يمكن أن تردّد تلك الكلمات كاعتراف إيمان تعيشه باستمرار.

  • منطقة الحق:

“١٤ فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ.

 المنطقة هي الحزام وهي جزء مهم جدًا في قطع سلاح الله الكامل، فإن خلع الشخص قميصه أو جاكته لن يكون تأثيره عليه كتأثير خلعه للمنطقة أو الحزام لأن الحزام هو الأداة التي تربط كل قطع السلاح.

 هذا الحزام كان يحمي المناطق التي يمكن أن يُضرَب الشخص فيها ويموت في الحال، كما يحتوي على قطعة تحمي ظَهْره إذ يتدلى منه خيوطٌ جلديّة بها بعض القطع الحديدية تحيط بالجندي من الأمام ومن الخلف، كما أن هذه المنطقة أو الحزام يتم تثبيت عدة قطع أخرى من السلاح فيها إذ تحتوي على عدة جيوب مُخصَّصة لتحتوي عدة قطع أخرى من السلاح فيها، فهنا الكاتب يتحدث ضمنيًا عن قطع سلاح صغيرة مشمولة في “منطقة الحق”.

  • خوذة الخلاص:

 كما يحتوي سلاح الجندي الروماني على الخوذة وتوجد أربعة أنواع للخوذات، إحداها تحتوي على قطعة تتدلى إلى الخلف وراء الجندي لتحمي رقبته من الهجوم من الخلف، هذه القطعة تشير إلى كلمة الرب وهي الوحيدة التي بها شيء ملموس بين أيدينا في عالم العيان لنقرأ بها عالم الروح.

  • درع البرّ:

 ثم يكمل الرسول بولس بالروح القدس قائلاً: “لاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ وهو عبارة عن جاكت مُكوَّن من قطعتين إحداهما أمامية والأخرى خلفية تكون بينهما رأس الجندي، هذا الدرع يشير إلى البر وإلى إدراكك لحالة البر التي أنت عليها، ومن أنت بالنسبة ليسوع ومن أنت بالنسبة لمملكة الظلمة.

 أنت مُرعِب لمملكة للظلمة، أنت بر الله بيسوع المسيح، لن يقدر إبليس أن يضربك في هذه المنطقة طالما كنت مُدرِكًا لمَن أنت وما هي هويتك في المسيح يسوع، كما أن هذا الدرع يحتوي على كثير من القِطع المعدنية اللامعة فكلما تحرّك الشخص كلما انعكست عليه أشعة الشمس فتعكس لمعانًا باهرًا يعمي عيون الأعداء، مبارك الرب.

 كلما تعاملت بالبر كلما ازداد لمعانك في عالَم الروح وهذا اللمعان يعمي عين العدو فلا يستطيع أن يبصر جيدًا، مجدًا للرب، فإبليس لن يقدر أن يصمد أمام شخص مُدرِك وفاهم جيدًا معنى “بر الله”. يمكنك العودة للموقع لدراسة موضوع البر.

  • استعداد انجيل السلام:

 ثم يكمل قائلاً: “١٥ وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ.” هذا يعني السلام الذي يأتي نتيجةً لمعرفتك لإنجيل يسوع المسيح، إن الرب قد طلب منا أن نكون دائمًا مُستعِدين للكرازة بالإنجيل في عدة شواهد كتابية، لكن حين تواجه مواقف حياتية ليس الحل في الذهاب للكرازة بالإنجيل ولكن في معرفتك لحقّ الإنجيل المُرتبِط بموضوع الموقف الذي تواجهه.

 هذا هو المقصود بالنص الذي نحن بصدده الآن، فالسلام الإلهي الناتج من معرفة الكلمة يحفظك من الأمراض وتوابع كل المواقف التي تواجهها. كما أن هذا النص؛ “١٥ حاذين أرجُلكُمْ باستِعدادِ إنجيلِ السَّلامِ” مرتبط بالقدم والركبة فهذا الحذاء مُرصَّع ببعض القطع الحديدية لمواجهة اصطدام القدم والركبة بأي عوائق في المناطق التي بها صخور وأحجار أو أشواك.

 إنجيل السلام يحفظك من كل تلك الإعاقات، ويحميك في كل مناطق جسمك، فسلامك يزداد بازديادك في معرفة الكلمة.

  • تُرس الإيمان:

 “١٦ حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ.”

 إن كلمة “فَوْقَ الْكُلِّ” لا يقصد بها أن ترس الإيمان أهم من باقي القِطع ولكن المقصود هنا إنه مِن المهم جدًا في معاركك أن تضعه في الصدارة، إن هذه القطعة (تُرْسَ الإِيمَانِ) لها علاقة وثيقة بكلمة الله، كما أن كل قطعة في سلاحك الروحي لها علاقة بكلمة الله.

 إن التروس في الجيش الروماني توجد منها أنواع وأشكال مُتعدِّدة؛ فيوجد تُرسٌ دائريٌّ يُستخدَم في المبارزات المُرتبِطة بالحفلات في المسارح الرومانية القديمة ويصدّ به المُقاتِل ضربات الخِصم أمام الجمهور، وهذا النوع ليس هو المقصود في هذا النص.

 أما التروس التي تُستخدَم في الحروب فكانت تختلف، إذ يكون الترس طويلاً ودائريًا ويصل إلى الأرض وهو مصنوع من طبقتين: الداخلية من معدن خفيف الوزن كالصفيح والخارجية تُصنَع من جلود الحيوانات ويتم عمل صيانة يومية للطبقة الخارجية الجلدية وذلك بدهنها بالزيت للحفاظ على رطوبة الجلد باستمرار.

 هذا يشير إلى أن الروح القدس يكون مُرافِقًا لك دائمًا في موضوع إيمانك، كما كانوا يضعون الطبقة الخارجية يوميًا في الماء وقت المعارك ليكون دائمًا مُبلَّلاً لكي يستطيع إطفاء السهام المُشتعِلة التي كان الأعداء يطلقونها عليهم.

 كانت السهام تحتوي على مادة حارقة قابلة للاشتعال كالبارود، فإن لم يكن الترس مبلولاً بالماء جيدًا يصبح الجندي مُعرَّضًا للاحتراق بالمواد الحارقة التي تحتويها السهام، أو على الأقل سيتم حرق جلد الترس الذي يحتمي به. يرتبط ترس الإيمان أيضًا بماء الكلمة، إذ أن كلمة الرب كمياه حية تطفئ جميع سهام الشرير المُلتهِبة.

“١٧ وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ.”

 إن خوذة الخلاص وسيف الروح هما طريقة تفكير فيما صنعه الرب يسوع معك. سيف الروح هو الكلمة المنطوقة (الريما) التي تنطقها في الظروف وفي مواجهة مواقف الحياة ومعاركها المُختلِفة.

  • الصلاة:

 توجد قطعة سلاح مَخفية في سياق الحديث وهي: “١٨ مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ…” في ذلك الوقت كان يطلق على طريقة الصلاة بأنها مثل الرمح.

 الرماح أيضًا لها عدة أنواع وتختلف في أطوالها وأقطار ساقها حسب نوع الهدف الذي سيُطلَق عليه الرمح، لذلك قال “بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ“. الرماح استباقية إذ تُطلَق على الأعداء من مسافات بعيدة لكي لا تسمح للأعداء بالاقتراب بالمسافات التي تُشكِّل خطرًا على حياة الجندي.

 كذلك الصلاة، فهي استباقية أيضًا إذ نصلي لكي نمنع بها الأمور السيئة من الحدوث من أساسه، وهذا ما يجعل الصلاة قطعة مهمة في الحروب الروحية كالرماح في أهميتها في الحروب الأرضية، والرمح والسهم يتشابهان في كونهما قطعتان هجوميتان استباقيتان في الحرب.

 لذلك فالصلاة استباقية إذ بها نُصيب العدو ونقتله في مكانه قبل أن يأتي هو ويتقدم إلينا. بينما نصحو ونسهر ينبغي أن ننتبه إلى أفكارنا.

 

▪︎ حواس مُدرَّبة:

يُحدّثنا (عبرانيين ٥) عن أمر هام في تلك النقطة فلنقرأه معًا بتمعُّن:

“١١ اَلَّذِي مِنْ جِهَتِهِ الْكَلاَمُ كَثِيرٌ عِنْدَنَا، وَعَسِرُ التَّفْسِيرِ لِنَنْطِقَ بِهِ، إِذْ قَدْ صِرْتُمْ مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ. ١٢ لأَنَّكُمْ ­إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ­ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. ١٣ لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، ١٤ وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.” (العبرانيين ٥: ١١-١٤).

 أريد أن أُركز هنا على كلمة “التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ”، أول شيء يحتاجه الشخص هو أن يُميّز الخدعة من البداية، وهذا يحتاج إلى تمرين، ربما تقع في البداية مرة وتقوم الأخرى لأنك لازلت تتدرّب وتتعلّم وتفهم، لكن البالغين صاروا مُتمرِّنين.

 لكن ماذا لو لم تكن وضعت قَدَمك أساسًا في هذا التمرين؟ ماذا لو كانت أفكارك سائبة، تأتي وتذهب دون أي ضابط أو رابط إذ لم تقل لنفسك مرة واحدة: سأقاوم هذه الأفكار، سأقاوم إبليس، سأوقف ما يحدث من استنزاف في حياتي؟

 الكتاب المقدس هو الوحيد الذي يجعلك تقرأ وترى ما سيحدث بشكل استباقي لكي يمكنك تحاشي الكارثة قبل أن تبدأ بدلاً من أن تقع ثم تحاول بعدها في البحث عن مَخْرَج. لذلك يقول الكتاب: “لأَنَّهُ بَاطِلاً تُنْصَبُ الشَّبَكَةُ فِي عَيْنَيْ كُلِّ ذِي جَنَاحٍ.” (الأمثال ١: ١٧)، من الصعب أن أقع فيها وأنا أعرف كيف أطير.

 الويل لإبليس من شخص يعرف ويفهم الكلمة، لتكن لك هذه الطريقة مع إبليس، الذي صار لا نفع له وفاشلاً، كيف ينصب الشبكة لشخص لديه أجنحة ويطير؟ شخص غير مُرتبِط بجاذبية الأرض رغم أنه يحيا عليها، شخص لديه الحواس مُدرَّبة.

 إن كنت لا تزال ساقطًا في أمور معينة، والآن تكتشف أنك كنت واقعًا في فخاخ العدو، بداية الحل هو أن تُميّز وتكتشف حقيقة الأمر، فقد كنت تتصوّر طوال الوقت الماضي أن سقوطك هذا أمر طبيعي، لكن الحقيقة إنه ليس طبيعيًا. استسلامك لأفكار العدو ليس طبيعيًا أيضًا.

 بدأت الآن تُميّز وهذا رائع، أكمل، تقوى بالرب، قل للرب: “أنا أتقوى بك أنت يا مَن صنعت كل هذا الخلاص، بك أنت الحل”. حين تبتدئ أن تأخذ اتّجاه أن تقول لا لإبليس، ستتقوى بالرب وستأخذ حياتك مسارًا بعيدًا عن حالة الإحباط التي يريد العدو أن يسحبك إليها.

▪︎ أيًّا كان ما وصلت له، هناك حلٌّ:

 مهما كانت المرحلة التي تمرّ بها الآن من محاولات العدو معك، سواء كنت في المرحلة الأولى التي لا يزال العدو يخطط لك فيها لكي يسقطك، أو كنت في المرحلة الثانية التي ينقب فيها ليكسر جدران حمايتك ويهدم أسوارك، ستعرف أن تقف له.

 حتى إن كان قد دخل إلى حياتك، وقد يكون سيطر أو بنى حصنًا أو حتى وصل إلى مرحلة التعذيب الأخيرة معك، أيا كان المستوى الذي وصل إليه معك، وأيا كانت حالتك، تقوى في الرب ثم بعد ذلك قم البس سلاح الله الكامل، لا تعُد تنسب المشاكل إلى الأشخاص أو إلى الأحداث، فَهُم ليسوا السبب الرئيسي لِما حدث من مشكلات أو من أمراض.

 يخبرنا الكتاب أن الرب يسوع كان يجول يصنع خيرًا ويشفي جميع المُتسلِط عليهم إبليس، فهنا الكتاب يصف المرضى بأنهم أشخاصٌ تَسلَّط عليهم إبليس، وتسلُّط إبليس هذا شيء غير طبيعي، إلى أن تصل لمرحلة أن تضع حدودًا لذلك الكائن الذي يحاول أن يطرق ويدخل.

 لا تخف، أنت بداخلك الروح القدس، انتبه لوجوده معك وفيك، لذلك لن يستطيع العدو أن يمسك منك شيءٌ إن كنت مُستيقِظًا، قاومه راسخًا في الإيمان، عالمًا أنك لست وحدك الذي تعاني من تلك الحروب، لذلك لا تظل تكرر كلمات مثل؛ “مشكلتي أكبر بكثير مما تتصور”، لأن هذا الأمر يجري على جميع إخوتك الذين في العالم.

 خذ فِكْر الله تجاه الموضوع واعكف على الكلمة لتعرف ماذا تقول عن مشكلتك، حين تبتدئ في هذا فأنت بذلك تلبس سلاح الله الكامل، وستعرف أن تصلي صلاة صحيحة، وستعرف كيف تأخذ قرارات صحيحة، وستعرف كيف تقرأ المواقف بشكل صحيح لأنه لم يعد هناك من يتسلّط على ذهنك ويملي عليك ما تفكر فيه وماذا تفعل وماذا تقول.

 لم يعد هناك من يملي عليك السقوط في الخطية ثم تعود لتندم قائلاً: “ليتني ما فعلت هذا”. لن يكون هناك ذلك النوع من التسلُّط. حين تبتدئ تسير بالكلمة ستصل إلى حالة أن تكون أنت الذي يتسلّط على جسدك وأفكارك وظروفك. ستعرف جيدًا كيف تُخرِج قوة الله تجاه ظروفك والأحداث التي تمرّ بها.

 ستضحك على الزمن الآتي، يتحدث الكتاب عن المرأة الفاضلة الحكيمة التي تشير إلى كل إنسان ممتلئ بحكمة الروح القدس، فهي تضحك على الزمن الآتي، وتعرف كيف تتعامل مع المواقف المختلفة بحكمة. تفكر في أمر ما حتى تناله ويصير مِلكًا لها.

 قوة التفكير، ذهنك هو المكان الذي يحاول إبليس أن يضربه، وهنا السؤال: كيف تُحصّن ذهنك؟ تحصّنه بأن تلبس سلاح الله الكامل. إن كنت قد خلعت سلاح الله الكامل أو خلعت بعض القِطع منه، عُدّ والبس سلاحك وتقوى في الرب عالِمًا أن حربك ليست مع دم ولحم.

 اعلم أنه توجد مكايد لإبليس يستهدفك بها، فلا تنتظر حتى تحدث لك كارثة لكي تستفيق وتصحو وتسهر! لذلك كانت كلمات بولس لأهل كورنثوس إنه رغم إن رسالته الأولى لهم أحزنتهم قليلاً إلا إنه فَرَحَ لذلك إذ قد أنشأت الرسالة فيهم حالة من الثورة الروحية والهياج الروحي الصحيح لكي يستيقظوا وينقّوا أنفسهم من حالة الفساد والزنا التي بدأت تسري في جسدهم.

 من الآن فصاعدًا، حينما تهاجمك فكرة أنّ شهيتك مسدودة وليس لك رغبة في قراءة كلمة الرب بِنَهم، اعلم إنها مكيدة، إذ يوجد من يترقّبك ويتربّص بك، إنها مسألة حياة أو موت، كثيرين من الذين حذرناهم من إهمال الكلمة يأتون بعد ذلك يصرخون: “أدركوني، أنقذوني، أنا واقع في طول الرب وعرضه!”

 يتعامل مع الموقف على أساس أن الحل هو في يد الرب، غير مُدرِك أن السبب الرئيسي لذلك الموقف هو إهماله لعلاقته اللصيقة مع الرب، ومُتناسيًا الآيات التي يقول فيها الرب: “إنه يأتي الوقت الذي ينادون عليّ فيه ولن يجدوني!”

 لماذا لا نلتفت لتلك الآيات؟ لأننا تعوّدنا على تعاليم ناقصة عن محبة الله ومبتور منها التعليم عن تصحيح الرب وتقوّيمه في محبته الشاملة لنا، فحين نواجه تلك التصحيحات نبتدئ في التراجع عنه خائفين، ونهرب من مواجهة تلك الآيات المُصحِّحة.

 كما أن هناك البعض مِمّن جنحوا على الجانب المقابل فقالوا: مادام الرب صالح مع أولاده ولا يؤدبهم بالأمراض -وهذا بالطبع صحيح- وبدأوا يتمادوا في استنتاجاتهم قائلين: “إذًا ليس هناك جحيم، فالإله الصالح المحب لن يرمي الناس ليتم شواءهم في نار لا تطفأ! وحتى إن ألقاهم في جهنم، سيكون هذا لفترة محدودة ثم سيخرجهم وذلك لأنه رحيم وذو قلب طيب فلن يحتمل قلبه أن يرى هذا المنظر البشع للناس في حفلة شواء بشرية!”

 لكن ماذا عن الرب المُتكامِل الأوجه؟ الذي يتعامل مع الموقف حين يصرخ الشخص إليه بعد فوات أوان التوبة التي كان ينبغي عليه أن يرجع فيه عن إهماله لطرُق الرب والعلاقة معه.

 سيأتي وقت لن يجد فيه الرب، لأنه سبق له مرارًا وتكرارًا أن ترك هو الرب ولم ينحاز للكلمة مبكرًا، وهذا الحق معاكس تمامًا للأفكار التي تربينا ونشأنا عليها، دعونا نصلي ونحن نتعامل مع الحياة الروحية بصورة جدية جدًا.

آمين.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$