القائمة إغلاق

غني لله – الجزء 5 Rich Toward God – Part

لمشاهدة العظة على الفيس بوك الجزء الاول أضغط هنا

لمشاهدة العظة على الفيس بوك الجزء الثاني أضغط هنا

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب 

غني لله – الجزء 5

 ▪︎ مقدمة عن كنيسة لاودكية:

▪︎ هناك فرق بين الحسرة والحزن والتوبة:

 ▪︎ تعريف كلمة التزام:

 ▪︎ معنى الالتزام من شواهد مختلفة في الكتاب المقدس:

 ▪︎ رصيدك السابق يُحدِّد ردود أفعالك:

 ▪︎ تحتاج إلى الصبر لتقف بثبات:

▪︎ ما هي أعداء الالتزام:

  • أولاً، الحزن:
  • ثانيًا، الثقة في النفس المنية على والخبرات البشرية وليس الكلمة:
  • ثالثًا، عدم رؤية المستقبل:
  • رابعًا، التمحور حول النفس:
  • خامسًا، العقلية العالمية وعدم الاعتراف أنها عقلية شريرة:
  • سادسًا، الشخصية التي لم تُبنَ من الكلمة:
  • سابعًا، الصورة الخطأ عن ذاتك:
  • ثامنًا، عدم وضع الحواجز ضد تأثير الآخرين والأرواح الشريرة:

 

 ▪︎ كنيسة لاودكية:-

“١٤ وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ: «هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ: ١٥ أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! ١٦ هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. ١٧ لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. ١٨ أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي (تتجاوب معي) ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ. ١٩ إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. ٢٠ هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ (يُخبِّط بشكل مستمر). إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. ٢١ مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. ٢٢ مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ»” (رؤيا ٣: ١٤-٢٢)

 تَدّعي الكنيسة اللاودكيين أنها غنية وقد استغنت، حتى إنه عندما حدث زلزال في ذلك الوقت ودمّر مناطق كثيرة فيها، وأتت الدولة لمساعدة وتدعيم الناس المقيمين هناك، رفضوا موضحين أنهم ليسوا بحاجة للمساعدة أو الدعم، لأنهم قادرون على إعادة بناء المدينة.

 كانت مدينة اللاودكيين من أغنى المناطق في العالم، كما ذكرت سابقًا أنها تحتوي -حسب التاريخ- على ٤٥٠ الفًا من المحلات التجارية القائمة في ذلك الوقت، مما جعلهم غير قادرين على التّحدث مع الرب بطريقة صحيحة، وانشغلوا بالتجارة والعالم. مع العلم أنّ الرب لا يُضاد أن يتاجر الشخص ويعمل، لكنه ضد انحراف القلب وابتعاده عنه، ولهذا السبب تكلم مع هذه الكنيسة عن الاشتعال والحرارة الروحية، وليس أن نكون فقراء، فهي ليست دعوة للفقر.

 ١٧لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ…” أنت تقول هذا: “إنك لست بحاحة إلى شيء، ولا تعلم أنك شقيّ وبائس وفقير وأعمى وعريان!”

 “١٨أُشِيرُ عَلَيْكَ..” تأتي في اليوناني، دعنا نحلها سويًا بتشارك معًا، لن أفعلها بمفردي يجب أن تتجاوب معي وتشتري مني “أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي…”

 “١٩إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ” يقول الرب هنا: “كوني أحبك يجب أن أصححك” ويخبرنا عن المفتاح والحل لهذه الكنيسة هو (كن غيورًا وتب)، كلمة “غيور” للدقة تعني أن تكون شغوفًا وحماسيًا، وهذا الحماس يترجم في الذهاب للاجتماع بحماس، وتسبح أيضًا بحماس، وتتفاعل مع الكلمة، تفعل أي شيء مطلوب منك بحماس.

 علاج مَن في هذه الحالة هو أن يبدأ يشتري من الرب؛ أي يتجاوب. يتجاوب مع مَن؟ مع المتحدث إليه المُمَثّل في الملاك (القس)، يتجاوب مع التعليم الكتابي الذي يُقال، عندما تُقَلل من كل ما يُقدّم فهذا هو الفتور الروحي. وهنا يحدث الخداع، كونك تقول: “أنا غير رافض للكلمة، لكني فقط لا أسلك بها” أنت في خطر!

 إن كنت في هذه المرحلة ومطمئَن على حالك، وتقول: “أنا لا أرفض الكلمة، ولا أجدِّف أو أستهزئ بالكتاب المقدس، لست مثل فُلان، لا أسلك هكذا، فأنا مازلتُ أحب الرب.. نعم، ربما أكون لا أسلك بما يقال….” هذه هي حالة الفتور الروحي، عندما تصل إلى هذه الحالة تنخدع بأنك لم يرتد، لأنك تقارن نفسك بالشخص البارد.

 حالة الفتور الروحي هي حالة غش وخداع، ليس سخنًا ولا باردًا. يقول الشخص: “أنا لست هذا الشخص المبالغ فيه، أنا فقط ممسك بالعصا من النصف”. خطورة هذا الأمر هو انخداع الشخص في نفسه ويغلق الباب تجاه التصحيحات. يوجد خداعًا مستمرًا، تذكر ما شرحته في سلسلة “اصحوا واسهروا“.

 “٢٠إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي” وصلت الكنيسة لمرحلة ليس فقط العمى بل أيضًا عدم السمع؛ أي رافضين للرب ولمبادئ الكلمة، إلى أنه وصل به الحال وصار الرب في الشارع (خارجًا) لكنها لا زالت كنيسته.

 أريدك أن تنتبه، لأن المنازل في زماننا الحالي تحتوي على سلم ومدخل للعمارة، تختلف عن زمانهم حيث لا يوجد إلا الباب كمدخل للبيت، فيا إما سيكون الرب داخل المنزل أو خارجه، لهذا كان الرب واقفًا في الشارع، حيث طردته الكنيسة، فقال لهم: “دعوني أدخل”.

 بدلاً من أن يدخل الرب لكي يلومه ويعاقبه، كونه صلّح طريقه، قال: “فأسرع في الدخول لك، فقط وارب الباب تجاوب معي فأدخل”. وبدلاً من فعل أي شيء ضده قال: “سأتعشى معك، أنا أريد أن أكون في علاقة قوية معك”.

 كان علاج كنيسة لاودكية أن تتجاوب وتشتري، أي تتجاوب مع الكلمة ومع ما يُقال، تُخرِج المبادئ الخطأ وتضع يسوع داخلاً وتتحمس.

 ٢١مَنْ يَغْلِبُ” تعني في اليونانية مَن يستمر في الغلبة، ليس فقط مَن يغلب جولة أو اثنان أو ثلاثة لكنه يستمر، من يحيا الانتصارات فسأعطيه مكانة مختلفة في الأبدية. نحن نرسم ما نريد أن يحدث معنا، فتكون نتيجة مَن يحيا الانتصارات، هي أن سيجلس مع الرب في عرشه، كما غلب يسوع وجلس مع الآب في عرشه، لذلك عليك أن تغلب وتلتزم بالغلبة.

 إحدى وسائل الخداع الشريرة والشديدة هي التعاليم غير الكتابية، لأنها وسيلة خطيرة (سم). فما أخطر أن تذهب لطبيب ليساعدك وتطمئن له وتثق به، وهو يصف لك الدواء الخاطئ، هذا خطيرٌ لأنك لا تفهم عمله. بالمثل إن ذهبت لمعلم يُعلّمك بصورة خطأ، هكذا ما أخبث أن تكون التعاليم غير كتابية، إنه لأمر كارثي أن تُدَرّس مبادئ العالم داخل الكنيسة، حيث بدأ الرب يسوع يُحذِر وينظف كل ما يُعلّم ويُرَوّج له داخل الكنيسة، قبل أن يُحذِّر مما خارج الكنيسة.

 يتحدث الرب مع الكنائس بتحذير من الداخل قبل الخارج، لأنه يوجد شيئًا خطيرًا، حيث يطمئن الشخص نفسه أنه رائعٌ ولا يوجد ما يحذره، فيُقلل من قيمة ما يفعله ولا يكون حارًا روحيًا، وغير شغوف للتعليم. من هنا لا يتولد داخل الناس هذا الشغف، لماذا؟ لأنه لا يُعلَّم على المنبر، وأي شيء لا يُعلَّم عنه، سيرخصه الشعب بصورة تلقائية لنفسه، دون أن يدفعه أحد لفعل هذا.

 لكن عندما يوضَّح الأمر بتعليم على المنابر تحدُث تنقية للكنيسة، لهذا السبب من أكثر الأمور التي تحدَّث عنها الرب يسوع هو تعديل ما بداخل الكنيسة من تعليم. الحياة المسيحية هي حياة من الداخل للخارج، هي ما تخزنه داخلك. لهذا السبب هل أنت غني لله بداخلك؟ أم تميل لمبادئ العالم؟

 كانت حقًا مدينة لاودكية غنية جدًا، لكن في الوقت نفسه خفف الشعب والكنيسة من الغيرة والحماس. تُعرّف كلمة غيرة في اليونانية على إنها “الحماس”.

▪︎ هناك فرق بين الحسرة والحزن والتوبة:-

  • أولاً، الحسرة:-

 هي مشاعر الندم والعودة إلى الوراء بلا أمل، أن يضبط الشخص طريقة تفكيره ويقول: “هذا أنا”، وعندما يخبره أحدهم: “فلان، انتبه إنه طريق خاطئ”، يجيب: “لا، أنا أعرف نفسي جيدًا”.

 بالطبع يُطعَن بخباثة شيطانية، فتأتيه أفكار وسط التعليم الكتابي مثلاً إن كان عن أواخر الأيام، يقول: “إنها أواخر الأيام إذًا لن أتمكن من فعل أي شيء”. وإن فاته تعاليم كثيرة لم يسمعها يقول: “فاتني الكثير والكثير لن أستطيع المتابعة” ونرى الصورة نفسها في شخص ذاهب للامتحان ولم يُنهي مذاكرته للآخر.

  • ثانيًا التوبة:-

 هي ضبط وتعديل الذهن، لا يريدنا الرب أن نتحسر أو نندم ولا نتأمل في الماضي بل يريدنا نتقدم إلى الأمام.

  • ثالثًا الحسرة:-

 ينظر المتحسر فقط للماضي، مثال يهوذا الذي ندم (تحسر) وقال: “انتهى الأمر، ويسوع مات” (متى ٢٧: ٣). في هذا الوقت دخله روح شرير ومن ثم دخل لمنطقة حالكة للغاية، هذه نتيجة اللعب مع الأرواح الشريرة أو الأفكار، ومَن في حالة الفتور لا يقول “لا” للأفكار الخاطئة، ولا يتعامل معها أول بأول.

 يتحدث الكتاب عن المأبونون، فهم ليسوا الشواذ جنسينًا فقط، لكنها حالة اللّيونة، وعدم قول “لا” للأفكار أو للجسد، لهذا بخبرنا أنه لا يمكنهم أن يدخلوا ملكوت السموات، لماذا؟! لأن مَن يسير في ملكوت الله هو الذي يسلك بمبادئ الحياة المسيحية، وإلا فهو جعل يسوع ربًا على قلبه، ومن ثم لم يصبح ربًا على كل حياته.

  • تعريف كلمة التزام:

 هي المديونية والتعامل بحرارة وشغف مع الرب. الشعور بمديونية تعني في اليونانية إدراك أن الشخص سيستفيد، لأنه يوجد مميزات، لذا فهي أوسع وأضخم من أنك تُلزِم الشخص بشيء، بل أنت مديون لفعله لأن يوجد مميزات.

 هذه المفاهيم عبارة عن حلقة مفقودة عند كثير من المؤمنين، فلم يعودوا يشعرون بالالتزام والمديونية، وكانت نتيجة هذا عبارة عن حياة متسيبة مليئة بما يسمى بالضعف الروحي. لا يوجد بما يسمى كتابيًا ب “الضعف الروحي” لكن يوجد ضعف إيمان؛ أي أن الشخص لم يعد يرى الأمر كما يراه الرب، وليس أنه ضعيف روحيًا ويوجد عنده سقطات وضعف.

 لا يوجد ذكرًا لجمل مثل هذه بالكتاب المقدس، لكن ما ذُكِر بالكلمة هو أن تسير بالإيمان مما يجعلك ترى الحقائق الإلهية بطريقة صحيحة، وتمتلئ بالفكر الإلهي، فالغِنى للرب هو املائك بالفكر الإلهي وينتج عنه امتلائك بالروح القدس، لأن الروح والكلمة يتحركان سويًا.

 ▪︎ معنى الالتزام من شواهد مختلفة في الكتاب المقدس:-

 تذكر كلمة “غِنى” استُخدِمَت في كلام الرب يسوع بمعنى الأشياء التي جمعتها لمن تكون؟ ويقصد، ما نهاية ما قمت بتخزينه؟ بالطريقة ذاتها ما الذي تخزنه في تفكيرك.

 “كذلك أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا»” (لوقا ١٧: ١٠).

 جائت كلمة “يجب” بمعنى ينبغي، ويُوحي لفظ “يجب” بشيء من الصرامة. ولكنها غير واضحة في اللغة العربية بهذا الشكل، وتأتي في ترجمة أخرى بمعنى مدونون لهذا.

 “اسْتَحْسَنُوا ذلِكَ، وَإِنَّهُمْ لَهُمْ مَدْيُونُونَ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الأُمَمُ قَدِ اشْتَرَكُوا فِي رُوحِيَّاتِهِمْ، يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْدِمُوهُمْ فِي الْجَسَدِيَّاتِ أَيْضًا (رومية ١٥: ٢٧)

 “انْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ (احرسوا انفسكم) لِئَلاَّ نُضَيِّعَ مَا عَمِلْنَاهُ، بَلْ نَنَالَ أَجْرًا تَامًّا” (٢ يوحنا ١: ٨)

 “أَجْرًا” تأتي في اليونانية ” misthos، μισθός” وهي ذات كلمة ينبغي في اليونانية وتعني في الأساس حالة الالتزام ” opheilō ، ὀφείλω”وحالة الربط والتعهد، فُقِدَ هذا الالتزام عند المؤمنين، التزموا في بداية قبلوهم ليسوع ثم حدث انحدار روحي، وعدم تصحيح وتوبيخ هذا أدى إلى الاعتيادية وعدم الالتزام.

 على سبيل المثال: إن كنت معتادًا على طريقة معينة طوال حياتك وجئت لأخبرك بالابتعاد والإقلاع عنها، ستعتقد أنها منطقة راحة لك، لكنها في حقيقة الأمر هي منطقة دمار، وترجع في النهاية وتصرخ ولا تعلم ما حدث لك، فرصيدك السابق يُحدَّد ما ستفعله، ولكن فَهْم مبادئ الكلمة يفسر لنا سبب حدوث بعض الأشياء معنا.

 ▪︎ رصيدك السابق يُحدِّد ردود أفعالك:-

 “٣٥ وَقَالَ لَهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ: «لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ». ٣٦ فَصَرَفُوا الْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضًا سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ. ٣٧ فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. ٣٨ وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» ٣٩ فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. ٤٠ وَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا؟ كَيْفَ لاَ إِيمَانَ لَكُمْ؟»” (مرقس ٤: ٣٥-٤٠)

 نستطيع أن نرى في هذه القصة أنّ رصيدنا السابق يحديد ما سنفعله فيما بعد، كان رد فعل التلاميذ مخالفًا عن رد فعل الرب يسوع. صيغت هذه القصة في اليونانية بكلمات قوية جدًا، حيث شرحت لنا حدوث رياح عظيمة جدًا جدًا وغير معتادة، كانت تنزل أسفل الموجة مثل كبشة اليد وتعود تضرب السفينة، وهذا غير طبيعي.

 اللفظ المُستَخدَم في “٣٧ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ” هو ذات كلمة إبليس، هو شخص يطرق، يحاول أنْ يكسر ويخترق، لكن انتبه لم يقف الرب يسوع ليقول: “يا ليتنا ما ذهبنا في هذا اليوم، من المفترض أن نأخذ حذرنا لئلا تحدث نوه أو أي شيء خطير يأتي علينا” لم يتكلم الرب هكذا؛ لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان (متى ١٢: ٣٤).

 تشرح لنا اللغة اليونانية أن الرياح هي العدو وليس الموج، ولكي تفهمني أكثر سأعطيك هذا المثال: يَظهَر لنا أن غلاء الأسعار أو قرارات معينة هي العدو. لا، يوجد قوة وراء الشيء. سنرى الرب يسوع وطريقة تعامله مع العنصرين “الأمواج والرياح”، وكيف تعامل مع تشريح الموضوع وهذا يعود على ما لديه من رصيد سابق.

 ماذا عن رصيدك، ماذا يحدث عندما تسمع خبرًا سلبيًا؟ كيف تتعامل معه؟ هل أنت غَني بالمبادئ الكتابية في ذهنك؟ هل تفكر في هذه المبادئ في ذهنك عندما تستقبل مكالمة أو إيميلاً أيًا كان نوع عملك، أم يُخطَف قلبك داخلك من القلق، أم لديك القوة للتعامل مع الموقف وتظل مُصِّرًا وراء الأمر حتى يحدث ولا يوجد احتمالية فشل؟ هذا يعود على الرصيد الذي داخلك.

 أما عن رد فعل التلاميذ فكان: “٣٨ فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟»”

 كان الرب يسوع في مؤخرة السفينة نائمًا على وسادة، وأتوا التلاميذ لإيقاظه، ليس بطريقة هادئة لكن أقاموه بالقوة، عَنّفوه سحبوه، أيقظوه بعنفٍ شديدٍ، وفززوه من النوم، وكما تشرحها لنا اللغة اليونانية فهي ذات كلمة “قيامة الأموات” في الأصل، وصرخوا: “يا معلم أما يهمك أمرنا أننا نهلك؟!” والتي تعنى في اليونانية، “ألا تعتني بنا؟ هل ترانا؟ أم أنك لا تشعر بنا، ولا تُبالي أو تعتنى بنا؟!” لغة اتهامات للرب!

 يَسْتَضِم كثير من الناس في الرب عندما يحدث لهم موقفًا فيقولون: “الرب لا يرانا، أين هو الرب؟ أنا أصلي وأسير في طريقه ولم يحدث شيئًا!” لغتك هذه تظهر لي أنك لم تكن تصلي بقلبك حقًا، وإلا كنت ستُكمِل بالصرامة نفسها التي بدأت بها، دون وجود احتمالية فشل، لأنك تسير مع هذا الإله وغني له وفاهم لمبادئه، وتعرف جيدًا أنك ستواجه مثل هذه المواقف دون حيرة.

 ماذا فعل الرب يسوع وما هو رد فعله؟ قام وانتهر “الأرواح” التي هي الريح وليس الأمواج. وكلمة “انْتَهَرَ” في اليونانية تعني؛ هَجَمَ عليها حَقَّرَ منها، لم يتكلّم معها بطريقة عادية، بل بتحقير.

 استَخدَمَ الرب هنا قوة روحية تجاه العامل الأساسي “الأرواح، الرياح” وليس النتيجة “الأمواج”، هذه القوة تحتاج لرصيد سابق لكي ترى ما وراء الأحداث والمواقف. فالتلاميذ نظروا إلى ما يحدث في العيان وقالوا: “أوه، هذا سيؤدى بنا للموت!” ولم يفعلوا شيئًا تجاه الموقف.

 دعونا نفهم شيئًا عن إنجيل مرقس: لم يكن مرقس هو كاتب هذا الإنجيل بل أخذه نقلاً عن بطرس حسب تاريخ الكنيسة. رفض بولس اصطحاب مرقس معه في الخدمة لمدة عشر سنوات إذ لم يكن متدربًا جيدًا كباقي الرسل، ثم عاد وقبله ثانية في الخدمة.

 لا تنسَ أن بيت عائلته هو العلية التي كان يجتمع فيها تلاميذ الكنيسة الأولى، قصد الرسول بطرس توضح نقطة الثبات لنا في هذه القصة، مُظهِرًا أنها مشكلته من البداية، ويُفصِّل لنا أمورًا خاصة بالتلاميذ، ولما كانوا غير ثابتين.

 نام الرب يسوع على وسادة وليس على ذراعه، في مؤخرة السفينة المكان الأكثر راحة وهدوءًا بعيدًا عن الضوضاء والإزعاج، أقول هذا لمن يعتقد أن الخدمة ينبغي أن يعاني فيها الخادم ويشقى، نعم ستعبر في أحداث كهذه، ولكن لا تسعَ أنت لها. نمت أنا وأسرتي في السيارة ذات مرة ولم يُزعجنا الأمر، فهناك مواقف في الخدمة فيها شقاء، لكن لا أسعى أنا له عندما توجد الراحة.

 يشرح لنا رد فعل الرب يسوع ما وراء الأحداث، لم تكن نوه أو رياح عادية، لكنها حالة تدمير وتكسير تضرب السفينة، وتريد أن تملأها بالماء، التلاميذ ناظرين لما يحدث وكانت الأحداث مرعبة لهم وهائجة، أما الرب يسوع فقام وانتهر الريح هجم عليها وحقر منها، تعامل مع السبب وهي الأرواح “الرياح” وليس الأمواج، وتحدث إلى البحر وقال: “أهدأ، أهدأ، أهدأ، اقعد ساكت!”

 ربما تُبرِر خوف التلاميذ على إنه حكمة، وليس خوف، فهناك مَن يُسمون الخوف حكمة، وآخرون يقولون: “يسوع موجود، لن نصنع نحن شيئًا” ومن هنا جاءت ترانيم مثل، “ما دمت في سفينتي ربى فأنا مرتاح” مما أدى إلى إزالة الإرادة الإنسانية بتعليم غير كتابي مُمَنهج أن الإنسان لا يفعل شيئًا، في حين أن الرب وبخ هذا السلوك عند التلاميذ وقال لهم: “لماذا لم تفعلوا شيئًا، لماذا كل هذا الخوف والرعب” مما يجعلنا نفهم تشخيص الموقف وهو “خوف التلاميذ”.

 ربما تسمعني وتقول: “أشعر بنا يا أخي، فيسوع كان حنونًا ويطبطب على الناس” هذا ليس صحيحًا فلم نجده في هذه القصة يطبطب، بل وجدناه يُعلِّم طبقًا لمستوى الشخص، موبخًا تلاميذه: “كيف لا إيمان لكم!” لاحظ لم يقل: “يا قليلي الإيمان” مما يعنى أنهم فعلوا شيئًا جعلهم يصلون لمرحلة أنهم فارغين من الإيمان “صفر إيمان”

 ممن الممكن أن تجيبني: “فعل التلاميذ إنجازات ضخمة وأشياء كثيرة” وهنا المشكلة أن يشفع الشخص لنفسه ليجد عذرًا لأخطائه، ليس معناه أن تتحسر وتعصُر نفسك، لكن لتفهم أنه لديك إيمانًا في مواقف وأخرى لا، أو لديك إيمانًا في زاوية وزاوية أخرى تخاف ترتعب منها، وهذا لن يظهر إلا بجلوسك أمام الكلمة لتكشف لك ما هي حالتك.

 لكي تمتلئ بهذا الإله، ينبغي أن تلتزم بشحن نفسك يوميًا، لا يرتبط الأمر فقط بالحب والمودة وعدم الاستحقار لهذا الإله، لكن لا بد عن عمد أن تمتلئ كل يوم بالكلمة، كما تعتنى وتهتم أيضًا بجسدك، فشعورك بحتمية هذا شيء هو المفتاح لتكون غنيًا لله، وتمتلئ بحق كتابي نقي وليس تعاليم مزورة ومزيفة.

 وعندما تأتي المواقف تكون صلبًا، لا يوجد ما يجعلك تتراجع، حيث يوجد مَن يُشاهدونك ويُحبون السخرية منك، ويشترون تذاكر خصيصًا ليحضروا المسرحية التي بدأت تُرّويج لها، عندما أعلنت: “سأعبر من هذا الموقف والتحدي” وحينما تكون جالسًا في حالة من الهدوء، يأتي فجأة شخص آخر يضعك في رأسه ويستهزأ بك ويضع منشورات ضدك على الفيس بوك ويقول: “من تظن نفسك أنت؟!” والحل لهذا هو: الصبر!

▪︎ تحتاج إلى الصبر لتقف بثبات:-

 “٢٢ لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِق فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ. ٣٢ وَلكِنْ تَذَكَّرُوا الأَيَّامَ السَّالِفَةَ الَّتِي فِيهَا بَعْدَمَا أُنِرْتُمْ صَبَرْتُمْ عَلَى مُجَاهَدَةِ آلاَمٍ كَثِيرَةٍ. ٣٣ مِنْ جِهَةٍ مَشْهُورِينَ بِتَعْيِيرَاتٍ وَضِيقَاتٍ، وَمِنْ جِهَةٍ صَائِرِينَ شُرَكَاءَ الَّذِينَ تُصُرِّفَ فِيهِمْ هكَذَا. ٣٤ لأَنَّكُمْ رَثَيْتُمْ لِقُيُودِي أَيْضًا، وَقَبِلْتُمْ سَلْبَ أَمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ، عَالِمِينَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنَّ لَكُمْ مَالاً أَفْضَلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَبَاقِيًا. ٣٥ فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌ. ٣٦ لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ. ٣٧ لأَنَّهُ بَعْدَ قَلِيل جِدًّا «سَيَأْتِي الآتِي وَلاَ يُبْطِئُ. ٣٨ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي». ٣٩ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا مِنَ الارْتِدَادِ لِلْهَلاَكِ، بَلْ مِنَ الإِيمَانِ لاقْتِنَاءِ النَّفْسِ (العبرانيين ١٠: ٢٢، ٣٢-٣٩)

 أن تظل على حالتك السابقة، “٣٢ بَعْدَمَا أُنِرْتُمْ صَبَرْتُمْ” عندما يدخل النور والاستنارة إلى حياتك، تبدأ في السلوك بالصبر. يوضح الأبائيات أن الصبر هو القشطة الجميلة للفضائل المسيحية، أعلى وأفضل شيئًا، مثل (التورتة) هو أجمل وأفضل الفضائل والصفات.

 الصبر لا يعني تحمُّل واحتمال، بل هو وقوفك على أرضك بصرامة وثبات ضد العيان المضاد، لا تراجع تحت أي ضغط ولا تخشى العدو. وترفض أن يؤخذ منك الشيء الذي تمتلكه من تركيز وفرح وحبك للرب. ينبغي أن تصل لمرحلة محاربة الأفكار وتُحقِّر منها، وتُصَرِّح: “لا لن أنزلق ولن أسقط في هذا الأمر، أنا أرفض الانسحاب في العالم”.

 تذكر أن الرب يسوع قام وأنهر الرياح، عندما تجد ظروف تأتي بصورة متتالية هذا ليس طبيعيًا توجد قوة تحركها، الموج ليس هو العدو لكن عليك أيضًا أن تجعله يصمت، أما العدو فهو يحتاج انتهار وتحقير له وتضيع قوتك ضده. توجد قوة تخرج من داخلك ضد المواقف أو الظروف والأحداث التي تحدث باستمرار وتسحب وقتك، تعلم أن تقول “لا” للشيء الذي يسحب قوتك وتنتهر ما وراءه.

 “٣٣ مِنْ جِهَةٍ مَشْهُورِينَ بِتَعْيِيرَاتٍ وَضِيقَاتٍ” كانت الدولة الرومانية خارجة من الاغريق واليونان، اليونان هم أساس وجود فنون كثيرة جدًا إلى يومنا هذا نستخدمها دون أن نعلم. كانت الدولة الرومانية وقتها قوة طاغية تنفيذ الأجندة اليونانية، التي هي عبارة عن نظام الوحش منذ زمن بعيد. والمشهد اليوناني الخاص بهذه الكلمة هو لفظ مسرحي لأشخاص يريدون طوال الوقت اظهار عيوب الآخرين، مثل الناقض السنيمائي في يومنا هذا الذي يُدقق فيما يحدث، ويرصد أي أخطاء، فهؤلاء الأشخاص دائمًا يشاهدون ويستهزئون.

 لا تلعب مع الأرواح الشريرة بل ضعها في مكانها، لأنه بلعبك معها تصير ضخمة وهي في الواقع حقيرة وضعيفة جدًا. عندما يخبرك شخصٌ ما أنه سمع ضحكة الشيطان! تُرى ماذا فعل وقتها؟! تذكر ما فعله الرب يسوع عندما أستيقظ من النوم “انتهر وقلّلَ وحَقّرَ من الأمر”، أخذ رد فعل.

 غِناك لله مرتبط برد فعلك، كان رد فعل التلاميذ رعب وخوف وذعر وإتهام لله، لكن بعد فترة لن يكونوا هكذا، سيكونون صلبين وأقوياء، خاصةً بطرس كان دائمًا يسقك ويقوم، لكن بعد ما تمرنوا في الكلمة وقبلوا الروح القدس، لم يصبحوا بهذه الصورة المرعبة، بل صاروا مثل الرب يسوع ويفعلون الأشياء نفسها.

 “٣٥ فَلاَ تَطْرَحُوا ثِقَتَكُمُ الَّتِي لَهَا مُجَازَاةٌ عَظِيمَةٌسأشرح لك النبرة الصوتية كما تصفها اللغة اليونانية ” هِاي، هِاي، هِاي، انتظر، إياك أن تطرح ثقتك” فهي تصف حالة من اليقظة.

 “٣٦ لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ” يشجعهم الرسول هنا أن يعودوا يُفَعِلّون الصبر مرة أخرى، فهو حالة الوقوف بصرامة أمام العيان وليس حالة الاستسلام، فما كان ينقصهم هنا هو الصبر، عندما تسلك في مشيئة الله وتثبت؛ تنال ما كنت ترجوه، والسر هو أن تقف على أرضك بثبات

 عندما يخبرك أحدهم: “ضع إيمانك يا فُلان”. لا تجيبه: “أنت لا تعلم الأمر جيدًا”. لا، إنها حالة قاتل أو مقتول. تعلّم أن تضع قدمك حتى إن كنت غير دارس جيدًا، اسعَ في الأمر، حتى إن فاتك الكثير فالروح القدس سيساعدك.

 “٣٨ أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا إذًا عندما تصير أنت ممتلئ بالأيمان والكلمة، يبدأ الأيمان يعمل في حياتك.

 ▪︎ ما هي أعداء الالتزام:-

  • أولاً، الحزن:

 تخيل معي، يظن الأشخاص أن الحسرة والندم سيُبعدانهم عن الخطية، لكن هي نفسها عدو هذا الالتزام! يقول الكتاب: “حَقُّ الْمَحْزُونِ مَعْرُوفٌ مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ تَرَكَ خَشْيَةَ الْقَدِيرِ” (أيوب ٦: ١٤)

 تأتي في ترجمات أخرى على هذا النحو: “من حق الشخص المكسور والحزين حتمية وقوف صديقه بجواره وإلا سيترك مخافة الرب”. تأتي كلمة يقف بجواره في اليوناني والعبري من مشتقات “رحمة ورفعة”.

 المقصود بالتدخل السريع هو المساعدة فإن كنت تريد مساعدة شخص ما حقًا لن يكون إلا بإعطائه الكلمة وليس بالشفقة والطبطبة، أو تخبره: “لا بأس، ما حدث فقد حدث” عندما يخبرنا الكتاب أن الرب يتعامل معنا برحمة، لم تكن رحمته مجرد تعاطف بل أفعال، لذلك أول عدو هو الحزن ويمكنك الرجوع لسلسلة الحزن والفرح حسب مشيئة الله لتعرف المزيد عن هذا الموضوع.

٨ وَأُدْخِلُكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي أَنْ أُعْطِيَهَا لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَأُعْطِيَكُمْ إِيَّاهَا مِيرَاثًا. أَنَا الرَّبُّ»٩ فَكَلَّمَ مُوسَى هكَذَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا (لم يُصغوا) لِمُوسَى مِنْ صِغَرِ النَّفْسِ، وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ ” (الخروج ٦: ٨-٩)

 ٦ أَنَا الرَّبُّ” كم أن هذه الكلمة قوية جدًا في العبري، تعني “أنا القادر على كل شيء” تحتوي بداخلها القوة والقدرة، لكن لم يسمع الشعب لموسى من صِغر النّفْس أو قِصر النَّفَس. يُصَرِّح بعض الأشخاص: “ينفذ صبري سريعًا حتى إنني لا أطيق الانتظار لفترات طويلة” وإن حدث وتأخر شخص عليّ أتصل به وأنفعل، بالطبع يحق لك أن تخبره “أريد الشيء مبكرًا” لكن دون غضب أو غيظ، فهذه تدريبات لفشل زريع وبالتالي عندما تعبر في مواقف الحياة تكون تدربت مسبقًا على قِصر النَّفَس نتيجة العبودية القاسية.

 تجد هذا -كمثال- عندما تقابل شخصًا وتحدثه عن يسوع، فيجيبك: “الحياة صعبة” فتقول له: “أنا أخبرك بالحل!” لكنه يتعذّر ويجيب: “إن ذهني مشوش بمواقف الحياة” إن رأيته مُشوشًا فالحل لا يكمن في التحرير بل أن “يشتري من ويلتفت إلى” ويرى أنه يوجد أملاً في المواقف التي يمر بها.

 لذا افهم، العدو الأول الذي يجعلك تبدأ ولا تُكمِل هو الحزن. لا تظن أن الأمر بسيط، لأن صور الحزن لا تقتصر على جلوسك بوجه عابس أو حالة البكاء، ولكنه أيضًا هو حالة التأمل في أي أمور بها عيوب أو نقصان، ويبدأ بأفكار، أي فكرة تمر على ذهنك تصيبك بإحباط ولو بسيط هي مرور أرواح شريرة على ذهنك، وتساوي أنك سمحت بكل النظام الشيطاني بالدخول إليك.

 حقًا الأمر دقيق للغاية، ولكي تنتبه له وتميزه ساعطيك هذه الأمثله: إن فكرت في شيء كسر في المنزل هذا حزن أو عندما تدخل المنزل وتجده غير مرتب فتتضايق، أو أن تفكر: ” ياااه عندي امتحانات بعد قليل أو سأعود غدًا للعمل” وتنظر للحياة كأنها جبل، فهذه تدريبات صغيرة لأمور كبيرة. أحذر التفكير بهذه الصورة يصيبك بالإحباط، ويجعلك لا تستطيع الاستمرار.

 يااه لو أنك ترى نفسك قادر على كل شيء، ولديك عقلية التفكير الثابت على “كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا” (فيلبي ٤: ٨) لا تفكر في الاحتياجات بل لتفكر في التسديدات التي سيساعدك الروح القدس فيها. وياله من نتائج ستجنيها إن كنت تثبت تفكيرك في الأمور بهذه الصورة. بفعلك هذا تكون استطعت رفع حجرًا من الحجارة التي تثقلك وتعيقك عن الاستمرار.

 إن كنت تقول: “لا أعرف ما المشكلة! فأنا أسقط في الخطية كثيرًا وأُسحب فيها فجأةً مع إنني أدرس الكلمة!” تكشف لك كلمة الله أنه يوجد ثغرة تسمح بدخول الفأران، بدراستك للكلمة أنت بنيت البيت ووضعت المبادئ الصحيحة، هذا جميل! يوجد ناس لم تدرس الكلمة بعد أحذر، كن حماسي! واحذر من الثعالب التي تُخرّب حياتك وأولهم هو الحزن واليأس؛ لأنه يجعلك تشعر بصِغر نّفْس وتكون قصير النَّفَس وللاثنين معنى واحد في العبري.