القائمة إغلاق

اصحوا واسهروا – الجزء 6 Be Sober, Be Vigilant – Part

 

لمشاهدة العظة على الفيس بوك أضغط هنا 

لمشاهدة العظة على اليوتيوب 

العظة مكتوبة

▪︎ هل الرب هو اللص؟!

▪︎ جريمة في الأقداس!

▪︎ المسيح العاصي لكلام العيان الكاذب!

▪︎ كيف تكون الكنيسة بلا غضن وبلا تجاعيد؟

▪︎ كلمات تصيب بالحول!

▪︎ تحذّروا من خمير الكتبة والفريسيين.

▪︎ هل كل الوعاظ يعظون بكلام ربنا؟

▪︎ جرائم لم يجرّمها أحدٌ!

▪︎ لا تنسى حقيقتك ومن أنت.

▪︎ انتبه لكلماتك.

▪︎ وصايا ذهبيّة.

 

 قبل أن أبدأ في إكمال الحديث عن “اصحوا واسهروا” أود أن أرد على بعض الأسئلة التي وردت بخصوص ماهية السارق في النص الموجود في (لوقا ١٢)

▪︎ هل الرب هو اللص؟!

لنعرف ذلك دعونا نقرأ النص معًا.

“٣٥ «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، ٣٦ وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. ٣٧ طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. ٣٨ وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. ٣٩ وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. ٤٠ فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ».” (لوقا ١٢: ٣٥-٤٠).

 يعتقد البعض أن اللصّ في هذا النص هو الرب وذلك بسبب وجود تشابه بين الاستعداد لمجيء الرب وبين السهر والاستعداد لمجيء اللص في عدد ٣٩، لكن سبق أن وضحت أنه توجد شريعة موجودة بوضوح في (خروج ٢٢) عن الدفاع عن النفس في حالة تعرُّض الشخص للسرقة، كان يحق للشخص أن يدافع عن نفسه وبيته من اللص حتى وإن اضطر لقتله، تلك العقيدة كانت موجودة بشكل راسخ في أذهان المُستمِعين وقتئذ.

 إن كلمة “وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ” تعني: لم يدعه يُسرَق أي يتم حفره لسرقته، كما أن كلمة “يُنْقَبُ” من الممكن أن تعني يزرع أيضًا، فالنقب هو فتح الأرض للزراعة أو فتْح وحفْر جزء من البيت للسرقة. في الماضي كانت تُبنَى البيوت من الطين حتى إن اللصوص يمكن أن يحفروا أي مكان من البيت ليسرقوه. يتحدث النص هنا عن حالة السهر التي يدعونا الرب إليها لكيلا يتم سرقة بيتنا.

 مع العلم أن العالَم سيُسمِي الرب في مجيئه لصًّا وذلك لأنه بمجيء الرب سيُخطَف العديد من أصدقائهم ومعارفهم وأقاربهم، لذلك سيسمونه خاطفًا ولصًّا.

 إن الهدف الرئيسي في هذا المقطع هو التركيز على السهر لذلك قال “٣٨ وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا (أي ساهرين)، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ.”

 كلمة “طُوبَى” تعني بركة، توجد كلمتان في اليونانية تفيدان معنى البركة، الكلمة الأولى تعني بركة والكلمة الثانية وهي كلمة “مكاريوس” في الأصل اليوناني وتعني البركة غير العادية، وهي الكلمة المذكورة في النص الذي نحن بصدده الآن.

 “أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ” المقصود به هنا “سارق السهر”. في هذا المَثَل يشبه الأمر بشخص يقول لصاحبه: “احفظ هذه الوديعة لديك وسآتي لآخذها ليلاً، لكن انتبه لأنه هناك مَن يتربّص بك لكي يسرقها منك”.

 “لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً”، يحكي لنا سِفْر الخروج أنه عند خروج شعب الرب من مصر كانوا لابسين أحذيتهم في أرجلهم وأحقاؤهم مشدودة استعدادًا للرحيل في أي لحظة (خروج ١١:١٢)، لذلك احذروا من أي تعطيل لسهركم، فالرب يحذّرهم من أي شيء يسرق الانتباه ويسحبه، الهدف كله هو السهر، والحفاظ على قلب الساهر، فهو يتوقّع أن يأتي السارق من أي اتّجاه لينقب في أي حائط ليدخل إليه ويسرقه، لذلك ينبّهنا؛ “كونوا ساهرين، حافظوا على سهركم من السرقة”.

دعنا نلقي نظرة سريعة أيضًا على النص الموجود في (١ تسالونيكي ٥: ٢):

“٢ لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيءُ (بالنسبة لأهل العالم). ٣ لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: «سَلاَمٌ وَأَمَانٌ»، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً، كَالْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى، فَلاَ يَنْجُونَ. ٤ وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ كَلِصٍّ.” (١ تسالونيكي ٥: ٢-٤).

 هنا لا يتحدث عن الرب كلصّ ولكنه يتحدث عن رؤية العالم للرب كلصّ.

▪︎ جريمة في الأقداس!

يحدثنا (لاويين ١٠) عن خطورة عدم السهر.

“١ وَأَخَذَ ابْنَا هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَارًا وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُورًا، وَقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَارًا غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا. ٢ فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ. ٣ فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «هذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلاً: فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ». فَصَمَتَ هَارُونُ. ٤ فَدَعَا مُوسَى مِيشَائِيلَ وَأَلْصَافَانَ ابْنَيْ عُزِّيئِيلَ عَمِّ هَارُونَ، وَقَالَ لَهُمَا: «تَقَدَّمَا ارْفَعَا أَخَوَيْكُمَا مِنْ قُدَّامِ الْقُدْسِ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ». ٥ فَتَقَدَّمَا وَرَفَعَاهُمَا فِي قَمِيصَيْهِمَا إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ، كَمَا قَالَ مُوسَى. ٦ وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَأَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ ابْنَيْهِ: «لاَ تَكْشِفُوا رُؤُوسَكُمْ وَلاَ تَشُقُّوا ثِيَابَكُمْ لِئَلاَّ تَمُوتُوا، وَيُسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فَيَبْكُونَ عَلَى الْحَرِيقِ الَّذِي أَحْرَقَهُ الرَّبُّ. ٧ وَمِنْ بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لاَ تَخْرُجُوا لِئَلاَّ تَمُوتُوا، لأَنَّ دُهْنَ مَسْحَةِ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ». فَفَعَلُوا حَسَبَ كَلاَمِ مُوسَى. ٨ وَكَلَّمَ الرَّبُّ هَارُونَ قَائِلاً: ٩ «خَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضًا دَهْرِيًّا فِي أَجْيَالِكُمْ ١٠ وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ وَبَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ.” (اللاويين ١٠: ١-١٠).

 إنّ أمْر الرب لهم في عدد ٩ بعدم شرب الخمر والمسكر عند دخولهم أمام الرب في خيمة الاجتماع يجعلنا نعتقد بشكل كبير أن ناداب وأبيهو قد شربا مسكرًا وهذا ما جعلهما يقدمان نارًا غريبة مِمّا لم يأمرهما به الرب فماتا أمام الرب في خيمة الاجتماع. لابد أن تكون بكامل وَعْيّك وتركيزك أمام الرب، فحالة السُكْر قد تُكلِّفك حياتك مثلما حدث لناداب وأبيهو ، حالة السكر من الممكن أن تساوي أمراضًا أو خسائر جسيمة، فانتبه وكن في وَعْيّك دائمًا.

▪︎ المسيح العاصي لكلام العيان الكاذب!

 دعونا نقرأ معًا الأشياء الأخرى التي يجب أن ننتبه إليها ونحن في حالة الصحيان والسهر:

 في (مرقس ٥) نرى حالة الخوف والجزع والرهبة حين يضع شخصٌ ما إيمانه في الرب بخصوص أمر أو مشكلة ما ليتمّ علاجها لكن إنْ ازداد الوضع سوءًا، ماذا يكون ردّ فِعْلك حينئذ؟ شرحتْ في سلسلة “لا أترككم يتامى” أن الروح القدس يتعامل معنا كما تعامل الرب يسوع مع تلاميذه، لذلك حينما ترى موقفًا أمامك ربما يقول لك الروح القدس: “تجاهل ما تسمعه، أنا لا أعطيه مقدارًا فلا تعطيه أنت أيضًا مقدارًا”. دعونا ننظر ما حدث في. (مرقس ٥).

“٢١ وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضًا إِلَى الْعَبْرِ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ. ٢٢ وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، ٢٣ وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيرًا قَائِلاً: «ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا!». ٣٥ وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءُوا مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: «ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟» ٣٦ فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ». ٣٧ وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ إِلاَّ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ، وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ. ٣٨ فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجًا. يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيرًا. ٣٩ فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». ٤٠ فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَخَلَ حَيْثُ كَانَتِ الصَّبِيَّةُ مُضْطَجِعَةً، ٤١ وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: «طَلِيثَا، قُومِي!». الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي! ٤٢ وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ الصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لأَنَّهَا كَانَتِ ابْنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتًا عَظِيمًا. ٤٣ فَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ بِذلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.” (مرقس ٥: ٢١-٢٣، ٣٥-٤٣).

 كان يايرس واحدًا من رؤساء المجمع. يختلف المجمع عن الهيكل، فالهيكل واحدٌ ولكن كانت توجد مجامع كثيرة مُنتشِرة في كل مدن شعب إسرائيل يجتمعون فيها لقراءة التوراة وكان يلزم ألا ينقص عدد المجتمعين عن عشرة أفراد ليكتمل النصاب الشرعي لاجتماعهم باسم الرب، الفِكْر الإلهي منذ القديم أن يكون الإنسان في وسط جماعة، لكن يسوع له المجد وضع قاعدة جديدة وهي أنه سيقبل اجتماع اثنين أو ثلاثة باسمه (متى ٢٠:١٨).

 كان الرب يخاطب أذهان تفهم معنى “المِينايم” الذي هو أقل عدد لاجتماع جماعة باسم الرب، يمكنك دراسة هذا على الإنترنت. كان بطرس غنيًّا وليس فقيرًا كما يعتقد كثيرون، كان يمتلك منزلاً بجوار المجمع، أيضًا كانت الصفوف الأولى في المجامع لأولئك أصحاب المنازل التي حول المجمع التي يمتلكها شرفاء المدينة والأغنياء فيها حسب ما جاء في الخلفية التاريخية.

 رئيس المجمع دائمًا ما يكون رجلاً شريفًا، غنيًّا، موثوقًا فيه، ذا ثقلٍ اجتماعيٍّ وأدبيٍّ وماديٍّ في المدينة.

 “٣٦ فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ (في الحال) الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ»”

 نقرأ أن يسوع سمع كلامهم عن موت ابنة يايرس، فقال له: “لا تخف، آمن فقط”. الحقيقة أن الترجمة العربية لم تكن مُوفَّقة في ترجمة كلمة “سَمِعَ”، لكن الترجمة الأدقّ لتلك الكلمة هي إنه “عصي” الكلام الذي تكلّموه أو رفضه وتجاهله أو تغافل عنه وقال له لا تخف، آمن فقط.

 أَمْسَكَ يسوع بقلب الرجل في الحال “لِوَقْتِهِ” لأنه كان يعرف أهمية قلبه وإيمانه في اتمام المعجزة. كيف تكون صاحيًا وساهرًا؟ بأن تستمع لكلمات الروح القدس التي تومئ لك: “العيان الذي رأيته أو سمعته أنا لا أعطيه اعتبارًا، فقط أكمل مسيرك معي ولا تعطيه أنت أيضًا اعتبارًا، أكمل في إيمانك”.

 كثيرًا ما يتكلّم الروح القدس إلى قلبك في مواجهة المواقف المختلفة ويقول لك اعصِ ما تسمعه من عيان، لا تعتبره، أكمل في إيمانك بالرب وفي ثقتك فيه. تلك هي تقوية الروح القدس لك، تحدث تلك التقوية بأن تأخذ انطباعاته وكلماته الخفيفة لقلبك فتتشدّد.

 الصحو والسهر هو أن لا تعطي اعتبارًا للعيان. سيأتي العيان ويزداد شراسةً لكن لا تعطِ له انتباهك، بل خُذّْ انطباعات الروح القدس، استمعْ لرأيه، تحتاج في كافة مواقف حياتك أن تسمع لصوت الروح القدس ليس فقط في غرفة صلاتك -الذي هو أمرٌ هامٌ جدًا- فقط لكن تعلَّم أن يكون لديك انطباعٌ وتقديرٌ ورؤيةٌ وأنت في ذات الموقف بالتفاتك وانصاتك لإيماءات الروح القدس لك حسب كل موقف.

 اصحَ، كي لا تشرب من العالم بل لكي تستطيع التعامُل مع العالم بصورة انتقائية. تعامل مع أشخاص كثيرين لكن لا تعطِ إصغاءك وانتباهك لكلماتهم التي غالبًا ما تكون غير مصحوبة بحكمة الروح القدس ونعمته بل بحكمة وطريقة تفكير العالم الباطلة. انتقِ الأمور واغلق قلبك كي لا تأخذ شيئًا من العالم، ثم بعد ذلك اسهر وتحذّر حتى تكمّل المشوار في السهر، فالسهر هو حالة يقظة وتأهُّب. كن في حالة تأهُّب بينما أنت جالس مع أي شخص، أو حتى أثناء استخدام هاتفك المحمول.

▪︎ كيف تكون الكنيسة بلا غضن وبلا تجاعيد؟

 يحدث ذلك بأن لا تأكل من العالم ولا من عناصره. تَألَّمَ الرب يسوع مُجرَّبًا وكان يعتمد في مسيرته في الأرض على الروح القدس وتخلى عن السلوك بأحقيته كأقنوم بل اعتمد دائمًا على شركته مع أبيه والروح القدس، فصار مثلنا تمامًا، هللويا لنصير نحن مثله.

 تكلَّمَ يسوع إلى الجمع الذين يبكون حول الصبية بكل هدوء قائلاً: “«لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ». ٤٠ فَضَحِكُوا عَلَيْهِ.” فأخرجهم خارجًا لأنه يحتاج الى تركيز بعيدًا عمّا يفكرون فيه، أنت أيضًا تحتاج إلى تركيز في كلمة الرب بعيدًا عن تفكير العالم، لا تتماشى مع التفكير في ارتفاع الأسعار، ولا تهتم كيف ستعول عائلتك، ليكن لديك عصيان التفكير ليس لقادتك الروحيين بل ضد العيان الكاذب، قُلْ لنفسك: “إن صار عاليًا فأنا أعلى منه لأن الأعلى يسكن في”. إن فعلت هذا فأنت بذلك تحافظ على إيمانك.

 قال الرب ليايرس: «لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ». استمرْ في إيمانك، لا تسمح للخوف بالتسرُّب إلى قلبك، فسار يايرس بنفس الطريقة التي سار بها الرب لذلك نجحت معجزته وأخذ ابنته من الموت بإيمانه. كان ليايرس يدٌّ في هذه المعجزة، لولا هذه اليدّ لفشل الأمر ولم يكن لينال معجزته.

 دعونا نرى زاوية أخرى من حالات السهر والصحو وهي ليس فقط الخوف والقلق بل دعونا نحترس من التعاليم غير النقية.

▪︎ كلمات تصيب بالحول!

“١ لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً! بَلْ أَنْتُمْ مُحْتَمِلِيَّ. ٢ فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ. ٣ وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ. ٤ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الآتِي يَكْرِزُ بِيَسُوعَ آخَرَ لَمْ نَكْرِزْ بِهِ، أَوْ كُنْتُمْ تَأْخُذُونَ رُوحًا آخَرَ لَمْ تَأْخُذُوهُ، أَوْ إِنْجِيلاً آخَرَ لَمْ تَقْبَلُوهُ، فَحَسَنًا كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ.” (٢ كورنثوس ١١: ١-٤).

 “وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ.” إن الكلمة المُترجَمة “أَخَافُ” هنا تعني “لديّ تحذير وإنذار داخلي”. هنا بولس يخاف عليهم لئلا يخدعهم إبليس ويفسد أذهانهم كما فعلت الحية مع حواء قديمًا.

 كلمة “الْبَسَاطَةِ” تعني “الوحدانية في التفكير” التي في المسيح، هذا يعني أن أي تعليم غير كتابي يجعل يسوع غير مُوحَّد أي غير واضح لديك وكأنك ترى صورتين للموقف وليس صورة واحدة، هو ليس كتابيًا.

 في هذه الكلمة “الْبَسَاطَةِ” يستخدم الوحي كلمة كانوا يعبّرون بها عن حالة الحَوَل في العينين، لأنه كان يتحدث عن كيفية رؤية الشخص للصورة في مواقف الحياة المُختلِفة، هل لديه فكرتان، أم فكرة واحدة؟ إجابتان متضادتان أم إجابة واحدة؟ وهنا يخبرهم بولس بخوفه عليهم من أن يكون لديهم صورتان للموقف وليس صورة واحدة.

 إن أذهانهم هي الهدف الشيطاني لذلك قال لهم: “تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ” وشبههم بعذراء عفيفة يخاف من أن يلوّثها الشيطان بأفكاره. أي فِكْر غير كتابي يدخل الذهن حتى وإن بدى كتابيًا سيفسد الذهن ويجعله يرى صورتين وليس صورة واحدة، لذلك قال لهم:بِيَسُوعَ آخَرَ” و “إِنْجِيلاً آخَرَ” أشياء لها نفس الاسم.

 حيث إن الذي يُكرز لهم لم يقل لهم ألّا يعبدوا يسوع لكنه كان يقول لهم إنه يحب يسوع مثلهم ويكرز به، لكنه يفسّر الكلمات بطريقة مُختلِفة عن طريقة يسوع تجعلهم يرون مشهدين وليس مشهدًا واحدًا، مِمّا جعل عندهم مفاهيم مُزدوَجة للحياة غير المفهوم الوحيد الذي كرز لهم بولس به.

 لم تكن تلك هي غيرة بولس فقط عليهم بل أيضًا غيرة الله وحماسه تجاههم، هذا الإله الرائع يتحمّس لنا. إن كنت تقول في قلبك: كيف يسمح الله بهذا الأمر؟ فأنت لازلت تفكّر بشكل غير كتابي مُعتقِدًا أن الله هو من سمح به وبذلك فأنت تضيّع وقتك، كذلك هناك بعض الأسئلة التي تبدو مستقيمة مثل: لماذا حدث هذا الأمر؟ بدلاً من أن تقول: أنا أعرف جزء من الإجابة ولتكن نصف الجواب، وبينما أنت تصلي وتدرس الكلمة ستعرف النصف الآخر، كما سبق أن ذكرتْ، فإننا نبدأ من الجزء المعروف إلى غير المعروف.

 لكن إن كنت تقف بعيدًا تنظر إلى الموقف قائلاً: لا أدري لماذا حدث هذا؟ فأنت بذلك تُزيد من الحيرة التي لديك فلن تستطيع أنْ تلتقط إيماءات الروح القدس لقلبك، أما إن وقفت وقلت: أنا أعرف أن الرب لا يمكن أن يصنع شرًا، بالتأكيد هذا ليس الرب -حتى لو كانت الحالة حالكة السواد، لكنك تنظر إلى العيان بحالة من التجاهُل، وتتشبّث بالروح القدس، فأنت بذلك تُكرم إلهك وتخطو في طريق الحل الكامل للمشكلة.

 لهذا السبب يخبرهم بولس بخوفه عليهم إذ بدأوا في السماح بدخول فِكْر غير كتابي ستكون نتيجته إنهم صاروا مُرتبِطين بتلك الأفكار، وسيفقدون حالتهم كونهم عذراء عفيفة للمسيح، وسيصيرون وكأنهم قد تزوجوا بشخص آخر! ومن ناحية الفكر سيصيرون مُبصِرين مشهدين لا مشهدًا واحدًا.

 في خضم الموقف الصعب سوف يظهر معدن الشخص وإن كان قد تلقَّى الكلمة بنقاء أم لا، إن كان يثور على الناس وعلى الرب ويُكثِر الشكوى، والاصطدام بالآخرين، هنا سيظهر معدنه إن كان نقيًّا أم لا، هنا سيظهر مدى قوة أو ضعف الإنسان كما يقول الأمثال.

“إِنِ ارْتَخَيْتَ فِي يَوْمِ الضِّيقِ ضَاقَتْ قُوَّتُكَ.” (الأمثال ٢٤: ١٠).

 شرحتها سابقًا وقلت إن معناها هو إنك إن ارتخيت ولم تواجه الموقف بشراسة في يوم المشكلة الصعبة، فاعرف أن قوتك كانت قليلة من قبل أن تأتي المشكلة، لأنك لم تُعدّ نفسك لوقت مثل هذا الوقت الصعب، فالمشكلة لم تفعل شيئًا سوى إظهار قلة قوتك. لذلك في العدد ٥ من نفس الإصحاح يقول:

“اَلرَّجُلُ الْحَكِيمُ فِي عِزّ، وَذُو الْمَعْرِفَةِ مُتَشَدِّدُ الْقُوَّةِ.” (الأمثال ٢٤: ٥).

 لنلاحظ هنا أن سِفْر الأمثال من ضمن الأسفار التي كُتِبَتْ بالصيغة الشعريّة في اللغة العبرية، لذلك نجد أبيات تردّ على أبياتٍ أخرى، فهذا العدد يردّ على العدد السابق ذِكْره (عدد ١٠).

 يريد الكاتب أن يوضح وجود علاقة بين المعرفة لدى الشخص وبين قدرته على مواجهة المشكلة.

 نحن نتحدث عن تحذيرات في كيفية أن نصحو ونسهر، هناك قذائف تُرمَى عليك، هناك محاولات لفتح ثغرات في جدران حياتك لكي يتم نقبك وسرقتك! من أين المدخل الذي يحاول إبليس أن يخترقك منه؟ توجد تحذيرات وتنبيهات لك كيلا تُنقَب. دعونا ننظر تحذيرًا آخر مُهمًّا:

▪︎ تحذّروا من خمير الكتبة والفريسيين:

“١ وَفِي أَثْنَاءِ ذلِكَ، إِذِ اجْتَمَعَ رَبَوَاتُ الشَّعْبِ، حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِتَلاَمِيذِهِ: «أَوَّلاً تَحَرَّزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ الَّذِي هُوَ الرِّيَاءُ، ٢ فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. ٣ لِذلِكَ كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ، وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأُذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ.” (لوقا ١٢: ١-٣).

“٦ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا، وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ». ٧ فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزًا». ٨ فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزًا؟ ٩ أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ وَلاَ تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ؟ ١٠ وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ الآلاَفِ وَكَمْ سَّلاً أَخَذْتُمْ؟ ١١ كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟» ١٢ حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ.” (متى ١٦: ٦-١٢).

 ماذا تفعل الخميرة؟ إنها تخمر وتنتشر، توجد تعاليم خاطئة تصيب تعاليم صحيحة في قلبك وأنت لا تدري، ربما تسمع تعليمًا خاطئًا عن الارتباط فيصيب تعليمًا صحيحًا عندك عن الإيمان. ربما تكون قَبِلْت تعليمًا خاطئًا منذ سنين عديدة لكنه يؤثر ويضعف قبولك لتعليم سليم تسمعه اليوم!

 لهذا السبب كان الرب يسوع يحذّر، وكذلك بولس الرسول، من التعاليم الغريبة حتى لا يحدث تأثير على البساطة أو الوحدانية التي لك في المسيح، فوحدانية الفِكْر تتأثر بالتعاليم الخاطئة، والوحدانية هي الصلابة الداخلية لجسد المسيح. دعونا ننظر ماذا قال لهم المسيح عن خمير الفريسيين، لقد قال عنه؛ “الذي هو الرياء”.

 الرياء هو إظهار شيء عكس الحقيقة، مثل شخص يُظهِر إنه يحبك بينما الحقيقة إنه يبغضك، أو آخر يُظهِر إنه يكرم رجال الله لكن الحقيقة ليست كذلك، لذلك قال الرب يسوع:

“٦ فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ بِسَبَب تَقْلِيدِكُمْ! ٧ يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: ٨ يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. ٩ وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ.” (متى ١٥: ٦-٩).

وكذلك في مرقس ٧ :٦

“٥ ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ: «لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ، بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ؟» ٦ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا، ٧ وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. ٨ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ». ٩ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!” (مرقس ٧: ٥-٩).

▪︎ هل كل الوعاظ يعظون بكلام ربنا؟

 إن كنت ستسير مع إضافات البشر وتعاليم غير كتابية سيأتي وقت ترفض فيه تعاليم الرب، تلك الحقيقة تحطّم تمامًا فكرة أنه مادام الواعظ يمسك بالكتاب المقدس ويعظ منه فأي شيء يقوله حسنًا وهو كلام الله! ماذا لو كان يمسك بالكتاب ولكنه يقدّم تعاليم البشر؟ لقد كانوا يخرجون من الشريعة الإلهية تعاليم بشرية انتقدها الرب يسوع بنفسه، لذلك حَذَّرَ الرب من الخمير الذي هو الرياء.

○ ما هو الرياء من وجهة نظر الرب؟

 لقد قال الرب “يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا.” (متى ١٥: ٨).

 هناك فرق بين “بِشَفَتَيْهِ” و “بِفَمِهِ”. دعونا نرى الخلفية اليهودية لهذا الأمر: حين نقول أن شخصًا ذاق الطعام بشفتيه تختلف عن آخر أكل الطعام بفمه ومضغه لكن لم يبلعه، الاثنان يختلفان عن شخص مرّ الطعام على شفتيه وأسنانه وحلقه ثم دخل إلى مِعدته.

 ما يطلق عليه القلب هو باطن الشيء، ماذا يعني هذا؟ إنه يقول: “هذا الشعب سطحيٌّ جدًا في كلمة الرب ولا يعرف ما تعنيه الكلمة ثم يعلّمون الناس حالة الرياء التي هم عليها”. فَهُمْ لم يأخذوا الكلمة في داخلهم، لكنها فقط عند شفاههم، إنها قمة في السطحية، ما الذي يريده الرب؟ إنه القلب.

 هو يتوقّع منك أن تكون في حالة التفات وانتباه ويقظة، أن تعبده بكل قلبك، وتضع قلبك في الكلمات التي تقولها، إن كنت في اجتماع والكنيسة تسبّح الرب، لا تصمت بينما شعب الرب يطلقون حناجرهم بالتسبيح للرب، لماذا يثقل لسانك عن اعترافات الإيمان؟

 حتى وإن كنت مُرهَقًا أو مُتعَبًا، ألّا تردّ على شخص جاء ليُحدّثك وأنت مُتعَبٌ؟ ألّا تبادله الحديث والكلمات؟ لقد خرج صوتك وأنت مُتعَبٌ ولم تبخل عليه بصوتك وكلماتك فلماذا يثقُل فمك وقت تسبيح الرب وعبادته؟ لماذا لا تفعل هذا مع الرب كما تفعله مع صديقك مثلاً؟

▪︎ جرائم لم يجرّمها أحدٌ!

 هناك حالة من الرياء وصلت إلينا نتيجة أفكار دخلت أذهاننا ولم يجرّمها أو يحرّمها أحدٌ، وهي أننا نلتمس الأعذار لأنفسنا فيما يختص بالرب، بينما لا نفعل ذلك مع أصدقائنا ونشعر بالحرج منهم فنتجاوب معهم خجلاً منهم ولا نخجل أن نصمت وقت عبادة الرب وتسبيحه!

 نعم، ربما يكون جسدك مُرهَقًا، لكنك استطعت أن تتغلّب على الإرهاق مع الناس ولم تجهد نفسك بأن تفعل ذلك مع الرب، لماذا لم تُدرِّب نفسك على الانتباه للكلمة؟ إن كان رصيدك من الكلمة لا شيء أو قليلاً، حين تواجه المواقف الصعبة أنت مُعرَّضٌ أن تفشل في مواجهتها، لا تكن كالتلميذ الذي يعتمد على كمية قليلة من الاستذكار ليلة الامتحان. ليكن لديك رصيدٌ كبيرٌ طوال العام من المعرفة حتى متى جاء وقت الامتحان تستطيع أن تجيب بكل ثقة.

 لا تعتمد على طريقة الحالات الطارئة وتأجيل التعب والاجتهاد إلى ليلة الامتحان. إبليس مُتربِّصٌ بك ويرصُد تحرُكاتك ويريد أن يسرقك، تذكّر قول سيدك؛ “لو سهر الشخص لن يدع بيته يُنقَب”. العريس سيدخل من الباب، لكن من لا يدخل من الباب فهو سارقٌ ولصٌّ، لذلك لن يدخل من الطرق الطبيعية والمُعتادة، أحيانًا يدخل من الطرق المُعتادة ولكنه يفعل ذلك مع الشخص المُستهدَف الذي يكون في حالة سُكْر شديد.

 لذلك يحذّرنا الرب في (لوقا ١٢) من خمير الفريسيين الذي هو الرياء، الإظهار الخارجي بشكل جيد بينما الداخل ليس كذلك، وإعطاء الأعذار للنفس في حالة التسيُّب وعدم السهر، إنْ أوقظك الروح القدس مبكرًا ساعةً عن ميعاد استيقاظك، لا تتكاسل بل قم بنشاط واجلس أمام الرب، إن تكاسلت ولم تسمع لصوته يتم سحبك إلى العالم بسهولة، وأنت بذلك تصل إلى مرحلة التدرُّب على ذلك وتصير تلك عادة وسلوك لديك.

“١ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا. ٢ اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ. ٣ لأَنَّهُ إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُشُّ نَفْسَهُ. ٤ وَلكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. ٥ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ. ٦ وَلكِنْ لِيُشَارِكِ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْكَلِمَةَ الْمُعَلِّمَ فِي جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ. ٧ لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. ٨ لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. ٩ فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. ١٠ فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.” (غلاطية ٦: ١-١٠).

 أنت لازلت تأكل وتحت مُعلِّم، احذرْ! لا تتكبّر، لازلت تعشر عشورك، لا تضلوا، ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا، هنا يتحدث عن زرع الإنسان للاستقلالية الفكرية والانزواء والتراجع عن مشاركة الكنيسة بالعشور والتقدمات. “٩ فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْر”، الذي هو تعضيد ومشاركة الكنيسة في التزاماتها.

 لا تحمي وجود إبليس في حياتك. يحذّرنا هنا من الضلال لأن من يشرب من الضلال لا يصير بعد عذراء عفيفة للمسيح، بل هشًّا وقابلاً للسقوط لأن إبليس هزمه في أفكاره وصنع له حصونًا من الأفكار في ذهنه، وتربّع على عرش أفكاره، حتى إن الشخص نفسه أصبح مُقتنِعًا بالفكرة ويدافع عنها، فهو بنفسه من يحمي ويدافع عن وجود إبليس في ذهنه، لهذا يحذّرنا الوحي:

“١٦ لاَ تَضِلُّوا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ. ١٧ كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. ١٨ شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ.” (يعقوب ١: ١٦-١٨).

“بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ” أي أغلى الأنواع وأعلاها، الشريحة الأولى ذات الدرجة الرفيعة.

▪︎ لا تنسى حقيقتك ومن أنت:

 ثم يكمل الكتاب ويقول:

“١٩ إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ، ٢٠ لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ. ٢١ لِذلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرّ، فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ. ٢٢ وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ. ٢٣ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، ٢٤ فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. ٢٥ وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ. ٢٦ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هذَا بَاطِلَةٌ. ٢٧ اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ.” (يعقوب ١: ١٩-٢٧).

 حالة الخداع هي حالة شخص يسمع الكلمة لكنه لا يعيش بها.

 “نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ… وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُو”، هنا يتحدث عن أنه نسيَ الصورة الصحيحة التي أخبره الرب بها والتي يقولها الكتاب عنه وليس أنه نسيَ أن يصلح شكله كما اعتقد الكثيرون، إنه نسيان للصورة الرائعة ولحقيقته التي يخبره بها الكتاب.

 “٢٥ وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ.”

 يخبرنا الكتاب أن مَن ينظر نظرة ثاقبة فيها الكثير من الاعتناء إلى ناموس الحرية، ويقف بثبات على ما تقوله الكلمة عنه، فهذا يكون مغبوطًا ومُبارَكًا في عمله.

▪︎ انتبه لكلماتك:

 “٢٦ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِيكُمْ يَظُنُّ أَنَّهُ دَيِّنٌ، وَهُوَ لَيْسَ يُلْجِمُ لِسَانَهُ، بَلْ يَخْدَعُ قَلْبَهُ، فَدِيَانَةُ هذَا بَاطِلَةٌ.”

 إن كان أحد فينا يظن أنه ذو دين صحيح بينما لا يستطيع أن يسيطر على لسانه فديانة هذا باطلة. هنا يحذّرنا من أن نعرف أمورًا رائعة ونعيشها ونستمتع بها، لكننا نتكلم كلمات عكس ما تقوله الكلمة عنا وعن الآخرين. هناك خداع يكون من الشخص لنفسه وبنفسه وذلك بأن يتحدث بكلمات ليست مطابقة ولا متوافقة مع كلمة الرب.

 إن كنت تفعل هذا فأنت تعمل بنفسك على إضعاف إيمانك، الخطية لا توقف البركة في حياتك لكنها تعيق إيمانك، فلا تمتلك الوعود. هنا الرب لا يعاقبك ولكن إيمانك قد ضَعف، كما ضعفت قوة تخيُّلك لنفسك ولحقيقتك، وهنا تصير القنوات الأخرى غير الكتابية ذات صوت أعلى وأقوى من صوت الكلمة في ذهنك وفي قلبك، فترى صور العالم بشكل أوضح من صور الكلمة وفِكْر الرب.

 لهذا يحذرنا النص هنا من أن نخدع أنفسنا وقلبنا -وقلبك هو قوة معجزتك- من خلال ألسنتنا. تذكَّر كم مرة تكلّمت فيها عن الرب أو عن الناس بشكل غير صحيح، ثم بعد ذلك تعود لتتساءل: لماذا أنا ضعيفٌ روحيًا؟ ربما تسخر من أحدهم أو تتكلم معه بكلمات فيها استخفاف واستهزاء اعتدت على التفوّه بها مع الذين تألفهم فلم تعُدْ تلجّم لسانك معهم، هذه الكلمات تخدعك وتضعف إيمانك.

 ماذا تفعل بيديك؟ كيف تستخدم هاتفك المحمول؟ تلك هي النقاط التي يريدنا الروح القدس أن ننتبه إليها، لا يوجد إنسان عايش مُنتصِرًا إلا وقد أولى اهتمامًا كبيرًا بتلك النقاط، فإن كنت تريد أن تحيا حياة انتصار، انتبه لهذه الأمور، لا يتركنا الكتاب غير عارفين لنقاط هامة كهذه.

▪︎ وصايا ذهبيّة:

 دعونا نختم بهذا الشاهد:

“٩ اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ. ١٠ وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ. ١١ غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ، ١٢ فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضَّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ.” (رومية ١٢: ٩-١٢).

 بقوله: “١١ غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ”، هنا يريد أن يقول لنا ألّا نتأخر في الأمور التي يجب أن نفعلها سريعًا، الحل لشتات الذهن والسرحان هو أن تفكر في الكلمة وتتأمل فيها، الحل لحالة الانطفاء الروحي هو أن تبتدئ في الصلاة، قال الرب للتلاميذ: “قوموا وصلوا”. لا تقل: “لا أستطيع”، هذا وهم، لكن هذا الوهم أخذ قوته من إيمانك به.

 عصى الرب كلماتهم عن موت ابنة يايرس، رفض هذه الكلمات ولم يعطِها تقديرًا ولا انتباهًا، إنها حالة رائعة من الصلابة، لو كان المسيح ضعيفًا في هذا الموقف لأخذ يايرس في حضنه ليواسيه في مصابه الأليم! لكن الرب عصى تلك الكلمات ولم يستمع لها.

 هناك أناس لكثرة الشكّ لديهم صاروا بارعين في الشك، كن سريعَ التصديق والاقتناع بالكلمة، مُسرِّعًا في الأمور التي يجب الإسراع فيها، إن كنت تقرأ التأمل اليومي واعترافات الإيمان لا تعتمد على كونك فاهمها لكن انطق بفمك اعترافات إيمانك، ردّدها بصوت عالٍ.

 لا تكن مُرائيًا ولا مُنافِقًا، تكلّمها من قلبك، إنْ حدث ونطقتها دون أن تضع قلبك فيها، كررها مرة أخرى، ضعّ في قلبك ألا تتكلمها من شفتيك أو فمك لكن من قلبك تنطقها وتعنيها وأنت تردّدها: أنا أسمح وأفتح المجال في ذهني لتلك الكلمة أن تدخل إلى كياني.

 قُلْ: “لقد أحبني” وأنت مُدرِكٌ وفاهمٌ كيف إنه أحبك، استرجع داخل ذهنك ماذا يعني كونه أحبك، لا تكتفِ فقط بالتفكير كيف أنه مات على الصليب لأجلك، هذا عظيم جدًا لكن هناك ما هو أعظم من هذا بكثير، لقد وضع حياته فيك، وَهَبَك حياته وقوته ومحبته، وَهَبَك العلاقة والشراكة معه، صار الأمر مُختلِفًا.

 حين تفكّر كيف أنك أعظم من منتصر، ستنظر للمواقف بصورة مختلفة، لن تفعل أي أمر باستعجال، لكن بالسرعة التي بها تضع قلبك في الأمر، تعلَّمْ أن تستعمل لسانك بسرعة في الكلمة، كن حارًا في الروح، شخصًا مُشتعِلاً بأن تظهر مشاعر وتظهر اتفاقًا وموافقةً، واعلان هذا بلسانك في سرعة استجابة. حين يكون وقت التسبيح في الكنيسة وأنت تقول للرب: “أحبك”، اعنيها وتفاعل بها، يمكنك مراجعة سلسلة “كيف تكون حارًا في الروح” للاستفاضة في هذا الموضوع.

 حين تصلي بألسنة لا تصلي بهدوء بل صلى بحماس، كونك حارًا في الروح هذا يحدد كم النتائج التي ستحصل عليها في حياتك، لأنه سيزداد اتساعك في عالم الروح فستؤثر في المناخ المحيط بك. (راجع سلسلة “القوة وراء الأشياء والأحداث”.

 هناك أناسٌ يضعون أنفسهم في أماكن تخنق مفعول الروح القدس في حياتهم، وآخرون يضعون اتّساعًا للأمر حتى إنهم يصبحون مُؤثِرين على كل من يحيطون بهم سواء عائلاتهم أو أصدقائهم أو زملائهم في العمل، كان الرب يسوع مُؤثِّرًا بهذه الصورة، بالطبع لا يعني هذا أن الجميع سيتجاوبون بشكل صحيح، فهناك أناسٌ سترفض هذا التأثير فيهم لكن يبقى أنك ستكون مُؤثِرًا وفعّالاً بشكل كبير على كل من حولك.

 حين تفكر في الغلاء الحادث وارتفاع الأسعار المتوالي لا تقُلْ: “متى تعود الأسعار إلى ما كانت عليه من قبل؟” هذا مضيعة لوقتك وتفكيرك فلن تعود الأمور كما كانت في السابق، إن كنت تضع رجائك وأملك في هذه الفكرة، ما هذا إلا هروب من الواقع، لكن الحل أن تأكل الحياة أكلاً بالكلمة، هذا وقت المعجزة.

 تذكّر، أنت تعصي الفكرة والعيان الذي تراه ويأتي على ذهنك كالصور السلبية والأفكار التي تحاربك بأنك لن تستطيع أن تعيش في هذه الظروف الطاحنة ولن تستطيع إطعام أولادك وسداد ما عليك من التزامات، ليس لديك المال الكافي، أنت مُطارَدٌ، أو إن كان هناك أناسٌ أشرارٌ يضايقونك في العمل.

 لابد أن تعصي كل هذه الصور والأفكار والكلمات كما عصى الرب الكلمات وشدّد إيمان يايرس لينال معجزته، تلك هي الصورة التي يريدنا الرب أن نكون عليها، والروح القدس سيجعل قوتك تنتشر.

 لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ.” (رومية ١٢: ٢١).

 الآية الأخيرة في هذا الإصحاح تدعونا لكي نغلب الشر بالخير، توجد طريقة لهذا، إن ما يحدث في العالم الآن هو شرٌّ. حَدَّثنا رجل الله الراعي كريس أوياكيلومي عن كم الأمور الشريرة التي تحدث عمدًا لكي يقرّبوا الوقت للوحش لكي يقود العالم، هناك أمور كثيرة تحدث بما فيها التأثير على المناخ لكي يمهّدوا الطريق لشخص ليقود العالم لكن شكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين.

 لكي تخرج من العالم دون خدشٍ ودون تأثير سلبي، حين تأتي الأخبار إليك يجب أن يكون سماعك لها بطريقة مختلفة، واصرخ في وجهها قائلاً: “أنا أعظم من مُنتصِر”. إن حاربتك أفكار مثل؛ “من أين سيأتي الدعم؟” رد عليها قائلاً: “وإن كنت لا أعرف كيف، لكنني سأكمل طريق إيماني في ذاك الذي أحبني!” عليك أن تقف بنفسك لتلك الأفكار وتقف ضدها، وتلك هي الطريقة التي بها عادت ابنة يايرس إلى الحياة وإلى أبيها.

آمين.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$