القائمة إغلاق

الإيمان الصحيح Appropriating Faith

كتب الرسول بولس إلى المؤمنين رسالة غلاطية وأخبرهم بالتحديد عن الطريقة التي يجرى بها الله المعجزات: “فَذَاكَ الَّذِي يَهَبُكُمُ الرُّوحَ، وَيُجْرِي مُعْجِزَاتٍ فِي مَا بَيْنَكُمْ، أَيَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى أَسَاسِ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ أَمْ عَلَى أَسَاسِ الإِيمَانِ بِالبِشَارَةِ؟ كَذَلِكَ «آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ، فَحُسِبَ لَهُ ذَلِكَ بِرّاً” (غلاطية 3: 5-6).

يخبرنا الكتاب في الشاهد السابق أن الله يشفي أجسادنا ويجرى معجزات في حياتنا بذات الطريقة التي نلنا بها المعجزة الأعظم في أرواحنا؛ بسماع رسالة الإنجيل والإيمان بها. في الحقيقة، إن الطريقة الأساسية التي يتعامل بها الله مع أولاده هو أن يعلن لهم عن مواعيده أولاً ثم يتمم لهم ما وعد به عندما يجد هناك مَن يؤمن بكلامه.

يقول الكتاب أن الله سيفعل معنا ما فعله مع إبراهيم. كيف تحققت مواعيد الله لإبراهيم؟

  1. لقد وعده الله بأنه “سَيَصِيرُ أَباً لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، وَفْقاً لِمَا قِيلَ لَهُ”.
  2. وقد اقتنع بكلمة الله وآمن بها: “واقْتَنَعَ تَمَاماً بِأَنَّ مَا وَعَدَهُ اللهُ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ”.

3.تمسك بثقته في مواعيد الله عندما اُمتحن إيمانه: “الْمُحَافَظَةِ حَتَّى النِّهَايَةِ عَلَى الثِّقَةِ الْكَامِلَةِ بِالرَّجَاءِ”.

  1. انشغل كليةً بكلمة الله: “وَلَمْ يَضْعُفْ فِي الإِيمَانِ.. وَلَمْ يَشُكْ فِي وَعْدِ اللهِ عَنْ عَدَمِ إِيمَانٍ”.
  2. رفض أن يطرح ثقته عندما طلب الله منه أن يقدم ابنه اسحق محرقة: “فَقَدْ آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِأَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى إِقَامَةِ إِسْحَاقَ مِنَ الْمَوْتِ”.

لم يعتبر إبراهيم جسده ولم ينظر إلى موت رحم سارة أو إلى أي عيان أو سبب آخر يجعله يشك في ميلاد اسحق. فجميع الأمور التي ربما كانت واقعية وأظهرت أن ميلاد اسحق يعَّد أمراً مستحيلاً لم تلفت نظر إبراهيم.

كان يدرك جيداً عمره المتقدم ويعلم أن سارة عقيمة لكنه لم ينظر إلى المستحيل وآمن بالله. وفى تلك الظروف التي بلا رجاء ولا أمل، نظر إلى وعد الله “وَلَمْ يَضْعُفْ فِي الإِيمَانِ” بل “وَجَدَ فِي الإِيمَانِ قُوَّةً، فَأَعْطَى الْمَجْدَ لِلهِ”. نلاحظ أنه عندما نظر إبراهيم إلى وعد الله تقوى في الإيمان. وهذا يذكَّرنا بسفر العدد 21: 8 “.. كُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا”.

عندما تأتي إلى الله طلباً للشفاء تأكد أنك تسير بهذا التوجه الفكري، لأنه دون هذا الشرط لن يتحقق الشفاء.

أساس إيماننا

إن وضعنا إيماننا على مدى شعورنا بالتحسن أو مقدار زوال أعراض المرض أو بما نراه ونشعر به بدلاً من كلمة الله، فهذا ليس إيماناً حقيقياً. بل إنه يخالف تماماً الشرط الذي وضعه الله في كلمته: “.. كُلُّ مَنْ نَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا..”. هذا يعنى أن كل فرد ينبغي أن ينشغل – مثل إبراهيم – بوعود الله تماماً حتى يصبح لا يتأثر فيما بعد بأي أعراض أو عيان مضاد. هذا يعنى أن تكون كلمة الله -وليس ما نشعر به- هي أساس إيماننا. كما نلاحظ أيضاً أنه بالنظر المستمر لوعد الله استطاع إبراهيم أن ينال تحقيق هذا الموعد. لكن إن انشغلنا بالأعراض المنظورة بدلاً من كلمة الله فلن يمكننا أن نختبر تحقيق الوعود.

وكذلك يونان، فبدلاً من أن يجعل الله كاذباً، دعا وهو في جوف الحوت جميع الظروف والأعراض التي تقف مانعاً عن وصول رحمة الله له بـ “أباطيل كاذبة”. مدركاً أنها الظروف وليس الله هي التي تكذب عليه. فالله لا يمنع أبداً رحمته عن أحد، لكن أولئك الذين ينظرون إلى الظروف “يتَخَلَّوْنَ عَنْ مَصْدَرِ نِعْمَتِهِمْ (العبري “رحمتهم”). ربما تكون الأعراض حقيقية وواضحة كالشمس، لكنها تظل “أَبَاطِيلَ كَاذِبَةً”.

لم يكن إيمان إبراهيم مبنياً على أي شيء يراه. ولابد أن تتأكد أنت أيضاً أن إيمانك هكذا. فكل ما كان إبراهيم يراه كان يخالف ويتعارض تماماً مع ما كان يؤمن به. حتى بعدما وُلد اسحق، كان إبراهيم لا يزال ينظر إليه بإيمان بأنه من خلاله “تَتَبَارَكُ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ”. لكن إيمان إبراهيم اُمتحن مرة ثانية عندما طلب الرب منه أن يقدم ابنه ذبيحة. ولأن إيمان إبراهيم كان إيماناً حقيقياً الذي لا يرتجف ولا يتردد عند الاختبار بل يظل متمسكاً بوعد الله، لذلك استمر إبراهيم “مقتنعاً تماماً”. فقد كان هذا الاختبار وسيلة اكتمل بها إيمانه.

بعدما تؤمن أنك نلت الشفاء وابتدأت حالتك الصحية تتقدم، ربما تجد أن أعراض المرض رجعت مرة أخرى. إن حدث أمر كهذا ينبغي أن تتعلم هذا الدرس الهام: وهو أن تجعل كلمة الله هي أساس إيمانك الوحيد حينما يكون كل شيء آخر يضاد ما تؤمن به. فالإيمان الحقيقي لا يستند على شيء سوى كلمة الله. يقول الكتاب في رسالة العبرانيين 10: 35-36 لجميع الذين يبنون إيمانهم على كلمة الله، “لاَ تَتَخَلَّوْا عَنْ ثِقَتِكُمْ بِالرَّبِّ. فَإِنَّ لَهَا مُكَافَأَةً عَظِيمَةً. إِنَّكُمْ تحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ لِتَعْمَلُوا إِرَادَةَ اللهِ، فَتَنَالُوا الْبَرَكَةَ الَّتِي وُعِدْتُمْ بِهَا”.

لكن كثيرين يسلكون عكس ذلك تماماً. فبعدما يصلي أحد لأجلهم يمسحهم بزيت، بدلاً من أن يبتهجوا بمواعيد الله تسمعهم يتكلمون بإحباط، “نعم، اعتقد أني سوف اُشفي..“. وفى الحال أتيقن أن مثل هؤلاء لم يهضموا مبدأ الإيمان جيداً. فهم يعتقدون أنهم ينبغي أن يكونوا أصحاء أولاً، ثم بعد ذلك يؤمنون أن الله قد سمع صلاتهم. لكن إن كانت كلمة الله هي مصدر يقينهم الوحيد، لتمسكوا ببداية ثقتهم ثابتة حتى النهاية طالما أن لديهم كلمة الله. لقد وعدنا الله أننا سنشترك في بركات المسيح إن “نَتَمَسَّكَ بِثَبَاتٍ حَتَّى النِّهَايَةِ بِالثِّقَةِ الَّتِي كَانَتْ لَدَينَا فِي البِدَايَةِ”. وما هي النهاية؟ إنها الإستعلان الكامل لما نؤمن به.

 لذلك إن بدأت تراقب الأعراض الظاهرية في الوقت المُستغرق منذ أن ابتدأت تؤمن بوعد الله إلى الإستعلان الكامل للوعد، فسوف تطرح ثقتك لأنه من المحتمل أنك لا ترى شيئاً ملحوظاً. لقد فعل إبراهيم العكس تماماً: “لَمْ يَشُكْ فِي وَعْدِ اللهِ عَنْ عَدَمِ إِيمَانٍ، بَلْ وَجَدَ فِي الإِيمَانِ قُوَّةً، فَأَعْطَى الْمَجْدَ لِلهِ” (رومية 4: 20).

بعدما طلب يونان رحمة الله وهو في جوف الحوت لم يطرح ثقته لأنه لم يرى برهاناً مرئياً يؤكد أن صلاته قد اسُتجيبت، بل تمسَّك بثقته ثابتة وأضاف عليها “ذبيحة الشكر والحمد”. بعدما طاف بنو إسرائيل حول أسوار أريحا لاثنتي عشر مرة (ستة مرات في ستة أيام وستة مرات في اليوم السابع قبل المرة الأخيرة)، لم يطرحوا ثقتهم لأنه لم يطرأ أي تغيير على أسوار المدينة. لكن إيمانهم كان في وعد الله الذي قال، “قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ”. فإن لم يطرح جميع هؤلاء ثقتهم فلماذا تطرحها أنت؟

ينبغي أن تبني توجهاً فكرياً راسخاً نحو كلمة الله، مثل نوح الذي شرع في بناء الفلك على أرض يابسة. ففي ذهن نوح، كانت حقيقة مجيء الطوفان أمراً حتمياً لأن كلمة الله كانت مصدر يقينه الوحيد.

يخبرنا يسوع في إنجيل مرقس 11: 24 عن الشروط التي وضعها بالتحديد حتى يمكننا أن نحصل على أياً من البركات التي وعد بها: “إِنَّ مَا تَطْلُبُونَهُ وَتُصَلُّونَ لأَجْلِهِ، فَآمِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ، فَيَتِمَّ لَكُمْ”.

بمعنى آخر، سوف تنال (في العالم المادي) ما قد آمنت أنك نلته بالفعل حينما صليت. قال يسوع “أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي” بينما كان لعازر لا يزال راقداً في القبر. علينا نحن أيضاً أن نقول، “أشكرك أيها الآب لأنك سمعت لي” بينما لا تزال أعراض المرض ظاهرة في أجسادنا. إن سألنا أحد عن حالنا بعد ذلك فلنخبره، “نحن نعلم أننا قد نلنا الطلبات التي سألناها من الرب”. ليس لأننا نرى بأعيننا الجسدية الاستجابة، لكن لأننا نؤمن بأن الله الذي وعدنا لابد أن يحقق وعده.

ليس جيداً أن نبني إيماننا على مقدار تحسن الأعراض بعدما نكون قد طلبنا الشفاء. لقد سمعت البعض يقولون، “يا إلهي، إني أشعر إنني أفضل حالاً منذ يوم أن صليت. الآن اعلم أنني سوف أُشفى بالتمام”. هذا يعنى أن لديك سبباً آخر لتتوقع الشفاء خلافاً لكلمة الله. لكن لا يوجد سند لإيماننا أفضل من كلمة الله. افترض أنى صليت لأحد المرضى ثم تحسن بعد الصلاة بمقدار خمسون بالمائة. هذا التحسن في حالته ليس سبباً كافياً ليجعله يتيقن أنه سوف يستعيد صحته بالكامل. افترض أنك وعدت ابنك بأنك سوف تشترى له شيئاً ما، ثم وجدت أنه يتوقع الحصول على ما وعدته به لأجل سبب آخر خلاف وعدك له. ألن يحزنك تصرف كهذا؟ فهذا برهان على عدم ثقته واعتماده على كلامك. عندما تؤمن بوعد الرب في حين أن جميع حواسك الجسدية وجميع الظروف المحيطة تضاد ذلك فأنت بهذا تكرم الرب وتمجد اسمه. وقد وعد الله أن يكرم أولئك الذين يكرمونه. ولن تجد طريقة تكرم بها الله أكثر من أن تؤمن بكلمته، لأنه لا يستجيب سوى للإيمان.

يؤمن البعض أن صلواتهم قد اسُتجيبت عندما يشعرون بتحسن. لكن الله لم يقل إنه أرسل “مظاهر تحسن” وشفاهم. لكنه أرسل كلمته وشفاهم. ألن يكن أمراً غير منطقياً أن نتوقع أن يخرق الله وعده عن أن يتممه؟ في الحقيقة، لا يوجد شيء يحزن قلب الله أكثر من أن نسمح للأعراض والمظاهر الخارجية أن تجعلنا نشك في وعود الله.

افترض أنك وعدت ابنك بأن تشترى له حذاءً جديداً، ثم وجدته يبكي ويصرخ بعد ذلك لأن الحذاء القديم يؤلمه. فتقول له، “ابني العزيز، ألم أعدك أنى سأشترى لك حذاءًا جديداً؟ ألا تصدق وعدي؟” فيجيبك، “لكن يا أبى.. إن الحذاء القديم يؤلمني.. إن منظره سيء جداً..“. يا له من رد غير منطقي. فإن كنت تشك في وعد الله بسبب الألم، فسوف تشك في كل وعوده الأخرى لأسباب مختلفة. وإن ظل ابنك ينظر إلى حذائه القديم ويبكي لأن منظره سيء جداً، فسوف يفقد الأمل في حصوله على الحذاء الجديد. ألن تحزن من موقف كهذا؟ إن تعلَّمنا أن نؤمن أن الله قد سمعنا بينما نصلى، فإن هذا الإيمان في حد ذاته هو بركة أعظم من الشفاء. لأننا إن تعلمنا ذلك سنجد باقي مواعيد الله تتحقق بسهولة وبساطة في حياتنا.

لقد رأينا كيف اختبر إبراهيم معجزته، والكتاب يقول، “.. لَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضاً”. فبذات الطريقة يمكننا أن ننال تتميم وعود الله “.. الَّذِينَ يَسِيرُونَ فِي خُطَى الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ” (رومية4: 12).

تذكر

– الإيمان الصحيح هو أن تؤمن بمواعيد الله وتقتنع تماماً بصدق كلمته ثم تتمسك بها في وجه العيان وترفض أن تطرح ثقتك في وسط التجربة والامتحان.

– الإيمان الحقيقي هو أن تجعل كلمة الله وحدها هي أساس إيمانك ولا شيء آخر سواها. فهذا هو الإيمان الذي يأتي بنتائج.

– لا تسمح لأي أعراض أو عيان أن يزعزع إيمانك في كلمة الله، بل أدعو جميعها أباطيل كاذبة.

– منذ أن تؤمن بوعد الله إلى حدوث الاستعلان الكامل للوعد، تحتاج أن تملأ الوقت المُستغرق بالتسبيح والشكر.

– الله لا يلتفت للبكاء والعويل.. إنما يستجيب لفعل الإيمان وحسب. 

___________

نشرت بإذن من خدمات أف أف بوسورث FF Bosworth.    

جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية.

Taken by permission from FF Bosworth Ministries. All rights reserved to Life Changing Truth.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$