القائمة إغلاق

الإيمان العامل – الجزء 3 Working Faith – Part

 

لمشاهدة العظة علي الفيس بوك أضغط هنا

لسماع العظة علي الساوند كلاود أضغط هنا

لمشاهدة العظة علي اليوتيوب 

 

الإيمان العاملالجزء 3

▪︎ الإيمان هو أسلوب حياة.

▪︎ الإيمان والرجاء والفرق بينهما.

▪︎ الإيمان يأتي بالخَبر.

▪︎ تجرأ واسلكْ بالإيمان.

▪︎ إيمانٌ مبنيٌّ على معرفة وليس حماسة.

▪︎ السلوك بالإيمان والارتداد.

▪︎ اَمْزجْ ما تسمعه بالإيمان.

▪︎ الرابط بين القلب والفَم.

▪︎ الاقتناع.

▪︎ الزوايا (الحقائق الكتابية) التي تُدعِّم الاقتناع.

▪︎ الإيمان هو أسلوب حياة:

“لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.” (غلاطية ٥: ٦).

 المحبة هي طاقة الإيمان والقوة التي تُفعِّله، يعتقد الكثيرون أن الإيمان ذاتيّ المفعول، هذا صحيح، فالإيمان بداخله مفعول ولكن يوجد عوامل أخرى تجعله يعمل وأخرى تجعله غير فعَّال، لذلك قد يكون هناك شخصٌ لديه إيمان لكن لديه أيضًا عوامل تُبطِل مفعول هذا الإيمان لا يعمل.

 الإيمان لا يُعنِي أن يُؤمِن الشخص بشيءٍ فحسب، لكن الإيمان له أبعاد وجوانب أخرى، يجب أن تفهم ذلك لكي لا تضع إيمانك في شيء لفترة من الزمن قد تكون شهور أو سنين وفي النهاية تُفاجَأ أنّ إيمانك لا يعمل بشكل صحيح، لذلك في هذه السِلسلة يَتكلَّم الروح القدس معك في الزوايا التي يجب أن يعمل إيمانك بها حتى تجدّ نتائج.

 هناك الكثير مِمن مارسوا إيمانهم ولكنهم لم يجدوا نتائج، فتجدهم يَسلكون في اتّجاه من اتّجاهين، إمّا أن يراجعوا إيمانهم، أو يشكِّكون في مبدأ الإيمان والكلمة ولا يُصدِّقون في وجود المعجزات. الإيمان ليس قاصِرًا على المعجزات أو أمام التحديات فقط، لكن الإيمان هو أسلوب حياة لأي شيء تفعله في المملكة.

 تَذكَّرْ معي هذا الشاهد: “لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإِيمَانٍ، لإِيمَانٍ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا».” (رومية ١: ١٧).

 إن كنت ذاهِبًا إلى مشوار ما أو بينما أنت تنام وتستيقظ، فأنت تضع إيمانك في هذا ليس لأنك تخاف بل لأن إيمانك هو أن مصدر حياتك مُرتبِطٌ بالكلمة وليس بالصُدفة. أنْ ترجع لبيتك صحيحًا، هذا معجزة وليس أمرًا طبيعيًا.

▪︎ الإيمان والرجاء والفرق بينهما:

 الرجاء (الأمل) هو بداية المعجزة، فبعدما كان الشخص يائسًا يأتي شخصٌ آخر ليُخبره عن الروح القدس وأنه يستطيع أن يدخل حياته ويُغيِّرها، فَيَتولَّد لدى الشخص أملاً فيفتح ذهنه ويُوسِّع تفكيره ويقتنع إنه يوجد حلٌّ.

 لكن إنْ تَوقَّفَ هنا واعتقد أن الأمل الذي لديه هو الإيمان ويقول إنه مُقتنِعٌ أن الله سيتدخَّل ولكن لم يَحدُّث شيءٌ، هذا لأن اقتناعه كان موافقة على إمكانية حدوث المعجزة وليس إيمانًا حتى لو ظهر إنه لا يوجد فرقٌ لكن هذا ليس إيمانًا. الإيمان ليس هو الأمل والبشائر المُفرِحة، الإيمان والأمل ليسا مُرادفان لشيء واحد، الأمل هو بداية الموقف.

“وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى.” (العبرانيين ١١: ١).

 الإيمان هو الثقة بشيء كان مَرجوًا، إذًا عندما يتولَّد لدى الشخص رجاءٌ ويقتنع يكون لديه إيمان، إذًا الإيمان والرجاء شيئان منفصلان.

▪︎ الإيمان يأتي بالخَبر:

“٢٥ وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، ٢٦ وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيرًا مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئًا، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَال أَرْدَأَ. ٢٧ لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ، جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ، وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ، ٢٨ لأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ». ٢٩ فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ. ٣٠ فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِرًا فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟» ٣١ فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ، وَتَقُولُ: مَنْ لَمَسَنِي؟» ٣٢ وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هذَا. ٣٣ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا، فَخَرَّتْ (فسجدت) وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ. ٣٤ فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ، اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ».” (مرقس ٥: ٢٥-٣٤).

 “سَمِعَتْ بِيَسُوعَ” لا تُعنى إنها سمعت عن اسم يسوع فقط، بل تعني أنها سمعت بسُمعة هذا الشخص، عَلِمت أنه يشفي، وكلمة “سَمِعَتْ” هنا تعني في اليونانية إنها استوعبت وأدركت هذا فَتَولَّد لديها أملٌ، فبدأت تمارس إيمانها.

 “لأَنَّهَا قَالَتْ” كلمة “قالت” هنا ليس معناها إنها تَتكلَّم مع نفسها، لكن تُعني إنها كانت تَتكلَّم الكلمة بلسانها، لأنها عَلِمت أن هذا هو المسيا، وهي تَعلَّم عن النبوات في ملاخي “… وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا (أهدابه)،” (ملاخي ٤: ٢) فعَلِمت أنها عندما تلمس هدب ثوبه ستُشفَى، لأنها تعرف الكلمة وتلهج بها وكان لديها إيمانٌ بحسب تشخيص الرب يسوع لها، فشُفيت.

 “فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ”؛ عملية الإيمان تَمَّت عبر أنها سمعت أولًا ثم تكلمت ثم تحركت ولمست، عندما سمعت تَولَّد لديها الأمل بعد أن كانت بائسة ومنبوذة من كل الشعب، فكسرت كل الحواجز والقوانين لأنها كانت ممنوعة من لمس أي شخص وتَحرَّكت للمَساس بالمسيا، إذًا المعجزة حصلت بمجموعة تعليم سابقة لديها ارتبطت بسُمعة يسوع.

 إن لم تسمع هذه المرأة عن يسوع، ومَرّ بجانب بيتها لما كانت المعجزة حدثت، لأنها لم تسمع عنه، أو إذا كانت سمعت عنه أخبار خطأ أنه مَن يسمح بالأمراض أو يُمرِّض الناس كانت ستذهب ليسوع مُتردِّدة. يوجد أشخاص يتوقَّفون عند الأمل والرجاء دون أن يضعوا إيمانهم في الموضوع، مثل شخص اشترى الطعام ولم يَقُم بتحضيره وبالتالي لن يستفيد به.

“إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ (بالإخبار حينما تسمع الناس)، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ.” (رومية ١٠: ١٧).

 يأتي الإيمان فقط بسماع كلمة الله، لا يوجد شيءٌ آخر يستطيع أن يجعلك تحيا بإيمان سوى كلمة الله، فهي المصدر الوحيد لإيمانك، فالإيمان يأتي عَبْر معرفتك لفِكْر الله في الموقف الذي تَعبُر به.

 إن قال لك شخصٌ إنه يوجد مكانٌ به خصومات على شيء ما، كلام هذا الشخص وُلَّدَ لديك معلومات لأنك تثق فيه، فبدأتْ ترى هذا المكان وتتخيَّله قبل أن تذهب إليه، وكلما أضاف هذا الشخص شرحًا للمكان ترسم صورة بذهنك عن التفاصيل، هذا يعني أنه تَولَّد لديك إيمانٌ بهذا المكان، إذًا الإيمان جاء لك بالسمع، لكن يوجد خطوات أخرى يجب أن تَحدُّث داخليًا وهذا ما نتحدَّث عنه في هذه السلسلة.

▪︎ تجرأ واسلكْ بالإيمان:

 إن لم يذهب الشخص فربما يكون لديه معتقداته الخاصة ولا يثق في كلام الشخص الذي تكلَّم إليه أو ربما قد تمّ خداعه سابقًا لهذا السبب هو لديه أعذار ألّا يسلك بما يتمّ إخباره به.

 الإيمان ليس عبارة عن مادة تُعطَى، لكن يُقاس بمدى ثقتك فيما تسمعه، يقول البعض الله لا يكذب لكن عندما تأتي التحديات نجدهم في حالة ريبة وخوف، لذلك في هذه السلسلة ستفهم معنى أن يكون بداخلك صلابة لمواجهة التحدي لأننا سندخل إلى أعماق الموضوع كأننا نراه بالميكروسكوب ونرى كيف يحدث.

 النتيجة أنك بدلاً من أن تخاف عندما ترى العيان أو تسمع به وتكون غير ثابت، ستجد نفسك ثابتًا بمقدار ثبات الكلمة!! لأنك بدأت تُخلي ذهنك وتمنعه من الأفكار غير الكتابية ومن رؤية مصدر المعلومات غير الثابت (العيان)، حينئذ يَثبُت ذهنك في شيء واحد فقط وهو (الكلمة)، هذا الأمر سهلٌ وبسيطٌ وله خطوات في الكلمة ولكن يحتاج الى فَهْم واستنارة.

 يوجد أشخاص ليس لديهم رجاءٌ وفقدوا الأمل في موقف معين يمرون به، لكن عندما يسمعون كلمة الله يكتشفوا أنه يوجد أملٌ، قد تكون فاقِد الأمل في علاقتك مع الروح القدس وتشتاق أن تكون في أعماق معه في الكلمة وقد تكون تدرس الكلمة وتشعر أنك تريد المزيد، بالتأكيد يصل الروح القدس إلى هذا الاحتياج ويُسدِّده كما يقول الكتاب: “طوبي للجياع لأنهم مؤكدًا يشبعون”.

 بالتالي أنت لا تحتاج فقط أن تضع أملك، تحتاج أيضًا أن تفتح ملف المعجزة التي كنت فاقِدًا بها الأمل، وترى أنك تستطيع أن تُخطي خطوات لتنفيذ المعجزة (التي تبدو أنها مستحيلة في العيان)، هذا وقت الإيمان، فالإيمان لِمثْل هذه المواقف.

 ينزعج بعض الأشخاص عند حدوث المشاكل، لكنهم يجب أن يستخدموا إيمانهم، إن كنت تسرع في أخذ الدواء عندما يكون لديك صداع أو برد، إذًا متى ستستخدم إيمانك إن كنت تثق في الدواء قبل الإيمان؟! هذا لا يعني أنني أشجِّع الشخص على التوقُّف عن الدواء.

 يوجد بعض الأمراض الخطيرة التي يجب على الشخص أن يكبر إيمانه بطريقة صحيحة قبل التَوقُّف عن أخذ الدواء، لكنني أتكلَّم عن الأمراض التي لا تؤدي إلى الموت فهذا هو الوقت الذي يجب أن تستخدم إيمانك فيه وتقف ضد هذا المرض. فإن سلكت بإيمان في الأمور البسيطة ستعرف كيف تستخدمه في الأمور الأكبر.

 إن لم تستخدم إيمانك في هذه الأمور الصغيرة، فمتى ستفعل! إن كانت ثلاجتك مليئة بالأدوية وعندما تسافر إلى بلد أخرى، تأخذ معك أدوية لئلا تَمرَّض، فأنت ترسم حياتك إلى انحدار إيمانك دون أن تدري.

 ربما يكون لديك عدم جرأة لأنك تخشى المجازفة أو قد يكون الألم شديدًا، لكن إن كانت الكلمة تقول إن الإيمان يعمل، إذًا لتأخذْ هذه الخطوة فأنت المُستفيد! لماذا عندما يكون لديك ألمٌ تتماسك وتذهب إلى العمل لئلا تُعاقَب ولا تتماسك في استخدام إيمانك إلى أن تقضي على هذا الموقف؟! هذه هي النقاط التي تُمرِّن عضلة إيمانك، ستبدأ في الأول بأمر صغير إلى أن تكبر.

 الإيمان يأتي أولًا بالأمل، الأمل هو عبارة عن الرجاء في شيء لم تكن تأمل به وهذا ليس إيمانًا لكنه تَطلُّع فقط حتى وإن كان يُصاحبه بعض المشاعر أو الانفعالات بسبب وجودك في الكنيسة، نعم حضور الله يكون مُكثَّفًا في الكنيسة فتجد مشاعر فرح تَولَّدتْ لديك.

 إنْ توقَّفت عند هذا الأمل فأنت مخطئٌ. يجب أن تبني على هذا خطوة الإيمان، وليس هذا فقط بل أن تبني إيمانك بطريقة صحيحة. الأمل شيءٌ والإيمان شيءٌ آخر والخلط بينهما أدى إلى عدم وجود نتائج على مَرّ الأجيال.

 يبدأ الإيمان عند الشخص عبر إنه يسمع كلمة الله فيما يخص موضوعه ولا يقف عند هذه الخطوة فقط، بل يسلك أيضًا بالإيمان. هذا ينطبق على كل زوايا حياتك، بما فيها السيطرة على مشاعرك واحاسيسك، وتُصدِّق أنك تستطيع السيطرة على ذهنك، فإن كنت تستطيع أن تسيطر على كل هذا، ستستطيع أن تسيطر على المرض.

 نحن نَذْكُّر المرض لأنه هو المشكلة المُؤلِمة لدى البشر، وعند البعض الآخر تكون الماديات هي الاحتياج الشديد، لذلك طَبِّقْ الإيمان على كل شيء في حياتك (مشاكل، أمراض، مشاعر غضب، شهوة، شيء له مكانة كبيرة في حياتك، …). تستطيع السيطرة على كل هذا بإيمانك، بأن ترى عكس ما تشعر به وتسود وتتسلط على مشاعرك، هذا يحتاج إيمانًا مُؤسَّسًا بشكل صحيح عبر الكلمة.

 ▪︎ إيمانٌ مبنيٌّ على معرفة وليس حماسة:

لكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ، فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» أَيْ كَلِمَةُ الإِيمَانِ الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا.” (رومية ١٠: ٨).

 “كَلِمَةُ الإِيمَانِ” أي هي التي تجلب الإيمان، لا يأتي الإيمان عبر سماع اختبار شخص ما، نعم يُحفِّز الاختبار إيمانك لكن لا يعطيك إيمانًا. ربما تكون شاهدت فيديو لشخص نال شفاءه فتتحمَّس بهذا وقد تتوقف عن أَخْذ الدواء بدون إشراف من شخص يرعاك روحيًا ولم تبنِ إيمانك بطريقة سليمة، فتعاني وتقابل أعراض ولا تعرف ماذا تفعل.

 أو بعض الأشخاص يتركون عملهم (وظائفهم) لأن لديهم أهدافًا أخرى غير سليمة ويربطون آيات ببعضها البعض بشكل خطأ. مثلًا: يأخذ الآية التي تقول: “اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ” (التكوين ١٢: ١) ويربطها بالموقف لأنه متألِمٌ من الشغل ويعتقد أنه يفعل هذا بالإيمان مثلما فَعَلَ إبراهيم، لكن هذا ليس له علاقة بالشغل، وليس له علاقة بتَرْك أسرتك.

 تُقرِّر بعض الأشخاص التفرُّغ للخدمة، لكن يوجد تعليم كتابي لكل هذا سواء تَفرُّغ للخدمة أو ترك شغل أو أي شيء آخر، يوجد أبعاد كثيرة في الكلمة حيال ذلك

 عندما قبلتْ يسوع ربًا، ربما يكون شخصٌ كرز لك بكلمات بسيطة لكن أنت وصلت لخلاصة بهذه الكلمات البسيطة وهي (أنّ يسوع مات من أجلك). قيل لك إنّ يسوع مات لأجلك ليُنقِّذك من الجحيم، لتحيا في انتصارات وتحيا بقوة في الأرض وتكون معه في الأبدية، أنت سمعت هذه الجمل في دقائق لكنك وصلت إلى رسمة كاملة.

 لكن مَن كَرَزَ لك لم يَقُل: “يسوع سيخلصك فحسب، بينما لا تعرف أي شيء عنه!” يجب أن تعرف معلومات عن يسوع، يجب أن تفهم بعض المعلومات حتى لو كانت مُبسَّطة، ستكون كافية لتجعلك تصلي وتقبله. قد يكون الشخص قال لك إن صليت معي وقلت يا يسوع ادخلْ قلبي سيَحدُّث هذا، فكانت هذه التفاصيل كافية أن تُعطي لك إيمانًا في هذا الوقت.

 عندما تتحرَّك في أمور ما بحماس وتعتقد أن هذا إيمانٌ، فهذا ليس إيمانًا! وللأسف ستُصطدَم في النهاية، ولن تضعْ إيمانك في هذا مرة أخرى لأنك لم تجدّ نتائج. يُوضِّح الكتاب في (عبرانيين ١٠)، إن لم تَسلُّك بالإيمان فأنت ترتد، ليس لها بديلٌ آخر، أي شخص يسلك في حياته الروحية بدون إيمان (في صلاته، في دراسة الكلمة، في السيطرة على مشاعره والزهق والملل، في حياته بشكل عام…)، فهو يرتد، لأن حياتك كلها يجب السلوك فيها بالإيمان.

 ▪︎ السلوك بالإيمان والارتداد:

 شرحت من سنين أن السلوك في المملكة هو بالإيمان مُعتمِدًا على البر، البر هو قاعدتنا في المملكة والسلوك هو بالإيمان، لذلك إن كنت تتنازل عن السلوك بالإيمان فأنت ترتد وقد تهلك، لأنك يجب أن تدرك أن ما تقوله الكلمة ليس له بديلٌ.

 عندما تتحرّك بالإيمان في حياتك وتُجرَح كثيرًا، فهذا بسبب أنك لا تعرف تعليم الإيمان وليس بسبب أن الإيمان يجرح، لكن هنيئًا لك أنك وضعت رِجْلك في المعركة حتى إن كنت لا تعرف كيف تلبس أسلحتك الروحية جيدًا.

 يوجد أشخاص جلسوا يشاهدون المُؤمِنين وهم في حرب الإيمان ولم يشاركوا فيها واستراحوا، لكنهم لا يعلمون أنهم يُسمَّنون للذبح، هؤلاء تجد لديهم مشاكل كبيرة فجأة لأنهم مُتنازِلين عن السلوك بالإيمان.

 السلوك بالإيمان بالنسبة لهم هو أمرٌ اختياريٌ لأنه لم يكن لديهم تعليمٌ عن هذا الأمر، فتنازلوا بسهولة عنه. تجدهم يعتمدون على صلاة الآخرين لهم لحل مشاكلهم، لكن يظل إيمانك هو الشيء المحوري الذي يريده منك الروح القدس.

٧ لِذلِكَ كَمَا يَقُولُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ ٨ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ (اليوم الذي فيه أغضب الشعب الرب)، يَوْمَ التَّجْرِبَةِ فِي الْقَفْرِ ٩ حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي وَأَبْصَرُوا أَعْمَالِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. ١٠ لِذلِكَ مَقَتُّ ذلِكَ الْجِيلَ، وَقُلْتُ: إِنَّهُمْ دَائِمًا يَضِلُّونَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي (طرقي). ١١ حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي». ١٢ اُنْظُرُوا (التفتوا وانتبهوا واحذروا) أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ. ١٣ بَلْ عِظُوا (شجعوا) أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ (طالما مازالت هنا على الأرض)، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ. ١٤ لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ، إِنْ (بشرط أنْ) تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ، ١٥ إِذْ قِيلَ: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ (يوم عدم سرور الرب)». ١٦ فَمَنْ هُمُ الَّذِينَ إِذْ سَمِعُوا أَسْخَطُوا (ضايقوا الرب)؟ أَلَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ بِوَاسِطَةِ مُوسَى؟ ١٧ وَمَنْ مَقَتَ (رفض) أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ أَلَيْسَ الَّذِينَ أَخْطَأُوا، الَّذِينَ جُثَثُهُمْ سَقَطَتْ فِي الْقَفْرِ؟ ١٨ وَلِمَنْ أَقْسَمَ: «لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتَهُ»، إِلاَّ لِلَّذِينَ (عن عمد) لَمْ يُطِيعُوا (لم يصدقوا)؟ ١٩ فَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ.” (العبرانيين ٣: ٧-١٩).

 “١١ حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي”؛ هذا ليس معناه أن الرب كان غاضِبًا فأقسم نتيجة غضبه، لكن الكتاب يُوضِّح في (٢ تيموثاوس ١) أن الرب يتحرَّك بملء الإرادة وليس تحت ضغط المشاعر. المقصود هنا: حتى نتيجة ما حدث أنهم لم يسلكوا بالإيمان، قلت لن يدخلوا راحتي (أرض الموعد).

١٣ بَلْ عِظُوا (شجعوا) أَنْفُسَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ، مَا دَامَ الْوَقْتُ يُدْعَى الْيَوْمَ (طالما أنت هنا على الأرض)، لِكَيْ لاَ يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ.” هذا دليل أنه يوجد حربٌ فكرية، يجب أن تُشحَن يوميًا، كي لا يكون قلبك قاسيًّا نتيجة الخطية أي الابتعاد عن الهدف الإلهي، يجب أن تكون في حالة حِفاظ على قلبك لئلا يقسو تدريجيًا.

 يوجد مُؤمِنون يذهبون للكنيسة بانتظام ويتلون الآيات أو قد لا يذكرون الآيات في شيء لكن صار قلبهم قاسيًا نتيجة أنهم لم يسلكوا بالإيمان، أول خطية لهم هي عدم السلوك بالإيمان والاقتناع بالعيان.

“إِنْ (بشرط أنْ) تَمَسَّكْنَا بِبَدَاءَةِ الثِّقَةِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ”؛ إِنْ (بشرط أنْ)، إذًا هناك أُناس سترتد وتهلك، إن لم تتمسك بالإيمان للنهاية.

١٦ فَمَنْ هُمُ الَّذِينَ إِذْ سَمِعُوا أَسْخَطُوا (ضايقوا الرب)؟ أَلَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ بِوَاسِطَةِ مُوسَى؟“، هم رأوا معجزات، بلغة العهد الجديد وُلِدوا ميلادًا ثانيًّا.

▪︎ اَمْزجْ ما تسمعه بالإيمان:

 يُوضِّح الكتاب في (عبرانيين ٤) أنّ الأمل يأتي أولاً ثم يمتزج مع الإيمان. يمتزج تُعنِي أن تضع قلبك وتتجاوب مع ما تقوله الكلمة، وإنْ كان الشخص قاسي القلب سيصعب عليه فِعْل هذا ولن يُمزِج إيمانه بما يسمعه. لابد أن يختلط إيمانك بما قيل وتتَّفق معه وإلّا لن ينفعك، لتعتنق الكلمة وتصير طريقة تفكيرك.

 يُحذِّرهم بولس لئلا يفعلوا الخطأ نفسه، ففي القديم سمع الشعب وعرفوا حقًا كتابيًّا ورأوا المعجزات وعرفوا هذا الإله، لكن قلبهم لم يمتزج ويتَّحد مع ما قيل، لم يمتزج بالإيمان، وبالتالي لم تنفعهم الرسالة!

 إذًا العملية الثالثة هي مَزْج القلب والاقتناع والاتفاق الداخلي مع الكلمة، قد تقول المشاعر إن هذا مستحيلٌ، هذا صعب والأمر نهايته معروفة، لكنك تسير بالإيمان الذي يجعل ظروفك تركع أمامك.

 مثلاً: إنْ كان دَخْلك مَبْلغًا ما وإيجارك بمَبْلغ ما ويوجد مصروفات أخرى تتطلَّب المَبْلغ الفلاني والآلة الحاسبة تقول هذا مستحيل أن يكفي، هنا المشاعر ستتكلَّم، لكن يجب على الشخص أن يضع إيمانه في مشهد آخر قد يكون مستحيل لدى العيان لكن حقيقة لدى الكلمة.

 استماع الشخص للكلمة والاتّفاق معها ليس كافيًّا، يجب أن يصل إلى مرحلة اقتناع داخلي واتّفاق عقلي؛ لاحظ الفرق بينهما، يوجد أشخاص تتَّفق عقليًا لكن قلبهم لا يمتزج بالحقيقة، إن سألتهم إذا كانوا مُقتنِعين أم لا ستكون الإجابة نعم، لكنهم مُقتنِعون عقليًا وليس قلبيًا، لكي تقتنع قلبيًّا يجب أن تتأمّل وتجد الإجابة في الكلمة، روحك يجب أن تتمرَّن على الحياة المسيحية، تَكلَّمت عن الحياة المسيحية باستفاضة في سِلسلة “الحياة المسيحية وكيف تحياها“.

 الحياة المسيحية هي مجموعات أشياء يجب أن تسلك بها، شيء واحد منها لا ينفع، لا يجب أن يكون ذهنك مُختلِطًا وتسمع عن أخبار سياسية واقتصادية كثيرًا وفي النهاية تريد أن تضع إيمانك في أمر ما وفي الوقت نفسه تقول أنا لا أريد أن أهرب من الواقع. لكن الكلمة تُعلِّمنا أن نرى مشهدًا آخر.

 إن كنت تحتاج أن تُتابِع أخبار العالَم، اسأل نفسك عن السبب، هل لأنك بدأت تنسحب مع العالم، أم بعذر الشغل، أم أنت مُقتنِعٌ أن العالم مُؤثِّر فيك وأنت لا تعترف بهذا، وإن سألت ذهنك سيقول لا طبعًا لولا الرب لما كنت أعيش، لكنك أنت تخدع نفسك، وقد تذكر بعض الاختبارات التي سببها حقًا الروح القدس، لكن هل أنت حقًا تسير بالإيمان أم لا.

 هذه سريعًا عملية الإيمان، يمكنك أن تدرس سلسلة “الإيمان” وكتب الإيمان متاحة في المكتبة، لأنه يوجد تفاصيل ومستويات وأمور كثيرة تَخُص الإيمان، فهذه السلسلة مِن العظات ليست مُختَّصة بإعادة القديم بل تختص بأمور مُكمِّلة للقديم لذلك يجب أن تدرس القديم.

▪︎ الرابط بين القلب والفَم:

“٩ لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ. ١٠ لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلاَصِ.” (رومية ١٠: ٩، ١٠).

1+1=2، أول شيء في العدد التاسع نجده يَذْكُر الاعتراف لكن بالتأكيد يسبقه الإيمان القلبي، هدف بولس هنا هو اعتراف الفم، لكن في العدد التالي ذَكَرَ التسلسُّل السليم وهو إيمان القلب ثم يليه اعتراف الفم.

 إن كان قلبك بدأ يؤمن بشيء، مازال هناك خُطوة أخرى لا يجب أن نتجاهلها وهي أن تعترف بما آمنت به. تَذكَّرْ معي الخطوات التي أخذناها إلى الآن هي (الأمل والرجاء ثم أن يبدأ الشخص في وَضْع إيمانه ويعرف ما تقوله كلمة الله بالتفاصيل عن موقفه، ثم تأتي مرحلة مَزْج قلبه بالإيمان، وأخيرًا ينطق ما يؤمن به بفمه).

 يوجد أشخاص سمعوا عن تعليم الإيمان منذ سنوات وبدأوا يقولون اعترافات إيمان كثيرة دون أن يَعبُروا على الأقل على الخطوة قبل الأخيرة التي هي اقتناع القلب، فيقول الشخص اعترافات الإيمان بلسانه، لكنه غير مُقتنِع داخليًا، لذلك يوجد تضاد بين لسانه وقلبه.

 يقول الكتاب: “١٠ لأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، … “، أي القلب مُصمَّم للإيمان، هذا يعني أن ذهنك وجسدك لم يُصمَّما للسلوك بالإيمان، المُتخصِّص في الإيمان هو قلبك أي روحك، روحك هي الوحيدة التي تستطيع أن ترى أشياء وتُصدِّقها باستعمال عيني الذهن، فالشخص عندما يرى الصورة بروحه ويُصدِّقها، تُخرِج روحه يديها وتستلم ما تُصدِّقه حتى وإن كان جسدك ليس مُقتنِعًا، هذا طبيعي فهو ليس مُصمَّمًا ليُؤمِن لكنه سيخضع لروحك إن كنت تسلك بالروح.

 الأشخاص الذين يعطون إعلاء للحواس الخمس ولا يقولون لا للمشاعر ويقولون إننا خُلِقنا بالنَفس البشرية وبالمشاعر فيستسلمون لها ويعبدون النفس البشرية التي يجب أن تكون تحت الروح، هذا الكلام مِن الصعب استيعابه لدى شخص لديه إعلاء للنَفْس البشرية.

 يستطيع القلب أن يرى أمورًا غير مَرئية في العيان، والفم هو الذي يجلب الخلاص، هو الأداة الأخيرة بعد خلاصة داخلية ليجلب الأمر إلى العيان، هو مُصمَّمٌ للاستدعاء والتنفيذ.

“فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب: «آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ»، نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا.” (٢ كورنثوس ٤: ١٣).

 هذا يعني إنه يوجد شيءٌ يَحدُّث في روح الإنسان، ويصاحبه كلمات منطوقة، فإن لم يكن لدى الشخص إيمانٌ داخليٌّ صحيحٌ وظلّ يقول اعترافات إيمان كثيرة قد يَحدُّث بعض التَحسُّن في موضوعه وقد يحدث بعض الأمور الجيدة لكن بعدها ستنقطع المعجزة ولن تكتمل لأنه يوجد خللٌ في القلب فقلبه لا يسلك بالإيمان بطريقة صحيحة.

 أو قد لا يَحدُّث شيءٌ، فإن كان الشخص مُتسيّبًا روحيًا هذا سيُهيِّج ضده الأرواح الشريرة ويجد مشاكل كثيرة تواجهه في حياته وهو لا يَعلَّم ماذا يحدث لأنه غير مُؤسَّس داخليًا. أيضًا عندما يقول الشخص اعترافات إيمان وهو غير مُتأصِّل في الكلمة هذا يؤدي إلى اصطدام في حياته الروحية وفي النهاية يُقرِّر الشخص إنه لن يسلك بالإيمان مرة أخرى ويصير من المُرتَّدين.

 هذا الأمر ليس لعبة، ما سيَحدُّث في العالم من ضيقة، يوجد نجاة مِنه للكنيسة عَبْر الاختطاف وقد شرحت هذا في سلسلة “الرب قريب“، حتى الاختطاف يحتاج إلى إيمان فلن يَحدُّث غصبًا عنك، لذلك أنت تحتاج أن تسلك بالإيمان لأن كل شيء يوجد به إيمان، فإيمانك مُرتبِطٌ بنجاتك من المواقف الحياتية والنجاة الأخيرة كما ذُكِرَ في الكتاب المقدس؛ “فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ!” (رومية ٥: ٩).

▪︎ الاقتناع:

 كيف يكون إيمانك صَلِبًا سواء ازداد العيان سوءًا أو لا، إنْ جاءتك أخبار مُفرِّحة أو لم تأتِ، وتسير بثبات مثل الأسد.

“فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ (مِمَّا يترسَّب في قلبك) يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.” (لوقا ٦: ٤٥).

بعدما يقتنع الشخص فهو يَتكلَّم نتيجة لاقتناعه، لأنه امتلأ بالشيء.

“١٦ لِهذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ، كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ، لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيدًا لِجَمِيعِ النَّسْلِ. لَيْسَ لِمَنْ هُوَ مِنَ النَّامُوسِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا لِمَنْ هُوَ مِنْ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي هُوَ أَبٌ لِجَمِيعِنَا. ١٧ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ (كما الله) الَّذِي آمَنَ بِهِ، الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. ١٨ فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ، لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا قِيلَ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». ١٩ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتًا، إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. ٢٠ وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا للهِ. ٢١ وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا.” (رومية ٤: ١٦-٢١).

 هذا لا يَخُص فقط شعب الله، لكن أيضًا نسل إبراهيم، أي الأشخاص اللذين سلكوا بإيمان إبراهيم، يشرح بولس هذا بأكثر تفصيل في الإصحاحين الثالث والرابع من غلاطية ويتكلَّم عن كيف أخذنا نفس ميراث إبراهيم بالإيمان.

“١٨ لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا قِيلَ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ»”، هذا يعني أن إبراهيم هو الذي نَفَّذَ معجزته.

“١٩ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ”، سارة كانت لديها مشكلتان: أولاً كانت عاقِرًا، ثانيًا تخطَّتْ سِن الإنجاب، فكانتا هاتان معجزتين حدثتا معها.

“وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.” (٢ تيموثاوس ٤: ٥).

 “تَمِّمْ خِدْمَتَكَ” تُعني افعل الشيء للآخِر، وفي اللغة اليونانية هي نفس كلمة “تَيَقَّن” التي ذُكِرَت في (رومية ٢١:٤).

 “تَيَقَّن” أي اقتنع تمامًا، امتلأ وتَمِّمْ اقتناعه للآخِر بكامل الملء، في اللغة اليونانية هي كلمة مُشتَّقة من كلمتين، الأولى تعني كامل من كل الزوايا (إن كان شخص بالجيش نقول إنه يرتدي كل أسلحته بالكامل)، وصل لاقتناع داخلي وخارجي، وبدأ هذا الاقتناع يظهر عليه من الخارج.

▪︎ الزوايا (الحقائق الكتابية) التي تُدعِّم الاقتناع:

 كل شيءٍ في الكلمة يُدعِّم الاقتناع، لأن الإيمان يأتي من الكلمة، لذا نحتاج إلى فهمها. كيف يَمتزج قلبي بالإيمان وأسلك بدون ريبة وأكون ثابِتًا بالرغم من أن الأمور ليست جيدة ظاهريًا؟ وكيف أنجح ولا أخزى فيما بعد؟ سنتكلَّم في أول نقطة الآن ونُكمِل النقاط الأخرى في العظات التالية.

الفرق بين الحقيقة والواقع:

 أن تكون فاهِمًا الفرق بين الحقيقة والواقع هذا عمود من أعمدة الاقتناع الداخلي. عندما كان يسوع يُحاكَم، في النهاية قال لقد جئت لأشهد للحق، فَرَدَّ بيلاطس قائلًا: “ما هو الحق”. الحق هو أن يصير الفِكْر الكتابي حقيقة في ذهنك، ويكون هو مصدر الواقع والمُؤثِّر فيه، هو الفِكْر الإلهي، إنْ كان العالم كله يقول شيئًا والرب يقول شيئًا آخر، إذًا ما يقوله الرب هو الحقيقة وكل شيء آخر كذبٌ.

 هذا ليس كلام حماسة لأن الرب لا يَكذب، فإن قال الرب: “سلام” فالكلمة لا تحتاج إلى خلق، فهي ذاتية المفعول، تحتوي بداخلها قوة التنفيذ. لذلك عندما تكلَّم الرب مع مريم ومرثا عند موت لعازر قال لهما: “أنا شخصيًا القيامة”، هذا يُعني أن الحقيقة هي ذات الله، تخيَّلْ معي أن أمامك شيئًا مُغلَّفًا بذهبٍ لكنه في الحقيقة زجاجًا، قد تعتقد خطأً أن حقيقته الداخلية ذهبٌ، لكن حقيقة الشيء هي قلبه ونواياه وليست لها علاقة بالمظهر الخارجي لها.

 الواقع هو ما تقوله الحواس الخمس؛ (الألم هو الألم، الاحتياج هو الاحتياج) إن تكلَّمتْ بهذه الجُمل إذًا أنت تتكلَّم بلغة حسيّة جسدية، أما عندما تتكلَّم الكلمة، فأنت تقول ما يقوله الله عن الموضوع وهذا هو الحقيقة.

 عندما تَحدُّث مشكلة مع شخص ويقول لماذا يَحدُّث هذا معي فهو يتكلَّم بالواقع وليس الحقيقة، لأن الحقيقة الكتابية تقول عن المؤمن إنه لا يُظلَّم وله إكرام، وهيبة الرب عليه، فيجب عليك أن تُطبِّق الحقيقة على الواقع وتُفرِض المعجزة عليه، وتسلك بصبر وطول أناة أي تسلك بالثبات مُعتمِدًا على الكلمة.

 لماذا تضع علامات استفهام في الحياة التي قال عنها الكتاب المقدس مُسبقًا، فالكلمة تقول إننا نسلك بالإيمان في رحلة الحياة هذه، ولن نتوقَّف عن الإيمان حتى في السماء فالرب شخصيًا يسلك بالإيمان. يجب أن تستعد لرؤية أمور مخالفة لِما تقوله الكلمة، لكن الكلمة هي الحقيقة بينما الواقع هو ما تقوله الحواس، وما تقوله الحواس في نظر الرب ليس حقيقة.

“١٧ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ (كما الله) الَّذِي آمَنَ بِهِ، الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى، وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ”، يتعامل الرب مع الأشياء التي هي ليست موجودة لدى الحواس الخمس كأنها موجودة، فيقول لإبراهيم “قد جعلتك” أي الأمر قد تَمَّ ولم يكن الأمر ظاهِرًا بعد، أخذ إبراهيم هذه الحقيقة وآمن أن المعجزة تَمَّت.

 هذا هو الفرق بين الواقع والحقيقة الذي جعل الرب يسوع يتكلَّم مع المفلوج ويقول له: “قُمْ احمل سريرك وامشِ” بالرغم أنه في الواقع كان مشلولاً، لكن بمجرد أن تجاوب مع هذه الحقيقة بدأ الشفاء يَدُب في جسده، عندما تفهم هذا الفرق ستجد المعجزات تَحدُث بطريقة أكثر سرعة.

 يوجد أمورٌ تأخذ وقتًا عندما يتدخَّل بها إرادة أشخاص آخرين أو إنْ كانت خاصة بالعمل أو علاقات أو ذهنك، يجب أن تتعلَّم كيف تقفل ذهنك من أن تسمع للآخرين لأنهم سيظلون يتكلَّمون.

 تعلَّمْ كيف تُسيطِر على ذهنك، فهذا ضمن دائرتك الشخصية ويختلف عن دوائر أخري خارجك ويختلف عن الدوائر الأخرى التي تَخُص المجتمع (تلك الدوائر تحتاج إلى كنيسة تصلي من أجلها)، فهذا شأنٌ عامٌ، فبالتالي يوجد أشخاص يختلط عليهم الأمر ويتحمَّلون أمورًا لا تُعنيهم.

 إن كنت تريد عائلتك تَثبُت، تَشفًّعْ من أجلهم لكي يستطيعوا أن يمارسوا إيمانهم، وكن ثابِتًا أنت أولًا وسيَثبُتون هم أيضًا. عندما تتعلَّم وتَثبُت ستستطيع مساعدة الآخرين كما فَعَلَ الرب يسوع، فهو قضى ثلاثين سنة يتعلَّم ولم يفعل شيئًا تجاه المرضى، لكن لم يفعل شيئًا ليكون قادرًا فيما بعد أن يساعدهم باحترافية.

 الإيمان ليس هو الواقع، الإيمان يعني أنك تدعو الأشياء غير الموجودة وتتعامّل معها وتتكلَّم بها على أنها موجودة. عندما قال الله لإبراهيم: “قد جعلتك أبًا لأمم كثيرة”، نتوقع أن نرى أممًا كثيرة حول إبراهيم ولكن إبراهيم حينها لم يكن لديه حتى طفل واحد، فكان هذا الأمر هو الواقع، لكن الواقع يختلف عن الحقيقة.

 بدأ إبراهيم يمزج إيمانه بالحقيقة وليس بالواقع، بدأ يرى هذه الصورة وتعامل الرب معه وقال له: “انظر إلى رمل البحر ونجوم السماء”، تكلمت عن هذا بالتفصيل في سلسلة “الإيمان”.

 إذًا هذا يعني أن إبراهيم في الصباح كان يتمشَّى وينظر رمل البحر أمامه ويتَّخيل أن كل حبة رمل هي شخص سيكون خارج مِن صُلبه وفي الليل ينظر إلى النجوم ويتخيّل أن ملايين النجوم التي لا حصر لها هم عدد أبنائه، فكان يتأمَّلْ نهارًا وليلاً، وغَيَّرَ الله أيضًا اسمه، كأن الله أضاف حياته إلى أبرام فصار إبراهيم، حتى هذه اللحظة لم يكن هناك تغيير في الوضع لكن إبراهيم تَأمَّل وتَقوَّى في الإيمان ولم يعتبر العيان.

 إذًا الحقيقة هي الكلام الإلهي، أما الواقع فهو ما تراه وتسمعه وتشعر به (كل ما يختص بالحواس الخمس)، لذلك امتزاج إبراهيم بما قاله الرب الذي هو الحقيقة جعل الواقع يتغيّر وطَبَّقَ الحقيقة الكتابية على الواقع وصَنَعَ معجزة من شيء مستحيل تمامًا، فإبراهيم كان قد شاخ.

 ترتبط المعجزة بامتزاج إيمانك بما تسمعه واقتناعك القلبي، وليس أن الرب يتدخَّل من السماء ويصنعها، تَدخُّل الرب هو أن يُقنِعك فقط، لذلك كان الرب يسوع دائمًا يتكلَّم عن إيمان الشخص الذي يريد المعجزة.

 يوجد أشخاص يطلبون من الرب أن يُزيد إيمانهم أو يُعين ضعف إيمانهم لكن هذا غير كتابي، الرب لا يُعين إيماننا بهذه الصورة بل عَبْر إعطائنا كلمته ليرتفع منسوب إيماننا. فهناك من يستند على تلك الجملة التي قالها أبو الشخص الذي كان به روح خرس؛ “فَلِلْوَقْتِ صَرَخَ أَبُو الْوَلَدِ بِدُمُوعٍ وَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي».” (مرقس ٩: ٢٤).

 نجد الرب يسوع يقول للأب: “هل تقول لي أنا إنْ كنت أقدر أن أفعل شيئًا؟!!” تبدو في اللغة العربية أنها جملة خبريَّة ولكنها استنكارية اعتراضية، إن قرأتها في ترجمات أخرى ستكون واضحة، أي إن الأمر كان في يديّ الأب وليس الرب!

 بعدها أخرج الرب يسوع الروح الشرير من ابنه ليس لأن الأب طلب إعانة لعدم إيمانه ولم يكن تجاوبًا مع بكاء الأب وحُزنه ولم يُعين إيمانه، بل لأن التلاميذ لم يستطيعوا أن يخرجوه، كما يقول الكتاب: “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ، انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ…” (مرقس ٩: ٢٥).

 كان يريد ألّا يعرف أحدٌ أن التلاميذ لم يستطيعوا إخراج الروح الشرير فأخرجه هو، هذا يعني إنه إن لم يأتِ هذا الجمع كان سيُكمِل الرب يسوع حديثه مع الأب، ويوضِّح له أنّ الأمر مُرتبِطٌ بإيمان الشخص واقتناعه وليس أنه يقول يا رب تدخَّلْ وجمل كثيرة مِثْل هذه، فالأمر لن يَتحرَّك خُطوة للأمام إن كنت تصلي هذه الصلاة!

 هل لا يزال حجم الموقف بالنسبة لك حسب الواقع؟! هل مازال الواقع هو المقياس بالنسبة لك؟! أم حجم الموقف حسب الحقيقة الوارِدة في كلمة الله؟ إن رأيت الموقف حسب الحقيقة ستجد قوة تَخرُّج من داخلك لتُنهي عليه، لكن إن كنت لا تزال مُقتنِعًا بالواقع سيظل الواقع كما هو، لأن ما تراه يزداد وتتغيَّر إليه، لذلك أنت تحتاج إلى تجديد ذهنك بفِكْره، أنت تختار ما تراه.

__________

من تأليف وإعداد وجمع خدمة الحق المغير للحياة وجميع الحقوق محفوظة. ولموقع خدمة الحق المغير للحياة الحق الكامل في نشر هذه المقالات. ولا يحق الاقتباس بأي صورة من هذه المقالات بدون إذن كما هو موضح في صفحة حقوق النشر الخاصة بخدمتنا.

 

Written, collected & prepared by Life Changing Truth Ministry and all rights reserved to Life Changing Truth. Life Changing Truth ministry has the FULL right to publish & use these materials. Any quotations are forbidden without permission according to the Permission Rights prescribed by our ministry.

Download

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$